في الواجهةمقالات قانونية

التنظيم التشريعي للإرادة التعاقدية للذكاء الاصطناعي: دراسة مقارنة بين التشريعين الأردني والعماني. الدكتور: محمود محمد عليان الشوابكة الدكتور : “محمد خير” محمود العدوان

التنظيم التشريعي للإرادة التعاقدية للذكاء الاصطناعي:
دراسة مقارنة بين التشريعين الأردني والعماني.
Legislative regulation of contractual will for artificial intelligence:
A comparative study between Jordanian and Omani legislation.

الدكتور: محمود محمد عليان الشوابكة
كلية الحقوق، جامعة الإسراء – الأردن
Dr. Mahmoud Mohammad Al-Shawabkeh
Faculty of Law, Al-Isra University – Jordan

الدكتور : “محمد خير” محمود العدوان
كلية الحقوق، جامعة السلطان قابوس – سلطنة عمان
كلية القانون، جامعة اليرموك – الاردن
Dr. “Mohammed Khair” Mahmoud Aladwan
Faculty of Law, Sultan Qaboos University – Sultanate of Oman
Faculty of Law, Yarmouk University – Jordan

ملخص:
في ظل الثورة التكنولوجية الراهنة التي تقود مسيرتها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كان لزاماً على التشريعات أن تواكب التسارع الكبير في استخدام هذه التطبيقات، وذلك بتنظيم حسن استعمال هذه التطبيقات، وضمان بقاءها ضمن دائرة المشروعية الإجرائية والموضوعية، فضلاً عن وجوب بناء تنظيم تشريعي يحيط هذه التطبيقات بإطار قانوني يحدد ماهيتها، وضوابط استعمالها، والمسؤولية المترتبة على الأضرار الناجمة عن سوء توظيفها.
ولما كان على المشرع – أي مشرع – أن يستبق وقوع المشكلات التي قد تواجه أو تحيط، بفكرة ما؛ تولدت نتيجة التطور المجتمعي، وظهرت مشكلاتها، بفعل الاستخدام المجتمعي لها؛ كما هو حال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تلك، قد سبقت المحاولات التشريعية لنظمها؛ فظهرت العديد من المشكلات لعل أبرزها هو مدى صلاحية هذه التطبيقات للتعبير الذاتي عن الإرادة العقدية، أو قدرتها على أخذ مركز الوكيل الاتفاقي في التصرفات القانونية، وانصراف المركز القانوني لهذا الوكيل إليها، لتأتي هذه الورقة البحثية لتسليط الضوء على مدى كفاية التشريعين الأردني والعُماني، والتشريعات المقارنة، على رسم إطار تشريعي ينظم التعاقد عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويحدد صلاحية هذه التطبيقات للتعبير عن الإرادة العقدية.
كلمات مفتاحية: ذكاء اصطناعي، نظام قانوني، إرادة عقدية، وكيل اتفاقي.

Abstract:
In light of the technological revolution led by artificial intelligence applications, legislation must keep pace with the speed in the use of these applications, by regulating the use of these applications and ensuring that they remain within the scope of procedural and substantive legitimacy, with the necessity of building a legislative organization that surrounds these applications with a legal framework that defines their nature and the controls for their use. and liability for damages resulting from its use.
The legislator must anticipate the occurrence of problems as a result of societal development, and its problems have emerged due to its use; as is the case with artificial intelligence applications, which preceded legislative attempts to regulate them; many problems have emerged, perhaps the most prominent of which is the extent of the validity of these applications to express the contractual will, or take the position of the contractual agent in legal actions, and the legal position of this agent is devoted to it, so this research paper comes to shed light on the sufficiency of Jordanian and Omani legislation, and comparative legislation, to draw a legislative framework that regulates contracting through artificial intelligence applications, and determines the validity of these applications to express the contractual will.
Keywords: Artificial intelligence, legal system, contractual will, contractual agent.

المقدمة:
مع شيوع استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكثير من المجالات الحيوية في المجتمع، كان لزاماً على التشريعات أن تتدخل لرأب الفجوة بين التطبيق وبين تحديد المسؤولية القانونية الناجمة عن الأضرار الناشئة عن استعمال مثل هذه التقنيات.
والواقع العملي يشير وبوضوح إلى ان تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد بدأت تقتحم مجال ابرام العقود وصياغتها ومراجعتها، فالكثير من المكاتب القانونية في الدول العربية – وليس في الأردن وسلطنة عمان وحسب – بدأت توظف هذه التطبيقات لأتمتة عملية كتابة العقود وتحليل أصناف معينة من العقود كعقود العمل والبيوع العقارية، ومراجعتها وتصحيح الأخطاء فيها، بل إن الأمر تعدى ذلك ليصل إلى مرحلة اقتراح البنود العقدية المناسبة للمتعاقد.
ولعل الهاجس الرئيس الذي يشغل بال الباحثين والمهتمين بالعلاقة بين القانون وبين الذكاء الاصطناعي، يتمثل في مدى اعتراف التشريع – وهما في بحثنا هذا التشريعين؛ الأردني والعماني- بالذكاء الاصطناعي؛ من حيث منحه شخصية قانونية من عدمها، وتحديد المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن استخدام تطبيقاته، وبالمقابل مدى قدرة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته على القيام بمهام قانونية رئيسة؛ كالفصل في المنازعات، وإبرام العقود، واعتراف القانون للذكاء الاصطناعي بهذه الصلاحيات، والسؤال المركزي، أو الجوهري، الذي يطرحه هذا البحث؛ هو: هل يعرف التشريع الأردني والتشريع العماني، والمقارن، تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهل أن التشريع الذي نظمه؛ نظمه بشكل خاص، فإذا لم يكن كذلك، فهل يمكن تطويع التقنينات الموجودة حاليا لتتكيف مع استعمالات الذكاء الاصطناعي؟ أو بعبارة أكثر دقة: هل توفر التشريعات الأردنية والعمانية إطارًا قانونيًا كافيًا لتمكين الذكاء الاصطناعي من التعبير عن الإرادة التعاقدية؟”.
والحقيقة أن هذا السؤال إنما يتفرع إلى العديد من التساؤلات الفرعية؛ من قبيل: هل يمكن أن تستوعب البيئة التشريعية الراهنة تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟، وهل تتعارض اتجاهات المشرع الأردني والمشرع والعماني، والمقارن، مع استخدام الذكاء الاصطناعي والاعتراف به؟.
وثمة سؤال قد يكون صادما؛ ألا وهو: هل هناك داعي، أصلا، لكي يتدخل المشرع بوضع تنظيم خاص للذكاء الاصطناعي؟
والمشرعين الأردني والعماني، كحال العديد من التشريعات العالمية، لم يفردا تشريعاً خاصا ناظما للذكاء الاصطناعي على نحو يتعين معه أن تستند إجابة الأسئلة في هذه البحث على الاتجاهات العامة لها.
ومن باب بيان المدخل الذي يجب أن تنطلق منه الإجابة على تلك التساؤلات، فإن موقف التشريعين الأردني والعماني، من مدى منح تطبيقات الذكاء الاصطناعي شخصية قانونية قادرة على التعبير عن الارادة العقدية إنما هو حجر الأساس الذي يمكن أن يبنى عليه الاعتراف التشريعي بالذكاء الاصطناعي، وذلك بالرجوع إلى القوانين التي يمكن الاعتماد عليها لاستنباط هذه الشخصية، في حال وجودها والاعتراف بها.
من هنا، فإن الإجابة على التساؤلات أعلاه يجب ان تنطلق – في ظل غياب قانون خاص– من الاسقاطات القانونية الصالحة للتطبيق على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعني أننا لن نطرح افتراضات خارجة عن النصوص، بل سنحاول إظهار رأي المشرع باستنطاق النصوص ذاتها، والبحث عن قدرة المشرع على حل اشكاليات الذكاء الاصطناعي من جهة، ومن الجهة الأخرى قدرته على توظيف تقنيات هذا الذكاء في الجوانب القانونية، وقد اعتمد البحث على المنهج التحليلي والمنهج المقارن للتوصل إلى إجابات للأسئلة السابقة، وتقديم نتائج وتوصيات مفيدة للباحثين والمختصين وأصحاب العلاقة.
وبذلك فإن الأهداف الرئيسية لهذا البحث إنما تتمثل في هدفين رئيسين:
الأول: تحليل مدى اعتراف التشريعات بالإرادة التعاقدية للذكاء الاصطناعي.
الثاني: مقارنة بين التشريعات الأردنية والعمانية لتحديد الفجوات التشريعية،
وسيقوم الباحثان بإجراء المقارنة المستهدفة بين التشريعين المذكورين بالتركيز على التقنينات المدنية في كلا التشريعين وتحديداً القانون المدني الأردني 1976، وقانون المعاملات المدنية العماني 2013، وما يمكن أن يرتبط بالفكرة الرئيسة للبحث من تشريعات مقاربة كقانون المعاملات الالكترونية وقانون حماية المستهلك في كلا البلدين.
ونوجز كل ذلك في عدة أفكار رئيسية عنوان كل منها ينصرف الى التشريع المنبثقة عنه هذه الأفكار، ولا تخرج الأفكار محل النقاش عن فكرتين رئيسيتين؛ أولاهما؛ هي: الاعتراف بقدرة تقنيات الذكاء الاصطناعي على التعاقد المستقل، وثانيهما؛ هي: مدى الاعتراف بقدرة الذكاء الاصطناعي عن التعبير عن إرادة العاقدين، وذلك على التقسيم التالي:
الفرع الأول: مدى الاعتراف التشريعي بقدرة الذكاء الاصطناعي على التعاقد المستقل:
الفرع الثاني: مدى الاعتراف التشريعي باكتساب الذكاء الاصطناعي لوصف الوكيل الاتفاقي:

الفرع الأول: مدى الاعتراف بقدرة الذكاء الاصطناعي على التعاقد المستقل:
لعله من البدهي القول؛ إن البحث القانوني في مجال الذكاء الاصطناعي ليس بالشيء الجديد، إذ بدأت المحاولات الأولى للتحليل القانوني لمشاكل تطوير واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي من وقت مبكر، وقد توالت الدراسات القانونية الخاصة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي وما تزال مستمرة، وقد لاقت تلك الدارسات صدى تشريعياً في الدول الأكثر إنتاجاً لتطبيقات الذكاء الاصطناعي؛ بدأت على شكل مبادئ توجيهية إرشادية غير ملزمة، سرعان ما تحولت إلى تشريعات وقوانين خاصة ملزمة تنظم استعمالات تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاعات معينة( ).
وتثير مسألة الذكاء الاصطناعي صعوبات كبيرة وإشكاليات متعددة؛ إذ يجد الفقه القانوني صعوبة في تطبيق أحكام المسؤولية المدنية بصورتها التقليدية لمواجهة الأضرار الناجمة عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما أن هذه التطبيقات ما زالت في إطار التطوير ( )، مما يتطلب البحث في مدى الحاجة إلى إصدار تشريع خاص بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
لطالما كان الرضا هو ركن العقد الأول، ولعله الوحيد، فركنا السبب والمحل إنما ينضويان تحته ولا يمكن تصورهما دون تمامه، ولما كان القانون المدني – أي قانون مدني – لا يعترف بالرضا ركناً إلا بالتعبير عنه، فإن التعبير عن الرضا يغدو من الجوهرية بمكان بحيث لا يمكن تصور عقد صحيح إلا بسلامة ووضوح التعبير عنه. وحينما يتعلق الأمر بتطبيق ذكاء اصطناعي، فإن سلامة التعبير عن الإرادة العقدية يتعلق بمنح هذا التطبيق شخصية قانونية قادرة على انتاج مثل هذه الإرادة، أما بخصوص وضوح التعبير عن الإرادة، من قبل مثل هذا التطبيق، فإن المسألة تتعلق بقدرته على التعبير عن إرادته بشكل واضح يقبله القانون؛ فالمشرع المدني يشترط لقيام العقد، توافر الرضا، وأن يكون هذا الرضا صحيحاً، فهل يمكن، على فرض تطوره ودخوله لهذا المجال، أن يعبر الذكاء الاصطناعي عن إرادته العقدية الذاتية (فيتفاوض، ويفرض شروطه أو يتنازل عن بعضها، ويتعاقد؟)، بتحليل الإرادة العقدية التي يخاطبها المشرع المدني بالتنظيم، فهي إرادة الشخص الطبيعي أو المعنوي، ولا يمكن – في ظل التنظيم الحالي( ) – إدراج الذكاء الاصطناعي تحت أي من طبيعتي الأشخاص في القانون، وبالتالي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي – ولو تمكن من ذلك فنياً – من ابرام العقود والتفاوض حولها في ظل القانون العماني، ولعلنا هنا نقول: إن تقنيات الذكاء الاصطناعي ومهما بلغت دقتها، وحرفيتها، واستقلاليتها عن الصانع، أو المزود، أو المستعمل لها، لا يمكن ان تخرج عن أحد وصفين: اعتبارها آلة تحتاج عناية خاصة ولو اتخذ شكل تطبيق الكتروني أو برمجة تقنية، ويصدق عليها نص المادة (١٩٩) من قانون المعاملات المدنية العماني: “على من كان تحت تصرفه أشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها أو آلات ميكانيكية التعويض عما تحدثه من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه.”( )
كما يجب أن يظل في الذهن أن أتمتة المعاملات مسألة مختلفة تماماً عن دخول الذكاء الاصطناعي فيها، وعليه فإن تنظيم المشرع للتعاقد الالكتروني ليس بالضرورة تنظيما يشمل التعاقد بالذكاء الاصطناعي، فالتعاقد الالكتروني ليس تعاقد بالذكاء الاصطناعي بقدر ما هو تعاقد له وسيلة تختلف عن التعاقد التقليدي، والوفاء بالعملة الرقمية أو التعامل بها ليس ذكاء اصطناعي بقدر ما هو صورة جديدة لعملة الوفاء وبدله، ويجب أن تقرأ هذه الفكرة ربطاً مع نص المادة (13) من قانون المعاملات الالكترونية العماني:
“1- يجوز أن يتم التعاقد بين وسائط إلكترونية آلية متضمنة نظامي معلومات إلكترونية أو أكثر تكون معدة ومبرمجة مسبقا للقيام بمثل هذه المهام ويكون التعاقد صحيحا ونافذا على الرغم من عدم التدخل الشخصي أو المباشر لأي شخص طبيعي في عملية إبرام العقد.
2- يجوز إبرام عقد بين نظام معلومات آلي مملوك لشخص طبيعي أو معنوي وبين شخص طبيعي أو معنوي إذا كان الأخير يعلم أو كان ينبغي عليه أن يعلم أن ذلك النظام سيتولى مهمة إبرام العقد، ويكون للعقود الإلكترونية ذات الآثار القانونية المتعلقة بالعقود التي تبرم بالأساليب العادية من حيث الإثبات والصحة والقابلية للتنفيذ وغير ذلك من الأحكام.”، في حين تنص المادة التاسعة من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني على:” تعتبر رسالة المعلومات وسيلة من وسائل التعبير عن الإرادة المقبولة قانوناً لإبداء الإيجاب أو القبول بقصد إنشاء التزام تعاقدي “، كما تنص المادة العاشرة من القانون ذاته على: “تعتبر رسالة المعلومات صادرة عن المنشئ سواء صدرت عنه ولحسابه أو بالنيابة عنه أو بوساطة وسيط الكتروني معد للعمل بشكل تلقائي من المنشئ أو بالنيابة عنه .”
ويتضح جلياً من النصوص السابقة اتفاق التشريعين على أن التعاقد الالكتروني مربوط بشخص طبيعي أو معنوي وتابع له ولو كان مستقلاً في عملية الابرام، وهو ما يعدم فرضية إبداع تطبيق الذكاء الاصطناعي لفكرة التعاقد ذاتياً ودونما تدخل بشري مسبق،
وهنا يجب أن يطرح التساؤل البحثي الرئيس بشكل مباشر، في ضوء ما سبق المرور عليه من قواعد عامة، وفي ظل التطور التقني المتسارع، هل يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تعبر عن إرادتها المستقلة؛ فتتفاوض، وتتعاقد، وتنفذ التزامات عقدية؟.
يجيب البعض على هذه التساؤلات؛ بأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد تصمم خصيصاً لإبرام العقود الذكية ( ) التي تأخذ نمطاً رقمياً محدداً وهي أقرب إلى الارشادات المعالجة حاسوبياً والقابلة للتنفيذ من قبل أطراف العقد ( )، بل إن الأمر تعدى ذلك تقنياً إذ استطاع نموذج ذكاء اصطناعي طورته شركة “لومينانس” البريطانية من أن يتفاوض على بنود عقدية مع نموذج مقابل ودونما تدخل عنصر بشري، وقام هذا النموذج مستقلاً باستكمال الخطوات الفنية اللازمة لبناء العقد وتحديد نطاقه ( ).
وبالتالي، فإن تقديم المشورة القانونية ومراجعة العقود والتأكد من سلامتها عن طريق تطبيقات الذكاء الاصطناعي لم يعد أمراً مستغرباً، هذا فضلاً عن إعداد اللوائح القضائية أو مراجعتها لضمان دقتها وتوافقها مع المعطيات المقدمة له من قبل صاحب المصلحة ( )،وقد شاع – حتى في دولنا العربية – استخدام تقنية البلوك تشين في ابرام العقود الذكية واستعماله في شتى المجالات بما فيها تنظيم التعاقدات ومراجعة البنود العقدية واقتراح تسوية النزاعات الناشئة عن تنفيذ العقد او تفسيره.
والمتتبع لطريقة عمل هذه التطبيقات سيدرك حتماً أنها لا تعمل مستقلة عن التدخل البشري، فهي انعكاس لخوارزميات ومدخلات تستجيب مع برمجيتها التقنية المتفقة مع وظيفتها المطلوبة منها.
ولنا فيما سبق رأي مختلف بعض الشيء، فصحيح أن العقود الذكية – أو عقود الذكاء الاصطناعي – إنما تعبر عن وسيلة غير تقليدية من وسائل التعاقد؛ وهي التعاقد الالكتروني، بل إنها تعبر عن صورة متقدمة من التعاقد الالكتروني، لكن التعاقد، هنا، لا يسبغ على تقنية الذكاء الاصطناعي المستخدمة وصف المتعاقد، ولا حتى صفة الاستقلال في التعبير عن إرادة المتعاقد، فكل ما في الأمر أن إرادة المتعاقدين انصرفت إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لإبرام العقد أو تنفيذه، ومن ثم فإن العقد الذكي يحمل مغالطة واضحة في تسميته، فهو ليس ذكياً بذاته وتقنية الذكاء الاصطناعي لم تبدع العقد بشكل كامل مستقل عن إرادة المتعاقدين، بل كانت محض تنفيذ لهذه الإرادة التي حددت الذكاء الاصطناعي وسيلة لبناء العقد، وهي وسيلة معدة بحسب طبيعتها التقنية المبنية على المدخلات من طرف المتعاقدين للقيام بهذه المهمة.
ولعل غالب الفقه يرجح نفي الشخصية القانونية عن المتعاقد الذكي (تطبيق الذكاء الاصطناعي) بحسبانه يعبر عن إرادة غيره (المتعاقدين) لا إرادته الذاتية المستقلة، وأن كل ما يقوم به هو نقل إرادة المتعاقدين، وأن الجدال يجب أن يكون بين اعتباره وسيطا يقوم بعمل مادي بحت، أم يمكن منحه صفة الوكيل القادر على إبرام التصرف نيابة عن موكله ( ).
على أن هذا التكييف يجب ألا يعدم الاعتراف بخصوصية التعاقد الذكي، واعتباره وسيلة متقدمة في الربط بين المتعاقدين خاصة في تلك الحالات التي يصل فيها تقدم هذا المتعاقد وتطوره لحد مناقشة شروط التعاقد مع الطرف الاخر مثلما ظهر آنفا في مثال شركة لومينانس، بل إن هذا التقدم دفع البعض لمنح هذه التطبيقات وصف الشخص الافتراضي تمييزاً له عن الوسائل الإلكترونية الأخرى المستعملة لنقل الإرادة العقدية .
ولعل نفي الشخصية القانونية القادرة على التعاقد المنفرد عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي يغدو أكثر بساطة فيما يبدو عليه إذا نظرنا إلى نفعية العقد ذاته ووظيفته التي وجد من أجل تحقيقها؛ فالعقد ليس إلا كياناً معنوياً ابتدعته الجماعة البشرية لتبادل المصالح المالية وتنظيم الذمة المالية، فتطبيق الذكاء الاصطناعي لا ذمة مالية له، ولا نفعية اقتصادية تعود عليه من إبرام العقد، لذا فإن تصور منحه قدرة على التعاقد المنفرد تتعارض مع وظيفة العقد المشار إليها ولا تتصور معها لتغدو غير ذات جدوى.
ولعل البحث في قدرة تطبيق الذكاء الاصطناعي على التعاقد الذاتي/المنفرد او المستقل يغدو بحثاً لاحقاً على تحديد طبيعة الذكاء الاصطناعي: هل تقنية الذكاء الاصطناعي شيء، أم شخص: وهل يمكن أن نستند للتشريعات النافذة حالياً لنمنح للذكاء الاصطناعي شخصية قانونية غايتها تحديد المسؤول عن الضمان عن الضرر الناجم عن استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في نطاق العقود، وكذا تحديد المدين بالتزامات العقد والمسؤول عن تنفيذها؟
لعلنا نسلم هنا – وفقاً للطرح التحليلي أعلاه – بأن المفهوم القانوني للشخصية المخاطبة بالتكليف لا تنطبق على الذكاء الاصطناعي مهما بلغت استقلاليته؛ ونقول: إن المفهوم الحالي لا يستوعب، وهو ما يثير حالياً ضرورة تدخل المشرع لتحديد موقفه إزاء هذه التطبيقات ومركزها القانوني.
ولعله من المبكر، إذن، في ظل التشريعات الحالية، القول بتصور وجود شخصية قانونية مستقلة للذكاء الاصطناعي قادرة على التعاقد المستقل والذاتي، ومنحها حقوق المؤلف أو المخترع على نتاجاتها، أو دخول هذه التطبيقات مجال العمل القانوني كصائغ عقود، أو مستشار قانوني أو محام او وسيط.
إلا أنه من الواجب عدم التقليل من جهود الدول محل المقارنة لضبط الاطار القانوني للذكاء الاصطناعي، فقد اعتمد الأردن الاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي والخطة التنفيذية (2023-2027) والتي تم اعدادها بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي(EU) ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية(ESCWA) والأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO)، وكان من أبرز أهدافها ضمان البيئة التشريعية الداعمة للتوظيف الآمن للذكاء الاصطناعي ، وهو ما قد ينتج عنه – على فرض تنفيذه النموذجي – تأطير تشريعي لقدرة الذكاء الاصطناعي على التعاقد المنفرد وتحديد ضوابطه القانونية.
كما نجد النهج ذاته في سلطنة عمان، والتي أطلقت البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة في العام 2022، والذي كان من أبرز أهدافه المنظورة ” ايجـاد بيئـة تنظيميـة وتشـريعات مرنـة تتماشـى مـع متطلبـات الـذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة مـن خلال تحديث الأنظمة والقوانين والاستراتيجيات ذات العلاقة. ”

الفرع الثاني: مدى الاعتراف التشريعي باكتساب الذكاء الاصطناعي لوصف الوكيل الاتفاقي:
إذا سلمنا – بناء على ما سبق – أن وصف المتعاقد الذكي لا يصدق على تقنيات الذكاء الاصطناعي مهما بلغت من تطور وتقدم فإن الذكاء الاصطناعي لن يصدق عليه وصف الوكيل الاتفاقي التقليدي (الشخص العادي أو المعنوي) بحسبانه -أي تطبيق الذكاء الاصطناعي- لا يعبر عن ارادته الخاصة والمستقلة، بل حتى لو استطاع ان يفعل ذلك فإنه سيظل برمجية أو خوارزمية أو تطبيقا أقرب إلى اعتباره شيئا أو سلعة من اعتباره شخصاً) ).
إلا أنه وفي ظل ظهور تقنيات التعاقد الذكي وشيوع استخدامها وبمقابل الوكيل الاتفاقي التقليدي فقد شاع استخدام مصطلح الوسيط /الوكيل الذكي أو الالكتروني باعتباره أن هذه التقنيات يصدق عليها ما يصدقه على هذا الوسيط بحسبانه “كیان برنامجي قادر على العمل بصورة مستقلة من أجل إنجاز عدد من المهام التي تتطلب قدرا من الذكاء وذلك باسم مستخدمه ولصالحه”( )، أو بعبارة أكثر تفصيلاً باعتباره : ” برنامج حاسوب أو أیة وسیلة إلكترونیة یتم برمجتها للقيام بتصرفات معینة، یحددها منشئ أو مالك الوسیط ودونما حاجة لتدخله المباشر، یقوم عبر تفاعله مع وسائط مؤتمتة مشابهة أو مع الأشخاص الطبیعیین أو المعنویین بإتمام الأعمال أو الأوامر الموجهة إليها متخذا المركز القانوني للموجب أو القابل دون تدخل أو رقابة من مالكه، ودون أية مراجعة نهائية منه لبنود العقد”( ).
ولا يوجد ما يمنع من الناحية التقنية المحضة أن يقوم برنامج حاسوبي في شكل تطبيق ذكاء اصطناعي بإبرام تصرف قانوني وأياً ما كانت طبيعة هذا التصرف مادام غير قائم على الاعتبار الشخصي، فيكفي لقيامه بتلك المهمة أن تتم برمجته على تنفيذها، إلا أن الأمر يدق عند البحث في الاعتراف القانوني بهذا التعاقد الذكي؛ أيقره القانون على نحو مطلق ام انه لا يعترف به؟:
والحقيقة أن محاولة منح تطبيقات الذكاء الاصطناعي وصف الوكيل الذكي إنما يظهر – فقهياً – كمحاولة للتقريب بين فكرة التعاقد الذكي (استقلال الذكاء الاصطناعي بالتعبير عن الارادة العقدية) وبين دور الوكيل التقليدي، وهو تقريب غايته منح الذكاء الاصطناعي حداً من الكفاءة القانونية المستقلة والتي لا تصل لحد الاستقلال في التعبير عن الإرادة ولكنها لا تعدم في الوقت ذاته الاعتراف لهذا الذكاء بصلاحيته للقيام بمهام قانونية تتفق وطبيعته والمنظور التشريعي له، بل إن بعض الفقه يميل إلى منح هذا الاعتراف الجزئي للذكاء الاصطناعي بالقدرة على التعاقد قياساً على منح المشرع للشخص المعنوي كامل القدرة على التعاقد، بل إنه – هذا الاتجاه الفقهي – يرى أنه من باب أولى أن يمنح الذكاء الاصطناعي مثل هذه القدرة بالنظر إلى قدراته التفاعلية وتواصله المباشر والمستقل التي تجعله أكثر استحقاقاً لهذه القدرة من الشخص المعنوي الذي يحتاج دوماً إلى شخص طبيعي يعبر عن إرادته ( ).
وبالرجوع إلى المواد (9،10) من قانون المعاملات الالكترونية الأردني، والمادة (13) من قانون المعاملات الالكترونية العماني والمشار إليهما أعلاه، فإن كلا المشرعين وفي معالجتها للوسيط الالكتروني فإنهما لا يعدمان فرضية ابرام العقد عبر برمجية تقنية قادرة على نقل الإرادة العقدية، فألفاظ النصوص المشار إليها تستوعب قيام أطراف العقد بترك مهمة إنشاء العقد أو نقل الإرادة العقدية لوسيلة الكترونية، فهي واسطة تقنية للإرادة العقدية إنشاءً او نقلاً، إلا ان كلا التشريعين وإن كانا يعترفان – بشكل مباشر أو غير مباشر – بقدرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي على أخذ دور الوكيل الاتفاقي فإنهما لا يزالان ينكران، وربما بعبارة أدق، لا يمنحان صراحة تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشخصية القانونية التي تؤهلها لكسب المركز القانوني للوكيل الاتفاقي؛ ولعل هذا الموقف الضبابي بقدر ما يحمل سلبية تشريعية إلا أن له وجهاً محموداً؛ فالقول بمنح هذه التطبيقات ذلك المركز القانوني إنما يعني إكسابه حقوقاً وتحميله التزامات؛ وربما يعني أن المتصرف إليه سيجد نفسه دائناً لتطبيق ذكاء اصطناعي وربما مديناً له!!، وقد يكون منحه هذا ذريعة للأصيل للتهرب من مسؤولياته العقدية قبل الغير المتصرف إليه بحجة الخطأ المنسوب للنائب الذكي، ليغدو الإبقاء على وصف تطبيق الذكاء الاصطناعي بأنه محض واسطة مادية متطورة لنقل الإرادة والتعبير عنها مسلكاً أحوط في ظل عدم وجود تنظيم قانوني خاص يحدد الوضع القانوني للوكيل الذكي.
ولعنا هنا نرجح – وفي سبيل الوصول إلى حل وسط بين غياب التشريع وبين شيوع استعمال الذكاء الاصطناعي – إلى أن الوكيل الذكي واسطة مادية صالحة لنقل الإرادة وإنشاء العقد وبناء الالتزامات التعاقدية على نحو مستقل وذاتي، لكن المسؤولية العقدية الناجمة عن مثل هذا العقد إنما تصيب المتعاقدين ولا تنتقل إلى التطبيق الذكي الوسيط.
وعطفاً على هذه الفكرة وتأييداً لها فلا يجب أن يقرا التشريع المدني بمعزل عن قوانين حماية المستهلك، فهذه الأخيرة ليست إلا قانونا تطبيقيا حمائيا لمصالح المستهلك الذي قد يكون مشتريا أو عميلا أو موكلا ، وبالانتقال الى قوانين حماية المستهلك نجد قانون حماية المستهلك العماني يعرف السلعة بأنها: “كل منتج صناعي أو زراعي أو حيواني أو تحويلي بما في ذلك العناصر الأولية والمواد والمكونات الداخلة في المنتج”( )، وهذا قد يصدق على الذكاء الاصطناعي، وهذا النص موجود في قانون حماية المستهلك العماني ولا نجد له نظيرا في قانون حماية المستهلك الأردني والذي يقتصر على تعريف السلعة بأنها:” أي مال منقول يحصل عليه المستهلك من المزود وإن ألحق بمال غير منقول بما في ذلك القوى غير المحرزة كالكهرباء.”( )، وهو تعريف مختلف في بنيته عن سابقه العماني، إذ يتسم بالاتساع دون تفصيل صور السلعة وهو ما يمكن تحويره لينطبق على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعتبر آنذاك سلعة أو منتجاً.
وتطبيق قوانين حماية المستهلك على تقنيات الذكاء الاصطناعي يوسع نطاق الحماية الممنوحة للمستهلك، إذ رتب المشرع على المحترف أو المزود عدداً من الاشتراطات التي تأخذ وصف الضمانات من قبيل ضمانات حماية المستهلك: كالالتزام بالتبصير أو الاعلام حول المنتج ومحاذير استعماله( )، وكذا اشتراطات تداول السلعة الواردة في المادة (٣) من قانون حماية المستهلك العماني والتي تنص على أنه: “يحظر تداول أي سلعة أو تقديم أي خدمة قبل استيفاء كافة الشروط الخاصة بالصحة والسلامة والحصول على التراخيص أو الموافقات من الجهة المعنية، وذلك على النحو الذي تبينه اللائحة”( (.
بل إن تصنيف تقنيات الذكاء الاصطناعي باعتبارها أشياء / منتجات يغدو أكثر فائدة بحسبانه يحقق حماية أكثر للمستهلكين، ذلك أن منح الذكاء الاصطناعي شخصية قانونية مستقلة عن صانعه أو مزوده سيعني ربط المسؤولية الناجمة عن الاضرار به وحده دون الصانع أو المزود، فيكون هذين الأخيرين غير مسؤولين وسيكون عمل الذكاء الاصطناعي أقل دقة وأكثر خطورة ( ).

الخاتمة:
بناء على كل ما سبق فمن الواضح أن التشريعات العربية – محل الدراسة– لم تعرف تنظيماً خاصاً لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، على الأقل في تحديد المسؤول عن الأضرار الناجمة عن استعمال الذكاء الاصطناعي، ونطاق التعويض الواجب أداؤه بسبب هذه الأضرار، وهو ما يلزم الباحثين إلى اللجوء إلى القواعد العامة المرتبطة بالمسؤولية المدنية، ولما كان الأصل في المسؤولية المدنية – العقدية منها والتقصيرية – أنها مسؤولية شخصية فلا يسئل الشخص عن فعل غيره فقد استلزم ذلك البحث عن طبيعة تقنيات الذكاء الاصطناعي وهل يمكن اعتبارها شخصاً قانونياً مستقلاً عن مبتكره أو عن مزوده أو عن مستعمله.
وبإسقاط القواعد القانونية المرتبطة بالشخصية القانونية، وبالإرادة العقدية فقد تبين أن الوضع التشريعي الراهن لا يسمح باستقلال شخصية تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولا بانفرادها بالتعبير عن الإرادة العقدية على نحو يستلزم – في التشريعات محل الدراسة – ربطها بشخصية قانونية موجودة، أو منحها تكييفاً قانونياً مستقراً في التشريع وقابلاً لتحمل المسؤولية عن ضمان الأضرار الناجمة عن استخدامه.
والوصول إلى إحدى هاتين النتيجتين: ربط تقنية الذكاء الاصطناعي بشخصية قانونية يعترف بها التشريع الحالي، أو إسقاط تكييف قانوني معين عليها إنما يتحدد بالنظر للتشريعات القابلة للتطبيق عليها والمعنية بمنع الاعتداء على المصالح المشروعة، وبتحديد المسؤول عن ضمان الأضرار الناجمة عن مثل هذه الاعتداء، وما يتعلق بذلك هو التقنين المدني الرئيس وفروعه، وتحديداً القانون المدني في الدول محل المقارنة، وقانوني المعاملات الالكترونية وحماية المستهلك، وقوانين حماية البيانات الشخصية.
وجماع هذه التشريعات تؤكد على عدم وجود شخصية قانونية مستقلة للذكاء الاصطناعي، وعلى عدم قدرتها على التعبير عن إرادتها القانونية المستقلة في ظل التشريع الموجود، حتى ولو استطاعت ذلك فعلاً، فهي لا تغدو في أحسن التقديرات إلا منتجاً أو آلة أو وسيلة تقنية مرتبطة بمدخلات حاسوبية أو خوارزميات تتعلق بشكل أو بآخر بالمنتج أو المزود أو المستهلك.
إلا أن ما سبق لا يعدم ضمان الأضرار الناجمة عنها، ولا إيجاد مسؤول عن هذا الضمان وفقاً للقواعد العامة في الضمان كقاعدة (الغرم بالغنم)، أو مسؤولية حارس الأشياء التي تحتاج عناية خاصة، أو حتى مسؤولية المعالج أو المتحكم في تشريعات حماية البيانات الشخصية.

النتائج:
– في ظل التشريعات النافذة فلا يمكن اعتبار تطبيقات الذكاء الاصطناعي متعاقداً ذكياً، ولو استطاعت بالفعل ان تبرم العقد وتتفاوض حول أحكامه.
– في ظل التشريعات النافذة فإن أقصى وصف قانوني يمكن منحه لتطبيق الذكاء الاصطناعي المتعاقد اعتباره وسيطاً.
– إن اعتبار تطبيق الذكاء الاصطناعي المتعاقد وسيطاً لا يصل إلى حد اعتبار وكيلاً اتفاقياً وذلك بالنظر للوضع التشريعي الراهن.
– أن التشريعات محل الدراسة لا يمكن ان تمنح شخصية قانونية لتطبيق الذكاء الاصطناعي المتعاقد، وأن أقرب التكييفات القانونية التي قد تصدق عليه اعتباره وسيطاً مادياً أو منتجاً خاضعاً لاشتراطات قانون حماية المستهلك.

التوصيات (المقترحات):
– قياسا على قانون حماية المستهلك الذي يكرر فيه المشرع بعضا من الضمانات لحماية المستهلك، وهي ضمانات يمكن ادراج العديد منها تحت القواعد العامة، ولكن درءاً للاجتهاد وتضارب الأحكام فلا بد من إصدار تنظيم او على الأقل توجيه تشريعي ينظم الذكاء الاصطناعي بنيانا، وإطاراً وآثاراً.
– وربما تكون صورة هذا التنظيم هي تعديل في التشريعات القانونية الموجودة بإضافة مفهوم الذكاء الاصطناعي وضوابط استعماله وتحديد المسؤول عن الاثار الناجمة عنه، ولعلنا نقترح بالتحديد أن يشتمل قانون المعاملات الالكترونية على هذا الإطار القانوني التفصيلي بحسبانه التشريع الأقرب لاحتواء هذا المفهوم الحديث.
– على نحو ما ذهب اليه المشرع الأردني حين أنشأ وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، واسند إليها- من بين ما اسند اليها من مهام- تبني سياسية خاصة بالذكاء الاصطناعي ومتابعة ما يلحق به من تطور، لابد فيما يتعلق بسلطنة عمان من أيجاد جهة معينة أو الاسناد لجهة موجود؛ كوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أو هيئة حماية المستهلك أو هيئة تنظيم الاتصالات يناط بها التأكد من توافر ضمانات ومبادي استعمال الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات.

المراجع:
أولا: المراجع العربية:
– الحديثي، هالة صلاح .(2021). عقود التكنولوجيا المتغيرة، بحث منشور في مجلة كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة كركوك، المجلد 10، العدد 38، الجزء الأول.
– السعدي، ولید محمد عبد الله .(2017). النظام القانوني للوكيل الإلكتروني، منشورات الحلبي الحقوقیة، بیروت.
– سمیح، عصمت .(2008). العقود الإلكترونية: دراسة في القانون الواجب التطبيق، وتسویة المنازعات الناشئة عنها، أطروحة دكتوراه في القانون، كلیة الحقوق، جامعة بیروت العربية، لبنان.
– الشريفات، محمود عبد الرحیم .(2011). التراضي في تكوین العقد عبر الانترنت: دراسة مقارنة، الطبعة،2 دار الثقافة، عمان.
– عبيدات، إبراهيم ( 2023) العقد الذكي وانعكاساته على النظرية العامة للعقد-دراسة تحليلية، مجلة الحقوق والعلوم السياسية، العدد.39.
– العجارمة، حكم حسن .(2023). المسؤولية المدنية عن أضرار الذكاء الاصطناعي (دراسة تحليلية في القانون المدني الأردني)، مجلة جامعة الزيتونة للدراسات القانونية، المجلد 4، الإصدار 2.
– العماوي، محمد علي أحمد (2024) الجوانب القانونية للمسؤولية المدنية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في التشريع الأردني، مجلة جامعة الزيتونة للدراسات القانونية، اصدار خاص.
– فتح الباب، محمد ربيع .(2021). الطبيعة القانونية للمسؤولية عن أعمال الروبوتات، دراسة تحليلية مقارنة، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق، جامعة المنصورة.

ثانياً: المراجع الأجنبية:
– Dory Reiling .(2019). Quelle place pour l’intelligence artificielle dans le processus de décision d’un juge ? , Les cahiers de la justice , 29 juin.
– Nathal Nevejans .( 2019). ” Le Statut juridique du Droit du Robot doit-il evoluer?” December, http://lajauneetlarouge.com.
– THOUMYRE Lionel .(1999). l’échange des consentements dans le commerce électronique, revue lex electronica, vol5, n°1, consulté le 26/2/2022, sur : https://bit.ly/3mJVztS
– https://spd.tech/artificial-intelligence/how-artificial-intelligence-transforms-legal-services-in-2024
– https://www.argaam.com/ar/article/articledetail/id/1682835
– https://www.itcat.org/LegislationPoliciesStrategies.aspx-
– https://www.mtcit.gov.om/ITAPortal_AR/Pages/Page.aspx?NID=3162&PID=579841

ثالثاً:القوانين:
– القانون المدني الأردني لسنة 1976.
– قانون المعاملات المدنية العماني لسنة 2013.
– قانون المعاملات الالكترونية الأردني لسنة 2015
– قانون المعاملات الالكترونية العماني لسنة 2008.
– قانون حماية المستهلك الأردني لسنة 2017.
– قانون حماية المستهلك العماني لسنة 2014.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى