في الواجهةمقالات قانونية

حدود سلطة القاضي في التفسير

 

“حدود سلطة القاضي في التفسير”

بقلم الدكتورة أمينة رضوان

 باحثة في العلوم القانونية

إن تدخل القضاء لتفسير العقود أو القواعد القانونية لا يتم اللجوء إليه في جميع الحالات ، إذ وظيفته الأساسية تتمثل في تطبيق القواعد القانونية على النوازل و الوقائع المعروضة عليه ليس إلا و تفسير القاضي للقواعد المذكورة يلزمه بمعرفة المعرف به حتى لا يخلط بينه و بين المفاهيم المشابهة له .

ولقد عملت التشريعات الحديثة باختلاف مشاربها على تقنيين قوانينها في مدونات خاصة بها، ولم يخرج التشريع المغربي عن هذا الاتجاه ، حينما عمل على تعديل القوانين القديمة و إحداث قوانين جديدة خاصة بكل فرع من فروع القانون .

وفي كثير من الحالات يجد القاضي نفسه أمام نصوص قانونية غير واضحة و غامضة ، و لا يظهر ذلك إلا عند التطبيق ، حيث يجد القاضي نفسه أمام إحدى الحاليتين :

أولا : وجود فراغ تشريعي يحكم النازلة المعروضة عليه.

ثانيا: وجود نص قانوني متعلق بالواقعة التي سيبت فيها و لكن تتعارض و الطبيعة الخاصة لهذا القانون أو أن النص يصعب تطبيقه لوجود غموض أو تناقض فيه.

و ما قيل عن النصوص  القانونية يصدق عن العقود غير الواضحة عن المعنى الذي قصده عاقديها منها، و هنا لا يستطيع القاضي غير الجنائي رفع يده عن القضية لأنه سيقع تحت طائلة إنكار العدالة بدليل الفقرة الأولى من الفصل الثاني من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أنه : ” لا يحق للقاضي الإمتناع عن الحكم أو إصدار قرار. و يجب البت بحكم في كل قضية رفعت إلى المحكمة…” و يعاقب على ذلك بصريح الفصل 240 من مجموعة القانون الجنائي الذي ورد فيه أن : “كل قاض أو موظف عمومي له اختصاصات قضائية و امتنع عن الفصل بين الخصوم لأي سبب كان ، و لو تعلل بسكوت القانون أو غموضه و صمم على الامتناع , بعد الطلب القانوني الذي قدم إليه و رغم الأمر الصادر إليه من رؤسائه ،بغرامة من مائتين و خمسين إلى ألفين و خمسمائة درهم على الأكثر ، و بالحرمان من تولي الوظائف العمومية من سنة إلى عشر سنوات “.

و أمام هذا الوضع لم يبق أمام القاضي إلا اللجوء إلى قواعد التفسير لعلها تسعفه قي إيجاد الحل الأصلح والمناسب للنزاع المعروض عليه .

وقبل لجوء القاضي إلى التفسير يجب عليه أولا أن يلم بموضوع التفسير من حيث التمكن من حصر مداه ونطاقه (مبحث أول) و من هنا يتأتى له معرفة حدوده في تفسير قاعدة قانونية ما أو عقد معين (مبحث ثاني).

المبحث الأول

ماهية التفسير

لتفسير القاضي مقتضى قانوني سواء تعلق الأمر بقاعدة قانونية أو عقد معين يجب عليه بداية ان يكون ملما بموضوع التفسير من حيث  حصر مفهومه و تحديد أنواعه.

وعليه نتناول هذا المبحث في مطلبين ، نعالج في المطلب الأول مفهوم التفسير، و نتعرض في المطلب الثاني إلى أنواع التفسير.

المطلب الأول

مفهوم التفسير

يقصد بالتفسير لغة : كشف المغلق من المراد بلفظه المحتسب عن الفهم به(1)و كشف المراد عن اللفظ المشكل(2) و بصفة عامة هو البيان و الكشف و الإيضاح (3) و قد ورد لفظة” التفسير”  في القرآن الكريم في موضوع واحد و هو قوله تعالى:” و لا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن تفسيرا”(4). و قال ابن عباس في معنى الآية: أي تفصيلا.

أما في الاصطلاح الفقهي فهو : تحديد المضمون الحقيقي للقاعدة القانونية بالكشف عن مختلف التطبيقات التي تنسحب عليها أحكامها، وإيضاح ما غمض من هذه الأحكام واستكمال النقص فيها ، و رفع ما قد يبدو في الظاهر من التناقض بين أجزائها، أو يلوح منه التعارض بينها و بين غيرها من القواعد القانونية (5) و هو يشمل العقد كذلك من أجل الوقوف على الإدارة الحقيقية والمشتركة للطرفيين المتعاقدين مستندا في ذلك إلى صـلب العقد، والعناصر الخارجة عنه و المرتبطة به(6). فالتفسير إذن هو الوسيلة التي يستخدمها المفسر بقصد الفصل في الخصومات التي تعرض عليه ، و التي يكون ملزما بالفصل فيها من غير أن يجد لها حلا في التشريع ، أو إن هو وجده كان غامضا أو متعارضا مع غيره(7) غير أن المفسر و هو يقوم بعملية التفسير بهدف الوصول إلى النية الحقيقية للمشرع أو للأطراف المتعاقدة يجب عليه عدم الاقتصار على العبارات و الألفاظ المستعملة في العقد أوالنص فقط بل استنتاج ذلك من خلال العناصر الداخلية المكونة للنص القانوني أو العقد محل النظر،انسجاما مع الفقرة الأخيرة من الفصل 462 من قانون الالتزامات و العقود التي تنص على الآتي:”.. و عندما يكون للتأويل موجب ،يلزم البحث عن قصد المتعاقدين ، دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ و لا عند تركيب الجمل”.

و في هذا يقول جانب من الفقه (8) : ” إذا كان هناك محل لتفسير العقيد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الإستهداء في ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة و ثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات”

و نرى أن التفسير هو: “الكشف عن الإرادة الحقيقية للمشرع أو الأطراف المتعاقدة، بتحديد المقصود منها وقت وضع النص أو إبرام العقد، مستندا في ذلك على عوامل ذاتية و أخرى موضوعية ”

المطلب و من هنا يجب التمييز بين تفسير العقد و تفسير النص  القانوني كالآتي:

  • ففي تفسير العقد نبحث عن الإرادة الحقيقية للأطراف المتعاقدة ، بينما في تفسير النص القانوني نبحث عن الإرادة العامة للمشرع.
  • في تفسير العقد يكون المتعاقدين غير معنيين بأية قاعدة خارجة عن العقد ، ما لم تكن مخالفة لنص قانوني حيث يحتكمون إلى قواعد من صنعهم .

إذا كانت جهات تفسير العقد غير محددة ، فإن جهات تفسير النص القانوني محددة في المشرع و الفقه و القضاء.

 المطلب الثاني

أنواع التفسير

تتعدد أنواع  التفسير ما بين تفسير تشريعي، فقهي، إداري و قضائي ، و نشرح كل واحد من هذه الأنواع على حدة:

التفسير التشريعي: هو الذي تصدره السلطة المختصة بالتفسير ، لتوضيح معنى تشريعي سابق أو لتحديد مجاله أو لرفع تعارض ظاهري بين نصوصه ، بحيث يجب أن يتبع في إصداره نفس الإجراءات التي تم بها وضع التشريع الأصلي ، وهو يكون ملزما للجميع، لأن المشرع لا يضيف جديدا إلى النص المفسر و إنما يبين المراد من النص المفسر . و الأصل أن يصدر التفسير التشريعي عن السلطة التشريعية ،إلا أنه استثناء  قد يصدر عن السلطة التننفيذية  بموجب تفويض خاص من السلطة التشريعية . و من الأمثلة على هذا النوع من التفسير الفصل 13 من القرار الوزيري الصادر بتاريخ 19/09/1951 و المتعلق بوضعية موظفي الدولة الشاغلين للمسكن الوظيفي ، حيث صدر قرار الوزير الأول بتاريخ 05/04/1977 الذي نص على ضرورة إخلاء السكن الوضعي في حالة الانقطاع عن العمل لأي سبب من الأسباب في الأجل المحدد قانونيا.

التفسير الفقهي : هو التفسير الذي يقوم به الفقهاء في مؤلفاتهم التي تتطرق إلى تفسير النصوص القانونية ، وفي أبحاثهم ,و في انتقاداتهم التي يواجهون بها الحالات التي لم يوفق فيها القضاء إلى الحل المناسب أوالتي لم يوجد لها حل سليم ، و هو غير ملزم للقضاء.

التفسير الإداري : هو الذي يصدر عن السلطة التنفيذية  و الإدارات التابعة لها ، و يرمي إلى توحيد وتنسيق في تفسير القانون داخل إدارات الدولة و المؤسسات العمومية التابعة لها، و هو لا يلزم إلا الموظفين التابعيين إداريا للجهة التي أصدرته ، و هو غير ملزم للقضاء لأنه لا يرقى إلى درجة القانون(9).

والنوع الأخير هو التفسير القضائي، الذي يعهد به إلى القضاة عند البت في النوازل المعروضة عليهم، بسبب وجود فراغ تشريعي أو بسبب وجود غموض في القاعدة القانونية أو العقد أو لوجود صعوبة في تطبيق هذه القاعدة رغم وضوح النص، و هم بعملهم هذا يساهمون في تطوير القاعدة القانونية ،و ذلك من خلال جعلها تواكب التطورات المستجدة.

و الجدير بالذكر أن التفسير القضائي(10) يعد مرتبطا وجوبا بوجود نزاع ، لأنه لا يمكن أن يطلب من القاضي تفسير مقتضى ما دون أن يطرح أمامه النزاع المتعلق به.و خلافا للتشريع الأنجلسكسوني الذي يعتبر فيه القضاء مصدرا من مصادر القانون حيث إن تفسير القاضي لقاعدة قانونية أو لعقد معين يعد ملزما لجميع القضاة من درجته أو في درجة أدنى منه، فإن التشريع المغربي شأنه في ذلك شأن التشريع اللاتيني لا يعتبر التفسير القضائي ملزما لباقي القضاة ، بل إن القاضي الذي تولى تفسير مقتضى قانوني معين يكون في حل عنه إذا ما عرض عليه نزاع مشابه له و مستقلا عنه. إلا في مسألة واحدة و وحيدة جاءت بها الفقرة الثانية من المادة 369 من قانون المسطرة المدنية، و هي حينما يبت المجلس الأعلى في قراره في نقطة قانونية معينة ، فإنه يتعين على المحكمة التي أحيل عليها الملف أن تتقيد بقرار المجلس المذكور بخصوص  هذه النقطة . ولنفترض أن هذه النقطة تتعلق بتفسير نص قانوني ما ، فإن تلك المحكمة مجبرة على إتباع تفسير المجلس المحيل في ذلك التفسير، و إن كان الأمر يقتصر على تلك الواقعة فقط.

 

المبحث الثاني

 القواعد التي تحكم التفسير

عملت التشريعات المقارنة على الحد من سلطة القاضي في التفسير سواء تعلق الأمر بتفسير القانون أو بتفسير العقود . و ذلك عن طريق تنظيمها لقواعد محددة لا يجوز له و هو بصدد التفسير تجاوزها (مطلب أول) و هو في ذلك خاضع لرقابة المحكمة الأعلى درجة (مطلب ثاني) .

المطلب الأول

قواعد التفسير

بخلاف التشريعات المقارنة (11) التي عملت على تنظيم قواعد تفسير القانون (فقرة أولى) و العقود (فقرة ثانية) لم ينظم التشريع المغربي (12) إلا هذه الأخيرة.

الفقرة الأولى

قواعد تفسير النصوص القانونية

إن القواعد القانونية الواضحة المعنى لا تحتاج إلى تفسير و لا يجوز تأويلها إلى مدلول غير مدلولها الواضح ، بخلاف نصوص بعض القواعد القانونية غير الواضحة المعنى عن الدلالة منها ، و التي يستحيل تطبيقها على النوازل المعروضة عليها ، الشيء الذي يتطلب تفسيرا لها لتحديد المعنى الذي توخاه الشارع منها وفق قواعد يجب على المفسر إتباعها . فما هي قواعد تفسير النصوص القانونية؟

يعتمد في تفسير النصوص القانونية على قواعد متنوعة و متعددة يمكن التمييز فيها بين القواعد الداخلية والقواعد الخارجية.

  • أولا: القواعد الداخلية بشأن تفسير النصوص القانونية: هي القواعد التي يستخلصها المفسر داخل النص القانوني و نذكر على سبيل المثال:
  • التفسير اللفظي: و هو اعتماد المفسر المعاني اللغوية و الاصطلاحية لألفاظ النص القانوني بغية الوقوف والكشف عن قصد المشرع.
  • الاستنتاج بطريق القياس: و ذلك بتطبيق حكم ورد بشأن حالة معينة على حالة مشابهة لم يرد في حكمها نص لوجود الشبه الأكيد بين الحالتين.

فقياسا على  الحديث النبوي القاضي بعدم توريث الوارث الذي قتل مورثه لا يستحق الموصى له الوصية إذا قتل الموصي.

  • الاستنتاج بمفهوم المخالفة : و هو عكس الاستنتاج بطريق القياس ،و يكون بتطبيق واقعه غير منصوص عليها في القانون عكس الحكم الذي أعطى بواقعة منصوص عليها فيه  لوجود اختلاف في العلة أو لانتقاء شرط من شروطه المعتبرة في الحكم. و مثاله أن هلاك المبيع قبل تسليمه يؤدي إلى فسخ العقد و استرداد الثمن من قبل  المشتري ، حيث يمكن أن نستنتج بمفهوم المخالفة أنه إذا هلك المبيع بعد تسليمه لا يفسخ العقد و لا يسترد المشتري الثمن .
  • الاستنتاج من باب أولى : وهو تطبيق حكم وارد في حالة معينة على حالة أخرى لم يرد في حكمها نص،لا لأن علة الحكم الوارد في الحالة الأولى أو سببه متوافران في الحالة الثانية فحسب، و لكن لأنهما أكثر توافرا في هذه الحالة منها في الحالة الأولى. و مثاله قوله تعالى:” لا تقل لهما أف ولاتنهرهما” فيكون من باب أولى عدم ضربهما.

 

  • ثانيا: القواعد الخارجية المتعلقة بتفسير النصوص القانونية:

و هي تلك التي يستعين بها المفسر من خارج النص القانوني للوصول إلى حل لمسألة قانونية. و يمكن إجمالها في :

حكمة المشرع : و هي الغاية التي يقصدها المشرع من وضع النص القانوني ، فالمقصود من الليل كظرف مشدد في السرقة هو الظلام الفلكي الذي يسكن فيه الناس و يسترخون لا الظلام الفعلي.

الأعمال التحضيرية : وهي المذكرات التفسيرية ، و مناقشات المجالس التشريعية و أعمال اللجان التي تقترن عادة بالتشريعات عند تحضيرها و إن كانت هذه الأعمال المذكورة قد لا تفيد المفسر كليا للوصول إلى الإرادة الحقيقية للمشرع، لهذا فإن الرجوع إليها يكون على سبيل الاستئناس .

المصادر التاريخية: و ذلك في حالة غموض النص الوطني، فإن المفسر يرجع إلى الأصل التاريخي الذي أخذ منه النص الوطني .و مثال ذلك قانوننا المدني المغربي الذي أخذ عن القانون المدني الفرنسي .

الدستور : لا يمكن اعتبار الدستور كمرجع لتفسير في حالة غموض النص ، و لكن بما أن النص القانوني يستمد شرعيته من مبدأ عام نص عليه الدستور، فيمكن الرجوع إليه عن طريق فهم مضمون هذا المبدأ للوصول إلى إرادة المشرع من وضع النص القانوني .

المبادئ العامة للقانون: نشير بادئ ذي بدء أنه لا يمكن حصر المبادئ العامة للقانون في إطار حدود معينة لكونها قابلة للتطور بتطور الزمن، و يمكن تعريفها بأنها مجموعة من المبادئ  التي تستخدم في توجيه النظام القانوني ، من حيث تطبيقه و تنميته ، و لو لم يكن لها دقة القواعد القانونية الوضعية وانضباطها.

و يتنوع مضمون المبادئ العامة بحسب طبيعة المجال القانوني الذي تعمل فيه ، إلا أنه يمكن إرجاعها من حيث أساسها و جوهرها إلى مبدأين أساسيين هما: مبدأ الحرية و مبدأ المساواة ، و يتفرع عن كل مبدأ مبادئ شتى .و عليه يمكن للمفسر استنتاج إرادة المشرع من النص الغامض باعتماده على المبادئ العامة للقانون .

الفقرة الثانية

قواعد تفسير العقود

باعتبار أن مواد مدونة الشغل لم تتطرق لموضوع قواعد التفسير ،فكان من البديهي اقتباس هذه القواعد من المادة المدنية و جعلها صالحة للتطبيق على المادة الشغلية مادامت هذه الأخيرة منبثقة عن الأولى ، بل ولقد ظلت إلى زمن قريب تعتبر ضمن موضوعاتها.

و لقد نظم المشرع المغربي قواعد التفسير في الفصول من461 إلى 473 من قانون الالتزامات و العقود ، وعند قراءة هذه الأخيرة نجدها لا تخلو من حالتين : فإما وضوح العبارة ( أولا) و إما غموضها (ثانيا) حيث إن لكل حالة محدداتها التي يجب على القاضي عدم تجاوزها.

أولا: حالة العبارة الواضحة

اعتبرت التشريعات المقارنة ومن ضمنها التشريع المغربي الذي نص في الفصل 461 من قانون الإلتزامات و العقود على مايلي :” إذا كانت ألفاظ العقد صريحة ،امتنع البحث عن قصد صاحبها “و إن المقصود بوضوح العبارة ليس وضوح معناها الحرفي و إنما مدى مطابقتها لقصد الأطراف المتعاقدة منها . و يمكن تعريفها بأنها هي التي يحسن الأطراف اختيارها و استعمالها بإثقان في موضعها للدلالة عن المعنى المقصود من وضعها، فلا يحتمل التشابه ولا التأويل وقد كرس هذا المقتضى القانوني القضاء  المغربي في عدد من قراراته نذكر منها :

– قرار محكمة النقض المغربية (المجلس الأعلى سابقا)(13):” حيث تبين صحة ما نعته الوسيلتان ، ذلك أنه يتضح من تعليل القرار المطعون فيه أن المحكمة المصدرة له قد استنتجت جدية النزاع المؤدية إلى المساس بأصل الحق من تأويل الرسالة المؤرخة في 25 أكتوبر 1980 المتضمنة للالتزام بإفراغ المحل المكرى في متم دجنبر 1981 ، و مما دفع المطلوب من تجديد عقد الكراء بسومة جديدة لتاريخ لاحق لتاريخ الرسالة المتضمنة للالتزام، في حين أنه يتجلى بالرجوع إلى الرسالة المشار إليها و التي جاءت ألفاظها واضحة فيما تدل عليه من التزام المطلوب في النقض بمحض إرادتها و رضاها بإفراغ المحل المكترى من طرفها في متم دجنبر 1981 أنها لا تقبل أي تأويل مما يمنع معه عن قضاة الموضوع البحث عن القصد منها، و أن مجرد الدفع بتجديد عقد الكراء دون الإدلاء بما يفيد هذا التجديد ، لا تنشأ عنه جدية النزاع طالما أن الالتزام المطالب بتنفيذه مكتوب بالرسالة المؤرخة في 25 أبريل 1980 ، مما ينتج عنه أن التعديلات الواردة في القرار المطعون فيه التي أبرزت جدية النزاع بما ذكر ، غير مرتكزة على أساس قانوني صحيح استثناء من مقتضيات الفصول 230 و 231 و 461 المشار إليها، مما يكون معه القرار غير مرتكز على أساس صحيح ومعرض للنقض” وهو ما معمول به في القضاء المصري(14).

و هذا المقتضى واضح في معناه على أنه لا محل للتفسير القضائي مادامت ألفاظ العقد صريحة، و هذه الألفاظ المستعملة يلزم فهمها حسب معناها الحقيقي و مدلولها المعتاد . و هذا يقودنا إلى القول أن القاضي و إن كانت العبارة واضحة ، فإنه لا يأخذ بها إلا إذا كانت مطابقة للإرادة الباطنة التي تدل على معناها الحقيقي . و في هذا ورد مدلول الفصل 466 من قانون الالتزامات و العقود الذي جاء فيه أنه : “يلزم فهم الألفاظ المستعملة حسب معناها الحقيقي و مدلولها المعتاد في مكان إبرام العقد ،إلا إذا ثبت أنه قصد استعمالها في معنى خاص ، و إن كان للفظ معنى اصطلاحي افترض أنه استعمل فيه ” و هذا يدل على أنه بالرغم من كون ألفاظ العقد واضحة فإنها تكون قابلة للتفسير عندما تسيء الأطراف المتعاقدة التعبير عن إرادتها حيث لا تدل العبارات المستعملة رغم وضوحها عن قصدهم، بل قد تدل على معنى آخر(15)  غير المعنى الذي قصدوه. ففي هذه الحالة يتصدى القاضي لها بإعمال قواعد التفسير عن طريق الخروج عن المعنى الظاهر للعبارة أو اللفظ إلى ما يوافق الإرادة المشتركة و الحقيقية للطرفين أو الأطراف المتعاقدة، مستنتجا ذلك من ظروف و ملابسات العقد، و مسترشدا بطبيعة التعامل و بما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين التعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات ،و مستعينا بعوامل داخلية و خارجية بوجه عام (16)  .

ولجوء القاضي إلى تفسير العبارة أو العبارات الواضحة في العقد محدد بشرطين:

  • الشرط الأول : لا يلجأ القاضي إلى تفسير العقد الواضح إلا إذا ثبت له بوضوح من ظروف الدعوى ما يفيد ذلك .
  • الشرط الثاني : يجب أن يبين القاضي في تعليله أسباب تفسير العقد الواضح (17).

و إذا كان تفسير القاضي للعبارة الواضحة لا يلجأ إليه في حالة عدم تعبيرها عن المعنى الحقيقي الذي قصده منها أطرافها، فإننا نرى أنه يصعب عليه الأخذ بالإدارة الظاهرة أو الإدارة الباطنة للوصول إلى المعنى الحقيقي، وإنما الأخذ بالإرادة التي يستطيع التعرف عليها .

ثانيا: تفسير العبارة الغامضة

اللفظ الغامض هو اللفظ غير الواضح الدلالة، و سبب الغموض من أوجه أربعة : التشابه و الإجمال والإشكال و الخفاء  (18) .و قد قيد التشريع المغربي شأنه باقي التشريعات المقارنة القاضي أثناء تفسيره للعقود الغامضة بمجموعة من القواعد(19) أوردها في الفصل 462 و ما يليه من قانون الالتزامات و العقود. نوردها إتباعا :

  • القاعدة الأولى : التفسير بالمقاصد و المعاني لا بالألفاظ و المباني.

وردت هذه القاعدة في الفقرة الأخيرة من الفصل 462 من قانون الالتزامات و العقود التي جاء فيها :”… وعندما يكون للتأويل موجب يلزم البحث عن قصد المتعاقدين ، دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ و لا عند تركيب الجمل ”  مسترشدا في ذلك بطبيعة التعامل و بما ينبغي أن تتوفر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات .

فالقاضي للبحث عن القصد الحقيقي و المشترك للأطراف المتعاقدة يتجاوز المعنى الحرفي للألفاظ مهتديا في ذلك بمجموعة من العوامل الخارجة عن العقد كطبيعة التعامل و الإحتكام إلى العرف المعمول به في المعاملات.

و هذا ما سارت عليها محكمة النقض المغربية (20) عندما اعتبرت : ” أن العقد الذي ينص في آن واحد على أنه أبرم لمدة اثنين و عشرين شهرا بينما أن احتساب هذه المدة من بدايتها إلى نهايتها التي وقع التنصيص عليها صراحة في العقد تفيد بصورة قطعية أنه أبرم لمدة ستة و ثلاثين شهرا هو عقد غامض لا يمكن التوفيق بين بنوده إلا عن طريق التأويل ، و أن المحكمة بما لها من سلطة قررت أن العقد باعتبار بداية مدته و نهايتها هو عقد أبرم لمدة ستة و ثلاثين شهرا ، و أن ما ورد فيه من أنه أبرم لمدة 22 شهرا هو خطأ مادي وقع في احتساب هذه المدة ، و رتبت على ذلك أن الإنذار الذي توصل به المكتري وجه إليه أثناء سريان مدة العقد و أن المكري لم يحترم شرط المدة الذي هو شرط ملزم للطرفين معا لا يمكن أن يوضع حد للعقد إلا عن طريق دعوى الفسخ و هو الأمر الذي لم يسلكه الطاعن الذي أقام هذه الدعوى على أساس أن العقد قد انتهت مدته”

وفي نفس الصدد قضت محكمة النقض المغربية في عدد 386 المؤرخ في : 18/4/2007 ملف اجتماعي عدد : 868/5/1/2006 أنه:

“تعيب الطالبة على القرار المطعون فيه نقصان التعليل الموازي لإنعدامه، و سوء تطبيق الفصل 8 من عقد الشغل، وخرق مقتضيات الفصول : 461 – 462 – 474 – 230  من قانون الالتزامات و العقود. ذلك أن العارضة في أوجه دفاعها ابتدائيا و استئنافيا، تمسكت بمقتضيات البند 6 من عقد العمل الذي يربط الطرفين، و الذي يمنع بصفة صريحة على المطلوب في النقض – عند مغادرته العمل لدى العارضة  العمل لدى مقاولة منافسة. ورغم أن المطلوب في النقض أخل بشرط عدم المنافسة باشتغاله لدى شركة منافسة، خلافا لما ورد بالعقد فإن المحكمة الإبتدائية قضت له بتعويض عن الضرر قدره : 100.000،00 درهم وردت دفع العارضة، و اعتبرت أن الخلاف الوارد بالبند 8 قد أصبح متجاوزا، لكون الإلتزام المبرم بين الطرفين بمقتضى العقد قد أصبح غير ذي موضوع، و أن بتسليم العارضة للأجير رسالة التوصية في  8/9/2003، فإنها تكون قد حررته من كل التزام صادر عنها سواء كان تعاقديا أو ناتجا عن تسيير المقاولة. و أن محكمة الإستئناف إسوة بالمحكمة الإبتدائية قضت بتأييد الحكم الإبتدائي استنادا كذلك إلى رسالة التوصية المؤرخة في 8/9/2003 و التي جاء فيها :”إن السيد عبد القادر النيفي قد غادر شركة بيل نيتووركس و هو حر من كل التزام سواء كان تعاقديا أو ناتجا عن تسيير المقاولة”،كما اعتبرت أن رسالة التوصية قد أمحت جميع الإلتزامات التعاقدية المبرمة بين الطرفين، و أن قيام العارضة بتوجيه إشعار إلى مشغلته أدى إلى حرمانه من العمل بسبب التزام حرر منه. مع أن رسالة التوصية لم يرد في مقتضيات بنودها بصيغة صريحة أن الإتفاقات التي تضمنها عقد الشغل و لا سيما ما تم الإتفاق عليه في البند الثامن أنه قد الغي بمقتضاها. فالتعليل الذي استندت إليه محكمة الإستئناف لا يرتكز على أساس قانوني سليم، لكونها أولت رسالة التوصية تأويلا خاطئا و أعطت الوثيقة أكثر من مدلولها، و طبقت البند 8 من عقد الشغل تطبيقا خاطئا فالفصل 461 من ق.ت  والعقود ينص على ما يلي :”إذا كانت ألفاظ العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها” كما نص الفصل 462 من نفس القانون على ما يلي: “يكون التأويل في الحالات التالية :إذا كان الغموض ناشئا عن مقارنة بنود العقد المختلفة بحيث تشير المقارنة الشك حول مدلول تلك البنود،و عندما يكون للتأويل موجب يلزم البحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ و لا عند تركيب الجمل” فالفقرة الرابعة من رسالة التوصية تفيد فعلا بأن الإلتزامات المترتبة عن العقد بتاريخ تحرير رسالة التوصية قد تم احترامها، و بالتالي فإنه لا يمكن لشركة بيل نيتووركس أن تطالبه بأية مطالب كيفما كانت ما دام احترام بنود العقد قائما، إذ أن عبارة :

« Libre de toute engagement qu’il soit contrat actuel ou découlent de la gestion de l’entreprise »

تخص الإلتزامات قبل انتهاء العقد، و ليست تلك المفروضة على الأطراف بعد إنهاء العقد.

و غير خاف أن إلغاء الإتفاقات يسلك بخصوصها المسطرة التي أنشأتها و الحجة على ذلك مقتضيات الفصل 474 من ق.ت. و العقود

و أنه لا يوجد في رسالة التوصية ما يفيد تنازل العارضة بصفة صريحة عن البند 8 من عقد العمل…

مما يكون معه القرار المطعون فيه خارقا للفصول المشار إليها، و مشوبا بنقصان التعليل، و يتعين نقضه.

لكن حيث إن الطالبة إنما تجادل في تقدير الدليل و الذي يدخل في صميم سلطة قضاة الموضوع فمحكمة الإستئناف عندما نصت على ما يلي :

“حيث إنه يتضح من خلال رسالة توجيه مؤرخة في 8/9/1993 سلمتها المشغلة للأجير يشهد فيها رئيس الشركة المشغلة السيد حسن بن عبد العالي بأن الأجير عبد القادر النيفي قد غادر شركة نيتووركس، و هو حر من كل التزام سواء كان تعاقديا أو ناتجا عن تسيير المقاولة.

و حيث إن عبارة : “حر من كل التزام تعاقدي” تفيد تحلل الأجير من مقتضيات الفصل الثامن من عقد العمل التي تلزمه هذه المشغلة بعدم العمل بمقاولة منافسة خلال مدة سنة من تاريخ فسخ العلاقة الشغلية مع المستأنفة شركة نيتووركس.

و بالتالي فإن إبرام المستأنف عليه لعلاقة شغل مع شركة إليكام لم يكن إخلالا بالالتزام الوارد بالفصل الثامن من عقد العمل السابق مع المستأنفة، ما دامت هذه الأخيرة قد حررت المستأنف عليه من هذا الإلتزام بموجب رسالة توجيه جاءت لاحقة لتاريخ عقد العمل بينهما…”

يكون قرارها المطعون فيه معللا بما فيه الكفاية في تبرير ما انتهى إليه، و غير خارق للمقتضيات القانونية المثارة، وتبقى الوسيلة بفرعيها على غير أساس” (21)

وقد اختلف الفقه بخصوص أي الإرادتين تصلح أن تعبر عن الإرادة الحقيقية و المشتركة للأطراف المتعاقدة حتى إن جانبا من الفقه (22) ذهب إلى اعتبار كلا الإرادتين صحيحة في البحث عن النية أو القصد المشترك لأصحابها بتوفيق القاضي ما استطاع بين الإرادتين ، دون أن يغلب أحدهما لمصلحة الأخرى. إلا أننا نؤيد الرأي الفقهي (23) الذي يقول : أن العبرة بالإرادة الظاهرة التي من المفروض أن تعبر عن الإرادة الباطنية  لأفرادها ، حتى إذا قام الدليل على عكس ذلك وجب استخلاصها من خلال الإرادة الظاهرة كذلك استنادا إلى الظروف المحيطة بالعقد.

  • القاعدة الثانية : إعمال الكلام أولى من إهماله

تطبيق هذه القاعدة يجد سنده في الفصل 465 من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على أنه: ” إذا أمكن حمل عبارة بند معنيين ، كان حمله على المعنى الذي يعطيه بعض الأثر أولى من حمله على المعنى الذي يجرده من كل أثر” .

و معنى ذلك أنه إذا تضمن نص قانوني عبارة لها معنيين فإنه من الأولى إعمال العبارة التي تمنحه بعض الأثر على العبارة التي تجرده من كل أثر، و في هذا قضت محكمة النقض المغربية(24):”… حيث يعيب الطاعن على القرار خرق القانون لكونه أدلى بعقد البيع الذي يتضمن أن المطلوب باع له 3750 مترا مربعا من العقار المحفظ بالرسم العقاري … و أن هذه المساحة تمثل ربع مساحة  العقار ، فمن حقه أن يطالب بتنفيذ التزام البائع وبتسجيل البيع على الرسم العقاري و أنه لا يوجد في القانون ما يمنع مثل هذا البيع ، و أن المحكمة لما رفضت دعواه تكون قد خرقت القانون…حقا فإن الغموض الناشئ عن المقارنة بين بنود العقد المتعلقة بتحديد الشيء المبيع لا يؤدي إلى تجريد العقد  من كل أثر، فإعمال العقد خير من إهماله – الفصل 465- و هذا الإعمال للعقد يقتضي من المحكمة أن تقوم بتأويله و تبحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ و لا عند تركيب الجمل – الفصل 462- و أن المحكمة لما جردت العقد من كل أثر و الحال أنه يمكن التوقيف بين هذه البنود عن طريق التأويل تكون قد خرقت المقتضيات المذكورة و عرضت قرارها للنقض”.

  • القاعدة الثالثة : الأصل في الكلام الحقيقي

و هذه القاعدة وردت في الفصل 466 من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على أنه: (يلزم فهم الألفاظ المستعملة حسب معناها الحقيقي و مدلولها المعتاد في مكان إبرام العقد ، إلا إذا ثبت أنه قصد استعمالها في معنى خاص . و إذا كان للفظ معنى اصطلاحي، افترض أنه استعمل فيه).

و مفاد ذلك أنه يجب على القاضي تفسير الألفاظ المستعملة في العقد حسب معناها الحقيقي و المعتاد في مكان إبرام العقد، إذ الأصل هو ذلك . و عند التعارض بين الحقيقة و المجاز يصير الأصل إلى الحقيقة ترجيحا وتغليبا. و عليه لو أن اللفظ كان له عدة معان باختلاف الأمكنة ، فإن حمله على معنى المكان الذي أبرم فيه أولى من حمله على معنى آخر، وحمل اللفظ على معناه الاصطلاحي أولى من حمله على غيره، وقس على ذلك (25).

و هذا ما ورد في قرار محكمة النقض المغربية(26) مكرر عندما اعتبرت :(أن الغموض الناشئ عن المقارنة بين بنود العقد المتعلقة بتحديد الشيء المبيع لا يؤدي إلى تجريد العقد من كل أثر فإعمال العقد خير من إهماله (الفصل465) وهذا الإعمال للعقد يقتضي من المحكمة أن تقوم بتأويله وتبحث عن قصد المتعاقد دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل(462) وأن المحكمة لما جردت العقد من كل أثر و الحال أنه يمكن التوفيق بين هذه البنود عن طريق التأويل تكون قد خرقت المقتضيات المذكورة و عرضت قرارها للنقض).

  • القاعدة الرابعة: إذا اتسع الأمر ضاق

نص الفصل 467 من قانون الالتزامات و العقود على أن :(التنازل عن الحق ، يجب أن يكون له مفهوم ضيق ، ولا يكون له إلا المدى الذي يظهر بوضوح من الألفاظ المستعملة ممن أجراه ، ولا يسوغ التوسع فيه عن طريق التأويل ، و العقود التي يثور الشك حول مدلولها لا تصلح أساسا لاستنتاج التنازل منها) ومعنى النص أنه يجب على القاضي ألا يتوسع في التنازل بل يأخذ بالمفهوم الضيق و هذا ما جسده الفصل 468 من نفس القانون الذي نص على أنه :( إذا كانت لشخص واحد من أجل سبب واحد دعويان فإن اختياره إحداهما لا يمكن أن يحمل على تنازله عن الأخرى) وهو ما طبقته محكمة النقض المغربية في قرار لها (27) عندما اعتبرت أن : (التحفظ الذي سجله مصرف على هامش تقييد اعتماد مستندي بالفرنكات الفرنسية في حساب دائن ، من حيث بقاء الفرنكين الفرنسي و المغربي متعادلين في القيمة لا يمكن اعتباره متضمنا بتنازل صاحب الاعتماد على قبض دينه بالفرنكات الفرنسية إذا لم تكن قيمة الفرنك متعادلة و قيمة الدرهم المغربي ، لأن التحفظ المذكور يثير الشك حول مدلوله و لا يمكن اعتباره مقبولا من طرف الاعتماد لأن التنازل عن الحق يجب أن يكون له مفهوم ضيق ).

  • القاعدة الخامسة: ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله

وهو مقتضى الفصل 469 من قانون الالتزامات و العقود الذي جاء فيه :( عندما تذكر في العقد حالة لتطبيق الالتزام ، فينبغي أن لا يفهم من ذلك أنه قد قصد تحديد مجاله بها دون  غيرها من بقية الحالات التي لم تذكر) ومعنى ذلك أنه إذا تضمن عقد معين التزاما معين فهذا لا يفهم منه أن الأمر يقتصر على هذا الالتزام  دون توابعه إلا إذا عبر عن ذلك بصريح العبارة . فالأصل في ذلك يرجع  إلى أن ما لا يبعض يؤخذ ككل ، والإقرار البسيط أوالموصوف لا يجزأ(28) . فبيع شركة مثلا لا يقتصر عليها فقط بل يشمل كذلك الآلات وغيرها .

  • القاعدة السادسة :العادة و العرف محكمان

وهذا ما يجد سنده في الفصل 470 من قانون الالتزامات و العقود الذي ورد فيه: (إذا ذكر، في الالتزام، المبلغ أو الوزن أو المقدار على وجه التقريب بعبارتي “ما يقارب وتقريبا” وغيرهما من العبارات المماثلة وجب الأخذ بالتسامح الذي تقضي به عادات التجارة أو عرف المكان ) وفي ذلك تغليب للعادة أو العرف على القانون، إذا تضمن الالتزام المبلغ أو الوزن أو المقدار على وجه التقريب.

وتجدر الإشارة إلى أن تقديم الأعراف و العادات على القانون يجد تطبيقا واسعا له في الميدان التجاري. و لما كان الأمر كذلك فإنه إذا كتب المبلغ أو المقدار بالحروف أو الأرقام، وجب عند الاختلاف الاعتداد بالمبلغ المكتوب بالحروف ما لم يثبت بوضوح الجانب الذي اعتراه الغلط (29).

  • القاعدة السابعة: الأصل في الشك عدم الفعل

يفسر الشك لفائدة المدين(30) ، فلو حصل شك في نطاق الالتزام وجب العمل بقليله، ولو وقع شك في بند من بنود العقد أو التزام فيه وجب تركه، وعند الشك في المقدار يعمل بقليله و هكذا، لأن الأصل هو براءة الذمة والاستثناء هو الالتزام. و هذا ما حدا بالمشرع المغربي في الفصل 472 إلى النص على أنه: “إذا كتب المبلغ أوالمقدار بالحروف عدة مرات ،وجب الاعتداد بالمبلغ أو المقدار الأقل ما لم يثبت بوضوح الجانب الذي اعتراه الغلط“(31)

 

المطلب الثاني

 رقابة المحكمة الأعلى درجة على تفسير العقود و القانون

 

إن القاضي وهو يقوم بعملية التفسير لا يكون حرا في ذلك ، بل قيده المشرع بمجموعة من الضوابط تعتبر بمثابة قواعد لتفسير القانون والعقد ، يجب عليه الاهتداء بها باعتباره خاضعا لرقابة المحكمة الأعلى درجة. لكن قبل التطرق للرقابة التي تمارسها هذه المحكمة على قضاة الموضوع فيما يتعلق بتفسيرهم للعقود و القانون ، يجب بداية توضيح المسائل التي تعتبر من مسائل الواقع و تلك التي تعتبر من مسائل القانون في مجال التفسير بصفة عامة. حتى يتأتى لنا إبراز الرقابة التي تمارسها المحكمة الأعلى درجة على قضاة الموضوع باعتبارها محكمة قانون وليست محكمة واقع. وعليه يمكن مبدئيا حصر مسائل القانون في القواعد التي أوردها المشرع المغربي في الفصول من 461 إلى 473 من قانون الالتزامات و العقود ، و أما ما يعتبر من مسائل الواقع ولا يخضع لرقابة المحكمة الأعلى درجة فهي السلطة التقديرية الممنوحة للقاضي في الكشف عن إرادة المتعاقدين و استخلاصها من الوقائع الثابتة(32) وتقديره للمعايير الموضوعية التي يستعين بها في الكشف عنها ، وهي حسن النية و العرف و العدالة و الأمانة و الثقة المتبادلة بين العاقدين . وقضاة الموضوع ملزمون بإلباس الواقعة ثوبها القانوني وتحديد القواعد القانونية التي تحكمها، وهم في ذلك خاضعون لرقابة المحكمة الأعلى درجة، ورقابة هذه الأخيرة على محاكم الموضوع نميز فيه بين الرقابة على تفسير القانون (الفقرة الأولى) والرقابة على تفسير العقود (الفقرة الثانية) .

الفقرة الأولى

موقف المحكمة الأعلى درجة من تفسير القانون

لقد سبق أن قلنا أن المشرع المغربي لم يتعرض لقواعد تفسير القانون في قانون الالتزام و العقود، وقد تدخل الفقه بتعداد بعض الحالات التي يمكن أن يلجأ فيها القاضي إلى تفسير النصوص القانونية واضعا بذلك قواعد يجب عليه الاحتكام إليها أثناء عملية التفسير، مميزا فيها بين قواعد داخلية وأخرى خارجية. والنص القانوني الواضح الدلالة على مراد المشرع منه شأنه شأن العقد الواضح الدلالة  على مقصود عاقديه منه لا يحتاج إلى تفسيره ، و في هذا الصدد ورد قرار محكمة النقض المصرية(33):(متى كان النص واضحا جلي المعنى قاطع الدلالة على المراد منه فلا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره ، استهداء بالحكمة التي أملته وقصد الشارع منه ، لأن ذلك لا يكون إلا عند غموض أو وجود لبس فيه) أما إذا كان هناك موجب لتفسير قانون ما أو نص قانوني معين فيجب التحرز في تفسيره و التزام الدقة في ذلك وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل(34) وينبغي فهم الهدف من النصوص القانونية الغير الواضحة بالأخذ بمجموع ما ورد بها بهدف التعرف على قصد الشارع منها دون إفراد أجزاء منها بمفهوم مستقل(35) .

الفقرة الثانية

موقف المحكمة الأعلى درجة من تفسير العقد(36)

أولا: تفسير العقد الواضح

أطر الفصل 461 من قانون الالتزامات و العقود قاعدة مفادها أن العقد الواضح لا يفسر بل ينفذ، و هذا ما كرسته محكمة النقض المغربية في عدد من قراراتها نذكر منها القرار(37) التالي:(…بتطبيق الفصل 461 من قانون الالتزامات و العقود فإنه ليس من حق القضاة أن يفسروا اتفاق الأطراف عندما تكون عبارات العقد واضحة و متفقة مع الهدف الأكبر من العقد ، و أن مقارنة شروطه لا تثير أي شك في معناه …) فمتى كانت ألفاظ العقد معبرة عن الإرادة الحقيقية للمتعاقدين امتنع على القاضي تفسير العقد  أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب المقررة قانونا تطبيقا لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليها في الفصل  230 من قانون الالتزامات والعقود، و تفسير القاضي للعقد رغم تطابق ألفاظه مع ما اتجهت إليه إرادة عاقديه يعد تحريفا، حيث اعتبرت محكمة النقض  المغربية(38) أنه: ( إذا كان بإمكان قاضي الموضوع تفسير العقود التي حررها الأطراف ، فإنه لا يستطيع تحت ستار التفسير تحريف بنودها الواضحة ) و هو ما اعتمدته محكمة النقض المصرية(39) كذلك في قرار لها جاء فيه أن :(مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع  الثابت ماديا ببعض المسندات)

وهناك حالة متميزة يكون فيها التعبير عن الإرادة واضحا في دلالته إلا أنه يكون مخالفا للمقصود الحقيقي من التعبير عن الإرادة ، حيث لا غموض في المعنى الذي يؤخذ منه غير أن المخالفة تتجه إما إلى المقصود من التعبير الصادر من أحد المتعاقدين و إما مخالفة القصد المشترك للمتعاقدين معا.

في هذه الحالة أجمعت معظم التشريعات المقارنة (40) و منها التشريع المغربي (41) على ضرورة البحث عن “النية المشتركة للمتعاقدين “(42) دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ. وتقدير قاضي الموضوع لضرورة تفسير عقد من عدمه هي من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة المحكمة الأعلى درجة، بخلاف التفسير في ذاته الذي يعتبر مسألة من مسائل الواقع . حيث ورد قرار لمحكمة النقض المصرية (43) جاء  فيه:” حاجة التعبير إلى تفسير أو عدم حاجته إلى ذلك من المسائل القانونية التي تخضع فيها المحاكم لرقابة محكمة النقض. أما  التفسير نفسه فمسألة تدخل في سلطة محكمة الموضوع وهي تستهدي في هذا التفسير فيما يبدو منها أنها أحاطت بعبارة العقد” و بهذا يبقى لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير صيغ العقود و المشارطات المختلف عليها ، بما تراه أوفى بمقصود العاقدين و لا يجوز لها أن تعقد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من  عبارات المحرر ، بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات مكتملة (44) ،إلا أن قضاة الموضوع و إن كانوا لا رقابة عليهم من طرف محكمة النقض في تفسير العقد الواضح إذا كانت ألفاظه لا تتوافق و القصد الحقيقي و المشترك لعاقديه بإعمال قواعد التفسير المتاحة ، فإنهم يخضعون لمراقبة المحكمة المذكورة من حيث التعليل ، و في هذا ورد قرار محكمة النقض المصرية (45)الآتي: ” إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه و إن كان لمحكمة الموضوع سلطة تفسير العقود و الشروط للتعرف على مقصود المتعاقدين إلا أن ذلك مشروط بأن لا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها ، و أنه على القاضي إذا ما أراد حمل عبارة المتعاقدين على معنى مغاير لظاهرها ، أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر ذلك”

وتجدر الإشارة إلى أن القضاء وإن استقر- في أغلب الدول- على اعتبار العقود النموذجية هي من العقود الواضحة التي لا تحتاج إلى تفسير ،فإنه منح لقاضي الموضوع سلطة في تفسيرها لصالح الطرف المذعن (46) عند عدم تعبير ألفاظها عن قصد المتعاقدين منها، وسلطة قاضي الموضوع في تفسير هذا النوع من العقود لا يخضع فيه لرقابة محكمة مادام لم يخرج في تفسيره عن المعنى الذي تحتمله عباراتها(47) .

ثانيا _ تفسير العقد الغامض

تعتبر سلطة القاضي في تفسير العقود الغامضة سلطة واسعة باعتماده على القواعد التي حددها المشرع في الفصول من 461 إلى 473 من قانون الالتزامات و العقود و بالاهتداء كذلك بمجموعة من العوامل الداخلية والخارجية ، ولا رقابة عليه من طرف محكمة النقض ، وهذا ما قررته محكمة النقض المغربية في قرارها المؤرخ في 12 ابريل 1961(48) الذي جاء فيه: “إن تقدير الشروط الغامضة أو المتعارضة لإتفاقات الأطراف لا يخضع لرقابة المجلس الأعلى”(49)

وهو موقف استحسنه الفقه حيث ذهب أستاذنا محمد الكشبور(50) إلى القول: ” أن تفسير العقد الغامض  مسألة موضوعية لا تخضع لرقابة محكمة النقض، ويبدو أن السبب في ذلك هو أن التفسير في هذه الحالة يقتضي تقصي النية الحقيقية أو المفترضة للأطراف و الوقوف على ظروف التعاقد و ظروف التعامل و ما تقضي به قواعد حسن النية و عادات التجار فيما بينهم ، وقد يستدعي الأمر الاستعانة بإجراءات التحقيق، كالمعاينة و الخبرة . فالمسألة إذن مسألة واقع لأن قاضي الموضوع يبحث في عالم النية و الضمير ليقتنع في النهاية بأن إرادة الأطراف قد اتجهت إلى تحقيق غرض معين ”

و نخلص من كل ما سبق أن القضاء المغربي(51) شأنه شأن القضاء في معظم الدول(52) استقر على عدم تفسير العقد الواضح تطبيقا للفصلين 230 و461 من قانون الالتزامات و العقود إلا إذا كانت ألفاظه لا تعبر عن المعنى الحقيقي للمتعاقدين حيث خول لقضاة الموضوع سلطة تفسيره و لا رقابة عليهم إلا من حيث التعليل، بخلاف ما إذا كانت ألفاظ العقد غامضة حيث منحهم سلطة تقديرية واسعة في تفسيره اعتمادا على القواعد المحددة في قانون الالتزامات و العقود و بالاستناد إلى مجموعة من العوامل الداخلية و الخارجية عن العقد، ولا رقابة عليهم من طرفه لأن السلطة التقديرية الممنوحة لهم هي من المسائل الواقعية.

الهوامش

 

  • الإمام الزركشي – البرهان في علوم القرآن – المجلد الثاني – دار الفكر- ص 147- 148 .
  • أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور – لسان العرب – المجلد الخامس – الجزء الثالث _ دار صادر بيروت – ص 8.
  • ذ. عبد الله محمود شحاتة – علوم التفسير – مطابع الهيئة المصرية العامة _ س 75- ص 13
  • الآية 33 من سورة الفرقان
  • ذ . صلاح الدين زكي – دروس في المدخل إلى العلوم القانونية – ط القاهرة – س 1975 – ص 83
  • ذ . عبد الحكم فوده –تفسير العقد في القانون المدني المصري و المقارن- منشأة المعارف الإسكندرية . جمهورية مصر العربية -س 1985 – ص 11
  • أستاذنا بلعيد كرومي -سلطة القاضي في تفسير النصوص الشرعية و الوضعية – أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص – كلية الحقوق الدار البيضاء – س.ج 1990-1991 – ص 6.
  • ذ . عبد الرزاق أحمد السنهوري (تنقيح المستشار أحمد مدحت المراعي) الوسيط في شرح القانون المدني – الجزء الأول : نظرية الالتزام بوجه عام _ منشأة المعارف بالإسكندرية – ط2004 – ص 482.

(9) أنظر في ذلك أستاذنا بلعيد كرومي – سلطة القاضي في تفسير النصوص الشرعية و الوضعية – م.س- ص 29 و ما يليها.

  • يجب التمييز بين التفسير القضائي _ موضوع البحث – الذي يقوم به القضاء أثناء نظرهم لنزاع معين ،و بين التفسير القضائي الذي يطلبه أطراف الدعوى بمناسبة وقوع غموض في منطوق الحكم، و في هذا ورد قرار محكمة النقض المصرية :( من المقرر أن قانون الإجراءات الجنائية يرسم طريقا للطعن في أوامر التصحيح التي تصدر إعمالا لحكم المادة 337 منه كما فعل قانون المرافعات في الفقرة الثانية من المادة 191 التي أجازت الطعن استثناء في حالة تجاوزت المحكمة حقها في التصحيح ولم تجزه على استقلال في حالة رفض الطلب و لما كان الأصل أنه لا يرجع إلى قانون المرافعات إلا بتفسير ما غمض من أحكام قانون الإجراءات الجنائية أو لسد ما فيه من نقص ،و كان حكم الفقرة الثانية من المادة 191 من قانون المرافعات هو من الأحكام التي تتعارض مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية و إنما تكمل نقص في قرار التصحيح عند تجاوز الحق فيه فإنه يتعين الرجوع إلى هذا الحكم و الأخد بمقتضاه في الحدود الواردة به ) نقض جنائي – الفقرة رقم 4 من الطعن رقم 3129 لسنة 62 ق – تاريخ 10/10/1995 – مكتب فني 46 رقم الصفحة 1084 – منشور على الموقع b7t.com
  • من هذه التشريعات نذكر :
    • المادة 150 في فقرتها الأولى من القانون المدني المصري:( إذا كان عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين )
    • المادة 111 في فقرتها الأولى من القانون المدني الجزائري : ( إذا كانت عبارة العقد واضحة ، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تأويلها للتعرف على إرادة المتعاقدين )

 

  • التزام المشرع المغربي الصمت بخصوص القواعد المنظمة لتفسير القانون و لم يتطرق إلا لقواعد تفسير العقود. و هي التي تناولها في الفصول من 461 إلى 473 من ق.ل.ع .

 

  • قرار منشور بالمجلة المغربية للقانون – السلسلة الجديدة – ع 11 _ سنة 1987 _ ص 44 .
  • حيث صدر في هذا الصدد قرار محكمة النقض المصرية : “إذا كانت محكمة الموضوع فيها حملته من الإقرار لم تخرج في تفسيرها له عن المعنى الظاهر لعبارته فإنه لا يكون لمحكمة النقض سبيل عليها في ذلك” طعن رقم 166 لسنة 30 جلسة 28/01/1965 س 16 – ص 115 .منشور على موقع موسوعة الأحكام العربية.
  • أستاذنا عبد الرحمان بلعكيد – م.س339.
  • ذ. محمد صبري السعدي – الواضح في شرح القانون المدني – ( النظرية العامة للالتزامات / مصادر الالتزام ) ط 4 _ س 2006-2007- شركة دار الهدى للطباعة و النشر و التوزيع الجزائر – ص 279.
  • انظر في الصدد ذ. عبد الرزاق أحمد السنهوري (تنقيح المستشار أحمد مدحت المراغى) الوسيط في شرح القانون المدني – ج1 – نظرية الالتزام بوجه عام – ط2004 – منشأة المعارف بالإسكندرية – ص498 و ما يليها.
  • ذ.عبد الرزاق أحمد السنهوري _ الوسيط في شرح القانون المدني – ج1 – م س– ص492 .
  • انظر في هذا الصدد أستاذنا بلعيد كرومي – م.س- ص344
  • إن هذه القواعد وردت على سبيل المثال لا الحصر، و أن محكمة النقض في فرنسا و الفقه في مصر قد قررا أنها لا تتعلق بالنظام العام،أي أنها مجرد نصائح يستأنس بها قاضي الموضوع دون أن تكون مفروضة عليه، فهي قواعد تساعد قاضي الموضوع و ترسم الطريق أمامه في مسألة لا يجادل أحد في موضوعيتها.

أستاذنا محمد الكشبور _ رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية(محاولة للتمييز بين الواقع و القانون)_ط. الأولى 1422/2001_ ص189.

  • قرار المجلس الأعلى رقم 1813 بتاريخ 17/07/1985 صادر في الملف مدني 88826 . منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى- ج 2 – المادة المدنية –السنوات 83 -91 ص1.

 

  • قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية _ع .مزدوج 137/138_شتنبر/دجنبر2012_ مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء _ من ص289 إلى292.

(23)  ذ. سالي _ ورد في مؤلف ذ , عبد الرزاق السنهوري _م.س _ ص 496

(24) ذ. عبد الرزاق أحمد السنهوري – م.س – ص 496 و ما يليها .

(25) قرار ع 752 _ منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى- ج 2 – المادة المدنية –السنوات 83 -91 ص1

(26)أستاذنا عبد الرحمان بلعكيد – وثيقة البيع بين النظر و العمل – ط3 – س 2001 _  ص348 .

(27)قرار المجلس الأعلى رقم 752 بتاريخ 01/12/1982 _ صادر في الملف المدني ع 92853. منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى- ج 2 – المادة المدنية –السنوات 83 -91 ص1.

(28)أستاذنا عبد الرحمان بلعكيد – م.س – ص 349

(29)الفصل 471 من ق.ل.ع.

(30)ينص الفصل 473 من ل ق ع على ما يلي: ” عند الشك يؤول الالتزام بالمعنى الأكثر فائدة للملتزم ”

(31) أنظر كذلك القواعد المتبعة في تفسير العقد في مؤلف ذ عبد الحق صافي _ دروس في القانون المدني (مصادر الإلتزامات) مطبعة النجاح الجديدة للنشر_ ط.2 _ س.1424/2004 _ص 123 و مايليها.

(32)ذ. عبد الرزاق أحمد السنهوري- الوسيط في شرح القانون المدني ج 1 – م.س- ص488

(33)قرار رقم 8122 سنة 66 ق – مأخوذ من موسوعة الأحكام العربية على الموقعwww.mohemoon-ju.com

‘(34) قرار محكمة النقض المصرية ع 13264 لسنة 67 ق. منشور بموسوعة الأحكام العربية – على الموقع السابق .

(35)و في هذا ورد قرار محكمة النقض المصرية رقم 565 لسنة 571 : ( تفسير النصوص التشريعية لفهم مرماها و إعمال  أحكامها ، وجوب الأخذ بمجموع ما ورد بها و ذلك للتعرف على القصد الشامل منها ، مؤداه عدم وجوب جواز إفراد أجزاء منها بمفهوم مستقل عن سائر مجموع نصوصها ما لم يكن مستمدا من نص صريح فيها) منشور بموسوعة الأحكام العربية على الموقع السابق.

(36)وموقف محكمة النقض المغربية يكرس ما اتجاه محكمة النقض الفرنسية.أنظر في هذا الصدد أستاذنا محمد الكشبور _رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية(محاولة للتمييز بين الواقع و القانون) _ م.س_178 و مايليها

(37)قرار منشور في  FP.blanc .OP.CIT.N11.P374   .

(38)قرار محكمة النقض المغربية صادر بتاريخ 24 مارس 1964 منشور بالمجلة المغربية للقانون R.M.P   – س. 1964 – ص 249

(39)طعن رقم 1144 لسنة 63 ق – جلسة 30/05/2000 . منشور بموسوعة الأحكام العربية على الموقع السابق.

(40)من هذه التشريعات نذكر :

– الفقرة الثانية من المادة 150 من القانون المدني المصري: (…أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي الألفاظ …)

– الفقرة الثانية من المادة 111 من القانون المدني الجزائري :(… أما إذا كان هناك محل لتأويل العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ …).

– الفقرة الثانية من المادة 239 من القانون المدني الأردني :(…أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ …).

(41)ينص الفصل 462 من ق.ل.ع في فقرته الأخيرة: ( … و عندما يكون للتأويل موجب ، يلزم البحث عن قصد المتعاقدين ، دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ و لا عند تركيب الجمل)

(42)إن الوقائع التي يعتمد عليها القاضي لاستجلاء الإرادة الحقيقية و المشتركة للمتعاقدين، يجب أن تكون ثابتة من مصادر موجودة و غير مناقضة للثابت في الدعوى. حيث إنه إذا أورد القاضي مصدرا وهميا لا وجود له ، أو أنه موجود لكنه يناقض وقائع أخرى ثابتة أو غير متناقضة و أنه مع ذلك يستحيل عقلا و منطقا استخلاص الواقعة منها ، كان حكمه مخالفا لقواعد الإثبات القانونية و تعرض للنقض .

(43)حكم نقض مدني بتاريخ 01/06/1973 – طعن رقم 243 – س 37  قضائية – منشور بموسوعة الأحكام العربية على الموقع السابق.

(44)قرار رقم 6645  _ س 72 ق _ منشور بموسوعة الأحكام العربية على الموقع السابق.

(45)قرار رقم 13167 لسنة 79 ق –  منشور بموسوعة الأحكام العربية على الموقع السابق.

(46)وذلك سواء كان مدينا أو دائنا

(47)للإطلاع على سلطة محكمتي النقض الفرنسية و المصرية في الرقابة على تفسير هذا النوع من العقود انظر:

ذ. سعيد عبد السلام – سلطة محكمة النقض في الرقابة على تفسير عقود الإذعان – ط1996 – الولاء للطبع و التوزيع – ص 22 و ما يليها.

(48)منشور في FP.BlANC OP.CIT N 17 Page 376

(49)وهو موقف محكمة النقض  المصرية كذلك من خلال قرارها بتاريخ 01/06/1973 – طعن مدني رقم 243 – س 37 قضائية الذي جاء فيه: “… أما التفسير نفسه فمسألة تدخل في سلطة محكمة الموضوع…” نقض مدني _ منشور بموسوعة الأحكام العربية على الموقع السابق.

(50)أستاذنا محمد الكشبور _ رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية(محاولة للتمييز بين الواقع و القانون) م.س _ص188.

(51)نقصد محكمة النقض المغربية.

(52) كمحكمتي النقض المصرية و التمييز الأردنية.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى