في الواجهةمقالات قانونية

دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة على ضوء القانون17-73

مقال تحت عنوان: “دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة على ضوء القانون17-73”

 

من إعداد الطالبة: إحكام البلوني

طالبة باحثة في قانون الأعمال حاصلة على دبلوم الماستر في القانون المدني و الأعمال

 

 

 

 

 

 

التقديم

فمما لاشك أن مجرد وضع القانون فقط، يبقى عديم الجدوى في غياب المؤسسات التي ستفعله فإنه لا ريب أن إحداث المحاكم التجارية يعد حدثا هاما في تاريخ القضاء المغربي فقد أنشئت هذه المحاكم في إطار الاستجابة لضرورة توفير مناخ قانوني ملائم للتنمية و الاستثمار و ذلك لما للقضاء التجاري من أهمية قصوى في حفظ حقوق الفاعلين و المنتجين الاقتصادية و في تأطير المعاملات التجارية، فهو يعد ركيزة أساسية للإنماء الاقتصادي و الاجتماعي و دعامة أساسية للاستثمار الوطني و الأجنبي.

فالقضاء التجاري يلعب دورا جوهريا و رئيسيا في إطار مساطر صعوبات المقاولة عموما و مسطرة المعالجة القضائية خصوصا، بحيث يعتبر المحرك الرئيسي لمختلف إجراءات المسطرة و المشرف على جميع مراحلها منذ فتح المسطرة إلى غاية قفلها، فقد خول المشرع للقضاء التجاري في إطار معالجة صعوبات المقاولة أدورا جديدة قانونية، واقتصادية، و منحه صلاحيات استثنائية للتدخل في حياة المقاولات و تقرير مصيرها تبعا لإجراءات و تدابير متعددة تبرز الدور القضائي الجديد في إطار هذا القانون.

و هو ما سنعمل على توضيحه من خلال مبحثين:

المبحث الأول: أشكال تدخل القضاء في مسطرة صعوبات المقاولة

المبحث الثاني: إعداد و اختيار الحل القضائي

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول: أشكال تدخل القضاء في مسطرة معالجة صعوبات المقاولة

لما كانت الغاية من اللجوء لمسطرة المعالجة القضائية هي الحفاظ على استمرارية المقاولة وحفظ مناصب الشغل بها و إبراء ذمتها من الديون المترتبة في ذمتها، فإن المشرع تحقيقا لهذه الغاية منح القضاء زمام الأمور لتحقيق هذا الهدف.

المطلب الأول: سلطات القضاء في إطار فتح مسطرة المعالجة

و تتجلى صلاحيات القضاء بشكل كبير على مستوى فتح مسطرة التسوية القضائية سواء تعلق الأمر بآلية الفتح المسطرة،أو التحقق من توفر الشروط اللازمة لفتحها.

الفقرة الأولى: الأجهزة القضائية المخول لها فتح مسطرة المعالجة

منح المشرع المغربي للمحكمة إمكانية فتح المسطرة تلقائيا،كما خول مجموعة من الأجهزة القضائية إمكانية طلب فتح المسطرة

أولا: فتح المسطرة تلقائيا من طرف المحكمة

لما كانت القاعدة العامة في قانون المسطرة المدنية تجعل البت في القضايا يتوقف مبدئيا على طلب أو دعوى يرفعها الأطراف[1]، فإن نظام صعوبات المقاولة كرس إجراء استثنائيا غير مألوف، حيث خول للمحكمة بموجب مقتضيات المادة 578 م.ت[2]، أن تضع يدها تلقائيا على مسطرة المعالجة متى تبين لها من خلال دعوى أو وثيقة ما أن المقاولة في وضعية توقف عن الدفع[3]، كما أنه من جهة أخرى و حسب مقتضيات المادتين 564 و 573 من م.ت، إذا تبين للمحكمة بعد فتح مسطرة الإنقاذ أن المقاولة كانت في حالة توقف عن الدفع في تاريخ النطق بالحكم القاضي بفتح هذه المسطرة، أو لم تقم المقاولة بتنفيذ التزاماتها المحددة في مخطط الإنقاذ يمكن للمحكمة التجارية تحويل مسطرة الإنقاذ إلى التسوية أو التصفية القضائية إما بشكل تلقائي أو بطلب من أحد الدائنين.

و تشكل هذه الإمكانية خروج عن المقتضيات العامة للتقاضي في قانون المسطرة المدنية التي تمنح للأطراف وحدهم دون غيرهم الحق لرفع الدعوى متى توفرت فيهم الشروط المحددة في هذا القانون، كما تلزمهم بتحديد طلباتهم، بحيث لا يتسنى للقاضي في هذه الحالة إلا البت في موضوع النزاع، و الحكم للأطراف في حدود طلباتهم، دون إمكانية تعديلها، أو الحكم بناء على معرفته و قناعاته الشخصية، و لعل الغاية من تخويل هذه الصلاحية للمحكمة التجارية يجد أساسه في حماية النظام العام الاقتصادي نظرا لما تحققه هذه المساطر من حماية لمختلف المصالح المرتبطة بالمقاولة، كما أن المشرع من خلال هذه الإمكانية يحاول سد الفراغ الذي قد ينجم عن تقاعس رئيس المقاولة أو الدائنين عن طلب فتح المسطرة، أو إغفالهم إحدى الشكليات الضرورية، الأمر الذي قد يؤدي لعدم قبول الدعوى مما قد ينعكس سلبا على وضعية المقاولة التي تكون في أمس الحاجة للتدخل القضائي[4].

و في هذا الإطار تتمتع المحكمة التجارية التي تبت في طلب فتح المسطرة ضد المدين أو المقاولة المدينة بحرية اختيار المسطرة التي تراها مناسبة لوضعية المقاولة إذ لا تتقيد بإتباع الترتيب المتمثل في سلوك مسطرة الوقاية ثم مسطرة المعالجة و مسطرة التصفية القضائية، كما أنها لا تتقيد بطلبات الأطراف، بحيث خول لها المشرع بموجب المادة651 من م.ت إمكانية فتح مسطرة التصفية القضائية مباشرة إذا تبين لها أن وضعية المقاولة ميؤوس منها ومختلة بشكل لا رجعة فيه.

كما أنها لا تتقيد باحترام أجل معين لفتح المسطرة،بحيث يبقى هذا الحق قائما مادام التوقف عن الدفع مستمرا كما هو واضح من خلال المادة 578 ما لم يدرك الديون التقادم، و ذلك باستثناء الحالات المنصوص عليها في المواد 579 و 580 من نفس القانون[5].

و على العموم فإن اختصاص المحكمة التجارية وفق هذا الشكل يعتبر استثناء، و قليل من الناحية العملية لأنه يفترض أن المحكمة على إطلاع جيد بالوضعية الاقتصادية و المالية للمقاولات، و هو ليس بالأمر الهين إذا استحضرنا الآليات الموضوعة رهن إشارتها حتى تعلم المحكمة بوقوع مقاولة معينة في حالة توقف عن الدفع،خاصة أمام ضغط الملفات ،و قلة عدد القضاة لدى المحاكم التجارية، و كذا المركز الهش الذي تحتله النيابة العامة بالمحاكم التجارية المغربية و فصلها التنظيمي و الهيكلي عن النيابة العامة بالمحاكم العادية، ففي ظل هذه الأوضاع يصعب الحكم بفتح المسطرة بمجرد علم أحد أعضاء هيئة المحكمة بأن صعوبات ما تعيق سير إحدى المقاولات، خاصة أن الافتتاح المبكر لهذه المسطرة دون تشخيص دقيق لوضعية المقاولة قد يضر بسمعتها و مصداقيتها داخل المحيط الاقتصادي وفي المقابل فإن التأخر في كشف هذه الصعوبات قد يقلل من إمكانيات التسوية القضائية ويحول دون قيام القضاء بدوره العلاجي تجاه المقاولة التي تعاني من صعوبات.

ثانيا:فتح المسطرة بطلب رئيس المحكمة التجارية

يلعب رئيس المحكمة دورا مهما في حياة المقاولة التي تعيش وضعية صعبة و ذلك عن طريق الصلاحيات و السلطات المخولة له بهدف تكوين و استجماع صورة واضحة عن وضعيتها المالية و الاقتصادية، و استجلاء مكامن الخلل بها من خلال المعلومات التي تتوفر لديه من مختلف المصادر، ذلك أنه و إن كانت مسطرة الوقاية الخارجية هي المجال الرئيسي لتدخل رئيس المحكمة، فذلك لا يلغي دوره في اختيار الوقت المناسب لتدخل المحكمة لفتح مسطرة المعالجة، حيث يقوم حسب المادة 578 من مدونة التجارة،بتزويد المحكمة بالمعلومات الضرورية المتوفرة لديه لتسهيل عملية فتح و تسيير مسطرة المعالجة، فمتى اتضح له أن مقاولة ما متوقفة عن الدفع، تعين عليه إحالة الملف مباشرة إلى المحكمة لفتح مسطرة المعالجة تلقائيا أو إحالته إلى النيابة العامة لتطلب هي فتح المسطرة،و بذلك فرئيس المحكمة التجارية يقوم بدور غير مباشر في تحريك مسطرة المعالجة.

انطلاقا من ذلك فإنه عندما يقدم رئيس المقاولة طلب بفتح مسطرة الوقاية الخارجية أو الإنقاذ و يعاين رئيس المحكمة وجود واقعة توقف عن الدفع يقوم بإحالة الملف للمحكمة لفتح إحدى المسطرتين التسوية أو التصفية القضائية، و نفس الأمر في حالة عدم تنفيذ الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 559 من م.ت، حيث يعاين بمقتضى أمر غير قابل لأي طعن فسخ الاتفاق، و سقوط كل الآجال الممنوحة، ثم يحيل الملف إلى المحكمة لفتح مسطرة المعالجة أو التصفية القضائية، و يعتبر قرار الإحالة الذي يمارسه رئيس المحكمة من المستجدات التي جاء بها القانون رقم 73-17[6].

و يعتقد بعض الفقه أن الطلب الذي يتقدم به رئيس المحكمة في هذا الإطار لابد أن يأتي مرفقا بالأمر القضائي بتعيين المصالح، و عند الاقتضاء بالأمر القضائي بتمديد المدة المخولة للمصالح لإنجاز مهمته، و بنسخة من تقرير المصالح الذي يتبين من خلاله استحالة أو صعوبة إبرام الاتفاق الودي و غيرها من الوثائق الأخرى التي من شأنها تبرير توقف المقاولة المعنية عن الدفع وحدة هذا التوقف ليستقيم ذلك مع المسطرة المطلوب فتحها[7].

ثالثا: فتح المسطرة بطلب النيابة العامة

أحدث القانون 95-53 المتعلق بالمحاكم التجارية جهاز النيابة العامة لدى هذه المحاكم، إلا أنه لم يحدد اختصاصها بصفة واضحة و صريحة، خاصة في الميدان الزجري تماشيا مع التوجه الحالي الداعي إلى تليين دور النيابة العامة أمام هذه المحاكم، و بالنظر لتطور مفهوم النظام العام الذي يتحكم في ميدان تدخلها، و الذي أصبح يشمل النظام العام الحمائي والنظام العام التوجيهي، إذ يقوم على أساس التدخل من اجل التقويم، و ليس التدخل من اجل الردع والترهيب، و هو ما يظهر جليا في قضايا صعوبات المقاولة لارتباطها بالنظام العام[8]، لهذا مكن المشرع المغربي النيابة العامة لدى المحكمة التجارية من حق تقديم طلب فتح مسطرة المعالجة انطلاقا من المادة 578 من م.ت، و بذلك يكون المشرع المغربي قد ساير نظيره الفرنسي الذي خول بدوره للنيابة العامة حق طلب فتح مسطرة التسوية[9].

و نشير في هذا الصدد إلى أن تقديم طلب فتح المسطرة بالنسبة للنيابة العامة ليس مقرونا بأي أجل، بحيث يظل مستمرا مادامت حالة التوقف عن الدفع قائمة ما لم تتقادم الديون، كما أن الطلب لم يشترط فيه المشرع شكلية معينة[10]، غير أنها تكون ملزمة في طلبها بفتح المسطرة بإثبات وضعية التوقف عن الدفع التي تعيشها المقاولة، و تبقى للمحكمة سلطة تقديرية في قبول الطلب أو رفضه أو تغييره بحسب وضعية المقاولة، و بحسب ما توصلت إليه باستعمال آليات التحقيق المكفولة لها قانونا.

فالنيابة العامة في هذا الصدد تتقدم بالطلب باعتبارها طرفا رئيسيا في الخصومة و هي تملك كافة الحقوق و تتحمل جميع الالتزامات المنصوص عليها في القواعد المسطرية العامة التي تنظم العلاقة بين أطراف الدعوى، بحيث يجب عليها الحضور حتميا بقوة القانون و أن تؤسس طلباتها تأسيسا قانونيا، كما أنها لا تستفيد من الامتياز المخول لها للتدخل في الجلسة كآخر طرف يتكلم دون إمكانية التعقيب عليه من قبل باقي الأطراف بل تطبق عليها نفس القواعد المطبقة على الخصوم[11].

و للأسف فإن نفس الملاحظات التي سبق لنا إبداؤها سابقا سواء بخصوص التدخل التلقائي للمحكمة، تنطبق على دور النيابة العامة، بالنظر لغياب التواصل و عدم وجود مصدر للمعلومات يخول للنيابة العامة الاطلاع الدوري على وضعيات المقاولات و تتبع نشاطها[12].

الفقرة الثانية: التحقق القضائي من توفر شروط فتح المسطرة

و تتمثل في الصفة التجارية،التوقف عن الدفع،و عدم اختلال وضعية المقاولة بشكل لا رجعة فيه.

أولا: توفر الصفة التجارية

المادة 575 من م.ت تنص على أنه: “تطبق مسطرة التسوية القضائية على كل مقاولة ثبت أنها في حالة توقف عن الدفع”[13]، و يقصد بالمقاولة في مدلول هذا الكتاب حسب المادة 546 من نفس المدونة: “الشخص الذاتي التاجر أو الشركة التجارية”.

و عليه يشترط لتطبيق مسطرة معالجة صعوبات المقاولة أن تكون المقاولة المعنية تجارية، و يلاحظ أن التشريع المغربي، سواء من خلال مدونة التجارة لسنة 1996 سابقا، أو بعد تعديل الكتاب الخامس منها، قد وسع نسبيا- ولكن في حدود أضيق بكثير من مجال التطبيق في التشريع الفرنسي-[14]، نطاق أو مجال نظام معالجة الصعوبات ليشمل كل مقاولة تكتسب الصفة التجارية أيا كان نوعها،و طبيعي أن اكتساب الصفة التجارية يختلف بحسب ما إذا تعلق الأمر بشخص ذاتي أو بشركة تجارية.

بالنسبة للشخص الذاتي يكتسب صفة التاجر بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التجارية الواردة في المادتين 6 و7 من مدونة التجارة[15]،غير أن هذا التعداد الوارد في هاتين المادتين لم يأتي على سبيل الحصر، بل على سبيل المثال فقط بدليل المادة 8 من نفس المدونة التي نصت على أن صفة التاجر تكتسب أيضا بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية لكل نشاط يمكن أن يماثل الأنشطة الواردة في المادتين 6 و7.

يستفاد إذن من هذه المواد أنه لاكتساب الصفة التجارية ينبغي تحقق ثلاث شروط أساسية:

الممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة الواردة في المادتين 6 و7 من م.ت أو ما يماثلها حسب المادة 8:

الأهلية التجارية: و قد أحال المشرع فيما يخص الأهلية التجارية على قواعد مدونة الأسرة، حيث نصت المادة 12 من م.ت: “تخضع الأهلية لقواعد الأحوال الشخصية”[16]، و يتضح من خلاله أن المشرع قد سوى بين الأهلية المدنية والأهلية التجارية حينما أحال على قواعد مدونة الأسرة و التي تنص من خلال المادة 209 منها على أن سن الرشد القانوني هو 18 سنة شمسية كاملة، و من تم فكل شخص بلغ هذا السن تكون له الأهلية الكاملة لممارسة الأنشطة التجارية، ما لم يوجد عارض من عوارض الأهلية.

ممارسة الأنشطة التجارية بشكل مستقل: لاكتساب صفة تاجر يجب أن يمارس الشخص الأنشطة التجارية بصفة مستقلة، أي باسمه الشخصي أو لحسابه الخاص، و ليس لحساب أو بالتبعية لشخص آخر،

و يندرج في إطار مفهوم التاجر:

المقاول الذاتي: يخضع لمسطرة معالجة صعوبات المقاولة[17]، و هو حسب المادة الأولى من القانون رقم 114-13، كل شخص ذاتي يزاول بصفة فردية نشاطا صناعيا أو تجاريا أو حرفيا أو يقدم خدمات، و لا يتجاوز رقم الأعمال السنوي المحصل عليه50.000 درهم إذا كان النشاط الذي يمارسه يندرج ضمن الأنشطة الصناعية أو التجارية أو الحرفية، أو20.000 درهم إذا كان نشاطه يندرج في إطار تقديم خدمات[18].

المسير الحر للأصل التجاري: أو مكتري الأصل التجاري، و الذي يكتسب صفة تاجر بصراحة المادة 153 من مدونة التجارة، و يخضع لحقوق و التزامات التجار بما فيها إمكانية إخضاعه لمسطرة معالجة صعوبات المقاولة.

كما يمتد تطبيق مسطرة المعالجة أيضا إلى كل شخص وقع في حالة الحظر أو التنافي أو السقوط، و اعتاد مع ذلك مزاولة الأنشطة التجارية، بحيث يعتبر تاجرا، و يتأتى بالتالي فتح مسطرة المعالجة في مواجهته كجزاء لممارسته التجارة رغم ذلك[19].

الأشخاص المتوقفين عن ممارسة التجارة سواء بسبب الاعتزال أو الوفاة:فلا يقتصر تطبيق مسطرة المعالجة على الأشخاص الذين يمارسون الأنشطة التجارية، بل يمكن تطبيقه حتى في مواجهة الأشخاص الذين توقفوا عن ممارسة النشاط التجاري بسبب الاعتزال أو الوفاة، و ذلك متى توفرت شروط معينة نصت عليها المادة 579 من م.ت، بحيث يكتفي بتوفر الصفة التجارية وقت الوقف عن الدفع، و لا يهم إذا بقي متوفرا على هذه الصفة وقت فتح المسطرة، كما يجب فتح هذه المسطرة داخل الأجل المحدد بمقتضى هذه المادة و هو ستة أشهر من تاريخ الوفاة[20]، و سنة من تاريخ الاعتزال.

أما بالنسبة للشركات التجارية فإنها تخضع لمسطرة معالجة صعوبات المقاولة على اختلافها، باستثناء شركة المحاصة التي تستقل بأحكام خاصة بحسب ما إذا كان غرضها مدنيا أو تجاريا، على اعتبار أنها لا تكتسب الشخصية المعنوية، و لا تسجل بالسجل التجاري[21]، فإذا كان غرضها تجاريا تعتبر شركة تجارية وتخضع بالتالي لهذه المسطرة، وإن كان الشركاء المكونين لها هم الذين يخضعون لها كون الشركة في حد ذاتها لا تتوفر على الشخصية المعنوية[22].

و باستثناء شركة المحاصة، فإن جميع الشركات التجارية الأخرى يمكن أن تكون موضوع فتح مسطرة المعالجة، سواء تلك المنظمة بموجب القانون رقم 96-5[23]، أو بشركة المساهمة المنظمة بموجب القانون رقم 95-17،علما بأن جميع هذه الشركات تعتبر تجارية بشكلها و تكتسب الشخصية المعنوية من تاريخ تسجيلها بالسجل التجاري.

و عليه لفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة شركة ما يجب أن تكون مكتسبة للصفة التجارية، و متمتعة بالشخصية المعنوية، ذلك أن تمتع الشركة بالشخصية المعنوية يشكل الأساس القانوني الذي بناء عليه تكون لهذه الشركة أصول و خصوم خاصة بها، مما يجعل لها ذمة مالية مستقلة يمكن إخضاعها لمسطرة التسوية القضائية باستقلال عن الذمم المالية للشركاء أو المساهمين[24]، هذا و لا تكتسب الشركة الصفة التجارية في القانون المغربي إلا بعد تسجيلها في السجل التجاري، فيصبح بالتالي بالإمكان فتح مسطرة المعالجة في مواجهتها.

ثانيا: موقف القضاء من واقعة التوقف عن الدفع

باستقراء الفقرة الأولى من المادة 575 من م.ت يتضح أنها اشترطت لفتح مسطرة التسوية القضائية كون المقاولة في حالة توقف عن الدفع، و حددت من خلال الفقرة الثانية من نفس المادة مفهوم التوقف عن الدفع حيث نصت على أنه: “تثبت حالة التوقف عن الدفع متى تحقق عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة المطالب بأدائها بسبب عدم كفاية أصولها المتوفرة،بما في ذلك الديون الناتجة عن الالتزامات المبرمة في إطار الاتفاق الودي المنصوص عليه في المادة 556 أعلاه”.

وقد جاءت هذه المادة أكثر وضوحا من المادة 560 المنسوخة، بحيث ضيقت نسبيا من مجال تحقق حالة التوقف عن الدفع و حصرتها في حالة عجز المقاولة عن تسديد ديونها المستحقة و المطالب بأدائها، بسبب عدم كفاية الأصول المتوفرة، فلم يعد يكفي لثبوت حالة توقف عن الدفع أن يكون التاجر أو الشركة التجارية في حالة عدم القدرة على تسديد الديون المستحقة عليهم عند الحلول، بل لابد أن تكون هذه الديون أو الخصوم مستحقة الأداء ومطالبا بها عجزت المقاولة عن تسديدها[25]، و ألا تكون الأصول المتاحة أو المتوفرة لدى المقاولة كافية لتسديدها[26].

و يقع على المحكمة أن تتأكد من مضمونها من خلال الأصول المتداولة و المبالغ الموجودة بخزينتها و بحساباتها، و يتعلق الأمر بالأموال النقدية أو القابلة للتحويل للنقد في وقت قصير أو في كل وقت وبدون أجل،  و تستبعد ديون المقاولة المتنازع فيها أو بعيدة التحصيل[27]، وذلك بغض النظر عن قيمته أو مبلغه، و بغض النظر عما إذا كان دينا واحدا أو ديون متعددة، إلا انه يبقى مع ذلك للمحكمة التجارية سلطة تقديرية واسعة في هذا الإطار عند دراستها للطلب المقدم لها وذلك من خلال التمييز بين الديون الرئيسية التي تتطلب فتح مسطرة المعالجة و بين الديون القليلة القيمة و الزهيدة التي تقرر معها رفض الطلب و دعوة الدائن إلى إتباع مساطر التنفيذ الجبري أو غيرها من المساطر[28].

يتضح من خلاله أن المشرع المغربي قد أخذ بالمفهوم الاقتصادي الحديث للتوقف عن الدفع بحيث جعل إثبات هذه الحالة يمر بالأساس من خلال تحديد مجموع أصول المقاولة و كذا مجموع خصومها ثم العمل على تقييم هذه العناصر و المقارنة بينها، و عدم الوقوف عند مجرد الحدود الخارجية للامتناع عن الدفع كسلوك سلبي إرادي من المدين للقول بوجود توقف عن الدفع، إنما البحث عن أسباب و دواعي هذا التوقف و عن الوضعية الاقتصادية والمالية الحقيقية للتاجر المتوقف عن الدفع،و هو ما جاء في قرار صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء حيث ميز بين إثبات المديونية و التوقف عن الدفع، و مما ورد فيه:[29]“و حيث إن المدعية و إن استطاعت إثبات مديونيتها تجاه المدعى عليها و تعذر تحصيلها فإنها لم تستطع إثبات قيام الشرط الموضوعي الثاني لسلوك هذا النوع من المساطر ألا و هو التوقف عن الدفع، و حيث إن هذا الشرط ليست العبرة فيه لعدم أداء دين و إنما الوضعية المالية للمقاولة ككل و حيث انه بذلك تكون الدعوى الحالية لا ترتكز على أساس و يتعين رفضها”.

 

ثالثا: التحقق من عدم اختلال وضعية المقاولة بشكل لا رجعة فيه

لما كان التوقف عن الدفع يشكل المنطلق الأساسي لفتح مساطر المعالجة القضائية، فإن المشرع وضع معيارا تعتمده المحكمة لتحديد اختيارها بين مسطرتي التسوية القضائية والتصفية القضائية، ويتمثل هذا المعيار في وضعية المقاولة والنتائج المترتبة عن تقويم ذمتها المالية و وضعيتها الاقتصادية والاجتماعية، فإذا كانت وضعيتها غير مختلة بشكل لا رجعة فيه تقضي المحكمة بإخضاعها لمسطرة التسوية القضائية، أما إذا كان إنقاذها بات مستحيلا أي اختلت وضعيتها بشكل لا رجعة فيه تقضي بالتصفية القضائية[30]، فالمحكمة المرفوع إليها الطلب لا تكون ملزمة بضرورة الحكم بالتسوية القضائية في بداية الأمر ثم بعد ذلك تحويل هذه التسوية إلى تصفية قضائية كلما تبين لها ذلك، بل يجوز للمحكمة و يتعين عليها أن تحكم مباشرة بالتصفية القضائية إذا كانت وضعية المقاولة قد اختلت بشكل لا رجعة فيه.

و بالرجوع لقضاؤنا التجاري، من خلال استقراء مجموعة من القرارات القضائية القاضية بالتسوية القضائية للمقاولات، نجد أنها تعتمد العديد من المعايير و المعطيات للقول باختلال أو عدم اختلال وضعية المقاولة بشكل لا رجعة فيه، و عليه يمكن القول أن العمل القضائي استقر على عنصرين أساسيين كلما تأكدت المحكمة من توفرهما في المقاولة موضوع طلب فتح المسطرة تقضي بالتسوية القضائية و هما:

– استمرارية الاستغلال

– استمرارية أداء أجور العمال

ذلك أننا نقرأ في جل الأحكام القضائية بالتسوية القضائية الحيثيات التالية:”…و حيث إنه بعد…و كون الشركة لا تزال تؤدي الأجور و لا زالت تمارس نشاطها…”.

المطلب الثاني: إجراءات فتح مسطرة المعالجة

قبل الحكم بفتح المسطرة تقوم المحكمة بمجموعة من الإجراءات الضرورية،كما تعمد في حكمها إلى تعيين مجموعة من الأجهزة لتسيير المسطرة.

الفقرة الأولى: الإجراءات السابقة لفتح مسطرة المعالجة

و تتمثل هذه الإجراءات في الاستماع لرئيس المقاولة و باقي المتعاملين معها و كذا تعيين خبير إذا استلزم الأمر ذلك.

 

أولا: استدعاء رئيس المقاولة

نصت المادة 582 من م.ت على أن المحكمة تبت بشأن فتح مسطرة المعالجة بعد استماعها لرئيس المقاولة أو استدعاءه قانونيا للمثول أمام غرفة المشورة و ذلك قصد تقديم الإيضاحات اللازمة و استفساره عن وضعية المقاولة و عن أسباب توقفها عن الدفع و مدى حدة هذا التوقف، و غيرها من النقاط التي قد تأتي مضمنة في طلبه إذا كان المبادر لطلب المسطرة، أو قصد استفساره عن صحة الأسباب المضمنة بالطلب المقدم من أحد الدائنين أو غيرهم ممن يمكن لهم طلب فتح المسطرة، بحيث يتعين على المحكمة أن تعمد لاستدعائه قانونيا بإحدى وسائل الاستدعاء المنصوص عليها بالفصول 37-38-39  من ق.م.م[31].

و يعد هذا الإجراء صورة من صور مبدأ التواجهية الذي يقضي بحماية وضمان حقوق الدفاع، حيث يسمح للمدين بالإدلاء بأوجه دفاعه لاسيما في الحالة التي يرى فيها أن مقاولته لا توجد في حالة توقف عن الدفع، خاصة أن رئيس المقاولة و بحكم موقعه داخل المقاولة الذي يسمح له بتزويد المحكمة بأكبر قدر من المعلومات المتعلقة بالوضعية المالية والاقتصادية و الاجتماعية للمقاولة[32].

كما يمكن المحكمة من الاطلاع بمزيد من التفصيل على وضعية المقاولة و تكوين نظرة أولية عن هذه الوضعية مما يحول دون تأثر سمعة المقاولة المعنية بالأمر مادام أن المسطرة المتبعة بغرفة المشورة لا تكون علنية، و هو ما يضفي على هذا الإجراء صفة النظام العام الاقتصادي بحيث أن الإخلال به يؤدي إلى بطلان جميع إجراءات التحقيق التي قد تتم في جلسة علنية، فغياب الاستماع إلى أقوال رئيس المقاولة يؤدي إلى بطلان الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية[33].

إلا أنه بالرغم من أن استدعاء رئيس المقاولة و الاستماع إليه يشكل مبدأ مهما في سير المسطرة، إلا أن غيابه و عدم حضوره لا يفضي إلى توقف إجراءات المسطرة، فالغاية من المساطر القضائية لا تتوقف على مصلحة المدين أو الدائنين بل في إنقاذ المقاولة و الحفاظ على استمراريتها، فالمحكمة التجارية في حالة استدعاءها لرئيس المقاولة من أجل الاستماع إليه بغرفة المشورة و لم يحضر هذا الأخير في التاريخ المحدد من الاستدعاء دون الإدلاء بأي عذر قانوني، جاز لها أن تعتبر هذا التخلف عن الحضور بمثابة قرينة على كون المقاولة المدعى عليها توجد في حالة توقف عن الدفع، مما يسمح لها بالحكم بفتح مسطرة المعالجة كلما كانت الشروط اللازمة لذلك متوفرة[34].

ثانيا: تشخيص وضعية المقاولة

إلى جانب الاستماع لرئيس المقاولة كإجراء إلزامي، يمكن للمحكمة بموجب المادة 582 من م.ت الاستماع لكل شخص مهما كانت صفته أو الوظيفة التي يزاولها، كالخبراء المحاسبين ومراقبي الحسابات و ممثلي العمال و موظفي البنوك و إدارة الضرائب، و شركات التأمين وصندوق الضمان الاجتماعي…و كل شخص تعتقد أن أقواله مفيدة، من أجل الاستخبار والتقصي حول وضعية المقاولة لتكوين قناعاتها و تقييم وضعية المقاولة تقييما سليما يجعل حكمها قائما على أسس قانونية صلبة، و ذلك دون إلزامها بإتباع شكلية معينة.

و في إطار تسهيل مهمة المحكمة و تقوية دورها، عمد المشرع إلى منع هؤلاء الأطراف المعنية بالاستماع من التمسك بالسر المهني الملقى على كاهلهم بحكم الوظيفة التي يقومون بها أو بحكم علاقتهم بالمقاولة المدعى عليها.

و يجري هذا الاستماع و الحضور في غرفة المشورة، غير أن النطق بالحكم يتوجب أن يعلن في جلسة علنية[35].

و نشير في الأخير إلى أنه إلى جانب الاستماع يمكن للمحكمة استنادا للفقرة الخامسة من المادة 577 من م.ت و في جميع الأحوال، أن تأمر مباشرة بأي إجراء تراه مفيدا للتأكد من توقف المقاولة عن الدفع، بما في ذلك الاطلاع على الرغم من أي مقتضى تشريعي مخالف، على معلومات من شأنها إعطاء صورة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية والاجتماعية للمقاولة، و ذلك عن طريق مراقب الحسابات إن وجد، أو ممثلي الأجراء أو إدارات الدولة، و باقي أشخاص القانون العام، أو مؤسسات الائتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها، أو الهيئات المالية أو أي جهة أخرى.

بالإضافة لما سبق يمكن للمحكمة بمقتضى المادة 582 من م.ت قبل البت في طلب فتح مسطرة المعالجة، متى كانت المعلومات المستقاة من رئيس المقاولة أو المتعاملين معها غير كافية لأجل توضيح وضعية المقاولة الحقيقية و التثبت من واقعة التوقف عن الدفع، أو كانت المعلومات و الوثائق المرفقة بطلب فتح المسطرة أو المحصل عليها باستعمال آليات التشخيص المذكورة سابقا، ذات طبيعة محاسبية أو تقنية معقدة، أن تصدر حكما تمهيديا بإجراء خبرة يعهد بها إلى خبير مختص و له دراية بطبيعة نشاط المقاولة،كما يمكنها أن تطلب من كل ذوي الخبرة إبداء رأيه في الأمر في كل الجوانب المالية أو الإدارية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو التقنية، و ذلك إما في صورة عرض شفوي أو تقرير مكتوب، و يتعلق الأمر على الخصوص بالخبراء المحاسبين و أولائك المختصين في تشخيص أوضاع المقاولات،حيث يكون رأي الخبير والحالة هاته مفيدا في إعطاء المحكمة صورة أولية عن حقيقة الوضع المالي للمقاولة المطلوب فتح مسطرة المعالجة أو التصفية ضدها[36]،و قد أكد المجلس الأعلى على أن المحكمة التجارية من حقها إجراء خبرة لمعرفة حقيقة الوضعية المالية للمقاولة[37].

و تتشابه هذه الحالة مع حالة تعيين خبير لإجراء خبرة كإجراء من إجراءات تحقيق الدعوى المنصوص عليها في قانون.م.م، إلا أن المشرع في إطار صعوبات المقاولة لم يشترط كما هو الشأن بالنسبة لقواعد المسطرة المدنية التي يجب أن يصدر الأمر بإجراء خبرة في إطار حكم تمهيدي، لهذا ليس هناك ما يمنع المحكمة من أن تأمر تمهيديا بتعيينه لإجراء الخبرة المطلوبة و في تزامن حضور الخبير والأطراف معا[38].

و هو ما يتماشى أكثر مع طبيعة هذه المساطر بما تتطلبه من تدخل سريع للقضاء لإنقاذ ما يمكنه إنقاذه، خاصة في ظل الأجل القصير الذي حدده المشرع للبت القضائي في طلب فتح المسطرة كما سنرى ذلك لاحقا.

الفقرة الثانية: تعيين أجهزة المسطرة من طرف القضاء

تعين المحكمة في حكمها القاضي المنتدب و السنديك و كمستجد قد تعمد إلى تشكيل جمعية الدائنين.

أولا:تعيين القاضي المنتدب  نائبه

تقوم المحكمة في حكم تعيين فتح مسطرة المعالجة القضائية بتعيين القاضي المنتدب و نائبه طبقا لنص المادة 670 من م.ت، و قد استمد المشرع المغربي هذه المؤسسة من القانون التجاري الفرنسي حيث تم توظيفها في إطار نظام الإفلاس في بداية الأمر قبل أن توظف بشكل أكثر تطورا في إطار مساطر معالجة صعوبات المقاولة، و بذلك فالقاضي المنتدب يقوم بدور مهم وحيوي بحيث يسهر على السير السريع للمسطرة و على حماية المصالح القائمة في المسطرة، و هو أشارت إليه المادة671 من م.ت، و ذلك بالنظر إلى الصعوبات التي يمكن أن تواجهها المحكمة في حالة الإبقاء على مهمة الإشراف بيدها، لأن تسيير المسطرة ومراقبتها تتطلب من الجهاز المشرف اتخاذ قرارات آنية بالإضافة إلى تفرغ الجهاز المكلف بهذا الأمر لحل مختلف المشاكل التي يمكن أن تقع ويتطلب حلولا سريعة، لذلك تم التفكير في فصل سلطة الحكم عن سلطة المراقبة بوضعها بيد قاض منفرد يمارس مهامه مبدئيا تحت رقابة المحكمة في حدود الصلاحيات المخولة له قانونا[39].

و بالنسبة لمسألة تعيين القاضي المنتدب يلاحظ غموض على مستوى المشرع حيث لم ينص إذا كان من الضروري تعيينه من بين قضاة الذين ينتمون إلى هيئة الحكم بالمحكمة التجارية المختصة أو من خارجها، اللهم إلا فيما يخص منع تعيينه من أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو أصهارهم حسب نص المادة 670 من م.ت[40]، و يرى الأستاذ”عبد الرحيم شميعة” في هذا الصدد بأن هذا المنع ينبغي أن يشمل كذلك أقارب الدائن أو الدائنين الرئيسيين للمقاولة حتى تكون مقترحات القاضي المنتدب وكذا أوامره بعيدة عن أية شبهة تأثير، و أنه ليس ثمة قاعدة قارة في اختيار القاضي المنتدب وإنما يبقى ذلك منوطا بالسلطة التقديرية للقضاء لتعيين القاضي الذي تراه مناسبا أخذا بعين الاعتبار حجم المقاولة موضوع المسطرة و كفاءة القاضي و أقدميته،

و لم يتطرق المشرع المغربي لمسألة استبدال القاضي المنتدب، و لعله ابتغى بذلك تجنب تعطيل المسطرة و تقوية مؤسسة القاضي المنتدب و دعم استقلاليته[41]، خاصة بعد نصه بموجب القانون رقم 73-17 على مستجد أساسي حيث أعطى للمحكمة أن تعين نائبا للقاضي المنتدب تسند إليه نفس مهام القاضي المنتدب، إذا عاق مانع هذا الأخير، و لم يقم بتحديد ماهية هذا العائق مما يفسح المجال أمام السلطة التقديرية للقضاء.

و لم تحدد المادة671 من م.ت سوى الاختصاص العام للقاضي المنتدب، بحيث لم يحدد اختصاصاته بموجب مادة وحيدة بل جاءت هذه الاختصاصات شاملة لجميع مراحل مسطرة المعالجة القضائية من بدايتها إلى نهايتها، و عليه يمكن القول أن وظيفة القاضي المنتدب تتمثل في الإدارة العامة للمسطرة، و هي أحد الأدوار الكلاسيكية التي يلعبها و تتمحور أساسا حول جانبين احدهما تحقيقي و إخباري، والأخر تنشيطي و رقابي[42]، فهو يعتبر عين المحكمة الساهرة على المقاولة موضوع البحث عن الحل الممكن لإنقاذها.

و من بين مستجدات القانون رقم 73-17 في هذا الإطار أنه عمل على سرد نوع من الصلاحيات التي يستأثر بها القاضي المنتدب، و يتعلق الأمر بالطلبات الاستعجالية و الوقتية والإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة، حيث يوفر القاضي المنتدب نفس ضمانات السرعة في البت التي تمنحها عادة مسطرة الاستعجال و يشكل قيمة مضافة بفعل احتكاكه بتفاصيل المسطرة و بمختلف مراحلها مما يساهم في توحيد الحل ومنع تشتت المنازعات المرتبطة بالمسطرة و ذلك بعرضها على مختلف الجهات القضائية[43].

كما أنه و في إطار حماية المصالح المتواجدة، و خاصة مصلحة الدائنين نصت المادة 678 من م.ت على أنه: “يعين القاضي المنتدب واحدا إلى ثلاثة مراقبين من بين الدائنين الذين يتقدمون إليه بطلب، و يمكن أن يكون المراقبون أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين”، و عليه لا يتم تعيين المراقبين ضمن حكم فتح المسطرة بل من طرف القاضي المنتدب و بناء على طلبهم، بحيث لا يمكنه تعيينهم من تلقاء نفسه بل لابد أن يعبر الدائن الراغب في تولي مهمة المراقب عن رغبته في ذلك بواسطة طلب، كما أنه عندما يعين القاضي المنتدب عدة مراقبين يجب أن يكون واحد منهم على الأقل من بين الدائنين الحاملين لضمانات و أن يكون الآخر من بين الدائنين العاديين، و ذلك لضمان تمثيلية لجميع فئات الدائنين في المسطرة المفتوحة.

و تسهيلا لمهمته سلحته المدونة بآليات قانونية مهمة تروم مساعدته لتحقيق الأهداف التي عين من أجلها، حيث نصت المادة 672 من م.ت على أنه: “يبت القاضي المنتدب بمقتضى أوامر في الطلبات و المنازعات و المطالب الداخلة في اختصاصه لاسيما الطلبات الاستعجالية و الوقتية و الإجراءات التحفظية المرتبطة بالمسطرة و كذا الشكاوى المقدمة ضد أعمال السنديك”، على أن يتم إيداع هذه الأوامر بكتابة ضبط المحكمة فور صدورها[44].

ثانيا:تعيين السنديك

فضلا عن القاضي المنتدب تقوم المحكمة في حكم فتح مسطرة المعالجة بتعيين السنديك كجهاز مساعد للقضاء، يشكل المحرك الأساسي لمختلف الإجراءات التي تقتضيها مسطرة المعالجة[45].

و لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 568 سابقا قد أوكلت للمحكمة تحديد مهام السنديك من طرف كاتب الضبط، و يمكن لها عند الاقتضاء أن تسندها إلى الغير، فإن الفقرة الأخيرة من المادة 673 من م.ت حاليا قد جعلت المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهام السنديك و الأتعاب المستحقة عن هذه المهام محددة بنص تنظيمي[46]، مما يؤكد استمرار العمل بالمقتضيات السابقة إلى حين دخول هذا النص حيز التنفيذ[47]، كما يفيد عدم استقرار المشرع المغربي على جهة محددة يخول لها هذه الصفة.

و إن كان قد تعامل مع تعيين السنديك بنوع من المرونة بحيث سمح بإسناد هذه المهمة للغير مما فتح المجال أمام السلطة التقديرية للقضاء لتعيين من تفترض فيهم الخبرة و الكفاءة باعتبار أن كتاب الضبط و بحكم تكوينهم القانوني المحض لا تتوفر فيهم المؤهلات اللازمة لممارسة هذه المهمة التي ترتكز بشكل أساسي على الجانب المحاسبي بالإضافة للقانوني، مما يجعلهم في حاجة مستمرة إلى إجراء خبرة لمؤازرتهم خاصة في عملية إعداد الموازنة المالية و الاقتصادية للمقاولة، إلا أن ذلك لا يلغي الحاجة إلى جهاز محترف و متفرغ لممارسة هذه المهنة.

هذا و يشترط في السنديك كما في القاضي المنتدب بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 670 السالفة الذكر، ألا يكون من أقارب رئيس المقاولة أو مسيريها حتى الدرجة الرابعة بإدخال الغاية أو أصهارهم، مما يدعم حياد و استقلالية السنديك، إلا أن المشرع أغفل تمديد هذا المنع لأقارب الدائنين.

أما فيما يتعلق بمهام السنديك فالملاحظ أن المشرع منحه صلاحيات و سلطات واسعة حيث نظم مهام السنديك من خلال مواد متعددة و متفرقة[48]، و تحدد مهامه مباشرة بعد الإعلان عن تعيينه بمقتضى حكم أو قرار، حيث تختلف هذه الأخيرة في منطوقها بين التكليف بمهام التسيير و المراقبة أو بمساعدة رئيس المقاولة على مستوى التسوية القضائية.

و بذلك فالسنديك يعتبر بحكم الصلاحيات و السلطات المسندة إليه كأحد أجهزة المسطرة ممثلا قانونيا للمقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة و وكيلا عن الدائنين و المدين رئيس المقاولة في نفس الوقت[49].

على أساس ما سبق يتضح أن دور السنديك يتمحور أساسا في إدارة المقاولة المتعثرة، حيث اعترف له المشرع بصلاحيات اقتصادية و مالية تتمثل في تقويم الوضعية الاقتصادية والمالية للمقاولة، و إعداد تقرير الموازنة في أفق اقتراح الحل المناسب لمسطرة المعالجة، كما كفل له المشرع صلاحيات قانونية تتجلى في حماية أصول المقاولة[50]، و يحق له ممارسة دعوى البطلان قصد إعادة تأسيس و جمع أصول المقاولة[51]، كما يمكن له العمل على تشغيل الحسابات البنكية للمقاولة لما فيه مصلحتها.[52]

و كل هذه المهام يمارسها تحت إشراف و مراقبة القاضي المنتدب الذي يعتبر المشرف لعمل هذه المؤسسة، فجميع الأعمال التي يقوم بها السنديك تستوجب تدخل القاضي المنتدب لبسط رقابته، و لا يتعلق الأمر بالمصادقة على جميع المقترحات والتقارير، بل دراسة هذه الأخيرة بتبصر و حكمة واستشارة باقي الأطراف المساهمة في المسطرة إن اقتضى الحال[53].

و قد وسع المشرع المغربي من خلال المادة 677 من م.ت من الجهات المخول لها طلب المحكمة لاستبدال السنديك[54]، مما يعزز سلطة الرقابة على هذا الجهاز، كما أضافت الفقرة الأخيرة من نفس المادة مستجد أساسي يتمثل في إلزام السنديك الذي أعفي من مهامه أن يسلم إلى السنديك الجديد جميع الوثائق المتعلقة بالمسطرة و تقريرا بالحسابات المرتبطة بها داخل أجل 10 أيام من تاريخ إعفائه من مهامه و يظل السنديك المعفى ملزما بالسر المهني.

و تتمثل مهمة المراقبين في مساعدة السنديك في أعماله و القاضي المنتدب في مراقبة إدارة المقاولة، و يقومون بإخبار الدائنين الآخرين بما تحقق من مهمتهم في كل مرحلة من مراحل المسطرة، و يبقى من حق هؤلاء الاطلاع على كل الوثائق التي يتوصل بها السنديك ضمانا لتأديتهم لمهامهم على أحسن وجه، غير أنهم يلتزمون بهذا الخصوص بسرية الوثائق والإجراءات التي يطلعون عليها و بحفظ السر المهني[55].

ثالثا:جمعية الدائنين

في إطار إرساء مبدأ التشاركية داخل المقاولة المتعثرة و إعادة التوازن بين سلطات رئيس المقاولة و الدائنين، نص المشرع المغربي كمستجد ضمن القانون رقم 73-17 على إحداث هيئة تمثيلية للدائنين أسماها ب “جمعية الدائنين”، حيث تنص المادة 606 من م.ت على أنه تشكل جمعية للدائنين عند فتح مسطرة للتسوية القضائية في حق كل مقاولة خاضعة لإلزامية تعيين مراقب الحسابات وفق النصوص التشريعية الجاري بها العمل، أو يتجاوز رقم معاملاتها السنوية خمسة و عشرين مليون درهم و تشغل ما لا يقل عن خمسة وعشرين أجيرا خلال السنة السابقة لفتح المسطرة، و لعل المشرع ابتغى من وراء إحداث هذه الجمعية حماية المقاولات الكبرى التي تكون ملزمة بتعيين مراقب الحسابات خاصة شركات المساهمة[56]، أو باقي الشركات عندما يفوق رقم معاملاتها حد معين[57]، و ذلك لضمان تمثيلية أكبر للدائنين داخل المسطرة المفتوحة في مواجهة هذه الشركات و إشراكهم بصورة فعلية في اختيار الحل المناسب لتصحيح وضعيتها.

و تضيف الفقرة الثانية من نفس المادة “يمكن للمحكمة، بناء على طلب من السنديك وبموجب حكم معلل، تشكيل جمعية الدائنين في غياب الشروط المذكورة في الفقرة السابقة متى توفرت لذلك أسباب وجيهة “، غير أن المشرع لم يوضح المقصود بهذه الأسباب الوجيهة، و هو بذلك ترك للمحكمة السلطة التقديرية في تكييف هذه الأسباب بناء على وضعية المقاولة و كذا بالاستناد على خصوصيات تهم طبيعة و نوعية الدائنين.

و في الحالة التي تقرر فيها المحكمة تشكيل جمعية الدائنين يجب أن يتم ذلك بحكم معلل تبرز من خلاله الأسباب التي دفعت بها لاتخاذ هذا القرار[58].

في المقابل نجد أن المشرع جعل الحكم القاضي بتشكيل جمعية الدائنين غير قابل لأي طعن[59]، و لعل لذلك ما يبرره في تحقيق مصلحة المقاولة و مصلحة الدائنين في تجنب إهدار الوقت و تسريع المسطرة.

و تتألف الجمعية من السنديك بوصفه رئيسا[60]، و رئيس المقاولة، و الدائنين المسجلين في قائمة الديون المصرح بها التي يسلمها السنديك إلى القاضي المنتدب[61]، و الدائنين الذين لم يبد السنديك بشأن ديونهم أي اقتراح برفضها أو بإحالتها إلى المحكمة، و الدائنين الذين أدرجت مقررات قبول ديونهم في القائمة و ذلك عندما تتم دعوة الجمعية العامة للانعقاد بعد تاريخ إيداع هذه القائمة بكتابة الضبط.

و تتجلى مهام جمعية الدائنين في التداول بشأن[62]:

– مشروع مخطط التسوية لاستمرارية نشاط المقاولة المشار إليه في المادة 595 من م.ت وذلك في الحالة التي يروم فيها تقرير السنديك إلى اختيار مخطط التسوية.

– مشروع مخطط التسوية لاستمرارية نشاط المقاولة الذي يقترحه الدائنون وفقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 615 من م.ت.

– تغيير أهداف و وسائل مخطط التسوية لاستمرارية نشاط المقاولة عند تطبيق مقتضيات المادة 629 من م.ت.

– طلب استبدال السنديك المعين طبقا لمقتضيات المادة 677 من م.ت.

– تفويت واحد أو أكثر من الأصول المهمة المشار إليها في المادة 618 من م.ت.

و تنعقد الجمعية  بدعوة من السنديك[63]، و ذلك خلال الأجل المحدد قانونا، و في حالة تقاعسه من طرف القاضي المنتدب تلقائيا أو بطلب من رئيس المقاولة أو واحد أو أكثر من الدائنين، و تتم هذه الدعوة بواسطة إشعار ينشر في صحيفة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و القضائية و الإدارية، و يعلق في لوحة معدة لهذا الغرض في المحكمة، كما يمكن الدعوة إلى انعقادها بواسطة استدعاء يوجه إلى الدائنين في موطنهم المختار أو بطريقة الكترونية، و يتضمن هذا الإشعار بالضرورة مجموعة من البيانات المحددة بموجب المادة 609 من م.ت.

و معلوم أن مداولات الجمعية لا تكون صحيحة إلا  بحضور الدائنون الذين يمتلكون على الأقل ثلثي مبلغ الديون المصرح بها، و في حالة عدم توفر هذا النصاب، يحرر رئيس الجمعية محضرا بهذا الشأن، و يحدد فيه تاريخا جديدا لانعقاد الجمعية، على ألا يتجاوز أجل عشرة أيام من تاريخ انعقادها و ينشر إشعارا بذلك[64].

المبحث الثاني: إعداد و اختيار الحل القضائي

إن صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية المقاولة يعد نقطة البداية في سبيل اختيار الحل، حيث تتحرك الأجهزة المعنية لهذا الغرض لتشخيص الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمقاولة و البت في مدى وجود إمكانيات جدية لتسوية وضعيتها و الخروج بها من الأزمة التي تعيشها، و قد أصبح القضاء خلال هذه المرحلة يعتبر سيد الموقف في اختيار الحل المناسب للمقاولة و المتمثل في إحدى الخيارات:

إما حصر مخطط لاستمرارية المقاولة أو تفويتها لأحد الأغيار أو النطق بالتصفية القضائية.

المطلب الأول: إعداد الحل

بعد الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية و دخول المقاولة في مرحلة إعداد الحل تصبح بذلك تحت الوصاية المباشرة للمحكمة بمختلف أجهزتها المعينة للسهر على إعداد هذا الحل، ويقتضي تنفيذ وسائل العلاج في بعض الأحيان لجوء محكمة المسطرة إلى التدخل في تسيير المقاولة لتنتهي بعد ذلك إلى تكوين قناعاتها حول وضعية المقاولة انطلاقا من تقرير السنديك الفقرة الأولى: التدخل القضائي في تسيير المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة

الأصل أن تسيير المقاولة خلال فترة إعداد الحل يبقى من اختصاص مسيرها الأصلي إلا أن المحكمة قد تتدخل لإحداث تغييرات في هذا الإطار ،كما يمكنها التدخل لمراقبة هذا التسيير .

أولا:حالات اختيار المحكمة أجهزة تسيير المقاولة

قد تعمل المحكمة بناء على سلطتها التقديرية و بعد الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية على إبقاء رئيس المقاولة في التسيير، و قد تقوم بإشراك السنديك في التسيير و مساعدة رئيس المقاولة، و قد تحرم المحكمة رئيس المقاولة من هذه السلطة و تسندها للسنديك.

و يرتبط هذا التدرج في سلطات رئيس المقاولة في التسيير حسب تقدير المحكمة لتصرفات رئيس المقاولة قبل توقف المقاولة عن الدفع، و حسب ما إذا كان قد ساهم بسوء تسييره وعدم مبالاته في تكريس وضعية المقاولة المتأزمة، و حسب ما تراه مناسبا لمصلحة المقاولة.

فلعل أهم ما يميز نظام صعوبات المقاولة عن نظام الإفلاس الملغى، أنه لا يلغي بصفة مطلقة أو يغل يد رئيس المقاولة في إدارة مقاولته و تسييرها، بل على العكس من ذلك يعتبر دور هذا الأخير في هذه المرحلة إيجابيا باعتباره الشخص الأقدر على معرفة خبايا المقاولة، كما أنه اكتسب بحكم الممارسة خبرة في التسيير و التدبير و الإنتاج و التسويق و له معرفة واضحة و دقيقة حول وضعية العمال و الزبناء و الممولين، إلا أنه في ظل الوضعية الحرجة التي تكون فيها المقاولة يصعب عليه مواجهتها وحده و دون مساعدة.

و على هذا الأساس قد تبقي المحكمة مهام التسيير بيد رئيس المقاولة و ذلك تحت إشراف و رقابة السنديك،

و يرجح جانب من الفقه أن تختار المحكمة تكليف السنديك بمهمة المراقبة في الأحوال التي يثبت لديها أن الصعوبات التي أدت بالمقاولة إلى التوقف عن الدفع لا دخل للمسيرين فيها وإنما نتجت عن ظروف موضوعية راجعة إلى تقلبات الظرفية الاقتصادية[65]، و هكذا قد تتطلب مصلحة المقاولة الإبقاء على رئيس المقاولة كمسير وحيد و ذلك بحكم تجربته ومعرفته بدقائق الأمور داخل و خارج المقاولة، مع خضوعه لمراقبة السنديك في جميع القرارات و الأعمال التي يعتزم القيام بها، حتى يتمكن السنديك من الاطلاع على وضعية المقاولة الحقيقية و إعداد تقرير بذلك[66]، و إخبار القاضي المنتدب حول خطوات التسيير ومضمونه و نتائجه لتكون المحكمة مطمئنة على وضعية المقاولة عبر هذا النمط من التسيير و تكمن أهمية هذه الرقابة فيما قد يضر المقاولة في المستقبل فهي إذن رقابة لاحقة حول أهمية القرار الذي يتخذه رئيس المقاولة[67].

و قد ترى المحكمة تكليف السنديك بالمشاركة في عمليات التسيير إذا كان من شأن ذلك أن يساعد على إنقاذ المقاولة و تصحيح وضعيتها، و تتولى المحكمة في هذه الحالة التحديد الدقيق لنطاق الصلاحيات التي تشملها المساعدة، و ذلك باعتبار أن الفقرة الثانية من المادة 592 من م.ت تنص على أنه: ” يكلف الحكم السنديك:… أو بمساعدة رئيس المقاولة في جميع الأعمال التي تخص التسيير أو في بعضها؛”، و يلزم توخي الدقة في التحديد تفاديا للنزاع حول تداخل الصلاحيات[68]، و غالبا ما يتعلق الأمر هنا بالقضايا الأساسية والجوهرية التي تساهم بشكل كبير في العمل على إنقاذ المقاولة، و يمكن أن يعتبر هذا النوع من المساعدة بمثابة تسيير مشترك بينهما[69].

و لاشك أن القضاء التجاري عندما يعطي للسنديك صلاحية المشاركة في التسيير فإن ذلك يكون راجعا إلى ملاحظة عدم كفاءة المقاول المسير أو عدم خبرته، و بالتالي فإنه يسعى إلى التقليص من الصلاحيات التي كان يمارسها في الظروف العادية و تمكينه من شخص يتوفر على كفاءة تؤهله لمساعدته و تقديم الاستشارات اللازمة كلما اقتضى الأمر ذلك[70].

أما الحالة الثالثة و هي تكليف السنديك بالتسيير الكلي للمقاولة، فتتجلى من خلالها قوة السلطة التي تملكها المحكمة في مرحلة متابعة نشاط المقاولة خلال الفترة الإعدادية، حيث تصل هذه السلطة إلى حد الإبعاد الكلي أو الجزئي لرئيس المقاولة عن ممارسة صلاحياته على رأس مقاولته، و يجعل هذا القرار المقاولة تحت الإشراف المباشر للقضاء، حيث يعتبر السنديك هو المسير الفعلي للمقاولة و الممثل الوحيد لرئيس المقاولة.

و لا تعمد المحكمة إلى اختيار هذا الأسلوب إلا في حالات صدور الأخطاء الجسيمة من المسير أو حالة عدم الكفاءة التامة من قبله[71]، أي حالة وجود أسباب خطيرة أو أخطاء جسيمة تبرر إقصاء رئيس المقاولة.

و إذا كانت المحكمة تملك صلاحية تحديد شكل تسيير المقاولة، فإنها تملك أيضا صلاحية تغيير هذا الشكل حسب مصلحة المقاولة و تحديد صلاحيات رئيس المقاولة و السنديك من جديد سواء تلقائيا أو بطلب من هذا الأخير حسب نص الفقرة الأخيرة من المادة 592 م.ت.

ثانيا:مراقبة تسيير المقاولة من طرف المحكمة

تتجلى مظاهر الرقابة القضائية على تسيير المقاولة خلال فترة إعداد الحل في:

1- ترخيص القاضي المنتدب لرئيس المقاولة أو السنديك ببعض التصرفات

أخضع المشرع بعض التصرفات التي قد يقوم بها السنديك أو رئيس المقاولة لضرورة الحصول على ترخيص أو إذن مسبق من القاضي المنتدب، و ذلك كيفما كان الشكل الذي اختارته المحكمة لتسيير المقاولة، مما يفيد أن القيام بهذه التصرفات لا يمكن أن يتم بدون مراقبة المحكمة في شخص القاضي المنتدب و تقديرها لملائمتها[72].

و هكذا بالرجوع إلى المادة 594 من م.ت نجدها تنص على أنه يرخص القاضي المنتدب لرئيس المقاولة أو للسنديك بتقديم رهن أو رهن رسمي و بالتوصل إلى صلح أو تراض[73]، ولعل الغاية من هذا الترخيص هي تفادي إقدام رئيس المقاولة المدين أو السنديك على تقديم ضمانات تأثر على أصول المقاولة و تزيد من تدهور وضعيتها تحت ذريعة الحاجة إلى السيولة، لذلك فالقاضي المنتدب باعتباره المشرف على سير المسطرة هو الذي ينبغي أن يقدر ملائمة الرهون المقدمة للحصول على تمويل ضروري للمقاولة و ليس محاباة بعض الدائنين على حساب البعض الآخر[74].

  • تدخل المحكمة في تنفيذ العقود الجارية

تنص الفقرة الأولى من المادة 588 من م.ت على أنه:” بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة…”، وعليه فقد وضع المشرع مصير العقود الجارية في يد السنديك الذي يملك وحده حق المطالبة بتنفيذها أو التخلي عنها، بدون إذن سابق من رئيس المقاولة أو القاضي المنتدب أو استشارتهما فيستفرد وحده بهذا القرار، و بغض النظر عن طبيعة مهمته، سواء كان مساعدا للمدين أو مراقبا له أو كان مكلفا وحده بالتسيير[75]، و ذلك باستثناء عقود الشغل التي لم تعد له سلطة عليها بموجب القانون رقم 73-17.

على أن حق الخيار و إن كان حقا مطلقا للسنديك، فإن ممارسته تخضع لبعض الأحكام التي وضعها المشرع في قانون صعوبات المقاولة، حيث لا ينطلق في تحديد مصير هذه العقود من منطلقات شخصية و إلا ترتبت في مواجهته مسؤولية جنائية[76]، بل يتحتم عليه ألا يواصل إلا العقود الضرورية لاستمرارية نشاط المقاولة، و ذلك  دون أن يكون مقيدا بأجل معين في إعمال سلطته في هذا الصدد، غير أن توجيه إنذار إليه من طرف المتعاقد مع المقولة يظل دون جواب لمدة تفوق شهر تجعل حدا لهذا العقد و يفسخ بقوة القانون و يفقد السنديك سلطته عليه[77]،و عموما لا تخرج سلطة الخيار الممنوحة للسنديك على نتيجتين:

إما أن يختار السنديك مواصلة العقد الجاري، فيصبح في هذه الحالة ملزما بتنفيذ هذا العقد بجميع مقتضياته، و كذا بالأجل المحدد فيه بمقتضى القانون، على أنه إذا كان هناك شرط يقضي بالزيادة في التزامات المدين في حالة خضوعه للتسوية القضائية، فإن هذا الشرط يعتبر كأنه لم يكن باعتباره يمس بمبدأ المساواة بين الدائنين الذي يعد من النظام العام[78].

و إما أن يختار عدم مواصلة العقد الجاري، فيفسخ العقد بقوة القانون و لا يملك المتعاقد معه إلا إمكانية رفع دعوى التعويض عن الأضرار المحتملة التي يمكن أن تترتب على الفسخ وتدرج المبالغ المحكوم بها في قائمة الخصوم تطبيقا للمادة 588 من م.ت.

الفقرة الثانية: تكوين المحكمة لقناعاتها حول وضعية المقاولة من خلال تقرير الموازنة و مشروع مخطط التسوية

يعد السنديك خلال هذه المرحلة تقرير الموازنة بالاضافة لمشروع مخطط التسوية

أولا: إعداد السنديك لتقرير الموازنة

ينطلق السنديك خلال فترة إعداد الحل لإنجاز تقرير حول وضعية المقاولة و الذي على ضوئه تختار المحكمة الحل المناسب لوضعيتها، و يتضمن هذا التقرير إعداد موازنة مالية واقتصادية و اجتماعية للمقاولة بالإضافة لمشروع مخطط التسوية أو التصفية،ذلك أن إعداد الحل يتطلب إجراء تشخيص دقيق للمقاولة لمعرفة مصادر و أسباب هذه الصعوبات و طبيعتها و تحديد الوسائل و الأدوات المناسبة للخروج منها[79].

و يتخذ هذا التشخيص حسب المادة 595 من م.ت، شكل تقرير تفصيلي يتضمن إعداد موازنة مالية و اقتصادية و اجتماعية للمقاولة، و لعل أهم ما يميز هذا التقرير هو الطابع الشمولي لتناوله مختلف الأبعاد المرتبطة بالمقاولة، فبالنسبة للجانب المالي يشمل التحليل المحاسباتي و المالي لوضعية المقاولة من رأسمال و سيولة نقدية و بيان قدر المبالغ التي يمكن الحصول عليها و غيرها من العناصر المؤثرة في الخصوم[80]، أما الجانب الاقتصادي فيشمل نوع النشاط الذي تمارسه المقاولة، حجم المبيعات، دراسة وضعية السوق، القدرة التنافسية للمقاولة و غيرها من المعطيات، و يحتل الجانب الاجتماعي حيزا هاما في هذا التقرير الذي يتعين أن يتضمن إشارة إلى عدد العمال الذين تشغلهم المقاولة ووضعياتهم القانونية و كذا مستوى الأجور إضافة إلى ديون العمال[81].

و على ضوء هذه الموازنة يقترح السنديك إما مخططا للتسوية يضمن استمرارية المقاولة إذا كانت وضعية المقاولة قابلة للعلاج و كانت هناك استجابة من الدائنين على الآجال والتخفيضات المقترحة و استعداد من جانبهم على ضمان استمرارية المقاولة، و موافقة من الشركاء على تقديم حصص مالية جديدة لزيادة رأسمال الشركة، أو تفويتها إلى أحد الأغيار إذا  تبين أن هناك ترددا و رفضا من جانب رئيس المقاولة و الشركاء و الدائنين لمقترحاته وكان الأغيار قد تقدموا بعروض جدية تضمن أداء الديون و استمرارية المقاولة و الحفاظ على مناصب الشغل الموجودة، أو يقترح التصفية القضائية إذا كانت وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه و تعذر إتباع إحدى حلول التسوية[82].

ثانيا: اقتراح مشروع مخطط التسوية

لما كان تقرير الموازنة المالية و الاقتصادية و الاجتماعية للمقاولة يستند إلى المعطيات والظروف السابقة لتاريخ المسطرة، فإن الاقتراح الذي يعده السنديك على ضوء هذه الموازنة في شكل مشروع مخطط التسوية يستشرف المستقبل و الشروط التي يمكن في ظلها تسوية وضعية المقاولة المفتوحة  ضدها المسطرة، و بذلك فإن الموازنة المذكورة تعد بالنسبة لمشروع مخطط التسوية بمثابة إلقاء نظرة إلى الوراء لتحديد مدى إمكانية السير قدما إلى الأمام بخطى ثابتة[83].

و من خلال ما تقدم فإنه بناء على الموازنة المالية و الاقتصادية للمقاولة التي يجريها السنديك بمشاركة رئيس المقاولة و بمساعدة الخبير، و بناء على المعلومات التي يستجمعها السنديك من مختلف الأطراف المرتبطة بالمقاولة و اطلاع القاضي المنتدب على المعلومات المتحصل عليها[84]، يتعين أن يحدد مشروع مخطط التسوية بشكل دقيق كيفيات تسديد الخصوم و الضمانات المحتملة التي يشترطها كل شخص لضمان تنفيذه[85].

و يلزم أن يشمل مشروع مخطط التسوية الذي يقترحه السنديك على المحكمة كل ما يتعلق بالجانب المالي و الجانب الاقتصادي و الجانب الاجتماعي لهذه المقاولة، و يتعلق الأمر أساسا بآفاق التمويل و سداد الخصوم و طبيعة النشاط الاقتصادي الذي سيتم الاستمرار في مزاولته، و كذا مناصب الشغل التي يمكن الحفاظ عليها أو التضحية بها إن اقتضى الحال والإجراءات المقرر اتخاذها لفائدة العمال الذين سيتم تسريحهم، فمادام أن مشروع مخطط التسوية يشكل في مجمله عدة حقوق و التزامات لفائدة و على كل من رئيس المقاولة و الغير المفوت إليه في حالة اقتراح تفويت المقاولة، و الدائنين و العمال، فإن منطق الأمور يقتضي أن يحدد هذا المخطط بتفصيل كيفيات تمتع كل طرف من هؤلاء بحقوقه و كيفيات تنفيذه للالتزامات الملقاة على عاتقه في المقابل[86].

و بالرغم من أن المحكمة تبقى لها الصلاحية الكاملة في اعتماد الحل الذي يتقدم به السنديك من عدمه فإنها تأخذ غالبا باقتراحه كلما رأت جدية الدراسة التي قام بها لإعداد تقرير الموازنة و كلما تبين لها أن اقتراحاته مبنية على معطيات واقعية و حقيقية و قابلة للتطبيق على ارض الواقع[87]، إلا أنه لا يمكن للمحكمة المفتوحة أمامها المسطرة أن تتبنى مشروع مخطط التسوية غير واضح و غير محدد بصورة دقيقة تبين الحقوق و الالتزامات المذكورة بكيفية لا تدع المجال لأي لبس أو غموض[88].

المطلب الثاني: اختيار الحل القضائي

تتمثل خيارات التسوية في مخطط الاستمرارية أو مخطط التفويت،و قد يقترح السنديك التصفية القضائية إذا كانت وضعية المقاولة مختلة بشك لا رجعة فيه.

الفقرة الأولى: مخطط التسوية

يمكن للمحكمة التجارية المفتوحة أمامها مسطرة المعالجة أن تتبنى بمقتضى حكمها الصادر بشأن تحديد مصير المقاولة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية مخطط الاستمرارية المقترح من طرف السنديك كحل ملائم لتسوية وضعية المقاولة، و تقرر استمرارية نشاطها إذا كانت هناك إمكانات جدية لتسوية وضعيتها و سداد خصومها[89]، حيث جاء في حكم المحكمة التجارية بمراكش: “تعود للمحكمة سلطة تقرير استمرارية المقاولة بناء على التقرير الذي أعده السنديك طبقا للمادة 595 من مدونة التجارة و الذي بسط فيه مصدر الصعوبات التي اعترضت سير المقاولة والإمكانات الجدية لرئيستها بتجاوز هذه الصعوبات و مقترحه المتمثل في مخطط الاستمرارية”[90].

كما يمكن لذات المحكمة أن تحصر مخطط الاستمرارية و لو لم تنته بعد عملية تحقيق الديون التي تتم وفقا للمقتضيات المنصوص عليها في المواد من688 إلى 698 من م.ت، و عليه يشترط لاعتماد مخطط الاستمرارية شرطين أساسيين:

يعتبر تحديد مضمون هذا الشرط من أهم الصعوبات التي يثيرها قانون المساطر الجماعية وذلك نظرا إلى أثره على مصير المقاولة و على تخليق ميدان الأعمال، و يفرض هذا الشرط أن تعتمد المحكمة في اختيارها على تقويم مالي و قانوني لوضعية المقاولة، و تقوم بتحليل دقيق و عميق للموازنة و التقرير و الاقتراحات المقدمة من قبل السنديك، كما يتوجب عليها الاستماع لأقوال رئيس المقاولة و المراقبين و مندوبي الأجراء[91]، و من جهة ثانية يستلزم توفر مجموعة من العوامل المختلفة أهمها: إقصاء الأسباب التي أدت إلى التوقف عن الدفع، تحديد و توضيح الإمكانية المتاحة أمام المقاولة للاستمرار في مزاولة نشاطها ثم ضرورة تحديد الآليات و الميكانيزمات التي سيتم الاعتماد عليها لتسوية وضعية المقاولة[92]، و بالتالي تكون المحكمة ملزمة في حكمها القاضي باعتماد هذا المخطط بتبرير و تعليل لجوءها إلى هذا الحل دون غيره و مدى توفر شروطه، و إلا كان هذا الحكم معرضا للإلغاء من طرف محكمة الاستئناف في حالة استئنافه من طرف أحد الأطراف[93].

و أمام سكوت المشرع عن تحديد المقصود بالإمكانيات الجدية لتسوية وضعية المقاولة فالأمر متروك للسلطة التقديرية للقضاء الذي يتطلب في قضاته و أجهزته التكوين المتخصص في مجال إدارة و تدبير و تسيير المقاولات، و هو ما يصعب تحققه على أرض الواقع، مما يجعل الحاجة إلى خبير أو عدة خبراء أمر حتمي.

يبقى عنصر وجود إمكانات جدية لتسوية وضعية المقاولة غير كاف لحصر المحكمة لمخطط الاستمرارية، إذ لابد من وجود إمكانات جدية لسداد ديون المقاولة، حتى لا تكون استمرارية المقاولة و تصحيح وضعها يتم على حساب مصلحة الدائنين[94]، مما يعكس فلسفة المشرع من وراء سن نظام صعوبات المقاولة و المتمثلة في خلق توازن بين مصلحة المقاولة من جهة و الدائنين من جهة أخرى.

و قد كرس القضاء التجاري المغربي هذا التوجه الذي يحرص على حماية مركز الدائنين وحقوقهم، باعتبار الدور المهم الذي يضطلعون به في المسطرة، و هو ما أكده حكم المحكمة التجارية بالدار البيضاء[95]، و الذي ذهب إلى أن مقترحات التسوية المقدمة من طرف السنديك إلى الدائنين و إن لم تحض بقبول بعضهم فإن للمحكمة أن تفرض آجالا موحدة للأداء طبقا للمادة 598 من م.ت (630 حاليا)، خاصة و أن مصالح الدائنين تبقى دائما محفوظة و مصانة سواء عبر مخطط الاستمرارية الذي يضمن لهم استخلاص ديونهم أو بواسطة فسخ مخطط الاستمرارية و تقرير التصفية القضائية للمقاولة حالة إخلالها بالتزامها أو التملص من تنفيذها.

 

الفقرة الثانية: مخطط التفويت

تعتبر عملية تفويت المقاولة أحد الاختيارات المتاحة أمام المحكمة عند فتح مسطرة التسوية القضائية، و يتلاقى مخطط التفويت مع مخطط الاستمرارية في كون كلاهما يهدفان إلى الإبقاء على المقاولة و استمرارية نشاطها، فالتفويت ما هو إلا استمرار لنفس المقاولة بأياد أخرى[96]، و بما أن المحكمة هي التي تشرف على تنفيذ هذا المخطط، فذلك رهين بتأكدها من العروض التي يقدمها الأغيار لتختار أفضل عرض منها.

فنظرا لما للتفويت من آثار هامة و خطيرة في نفس الوقت على نشاط المقاولة و استقرارها من جهة و على مناصب الشغل و مستحقات الدائنين من جهة أخرى، فقد حرص المشرع المغربي على وضع مجموعة من التدابير و المقتضيات الملزمة للمحكمة كآليات و قواعد مسطرية ضرورية قبل العمل على حصر مخطط التفويت الكلي أو الجزئي، حسب سلطة المحكمة التقديرية و اختيارها لنوع التفويت[97].

حيث يتعين على جميع المترشحين الراغبين في تفويت المقاولة إليهم، أن يقدموا عروضهم إلى السنديك داخل الأجل الذي سبق له أن حدده و أعلم به المراقبين، كما يجب أن يفصل بين تاريخ توصل السنديك بالعرض و بين الجلسة التي تنظر فيه خلالها المحكمة أجل مدته خمسة عشر يوما إلا إذا حصل اتفاق بين رئيس المقاولة و السنديك و المراقبين[98].

كما يلزم أن يأتي العرض المقترح متضمنا للبيانات و المعلومات المشار إليها بالفقرة الثانية من المادة 636 من م.ت، و المتمثلة في ضرورة الإشارة إلى التوقعات الخاصة بالنشاط والتمويل و إلى ثمن التفويت و كيفية سداده، و كذا التاريخ المقرر لإنجاز التفويت، و إلى مستوى التشغيل و آفاقه حسب النشاط المعني، و إلى الضمانات المقدمة لأجل ضمان تنفيذ العرض، و إلى توقعات ببيع الأصول خلال السنتين التاليتين للتفويت.

كما يجب أن يرفق مقدم العرض عرضه بالوثائق الخاصة بالسنوات المالية الثلاث الأخيرة للمقاولة، حينما يكون ملزما بإيداعها.

و تفعيلا لدور القضاء في هذا الإطار يقوم السنديك بإخبار القاضي المنتدب بالعروض المقدمة إليه من الأغيار مع مرفقاتها و ذلك من أجل دراستها و إبداء رأيه فيها، و متى استنتج هذا الأخير أن هذه العروض أو بعضها تنقصه إحدى البيانات الضرورية أو لم يكن واضحا بما فيه الكفاية فإن له أن يطلب من مقدم هذا العرض شروحات تكميلية بهدف إزالة الغموض الذي يكتنفها[99]، كما يقوم باطلاع المراقبين و ممثلي الأجراء بمضمون العروض لإبداء أرائهم، و بعد انتهاء عملية تقديم العروض للسنديك يعد هذا الأخير تقريرا و يودعه لدى كتابة ضبط المحكمة[100].

و لما كانت المحكمة التجارية تمتلك مبدئيا مطلق الحرية و السلطات التقريرية لاختيار أحسن عرض تفويت كيفما كان نوعه، و إذا كانت غير مقيدة بمشروع السنديك الذي يقترح أحد العروض كحل أفضل لمعالجة المقاولة، و غير مقيدة بآراء الأشخاص الذين تمت استشارتهم، فإنها بالمقابل تستند في اختياراتها على عدة معايير موضوعية و منطقية تعتبر بمثابة أسس قانونية في عملية الاختيار[101].

و بعد أن يتلقى السنديك العروض المقدمة من الأغيار و يخبر بها كلا من القاضي المنتدب والمراقبين و مندوبي الأجراء و يتلقى ملاحظاتهم، يقوم بعرض تلك العروض على المحكمة متضمنة لجميع العناصر التي تسمح بالتأكد من جديتها، و تكون للمحكمة التجارية المختصة سلطة تقديرية واسعة في اختيار العرض الذي تراه أكثر ضمانا لاستقرار مناصب الشغل بالمقاولة المفوتة و أداء مستحقات الدائنين[102]، فالمادة 637 من م.ت تنص على أنه: “تختار المحكمة العرض المتعلق بالمجموعة المفوتة الذي يضمن أطول مدة لاستقرار التشغيل وأداء مستحقات الدائنين”.

يسوغ للمحكمة أن تحدد بمقتضى حكم حصر مخطط التفويت بعض العقود و تشملها بالتفويت دون إرادة المفوت إليه، و يتعلق الأمر بعقود الائتمان الإيجاري أو عقود الكراء أو التزويد بالسلع أو الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط المقاولة، على أن تأخذ بعين الاعتبار عند تقريرها التفويت الإجباري لهذه العقود مصلحة المقاولة التي لا يمكن استمراريتها بدون هذه العقود[103]، و ذلك بناء على ملاحظات الأطراف المتعاقدة مع المقاولة التي يقوم السنديك بالإبلاغ بها، و يكون الحكم بالإبقاء على هذه العقود بمقتضى المخطط بمثابة تفويت لها، بحيث تصبح مبرمة بين المفوت إليه والمعنيين بها[104].

و يلاحظ أن المشرع أقر بهذا الخصوص وتحت إكراه توفير شروط ضمان استمرارية نشاط المقاولة عبر مخطط التفويت، التفويت الجبري لهذه العقود، ماسا بذلك بمبدأ حرية التعاقد أو سلطان الإرادة، ناهيك عن المس كذلك بأهم خاصية من خاصيات العقود ألا و هي خاصية الاعتبار الشخصي في العقود.

و في إطار عملية تخليق مخطط التفويت، نص المشرع على مجموعة من التدابير الهامة التي يسهر القضاء على تطبيقها ضمانا لمصداقية التفويت و منعا لكل أنواع المضاربة والاستغلال التي قد تعيق سير العملية برمتها[105]، و هكذا تنص المادة 645 من م.ت على أنه يحيط المفوت إليه السنديك علما بتنفيذ المقتضيات المنصوص عليها في مخطط التفويت عند نهاية كل سنة مالية موالية للتفويت، و إن لم يف المفوت إليه بالتزاماته، أمكن للمحكمة أن تقضي بفسخ المخطط تلقائيا أو بناء على طلب من السنديك أو أحد الدائنين.

و جدير بالذكر أنه بالرغم من كون التزامات المفوت إليه لا تقتصر على أداء ثمن التفويت بل ترتبط بجميع الجوانب التي يشملها المخطط سواء كانت مالية أو اقتصادية أو اجتماعية فإن أهم التزام في هذا الإطار يبقى متعلقا بأداء مجموع الثمن، و هو ما يظهر جليا من خلال مقتضيات المادة 646 من م.ت التي مكنت المحكمة تلقائيا أو بطلب السنديك أو كل ذي مصلحة أن تعين متصرفا خاصا في حالة عدم أداء المفوت إليه ثمن التفويت، تحدد مهمته ومدة للقيام بها لا تتجاوز ثلاثة أشهر، و تنحصر مهمته في عدم أداء المفوت إليه ثمن التفويت دون باقي الإخلالات الأخرى[106].

و يعود للمحكمة التأكد من جدية الثمن، خاصة أن التفويت بثمن رمزي لا يخدم أهداف التسوية، كما أنه يبقى غير مقبول من الناحية الاقتصادية[107].

هكذا فالمحكمة لا تقرر التفويت النهائي إلا بعد أداء المفوت إليه مجموع ثمن التفويت كاملا، ضمانا لمصداقية هذه العملية و تطبيقا لأحكام المادة 640 من م.ت[108]، و نظرا لخطورة هذا الإجراء قررت المادة 642 من نفس المدونة منع المفوت إليه ما لم يدفع ثمن التفويت كاملا بأن يقوم بتفويت الأموال المادية أو المعنوية التي يملكها أو أن يمنحها كضمانة أو أن يكريها لأجل التسيير باستثناء المخزونات، إلا أنه يمكن للمحكمة الترخيص بناء على تقرير السنديك بتفويت هذه الأموال بعد التأكد من أهمية الضمانات التي يمنحها المفوت إليه لهذا الغرض.

و عموما فإنه بتحقيق أهداف هذا المخطط كاملة بتسديد ثمن التفويت و توزيعه على الدائنين، تنتهي الآثار المترتبة عن هذا المخطط، فتعاين المحكمة ذلك، و تصدر حكما بقفل المسطرة، يترتب عنه انتهاء مهمة السنديك و عودة المقاولة إلى خط سيرها العادي، ما لم يكن التفويت كليا و شاملا لكل ممتلكات الشركة التجارية حيث يترتب على ذلك حلها[109]، أما إذا لم ينفذ المفوت إليه التزاماته فقد درج القضاء المغربي على فسخ المخطط لاسيما فيما يتعلق بعدم أداء ثمن التفويت[110].

الخاتمة

ما يمكن استنتاجه في ختام هذه الدراسة أن المشرع المغربي إبان تأسيسه للمحاكم التجارية حمل شعار إصلاح القضاء و تحديث هياكله عبر إقرار مبدأ التخصص و تزويد المحاكم بالبنيات التحتية الضرورية حتى تكون أداة فعالة لتخليق فضاء الاستثمار و ضبط المعاملات التجارية، و هو ما نلمسه من خلال العناية التي حظيت بها هذه المحاكم من أجل تجاوز سلبيات القضاء العادي الذي يتسم بالبطء و كثرة الإجراءات وتعقدها، و بالتالي حاول تجاوز هذه السلبيات من خلال عدة مقتضيات تضمنتها مدونة التجارة من بدايتها إلى نهايتها.

و تبقى بلا شك قضايا صعوبات المقاولة من أهم القضايا التجارية المعروضة على هذه المحاكم، و التي تتطلب بفعل الطابع الاقتصادي و الاجتماعي الذي يميزها من القاضي التجاري أن يكون مزودا بالمعرفة القانون و مطلعا بالضرورة على ميدان المال و الأعمال حتى يتأتى له تشخيص وضعية المقاولات و التأكد من جدية الصعوبات التي تواجهها و كذا نجاعة الحل المقترح لتسويتها، فالتكوين القضائي في ميدان صعوبات المقاولة أصبح مطلبا ضروريا و أمرا لابد منه حتى يتسنى إنجاح هذه المساطر و تحقيق الغايات و الأهداف التي أحدث من أجلها.

[1] الفصل3 من ق.م.م ينص على:”يتعين على القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف و لا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات و يبث دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة و لو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة”.

[2] تنص الفقرة الثانية من المادة578 من الكتاب الخامس الجديد:”…يمكن للمحكمة أيضا أن تضع يدها على المسطرة إما تلقائيا…”

[3] محافظا بذلك على هذا الحق الذي كان يخوله إياها بموجب المادة200 من القانون التجاري الملغى لسنة 1913 والمادة 563 من الكتاب الخامس المنسوخ.

[4] وتجب الإشارة إلى أن القانون الفرنسي قد ألغى إمكانية الفتح التلقائي للمسطرة من طرف المحكمة وذلك بناء على أمر رئاسي رقم 1088-2014 بتاريخ 26 شتنبر 2014 و في ذلك تطبيق لقرار المجلس الدستوري الفرنسي الصادر بتاريخ 7ديسمبر 2012 الذي قضى بعدم دستورية الفتح التلقائي للمسطرة من طرف المحكمة لان ذلك يمس بالمبدأ الدستوري بحيادية القضاء.(انظر عبد الرحيم شميعة،مرجع سابق،ص 121.)

[5] والتي تتعلق بحالة التاجر المتوفى والمعتزل عن ممارسة التجارة،انظر بالتفصيل الفقرة الأولى،من المطلب الثاني من المبحث الأول من هذا الفصل.

[6] جاءت المادة578 من القانون73-17 لتعوض مقتضيات المادة563 سابقا،و الملاحظ أنها أضافت بشكل صريح رخصة رئيس المحكمة في تقديم طلب فتح مسطرتي التسوية أو التصفية القضائية،مما من شأنه تعزيز مكانة هذا الأخير و دوره في إطار مسطرة المعالجة.

[7]علال فالي،مساطر معالجة صعوبات المقاولة،الطبعة الثالثة، مطبعة المعارف الجديدة الرباط،2019،ص 192.

[8] إدريس بن شقرون، خلية رصد المقاولات في وضعية صعبة،مقال منشور في مجلة المحاكم التجارية، العدد الأول، جمعية نشر المعلومة القانونية و القضائية، الرباط، 2004، ص 81.

[9] المواد 5-631Lمن مدونة التجارة الفرنسية بالنسبة لمسطرة التسوية القضائية.

[10]وفقا للمادة578م.ت.

[11] محمد قدار، دور الأجهزة القضائية في إدارة مساطر صعوبات المقاولة،مقال منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة:المستجدات والرهانات العدد الثاني ،منشورات مجلة المهن القضائية و القانونية، مطبعة الأمنية،الرباط،2018،ص 186.

[12] كريم ايت بلا، مرجع سابق، ص 23.

[13] حلت هذه المادة محل المادة560 من الكتاب الخامس المنسوخ التي كانت تنص على”تطبق مساطر معالجة صعوبات المقاولة على كل تاجر وكل حرفي و كل شركة تجارية ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم…”،و لعل أول ما يلاحظ بهذا الخصوص أنها هذه الأخيرة كانت تنص على الحرفي بشكل مستقل عن التاجر كما لو أن الأمر يتعلق بشخص غبر تاجر،و هو ما انتقده غالب الفقهاء باعتبار أن الحرفي بدوره يعتبر تاجر بمقتضى المادة6 من مدونة التجارة،و بالتالي تجاوز القانون73-17هذه الصياغة المعيبة.

[14] وسع المشرع الفرنسي من مجال تطبيق مسطرة المعالجة القضائية لتشمل إلى جانب المقاولات التجارية لتشمل حسب المادةL.632-2 من م.ت الفرنسية على انه تفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة كل شخص يمارس نشاطا تجاريا أو مهنيا و كل مزارع و كل شخص ذاتي يمارس نشاطا مهنيا مستقلا بما في ذلك المهن الحرة و كل شخص اعتباري خاضع للقانون الخاص.

[15] تنص المادة 6 من م.ت على”مع مراعاة أحكام الباب الثاني من القسم الرابع بعده المتعلق بالشهر في السجل التجاري، تكتسب صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التالية: 1 .شراء المنقولات المادية أو المعنوية بنية بيعها بذاتها أو بعد تهيئتها بهيئة أخرى أو بقصد تأجيرها؛ – 2 .اكتراء المنقولات المادية أو المعنوية من أجل إكرائها من الباطن؛ 3 .شراء العقارات بنية بيعها على حالها أو بعد تغييرها؛ 4 .التنقيب عن المناجم و المقالع واستغلالها؛ 5 .النشاط الصناعي أو الحرفي؛ 6 .النقل؛ 7 .البنك والقرض والمعاملات المالية؛ 8 .عملية التأمين بالأقساط الثابتة؛ 9 .السمسرة والوكالة بالعمولة وغيرهما من أعمال الوساطة؛ 10 .استغلال المستودعات والمخازن العمومية؛ 11 .الطباعة والنشر بجميع أشكالها ودعائمها؛ 12 .البناء والأشغال العمومية؛ 13 .مكاتب ووكالات الأعمال و الأسفار و الإعلام و الإشهار؛ 14 .التزويد بالمواد والخدمات؛ 15 .تنظيم الملاهي العمومية؛ 16 .البيع بالمزاد العلني؛ 17 .توزيع الماء والكهرباء والغاز؛ 18 .البريد والمواصلات؛ التوطين.

و تضيف المادة 7 من نفس المدونة” تكتسب صفة تاجر أيضا بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التالية: 1 .كل عملية تتعلق بالسفن والطائرات وتوابعها؛2 .كل عملية ترتبط باستغلال السفن والطائرات وبالتجارة البحرية والجوية.”

[16] استعمال مصطلح الأحوال الشخصية بدل قواعد مدونة الأسرة جاء كون مدونة التجارة صدرت سنة1996 قبل صدور مدونة الأسرة سنة 2004،وفي وقت كان لازال قانون الأحوال الشخصية جاريا.

[17] مصطفى بونجة- نهال اللواح،مساطر صعوبات المقاولة وفقا للقانون رقم73-17، الطبعة الأولى، منشورات المركز المغربي للتحكيم ومنازعات الأعمال، طنجة، 2018،ص 31.

[18] يتعلق الأمر بالقانون رقم114.13 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.15.06 بتاريخ19فبراير2015،و المتعلق بنظام المقاول الذاتي والمنشور بالجريدة الرسمية عدد6243 بتاريخ 12 مارس2015.

[19] المادة 11 من م,ت:”يعتبر تاجرا كل شخص اعتاد ممارسة نشاط تجاري رغم وقوعه في حالة الحظر أو السقوط أو التنافي.”

[20] من المستجدات التي جاء بها قانون 73-17،حيث قلص المدة المحددة لفتح المسطرة بالنسبة للتاجر المتوفى من سنة إلى ستة أشهر فقط.

[21] راجع المادة 88 من قانون 96-5.

[22] محمد كرام ، مرجع سابق، ص 49.

[23] و هي شركة التضامن، شركة التوصية البسيطة،شركة التوصية بالأسهم،الشركة ذات المسؤولية المحدودة.

[24] محمد لفروجي ، مرجع سابق، ص 78.

[25] عبد الرحيم شميعة ، مرجع سابق، ص 108.

[26] علال فالي، مرجع سابق ، ص 166.

[27] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق ، ص 109.

[28] علال فالي، مرجع سابق،  ص 169.

[29] حكم رقم 31/2002 بتاريخ 28/1/2002 في الملف رقم 331/2001/10،أورده عبد الرحيم السلماني في كتابه:”القضاء التجاري بالمغرب ومساطر معالجة صعوبات المقاولة(دراسة نقدية مقارنة)، مرجع سابق، ص 130.

[30] و ذلك طبقا للمواد 575-583-651.

[31] علال فالي ، مرجع سابق، ص 196.

[32] قرار محكمة النقض عدد266،صادر بتاريخ23/06/16 في الملف عدد519873/3/1/15،منشور في كتاب محمد بقفير،مرجع سابق، ص397.

[33] احمد شكري السباعي ،الجزء الثاني ،مرجع سابق ، ص 223.

[34] محمد لفروجي، مرجع سابق، ص 198.

[35] احمد شكري السباعي، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 214.

[36] محمد لفروجي، مرجع سابق، ص 199.

[37] قرار عدد 1328 المؤرخ في 23/10/2002 ،ملفين مضمومين عدد 304/3/2/1 و ملف201/3/1/02، أورده نور الدين لعرج ،مرجع سابق ص 116.

[38] عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق، ص 143.

[39] المهدي شبوا، مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة دراسة مقارنة، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية ، مراكش 2006 ، ص 35-36.

[40] من المستجدات التي جاء بها القانون 73-17 انه أضاف أصهار رئيس المقاولة و مسيريها إلى قائمة الأشخاص الممنوعين من تولي مهام القاضي المنتدب لإضفاء حياد و استقلالية في انجازها.

[41] مع العلم أن الحكم القاضي بتعيين أو استبدال القاضي المنتدب لا يقبل أي طعن (المادة765م.ت)

[42] المهدي شبو ، مرجع سابق، ص 237.

[43] محمد قدار،تدخل القضاء في معالجة صعوبات المقاولة وحماية مختلف المصالح المتدخلة، مرجع سابق، ص 327.

[44] مع العلم انه يجوز الطعن فيها بالاستئناف خلال 10 أيام من تاريخ صدورها بالنسبة للسنديك، ومن تاريخ التبليغ بالنسبة لباقي الأطراف،و ذلك باستثناء الأوامر الولائية ومع مراعاة المقتضيات المتعلقة بالطعن ضد المقررات الصادرة في إطار تحقيق الديون (المادة672)

[45] المادة 670 م.ت:”تعين المحكمة في حكم فتح المسطرة القاضي المنتدب و السنديك…”

[46] الفقرة الأخيرة من المادة 673 م.ت”تحدد بموجب نص تنظيمي المؤهلات المطلوبة لمزاولة مهام السنديك، والأتعاب المستحقة عن هذه المهام.

[47] مقتضيات ختامية و انتقالية من قانون73-17 في الفقرة ما قبل الأخيرة:”إلى حين دخول النص التنظيمي المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة673 حيز التنفيذ تزاول مهام السنديك من طرف كاتب الضبط و يمكن للمحكمة عند الاقتضاء أن تسندها للغير.”

[48] المواد من 673-677،بالإضافة إلى صلاحيات متفرقة في مختلف المواد المرتبطة بمسطرة المعالجة.

[49] نور الدين لعرج، مرجع سابق، ص 114.

[50] المواد 679-681-682-683 م.ت.

[51] المادة 718 م.ت.

[52] المادة 593 م.ت.

[53] يونس المراكشي، مؤسسة السنديك في إطار مساطر صعوبات المقاولة أية مسـتجدات في ظل القانون رقم17-73، مقال منشور في مجلة المحامي، العدد 71، هيئة المحامين، مراكش، 2018. ص 128.

[54] و شمل بذلك جهاز النيابة العامة،و جمعية الدائنين في الحالات التي تشكل فيها هذه الجمعية،و كذا القاضي المنتدب تلقائيا أو بناء على تشك لديه من رئيس المقاولة أو الدائن،وكذا رئيس المقاولة أو الدائن الذي لم يبث القاضي المنتدب في تشكيه خلال 15 يوما.

[55] هذا المقتضى من مستجدات القانون73-17 باعتبار المادة 645 المنسوخة لم تكن تتضمن أي إشارة لهذا الإلزام.

[56] المواد159 -163-20-164-165 من قانون شركات المساهمة.

[57] المواد12-21-34-80 من قانون المتعلق بباقي الشركات 96-5.

[58] زكرياء رباحي الادريسي، قراءة في مضامين جمعي الدائنين على ضوء القانون73-17 المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة، مقال منشور في مجلة “مساطر صعوبات المقاولة:المستجدات و الرهانات، العدد الثاني، مرجع سابق، ص 160.

[59] الفقرة الثالثة من المادة 606 م.ت:”لا يقبل هذا الحكم أي طعن.”

[60] استثناء يتولى القاضي المنتدب رئاسة الجمعية في الحالة التي تنعقد فيها قصد اقتراح استبدال السنديك (المادة609م.ت)

[61] المادة 727 م.ت.

[62] حددت هذه المهام المادة 607 من م.ت.

[63] المادة 609 م.ت.

[64] المادة611 م.ت.

[65]  عبد الواحد الصفوري ، مرجع سابق، ص 125.

[66]  عبد الكريم عباد، مرجع سابق، ص 134.

[67]  عبد الرحيم شميعة ، مرجع سابق، ص 170.

[68]  اعبد الواحد الصفوري ، مرجع سابق ، ص 126.

[69]  عبد الرحيم شميعة ،مرجع سابق، ص 170.

[70]  كريم ايث بلا ، مرجع سابق ، ص 79.

[71]  عبد الواحد الصفوري، مرجع سابق، ص 127.

[72] عبد الواحد الصفوري، مرجع سابق، ص128.

[73]  يلاحظ أن هذه المادة بالمقارنة مع المادة578 المنسوخة لم تعد تنص على ضرورة إخضاع اتفاق الصلح أو التراضي غير محدد القيمة أو الذي يتجاوز الاختصاص النهائي للمحكمة لضرورة مصادقة هذه الأخيرة.

[74] كريم آيت بلا، مرجع سابق، ص 89.

[75] سعاد منظر، آثار حكم فتح مسطرة المعالجة على مصير العقود الجارية التنفيذ، مقال منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة المستجدات والرهانات، العدد الثاني، مطبعة الأمنية، الرباط، 2018 ، ص 48.

[76]  يعتبر هذا المقتضى من مستجدات القانون73-17 من خلال المادة 757 منه.

[77] محمد قدار، وظيفة القضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة بين القانون و التطبيق على ضوء مستجدات القانون73-17، مرجع سابق ص85.

[78] محمد المحساني، مصير العقود الجارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية، مقال منشور في الندوة الجهوية الثامنة تحت عنوان “صعوبات المقاولة و ميدان التسوية القضائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى”، و التي نظمت في قاعة فحص-انجرة، أيام21-22 يونيو2007 بطنجة، مطبعة الأمنية، الرباط، 2007، ص243.

[79]  مصطفى بونجة – نهال اللواح، مرجع سابق، ص 234.

[80] أمينة رضوان، دور السنديك في مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مقال منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة المستجدات و الرهانات العدد الثاني، مطبعة الأمنية، الرباط ،2018، ص269.

[81] عبد الرحيم السلماني، القضاء التجاري المغربي ومساطر معالجة صعوبات المقاولة دراسة نقدية مقارنة،مرجع سابق، ص183.

[82] علال فالي، مرجع سابق، ص 381.

[83]  محمد لفروجي، مرجع سابق، ص264.

[84]  مصطفى بونجة- نهال اللواح، مرجع سابق، ص237.

[85]  المادة 596 من م.ت.

[86]  محمد لفروجي، مرجع سابق، ص 277.

[87]  أمينة رضوان ،مرجع سابق، ص271.

[88]  محمد لفروجي، مرجع سابق، ص 278.

[89]  المادة 624 من م.ت.

[90]  حكم المحكمة التجارية بمراكش بتاريخ 02-08-2018 في الملف التجاري عدد92-8315-2018،منشور في مجلة الإرشاد،العدد السادس، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة،الدار البيضاء، 2019، ص259.

[91]  سعاد منظر، آليات اختيار المحكمة لمخطط الاستمرارية على ضوء مقتضيات القانون رقم73-17 المتعلق بمساطر صعوبات المقاولة، مقال منشور في مجلة مساطر صعوبات المقاولة المستجدات و الرهانات ، العدد الثاني،مطبعة الأمنية، الرباط، 2018، ص235.

[92]  محمد قدار، القضاء التجاري في مساطر صعوبات المقاولة بين القانون و التطبيق على ضوء مستجدات القانون73-17،مرجع سابق، ص92.

[93]  علال فالي، مرجع سابق، ص394.

[94]  عبد الواحد الصفوري، مرجع سابق، ص135.

[95]  حكم عدد408/02 بتاريخ 14/10/2002 في الملف عدد287/10/2002،أورده مصطفى الفوركي في مقاله، “دور القضاء في حصر مخطط الاستمرارية في إطار مساطر صعوبات المقاولة”، مقال منشور في مجلة محيط للدراسات و الأبحاث القانونية، العدد الأول، دار الأفاق المغربية للنشر و التوزيع، الدار البيضاء، 2018، ص147.

[96] محمد لفروجي، مرجع سابق، ص266.

[97] عبد الكريم عباد، دور القضاء في معالجة صعوبات المقاولة، مرجع سابق، ص246.

[98] المادة 636 من م.ت.

[99] علال فالي، مرجع سابق، ص414.

[100] يوسف حنان- سعد بهتي، مرجع سابق، ص113.

[101] عبد الكريم عباد، مخطط تفويت المقاولة بين النصوص القانونية و صعوبات تطبيقها من طرف القضاء، مقال منشور في مجلة رحاب المحاكم، العدد8، مطبعة دار السلام، الرباط، 2010، ص19.

[102] علال فالي، مرجع سابق، ص414.

[103]  هشام البخفاوي- عالي منينو، مرجع سابق، ص104.

[104]  و ذلك وفقا لمقتضيات الفقرتين الأولى و الثانية من المادة 638 من م.ت.

[105]  عبد الرحيم السلماني، القضاء التجاري المغربي و مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مرجع سابق، ص285.

[106]  عبد الرحيم شميعة، مرجع سابق، ص246.

[107]  عبد الرحيم السلماني، القضاء التجاري المغربي و مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مرجع سابق، ص285.

[108]  تنص المادة640 م.ت على أنه:” يبرم السنديك كل العقود الضرورية لإنجاز التفويت تنفيذا للمخطط الذي تحصره المحكمة. في انتظار إنجاز هذه العقود، يجوز للسنديك أن يعهد، تحت مسؤوليته، إلى المفوت إليه تسيير المقاولة المفوتة.”

[109]  علال فالي، مرجع سابق، ص417.

[110]  عبد الرحيم السلماني، القضاء التجاري المغربي و مساطر معالجة صعوبات المقاولة، مرجع سابق، ص288.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى