التعرض الاستثنائي بين الغاية التشريعية وحتمية الواقع العملي: مقاربة في ضوء النص القانوني والاجتهاد القضائي – الباحث: محمد بن داود
التعرض الاستثنائي بين الغاية التشريعية وحتمية الواقع العملي: مقاربة في ضوء النص القانوني والاجتهاد القضائي
The exceptional exposure between the legislative purpose and the inevitability of practical reality: an approach in light of the legal text and judicial jurisprudence
الباحث: محمد بن داود
طالب باحث بسلك الماستر المتخصص في العقار والتعمير بالكلية متعددة التخصصات بالناظور
ملخص
إن المشرع المغربي جعل آلية التعرض الاستثنائي وسيلة قانونية من خلالها يمكن لكل شخص تعذر عليه تقديم تعرضه داخل الأجل القانوني ثم تبين له أن حقه مهدد بمسطرة التحفيظ أن يتدخل فيها من أجل الدفاع عن حقه وتبرير ادعاءاته بالإدلاء بما يفيد وما يعزز طلبه، وذلك للحيلولة دون صدور قرار المحافظ على الأملاك العقارية بتأسيس رسم عقاري نهائي يطهر العقار ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة.
Abstract
The Moroccan legislator made the mechanism of exceptional exposure a legal means through which every person who was unable to submit his appeal within the legal deadline and then found out that his right is threatened by the preservation procedure can intervene in it in order to defend his right and justify his claims by providing what is useful and what supports his request, in order to prevent the issuance of his claim. The decision of the conservator of real estate properties to establish a final real estate drawing that purifies the property and is considered the only starting point for the real rights resulting from the property at the time of its preservation, without any other unrestricted rights.
مــــقــــدمة
يعتبر التعرض مظهرا من أهم مظاهر الحماية والائتمان التي منحها المشرع للمتضرر من مسطرة التحفيظ، وذلك لضمان دستورية حق الملكية، كما يعد امتيازا من الامتيازات التي خولها ظهير التحفيظ العقاري[1] لأصحاب الحقوق العينية العقارية الواردة على العقار في طور التحفيظ والتي أنكرها طالب التحفيظ ولم يصرح بها في مطلبه.
وبالتالي فالتعرض يعتبر أشد سلاح يواجه به طالب التحفيظ، حيث نجده يتتبع باهتمام مسطرة التحفيظ منتظرا انتهاءها بكامل الحذر والتبصر، باحثا ومستفسرا عن جديد يتعلق بمطلبه.
وإذا كان التعرض يشكل عبئا على عاتق المحافظات العقارية والمحاكم الابتدائية، فإنه لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه يعتبر من إحدى دعائم نظام الشهر العيني وإحدى الوسائل اللازمة للوقوف في وجه التحايل والترامي الذي يمارس في حق الملكية العقارية من طرف بعض سيئي النية.
ويظهر بجلاء أن المشرع لم يفتح المجال للتعرض اعتباطا بل من أجل إظهار الحق وإقراره قبل أن يتخذ العقار وضعه القانوني الجديد[2].
والأصل هو ممارسة التعرض داخل الأجل القانوني المحدد في الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري، إلا أن المشرع وضع استثناء إمكانية التقدم بطلب التعرض خارج الأجل العادي بعد توافر الشروط المقررة في الفصل 29 من نفس الظهير، وهذا الأخير هو محل الدراسة في هذا المقال.
ونظرا للأهمية التي يحظى بها التعرض الاستثنائي على المستويين التشريعي والقضائي، وكذا الإشكالات المترتبة عنه، ارتأيت أن أتناوله من خلال مقاربته من الناحية التشريعية للوقوف عن الغاية الفلسفية والإرادة التشريعية من وضعه، ثم من الناحية القضائية على اعتبار أن القضاء هو من يقيم جودة النص القانوني ويخرجه من جموده عبر تطبيقه على مستوى الواقع العملي ومن تم اكتشاف مدى جودته ومدى مواكبته للإشكالات المطروحة على واقع الممارسة.
ومن خلال ما سبق دكره آنفا سأعمل على دراسة هذا الموضوع من خلال تحليل الإشكالية المحورية التالية:
– التعرض الاستثنائي بين الغاية التشريعية وواقع الممارسة أية فعالية؟
وسنجيب عن هذه الإشكالية من خلال إيجاد أجوبة عن الأسئلة الفرعية التالية:
– ما مفهوم التعرض الاستثنائي في نظر الفقه والقضاء؟
– ما هي غاية المشرع من تنظيم التعرض الاستثنائي؟
– ماهي شروط قبول التعرض الاستثنائي؟
– كيف يراقب القضاء السلطة التقديرية للمحافظ عند اعمال مقتضيات الفصل 29؟
– ماهي التوجهات الحديثة لمحكمة النقض بشأن التعرض الاستثنائي؟
– هل يعتبر التعرض الاستثنائي مزية أم عرقلة لمسطرة التحفيظ؟
– ماهي الآثار المترتبة عن التعرض الاستثنائي؟
المبحث الأول: ماهية التعرض الاستثنائي
يعتبر التعرض ضمانة وآلية قانونية منحها المشرع لكل من تضرر من تقديم مطلب التحفيظ، ونحن نتناول هذا الموضوع لا بد لنا من الوقوف على بيان وإيضاح المفهوم الفقهي والقضائي للتعرض الخارج عن الأجل (المطلب الأول)، ثم بيان حدود صلاحية المحافظ العقاري بين تطبيق النص القانوني وإعمال سلطته التقديرية وذلك في (المطلب الثاني).
المطلب الأول: المفهوم الفقهي والقضائي للتعرض خارج الأجل القانوني
قسمت هذا المطلب لشقين بحيث تناولت في (الفقرة الأولى) المفهوم الفقهي للتعرض، ثم خصصت (الفقرة الثانية) للمفهوم القضائي للتعرض.
الفقرة الأولى: المفهوم الفقهي للتعرض
يعتبر التعرض ميزة من مميزات نظام التحفيظ العقاري، ووسيلة من وسائل تطبيق مبدأ التطهير المسبق للحقوق المزمع تحفيظها أو تسجيلها[3].
و التعرض هو وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ وذلك خلال الآجال القانونية المقررة، ويهدف التعرض بهذا المعنى إلى توقيف إجراءات التحفيظ من طرف المحافظ وعدم الاستمرار فيها يرفع التعرض ويوضع حد للنزاع عن طريق المحكمة أو ابرام صلح بين الأطراف[4].
ويمكن تعريفه على أنه ” ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في الحدود، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا العقد وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلبه”[5].
كما يمكن تعرف التعرض بأنه ” وسيلة قانونية خولها المشرع لكل من يرى أن حقه مهدد بمسطرة التحفيظ من أجل التدخل فيها وإظهار هذا الحق والدفاع عنه، للحيلولة دون تأسيس رسم عقاري يطهر العقار ويمنع من أي مطالبة لاحقة”[6].
وبمعنى آخر يقصد بالتعرض منازعة مطلب التحفيظ من طرف الغير سواء فيما يتعلق بوجود أو مدى حق ملكية طالب التحفيظ أو حدود العقار المعني بالأمر أو فيما يتعلق بممارسة حق عيني يمكن تضمينه بالرسم العقاري المزمع تأسيسه[7]، أو في مواجهة المتدخل في مسطرة التحفيظ العقاري طبقا للفصل 84[8].
ويمكنني القول في هذا الصدد أن التعرض الاستثنائي من ظاهر لفظه هو صورة معكوسة للمعنى الحقيقي للعبارة التي اختارها المشرع أي أنه يقدم خارج الأجل القانوني، وبذلك فهو تعرض تطبعه بعض الخصوصية التي ينفرد بها عن التعرض العادي، والتي تتجسد في كونه استثناء يطبق وفق شروط علاوة على أنه نسبي القبول، لأن قرار قبوله يعود لقناعة المحافظ العقاري وبناء سلطته التقديرية على حساب المبررات الموضوعية الاستثنائية المدلى بها أوالمدرجة بالطلب، وقرار رفضه نهائي غير قابل للطعن.
إذن يتضح بجلاء من خلال التعاريف الفقهية المومأ إليها أعلاه أن غاية المشرع من إعمال وتفعيل آلية التعرض تنصرف إلى ضمان الحماية المطلقة إن صح التعبير لصاحب كل ذي حق عيني عقاري بموجب الإدعاء ضد طالب التحفيظ، ومنازعته سواء في مدى حق الملكية أو في حدود العقار، أو في استحقاقه لحق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري المزمع تأسيسه، أو في حق وقع الإعلان عنه طبقا لمسطرة الإيداع.
وتفعيل هذه الآلية يقتضي توافر مجموعة من الشكليات والتقيد باحترام عدة إجراءات تحت جزاء عدم القبول أو الرفض وهو ما سأوضحه بالفقرة الأولى من المطلب الثاني.
الفقرة الثانية: المفهوم القضائي للتعرض
عرفت محكمة النقض التعرض في قرار لها عدد 377 بأنه: ” آلية قانونية تروم المنازعة في حق الملكية لطالب التحفيظ خولها المشرع لكل من يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه، وبذلك فهي دعوى استحقاقية لوحدة الأثر القانوني”.[9]
وورد في قرارعدد 1473 عن المجلس الأعلى سابقا ما يلي:” التعرض هو دعوى يحدد موضوعها أمام المحافظ على الأملاك العقارية …”[10]
وفي قرار آخر صادر عن المجلس الأعلى سابقا عدد 261 تضمن ما يلي: ” إن التعرض يعتبر دعوى استحقاقية…”[11]
المطلب الثاني: حدود صلاحية المحافظ العقاري بين تطبيق النص القانوني وإعمال السلطة التقديرية
ارتأيت أن أعالج هذا العنوان من خلال بيان موجبات التعرض الاستثنائي في ضوء القانون والاجتهاد القضائي وذلك في (الفقرة الأولى)، ثم التطرق في (الفقرة الثانية) إلى صلاحية المحافظ العقاري في تفعيل مقتضيات الفصل 29 بين إعمال السلطة التقديرية والرقابة القضائية.
الفقرة الأولى: موجبات التعرض الاستثنائي في ضوء القانون والاجتهاد القضائي
سأحاول تحليل الفصل 29 من خلال استنتاج واستنباط الشروط التي أوردها المشرع وجعل قبول طلب التعرض الاستثنائي يتوقف على تحققها، وهي كما يلي:
أولا: الشروط التي يتعين توافرها في المتعرض خارج الأجل
وما دام التعرض يشكل دعوى تقام في وجه طالب التحفيظ فينبغي أن تكون للمتعرض مصلحة[12]، حيث لا تعرض بدون مصلحة وتتمثل هذه المصلحة في الادعاء بحق على عقار.
وإذا مورس التعرض من قبل الأشخاص الذين ليست لهم مصلحة فيه وهو ما يسمى بالتعرض الكيدي أو التعسفي[13]، فإن المشرع قد فرض غرامات على الأشخاص الذين يمارسون هذا النوع من التعرض إذا ثبت للمحكمة أن المتعرض لم يقصد بتعرضه هذا سوى الكيد أو الانتقام من طالب التحفيظ ولو بتجميد مسطرة التحفيظ لفترة من الزمن.[14]
وعليه فحق التعرض يمكن ممارسته من لدن صاحب حق عيني على عقار لأن مكنة التعرض لا يمكن ممارستها من قبل أصحاب الحقوق الشخصية، وهذا دليل على أن التعرض لا يقبل إلا من قبل أصحاب الحقوق العينية المحددين في ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم[15] تم طلب تحفيظه وذلك في الحالات التي حددها الفصل 24 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم وهي كما يلي:
1- حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار
2 – حالة الادعاء باستحقاق حق عيني قابل للتقييد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه
3 – حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون
ويمكنني إضافة حالة رابعة إلى الحلات الثلاثة المشار إليهم أعلاه وهي:
– الحالة التي يتعلق الأمر فيها بعقار مشاع ، و ينازع أحد الشركاء باقي شركاءه في نصيبه أو ينازع الشريك الأجنبي في شرائه عن طريق ممارسة حق الشفعة، وهذه الحالة تستنتج من البند الثاني من الفصل العاشر من نفس القانون[16].
يجب على المتعرض أن يدلى بما يثبت هويته من مستندات ووثائق سواء مارس التعرض بصفته الشخصية ولصالحه، أو مارسه بصفته وصيا أو نائبا قانونيا أو وكيلا[17].
ثانيا: الشروط التي يتعين توافرها في طلب التعرض خارج الأجل القانوني
ينص الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم عما يلي: “بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.
يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه. كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي”. وعليه وبناء على ما تضمنه الفصل 29 من مقتضيات وأحكام بشأن التعرض الاستثنائي، يمكنني استخلاص الشروط الواجب توافرها في طلب التعرض الاستثنائي كما يلي:
الشرط الأول: ضرورة انصرام الأجل القانوني للتعرض العادي
فلكي يمارس التعرض الاستثنائي لابد من وجوب انتهاء الأجل المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الفصل 24 [18]، وهو أجل شهرين يحتسب من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد بالجريدة الرسمية.
وما يلاحظ هو أن المشرع كمبدأ جعل أجل التعرض أجلا مسقطا للحق في ممارسة التعرض العادي، غير أن غايته وفلسفته التشريعية تصبو إلى بيان أهمية مكنة ممارسة حق التعرض في استقرار الأمن العقاري، ووعيا منه بمدى أهمية هذا الحق في الحفاظ على نظام الملكية ومراعاة منه لقواعد الانصاف والعدالة مكن صاحب كل ذي حق عيني عقاري تعرض للضرر أن يتقدم وبشكل استثنائي ولو بعد فوات الأجل المعتبر قانونا أن يتقدم بطلب التعرض على طلب التحفيظ لحماية ما يدعيه.
وهذا ما أكده المشرع في الفصل 27 من ذات القانون والذي جاء فيه ” لا يقبل أي تعرض باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29 بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان المذكور في الفصل 23 من هذا القانون بالجريدة الرسمية”.
الشرط الثاني: إلزامية تقديم طلب التعرض الاستثنائي قبل توجيه الملف إلى المحكمة الابتدائية
الظاهر من قراءة الفصل 29 أن المشرع جعل قبول التعرض الاستثنائي يتوقف على تحقق شرط واقف ألا وهو أن يكون الملف ما زال أمام المحافظ العقاري أي لم يعرضه بعد على أنظار القضاء ليقول كلمته ويصدر حكمه بشأن النزاع أو النزاعات المثارة.
وفي هذا الصدد يقول أحد الأساتذة الباحثين[19] أن هذا الشرط يحيلنا على فرضيتين إثنتين وهما كما يلي:
– الفرضية الأولى: تتجلى في عدم وجود أي تعرض سابق، ففي هذه الحالة يمكن للمحافظ قبول التعرض الاستثنائي في أي وقت ما دام لم يؤسس للمطلب رسما عقاريا أو يتخذ قرارا بإلغائه.
– الفرضية الثانية: تتجلى في وجود تعرض أو تعرضات ضد مطلب التحفيظ، وفي هذه الحالة يمكن للمحافظ قبول التعرضات الاستثنائية ما دام الملف بين يديه، ومتى وجهه إلى المحكمة الابتدائية للبت في التعرضات امتنع عليه مطلقا قبول أي تعرض.
غير أن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو حالة رفع المحافظ الملف إلى المحكمة الابتدائية ونظرت في التعرض المقدم ضد الملف، وأصدرت حكمها بشأنه ثم أحالت الملف من جديد على المحافظ العقاري، فهل يمكن في هذه الحالة طالما أنه لم يصدر قراره بتأسيس الرسم العقاري أن يتم تقديم طلب تعرض جديد على نفس العقار محل طلب التحفيظ؟
في هذا الصدد يرى أحد الفقه[20] بأن رجوع الملف من المحكمة بعد البت في التعرضات المقدمة سابقا ضد مسطرة تحفيظ عقار معين يمنع على المحافظ قبول أي تعرض جديد على نفس المطلب، وذلك تجنبا لعرقلة مسطرة التحفيظ وتطويل أمدها ، بعد صدور أحكام قضائية نهائية، إضافة إلى أن الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري وردت فيه العبارة التالية : “شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية” وبطريقة الاستخلاص العكسي، فإن صلاحية المحافظ على الأملاك العقارية في قبول التعرضات خارج الأجل القانوني تنحصر فقط في الفترة ما بين إيداع مطلب التحفيظ إلى غاية إحالة الملف على المحكمة، أما بعد ذلك فلا يمكن قبول أي تعرض كيفما كان إطلاقا.
وقد جاء في إحدى حيثيات حكم صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة ما يلي: ” وحيث أن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه ومقتضيات الفصل 29 المذكور جاءت صريحة أن للمحافظ استثناء قبول التعرض ما دام الملف لم يوجه إلى المحكمة، وبعد توجيهه يفقد هذه الصلاحية وبالأحرى صدور حكم قضائي نهائي”.[21]
ونحن بدورنا نتفق وهذا التوجه الذي تبنته إدارية وجدة على اعتبار أن قبول التعرض الاستثنائي من جديد بعد صدور حكم نهائي يجانب الصواب لما له من أثار على العقار موضوع طلب التحفيظ علاوة على طول المسطرة، وبالتالي تعقيدها وجعلها دائرية أي سيرفع الملف إلى المحكمة الابتدائية، وتصدر حكمها ويظهر متعرض على نفس العقار المراد تحفيظه جديد ثم يحال الملف من جديد على المحكمة الابتدائية، وهذا غير سائغ لأنه سيتعارض ويتنافى والإمتيازات التي منحها ظهير التحفيظ العقاري لطالب التحفيظ.
الشرط الثالث: إلزامية أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو إثبات الحصول على المساعدة القضائية
إن ما أثار انتباهي بخصوص هذا الشرط هو أن المشرع منح المتعرض أجل شهر الموالي لانتهاء أجل التعرض لأداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة[22] تحت جزاء الإلغاء مالم يثبت حصوله على المساعدة القضائية[23]، فالمشرع هنا استعمل لفظ الوجوب ولم يتساهل مع المتعرض داخل الأجل القانوني مرتبا جزاء إلغاء طلب التعرض عن عدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، وهذا هو الظاهر من استقراء الفقرة الثالثة من الفصل 25 والفقرة الأولى من الفصل 32، أي يبدو أن المشرع كان صارما في مسألة ترتيب جزاء الإلغاء على طلب التعرض لتخلف المتعرض عن دفع الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، ولكن بالنظر من زاوية الإمهال التشريعي الذي منحه الفصل 25 للمتعرض وهو أجل شهر يتضح بجلاء أن غاية المشرع تصبو بالأساس إلى التأسيس لمبدأ العدالة والإنصاف حيث أن المشرع ولو أنه رتب جزاء الإلغاء، إلا أنه منح أجلا قانونيا للمتعرض ولم يلزمه بأن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة في الحال.
وهذا مالم يتم تكريسه على مستوى الفصل 29 من ذات القانون بحيث اكتفى المشرع بالقول: ” كما يتعين عليه (المتعرض) أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية”.
السؤال المطروح، لماذا لم يحدد المشرع أجلا للمتعرض لأداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة في إطار الفصل 29 على غرار الفصل 25، ولماذا لم يرتب أي جزاء كما فعل مع المتعرض في إطار الفصل 32 عن عدم أداء هذه المستحقات؟
فأعتقد من وجهة نظري أن الأمر يرجع لإعتبارين أساسين هما:
– الإعتبار الأول: المشرع لم يحدد أجلا لأداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة عن التعرض الاستثنائي أسوة بالنهج الذي سلكه في الفصل 25، لأن هذا النوع من التعرض هو في الأصل خارج الأجل المعتبر قانونا، لذلك يتعين على المتعرض خارج الأجل القانوني أداء هذه المستحقات حالا، والتي تستخلصها المحافظ العقارية لفائدة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية.
– الإعتبار الثاني: يتجسد في نسبية قبول التعرض خارج الأجل القانوني من لدن المحافظ على الأملاك العقارية، لأن المشرع خول للمحافظ السلطة الواسعة في قبول التعرض الاستثنائي من عدمه، لذلك لم يحدد الجزاء، على اعتبار أن هذا الأخير يتجسد في قرار المحافظ بالرفض والذي لا يقبل أي طريق من طرق الطعن.
وتجدر الإشارة إلى أنه يعفى المتعرض من أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة متى كان معسرا ومعوزا غير قادر على أداء هاته المستحقات، وأثبت حصوله على المساعدة القضائية، وغاية المشرع من إقرار هذه المكنة تنصرف إلى ضمان حقوق المتعرضين المعوزين.
وبقي أن نشير إلى أن غاية المشرع من فرض أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة كشرط لقبول التعرض خارج الأجل القانونية هي التأكد من مدى جدية المتعرض على طلب التحفيظ.
الشرط الرابع: إلزامية إثبات السبب الموضوعي الذي حال دون ممارسة حق التعرض داخل الأجل القانون
يجب على المتعرض الإدلاء للمحافظ على الأملاك العقارية بالوثائق التي تفيد وتبرر الأسباب التي حالت بينه وبين ممارسة تعرضه في الأجل المقررة قانونا، وهوا ما كرسته إدارية الرباط في حيثيات حكم لها والذي قضى بما يلي: ” حيث إن إعمال هذا الاستثناء يبقى رهينا بتوافر ظروف استثنائية حالت دون ممارسة المتعرض لتعرضه خلال الأجل القانوني، والتي يتعين عليه بيانها وإثباتها، والحال أن الطاعن في النازلة المماثلة لم يدل بأي بيان دال على قيام ظروف من هذا القبيل وأن زعمه بعدم علمه بمسطرة التحفيظ لا يشكل مبررا لقبول التعرض خارج الأجل”.[24]
والمتعرض خارج الأجل يكون ملزما بإثبات الأسباب التي أدت إلى عدم تقديم تعرضه في الوقت القانوني، ثم ملزم أيضا بإثبات ما يفيد صحة تعرضه، وهذا ما سأوضحه كتالي:
1 – ضرورة إثبات المتعرض السبب الذي منعه من القيام بممارسة تعرضه خلال الأجل القانوني
تطبيقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم، لا يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية قبول أي تعرض استثنائي مالم يثبت المتعرض الأسباب الموضوعية التي حالت بينه وبين تقديم تعرضه داخل الأجل القانوني، وذلك من خلال الإدلاء بمستندات أو وثائق تأكد صحة المبرر الذي يدعيه، ويمكننا ضرب أمثلة لهاته الوثائق التي من الممكن أن تسعف المتعرض في قبول تعرضه الاستثنائي، ومن بينها مايلي:
– الإدلاء بجواز وتذكرة السفر التي تؤكد فعلا أنه كان خارج أرض الوطن.
– الإدلاء بوثائق الإقامة بأحد الدول التي تثبت فعلا أنه يعيش بدولة غير دولته.
– الإدلاء بشواهد طبية تؤكد أنه كان خاضعا لعملية جراحية، أو أنه كان فاقدا الوعي جراء حادثة سير، أو أنه كان يعاني من وعكة صحية أقعدته الفراش، أو أنه كان يتابع حصص الترويض الطبي إلخ…
– الإدلاء بشريط فيديو يوثق أنه منعزل عن العالم الخارجي بفعل قوة قاهرة أو حادث فجائي حال بينه وبين ممارسته حق التعرض خلال الأجل القانوني
– الإدلاء بما يفيد بأنه لم يتمكن من ممارسة التعرض خلال الأجل القانوني كخضوعه لتدبير من التدابير الشخصية المنصوص عليها في مجموعة القانون الجنائي كالإقامة الإجبارية أوالإقامة بمؤسسة فلاحية، أو المنع من الإقامة بمكان العقار المراد التعرض عليه.
– الإدلاء بما يفيد أنه كان داخل مؤسسة سجنية.
– الإداء بما يفيد أن نص تنظيمي أو قرار إداري هو الذي كان السبب وراء عدم ممارسته التعرض داخل الأجل القانوني، وأستحضر في هذا الصدد ما شهدته بلادنا إبان فترة الحجر الصحي وإعلان حالة الطوارئ ومنع التنقل وحضر التجول…، ومن بين النقط التي تجدر الإشارة إليها والتي تبدو أنها ذات ارتباط وثيق بما نحن بصدد معالجته مذكرة السيد المحافظ العام عدد 06/2020 بشأن وقف الآجال التشريعية والتنظيمية بسبب حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها[25].
2 – ضرورة إدلاء المتعرض بالوثائق التي تثبت أحقيته في ممارسة التعرض الاستثنائي
إن المتعرض ملزم بالإدلاء بكافة الوثائق والحجج الدامغة التي تعزز إدعائه، لأن المتعرض يجد نفسه في مركز المدعي مما يجعله يتحمل عبء الإثبات، لأن البينة على المدعي طبقا لأحكام الفصل 399 من قانون الالتزامات والعقود[26]، وبالتالي يتعين عليه أن يثبت إدعاءه حتى يحكم له القضاء بصحة ما يدعيه في دعواه.
وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض في قرار لها عدد 4499[27] بما يلي: ” طبقا للفصلين 37 و 45 من قانون التحفيظ العقاري فإن المتعرض يعتبر مدعيا ويقع عليه عبء إثبات الحق المدعى به من قبله، والقاعدة تقتضي مناقشة حجة كل متعرض على حدة تجاه طالب التحفيظ فقط ولا يرجح بين حجج بعض المتعرضين على نفس المطلب تجاه البعض الأخر”.
وفي قرارآخر لمحكمة النقض عدد 501 [28] قضت ما يلي: ” حيث إنه بمقتضى الفصل 29 من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه فإنه: ” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية. يتعين على يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية بالوثائق منعته من المتعرض أن المبينة للأسباب التي تقديم تعرضه داخل الأجل …”، مما مؤداه أن قبول المحافظ للتعرض بعد انصرام الأجل القانوني لتقديم التعرضات يبقى رهينا بإدلاء المتعرض بالبيانات المثبتة للأسباب التي حالت دون تقديمه للتعرض خلال ذلك الأجل حتى يتأتي له الاستفادة من الأجل الاستثنائي ما دامت عملية التحفيظ أحاطها المشرع بعدد من الضوابط والضمانات القانونية يلزم احترامها، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه. لما عللت قرارها بأنه في نازلة الحال وفي غياب تبرير المستأنف عدم إمكانية تقديمه طلب التعرض داخل الأجل القانوني وكونه يتوفر على وثائق وحجج تبرر تعرضه واستخلصت – عن صواب – عدم مشروعية قرار المحافظ الذي استجاب لطلب قبول التعرض الاستثنائي، ورتبت عن ذلك تأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه، يكون قرارها غير خارق للمقتضى المحتج بخرقه ومبنيا على أساس من القانون ومعللا تعليلا كافيا وسائغا، وما أثير على غير أساس”.
ومن بين هاته الوثائق الممكن للمتعرض الاستناد عليها لقبول تعرضه الاستثنائي نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
أ- رسوم الشراء العرفية، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض في قرار لها عدد 79 بما يلي: ” لكن ردا على السبب، فإن الطاعن باعتباره متعرضا هو الملزم بإثبات وجه تعرضه، وأن الشراء العرفي الذي عزز به التعرض تأكد للمحكمة من خلال الخبرة التي أمرت بها عدم انطباقه على عقار النزاع مساحة وحدودا، وأن إجراء بحث إضافي يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة ولا تقوم إلا إذا كان لازما للفصل في النزاع، وأن الطاعن لم يدل أمام المحكمة ما يستدعي إجراء بحث في النازلة، ولذلك فإن القرار حين علل بأن عقد البيع العرفي قد ثبت عدم انطباقه على أرض المطلب، وأن ادعاء المستأنف استحقاقه العقار يظل مجردا عن الإثبات الشرعي، وبالتالي وجب تأييد الحكم المستأنف، فإنه نتيجة لما ذكر يكون القرار معللا والسبب على غير أساس”[29].
ب – عقود المخارجة، وفي هذا الصدد ورد في قرار لمحكمة النقض عدد73[30] ما يلي: ” حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أنه اقتصر في تعليل قضائه على أن: “الحوز المدعى فيه بيد المتعرضين، إلا أن ذلك لا يكفيهم أمام إثبات طلاب التحفيظ ملكية المدعى فيه عن طريق الشراء من ورثة المالكين الأصليين له ورثة (ب.م)، الذين أنجر إليهم بالإرث من مورثهم الأخير الذي آل إليه بالمخارجة مع شركاته، وفق الوثيقة العدلية المحررة في 24 جمادى الثانية من القائد (ع.س)، الذي اشترى ذلك وفق الوثيقة العدلية المؤرخة في 15 صفر 1335 عدد (…) صحيفة (…) كناش رقم (…) من الدولة المغربية وفق الوثائق المرفقة بالملف، وأن حوز وملك طالبي التحفيظ للمدعى فيه وكذا أسلافهم ممتد من سنة 1915 إلى غاية 2013 حسب الوثائق المذكورة. فانطلاق الملك من الدولة المغربية إلى خلفها الخاص لم يعترضه المتعرضون بسبب ناقل للملك بعوض أو غير عوض. وأن المؤكد والمصدق لتصرف طلاب التحفيظ ومدخلهم للمدعى فيه هو سبق استخراج جزء من القطعة التي كانت على ملك (ب.م) بالبيع من ورثته للغير الذي استخرج الملك موضوع الرسم العقاري المجاور من جهة الشمال عدد (…) الذي أسس في اسم أصحابه يوم 24/05/1996، وأن الحيازة لا تنفع مع العلم بالمدخل، فالمستأنفون لم يبرزوا وجه مدخلهم للمدعى فيه بسبب شرعي وأن الحوز لا ينفع إلا إذا كان على وجه شرعي لا على وجه الغصب”. في حين أن الطاعنين تمسكوا بكونهم هم الحائزون والمتصرفون في العقار المدعى فيه وتمسكوا أمام محكمة الاستئناف بعدم تطابق العناوين الواردة بوثائق طالبي التحفيظ مع عنوان العقار الجارية بشأنه مسطرة التحفيظ، وبأن عقد المخارجة وأصل التملك لم يتضمنا عنوان المدعى فيه، إلا أن المحكمة لم تجب على الدفع لا إيجابا ولا سلبا ولم تتأكد من جديته عبر اتخاذ التدابير التكميلية للتحقيق المنصوص عليها في الفصل 43 من قانون التحفيظ العقاري لتطبيق حجج الطرفين على محل النزاع، وهو ما لم تسلكه رغم ما له من تأثير على الفصل في النزاع، فجاء قرارها بذلك غير مرتكز على أساس قانوني وعرضه بالتالي للنقض والإبطال”.
د – رسوم الحيازة، جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 1098[31] ما يلي: ” مادام المتعرض قد تمسك أنه يحوز المدعى فيه ويتصرف فيه بالبناء والسكن منذ شرائه له، فإن ذلك يقتضي من المحكمة الأمر بإجراءات التحقيق التكميلية للتأكد من هو الحائز الفعلي للملك لأن من شأن ذلك أن يغير المراكز القانونية للأطراف من حيث عبء الإثبات”.
وورد في قرار آخر عن محكمة النقض عدد [32]55 ما يلي: ” حيازة المتعرض للعقار موضوع التحفيظ، يجعل عبء إثبات استحقاقه على طالب التحفيظ، والمحكمة لما لم يثبت لها ملكية جد طالب التحفيظ للملك، وبقائه على الشياع لورثته من بعده، قضت وعن صواب بصحة تعرض المتعرض”.
كما جاء في قرار آخر عن محكمة النقض عدد 367 ما يلي: ” من المقرر أن ثبوت الحيازة للمتعرض إنما يقلب فقط عبء الإثبات على طالب التحفيظ الذي عليه أن يدلي بما يفيد الملك، والطاعنين باعتبارهم طلاب تحفيظ لما أدلوا بالملكية التي ثبت انطباقها على عقار النزاع، فإن الحائز هو الذي يجب أن يسأل عن وجه حيازته ويدلي بحجة مضاهية للملكية ليقع الترجيح بينهما أو بما يثبت السبب الناقل للملك له من طالب التحفيظ”[33].
بالإضافة إلى إمكانية الإدلاء بعقود القسمة وعقود الهبات والوصايا إلخ… حتى يؤكد المتعرض أحقيته وجديته في ممارسة تعرضه ولو لم يدرج أي تعرض سابق على العقار المراد تحفيظه.
الفقرة الثانية: صلاحية المحافظ العقاري في تفعيل مقتضيات الفصل 29 بين إعمال السلطة التقديرية والرقابة القضائية
إن المشرع حدد شروط إعمال الفصل 29 من قانون التحفيظ العقاري بشكل واضح لكي يتقيد بها المحافظ على الأملاك العقارية عندما يعرض عليه طلب التعرض خارج الأجل القانوني، غير أنه ترك له السلطة الواسعة بشأن قبول هذا الطلب من عدمه، أي أنه رغم توفر كافة الشروط ولكن الوثائق المدلى بها مثلا لم يقتنع بها المحافظ على الأملاك العقارية فبإمكانه أن يصدر قراره برفض طلب التعرض خارج الأجل شريطة أن يبين دواعي وعلل رفضه للطلب، ويكون بذلك قراره بالرفض قرارا نهائيا.
والمشرع جعل قبول التعرض من عدمه اختصاص أصيل وحصري للمحافظ على الأملاك العقارية كونه أدرج في الفصل 29 عبارة ” يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق”
وهذا لا يعني أن قرارات المحافظ على الأملاك العقارية القاضية بقبول التعرض الاستثنائي لا تخضع للطعن وبالتالي لا تخضع للرقابة القضائية، فقرارات قبول التعرض الاستثنائي تظل خاضعة لرقابة القضاء.
وهو ما كرسته محكمة النقض في مجموعة من القرارات الصادرة عنها والتي من بينها:
– قرار محكمة النقض رقم 82/1[34] والذي أكد على ما يلي: ” إن قبول التعرضات أو عدم قبولها حسب تقديمها داخل الأجل القانوني أو خارجه يدخل في صميم اختصاص المحافظ على الأملاك العقارية الذي يتولى تلقي هذه التعرضات دون غيره وتهيئها قبل إحالة ملف المطلب على المحكمة الابتدائية”.
– قرار محكمة النقض رقم 33/1 والذي قضت فيه بما يلي: ” إن المحكمة وهي تبت في قضايا التحفيظ العقاري إنما تبت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين ونوعه ومحتواه ومداه بعد بعد إحالة المحافظ ملف المطلب عليها للبت في تلك التعرضات طبقا للفصل 37 من قانون التحفيظ العقاري ولا تبت في قبول أو عدم قبول التعرض الذي هو من اختصاص المحافظ بمقتضى الفصل 29 من نفس القانون”[35].
– قرار محكمة النقض عدد 416[36] حيث قضى بما يلي:” بمقتضى الفصل 29 من القانون رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، فإنه “بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية … يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي..” والبين من معطيات الملف يتبين أن آجال التعرضات على مطلب التحفيظ موضوع النزاع انتهت وتمت إحالة الملف على المحكمة الإبتدائية في إطار المسطرة القضائية، التي انتهت بصدور أحكام نهائية قضت بعدم صحة جميع التعرضات الواردة ضد مطلب التحفيظ المذكور، وتم إرجاع الملف إلى مصلحة المحافظة العقارية التي قامت بالتشطيب على جميع التعرضات، مما يعني أن مسطرة التحفيظ قد إنتهت ولم يبقى مجال للإدلاء بأية وثائق بمقتضى الفصل 25 من قانون التحفيظ كما أنه لم يعد للمحافظ على الأملاك العقارية ما يستوجب إنذار الطرف الطاعن للإدلاء بالحجج المؤيدة لتعرضه”.
– قرار محكمة النقض عدد [37]501 والذي قضى بما يلي: ” إن مؤدى الفصل 29 من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه أن قبول المحافظ للتعرض بعد انصرام الأجل القانوني لتقديم التعرضات يبقى رهينا بإدلاء المتعرض بالبيانات المثبتة للأسباب التي حالت دون تقديمه للتعرض خلال ذلك الأجل حتى يتأتى له الاستفادة من الأجل الاستثنائي ما دامت عملية التحفيظ أحاطها المشرع بعدد من الضوابط والضمانات القانونية يلزم احترامها، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عللت قرارها بأنه في نازلة الحال وفي غياب تبرير المستأنف عدم إمكانية تقديمه طلب التعرض داخل الأجل القانوني وكونه يتوفر على وثائق وحجج تبرر تعرضه، واستخلصت – عن صواب – عدم مشروعية قرار المحافظ الذي استجاب لطلب قبول التعرض الاستثنائي، ورتبت عن ذلك تأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه، يكون قرارها غير خارق للمقتضى المحتج بخرقه ومبنيا على أساس من القانون ومعللا تعليلا كافيا وسائغا”.
– قرار محكمة النقض عدد [38]460 والذي جاء فيه أنه: ” بمقتضى الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص على أنه: يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق شريطة أن لا يكون الملف قد وجه للمحكمة الابتدائية”. والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه ونزولا عند حكم هذا المقتضى لما تبين لها من وثائق الملف أن التعرضات السابقة تم البت فيها من طرف المحكمة المختصة بموجب أحكام مبرمة وبين نفس المتعرضين الحاليين الذين مارسوا تعرضاتهم داخل الأجل واستنتجت – عن حق – عدم مشروعية قرار المحافظ بفتح أجل جديد للتعرض لخرقه المقتضى المذكور، ولعدم وجود مبررات استثنائية تسمح بذلك، ورتبت عن ذلك تأييدها للحكم المستأنف فيما قضى به من إلغاء قرار المحافظ وترتيب الآثار القانونية عن ذلك، وجاء قرارها معللا تعليلا سائغا وكافيا وغير خارق للقانون في شيء”.
المبحث الثاني: التعرض خارج الأجل القانوني أية خصوصية
إن الأصل في التعرض هو تقديمه داخل الأجل القانوني المقرر قانونا، غير أن المشرع سمح بممارسة التعرض خارج الأجل المحدد بشكل استثنائي وجعله يتميز بخصوصيات عن التعرض العادي، وفي هذا المبحث سنتحدث في (المطلب الأول) عن تنظيم التعرض الاستثنائي بين الغاية التشريعية والخصوصية، ثم في (المطلب الثاني) عن آثار التعرض الاستثنائي.
المطلب الأول: تنظيم التعرض الاستثنائي بين الغاية التشريعية والخصوصية
عملت على تخصيص (الفقرة الأولى) للحديث عن خصوصيات تنظيم التعرض الاستثنائي، ثم التطرق في (الفقرة الثانية) لمعالجة إشكالية التعرض الاستثنائي مزية أم عرقلة لمسطرة للتحفيظ.
الفقرة الأولى: خصوصيات تنظيم التعرض الاستثنائي
أولا: الخصوصية من حيث الآجال
إن المشرع أمام الامتيازات التي منحها لطالب التحفيظ عمل على ضمان حقوق المتضررين بفعل تقديم مطلب التحفيظ، والذي قد يكون قد ألحق ضررا بحق الملكية أو بحدود العقار، أو ترتب عنه نكران أحد الحقوق العينية القابلة للتقييد بالرسم العقاري المراد تأسيسه…، وذلك من خلال سلوك مسطرة التعرض، غير أن المشرع لم يترك ممارسة هذا الحق على اطلاقه بل قيده بأجل يتعين مبدئيا ممارسته داخله وهو أجل شهرين يحتسب من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية هذا بالنسبة للتعرض العادي.
ونلاحظ على أن المشرع أجاز بشكل استثنائي قبول التعرض ولو خارج الأجل متى توافرت شروطه بناء على قرار المحافظ على الأملاك العقارية، غير أن المشرع على خلاف التعرض العادي لم يحدد أجلا لممارسة التعرض الاستثنائي، لكنه قضى في الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم على أنه:” خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل التعرض يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من انجاز جميع الإجراءات المقررة في القانون، ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها، وعدم وقوع أي تعرض”. وهذا يحيلنا إلى القول بأن ما يميز التعرض الاستثنائي عن التعرض العادي هو أن هذا الأخير محكم بأجل شهرين كما أشرنا أعلاه، أما الأول، فغير محدد الأجل فبإمكان صاحب الحق المتضرر أن يتقدم بطلبه في الوقت الذي يفصل ما بين انصرام الأجل المقرر للتعرض العادي وتأسيس الرسم العقاري، طالما أن السيد المحافظ لم يتخذ قراره بتأسيس الرسم العقاري، لأن قرار المحافظ بتأسيس الرسم العقاري حسب أحكام الفصل 62 المغير والمتمم بالقانون 14.07 “يعتبر نهائي ولا يقبل الطعن، كما يعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقارات وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة”.
ثانيا: الخصوصية من حيث الجهة التي لها حق تلقي الطلب
المشرع أيضا جعل التعرض الاستثنائي ينفرد بخصوصية عن التعرض العادي على مستوى الجهة التي لها الصلاحية في تلقي التعرضات وذلك يظهر من خلال ما يلي:
بالرجوع إلى الفقرة الأولى من الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم نجدها تنص عما يلي:” تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ على الأملاك العقارية، وإما للمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد”.
وباستقراء الفقرة الأولى من الفصل 29 من نجدها تنص عما يلي: ” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية”.
إذن يتضح أن المشرع حدد الجهة التي تتلقى طلب التعرض الاستثنائي في المحافظ على الأملاك العقارية دون غيره، وبذلك يكون قد استثنى المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب، وأعتقد أن الغاية من حصر الجهة التي تتلقى التعرض الاستثنائي في المحافظ العقاري تتجسد في اعتبارين إثنين:
– الاعتبار الأول: أن التعرض العادي له أجلين إن صح التعبير، الأول يتجسد في المدة الفاصلة ما بين تاريخ تحرير الإعلان عن إجراء عملية التحديد إلى حين نشر الإعلان عن انتهاء عملية التحديد بالجريدة الرسمية، وهنا يمكن تقديم التعرض أثناء القيام بعملية التحديد أمام المهندس المساح الطبوغرافي المنتدب الذي يحرر بشأنه محضر، ثم الأجل الثاني وهو أجل الشهرين الذي يحتسب من تاريخ نشر إعلان انتهاء عملية التحديد بالجريدة الرسمية، وهنا يقدم التعرض أمام المحافظ على الأملاك العقارية.
وهذا ما لا يتحقق في التعرض الاستثنائي لأن عملية التحديد التي يقوم بها المهندس المساح الطبوغرافي انتهت وينتهي معها مجال تدخله، وبالتالي فلا سبيل أمام المتعرض إلا التقدم بطلبه إلى المحافظ على الأملاك العقارية.
– الاعتبار الثاني: يتجسد في الخطورة التي قد يشكلها التعرض الاستثنائي كون قبوله يتوقف على تحقق مجموعة من الشروط التي لا يمكن لأي جهة أخرى أن تتحقق من توافرها سوى المحافظ على الأملاك العقارية لهذا أسند المشرع هذه المهمة للمحافظ وجعل قبول التعرض الخارج عن الأجل القانوني اختصاصا محضا له دون غيره وبناء على قناعاته الشخصية التي يكونها من خلال تبريرات طالب التعرض للمانع الذي حال بينه وبين ممارسة حقه داخل أجله القانوني، وكذا تبرير أحقيته في ممارسة هذا التعرض.
ثالثا: الخصوصية من حيث الشروط
إن المشرع ميز التعرض الاستثنائي بشروط جد خاصة يتوقف قبوله على تحققها، وأول هذه الشروط كما مر معنا هي فوات الأجل القانوني، فلا يمكن للمتضرر من مطلب التحفيظ أن يختار مثلا سلوك مسطرة التعارض العادي ولو بعد فوات الأجل القانوني والعكس كذلك صحيح فلا يمكنه طلب التعرض الاستثنائي والأجل القانوني مازال ساريا، ثم شرط عدم توجيه المحافظ الملف إلى المحكمة الإبتدائية لأن تدخل المتعرض في دعوى التحفيظ لا يكون إلا من باب تقديم طلب تعرضه، إلى جانب تبرير المتعرض للمانع الذي حال بينه وبين ممارسة حقه داخل الأجل القانوني علاوة إلى تقديم ما يفيد أحقيته في ممارسة التعرض قصد إثبات ادعاءاته من خلال ما يحوزه من وثائق وبيانات.
والغاية من وجوب توافر كل هاته الشروط لكي يقبل طلب التعرض الاستثنائي هي رد كل ذي نية سيئة ودفع فرضية التعرض الكيدي والتأكد من جدية المتعرض، فإذا لم يثبت أحقيته في ممارسة التعرض خارج الأجل من خلال الإدلاء بما يثبت ادعاءه أو لم يثبت المبرر الموضوعي الذي منعه من ممارسة التعرض في أجله القانوني، فإن طلبه يرفض، وبالتالي وضع حد لكل من سولت له نفسه عرقلة عملية التحفيظ بالتعسف في استعمال الحق.
الفقرة الثانية: التعرض الاستثنائي مزية أم عرقلة لمسطرة للتحفيظ
كما هو معلوم أن مطلب التحفيظ يعتبر قرينة بسيطة على أن طالب التحفيظ هو الذي يتملك العقار المزمع تحفيظه، وبالتالي تبقى هذه القرينة قابلة لإثبات العكس من خلال مباشرة مسطرة التعرض.
وبالتالي لمعرفة ما إذا كان التعرض الاستثنائي يشكل مزية أم عرقلة لمسطرة التحفيظ لا بد من مقاربته على مستويين:
أولا: التعرض الاستثنائي على مستوى مسطرة التحفيظ العادية
إن التعرض المقدم خارج الأجل العادي إذا نظرنا له من زاوية كونه ضمانة قانونية أمكننا القول بأنه لا يشكل أي عرقلة لمسطرة التحفيظ وبالتالي يعتبر مزية، أما إذا نظرنا له من زاوية كونه اعتراض على طالب التحفيظ على اعتبار أنه ينقل مسطرة التحفيظ من المرحلة الإدارية إلى المرحلة القضائية في غالب الأحيان أمكننا القول أنه يشكل عرقلة لمسطرة التحفيظ من خلال تطويلها.
ثانيا: التعرض الاستثنائي على مستوى بعض مساطر التحفيظ الخاصة
- إمكانية التعرض الاستثنائي على مستوى مسطرة تحفيظ حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 83
تنص الفقرتين الثالثة والرابعة من الفصل 83 عما يلي:
” يكتسب صاحب الحق المنشأ أو المغير أو المقر به صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف له به.
إذا كان الإعلان عن انتهاء التحديد قد تم نشره بالجريدة الرسمية فيجب أن يعاد نشره من جديد ليفتح أجل شهرين للتعرض، يبتدئ من تاريخ الإعلان عن الحق المنشأ أو المغير أو المقر به. وفي هذه الحالة لن تقبل إلا التعرضات المنصبة مباشرة على الحق المذكور”
السؤال المطروح، في الحالة التي ينتهي فيها أجل شهرين المنصوص عليه أعلاه ولم يقدم أي تعرض خلال هذا الأجل هل يمكن تقديم طلب تعرض استثنائي على الحق المنشأ أو المغير أو المقر به عن طريق مسطرة الخلاصة الإصلاحية على اعتبار أن الفصل 27 نص صراحة على أنه لا يقبل أي تعرض باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29؟
إن المشرع منح لكل من اكتسب حقا على عقار في طور التحفيظ أن يسلك مسطرة الخلاصة الإصلاحية ليكتسب المستفيد بذلك صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المكتسب، وفي المقابل خول للغير أن يباشر مسطرة التعرض ضد المستفيد من هذا الحق وليس ضد طالب التحفيظ الأصلي.
وبالتالي فبإمكان الغير الذي تضرر من مسطرة الخلاصة الإصلاحية أن يقوم بالتعرض ضد المستفيد، ومثال ذلك الشريك الذي يتقدم بطلب تحفيظ عقار على الشياع ثم يتم تقديم دعوى القسمة من طرف أحد الشركاء لإنهاء حالة الشياع عن طريق استصدر حكم نهائي يقضي بفرز الأنصبة، ثم يقوم الشريك الذي قدم مطلب التحفيظ نيابة عن باقي الشركاء على الشياع بتفويت جزء من العقار محل مطلب التحفيظ يفوق بكثير نسبة حصته دون علم باقي الشركاء وقبل صدور الحكم النهائي القاضي بالقسمة، فيبادر المفوت له بنشر خلاصة إصلاحية بخصوص الحق المكتسب، ويتم فتح باب التعرضات وقد لا يعلم باقي الشركاء عن ذلك لأنه في الأصل لا يعلمون بالتفويت الذي قام به الشريك في الملك (طالب التحفيظ )، وينصرم أجل شهرين دون تقديم أي تعرض.
ففي هذه الحالة يمكن لباقي الشركاء التعرض خارج الأجل القانوني ضد المستفيد طالما أنه لم يتم تأسيس رسم عقاري باسمه، غير أن إثباتهم للمانع الذي حال بينهم وبين تقديم تعرضهم داخل أجل الشهرين يبقى صعبا.
ومن هذا المنطلق فإن التعرض الاستثنائي يعتبر مزية رغما مساهمته في طول مسطرة التحفيظ وتوقفها مؤقتا.
- إمكانية التعرض الاستثنائي على مستوى مسطرة تحفيظ الأراضي الواقعة داخل مناطق الضم
إن مسطرة تحفيظ العقارات الواقعة داخل مناطق الضم تتسم بخصوصية تميزها عن المسطرة العادية للتحفيظ، وبالتالي خول المشرع مكنة التعرض لكل من يدعي حقا عينيا على العقارات المضمومة وذلك داخل أجل ستة أشهر من تاريخ نشر مرسوم المصادقة على تصمم الضم.
أما بالنسبة للتعرض الاستثنائي على مسطرة تحفيظ الأراضي محل الضم، فلا يمكن تصوره أساسا، لماذا؟، لأن المشرع حسم الأمر في الفصل 20 من المرسوم رقم 2.62.240[39] والذي جاء فيه: ” لا يقبل- بعد مضي ستة أشهر تبتدئ من يوم نشر المرسوم الصادر بالمصادقة على تصميم الضم- أي تعرض أو طلب للتقييد عدا الطلبات المتعلقة بمسائل الضم والمقدمة طبق الكيفيات المنصوص عليها في الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان1331 الموافق 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ”.
وبالتالي فليس هناك مجالا لتطبيق الفصل 29، وعليه فلا يشكل أية عرقلة لمسطرة التحفيظ التي تتعلق بعملية بالضم.
3 – إمكانية التعرض الاستثنائي على مستوى مسطرة التحفيظ الإجباري
نص المشرع في الفصل 51- 15 على أنه: ” يجب أن ينجز التحديد قبل انتهاء أجل التعرض سواء بحضور طالبي التحفيظ أو في غيابهم.”
ثم قضى في الفصل 51- 16 بما يلي:” تقبل التعرضات داخل أجل أربعة أشهر ابتداء من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية للإعلان عن إيداع اللائحة والتصميم التجزيئيين بمقر السلطة المحلية.”
وأكد في الفصل 51-18 على أنه: ” لا يقبل أي تعرض بعد انتهاء الأجل المنصوص عليه في الفصل 51 16 من هذا القانون”.
ونص بشكل واضح في الفصل 51 -19 على أنه: ” بمجرد انتهاء أجل التعرض يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بإنشاء الرسوم العقارية لمطالب التحفيظ التي لم تكن محل تعرض ويحيل المطالب المثقلة بالتعرضات على المحكمة الابتدائية للبت في النزاعات المتعلقة بها”.
من خلال الفصول المومأ إليها أعلاه يتبين أن المشرع حدد أجلا لتقديم التعرضات وهو أجل أربعة أشهر يحتسب من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية للإعلان عن إيداع اللائحة والتصميم التجزيئيين بمقر السلطة المحلية، وأكد على أنه لا يقبل أي تعرض بعد انصرام هذا الأجل، مستبعدا بذلك فرضية تأويل نص الفصل 51-16 وتفسير إرادة المشرع بشكل مخالف لرؤيته ولفلسفته التشريعية.
إذن المشرع استبعد فرضية الاستفادة من مكنة التعرض خارج الأجل على مستوى مسطرة التحفيظ الاجباري، والدليل على ذلك بالإضافة إلى الفصلين 51-16 و51-18 أنه خول للمحافظ صلاحية اصدار قراره بتأسيس الرسوم العقارية بمجرد انتهاء أجل الأربعة الأشهر لمطالب التحفيظ التي لم يرد ضدها أي طلب تعرض طيلة مدة هذا الأجل.
وعليه فالتعرض الاستثنائي طالما أنه مستبعد التطبيق في هذه الحالة، فإنه لا يشكل أية عرقلة لمسطرة التحفيظ الإجباري.
المطلب الثاني: آثار التعرض الاستثنائي
ارتأيت تقسيم هذا المطلب إلى شقين، فخصصت (الفقرة الأولى) للحديث عن آثار التعرض الاستثنائي في حالة قبوله، ثم تناولت في (الفقرة الثانية) آثار التعرض الاستثنائي في حالة رفضه
الفقرة الأولى: آثار التعرض الاستثنائي في حالة قبوله
إن المحافظ على الأملاك العقارية عندما يتلقى طلب التعرض الخارج عن الأجل يقوم بدراسته والتأكد من وقوعه داخل الأجل الاستثنائي بعد اقتناعه بمبرراته، ويتثبت من توفر البيانات الضرورية اللازمة، ويتخذ قرارا بقبوله.
وبعد اتخاذ المحافظ لقرار القبول لا يحق لمحكمة التحفيظ بعد ذلك مراجعة قراره أو النظر في مدى احترامه لشكل التعرض وبياناته[40].
وهو ما أكده المجلس الأعلى سابقا في أحد قراراته التي جاء فيه ما يلي: ” الإدلاء بالإذن بإقامة التعرض بالنيابة عن الغير يكون أمام المحافظ على الأملاك العقارية وفقا لما ينص عليه الفصل 26 من ظهير التحفيظ العقاري، والمحافظ وحده له الحق في التثبت من وجود هذا الإذن أم لا، ولا صلاحية للمحكمة في ذلك على اعتبار أنها تبت فقط في وجود الحق المدعى به من طرف المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه[41].
وفي هذا الصدد يمكننا التساؤل عما إذا كان قرار المحافظ على الأملاك العقارية بقبول التعرض الاستثنائي يقبل الطعن من لدن طالب التحفيظ أم لا؟
قضت محكمة الاستئناف بالناظور في قرار لها بأن الشرع خول للمحافظ بصفة استثنائية قبول التعرض خارج الأجل مادام لم يوجه للمحكمة وقراره في هذه الحالة نهائي لا يقبل الطعن”[42].
كما أنه باطلاعنا على نص الفقرة الأخيرة من الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري يتضح أن نية المشرع تتجه إلى تحصين هذا القرار من إمكانية الطعن، لهذا كله فإن هذا القرار يبقى غير قابل لأي طعن، كيفما كانت طبيعته[43].
غير أن محكمة النقض في قرار حديث صادر عنها كان لها رأي أخر وهو القرار رقم501/1 والذي سبق أن أشرت إليه أعلاه والذي قضت فيه محكمة النقض بتأييد القرار الاستئنافي الذي قضى بإلغاء قرار المحافظ على الأملاك العقارية بقبول التعرض خارج الأجل القانوني دون احترام روح مقتضيات الفصل 29، ويتعين علينا أن نبين وقائع النازلة والأسس القانونية التي اعتمدتها محكمة النقض في قرارها.
تدور وقائع النازلة على مستوى المرحلة الابتدائية أن الطاعن تقدم بتاريخ 22/08/2016 بمقال إلى إدارية البيضاء يرمي من خلاله إلى الحكم له بإلغاء القرار الصادر عن المحافظ على الأملاك العقارية القاضي بقبول التعرض خارج الأجل، ومواصلة مسطرة التحفيظ في اسمه، استجابت المحكمة لطبه وقضت بإلغاء قرار المحافظ على الأملاك العقارية، فتم استئنافه أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط فقضت بتأييد الحكم الابتدائي.
تم الطعن في القرار الاستئنافي فقضت محكمة النقض في منطوق قرارها برفض الطلب وبتأييد القرار الاستئنافي مع تحميل الطاعن الصائر مؤسستا قرارها على مقتضيات الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم.
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أثناء جريان المسطرة وقبل إحالة الملف إلى المحكمة الابتدائية أن يقوم بإجراء محاولة الصلح بين الأطراف، فإن تكللت محاولته بالنجاح حرر بشأن ذلك محضرا موقع عليه من قبل الأطراف وذلك لتفادى المحافظ فرضية انكار أحد الطرفين للصلح الذي جرى أمام المحافظ ومطالبة هذا الأخير بالتعويض في إطار مسؤوليته المصلحية أو المرفقية، وقولي هذا يجد سنده في الفقرتين الأخيرة وما قبلها من الفصل 31 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم حيث جاء فيهما ما يلي: ” يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أثناء جريان المسطرة وقبل توجيه الملف إلى المحكمة الابتدائية، أن يعمل على تصالح الأطراف ويحرر محضرا بالصلح يوقع من قبلهم.
وتكون لاتفاقات الأطراف المدرجة بهذا المحضر قوة الالتزام العرفي”.
وفي هذا الصدد ورد في قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا ما يلي: ” يعتبر الصلح في العقار بمنزلة البيع يقتضي الإشهاد به لدى عدلين، أو على الأقل توفر النصاب الكامل من الشهود الذين يشهدون بحضورهم لوقوع الصلح بين المتعاقدين”[44].
الفقرة الثانية: آثار التعرض الاستثنائي في حالة رفضه
قضى الفصل 29 في فقرته الأخير بما يلي: ” يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي”
وأعتقد أن هذا هو أهم أثر يترتب عن رفض طلب التعرض الاستثنائي، ناهيك عن ثبوت تعسف أوكيد أو سوء نية المتعرض الذي يتم الحكم عليه تلقائيا من لدن المحكمة مع إمكانية البت في طلبات التعويض لفائدة الأطراف المتضررة، مع الحكم بعدم صحة التعرض.
وبقي أن نشير إلى أن صياغة الفقرة الثانية من الفصل 29 أثارت مجموعة من النقاشات التي تتجه في جلها إلى كون هذه الفقرة تتعارض ومبدأ دستورية القوانين المقرر بموجب الفقرة الثانية من الفصل 118 من الدستور والذي قضى بأنه:” كل قرار اتخذ في المجال الإداري سواء كان تنظيميا أو فرديا يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة”.
خـــــــــــــــــــــاتمة
إن غاية المشرع الفضلى من تنظيم التعرض الاستثنائي، وإن كان يبدو أنه تشدد في شروط قبوله من لدن المحافظ على الأملاك العقارية، تنصرف إلى الحفاظ على حقوق الأغيار وضمان الأمن العقاري، وبيان مزية آلية التعرض في صون وحفظ الحقوق وقدرتها على تبيان عكس الظاهر أي عكس ما يدعيه طالب التحفيظ من خلال تقديم مطلبه الذي يرمي من خلاله إلى تأسيس رسما عقاريا باسمه.
ومن خلال ما تفضلنا به في هذا البحث اتضح لنا وعن قناعة بأن فتح باب التعرض الاستثنائي لا يشكل أي عرقلة لمسطرة التحفيظ بقدر ما يشكل مزية وضمانة للحقوق.
لائـــــــــــــــحة المراجع
الكتــــــــب
– محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي – من خلال القانون الجديد 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري ومرسوم 14 يوليوز 2014 بشأن إجراءات التحفيظ العقاري-، طبعة2018، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط- المغرب.
– مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1978.
– محمد نعناني، إرشاد الساري إلى أصول التحفيظ العقاري – دراسة علمية وفق مستجدات القانون 14.07 والقانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الطبعة الأولى، طبع الأحمدية.
– عبد العالي دقوقي، نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق – دراسة في الاجتهاد القضائي والإداري-، طبعة 2020، مطبعة النجاح الجديدة- الدارالبيضاء.
– إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07، طبعة 2013، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط.
الأطـــــــــــاريح
– كنزة الغنام، مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري والمساطر الخاصة، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، شعبة القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية- مراكش-، السنة الجامعية 2015/2016.
الرســــــــــــائل
– محمد بن الحاج السلامي، سياسة التحفيظ العقاري في المغرب بين الإشهار العقاري والتخطيط الاجتماعي والإقتصادي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، سنة 1997، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية.
المقــــالات
– الحسين أولياس في مقال تحت عنوان ” دور اجتهاد محكمة النقض في ترسيخ وإقرار قواعد العدل والانصاف من خلال النزاعات المرتبطة بالتحفيظ العقاري، العقار في طور التحفيظ،” منشور بمجلة قانونك العدد الثاني، يونيو 2017.
الأحكام والقرارات القضائية
– قرار محكمة النقض عدد 377، صادر بتاريخ 04 شتنبر 2018 في الملف المدني عدد 4316/1/8/2016، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 9، قضايا الحيازة والاستحقاق، الصفحة 144.
– قرار المجلس الأعلى سابقا عدد 1473، الصادر بتاريخ 16/04/2008، في الملف عدد 1317/1/1/2006.
– قرار المجلس الأعلى سابقا عدد 361، الصادر بتاريخ 26/1/2005، في الملف عدد 587/1/4/2004.
– حكم المحكمة الابتدائية بوجدة عدد95/1280 صادر بتاريخ 28/3/1995 في الملف رقم 132/92.
– حكم المحكمة الإدارية بالرباط، الصادر بتاريخ 24/05/2012، في الملف عدد 196/05/2010.
– قرار محكمة النقض عدد 4499 الصادر بتاريخ 18 أكتوبر 2011 في الملف عدد 2856/1/1/2009، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد2، الصفحة 129.
– قرار محكمة النقض عدد 501 الصادر بتاريخ 09 يوليوز 2020، في الملف الإداري عدد2258/4/1/2019، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض
– قرار محكمة النقض عدد 79 الصادر بتاريخ 12 فبراير 2019 في الملف المدني عدد 3759/3/1/8/2017، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 9، قضايا الحيازة والاستحقاق، الصفحة 116.
– قرار محكمة النقض عدد 73 الصادر بتاريخ 05 فبراير 2019 في الملف المدني عدد 980/1/8/2017، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 9، قضايا الحيازة والاستحقاق، الصفحة 107.
– قرار محكمة النقض عدد 1098 الصادر بتاريخ 28 فبراير 2012 في الملف المدني عدد 3700/1/1/2010، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 2، الصفحة 114.
– قرار محكمة النقض عدد 55 الصادر بتاريخ 29 يناير2013 في الملف المدني عدد 2923/1/1/2012، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 3، الصفحة 85.
– قرار محكمة النقض عدد 367 الصادر بتاريخ 04 يوليوز 2017 في الملف المدني عدد 7006/1/8/2016، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 84، الصفحة 43.
– قرار محكمة النقض رقم 82/1 الصادر بتاريخ 18 أبريل 2023 في الملف العقاري رقم 1585/1/1/2020، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
– قرار محكمة النقض رقم 33/1 الصادر بتاريخ 28 مارس 2023 في الملف العقاري رقم 688/1/1/2020، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
– قرار محكمة النقض عدد 416 الصادر بتاريخ 31 مارس 2022 في الملف الإداري رقم 4099/4/1/2021، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
– قرار محكمة النقض عدد 501 الصادر بتاريخ 09 يوليوز 2020 في الملف الإداري عدد 2258/4/1/2019، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
– قرار محكمة النقض عدد 460 الصادر بتاريخ 11 أبريل 2019 في الملف الإداري عدد 2541/4/1/2017، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
– القرار عدد 2523 بتاريخ 2000/06/13 في الملف المدني عدد 99/1/1642 بمجلة قضاء المجلس الأعلى، دجنبر2004، العدد 59- 60، الصفحة 4.
– قرار محكمة الاستئناف بالناظور رقم 308 بتاريخ 08/04/2003، في الملف رقم 02/745.
– قرار المجلس الأعلى عدد 1351 بتاريخ 16/10/1984 ملف عقاري عدد 2929، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى دجنبر 2000، العدد 37-38، الصفحة 90.
[1] الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.177 في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، الصفحة 5575.
[2] محمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي – من خلال القانون الجديد 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري ومرسوم 14 يوليوز 2014 بشأن إجراءات التحفيظ العقاري-، طبعة2018، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط- المغرب، الصفحتين 232 و 233.
[3] محمد خيري، مرجع سابق، الصفحة 232.
[4] محمد خيري، نفس المرجع، الصفحة 234.
[5] مأمون الكزبري، التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1978، الصفحة 48.
[6] محمد نعناني، إرشاد الساري إلى أصول التحفيظ العقاري – دراسة علمية وفق مستجدات القانون 14.07 والقانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الطبعة الأولى، طبع الأحمدية، الصفحة 73.
[7] محمد بن الحاج السلامي، سياسة التحفيظ العقاري في المغرب بين الإشهار العقاري والتخطيط الاجتماعي والإقتصادي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، سنة 1997، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، الصفحة 63.
[8] ينص الفصل 84 على أنه:” إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار أمكن لصاحبه، من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير، أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك. ويقيد هذا الإيداع بسجل التعرضات.
يقيد الحق المذكور عند التحفيظ بالرسم العقاري في الرتبة التي عينت له إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك”.
[9] قرار محكمة النقض عدد 377، صادر بتاريخ 04 شتنبر 2018 في الملف المدني عدد 4316/1/8/2016، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 9، قضايا الحيازة والاستحقاق، الصفحة 144.
[10] قرار المجلس الأعلى سابقا عدد 1473، الصادر بتاريخ 16/04/2008، في الملف عدد 1317/1/1/2006، أشار إليه الحسين أولياس في مقال تحت عنوان ” دور اجتهاد محكمة النقض في ترسيخ وإقرار قواعد العدل والانصاف من خلال النزاعات المرتبطة بالتحفيظ العقاري، العقار في طور التحفيظ،” منشور بمجلة قانونك العدد الثاني، يونيو 2017.
[11] قرار المجلس الأعلى سابقا عدد 361، الصادر بتاريخ 26/1/2005، في الملف عدد 587/1/4/2004، أشارت إليه كنزة الغنام في أطروحتها تحت عنوان” مسطرة التعرض في ضوء القانون العقاري والمساطر الخاصة”.
[12] ويقصد بالمصلحة ادعاء المرء لنفسه.
[13] تنص الفقرة الأولى من الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بالقانون 14.07 على أنه: ” كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في التعويض.”
[14] محمد خيري، مرجع سابق، الصفحة 235.
[15] أنظر في هذا الصدد، عبد العالي دقوقي، نظام التحفيظ العقاري بالمغرب بين النظرية والتطبيق – دراسة في الاجتهاد القضائي والإداري-، طبعة 2020، مطبعة النجاح الجديدة- الدارالبيضاء، الصفحة 113.
[16] ” لا يجوز تقديم مطلب التحفيظ إلا ممن يأتي ذكرهم:
2- الشريك في الملك مع الاحتفاظ بحق الشفعة لشركائه، وذلك عندما تتوفر فيهم الشروط اللازمة للأخذ بها.”
[17] المرجو الرجوع إلى:
” – الفقرة الثالثة من الفصل 25
– البند الثاني من الفصل 26 “
[18] تنص على أنه: ” يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل”.
[19] محمد نعناني، مرجع سابق، ص 77.
[20] إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07، طبعة 2013، مطبعة المعارف الجديدة – الرباط، الصفحة 50.
[21] حكم المحكمة الابتدائية بوجدة عدد95/1280 صادر بتاريخ 28/3/1995 في الملف رقم 132/92.
[22] تنص الفقرة الثالثة من الفصل 25 على أنه: ” يجب على المتعرضين أن… يؤدوا الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يدلو بما يفيد حصولهم على المساعدة القضائية وذلك قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض”.
[23] تنص الفقرة الأولى من الفصل 32 على أنه: ” يعتبر لاغيا وكأن لم يكن، إذا…، ولم يؤد الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية”.
[24] حكم المحكمة الإدارية بالرباط، الصادر بتاريخ 24/05/2012، في الملف عدد 196/05/2010.
[25] مذكرة المحافظ العام رقم003771، عدد 06/2020، في شأن وقف الآجال التشريعية والتنظيمية بسبب حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، الصادرة بتاريخ 25 مارس 2020.
وتجدر الإشارة إلى أنه جاء في مضمون هذه المذكرة ما يلي: ” أطلب منكم الحرص على حسن تطبيق المستجدات القانونية المشار إليها أعلاه عند احتساب الآجال التشريعية والتنظيمية المرتبطة بمختلف المساطر والإجراءات المتعلقة بتطبيق نظام التحفيظ العقاري، ولاسيما الآجال التالية :
– أجال تطبيق غرامة التأخير بشأن طلبات التقييد بالرسوم العقارية المنصوص عليها في الفصل 65 مكرر من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري.
– مختلف الآجال المتعلقة بمسطرة التحفيظ العادية ( إنجاز التحديد، تعليق وثائق المسطرة لدى الجهات المختصة، إلغاء مطالب التحفيظ، التعرضات….)
=
=
– مختلف الآجال المتعلقة بمساطر التحفيظ الخاصة، كمسطرة التحفيظ الجماعي (إيداع المطالب والاستفادة من المجانية، قبول التعرضات…)، ومسطرة ضم الأراضي بعضها إلى بعض ومساطر التحفيظ الخاصة الأخرى.
– آجال تقديم مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المقدمة ضد مساطر التحديد الإداري.
– الآجال المتعلقة بالتقييدات بالرسوم العقارية بما فيها التقييدات الاحتياطية.
– مختلف الآجال القضائية سواء في إطار مساطر التحفيظ العقاري أو في إطار التقييدات بالرسوم العقارية.
– وعموما كافة الآجال الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية والمتعلقة بمختلف مساطر واجراءات تطبيق نظام التحفيظ العقاري، وكذا آجال تنفيذ هذه المساطر والإجراءات، ولا سيما تلك المنصوص عليها في العقود والصفقات التي تبرمها الوكالة”.
[26] الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود
[27] قرار محكمة النقض عدد 4499 الصادر بتاريخ 18 أكتوبر 2011 في الملف عدد 2856/1/1/2009، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد2، الصفحة 129.
[28] قرار محكمة النقض عدد 501 الصادر بتاريخ 09 يوليوز 2020، في الملف الإداري عدد2258/4/1/2019، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض
[29] قرار محكمة النقض عدد 79 الصادر بتاريخ 12 فبراير 2019 في الملف المدني عدد 3759/3/1/8/2017، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 9، قضايا الحيازة والاستحقاق، الصفحة 116.
[30] قرار محكمة النقض عدد 73 الصادر بتاريخ 05 فبراير 2019 في الملف المدني عدد 980/1/8/2017، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 9، قضايا الحيازة والاستحقاق، الصفحة 107.
[31] قرار محكمة النقض عدد 1098 الصادر بتاريخ 28 فبراير 2012 في الملف المدني عدد 3700/1/1/2010، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 2، الصفحة 114.
[32] قرار محكمة النقض عدد 55 الصادر بتاريخ 29 يناير2013 في الملف المدني عدد 2923/1/1/2012، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 3، الصفحة 85.
[33] قرار محكمة النقض عدد 367 الصادر بتاريخ 04 يوليوز 2017 في الملف المدني عدد 7006/1/8/2016، منشور بمجلة قضاء محكمة النقض عدد 84، الصفحة 43.
[34] قرار محكمة النقض رقم 82/1 الصادر بتاريخ 18 أبريل 2023 في الملف العقاري رقم 1585/1/1/2020، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
[35] قرار محكمة النقض رقم 33/1 الصادر بتاريخ 28 مارس 2023 في الملف العقاري رقم 688/1/1/2020، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
[36] قرار محكمة النقض عدد 416 الصادر بتاريخ 31 مارس 2022 في الملف الإداري رقم 4099/4/1/2021، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
[37] قرار محكمة النقض عدد 501 الصادر بتاريخ 09 يوليوز 2020 في الملف الإداري عدد 2258/4/1/2019، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
[38] قرار محكمة النقض عدد 460 الصادر بتاريخ 11 أبريل 2019 في الملف الإداري عدد 2541/4/1/2017، منشور بالمنصة الرقمية لمحكمة النقض.
[39] المرسوم رقم 2.62.240 بتطبيق الظهير الشريف الصادر بضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض، الجريدة الرسمية عدد2597 بتاريخ 03/08/1962، الصفحة 1844.
[40] محمد نعناني، مرجع سابق، ص 82.
[41] القرار عدد 2523 بتاريخ 2000/06/13 في الملف المدني عدد 99/1/1642 بمجلة قضاء المجلس الأعلى، دجنبر2004، العدد 59- 60، الصفحة 4.
[42] قرار محكمة الاستئناف بالناظور رقم 308 بتاريخ 08/04/2003، في الملف رقم 02/745.
[43] عبد العالي دقوقي، مرجع سابق، ص 119.
[44] قرار المجلس الأعلى عدد 1351 بتاريخ 16/10/1984 ملف عقاري عدد 2929، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى دجنبر 2000، العدد 37-38، الصفحة 90.