في الواجهةمقالات قانونية

إشكالات المادة التاسعة من قانون المالية لسنة 2020 وتداعياتها على الأمن القانوني والقضائي

إشكالات المادة التاسعة من قانون المالية لسنة 2020 وتداعياتها على الأمن القانوني والقضائي

الدكتور عبد الرفيع زعنون[1]

باحث في القانون العام والعلوم السياسية، جامعة عبد الملك السعدي

 

مقدمة

لجأت الحكومة إلى وضع مادة في قانون المالية لسنة 2020 تقضي بمنع الحجز على أموال وأملاك الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، مع ربط أية إمكانية لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة بعدة شروط تتعلق بوجود اعتمادات مالية كافية في الميزانية وبمباشرة مسألة التنفيذ أمام الآمر بالصرف دون المحاسب العمومي.

وسينضاف هذا التقييد إلى قيود أخرى موجودة تطرح صعوبات جمة أمام تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الأشخاص المعنوية العامة، وهو ما سينعكس بشكل سلبي على التوزان المطلوب بين مختلف السلطات وعلى مكانة السلطة القضائية، بكيفية قد تحد من التجسيد الفعلي لمبدأ المشروعية في ظل إصلاحات دستورية وسياسية تنشد تمتين دعائم دولة الحق والقانون.

وفي ضو هذا المستجد نتساءل عن الخلفيات الكامنة وراء إصرار الحكومة على إدراج هذه المقتضيات ضمن قانون المالية بدل قانون المسطرة المدنية، وعن التداعيات السلبية لهذا الإجراء على الأمن القانوني بتكريس فكرة فرسان الميزانية وعلى الأمن القضائي بتبخيس دور القضاء في حماية وإقرار الحقوق والحريات؟

وللإجابة على هذه الإشكالية سنحاول في البداية تتبع محاولات الحكومة في سبيل تمرير هذا المقتضى عبر قانون المالية وإبراز العوامل التي دفعتها إلى التصدي للحجز على أموال وأملاك الإدارات العمومية في ضوء التوجهات الحديثة للقضاء الإداري بالمغرب (الفرع الأول)، على أن ننتقل في المحور الثاني إلى رصد التداعيات الوخيمة للمادة التاسعة من قانون المالية على استقرار المنظومة القانونية والقضائية وعلى المبادئ والحقوق المنصوص عليها في الدستور (الفرع الثاني).

الفرع الأول: سياقات ومبررات إدراج منع الحجز على أموال الإدارة ضمن قانون المالية

يقتضي مبدأ المشروعية المساواة بين الأشخاص في الامتثال لقواعد القانون ولأحكام القضاء بغض النظر عن موقعهم سواء كانوا طبيعيين أو اعتباريين، فمن المسلم به فقها وقضاء أن الأحكام القضائية متى أصبحت نهائية وجب تنفيذها ضد المحكوم عليه، بدون تلكؤ أو تباطؤ سيان في ذلك أن يكون خصم المتقاضي شخصا من أشخاص القانون الخاص أو شخصا من أشخاص القانون العام[2]، إلا أن هذه المسألة قد تثير مجموعة من الإشكالات عندما يتعلق الأمر بشخص معنوي عام، وتنبع هذه الإشكالات من طبيعة أشخاص القانون العام وطبيعة المال العام والنصوص القانونية المتعددة التي سنها المشرع لتحديد كيفيات صرف هذا المال العام[3].

وفي ظل غياب مساطر إجرائية خاصة بتنفيذ الأحكام الإدارية، فقد درج العمل القضائي في البداية على الإقرار باستحالة التنفيذ الجبري ضد الإدارة اعتمادا على تأويل ضيق للمسطرة المدنية وعلى بعض النظريات الفقهية، مثل نظرية اليسر التي تفترض كون الشخص المعنوي العام مليء الذمة وقادر على الوفاء بالتزاماته وبالتالي لا يجوز الحجز على أمواله[4]، وعلى كون الممتلكات وأموال الإدارة مرتبطة بخدمة المصلحة العامة وإذا تم الحجز عليها سيتأثر المرفق العام.

وأمام الرفض المتزايد لتنفيذ أحكام القضاء كان لابد من البحث عن وسائل يستطع بها القاضي الإداري أن يحث الإدارة على التنفيذ، وعند الضرورة أن يجبرها على ذلك عن طريق الضغط والإكراه[5]، حيث سيأخذ العمل القضائي منحى مغايرا في المراحل الموالية بفرض غرامة تهديدية على الإدارة الممتنعة عن تنفيذ حكم صادر ضدها، وبالحجز على أموالها متى كان ليس من شأنه عرقلة المرفق العمومي أو تعطيل خدمات جمهور الناس به أو متى تم رصد الأموال للتنفيذ ولسداد التعويضات المعنية بالأحكام[6].

وقد تعزز هذا التوجه في ظل تحولات أصبحت تستوجب التعامل بجدية مع تمادي الإدارة في الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية، باعتبار هذه الأخيرة تشكل أسمى تعبير عن تمجيد القضاء وتكريم السلطة القضائية وفي ذات الوقت اعترافا بحقوق المواطنين واحتراما وتكريسا لحقوق الإنسان[7]، الأمر الذي يفرض ضرورة إيجاد الوسائل القانونية والمادية اللازمة لتنفيذ هذه الأحكام، وذلك ببرمجة الاعتمادات اللازمة احتراما للمشروعية ولقدسية القضاء ودولة الحق والقانون في ظل بداية توجه المحاكم نحو عدم الأخذ بإطلاقية مبدأ عدم جواز الحجز على الأموال العمومية[8]، مادام لا يوجد أي نص قانوني يمنع حجزها بشكل صريح، بحيث إذا ثبت امتناع المؤسسة العمومية عن تنفيذ حكم قضائي بدون مبرر، فإن ملاءة الذمة تصبح غير مجدية بالنسبة للتنفيذ الذي يرغب فيه من صدر الحكم لفائدته، وفي هذه الحالة يجوز القيام بالتنفيذ الجبري على أموال المؤسسة العمومية نظرا لصبغة الإلزام التي تفرضها بحكم القانون الأحكام القضائية القابلة للتنفيذ[9].

ويمكن القول أن تعامل القضاء الإداري مع امتناع الإدارة عن التنفيذ مر من عدة مراحل، انطلق من مجرد اعتبار الامتناع قرارا إداريا يتصف بعدم المشروعية مما يرتب الطعن فيه بالإلغاء، إلى إقرار تعويض عن الضرر لينتقل فيما – بعد مع تعزز الاطار القانوني للقضاء الإداري – إلى الحكم بالتنفيذ الجبري ضد الإدارة التي تمتنع أو تماطل في التنفيذ عبر فرض الغرامة التهديدية أو الحجز التنفيذي، بحكم أن القانون المحدث للمحاكم الإدارية يحيل على قواعد المسطرة المدنية[10]، ومن بين القرارات الصادرة في هذا الاتجاه نذكر قرار المحلس الأعلى بجواز القيام بالتنفيذ الجبري في مواجهة الإدارة مادام لم يثبت أن له تأثير على سير المرفق العام[11].

وإذا كان الحكم بالغرامة التهديدية لم يطرح إشكالات كثيرة، فإن مسألة الحجز على ممتلكات الشخص العام قد اختلف بشأنها العمل القضائي، حيث كان في بالبداية اجتهاد قار ينص على عدم جواز إيقاع الحجز على الأموال العمومية، ثم استقر بعد ذلك على إمكانية اقتصار الحجز على الحسابات الخصوصية، وفي مرحلة ثالثة أضحى توجه القضاء الإداري يجيز الحجز على الميزانية العامة للدولة لغياب أي نص يحظر الحجز على الأموال العمومية ولكون الامتناع عن التنفيذ يجعل ملاءة ذمة الإدارة كمبرر لعدم الحجز عليها مبررا متجاوزا، وفي مرحلة أخيرة صدرت أحكام بتصحيح الحجز على حساب الخزينة العامة للمملكة المفتوح لدى بنك المغرب[12]، وعلى الأموال المودعة لدى الوكالات البنكية على غرار الحجز على أموال مودعة في حساب بنكي لكلية الحقوق بعين الشق بالدار البيضاء بسبب رفضها دفع تعويض لطالبتين تضررتا من تأخر الكلية في منحهما شهادة التخرج[13]، وهو التوجه الذي سار عليه العمل القضائي باعتبار أن قاعدة منع الحجز على الأموال العامة تجد تطبيقها في الحالة التي يؤدي فيها الحجز الى عرقلة السير العادي للمرفق العمومي، على أساس أن المبالغ المحجوزة هي مرصودة لنفقات محددة وعليها تتوقف استمراريته في أداء خدماته[14].

لكن وعلى الرغم من التجربة المهمة التي راكهما القضاء الإداري بالمغرب في تحصين حقوق المواطنين في مواجهة الإدارة، فإن عدم وجود مساطر إجرائية خاصة بالمحاكم الإدارية أفرز إشكالات كثيرة وخاصة على مستوى تنفيذ الأحكام في ظل المقتضيات العامة الموجودة بالمسطرة المدنية، وقد خلق هذا الفراغ القانوني عدة إشكالات مرتبطة بوجود نصوص قانونية تتذرع بها الإدارة في رفض الامتثال لأحكام القضاء وخاصة في الشق المتعلق بالتعويض، بجانب إكراهات عملية تتعلق بإشكالية برمجة بند في الميزانية خاص بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة، أو بحكم ضعف الاعتمادات المخصصة لتنفيذ الأحكام في ميزانية الإدارة العمومية أو الجماعة الترابية وعدم كفايتها لأداء المستحقات المراكمة، ولذلك يتعذر على الآمر بالصرف أن يأمر بصرف نفقات لم ترصد لها اعتمادات كافية في الميزانية  فيعمد إلى تجزئيها إلى أقساط تبرمج في ميزانية السنة القادمة، وهو ما أسهم في اتساع ظاهرة امتناع الإدارة العمومية عن تنفيذ أحكام القضاء، حيث يجد أصحاب الحقوق صعوبات جمة في تنفيذ الأحكام الصادرة لصالحهم والتي قد تمتد في بعض الأحيان لسنوات طويلة.

وأفرز هذا الواقع وجود عدد كبير من الأحكام لم تجد طريقها إلى التنفيذ، فوفقا لتصريح لوزير العدل والحريات أمام لجنة التشريع بمجلس النواب بتاريخ 28 مارس 2012 فقد بلغ عدد الأحكام التي لم يتم تنفيذها %20، ومن التطورات المهمة التي حصلت مؤخرا بخصوص إجراء التنفيذ أن أصبح الحجز يُجرى مباشرة على حساب الخزينة لدى بنك المغرب الذي أصبح أداة تنفيذ متأخرات الإدارة تحت إكراه العمل القضائي[15]، في حال إحجام المصالح الآمرة بالصرف عن عدم تنفيذ القرارات والأحكام القضائية النهائية بعد تحقق المحاسب العمومي من توفر الأموال كشرط لتنفيذ الأمر القضائي[16]، وهو ما أدى إلى ارتفاع الحجوزات على أموال الدولة إلى مستويات قياسية حيث وصلت خلال الثلاث سنوات الأخيرة عشرة ملايين درهم، وهذا الارتفاع المهول من شأنه -حسب وزير المالية – تهديد التوازنات المالية للدولة وللمؤسسات العمومية والجماعات الترابية إذا لم تتم برمجة كيفية تنفيذ تلك الأحكام بشكل يراعي إكراهات الميزانية العامة[17].

ولمواجهة هذا التطور برزت الدعوى إلى التعامل بعقلانية مع هذا التوجه القضائي بكيفية تراعي التوزان بين الصالح العام وبين تنفيذ الأحكام القضائية النهائية لفائدة الملزم تفاديا لتعطيل تنفيذ قوانين المالية[18]، ولهذا الغرض حاولت السلطة التنفيذية تمرير مسألة منع الحجر على أموال وأملاك الدولة ضمن مشاريع قوانين المالية سواء في الولاية السابقة أو الحالية، وكانت أول مرة تعمد فيها الحكومة الى إدراج هذه المقتضى في إطار القانون التنظيمي للمالية سنة 2015[19]، غير أنها اضطرت إلى حذفته بعدما لقي معارضة قوية من قبل البرلمانيين، فما كان منها إلا أن عاودت الكرة في القانون المالي لسنة 2015، من خلال المادة الثامنة التي دعت بشكل صريح إلى منع الحجز على ممتلكات الدولة في سياق مراجعة إجراءات وشروط تنفيذ الأحكام القضائية.

وبدوره تعرض هذا التعديل لرفض واسع من قبل مجلس النواب حال دون تمريره، فما كان من الحكومة إلا أن استعانت بفرق الأغلبية في مجلس المستشارين لاقتراح نفس التعديل ضمن المادة 10 مكرر، التي نصت على أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تخضع الأموال والممتلكات والمركبات المخصصة للخدمات العمومية التابعة للدولة أو الجماعات الترابية للحجز، وأنه يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية ضد الدولة أو الجماعات الترابية ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة أو الجماعة الترابية المعنية، وقد أثار هذا التعديل نقاشا قويا قاد إلى رفضه وإجبار الحكومة على حذفه من مشروع قانون المالية في انتظار إصدار قنون جديد لمسطرة المدنية يحدد شروط وإجراءات الحجز ضد الإدارة.

غير أن هذا الرفض لم يدفع  الحكومة إلى طي هذا الملف، فقد أعادت طرحه ضمن مشروع قانون المالية رقم 73.16 لسنة 2017، من خلال المادة 8 مكرر التي اقترحت منع أية إمكانية للحجز على أموال الإدارة، ورغم أن الحكومة قد تمكنت بفضل تعبئة أغلبيها البرلمانية من المصادقة على هذه المادة في مجلس النواب، فقد تم إسقاطها من طرف مجلس المستشارين، وهو المصير الذي لقيته بمجلس النواب في إطار القراءة الثانية لمشروع قانون المالية، حيث وجدت الحكومة نفسها مضطرة لحذف المادة في انتظار القيام بدراسة معمقة لإيجاد الحلول للإشكال المتعلق بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة والجماعات الترابية، حيث تعهدت بالإتيان بمشروع قانون يعالج هذا الإشكال[20]، لكن الحكومة لم تأت بأي جديد بهذا الخصوص لحد الآن في انتظار المصادقة على مشروع المسطرة المدنية، الذي يذهب في اتجاه مغاير ينتصر للشرعية القانونية ولحجية الأحكام القضائية.

وعلى الرغم من الرد القوي والانتقادات اللاذعة التي تلقتها الحكومة من قبل ممثلي الأمة والأوساط المهنية والعلمية، فقد أعادت المحاولة هذه السنة بتضمين نفس المحتوى في ثنايا القانون المالي رقم 70.19 لسنة 2020 من خلال المادة التاسعة[21]، التي تضمنت بندا يؤكد بشكل صريح أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز لتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة مواجهتها.

ورغم أن هذه المادة حاولت عقلنة عملية تنفيذ الأحكام القضائية، حيث نصت في البند الثاني على أنه في حالة صدور حكم قضائي نهائي قابل للتنفيذ، يلزم الدولة أو جماعة ترابية أو مجموعاتها بأداء مبلغ معين يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون يوما، فإنها لم تشتمل على أية ضمانات لإنصاف ذوي الحقوق بسبب وضع تقييدات مسطرية صعبة، بحيث يتعين على الدائنين الحاملين لأحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية ومجموعاتها ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية فقط أو الجماعة الترابية المعنية، في ظل تفاقم ظاهرة لجوء أصحاب الأحكام للمحاسبين العمومية للحجز على أموال الإدارات والجماعات الترابية بسبب يُسر عملية التنفيذ حيث غالبا ما يتم اللجوء إلى الاقتطاع من الحساب البنكي للخزينة لدى بنك المغرب.

ويتمثل التقييد الثاني في ربط التعويض المادي بوجود اعتمادات مالية مفتوحة بالميزانية، على أن يتم توفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة، بدون تحديد أية آجال معقولة وواضحة أو وضع مقتضيات تجبر الآمر بالصرف على برمجتها، وترتيب مسؤوليته إذا رفض إدراج المبلغ ضمن الأجل المحدد مع تقييد سلطته التقديرية بدل الاكتفاء بحثه على توفير الموارد اللازمة دون إقرار ضمانات وآليات عملية.

وخضع مضمون هذه المادة لتعديل طفيف في إطار التوافق بين الحكومة والمعارضة بقصد تمريرها، بحيث تم الاتفاق على مبدأ عدم جواز الحجز على ممتلكات الإدارة، مع تقنين عملية تنفيذ الأحكام بمقتضيات مسطرية تربطها بالآمر بالصرف دون المحاسب، حيث أضيفت في مجلس المستشارين فقرة تمنع بشكل بات أية إمكانية للأداء التلقائي من طرف المحاسب العمومي في حالة تقاعس الآمر بالصرف عن الأداء بعد انصرام الأجل المحدد الذي أصبح 90 يوما بدل 60 يوما كما كان في الصيغة الأولى التي صادق عليها مجلس النواب، وفي حالة عدم كفاية الاعتمادات اللازمة لأداء المبالغ تم التأكيد على ضرورة برمجة المبالغ المتبقية في ميزانيات السنوات اللاحقة وذلك في أجل أقصاه أربع سنوات.

وما يلاحظ أن الحكومة أصرت بشكل مريب على تمرير المادة مهما كانت تكلفتها الاجتماعية وتبعاتها القانونية، انطلاقا من حسابات خفية لم تفصح عنها بشكل واضح للرأي العام ولممثلي الأمة في ظل وجود نوع من التضارب بين مكوناتها، ونفس التذبذب ميز موقف المعارضة التي تصدت لقانون المالية ككل ووافقت على المادة التاسعة فحسب، مما يشي بحسابات سياسية وانتخابية لكون عدد كبير من البرلمانيين هم  في الأصل رؤساء لمجالس الجماعات الترابية وما يعني ذلك من تخليصهم من ثقل الوفاء بالتعويضات المحكوم لها لفائدة المتضررين في ملفات ترتبط أساسا بنزع الملكية وبالاعتداء المادي.

وما يعزز الشكوك حول الخلفية السياسية لهذا التوجه أن السلطة التنفيذية وإلى حدود 2015 كان تسير في اتجاه يشجع على التعاطي الإيجابي مع الأحكام القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به، بحث المصالح الآمر بالصرف في القطاعات والمؤسسات العمومية على أداء المبلغ المحدد متى توصلت بقرار قضائي نهائي داخل لا يتعدى ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ التبليغ القضائي، وفي حالة عدم توفر الاعتمادات اللازمة أو الكفاية للتنفيذ برسم السنة الجارية فإن المصالح الآمرة بالصرف مدعوة الى اتخاذ القرارات الضرورية لتوفير هذه الاعتمادات لتغطية المبالغ المالية المستحقة في أجل أقصاه ستة اشهر من تاريخ المصادقة على ميزانية السنة الموالية، وإذا لم يتم الأمر بالصرف داخل الأجل السالف الذكر فإنه يرخص للمحاسبين العموميين في أداء النفقة موضوع الأوامر القضائية المتعلقة بحجز ما للمدين لدى الغير وذلك مباشرة من مبلغ الاعتمادات المرصدة للإدارة المعينة في إطار النفقات التي يمكن أداؤها دون أمر سابق بصرفها[22].

وأمام توالي حالات التأخر في تنفيذ الأحكام أو الحجز على الأموال العمومية وما يرتبط ذلك من إشكالات متعلقة بغياب اطار قانوني يأخذ بعين الاعتبار خصوصية التنفيذ في مواجه الإدارة، وبجودة خدمة الدفاع عن الإدارة وتوفر الاعتمادات والمسار الإدارية ذات الصلة، فقد تقرر إحداث لجنة وزارية لمعالجة هذه المعضلة يترأسها رئيس الحكومة أو السلطة الحكومية المنتدبة من قبله لهذه الغاية، تتولى معالجة سبل الوقاية من المنازعات لتقادي القرارات والممارسات الإدارية التي من شأنها التسبب في المنازعات وتسهر على إيجاد الحلول العملية اللازمة لتسريع تنفيذ الأحكام العالقة[23].

ومن ضمن المسوغات التي ساقتها الحكومة لتبرير هذا التحول – من الحرص على تنفيذ أحكام القضاء إلى محاولة تعطيلها – تزايد وتيرة الأحكام المنفذة ضد الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية بكفية تهدد الوضعية المالية للإدارة العمومية، وخاصة الجماعات التي تحتضن مشاريع هيكلية كبرى، متذرعة بالفصل 77 من الدستور الذي ينص على أن من مهام البرلمان والحكومة الحفاظ على توازن مالية الدولة، وبالفصل 154 فيما يتعلق بالحرص على استمرارية المرفق العامة العمومية في أداء خدماتها ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا بتحصين الأموال المرصودة لتسييرها من الحجز[24]، وادعت بأن الحجز قد آل إلى حدود غير مقبولة تنذر بعرقلة السير العادي المرافق العامة وإصابة المجالس المنتخبة بحالة من الشلل والإفلاس مثل الحجز على المعدات والآليات، الأمر الذي قد يجعلها عاجزة عن الاستمرار تقديم الخدمات العمومية وإشباع حاجيات المرتفقين.

وبهذا الخصوص تؤكد الحكومة أن الحجز على أموال الدولة من شأنه أن يُهدد التوازنات المالية للإدارات العمومية، بحيث دق وزير المالية ناقوس الخطر بكون المبلغ العام للأحكام التي تم تنفيذها تجاوز 10 مليار درهم أما قيمة الأحكام التي لم تؤدى بعد فقد ناهزت 30 مليار درهم، ويأخذ الأمر أبعاد أكثر خطوة على المستوى الترابي حيث انتقل مجموع المبالغ المحكومة بها ضد الجماعات الترابية من 385 سنة 2011 إلى 857 مليون درهم سنة 2016[25]، وخاصة في المدن الكبرى بسبب العدد الكبير من الأحكام والغرامات التهديدية الناجمة عن التأخر في التنفيذ والتي ترجع الى عقود خلت في بعض الحالات.

لكن السؤال الذي يجب أن يطرح هو لماذا وصلت التعويضات المترتبة عن تنفيذ الأحكام إلى هذا الحد، بدون اتخاذ التدابير الضرورية والإجراءات اللازمة في حق المسؤولين بالإدارات العمومية الذين كانوا سببا في إهدار العام بخرقهم للمساطر القانونية دون أن يتعرضوا للمساءلة، وبدل ذلك فقد سعت الحكومة إلى التأثير في الرأي العام بالتركيز على الجوانب الاجتماعية للحجز، حيث ذهب وزير المالية الى أن الحجز على الدولة من شأنه أن يؤدي إلى توقيف أجور الموظفين[26]، الذين أصبحوا مهددين في مصدر رزقهم على الرغم من كون هذه الأخيرة تُدرج ضمن النفقات الإجبارية، وإلى أن ترتيب الحجز قد ينجم عنه وقف الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن وخاصة على المستوى المحلي مثل آليات جمع النفايات وسيارات الإسعاف، على الرغم من كون المحاكم الإدارية درجت على الاستجابة فقط لطلبات الحجز على أموال وأملاك الجماعات الترابية التي لا يتعارض الحجز عليها مع سير المرافق العمومية بانتظام واضطراد على غرار السيارات المخصصة للتنقلات الشخصية لرؤساء تلك الجماعات[27].

لقد ضغطت الحكومة بقوة على أغلبيتها لتمرير المادة التاسعة بعد نقاش كبير في لجنة المالية، حيث اعتبرها العديد من النواب معاكسة لمساعي تعزيز الثقة في المؤسسات ولدور القضاء في حماية الحقوق والحريات، بحكم أن شرعية الأحكام تستنبط من تنفيذها وأن عدم الالتزام بتنفيذ الأحكام القضائية يعد ضربا بالدستور ومسا بمبدأ فصل السلط ومنه فقدان الثقة في مؤسسة القضاء مما لا يخدم الاستثمار والرهان عليه[28]، كما تمكنت من نيل تأييد مجلس المستشارين الذي صادق عليها بعد إدخال بعض التعديلات.

ويمكن القول أن الحكومة قدمت مادة معيبة بطريقة معيبة ولم تتوفق في التسويق لها، حيث تذرعت باعتبارات تقنية وانتخابية دون الأخذ في الحسبان أوجه تعارضها مع مقتضيات دولة القانون والمؤسسات، وبدون مراعاة تبعاتها الوخيمة على المستوى القضائي والحقوقي وحتى على المستوى الاقتصادي حيث ستتراكم ملفات التنفيذ وستزداد المبالغ مما قد يهدد ميزانية بعض الإدارات العمومية والجماعات الترابية في السنوات المقبلة.

الفرع الثاني: تبعات المادة التاسعة من قانون المالية على الأمن القانوني والقضائي

لقد طرحت المادة التاسعة من قانون المالية علامات استفهام كبيرة حول جدية الحكومة في صيانة الثوابت الدستورية، فمن المفارقات العجيبة أن الحكومات المنبثقة عن دستور جديد صِيغ بنفس إصلاحي يروم إعادة تأطير علاقة المواطن بالدولة عبر مقتضيات تستهدف التقريب والإشراك والحماية، تذهب في اتجاه يهدد المكتسبات المحققة ويضرب بحقوق المواطنين عرض الحائط مقابل تغليب استعلاء الإدارة على القضاء والأفراد.

وتتجلى خطوة هذه المادة في المس بالأمن القانوني للبلاد عبر تضمين مقتضيات تشريعية ضمن قانون المالية في إطار نظرية فرسان الميزانية (Les Cavaliers Budgétaires)، وهو ما سيفتح المجال أمام السلطة التنفيذية لتمديد دورها التشريعي وتمرير بعض المقتضيات القانونية عبر قانون المالية الذي يتسم مقارنة بالقوانين العادية بخصوصية معينة من الناحية المسطرية ومن ناحية المضمون، نظرا لبعده الإجرائي لكونه يحدد بالنسبة لكل سنة مالية طبيعة ومبلغ وتخصيص مجموع موارد وتكاليف الدولة وكذا التوازن الميزانياتي والمالي الناتج عنها وتراعى في ذلك الظرفية الاقتصادية والاجتماعية[29].

ورغم أن وزير المالية حاول إبراز انضباط المادة التاسعة لمقتضيات المادة 14 من القانون التنظيمي لقانون المالية التي تنص على أن نفقات تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة تندرج ضمن نفقات التسيير التي يتكلف قانون المالية للسنة لتحديدها وبيان كيفية أدائها[30]، فإن هذه المادة لا يمكن أن تبرر بأي حال التدخل في طريقة تنفيذ الأحكام القضائية فضلا عن تناقضها مع نصوص قانونية أساسية مثل قانون المسطرة المدنية والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، التي تنص على أنه من بين  مشمولات النفقات الإجبارية التي يتوجب إدراجها ضمن الميزانية توجد النفقات المتعلقة بتنفيذ القرارات والأحكام القضائية الصادرة ضد الجهة[31] والعمالة أو الإقليم[32]، والجماعة[33]، وإذا امتنع الآمر بالصرف المعني عن إصدار الأمر بصرف هذه النفقات جاز اللجوء إلى حق الحلول وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 198 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات[34].

وهوما يعني أن محتوى المادة لا يمت بأية صلة لطبيعة القانون المالي فهي خارجة عن مشمولاته، فضلا عن الخلط بين المالية العامة والمالية المحلية بحيث تم إقحام الجماعات الترابية ضمن قانون المالية بكيفية متهافتة بغية شملها بمقتضى منع الحجز على أموالها وأملاكها، ولذلك فقد كان من باب أولى إدراج مثل هذه المقتضيات ضمن مدونة تحصيل الديون العمومية والمسطرة المدنية التي تؤطر الشروط والإجراءات المتعلقة بالتقاضي والتنفيذ ومن ضمنها تأطير أحكام وشروط الحجز.

وارتباطا بها المعطى نشير إلى أن المادة التاسعة من قانون المالية تتناقض بشكل صارخ مع التوجه العام لمشروع قانون المسطرة المدنية في حال إقراره بالصيغة الحالية، والذي يؤكد بوضوح على أنه يجب على أشخاص القانون العام تنفيذ الأحكام والقرارات والأوامر القضائية القابلة للتنفيذ في مواجهتهم[35]، و إذا لم تسفر إجراءات التنفيذ عن أية نتيجة يجوز إجراء الحجز التنفيذي على الأموال والمنقولات والعقارات الخاصة لأشخاص القانون العام خلافا للمقتضيات التشريعية المنصوص عليها في هذا الشأن، ما لم ينتج عنه عرقلة للسير العادي للمرفق العمومي[36]، وإذا كان مشروع المسطرة المدنية قد وسع من مجال التنفيذ بجعله ممكنا أمام المحاسب العمومي[37]، فإن المادة التاسعة قد ضيقته بالتأكيد على أنه يتعين على الدائنين الحاملين لسندات أو أحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة ألا يطالبوا بالأداء إلا أمام مصالح الآمر بالصرف للإدارة العمومية.

وإضافة إلى ذلك فإن المادة المذكورة تعاكس التوجه العام للخطب الملكية- التي تشكل مرجعية توجيهية لمختلف المؤسسات والسلطات وفي مقدمتها السلطة التنفيذية – والتي أكدت غير ما مرة على ضرورة الاهتمام بتنفيذ القرارات القضائية وضمان جريان مفعولها على المحكوم ضدهم، فمن غير المفهوم أن تسلب الإدارة للمواطن حقوقه، وهي التي يجب أن تصونها وتدافع عنها وكيف لمسؤول أن يعرقل حصوله عليها وقد صدر بشأنها حكم قضائي نهائي[38].

إن الأمن القانوني لا تكمن أهميته فقط في استقرار القواعد القانونية وإنما أيضا في تحقيق الغايات المثلى للقانون فمن خلاله يتأتى تحقيق الأمن القضائي[39]، وعلى ضوء ذلك فإن هذه المادة تطرح على المحك الجدوى من المسار القضائي برمته، فما الفائدة من إصدار مقررات قضائية حائزة لقوى الشيء المقضي به ومذيلة بالصيغة التنفيذية، بعد مسار طويل استهلك فيه الكثير من الجهد إن كانت ستظل حبيسة الرفوف ولن تؤثر في رد الحقوق لأصحابها، الأمر الذي يجعل من المسطرة القضائية عديمة القيمة بدون إنفاذ الأحكام الصادرة عنها في مواجهة الإدارة، وعلى حد تعبير العميد “ديجي” فإن الإخلال بمبدأ ضرورة احترام الأحكام يصير بمبدأ المشروعية إلى العدم[40].

ويشكل هذا النزوع خرقا واضحا للدستور الذي يفرض المساواة بين الجميع، فكيف يستقيم تنفيذ الأحكام ضد الأفراد والحيلولة دون ذلك حينما يتعلق الأمر بالإدارة، ذلك أن أحكام وقرارات القضائية النهائية هي ملزمة للكل سواء تعلق الأمر بالمواطنين أو الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية وفقا لدستور 2011 الذي ينص على أن الأحكام النهائية الصادرة عن القضاء ملزمة للجميع ويجب على السلطات العمومية تقديم المساعدة اللازمة أثناء المحاكمة، إذا صدر الأمر إليها بذلك، ويجب عليها المساعدة على تنفيذ الأحكام[41]، تأسيسا على الفصل السادس من الدستور الذي ينص على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، والجميع أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له.

إن كل تدخل للسلطة التنفيذية في عمل المحاكم يمثل مسا بمبدأ الفصل بين السلط الذي تشكل عماد دولة القانون والمؤسسات، حيث ينص الفصل الأول من دستور 2011 على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، فيما يؤكد الفصل 107 على كون السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية.

ويظهر بشكل جلي أن المادة التاسعة تعاكس هذه المقتضيات الدستورية لكونها تستهدف تكريس هيمنة الإدارة على سلطة المحاكم، بحيث مُنحت للإدارة المحكوم عليها سلطة فوق سلطة القضاء، وقوة فوق قوة قراراته وأعطتها حق التصرف في تنفيذ الأحكام حسب نزواتها وميولاتها وصلاحياتها التحكمية، سواء لتنفيذ الحكم أو تأجيل التنفيذ لسنوات دون تحديد ولا آجال[42]، أو تنفيذه بشكل جزئي بأن أن تعمد عن طواعية متى عنَّ لها ذلك إلى التفضل بأداء ما عليها من حقوق على دفعات قد تمتد لسنوات طويلة حسب توفر الاعتمادات، بشكل يجعل الفرد في وضعية المتسول لحقوقه.

وبدل التمادي في تكريس هذا الواقع فقد كان ينتظر إقرار ضمانات موضوعية تكفل تنفيذ الأحكام ضمن مدة معقولة تكفل للمنفذ له الحصول على حقوقه داخل أجل معلوم على غرار الآجال الدقيقة المحددة لإجراءات المحاكمة والبت، بمعنى أن عدالة الحكم والتقاضي يجب أن تُستكمل بعدالة التنفيذ، بحيث في حالة كفاية المبالغ المالية يتوجب إصدار أمر بدفع تكميلي في أجل أقصاه السنة المالية الموالية، كما ورد في مشروع قانون المسطرة المدنية بالتنصيص على أنه إذا تعلق التنفيذ بأداء مبلغ مالي ولم تتوفر اعتمادات في ميزانية السنة الجارية لتنفيذه، تم هذا التنفيذ داخل أجل أقصاه تسعون يوما من تاريخ المصادقة على ميزانية السنة الموالية[43].

إن عدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ الحكم القضائي سيشكل مبررا للمس بحقوق المواطنين، في وقت كان من المفروض أن تعطي الإدارة المثل الأعلى في الاحتكام للقانون والامتثال لسلطة القضاء، وإلا فالمواطن سيتعرض لحيف مزدوج فهو على سبيل المثال قد انتهك حقه في الملكية عن طريق الاعتداء المادي أو نزع الملكية، وبعد صراع طويل بين دروب المحاكم وإصدار سند تنفيذي على أمل الحصول على تعويض يجبر ضرره، يصبح هذا الحكم غير ملزم للإدارة التي ستمتنع عن التنفيذ متذرعة هذه المرة بوجود نص قانوني يمنع الحجز على ممتلكاتها، وهو ما سيوتر العلاقة بين المواطن والمحاكم وسيضعف من ثقة المواطنين في حقيقة السلطة القضائية وفي دولة القانون ارتباطا بالإصلاحات الدستورية والسياسية التي تبتغي ربط المسؤولية بالمحاسبة.

وفضلا عن هذه الآثار المباشرة، فثمة تداعيات اقتصادية من شأنها التأثير السلبي على مناخ الاستثمار العمومي، من خلال ارتفاع كلفة الدين وتردد المستثمرين في التعامل مع الإدارة ما دام أنها متحصنة بالقانون في رفض تنفيذ أحكام قد تصدر لصالحهم في أي نزاع محتمل ينشأ عن تعاملات مالية معها، كما أنها قد تؤثر سلبا على على النسيج الاقتصادي بحيث من غير المعقول أن لا تقوم الإدارة حتى بتسديد ما بذمتها من ديون للمقاولات الصغرى والمتوسطة، بدل دعمها وتشجيعها، اعتبارا لدورها الهام في التنمية والتشغيل[44].

وما يلاحظ أن الحكومة عبأت كل إمكانياتها لتمرير هذه المادة بدون مراعاة التوجه العام للقضاء الدستوري الذي سبق أن قضى بعدم دستورية مقتضيات مشابهة حاولت الحكومة إدراجها ضمن القانون التنظيمي للمالية، حيث صرح المجلس الدستوري بعدم مطابقة المادة 5 من القانون التنظيمي للمالية رقم 98-7 للدستور التي تنص على أن كل حكم وارد في قانون أو نظام يقضي بإحداث تكاليف جديدة أو تترتب عليه تخفيضات في المداخيل من شأنها الإخلال بالتوازن المالي لقانون المالية الجاري به العمل، لا يمكن أن يدخل حيز التنفيذ من الناحية المالية إلا بعد أن ينص قانون للمالية على تقييم هذه التكاليف الجديدة أو التخفيضات في المداخيل وعلى الإذن فيها، معتبرا أن ما نصت عليه هذه المادة لتجنب الإخلال بالتوازن المالي للميزانية يفضي إلى تعطيل نص قانوني أقره البرلمان وصدر الأمر الملكي بتنفيذه ونشره في الجريدة الرسمية[45] ، لتعارضها مع المقتضيات الدستورية التي تنص على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة وأن على الجميع الامتثال له.

ونفس التوجه كرسه المجلس الدستوري بمناسبه فحص دستورية المادة 8 من قانون المالية رقم 08–40 لسنة 2009 المتعلقة بسلوك مسطرة خاصة في تحصيل الغرامات التصالحية والجزافية بشأن المخالفات في مجال السير والجولان، معتبر أنها بحكم طبيعتها خارجة عن نطاق اختصاص قانون المالية، بل هي مرتبطة بمنظومة قانونية جديدة لم تبت بعد فيها المؤسسة التشريعية، وأنها تتضمن مقتضيات تُشرِّع لوسائل جديدة ترمي إلى التثبت من مخالفات السير والجولان، كما أنها تتنافى مع روح العدالة والمبادئ العامة للقانون[46]، وانطلاقا من هذه الحيثيات وغيرها فقد اعتبر المجلس الدستوري أن المادة الثامنة سالفة الذكر هي مخالفة للدستور[47]، وقد سارت المحكمة الدستورية في نفس الاتجاه بمناسبة فحصها لدستورية بعض مواد قانون المالية رقم 68.17 لسنة 2018، حيث اعتبرت أن مشمولات قانون المالية محددة على سبيل الحصر، طبقا للمادة السادسة من القانون التنظيمي لقانون المالية، مما يقتضي امتناع المشرع عن إقحام أي موضوع خارج ما تمت الإشارة إليه ضمن مواد قانون المالية[48].

وبالنظر لتعارض المادة التاسعة من قانون المالية لسنة 2020 مع مقتضيات الدستور ينتظر أن تتصدى لها المحكمة الدستورية عن طريق الدفع الفرعي بعد المصادقة على القانون التنظيمي رقم 86.15 الذي يتعلق بتحديد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133، والذي يفتح إمكانية الدفع بعدم الدستورية إذا كان من شأن القانون موضوع الدفع سيطبق في النزاع ويمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، وذلك بعد تجاوز مسطرة الإحالة الاختيارية حيث تم إصدار الأمر بتنفيذ قانون المالية بتاريخ 13 دجنبر 2019 بعد يومين المصادقة عليه من طرف مجلس النواب في إطار القراءة الثانية.

ومن الآثار الوخيمة لهذه المادة كبح جماح الاجتهادات القضائية التي أصبحت أكثر جرأة في إرغام الإدارة على تنفيذ أحكام  القضاء، حيث أصدرت المحاكم الإدارية قرارات مهمة ضد الدولة تجبرها على تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها عبر فرض الغرامة التهديدية والحجز على أموال الإدارة المتواجدة بين يدي الغير، لأنه – كما أسلفنا في الفرع الأول – فعلى الرغم من كون النظام القانوني للمحاكم الإدارية لم ينص بشكل صريح على مسطرة خاصة بتنفيذ الأحكام ضد الإدارة، فإن الإحالة على القواعد المتعلقة بالتنفيذ الجبري المنصوص عليها في الباب التاسع من القاسم التاسع من المسطرة المدنية شكلت أرضية مهمة راكم عبرها القضاء الإداري تجربة مهمة في حماية الحقوق والحريات عبر إلزام الإدارة بالامتثال لأحكام القضاء بفرض إجراءات صارمة بما فيها الحجز التنفيذي.

ولذلك فإن تضمين المادة التاسعة في قانون المالية يندرج ضمن مساعي تحجيم دور القضاء الإداري، ومن شأنه هذا المستجد دفع المواطنين الى عدم مقاضاة الدولة إذا كان الحكم المتوقع أن يرد له حقوقه لن يتم تنفيذه، مما سيزيد تعقيدا آخرا لمساطر القضاء الإداري وسيحد من دوره في بناء علاقة متوازنة بين المواطن والإدارة تقوم على المساواة والإنصاف.

أما التذرع بالحرص على استمرارية المرفق العام فهو حق أريد به باطل، لأن الحفاظ على سير المرافق العمومية بانتظام واضطراد يجب أن ينطلق من التدبير الرشيد والفعال للموارد العمومية بقصد تحقيق الاستجابة المثلى لحاجيات المواطنين، في إطار احترام سيادة القانون وحجية الأحكام القضائية النهائية باعتبارها أهم مقومات دولة المؤسسات، التي لا شك تقوم على توازن السلط وثقة المواطنين والمشروعية الدستورية والقانونية، وعلى التزام المدبرين العموميين بأخلاقيات تدبير المرفق العام والتحلي بروح المسؤولية.

لقد آن الأوان لإقرار المسؤولية الشخصية والتأديبية للموظف العمومي الذي سبب أضرار للإدارة التي يسهر عليها سواء من خلال قرارات الفعل أو بسبب الامتناع عن التنفيذ، ففي كلتا الحالتين يتكبد المرفق العمومي خسائر مادية فادحة تستوجب مساءلته، ونشير إلى دورية وزير الداخلية التي ذهبت في اتجاه ترتيب المسؤولية التقصيرية للمسؤولين المحليين، بتنبيه رؤساء المجالس المنتخبة إلى أن أي عمل أو تصرف قد يترتب عنه إضرار بالغير ويكلف ميزانية الجماعة أعباء مالية إما بسبب مخالفة القوانين والأنظمة المعمول بها وإما بفعل التهاون والتقصير فإنهم سيحاسبون عن تلك الأخطاء طبقا للفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات والعقود[49]، ويتعين عليهم تبعا لذلك تسديد المبالغ المالية التي أُهدرت بدون موجب قانوني أو التي دفعت كتعويض لجبر الضرر الحاصل بالأغيار إلى خزينة الجماعة[50].

وفي ظل منع الحجز بموجب قانون المالية يتعين محاسبة الموظفين والأعوان على الخطأ الشخصي الذي سبب ضررا للإدارة سواء بالفعل أو بالامتناع عن تنفيذ الحكم، مما يعني إمكانية متابعة الممتنعين عن تنفيذ الأحكام القضائية النهائية تأديبيا وحتى جنائيا في حالة العود، ويعول في هذا الصدد على دور مؤسسة الوسيط التي تتمتع بصلاحية التوجه إلى الإدارة المعنية بتحريك مسطرة المتابعة التأديبية ،وإن اقتضى الحال توصية بإحالة الملف إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات المنصوص عليها في القانون في حق الموظف أو العون إذا تأكد أن امتناعه عن تنفيذ حكم نهائي صادر في مواجهة الإدارة ناجم عن موقف غير مبرر[51]، وعلى الرغم من غموض هذه المقتضيات وصعوبة تحريك هذه المسطرة بحكم طبيعة قرارات الوسيط التي تظل توصياته مجرد قوة اقتراحية غير ملزمة[52]، فإن مجرد تشجيع هذا المسار من شأنه دفع الآمرين بالصرف في الإدارات العمومية والجماعات الترابية إلى التعامل بشكل جدي وإيجابي مع الأحكام القضائية.

وقد بدأت بوادر هذا التوجه في التبلور منذ 2018 حيث أصدر رئيس المحكمة الإدارية بالرباط الأمر بغرامة تهديدية في مواجهة قائد امتنع عن تنفيذ حكم قضائي مبرم، وتبرز أهمية هذا الاجتهاد القضائي في أنه اعتمد على نصوص غير تقليدية في التعليل على رأسها دستور 2011 وقوانين أخرى منها قانون مؤسسة الوسيط الذي اتجه إلى شخصنة امتناع الإدارة غير المبرر عبر مسؤوليها عن تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتها، مع استشراف إرادة المشرع المعبر عنها في مشاريع قيد المناقشة أمام البرلمان، وهو توجه غير مألوف في الاجتهاد القضائي المغربي، وفي هذا الصدد يلاحظ أن الأمر القضائي اعتمد على المادة 587 من مسودة مشروع قانون المسطرة المدنية التي تنص على إمكانية إصدار قاضي التنفيذ لغرامة تهديدية في مواجهة شخص القانون العام المنفذ عليه أو المسؤول عن التنفيذ أو هما معا[53].

ومن أجل تدقيق مختلف المقتضيات الخاصة بوسائل التنفيذ الجبري في مواجهة الإدارة الممتنعة عن تنفيذه الأحكام القضائية، يتعين توحيد المنظومة التشريعية المتعلقة بمقاضاة الأشخاص المعنوية العامة من الناحية الموضوعية والمسطرية، من خلال إقرار نظام مؤسساتي وقانوني للتنفيذ يضمن حماية الحقوق والحريات الفردية ويكفل حماية فعالة للمال العمومي باعتبار تخصيصه للمنفعة العمومية ولضمان حسن سير المرفق العمومي[54]، في ضوء المقتضيات الدستورية التي تؤكد على ضرورة تجسيد الفصل والتوازن بين السلط وعلى المساواة بين الجميع أمام القانون والقضاء.

وموازاة مع تأطير مساطر التسوية القضائية يتعين تشجيع الآمرين بالصرف في الإدارات العمومية والجماعات الترابية بشكل خاص على حل النزاعات بالطرق الحبية، وهو ما يستوجب تفعيل التوجيهات التي جاءت بها دورية وزير الداخلية الصادرة سنة 2010[55] بخصوص عقد اجتماعات للصلح بين الجماعات الترابية وذوي الحقوق قبل اللجوء إلى العدالة، وما يكلفها ذلك من أعباء مالية هي في أمس الحاجة إلها مثل مصارف الدعاوى وأتعاب المحامي[56]، مع دفع الجماعات الترابية إلى احترام الاتفاقيات الودية المبرمة في إطار تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة ضدها، عبر وضع اعتمادات كافية بالميزانية ضمن النفقات الإجبارية بقصد الوفاء بالمبالغ المحكوم بها لصالح الأفراد[57].

خاتمة

لقد نجحت الحكومة في تحصين أموال وأملاك الإدارة ضد الحجز بموجب المادة التاسعة من قانون المالية رقم 70.19 بكيفية تضرب بعرض الحائط مطالب المهنيين وحقوق المتقاضين ومرتكزات المشروعية الدستورية والقانونية، وعلى الرغم من التأكيد على أن المراد من هذه المادة هو عقلنة الحجز بربطه بمسؤولية الآمر بالصرف وبتوفر الاعتمادات المالية، فإنها في تعني المنع في نهاية المطاف بالنظر لكثرة التقييدات المسطرية ولكون البند الأخير منها ينص بوضوح على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية للحجز.

صحيح أن القرار ستكون له مكاسب إيجابية بالنسبة للحكومة وللمجالس المنتخبة وخاصة في المدن الكبرى ونحن على مقربة من الاستحقاقات الانتخابية، لكن تبعاته ستكون وخيمة على كافة المستويات، حيث أن إدراج مثل هذه الأمور في قانون المالية سيشكل بدون شك مدخلا لتوسيع وعاء القانون المالي السنوي بقصد تمرير قواعد موضوعية مناقضة للمنظومة القانونية، فحتى الدول التي منعت الحجز على أموال وممتلكات الإدارة فعلت ذلك بموجب قوانين خاصة كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا عبر قانون ملكية الأشخاص العامة، وليس ضمن قانون مالي سنوي يتميز بالطابع الظرفي الذي يخضع لتقلب الحسابات السياسية والاقتصادية.

وفضلا عن ذلك فإن هذا المقتضى يشكل إخلالا بشروط ومتطلبات التوازن بين السلط، في ظل التأكيد الدستوري على تحصين وتوسيع استقلالية للسلطة القضائية، وهو ما من شأنه المس بثقة المواطنين في مؤسسة القضاء وتحجيم دورها في إقرار العدالة، حيث ستلحق أضرارا بالغة بمسلوبي الحقوق وبالحائزين على أحكام نهائية بخلق نوع من التمييز بين المتقاضين من خلال خص الإدارة بوضعية تفضيلية تجعلها لا تنضبط للأحكام القضائية، وهو ما يعني إفراغ هذه الأخيرة من طابعها الإلزامي في مواجهة الأشخاص المعنوية العامة بالرغم من كونها حائزة لقوة الشيء المقضي به ومذيلة بالصيغة التنفيذية.

وبالنظر للتبعات السلبية لهذه المادة على المستويات القانونية والحقوقية وبحكم تناقضها مع مسار الإصلاحات الجارية في سياق الارتقاء بدولة القانون والمؤسسات، يتوجب فتح حوار موسع يتوخى معالجة إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية ضد الإدارة وفق صيغ قانونية تكفل تحقيق التوزان بين استمرارية المرفق العام وتنفيذ قرارات القضاء، الأمر الذي يستوجب تدقيق المقتضيات الخاصة بالتنفيذ الجبري كالغرامة التهديدية والحجز، مع دفع الآمرين بالصرف إلى تفضيل التسوية الودية وجدولة عملية التنفيذ مع ذوي الحقوق، وهو ما يحتم إصدار قانون خاص بالإجراءات الإدارية يشتمل على شروط تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارة، أو على الأقل تخصيص باب مستقل بالمسطرة المدنية لتحديد كيفيات وآجال تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام، مع إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ على صعيد كل محكمة إدارية يعهد إليه بالسهر على تنفيذ الأحكام الإدارية مع تمتيعه بمختلف الضمانات الكفيلة بتيسير وتسريع عملية التنفيذ.

لائحة المراجع

  • أم كلثوم زاوي، أي دور للحساب الجاري للخزينة في ظل تطورات تنفيذ الأحكام القضائية، مجلة الخزينة العامة للمملكة، العدد 15، شتنبر 2019.
  • أنس سعدون، الأحكام القضائية في المغرب سنة 2018، أحكام هامة لإلزام الإدارات العامة بتنفيذ أحكام القضاء، مجلة المفكرة القانونية، العدد 14، أبريل 2019.
  • حسني سعد عبد الواحد، تنفيذ الأحكام الإدارية، الطبعة الأولى، مطابع مجلس الدفاع الوطني، القاهرة، سنة 1984.
  • محمد الأعرج، رقابة المجلس الدستوري وتقنيات الرقابة على دستورية قوانين المالية، ضمن: القضاء الدستوري في سياق ما بعد 20111 المرجعيات والاجتهادات، والاجتهادات (إشراف حسن طارق)، منشورات المجلة المغربية السياسات العمومية، 2019.
  • محمد قصري، آليات تنفيذ الأحكام القضائية الإدارة في مواجهة أشخاص القانون العام، مجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد الأول، ماي 2018.
  • محمد نويري، القاضي الدستوري وضمان الأمن القانوني، تأملات في ملامح تشكل مبدأ الأمن القانوني في الاجتهاد القضائي الدستوري، ضمن: القضاء الدستوري في سياق ما بعد 20111 المرجعيات والاجتهادات (إشراف حسن طارق)، منشورات المجلة المغربية السياسات العمومية، 2019.
  • مصطفى التراب، المختصر العملي في القضاء والقانون، مطبعة الأمنية بالرباط، 2008.
  • دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، صادرة بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011)
  • القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.62 بتاريخ 14 من شعبان 1436 (2 يونيو 2015)؛ الجريدة الرسمية عدد 6378 الصادرة بتاريخ 29 رمضان 1436 (6 يوليو 2015).
  • القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات. جريدة رسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015).
  • القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الجريدة الرسمية عدد 6380 الصادرة بتاريخ 23 يوليو 2015
  • القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، جريدة رسمية عدد 6380، بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليوز 2015)
  • ظهير شريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 03/11/1993.
  • ظهير شريف رقم 1.19.125 صادر في 16 من ربيع الآخر 1441 ( 13 ديسمبر 2019 ) بتنفيذ قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الجريدة الرسمية، عدد 6838 مكرر.
  • ظهير شريف رقم 1.19.43 صادر في 4 رجب (11 مارس 2019)، بتنفيذ القانون رقم 14.16 المتعلق بمؤسسة الوسيط، الجريدة الرسمية عدد 6765- 25 رجب 1440(فاتح أبريل 2019)
  • مرسوم رقم 2.17.451 صادر في 4 ربيع الأول 1439 (23 نوفمبر 2017) بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات ومؤسسات التعاون بين الجماعات، الجريدة الرسمية عدد 6626 بتاريخ 30 نوفمبر 2017.
  • دورية وزير الداخلية رقم 21/ ق.ت.م./2 بتاريخ 07 مارس 2006 موجهة إلى السادة ولاة وعمال العمالات والأقاليم وعمال المقاطعات بالمملكة حول ضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية وهيئاتها.
  • منشور رئيس الحكومة رقم 2015/12 حول تنفيذ الأحكام القضائية ضد أشخاص القانون العام، بتاريخ 19 غشت 2015 (3 ذي القعدة 1436)
  • منشور رئيس الحكومة عدد 2017/15 بتاريخ 07 دجنبر 2017 حول إحداث لجنة وزارية لمعالجة إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بأشخاص القانون العام.
  • منشور الوزير الأول عدد 98/37 بتاريخ 31غشت 1998 موجه إلى السيد وزير الدولة والسادة الوزراء وكتاب الدولة حول تنفيذ الأحكام والقرارات النهائية
  • قرار المحكمة الدستور رقم 17/66 م.د، ملف عدد 17/15، بتاريخ 23 دجنبر 2017.
  • قرار المجلس الدستوري رقم 98/250، ملف رقم: 98/445، بتاريخ 24 أكتوبر 1998، جريدة رسمية عدد 4641 بتاريخ 23 نونبر 1998.
  • قرار المجلس الدستوري رقم: 08/728 م. د، ملف رقم: 08/1120 عن بتاريخ 29 دجنبر 2008.
  • قرار محكمة النقض عدد 1296 المؤرخ في 23 نونبر 2017 في الملف الإداري عدد 469/4/3/2017.
  • قرار الغرفة الإدارية المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 557، بتاريخ 22/05/1997
  • قرار المجلس الأعلى عدد 413 ملف عدد 756/06، بتاريخ 07/05/2008.
  • قرار المجلس الأعلى الصادر (محكمة النقض حاليا) بتاريخ 06/07/1992بالملف الاجتماعي عدد 9902/8.
  • القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية تحت عدد 483 بتاريخ 30/05/2016/ ملف عدد 447/7202/2016.
  • قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 53 المؤرخ في 12/02/2007، ملف عدد 103/06/2.
  • تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 برسم سنة 2020، الجزء الأول، مجلس النواب، 2019.
  • تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب بخصوص مشروع قانون المالية رقم 73.16 برسم سنة 2017، كما أحيل من مجلس المستشارين في قراءة ثانية، شوهد بتاريخ 2 دجنبر 2019 على الرابط: https://bit.ly/2LkfGww

[1] Abderrafie1@gmail.com

[2] يوسف الحفناوي، تنفيذ الأحكام القضائية ضد أشخاص القانون العام على ضو مشروع قانون المسطرة المدنية، مجلة منازعات الأعمال، العدد 15، يوليوز 2016، ص 64.

[3] محمد قصري، آليات تنفيذ الأحكام القضائية الإدارة في مواجهة أشخاص القانون العام، مجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد الأول، ماي 2018، ص 37.

[4] قرار المجلس الأعلى الصادر (محكمة النقض حاليا) بتاريخ 06/07/1992بالملف الاجتماعي عدد 9902/8.

[5]مصطفى التراب، المختصر العملي في القضاء والقانون، مطبعة الأمنية بالرباط، 2008، ص 252.

[6]  قرار الغرفة الإدارية المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) عدد 557، بتاريخ 22/05/1997

[7] منشور الوزير الأول عدد 98/37 بتاريخ 31غشت 1998 موجه إلى السيد وزير الدولة والسادة الوزراء وكتاب الدولة حول تنفيذ الأحكام والقرارات النهائية

[8] دورية وزير الداخلية رقم 21/ ق.ت.م./2 بتاريخ 07 مارس 2006 موجهة إلى السادة ولاة وعمال العمالات والأقاليم وعمال المقاطعات بالمملكة حول ضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية وهيئاتها، ص 4.

[9]  قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 53 المؤرخ في 12/02/2007، ملف عدد 103/06/2.

[10] المادة السابعة من الظهيـر الشريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، الجريدة الرسمية عدد 4227 بتاريخ 03/11/1993 الصفحة 216.

[11] قرار المجلس الأعلى عدد 413 ملف عدد 756/06، بتاريخ 07/05/2008.

[12] محمد قصري، آليات تنفيذ الأحكام القضائية الإدارة في مواجهة أشخاص القانون العام، مرجع سابق، ص 76.

[13] أمر قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية بالدار البيضاء عدد 251 ملف 251-7102-2018

[14] القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية تحت عدد 483 بتاريخ 30/05/2016/ ملف عدد 447/7202/2016.

[15] أم كلثوم زاوي، أي دور للحساب الجاري للخزينة في ظل تطورات تنفيذ الأحكام القضائية، مجلة الخزينة العامة للمملكة، العدد 15، شتنبر 2019، ص 55.

[16]  منشور الوزير الأول رقم 2008/1 بتاريخ 4 فبراير 2008، مرجع سابق.

[17] عرض وزير المالية أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 برسم سنة 2020، الجزء الأول، مجلس النواب، 2019، ص 190.

[18] محمد قصري، آليات تنفيذ الأحكام القضائية الإدارة في مواجهة أشخاص القانون العام، مرجع سابق، ص 76.

[19] القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.62 بتاريخ 14 من شعبان 1436 (2 يونيو 2015)؛ الجريدة الرسمية عدد 6378 الصادرة بتاريخ 29 رمضان 1436 (6 يوليو 2015).

 

[20] تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب بخصوص مشروع قانون المالية رقم 73.16 برسم سنة 2017، كما أحيل من مجلس المستشارين في قراءة ثانية، شوهد بتاريخ 2 دجنبر 2019 على الرابط: https://bit.ly/2LkfGww

[21] ظهير شريف رقم 1.19.125 صادر في 16 من ربيع الآخر 1441 ( 13 ديسمبر 2019 ) بتنفيذ قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، الجريدة الرسمية، عدد 6838 مكرر ، ص 11123.

[22]منشور رئيس الحكومة رقم 2015/12 حول تنفيذ الأحكام القضائية ضد أشخاص القانون العام، بتاريخ 19 غشت 2015 (3 ذي القعدة 1436)

[23] منشور رئيس الحكومة عدد 2017/15 حول إحداث لجنة وزارية لمعالجة إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بأشخاص القانون العام، بتاريخ 07 دجنبر 2017.

[24] عرض وزير المالية أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 برسم سنة 2020، مرجع سابق، ص 190.

[25] Rapport annuel de la Cour des comptes au titre des années 2016 et 2017, volume 1, p 212.

[26] عرض وزير المالية أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 برسم سنة 2020، مرجع سابق، ص 189.

[27] حكم المحكمة الإدارية بفاس الصادر بتاريخ 10 دجنبر 2002 تحت عدد 833.

[28] تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 برسم سنة 2020، مرجع سابق، ص 30.

[29] المادة 1 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية 130.13 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.62بتاريخ 14من شعبان 1436 الجريدة الرسمية عدد 6370 (18 يونيو 2015).

[30] عرض وزير المالية أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية حول مشروع قانون المالية رقم 70.19 برسم سنة 2020، مرجع سابق، ص 191.

[31] الفصل 196 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات. جريدة رسمية عدد 6380 بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليو 2015).

[32] المادة 174 من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الجريدة الرسمية عدد 6380 الصادرة بتاريخ 23 يوليو 2015

[33] المادة 181 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، جريدة رسمية عدد 6380، بتاريخ 6 شوال 1436 (23 يوليوز 2015)

[34] المادة 83 مرسوم رقم 2.17.451 صادر في 4 ربيع الأول 1439 (23 نوفمبر 2017) بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات ومؤسسات التعاون بين الجماعات، لجريدة الرسمية عدد 6626 بتاريخ 30 نوفمبر 2017، ص 6301.

[35] المادة 451-20 من مشروع قانون المسطرة المدنية.

[36] المادة 451-26 من مشروع قانون المسطرة المدنية.

[37] الفقرة الثالثة من المادة 451-23 من مشروع قانون المسطرة المدنية.

[38]  الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، شوهد بتاريخ 1 دجنبر 2019 على هذا الرابط: https://bit.ly/2Rvs2WL

[39] محمد نويري، القاضي الدستوري وضمان الأمن القانوني، تأملات في ملامح تشكل مبدأ الأمن القانوني في الاجتهاد القضائي الدستوري، ضمن: القضاء الدستوري في سياق ما بعد 20111 المرجعيات والاجتهادات (إشراف حسن طارق)، منشورات المجلة المغربية السياسات العمومية، 2019، ص 237.

[40] حسني سعد عبد الواحد، تنفيذ الأحكام الإدارية، الطبعة الأولى، مطابع مجلس الدفاع الوطني، القاهرة، سنة 1984، ص 7

[41] الفقرة الأولى من الفصل 126 من دستور 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، صادرة بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011)، ص. 3600

[42] رسالة نقباء ورؤساء سابقون لجمعية هيئات المحامين إلى الحكومة والبرلمان والرأي العام حول المادة التاسعة من قانون المالية لسنة 2020، شوهدت بتاريخ 4 دجنبر 2019 على الرابط التالي: https://bit.ly/2Plbqy7

[43] الفقرة الرابعة من المادة 451-20 من مشروع قانون المسطرة المدنية

[44] الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، مرجع سابق.

[45] قرار المجلس الدستوري رقم 98/250، ملف رقم: 98/445، بتاريخ 24 أكتوبر 1998، جريدة رسمية عدد 4641 بتاريخ 23 نونبر 1998، ص 3243.

[46] قرار المجلس الدستوري رقم: 08/728 م. د، ملف رقم: 08/1120 عن بتاريخ 29 دجنبر 2008.

[47] محمد الأعرج، رقابة المجلس الدستوري وتقنيات الرقابة على دستورية قوانين المالية، ضمن: القضاء الدستوري في سياق ما بعد 20111 المرجعيات والاجتهادات، مرجع سابق، ص 46.

[48] قرار المحكمة الدستور رقم 17/66 م.د، ملف عدد 17/15، بتاريخ 23 دجنبر 2017.

[49] تنص المادة 80 من قانون الالتزامات والعقود على أن مستخدمو الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الأضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الأخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم. ولا تجوز مطالبة الدولة والبلديات بسبب هذه الأضرار، إلا عند إعسار الموظفين المسؤولين عنها.

[50] دورية وزير الداخلية رقم 21/ ق.ت.م./2 بتاريخ 07 مارس 2006، مرجع سابق.

[51]  المادة 41 من ظهير شريف رقم 1.19.43 صادر في 4 رجب (11 مارس 2019)، بتنفيذ القانون رقم 14.16 المتعلق بمؤسسة الوسيط، الجريدة الرسمية عدد 6765- 25 رجب 1440(فاتح أبريل 2019)، ص 1728.

[52] قرار محكمة النقض عدد 1296 المؤرخ في 23 نونبر 2017 في الملف الإداري عدد 469/4/3/2017، مجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد الأول، ص 227.

[53] أنس سعدون، الأحكام القضائية في المغرب سنة 2018، أحكام هامة لإلزام الإدارات العامة بتنفيذ أحكام القضاء، مجلة المفكرة القانونية، العدد 14، أبريل 2019، ص 42.

[54] أم كلثوم زاوي، أي دور للحساب الجاري للخزينة في ظل تطورات تنفيذ الأحكام القضائية، مرجع سابق، ص 55.

[55] circulaire du ministre de l’Intérieur n°D 3885 du 26 avril 2010 qui prévoit la tenue des réunions de conciliation entre la collectivité territoriale et le plaignant avant de recourir à la justice

[56] دورية وزير الداخلية رقم 21/ق.م.ت/ بتاريخ 07 مارس 2006، مرجع سابق.

[57] Rapport annuel de la Cour des comptes au titre des années 2016 et 2017, op.cit, p 219-220.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى