التعاقد بطريقة الكترونية على ضوء قانون 53.05
رشيدة أوربير
طالبة باحثة بماستر المقاولة و القانون بجامعة الحسن الأول بسطات
ملخص :
تهدف هذه الدراسة إلى الإحاطة بمختلف الجوانب العملية والقانونية لظاهرة التعاقد الإليكتروني وذلك على ضوء القانون53.05 [1] المتعلق بالتبادل الإليكتروني للمعطيات القانونية الذي شكل إضافة نوعية لظهير الالتزامات والعقود المغربي.
وذلك من خلال التطرق إلى كيفية إبرام العقد بكيفية اليكترونية و طرق إثباته و إبراز الآليات التقنية كالتوقيع الاليكتروني و التشفير, تم الانتقال إلى الإطار القانوني لخدمات المصادقة الإليكترونية لنخلص إلى العقوبات والتدابير الوقائية المطبقة عليهم في حالة مخالفة مقتضيات هذا القانون.
وفي الأخير نعرج إلى الحماية التي أقرها المشرع للمستهلك الاليكتروني بهدف جعله الطرف الأقوى في العلاقة التعاقدية من خلال التنصيص على حمايته في القواعد العامة و الخاصة.
وكذا كيفية تسوية النزاعات الناتجة عن العقد الإليكتروني.
كلمات مفتاحية : العقد الإليكتروني, التشفير, التوقيع الاليكتروني ,الحماية القانونية ,المستهلك .
Summary :
This study aims to understand the various practical and legal aspects of the phenomenon of electronic contracting, in light of Law 53.05 related to electronic exchange of legal data, which constituted a qualitative addition to the backing of Moroccan obligations and contracts.
And that by addressing how the contract is concluded in an electronic manner and the methods of proving it, and highlighting the technical mechanisms such as electronic signature and encryption, the legal framework for electronic authentication services has been moved to conclude with the penalties and preventive measures applied to them in case of violating the requirements of this law.
Finally , we refer to the protection provided by the legislator for the electronic consumer with the aim of making him the strongest party in the contractual relationship by stipulating his protection in public and private rules, as well as how to settle disputes resulting from the electronic contract.
Key words: electronic contract, encryption, electronic signature, legal protection, consumer.
المقدمة :
إن التقدم التكنولوجي و العلمي الذي يشهده العالم في العصر الحديث يلقي بظلاله و نتائجه على كافة جوانب الحياة، حتى أطلق على عصرنا هذا عصر ألمعلوميات، وهذا كله بفضل الاتصالات وتقنیة، التي أدت إلى تحویل العالم إلى قریة صغیرة متصلة مع بعضها البع، من خلال نقل ما یجري في كافة بقاع الأرض عن طریق استخدام الأجهزة الإلكترونیة فأدت هذه الطفرة إلى تسهیل عملیة الاتصال بین الأفراد في كافة بقاع الأرض وهذه المستجدات أتت بميلاد عقود جديدة تبرم في عالم افتراضي ألا وهي ” العقود الاليكترونية” ,فتمیزت هذه العقود عن العقود التقلیدیة بأنها تتم بوسائل الكترونیة حدیثة و في مجلس عقد افتراض، عبر شبكة المعلوميات العالمیة وبسرعة فائقة جدا، فنجد أن عملیة البیع والشراء أو أي عملیة أخرى تتم خلال دقائق معدودة، بینما العقود التقلیدیة تعتمد على العقود والأوراق والمستندات، التي یتم تداولها عبر الوسائل التقلیدیة التي تتسم بطابع البطء.
و استجابة لهذه الحاجيات هذا العصر فقد عمل المشرع على إصدار القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإليكتروني للمعطيات الإليكترونية الذي شكل إضافة نوعية لظهير الالتزامات والعقود المغربي.
فالعقد الالكتروني هو قوام المعاملات التجارية الإليكترونية وما يميز هذه المستجدات قصور الأنظمة القانونية التقليدية على مواكبة و احتواء ما يعيشه العالم من حداثة في المعاملات ومن تطور تكنولوجي، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى أنظمة قانونية تحتوي وتنظم هذه المعاملات والتعاقدات الجديدة، وتنظم كيفية التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة وتبرز أهمية إحاطة المعاملات الاليكترونية عامة والعقد الاليكتروني خاصة بمنظومة قانونية لما بات يطرحه من مسائل قانونية، إذ يعد من أهم المواضيع القانونية في الوقت الراهن .
و العقد الاليكتروني يثير إشكالا أساسيا حول مدى توافق المشرع المغربي في تنظيم المعاملات المبرمة بشكل اليكتروني من خلال قانون 05– 53.
للإجابة عن الإشكالية أعلاه، ارتأينا تقسيم الموضوع وفق التصميم الآتي:
المبحث الأول : لأحكام العامة للعقد المبرم بشكل إليكتروني في قانون 53.05
المبحث الثاني :الحماية القانونية للمتعاقد الاليكتروني.
المبحث لأول : لأحكام العامة للعقد المبرم بشكل اليكتروني في قانون 53.05
في زمن العولمة عرف العالم تطورا تكنولوجيا انتشرت فيه الانترنيت انتشارا هائلا مما أدى إلى ظهور مصطلح التجارة الاليكترونية، التي أضحت القواعد القانونية التقليدية عاجزة عن احتواء التطورات و تنظيم المعاملات الاليكترونية بين الأفراد و الاستجابة لحاجيات السوق الإليكترونية والتي تزداد رواجا في الوقت الحاضر[2]، فقد عمل المشرع على إصدار القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإليكتروني للمعطيات ألإليكترونية الذي يعتبر ترسانة قانونية الذي سعى فيه المشرع إلى تهيئة بيئة قانونية تناسب تطور المعاملات الاليكترونية، ووضع اللبنة الأساسية للتبادل الاليكتروني و لمحاولة منا الإحاطة بهذا القانون و مقاربته سنتطرق إلى كيفية إبرام العقد بشكل اليكتروني( المطلب لأول ) تم ننتقل إلى الحديث عن كيفية اتباتها (المطلب الثاني ) .
المطلب لأول : إبرام العقد بشكل اليكتروني
إن مصطلح العقد الاليكتروني مصطلح جديد أنتجته الثورة المعلوماتية إلا أن هذا العقد لا يختلف من حيت أركانه عن الأركان العامة للعقد و إنما ما يميزه عن غيره من العقود ، أن جل معاملاته تتم عبر رحلة رقمية في فضاء افتراضي لا يعرف غير الأرقام و البيانات[3] . و لذلك يقتضي منا الحديث عن العقود المستثناة من أحكام القانون 53–50 (الفقرة لأولى) على اعتبار أننا سنخصص (الفقرة الثانية ) للقبول و الإيجاب الاليكترونية
الفقرة لأولى : العقود المستتناة من أحكام القانون 53-50
- لاستثناء المتعلق بمدونة الأسرة
إن قضايا الحالة المدنية و الزواج [4]و الطلاق و الارت و النسب وكل ما يتعلق بالأحوال الشخصية لها ارتباط وثيق بأحكام الشريعة و أعراف المجتمع و بالتالي فهي من صميم النظام العام ومن هذا المنطق لا يمكن استعمال لانترنيت لإبرام عقد الزواج لما يحظى به هذا العقد من قدسية و منزلة خاصة في نفوس الناس كما لا يجوز إيقاع الطلاق بنفس الطريقة و لا إعداد اراتة و لا إقرار نسب أو نفيه بالوسائل لالكترونية [5]
- الاستثناء المتعلق بالضمانات الشخصية و العينية في الميدان التجاري و المدني
إن هذه الضمانات غالبا ما تنصب على تصرفات مركبة و معقدة تنطوي على خطورة تتعلق بنوع لأموال أو قيمتها أو بمدة العقود التي تكون في الغالب طويلة لأمد تستوجب مفوضات مباشرة بحضور لأطراف في مجلس العقد[6]
فالأوراق المالية التي يجوز تداولها بالبيع و الشراء مثل أوراق لأسهم و السندات المتداولة في البورصة تتضمن قيمة مالية في ذاتها و تداولها يعني قبضها باليد و ليس بطريقة لالكترونية كما أن المعاملات التي مضمونها بيع أو شراء للأموال غير المنقولة وهي العقارات سواء بطبيعتها أو بالتخصيص فان التصرف قيها يخرج من نطاق التعامل لالكتروني .
الفقرة الثانية : لإيجاب والقبول في العقد لالكتروني
أولا – لإيجاب في العقد لالكتروني
بالجوع إلى مقتضيات قانون53–50 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية نجد المشرع لم يضع لنا تعريفا للعقد لالكتروني ,وبالمقارنة مع تشريعات لأخرى نجد أن المشرع التونسي قد وضعه في بعض المفاهيم المتعلقة بالتعاقد الالكتروني، فعرف المبادلات الالكترونية بأنها ” المبادلات التي تتم باستعمال الوثائق الالكترونية [7] ، وأن التجارة الالكترونية هي عبارة عن العمليات التجارية التي تتم عبر المبادلات الالكترونية” [8] .
وعموما فان العقد لالكتروني هو ذلك العقد الذي يتم بتوافق إرادتين من خلال استعمال أجهزة إلكترونية بغية إحداث أثار قانوني أي إنشاء التزامات تعاقدية .
و التعاقد لالكتروني يتم بالإيجاب لالكتروني و القبول في صيغ و كيفيات محددة و اقترانهما ,و المشرع المغربي لم يعرف لنا الإيجاب لكنه حدد في الفصل3– 65 من قانون الالتزامات و العقود ثلاث حالات اعتبرها كلها تدخل في إطار العرض :
- – حالة وضع الإيجاب، في شكل عروض تعاقدية أو معلومات متعلقة بسلع ا و خدمات، رهن إشارة عموم الناس من اجل إبرا عقد من العقود
- – الحالة التي يطلب فيها شخص معين بالذات معلومات من اجل إبرام عقد
- – عندما يتعلق لأمر بتوجيه معلومات أتناء تنفيذ عقد
ثانيا – القبول في العقد للالكتروني
لقد نظم المشرع المغربي في القانون 53.05 القبول الالكتروني و وضع له من الضوابط التي تنسجم مع القبول في العقد الالكتروني ولم يعتد بالقبول المجرد متمشيا مع المقتضيات الواردة بالتشريعات التي عالجت القبول الالكتروني ولذا يثبت لمن أرسل إليه الإيجاب قبل التعبير عن إرادته بالقبول إن يكون له مكنة التحقق مما يلي [9]:
- أن يتأكد من تفاصيل القبول الذي سيصدر عنه حتى يعتد به قانونا.
- ان يتحقق من ثمن الإجمالي للشيء محل التعاقد لان الثمن ركن من أركان العقد الذي لا غنى عنه.
- ان يتمكن من تصحيح الأخطاء التي يمكن إن يقع فيها اذا حصل قبوله والمقصود بالخط هنا: الخط العادي الذي يتسرب إلى التعبير ع إرادته و لكن هذه المكنة لا تسوغ له الرجوع ع قبوله الذي ينعقد بت العقد الالكتروني إذا استوفى الضوابط القانونية.
- يثبت للقابل على الموجب التزام الأخير بمجرد توصله بالقبول عليه أن يشعر القابل بطريقة الكترونية بتسلمه قبول العرض الموجه إليه وذلك من باب تأكيد التعاقد والتاخير المبرر في الإشعار ينتج أثاره القانونية و يعتبر العقد الالكتروني منعقدا فور تسلم الموجب للقبول بمجرد تسلمه الإيجاب .
المطلب الثاني : الإثبات في العقد المبرم بشكل الإلكتروني
إن الإثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتب في مواجهة من ينكرها أثرا قانونيا[10] لمن يدعيها أما بالنسبة للإثبات في العقود التي تبرم عبر الإنترنت أنها لا تقوم على دعامة مادية ورقية ثابتة، يمكن الرجوع إليها كلما اقتضى الأمر ذلك، بل هي مثبتة على دعائم إلكترونية غير مادية، و هو الأمر الذي أدى إلى ظهور ما يسمى بالإثبات الاليكتروني[11] .
و من أهم الإشكالات التي تواجه العقد الإليكتروني هي كيفية إثباته، ولتوضيح ذلك سنناقش كلا من الوثيقة الاليكترونية العرفية )فقرة أولى( و الوثيقة الإليكترونية الرسمية )فقرة ثانية ).
الفقرة الأولى :الوثيقة الاليكترونية العرفية.
تعرف الوثيقة العرفية بشكل عام ، بأنها ذلك المحرر الذي يصدر عن الأفراد مباشرة أو من ينوب عنهم دون أن تكون للموظف العمومي صلاحية التوثيق كما هي محددة في الفصل 418 م قانون الالتزامات والعقود والوثيقة الإليكترونية ألعرفية هي التي تستوفي شروط الفصلين 417-1 و الذي ينص في فقراته الثانية على انه تقبل الوثيقة المحررة بشكل اليكتروني للإثبات شانها في ذلك الوثيقة المحررة على الورق شريطة أن يكون بالإمكان التعرف ، بصفة قانونية ، على الشخص الذي صدرت عنه و أن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط المنصوص عليها و 2– « : 417 والذي يقضي بان يتيح التوقيع الضرورة لإتمام وثيقة قانونية التعرف على الشخص الموقع و يعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة و هذه الشروط وكالاتي :
أولا: التحقق من هوية الشخص مصدر الوثيقة الإليكترونية.
ثانيا: إعداد الوثيقة و حفظها بما يضمن تماميتها.
ثالثا :أن تحمل الوثيقة توقيعا مؤمنا.
رابعا :أن تحمل الوثيقة تاريخا ناتجا عن التوقيع الالكتروني المؤمن.
الفقرة الثانية : الوثيقة الاليكترونية الرسمية.
الوثيقة الاليكترونية الرسمية : هي التي بالإضافة إلى توفرها على الشروط الأربعة للوثيقة الاليكترونية العرفية أعلاه، يتحقق فيها شرط خامس، نصت عليها الفقرة الثانية من الفصل 417 من ق.ل.ع. و هو أن يوضع التوقيع عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق.
و من المعلوم أن الوثيقة الرسمية بشكل عام ،هي التي يتلقاها موظف عمومي له صلاحية التوثيق في مكان إبرام العقد، فالموثق على هذا النحو يتولى مهمة الإشراف و المصادقة على تعبير الأطراف عن إرادتهم بالموافقة على التصرف و يكون بذلك مسؤولا عما شهد به من وقائع و اتفاقات وقعت أمامه، و يختم الوثيقة بتوقيعه إلى جانب توقيع الأطراف و يحتفظ بأصلها في ديوانه و لا يسلم لهم سوى نسخة منها، و الوثيقة الرسمية بهذا الشكل تتوفر على قوة إثباتيه و تنفيذية في نفس الوقت أما الوثيقة الاليكترونية فتتميز بكونها محررة بلغة رقمية تقرا على الشاشة و تفرض النقل الاليكتروني للمعطيات لوجود مسافة جغرافية تفصل بين المتعاقدين.
و الوثيقة الرسمية تتطلب شروط [12] لصحتها تتمثل في الآتي:
– أن تكون صادرة عن موظف عمومي
– أن يكون تحرير هذه الورقة داخلا في وظيفة الموظف العمومي سواء من حيت الموضوع آو من حيت المكان
– ان تكون الورقة مشتملة على جميع البيانات و الأوضاع التي اوجب القانون توفرها فيها [13].
و بالتالي إن الورقة الرسمية متى استوفت الشروط و تمت بالمعايير التي حددها القانون إلا و اكتسبت حجية قاطعة ليس بالنسبة للمتعاقدين فحسب بل حتى بالنسبة للغير.
المبحث الثاني : الحماية القانونية للمتعاقد الاليكتروني.
أمام التقدم الهائل في عالم المعلوميات و الاتصالات اللاسلكية وعلى رأسها الانترنيت تولدت الرغبة في سن قوانين تلائم التطور التكنولوجي حتى يطمئن الأفراد و المجتمع بجميع مكوناته لاسيما الطرف الضعيف “المستهلك ” فبالإضافة إلى المستجدات ذات الطابع القانوني التي جاء بها قانون 53–05 ، والمتعلقة بقواعد التعاقد بطريقة إليكترونية سواء من حيت إبرام العقد أو إثبات التصرفات القانونية وما يستلزم ذلك من إضفاء الحجية والمصداقية عليها , كان لزاما على المشرع سن قواعد لحماية العلاقة التعاقدية وذلك من خلال توفير الآليات التقنية كالتوقيع الاليكتروني و تشفير و الحماية القانونية في شقها المدني و الجنائي وتنصيص على التوقيع الاليكتروني الذي يجعلنا نتساءل عن المقصود بهذا التوقيع باعتباره مصطلحا جديدا و هو ما سنحاول دراسته من خلال ( المطلب لأول ) في حين سنخصص (المطلب الثاني ) للحديث عن الحماية القانونية للمستهلك المتعاقد بشكل اليكتروني .
المطلب لأول : مفهوم العام للتوقيع الاليكتروني و التشفير.
فالمشرع المغربي و مواكبة منه للتطورات التي عرفها العقد الاليكتروني و حلوله محل العقد التقليدي تطلب منه إعادة النظر في التوقيع العادي التقليدي وذلك لان توقيع بمعناه التقليدي عاجز عن مجاراة العمليات الحاصلة بالوسائل الاليكترونية المتطورة لذلك سنتطرق إلى الاعتراف التشريعي بالتوقيع الاليكتروني ونظام التشفير (الفقرة لأولى) في حين سنتطرق في( الفقرة الثانية ) إلى الإطار القانوني للخدمات المصادق عليها اليكترونيا.
الفقرة لأولى : التوقيع الاليكتروني و نظام التشفير.
- ماهية التوقيع الاليكتروني و صوره .
- تعريف التوقيع الاليكتروني:
من خلال تصفحنا مقتضيات قانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإليكتروني للمعطيات القانونية نجد أن المشرع لم يضع لنا تعريفا للتوقيع الاليكتروني و إنما أشار إلى انه عندما يكون التوقيع اليكترونيا يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة المتصلة به (الفقرة لأخيرة من الفصل 417-2من قانون الالتزامات و العقود المغربي).
ما يلاحظ على المشرع المغربي انه تحدت عن توقيع اليكتروني بسيط أو عادي و توقيع مؤمن هذا الأخير الذي عرفه في الفقرة الثانية من الفصل 417–3 من قانون الالتزامات و العقود بكونه “يعتبر التوقيع الاليكتروني مؤمنا إذا تم إنشاؤه و كانت هوية الموقع مؤكد و تمامية الوثيقة القانونية مضمونة و فق النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال “
وفي التشريعات المقارنة، عرّف التشريع الكندي التوقيع الاليكتروني بأنه «هو كل عمليه أو رمز أو صوت اليكتروني متصل بطريقه منطقية بعقد أو تسجيل آخر ومتبنى من طرف شخص ما يهدف إلى تسجيل عقد”.[14]
2-صور التوقيع الاليكتروني.
أ– التوقيع اليدوي بالقلم الاليكتروني.
وتعتمد هده الطريقة على استخدام قلم إليكتروني حساس، يمكنه الكتابة على شاشة الحاسوب عن طريق برنامج يسيطر على هذه العملية من خلال ربط القلم الاليكتروني بجهاز الحاسوب .
ب – التوقيع الرقمي.
وهو عبارة عن تقنية إليكترونية مشفرة[15]وآمنة تتم باستخدام مفاتيح سرية أو أرقام سرية لا يعرفها إلا صاحبها، حيث يتم هذا التوقيع في المراسلات الإليكترونية التي تتم بين التجار والشركات وفي بطاقات الائتمان وعموما هو عبارة عن رقم أو رمز سري.
ج – التوقيع البيومتري.[16]
ويعتمد في هذا التوقيع على الخصائص الفيزيائية والطبيعة السلوكية للأفراد للتحقق من شخصية المتعامل وتحديد هويته، ومن بين الصفات التي تعتمد في هذا التوقيع نجد البصمة الشخصية، التعرف على الوجه البشري ، التحقق من مستوى ونبرة الصوت ، مسح العين[17]
- مفهوم التشفير و أنواعه.
1 – مفهوم التشفير
المشرع المغربي لم يعرف لنا التشفير بل اكتفى بذكر أهدافه حيت نصت المادة 12 من القانون 53.05 على انه ” تهدف وسائل التشفير على الخصوص إلى ضمان سلامة تبادل المعطيات القانونية بطريقة إليكترونية أو تخزينها أو هما معا بكيفية تمكن من ضمان سريتها وصدقيتها ومراقبة تماميتها “
ترك أمر تعريفه للفقه الذي عرفه بأنه تلك العملية التي تهدف إلى إخفاء المعلومات اللازمة للاستئثار بالشفرة التقنية اللازمة للحفاظ على سرية تبادل المعطيات القانونية بشكل اليكتروني ، لضمان الاستعمال الحضري لهده المعلومات من طرف من له الحق في ذلك، فان القانون وضع أسلوبا فريدا من نوعه لضمان سرية تبادل وتخزين المعلومات والتوقيعات الاليكترونية. [18]
– أنواع التشفير
هناك نوعين أو نظامين يتم استخدامهما في التجارة الاليكترونية ومختلف التعاملات التي تتم عبرا لانترنت:
ا– نظام م التشفير المتماثل:
ويسمى أيضا نظام التشفير ذي المفتاح السري الوحيد و يتم اعتمادها لتشفير خطاب أو لفك شفرته استنادا إلى مفتاح واحد يتم تبادله سريا ما بين المرسل و المرسل إليه و هاته التقنية إذا كانت تعطي نتيجة ايجابية في الشبكات المغلقة فإنها متنافية مع الشبكات المفتوحة أو مع استعمالات التشفير بهدف التوقيع بل حتى على الشبكات المغلقة فان الإفصاح عن المفتاح للمرسل إليه ينطوي على خطر الالتقاط و تسربه للغير. [19]
- نظام التشفير غير المتماثل:
نظرا للعيوب التي ظهرت في نظام التشفير المتماثل تم اللجوء إلى نظام جديد يحل محله و يؤدي الغاية المرجوة منه على أفضل وجه، و بالفعل تم التوصل إلى نظام تشفير[20] يعتمد على وجود مفتاحين الأول خاص يحتفظ به صاحبه سرا لديه تحت عهدته و مسؤوليته أما الثاني وهو المفتاح العمومي يمكن أن ينقل إلى علم المرسل إليه و هو مكمل للمفتاح الخاص.
الفقرة الثانية : الإطار القانوني لخدمات المصادقة الاليكترونية.
أولا : شروط اكتساب صفة مقدمي خدمات المصادقة الاليكترونية و التزاماته القانونية .
لاكتساب صفة مقدم خدمة المصادقة الاليكترونية على التوقيع الاليكتروني يجب أن يكون طالب الاعتماد متوفرا على شروطه المنصوص عليها في المادة 21من القانون 53–05 وهي أن يكون :
- شخصا معنوي في شكل شركة مقرها بتراب المملكة المغربية ومن تم فان هذه المهمة لا تسند للأشخاص الطبيعيين.
- متوفرا على شروط إضافية أخرى ذات طابع مزدوج تقني و قانوني معا وهي :
- الوثوق بخدمات المصادقة الاليكترونية التي يتوفر عليها سيما السلامة التقنية و التشفيرية الخاصة بالوظائف التي تؤديها نظم ووسائل التشفير التي يقترحها.
- سرية معطيات إنشاء التوقيع الاليكتروني التي يقدمها لصاحب ذلك التوقيع .
- التحديد الدقيق لتاريخ و ساعة إنشاء أو إلغاء الشهادة الاليكترونية.
- إمكانية كشف أي تغيير من شانه الإخلال بسلامة النظام و المقصود به نظام المحافظة على الشهادات الاليكترونية .
واستثناء من هذه الأحكام نصت المادة 43 من القانون 53–05 على أنه يمكن اعتماد الأشخاص المعنويين للقانون العام من أجل القيام بالخدمات الاليكترونية وذلك باقتراح من السلطة الوطنية .
ثانيا : مسؤولية مقدم خدمة المصادقة الاليكترونية.
نص المشرع على مجموعة من الالتزامات تقع على عاتق مقدمي خدمة المصادقة على توقيع اليكتروني و على مستخدميها وقد وردت أحكامها في مقتضيات المادة 24 من قانون 53–05 التي حددت مجال المسؤولية في ما يلي :
- المسؤولية عن كتمان السر المهني .
يتحمل مقدموا المصادقة لاليكترونية و مستخدموهم كذلك مسؤولية كتمان السر المهني تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها حيت نجد قانون 53–05 في مادته 30 يعاقب مقدم الخدمات الذي يفشي المعلومات في إطار ممارسته لوظيفته أو يحرض على نشرها و يساهم على نشرها حيت يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و بغرامة من 2000000 درهم إلى 5000000 درهم .
- المسؤولية عن المحافظة على إنشاء الشهادة الاليكترونية.
إن معطيات إنشاء التوقيع الاليكتروني تتضمن العناصر المميزة الخاصة بصاحب التوقيع كمفتاح الشفرة الخاصة التي يستخدمها هذا الأخير لإنشاء ذلك التوقيع وكذا التعداد الوارد لها في المادة 11 من نفس القانون هذه المعطيات يتحمل مسؤولية المحافظة عليها مقدموا خدمات المصادقة لاليكترونية بعدم إفشائها للغير ماعدا إذا صدر لهم أمر من وكيل
الملك لتبليغها إلى السلطات القضائية إلى غيرها من الجهات التي خول لها القانون حق الاطلاع عن أسرار تلك المعلومات الفصل 40 من قانون 53–05 الذي ينص ” يجوز لأعوان السلطة الوطنية المؤهلين لهذا الغرض و المحلفين وفق القواعد القانونية العادية أن يبحثوا عن المخالفات لأحكام هذا القانون و النصوص الصادرة لتطبيقه وان يجروا محاضر بشأنها وذلك في نطاق اختصاصهم و تحال محاضرهم إلى و كيل الملك داخل اجل خمسة أيام التالية لتحرريها .
المطلب الثاني : حماية المستهلك المتعاقد بشكل اليكتروني و النزاعات المثارة بشأنه.
أثارت عقود الاستهلاك الاليكتروني العديد من الإشكاليات القانونية و من ضمنها إشكالية كيفية حماية مستهلك الخدمات الاليكترونية في هذه النوعية من العقود التي تتسم بطابعها اللامادي وهذا مدافع بالمشرع إلى تكريس حماية متينة للمستهلك تجعله الطرف الأقوى في العلاقة التعاقدية من خلال التنصيص على حمايته في القواعد العامة و الخاصة (الفقرة لأولى) و تطرق إلى كيفية تسوية النزاعات الناتجة عن التعاقد الإليكتروني في
( الفقرة الثانية ).
الفقرة لأولى : حماية المستهلك المتعاقد بشكل اليكتروني ببن القواعد العامة و القواعد الخاصة.
أولا – حماية المتعاقد الاليكتروني وفق القواعد العامة [21]
: 1 مدى فعالية مبدأ سلطان الإرادة في حماية المتعاقد بالشكل الإليكتروني.
من الثابت قانونا أن إرادة الإنسان حرة بطبيعتها فلا يمكن أن يلتزم إلا بما ارتضى به، هي أساس التصرف القانوني من حيت نشأته و تحديد أثار و هذا ما يعبر عنه الفقه بمبدأ السلطان لإرادة الذي يشمل على فكرتين :
الأولى : أن كل الالتزامات ترجع في مصدرها إلى الإرادة الحرة للأطراف .
و الثانية : أن اثر الإرادة لا يقتصر على إنشاء الالتزام بل تعتبر المرجع الأعلى فيما يترتب على هذه الالتزامات من أثار[22].
هذا ويسير التشريع المغربي على ذات ألمنوال من خلال أخذه بهذا المبدأ في الفصل 230 من ق.ل.ع الذي نص على أن “الالتزامات المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى بمنشئيها ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا، أو في الحالات المنصوص عليها في القانون“، وتأسيسا على ذلك فإن الإرادة هي أساس القوة الملزمة في التعاقد، وهي التي تتحكم في تحديد مضمون العقد، و الالتزامات التي تقع على أطرافه.
و يعتبر تفوض الاليكتروني احد المظاهر لسلطان الإرادة و يقصد به ” التحاور و المناقشة و تبادل الأفكار و الآراء و المساومة بالتفاعل بين الأطراف من خلال الاتصال المباشر أو تبادل البيانات الاليكترونية عبر البريد الاليكتروني و ذلك من اجل الوصول إلى اتفاق معين حول مصلحة أو مشكلة ما [23].
: 2مدى فعالية نظرية عيوب الرضا في حماية المستهلك
تعتبر القواعد القانونية ترجمة للواجبات الأخلاقية و يعتبر مبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات أسمى ما في القواعد الأخلاقية من مضمون ، و بذلك يجب على المتعاقدين تنفيذ العقد دون الإضرار بمصلحة المتعاقد الأخر سواء عن طريق إيقاعه في غلط أو استغلاله أو التدليس عليه أو ممارسة سلطة الإكراه عليه.
ومن هنا فان نظرية عيوب الرضا تتصل اتصالا وثيقا بنظرية سلطان الإرادة و تتصل كذلك بمبدأ حسن النية الذي نصت عليه معظم الدول في تشريعاتها و بالتالي يجب أن تتحقق للإرادة صحتها و سلامتها من العيوب و إلا كان العقد قابلا للإبطال.
إذا كانت نظرية عيوب الرضا[24]تلعب دورا كبيرا في إبطال مجموعة من العقود التي تكون فيها إرادة أحد أطرافها معيبة، وحماية المتعاقد بشكل عام و المستهلك بصفة خاصة، إلا أنها تبقى بدون جدوى في توفير مناخ ملائم لتأكيد صحة إرادة المستهلك للاعتبارات التالية :
- صعوبة إثبات التدليس فيما يخص العقود الإليكترونية وذلك اعتبارا للطبيعة الغير المادية للمعلومات و البيانات التي يجري نقلها عبر تقنيات الاتصال الحديثة[25] .
- ا ذا كان إعمال عيب الإكراه يشترط فيه تحقق شروط معينة[26] منصوص عليها في ق.ل.ع، إلا أن المستهلك يمكن أن يقع ضحية إكراه اقتصادي، وبالتالي فان نظرية الإكراه التقليدية لا توفر له الحماية المرجوة,
ثانيا – حماية المتعاقد الاليكتروني وفق القواعد الخاصة[27] .
: 1الالتزام بإعلام المستهلك.
يعد الالتزام بإعلام المتعاقد قبل أن يتعاقد مع البائع أو المنتج على شبكة الانترنيت من إحدى المبادئ المتفرعة عن مبدأ حسن النية الذي يجب أن يسود المفوضات التي تسبق إبرام العقد [28] و يقصد بالالتزام بالإعلام في الاصطلاح القانوني بكونه “التزام يقع على المدين لتزويد المتعاقد الآخر بكل المعلومات المتعلقة بمحل العقد والكفيلة بتنوير رضاه، وتسهيل تنفيذ العقد”.
و لاشك أن التزام المورد بإعلام المستهلك [29] يشكل أحد أبرز الركائز القانونية في مجال حماية المستهلك بصفة عامة، ويبدوا هذا الالتزام أكثر إلحاحا في التعاقد الذي يتم بشكل إليكتروني، سيما وأن هذا الأخير يتم دون التقاء حقيقي، بين أطراف التعاقد، ودون أن يقوم المستهلك بمعاينة الشيء المتعاقد عليه معاينة حقيقية و إذا كان الالتزام بالإعلام يفرض على المورد إعلام المستهلك بكافة الوقائع و المعلومات التي تكون منتجة و لازمة لتكوين رضاء و ضمان حسن تنفيذ العقد كما أشارت إلى ذلك المادة 3 من قانون رقم 31.08 ، فإن مقدم السلعة أو الخدمة في ضوء التعاقد الاليكتروني يجب عليه أن يضمن عرضه المقدم على شاشة الانترنيت كل خصائص هذه السلعة أو الخدمات، إضافة إلى كيفية الاستعمال و الاستفادة كما يلزم أن يكون العرض واضحا و مفهوما ومحددا بدقة ،ولابد له من التأكد من ظهور كل البيانات الإلزامية الخاصة للتعريف بالعرض المقدم .
و يلاحظ أن التشريعات العربية ومنها التشريع المغربي لم يتناول كفاية حق المستهلك في الاستعلام عن السلعة أو الخدمة قبل التعاقد وذلك عكس التشريع الفرنسي [30] ، الذي نص على وجوب إعلام المستهلك بالسلعة من قبل البائع و خاصة في البيوع عبر الخط .
2 :حق المستهلك في خيار الرجوع
يعتبر حق الرجوع آلية حمائية مهمة حيت تمنح المستهلك الذي ليس لديه الإمكانية الفعلية لمعاينة المنتوج ، والعلم بخصائصه قبل إبرام العقد حيت يتمتع بحق العدول أو الرجوع مادام أن ثمة مبررا معقولا وفي هذا الإطار منح تقنين الاستهلاك الفرنسي[31] والتوجيهات الأوربية[32] حق المستهلك دون إبداء مسوغات في العدول عن الخدمة وذلك خلال مدة لا تقل عن سبعة أيام. أما على مستوى النصوص الوطنية، فقد صار المشرع على نفس المنوال بحيث خول المستهلك الحق في الرجوع وذلك طبقا للمادة 36 من الباب الثاني المتعلق بالعقود المبرمة عن بعد من للقانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك اجل سبعة أيام كاملة لممارسة حقه في تراجع دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة باستثناء مصاريف الإرجاع إن اقتضى الحال ذلك.
و في حالة عدم تنفيذ المورد للعقد بسبب عدم توفر المنتج أو السلعة أو الخدمة المطلوبة يجب أن يبلغ ذلك إلى المستهلك وعند الاقتضاء أن ترد إليه المبالغ التي دفعها على الفور وعلى ابعد تقدير خلال 15 يوم الموالية لأداء المبالغ المذكورة و بعد انتهاء لأجل المذكور تترتب على المبالغ المذكورة فوائد بالسعر القانوني وذلك بمقتضى المادة 40من قانون حماية المستهلك .
الفقرة الثانية : تسوية النزاعات الناتجة عن التعاقد الإليكتروني.
- لاختصاص القانوني
إن أهم إشكالية يثيرها تنفيذ العقد الاليكتروني، هي إشكالية تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا الصنف من العقود التي يكون فيها طرفا أجنبيا، مما يؤدي إلى انتقال التنازع الداخلي إلى التنازع الدولي، وبالتالي تطبيق القانون الدولي الخاص من أجل حل الإشكاليات والنزاعات المترتبة على هذه العقود. استقرت قواعد تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص، على إخضاع العقود الدولية لقانون الإرادة، وهو ما ينطبق على العقود الاليكترونية، بحيث يمكن لطرفي العقد اختيار[33] القانون الذي يحكم النزاع عبر رسائل البريد الاليكتروني، أو على صفحات الويب، وهو ما يسمى بشرط الاختصاص التشريعي، أو عن طريق وضع هذا الشرط ضمن الشروط النموذجية المرفقة بالعقد.
فإذا اتفق أطراف المعاملة الاليكترونية على تطبيق قانون دولة ما أو تطبيق قواعد اتفاقية دولية ما وجب تطبيق القواعد الموضوعية في ذلك القانون.
أما في حالة عدم اتفاق أطراف المعاملة الاليكترونية على تطبيق قانون معين، فإن القانون الواجب التطبيق على الموضوع هو قانون الدولة الأكثر اتصالا بموضوع النزاع، وهي الدولة التي نفذ فيها الجانب الأكبر من المعاملات الاليكترونية، أو يطبق قانون محل إبرام العقد الاليكتروني.
- الاختصاص القضائي
يعرف الاختصاص القضائي بأنه سلطة الحكم بمقتضى القانون في خصومة معينة أي سلطة التي تملكها إحدى المحاكم للنظر في نزاع معروض عليها, و الواقع يكشف لنا قصور وفراغ تشريعي واضح في تنظيم البنية القانونية اللازمة لتسوية المنازعات التي تثار عن العقد الاليكتروني.[34]
إن غالبية الأنظمة القانونية تتطلب للاختصاص محاكمها بالنزاع المعروض، وجود علاقة أو صلة بين هذا العقد، وبين محاكم هذه الدولة، وهكذا يتم اللجوء في منازعات عقود التجارة الاليكترونية إلى المحاكم التقليدية استنادا إلى الضوابط العامة لتحديد الاختصاص القضائي.
تكون المحكمة المختصة بالنظر في النزاع الناشئ عن المعاملة الاليكترونية أمام المحكمة التي اتفق الأطراف على اللجوء إليها، فالأطراف يمكنهم الخروج عن القواعد المتعلقة بالاختصاص القضائي الدولي، وذلك بإسناد الاختصاص للمحكمة من اختيارهم [35] وهو ما يسمى بشرط المحكمة المختصة،
فإذا لم يحصل الاتفاق السابق ذكره، أو لم يتم احترام المعيار والشروط المتعلقة به، فإنه يتم اللجوء إلى الضوابط الآتية:
المحكمة محل إبرام أو تنفيذ العقد : عندما يتعذر تحديد المحكمة المختصة من طرف أطراف العقد الاليكتروني فإنه يتم اللجوء إلى هذا الضابط و يطبق هذا لاختصاص في اغلب الأحيان على لأطراف الأجنبية التي ليس لها موطن أو محل إقامة في البلد الذي تم فيه إبرام أو تنفيذ العقد محل النزاع أو الدعوى تتعلق بأمل موجود على إقليم تلك الدولة [36] .
اختصاص محكمة موطن أو محل المدعى عليه: لكون المدعي يسعى إلى المدعى عليه، لذلك يجب أن يرفع الدعوى أمام محكمته، وهذا المبدأ أخذت به العديد من الدول , وهو ما نلمسه في التشريع الفرنسي و على الخصوص في المادة 461. من قانون أصول المحاكمات الفرنسية الذي يمنح للمدعي في مجال العقود الدولية أن يقيم الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها تسليم الشيء المبيع أو أداء الخدمة أي انه يكون للمدعي الخيار بين محكمة موطن المدعي عليه أو محكمة محل تنفيذ العقد .
و تجدر لاشارة أن المشرع المغربي في المادة 202 من قانون حماية المستهلك، التي تم نشرها في الجريدة الرسمية، في عددها الأخير،نص على أن في حال نزاع بين المورد والمستهلك، ورغم وجود أي شرط مخالف، فإن الاختصاص القضائي النوعي ينعقد حصريا للمحكمة الابتدائية.
أي أن المحكمة المختصة مكانيا محكمة موطن أو محل إقامة المستهلك أو محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المتسبب في الضرر.
خاتمة :
تعتبر المستجدات التي جاء بها قانون 53–05 بخصوص التبادل الاليكتروني للمعطيات القانونية خطوة مهمة لتنظيم هدا النوع الحديث من العقود و سد الفراغ التشريعي فيها و تدعيم الاستثمار و خلق فرص الشعل نظرا لما تحتله هذه العقود من إقبال كبير في عصر العولمة و وملائمته مع متطلبات الأعمال الحديثة .
إلا أنه وبمعزل عن هذه الخطوات فإن قانون التبادل الإليكتروني للمعطيات القانونية كقانون متخصص، تعتبر مقتضياته غير كافية لمواكبة التطور التكنولوجي وما وصلت إليه تشريعات الدول المتقدمة، لذلك لا بد من تدخل تشريعي لوضع تنظيم قانوني مواكب يضمن الأمان والفعالية لوسائل الدفع الإليكتروني، ويضمن حماية المستهلك المتعامل اليكترونيا ويواكب التطور المتنامي في مجال التجارة الإليكترونية .
لائحة المراجع:
- عبد الحق الصافي، الوجيز في القانون المدني، الجزء الأول، المصادر الإرادية للإلزام، العقد و الإرادة المنفردة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 2016،
- ضياء علي أحمد النعمان، المسؤولية المدنية الناتجة عن الوفاء الالكتروني بالبطاقة البنكية، دراسة مقارنة، الجزء الثاني، المطبعة و الوراقة الوطنية، مراكش، ط: الأولى، 2010 .
- احمد شرف الدين :الجوانب القانونية للتجارة الالكترونية و آليات تسوية منازعاتها العقود و لاتفاقات في التجارة .لالكترونية و منازعاتها إعداد مجموعة من الخبراء منشورات المنظمة العربية للتنمية لإدارية القاهرة 2007 .
- صلاح المنزلاوي :القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة لالكترونية دار الجامعة الجديدة للنشر لإسكندرية الطبعة لأولى.
- مولاي حفيظ علوي قادري : إشكالات التعاقد في التجارة لالكترونية نشر و توزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب الطبعة لأولى سنة 2013 .
- عبد القادر العرعاري : النظرية العامة للعقود المسماة –عقد البيع الطبعة الثالثة مطبعة الكرامة الرباط.
- قدري عبد الفتاح الشهاوي: قانون التوقيع الالكتروني ولائحته التنفيذية والتجارة الالكترونية في التشريع المصري والعربي والأجنبي ، طبعة 2005 ، دار النهضة العربية ، مصر ،
- ممدوح إبراهيم :إبرام العقد الالكتروني – دراسة مقارنة دار الفكر الجامعي مصر, سنة 2008.
- إلياس ناصف : العقود الالكترونية في القانون المقارن منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى – 2009 م.
- شحاتة غريب، العقد الالكتروني .في التشريعات العربية ( دراسة مقارنة ) ، دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع الطبعة لأولى . سنة – 2007 .
- عبد الرحمان البازي :حماية المستهلك في العقد الالكتروني –دراسة مقارنة – بحت لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة محمد لأول كلية العلوم القانونية و لاقتصادية و لاجتماعية و جدة 2020-2021 .
- زيد عماد محسن الموسوي: الحماية الخاصة للمشتري في عقد البيع الالكتروني، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الثالث/ السنة السابعة 2015 .
- إلياس ناصف :العقود الالكترونية في القانون المقارن منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى – 2009 م.
- العربي جنان :أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق تحت عنوان لأنظمة المعلوماتية و لانترنيت بين التنظيم القانوني و أحكام المسؤولية النظرية و التأصيل لسنة الجامعية 2009/2010 .
- يونس عرب : البنوك لالكترونية الجزء الثاني مجلة البنوك المجلد 19 العدد 4 أيار 2009.
- عبد الفتاح بيومي :حجازي النظام القانوني للتوقيع الالكتروني دراسة تاصيلة مقارنة 2007 .
- يونس عرب :البنوك لالكترونية الجزء الثاني مجلة البنوك المجلد 19 العدد 4 أيار 2009.
- احمد شرف الدين :الجوانب القانونية للتجارة الالكترونية و آليات تسوية منازعاتها العقود و لاتفاقات في التجارة لالكترونية و منازعاتها إعداد مجموعة من الخبراء منشورات المنظمة العربية للتنمية لإدارية القاهرة 2007.
- قانون 05–53 المتعلق بالتبادل لالكتروني للمعطيات القانونية .
- القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
- ظهير 9 رمضان 1331 ( 12أغسطس 1913 ) بمثابة قانون لالتزامات و العقود .
- القانون المدني الكندي الصادر في 1998 و الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 19 يناير 199 .
[1] القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل لالكتروني للمعطيات القانونية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1 01 129 ,الصادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007) و المنشور في الجريدة الرسمية, عدد 5584, بتاريخ 25 ذو القعدة 1428 (6 ديسمبر 2007 ) .
[2] عبد الحق الصافي: الوجيز في القانون المدني، الجزء الأول، المصادر الإرادية للإلزام، العقد و الإرادة المنفردة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2016، الصفحة : 46.
[3] إلياس ناصف: العقود الالكترونية في القانون المقارن منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة الأولى , 2009 م. صفحة : 127 .
[4] المادة2 الفقرة لأخيرة من قانون 53-05 .
[5] العربي جنان :أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق تحت عنوان لأنظمة المعلوماتية و لانترنيت بين التنظيم القانوني و أحكام المسؤولية النظرية و التأصيل , لسنة الجامعية 2009/2010, ,الصفحة : 309 .
[6] العربي جنان: مرجع سابق, الصفحة : 309.
[7] شحاتة غريب : العقد الالكتروني في التشريعات العربية ( دراسة مقارنة ) ، دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع , الطبعة لأولى ,سنة 2007, الصفحة 6 .
[8] شحاتة غريب :مرجع.سابق، الصفحة : 3 .
[9] انظرا لفصل 65.5 من القانون رقم 53.0 .
[10] العربي عبد الرزاق السنهوري :”الوسيط في شرح القانون المدني “اتبات أثار لالتزام الجزء الثاني،دار إحياء التراث ,الصفحة : 13 .
[11] الياس ناصيف: العقود الدولية، العقد الإلكتروني في القانون المقارن، مطبعة منشورات الحلبي الحقوقية، طبعة أولى لسنة 2009 ,الصفحة: 190 .
[12] الفصل 417 من قانون الالتزامات و العقود المغربي.
[13] نور الدين الناصري: المعاملات والإثبات في مجال الاتصالات الحديثة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة مطبعة النجاح، الطبعة الأولى 2007, الصفحة : 9 و 10.
[14] – القانون المدني الكندي ,الصادر في 1998, و الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 19 يناير 199 .
[15] عبد الفتاح بيومي حجازي : النظام القانوني للتوقيع الالكتروني ,دراسة تأصيلة مقارنة, 2007 ,الصفحة : 400 .
[16] يونس عرب :البنوك لالكترونية, الجزء الثاني, مجلة البنوك المجلد 19 العدد 4 أيار 2009, الصفحة : 6.
[17]. للمزيد من الاطلاع، يراجع إدريس النوازلي : مرجع سابق, الصفحة : 66 إلى 68 .
[18] عبد القادر العرعاري :النظرية العامة للعقود المسماة –عقد البيع ,الطبعة الثالثة ,مطبعة الكرامة الرباط لسنة ,2011الصفحة : 65.
[19] زيد عماد محسن الموسوي: الحماية الخاصة للمشتري في عقد البيع الالكتروني، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الثالث/ السنة السابعة 2015 ، الصفحة: 80 .
[20] قدري عبد الفتاح الشهاوي: قانون التوقيع الالكتروني ولائحته التنفيذية والتجارة الالكترونية في التشريع المصري والعربي والأجنبي ، طبعة 2005 ، دار النهضة العربية ، مصر ، الصفحة: 126.
[21] ظهير 9 رمضان 1331 ( 12أغسطس 1913 ) بمثابة قانون لالتزامات والعقود.
[22] مبدأ سلطان لإرادة في العقود لالكترونية , مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون تخصص قانون التعاون الدولي ,لطالبة حنان العتيق, تحت أشراف معاشة عمار, الصفحة : 1.
[23] خالد ممدوح إبراهيم :إبرام العقد لالكتروني – دراسة مقارنة دار الفكر الجامعي مصر, سنة, 2008الصفحة : 268 .
[24] للمزيد من التفصيل راجع، مأمون الكزبري، الجزء الأول، مرجع سبق،صفحة : 72 وما بعدها.
[25] عبد الحق الصافي :الوجيز في القانون المدني، الجزء الأول، المصادر الإرادية للالتزام، العقد و الإرادة المنفردة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار
البيضاء2016، الصفحة : 4 .
[26] انظر الفصل 47 من ق.ل.ع.
[27] القانون رقم 31. 08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 03.11.1 بتاريخ 14 ربيع الأول 1432 الموافق ل 18 فبراير 2011 ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5932 الصادرة بتاريخ . جمادى الأولى 1432 الموافق ل 7 أبريل 2011.
[28] مولاي حفيظ علوي قادري :إشكالات التعاقد في التجارة لالكترونية, نشر و توزيع الشركة المغربية لتوزيع الكتاب, الطبعة لأولى سنة 2013, ص 135 إلى 136.
[29] انظر المادة 3 من القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.
[30]عبد الرحمان البازي :حماية المستهلك في العقد الالكتروني –دراسة مقارنة – بحت لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ,جامعة محمد لأول كلية العلوم القانونية و لاقتصادية و لاجتماعية و جدة 2020 لسنة-2021 ,صفحة : 37 .
[31] راجع المادة 121 20 من المرسوم رقم 741 ، لسنة 2001 لتطبيق قانون الاستهلاك الفرنسي.
[32] راجع المادة 14 من التوجيهة الأوربية رقم 7 لسنة 1999.
[33] صلاح المنزلاوي :القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة لالكترونية ,دار الجامعة الجديدة للنشر لإسكندرية ,الطبعة لأولى, صفحة : 273.
[34] ضياء علي أحمد نعمان :المسؤولية المدنية الناتجة عن الوفاء الالكتروني بالبطاقة البنكية، دراسة مقارنة، الجزء الثاني، المطبعة و الوراقة
الوطنية، مراكش، ط: الأولى، 2010 ، الصفحة: 37.
[35] احمد عبدالكريم سلامة :القانون الدولي الخاص لالكتروني البيئي و السياحي ,صفحة : 73 .
[36] احمد شرف الدين :الجوانب القانونية للتجارة الالكترونية و آليات تسوية منازعاتها العقود و لاتفاقات في التجارة لالكترونية و منازعاتها, إعداد مجموعة من الخبراء منشورات المنظمة العربية للتنمية لإدارية القاهرة , سنة 2007, صفحة :170- 169.