في الواجهةمقالات قانونية

التمييز بين الشركة المدنية والشركة التجارية وفقًا للنظام السعودي: دراسة تحليلية الباحثة : غريد بنت وائل فواز دخيل إشراف: الدكتورة. دينا إسماعيل أبو زيد

 

 

التمييز بين الشركة المدنية والشركة التجارية وفقًا للنظام السعودي: دراسة تحليلية

Distinction Between Civil Company and Commercial Company in Light of Saudi Law: An Analytical Study

الباحثة : غريد بنت وائل فواز دخيل

طالبة ماجستير، قسم القانون الخاص كلّية الحقوق، جامعة الملك عبد العزيز

إشراف: الدكتورة. دينا إسماعيل أبو زيد

أستاذ مشارك في القانون المدني، قسم القانون الخاص كلّية الحقوق، جامعة الملك عبد العزيز

 

رابك dOI

https://doi.org/10.63585/LOJH3153

المستخلص:

تهدف هذه الدراسة إلى التعريف بماهية الشركة المدنية وأركانها، وتحديد طبيعتها القانونية وبيان خصائصها، وعرض مفهوم الشركة التجارية وتحديد طبيعتها القانونية، وإيضاح الفرق بين العمل التجاري والعمل المدني، وتحديد معيار التمييز بين الشركة المدنية والتجارية في النظام السعودي. من أجل تحقيق أهداف البحث فقد اعتمد المنهج التحليلي بالاستناد على جمع النصوص النظامية والآراء الفقهية المتصلة بالموضوع وتحليلها للوصول إلى النتائج. بالاطلاع على نظام المعاملات المدنية السعودي لعام 1444هـ الذي أدى صدوره إلى ظهور تنظيم غير مسبوق للشركات المدنية إلى جانب التنظيم المقرر للشركات التجارية وفقًا لنظام الشركات لعام ١٤٤٣هـ ما يثير التساؤل الرئيس لهذه الدراسة وهو: ما معيار التمييز بين الشركة المدنية والشركة التجارية في النظام السعودي؟ بعد دراسة النصوص النظامية ذات العلاقة وتحليلها، تبيّن للباحثة أن النظام السعودي يتبنّى المعيار الشكلي للتفرقة بين أنواع الشركات، وأن المنظّم قد أسبغ الطبيعة العقدية على الشركة المدنية، بينما أخذ بالنظرية المزدوجة في تكييفه للشركة التجارية. كما خلصت الدراسة إلى جملة من التوصيات، من أبرزها: تخصيص جهة رسمية تتولى قيد الشركات المدنية في سجل خاص بها دون أن يترتّب على مخالفته عدم الاعتراف بها من الناحية النظامية. كما اقترحت الدراسة إعادة النظر في منح الشركات المدنية شخصية اعتبارية محدودة تُمكّنها من إدارة أنشطتها بصورة أكثر فاعلية. كما أوصت الدراسة بتطوير سبل الحماية القانونية للغير وحسني النية المتعاملين مع الشركاء في الشركة المدنية.

الكلمات المفتاحية: الشركة المدنية – الشركة التجارية – التمييز بين الشركات – معيار التفرقة – نظام المعاملات المدنية – النظام السعودي.

Abstract:

This study aims to define the civil company, determine its legal nature and indicate its characteristics. Also, it presents the concept of a commercial company, determines its legal nature, clarifies the differences between commercial and civil work, and distinguishes between a civil and commercial companies in Saudi law. In order to achieve the study’s goals, this study adopts the analytical method to reach conclusions. This study reviews both Saudi Civil Transactions law dated 1444 AH, and Saudi Companies law dated 1443 AH. The study main question is that: What is the criterion to distinguish between a civil company and a commercial company in Saudi law? This study finds that Saudi law adopts the formal criterion to differentiate between companies, and the regulator has given the contractual nature to the civil company, while taking the dual theory in its adaptation to the commercial company. The study concludes with a number of recommendations, most notably: establishing an official authority responsible for the registration of civil companies. It also suggests that reconsidering to grant civil companies a limited legal personality to enable more effective management of their activities. It also recommends the development of legal protections for third parties and individuals acting in good faith dealing with the partners in civil companies.

Keywords: Civil Company – Commercial Company – Distinction Between Companies – Distinguishing Criterion – Civil Transactions Law – Saudi Law.

مقدّمة

تُعدّ الشركات إحدى الدعائم الأساسية في منظومة الاقتصاد الوطني، وقد حرص المنظّم السعودي على توفير بيئةٍ تشريعية واضحة ومحددة تواكب المتغيرات الاقتصادية وتُسهم في استقرار المعاملات التجارية والمدنية في آنٍ واحد. يدخل في هذا الإطار التطوّر التشريعي الذي شهده النظام السعودي في الآونة الأخيرة من خلال جملة إصلاحاتٍ كان من أبرزها صدور نظام المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/191بتاريخ 29/11/1444هـ ، إذ عالج النظام موضوعات هامة لم يكن لها إطارٌ تنظيمي سابق، ومن بينها تنظيم عقود المشاركة المدنية في الباب الرابع من ذات النظام، وهو ما أثار تساؤلاتٍ مهمة حول مدى وضوح الحدود الفاصلة بين الشركة المدنية المنصوص عليها في نظام المعاملات المدنية والشركة التجارية التي تنشأ وفقًا لأحكام نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /132) بتاريخ 01/12/1443هـ، حيث برزت الحاجة إلى دراسة دقيقة للمفاهيم القانونية المتباينة التي ينظمها القانون في كلتا الحالتين.

تأتي هذه الدراسة استجابةً للحاجة الماسة إلى إرساء أسس قانونية واضحة تسهم في استقرار المعاملات وتعزيز الثقة بين المتعاقدين في مجال الشركات، حيث تهدف الورقة العلمية إلى إلقاء الضوء على النظرية العامة للشركة المدنية، وذلك من خلال تحليل مفهومها، وأركانها، وبيان طبيعتها القانونية، وخصائصها التي تميّزها، ومن ثم تناول الفروق الجوهرية بين الشركة المدنية والشركة التجارية وفقًا للنظام السعودي لاستجلاء معيار التفرقة بينهما، والوقوف على أبرز الآثار القانونية الناجمة عن هذه التفرقة. تنقسم الدراسة إلى مبحثين: يستعرض المبحث الأول النظرية العامة للشركة المدنية بمكوناتها الأساسية، فيما يُركّز المبحث الثاني على التمييز بين الشركات التجارية والمدنية، ودراسة معايير التفرقة وآثارها العملية.

أهمّية الدراسة:

تسهم الدراسة في إيضاح المفاهيم القانونية والفروق الجوهرية بين الشركات المدنية والشركات التجارية وفقًا للنظام السعودي في ضوء كل من نظام المعاملات المدنية ونظام الشركات في المملكة العربية السعودية؛ وذلك منعًا للّبس والتداخل الذي قد ينعكس سلبًا على استقرار المعاملات وحماية مصالح الأطراف. كما تسهم في استجلاء معيار قانوني واضح لتصنيف الشركات، وتوفير مرجع قانوني للباحثين الأكاديميين والممارسين القانونيين لفهم أبعاد أنظمة الشركات والآثار القانونية التي تلحق كل شركة.

مشكلة الدراسة:

أدّى صدور نظام المعاملات المدنية إلى ظهور مفهوم الشركة المدنية، أو ما يسمّى بعقود المشاركة، وتنظيم أحكامها، حيث تقارب إلى حد كبير مع مفهوم الشركات التجارية، وهو الأمر الذي أحدث جدلاً بشأن الفروق بين الشركات المدنية والشركات التي تنشأ على ضوء نظام الشركات وتخضع لأحكامه، لا سيّما أنّ أحكام نظام المعاملات المدنية اتّسمت بالشمولية ومنحت الشركاء حرية واسعة في إنشاء الشركة وإدارتها وتحديد نشاطها مما أدى إلى إشكال في فهم الحدود الفاصلة بينهما، وتحديد سمات كلٍّ منهما، وبيان النظام الواجب التطبيق. يُضاف إلى ذلك أنّ جميع الشركات سواء كانت تجارية أم مدنية تخضع لاختصاص المحاكم التجارية وفقًا للمادة (١٦) من نظام المحاكم التجارية الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (511)، وتاريخ 14/8/1441ه؛ فيتعيّن على القاضي حينئذٍ تحديد ما إذا كانت الشركة مدنيةً أم تجارية، ثمّ تطبيق النظام الخاص بأحكامها. انطلاقًا من هذا الواقع، تركز هذه الدراسة على إيجاد إجابة عن التساؤل الرئيس الآتي: ما معيار التمييز بين الشركة المدنية والشركة التجارية في النظام السعودي؟ وقد أسفر عن هذا التساؤل الرئيس عدّة أسئلة فرعية:

تساؤلات الدراسة:

  • ما مفهوم الشركة المدنية؟ وما أركانها؟
  • ما الطبيعة القانونية للشركة المدنية؟ وما خصائصها؟
  • ما مفهوم الشركة التجارية؟ وما طبيعتها القانونية؟
  • ما الفرق بين العمل التجاري والعمل المدني؟
  • ما الآثار المترتبة على التمييز بين الشركات المدنية والتجارية؟

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى تحقيق ما يلي:

  • التعريف بماهية الشركة المدنية وأركانها.
  • تحديد الطبيعة القانونية للشركة المدنية وبيان خصائصها.
  • بيان مفهوم الشركة التجارية وتحديد طبيعتها القانونية.
  • إيضاح الفرق بين العمل التجاري والعمل المدني.
  • تحديد معيار التمييز بين الشركة المدنية والتجارية في النظام السعودي.
  • إلقاء الضوء على الآثار المترتبة على التمييز بين أنواع الشركات.

منهج الدراسة:

في سبيل الوصول إلى النتائج المرجوّة، انتهجت الدراسة المنهج التحليلي، حيث تقوم بجمع النصوص النظامية والآراء الفقهية المتصلة بموضوع الدراسة وتحليلها في كل من نظام المعاملات المدنية ونظام الشركات في المملكة العربية السعودية؛ لتحقيق أهداف الدراسة، والتوصّل إلى نتائج وتوصيات تخدم موضوعها.

الدراسات السابقة:

الدراسة الأولى بعنوان: التمييز بين الشركات المدنية والشركات التجارية: دراسة مقارنة، للباحث: الفاضل محمد الساير زاهد، رسالة ماجستير، (٢٠٠٨):

تناولت هذه الدراسة التمييز بين الشركات المدنية والتجارية من خلال التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري في مجال الشركات، حيث ناقشت ذلك في كلٍّ من الفقه الإسلامي والقانون السوداني. كما استعرضت مفهوم الشركة المدنية والتجارية وأنواعهما في الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية. تعرضت الدراسة إلى التمييز بين الشركة المدنية والتجارية من خلال استعراض الأسس والمعايير التي تُعتمد في التفريق بينهما، حيث تناولت الفروقات بناءً على التكوين، والنشاط، والانقضاء.

خلصت الدراسة إلى عدّة نتائج، من أبرزها: أن الشركة التجارية تمثل تطورًا تشريعيًا طبيعيًا للشركة المدنية، كما أشارت إلى أن الكتب الفقهية والقانون السوداني لم يتطرقا إلى أسس التمييز بين الشركة المدنية والتجارية. اختُتمت الدراسة بتوصية تدعو إلى تطوير تنظيم الشركات التجارية لتمكينها من أداء دورها في السوق بفعالية، باعتبارها في المقصودة في المصادر الفقهية.

أوجه الاتفاق والاختلاف بين الدراسة السابقة والحالية:

تتفق هذه الدراسة مع الدراسة الحالية في هدفها العام، وهو تمييز الشركة التجارية عن الشركة المدنية مع إلقاء الضوء على الآثار القانونية لهذا التمييز. كما أن كلتاهما تناولتا التفرقة بين العمل التجاري والعمل المدني، وبيان النظرية العامة للشركة المدنية، وعرض مفهوم الشركة التجارية، ثم توضيح المعايير المعتمدة للتمييز بينهما.

أما من حيث الاختلاف، فإن هذه الدراسة اعتمدت في تمييزها على أسس التكوين، والنشاط، والانقضاء للشركة مما يمنحها طابعًا أكثر شمولية، بينما تركّز الدراسة الحالية على استجلاء المعيار المتبع في النظام السعودي، وذلك بالتركيز على معيار التكوين من خلال المقارنة بين أهم نظريتين وهما نظرية الغرض من الشركة، ونظرية شكل الشركة.

كما تختلف الدراستان في المنهج البحثي؛ حيث اعتمدت الدراسة السابقة على المنهج المقارن والاستقرائي الوصفي في التمييز بين الشركات المدنية والتجارية وفقًا للقانون السوداني والفقه الإسلامي، بينما تعتمد الدراسة الحالية على المنهج التحليلي في التمييز بينهما وفقًا للنظام السعودي، وتحديدًا على ضوء نظام المعاملات المدنية ونظام الشركات مما يمنحها بعدًا تحليليًا أكثر تخصصًا في هذا الجانب.

الدراسة الثانية بعنوان: معيار تجاريـة الشركـة (دراسة مقارنة)، للباحث: إبراهيم صبري الأرناؤوط، مجلّة الحقوق، (٢٠١٤):

تناولت هذه الدراسة التفرقة بين الشركات التجارية والشركات المدنية وفقًا للقانون الأردني، وذلك من خلال استعراض معياري التمييز: المعيار الموضوعي والمعيار الشكلي. ناقشت هذه الدراسة طبيعة الغرض من الشركة وشكلها، والآثار المترتبة على تبني المشرّع الأردني للمعيار الموضوعي، لا سيّما فيما يتعلق بتطبيقه على الشركات ذات الطبيعة المختلطة، والشركات المدنية التي تتخذ الشكل التجاري من حيث تحديد القانون الواجب التطبيق على أنواع الشركات، ومنحها الشخصية الاعتبارية. كما استعرضت الدراسة موقف القوانين المقارنة من هذا التمييز، والمعيار الذي تبنّته، وذلك بهدف تقييم مدى صلاحية المعيار الموضوعي، وإمكان تطبيقه على الشركات المدنية ذات الشكل التجاري من خلال اعتماد المنهج المقارن عن طريق إجراء مقارنة بين القانون الأردني والقوانين المقارنة منها المصري، والكويتي، والفرنسي، والإنجليزي.

خلصت الدراسة إلى عدة نتائج، من أبرزها: أن المعيار الموضوعي الذي يتبناه القانون الأردني في التفرقة بين الشركات يفتقر إلى الدقة والوضوح، وأن أحد أهم العيوب الناشئة عن تطبيق هذا المعيار هو ازدواجية المعايير القانونية المطبقة على الشركات ذات الشكل التجاري وما يترتب عليه من تناقض في النصوص النظامية. أخيرًا، أوصت الدراسة بالعدول عن المعيار الموضوعي في نطاق الشركات ذات الشكل التجاري، والأخذ بالمعيار الشكلي بغض النظر عن طبيعة النشاط.

أوجه الاتفاق والاختلاف بين الدراسة السابقة والحالية:

تتفق هذه الدراسة مع الدراسة الحالية في تناولهما معياري التمييز بين الشركات: المعيار الموضوعي والمعيار الشكلي.

أما من حيث الاختلاف، إن الدراسة الحالية توسّعت في تناول النظرية العامة للشركة المدنية، وتحديد مفهوم الشركة التجارية وطبيعتها، في حين اكتفت الدراسة السابقة ببحث آثار المعيار الموضوعي على أنواع الشركات، ومقارنتها بالقوانين المصري، والكويتي، والفرنسي، والإنجليزي، التي تبنّت المعيار الشكلي. كما ركّزت الدراسة السابقة على تقييم مدى صلاحية المعيار الموضوعي في القانون الأردني، بينما تهدف الدراسة الحالية إلى استكشاف المعيار المعتمد في النظام السعودي للتفرقة بين الشركات المدنية والتجارية. أخيرًا، تتباين الدراستان أيضًا من حيث منهجية البحث؛ إذ ركزت الدراسة السابقة على القانون الأردني معتمدة في ذلك المنهج المقارن، بينما تتناول الدراسة الحالية النظام السعودي مستندة إلى المنهج التحليلي.

تقسيم الدراسة:

شملت هذه الدراسة مقدمة، ومبحثين، وخاتمة فيها النتائج وأبرز التوصيات، والمصادر والمراجع.

المقدمة فحوت: أهمية الدراسة، ومشكلتها، وتساؤلاتها، وأهدافها، ومنهجها، وحدودها، والدراسات السابقة.

المبحث الأول: النظرية العامة للشركة المدنية

     المطلب الأول: مفهوم الشركة المدنية وأركانها

     المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للشركة المدنية وخصائصها

المبحث الثاني: التمييز بين الشركات التجارية والشركات المدنية في النظام السعودي

     المطلب الأول: ماهية الشركات التجارية

     المطلب الثاني: تمييز الشركة التجارية عن الشركة المدنية

الخاتمة وفيها النتائج وأبرز التوصيات.

المبحث الأول: النظرية العامة للشركة المدنية

      يتناول هذا المبحث الإطار العام للشركة المدنية في النظام السعودي، من خلال استعراض مفهومها وأركانها في المطلب الأول، ثم الانتقال إلى دراسة طبيعتها القانونية وما تتمتع به من خصائص تميزها عن غيرها في المطلب الثاني، وذلك بهدف إجراء مقارنة بينها وبين الشركة التجارية في ضوء أحكام النظام السعودي.

المطلب الأول: مفهوم الشركة المدنية وأركانها

يركّز هذا المطلب على تحديد ماهية الشركة المدنية وفقًا للنصوص الفقهية والنظامية من خلال تحليل مفهومها في الفرع الأول، وبيان أركانها الأساسية في الفرع الثاني.

الفرع الأول: تعريف الشركة المدنية

الشركة في اللغة مشتقّة من الفعل شَرَكَ ومعناها “مخالطة الشريكين”[1]، فاختلاط الشَّيء بالشيء: امتزاجه[2]. قال تعالى: ((وإِنَّ كَثيراً مِنَ الخُلَطاء ليَبْغِي بعضُهم عَلَى بعْضٍ)) [ص: آية ٢٤] والخلطاء أي: الشركاء[3]، كما يقصد بالشرك النصيب[4] والاشتراك في الأرض: “وهو أن يَدفعها صاحِبُها إلى آخر بالنّصفِ أو الثُّلث أو نحو ذلك”[5]. ورُويَ عنِ النَّبي صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم أنه قال: “الناسُ شُرَكاء فِي ثَلَاثٍ: الكَلأ وَالْمَاءِ وَالنَّارِ”[6].

الشركة في الاصطلاح الفقهي: يطلق الفقهاء مصطلح الشركة بمعناه العام على شركة الإباحة وهي: الملك العام، وعلى شركة الملك ويقصد بها: اختصاص اثنان فأكثر بشيء واحد[7]. كما يطلق على شركة العقد وهي التي يعالجها الفقهاء في “كتاب الشركة”، والمعنية عند إطلاق لفظ “الشركة” في أكثر المواضع الفقهية[8]، وهي محل هذه الدراسة.

عرف الحنفية شركة العقد بأنها: “عقد بين المتشاركِين في الأصل والربح”[9]، فهو تصرفٌ مبرم بتوافق إرادتين أو أكثر، ومصدرٌ للحق المخوّل لهما[10]. أشير إلى معنى التشارك لتحديد مضمون العقد، ثمّ حدّد نطاق الاشتراك في الأصل والربح. فالأصل: هو رأس المال، بينما الربح: هو الناتج عن العمل بالأصل[11].

عرفها المالكية بأنها: “بيع مالك كل بعضه ببعض كل الآخر موجبٌ صحة تصرفهما في الجميع”[12]، وقد خصصّوا لفظ “مالك” لإخراج كل ما ليس بمال، أي أنهم تبنّوا ضابط المال لتعيين محل العقد، كما يقتضي الالتزام توكيل كلٍّ منهما الآخر بالتصرّف في محلّ الشركة، ولو لم يُصرَّح بذلك. [13]

عرفها الشافعية بأنها: “عقدٌ يحدث بالاختيار بقصد التصرف وتحصيل الربح”[14]، وهذا التعريف يبرز دور الرضا والاختيار في نشأة الشراكة، وهو أمر مفترض كون مصدره العقد[15].  كما يعد هذا التعريف مقاربًا جدًا لتعريف الحنفية، وإن كان هذا التعريف يُغفل الإشارة الصريحة إلى معنى المشاركة رغم أنه جوهر الشركة.  

عرفها الحنابلة بأنها: “اجتماع اثنين فأكثر في تصرف”[16]؛ لذا يُستبعدُ من نطاقها التصرف بالإرادة المنفردة، وبالنظر إلى تعريفهم يُلاحظ أنه ليس مانعًا؛ لأن الاجتماع في تصرّف يتضمّن معنى الوكالة[17].

تتوصل الدراسة إلى أن التعاريف الفقهية تتوافق -في مجملها- مع الإطار الذي اعتمده النظام السعودي للشركة المدنية.

الشركة المدنية في النظام السعودي: عرّف نظام المعاملات المدنية السعودي الشركة المدنية في المادة (529/1) منه بأنّها: “عقدٌ يسهم بمقتضاه شريكان، أو أكثر، بتقديم حصة من مالٍ أو عملٍ أو منهما معًا، في مشروع؛ لاقتسام ما ينشأ عنه من ربحٍ أو خسارة”.  يتضح أن فكرة الشركة المدنية قائمة على العقد إذ أنه مصدر التزام الشركاء، وينشأ عن طريق إبرام تصرّف إرادي يتمثّل في إسهام[18] كل شريك بحصّة ما لإحداث أثر نظامي معيّن[19]. يستنتج من ذلك ما يلي:

  1. ضرورة تعدّد الأطراف: إذ لا يمكن إنشاء شركة مدنية من شخص واحد؛ لأنها تستلزم -بوصفها عقد- وجود إرادتين على الأقل.
  2. مرونة صفة الشركاء: لم يخصّص المنظم فئة محددة للشركاء، إذ يجوز أن يكون الشريك شخصًا طبيعيًا أو اعتباريًا مدنيًا أو تاجرًا، شركةً، أو مؤسسةً، أو جهةً حكومية. أو حتى مزيجًا منهم ما يوسّع نطاق تطبيق الشركة المدنية.
  3. الحصص المقدمة: تبنّى المنظم السعودي ضابطي المال والعمل لتحديد الحصص المقدَّمة من الشركاء والتي تُعدّ محلًّا للعقد وأساسًا لتوليد الأرباح، إذ يلتزم كل شريكٍ بتقديم أي منهما وذلك على سبيل الحصر. تضمنت الفقرة الأولى من المادة (530) من نظام المعاملات المدنية أن الحصة المقدمة للشركة لا تصح إن كانت عبارة عن سمعة أو نفوذ الشريك.
  4. ضابط المال: نصّ نظام المعاملات المدنية في المادة (20) منه على أنّ المال هو: “كلّ ما له قيمة مادية معتبرة في التعامل، من عينٍ، أو منفعةٍ، أو حقّ”. يدخل في هذا التعريف جميع ما يتقوّم بالمال كالنقد، والعقارات، والمنقولات بكافة صورها، والحقوق العينية والتبعية شريطة ألّا تكون أموالًا محظورة شرعًا ونظامًا كالمواد المخدّرة [20].
  5. ضابط العمل: جاء النصُّ عامًا يدلّ على جنس العمل، فيدخل في مفهومه كلّ عملٍ مشروعٍ قد يتمثّل في مهنةٍ أو حرفةٍ أو تجارة ما لم يرد نصّ خاصّ يقضي بخلافه.
  6. غرض الشركة: يتمحور الغرض الأساسي للشركة في تحصيل الربح الناتج عن المشروع وتوزيعه وفق النسب المتفق عليها بين الشركاء كما نصت على ذلك المادتين (534) و (535) من نظام المعاملات المدنية.
  7. اتحاد المصلحة: اشتراك أطراف العقد في محلٍّ واحدٍ يُشير إلى وحدة المصلحة والغاية المشتركة، بخلاف العقود التبادلية التي تقوم على تبادل المنافع كعقد البيع[21].

من جانب آخر، نصت المادة (17) من نظام المعاملات المدنية أن منح الشخصية الاعتبارية لا يكون إلا بموجب نص نظامي، وبعد دراسة الأمر من قِبَل الجهات المعنية تم الانتهاء إلى أن الشركات المدنية لا تتمتّع بشخصية اعتبارية مستقلّة عن شخصية أطرافها، وذلك استنادًا إلى التعميم رقم (68845) وتاريخ 22/09/1445هـ الصادر عن رئيس الديوان الملكي، ويترتب عليه عدم استقلال التزاماتها وذمتها المالية عن ذمة الشركاء[22]. انطلاقًا من ذلك، لا يمكن تصوّر إنشاء شركة مدنية من شخصٍ واحد؛ لأنّها تستند حصرًا إلى مفهوم تلاقي الإرادات مما ينافي طبيعتها التعاقدية[23]. تختلف بعض التشريعات المقارنة في موقفها، حيث تمنح الشركة المدنية الشخصية الاعتبارية فور تكوينها مع فرض حماية خاصّة للغير في حال عدم إكمال إجراءاتها[24]. تتوصل الدراسة إلى أن عدم منح المنظم السعودي الشخصية الاعتبارية للشركة المدنية يُضفي مرونةً وشموليةً أكبر تسمح بدخول شتّى عقود المشاركة تحت مظلّة “الشركة المدنية”، ويحول دون ترك أي اتفاقٍ تشاركي خارج دائرة التنظيم القانوني.

  الفرع الثاني: أركان الشركة المدنية

أشارت المادة (30) من نظام المعاملات المدنية إلى أن أحكام العقد العامة تُطبّق على العقود المسماة بما لا يتعارض مع أحكامها الخاصة، وعلى إثر ذلك يتكون عقد الشركة من ثلاثة أركان موضوعية وهي: الرضا، والمحل، والسبب، وركن شكلي يتمثّل في الكتابة، وإنّ اختلال أي من هذه الأركان أو انعدامه يؤدي إلى بطلان العقد وعدم سريان آثاره وذلك حسب كل حالة[25]. تتناول الدراسة هذه الأركان كما يلي:

الركن الأول: الرضا

يُعدّ الرضا الركن الأساسي والجوهري لإبرام عقد الشركة، ويتحقق الرضا عن طريق تلاقي إرادتي متعاقدين أو أكثر لهما أهلية التصرّف؛ لإحداث آثار نظامية محددة تتضمن حقوقًا والتزامات على عاتق أطرافه[26]. عرفت المادة (12) من ذات النظام كامل الأهلية بأنه: ” كلُّ شخصٍ بلغ سن الرشد متمتعًا بقواه العقلية ولم يُحجر عليه” وحدّدت سن الرشد بإكمال الثماني عشرة سنة هجرية، فأي شخص ينطبق عليه هذا الوصف يمكنه إبرام عقد الشركة. كما قد افترضت المادة (47) من نظام المعاملات المدنية أن كل شخصٍ هو أهل لإبرام التصرّفات القانونية إلا إذا ثبت نقص أو انعدام أهليته وفقًا للنصوص النظامية مع الأخذ بالاعتبار أن قواعد الأهلية قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها. كما يجب أن تكون الإرادة خالية وسليمة من العيوب، ويُرجع لتفصيل ذلك إلى النصوص الخاصة بعيوب الإرادة في نظام المعاملات المدنية[27].

أكدت المادة (33) أن التعبير عن الإرادة يصح بكل ما يدل عليها، سواء أكان صريحًا مباشرًا، أم ضمنيًا يُفهم من السياق ما لم يُحدِّد نصٌ نظامي طريقةً خاصة للتعبير، وقد بيّنت المادة (528) من نظام المعاملات المدنية الشكل الواجب اتباعه عند إبرام عقود المشاركة. إلى جانب ذلك، اشترطت المادة (42) تطابق الإيجاب والقبول في المسائل الجوهرية للعقد، بينما يتمثّل جوهر الرضا في عقد الشركة في اتّجاه نيّة المتعاقدين إلى الاشتراك في المال والعمل بقصد تحقيق الربح، فإذا لم تلتقِ إرادة الأطراف على هذا الاشتراك، انعدم الرضا ووقع العقد باطلًا[28].

الركن الثاني: المحل

تُسمّى “العملية القانونية التي من خلالها يتم استثمار الحصص المقدمة من الشركاء طبقاً لغرضها”[29] محل العقد، وهي الركن الثاني لعقد الشركة، ويمثل الالتزام الذي يقع على عاتق كل شريك بتقديم حصة من مال أو عمل لتحقيق غاية العقد، ويعدّ تحديد هذه الالتزامات من المسائل الجوهرية التي لا يقوم العقد بدونها، وقد أجاز المنظم إمكانية التفاوت في نوع الحصص ومقدارها[30]. حددت المادة (72) من نظام المعاملات المدنية الشروط التي يجب توافرها في ركن المحل، وهي:

  • إمكانية التنفيذ: يجب ألا يكون تنفيذ الالتزام مستحيلًا وفقًا لمعيار الشخص المعتاد في الظروف العادية وقت التعاقد. أما إذا تعذّر التنفيذ لأسباب شخصية تتعلق بالشريك، أو استحال التنفيذ بعد التعاقد، فلا يكون العقد باطلًا، إذ العبرة بالإمكان وقت التعاقد[31].
  • المشروعية: يُعدّ هذا الشرط مفترضًا في جميع الالتزامات القانونية، إذ يجب أن تكون الحصة المالية المقدمة من الشريك ناتجة عن مصدر مشروع، كما يجب أن يكون العمل المقدم من الشريك متوافقًا مع الأنظمة والآداب العامة[32].
  • التعيين أو قابلية التعيين: قد يكون المحل معينًا بذاته، كما لو كانت الحصة المقدمة من الشريك عبارة عن عقار محدد، كأرض أو عمارة. كما قد يكون معينًا بالنوع والمقدار، كالمثليات التي يحل بعضها محل بعض[33]. في بعض الحالات، يكون المحل قابلاً للتعيين لاحقًا، كما إذا التزم أحد الشركاء بتقديم “خدمات هندسية” في عقد شركة مقاولات دون تحديد نوعها، فإن ذلك لا يؤدي إلى بطلان العقد، إذ يمكن تعيين طبيعة هذه الخدمات لاحقًا بالاتفاق أو وفق العرف السائد في المجال. يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة (555) من نظام المعاملات المدنية التي سمحت للشركاء بإبرام شركة مضاربة مطلقة على اعتبارها نوعًا من أنواع عقود المشاركة المدنية، والتي تُلزم الشريك فيها بالعمل بحدود العرف دون أن يوثر ذلك على صحّة انعقادها.

وفقًا لذلك، إذا كانت حصة الشريك نقودًا، فيجب تحديد مقدارها في العقد، بينما إذا كانت الحصة غير نقدية كالالتزام بعمل، أو كانت مالًا من غير النقد، فيتعيّن تقدير قيمتها وقت التعاقد، أو أن تكون قابلة للتقدير وفق أسس واضحة يتفق عليها الشركاء بناءً على الفقرة (1) من المادة (73) من نظام المعاملات المدنية. في حال لم يتفق الشركاء على تحديد محل العقد وفقًا للشروط المذكورة أعلاه، لا ينعقد عقد الشركة ويكون باطلًا بطلانًا مطلقًا، لاختلال ركن المحل فيه وفق الفقرة (2) من المادة (72) من نظام المعاملات المدنية[34].

الركن الثالث: السبب

السبب هو الغاية والباعث القانوني لالتزام الشركاء بالعقد، ويشترط فيه الوجود والمشروعية. يفترض المنظم في المادة (٧٦) من نظام المعاملات المدنية أنّ لكل عقد سببًا مشروعًا ما لم يتضح خلاف ذلك. كما أشار تعريف نظام المعاملات المدنية للشركة المدنية إلى الغاية المفترضة من إبرام عقد الشركة وهو تحقيق الربح واقتسامه بين الشركاء. بناءً على ذلك، إذا ثبت عدم مشروعية السبب، يعد العقد باطلًا بطلانًا مطلقًا، ولا ينتج أي أثر نظامي[35].

الركن الرابع: الكتابة

الأصل في العقود قيامها على مبدأ الرضائية، وهو ما نصت عليه المادة (33) من نظام المعاملات المدنية، إلا أن المنظم اشترط في مطلع أحكام عقد الشركة كتابة عقود المشاركة، وذلك بموجب المادة (528) من نظام المعاملات المدنية، وإلا عُدّت باطلة، مما يجعل عقد الشركة عقدًا شكليًا.

يترتب على تخلف ركن الشكلية بطلان العقد غير أن أثر هذا البطلان لا يمتد إلى الغير حسن النية[36]. بالتالي، يجوز للغير التمسّك بوجود عقد الشركة، وله في ذلك إثباته بكافّة طرق الإثبات. بناءً على ذلك، فإن الجزاء المترتب على عدم الكتابة لا يؤدي إلى انعدام العقد كليًا، بل يجعله قابلًا للإبطال وفقًا لأحكام النظام، مما يميزه عن البطلان المطلق، الذي يتعلق بالنظام العام، ويؤدي إلى انعدام العقد وآثاره منذ نشأته[37].

بهذا الخصوص، أجاز المنظم السعودي إحلال بدائل قانونية محل الكتابة لتفادي إبطال العقد، حيث نصّت المادة (51) من نظام الإثبات[38] على أن الإقرار القضائي واليمين الحاسمة قد تقوم مقام الكتابة، كما يمكن الاستناد إلى مبدأ الثبوت بالكتابة متى توافرت قرائن قوية تدل على وجود عقد الشركة، مما يتيح تصحيح وضعه القانوني عند تخلف هذا الركن.

المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للشركة المدنية وخصائصها

يقسم هذا المطلب إلى فرعين. يتناول الفرع الأول الأسس النظرية التي قام عليها تحديد الطبيعة القانونية للشركة المدنية، ثم يبرز موقف المنظّم السعودي فيما يتعلق بالشركة المدنية، وما يلائم أوضاعها من نظريات، مع توضيح الخصائص المترتبة على ذلك في الفرع الثاني.

الفرع الأول: الطبيعة القانونية للشركة المدنية

استند الفقه القانوني في تحديده لطبيعة الشركة المدنية إلى نظريتين، هما: النظرية العقدية أو ما يسمى بـ(شركة العقد)، والنظرية التنظيمية أو ما يُسمى بـ (شركة النظام)[39].

أولًا: النظرية العقدية

تقوم هذه النظرية على اعتبار الشركة مجرد عقد بين شخصين أو أكثر يُنشئ التزامات متبادلة بين الأطراف دون أن يؤدي إلى نشوء كيان قانوني مستقل. وفقًا لهذا المفهوم، إن الشركة المدنية تخضع للقواعد العامة للعقود، حيث يتطلب تأسيسها توافر الأركان الأساسية للعقد من رضا، ومحل، وسبب. تستند هذه النظرية إلى مبدأ سلطان الإرادة، ويُترك للشركاء فيها حرية تنظيم شركتهم وفق لما يرونه مناسبًا، دون الحاجة إلى تدخل الدولة، أو فرض متطلبات قانونية صارمة، إلا في حدود ما يحفظ حقوق الأطراف الأخرى[40].

تعرّضت النظرية العقدية للعديد من الانتقادات. أولاً: عدم تفسير استقلال الشركة عن الشركاء، لأن هذه النظرية تفترض أن الشركة المدنية تبقى مجرد عقد دون أن تكتسب شخصية اعتبارية، ودون أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء [41]. ثانيًا: تجاهل الشركة المدنية للإجراءات الشكلية والقانونية، ففي حين أن النظام يفرض التزامات قانونية على الشركات، مثل القيد في السجل التجاري وغيرها من المتطلبات التي تحد من إرادة الأطراف[42].

ثانيًا: النظرية التنظيمية

تعتبر هذه النظرية أن الشركة ليست مجرد عقد بين الشركاء، وإنما كيان قانوني مستقل يخضع لقواعد تنظيمية خاصة. بموجب هذا المفهوم، فإن الشركة تكتسب شخصيتها القانونية بمجرد استيفاء الإجراءات الشكلية التي يحددها النظام، مثل القيد في السجل التجاري، وليس بمجرد اتفاق الأطراف على إنشائها. كما أن قراراتها تُتخذ وفق مبدأ الأغلبية، وليس وفق إرادة جميع الشركاء[43]. تقوم هذه النظرية على مبدئين رئيسين، وهما استقلال الشركة عن الشركاء؛ حيث تتمتع بذمة مالية منفصلة، ويمكنها إبرام العقود والالتزامات بصفتها شخصًا اعتباريًا معترفًا به نظامًا. كما أنها تقوم على مبدأ التنظيم القانوني للشركة؛ لأنها تخضع الشركات لقوانين خاصة تضمن حماية الشركاء والدائنين.

أخذ على النظرية التنظيمية بأنها تحدّ من مبدأ سلطان الإرادة. يلاحظ أن هذه النظرية تقيد حرية الشركاء في تنظيم شركاتهم وتفرض عليهم إجراءات قانونية إلزامية معقدة[44].

موقف المنظّم السعودي:

أخذ النظام السعودي بالنظرية العقدية في تحديد طبيعة الشركة المدنية، حيث نصّت الفقرة (1) من المادة (529) من نظام المعاملات المدنية على أن الشركة المدنية عقد مما يؤكد أنها لا تكتسب شخصية معنوية مستقلة، بل تبقى قائمة على العلاقة التعاقدية بين الشركاء فقط. بالتالي، إن عقد الشركة المدنية لا يؤدي إلى إنشاء كيان قانوني، ولا تخضع لمتطلبات التسجيل والإشهار الإلزامية مما يجنّبها بعض الانتقادات الموجهة إلى النظرية العقدية، ويجعلها أكثر ارتباطًا بإرادة الأطراف.

الفرع الثاني: خصائص الشركة المدنية

يشتمل عقد الشركة على جملة من الخصائص التي تميّزه عن غيره من العقود يمكن تلخيصها فيما يلي:

أولا: عقد الشركة المدنية عقدٌ مسمى

إنّ عقد الشركة المدنية من طائفة العقود المسمّاة التي خصّها المنظم السعودي بالتسمية، وأصدر بشأنها تنظيمًا مستقلًا عن باقي العقود بحيث لم يترك تنظيمها للقواعد العامة[45]. قد أفرد المنظم لأحكامها الباب الرابع من نظام المعاملات المدنية باعتباره نوعًا من أنواع عقود المسماة، ويخضع للقواعد العامة فيما عدا تلك الأحكام وفقًا للمادة (٣٠) من ذات النظام.

ثانيًا: عقد الشركة المدنية يدور بين اللزوم والجواز

فرّق المنظم السعودي في معرض المادة (545) من نظام المعاملات المدنية بين ما إذا كان عقد الشركة المدنية محدد المدة أو غير محدد المدة، حيث يمكن للمتعاقد الرجوع عن العقد في أي وقت متى كان غير محدد المدة مما يجعله في هذه الحالة عقدًا جائزًا. من جانب آخر، إذا كان العقد محددًا بمدة؛ فليس للمتعاقد أن ينسحب منه قبل انقضائها، وبذلك يعتبر في هذه الحالة عقدًا لازمًا[46].

لا يتنافى ذلك مع ما نصت عليه القاعدة العاشرة من المادة (720) من نظام المعاملات المدنية من أن الأصل في العقود اللزوم؛ لأن المادة الأولى من ذات النظام أشارت إلى أن القواعد الكلية المنصوص عليها في الأحكام الختامية تطبّق في حال غياب النص النظامي الخاص. كما أن نص المادة (545) الذي في معرَض أحكام عقد الشركة ساوى بين الجواز واللزوم بحسب الحال، فلا مجال لتطبيق النص العام مع وجود النص الخاص.

ثالثًا: عقد الشركة المدنية عقد شكلي

وفق الفقرة (2) من المادة (528) من نظام المعاملات المدنية، اشترط المنظم السعودي الكتابة مما يحول عقد الشركة من عقد رضائي إلى عقد شكلي يلزم لانعقاده أن يتم إفراغه في صورة عقد مكتوب. يلاحظ أن المنظم السعودي قد اكتفى بالنص على وجوب كتابة العقد دون أن يشترط لإفراغه شكلية معينة. كما تسري أحكام الكتابة على أي تعديلٍ لاحقٍ يطرأ على العقد.[47]

رابعًا: عقد الشركة المدنية عقد محدد

يمتاز عقد الشركة المدنية بأنه عقد محدد أي أن التزامات الأطراف فيه محددة بشكل واضح، مثل تحديد مقدار رأس المال الذي يقدّمه الشركاء، ونسبة الربح المستحقة لكل متعاقد مما يجعله يختلف عن العقود الاحتمالية التي تعتمد على تحقق أو عدم تحقق حدث معين في المستقبل. كما أن احتمالية الربح أو الخسارة لا تجعل منه عقدًا احتماليًا؛ لأن العبرة بتحديد الشروط والالتزامات وقت التعاقد، وليس ضمان النتيجة المترتبة من تنفيذه[48].

خامسًا: عقد الشركة المدنية عقد مستمر

يُعدّ عقد الشركة المدنية من العقود الزمنية التي يتطلب تنفيذها مدّة من الزمن لتحقيق الغاية المرجوة منه، والمتمثلة في تحقيق الربح، إذ يرتّب على أطرافه التزامات مستمرة، بخلاف العقود الفورية التي تُنفّذ بمجرد انعقادها[49].

سادسًا: عقد الشركة المدنية عقد يخضع لاختصاص القضاء التجاري

أسند المنظم اختصاص النظر في المنازعات الناشئة عن جميع عقود المشاركة التي تخضع لنظام المعاملات المدنية للمحاكم التجارية بناءً على الفقرة الثالثة من المادة (16) من نظام المحاكم التجارية، وذلك بغض النظر عن طبيعتها المدنية. نجد أن هذا الإسناد يُعزز وحدة الجهة القضائية لجميع الشركات بمختلف أنواعها مما يجعل منها جهة متخصّصة ذو خبرة واسعة في نظر المعاملات المالية القائمة على الشراكة خاصة ما يتعلق منها بحساب الخسائر، وتوزيع الأرباح، وإدارة أموال الشركات، وتصفيتها.

المبحث الثاني: التمييز بين الشركات التجارية والشركات المدنية في النظام السعودي

يهدف هذا المبحث إلى تقديم رؤية متكاملة حول دراسة معايير التمييز بين الشركات، وذلك لاستجلاء توجه النظام السعودي في تصنيفها، ومدى انعكاس ذلك على تنظيمها القانوني. يتناول هذا المبحث التمييز بين الشركات التجارية والشركات المدنية في النظام السعودي من خلال تحليل الأسس التي استند إليها. ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين. يتناول المطلب الأول تحديد ماهية الشركات التجارية وخصائصها، وطبيعتها القانونية. كما يتناول المطلب الثاني الفروق الجوهرية بين الشركات التجارية والشركات المدنية عبر التمييز بين الأعمال التجارية والمدنية، ثم تحليل معيار الفصل بين النوعين وآثاره النظامية.

 المطلب الأول: ماهية الشركات التجارية وطبيعتها القانونية

يستعرض هذا المطلب تعريف الشركات التجارية وخصائصها مع بيان طبيعتها القانونية وفقًا للنظام السعودي كما يلي:

أولاً: تعريف الشركة التجارية وخصائصها:

نصّ المنظّم السعودي في المادة الثانية من نظام الشركات لعام 1443هـ على أنّ الشركة: “كيان قانوني يؤسس وفقًا لأحكام النظام بناءً على عقد تأسيس أو نظام أساس يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروعٍ يستهدف الربح بتقديم حصةٍ من مالٍ أو عملٍ أو منهما معًا؛ لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربحٍ أو خسارة، واستثناءً من ذلك، يجوز -وفقًا لأحكام النظام- أن تؤسس الشركة بالإرادة المنفردة لشخصٍ واحد، ويجوز تأسيس شركاتٍ غير ربحية وفقًا لما ورد في الباب السابع من النظام”. يتضح من هذا التعريف أنّ الشركة التجارية تتفق مع الشركة المدنية في عدة جوانب، لا سيما في الحاجة إلى عقد يربط بين المساهمين بتقديم الحصص المختلفة، وبالإضافة إلى المبدأ الأساسي المتمثل في اقتسام الربح أو الخسارة، إلا أنّها تتميّز عنها ببعض الخصائص، من أبرزها:

  1. اكتساب الشركة التجارية الشخصية الاعتبارية، وذلك على خلاف الشركة المدنية التي عرّفها النظام بوصفها “عقد”، بينما اعتمد النص في الشركات التجارية على أن الشركة التجارية “كيان قانوني” مما يدلّ على تمتّع الشركة التجاريّة بشخصيّة اعتباريّة منفصلة عن شركائها. تُكتسَب الشخصية الاعتبارية بقيد الشركة التجارية في السجل التجاري وفقًا للمادة (9) من نظام الشركات. تتجلّى آثار هذه الشخصيّة الاعتبارية في امتلاك الشركة ذمّة ماليّة مستقلّة، واتّخاذها اسمًا تجاريًّا، فضلاً عن الأهلية اللازمة لإبرام التصرّفات، ومقاضاة الغير، أو مُقاضاتها أمام المحاكم باسمها الخاص.
  2. إمكانية تأسيس الشركة التجارية بالإرادة المنفردة، وذلك رغم أنّ الأصل في الشركات قيامها على تعدّد الشركاء، أجاز المنظّم السعودي استثناءً تأسيس الشركة التجارية من شخصٍ واحد وبإرادة منفردة، وهو ما لا يتوافق مع الطبيعة العقدية للشركة المدنية التي تتطلب تعدّد الإرادات. يوفّر هذا الاستثناء إطارًا قانونيًا لحماية ذمة المؤسّس، وضمان الفصل بين أمواله الشخصية، والذمة المالية للشركة.
  3. إمكانية تأسيس شركات غير ربحية، فعلى الرغم من أن نشأة الشركة التجارية ترتكز في الأصل على استهداف الربح ونماء المال، إلا أن المنظم سمح استثناء بتأسيس شركات لا تهدف إلى الربح في الباب السابع من نظام الشركات، بل تُعنى بتحقيق أهداف إنسانية، أو اجتماعية، أو تنموية بدلاً من توزيع الأرباح.
  4. التقيّد بشكل قانوني محدد، فقد ألزم المنظم عند إنشاء الشركة التجارية باتخاذ أحد الأشكال القانونية المحددة حصرًا في نظام الشركات، وذلك على خلاف الشركة المدنية التي تتمتع بمرونة في تحديد شكلها القانوني نظرًا لطبيعتها العقدية.

ثانيًا: الطبيعة القانونية للشركة التجارية

بعد عرض النظريات التي استحدثها الفقه القانوني لتحديد طبيعة الشركات المدنية فيما تقدم[50]. ترى الباحثة أن المنظّم السعودي اتجه نحو تبني النظرية التنظيمية في تحديد طبيعة الشركات التجارية، وقد أقرّ نظام الشركات السعودي هذا الاتجاه من خلال تعريفه للشركة التجارية في المادة الأولى بأنها كيان” مما يدل على اكتسابها شخصية قانونية مستقلة بمجرد استيفاء متطلبات التأسيس والتسجيل. مع ذلك، لم يأخذ المنظّم السعودي بهذه النظرية بشكل مطلق؛ بل تبنّى معيارًا مزدوجًا يجمع بين النظرية العقدية والتنظيمية، حيث تنشأ الشركة التجارية بموجب عقد تأسيس أو نظام أساس مما يعكس الطبيعة العقدية في بدايتها. بناء على ذلك، إن الشركة التجارية تكتسب شخصيتها القانونية المستقلة بعد استيفاء إجراءات التأسيس والتسجيل مما يبرز الجانب التنظيمي في وجودها القانوني، وأن الإرادة التعاقدية وحدها غير كافية لإنشائها، إذ إن النظام القانوني هو الذي يمنحها صفتها المستقلة[51].

المطلب الثاني: تمييز الشركة التجارية عن الشركة المدنية

يمثل التمييز بين الشركة التجارية والشركة المدنية محورًا أساسيًا في التنظيم القانوني للشركات، حيث يؤثر على النظام القانوني المطبق عليها، وحقوق والتزامات الشركاء. يعتمد هذا التمييز على عدة معايير من أبرزها طبيعة النشاط الذي تمارسه الشركة، وهو ما يتطلب توضيح الفرق بين العمل التجاري والعمل المدني، ثم بيان الأسس المعتمدة في تحديد طبيعة الشركة وآثار ذلك على مركزها القانوني.

الفرع الأول: التمييز بين العمل التجاري والعمل المدني

أصبح التمييز بين العمل المدني والتجاري متطلب لتطبيق القوانين، والأعراف الملزمة على كل فرع خاصة عندما عجزت القواعد المدنية عن تلبيةِ متطلبات النشاط التجاري من سرعة، وائتمان في التعاملات التجارية[52]. نصت المادة الأولى من نظام المعاملات المدنية أن أحكام النظام تطبّق على جميع الأعمال والمعاملات الواردة فيه، إلا ما نُظّم بنصوص خاصّة، مما يدلّ على أن الأصل في الأعمال أنها ذات طبيعة مدنية، وقد جاءت المادة الثانية من النظام التجاري (نظام المحكمة التجارية) بذكر بعض الأعمال التجارية، منها: شراء المنقولات بقصد البيع، وأعمال المقاولة، والتوريد، والوكالة بالعمولة، والنقل، والأوراق التجارية، والصرافة والبنوك، ومقاولات المباني، وغيرها.

يلاحظ أن المنظم السعودي في المادة (16) من نظام المحاكم التجارية لم يحدد الأعمال التجارية على سبيل الحصر، بل أتاح إمكانية القياس عليها، أو إضافة أنواع أخرى، وهذا ما يُستدل من عبارة “من الأعمال التجارية” في سياق المادة التي نصت على أن المحاكم التجارية تختص بالمنازعات التي تتعلق بالأعمال التجارية بين التجار. قد أكدت المادة (7) من مشروع نظام المعاملات التجارية توجه المنظم السعودي بأن كل ما يماثل هذه الأعمال في الصفة والغاية يُعدّ عملًا تجاريًا.  بينما في السياق ذاته، عرّفت المادة الأولى من نظام الإفلاس الأعمال التجارية بأنها “الأعمال التجارية المنصوص عليها في الأنظمة ذات العلاقة”[53]، مستبعدةً الأعمال التجارية المستندة إلى العرف والقياس من نطاق تطبيقه. نظرًا للتطور المتسارع في المجال الاقتصادي، بات من الصعب وضع تعريف جامع مانع للأعمال التجارية؛ لذا ظهرت عدة نظريات لتحديد معيار التفرقة بين العمل التجاري والمدني، من أبرزها ما يلي:

أولاً: نظرية المضاربة (قصد الربح)

تجعل هذه النظرية من قصد الربح معيارًا للتفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري، فتصف العمل بالتجاري إذا استهدف الربح، وبينما تصفه بالمدني إذا افتقد هذا القصد. يُعاب على هذه النظرية توسُّعُها في إدخال بعض الأعمال المدنية مثل المهن الحرة، أو أعمال الجمعيات الخيرية ضمن العمل التجاري. نجد أن المنظم السعودي قد صرّح في تعريفه للشركات المدنية باستهدافها للربح. كما عجزت هذه النظرية عن تفسير تجارية بعض الأعمال التي لا تهدف إلى الربح، كاستخدام الأوراق التجارية لسداد ديونٍ شخصية[54].

ثانيًا: نظرية التداول

تُبنى هذه النظرية على أن جوهر العمل التجاري هو تداول السلع، ووساطة انتقالها من المنتج إلى المستهلك النهائي، وأي تصرف خلال هذه العملية يُعدّ عملاً تجاريًا، مثل الشراء، والنقل، والتأمين. يلاحظ على هذه النظرية أنها لا تغطي بعض الأعمال التجارية التي لا تتضمن تداولًا للسلع كالأوراق التجارية، وأعمال الصناعات الاستخراجية[55].

ثالثًا: نظرية الحرفة (الاحتراف)

تربط هذه النظرية العمل التجاري بصفة الشخص المحترف للتجارة، فكل ما يزاوله التاجر هو عمل تجاري، بينما تُعدّ أعمال غير التجار أعمالاً مدنية. ينتقد الفقه هذه النظرية لعدم تحديدها خصائص الحرفة التجارية، وعدم تفسيرها لبعض الأعمال التجارية التي لا تقوم على الاحتراف، كالتعامل لمرة واحدة بالأوراق التجارية[56].

رابعًا: نظرية المقاولة (المشروع)

تعتمد هذه النظرية على تكرار العمل التجاري على سبيل الاعتياد والاستمرار، وليس على طبيعة العمل، حيث يُصبح العمل تجاريًا إذا مُورس بانتظام باستعمال وسائل مادية، بينما تُعدّ الأعمال غير المنتظمة مدنية. ترتبط المقاولة بمفهوم المشروع، الذي يهتم بالتنظيم والتجهيزات في حين تركز نظرية الحرفة على ممارسة النشاط ذاته من خلال هذا المشروع[57]. وُجهت انتقادات لهذه النظرية، حيث إنها قد تصف بعض الأعمال المدنية بالصفة التجارية، مثل الشركات المدنية[58]، والمشروعات الزراعية، كما أنها قد تستبعد بعض الأعمال التجارية بطبيعتها التي أقرّها المنظّم صراحةً دون النظر إلى صفة الشخص، أو انتظامه في ممارستها، مثل الشراء بقصد البيع[59].

  تقدير المعايير:

راعى المنظم السعودي تعدد هذه النظريات دون أن يكتفي بتبنّي أحدها دون الآخر. عند تحديد اختصاص المحاكم التجارية، نص المنظم السعودي على اختصاصها لمنازعات “التجار بسبب أعمالهم التجارية الأصلية أو التبعية”[60]، وهي صيغة عامة تسمح بإعمال مختلف النظريات. على سبيل المثال، يعتبر نظام المحكمة التجارية الشراء بقصد البيع عملًا تجاريًّا ولو لمرة واحدة ومن غير تاجر، وذلك إعمالًا لنظرية المضاربة، في حين لا تعدّ الوكالة بالعمولة تجارية إلا بالاحتراف والمقاولة، وذلك إعمالًا لنظرية المشروع، وتُعدّ بعض الأعمال مدنية في أصلها لكنها تُصنَّف تجارية تبعًا لصفة التاجر القائم بها، وذلك إعمالًا لنظرية الحرفة، وكما يُعَدّ تجارية عقد النقل مثالًا على نظرية التداول[61]. في بعض الأحوال، قد يطبَّق أكثر من معيار على ذات العمل، أو يُستبعد معيارٌ واحد لعدم كفايته وحده، كما هو الحال إذا ما طُبق معيار الربح وحده على بيع المحصولات الزراعية[62]. قد ترك النظام السعودي المجال لاجتهاد الفقه والقضاء في تحديد طبيعة العمل، وذلك باستقراء الواقع والقياس، ومراعاة ما استقرّت عليه الأعراف التجارية لمواكبة المستجدات بمرور الزمن[63].

الفرع الثاني: معيار التفرقة بين الشركات التجارية والشركات المدنية وآثارها

سعى المنظّم السعودي إلى تضييق الفجوة بين الشركة المدنية والشركة التجارية، فوحَّد الاختصاص القضائي لجميع أنواع الشركات تحت مظلّة المحاكم التجارية[64]، وشمل نطاق نظام الإفلاس الشركات المدنية ما تطلّب تحديد معيار للتمييز بين النوعين. رغم أنّ المنظّم لم يضع معيارًا صريحًا للتمييز بين الشركات المدنية والتجارية، إلا إنّ اختلاف القواعد القانونية يوحي بوجود فروق أساسية بينهما. بالتالي، ظهرت نظريتان بارزتان في التفرقة، هما: المعيار الموضوعي والمعيار الشكلي.

أولاً: التمييز على أساس غرض الشركة وطبيعة نشاطها (المعيار الموضوعي)

يُعدّ معيار الغرض من الشركة أحد أبرز الأسس المستخدمة للتمييز بين الشركات التجارية والمدنية، ويُعرف بالمعيار الموضوعي لارتباطه المباشر بموضوع الشركة. وفقًا لهذه النظرية، تُصنّف الشركة بناءً على طبيعة نشاطها، فإن كان نشاطها مدنيًا فهي مدنية، وإن كان تجاريًا فهي تجارية. يُلاحظ أن غالبًا ما يُستخدم مصطلحي الغرض من الشركةو”طبيعة العمل” بذات المعنى[65]، إلا أن الباحثة ترى فرقًا بينهما، حيث يشير الغرض إلى الهدف من إنشاء الشركة، وهو غالبًا تحقيق الربح، بينما تتعلق طبيعة العمل بالنشاط ذاته وتصنيفه القانوني. رغم أن استهداف الربح يُعدّ غرضًا مشتركًا بين الشركات التجارية والمدنية[66]، فإن النظام لم يمنع الشركات المدنية من ممارسة الأعمال التجارية كما نصّت عليه المادة (529) من نظام المعاملات المدنية. بالتالي، يمكن لشركة مدنية أن تمارس نشاطًا تجاريًا وتهدف إلى تحقيق الربح، مما يجعل المعيار الموضوعي غير فعال في التمييز بين الشركات في النظام السعودي.

ثانيًا: التمييز على أساس شكل الشركة (المعيار الشكلي)

يُمثّل شكل الشركة عنصرًا جوهريًا في التفرقة بين الشركات المدنية والتجارية، حيث تُصنَّف الشركة كتجارية بمجرد اتخاذها أحد الأشكال المحددة حصريًا في نظام الشركات بغض النظر عن طبيعة نشاطها، بينما تُعد مدنية إذا انطبقت عليها شروط الشركات المدنية[67]. إحدى الإشكالات التي واجهت هذا المعيار كانت شركة المحاصة التي لا تتمتع بشكل قانوني واضح مما كان من الصعب تصنيفها وفقًا لهذا المعيار. بعد استدراك المنظم السعودي واستبعاد شركة المحاصة من نظام الشركات الحالي[68]، يلاحظ أن المنظم السعودي اعتمد على المعيار الشكلي أساسًا للتفرقة، حيث تُعتبر أي شركة لا تحقق الشروط الشكلية للشركات التجارية شركة مدنية[69].

رغم ذلك، قد يؤدي تبنّي هذا المعيار إلى إخراج بعض الأعمال من نطاق القانون التجاري حتى وإن اتخذت الشركة الشكل التجاري، كما هو الحال في التصرفات العقارية وعقود الإيجار التي تظل خاضعة لاختصاص المحاكم العامة، والأنظمة المدنية[70]. مع ذلك، فإن هذا لا يشكّل تعارضًا نظاميًا، إذ تختص المادة (16) من نظام المحاكم التجارية بالمنازعات الناشئة عن تطبيق نظام الشركات، ولا يوجد في الأنظمة التجارية ما ينظم نشاط العقارات حتى الآن. من جانب آخر، تطرقت الفقرة (أ) من المادة (6) من مشروع نظام المعاملات التجارية لعام 1443هـ لهذه المسألة التي اعتبرت احتراف النشاط العقاري بقصد الربح عملًا تجاريًا. كما أكدت الفقرة (ب) من المادة (10) من المشروع على أن كل شركة تؤسس وفق نظام الشركات تُمنح صفة التاجر، بغض النظر عن طبيعة نشاطها. وعليه، فإن إقرار وصدور هذا النظام سيُزيل العقبات التي تعترض المعيار الشكلي مما يجعله أكثر قابلية للتطبيق[71]. أخيرًا، ترجح الباحثة اتجاه المنظم السعودي لتبني المعيار الشكلي في التمييز بين الشركات التجارية والشركات المدنية؛ لأنه أصبح أكثر انسجامًا مع النصوص والاتجاهات الحديثة في نظام الشركات، ومشروع نظام المعاملات التجارية.

ثالثًا: أثر التمييز بين الشركات التجارية والمدنية

يستتبع التمييز بين الشركة المدنية والشركة التجارية انعكاسات في عدة جوانب، منها ما يتعلق بالنظام القانوني الواجب التطبيق، ومدى مسؤولية الشركاء، ومدى الاعتبار الممنوح للشخصية الشريك، وصولًا إلى أسباب انقضاء الشركة. فيما يلي تُوضح أهم هذه الجوانب:

الاختلاف في النظام القانوني المطبّق على الشركات

تخضع الشركة التجارية لأحكام نظام الشركات وغيره من الأنظمة ذات الطبيعة التجارية مع إمكانية اللجوء إلى القواعد المدنية عند خلوّ النصوص التجارية من حكم دقيق للمسألة المعروضة. أما الشركة المدنية، تظل في الأساس محكومة بقواعد القانون المدني المتمثلة في نظام المعاملات المدنية، ولا تُنزّل عليها الأحكام التجارية إلّا بنص صريح، أو عند إعمال بعض الأحكام الإجرائية الموحَّدة كاختصاص المحاكم التجارية بنظر المنازعات التي تتصل بالشركات المدنية.

مسؤولية الشركاء

في الشركات التجارية، تختلف حدود التزام الشريك وفقًا للشكل النظامي المعتمد في الشركة، فقد تكون مسؤوليته محدودةً في حدود حصته كما في شركات الأموال، أو غير محدودة وتمتدّ إلى ماله الخاص كما في بعض شركات الأشخاص، وتكون مسؤولية الشركاء فيها من حيث المبدأ تضامنية. في الشركات المدنية، يتم توزيع أعباء المسؤولية على الشركاء شخصيًا، وذلك نظرًا لعدم وجود كيان للشركة، فيتحمّل كل شريك مسؤولية ديون الشركة من أمواله الخاصة بمقدار حصته في رأس المال، مع ضرورة الإشارة إلى أن التضامن بين الشركاء ليس مفترضًا، بل يجب الاتفاق عليه صراحة في العقد أو ملحقاته[72].

 

الاعتبار الشخصي للشريك

تنشأ الشركات المدنية غالبًا على الثقة المتبادلة بين الشركاء فيصعب إدخال شريكٍ جديد، أو انسحاب أحدهم دون موافقة الشركاء جميعًا، أو حتى انقضاء الشركة؛ لأنّ الاعتبار الشخصي يُعدّ من لبّ تكوينها[73]. أما الشركات التجارية، تقوم عادةً على مبدأ جمع رأس المال واستثماره، فيُتاح فيها تداول الأسهم أو الحصص بسهولة مع تقليص اشتراطات موافقة بقية الشركاء، وإن ظل العنصر الشخصي حاضرًا بدرجات متفاوتة في شركات الأشخاص التجارية. كما أن الشركة التجارية لا تتأثر بوفاة أحد الشركاء، أو انسحابه خلافًا لما هو الحال في الشركات المدنية التي تقوم على الاعتبار الشخصي.

إجراءات تسجيل الشركة واكتساب الشخصية القانونية

يشترط نظام الشركات عند تأسيس الشركة التجارية استيفاء متطلبات شكلية معيّنة كتحرير عقد التأسيس، أو النظام الأساسي، وتوثيقه، ثم قيده في السجل التجاري، وهو ما يضفي عليها الصفة التجارية، ويكسبها الشخصية الاعتبارية[74]. في المقابل، لا يتطلب تأسيس الشركة المدنية سوى إبرام عقد مكتوب يستوفي الحد الأدنى من أركان العقد، ولا تكتسب الشخصية الاعتبارية استنادًا الى التعميم الصادر من رئيس الديوان الملكي السابق ذكره.

الخاتمة

تناول هذا البحث مفهوم الشركة المدنية، وأركانها، بالإضافة إلى طبيعتها القانونية، وخصائصها، وذلك ضمن إطار النظرية العامة للشركة المدنية. كما تم التطرق إلى التمييز بين الشركات التجارية، والشركات المدنية في النظام السعودي عبر تحليل ماهية الشركات التجارية من حيث تعريفها، وخصائصها، وطبيعتها القانونية، ثم بحث معايير التفرقة بين الشركة التجارية والشركة المدنية، وذلك من خلال استعراض الفروق بين العمل التجاري والعمل المدني، والمعايير المعتمدة في تحديد طبيعة الشركات، وآثار ذلك على تنظيمها القانوني. توصّلت الدراسة إلى جملة من النتائج والتوصيات تُوضّح على النحو الآتي:

النتائج:

أولاً: عرف المنظم السعودي كلاً من الشركة المدنية والشركة المدنية، وتوصلت الدراسة إلى الفروقات في طبيعة كلاً منهما، حيث تعتبر الشركة المدنية “عقد” في حين أن الشركة التجارية “كيان”. ‏

ثانيًا: ‏تقوم الشركة المدنية على أربعة أركان رئيسية، منها ثلاثة موضوعية، وهي: الرضا، والمحل، والسبب، في حين يتمثّل الركن الشكلي في وجوب الكتابة.

ثالثًا: يُعد عقد الشركة المدنية عقدًا شكليًا من العقود المسمّاة في نظام المعاملات المدنية، وهو عقد زمني محدّد الالتزامات بين الأطراف، وتدور طبيعته بين اللزوم والجواز بحسب الأحوال التي ذكرها النظام.

رابعًا: تمتاز الشركة التجارية في النظام السعودي بتمتعها بشخصية اعتبارية، وإمكانية أن تكون غير ربحية فضلًا عن جواز تأسيسها من قِبل شخص واحد.

خامسًا: أخذ المنظّم بالنظرية العقدية في تحديد طبيعة الشركة المدنية، بينما اعتمد في الشركة التجارية مفهومًا مزدوجًا يجمع بين النظرية العقدية، والنظرية التنظيمية، إذ يبدأ تأسيسها باتفاق الشركاء، ولا تكتمل إلا باستيفاء الإجراءات النظامية اللازمة لاكتساب الشخصية الاعتبارية.

سادسًا: لم يستقر المنظّم السعودي على تطبيق معيارٍ محدد للتمييز بين العمل التجاري والعمل المدني، بل أنه يطبّق عدّة معايير بالاستناد إلى النصوص النظامية، والأعراف، والقياس.

سابعًا: تبنّى المنظّم السعودي المعيار الشكلي للتمييز بين الشركات التجارية والمدنية، إذ تُصنّف الشركة من قبيل الشركات التجارية إذا اتخذت شكلًا قانونيًا محددًا وفقًا لأحكام نظام الشركات.

ثامنًا: يظهر أثر التفرقة بين أنواع الشركات في اختلاف القانون الواجب التطبيق، ومدى مسؤولية الشركاء عن ديون الشركة، وأهمية الاعتبار الشخصي للشريك، وبالإضافة إلى القيد الإلزامي، واكتساب الشخصية الاعتبارية.

تاسعًا: يُسهم توحيد جهة الاختصاص القضائي في تعزيز تخصص المحاكم في منازعات الشركات مما يرفع من كفاءة الفصل في القضايا المتعلقة بها.

التوصيات:

أولاً: توصي هذه الدراسة المنظم السعودي بإنشاء سجل خاص لقيد الشركات المدنية لدى جهة مختصة، بهدف تعزيز الحماية واستقرار المعاملات دون المساس بحرّية الأطراف، ويُوصى بفرض غرامة على المخالفين دون أن يؤثر ذلك على الاعتراف أو الاعتداد بالشركة.

ثانيًا: يُوصى بدراسة وتطوير آليات حماية المتعاملين مع الشركات المدنية، لا سيّما في ظل افتقارها للشخصية الاعتبارية وما يترتب على ذلك من اختلاط الذمم المالية للشركاء، وذلك بهدف تقليل مخاطر التعامل مع الشركة المدنية، وضمان حقوق الأطراف الخارجية.

ثالثًا: توصي هذه الدراسة بإعادة النظر في إمكانية منح شخصية اعتبارية جزئية أو محدودة للشركة المدنية، وذلك بمنحها اسمًا مستقلًا وحسابًا مصرفيًا خاصًا باسمها، مع بقاء الدعاوى القضائية في مواجهة الشركاء شخصيًا. حيث تُتيح هذه الصيغة رقابة مستقلة على أموال الشركة، وتمنع اختلاطها بحسابات الشركاء الشخصية، بما يحقق حماية لرؤوس الأموال، ويعزز ثقة الغير دون المساس بالطبيعة المدنية للشركة أو بحقوق المتعاملين في الرجوع على الشركاء.

رابعًا: توصي هذه الدراسة المنظم السعودي بتعيين جهة رقابية على الشركات المدنية، ونشاطها.

خامسًا: ‏توصي هذه الدراسة المنظم السعودي بسرعة اعتماد مشروع نظام المعاملات التجارية لمعالجة إشكالية تطبيق المعيار الشكلي في منح الصفة التجارية.

المصادر والمراجع

أولاً: الأنظمة واللوائح:

  1. قانون اتحادي رقم (5) لسنة 1985م بشأن إصدار قانون المعاملات المدنية الإماراتي.
  2. القانون المدني الأردني لسنة 1976م.
  3. القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948.
  4. نظام الإثبات، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) بتاريخ 26/05/1443هـ، وقرار مجلس الوزراء رقم (283) وتاريخ 24/05/ 1443هـ.
  5. نظام الإفلاس، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 28/05/1439هـ.
  6. النظام التجاري (نظام المحكمة التجارية)، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / 2)، وتاريخ 15/١/١٣٩٠هـ
  7. نظام الشركات، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م /132) بتاريخ 01/12/1443هـ، وقرار مجلس الوزراء رقم (678) بتاريخ 29/11/1443هـ.
  8. نظام المحاكم التجارية، الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (511)، وتاريخ 14/08/1441هـ.
  9. نظام المعاملات المدنية، الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/191بتاريخ 29/11/1444ه، وقرار مجلس الوزراء رقم (820) وتاريخ 14/11/1444ه.

ثانيًا: الكتب والمعاجم اللغوية:

  1. ابن عابدين، محمد أمين، (1966)، حاشية رد المحتار، على الدر المختار: شرح تنوير الأبصار، القاهرة، مصر: مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط2، ج4.
  2. ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل، (1993)، لسان العرب، بيروت، لبنان: دار صادر، ط3، ج10.
  3. الألباني، محمد ناصر الدين، (1985)، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، بيروت، لبنان: المكتب الإسلامي، ط2.
  4. البهوتي، منصور بن يونس، (2017)، الروض المربع بشرح زاد المستقنع مختصر المقنع، الكويت: دار ركائز، ط1، ج2.
  5. التركي، سلمان بن إبراهيم، (2024)، المستجدات في عقود الشركات بعد صدور نظام المعاملات المدنية: الجمعية العلمية القضائية السعودية.
  6. الخن، مصطفى وآخرون، (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، دمشق، سوريا: دار القلم، ط4، ج7.
  7. الديبان، ديبان بن محمد، (2011)، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، ط2، ج2.
  8. الرصاع، محمد بن قاسم الأنصاري، (1931)، الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية (شرح حدود ابن عرقلة): المكتبة العلمية، ط1.
  9. الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني، (2001)، تاج العروس من جواهر القاموس، بيروت، لبنان: دار إحياء التراث، ج19.
  10. الزير، عبدالرحمن بن محمد بن عبد الرحمن (2025)، نظرية العقد على ضوء نظام المعاملات المدنية السعودي، الرياض، المملكة العربية السعودية: دار الكتاب الجامعي، ط2.
  11. السجستاني، أبو داود سليمان بن الأشعث، تحقيق: الأرنؤوط، شعيب بن محرَّم الألباني، وآخرون، (2009)، سنن أبي داود، سوريا: دار الرسالة العالمية، ط1.
  12. سعيد، محمد رأفت، (2002)، المال، ملكيته واستثماره وإنفاقه، المنصورة، مصر: دار الوفاء.
  13. السنهوري، عبد الرزاق، (1968)، الوسيط في شرح القانون المدني: العقود التي ترد على الملكية، بيروت، لبنان: دار إحياء التراق العربي، ج5، مج2.
  14. السنهوري، عبد الرزاق، (1996)، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، بيروت، لبنان: دار إحياء التراق العربي، ج1.
  15. سويلم، محمد محمد أحمد، (2016)، مبادئ القانون التجاري السعودي، الرياض، المملكة العربية السعودية: مكتبة الرشد، ط1.
  16. الشيباني، أحمد بن محمد بن حنبل، تحقيق: الأرنؤوط، شعيب بن محرَّم الألباني، وآخرون، (2001)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، القاهرة، مصر: مؤسسة الرسالة، ط1.
  17. الغامدي، عبد الهادي محمد، (1438)، القانون التجاري السعودي، جدة، المملكة العربية السعودية: مكتبة الشقري، ط2.
  18. الفاضل، فيصل بن منصور، البلوي، صالح بن عوض، الطالب، صلاح بن خالد، (2025)، الوسيط في قانون الشركات السعودي، القاهرة، مصر: مركز الدراسات العربية، ط2.
  19. الفضلي، عبد العزيز بن محمد، (2020)، كتاب الشركات حسب نظام الشركات السعودي 1437ه، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط1.
  20. منصور، أمجد محمد، (2015)، النظرية العامة للالتزامات مصادر الالتزام، عمّان، الأردن: دار الثقافة، ط8.
  21. موسى، خالد السيد محمد عبد المجيد، (2025)، التعليق على نصوص نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد، الرياض، المملكة العربية السعودية: دار الكتاب الجامعي، ط1.
  22. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، (1992)، الموسوعة الفقهية الكويتية، القاهرة، مصر: مطابع دار الصفوة، ط1، ج26.

 

ثالثًا: الرسائل الجامعية:

  1. حسين، أسماء، (2022)، النظام القانوني للشركة المدنية (دراسة مقارنة)، رسالة دكتوراة: جامعة مستغانم، الجزائر.
  2. زاهد، الفاضل محمد الساير، (2008)، التمييز بين الشركات المدنية والشركات التجارية: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير: جامعة أم درمان الإسلامية، السودان.

رابعًا: الدوريات والمقالات العلمية:

  1. الأرناؤوط، إبراهيم صبري، (2018)، معيار الشركة التجارية (دراسة مقارنة): مجلة الحقوق، ع4.
  2. بالطيب، محمد البشير، (2020)، الطبيعة القانونية للشركة: رؤية حديثة: مجلة دفاتر السياسة والقانون، مج12، ع2.
  3. الزهراني، علي بن صالح، (2018)، التنظيم القانوني لشركة الشخص الواحد في ضوء نظام الشركات لسنة 1437ه: مجلة العلوم الشرعية، مج12، ع1.
  4. شلبي، عبد الحميد الديسطي، (2021)، إشكالات نتائج التفرقة بين الأعمال المدنية والتجارية في المملكة العربية السعودية “دراسة تحليلية مقارنة”: مجلة علوم الشريعة والدراسات الإسلامية، ع85.
  5. صالح، خالد نشوان، يونس هادي مسلم، (2020)، ‎معايير تمييز الشركات المدنية المهنية عن الشركات التجارية: دراسة تحليلية مقارنة: مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، ع31.
  6. القضاه، معن محمد أمين، (2023)، التوسع في نطاق تطبيق نظام الإفلاس السعودي الجديد 1439 ولائحته التنفيذية: مجلة جامعة الملك سعود، مج35، ع2.
  7. قليلي، بنعمر، (2022)، الطبيعة القانونية لنية الاشتراك في عقد الشركة: مجلة الفكر القانوني والسياسي، مج6، ع1.
  8. محرز، أحمد محمد، (1997)، أزمة التفرقة بين الشركات المدنية والشركات التجارية وفكرة المشروع الاقتصادي: دراسة تحليلية – تأصيلية – مقارنة: مجلة مصر المعاصرة، مج88، ع448.

خامسًا: المواقع والمصادر الإلكترونية:

  1. مشروع نظام المعاملات التجارية، وزارة التجارة، مسترجع من:

https://istitlaa.ncc.gov.sa/ar/Trade/mci/CTL/Pages/default.aspx، تاريخ الدخول: 20/3/2025م.

المكتبة الشاملة الذهبية، الشركة في الفقه الإسلامي: جامع الكتب الإسلامية. مسترجع من: https://2u.pw/74GUkpG، تاريخ الدخول: 20/3/2025م.

[1] ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي أبو الفضل، (1993)، لسان العرب، بيروت، لبنان: دار صادر، ط3، ج10، ص448.

[2] الزبيدي، محمد مرتضى الحسيني، (2001)، تاج العروس من جواهر القاموس، بيروت، لبنان: دار إحياء التراث، ج19، ص258.

[3] المرجع السابق، ص263.

[4] ابن منظور، مرجع سابق، ج10، ص449.

[5] المرجع السابق.

[6] أخرجه أبو داود في “سننه” (3 / 295) برقم: (3477) (كتاب الإجارة، باب في منع الماء) – واللفظ له-، وأحمد في “مسنده” (38 / 174) برقم: (23082)، وصححه الألباني في إرواء الغليل 6/ 7.

[7] وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، (1992)، الموسوعة الفقهية الكويتية، القاهرة، مصر: مطابع دار الصفوة، ط1، ج26، ص20.

[8] المرجع السابق. انظر: : الخياط، عبد العزيز عزت، (1983)، الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، عمّان، الأردن: دار البشير، ط2، ج1، ص34-35، 41. انظر: المكتبة الشاملة الذهبية، الشركة في الفقه الإسلامي: جامع الكتب الإسلامية، ص5. مسترجع من: https://2u.pw/74GUkpG. انظر: الخن، مصطفى وآخرون، (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، دمشق، سوريا: دار القلم، ط4، ج7، ص58.

[9] ابن عابدين، محمد أمين، (1966)، حاشية رد المحتار، على الدر المختار: شرح تنوير الأبصار، القاهرة، مصر: مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط2، ج4، ص299.

[10] السنهوري، عبد الرزاق، (1966)، مصادر الحق في الفقه الإسلامي، بيروت، لبنان: دار إحياء التراق العربي، ج1، ص32.

[11] وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، مرجع سابق، ج26، ص33.

[12]  الرصاع، محمد بن قاسم الأنصاري، (1931)، الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق الإمام ابن عرفة الوافية (شرح حدود ابن عرقلة): المكتبة العلمية، ط1، ص322.

[13] المرجع السابق، ص323-324.

[14] الخن، مرجع سابق، ص57.

[15] الديبان، ديبان بن محمد، (2011)، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، ط2، ج2، ص55.

[16] البهوتي، منصور بن يونس، (2017)، الروض المربع بشرح زاد المستقنع مختصر المقنع، الكويت: دار ركائز، ط1، ج2، ص364.

[17] الخياط، مرجع سابق، ص49- 50.

[18] الإسهام هو المشاركة. انظر: الزبيدي، مرجع سابق، ج32، ص440.

[19] المادة (31) من نظام المعاملات المدنية.

[20] سعيد، محمد رأفت، (2002)، المال، ملكيته واستثماره وإنفاقه، المنصورة، مصر: دار الوفاء، ص15-17.

[21] بالطيب، محمد البشير، (2020)، الطبيعة القانونية للشركة: رؤية حديثة: مجلة دفاتر السياسة والقانون، مج12، ع2، ص172.

[22] المادة (543) من نظام المعاملات المدنية.

[23] الزهراني، علي بن صالح، (2018)، التنظيم القانوني لشركة الشخص الواحد في ضوء نظام الشركات لسنة 1437ه: مجلة العلوم الشرعية، مج12، ع1، ص669.

[24]السنهوري، عبد الرزاق، (1968)، الوسيط في شرح القانون المدني: العقود التي ترد على الملكية، بيروت، لبنان: دار إحياء التراق العربي، ج5، مج2، ص240.  انظر: المادة (506) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1984. انظر: المادة (655) من قانون اتحادي رقم (5) لسنة 1985 بشأن إصدار قانون المعاملات المدنية الإماراتي. انظر أيضًا: المادة (583) من القانون المدني الأردني لسنة 1976م.

[25] انظر المواد (72) و (75) و(82) من نظام المعاملات المدنية، مرجع سابق.  انظر: منصور، أمجد محمد، (2015)، النظرية العامة للالتزامات مصادر الالتزام، عمّان، الأردن: دار الثقافة، ط8، ص62.

[26] المادة (32) من نظام المعاملات المدنية.

[27] انظر: المواد (57-69) من نظام المعاملات المدنية.

[28] ‎ قليلي، بنعمر، (2022)، الطبيعة القانونية لنية الاشتراك في عقد الشركة: مجلة الفكر القانوني والسياسي، مج6، ع1، ص902.

[29] زاهد، الفاضل محمد الساير، (2008)، التمييز بين الشركات المدنية والشركات التجارية: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير: جامعة أم درمان الإسلامية، السودان ، ص79.

[30] انظر: المواد (42) و(70) و(531-532) من نظام المعاملات المدنية، مرجع سابق.  انظر: السنهوري، الوسيط، مرجع سابق، ج5، مج2، ص253.

[31] منصور، مرجع سابق، ص133.

[32] زاهد، مرجع سابق، ص79.

[33] المادة (21) من نظام المعاملات المدنية.

[34] انظر أيضًا: السنهوري، الوسيط، مرجع سابق، ج5، مج2، ص221.

[35] المادتين (75-76) من نظام المعاملات المدنية.

[36] انظر: السنهوري، الوسيط، مرجع سابق، ج5، مج2، ص249.

[37] المادة (528) من نظام المعاملات المدنية، مرجع سابق.  انظر: السنهوري، الوسيط، مرجع سابق، ج5، مج2، ص246-249.  انظر: التركي، سلمان بن إبراهيم، (2024)، المستجدات في عقود الشركات بعد صدور نظام المعاملات المدنية: الجمعية العلمية القضائية السعودية، ص9.

[38] نظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) بتاريخ 26/05/1443هـ، وقرار مجلس الوزراء رقم (283) وتاريخ 24/05/ 1443هـ.

[39] بالطيب، مرجع سابق، ص171.

[40] المرجع السابق. انظر أيضًا: الفاضل، فيصل بن منصور، البلوي، صالح بن عوض، الطالب، صلاح بن خالد، (2025)، الوسيط في قانون الشركات السعودي، القاهرة، مصر: مركز الدراسات العربية، ط2، ص22.

[41] الفضلي، عبد العزيز بن محمد، (2020)، كتاب الشركات حسب نظام الشركات السعودي 1437ه، الرياض، المملكة العربية السعودية، ط1، ص21-23. انظر أيضًا: بالطيب، مرجع سابق، ص171.

[42] بالطيب، مرجع سابق، ص171.

[43] بالطيب، مرجع سابق، ص172.

[44] المرجع السابق.

[45] موسى، خالد السيد محمد عبد المجيد، (2025)، التعليق على نصوص نظام المعاملات المدنية السعودي الجديد، الرياض، المملكة العربية السعودية: دار الكتاب الجامعي، ط1، ص475. انظر: منصور، مرجع سابق، ص 50.

[46] جاء نص المادة (545) من نظام المعاملات المدنية كالآتي: “:1- إذا كانت مدة الشركة غير معينة جاز للشريك أن ينسحب منها في أي وقت على أن يعلم جميع الشركاء -كتابة- بإرادته الانسحاب قبل حصوله بمدة معقولة…2- إذا كانت مدة الشركة معينة؛ فليس للشريك أن ينسحب منها قبل انقضاء المدة، وللمحكمة إخراجه منها إذا طلب ذلك وتقدم بأسباب مقبولة ” انظر: الزير، عبدالرحمن بن محمد بن عبد الرحمن (2025)، نظرية العقد على ضوء نظام المعاملات المدنية السعودي ، الرياض، المملكة العربية السعودية: دار الكتاب الجامعي، ط2، ص222،230.

[47] الخياط، مرجع سابق، ص74.

[48] السنهوري، الوسيط، مرجع سابق، ص226-227.

[49] حسين، أسماء، مرجع سابق، ص61، 97، 136.

[50] انظر الفرع الأول من المطلب الثاني من ا لمبحث الأول.

[51] الفقرة (1) من المادة (7) من نظام الشركات.

[52] شلبي، عبد الحميد الديسطي، (2021)، إشكالات نتائج التفرقة بين الأعمال المدنية والتجارية في المملكة العربية السعودية “دراسة تحليلية مقارنة”: مجلة علوم الشريعة والدراسات الإسلامية، ع85، ص973، 978.

[53] نظام الإفلاس، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 28/05/1439ه.

[54] سويلم، محمد محمد أحمد، (2016)، مبادئ القانون التجاري السعودي، الرياض، المملكة العربية السعودية: مكتبة الرشد، ط1، ص37-38.  انظر: زاهد، مرجع سابق، ص39-40.

[55] زاهد، مرجع سابق، ص40. انظر: سويلم، مرجع سابق، ص39-42.

[56] زاهد، مرجع سابق، ص43-44.  انظر: سويلم، مرجع سابق، ص41-43.

[57] زاهد، مرجع سابق، ص41-42.

[58] المادة (529) من نظام المعاملات المدنية ذكرت أن الشراكة تنصب “في مشروع”.

[59] سويلم، مرجع سابق، ص43.

[60] مادة (16) من نظام المحاكم التجارية، الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (511)، وتاريخ 14/08/1441ه .

[61] المادة الثانية من نظام المحكمة التجارية، مرجع سابق. انظر أيضًا: الغامدي، عبد الهادي محمد، (1438)، القانون التجاري السعودي، جدة، المملكة العربية السعودية: مكتبة الشقري، ط2، ص77-78.

[62] نصت المادة (3) من نظام المحكمة التجارية على أنه: “إذا باع مالك الأرض، أو المزارع فيها، غلتها بمعرفته … فلا يعد شيء من ذلك عملاً تجاريًا”.

[63] سويلم، مرجع سابق، ص43.

[64] المادة (16) من نظام المحاكم التجارية.

[65] صالح، خالد نشوان، يونس هادي مسلم، (2020)، ‎معايير تمييز الشركات المدنية المهنية عن الشركات التجارية: دراسة تحليلية مقارنة: مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، ع31، ص476-477. انظر: محرز، أحمد محمد، (1997)، أزمة التفرقة بين الشركات المدنية والشركات التجارية وفكرة المشروع الاقتصادي: دراسة تحليلية – تأصيلية – مقارنة: مجلة مصر المعاصرة، مج88، ع448، ص163.

[66] زاهد، مرجع سابق، ص117.

[67] صالح، يونس، مرجع سابق، ص478.

[68] محرز، مرجع سابق، ص164-166.

[69] الفاضل، البلوي، الطالب، مرجع سابق، ص26.

[70] المرجع السابق، ص168-171.  انظر: زاهد، مرجع سابق، ص119-120.

[71] مشروع نظام المعاملات التجارية، وزارة التجارة، مسترجع من: https://istitlaa.ncc.gov.sa/ar/Trade/mci/CTL/Pages/default.aspx.

[72] المادة (543) من نظام المعاملات المدنية.

[73] المادة (547) من نظام المعاملات المدنية.

[74] المواد من (4) إلى (12) من نظام الشركات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى