مقالات قانونية

الإهتمام الدولي والمحلي بالجريمة الإلكترونية

007

  الإهتمام الدولي والمحلي بالجريمة الإلكترونية

    محمد بجرجي :  طالب باحث بسلك ماستر قوانين التجارة و الاعمال – وجدة-

  

عرفت الجريمة بالمجتمع المغربي كما بباقي المجتمعات تطورا كبيرا ، فمع انتشار الانترنيت و استخدامها في المعاملات التجارية اضافة الى دخول جميع فئات المجتمع الى قائمة المستخدمين ، ظهرت جرائم عصرية يطلق عليها اسم الجرائم الالكترونية ،جريمة تتخذ من الحاسوب و الانترنيت ساحة نموذجية مسرحها  افتراضي وابطالها و ضحاياها من الواقع ولها عدة اصناف من قبيل  سرقة الحسابات البنكية و فبركة الصور و الاشرطة الخ … 

ومن هنا يمكن القول بأن العالم أصبح أمام ثورة حقيقية هي ثورة المعلومات أو العالم الرقمي، وصار الناس مختارين، وفي أحيان أخرى مضطرين للتعامل مع هذا العالم الجديد أو مجتمع المعلومات، كما يحلو للبعض أن يسميه.

وبعيدا عن الاستخدامات الحميدة أو السلمية للأجهزة الإلكترونية خاصة جهاز الحاسوب، يمكن القول بأن التطور في هذا المجال، قد ترتب عليه نشوء جرائم ناتجة عن استخداماته المتعددة، وهذه الجرائم إما أن تقع على الكمبيوتر ذاته، وإما أن تقع بواسطة الكمبيوتر، حيث يصبح أداة في يد الجاني يستخدمه لتحقيق أغراضه الإجرامية، وهو الشيء الذي أدى إلى ظهور نمط جديد من الإجرام، تجسد في انتشار الجرائم المعلوماتية أو الإلكترونية، والتي تعتبر من أكبر السلبيات التي خلفتها الثورة المعلوماتية لكون هذه الجرائم تشمل في اعتداءاتها قيما جوهرية تخص الأفراد والمؤسسات وحتى الدول في كافة نواحي الحياة، كما أن هذه الجرائم تركت في النفوس شعورا بعدم الثقة بخصوص التعامل والاستفادة من ثمار هذه الثورة الجديدة.

ونظرا لازدياد الجرائم المتعلقة بالحاسوب، فقد شرعت أغلب الدول بوضع تشريعات جنائية خاصة لمكافحة جرائم الكمبيوتر المستحدثة على علم الإجرام، ومن هذه الدول نجد: الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وباقي دول الاتحاد الأوروبي الذي وضع اتفاقية بودابست حول جرائم الكمبيوتر بتاريخ 23 نوفمبر 2001.

هذا ولم يكن المغرب بمعزل عن باقي الدول حيث استفحلت الجريمة المعلوماتية في المملكة المغربية، خلال العقود الأخيرة، وأصبح القضاء المغربي في محك حقيقي، عندما وضعت أمامه قضايا تتعلق بالجرائم المعلوماتية،[1] الشيء الذي دفع المشرع المغربي إلى سن تشريعات حديثة أو إضافة نصوص أخرى لمجموعة القانون الجنائي المغربي تتلاءم وخصوصية الجريمة المعلوماتية. وعليه فان أهمية الموضوع تتمثل في تحديد الاهتمام الدولي والعربي بالجريمة الإلكترونية وفي تحديد مدى توفق المشرع المغربي في  وضع نظام قانوني خاص بالجرائم الإلكترونية ملائم للمقتضيات المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية.

لقد اهتم المجتمع الدولي، بمسألة مكافحة الجريمة المعلوماتية وفي هذا الصدد نشير إلى اتفاقية بودابست التي تم التوقيع عليها بتاريخ 23 نوفمبر 2001 بشأن الإجرام الكوني  أو المعلوماتي [2]، وذلك إيمانا من الدول الأعضاء في المجلس الأوربي والدول الأخرى الموقعة على هذه الاتفاقية بضرورة مواجهة هذا النمط الجديد من الإجرام. وتجدر الإشارة أن هذه الاتفاقية تتكون من ثمان وأربعين مادة موزعة على أربعة أبواب، ففي مقدمة الاتفاقية تم استعراض أهم أهدافها  ومنطلقاتها ومرجعياتها السابقة.

  أما الباب الأول من هذه الاتفاقية فقد جاء لشرح المصطلحات الأساسية .  

 في حين تم تخصيص الباب الثاني من هذه الاتفاقية للإجراءات الواجب اتخاذها على المستوى الوطني، سواء من الناحية الموضوعية أو الإجرائية  .

 هذا وقد تم تخصيص الباب الثالث للتعاون الدولي ،في حين تطرق الباب الرابع للشروط الختامية.

ونشير هنا إلى أن الانضمام للاتفاقية متاح كذلك للدول غير الأوربية، وهذا ما يوضح الطابع الدولي لهذه الاتفاقية. ثم إن هذه الأخيرة هي أول اتفاقية يتبناها المجلس الأوربي، وتتسم بالطابع الدولي بالرغم من أن مصدرها أوربي، ومن بين الدول غير الأوربية التي وقعت على هذه الاتفاقية نجد الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وجنوب إفريقيا .  

كما تم الاهتمام بهذا الصنف من الجرائم في مجموعة من الدول العربية، وفي هذا الإطار سنحاول التعريج على قانون الإمارات العربية الاسترشادي لمكافحة جرائم تقنية المعلومات وما في حكمها (2003) والقانون العربي الاسترشادي للإثبات بالتقنيات الحديثة (2008).

ü   قانون الإمارات العربي الاسترشادي لمكافحة جرائم تقنية المعلومات وما في حكمها (2003م):

يتضمن هذا القانون الذي اعتمده مجلس وزراء العدل العرب ومجلس وزراء الداخلية العرب 27 مادة، ويمكن تلخيص أهم المقتضيات الواردة فيه فيما يلي:

– التنصيص على مجموعة من التعاريف ذات الصلة بميدان الإجرام الإلكتروني، البرنامج المعلوماتي، النظام المعلوماتي، الشبكة المعلوماتية… [3]

– التنصيص على مجموعة من الجرائم المعلوماتية، كالدخول غير المشروع للأنظمة المعلوماتية، والتزوير في المستندات المعالجة في نظام معلوماتي، والتصنت غير المشروع عبر الإنترنيت، واستخدام الحاسب الآلي للوصول إلى بيانات بطاقة ائتمانية بقصد استخدامها في الحصول على بيانات الغير أو أمواله أو ما تتيحه من خدمات إلى غير ذلك من الجرائم الإلكترونية . [4]

– التنصيص على أحكام المشاركة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.[5]

 

– التنصيص على المصادرة كعقوبة إلزامية في حالة ارتكاب جريمة من الجرائم الواردة في هذا القانون.[6]

 

ü    القانون العربي الاسترشادي للإثبات بالتقنيات الحديثة (2008م)

يتضمن هذا القانون الذي اعتمده وزراء العدل العرب سبعة فصل، غير أن الفصل الذي يهمنا في هذا القانون هو الفصل السادس الذي يتضمن 7 مواد (من المادة 33 إلى 39)، الذي حدد لنا مجموعة من الجرائم ذات الصلة بالتوقيع الإلكتروني، ومن أهم هذه الجرائم نجد:

– جريمة تزوير التوقيع أو المحرر الإلكتروني.

– جريمة استعمال توقيع أو أداة أو محرر إلكتروني معيب أو مزور مع العلم بذلك.[7]

– جريمة الإدلاء ببيانات غير صحيحة لجهة التوثيق بغرض استصدار أو إلغاء أو إيقاف شهادة توثيق إلكتروني.

– جريمة إنشاء أو نشر أو توفير أو تقديم أي شهادة توثيق إلكترونية تتضمن أو تشير إلى بيانات غير صحيحة مع العلم بذلك.[8]

– جريمة إصدار شهادة توثيق إلكتروني بصورة مخالفة للقانون .

       كما هو الحال في كل دول العالم، فقد استفحلت خلال العقود الأخيرة الجريمة الإلكترونية في المملكة المغربية، وأصبح القضاء المغربي في محك حقيقي، عندما وضعت أمامه قضايا تتعلق بالجرائم المعلوماتية، ومن أمثلة هذه القضايا التي طرحت على المحاكم المغربية نجد أول قضية ذات علاقة بالإجرام المعلوماتي برزت سنة 1985 بشأن تسهيل مستخدمي المكتب الوطني للبريد والمواصلات لتحويلات هاتفية لفائدة بعض المشتركين بصفة غير مشروعة، ولقد توبع المتهمون بمقتضى الفصول 202 و241 و248 و251 و129 من مجموعة القانون الجنائي المغربي، وقد تمت إدانتهم في المرحلة الابتدائية في حين تمت تبرئتهم في مرحلة الاستئناف .[9]

وأمام الفراغ التشريعي في مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية أو المعلوماتية، اضطر المشرع المغربي إلى سن تشريعات حديثة أو إضافة نصوص أخرى لمجموعة القانون الجنائي المغربي تتلاءم وخصوصية الجريمة الإلكترونية . 

 ومن أهم هذه النصوص نذكر القانون رقم 03-07 بشأن تتميم مجموعة القانون الجنائي فيما يتعلق بالإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات، ويحتوي هذا القانون على تسعة فصول(من الفصل 3-607 إلى الفصل11-607 من مجموعة القانون الجنائي المغربي).[10]  

و بالرجوع إلى هذا القانون ، فإننا نجد  أن الفقرة الأولى من الفصل 3-607 تجرم الدخول إلى مجموع أو بعض نظام المعالجة الآلية للمعطيات، لكن يجب أن يتم ذلك عن طريق الاحتيال، وعليه فإن اشتراط هذا الأخير لقيام الجريمة، يعني أن الجريمة هنا عمديه، ثم إن المشرع المغربي لم يشترط في هذا النص القانوني كون النظام محميا أم لا، ولم يشترط حدوث النتيجة الإجرامية. وعليه، فالمشرع يجرم كل حالة يدخل فيها شخص إلى نظام المعالجة الآلية للمعطيات، وبالتالي ففعل الدخول وحده بدون حق مجرم قانوناً .

أما الفقرة الثانية من الفصل3-607 فتعاقب على البقاء في النظام المعلوماتي أو في جزء منه ، إذا كان دخول الجاني لهذا النظام قد تم عن طريق الخطأ، وهو غير مخول له حق دخوله، و نلاحظ أيضا بأن المشرع المغربي من خلال   الفصل 4-607     قد حدد عقوبة أشد من تلك الواردة بالفصل السابق، وهذا طبيعي نظراً لقيمة المعلومات محل الحماية الجنائية، حيث إنها تتعلق بالأمن الداخلي أو الخارجي للدولة أو متعلقة بأسرار مرتبطة بالاقتصاد الوطني، فمثل هذه المعلومات يمثل الاعتداء عليها اعتداءا على مقومات الدولة من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.

وقد شدد المشرع المغربي العقوبة في حالة ما إذا أدى فعل الدخول أو البقاء غير المشروع داخل النظام، إلى تغيير أو حذف المعطيات أو اضطراب في سير النظام، وتشدد العقوبة كذلك في حالة ارتكاب الأفعال المذكورة في الفقرة الأولى من الفصل 4-607 من طرف موظف أو مستخدم أثناء مزاولة مهامه أو بسببها.

أما الفصل 5-607[11] فيلاحظ أنه عاقب على عرقلة سير نظام المعالجة الآلية للمعطيات، والعرقلة قد تتخذ صوراً كثيرة منها: إرسال الفيروسات المدمرة للمعطيات الموجودة داخل النظام .

ومن ناحية أخرى عاقب المشرع المغربي كذلك من خلال هذا الفصل على فعل إحداث خلل في نظام للمعالجة الآلية للمعطيات، والخلل قد يتخذ صوراً متعددة من بينها بطئ عمل النظام المعلوماتي أو توقف المعالجة الآلية للمعطيات، ويعاقب على هذا الفعل بنفس العقوبة المقررة للعرقلة.

 وبرجوعنا إلى  الفصل 6-607  يبدو أن المشرع المغربي على نهج المشرع الفرنسي، والذي خصص المادة 3-323 لتجريم إدخال معطيات غشاً داخل نظام المعالجة الآلية للمعطيات أو حذف أو تعديل هذه المعطيات الموجودة داخل هذا النظام ،  لكن الملاحظ هو أن المشرع المغربي من خلال الفصل 6-607 جرّم كذلك مسألة تغيير طريقة معالجة أو إرسال المعطيات عن طريق الاحتيال .

ولمواجهة ظاهرة التزوير المعلوماتي جرم المشرع المغربي فعل تزوير أو تزييف الوثائق المعلوماتية، إذا أدى ذلك إلى إحداث ضرر بالغير من خلال الفصل 7-607  .

 وحسب الاستاذ امين اعزاز فانه  يحسب للمشرع المغربي أن استغل فرصة إصدار تشريع معلوماتي، ووضع نصاً قانونيا يجرم فيه التزوير الالكتروني أو المعلوماتي، لأنه قبل صدور هذا القانون لم يكن من الممكن بالمغرب الحديث عن تزوير إلا في ظل كتابة تقليدية. أما الآن فإن القضاء المغربي يملك آلية قانونية يمكن بموجبها متابعة الجاني الذي زور وثائق معلوماتية، ثم إن النص لم يحدد شكل هذه الوثائق، وبالتالي يمكن – بدون شك– المتابعة عن فعل صنع بطاقات الائتمان المزورة, أو التزوير في مجال العقود الإلكترونية وغيرها … فكل ذلك يصب في إطار توفير حماية قانونية للمعاملات الإلكترونية.

أما فيما يخص المحاولة أو الشروع في الجرائم الواردة بهذا القانون، فقد جعل المشرع    المغربي عقوبة المحاولة مماثلة لتلك المطبقة على الجريمة التامة، ويبدو ذلك جلياً من خلال  الفصل 8-607.

أما الفصل 9-607  فيبدو من صياغته أن الاشتراك في عصابة أو اتفاق للإعداد لجريمة أو أكثر من الجرائم الواردة في هذا القانون، يجب أن يظهر من خلال فعل أو أفعال مادية، ومن بين الأمثلة الواقعية لذلك نجد مثلا إعداد فيروس مخصص لتدمير نظام لمعالجة المعطيات.

أما الفصل 10-607 فينص على ما يلي (يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات والغرامة من 50000 إلى 2000000 درهم كل من صنع تجهيزات أو أدوات أو أعد برامج للمعلوميات أو أية معطيات أعدت أو اعتمدت خصيصا لأجل ارتكاب الجرائم المعاقب عليها في هذا الباب أو تملكها أو حازها أو تخلي عنها للغير أو عرضها أو وضعها رهن إشارة الغير).

وقد اختتم المشرع المغربي الباب العاشر الخاص بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات بالفصل 11-607  ، والذي أعطى  للمحكمة الحق في إمكانية الحكم بمجموعة من العقوبات التكميلية  ، كمصادرة الأدوات المستعملة في ارتكاب الجرائم المشار إليها في هذا القانون أو الأدوات المتحصل عليها من هذه الجرائم، ويمكن للمحكمة كذلك بموجب الفقرة الثانية من الفصل 11-607 الحكم على الجاني بالحرمان من ممارسة الحقوق الواردة في الفصل 40   من القانون الجنائي المغربي لمدة تتراوح بين سنتين وعشر سنوات.  [12]   

ويمكن للمحكمة كذلك الحكم على الجاني بالحرمان من مزاولة أية وظيفة عمومية لمدة تتراوح بين سنتين إلى عشر سنوات. وكذلك يمكن للمحكمة بعد صدور الحكم أن تحكم بنشر أو تعليق الحكم الصادر بالإدانة.

  كما فطن المشرع المغربي لخطورة انتشار الإجرام المعلوماتي وأثر ذلك على امن واستقرار المجتمع المغربي، وقد ظهر ذلك مع عرض مشروع القانون المتعلق بالإرهاب على مجلس الوزراء بتاريخ 16 يناير 2003[13] ،  حيث وردت لأول مرة الإشارة إلى إمكانية ارتكاب أفعال إجرامية إرهابية عن طريق المعالجة الآلية للمعطيات.

  وما يلفت النظر هو أن القانون المغربي رقم03-03 المتعلق بالإرهاب يعد أول تشريع مغربي يشير بشكل صريح للإجرام المعلوماتي كوسيلة للقيام بأفعال إرهابية لها علاقة عمديه بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف، فالفصل 1-218 حدد بعض الأفعال المجرمة على سبيل الحصر، من بينها الجرائم المتعلقة بنظم المعالجة الآلية للمعطيات، وذلك بعد محاولة تحديد مفهوم الإرهاب في مستهل هذا الفصل.

  و بإستقراء القانون المغربي المتعلق بمكافحة الإرهاب نستشف أن المشرع عاقب من خلال الفقرة 8 من الفصل 218-1 على كل تزوير أو تزييف للشيكات أو أي وسيلة أداء أخرى تمت الإشارة إليها في المادتين316و331 من مدونة التجارة المغربية.

 و بإسقرائنا للمادة 331 من المدونة المذكورة نجدها متعلقة بموضوع الدراسة، بحيث فرضت العقوبات المنصوص عليها في المادة 316 في حالة تزوير أو تزييف وسيلة أداء، أو استعمالها أو محاولة ذلك، وحتى قبول الأداء-عن علم-بوسيلة أداء مزيفة أو مزورة. وبطبيعة الحال يدخل ضمن وسائل الأداء المشار إليها وسائل الأداء الحديثة مثل بطاقات الدفع الالكتروني.

ومما تجدر الإشارة إليه عند الحديث عن القانون المغربي رقم 03-03 المتعلق بمكافحة الإرهاب أن الفصل2-218 منه عاقب على استعمال وسائل الإعلام ومنها الالكترونية في الإشادة بالأعمال الإرهابية، وقد حدد الفصل المذكور العقوبة في الحبس من سنتين إلى ست سنوات وبغرامة بين 10 ألاف و200 ألف درهم. ومعلوم أن وسائل الإعلام الالكترونية متعددة من أبرزها الشبكة الدولية للمعلومات-الانترنت-.

  كما شكلت سنة 2003 مصادفة محطة زمنية للاهتمام بالإجرام المعلوماتي بالمغرب، بحيث تم تعزيز الترسانة التشريعية المغربية فيما يخص مكافحة هذا النمط الجديد من الجرائم، بحيث صدر في نفس السنة القانون رقم 03-24 المتعلق بتعزيز الحماية الجنائية للطفل والمرأة، وقد عمل هذا التشريع على تغيير وتتميم بعض نصوص مجموعة القانون الجنائي المغربي خصوصا فيما يخص الجرائم الماسة بنظام الأسرة والأخلاق العامة.

  وبإستقراء مقتضيات هذا التشريع، نلاحظ أن هناك فصلين مرتبطين بموضوع هذه الدراسة، وهما الفصل1-503 والفصل2-503، فالفصل 1-503[14]من المجموعة الجنائية المغربية ملأ فراغا تشريعيا، بحيث عاقب على جريمة التحرش الجنسي. و قد جاء هذا النص بصيغة تسمح للقاضي بتطبيقه على كل صور التحرش الجنسي التي تقع عبر وسائل الاتصال الحديثة كالانترنت.

وقد حدد هذا الفصل العقوبة من سنة إلى سنتين حبسا والغرامة من خمسة ألاف إلى خمسين ألف درهم.

  أما الفصل 2-503 من المجموعة الجنائية المغربية فقد جرم كل صور التحريض أو التشجيع أو تسهيل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة في مواد إباحية، وهو ما يصطلح عليه في مجال القانون المعلوماتي بالبورنوغرافية الطفولية التي تستخدم فيها الوسائل المعلوماتية بشكل مكثف، والحقيقة يحسب للمشرع المغربي انه استغل فرصة إصدار القانون رقم 03-24 بإضافة هذا الفصل المهم بعقوبات مشددة، والذي يحقق بدون شك حماية فعالة للطفل المغربي من مخاطر المواد الإباحية الطفولية الموجودة في مواقع الانترنت على وجه الخصوص، وبالتالي يملأ فراغا تشريعيا في مجموعة القانون الجنائية المغربي.

لقد حاولنا من خلال هذه الدراسة توضيح مدى الاهتمام الدولي والمحلي بالجريمة الإلكترونية، واتضح جليا أن هناك العديد من الاتفاقيات التي أطرت هذه الجريمة لعل أهمها اتفاقية بودابست، كما اتضح أن مجموعة القانون الجنائي المغربي تتضمن فصولا تشكل الأداة الأساسية لمكافحة هذا النمط الجديد من الإجرام. الى درجة ان اصبح للقاضي اليات للبث في قضايا من هذا النوع الحديث ، متأثرا بذلك بالقانون الفرنسي المتعلق بالغش بالمعلوماتي الصادر سنة 1988.ومع ذلك لابد من التنبيه الى ان الترسانة القانونية المغربية لمكافحة هذا النوع من الجرائم غير كافية ، بل لابد من العمل على تكتيفها وتحسيس المجتمع المغربي بخطورة الجرائم الالكترونية التي تعتبر من مسؤوليات الاعلام بشراكة مع النسيج الجمعوي، وفي هذا الصدد لابد من الاشارة الى انه قد احدثت الجمعية المغربية لضحايا الوب كام وعدم المس بالملكية الفكرية سنة 2007 والتي ساهمت في حذف ازيد من 100 شريط فيديو..

ومن الاشكالات التي تواجه مكافحة هذا النمط من الاجرام قلة الامكانات فمحاربة الجريمة الإلكترونية يتطلب فترة لا يستهان بها من التكوين، فالمتصدي لها يجب ان يكون على علم بكل كبيرة و صغيرة  بالمجال، فتكوين جميع المتدخلين(القضاء ،الشرطة العلمية.. ( وتوفير ادوات لوجستيكية و تنظيم ندوات و طنية ودولية تعتبر من العناصر الاساسية لمكافحة الجريمة المعلوماتية. وفي الاخير لابد من التأكيد على ضرورة استثمار ملكات الافراد لتقوية الامن المعلوماتي حتى لا ينزاح عملهم في اتجاه الاجرام.

 

   

 

 

 

  

 


[1]  الاستاذ امين اعزان:  مواجهة الجريمة الالكترونية في ضوء القانون الجنائي المغربي، مجلة الحقوق المغربية ، العدد الثاني عشر،2011، ص 101 .

[2] Convention sur la cybercriminalité, budapest, 23-11-2001

[3]   المادة الاولى من قانون الامارات العربي الاسترشادي لمكافحة جرائم تقنية المعلومات وما في حكمها.

[4]  المواد 4-8-10-11 من نفس القانون .

  5تنص المادة 23  على  كل من حرض أو ساعد أو اتفق مع الغير على ارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون ووقعت الجريمة بناء على التحريض أو المساعدة أو الاتفاق يعاقب بذات العقوبة المقررة لها

 

[6]     المادة 25  من القانون  ذاته تنص على ما يلي : مع عدم الاخلال بحقوق الغير الحسني النية يحكم في جميع الاحوال بمصادرة الاجهزة او البرامج او الوسائل المستخدمة في ارتكاب اي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون .

[7]    المادة 33 من القانون العربي الاسترشادي للإثبات بالتقنيات الحديثة والتي تنص : مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشدّ منصوص عليها في أي قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقلّ عن…………… ولا تجاوز ……………… أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من: (تحدّد الغرامة بمعرفة المشرع الوطني).

أ –          زور أو اتلف أو عيب توقيعاً أو أداة أو محرراً إلكترونياً سواء بطريق الاصطناع أو التعديل أو التحويل أو بأي طريق آخر يؤدّي إلى تغيير الحقيقة في بياناته.

ب –        استعمل توقيعاً أو أداة أو محرّراً إلكترونياً معيباً أو مزوراً مع علمه بذلك.

ج –        توصل بأية وسيلة إلى الحصول بغير حقّ على توقيع إلكتروني أو أداة أو محرّر إلكتروني، أو اخترق هذه الأداة أو اعترضه أو عطّله عن أداء وظيفته.

د –        أفشى أو تواطأ مع الغير لإفشاء بيانات توقيع أو أداة إنشاء التوقيع الإلكتروني أو بيانات أدلى بها المتعامل بتوقيع إلكتروني. أو استخدم هذه البيانات أو المعلومات بغير الغرض الذي قدمت من أجله في غير الأحوال المصرّح بها قانوناً.

[8]  المادة 34 من القانون ذاته و التي تنص : يعاقب بالغرامة كل من ارتكب فعلاً أو أكثر مما يلي:

أ –                      إصدار شهادة توثيق إلكتروني دون الحصول على ترخيص أو بصورة مخالفة لقواعد وأحكام هذا القانون والقرارات التنفيذية بشأنه.

ب –                    إنشاء أو نشر أو توفير أو تقديم أي شهادة توثيق إلكترونية تتضمن أو تشير إلى بيانات غير صحيحة مع علمه بذلك.

ج –                    عدم إخطار الجهة المختصّة بأي تغيير في البيانات التي حصل بمقتضاها على الترخيص بمزاولة إصدار شهادات التوثيق الإلكتروني أو الخدمات المرتبطة بالتوقيع الإلكتروني.

(تحدّد الغرامة بمعرفة المشرع الوطني).

 

[9]  حكم ابتدائية البيضاء بانفا رقم 4236-4 الصادر بتاريخ 13-11-1985 ،ملف جنحي تلبسي عدد 85-7383 مشار اليه لدى الاستاذ امين اعزاز في المقال السالف الذكر.

[10]  أصبح هذا القانون يشكل الباب العاشر من الجزء الأول من الكتاب الثالث من القانون الجنائي المغربي تحت عنوان:المس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات.وقد صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم197-03-1 بتاريخ16رمضان1424 الموافق ل11نونبر2003.

[11]  الاستاذ امين اعزان ، مداخلة حول تطور التشريع السيبيراني بالمملكة المغربية تجاه المعطيات ذات الطابع الشخصي، ندوة حول المتطلبات القانونية و التنظيمية لاقامة مجتمع معرفة مستدامة في المنطقة العربية ESCWA ،بيروت 19-20 ديسمبر 2012.

[12]  للمزيد حول العقوبات التبعية و التكميلية انظر الدكتور /  احمد عوض بلال : النظرية العامة للجزاء الجنائي ،دار النهضة ،1995،ص 388.

[13]  الاستاذ محمد  جوهر : خصوصيات زجر الاجرام المعلوماتي ،المجلة المغربية للقانون والاقتصاد والتدبير ، العدد 52 ،2006، ص87.

[14]   ينص الفصل1-503(يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين وبالغرامة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف درهم، من اجل جريمة التحرش الجنسي، كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه أو أية وسيلة أخرى مستغلا السلطة التي تخولها له مهامه، لأغراض ذات طبيعة جنسية).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى