سلسلة الابحاث الجامعية و الأكاديميةفي الواجهةمقالات قانونية

التمويل التعاوني كآلية مبتكرة لتمويل المقاولة على ضوء مسودة مشروع القانون رقم 15.18 : الاصدار 35 من سلسلة الابحاث الجامعية و الأكاديمية

مقدمة

 

تعتبر المقاولة عنصرا أساسيا في النمو الاقتصادي للدول، كما تؤثر على المجتمعات بطريقة إيجابية من خلال خلق فرص العمل وتحقيق التنمية الإقليمية والمحلية، إلا أن نشاط المقاولة في المغرب لازال يواجه عدة صعوبات بالرغم من المجهودات المبذولة من أجل تجاوزها[1]، لا سيما على مستوى المشاريع الصغرى والمتوسطة التي تحتل مكانة هامة ضمن منظومتنا الاقتصادية حيث تمثل حوالي %95[2] من النسيج المقاولاتي المغربي، هذه الصعوبات تجلت بالأساس في هشاشة بنيتها وضعف وسائلها حيث تظل المقاولة الصغيرة والمتوسطة أكثر عرضة لحتميات محيطها العام التي تتحمل آفاتها وتقلباتها أكثر من المقاولة الكبرى.

وزادت حدّة تأثر هذا النوع من المقاولات مع الانفتاح الذي شهده المغرب على التشريعات الدولية بهدف عولمة اقتصاده، فالانضمام إلى اتفاقية الجات سنة 1987 الذي تلاه التوقيع في مدينة مراكش على الوثيقة الختامية لمنظمة التجارة العالمية ((WTO سنة 1995، وكذا إبرام اتفاقيات التجارة الحرة بهدف الولوج لسوق معفاة من الرسوم الجمركية سواء على المستوى الإقليمي، كما هو الشأن مع الاتحاد الأوروبي الموقعة ب 26 فبراير 1996، أو على المستوى الثنائي مثل الاتفاق الحر المبرم مع الولايات المتحدة لأمريكية سنة 2004 أو مع تركيا سنة 2006، جعل المقاولات الصغرى والمتوسطة عرضة لمنافسة دولية غير عادلة من حيث الإنتاجية والكفاءة والابتكار[3]، لتتفاقم معه حجم الصعوبات التي أحاطت بهذا النوع من المقاولات مما جعلها غير قادرة على تحقيق الهدف المتوخى من إحداثها.

ويمثل ضعف التمويل أبرز هذه الصعوبات أو بالأحرى العقبة الأساسية أمام نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة لاسيما الحاملة منها للمشاريع المبتكرة، وهو ما أكده تقرير سابق للأمم المتحدة[4] الذي اعتبر أن هذه الفئة من المقاولات تعاني في غالب الأحيان من ضعف التمويل نظرا لعدم استعداد الأبناك والمؤسسات التقليدية لمنحهم القروض والمخاطرة، وهو ما أشار له تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر سنة 2015 حيث اعتبر أن العلاقة بين الأبناك والمقاولات، تعكس وجود ضعف على مستوى التأطير المالي للمقاولات، ولاسيما المقاولات الصغيرة و/أو العائلية، بل إنها تعكس وجود تباين بينمهما في الأهداف والانتظارات[5].

دفعت كل هذه المعطيات بالمشرع للبحث عن حلول تمويلية جديدة لهذا النوع من المقاولات، من شأنها تعويض الحلول التمويلية التقليدية (كالقروض)، وهو ما عبر عنه من خلال مسودة مشروع القانون رقم 15.18[6] بشأن التمويل التعاوني أو  le Financement participatif ou crowdfunding، هذا الأخير الذي يهدف ليصبح بديل مفيد للذين لديهم أفكار مميزة ويحتاجون إلى أموال لتحقيقها[7]، وذلك عبر تمويلهم من خلال منصة إلكترونية مخصصة لهذا الغرض.

وينطلق التعريف اللغوي لهذه الآلية التمويلية من خلال تفكيك كل مفهوم فيها على حدة، فبخصوص مصطلح “التمويل” فقد عرفه القاموس الاقتصادي بأنه: “عندما تريد منشأة زيادة طاقتها الإنتاجية أو إنتاج مادة جديدة أو إعادة تنظيم أجهزتها فإنها تضع برنامجا يعتمد على الناحيتين التاليتين:

  • ناحية مادية: (…)
  • ناحية مالية: تتضمن كلفة المشروع ومصدر الأموال الضرورية وكيفية استعمالها، فهذه الناحية هي التي تسمى بالتمويل“.[8]

أما مصطلح “التعاوني” فهو مشتق من مصطلح “التعاون” الذي يعبر عن قيمة إنسانية عالية تتم بين الناس على مدار الزمن في صورة تلقائية فردية من باب التكافل الاجتماعي[9].

ومن الناحية الاصطلاحية فقد ذهب بعض الباحثين لاعتباره “شكل من أشكال التمويل يعتمد على دعوة عدد كبير من الناس لتمويل مشروع دون مساعدة من الممثلين التقليديين للتمويل[10]، فيما اعتبره البعض الآخر أنه: “يشير إلى الجهود التي يبذلها الأفراد ومجموعات أصحاب المشاريع (الثقافية، الاجتماعية ، والربحية) لتمويل مشاريعهم من خلال تقديم مساهمات صغيرة من عدد كبير نسبيا من الناس الذين يستخدمون الإنترنت ، دون الاعتماد على وسيط مالي[11].

وفي نفس السياق عمدت بعض المؤسسات المقارنة لوضع تعريف لهذه الآلية التمويليةـ، كما هو الشأن مع المديرية العامة للمنافسة وشؤون المستهلك ومكافحة الغش الفرنسية DGCCRF[12]، التي عرفته بكونه: ” آلية لجمع الأموال، وعادة ما تكون مبالغ صغيرة، من جمهور واسع. موجهة أصلاً نحو تمويل المشاريع الإبداعية (الموسيقى، النشر، الأفلام، إلخ) أو تنظيم المشاريع التي تدافع عن قيم معينة والبحث عن بديل للقرض المصرفي[13]، كما عرفه  المشرع اللبناني والذي سمّاه ب “حشد التمويل” من خلال  مادته الأولى على النحو التالي:  “حشد التمويل (Crowdfunding): أي نشاط موجه للجمهور من أجل تمويل شركات صغيرة أو متوسطة الحجم أو شركات ناشئة (Startup) وذلك عن طريق “استثمار” الجمهور بعدد من “أسهم أو حصص” هذه “الشركات” المطروحة للتوظيف عبر مؤسسة” معينة.[14]

أما بخصوص التشريع الوطني فقد عرفته مسودة مشروع القانون رقم 15.18 والمتعلق بالتمويل التعاوني في مادتها الأولى بما يلي: “التمويل التعاوني عن طريق الجمهور، هو عملية جمع الأموال من خلال منصة إلكترونية تدعى منصة التمويل التعاوني، مسيرة من طرف شركة التسيير، تدعى شركة التمويل التعاوني“، وباستقراء هذا التعريف ووضع مقارنة مع سابقيه يتبين أن مسودة مشروع القانون غيّبت عنصرا أساسيا في آلية التمويل التعاوني وهو فكرة “جمع مبالغ بسيطة من عدد واسع من الجمهور“، وتكمن أهمية شمول التعريف بهذه العبارة في إجلاء أي شكّ محتمل  قد  يتسرب لمانح التدفقات المالية بخصوص تعويضه للبنك في هذه الآلية، سواء على مستوى المبالغ المقدمة والتي تكون عادة كبيرة أو على مستوى المسؤولية، على اعتبار أن أساس هذه الآلية التمويلية هو عكس ذلك تماما[15].

انطلاقا مما سبق تبيانه من تعاريف يمكن القول على أن التمويل التعاوني هو: “عبارة عن آلية مالية هدفها جمع مبالغ بسيطة من طرف عدد كبير من الأفراد، عن طريق شبكة الانترنت، لتمويل المشاريع الإبداعية والابتكارية.

وتتم هذه العملية بعرض مشروع سواء ربحي أم لا من طرف حامله، على منصة إلكترونية تسيرها شركة تجارية، من أجل تمويله من طرف المساهم سواء كان مقيم أم لا، عبر أحد عمليات التمويل التعاوني المتمثلة إما في عملية “الاستثمار” أو “القرض” أو “التبرع”، وكل هذا تحت رقابة جهة وصية”.  

وارتباطا بسياق تسمية هذه الآلية التمويلية فقد قامت مسودة مشروع القانون عكس التشريعات المقارنة بإعطاء نموذج خاص بها حيث اعتمدت عبارة “التعاوني” بدلا من عبارة “الجماعي”، رغم أن مصدر التسمية ونشأتها (التشريع الأمريكي) يعتمد عبارة “الجماعي”، إضافة لكون المشرع الفرنسي يسمي القانون ب  le financement participatif والتي يقابلها باللغة الإنجليزية crowdfunding واللذان يقابلهما باللغة العربية التمويل الجماعي.

وأعتقد أن مرد هذا الاختلاف أساسه تبني مسودة مشروع القانون لعمليات التمويل التعاوني التشاركي كنموذج موجه للراغبين في التعامل بآلية التمويل التعاوني وفق أسس إسلامية، وما خلقته من خلط على مستوى الترجمة إلى اللغة الفرنسية[16]، إلا أن تجاوز المشروع لهذا الخلط المحتمل قد أوقعه في آخر، وهذه المرة على مستوى اللغة العربية نتيجة اللبس الذي يقع في ذهن الجمهور باعتقاده أن الأمر له ارتباط بالتعاونيات، نظرا لاعتماد مسودة مشروع القانون عبارة “التعاوني” والحال أن كلا العبارتين لهما مجالين مختلفين[17]، إضافة لكون الحلول البديلة لتجنب هذا الخلط كانت متاحة[18].

وإذا كانت التسمية قد لا تخلو من إشكالات، فالمفهوم بدوره صبّ في نفس الاتجاه وأثار مجموعة من التساؤلات نظرا لتشابه وظائفه بشكل أولي مع مفاهيم أخرى كما هو الحال مع مفهوم “التعهيد الجماعي”[19] الذي يعرف على أنه: “عملية نشر مشكلة عبر الأنترنت، وجمع عدد كبير من حلول الحشود، ومكافأة أفضل الأفكار، واستخدام هذه الأفكار كجزء من أنشطتها التجارية”، كما أن مصطلح “crowd” معناه “الحشد”، أما “sourcing” فتعني “مصادر”، وهي ترجمة حرفية للمصطلح الإنجليزي، غير أن البعض يستعمل الترجمة غير الحرفية للمصطلح والتي تفيد “الاستعانة بمصادر خارجية مفتوحة[20].

أو حتى مع مفهوم التسويق الشبكي أو الهرمي[21] الذي يعرف بكونه: “عملية تعتمد على بيع سلعة أو خدمة حيث يكون المشتري مسوقا، وذلك لا يكون إلا بعد شراء منتجات الشركة المعنية أو مقابل اشتراك معين تقدره الشركة، ويحصل المسوق مقابل الشراء أو الاشتراك وتوظيف من يقوم بالتسويق إلى جانبه على حوافز وعمولات“.[22]

كما أن التمويل التعاوني يخرج عن نطاق العمليات المتعلقة بدعوة الجمهور إلى الاكتتاب كما هي منظمة في القانون 44.12[23]، ناهيك على أن الأموال التي يتم تداولها في هذه الآلية لا تعتبر أموالا محصلة من الجمهور بمفهوم القانون 103.12[24].

وبالنسبة لنشأة التمويل التعاوني فيجب التمييز بين ظهوره كتسمية لم يكن لها تاريخ قديم حيث استخدمت لأول مرة  سنة 2006 من طرف مجرب رقمي أمريكي يدعى “مايكل سولفيان” في مدونته fundavlog[25]، وبين ظهوره كمفهوم  فهو ليس وليد اللحظة وإنما ظهر بداية مع العصر الإسلامي حيث كان يشكل أحد مصادر التمويل الإسلامي تحت مسمى “التمويل التكافلي[26]، أما انتشاره على مستوى العالم فقد شهد اختلافات عدّة حول توثيق بدايته الحقيقية، إلا أنه بشكل عام مر بمرحلتين أساسيتين: الأولى وهي التي تحدد نشأته لحدود القرن العشرين حيث اعتبر “صندوق القروض الأيرلندية” الذي ألفه “جوناثان سويفت” في أوائل القرن الثامن عشر وبالضبط في الأربعينيات من القرن الماضي، بمثابة البوادر الألى لظهور التمويل التعاوني، وتمكن هذا الصندوق آنذاك من ضم حوالي 300 مورد قاموا بإقراض 20٪ من العائلات الأيرلندية[27]، لتبدأ الفكرة بالانتشار وتقوم العديد من الجهات تبنيها لتنفيذ مشاريعها والتي كان من أهمها هو تشييد قاعدة تمثال الحرية الأمريكي سنة 1885[28]من خلال آلية التمويل التعاوني، أما الثانية فهي المحددة لنشأته في القرن الحادي والعشرين وقد تميزت هذه المرحلة بدخول شبكة الانترنت التي ساهمت في الانتقال بالتمويل التعاوني من الاعتماد على الطرق التقليدية، إلى تبني الوسائل التكنلوجية الحديثة حيث أصبح تداول الأموال ومنحها لحاملي المشاريع يتم وفق منصات الكترونية لها موقع إلكتروني خاص بها، وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية منشأ أول موقع إلكتروني للتمويل التعاوني سنة 2001 الذي أطلق عليه اسم “Just Giving” “فقط اعطي”[29] ليليه بعد ذلك إنشاء عديد المواقع التي خرجت حدود (و.م.أ) لتصل لأوروبا[30].

غير أن هذ التطور الرقمي بقدر ما قدمه من فوائد إلا أن تطور الجريمة الالكترونية بدأ يحدّ من إيجابياته، مما جعل التمويل التعاوني معرضا لمختلف الاستغلالات غير المشروعة وهو ما دفع التشريعات لإحاطة هذه الآلية التمويلية بالعناية التشريعية، فأصدرت (و.م.أ) سنة 2012 القانون “JUMPSTART OUR BUSINESS STARTUPS ACT”[31] أو قانون “JOBS”[32] الذي يعرف أيضا ب “crowdfunding”،  لتلحقها بعد ذلك الدول الأوروبية فأصدرت فرنسا بتاريخ 30 ماي 2014 مرسوم لتنظيم التمويل التعاوني، الذي أدخل عليه بتاريخ 16 سبتمبر 2014، قانونين آخرين يتعلق أولهما ب “قانون مستشار الاستثمار الجماعي/التعاوني”، وثانيهما ب “قانون الوساطة في التمويل الجماعي/التعاوني”[33].

أما بخصوص المغرب فقد شهد نفس التدرج الذي عرفه التمويل التعاوني خلال هذه الفترات السابقة، حيث بدأ الأمر مع فكرة جمع التبرعات التي كانت تتم وفق الشكل المحدد في القانون 004.71 المتعلق بالإحسان العمومي[34]، ليتم الانتقال لفكرة الاكتتاب[35] التي يبقى أشهر منجزاتها تشيد “مسجد الحسن الثاني” بمدينة الدار البيضاء سنة 1988[36]، ثم بعد ذلك فكرة الاشتغال على المواقع الالكترونية حيث شهدت سنة 2014 تأسيس منصتين إلكترونيتين للتمويل التعاوني[37]، وظلت هذه المواقع إضافة لمواقع أخرى عربية[38] تموّل المشاريع المغربية لحدود صدور مشروع قانون التمويل التعاوني رقم 15.18 موضوع هذه الدراسة.

وتتجلى أهمية الموضوع على المستوى النظري في بحث الطرق والوسائل القانونية التي وفرتها المسودة عبر آلية التمويل التعاوني من أجل مواجهة إشكالية ضعف تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة خاصة الحاملة لمشاريع مبتكرة، فضلا عن إبراز مدى مساهمة مسودة مشروع القانون في المحافظة على الخصائص المميزة للتمويل التعاوني والتي عُرِفَ بها قبل وبعد تقنينه على صعيد التشريع المقارن، كما تنبع هذه الأهمية من خلال التعرف على مدى تأثير الدور الرقابي المفروض من قبل بنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل على الفعالية الاقتصادية المُمَيّزَة لهذه المُكْنَة التمويلية، سواء تعلق الأمر برقابة آلياتها (شركة التمويل التعاوني -المنصة – العمليات)، أو أطرافها (المساهم وحامل المشروع).

أما على المستوى العملي فتكمن في الدور الاقتصادي الذي يلعبه التمويل التعاوني على المستوى العالمي وكيف يمكن للمغرب الاستفادة منه لاسيما وأن منظومته الاقتصادية تعاني من المحدودية، حيث تلعب هذه الآلية أدوارا مهمة على مستوى زيادة فرص الحصول على التمويل من خلال الوساطة المباشرة مع الجمهور عكس ما هو عليه الأمر مع البنوك، كما تساهم في الرفع من مستويات تنفيذ المشروعات ذات الأهداف الخاصة المتسمة بطابعها الابتكاري والاجتماعي والإنساني، فضلا عن إتاحة فرص الاستثمار للأفراد عبر منصات التمويل التعاوني الالكترونية حيث يشكل ولوج جمهور واسع لهذه المنصات فرصة جديدة للاستثمار في المشروعات المؤهلة للحصول على التمويل.

وفي سبيل مناقشة هذا البحث سأعتمد المنهج التحليلي، حيث سأنطلق من النصوص القانونية التي جاءت بها مسودة مشروع القانون موضحا من خلالها مجموعة من المفاهيم التي تنشط في المجال الرقمي وكذا العمليات المستخدمة في المجال المالي، مع قيامي بالموازاة مع ذلك بتحليل هذه النصوص القانونية من خلال البحث عن الإشكالات التي تثيرها محاولا إيجاد حلول قانونية لها، للتم مقاربة هذا الموضوع مقاربة قانونية صرفة باعتباره يندرج في إطار الدراسات القانونية معتمدا على المصادر المخولة لي سواء تعلق الأمر بالنصوص القانونية الوطنية أو المقارنة التي اعتمدت هذه الآلية في فترة سابقة، دون إغفال القيام بمقابلات ميدانية[39] مع ذوي الاختصاص لأخذ وجهة نظرهم في الموضوع، ولكن لابأس من استحضار المقاربة الاقتصادية من حين لآخر في بعض مناحي هذا البحث، من خلال الاستشهاد ببعض الدراسات الميدانية لاسيما الدولية منها التي تعتبر رائدة في مجال التمويل التعاوني.

انطلاقا مما سبق ولتوجيهٍ أقوم للقارئ سأقوم باقتراح إشكالية متضمنة ما أمكن لجميع المجالات المتفرقة، و التي يتقاطع معها التمويل التعاوني وذلك على النحو التالي:

  • إلى أي مدى ساهمت مسودة مشروع قانون التمويل التعاوني في توفير تمويل بديل للمقاولة تلائم فيه بين حماية مصلحة الأطراف وخدمة الاقتصاد الوطني؟

وللإجابة على هذه الإشكالية اخترت تقسيم الموضوع بشكل ثنائي لفصلين، الأول سأتعرض فيه للآليات القانونية التي سخرتها مسودة مشروع القانون لاشتغال التمويل التعاوني، لكونها بمثابة وسيط بين حاملي المشاريع المبتكرة والجمهور وتقترب في كثير من الأحيان من الأدوار التي تلعبها البنوك على مستوى منح التمويلات التقليدية، سواء تعلق الأمر بتوفير الإطار القانوني الذي من خلاله يتم التواصل مع الجمهور وحاملي المشاريع أو بالنماذج المخصصة لمنح التمويلات، فضلا عن كون هذه الآليات هي السمة المميزة التي استطاع من خلالها التمويل التعاوني تحقيق نجاحات اقتصادية مهمة على المستوى الدولي، لذلك فالتعرف على كيفية تعاطي مسودة المشروع معها مع استحضار أدوار الهيئات الرقابية إزاءها وكيفية تأثيره على الجوانب الاقتصادية يبقى مهما.

أما الفصل الثاني فسأخصصه للضمانات القانونية التي جاءت بها مسودة مشروع القانون لحماية أطراف التمويل التعاوني سواء تعلق الأمر بالمساهم لكونه مانح التدفقات المالية، كما أنه المعني باختيار المشاريع، أو تعلق الأمر بحامل المشروع باعتباره الجهة المفترض استفادتها من مزايا هذا التمويل، لذلك يبقى من اللازم التعرف على الحماية القانونية التي خولتها لهما نصوص مسودة المشروع، مع ضرورة استحضار دور هذه الحماية كذلك على مستوى استقطاب الأطراف الذي ينعكس بشكل مباشر على تحفيز الاقتصاد الوطني.

  • الفصل الأول: آليات اشتغال التمويل التعاوني
  • الفصل الثاني: الحماية القانونية لأطراف التمويل التعاوني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى