الدولة و المجتمع في زمن الطوارئ
من إنجاز الطالب الباحث: قسيم عماد
ماستر القانون العام الداخلي و تنظيم الجماعات الترابية، جامعة القاضي عياض مراكش
تقديم :
ان المفهوم القانوني لحالة الطوارئ هي حالة تخول للحكومة بالقيام بأعمال او فرض سياسات لا يسمح لها عادة القيام بها، و تستطيع الحكومة الإعلان عن هذه الحالة أثناء الكوارث او حالة العصيان المدني او الصراعات و النزاعات المسلحة بحيث تنبه المواطنين إلى تغير سلوكهم الطبيعي و تأمر الجهات الحكومية بتنفيذ خطط الطوارئ.
فبعدما غزت جائحة فيروس كورونا كوفيد-19 كوكب الأرض، فتم الإعلان عنه لأول مرة في مدينة “ووهان” الصينية خلال دجنبر2019 لينتشر بعدها هذا المرض ويتطور إلى شكل خطير هدد دول العالم بأسره، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 30 يناير 2020 أن أعداد الإصابات شكلت حالة طوارئ صحية عامة تثير القلق الدولي ودعت إلى اتخاذ تدابير الطوارئ الناتجة على اضطرابات كبيرة انعكست على التجارة الدولية وحركة التموين[1] .
اما على مستوى المغرب و بناءا على الفصل 21 من الدستور الذي ينص:….تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، و سلامة التراب الوطني في إطار احترام الحريات العامة و الحقوق الأساسية المكفولة للجميع. بادرت الحكومة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية لحماية المواطنين من هذا الوباء الفتاك، حيث اتخذت قرار إغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية لتفادي دخول الفيروس إلى التراب الوطني، وإلغاء التجمعات والتظاهرات الرياضية والثقافية والفنية، وتعليق الجلسات بمختلف محاكم المملكة، و الإغلاق المؤقت للمساجد،ذ وصولا إلى فرض الحجر الصحي للمواطنين وعزل المصابين ومنع التنقل إلا برخص استثنائية تصدرها السلطات في محاولة لوقف انتشار هذا الفيروس الجديد، كما حاولت الحكومة تجاوز القصور التشريعي في مجال إقرار حالة الطوارئ الصحية ومواجهة تداعياتها من الناحية الأمنية والاقتصادية فتدخلت بإصدار نصوص قانونية[2].
في المقابل و استنادا إلى الفصل 38 من الدستور الذي يؤكد على أن : يساهم المواطنين و المواطنات في الدفاع عن الوطن و وحدته الترابية تجاه أي عدوان او تهديد. بموجب واجبات المواطنة ألزم النص الدستوري الجديد المواطنين و المواطنات بالمساهمة في الدفاع عن الوطن و وحدته الترابية تجاه أي عدوان او تهديد، لأن هناك تفاعل بين الإنسان المواطن و بين الوطن الذي ينتمي إليه و يعيش فيه و هي علاقة تفاعل[3].
و هنا سنطرح إشكالا في هذا الموضوع: كيف تم تدبير أزمة الطوارئ بين الدولة و المجتمع ؟ و ما هي أهم الإجراءات الضرورية التي اتخذتها الدولة لتدبير أزمة الطوارئ ؟ و كيف تفاعل معها المجتمع و ساهم في تدبير الأزمة؟
لذلك سنجيب عن هذه الإشكاليات وفق التصميم التالي:
المطلب الأول: تدبير أزمة الطوارئ بين الدولة و المجتمع
الفقرة الاولى: الإجراءات الضرورية المتخذة من طرف الدولة لتدبير الأزمة
الفقرة الثانية: تفاعل المجتمع مع الإجراءات المتخذة و مساهمته في تدبير الأزمة
المطلب الثاني: الحضور القوي للدولة في تدبير الأزمة
الفقرة الأولى: مركزة القرار
الفقرة الثانية: الظهور الباهت الفاعل السياسي و المنتخب في تدبير الأزمة
المطلب الأول: تدبير أزمة الطوارئ بين الدولة و المجتمع
سنتحدث في هذا المطلب عن الإجراءات الضرورية التي اتخذتها الدولة لتدبير الأزمة ثم تفاعل المجتمع معها و مساهمته في تدبير الأزمة.
الفقرة الاولى: الإجراءات الضرورية المتخذة من طرف الدولة لتدبير الأزمة
عملت الحكومة المغربية على تنظيم حالة الطوارئ الصحية بموجب المرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر في 28 رجب 1441 ( 23مارس 2020) المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و إجراء الإعلان عنها[4], هو مرسوم بقانون حدد مبررات اللجوء إلى إعلان حالة الطوارئ الصحية و الإجراءات المتبعة من أجل الإعلان عنها و تمديدها، كما أنه حدد صلاحيات الشرطة الإدارية التي تم تأهيل السلطات العمومية لاتخاذها في سبيل مواجهة تفشي الوباء فضلا عن تجريمه للمخالفات المتعلقة بحالة الطوارئ و تحديد العقوبات المخصصة لها، و اخيرا تضمن مقتضى بوقف سريان الآجال المنصوص عليها في المقتضيات التشريعية و التنظيمية خلال فترة الطوارئ الصحية على اساس استئناف احتسابها من اليوم الموالي لرفع حالة الطوارئ، مع مراعاة آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال و مدد الوضع تحت الحراسة النظرية و الاعتقال الاحتياطي.[5]
ثم مرسوم رقم 2.20.399 الصادر في رجب 1441 ( 24 مارس 2020) بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي كورونا- كوفيد 19 . و مرسوم رقم 2.20.330 الصادر 1441 (18 أبريل 2020) بتمديد مدة سريان مفعول حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد- 19 ، هذه المراسيم، و لتأمين استمرارية المرفق العام في حالة الطوارئ الصحية بسبب تفشي الفيروس و رغم كونها نصت على مجموعة من التدابير و الإجراءات الاستثنائية، فإنها في المقابل أكدت على ضمان إستمراربة المرفق العام[6].
لقد أكد دستور 2011 في الفصل 154 على استمرارية خدمات المرافق العمومية، و بالتالي كان لا بد للدولة من اتخاذ إجراءات تساهم في استمرارية المرافق العمومية للمواطنين و المواطنات بمعنى استمرارية الأنشطة التي تقوم بها المرافق العمومية و انتظامها دون توقف او انقطاع، ذلك أن المرافق لم تنشأ اصلاإلا لإشباع حاجات عامة بلغت من الأهمية درجة جعلت السلطة العامة تعتبرها مرفقا عاما بصورة مستمرة و منتظمة[7]. بحيث في ظل هذه الأزمة الصحية التي يعيشها العالم و بلادنا، دفعت الحكومة لاتخاذ مجموعة من التدابير الاحترازية و الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، إلا انه دائما كان الحرص على استثناء المرافق الحيوية من الحظر، حيث استمرت في عملها بل ضاعفت عملها مثل مجموعة من المرافق الحيوية كمرفق الصحة و الأمن و التعليم.[8]
و هذا ما شاهدناه في أرض الواقع بحيث مرفق الأمن لم يتوقف بل كان مستمرا في عمله طيلة فترة الطوارئ من أجل الحفاظ على النظام العام بمدلولاته الثلاث: الأمن العام، الصحة العامة، و السكينة العامة. ثم إستمرار عمل مرفق الصحة الذي لعب دور كبير خلال هذه الأزمة التي نعيشها و أيضا مرفق التعليم التي تواصل التعليم عن بعد بمختلف المستويات. و مرافق الماء و الكهرباء التي زودت الساكنة بالماء و الكهرباءخلال فترة الطوارئ و غيرها من المرافق العمومية الحيوية.
الفقرة الثانية: تفاعل المجتمع مع الإجراءات المتخذة و مساهمته في تدبير الأزمة
خلال أزمة كورونا يمكن استنتاج أن علاقة الدولة بالمجتمع، اتسمت منذ صدور مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر في 28 من رجب 1441 الموافق 23مارس 2020 والمتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية بالتفاعل الإيجابي من طرف المجتمع وذلك من خلال خضوع جميع مكوناته للحجر الصحي والالتزام بمقتضياته. وحينما تم الإعلان عن مبادرة تأسيس الصندوق الخاص بكوفيد 19، وجه المجتمع للدولة تحية أحسن منها لأن التضامن من أخلاق الشعب منذ قدم العصور.[9]
لا يخفى على أحد أن قبل انتشار فيروس كورونا كان المجتمع بجميع أطيافه يوجه سخطه وعدم رضاه على عدد من مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسات الاستشفائية، لكن أثناء الأزمة تغير الأمر، فيا ترى ما الذي تغير؟الشيء الذي تغير هو أن المواطنات والمواطنين لاحظوا تفاني أطر الصحة في خدمتهم بل وعرضوا حياتهم من أجلهم ، والذين يستحقون كامل التقدير والاحترام .[10]
وهكذا نجد أن علاقة الدولة بالمجتمع تميزت بالخضوع والامتثال إلى المشاركة بل المبادرة، وعليه إذا كان التكامل بين الدولة والمجتمع مطلب أساسي ،فإن سنده الأساسي الثقة خلال الأزمات وما بعد الأزمات ،فكلما قامت الدولة بدورها ،كلما ازداد منسوب الثقة في مؤسساتها، بل وانخراط جميع مكونات المجتمع في دعمها شريطة توفر الدولة على مقومات الشرعية والمشروعية “سيادة القانون مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان”.[11]
فيمكن القول على أنه كان هناك تجاوبا كبيرا بين الدولة و المجتمع، و هذا الأخير كان مسؤولا أيضا و كان واعيا بمسؤوليته و منضبطا أشد الانضباط، ففي هذه اللحظة المجتمع لعب دورا كبيرا إلى جانب الدولة، و حضوره كان قويا بعدد من المبادرات و تأثيره على صناعة القرار[12]. و ابان عن وعيه الكبير في هذه الأزمة الصحية التي ستبقى تاريخية.
المطلب الثاني: الحضور القوي للدولة في تدبير الأزمة
بعدما تحدثنا في المطلب الأول عن الإجراءات الضرورية التي اتخذتها الدولة لتدبير أزمة الطوارئ و تفاعل المجتمع معها. سنتحدث في المطلب الثاني عن كيف دبرت الدولة تلك الإجراءات و أبانت عن حضورها القوي في المقابل سنتحدث عن الظهور الشبه منعدم للفاعل السياسي و المنتخب في تدبير أزمة الطوارئ.
الفقرة الاولى: مركزة القرار
من المسلمات انه في ظل أزمة الطوارئ ان الجهاز المركزي للدولة يتقوى، خاصة الجهاز التنفيذي الذي تتقوى سلطاته أكثر، و تأكد ذلك من خلال المادة الثالثة من الرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر في 28 رجب 1441 (23 مارس 2020) الذي يتعلق بسن أحكام الطوارئ الصحية و الإجراءات الإعلان عنها الذي أعطى للحكومة التدخل و اتخاذ جميع التدابير اللازمة التي تقتضيها هذه الحالة.
فالدولة استعملت جميع سلطاتها من أجل حماية الساكنة و التراب الوطني و ذلك من خلال قراراتها و إجراءاتها المتخذة، فتدخلت بجميع أجهزتها الصحية، الأمنية، الإدارية، الاقتصادية، الاجتماعية، و القضائية. و احتلت الدولة دورا مركزيا و استراتيجيا في حالة الطوارئ الصحية و كانت معظم قراراتها تأتي من الإدارة المركزية للدولة و هنا نتحدث عن مركزة القرار في ظل الأزمة. فحالة الطوارئ الصحية تمنح للسلطة التنفيذية سلطات واسعة و تحجب نسبيا من دور البرلمان في مسألة التشريع.[13]
لكن لوحظ أن الدولة اعتمدت أكثر على وزارة الداخلية و فوضت لها بعض السلطات الواسعة المتعلقة بتقرير رفع الحجر الصحي و اشرافهم على لجنة اليقظة و التتبع التي تتولى عملية تقييم الإجراءات الواجب تنفيذها، و الشروط الواجب توفرها على مستوى كل اقليم لاتخاذ قرار رفع الحجر الصحي، ثم إستمرار قرار وزارة الداخلية تعليق انعقاد الدورات العادية لمجالس العمالات و الأقاليم و البلديات و الجماعات، و هو القرار الذي أثار الكثير من الجدل، حول وجود شبهة خرق الدستور من قبل ام الوزارات.[14]
و برزت انتقادات حادة موجهة إلى الحكومة و وزارة الداخلية، كان من أبرزها تلك التي أطلقها، أول من أمس الخميس، المكتب السياسي للحزب “الاشتراكي الموحد”، الذي عبّر، في بيان، عن امتعاضه “من تمكين سلطات وزارة الداخلية من الانفراد بمسؤولية وصلاحيات تدبير مختلف تداعيات جائحة كورونا، مع هيمنة عقليتها ومقارباتها الأمنية”. وأعلن رفضه “استبعاد كل قوى المجتمع، من أحزاب سياسية ونقابات وجمعيات، في تدبير تداعيات الجائحة، وعدم الأخذ برأيها مقابل انفراد وزارة الداخلية بها”. وأبدى الحزب استغرابه الشديد لـ”تنازل رئاسة الحكومة عن صلاحياتها لوزير الداخلية”، مبدياً رفضه “تفويض تدبير تداعيات الجائحة، على مستوى الجهات والأقاليم والعمالات للولاة والعمال بشكل انفرادي، واستبعاد ممثلي الشعب وكل مؤسساته المنتخبة”[15].
و لم يكتفي الحزب الاشتراكي الموحد وحده بانعقاد الحكومة حول مسألة تفويض الحكومة سلطات واسعة لوزارة الداخلية، بل حتى الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ” عبد اللطيف وهبي” وجه انتقاده لرئيس الحكومة بحيث اعتبر أن هذا الأخير منح صلاحيات أوسع للولاة و العمال و تخلى عن مهامه الدستورية ألا و هي التنسيق و التفويض بين القطاعات الوزارية.
وفيما تصدرت وزارة الداخلية الواجهة دون غيرها، سواء في تنفيذ الطوارئ الصحية أو تخفيف قيودها، كان لافتاً خروج العثماني، خلال جلسة المساءلة بمجلس النواب، للدفاع عن هذا التوجه، معتبراً أن القانون يمنح المحافظين حق التدخل وفق الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور، باعتبارهم ممثلين للدولة في المناطق، نافياً أن يكون قد تنازل عن صلاحياته الدستورية، أو أن يكون هناك تهميش للمنتخبين في تدبير الجائحة. وفي ظل هذا الجدل، رأت الباحثة في القانون العام شريفة لموير، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “مواجهة جائحة كورونا تستلزم السرعة والنجاعة، وهو ما يتعارض مع طبيعة الممارسة لدى المجالس المنتخبة، التي تفتقد إلى هذه المعادلة، نظراً لانشغالها بالبعد الانتخابي والنقاشات السياسية، خصوصاً أننا على مشارف سنة انتخابية[16]“.
و من جهة أخرى اعتبر الاستاذ احمد حضراني أن وزارة الداخلية هي التي تبقى في المغرب لحد الآن المؤهلة للخوض في مجموعة من التحديات والرهانات، ولا أدل على ذلك هو تدبيرها العمليات الانتخابية.
فليس هنالك أي جهاز في المغرب قادر على تدبير مثل هذه العمليات. وهكذا كان على وزارة الداخلية أن تكون في الموعد وتتعبأ في هذه الظرفية[17].
الفقرة الثانية: الظهور الباهت للفاعل السياسي و المنتخب في تدبير الأزمة
بعدما لاحظنا الظهور القوي للدولة و بمساعدة المجتمع في تدبير أزمة الطوارئ ثم البروز اللافت و القوي لوزارة الداخلية في المقابل كان غياب شبه منعدم للفاعل السياسي و المنتخب في تدبير أزمة يطرح اشكالا: لماذا هذا الظهور الباهت؟
يمكن تفسير ذلك وبكل موضوعية بأن هذه الجائحة فاجأت العالم، بما فيها الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا واقتصاديا وعسكريا، فبالأحرى دولة هشة مثل المغرب. ومن جهة ثانية لقد أملت تدابير الحجر الصحي والإجراءات الاحترازية تعميم الحجر الصحي على الجميع، حفاظا على سلامة المواطنين والمواطنات. وبالتالي لم يكن في الواجهة في تقدير السلطات العمومية إلا القوات العمومية بمفهومها الأمني والعسكري والطبي كذلك، وهي جميعها القوات التي فرضت التدبير اليومي للأزمة. وفي المقابل لوحظ هنالك دور باهت للسياسيين والنقابيين والمنتخبين. لأن اللحظة كانت صادمة وفارقة في حياة البشرية، ولم تكن الحاجة إلى المزايدات وإلى التدافعات بقدر ما كانت المسألة ترتبط بالوحدة والتعبئة، وكأننا نخوض حربا ضد وباء بيولوجي، وهي ما أعتقد شروطا كانت وراء هذا الدور الباهت للسياسيين في هذه المسألة.[18]
حتى تدبير المساعدات المالية، سواء من صندوق الجائحة أو على مستوى المواد الغذائية؛ فهذه الأخيرة انفرد رجال وأعوان السلطة بتوزيعها، بل وأكثر من ذلك فإن المنتخبين لم يكونوا يتحركون في الأول إلا بالرخصة التي يسلمها أعوان السلطة المحلية في هذا المجال، وهو ما دفعهم إلى المكوث في منازلهم. إذن تعطيل انعقاد دورات المجالس المنتخبة والدور الباهت للسياسيين من الأحزاب والنقابات، وتقديم الجماعات للمساعدات، ولكن توزيعها يتم من طرف رجال وأعوان السلطة تحت ذريعة الخوف من تسييس المساعدات، وتقديمها دعما للخزان الانتخابي، علاوة على التعبئة والصدمة غير المنتظرة[19].
أما عدم إشراك المجتمع المدني والمنتخبين و تحييدهم، و خاصة على المستوى المحلي، فهو يطرح سؤالا عن دولة الجهات والديمقراطية المحلية. ولا ننسى كذلك أن التغييب لم يشمل فقط دور السياسيين والنقابيين والمنتخبين على المستوى المحلي، بل شمل كذلك تغييب أجهزة اللاتمركز الإداري، خاصة بعد صدور ميثاق اللاتمركز، ويعني المصالح الخارجية للوزارات والغرف المهنية المختلفة، وهو ما يكرس انفراد وزارة الداخلية بالقرار المركزي في ظل هذه الأزمة[20].
و من جهة أخرى يرى الاستاذ عبد الرحيم المنار اسليمي على ان المجال الترابي لا يمكن أن يكون فيه 4 متدخلين. بحيث تدخل المصالح اللاممركزة، تدخل الوالي، تدخل المجلس الجماعي، و تدخل المجالس الجهوية مسألة صعبة. و يجب البحث عن وظيفة أخرى للمجالس الجهوية مثل وظيفة تداولية او مسألة مرتبطة بالسياسات العمومية في المجال الترابي، و أن الأمر الذي قامت به خلال هذه الأزمة هو فقط تسليم الموارد الترابية للحكومة هو أمر طبيعي و مطلوب في هذه الظرفية[21].
خاتمة :
إن أزمة الطوارئ من الحالات الاستثنائية التي يقع فيها العالم او دولة معينة، و التي تتطلب مجهودات كبيرة من الدولة و المجتمع لمواجهتها لكي يخرج البلد بأقل الأضرار المادية و البشرية و حتى النفسية. فمنذ انتشار فيروس كورونا أصبح العالم يعيش حالة طوارئ صحية استثنائية فرضت على الدول أخذ الحيطة والحذر و مواجهة الفيروس بصرامة. و المغرب بدوره يواجه هذه الأزمة الصحية المتعلقة بانتشار الفيروس المذكور أعلاه. فهذه الأزمة قابلتها الدولة بكل قوة و جدية و صرامة، و لاحظنا ذلك من خلال اعلان عن حالة الطوارئ الصحية و إغلاق الحدود البرية و البحرية و الجوية و فرض الحجر الصحي، و إصدار مراسيم بقانون تنظم حالة الطوارئ الصحية و الحفاظ على استمرارية خدمات المرافق العمومية الحيوية ، تقوية سلطات الأجهزة التنفيذية خاصة وزارة الداخلية، و هذا من العيوب التي شابت الأزمة الاستثنائية بحيث اعتبرها الكثير غير دستورية و أن انفراد وزارة الداخلية بالقرار المركزي غير مسموح به وفق القانون كما اعتبرها آخرون على أنها أمر عادي في ظل هذه الظروف الطارئة، كما أن هذه الأزمة أكدت على أن بعض القطاعات يجب أن لا تفوض للخواص و أن تبقى تحت سلطة الدولة و لا سيما منها قطاع الصحة و قطاع التعليم بالدرجة الأولى.
فمن خلال هذه الأزمة يمكن القول أن الدولة أبانت عن وجهها الحقيقي و أعادت ثقتها إلى المجتمع الذي كان قد فقدها فيها في السنوات الأخيرة، و تفاعل مع الإجراءات المتخذة.فالمجتمع هو أيضا لم يقصر من جهده و ظهر بالشخص الذي يعول عليه في الأزمات بحيث أطاع سلطات الدولة و قام بدوره و لم يخيب ظن الدولة. و المغرب في هذه الأزمة انال اعجاب الكثير من دول العالم. و هذا كله بفضل أوامر جلالة الملك محمد السادس و جهود السلطة التنفيذية ثم امتثال المواطنين لأوامر الدولة.
لائحة المراجع
الكتب و المؤلفات:
- د.نبيل محمد بوحميد و د. عبد المهيمن حمزة، ” الدولة و القانون في زمن جائحة كورونا ” مؤلف جماعي، سلسلة إحياء علوم القانون، مجلة دولية علمية محكمة ، عدد ماي 2020، الصفحة 4.
- كريم لحرش، دكتور في الحقوق، استاذ باحث، الدستور الجديد للمملكة -شرح و تحليل- توزيع مكتبة الرشاد، سطات.
النصوص القانونية:
- الدستور الجديد للمملكة المغربية، صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 91.11.1 بتاريخ 29 يونيو 2011
- مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر في رجب 1441 ( 23مارس 2020) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و الإجراءات الإعلان عنها
المقالات:
- عادل نجدي، مقال بعنوان: جدل مغربي حول إدارة الطوارئ الصحية، الجريدة الإلكترونية العربي الجديد.
- الدكتور يوسف هركان، استاذ القانون العام بكلية الحقوق تطوان، مقال بعنوان: “دور الدولة و المجتمع في تدبير ما بعد الزمن الكوروني”،المنشور في المجلة الإلكترونية مجلة 24.
- د. أحمد حضراني، مقال بعنوان: كورونا، الصدمة غير المنتظرة تكرس انفراد وزارة الداخلية بالقرار المركزي، الجريدة الإلكترونية أنفاس بريس.
الندوات:
- الندوة التفاعلية الافتراضية بعنوان” الدولة و المجتمع في زمن كورونا” المنشورة في الموقع الإلكتروني com.
- الندوة التفاعلية الافتراضية بعنوان مسؤولية الدولة و المجتمع في ظل جائحة كورونا المنشورة على صفحة فايسبوك الاستاذ حميد النهري.
[1] د.نبيل محمد بوحميد و د. عبد المهيمن حمزة، ” الدولة و القانون في زمن جائحة كورونا ” مؤلف جماعي، سلسلة إحياء علوم القانون، مجلة دولية علمية محكمة ، عدد ماي 2020، الصفحة 1
[2] د.نبيل محمد بوحميد و د. عبد المهيمن حمزة، ” الدولة و القانون في زمن جائحة كورونا ” مرجع سابق، الصفحة 1.
[3] كريم لحرش، دكتور في الحقوق، استاذ باحث، الدستور الجديد للمملكة -شرح و تحليل- توزيع مكتبة الرشاد، سطات
[4] مرسوم بقانون رقم 2.20.292 الصادر في رجب 1441 ( 23مارس 2020) يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و الإجراءات الإعلان عنها
[5]د.نبيل محمد بوحميد و د. عبد المهيمن حمزة، ” الدولة و القانون في زمن جائحة كورونا ” مرجع سابق، الصفحة 4
[6] د.نبيل محمد بوحميد و د. عبد المهيمن حمزة، ” الدولة و القانون في زمن جائحة كورونا ” مرجع سابق، الصفحة 8
[7] د.نبيل محمد بوحميد و د. عبد المهيمن حمزة، ” الدولة و القانون في زمن جائحة كورونا ” مرجع سابق، الصفحة 12
[8] د.نبيل محمد بوحميد و د. عبد المهيمن حمزة، ” الدولة و القانون في زمن جائحة كورونا ” مرجع سابق، الصفحة 12
[9] الدكتور يوسف هركان، استاذ القانون العام بكلية الحقوق تطوان، مقال بعنوان: “دور الدولة و المجتمع في تدبير ما بعد الزمن الكوروني”،المنشور في المجلة الإلكترونية مجلة 24، تاريخ الزيارة 17 يونيو 2020 الساعة 21:00 مساءا
[10] الدكتور يوسف هركان، مقال بعنوان: دور الدولة و المجتمع في تدبير ما بعد الزمن الكوروني، مرجع سابق
[11] الدكتور يوسف هركان، مقال بعنوان: دور الدولة و المجتمع في تدبير ما بعد الزمن الكوروني، مرجع سابق
[12] مداخلة الاستاذ عبد الرحمن الشرقاوي في الندوة التفاعلية الافتراضية بعنوان” الدولة و المجتمع في زمن كورونا” المنشورة في الموقع الإلكتروني banassa.com
[13] من مداخلة الاستاذ عبد الرحيم المنار اسليمي في الندوة التفاعلية الافتراضية بعنوان مسؤولية الدولة و المجتمع في ظل جائحة كورونا المنشورة على صفحة فايسبوك الاستاذ حميد النهري
[14] عادل نجدي، مقال بعنوان: جدل مغربي حول إدارة الطوارئ الصحية، الجريدة الإلكترونية العربي الجديد، تاريخ الزيارة: 19 يونيو 2020 الساعة 01:00 ليلا
[15] عادل نجدي، مقال بعنوان: جدل مغربي حول إدارة الطوارئ الصحية، مرجع سابق
[16] عادل نجدي، مقال بعنوان: جدل مغربي حول إدارة الطوارئ الصحية، مرجع سابق
[17] د. أحمد حضراني، مقال بعنوان: كورونا، الصدمة غير المنتظرة تكرس انفراد وزارة الداخلية بالقرار المركزي، الجريدة الإلكترونية أنفاس بريس، تاريخ الزيارة 19 يونيو 2020، الساعة 01:45 ليلا
[18] د. أحمد حضراني، مقال بعنوان: كورونا،الصدمة غير المنتظرة تكرس انفراد وزارة الداخلية بالقرار المركزي، مرجع سابق
[19] د. أحمد حضراني، مقال بعنوان: كورونا،الصدمة غير المنتظرة تكرس انفراد وزارة الداخلية بالقرار المركزي، مرجع سابق
[20] د. أحمد حضراني، مقال بعنوان: كورونا،الصدمة غير المنتظرة تكرس انفراد وزارة الداخلية بالقرار المركزي، مرجع سابق
[21] مداخلة الاستاذ عبد الرحيم المنار اسليمي في الندوة التفاعلية الافتراضية بعنوان” الدولة و المجتمع في زمن كورونا” المنشورة في الموقع الإلكتروني banassa.com