عرض في وحدة التحفيظ العقاري والحقوق العينية بعنوان: صلاحيات المحافظ على الأملاك العقارية في إدارة مسطرة التحفيظ
جامعة الحسن الأول – سطات
كلية العلوم القانونية والسياسية
شعبة القانون الخاص
عرض في وحدة التحفيظ العقاري والحقوق العينية بعنوان:
صلاحيات المحافظ على الأملاك العقارية
في إدارة مسطرة التحفيظ
تحت إشراف الأستاذ: محمد نعناني إعداد الطالب: أمين نصر الله
السداسي: الخامس
المجموعة : الثالثة
الموسم الدراسي: 2020/2021
وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا
ظ.ل.ع : ظهير الالتزامات والعقود
ق.م.ج : قانون المسطرة الجنائية
يحتل العقار مكانة مركزية في سياق تفعيل وانجاح المشاريع التنموية ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني، كما أنه يعتبر التجسيد الفعلي لمفهوم الإقليم الذي تمارس فيه الدولة سيادتها، أضف الى أنه مصدر من مصادر ثروات الأشخاص- الذاتيين والاعتباريين- داخل المجتمع، إذ يخول لهم القانون حق ملكيته والتصرف فيه ويضمن لهم ذلك. ولهذه الغاية الفضلى تسعى كل الدول الى نهج سياسات عقارية رشيدة ترمي الى إيجاد أنظمة عقارية متينة ومتطورة قصد توفير المناح الملائم لتعزيز الأمن العقاري.
ولعل المهتم بالشأن العقاري المغربي سيقف عند تنوع الأنظمة العقارية، فهناك الأنظمة العقارية الخاصة التقليدية، وهي الأملاك العامة والأملاك الخاصة للدولة، الأملاك الحبسية أو الوقفية، أراضي الجموع أو الأراضي السلالية، أراضي الجيش، الأملاك الغابوية والأملاك البلدية وأملاك الجماعات القروية[1]. وهناك أنظمة عقارية خاصة جديدة ويتعلق الأمر بقوانين التعمير بشقيها قانون 12.90 المتعلق بالتعمير والقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية، وكذا القانون رقم 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية والقانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز والقانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي الى تملك العقارات[2].
وعلاوة على هذه التقسيمات في طبيعة الأنظمة العقارية السالف ذكرها، فإن العقار في المغرب إما أن يكون غير محفظ وهو في ذلك خاضع لأحكام القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، وإما عقار في طور التحفيظ تسري عليه مبدئيا أحكام مدونة الحقوق العينية هو الآخر اللهم ما تعلق بعملية التحفيظ فهو يخضع فيه لظهير 12 غشت 1913، وإما عقارا محفظا خاضع لظهير التحفيظ العقاري.
ويعتبر ظهير التحفيظ العقاري الصادر في 9 رمضان 1331 الموافق ل 12 غشت 1913 كما جرى تغييره وتتميمه بقتضى القانون 14.07 والقانون رقم 57.12، إحدى الدعامات الأساسية والجوهرية لتثبيت الملكية العقارية و تحقيق الأمن العقاري الذي يخول للعقار القيام بأدواره التنموية المنوطة به في شتى المجالات، وذلك على اعتبار أنه يشكل قاطرة عبور من وضعية قانونية الى أخرى أكثر متانة يتمتع فيها العقار بجملة من الضمانات المستقاة من مبادئ نظام التسجيل العيني.
ولقد بوأ المشرع في هذا القانون المومأ إليه المحافظ علي الأملاك العقارية مكانة مركزية، إذ هو المؤسسة التي تسهر على تفعيل مضامين هذا الظهير عن طريق الآليات والصلاحيات المتاحة لها أثناء عملية نقل العقار من نظام غير محفظ الى نظام آخر محفظ. بدءا بقبول مطلب التحفيظ وصولا الى تأسيس الرسم العقاري.
وفي هذا الصدد فإن الذي يؤرق المشتغلين بمجال التحفيظ العقاري هو البحث في الأدوار التي يضطلع بها المحافظ على الأملاك العقارية في تكريس مبادئ الشهر العقاري، والتي ينبغي عليه أن يوفق فيها بين احترام حقوق الأفراد والنهوض بالمهام المنوطة بالمصلحة في إطار احترام مقتضيات القانون.
هذه الإشكالية تتفرع عنها الأسئلة التالية:
السؤال الأول: ما هي الصلاحيات المخولة للمحافظ على الأملاك العقارية في شأن إدارة مطالب التحفيظ؟
السؤال الثاني: ما هي القرارات المخول للمحافظ على الأملاك العقارية اتخاذها من أجل ضبط مسطرة التحفيظ
وللإجابة على هذه التساؤلات سأعتمد على التقسيم الآتي بيانه:
المطلب الأول: الصلاحيات المخولة للمحافظ على الأملاك العقارية في شأن إدارة مطالب التحفيظ
المطلب الثاني: القرارات المخول للمحافظ على الأملاك العقارية اتخاذها من أجل ضبط مسطرة التحفيظ
المطلب الأول: الصلاحيات المخولة للمحافظ على الأملاك العقارية في شأن إدارة مطالب التحفيظ
إن قرار تأسيس الرسم العقاري هو نتاج تظافر مجموعة من الإجراءات المحددة قانونا، أولها تقديم مطلب التحفيظ للمحافظ على الأملاك العقارية، هذا الأخير الذي خوله المشرع مجموعة من الصلاحيات قصد الوقوف على شكليات المطلب ثم السهر على إنجاز مجموعة من العمليات التي تستتبع تقديمه (الفقرة الأولى) الحديث هنا عن عمليتي الإشهار والتحديد، و صلاحيات أخرى تتمثل تدبير ومراقبة التعرضات المسجلة على المطالب (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: صلاحيات في شأن شكليات مطلب التحفيظ والإجراءات التي تستتبعه
سأتناول هذه الفقرة من خلال الحديث عن صلاحيات المحافظ في شأن شكليات المطلب (أولا)، ثم صلاحياته في شأن عمليتي الإشهار والتحديد (ثانيا).
أولا: صلاحيات المحافظ في شأن شكليات مطلب التحفيظ
إن أول إجراء يرمي الى تأسيس الرسم العقاري يتمثل في تقديم مطلب التحفيظ وفق الشروط المنصوص عليها قانونا، والتي يقع عبء تمحيصها والتأكد من مشروعيتها على المحافظ على الأملاك العقارية، وبعد ذلك تسجيل هذا المطلب وإعطائه رقما خاصا يضفي على العقار سمة “العقار في طور التحفيظ”.
1 – السهر عل احترام شكل ومؤيدات المطلب
نص المشرع في مقتضى الفصل 13 من ظ.ت.ع على ما يلي: “يقدم طالب التحفيظ للمحافظ على الأملاك العقارية، مقابل وصل يسلم له فورا…”. ويستفاد من خلال هذه الفقرة أن أول عملية تباشر من لدن طالبي التحفيظ والمحددين حصرا من خلال الفصول 10 و11 و12 من ظ.ت.ع، هي تقديم مطلب التحفيظ للمحافظ على الأملاك العقارية.
وطبقا لمقتضيات الفصل المومأ إليه فإن مطلب التحفيظ لابد وأن تتوافر فيه مجموعة من الشروط الشكلية وأن يكون مضمنا ببيانات جوهرية من شأنها أن تحيط المحافظ على الأملاك العقارية بمعلومات كافية عن العقار المزمع تحفيظه.
ومطلب التحفيظ عبارة عن طلب يتقدم به الراغب في دخول نظام التحفيظ العقاري – طالب التحفيظ – في محرر كتابي يوقعه شخصيا أو بواسطة نائبه بعد إثبات نيابته بموجب صحيح، وقد جرى اعتماد نموذج موحد بين جميع المحافظات العقارية بمجموع تراب المملكة، يتم ملء فراغاته بالمعلومات المناسبة، ويذيل بتوقيع طالب التحفيظ تفاديا للمشاكل التي قد يطرحها إغفال بعض البيانات أو ملؤها بطريقة سيئة وغير صحيحة، وإذا كان طالب التحفيظ لا يستطيع التوقيع أو يجهله، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يشير الى ذلك ويشهد بأن مطلب التحفيظ قد قدم إليه من طرف المعني بالأمر بعد أن يتحقق من هوتيه[3].
وهذه البيانات منها ما يتعلق بطالب التحفيظ سواء أكان شخصا ذاتيا أو اعتباريا، ومنها ما يتعلق بالعقار موضوع التحفيظ، ومنها ما يتعلق بمؤيدات مطلب التحفيظ[4].
وإذا كان الفصل 14 من ظ.ت.ع في صيغته الجديدة بعد التعديل المدخل بموجب القانون 14.07 ينص على ما يلي: ” يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية للرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على الملك”.
فقد تساءل بعض الفقه[5] على مدى صلاحية المحافظ لمراقبة السندات المدعمة لمطلب التحفيظ ؟ فهناك من يرى بأن المحافظ غير ملزم بإجبار طالب التحفيظ بالإدلاء بالمستندات والوثائق والمؤيدات على أساس أن المحافظ لا يتوفر على الوسائل التشريعية والعملية التي تسمح له بالتأكد من صحة الرسوم المدلى بها تأييدا لمطلب التحفيظ شكلا وجوهرا وكذا من أهلية طالب التحفيظ كما هو الشأن بالنسبة للتقييد، ويضيف أنصار هذا الاتجاه بأن مطلب التحفيظ لا يعتبر في حد ذاته دليلا على الملكية وإنما مجرد افتراض لها وأن المحافظ على الأملاك العقارية لا يعتبر سلطة قضائية وليست له الصفة للحسم في صحة الرسوم والوثائق المدلى بها تأييدا لمطلب التحفيظ[6].
وذهب اتجاه آخر الى أن المحافظ ملزم بفحص المستندات المؤيدة لطلب التحفيظ، تفاديا لمحاولة السطو والاستيلاء والترامي على ملك الغير، ومن ثم فإن مراقبة المستندات الخاصة بمطلب التحفيظ تتم تحت مسؤولية المحافظ وذلك على غرار مسؤوليته المنصوص عليها في الفصل 72 من ظ.ت.ع كما وقع تديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 [7].
وقد ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط في قرار لها الى ضرورة إرفاق مطلب التحفيظ بالمستندات المؤيدة وتمديد رقابة المحافظ لتشمل حتى هذه الوثائق[8].
وفي نفس السياق أصدر المحافظ العام بتاريخ 16 دجنبر 1988 مذكرة رقم 2704 موجهة للسادة المحافظين مفادها ضرورة بسط رقابتهم على كل الوثائق والمستندات تطبيقا لقواعد الرقابة الواردة في قانون التحفيظ العقاري وهو ما يعني إثارة مسؤولية المحافظ بخصوص إغفال أو عدم مراقبة مؤيدات مطلب التحفيظ، وذلك على غرار مسؤوليه المنصوص عليها في الفصل 72 من ظ.ت.ع، وهو ما أكده المحافظ العام في مذكرته رقم 5656 الصادرة في 12 ماي 2010 والتي تحت المحافظين على نفس المقتضيات[9].
وبعد مراقبة المحافظ لشكليات المطلب والوقوف علي كل صغيرة وكبيرة في هذا الشأن تبرز صلاحيات أخرى تتجلى في تسجيل المطلب وإعطائه رقما، إذ يصبح خلالها العقار موضوع المطلب في طور التحفيظ، وهذا ما سأتطرق له في النقطة الموالية.
بعد إيداع المطلب الرامي الى تحفيظ العقار من لدن طالبه لدى المحافظ طبقا لمقتضيات الفصل 13 و 14 من ظ.ت.ع، يقوم المحافظ بالتأكد من تلك البيانات، وبعدها يقوم المحافظ بتسجيله بسجل معد لهذا الغرض وفقا لما جاء في الفصل 24 من المرسوم رقم 2.13.18 الصادر 14 يوليو 2014 في شأن إجراءات التحفيظ العقاري.
وبعد تسجيله بالسجل وإعطائه رقما خاصا به، يفتح له ملف يحمل هذا الرقم، واسم طالب التحفيظ، وزيادة في البيان اسم الملك وموقعه، ويضع بين دفتيه المطلب وجميع الوثائق المرفقة به[10].
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ خيري أنه لا ينبغي أن يفهم من هذا بأن دور المحافظ يعتبر سلبيا في مثل هذه الحالات، بل على العكس من ذلك، فالمحافظ يتحمل مسؤولية خطيرة، فإذا حفظ عقارا بناء على وثائق غير صحيحة فإنه هو الذي يتحمل مسؤولية تعويض الطرف المتضرر من جراء ذلك التحفيظ، ل ذلك نجده يتحرى دائما بأن لا يسجل الا ما يوافق الحقيقية والواقع جهد الإمكان[11]. وهو ما أقره المشرع في الأحكام العامة للمسؤولية المدنية من خلال الفصل 80 من ظ.ل.ع الذي جاء فيه ما يلي:
“مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم.
ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار، إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها”.
وقد أكد ظهير 12 غشت 1913 هو الآخر على هذا المقتضى من خلال الفصل 64 الذي جاء فيه ما يلي: “يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء تعويضات.
في حالة إعسار المدلس تؤدى التعويضات من صندوق التأمينات المحدث بمقتضى الفصل 100 من هذا القانون”.
وبعد بيان الصلاحيات المخولة للمحافظ على الأملاك العقارية في شأن شكليات مطلب التحفيظ وتسجيله، سأشرع الآن في تبيان صلاحيات المحافظ في الإجراءات التي تستتبع عملية التسجيل، الحديث هنا عن مسطرتي الشهر والتحديد.
ثانيا: صلاحيات في شأن عملية الإشهار والتحديد
يعد الإشهار وما يواكبه من عملية التحديد من أبرز سمات نظام التسجيل العيني، إذ الغرض منه إجراء عملية التحفيظ بشكل علني يخول لكل من له مصلحة في التعرض على هذه المسطرة التقدم والإدلاء بما يفيد تعرضه في الآجال المقررة قانونا خشية مواجهته بمبدأ الأثر التطهيري للتحفيظ العقاري، الذي ينال من كل الحقوق التي لم يعلن عنها قبل تأسيس الرسم العقاري.
وقد أوكل المشرع للمحافظ على الأملاك العقارية صلاحيات مهمة في هذا الصدد، سواء في مسطرة الإشهار أو في مسطرة التحديد.
وأول ما يجب الإشارة إليه في هذا الصدد، أن هذه التراتبية التي اعتمدتها في تناول عمليتي الإشهار والتحديد لا أزعم من خلالها أن العمليتين منفصلتين كرونولوجيا بصفة قطعية، إذ هما متداخلتان ومترابطتان، فالإشهار يكون أولا ثم تليه بعد ذلك عملية التحديد بمختلف مراحلها ثم بعد ذلك الإشهار لاحتساب آجال التعرضات.
1 – العمل على إشهار ملخص المطلب
تعتبر عمليات الإشهار أثناء مسطرة التحفيظ إحدى دعامات نظام التسجيل العيني، وعمليات الإشهار هذه لا تعني طالب التحفيظ فقط، بل تعني أيضا كل الذين لهم حقوق على ذلك العقار، وتعني كذلك المحافظ العقاري.
وقد أناط المشرع بالمحافظ على الأملاك العقارية مهمة تدبير هذه العمليات، وخوله مجموعة من الوسائل في هذا الشأن، النشر في الجريدة الرسمية ثم التعليق لدى الجهات الإدارية والقضائية ثم الاستدعاء الشخصي لكل من يهمه أمر التحفيظ، وهي الوسائل المقررة في الفصول 17 و18 و19 من ظ.ت.ع.
وبالرجوع الى الفصل 17 ظ.ت.ع الذي ينص على ما يلي: “يقوم المحافظ على الأملاك العقارية داخل أجل عشرة أيام من إيداع مطلب التحفيظ بتحرير ملخص له يعمل على نشره في الجريدة الرسمية، ويبلغ مضمونه إلى علم العموم بالوسائل المتاحة. وبعد نشر الملخص المذكور يحرر، داخل أجل شهرين من تاريخ هذا النشر، إعلانا يضمنه تاريخ ووقت إجراء التحديد.”
ويستشف من هذا الفصل أنه على المحافظ بعد تسجيل مطلب التحفيظ تحرير ملخص يضمن فيه البيانات الأساسية والجوهرية مع تبيان تاريخ التحديد وأن يعمل على نشره في الجريدة الرسمية وذلك داخل أجل عشرة أيام.
والملاحظ على المستوى العملي أنه لا يتم ننشر الملخص بالجريدة الرسمية داخل الأجل المقرر في الفصل 17 ، وهو الأمر الذي دفع بالمهتمين الى طرح تساؤلات حول مدى ارتباط احترام هذا الأجل بالنظام العام.
وفي هذا الصدد يقول الأستاذ محمد نعناني بأن الأجل خاص بتحرير الملخص والبدء في إجراءات النشر بدليل عبارة ((يعمل على نشره))، إذ لو كان قصد المشرع تحقق النشر بالجريدة الرسمية داخل أجل عشرة أيام لجاءت عبارة الفصل 19 من ظهير التحفيظ العقاري على النحو التالي ((يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحرير ملخص لمطلب التحفيظ ينشر بالجريدة الرسمية داخل أجل عشرة أيام من إيداعه)). وبالتالي يتبين أن الأجل المنصوص عليه في الفصل 17 من ظهير التحفيظ العقاري لا يترتب على الإخلال به بطلان إجراءات التحفيظ. ولعل المشرع قد قصد استعمال عبارة ((يعمل على نشره)) لوعيه بالصعوبات المادية والواقعية التي تعاني منها المحافظات العقارية وإدارة الجريدة الرسمية بسبب الضغط المتزايد عليها، وبالتالي استعمل هذه العبارة التي تفيد قيام المحافظ بما يلزم لتحقق النشر في أقرب الأوقات كما أنه حدد أجل عشرة أيام لتحرير الملخص لتفادي تراكم المطالب وإهمالها بالمحافظات العقارية[12].
ثم بعد ذلك يحرر المحافظ إعلان يضمن به تاريخ التحديد يبلغ الى علم العموم بالوسائل المشار إليها في الفصل 18 الذي جاء فيه ما يلي: ” يوجه المحافظ على الأملاك العقارية نسخا من الوثائق المشار إليها في الفصل 17 من هذا القانون، مقابل إشعار بالتوصل، إلى رئيس المحكمة الابتدائية وممثل السلطة المحلية ورئيس المجلس الجماعي الذين يقع العقار المعني في دائرة نفوذهم، وذلك قبل التاريخ المعين للتحديد بعشرين يوما.
يقوم كل واحد من هؤلاء لزوما، بتعليق الوثائق المذكورة في مقر إدارته، ويعمل على إبقائها معروضة على أنظار العموم إلى اليوم المعين للتحديد.
يقوم ممثل السلطة المحلية كذلك بإشهار ملخص المطلب والإعلان عن تاريخ ووقت التحديد في الأسواق الواقعة في دائرة نفوذه إلى يوم التحديد”.
والمشار إليها بمقتضى المادة 2 من المرسوم رقم 2.13.18 الصادر في 14 يوليو 2014، إذ جاء في فقرته الأولى: “ويقوم المحافظ على الأملاك العقارية بإعلام المعنيين بالأمر بالتاريخ والوقت الذي ستنجز فيه العملية، وذلك بواسطة الاستدعاءات وتعليق الإعلانات وفقا للكيفيات المنصوص عليها في الفصلين 17 و 18 من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري المشار إليه أعلاه…”.
والملاحظ أن المشرع في التعديل الذي أدخله بمقتضى القانون 14.07 قد استغنى عن شهادة التعليق، التي كان المحافظ ينتظر رجوعها من المصالح المذكورة بالإشعار بالتوصل. والمشرع بهذا التعديل قد خفف العبء على كل من المحافظ والمصالح المعنية بالتعليق. فأما المحافظ فيكتفي بالاحتفاظ في الملف بالإشعار بالتوصل دليلا على قيامه بما يلزمه من واجب الإشهار والإعلان الذي يتوقف عند حدود التعليق، دون التأكد من وقوعه، لأنه لا سلطة له على الجهة المعنية بالتعليق[13].
وبعد ذلك يباش المحافظ الاستدعاءات المشار إليها في الفصل 19 بواسطة عون من المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ ، إذ ينص هذا الفصل على ما يلي:
” يستدعي المحافظ على الأملاك العقارية شخصيا لهذه العملية بواسطة عون من المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ:
2- المجاورين المبينين في مطلب التحفيظ؛
3- المتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية.
وتتضمن هذه الاستدعاءات الدعوة لحضور عمليات التحديد شخصيا أو بواسطة نائب بوكالة صحيحة”.
وتفاديا للإشكالات والصعوبات التي قد تعرفها عملية الاستدعاء، وما يترتب عن عدم القيام بها في الوقت المناسب من تأجيل لعملية التحديد، تدخل المحافظ العام على الأملاك العقارية بموجب مذكرته عدد 559 بتاريخ 03 نونبر 2006 الموجهة الى المحافظين على الأملاك العقارية يحثهم فيها على ضرورة تسليم صاحب المطلب الاستدعاء لحضور عملية التحديد فور قبوله طلبه، ويحدد موعد إجراء التحديد في اليوم الستين الموالي لتاريخ قبول الطلب، ويسلم هذا الاستدعاء مقابل إشهاد بالاستلام مع إشعار الطالب بالاستدعاء لهذه العملية والقيام بما يلزم لها من إرشاد وتحضير للأنصاب والصباغة…[14].
وتجدر الإشارة الى أن العمليات التي أخضعها المشرع لعملية الإشهار لا تقتصر في مطلب التحفيظ دون غيره، بل يمكن إجراؤها أيضا حالة وقوع تغيير على المطلب الأصلي أوفي حالة اكتساب حق عيني على العقار موضوع مطلب التحفيظ خلال مسطرة التحفيظ وذلك بنشر خلاصة إصلاحية للمطلب الذي سبق نشره أو تحديده.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن المحافظ يقوم بالإشهار أيضا بنشر الإعلان عن انتهاء التحديد ليفتح أجل التعرضات المحدد في أجل شهرين وذلك طبقا للفصل 23 من ظ ت ع؛ وهو أهم إجراء للنشر مرتبط بعملية التحديد التي سنتناولها في النقطة الموالية.
2 – العمل على إجراء عملية التحديد
بعد مباشرة المحافظ على الأملاك العقارية لعملية الإشهار باتباع الوسائل المشار إلها في الفصول 17 و18 و19 من ظ.ت.ع، يقوم بتسيير عملية التحديد التي تجد أساسها في الفصول من 19 الى 23 من ظ.ت.ع، و في مقتضيات المرسوم الصادر 14 يوليو 2014 في شأن إجراءات التحفيظ العقاري.
وعملية التحديد عملية تقنية تهدف الى ضبط الوضعية الحقيقية للعقار من حيث الموقع والحدود والمساحة والمشتملات والحقوق المتصلة به[15]، وذلك بانتداب مهندس مساح طبوغرافي محلفا من جهاز المسح العقاري، مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين الطبوغرافيين، وينجز هذا الأخير عملية التحديد تحت مسؤوليته بحضور طالب التحفيظ.
غير أن قلة المهندسين في مصلحة الهندسة الطبوغرافية شكل عائقا أمام إنجاز عمليات التحديد في آجالها المحددة سلفا، الشيء الذي أدى الى تراكم الملفات في المحافظة العقارية. وهو ما دفع بالمشرع الى التدخل بموجب القانون 57.12 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.13.116 بتاريخ 30 دجنبر 2013 من أجل السماح للتقنين العاملين بمصلحة العقاري والمهندسين المنتمين إلى القطاع الخاص مسجلا بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين من إجراء عملية التحديد بتكليف من المهندس المساح الطبوغرافي المحلف. حيث تنص مادته الفريدة على ما يلي:
” تتميما لمقتضيات الفصول 19 و 20 و 21 و 25 و 34 و 43 و 54 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري، يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أن ينتدب لانجاز عمليات التحديد المشار إليها في الفصول المذكورة :
1- مهندسا مساحا طبوغرافيا محلف ينتمي إلى مصلحة المسح العقاري، كما يمكن لهذا الأخير أن يكلف احد العاملين المؤهلين التابعين له لانجاز عمليات التحديد ويحدد ذلك بنص تنظيمي ؛
2- أو مهندسا مسحا طبوغرافيا ينتمي إلى القطاع الخاص مسجلا بجدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين”.
ويقوم المهندس بالإجراءات المنصوص عليها في الفصول 20 و21 و22 و23 من ظ.ت.ع و في مقتضيات المرسوم الصادر 14 يوليو 2014 في شأن إجراءات التحفيظ العقاري، ويسلم بعد ذلك محضر التحديد للمحافظ على الأملاك العقارية الذي ينشر إعلانا بفتح أجل للتعرض طبقا لما جاء في الفصل 23 ” أما إذا نص المحضر على تنفيذ العمليات المقررة في الفصل 21، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يقوم، وفق الفصل 18 من هذا القانون، بنشر وتعليق إعلان يتضمن أن التعرضات على التحفيظ تقدم لدى المحافظة العقارية خلال أجل شهرين ابتداء من يوم نشره بالجريدة الرسمية..”
وفي حالة تقديم مطلب تحفيظ لعقار تمتد مساحته ضمن النفوذ الترابي لمحافظتين متجاورتين، يتعين إداك على المحافظ الذي قدم له مطلب التحفيظ أن يجري التحديد على العقار بأكمله مع إخبار المحافظة المجاورة بعمليات التحديد المنجزة في ترابها وبعث ملف هندسي يبين الأجزاء المتداخلة ليعمل المحافظ على الإشارة إليها ضمن الخرائط المساحية للمحافظة، وقد بين منشور صادر في 26 ماي 1922 تفاصيل وإجراءات تحديد العقارات المتداخلة بين محافظتين[16].
ومن أجل إنجاز التحديد في الظروف الملائمة فقد خول المشرع للمحافظ على الأملاك العقارية توجيه طلب لوكيل الملك من أجل تسخير القوة العمومية، وهو ما أقره الفصل 20 من ظ.ت.ع، غير أن المحافظ العام من خلال جوابه على مراسلة محافظ بني ملال إذ جاء فيه ما يلي “جوابا على رسالتكم المشار إليها بالمرجع، والتي أخبرتموني فيها أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية ببني ملال رفض طلبكم تسخير القوة العمومية لإنجاز عمليات التحديد بعلة أنه غير مختص للقيام بذلك.
يشرفني أن أنهي إلى علمكم أن السهر على استتباب الأمن والحفاظ على النظام العام من المهام الأساسية المسندة الى العمال ورجال السلطة التابعين لهم (رؤساء الدوائر، رؤساء المقاطعات، الباشوات والقواد) وقد خولهم الفصل 3 من ظهير 14/02/1977 المتعلق باختصاصات العامل، حق استعمال القوة العمومية إن اقتضي الأمر ذلك لاجتناب كل ما من شأنه أن يمس الأمن والنظام العام.
أما وكيل الملك بصفته ممثل النيابة العامة فهو يتولى إقامة وممارسة ومراقبة الدعوى العمومية التي لا تقام إلا بعد ارتكاب الجريمة (الفصل 2 من ق.م.ج) التي يعهد إليها بالتثبت من وقوع الجرائم وجمع الأدلة والبحث عن مرتكبيها (الفصل 18 من ق.م.ج) تمهيدا لتقديمهم للمحاكمة، بعكس مهمة الشرطة الإدارية التي تبقى مهمة وقائية تتمثل في العمل على صيانة النظام العام بمنع الأعمال التي من شأنها الإخلال بها قبل وقوعها، وهذا هو عمل السلطة المحلية في مجال الحفاظ على النظام العام كما سلف الشكر، مع التذكير أنه وإن كان لوكيل الملك هو أيضا الحق في تسخير القوة العمومية فإنه لا يقوم بذلك الا بمناسبة ممارسته المذكورة (الفصل 39 ق.م.ج)”[17].
بعد تبيان صلاحيات المحافظ على الأملاك العقارية في شكليات مطلب التحفيظ وفي الإجراءات التي تستتبعه، سأنتقل الآن الى صلاحيات المحافظ في مراقبة شكل التعرض على مطلب التحفيظ.
الفقرة الثانية: صلاحيات المحافظ في مراقبة شكل التعرض على مطلب التحفيظ
إن تقديم مطلب التحفيظ وما يستتبعه من علنية لكل الإجراءات اللاحقة يكون الهدف منها أساسا إتاحة الفرصة لكل من له مصلحة أن يتقدم ويدلي بحججه قبل تأسيس الرسم العقاري ذو الطابع النهائي والمحصن من أي طعون، وهذا ما يصطلح عليه بالتعرض على مطلب التحفيظ.
والتعرض كما يعرفه الأستاذ مأمون الكزبري رحمه الله هو ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في الحدود، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقار وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلبه[18].
ولقد خول المشرع للمحافظ على الأملاك العقارية صلاحيات مهمة في هذا الصدد، فإذا كانت المرحلة الأولى والعادية للتحفيظ هي مرحلة إدارية، فإن الانتقال الى المرحلة القضائية يكون تحت إشراف المحافظ بما خول له من صلاحيات في هذا الصدد بعد سلوك مجموعة من المراحل.
فظهور المتعرضين أثناء تقديم المطلب أو إجراء عملية التحديد أو في الأجل القانونية للتعرض، يحتم على المحافظ التوقف عن إجراءات التحفيظ في انتظار البت في هذا التعرض وتصفيته في ضوء ما هو معمول به في ظهير التحفيظ العقاري، وبعدها يباشر عملية التحفيظ.
على غرار الشروط الشكلية التي استوجبها المشرع في مطلب التحفيظ، فإن طلب التعرض هو الآخر يجب أن يستجمع مجموعة من الشروط الشكلية المنصوص عليها طبقا لظهير التحفيظ العقاري، وقد أناط المشرع بالمحافظ مسؤوليات جوهرية في هذا الصدد، سواء تعلق الأمر بشكل المطلب ومؤيداته ممارسة هذا التعرض (أولا)، أو تعلق الأمر بأجل التعرض(ثانيا).
أولا: السهر عل احترام شكل ومؤيدات طلب التعرض
إن طلب التعرض المقدم للمحافظ مباشرة أو من خلال المهندس الطبوغرافي المنتدب أثناء إجراء عملية التحديد يمكن أن يكون كتابيا أو شفويا ، غير أنه إذا كان شفويا يجب أن تضمن التصريحات بحضور المتعرض في محضر يتم تحريره في نسختين تسلم إحداهما له؛ وهذا ما يستفاد من الفقرة الأولى من الفصل 25 ظ.ت.ع الذي ينص على ما يلي:
“تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ على الأملاك العقارية، وإما للمهندس المساح الطبغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد. تضمن التصريحات الشفوية للمتعرض، بحضوره في محضر يحرر في نسختين تسلم إليه إحداهما..”.
ويحرص المحافظ على أن يتضمن طلب التعرض مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصلين 25 و 26 ظ.ت.ع، وتتعلق أساسا بتبيان هوية المتعرض وحالته المدنية، عنوانه واسم الملك ورقم مطلب التحفيظ، وأن يتم دفع الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو أن يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء التعرض.
عندما يقوم تقديم طلب التعرض باسم الغير يجب على المحافظ أن يضمن هوية هذا الغير، وإذا تعرض الغير بصفته وصيا أو نائبا قانونيا أو وكيلا أن يبرر ذلك بالإدلاء بوثائق صحيحة وأن يعطي البيانات المقررة في الفصل 25 من هذا القانون، وأن يدلي برسوم الإراثات عندما يتعلق الأمر بشركاء في الإرث.
يمكن في جميع الأحوال، على شرط أن تقدم الإثباتات المنصوص عليها سابقا، التدخل في المسطرة عن طريق التعرض باسم المحجورين والقاصرين والغائبين والمفقودين وغير الحاضرين، وذلك من طرف الأوصياء والممثلين الشرعيين ووكيل الملك والقاضي المكلف بشؤون القاصرين والقيم على أموال الغائبين والمفقودين، طبقا لمقتضيات الفصل 26 ظ.ت.ع.
ويقوم المحافظ بتضمين هذ التعرضات في سجل التعرضات طبقا للفقرة الخامسة من الفصل 25 ظ.ت.ع الذي جاء فيه ” يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتضمين التعرضات المقدمة وفق الشروط المنصوص عليها أعلاه في سجل خاص يدعى “سجل التعرضات”…”
وإذا تعذر تحديد الجزء محل النزاع، فإن المحافظ على الأملاك العقارية يحيل المطلب على المحكمة الابتدائية، ويمكن للقاضي المقرر الذي أحيل عليه الملف أن ينجز هذا التحديد طبقا لمقتضيات الفصل 34 من هذا القانون.
وعلاوة على ما سبق ذكره، يجب على المحافظ العقاري أن يسهر على ضرورة توافر المؤيدات التي اشترطها المشرع في طلب التعرض، إذ نص المشرع في الفقرة الثالثة من الفصل 25 ظ.ت.ع على ما يلي:
” يجب على المتعرضين أن يودعوا السندات والوثائق المثبتة لهويتهم والمدعمة لتعرضهم ويؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلوا بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض.”
ويتجلى من محتوى هذه الفقرة أن المشرع ترك المجال واسعا للإدلاء بكل الحجج رسمية كانت أم عرفية قصد تعضيد طلب التعرض[19]، وأذكر على سبيل المثال (( رسم الملكية أو رسم الإراثة رسم الحيازة…)).
وعدم تقديم الحجج مع طلب التعرض وفق الأجل المشار إليه في الفصل 25 ظ.ت.ع يحتم على المحافظ إلغاء طلب التعرض طبقا لما نص عليه المشرع في الفصل 32 الذي جاء فيه ما يلي:
“ يعتبر التعرض لاغيا وكأن لم يكن، إذا لم يقدم المتعرض خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 من هذا القانون، الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية…”
حدد المشرع أجل عادي للممارسة حق التعرض، وسمح أيضا بإمكانية تقديم التعرضات في أجل آخر استثنائي لما فطنه من إمكانية وجود حالات تعذر عليها تقديم طلبات التعرض في أوقاتها الأصلية. ولتبيان هذا المقتضى أقترح مناقشته من حيث المبدأ فالاستثناء.
يقبل المحافظ التعرض مبدئيا منذ تاريخ تقديم مطلب التحفيظ الى حين انتهاء أجل التعرض، وقد ابتكر الأستاذ محمد نعناني تقسيما ميسرا لفهم هذا الأجل العادي، إذ ميز في هذا الصدد بين الأجل غير محدد المدة والثاني إضافي محدد المدة.[20]
الأجل الأصلي غير محدد المدة يقرر منذ قبول مطلب التحفيظ ويستمر الى غاية نشر الإعلان على انتهاء مرحلة التحديد طبق الما نص عليه الفصل 23 ظ.ت.ع.
والأجل الإضافي المحدد المدة يبدأ منذ نشر الإعلان على انتهاء مرحلة التحديد الى حين انتهاء الأجل المقرر قانونا، وهو أجل شهرين طبقا لما جاء في الفصل 23 من ظ.ت.ع “بنشر وتعليق إعلان يتضمن أن التعرضات على التحفيظ تقدم لدى المحافظة العقارية خلال أجل شهرين ابتداء من يوم نشره بالجريدة الرسمية.”، وقد أكد المشرع على هذا الأجل في الفصلين 24 و 27 من ظ.ت.ع.
إذ جاء في الفصل 27 ظ.ت.ع ما يلي ” لا يقبل أي تعرض باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29 بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان المذكور في الفصل 23 من هذا القانون بالجريدة الرسمية”.
إذا كان المبدأ يقضي بأن الأجل العادية للتعرض يبدأ منذ تقديم مطلب التحفيظ الى حين انتهاء أجله المنصوص عليه قانونا، فإن المشرع فطن لوجود حالات يتعذر فيها الإقدام على هذا الإجراء في الأجل العادي، ونتيجة لذلك سن المشرع استثناء مقرر بمقتضى الفصل 29 ظ.ت.ع الذي جاء فيه ” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.
يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه. كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية”.
ويستفاد من هذا الفصل أن هذا الاستثناء يكون متاحا وفق الشروط التالية:
- أن لا يكون الملف قد أحيل على القضاء.
- أن يدلي المتعرض بالأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل
- أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو أن يثبت حصوله على المساعدة القضائية
وإذا لم يتوافر شرط من هذه الشروط يكون التعرض مآله الرفض، ويكون قرار المحافظ في هذا الشأن غير قابل لأي طعن قضائي كما سوف نرى.
وعلى غرار صلاحيات المحافظ في شأن ما سبق ذكر، فقد خوله المشرع صلاحيات أخرى تعني بضبط مسطرة التحفيظ.
المطلب الثاني: القرارات المخول للمحافظ على الأملاك العقارية اتخاذها من أجل ضبط مسطرة التحفيظ
إن دور المحافظ على الأملاك العقارية لا ينحصر في إدارة مطالب التحفيظ وفقط، بل له دوورا جوهريا آخر في تحديد مآل هذه المطالب أيضا، وذلك انطلاقا من مجموع الصلاحيات التي خولت له بمقتضى النصوص التشريعية، والقرارات القضائية ودوريات السيد المحافظ العام.
وهذه الصلاحيات منها ما يتعلق بالتعرض على مطلب التحفيظ (الفقرة الأولى)، ومنها ما يتعلق ب موضوع مطلب التحفيظ (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: قرارات المحافظ بشأن التعرض على مطلب التحفيظ
تتأرجح صلاحيات المحافظ على الأملاك العقارية في إطار إدارة مطالب التحفيظ ومتابعة إجراءات المسطرة وفق ما سمح به القانون بين قبول التعرضات المسجلة أو اتخاذ قرارات برفضها أو إلغائها من جهة أولى؛ وإلغاء أو رفض مطالب التحفيظ من جهة أخرى
أولا: قرار قبول التعرض وقرار رفضه أو إلغائه
سنتطرق أولا لقرار قبول التعرض ثم بعد ذلك الى قرار رفضه وقرار إلغائه.
إن قرار قبول التعرض من لدن المحافظ على الأملاك العقارية يفيد بأن طلب التعرض توافرت فيه كل الشروط المنصوص عليها قانونا.
فعند قبول التعرض من طرف المحافظ على الأملاك العقارية يقوم بتضمينه وفق الشروط المنصوص عليها قانونا في سجل التعرضات كما تقضي بذلك الفقرة الخامسة من الفصل 25 ظ.ت.ع.
يقوم بعدها فورا بتبليغ نسخة من مضمون هذه التعرضات الى طالب التحفيظ الذي يمكنه قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض أن يدلي بما يثبت رفعها أو يصرح بقبولها، ويتوقف المحافظ على إجراءات التحفيظ الى حين تصفية التعرضات المقدمة عن طريق إثبات رفعها أو قبولها. طبقا لما ينص عليه مقتضى الفصل 31 ظ.ت.ع.
وإذا لم يتمكن طالب التحفيظ من إثبات رفع هذه التعرضات ولم يقبلها يمكن للمحافظ أن يجزئ المطلب ويؤسس رسما عقاريا خاصا بالجزء الذي لا يشمله التعرض.
وقد خول المشرع للمحافظ العقاري صلاحيات أخرى قبل إحالة مطلب التحفيظ والتعرضات المقدمة في شأنه على المحكمة الابتدائية، وهي إجراء عملية الصلح لما فيها من حسنات تجنب المعنيين بالأمر والمحافظ العقاري مساطر قضائية قد تطول الى أمد ليس بالهين، وتجنب المحكمة تراكم الملفات في المادة العقارية.
غير أن المشرع لم يجعل هذا الصلح من النظام العام إذ استعمل لفظ (( يمكن للمحافظ العقاري أثناء جريان المسطرة وقبل توجيه الملف الى المحكمة الابتدائية، أن يعمل على تصالح الأطراف…))، إذ يستفاد بمفهوم المخالفة أنه يكمن للمحافظ ألا يلجأ الى هذا الصلح إذا اتضح له أنه بصدد حالة تستدعي تدخل القضاء فورا. وإذا نجح هذا الصلح يتم تحريره في محضر ويوقع عليه من قبل الأطراف والمحافظ كما جاء في الفصل 31 ظ.ت.ع.
ويكون لهذا الاتفاق المضمن في هذا المحضر قوة الالتزام العرفي، فبالرغم من كون هذا العقد يتم إبرامه تحت إشراف موظف رسمي فهو لا يعتبر من العقود الشكلية التي يشترط القانون انعقادها وفق شكل معين، بحيث يكون ملزما لهم بمثابة قانون لهم تطبيقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين المؤطر بمقتضى الفصل 230من ظ.ل.ع[21].
خول المشرع للمحافظ على الأملاك العقارية إمكانية رفض أو إلغاء طلب التعرض إذا ما توافرت فيه أسباب ذلك، وسأفصل في كل حالة على حدى.
باستقراء الفصل 27 من ظ.ت.ع الذي جاء فيه ما يلي: ” لا يقبل أي تعرض باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29 بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان المذكور في الفصل 23 من هذا القانون بالجريدة الرسمية.”
إذ يستفاد بمفهوم المخالفة أن المحافظ يكون ملزما برفض أي تعرض خارج الأجل العادي، وحتى إذا ما قدم في الأجل الاستثنائي الذي نص عليه المشرع في الفصل 29 بعده، فإنه يمكن للمحافظ أن يرفض هذا التعرض إذا لم يدلي طالبه بالأسباب التي حالت دون تعرضه في الأجل العادية أو لم يؤد المصاريف القضائية، كما يمكن أن يرفض هذا التعرض في الأجل الاستثنائي حتى إذا ما قدم بشأنه ما يثبت العذر الذي حال أمام تقديمه في الأجل العادية غير أن المحافظ لم يقتنع به. وقراره في هذا الشأن يكون غير قابل للطعن القضائي طبقا للفقرة الأخيرة من الفصل 29 ظ.ت.ع.
كما أن تخلف أي بيان من البيانات المنصوص عليها قانونا يخول للمحافظ رفض هذا التعرض، سيما وأن هذه الوسيلة يمكن أن يستغلها ذوي النية السيئة لعرقلة عملية التحفيظ وتفويت مجموعة من الامتيازات على مقدم المطلب، ويقول الباحث عمر موسى في هذا الصدد ((أن التعرض على مسطرة تحفيظ عقار معين بدون تقديم مستندات أو تقديم حجج واهية أصبح حرفة للبعض الهدف منه التأثير الاقتصادي والنفسي على طالب التحفيظ، لذلك ينبغي بسط سلطته في إلغاء كل تعرض اقتنع بعدم جديته))[22].
وتجدر الإشارة الى أنه في حالة رفض التعرض المقدم في هذه الأجل الاستثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، فإن قراره هذا يكون غير قابل للطعن القضائي طبقا لما نص عليه المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 29 ظ.ت.ع.
ويرى الأستاذ محمد خيري في شأن عدم قابلية قرار المحافظ برفض التعرض للطعن القضائي عدم احترامه لمقتضى الفصل 118 من الدستور الذي يقر بأن كل قرار بقابلية كل قرار اتخذ في المجال الإداري للطعن، ويقول ما يلي: (( إن الفقرة الأخيرة الواردة في الفصل 29 من ظ.ت.ع تعتبر غير دستورية ويتعين تعديلها أو إلغاؤها انسجاما مع مقتضيات الدستور))[23].
وارتبطا بالفقرة الأخيرة من الفصل 29 أقول أنه يمكن أن يكون قرار المحافظ برفض التعرض في هذا الأجل الاستثنائي محلا للطعن الإداري عن طريق آلية التظلم لدى المحافظ العام، ما دام أن المشرع اعتمد في الفصل المومأ إليه لفظ ((غير قابل للطعن القضائي)) دون ذكره للطعن بمفهومه الواسع الذي يشمل الطرق القضائية والإدارية.
وأتساءل في هذا الصدد إذا ما كان من حق طالب التحفيظ أن يطعن في قرار المحافظ بقبول التعرض على مطلبه في هذه الأجل الاستثنائي، سيما إذا كان المتعرض لم يدلي بما يبرر عدم تقدمه في الأجل العادية ؟
علاوة على رفض التعرض من لدن المحافظ في الحالات السالفة الذكر، فإن المشرع خوله أيضا إمكانية إلغاء التعرض بعد أن قبله في أول الأمر وذلك في حالة عدم الإدلاء بالمستندات المؤيدة له داخل الأجل القانوني، أو عدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو عدم الإدلاء بما يفيد الحصول على المساعدة القضائية،
ويستفاد من الفصل 32 من ظ.ت.ع الذي جاء في ما يلي: ” يعتبر التعرض لاغيا وكأن لم يكن، إذا لم يقدم المتعرض خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 من هذا القانون، الرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضه، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية..”
ويستفاد من صريح النص المومأ إليه أن المشرع قيد المحافظ بضرورة إلغاء التعرض إذا توافرت الأسباب المشار إليها، غير أن المشرع أغفل إمكانية الطعن والجهة المختصة، ويقول الأستاذ محمد النعاني في هذه النقطة (( إننا نرى استمرار اختصاص المحاكم الابتدائية للبت فيها وصلاحيتها للنظر فيها لعدة اعتبارات تتعلق ب:
- سبق إسناد الاختصاص للقضاء العادي، وتمرس قضاته بشأن البت في مثل هذه الطعون
- سكوت المشرع في الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري بعد تعديله بموجب القانون 14.07، لا يعني إسناد الاختصاص للمحاكم الإدارية ونزعه من المحاكم الابتدائية، إذ لو أراد ذلك لنص عليه صراحة، فلا يليق السكوت في معرض الحاجة الى البيان، واستصحاب الأصل أمر مقرر لا خلاف فيه الى حين ورود ما ينقله الى غيره.
- طبيعة الأسباب التي تنبني عليها قرارات الإلغاء، والتي تتعلق بعدم الإدلاء بالوثائق المدعمة للتعرض أو عدم أداء المصاريف القضائية أو ما يفيد الاستفادة من المساعدة القضائية، وكلها أسباب تبقى المحكمة الابتدائية أولى بتقديرها والنظر فيها من القضاء الإداري.
- الطبيعة الخاصة للمحكمة الابتدائية في إطار ظهير التحفيظ العقاري، باعتبارها محكمة تحفيظ هي المختصة بالبت في التعرض، وبالتالي من باب أولى أن تكون مختصة فيما دونه من طعون متعلقة به.
- إن قرار المحافظ بإلغاء التعرض، هو قرار صادر في إطار مسطرة خاصة، وخصوصية المسطرة هي التي حتمت نزع الاختصاص من القضاء الإداري وإسناده الى شريك المحافظة العقارية في مسطرة التحفيظ العقاري، ألا وهو القضاء العادي.
- ما ذهب إليه الفقيه والمحافظ العام السابق محمد ابن الحاج السلمي من اعتبار المحافظ على الأملاك العقارية قاضيا عقاريا، ونتيجة لذلك وبحكم اختصاصاته فإنه لم تكن ولا تزال ولن تكون قرارات إدارية، ولا علاقة لها بمجال الإدارة، لأنها قرارات تفصل في علاقات التزامية تعاقدية موضوعها حقوق عقارية فيما بين الأطراف ، وبالتالي فهي ذات طبيعة خاصة ولا يمكن بأي حال تصنيفها ضمن القرارات الإدارية. ولعل ما يزكي هذا الموقف الذي يعتبر قرارات المحافظ قرارات قضائية ذات طبيعة خاصة وليست قرارات إدارية، أن المشرع أسبغها في كثير من الحالات بالصفة النهائية وحصنها ضد أي طعن قضائي، وهو ما لا يكون الا للقرارات القضائية، ولا يمكن تصوره بالنسبة للقرارات الإدارية. وهو الأمر الذي يبرر مرة أخرى انعقاد الاختصاص للطعن في قرارات إلغاء التعرض للقضاء العادي الشامل.
- أن المشرع في باب الطعون في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية توخى عند تعديله لظهير التحفيظ العقاري بموجب القانون 07 توحيد الاختصاص لصالح جهة القضاء العادي على غرار مسلكه بالنسبة لرفض التحفيظ، للقضاء على ازدواجية الاختصاص لتسهيل علم المتقاضين بالقاعدة القانونية المسطرية وضمان وضوحها ورسوخها للحفاظ على الأمن القانوني والقضائي، وهو ما أقره بطريقة غير مباشرة حتى من يرى انعقاد الاختصاص في الطعون للقضاء الإداري))[24].
ثانيا: قرار رفض أو إلغاء مطلب التحفيظ
لقد خول المشرع للمحافظ العقاري إمكانية إلغاء أو رفض طلب التحفيظ، فإذا كان الإلغاء يأتي بعد تسجيل المطلب وفق حالات محددة قانونا، فإن قرار الرفض يكون غالبا عند عدم توفر الطلب على الشروط المطلوبة عند تقديم المطلب.
- حالة تغيب طالب التحفيظ عن حضور عمليات التحديد طبقا للفصلين 22 و 23 من ظ.ت.ع
- حالة عدم اتباع إجراءات التحفيظ رغم تسلم إنذار من المحافظ على الأملاك العقارية كما ينص على ذلك الفصل 50 من ظ.ت.ع
- في حالة عدم كفاية الحجج المدلى بها كما يستفاد بمفهوم المخالفة من الفصل 30 من ظ.ت.ع
- إذا تعذر على المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك طبقا للفصل 23 من ظ.ت.ع.
- صدور حكم قضائي نهائي لفائدة المتعرضين حيث يعتمد المحافظ على هذا الحكم في إلغاء المطلب طبقا للفظ 37 من ظ.ت.ع
وتجدر الإشارة الى أن المحافظ العقاري يجب عليه في جميع الحالات التي يرفض أو يلغي فيها مطلبا للتحفيظ أن يعلل قراره، ويكون هذا القرار قابلا للطعن طبقا لما نص عليه الفصل 37 مكرر من ظ.ت.ع الذي ينص على ما يلي: “يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها طلبا للتحفيظ أن يعلل قراره ويبلغه لطالب التحفيظ.
يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبت فيه مع الحق في الاستيناف وتكون القرارات الاستينافية قابلة للطعن بالنقض”
ثم بعد ذلك يستدعى المحافظ على الأملاك العقارية الأطراف لسحب الوثائق المودعة من طرفهم بعد التحقق من هويتهم طبقا لما نص عليه المشرع في الفصل 38 من ظ.ت.ع.
فإذا لم يعترض المسطرة أي عارض من العوارض المذكورة، ولم يتخذ بشأنها أي قرار من القرارات المشار إليها، أو أنها لم تعرف أي تعرض سجل عليها من قبل، فإن المحافظ يتخذ القرار الأهم بتحفيظ العقار وهو ما سنتناوله في الفقرة الموالية
الفقرة الثانية: قرار المحافظ في شأن موضوع مطلب التحفيظ
بعد سلوك مطلب التحفيظ المراحل السالف ذكرها، أي قبوله من طرف المحافظ على الأملاك العقارية وتسجيله وإعطائه رقما من لدن هذا الأخير، ثم الإشهار والتحديد والتي يتحدد على ضوئهما مآل المطلب، وبعد انصرام آجال التعرضات دون تقديم أي تعرض، واستنفاذ جميع إجراءات المسطرة، فإن لا يبقى والحالة هاته إلى اتخاذ المحافظ قرارا بتحفيظ العقار وتأسيس الرسم العقاري، الذي تكون لها آثار مهمة سنتولى بيانها.
أولا: صلاحيات المحافظ في اتخاذ قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري
بمجرد انصرام أجل شهرين من يوم نشر الإعلان على انتهاء عملية التحديد المنصوص عليه في الفصل 23 من ظ.ت.ع دون ظهور أي متعرض، يقوم المحافظ خلال ثلاثة أشهر الموالية بتحفيظ العقار من خلال تأسيس الرسم العقاري طبقا لما ينص عليه الفصل 30 من ظ.ت.ع الذي ينص على ما يلي :
” خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل التعرض يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع الإجراءات المقررة في هذا القانون، ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها، وعدم وقوع أي تعرض”.
ويقصد بالرسم العقاري هو ذلك السند الذي يقيمه المحافظ على الأملاك العقارية للتعريف بالعقار الذي اتخذ في شأنه قرارا للتحفيظ باسم صاحبه[25]، والذي أطره المشرع من خلال الفصل 52 من ظ.ت.ع الذي ينص على ما يلي:
“كل تحفيظ يقتضي من المحافظ على الأملاك العقارية تأسيس رسم عقاري يتضمن لزوما:
1- وصفا مفصلا للعقار مع حدوده وبيان الأملاك المجاورة والملاصقة له ونوعه ومساحته؛
2- الاسم الشخصي والعائلي للمالك ومحل سكناه وحالته المدنية وجنسيته وإن اقتضى الحال اسم الزوج والنظام المالي للزواج أو كل اتفاق تم طبقا لمقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة. ويتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم. وإذا كان المالك شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي وكذا ممثله القانوني؛
3- الحقوق العينية العقارية المترتبة على العقار.
يحمل هذا الرسم العقاري رقما ترتيبيا واسما خاصا به ويبقى تصميم العقار ملحقا“[26].
وقد أوضح المرسوم رقم 2.13.18 الصادر 14 يوليو 2014 بعض الإجراءات اللاحقة لتأسيس الرسم العقاري من بينها:
- يمكن للمحافظ طبقا للمادة 15 من هذا المرسوم وبناء على طلب المعني بالأمر أن يقوم بإدماج الجزء الذي وقع استخراجه من عقار محفظ في رسم عقاري لملك سبق تحفيظه من قبل، يكون مجاورا أو ملاصقا له وفي ملكية نفس الشخص.
- يمكن للمحافظ بناء على طلب من المعني بالأمر أن يقوم بإدماج عدة عقارات متجاورة أو متلاصقة موضوع رسوم عقارية مستقلة في ملكية نفس الشخص لتكون رسما عقاريا واحدا. كما يمكن كذلك أن يدمج فيما بينها الأجزاء المستخرجة في آن واحد من عقارات مختلفة ليؤسس لها رسم عقاري مستقل أو تدمج في رسم عقاري لملك محفظ من قبل ملكية نفس الشخص، متى كانت هذه الأجزاء متجاورة أو متلاصقة، وذلك طبقا لما تنص عليه المادة 16 من المرسوم المومأ إليه.
- ينقل المحافظ على الأملاك العقارية الى الرسوم العقارية المستخرجة، جميع الحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقارات أو أجزاء العقارات المقسمة أو المدمجة كما تقضي بذلك المادة 18.
و تجدر الإشارة إلى أن كل رسم عقاري لا يمكن أن يتناول إلا عقارا واحدا سواء كان مؤلفا من قطعة واحدة أو من قطع متعددة، تشكل في مجموعها وحدة عقارية، وسواء كان مالك العقار شخصا واحدا أو شائعا بين عدة ملاك طبقا لمقتضيات الفصل 13 و14 من القرار الوزاري الصادر في 20 رجب 1333 لموافق ل 03 يونيو 1915 [27].
وقد تطرق المشرع من خلال الفصل 52 مكرر الى إمكانية تغيير اسم العقار المحفظ إذ جاء فيه ما يلي:
” يمكن للمالك المقيد أن يطلب تغيير اسم العقار المحفظ. وفي حالة الشياع تكون الموافقة الصريحة لكافة الشركاء المقيدين ضرورية.
ينشر الطلب بالجريدة الرسمية ويقيد في سجل الإيداع بعد انصرام خمسة عشر يوما من تاريخ هذا النشر ويضمن الاسم الجديد بالرسم العقاري وبنظيره ويشار إليه لاحقا في التقييدات والوثائق “.
هذا وتجدر الإشارة في هذا المقام الى أن تغيير الاسم الذي يخضع لهذه الإجراءات هو التغيير الذي يطلبه المالك أو الملاك في الأحوال العادية والرامي الى التغيير الكلي للاسم، والذي لا يكون ناتجا عن إغفال أو خطأ مادي شاب تأسيس الرسم العقاري، وإن أدى هذا الإصلاح إلى تغيير الاسم الخاطئ بحذفه وإحلال الإسم الصحيح محلهن لأن المشرع أخضع مثل هذه التعديلات لمقتضيات الفصل 29 من القرار الوزيري المؤرخ في 33 يونيو 1915 والذي نص على أنه ((يمكن لأصحاب الحقوق أن يطلبوا إصلاح ما وقع من السهو والغلط والخلل في الرسم العقاري أو في التضمينات الملحقة بهن كما يمكن للمحافظ أن يصلح من تلقاء نفسه ما ذكر بمجرد معاينته في الرسوم أو الحجج والخرائط التي اتخذت أساسا في تحرير الرسم أو سائر التضمينات الملحقة به، وحينئذ يعلم حائز نظير الرسم بالإصلاحات المذكورة ويلزم بالإتيان بالنظير المذكور ليقع تطبيقه مع الرسم، وعلى كل حال فإن التقييدات الأولى تبقى على حالها وتضمن الإصلاحات بعدها في التاريخ الجاري)).[28]
وهذه التصحيحات التلقائية المخولة للمحافظ لا تنصب على الحقوق الثابتة التي أقرها التحفيظ بالزيادة أو النقصان منها، لما في ذلك من مساس بعملية التحفيظ[29]، وقد أكد قضاء النقض ذلك في قراره الذي انتهى فيه إلى أن ((استثناء المحافظ تلقائيا مباني ومقالع من ملكية أرض بعد تحفيظها وتسجيلها باسم الغير لا يدخل ضمن صلاحيته التي تخوله إياها الفصلان 29 و30 من قرار 3 يونيو 1915 المقرر لتفاصيل تطبيق ظهير 2 يونيو المطبق على العقار المحفظ لتصحيح المخالفات والإغفالات التي يشاهدها في الرسوم العقارية، لأن ذلك يمس بالتحفيظ الذي يكشف نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية الكائنة على العقار وقت تحفيظه))[30].
وكل تغيير يمكن أن يطال الرسم العقاري فإنه يكن تحت إشراف المحافظ على الأملاك العقارية.
ثانيا – آثار تأسيس الرسم العقاري
إن قرار المحافظ بتأسيس الرسم العقاري معناه تغيير الوضعية القانونية للعقار، وهذه الوضعية الجديدة لها جملة من الآثار التي تشكل السمة الأساسية والغاية المرجوة من نظام التسجيل العيني، ولعل أبرز هذه الآثار تتجلى في تطهير العقار وعدم سريان التقادم على الحقوق المسجلة:
إن قاعدة التطهير مفادها بأنه لا يمكن تأسيس الرسم العقاري الا بعد اتباع إجراءات معينة بقصد تصفية كل نزاع محتمل على العقار موضوع التحفيظ. أي تطهيره من كل النزاعات التعرضات التي قد تثار من طرف الغير، وهي فرصة تجعل المحافظ يتأكد من صحة مزاعم طالب التحفيظ الذي يدعي الملكية. بحيث إذا لم يظهر خلال مسطرة التحفيظ أي متعرض فإنه يصار إلى تأسيس الرسم العقاري الذي يصبح له حجية مطلقة إزاء الكافة مع وجود[31].
وقد كرس المشرع هذه القاعدة من خلال الفصل 62 من ظ.ت.ع الذي ينص على ما يلي: ” إن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن، ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة”.
ويستفاد من نهائية الرسم العقاري وعدم قابليته للطعن، أنه يكتسب قوته التأسيسية من قرار المحافظ المحصن من جميع الطعون إدارية كانت أو قضائية، بحيث يمتنع إلغاؤه أو تغييره عن طريقها، وقد أكد قضاء النقض على ذلك في قرار صادر عنه جاء فيه (( لكن حيث إنه لا يلزم من كون قرار رفض التحفيظ لا يمكن الطعن فيه حسب مقتضيات الفصل 98 من ظهير التحفيظ العقاري الا أمام جهة القضاء العادي أن قرار التحفيظ باعتباره صادرا عن سلطة إدارية” يكون قابلا للطعن بالإلغاء وأمام جهة القضاء الإداري، ذلك أن قرار التحفيظ، كما استقر عليه اجتهاد الغرفة الإدارية بالمجلس، وحسب نص مقتضيات ظهير 12 غشت 1913 حول التحفيظ العقاري يعتبر قراراتها لا رجعة فيها، ومن هذا المنطلق فإنه لا يقبل أي طعن سواء أمام القضاء الإداري أو أمام جهة القضاء العادي وأن المشرع قد افترض أن بعض الأشخاص قد يتضررون من قرار التحفيظ، وفي هده الحالة منحهم إمكانية مقاضاة المحافظ في حالة ارتكابه خطأ جسيما حسب عمليه تحفيظ عقار ما والحالة أن ملك للغير أو مقاضاة المستفيد من التحفيظ إذا كان قد استعمل تدليسا أو تزويرا للوصول الى تحفيظ العقار في اسمه.
وحيث يستخلص من كل ما سبق أن المحكمة الإدارية قد أخطأت عندما أخضعت قرار التحفيظ باعتباره صادرا عن سلطة إدارية في شخص المحافظ لمراقبة القضاء الإداري، والحالة أن القرار المذكور لا يخضع لأية رقابة وأن عملية التحفيظ ولتي تنطوي على تطهير العقار المذكور تعتبر عملية نهائية لا رجعة فيها مما يجب معه إلغاء الحكم المستأنف))[32].
وتعتبر الصفة النهائية والقطعية لقرار المحافظ بمناسبة تأسيس الرسم العقاري محل انتقاد من طرف بعض الفقه خاصة في حالة ثبوت تدليس أو تزوير أثناء عملية التحفيظ.
وفي هذ الصدد يقول الأستاذ محمد خيري (( ينبغي وضع استثناءات لمبدأ نهائية الرسم العقاري حتى لا يستفيد مستعمل التزوير أو التدليس من هذا المبدأ والا اعتبر ذلك بمثابة نزع للملكية وتعدي على حقوق الغير، وفيه خروج على مبدأ العدالة والإنصاف.
ومن جهة أخرى لا ينبغي أن يكون هذا المبدأ متنافيا مع المبدأ المقرر في الدستور المغربي والذي يقضي بأن حق الملكية مضمون وفق الفص 15 من الدستور))[33].
كما أن هذا الرسم العقاري يعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداه من الحقوق غير المقيدة، وهذا معناه أن الرسم العقاري يمثل الحقيقة وأن كل ما قيد به حقيقة، وقد أكد المشرع على هذا الأثر من خلال الفصول 65 و 66 و 67 من ظ.ت.ع.
غير أن قاعدة التطهير تجد لها بعض الاستثناءات تماشيا مع طبيعة بغض العقارات[34]، تتمثل أساسا في:
- الأملاك العامة للدولة
- استثناء الأملاك الحبسية
- الحقوق المنجمية
- الحقوق المائية
- أراضي الجماعات السلالية
الخلف الخاص، وهذه النقطة بالذات كانت محطة لتضارب بعض قرارات المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا)، إذ أن المجلس الأعلى تبنى سنة 1953 موقفا يقضي بأن قاعدة التطهير يواجه بها الكافة دون استثناء، وأن قرار تأسيس الرسم العقاري قرار نهائي وغير قابل للطعن سواء تعلق الأمر بخلف خاص أو بخلف عام أو بقاصرين ضاعت حقوقهم
وفي قرار آخر عدد 5925 المؤرخ في 29 دجنبر 1999 في الملف المدني عدد 1151/94 والذي قرر بأن قاعدة التطهير لا يواجه بها الخلف الخاص وبالتالي يعتبر مشترى العقار من نفس طالب التحفيظ الذي تحول مطلبه إلى رسم عقاري خلف خاص لا يواجه كالخلف العام بقاعدة التطهير المنصوص عليها في الفصل 62 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري[35].
وإذا كان بعض الفقه قد أيد هذا التوجه الصادر عن المجلس الأعلى لسنة 1999 لما لامسوا فيه من تطبيق لمبادئ العدل والإنصاف الشيء الذي دفعهم للمطالبة بتعديل أو إلغاء قاعدة التطهير المنسوجة بدوافع استعمارية، فإن الأستاذ محمد نعناني يقول في هذا الصدد ما يلي ((وها هو المشرع المغربي قد تدخل بتعديل ظهير التحفيظ العقاري بموجب القانون 14.07 لكنه ألعى الفصل 2 وأبقى على نفس المفعول للفصل 62 بشأن تطهير العقار من جميع الحقوق السابقة، ولعله بذلك، بعد أزيد من قرن على تطبيق هذا الظهير، ارتأى أن المغاربة قد تنبهوا لأهمية هذا النظام وخطورة مقتضياته، لا سياما ما يتعلق بقاعدة التطهير، وبالتالي أصبحوا متيقضين بالتعرض أو الإيداع كلما رأوا أن حقوقهم تهددها مسطرة التحفيظ، باستثناء بعض الحالات القليلة والنادرة التي يفوت فيها ذلك، والقاعدة أن العبرة بالغالب والنادر لا حكم له، فتبقى قاعدة التطهير معمولا بها لعلم غالب الناس بخطورتها واتخاذهم اللازم بشأن حقوقهم في إبانه، ولا يلتفت الى الحالات القليلة التي بإمكان أصحابها المتضررين المطالبة بالتعويض، لا سيما وأن المشرع خاصة في هذه الظرفية الاجتماعية والاقتصادية يعي تمام الوعي بالدور الكبير الذي تلعبه هذه القاعدة من دور في بث الثقة ف مجال المعاملات العقارية وتوفير الاستقرار وتشجيع الاستثمار، وأن إلغاؤها من شأنه أن يعصف بكل ذلك، أو على الأقل يصيبه بنوع من الاضطراب والارتباك الذي لا يفيد الاقتصاد الوطني في الظرفية الراهنة التي يحتاج فيها الآن وقبل أي وقت مضى الى دعم الثقة وتعزيزها وتوفير المناخ الملائم للاستثمار))[36].
وعلاوة على تطهير العقار، هناك أثر آخر لقرار المحافظ بأسيس الرسم العقاري يتجلى في عدم سريان التقادم على الحقوق المسجلة.
2 – عدم سريان التقادم على الحقوق المسجلة
إن جوهر نظام التسجيل العيني هو تضمين الحقوق العينية الرسم العقاري الذي يؤس بذلك لوضعية جديدة للعقار، ويكون محفظا ومصونا من أي تصرف أو حالة قانونية تجرده هذا الحق، ومن ثم فإن عدم استعمال هذا الحق مع مرور الزمن لا يؤدي الى سقوطه عن طريق التقادم، لأن نظام التحفيظ العقاري إذ يرتكز أساسا على نظام التسجيل العيني لا يخضع للقواعد العامة المتعلقة بالتقادم، سواء المسقط أو المكسب.
وقد كرس المشرع هذا الأثر من خلال مقتضى الفصل 63 من ظ.ت.ع الذي جاء فيه ما يلي:” إن التقادم لا يكسب أي حق عيني على العقار المحفظ في مواجهة المالك المقيد، ولا يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم العقاري”.
وعلى غرار قبول المحافظ بتأسيس الرسم العقاري يخول له القانون أيضا إمكانية إلغاء مطلب التحفيظ أو رفضه، وهو موضوع الفقرة الموالية.
بعدما انتهيت من أدوار المحافظ على الأملاك العقارية في شأن مطلب التحفيظ، وكذلك صلاحياته في باب، أخلص الى أن هذه المؤسسة – أي المحافظ على الأملاك العقارية- يشكل حجر الزاوية في الترسانة القانونية التي سنها المشرع لغرض حماية العقار واستسباب الأمن العقاري.
وتتأتى له هذه المكانة من خلال تمتيعه بمجموعة من الآليات والصلاحيات التي من شأنها تحقيق الأهداف المرجوة من نظام التسجيل العيني.
فتخويل المحافظ آليات قانونية تساعده على شهر عملية التحفيظ هو تكريس فعلي وعميق لمبدأ العلنية، وتحصين قراراه القاضي بتأسيس الرسم القضائي هو تجسيد لبمدأ التطهير ومبدأ حجية التسجيل.
غير أنني أرى بأن المحافظ العقاري سلطة إدارية لا قضائية، فتحصين بعض قراراته من الطعن لا يرقى به الى مناص السلطة القضائية، وإنما هو تحصين مرده الى طبيعة المجال الذي يشرف عليه. وذلك لاعتبارات عديدة أذكر منها ما يلي:
- تخويل الأطراف إمكانية اللجوء الى المحافظ العام طبقا لما نص عليه الفصل الأول من الظهير الشريف الصادر في 29 دجنبر 1953 بشأن تعيين مهمة واختصاصات المحافظ العام على الأملاك العقارية، إذ ينص على ما يلي “ويمكن له أيضا أن يشير جميع القضايا المتعلقة بالتحفيظ أو العمليات التابعة لها إما بموجب وظيفته وإما بطلب من يهمهم الأمر قصد اتخاذ مقررات في شأنها..”، والتظلم من صميم المجال الإداري لا القضائي.
- أن السلط المعلن عنها دستوريا، إما تشريعية أو تنفيذية أو قضائية أو تنظيمية، وأن مؤسسة المحافظ لا يمكن تصنيفها الا في إطار السلطة التنظيمية دون غيرها.
- محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، طبعة 2018
- محمد نعناني، إرشاد الساري الى أصول التحفيظ العقاري، مطبعة الأحمدية، الطبعة الأولى 2017
- إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة 2019.
- إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة4 الطبعة الرابعة 2020.
- اعتمدته كوثر زلالة، الرسم العقاري على ضوء القانون 14.07، مقالة منشورة في مجلة القانون والأعمال الإلكترونية بتاريخ 15 يوليو 2020.
- سعاد عاشور، مقالة بعنوان سلطة المحافظ العقاري للبت في التعرضات، منشورة في الموقع الإلكتروني maroclaw.com، بتاريخ 7 نونبر 2018.
الفهرس
المطلب الأول: الصلاحيات المخولة للمحافظ على الأملاك العقارية في شأن إدارة مطالب التحفيظ 6
الفقرة الأولى: صلاحيات في شأن شكليات مطلب التحفيظ والإجراءات التي تستتبعه. 6
أولا: صلاحيات المحافظ في شأن شكليات مطلب التحفيظ.. 6
1 – السهر عل احترام شكل ومؤيدات المطلب… 6
ثانيا: صلاحيات في شأن عملية الإشهار والتحديد. 10
1 – العمل على إشهار ملخص المطلب… 10
2 – العمل على إجراء عملية التحديد. 13
الفقرة الثانية: صلاحيات المحافظ في مراقبة شكل التعرض على مطلب التحفيظ.. 15
أولا: السهر عل احترام شكل ومؤيدات طلب التعرض… 15
ثانيا : في شأن آجال التعرض… 17
المطلب الثاني: القرارات المخول للمحافظ على الأملاك العقارية اتخاذها من أجل ضبط مسطرة التحفيظ.. 19
الفقرة الأولى: قرارات المحافظ بشأن التعرض على مطلب التحفيظ.. 19
أولا: قرار قبول التعرض وقرار رفضه أو إلغائه. 19
2- قرار رفض التعرض أو إلغائه. 20
ثانيا: قرار رفض أو إلغاء مطلب التحفيظ.. 23
الفقرة الثانية: قرار المحافظ في شأن موضوع مطلب التحفيظ.. 24
أولا: صلاحيات المحافظ في اتخاذ قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري.. 24
ثانيا – آثار تأسيس الرسم العقاري.. 27
2 – عدم سريان التقادم على الحقوق المسجلة.. 30
[1] للتفصيل في هذه الأنظمة أنظر.
- محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، طبعة 2018، ص 87 الى 106.
- محمد نعناني، إرشاد الساري الى أصول التحفيظ العقاري، مطبعة الأحمدية، الطبعة الأولى 2017، ص 19 الى 28
- إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام الملكية العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية والتشريعات العقارية الخاصة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة 2019، ص 53 الى 73.
[2] إدريس الفاخوري، المرجع السابق، ص73.
[3] محمد نعناني، المرجع السابق، ص 56
[4] أنظر الفصل 13 و 14 من ظ.ت.ع
وللتوسع في هذه البيانات أنظر:
- محمد خيري، المرجع السابق، ص من 173 الى 183
- محمد نعناني، المرجع السابق، ص من 56 الى 61
- إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة4 الطبعة الرابعة 2020، ص من 50 الى 54.
[5] أنظر إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب المرجع السابق، ص 55.
[6] للتفصيل في هذه الآراء أنظر:
- ” سعاد عاشور، حجية التسجيل وفق نظام التحفيظ العقاري المغربي، المطبعة والوراقة الوطنية بمراكش، الطبعة الأولى 1997؛ ص 89
- محمد بن الحاج السلمي، سياسة التحفيظ العقاري في المغرب بين الإشهار العقاري والتخطيط الاجتماعي والاقتصادي، مطبعة منشورات عكاظة بالرباط الطبعة الأولى، 2002 ص 62 وما بعدها.
وهي مراجع اعتمدها الأستاذ إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، ص 55.
[7] أنظر فاطمة الحروف، “حجية التقييد في السجل العقاري، رسالة لنقيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، كلية الحقوق، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، السنة الجامعية 1993/1994 ص 59 وما بعدها”.
مرجع اعتمده الأستاذ إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، ص 55.
[8] “قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 3 يونيو 1964 أورده الأستاذ عب العالي دقوقي، بعض مظاهر اضطراب الاجتهاد القضائي في مادة التحفيظ، مجلة القسطاس، العدد الثالث يناير 2004، ص 79.” اعتمده الأستاذ إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، المرجع السابق، ص 56.
[9] إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، م س، ص 56 و 57
[10] محمد نعناني، م س، ص 62.
[11] محمد خيري، م س، ص 180.
[12] محمد نعناني، م س، ص 62.
[13] محمد نعناني، م س، ص 63.
[14] محمد نعناني، م س، ص 65.
[15] محمد نعناني، م س، ص 66.
[16] محمد خيري، م س، ص 206.
[17] مراسلة أوردها الأستاذ محمد نعناني، م س، ص 69.
[18] الأستاذ مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، ط 1978. ص 48، أورده الأستاذ إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، م س. ص 74.
[19] محمد خيري، م س، ص243.
[20] أنظر محمد نعناني، م س، ص75.
[21] سعاد عاشور، مقالة بعنوان سلطة المحافظ العقاري للبت في التعرضات، منشورة في الموقع الإلكتروني www.maroclaw.com، بتاريخ 7 نونبر 2018.
[22] عمر موسى، الدعاوى الكيدية أثناء مسطرة التحفيظ العقاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول بوجدة، الموسم الجامعي 2007/2006، أورده الأستاذ إدريس الفاخوري، الوسيط في نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، م س، ص 100
[23] محمد خيري، م س، ص269.
[24] محمد نعناني، م س، ص87 و88.
[25] إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07 منشورات مجلة الحقوق، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، طبعة 2017، ص: 90. اعتمدته كوثر زلالة، الرسم العقاري على ضوء القانون 14.07، مقالة منشورة في مجلة القانون والأعمال الإلكترونية بتاريخ 15 يوليو 2020.
[26] وللتوسع في هذه البيانات أنظر:
- محمد خيري، م س، ص من 224 و 225
- محمد نعناني، م س، ص من 132 الى 159.
[27] كوثر زلالة، ، الرسم العقاري على ضوء القانون 14.07، المصدر السابق.
[28] محمد نعناني، م س، ص 132و 133.
[29] محمد نعناني، م س، ص 133 و 134.
[30] قرار عدد 5247 بتاريخ 17/11/1999 ملف مدني عدد 1103/1/1/96 بمجلة قداء المجلس الأعلى، دجنبر 2004، العدد 57 و 58 ص 7، اعتمده الأستاذ محمد نعناني، م س، 134.
[31] محمد خيري، م س، ص55.
[32] قرار عدد 240 بتاريخ 11/04/2002 ملف إداري عدد 24/4/1/92 أورده عمر أزوكار، مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون 14.07 ومدونة الحقوق العينية، مطبعة النجاح الجديدة. البيضاء، ط 1. 2002. ص 287 أورده الأستاذ محمد نعناني، م س. ص 142.
[33] محمد خيري، م س، ص 224.
[34] للتوسع في هذه النقطة أنظر :
- محمد خيري، م س، ص 55 الى 58
- محمد نعناني، م س، ص 147 الى 158
[35] محمد خيري، م س، ص 56 و 57.
[36] محمد نعناني، م س، ص150 و 151.