في الواجهةمقالات قانونية

الحماية المدنية لوسائل الدفع الإلكتروني. – الباحث : عهد سلمي إبراهيم العبيد. باحث دكتوراه في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية.

 

الحماية المدنية لوسائل الدفع الإلكتروني.

Civil protection for electronic payment methods

الباحث : عهد سلمي إبراهيم العبيد.

باحث دكتوراه في القانون الخاص جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية.

 

 

الملخص:

إن وسائل الدفع الالكتروني أصحبت ضرورة حتمية نتيجة التطور التكنولوجي في شتى مجالات الحياة، خاصة في مجالات المعاملات الالكترونية والتجارة الالكتروني التي أصبحت تعتمد بشكل محوري عل ى وسائل الدفع الالكتروني، كونها تتماشى مع مقتضيات التجارة الالكترونية فهي تعتبر العصب الرئيسي لها، فعلى الرغم من الأهمية البالغة لوسائل الدفع الالكتروني إلا أنها تنطوي على مخاطر كبيرة، والتي تتمثل في انتهاك خصوصية مستخدمي وسائل الدفع الالكتروني التي تعتبر أمر غاية في الخطورة فالوصل إلى بيانات المستخدم يعني الوصول إلى الأموال الموجودة في بطاقة الدفع الالكتروني، وكذلك تكمن خطورة وسائل الدفع الالكتروني في إمكانية استخدامها بطرق غير مشروعة عن طريق الحصول عليها بمستندات مزورة أو قيام الغير بسرقة هذه البطاقات والعديد من الاعتداءات التي يمكن أن تقع على وسائل الدفع الالكتروني، مما دفع المشرع إلى إقرار الحماية المدنية، حيث تقوم المسؤولية المدنية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني في جانبها التعاقدي من خلال الرابطة التعاقدية التي تربط أطراف العلاقة، سواء البنك أو صاحب البطاقة أو التاجر، فكل طرف من أطراف العلاقة يلتزم بالتزامات معينة نتيجة العقد المبرم بينهم فأي إخلال بهذه الالتزامات التعاقدية يستوجب من خلاله التعويض عن الضرر الذي تسبب فيه، وتقوم كذلك المسؤولية التقصيرية في حالة قيام الغير باستخدام وسائل الدفع الالكتروني بطرق غير مشروعة سواء من خلال سرقتها أو استعمال بطاقة مفقودة، فهو ملزم حسب نص المادة 124 من القانون المدني الجزائري بتعويض الضرر الذي يتسبب فيه بخطئه.

انطلاقاً مما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية: المسؤولية المدنية للمعاملات الناجمة عن وسائل الدفع الالكتروني؟

الكلمات المفتاحية: الدفع الالكتروني، المسؤولية المدنية، انتهاك الخصوصية، التجارة الالكترونية، التعويض، العقود الالكترونية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Abstract:

Electronic payment methods have become an inevitable necessity as a result of technological development in various fields of life, especially in the fields of electronic transactions and electronic commerce, which have become centrally dependent on electronic payment methods, because it is in line with the requirements of electronic commerce, it is considered the main nerve of it. Despite the great importance of electronic payment methods, they involve great risks, which are represented in violating the privacy of users of electronic payment methods, which is considered a very dangerous matter. Access to user data means access to funds inside the electronic payment card. Also, the danger of electronic payment methods lies in the possibility of using them in illegal ways by obtaining them with forged documents or others stealing these cards and many attacks that can occur on electronic payment methods, which prompted the legislator to approve civil protection, where the civil responsibility of users Electronic payment methods in their contractual aspect through the contractual bond that connects the parties of the relationship, whether the bank, the cardholder or the merchant, each of the parties of the relationship is bound by certain obligations as a result of the contract, so any breach of these contractual obligations requires compensation for the damage it caused, the tort liability also exists in the case that a third party uses electronic payment methods in illegal ways, whether through theft or using a lost card. He is obligated, according to the text of Article 124 of the Algerian Civil Code, to compensate for the damage he causes through his fault.

Based on above, the following problem can be raised: What is the civil liability for transactions resulting from electronic payment methods?

Keywords: Online payment, Civil responsibility, Privacy violation, E-Commerce, compensation, Electronic contracts.

مقدمة.

شهد عصر الحداثة والتطور الالكتروني تطور هائل في المعاملات المالية، حيث تم استحداث وسائل دفع تتماشى مع متطلبات الحداثة والسرعة في المعاملات، ومن هنا ظهرت وسائل الدفع الالكتروني بمختلف أنواعها، فساهمت بشكل كبير في تطوير المعاملات المالية، فأضحت العمليات المالية الإلكترونية أكثر سرعة ومرونة من التقنيات التقليدية للدفع، فمن خلال هذه الوسائل لم تعد المسافة عائقاً بين البائع والمشتري فعملية البيع وتسليم الأموال أصبحت تتم خلال ثواني معدودة.

ومع ذلك تظهر بعض المخاطر والإشكاليات الناجمة عن استخدام هذه الوسائل المالية، كونها تعمل في عالم رقمي متطور يكون من السهل فيه انتهاك خصوصية مستخدم هذه الوسائل والاعتداء عليها مثل اختراقها وسرقتها وتزويرها وقرصنتها الكترونياً، كون وسائل الدفع الالكتروني مرتبطة بأمن المعلومات مما قد يؤدي إلى العبث بأرصدة المستخدمين لوسائل الدفع الالكتروني؛ لذلك كان من الضروري مواجهة هذه المخاطر من خلال توفير الحماية المدنية لها، فوسائل الدفع الالكتروني ترتب التزامات على عاتق مستعمليها، فإذا أخل أحد الأطراف بواجباته تترتب عليه مسؤولية مدنية تستوجب التعويض عن الضرر الذي أحدثه بسبب الخطأ الذي ارتكبه، علاوة على ذلك فعواقب الإخلال بالالتزامات القانونية   المتعلقة بالمدفوعات الإلكترونية بالغة الأهمية، لذلك من المهم أن تراعي جميع الأطراف المشاركة في المعاملات الإلكترونية جميع الالتزامات القانونية لتجنب أي نزاعات قانونية قد تنشأ.

 

أهمية الدراسة.

  • الدور الكبير الذي تلعبه وسائل الدفع الالكتروني في تسهيل التجارة الالكترونية ومساهمتها بشكل كبير في تسهيل عمليات الدفع وتحويل الأموال، فكان لابد من تسليط الضوء على الحماية المدنية لهذه الوسائل.
  • المخاطر المحيطة بعمليات بوسائل الدفع الالكتروني وضرورة توفير الحماية لها كونها أصبحت وسائل لا غنى عنها في عصرنا الحالي.

أهداف الدراسة.

تسليط الضوء على المخاطر والإشكاليات المحيطة بوسائل الدفع الالكتروني التي قد تنعكس سلباً على مستخدميها، وكذلك إبراز الحماية القانونية المقررة لها من خلال المسؤولية المدنية المترتبة عن الإخلال بالالتزامات الناشئة عن التعامل بوسائل الدفع الالكتروني.

إشكالية الدراسة.

تتمحور الإشكالية الرئيسية للدارسة حول: المسؤولية المدنية للمعاملات الناجمة عن وسائل الدفع الالكتروني؟

وينبثق عن الإشكالية الرئيسية تساؤلات فرعية عدة وهي:

  • ما هي المخاطر الناجمة عن استخدام وسائل الدفع الالكتروني؟
  • ما هي طبيعة المسؤولية المدنية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني؟

وللإجابة على الإشكالية المطروحة سوف نتبع الخطة التالية:

المبحث الأول: المخاطر الناجمة عن استعمال وسائل الدفع الالكتروني.

المبحث الثاني: المسؤولية المدنية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني.

 

المبحث الأول: المخاطر الناجمة عن استعمال وسائل الدفع الالكتروني.

على الرغم من الفائدة الكبيرة والسرعة الهائلة التي توفرها وسائل الدفع الالكتروني في عمليات الدفع المصرفي على عكس وسائل الدفع التقليدية، إلا أنها تنطوي على مخاطر عديدة قد تمس خصوصية المتعامل بهذه الوسائل التي تعد ذات أولوية لدى جميع مستعملي وسائل الدفع الالكتروني، حيث يعتبر التعرض لتلك الخصوصية أمر خطير جداً يقلق مستخدمي وسائل الدفع الالكتروني، وقد تكون المخاطر الناجمة عن استخدام وسائل الدفع الالكتروني ناجمة عن سوء الاستخدام لمثل هذا                       النوع من وسائل الدفع، سواء من طرف حامل بطاقات الدفع الالكتروني من جهة أو مصدرها أو التاجر من جهة أخرى، ولمعالجة هذه المخاطر قسمنا هذا المبحث إلى  مطلبين، حيث تناولنا في المطلب الأول( المخاطر الماسة بالخصوصية)                                وأما في المطلب الثاني تطرقنا إلى(المخاطر الناجمة عن سوء استخدام وسائل الدفع الالكتروني).

  المطلب الأول: المخاطر الماسة بالخصوصية.

إن حق الإنسان في حماية خصوصيته أمر ضروري وعرفه المشرع الجزائري في المادة 03 الفقرة 01 من قانون رقم 18-07 المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال المعطيات ذات الطابع الشخصي[1]، وكفلته التشريعات على اختلافها، ولكن يبقى موضوع الخصوصية يثير العديد من الإشكاليات كونه يتعرض للعديد من المخاطر ومحاولة بعض الأشخاص المساس فيها، ونظراً للتطور التكنولوجي الهائل وتزايد الاعتماد على شبكات الإنترنت أصبحت الخصوصية أمر سهل التعدي                                  عليه كون جميع المعلومات والبيانات متواجدة على مختلف التطبيقات ويسهل الوصل إليها.

فخطورة وسائل الدفع الالكتروني تظهر بشكل جلي عندما يتم التعامل بها على شبكة   الانترنت، فعندما يقوم المتعامل ببطاقات الدفع الالكتروني أو العملات الرقمية وغيرها من الوسائل فهو مطالب بالإدلاء ببياناته الخاصة مثل الاسم والعنوان ورقم الهاتف وكذلك معلومات خاصة بالبطاقة، هذا ما يجعل خصوصيته معرضة للخطر من خلال استخدام تلك المعلومات في إجراء معاملات أخرى دون علمه[2].

فالخصوصية تشمل جميع أطراف المعاملة سواء البنك أو التاجر، خاصة فيما تعلق ببياناتهم وعمليات الدفع التي يقومون فيها، فجميع البيانات التي يقوم العميل بالإفصاح عنها يتم جمعها من خلال قاعدة بيانات تكنولوجية وتكون محمية من خلال أنظمة حماية  لمحاولة الحفاظ على خصوصية المتعاملين بوسائل الدفع الالكتروني[3]، فانتهاك خصوصية مستخدم                                                               وسائل الدفع الالكتروني قد يكون بعدة طرق نذكرها من خلال ما يلي:

أولا: قرصنة أنظمة الحماية: إن مستعملي وسائل الدفع الالكتروني أكثر عرضة لعمليات القرصنة وذلك راجع إلى كون عمليات الدفع الالكتروني تتم من خلال فضاء الالكتروني واسع من خلال رموز وشفرات تنتقل من خلالها المعلومات والبيانات، وهذا ما يجعلها عرضة للتعدي من قبل القراصنة خصوصاً عند عدم توفير وسائل حماية كافية تضمن عدم تعرض البيانات والمعلومات للمتعاملين بوسائل الدفع الالكتروني للاختراق[4]، فالتقدم التكنولوجي جعل الأمر سهل على القراصنة في ارتكاب مثل هذه الجرائم التي يطلق عليها الجرائم الالكترونية، كونها لا تعرف حدود جغرافية محددة فهناك العديد من                                   عمليات السرقة والانتهاك التي تتعرض لها وسائل الدفع الالكتروني بشتى أنواعها.

ومن أبرز هذه الجرائم هي جريمة انتحال شخصية المتعامل للحصول على بطاقات بنكية وخصوصا في المؤسسات التي لا توفر حماية كافية عبر الانترنت وهذا ما قد يؤدي إلى سرقة الأموال الموجودة في البطاقة البنكية للمتعامل، وكذلك عمليات السطو على أرقام البطاقات البنكية من خلال وسائل التجسس المتعددة والمتطورة بشكل مستمر، وكذلك عمليات الاحتيال الالكتروني التي قد تجعل  المتعامل يقدم بياناته الشخصية من خلال روابط توهم المتعامل أنه يتعامل                                       مع الجهة المصدرة للبطاقة أو قد تجعله يدفع فواتير بطريقة غير مشروعة ويتم خصمها من بطاقته البنكية[5].

إن      سرقة المال عبر الانترنت يكون من خلال سرقة المعلومات والبيانات المالية للمتعامل بوسائل الدفع الالكتروني، فمن خلال هذه البيانات يستطيع القراصنة الوصول إلى بطاقة الدفع الالكتروني وتحويل الأموال والقيام بعمليات الشراء ودفع الأموال من خلال البطاقة المسروقة[6]، حيث تتم    السرقة غالبا من خلال إرسال فيروسات أو إنشاء مواقع وهمية توهم المستخدم وتجعله يدخل    معلومات البطاقة الالكترونية مما يتيح للقراصنة الوصول إلى الأموال الموجودة في البطاقة.

لذلك يجب أن يتمتع الأطراف المتعاملين بوسائل الدفع الالكتروني بالسرية والخصوصية        التامة، فعليه يمكن القول أن المعلومات والبيانات التي يتم التصريح عنها من قبل المتعاملين بوسائل الدفع الالكتروني هي السبيل للوصل للأموال وسرقتها؛ لذلك يجب أن يتمتع المتعاملين بوسائل الدفع الالكتروني بسرية المعلومات المصرفية، فمن الضروري المحافظة على سرية البيانات وعدم نشرها والتصريح عنها لأي شخص.

ثانيا: انتهاك الخصوصية من طرف البنك: إن السرية المصرفية من أهم العوامل التي تؤدي إلى نجاح نظام الوفاء الالكتروني بمختلف الوسائل المستعملة حيث تبقى بيانات العملاء محفوظة بسرية تامة، فجميع العمليات التي تتم بوسائل الدفع الالكتروني تبقى مسجلة ومحفوظة لدى المصارف، لذلك تدخل المشرع لحماية هذه البيانات والمعلومات وذلك لمنع من تصل إليه البيانات الشخصية بمناسبة عملية الوفاء الالكتروني من الاحتفاظ إلا بالبيانات الضرورية لتحقيق الغرض المشروع من وسائل الدفع الالكتروني، وهذا حسب ما ورد في نص المادة 26 من القانون رقم 18-05 المتعلق بالتجارة الالكترونية[7].

وباعتبار حماية الخصوصية تستوجب عدم نشر البنك أي بيانات أو معلومات تتعلق بشخصياتهم أو حياتهم الشخصية وبياناتهم المصرفية، فقد فرض المشرع عقوبات على انتهاك هذه البيانات بالإفصاح عنها في غير الحالات المرخصة قانونياً، حيث جرم المشرع الجزائري إفشاء السر المصرفي وأخضعه لأحكام قانون العقوبات وهو ما يفهم من نص المادة 117 من القانون 03-11 المتعلق بالنقد والقرض-السالف الذكر-، وحسب ما يفهم منها أنها لم تحدد المادة التي تم الإحالة إليها من قانون العقوبات، حتى لا يضطر إلى تعديل مستمر لقانون العقوبات.

وعلى الرغم من النصوص القانونية التي أقرها المشرع إلا أن انتهاك الخصوصية من قبل البنك تبقى واردة خاصة إذا كانت منظومة البنك لا تتمتع بالحماية الكافية، حيث تكون عرضة للاختراق سواء من قبل العاملين في البنك أو من خلال عمليات القرصنة التي قد تصيب منظومة البنك.

في الأخير يمكن القول أن خصوصية المستخدم تبقى أمر حساس خاصة عند استخدام وسائل الدفع الالكتروني على خلاف وسائل الدفع التقليدية، حيث أن البيانات تبقى معرضة للانتهاك أكثر كون أن هذه الوسائل تبقى في الفضاء الالكتروني أو داخل قاعدة بيانات البنك المُصدر لوسائل الدفع الالكتروني سواء بطاقات الصراف الآلي أو بطاقات الائتمان، فعليه يكون الوصول إلى هذه البيانات أمر سهل وذلك عائد إلى استخدام المجرمين وسائل متطورة ومبتكرة للوصول إلى تلك البيانات والمعلومات بغية سرقة الأموال الموجودة في مختلف وسائل الدفع الالكتروني، وعليه يجب أن تقوم الجهات المصدرة للبطاقات الدفع الالكتروني بتطوير أنظمة الحماية لديها بشكل مستمر للحد من الوصول إلى بيانات المتعاملين بوسائل الدفع الالكتروني، وعلى المشرع كذلك أن يقوم بتشديد العقوبات وتحقيق سبل حماية تحمي خصوصية المتعاملين بمثل هذه الوسائل التي أصبحت لا غنى عنها خصوصا في ظل التطور الهائل وانتشار التجارة الالكترونية بشكل واسع جداً.

المطلب الثاني: المخاطر الناجمة عن سوء استخدام وسائل الدفع الالكتروني.

إن سوء استخدام وسائل الدفع الالكتروني يكون من خلال استخدامها في أغراض غير مشروعة، فلا يوجد هناك تعريف محدد للاستخدام الغير مشروع لبطاقات الدفع الالكتروني، لذلك حتى يمكن القول إن استخدام وسائل الدفع الالكتروني مشروع لابد من توافر شروط معينة، وهي أن يتم استخدامها من قبل صاحبها الشرعي وأن تستعمل في حدود الرصيد الموجود فيها وأن تكون غير مزورة، وفي حال تخلف أي من هذه الشروط يعتبر عملاً غير مشروع[8].

فسوء استخدام وسائل الدفع الالكتروني يمكن أن يكون من جميع أطرف العلاقة سواء المتعامل بوسائل الدفع الالكتروني نفسه أو الجهة المصدرة أو التاجر، وكذلك يمكن أن يكون سوء الاستعمال صادر من الغير.

أولاً- سوء الاستخدام من طرف المتعامل بوسائل الدفع الالكتروني: يعني ذلك الاستخدام غير المشروع من قبل المتعامل بوسائل الدفع الالكتروني، وأبرز مثال على ذلك الاستخدام الغير المشروع لبطاقات الائتمان أو الصراف الآلي، وغالباً ما يكون الاستخدام غير المشروع لبطاقات الدفع الالكتروني من قبل حاملها من خلال عدة صور نذكر منها على سبيل المثال ما يلي:

  1. تقديم بيانات ومعلومات مزورة للبنك بغية الحصول على بطاقة الائتمان بأسماء مزورة وعنوانين وهمية أو من خلال تقديم ضمانات وهمية، حيث يقوم باستخدام تلك البطاقة في شراء سلع ومنتجات بمبالغ كبيرة ويصبح البنك غير قادر على متابعته لكون الوثائق والمستندات المقدمة من طرفه مزورة[9].
  2. استخدام بطاقة منتهية الصلاحية أو القيام بعمليات سحب بقيمة أكثر من الحد المسموح.
  3. التواطؤ بين صاحب البطاقة والغير، وذلك من خلال إعطاء البطاقة للغير ليقوم بسحب مبالغ بدلاً عنه ثم يقوم صاحب البطاقة بالطعن بتزوير التوقيع وذلك بغية استرداد المبالغ المسحوبة وكل ذلك باتفاق بين الطرفين[10].

حيث يمكن القول إن سوء استخدام وسائل الدفع الالكتروني  من قبل المتعامل بها قد يكون قبل إصدارها من خلال تقديم بيانات ومستندات مزورة ومظللة، أو يمكن أن يكون بعد صدور البطاقة من خلال استخدام طرق غير مشروعة بغية الحصول على أموال بطرق احتيالية ويترتب على ذلك مسؤولية قانونية.

ثانياً- سوء الاستخدام من قبل البنك: الأصل أن يقوم البنك بحماية بيانات المتعاملين وفقا لمبدأ السرية المصرفية، وكون البنك شخص معنوي فهو لا يباشر صلاحياته بشكل مباشر، وإنما من خلال موظفيه الذين قد يقومون بعمليات غير مشروعة، وذلك من خلال عمليات التواطؤ التي تحدث من قبل موظفين البنك كونهم يستطيعون الإطلاع على المعلومات الواردة في بطاقات الدفع الالكتروني فيمكن أن يمرر موظف البنك هذه البيانات إلى أفراد عصابة وذلك لاستخدامها في استنساخ وتقليد هذه البطاقات وسرقة ما بداخلها من أموال[11].

وكذلك من الممكن أن يتواطأ مع التاجر أو صاحب البطاقة بسحب مبالغ أكثر من تلك الموجودة في البطاقة أو السماح لهم بالسحب من خلال بطاقة منتهية الصلاحية أو من خلال استصدار إشعارات بيع صدرت من خلال بطاقات وهمية أو مزورة، كذلك يمكن لموظف البنك أن يقوم بالتلاعب عن طريق تعديل الرقاقة الكومبيوترية لتغير الحسابات وعدم إتمامها بالطريقة المقررة لها بالتالي الحصول على أمول غير مشروعة[12].

ثالثا- سوء الاستخدام من قبل التاجر: يقصد بالتاجر هنا كل شخص لديه تعامل مسبق مع البنوك بقبول وسائل الدفع الالكتروني من العملاء للوفاء بثمن السلع والخدمات التي يحصلون عليها من خلاله، حيث يقوم العملاء بالتوقيع على فواتير البيع حتى يتمكن التاجر من تحصيل قيمتها من البنك، حيث يقوم البنك بتزويد التاجر بأجهزة التعامل مع وسائل الدفع الالكتروني[13]،  فالتاجر هو من يقوم بالتعامل مع هذه الأجهزة وبالإضافة إلى سندات البيع التي يتسلمها من البنك، ويقوم بالتحقق من صحة وسائل الدفع الالكتروني التي يقدمها الزبون سواء بطاقات دفع الالكتروني أو غيرها مما يفتح المجال أمام التاجر للتلاعب والتزوير فهو يحل محل البنك في هذه العملية[14].

حيث يمكن أن يقوم التاجر بتزوير التواقيع أو من خلال استخدام بطاقة مسروقة، أو يقوم بالتعاون مع مستخدم وسائل الدفع الالكتروني في تجاوز الحد المسموح به، أو أن يقوم التاجر بقبول بطاقات          مزورة مع علمه بذلك.

رابعاً- سوء الاستخدام من الغير: يقصد بالغير هنا هو كل طرف لا تربطه علاقة بأي شخص من أشخاص وسائل الدفع الالكتروني فلا تنصرف إليه آثار العقد، حيث أنه قد يسئ استخدام وسائل الدفع الالكتروني خاصة بطاقات الائتمان، وذلك من خلال القيام بتزوير بطاقة الدفع الالكتروني واستخدامها بصورة غير مشروعة خصوصاً مع التطور الحاصل في الوقت الحالي، فأصبحت عملية تزوير بطاقات الدفع الالكتروني شائعة جدا ولكن الأكثر شيوع هو عمليات هو سرقة هذه البطاقات أو الحصول عليها بعد فقدانها من قبل صاحبها أو عن طريق أعمال القرصنة عبر الانترنت[15].

وانطلاقاً مما سبق ذكره يتضح إن تزايد استخدام وسائل الدفع الالكتروني بشكل كبير جداً والاعتماد الكبير عليها سواء من قبل الأشخاص أو البنوك أو التجار صاحبه ارتفاع كبير بالمخاطر الناجمة عنها فهي تعتبر وسيلة مغرية للانتفاع المادي من خلالها، مما أستدعى إقرار حماية مدنية  للمتعاملين فيها وذلك لتعويض الأضرار الناجمة عنها.

المبحث الثاني: المسؤولية المدنية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني.

إن نظام التعامل بوسائل الدفع الالكتروني قائم على رابطة عقدية بين أطراف بطاقات الدفع الالكتروني فهي تكون في إطار عقود ملزمة للجانبين فبالتالي تخضع للقواعد العامة للعقود، فيترتب التزامات متبادلة ومحددة بين أطراف العلاقة وهم صاحب البطاقة-البنك أو التاجر، فالإخلال بهذه الالتزامات يرتب المسؤولية العقدية التي تعطي الحق للمضرور طلب فسخ العقد إلى جانب المطالبة بالتعويض، وقد تنشأ أيضاً المسؤولية التقصيرية  في حال الاستخدام الغير مشروع لبطاقات الدفع الالكتروني من قبل الغير من خلال سرقتها أو العثور عليها واستخدمها، أي أنه شخص لا تربطه صلة بأطراف العلاقة ويحدث ضرر يمس أحد الأطراف فيترتب عليه التعويض عما أحدثه من ضرر.

وانطلاقاً مما سبق قمنا بتقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، تناولنا (المسؤولية العقدية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني) في المطلب الأول، أما المطلب الثاني تطرقنا من خلاله إلى (المسؤولية التقصيرية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني).

المطلب الأول: المسؤولية العقدية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني.

إن المسؤولية العقدية هي الجزاء الناتج عن الإخلال بالتزام تعاقدي ترتب عليه   الضرر لأحد أطراف العلاقة التعاقدية، حيث يلتزم مسبب الضرر بالتعويض الواقع  على عاتقه، ويشترط  لقيام المسؤولية العقدية أن يكون هناك عقد صحيح                                                        وأن يكون الضرر نتيجة الإخلال بالتزام تعاقدي، وأما بالنسبة لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني فمن الممكن أن تنشأ بين أطراف البطاقة مسؤولية عقدية نتيجة إخلال أحد الأطراف بتنفيذ العقد المبرم بينهم، وقد يكون الإخلال من طرف الجهة المصدرة للبطاقة أو صاحب البطاقة أو التاجر وهذا ما سوف نتناوله من خلال ما يلي:

أولاً- مسؤولية البنك: إن البنك يرتبط بعقدين أحدهما مع حامل البطاقة والأخر مع التاجر، فهو يلتزم اتجاه الطرفين نتيجة العلاقة التعاقدية بينهم بعدم الإخلال بالالتزامات الواقعة على عاتقه، وفي حال إخلال البنك بأي التزام ملقى على عاتقه تجاه أي طرف سواء كان صاحب البطاقة أو التاجر فإنه ملزم بالتعويض[16].

فعليه يمكن القول إن البنك تقع عليه المسؤولية العقدية تجاه صاحب البطاقة وكذلك تقع عليه المسؤولية العقدية تجاه التاجر، وهذا ما سنحاول توضيحه من خلال ما يأتي:

  1. المسؤولية العقدية للبنك اتجاه حامل البطاقة: تشمل بطاقة الدفع الالكتروني على بيانات يظهر فيها اسم حامل البطاقة ورقم حسابه ورقم البطاقة وتاريخ صلاحيتها واسم البنك المصدر لها، وتشمل كذلك معلومات سرية مطبوعة بشكل مغناطيسي تتطلب أجهزة خاصة لقرأتها، وتتمثل هذه البيانات في الحد الأقصى المسموح به لحامل البطاقة والرقم السري للبطاقة، فعلى البنك عدم الإفصاح عن هذه المعلومات أو تسليمها للغير، وفي حال مخالفة البنك لذلك يعتبر مخل بالالتزام التعاقدي وبالتالي فهو مسؤول عن أي عمليات دفع ممكن أن تحصل من قبل الغير أو من الموظف الذي يقوم باستغلال موقعه والحصول على أموال بدون وجه حق من خلال بطاقة الدفع الالكتروني[17].

كذلك يلتزم البنك المصدر لبطاقة الدفع الالكتروني بسداد المبالغ والفواتير التي ترسل له من قبل التاجر إذا تم إرسال الفواتير إليه من قبل التاجر الذي يتعامل معه حامل البطاقة، فإذا أخل البنك بهذا الالتزام وترتب عليه ضرر لحامل البطاقة كأن يتسبب في تعرضه للحجز نتيجة إخلال البنك بالتزامه أو ما يسيء بسمعته التجارية، ففي هذه الحالة تنشأ مسؤولية البنك على أساس الإخلال بتنفيذ التزاماته التعاقدية طالما أن التاجر وصاحب البطاقة قاما بتنفيذ التزاماتهم التعاقدية[18].

ومن الممكن أن تقع المسؤولية العقدية على البنك في حالة قيام صاحب البطاقة بالتبليغ عن فقدان البطاقة أو سرقتها، ففي هذه الحالة على البنك الالتزام بالتعميم على التجار والمحلات وإعلامهم بواقعة ضياع البطاقة أو سرقتها، وعليه إيقاف عمليات الدفع من خلالها، فإذا لم يقوم البنك بهذه الإجراءات فهو وحده المسؤول عن المبالغ المدفوعة من خلال البطاقة وذلك بناءً على العقد المبرم بين الطرفين[19]، كما تقوم مسؤولية البنك في حالة الوفاء بقيمة العمليات التي تتم بعد وفاة صاحب البطاقة وقد تم مسبقاً إعلام البنك بوفاة صاحب البطاقة، كون العقد القائم بين صاحب البطاقة والبنك قائمة على الاعتبار الشخصي لذلك فإن العمل بهذه البطاقة ينتهي تلقائياً بعد وفاة صاحب البطاقة[20].

  1. المسؤولية العقدية للبنك اتجاه التاجر: في الحقيقة إن مسؤولية البنك اتجاه التاجر تشبه إلى حد كبير مسؤوليته اتجاه صاحب البطاقة ولكن هذا لا يعني أن العقدين متشابهين فكلاهما عقد مستقل عن الأخر، فالبنك يلتزم اتجاه التاجر بتسديد الفواتير المرسلة من قبل المتعامل، فإذا لم يقم البنك بسداد الفواتير وألحق ضرراً بالتاجر كأن يفوت عليه فرصة لتحقيق الربح أو تفويت فرصة إتمام صفقة تجارية، فيكون البنك هنا مطالب بتعويض التاجر عما أصابه من ضرر وفقاً لقواعد المسؤولية العقدية[21]، ويكون البنك ملزم بسداد الفواتير للتاجر في حال ضياع البطاقة أو سرقتها طالما أنه لم يقوم بإعلام التاجر بتوقف التعامل بالبطاقة[22].

ثانياً- مسؤولية صاحب البطاقة: يعتبر صاحب البطاقة هو الشخص الذي صدرت البطاقة له وباسمه ويعد الحامل الشرعي لها، طالما أنها صدرت من جهة مخولة بإصدارها كالبنوك، وتم استخدامها في فترة صلاحيتها وفي حدود المبالغ المسموح بها وكان استخدامها مشروع في حدود ما يسمح به القانون وبما  يتوافق مع بنود العقد المبرم مع البنك ومبدأ حسن النية، ويرتب الإخلال بهذه الالتزامات المسؤولية العقدية على صاحب البطاقة[23].

إن الالتزام التعاقدي بين البنك والعميل صاحب البطاقة يقوم بالأساس على الاعتبار الشخصي، فلا يحق لصاحب البطاقة السماح للغير باستخدام البطاقة أو التنازل عنها بدون موافقة البنك، فإذا قام صاحب البطاقة ما يخالف ذلك يقع عليه التزام تعاقدي اتجاه البنك ويكون للبنك الحق بالمطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر[24].

وكذلك يلتزم صاحب البطاقة بالتوقيع عليها فهذا يشكل أحد الضمانات التي تفرضها دواعي الأمان والاحتياط، فعند قيام صاحب البطاقة بعمليات الشراء أو الوفاء عليه التوقيع على الفاتورة حتى يستطيع التاجر المقارنة بين التوقيع الموجود على الفاتورة والتوقيع الموجود على البطاقة، ولكن إذا قام صاحب البطاقة بالإخلال بهذا الالتزام يعد مرتكباً لخطأ تعاقدي يؤدي إلى قيام المسؤولية المدنية عن المبالغ التي تم إنفاقها لدى التاجر بواسطة بطاقة مسروقة أو مفقودة، وعليه يترتب عليه التعويض عن عدم التنفيذ[25] وفقاً لنص المادة 119 فقرة 01 من القانون المدني الجزائري.

وكما يلتزم صاحب البطاقة بعدم تجاوز الحد الائتماني الممنوح له من قبل البنك، فإذا تجاوز هذا المبلغ كان مسؤولاً مدنياً بمقدار الزيادة في مواجهة البنك هذا في حالة وجود اتفاق بضمان الوفاء دون تحديد الحد الأقصى لهذا الضمان، أما إذا كان البنك لا يضمن الوفاء إلا في حدود المبلغ المسموح به تنعقد مسؤولية صاحب البطاقة تجاه التاجر بموجب عقد البيع المبرم بينهما، هذا في حالة التزم صاحب البطاقة تنفيذ العقد بحسن النية، أما في حالة تجاوز المبلغ الائتماني مع علمه بذلك يكون هنا صاحب البطاقة سيء النية فيكون للبنك الحق في سحب البطاقة[26].

كذلك تقع مسؤولية صاحب البطاقة في حال عدم ردها إلى البنك عند انتهاء صلاحيتها أو فسخ العقد أو إغلاق الحساب، ويكون للبنك باعتباره مصدر البطاقة أن يقوم بإلغائها في أي وقت دون ذكر الأسباب أو إخطار صاحب البطاقة، وكما يلتزم صاحب البطاقة بالمحافظة عليها وعدم إعطاء الرمز السري للغير واتخاذ كافة الاحتياطات التي من شأنها المحافظة على البطاقة وعدم المساس بالمعلومات المجودة فيها[27].

ثالثاً- مسؤولية التاجر: إن العلاقة بين التاجر وصاحب البطاقة تقوم على أساس تعاقدي من خلال عقد البيع الذي يربطهما، حيث يترتب على التاجر جملة من الالتزامات نذكر منها ما يلي:

  1. التأكد من شخصية حامل البطاقة: حتى يتجنب التاجر الوقوع في أعمال غير مشروعة فيجب عليه التأكد من شخصية حامل البطاقة، هل هو صاحبها الحقيقي أم لا؟، وذلك من خلال طلب البطاقة الشخصية لحامل البطاقة أو من خلال التوقيع الموجود على الوصل ومطابقته مع التوقيع الموجود على ظهر البطاقة، وفي حالة أخل التاجر بهذا الالتزام يكون الخطأ مفترض من جانبه ويتحمل المسؤولية[28].
  2. التأكد من المبلغ الموجود في البطاقة: يجب على التاجر التأكد من توافر رصيد كافي في البطاقة بالحد الذي يكفي لسداد قيمة المشتريات، وفي حالة إخلال التاجر بهذا الالتزام فهو من يتحمل المسؤولية.
  3. التأكد من صحة البطاقة: على التاجر أن يقوم بالتأكد من المعلومات الواردة في البطاقة كتاريخ الصلاحية وأن البطاقة غير مسروقة وعدم قبول بطاقة تالفة أو غير صالحة للاستعمال أو أن تكون البطاقة مزورة، فهنا التاجر وحده من يتحمل المسؤولية ولا يحق له مطالبة البنك بتحويل مبلغ الوفاء[29]

 

 

 

 

المطلب الثاني: المسؤولية التقصيرية لمستخدمي وسائل الدفع الالكتروني.

جاء في نص المادة 124 من القانون المدني الجزائري ما يلي ” كل فعل أيا كان يرتكبه بخطئه ويسبب ضرراً للغير، يلزم من كان سببا حدوثه بالتعويض”[30]، حيث يتضح من نص المادة أن المسؤولية التقصيرية تقوم على أساس الخطأ والضرر والعلاقة السببية، بالتالي يلتزم مرتكب الخطأ بالتعويض عن هذا الضرر.

تقوم المسؤولية التقصيرية في وسائل الدفع الالكتروني عند قيام الغير باستخدام بطاقة حصل عليها عن طرق السرقة أو استخدام بطاقة مفقودة، فتكون جميع الأضرار التي يتسبب فيها الغير تعوض من خلال المسؤولية التقصيرية كونه لا تربطه علاقة تعاقدية  مع صاحب البطاقة الأصلي، فيكون الغير الذي استخدم البطاقة بطرق غير مشروعة ملزم بتعويض صاحب البطاقة الشرعي على أساس المسؤولية التقصيرية[31].

بمعنى أنه إذا وقعت بطاقة الدفع الالكتروني في يد الغير أي في يد شخص غير صاحبها الشرعي وقام باستعمالها وتمكن من الحصول على الخدمات فإنه يعد مسؤولاً مدنياً اتجاه صاحب البطاقة عن الأضرار التي أصابته، ولكن هذه المسؤولية لا تقوم على أساس تعاقدي كون حامل البطاقة والغير لا تربطهما علاقة عقدية بل تكون على أساس المسؤولية التقصيرية، فمجرد قيام الغير باستخدام البطاقة مع علمه بأنها مملوكة لشخص أخر يعد خطأ من جانبه ويستلزم التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية[32].

نتيجة الاستخدام المتزايد لوسائل الدفع الالكتروني عبر الانترنت، ظهر بالمقابل الاستخدام الغير مشروع لهذه الوسائل للحصول على الأموال بطرق غير مشروعة، حيث أنه إذا تمكن الغير من الحصول على الرقم السري لبطاقة أحد العملاء عبر الانترنت في نفس الوقت الذي يستعملها صاحبها الأصلي في الوفاء سواء أثناء مرحلة الإدخال أو المعالجة أو الإخراج، فإنه يستطع الحصول على الأموال الموجودة في البطاقة، كون هذه العملية تتم عبر طريق قرصنة المعلومات فهناك العديد من الأشخاص الذين يحاولون سرقة بطاقات الدفع الالكتروني بغية الحصول على السلع التي يرغبون فيها[33]، وهذا يسبب بضرر لصاحب البطاقة الأصلي مما يستجوب التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية.

وعلى غرار الضرر الذي يلحق صاحب البطاقة جراء الاستخدام غير المشروع من الغير لها، فهو يسبب ضرر للبنك المصدر للبطاقة كذلك، حيث يقوم هذا الأخير بالدفع أو التعويض التلقائي لصاحب البطاقة، بالإضافة للضرر الأدبي الذي يلحق البنك، فمن الممكن أن تتزعزع ثقة المتعاملين مع البنك وتشويه سمعة البنك وبالتالي تحدث له خسائر كبيرة[34].

فعلى الرغم من المزايا العديدة التي يوفرها التعامل عبر الانترنت ولكنه ينطوي على مخاطر كبير وأضرار قد تصيب مستخدمي وسائل الدفع الالكتروني، فعمليات القرصنة والاحتيال تسبب مشكلة للتجار والمتعاملين معهم، فيتكبدون خسائر فادحة وهذا ما يشكل خطر كبير على استمرار تطور التجارة الالكترونية.

وكذلك قد تقوم المسؤولية التقصيرية من قبل التاجر باعتباره من الغير، فمسؤولية التاجر التقصيرية باعتباره من الغير تنعقد في حالة عدم وجود عقد بينه وبين صاحب البطاقة، حيث يمكن أن تقوم مسؤولية التاجر التقصيرية في حالة قيام التاجر بقبول بطاقة مسروقة أو مفقودة أو مزورة مع علمه بذلك فمسؤولية التاجر التقصيرية تقوم في مواجهة صاحب البطاقة على اعتبار أنه شريكاً للغير باستخدام بطاقة الدفع الالكتروني بطريقة غير مشروعة، فقيام التاجر بمثل هذا التصرف يجعله مطالب بتعويض صاحب البطاقة عن الأضرار التي أصابته جراء خطأ التاجر المفترض حيث أنه ملزم بالتأكد من صحة البطاقة[35].

وتقوم مسؤولية التاجر التقصيرية كذلك في حالة قيامه بنسخ معلومات البطاقة أثناء تمرريها في الجهاز الخاصة بقراءة المعلومات الموجودة على البطاقة وقيامه باستخدام البيانات المنسوخة في تزوير بطاقة مشابه لبطاقة الحامل واستخدامها في عمليات البيع، فعلى سبيل المثال قد يقوم التاجر بإعداد فواتير ومبالغ مالية لم يقيم صاحب البطاقة بتنفيذها أو أن يقوم التاجر بإجراء عمليات البيع بتلك البطاقة المزورة، وهذا ما يرتب المسؤولية التقصيرية في ذمة التاجر نتيجة الأضرار التي تسبب فيها لصاحب البطاقة مما يستوجب التعويض على أساس المسؤولية التقصيرية[36].

وكذلك تقوم مسؤولية التاجر التقصيرية، في حالة قيامه بطبع إشعارات بيع مزورة واستخراج أكثر من فاتورة، فعلى سبيل المثال أن يقوم التاجر بتمرير البطاقة على الجهاز مرتين أو أكثر وفي كل مرة يقوم بإدخال مبلغ معين وسلم الحامل الفاتورة الحقيقة للتوقيع فيقوم هو بتزوير توقيع صاحب   البطاقة على الفواتير الأخرى فيستوفي ثمن السلعة من حساب صاحب البطاقة  أكثر من مرة، وكذلك يمكن أن يقوم التاجر بطبع البطاقة على أكثر من فاتورة دون   أن ينتبه صاحب البطاقة ويقوم بعد ذلك بتعبئة بيانات الفاتورة وتقليد توقيع صاحب البطاقة، فالتاجر هنا يكون قد سبب ضرر لصاحب البطاقة ويستوجب التعويض من خلال قواعد المسؤولية التقصيرية[37].

وفي النهاية يمكن القول أن وسائل الدفع الالكتروني تتمتع بالحماية المدنية من خلال المسؤولية العقدية التي تنشأ من خلال الرابطة العقدية التي تربط الأطراف بعضهم ببعض، أي إخلال بالالتزامات التعاقدية الناشئة عن وسائل الدفع الالكتروني يرتب مسؤولية يستوجب من خلالها التعويض، بالإضافة إلى المسؤولية التقصيرية بالنسبة للغير ففي حال ارتكابه خطأ يوجب التعويض.

 

الخاتمة.

تطرقنا من خلال هذه الدراسة إلى الحماية المدنية لوسائل الدفع الالكتروني، من خلال دراسة المخاطر الناجمة عنها وكذلك المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام وسائل الدفع الالكتروني، حيث توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصيات نستعرضها فيما يلي :

أولاً- النتائج:

  1. إن وسائل الدفع الالكتروني أكثر عرضة للخطر من وسائل الدفع التقليدي، فهي معرضة للاختراق والسرقة وانتهاك الخصوصية.
  2. إن الاستخدام الغير مشروع لوسائل الدفع الالكتروني قد يكون من قبل صاحبها باستعمال وثائق مزورة أو استخدامها في الحصول على أموال غير مشروعة، ومن الممكن أن يكون الاستخدام الغير مشروع لوسائل الدفع الالكتروني من قبل البنك أو التاجر أو الغير.
  3. نظراً لتزايد حجم الجرائم المتعلقة بوسائل الدفع الالكتروني فهي بحاجة إلى الحماية.
  4. يترتب على استخدام وسائل الدفع الالكتروني مسؤولية مدنية، سواء كانت مسؤولية عقدية استناداً للعقود التي تبرم بين أصحاب العلاقة، وكذلك قد ينجم عنها مسؤولية تقصيرية تتمثل في استخدام الغير لهذه الوسائل بطرق غير مشروعة فيلتزم بالتعويض عن الضرر الناشئ نتيجة خطأه.

ثانيا- التوصيات:

  1. نشر الوعي لدى مستخدمي وسائل الدفع الالكتروني حول المخاطر الناجمة عنها، وسبل الوقاية من عمليات النصب والاحتيال الواقعة من خلال هذه البطاقات.
  2. تشديد العقوبات ومبالغ التعويض على مرتكبي جرائم القرصنة.
  3. تشديد الجزاء الواقع على مستخدم وسائل الدفع الالكتروني في حال ثبوت استخدامه لها في أعمال غير مشروعة.
  4. يجب على البنوك والمؤسسات المالية زيادة الحماية على وسائل الدفع الالكتروني، من خلال تطوير النظام الأمني لديها لمحاولة الحد من الانتهاكات التي تحدث لوسائل الدفع الالكتروني.

قائمة المصادر والمراجع:

أولاً- النصوص القانونية:

  1. قانون رقم 18-07 المؤرخ في 25 رمضان عام 1439 الموافق 10 يونيو سنة 2018 ، المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال المعطيات ذات الطابع الشخصي، الجريدة الرسمية العدد34 المؤرخة في 25رمضان عام 1439ه الموافق10 يونيو سنة 2018م.
  2. قانون رقم 18-05 مؤرخ في 24 شعبان عام 1439 الموافق10 مايو سنة 2018، يتعلق بالتجارة الالكترونية، الجريدة الرسمية العدد28 صادر في 30 شعبان 1439ه الموافق 16 مايو سنة 2018م.
  3. القانون رقم 07-05 المتضمن القانون المدني الجزائري، المؤرخ في 25 ربيع الثاني 1428ه، الموافق 13 مايو 2007، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 31.

ثانياً- الكتب:

  1. أحمد السيد لبيب إبراهيم، الدفع بالنقود الالكترونية:الماهية والتنظيم القانوني، دراسة تحليلية ومقارنة، دار الجامعة الجديدة الإسكندرية، 2009.
  2. امجد حمدان الجهني، المسؤولية المدنية عن الاستخدام غير المشروع لبطاقات الدفع الالكتروني، دار المسير للنشر
  3. جميل عبد الباقي الصغير، الحماية الجنائية والمدنية لبطاقات الائتمان الممغنطة:دراسة تطبيقية في القضاء الفرنسي والمصري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999.
  4. طارق حمزة، النقود الالكترونية كإحدى وسائل الدفع: تنظيمها القانوني والمسألة الناشئة عنها، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2011.
  5. كميت طالب البغدادي، الاستخدام غير المشروع لبطاقات الائتمان،المسؤولية الجزائية والمدنية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009.
  6. محمد توفيق سعود، بطاقات الائتمان والأسس القانونية للعلاقة الناشئة عن استخدامها، دار الأمير، بيروت، 2002.
  7. مهند الدويكات شلبي حسين، سلسلة الجرائم المالية المستحدثة: الاحتيال المصرفي، دار المجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، 2008.

والتوزيع والطباعة، عمان، 2010.

 

 

ثالثاً- الأطروحات والرسائل العلمية:

  1. شما السليطي، الجوانب القانونية لوسائل الدفع الالكتروني في ضوء القانون القطري، رسالة ماجستير،كلية القانون، جامعة قطر، 2021.
  2. عبد الصمد حوالف، النظام القانوني لوسائل الدفع في الجزائر دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه في القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة ابو بكر تلمسان، 2014-2015.
  3. فطيمة الزهراء وامري، المسؤولية المدنية لمستعملي بطاقات الدفع الالكتروني، رسالة ماجستير، جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية، 2014/2015.
  4. ليندة عبد الله، النظام القانوني لبطاقة الدفع الالكتروني، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة جيجل، 2007.
  5. هشام زرقان، النظام القانوني لبطاقات الدفع الالكتروني، رسالة ماجستير في قانون الأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خضير بسكرة، 2015-2016.

رابعاً-المؤتمرات العلمية:

  1. عبد الرؤوف دباش، وسائل الدفع مابين الحماية التقنية والقانونية للمستهلك الإلكتروني، مجلة الاجتهاد القضائي، جامعة محمد خضير بسكرة كلية الحقوق والعلوم السياسة-مختبر أثر الاجتهاد القضائي على حركة التشريع-، العدد14،2017.
  2. محمد إبراهيم الشافعي، النقود الالكترونية: ماهيتها، مخاطرها وتنظيمها القانوني، مجلة الأمن والقانون-أكاديمية الشرطة-، السنة الثانية عشر، العدد الأول،2004.
  3. وليد لعماري وعبد الناصر لوحايدية، مداخلة بعنوان “الضمانات القانونية ضد مخاطر استخدام وسائل الدفع الالكتروني”، ألقيت في الملتقى الوطني حول الدفع الالكتروني الواقع والمأمول، المنظم بقسم الحقوق لكلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باتنة، يوم 27 نوفمبر2019.

وهيبة عبد الرحيم، تقييم وسائل الدفع الالكتروني ومستقبل وسائل الدفع التقليدية في ظل وجودها، مجلة الاقتصاد الجديد، العدد02، 2010

 

-[1] قانون رقم 18-07 المؤرخ في 25 رمضان عام 1439 الموافق 10 يونيو سنة 2018 ، المتعلق بحماية الأشخاص الطبيعيين في مجال المعطيات ذات الطابع الشخصي، الجريدة الرسمية العدد34 المؤرخة في 25رمضان عام 1439ه الموافق10 يونيو سنة 2018م

[2] – محمد إبراهيم الشافعي، النقود الالكترونية: ماهيتها، مخاطرها وتنظيمها القانوني، مجلة الأمن والقانون-أكاديمية الشرطة، السنة الثانية عشر، العدد الأول،2004، ص13.

[3] – شما السليطي، الجوانب القانونية لوسائل الدفع الالكتروني في ضوء القانون القطري، رسالة ماجستير،كلية القانون، جامعة قطر، 2021، ص46.

[4] – وليد لعماري وعبد الناصر لوحايدية، مداخلة بعنوان “الضمانات القانونية ضد مخاطر استخدام وسائل الدفع الالكتروني”، ألقيت في الملتقى الوطني حول الدفع الالكتروني الواقع والمأمول، المنظم بقسم الحقوق لكلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باتنة، يوم 27 نوفمبر2019، ص03.

-وهيبة عبد الرحيم، تقييم وسائل الدفع الالكتروني ومستقبل وسائل الدفع التقليدية في ظل وجودها، مجلة الاقتصاد الجديد، العدد02، 2010، ص198.[5]

[6] – طارق حمزة، النقود الالكترونية كإحدى وسائل الدفع: تنظيمها القانوني والمسألة الناشئة عنها، منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2011، ص288.

[7] – قانون رقم 18-05 مؤرخ في 24 شعبان عام 1439 الموافق10 مايو سنة 2018، يتعلق بالتجارة الالكترونية، الجريدة الرسمية العدد28 صادر في 30 شعبان 1439ه الموافق 16 مايو سنة 2018م.

 

[8] – – شما السليطي، المرجع السابق، ص51.

 

[9] – جميل عبد الباقي الصغير، الحماية الجنائية والمدنية لبطاقات الائتمان الممغنطة:دراسة تطبيقية في القضاء الفرنسي والمصري، دار النهضة العربية، القاهرة، 1999، ص22.

[10] – المرجع نفسه، ص32.

[11] – جميل عبد الباقي الصغير، المرجع السابق، ص22-23.

[12] – مهند الدويكات شلبي حسين، سلسلة الجرائم المالية المستحدثة: الاحتيال المصرفي، دار المجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، 2008، ص77.

[13] – هشام زرقان، النظام القانوني لبطاقات الدفع الالكتروني، رسالة ماجستير في قانون الأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خضير بسكرة، 2015-2016، ص37-38.

[14] – محمد توفيق سعود، بطاقات الائتمان والأسس القانونية للعلاقة الناشئة عن استخدامها، دار الأمير، بيروت، 2002، ص44.

[15] – شما السليطي، المرجع السابق، ص58.

[16] – كميت طالب البغدادي، الاستخدام غير المشروع لبطاقات الائتمان،المسؤولية الجزائية والمدنية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2009، ص229.

[17] – ليندة عبد الله، النظام القانوني لبطاقة الدفع الالكتروني، رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة جيجل، 2007، ص110.

[18] – كميت طالب البغدادي، المرجع السابق، ص229.

[19] – فطيمة الزهراء وامري، المسؤولية المدنية لمستعملي بطاقات الدفع الالكتروني، رسالة ماجستير، جامعة عبد الرحمان ميرة بجاية، 2014/2015 ص26.

[20] – محمد توفيق سعودي، المرجع السابق، ص108.

[21] – المرجع نفسه، ص109.

[22] – كميت طالب البغدادي، المرجع السابق، ص234.

[23] – أحمد السيد لبيب إبراهيم، الدفع بالنقود الالكترونية:الماهية  والتنظيم القانوني، دراسة تحليلية ومقارنة، دار الجامعة الجديدة الاسكندرية، 2009، ص259.

[24] – ليندة عبد الله، المرجع السابق، ص121.

[25] – عبد الصمد حوالف، النظام القانوني لوسائل الدفع في الجزائر دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه في القانون، كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة ابو بكر تلمسان، 2014-2015. ص753.

[26] – عبد الرؤوف دباش، وسائل الدفع مابين الحماية التقنية والقانونية للمستهلك الإلكتروني، مجلة الاجتهاد القضائي، جامعة محمد خضير بسكرة كلية الحقوق والعلوم السياسة-مختبر أثر الاجتهاد القضائي على حركة التشريع-، العدد14،2017، ص112.

[27] -شما السليطي، المرجع السابق، ص64-65.

[28] – أحمد السيد لبيب، المرجع السابق، ص269.

[29] – شما السليطي، المرجع السابق، ص65-66.

[30] – القانون رقم 07-05 المتضمن القانون المدني الجزائري، المؤرخ في 25 ربيع الثاني 1428ه، الموافق 13 مايو 2007، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، العدد 31.

[31] – عبد الرؤوف دباش، المرجع السابق، ص114.

[32] – جميل عبد الباقي الصغير، المرجع السابق، ص212.

[33] – ليندة عبد الله، المرجع السابق، ص127.

[34] -فطيمة الزهراء وامري، المرج السابق، 41.

[35] – امجد حمدان الجهني، المسؤولية المدنية عن الاستخدام غير المشروع لبطاقات الدفع الالكتروني، دار المسير للنشر

والتوزيع والطباعة، عمان، 2010، ص343.

[36] – ليندة عبد الله، المرجع السابق، ص128.

[37] – امجد حمدان الجهني، المرجع السابق، ص346.

 

لتحميل الاصدار كاملا 

من هنا

للتوثيق

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى