بحوث قانونية

اشكالية الاختصاص في ظل قانون المسطرة المدنية

التصميم المعتمد لمقاربة الموضوع:

 

 

المبحث الأول: الدفع بعدم الاختصاص النوعي والنظام العام

المطلب الأول: آثار اعتبار الاختصاص النوعي من النظام العام

المطلب الثاني: طبيعة الاختصاص النوعي في القانون المغربي

المبحث الثاني: الإجراءات الواجبات إتباعها لإثارة الدفع بعدم الاختصاص

المطلب الأول: شروط إثارة الدفع بعدم الاختصاص والفصل فيه

المطلب الثاني: الإحالة بعد التصريح بعدم الاختصاص

 

مقدمة:

إن دراسة الاختصاص ترمي إلى معرفة الجهة القضائية والمحكمة المؤهلة للنظر في النزاعات على اختلافها. وبعبارة أوضح، فالاختصاص هو سلطة المحكمة للحكم في قضية معينة. وعدم الاختصاص هو فقدان ولاية هذه الجهة أو المحكمة إزاء نزاع معين، أو بمعنى آخر هو سلطة الحكم بمقتضى قانون في خصومه المحكمة. واختصاص المحكمة هو نصيبها للبث في المنازعات التي يجوز لها الفصل فيها، وتحديد اختصاص محكمة معينة يكون بتمييز القضايا التي لها سلطة النظر فيها وفقا للقواعد التي ينص عليها القانون. وقوانين الاختصاص هي تلك القوانين التي تحدد ولاية المحاكم المختلفة([1]).

ويقتضي ذلك بالضرورة تعدد المحاكم وتنوعها (المحاكم العادية، المحاكم الإدارية، المحاكم التجارية)، كما يفترض أيضا في هذا التعدد: تقسيم جغرافي لمراكزها، يتسع حسب رقعة البلاد.

وهكذا يكون على طالب الحق أن يعرف المحكمة المختصة في موضوع نزاعه، وكذا درجة هاته المحكمة، والمكان الذي توجد به، حيث يجب عليه التوجه إليه لإقامة دعواه أمامها.

وقد قسم المشرع المغربي الاختصاص إلى نوعي وآخر محلي أو مكاني، وهو التقسيم الذي يتضح جليا من قانون المسطرة المدنية، وقانون المحاكم الإدارية، وقانون المحاكم التجارية. وذلك رغم وجود اختلافات في الفقه والقضاء بشأن تقسيم الاختصاص إلى عدة أنواع، فمنهم من أضاف نوعا ثالثا لاختصاص النوعي والمحلي، وهو ما يعرف بالاختصاص الوظيفي، أما الفقه المقارن فقد قسم الاختصاص إلى مطلق ونسبي، ويدخل الاختصاص النوعي ضمن النوع الأول، في حين يندرج الاختصاص المحلي ضمن النوع الثاني.

وهكذا سنتعرض في موضوعنا هذا إلى الدفع بعدم الاختصاص أمام المحاكم التجارية، والإشكاليات المرتبطة به، فالدفع بعدم الاختصاص النوعي هو ذلك الدفع الشكلي الذي يتقدم به أحد الأطراف (أطراف الدعوى) ينكر بمقتضاه على المحكمة اختصاصها بنظر الدعوى، إنه دفع إجرائي مبناه تخلف شرط تقديم الدعوى إلى محكمة مختصة([2]).

وعلى هذا الأساس، فما هي مسطرة الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجارية؟ ولعل التساؤل الأكبر الذي يتبادر إلى الذهن بهذا الخصوص هو مدى إمكانية إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي تلقائيا من طرف المحكمة التجارية، أي ولو لم يطلبه أي طرف من أطراف النزاع؟ وبصيغة أخرى ما مدى تعلق هذا الدفع بالنظام العام (المبحث الأول)، ثم ما هي الإجراءات الواجب إتباعها لإثارة هذا الدفع (المبحث الثاني)؟؟.  

المبحث الأول: الدفع بعدم الاختصاص النوعي والنظام العام.

تتجلى أهمية القول بتعلق الاختصاص النوعي بالنظام العام أم لا، من خلال معرفة الآثار التي تترتب عن إضفاء هذه الصفة عليه (المطلب الأول)، قبل البحث في موقف المشرع المغربي من هذه النقطة (المطلب الثاني).

المطلب الأول: آثار الاختصاص النوعي من النظام العام

إن اعتبار قاعدة من قواعد الاختصاص متعلقة بالنظام العام، يترتب عليه نتائج جد هامة([3]) تتمثل فيما يلي:

* أنه يتعين على المحكمة أن تراعي تلك القواعد، وتطبقها بنفسها، بحيث يمكنها أن تثير تلقائيا ذلك، وتصرح بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، ولو لم يتمسك به أحد الخصوص، ولا يمكن الاحتجاج عليها في ذلك بالمبدأ الذي يقضي بعدم جواز الحكم بأمر لم يطلبه الخصوم.

* أنه يجوز إبداء الدفع بعدم الاختصاص متى كان متعلقا بالنظام العام، في أي حالة تكون عليها الإجراءات ولو بعد التعرض للموضوع([4])، وفي أي مرحلة من مراحل التقاضي ولو لأول مرة أمام محكمة النقض.

* لا يحق لأطراف الاتفاق على مخالفة قواعد الاختصاص متى كانت متعلقة بالنظام العام، سواء قبل رفع الدعوى أو بعد رفعها، وأن مثل هذا الاتفاق يعتبر باطلا، ولا يعتد به، ولا يمكنه أن يقيد الأطراف ولا المحكمة، وبالتالي لا يحول بينهما وبين الحكم بعدم الاختصاص.

* أنه يجوز لكل من المدعي والمدعى عليه أن يتمسك بالدفع بعدم الاختصاص، ولا يمكن مواجهة المدعي بأن قيامه برفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة يعتبر قبولا ضمنيا منه لاختصاصها، لأنه كما سبقت الإشارة إلى ذلك، لا عبرة في هذا الشأن باتفاق الطرفين أو بقبولهما الصريح، وبالتالي فمن باب أولى لا يعتد بالقبول الضمني

* أنه على النيابة العامة إذا كانت متدخلة في الدعوى كطرف منضم أن تشير مسائل الاختصاص المتعلق بالنظام العام، وذلك خلافا للقاعدة التي تحكم سلطة النيابة العامة في هذا النوع من التدخل، والتي تقضي بأنه ليست للنيابة العامة، أن تثير دفوعا جديدة لم يتمسك بها الخصوم.

المطلب الثاني: طبيعة الاختصاص النوعي في القانون المغربي.

لقد نظم المشرع المغربي قضايا الاختصاص النوعي، في ثلاث قوانين مختلفة، وهي قانون المسطرة المدنية لسنة 1974، وقانون إحداث المحاكم الإدارية وأخيرا في قانون إحداث المحاكم التجارية. وسنحاول التطرق في هذا المطلب إلى طبيعة الاختصاص النوعي، في كل قانون على حدة.

الفقرة الأول: في ظل قانون المسطرة المدنية لسنة 1974.

ينص الفصل 16من قانون المسطرة المدنية([5])، على أنه: "يجب على الأطراف الدفع بعدم الاختصاص النوعي… قبل كل دفع أو دفاع"، وأنه يتعين على من يثير هذا الدفع أن يبين المحكمة المختصة وإلا كان طلبه غير مقبول، ليخلص في الأخير إلى أنه يمكن الحكم بعدم الاختصاص النوعي تلقائيا من طرف قاضي الدرجة الأولى([6]).

وهكذا فمن خلال تمعننا في فقرات هذا الفصل يتضح جليا وجود تضارب بين فقراته، فبعد أن أخرج المشرع الاختصاص النوعي من دائرة النظام العام بمقتضى الفقرات الأولى، عاد ليدخله إليها بمقتضى الفقرة الأخيرة، ولعل ما يزيد في غموض النص وتضارب مقتضياته كون المشرع قصر إمكانية إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي تلقائيا على القاضي الابتدائي([7]).

الفقرة الثانية: في إطار قانون المحاكم الإدارية.

تناول المشرع المغربي أحكام الدفع بعدم الاختصاص النوعي مرة أخرى في القانون رقم 90.41 المحدث للمحاكم الإدارية في المادتين 12 و13 منه.

ففي المادة 12 نص صراحة ولأول مرة على أن " القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي تعتبر من قبيل النظام العام " و" للأطراف أن يدفعوا بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل إجراءات الدعوى، وعلى الجهة القضائية المعروضة عليها القضية ان تثيره تلقائيا ".

وفي المادة 13 نص على أنه: "إذا أثير الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية عادية أو إدارية، وجب عليها أن نبث فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع. ولأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي، أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها، أمام المجلس الأعلى، الذي يجب عليه أن يبث في الأمر داخل أجل ثلاثين يوما، تبتدئ من تسلم كتابة الضبط به ملف الاستئناف".

وهكذا فمن خلال استقراءنا لهذين الفصلين، فالسؤال بقي مطروحا بقوة بالنسبة للقواعد المنظمة لاختصاص النوعي بقانون المسطرة المدنية، والتي لم يرد نص صريح بإلغائها ولا حتى بتعديلها لتتلاءم مع المقتضيات الجديدة أعلاه؟.

وهكذا فالأستاذ نور الدين لوباريس أثناء دراسته لهذا الموضوع خلص إلى أن ما نص عليه القانون المحدث للمحاكم الإدارية، بشأن الاختصاص النوعي هو إلغاء ضمني لمقتضيات الفصل 16 من ق.م.م. لأن " قواعد القانون الخاصة بالاختصاص النوعي واحدة… فالتشريع ليس بداخله بطاقات متعددة، فما ورد في المادة 12 من قانون المحدث للمحاكم الإدارية هو إلغاء لمقتضيات الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية ".

ولتعليل هذا التوجه يقول الأستاذ بأن "الأساس في إلغاء القانون… أنه يتم بإحدى صورتين: الإلغاء الصريح أو الإلغاء الضمني"([8]).

ثم استند بعد ذلك إلى مقتضيات الفصل 474 من قانون الالتزامات والعقود المغربي([9]) الذي اعتبره بمثابة تقنين للمبادئ المسلم بها والمتعارف عليها عموما في الموضوع.

الفقرة الثالثة: في ظل قانون إحداث المحاكم التجارية

أحدثت المحاكم التجارية بمقتضى ظهير 12 فبراير 1997، وفي إطاره تناول المشرع من جديد القواعد المتعلقة بالاختصاص، فجاء من خلاله بأفكار جديدة، مخالفة للمبادئ المستقرة والمتعارف عليها في قانون المسطرة المدنية، وهو تغيير بدأ يظهر جليا في العديد من القوانين الصادرة في السنوات الأخيرة حيث نص في المادة 8 من هذا الظهير على أنه "… يجب على المحكمة التجارية أن تبث بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المرفوع إليها…"، وبذلك يبدو أن المشرع كان هدف من وراء ذلك إلى تمديد القاعدة التي سنها عند إحداثه للمحاكم الإدارية، لتشمل أيضا المحاكم التجارية، لكنه بالمقابل لم يتحدث عن علاقة الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية بالنظام العام. وهنا يطرح التساؤل التالي هو هل يعتبر ذلك إحالة على ما سبق له أن صرح به في قانون إحداث المحاكم الإدارية في هذا الموضوع؟

نعتقد أن الجواب هو بالنفي، لاعتبارات ثلاث وهي كالتالي:

أولا: لعدم وجود نص صريح في قانون إحداث المحاكم التجارية يحيل على المقتضيات المتعلقة بالاختصاص الواردة في نظيره المحدث للمحاكم الإدارية.

ثانيا: لأنه حتى قاعدة البث بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المرفوع إلى المحكمة، نص عليها صراحة في المادة 8 دون الإحالة على الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون 41.90 التي قررت نفس هذه القاعدة، فلو أن نية المشرع كانت تتجه للإحالة على تلك المقتضيات الواردة في القانون 41.90 لما أورد الفقرة الأولى من المادة 8 من قانون 53.95 ولكان في غنى عنها([10]).

ثالثا: لأن المشرع استهل المادة 8 المذكورة بالقول بأنه " استثناء من أحكام الفصل 17 من قانون المسطرة المدنية…" مما يوحي بأنه يستند على مقتضيات قانون المسطرة المدنية، لا على غيرها من المقتضيات الواردة في قانون إحداث المحاكم الإدارية وهو نفس النهج الذي سلكه عند الحديث عن الاختصاص المحلي في المادة 11 من نفس الظهير التي جاء فيها: "استثناء من أحكام الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية…" بالإضافة إلى الإحالات الواردة في المواد 5 و 15 و18 و19 من نفس القانون والتي تحيل على فصول من قانون المسطرة المدنية. مع غياب أي إحالة أو حديث عن المقتضيات الواردة في قانون إحداث المحاكم الإدارية، كما أن قانون التطبيق كلما لم يكن هناك نص خاص.

وهكذا واعتبارا للطريقة التي عالج بها المشرع المغربي موضوع الاختصاص النوعي فإن مواقف الفقه والقضاء، جاءت متضاربة وتتسم بنوع من التردد عند تناول موضوع الاختصاص النوعي.

هكذا يذهب الأستاذ مصطفى التراب([11])،  إلى أن صيغة الفصل 16 من قانون م.م جاءت معيبة، خاصة بعد إحداث المحاكم الإدارية ثم المحاكم التجارية، مؤكدا أن مقتضيات الفصل المذكور لا علاقة لها البتة بمسألة الاختصاص النوعي، وأن المشرع أوردها لتبيان مسطرة الدفع بعدم الاختصاص المكاني، وذلك لأن المغرب لم يكن يتوفر على محاكم أخرى في تلك الفترة اللهم ما يتعلق بمحاكم الجماعات والمقاطعات.

وعلى خلاف هذا ترى الأستاذة مليكة حفيظ([12])، بأنه بالرجوع إلى مقتضيات قانون المحاكم التجارية، لا نجد أي نص يشير إلى كون الاختصاص النوعي أمام هذه المحاكم من النظام العام، بخلاف ما هو وارد في المادة 12 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية بالإضافة إلى أن المشرع حينما أحال على تطبيق مقتضيات قانون م.م أمام المحاكم التجارية، فإن مقتضيات الفصل 16 هي الواجبة التطبيق.

وخلاصة القول بأن هناك جانب من الفقه يرى بأن الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية ليس من النظام العام، لعدم وجود نص واضح وصريح في قانون 53.95 المتعلق بإحداث المحاكم التجارية. في حين أن هناك جانب آخر من الفقه الذي  يمثله محمد المجدوبي الإدريسي الذي حاول الرد على الذين يقولون بأن الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية ليس من النظام العام، ليصل في الخير إلى أن مسألة تعلق الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية بالنظام العام يجب النظر إليها من زاويتين: زاوية نظام الدفوع في قانون المسطرة المدنية، وزاوية تنازع الاختصاص([13]).

من خلال ما سبق يتضح أنه لا مناص من ضرورة تدخل المشرع لتوحيد القواعد المنظمة لاختصاص النوعي للمحاكم بمختلف أنواعها، في قانون واحد وبإجراءات موحدة.

المبحث الثاني: الإجراءات الواجب إتباعها لإثارة الدفع بعدم الاختصاص

يعتبر الدفع بعدم الاختصاص النوعي من الدفوع الشكلية أو الإجرائية([14])، والمشرع المغربي اشترط على من يريد إثارته ضرورة مراعاة عدة شروط، وهذا ما سنحاول التطرق غليه في المطلب الأول، على أن نخصص المطلب الثاني للحديث عن الإحالة بعد التصريح بعدم الاختصاص.

المطلب الأول: شروط إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي والفصل فيه.

يقصد بشروط إثارة الدفع بعدم الاختصاص أمام المحاكم التجارية، تحديد الجهات التي تملك إثارة هذا الدفع (الفقرة الأولى)، ثم وقت وكيفية إثارة هذا الدفع (الفقرة الثانية)، أما الفقرة الثالثة فسنخصصها للحديث عن الفصل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي.

          الفقرة الأولى: الجهات التي يحق لها الدفع بعدم الاختصاص النوعي.

يمكن للمحكمة التجارية باعتبارها محكمة أول درجة إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي للبث في النزاع المعروض عليها تلقائيا انطلاقا من مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 16 من قانون المسطرة المدنية.

كما انه يحق لجميع أطراف الدعوى إثارة هذا الدفع، مع العلم بأنه لا يحق للمدعي إثارة هذا الدفع إلا إذا كان الاختصاص الذي يتمسك به متعلقا بالنظام العام، أما عندما لا يكون الأمر كذلك، فإنه يعتبر موافقا على عرض نزاعه أمام المحكمة التجارية ما دام أنه قدم المقال إليها.

ثم إن النيابة العامة تملك أيضا الحق في إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي سواء كانت طرفا أصليا أو منضما، لكن هذا فقط متى كان الأمر يتعلق بالنظام العام، أما إن لم يكن كذلك فإنها لا تملك حق إثارة هذا الدفع إلا إذا كانت طرفا أصليا.

       الفقرة الثانية: الوقت وكيفية إثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي

يعتبر الدفع بعدم الاختصاص النوعي من الدفوع الشكلية التي يجب إثارتها قبل كل دفع أو دفاع، فيجب الأداء به قبل أي دفع شكلي آخر كالدفع بطلب اجل لإدخال ضامن، أو الدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لتقديمهما أمام محكمتين مختلفتين أو لارتباط الدعوتين ، وذلك تحت طائلة عدم قبول هذا الدفع([15]).

وقد نص المشرع المغربي على هذه القاعدة في الفقرة الأولى من الفصل 16 من قانون م.م التي جاء فيها "يجب على الأطراف الدفع بعدم الاختصاص النوعي أو المكاني قبل كل دفع أو دفاع"، ويضيف في الفقرة الثانية "لا يمكن إثارة هذا الدفع في طور الاستئناف إلا بالنسبة للأحكام الغيابية"، ونضيف الفقرة الثالثة على أنه "يجب على من يثير الدفع بعدم الاختصاص أن يبين المحكمة التي ترفع إليها القضية وإلا كان طلبه غير مقبول".

من خلال استقراء لهذا الفصل يثور التساؤل عن الحالة التي يكتفي فيها المدعي عليه بالدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام محكمة الدرجة الأولى ولا يبين الجهة المختصة، كما أنه لا يثير أي دفع أو دفاع، فتصرح المحكمة باختصاصها في البث في الدعوى ولا تستجيب لدفعه، فيبادر إلى استئناف هذا الحكم. وفي هذا الإطار ذهبت محكمة الاستئناف التجارية بمراكش([16])، إلى أنه مادامت المستأنفة قد تداركت النقص الذي شاب الدفع المثار من قبلها ابتدائيا بشأن عدم اختصاص المحكمة التجارية لكونها اقتصرت على إثارة الدفع بعدم الاختصاص، ولم تبين المحكمة المختصة كما يوحي ذلك الفصل 16 من ق.م.م إلا أمام محكمة الاستئناف، فإنه مادام جوابها الابتدائي قد اقتصر على إثارة الدفع دون تجاوزه إلى أية مناقشة في شكل الدعوى أو موضوعها، فإن تبيان المحكمة المختصة في هذه المرحلة يشكل تتميما لما أثير ابتدائيا لعدم وجود أي دفع شكلي أو موضوعي يحول دون حصول هذه التكملة([17]).

ويبدو أن الفصل 16 من ق.م.م لا يسمح بهذا التفسير الواسع الذي ذهبت إليه المحكمة في قرارها. وذلك لأن عدم إمكانية محكمة الاستئناف بإثارة الدفع بعدم الاختصاص النوعي تلقائيا ثم عدم إمكانية إثارته من أي طرف في طور الاستئناف إلا بالنسبة للأحكام الغيابية، تجعل الدفع المثار أمام محكمة الدرجة الأولى دون تبيان المحكمة المختصة قد جاء معيبا وخلافا للشكل المنصوص عليه قانونا، ولا يمكن إصلاحه أو تدارك النقص الذي شابه خلال المرحلة الاستئنافية.

الفقرة الثالثة: الفصل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي

أوجب الفل 17 من ق.م.م "على المحكمة التي أثير أمامها الدفع بعدم الاختصاص أن نبث فيه بموجب حكم مستقل أو بإضافة الطلب العارض على الجوهر".

ويلاحظ أن المشرع المغربي جاء بمسطرة خاصة للفصل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي عندما نص في المادة 13 من قانون إحداث المحاكم الإدارية على أنه "إذا أثير دفع بعدم الاختصاص النوعي أمام جهة قضائية عادية أو إدارية: وجب عليها أن تبث فيه بحكم مستقل ولا يجوز لها أن تضمه إلى الموضوع. وللأطراف أن يستأنفوا الحكم المتعلق بالاختصاص النوعي أيا كانت الجهة القضائية الصادر عنها…"

وهذا النهج سيتأكد بالنص في قانون إحداث المحاكم التجارية (المادة 8) على أنه "استثناء من أحكام الفصل 17 من قانون المسطرة المدنية، يجب على المحكمة التجارية أن تبث بحكم مستقل في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المرفوع إليها وذلك داخل أجل 8 أيام.

يمكن استئناف الحكم المتعلق بالاختصاص خلال أجل عشرة أيام من تاريخ التبليغ، يتعين على كتابة الضبط أن توجه الملف إلى محكمة الاستئناف في اليوم الموالي لتقديم مقال الاستئناف.

تبث المحكمة داخل أجل عشرة أيام، تبدأ من تاريخ توصل كتابة الضبط بالملف، إذا تبت محكمة الاستئناف التجارية في الاختصاص أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة، يتعين على كتابة الضبط أن توجه الملف إلى المحكمة المختصة داخل اجل عشرة أيام من تاريخ صدور.

لا يقبل قرار المحكمة أي طعن عاديا كان أو غير عاد"

وهكذا فمن خلال قراءتنا للمادة السالفة الذكر، يتضح لنا أن غاية المشرع من إلزامية البث في الدفع بعدم الاختصاص النوعي المثار، بحكم مستقل تكمن في آن البث فيه قد يغني المحكمة عن التعرض للموضوع وينهي الخصومة، لذلك أحاطه بإجراءات وآجال محددة بغية التعجيل في البث حتى لا يكون الدفع مطية للتماطل ومساير لطبيعة المادة التجارية التي تتسم بالسرعة والائتمان([18])، هذا إضافة إلى كون النص السالف الذكر يثير عدة تساؤلات أهمها:

هل أجل 8 أيام للبث في الدفع بعدم الاختصاص النوعي ملزم للمحكمة فقط في حالة إثارة هذا الدفع من الأطراف؟ بينما تبقى حرة في إثارته تلقائيا والبث في الدفع وقتما شاءت؟ هل يجوز استئناف الحكم القاضي بعدم الاختصاص النوعي الصادر في الدعاوى التي تقل قيمتها عن 20.000 درهم؟ هذا بالإضافة إلى أن المشرع لم يتعرض لما إن كانت المحكمة التجارية عندما تصرح باختصاصها النوعي ستستمر وتأخذ في دراسة موضوع الدعوى أم تنتظر انصرام أجل الاستئناف؟

المطلب الثاني: الإحالة بعد التصريح بعدم الاختصاص

لقد نصت المادة 8 من قانون المحاكم التجارية على أنه "إذا تبت محكمة الاستئناف التجارية في الاختصاص أحالت الملف تلقائيا على المحكمة المختصة".

فالإحالة المنصوص عليها إذن في هذه المادة هي الثر الذي يترتب عن الحكم بعدم الاختصاص([19]).

فمن خلال قراءنا لهذه المادة والطريقة التي تناول بها المشرع المغربي موضوع الإحالة فإن هاته الخيرة تثير عدة تساؤلات (الفقرة الأولى)، كما أن المشرع المغربي لم يتعرض للقوة الإلزامية للقرار القاضي بالإحالة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التساؤلات التي تثيرها موضوع الإحالة.

من خلال استقراءنا للمادة 8 يتضح لنا أن المشرع تحدث عن الإحالة على مستوى محكمة الاستئناف التجارية، فهل هذا يعني أن المشرع قصد جعل حالة الإحالة خاصة بمحاكم الاستئناف وحدها؟ أم أنه لا ضرورة لهذا السؤال مادام أن المحاكم التجارية ملزمة بمقتضى الإحالة العامة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 19 من القانون المحدث لهذه المحاكم، بتطبيق الفقرة الرابعة من الفصل 16 من ق.م.م التي جاء فيها: "إذا قبل الدفع رفع الملف إلى المحكمة المختصة التي تكون الإحالة عليها بحكم القانون؟ وبدون صائر؟

في هذا الإطار يذهب جانب من الفقه إلى أن إمكانية التصريح بإحالة الملف على المحكمة المختصة تظل متوفرة بالنسبة للمحكمة التجارية اعتمادا على الفصل 16 من ق.م.م([20])، ثم إن الإحالة مجرد إجراء ولائي لا يقتضي ورود نص صريح يجيزه، وأن نية المشرع لم تذهب بتاتا إلى نزع هذه الصلاحية عن المحكمة التجارية وتخصيص محكمة الاستئناف التجارية بها([21]).

كما أن مقتضيات العدل والإنصاف تستدعي القول بوجوب الإحالة لأن الأمر يتعلق بتنظيم قضائي تابع لسيادة المملكة، وانه ليس من العدل أن تصرح المحكمة بعدم اختصاصها ولا تحيل([22]).

وفي مقابل هذا التوجه يلاحظ أن المحكمة التجارية بمراكش لم تأمر بإحالة الملف على المحكمة المختصة بعدما صرحت بعدم اختصاصها، وذلك على الرغم من كونها أصدرت حكما نتيجة دفع بعدم الاختصاص.

وسارت على هذا النهج المحكمة التجارية بفاس في حكم رقم 117 بتاريخ 03-11-98 في الملف عدد1929/98 وأيضا محكمة الاستئناف بفاس في قرار لها رقم 18 بتاريخ 09/1/99 في الملف عدد 1369/98 ويبدو أن سبب هذا الاضطراب هو الصياغة التي جاءت بها المادة 8 من قانون إحداث المحاكم التجارية.

الفقرة الثانية: القوة الإلزامية لقرار الإحالة.

من خلال تأملنا في القانون المغربي نجد أنه لا يوجد أي نص يلزم المحكمة التي أحيلت عليها الدعوى لعدم الاختصاص بان تقبل الدعوى، عكس القانون المصري، الذي ألزمها بذلك ولم يسمح لها بإعادة الدعوى لمصدرها إن رأت رأيا مخالفا، وذلك حسما لتردد الدعوى الواحدة بين أكثر من محكمة، وحتى لا يتحمل المدعي مشقة رفع دعوى من جديد برسم جديد وجهد جهد ووقت ضائع([23]).

وأمام غياب نص صريح فإن العمل القضائي سوف يأخذ إحدى الصورتين.

فأما الصورة الأولى، في المحكمة المحال عليه ملف القضية ستتجاوز مسألة الاختصاص، وتتناول موضوع النزاع، وذلك احتراما لقرار محكمة الإحالة([24]) خاصة عندما يكون القرار المذكور أصبح نهائيا، سواء لأنه صدر عن محكمة الاستئناف أو لانصرام أجل الطعن بالاستئناف دون ممارسته.

أما الصورة الثانية، فهي أن الحكمة المحال عليها الملف، يمكنها أن تعيد النظر أولا في مدى اختصاصها أصلا، لأن قواعد الاختصاص تستمد من النص الشرعي لا من قرار الإحالة.

وفي هذا الإطار صرحت المحكمة الإدارية بالرباط بأنه لا يوجد أي سند قانوني يعطي الصلاحية للمحكمة الإدارية للبث في قضية أحيلت إليها من جهة قضائية عادية بدعوى عدم اختصاصها النوعي.

ويبدو أن أفضل حل لتجاوز هذه الإشكاليات هو توحيد الجهة التي تستأنف أمامها الأحكام الصادرة في موضوع الاختصاص النوعي كيفما كانت المحكمة التي أصدرتها في انتظار إحداث محاكم الاستئناف الإدارية وتنظيم القواعد المتعلقة بالاختصاص بمقتضيات موحدة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة:

مما سبق نستنتج أن الدفع بعدم الاختصاص أمام المحاكم التجارية، يطرح العديد من الإشكاليات على المستوى العملي، وذل راجع إلى الاختلاف الكبير في القواعد المنظمة للاختصاص النوعي، والناتج عن تناثر هذه القواعد بين دفات عدة قوانين، وعدم انسجام أحكام كل منها، حيث نجد أن المشرع في قانون 90.41 المتعلق بإحداث المحاكم الإدارية نص في الفصل 12 على كون القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي تعتبر من النظام العام، في حين لم يساير هذا النهج في قانون 95/53 المحدث للمحاكم التجارية، على الرغم من كون المشرع اعتبرهما معا محاكم مختصة، وهذا في حد ذاته يطرح عدة إشكالات. وإذا كان المشرع يحيل في كثير من فصوله في قانون المحاكم التجارية على قانون المسطرة المدنية، باعتباره القانون الأم لكل القوانين الإجرائية، فإن المادة 16 من ق م م جاءت معيبة ولا تتماشى مع ما طمح المشرع إلى الوصول إليه بعد إحداثه المحاكم التجارية ولا تساير هذا التطور.

وبالتالي فإنه أصبح من اللازم أن يتدخل المشرع لتوحيد القواعد المنظمة لاختصاص النوعي للمحاكم بمختلف أنواعها في قانون واحد وبإجراءات موحدة…أو على الأقل أن يتم ذلك بقواعد جديدة وواضحة ضمن قانون إحداث المحاكم التجارية والقانون المحدث للمحاكم الإدارية، ولما لا التفكير في إحداث محاكم الاختصاص، وذلك استعدادا للتحول من القضاء الموحد إلى القضاء المزدوج.

 

لائحة المراجع:

 

*      الكـتب:

 

– أحمد أبو الوفا: "التعليق على نصوص قانون المرافعات"، منشأة المعارف الطبعة الخامسة.

– أمينة النمر: "أصول المحاكمات المدنية" الدار الجامعية، طبعة 1988.

– ع. السلام زوير: "الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالياته العملية" طبعة 2004.

– محمد محجوبي: "الوجيز في القضاء الإداري المغربي بعد إحداث المحاكم الإدارية"، دار القلم للطباعة – الرباط، الطبعة الأولى 2002.

– ع. الحكيم فودة: "ضوابط الاختصاص القضائي في الموارد المدنية، الجنائية، الإدارية والشرعية على ضوء الفقه وقضاء النقض" منشأة المعاريف، الاسكندرية، طبعة 1995.

 

*     المجلات:

– محمد المجدوبي الإدريسي: "عمل المحاكم التجارية، بدايته، إشكالياته"، المجلة المغربية لإدارة المحلية والتنمية، دار النشر، عدد 9 سنة 1996.

– مصطفى التراب:" إشكالية الدفع بعدم الاختصاص النوعي بين المحاكم الإدارية والمحاكم العادية"، مجلة القضاء والقانون، العدد 146.

– صابر محمد:" الدفع بعدم الاختصاص أمام المحاكم التجارية" المنتدى، العدد 1.

– مليكة حفيظ:" الاختصاص النوعي على ضوء قانون المسطرة المدنية والقانون المحدث للمحاكم التجارية والإدارية"، مداخلة بندوة في الرباط بتاريخ 25 ماي 2000، غير منشورة.

– نور الدين لوباريس"، الاختصاص النوعي – إلغاء القانون" مداخلة في ندوة بالرباط بتاريخ 25 ماي 2000، غير منشورة.

*      المقالات:

– عمر أزوكار:" الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجارية – الطبعة والإشكاليات"، جريدة العلم، صفحة المجتمع والقانون، عدد 4171 سنة 2001.  

 

 

 

 

 


[1] –  محمد محجوبي: "الوجيز في القضاء الإداري بعد إحداث المحاكم الإدارية". ص 60.

 

 

 

[2] – أمينة النمر: "أصول المحاكمة المدنية"، ص 131.

 

 

 

[3] – عبد الكريم فودة: "ضوابط الاختصاص النوعي في المواد المدنية، الجنائية، الإدارية والشرعية على ضوء الفقه وقضاء النقض"، ص463.

 

 

 

[4] – عبد السلام زوير: "الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية وإشكالياته العملية"، ص 153

 

 

 

[5] – ظهير شريف بمثابة قانون رقم 447-74-1 بتاريخ 28 شتنبر 1974، كما وقع تعديله بمقتضى ظهير 10-09-1993.

 

 

 

[6] – جاء في قرار للمجلس الأعلى عدد 677 بتاريخ 20/11/1976: (… وحيث إن قضاة الاستيناف بتصريحهم تلقائيا بعدم الاختصاص النوعي قد خرقوا مقتضيات الفصل 16 من ق.م.م المشار إليه وبالتالي عرضوا قضاءهم للنقض) منشور بمجلة القضاء والقانون، عدد 13، ص188.

 

 

 

[7] – نور الدين لوباريس: "الاختصاص النوعي- إلغاء القانون"، مداخلة ساهم بها في ندوة الاختصاص النوعي المنعقدة بالمعهد الوطني للدراسات القضائية بتاريخ 25 ماي 2000، غير منشور.

 

 

 

[8] –  عبد السلام زوير: مرجع سابق، ص 161.

 

 

 

[9] – الذي جاء فيه: "لا تلغي القوانين إلا بقوانين لاحقة، وذلك إذا نصت هذه صراحة على الإلغاء، أو كان القانون الجديد متعارض مع قانون سابق أو منظما لكل الموضوع الذي ينظمه".

 

 

 

[10] – عبد السلام زوير: "مرجع سابق، ص 158.

 

 

 

[11] – مصطفى التراب: "إشكالية الدفع بعدم الاختصاص النوعي بين المحاكم الإدارية والمحاكم العادية"، مجلة القضاء والقانون، العدد 146، ص9.

 

 

 

[12] – مليكة حفيظ: "الاختصاص النوعي على ضوء قانون م.م والقانون المحدث للمحاكم التجارية والإدارية"، مداخلة ساهمت بها في ندوة الاختصاص النوعي المنعقدة في المعهد الوطني للدراسات القضائية في 25 ماي 2000، غير منشور.

 

 

 

[13] –  محمد المجدوبي الإدريسي: "عمل المحاكم التجارية: بدايته- إشكالياته"، ص 90.

 

 

 

[14] – أحمد أبو الوفا: "التعليق على قانون المرافعات"، ص 457.

 

 

 

[15] – عبد السلام زوير: "مرجع سابق، ص 165.

 

 

 

[16] – قرار عدد 163 صادر بتاريخ 24-11-1998 في ملف عدد 163/98 عن محكمة الاستئناف بمراكش.

 

 

 

[17] – محمد صابر: "الدفع بعدم الاختصاص النوعي أمام المحاكم التجارية"، ص 69.

 

 

 

[18] – السلام زوير: مرجع سابق، ص 169

 

 

 

[19] – أحمد أبو الوفا: مرجع سابق، ص317.

 

 

 

[20] – عمر أزوكار: "الدفع بعد الاختا النوعي أمام المحاكم التجاريةـ الطبيعة والإشكالات"، مقال منشور بجريدة العلم، صفحة المجتمع والقانون.

 

 

 

[21] – محمد المجذوبي الإدريسي: مرجع سابق، ص124.

 

 

 

[22] – محمد صابر: مرجع سابق، ص 73.

 

 

 

[23] –  عبد الحكيم فودة/ مرجع سابق"، ص 481.

 

 

 

[24] –  عمر أزوكار،" مرجع سابق".

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى