في الواجهةمقالات قانونية

الرقابة القضائية في مجال حماية المحضون، – الباحثة لطيفة المازغي

الرقابة القضائية في مجال حماية المحضون، من إعداد الباحثة لطيفة المازغي خريجة سلك ماستر الأسرة في القانونين المغربي والمقارن.

الرقابة القضائية في مجال حماية المحضون

مقدمة:

 

لا ريب أن الحضانة مؤسسة قانونية تحظى بأهمية بالغة فهي وجهان لعملة واحدة إذ تعتبر من الآثار المترتبة عن الرابطة الزوجية مما يجعلها واجبا يقع على كاهل الأبوين كما تم التنصيص على ذلك بمقتضى المادة 164 من مدونة الأسرة[1]، وفي الحين ذاته تعد أثرا من آثار انحلال عرى الزوجية بين الأبوين، وفي هذه الحالة تثار العديد من الإشكالات على صعيد الواقع العملي خاصة فيما يتصل بزيارة المحضون وكذلك مسألة الانتقال به داخل وخارج أرض الوطن،  فضلا عن العديد من الإشكالات الأخرى التي لا تقل أهمية عن سابقتها والمرتبطة بمجمل المخاطر التي قد يتعرض لها الطفل المحضون والتي من شأنها المساس بتربيته وصحته ودراسته، الشيء الذي يفرض التدخل لصون حقوق المحضون باعتباره الحلقة الأضعف والسعي نحو تحقيق مصالحه المادية والمعنوية والتربوية.

وبالعودة إلى النصوص القانونية المؤطرة للحضانة والتي أفرد لها المشرع المغربي حيزا مهما بين دفتي مدونة الأسرة[2] نجدها تنص على العديد من المقتضيات التي تروم توفير حماية موصولة للمحضون بعد انفكاك عرى الزوجية.

هذا من زاوية، ومن زاوية أخرى لم يكتف المشرع بالتنصيص على حماية المحضون، وإنما أناط أمر مراقبة ذلك للقضاء، حيث عمل على منح القاضي السلطة التقديرية لمراعاة مصلحة المحضون عند إصدار الأحكام المتعلقة بالحضانة، وذلك بترجيح كفة المصلحة الفضلى للطفل في حالة ما إذا تعارضت مع مصالح أخرى.

وتتجلى رقابة القضاء في توفير الحماية اللازمة للمحضون، وبناء عليه نجد أن القضاء المستعجل[3] ينهض بدور طلائعي في هذا المجال، بالإضافة إلى دور القضاء الواقف الذي لا يقل أهمية في هذا الصدد، حيث أوكل المشرع لمؤسسة النيابة العامة أمر السهر على مراعاة مصلحة المحضون، علما بأن مشرع المدونة جعل من جهاز النيابة العامة طرفا أصليا في كل القضايا التي ترمي إلى تطبيق أحكام المدونة[4].

وعليه فإن الإشكال المطروح في هذا السياق يتمحور حول مدى نجاعة القضاء المغربي في تكريس الحماية الفعلية للطفل المحضون؟

ويتفرع عن هذا الإشكال تساؤلين يصبان في نفس المنحى:

ما هي أوجه تدخل القضاء في مجال حماية الأطفال المحضونين عقب انفصام عرى الزوجية؟

وأين يكمن دور النيابة العامة في تحقيق الحماية للطفل المحضون؟

سنحاول الإجابة وفق التصميم التالي:

المطلب الأول: دور القضاء الاستعجالي في حماية المحضون

الفقرة الأولى: تدخل القضاء الاستعجالي في مسألة السفر بالمحضون

الفقرة الثانية: تدخل القضاء الاستعجالي في مسألة زيارة المحضون

المطلب الثاني: دور النيابة العامة في حماية المحضون

الفقرة الأولى: سهر النيابة العامة على مراعاة مصلحة المحضون

الفقرة الثانية: دور النيابة العامة في حماية المحضون جنائيا

 

 

المطلب الأول: دور القضاء الاستعجالي في حماية المحضون

القاعدة في وظيفة القضاء أن يضع حدا للنزاعات بإصدار أحكام فاصلة مقررة أو منشئة لحقوق المتقاضين، إلا أن إصدار هذه الأحكام يحتاج إلى وقت طويل للتحقيق والبحث والاستماع إلى دفاع الأطراف و دفوعاتهم، ومثل هذا النهج قد لا يتوافق مع بعض الحالات والأوضاع التي تستلزم السرعة في البت، لذا كان لا بد من اكتشاف مسطرة سريعة استثنائية تسعف المتقاضين بحلول قضائية بأقصى سرعة، هذه المسطرة هي مسطرة القضاء الاستعجالي.  [5]

ومن ثم يمكن القول أن مسألة السفر بالمحضون تحظى بنصيب أوفر فيما يتعلق بتدخل قاضي المستعجلات، تليها في ذلك مسائل زيارة المحضون و صلة الرحم به و ذلك لما تطرحه من إشكالات على مستوى الواقع العملي.

الفقرة الأولى: تدخل القضاء الاستعجالي في مسألة السفر بالمحضون

منح المشرع إمكانية اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن للسفر بالمحضون في حالة امتناع النائب الشرعي عن ذلك، ولعل مرد هذا الامتناع هو حرمانه من مراقبة وتفقد أحوال المحضون، إذ القاعدة أن الحاضنة يجب أن تكون متواجدة بالمكان الذي يسكن فيه ولي الطفل حتى تسهل عليه مراقبة أحوال المحضون و القيام بشؤونه .[6]

و لما كانت الضرورات تقدر بقدرها، منح المشرع للأم الحاضنة عند رفض النائب الشرعي الموافقة على سفر المحضون بصحبتها خارج المغرب، وكانت هناك ظروف استثنائية تبرر ذلك السفر-كالسفر بقصد الاستشفاء أو في إطار بعثة ثقافية تسهر عليها السلطات العمومية-حق طلب الإذن من قاضي الأمور المستعجلة بشرط أن يتوفر عنصر الاستعجال وهو مناط اختصاص هذا الأخير طبقا لأحكام الفصل149 من قانون المسطرة المدنية[7]، بالإضافة إلى تأكد القاضي من توفر شرط عرضية السفر وكذا ضمان عودة المحضون .[8]

ومع ذلك أعطى القضاء المغربي للحاضنة حق الانتقال بالمحضون إلى الخارج دون الإشارة إلى موافقة الولي أو امتناعه[9]، إذ تجب الإشارة إلى كون المادة 179 من مدونة الأسرة تمنح حق اللجوء إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات للحاضنة وليس للنائب الشرعي، وذلك بصريح العبارة الواردة في الفقرة الثالثة منها .[10]

حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بطنجة ما يلي: “وحيث يهدف الطلب إلى الإذن للمدعية باستخراج جواز سفر لمحضونتها والموافقة على مغادرتها لأرض الوطن، وحيث تخلف الأب عن الحضور، وحيث تبين للمحكمة…أن الأمر يتعلق بالطفلة البالغة من العمر 14 سنة وأنها تحت حضانة والدتها المدعية، وحيث إن حسن تربية المحضون ومراقبته…تقتضي تواجده الدائم تحت مراقبة الحاضن داخل الوطن وخارجه، وحيث لذلك يكون الطلب مؤسس ويتعين الاستجابة له”[11].

وفيما يتعلق بحماية المحضون، نستدل بأمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالعرائش الذي جاء فيه:”…وحيث إن الدعوى ترمي إلى إصدار أمر يمنع سفر المدعى عليه خارج الوطن على أن تتولى النيابة العامة تبليغ الجهات المختصة قصد تنفيذ ذلك.

وحيث أجاب بأن الأمر لا يتعلق بتطبيق قواعد القضاء الاستعجالي وإنما بقضاء الأسرة لأن العلاقة الزوجية ما زالت قائمة.

وحيث إن القضاء المستعجل وإن كان يحظر عليه البت في أحقية الحضانة فإن البت في التدابير الوقتية تدخل معه في صميم اختصاصه شريطة عدم المساس بجوهر الحق بهدف حماية الطفلة، و تبعا لذلك تقرر إلزام المدعى عليه بإحضار الطفلة وتسليمها لوالدتها، ويمنع السفر بها خارج الوطن مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل”[12] .

هذا من زاوية، أما من زاوية أخرى فإنه يمكن القول أن من حق النائب الشرعي أن يمنع الحاضنة من السفر بالمحضون، إذا كان ذلك يتعارض والولاية، أما إذا كانت هناك ضرورة قصوى تقتضي السفر به، و أصر النائب الشرعي على ذلك، فإنه يعتبر حينها متعسفا في حقهما ويخول للزوجة سلوك المسطرة الاستعجالية .[13]

وفي هذا المنحى نورد أمرا استعجاليا اعتبر من خلاله رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط أن امتناع الأب عن الإذن و الترخيص لابنه بالسفر لمتابعة علاجه يشكل تعرضا تعسفيا غير مسموح به قانونا، و مخالفا لما تقتضيه الولاية الأبوية وما تلزمه من العمل لمصلحة الابن، وقضى بالترخيص الفوري لابنه بمغادرة التراب الوطني من أجل الخضوع للمراقبة الطبية مع اعتبار الأمر بمثابة إذن للابن المذكور في حالة امتناع الأب بمغادرة التراب الوطني[14] .

وكما أنه في بعض الأحيان قد يكون الغرض من منع الولي الحاضنة السفر بالمحضون هو التشفي والانتقام لهذا فالقضاء هو المعول عليه للفصل في هذا النوع من القضايا، فليس لأي جهة إدارية الحق في التدخل لمنح الإذن للسفر خارج  التراب الوطني، على اعتبار أن القضاء الاستعجالي له دور فعال في منح الإذن للسفر بالمحضون من عدمه، الشيء الذي يقضي التأكد من المبررات التي تعتمدها الحاضنة للسفر بالمحضون والأسباب الكاملة وراء امتناع النائب الشرعي عن الموافقة، وذلك في إطار إعمال سلطته التقديرية لاتخاذ ما يراه مناسبا وفق ظروف وملابسات كل قضية، مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المحضون بالدرجة الأولى و مصالح الأطراف بالدرجة الثانية .[15]

وقاضي المستعجلات لن يتأتى له معرفة هذه المصلحة إلا بتمحيص أوراق القضية المعروضة عليه جيدا بشكل لا يمس جوهر النزاع، نظرا لأن قضايا السفر بالمحضون كثيرة و متشابهة و متشعبة أيضا، حيث يتعامل مع هذه الطلبات بنوع من المرونة لصالح الطفل المحضون، فإذا لم تبرز مبررات معقولة للسفر فإنه يرفع يده عن القضية ويحكم بعدم الاختصاص.

وعليه فإن فالركيزة الأساسية التي تعتمد عليها المادة 179 من المدونة هي مراعاة مصلحة الطفل، لأن التشدد في الشروط في حالة امتناع النائب الشرعي عن السفر بالمحضون، وإمكانية سلوك المسطرة الاستعجالية لاستصدار إذن بذلك، إنما هي شروط لصالح الطفل المحضون، لكي لا يكون ضحية لأسباب أبوية، وبالتالي أعطت المادة الصلاحية للقضاء للتدخل و البت في مثل هذه القضايا في أسرع وقت و بناء على اقتناعه الذي يراعي دون شك مصلحة الطفل المحضون .[16]

وقد تطلب الحاضنة من قاضي المستعجلات استصدار أمر بإغلاق الحدود في وجه الطفل المحضون، وذلك مخافة منها بأن يأخذه وليه ويسافر به خارج التراب الوطني، خصوصا إذا كان هناك خطر محدق يبرر تدخل القضاء الاستعجالي لمنع وقوع هذا الخطر[17].

وهكذا جاء في أمر لابتدائية الرباط ما يلي:” وحيث إن المدعية باعتبارها حاضنة لابنها و استنادا للمادة 169 من مدونة الأسرة، و التي تعطي للأم واجب العناية بشؤون المحضون، و أن لا يبيت إلا عند حاضنه…وأن حالة الاستعجال تبقى قائمة للبت في النازلة خاصة و أنه…متقاعد وليس هناك ضمانات للعودة به للمغرب…، مما يتعين معه الاستجابة للطلب وذلك درء لكل ضرر وحماية للطرف المحضون…لهذه الأسباب نأمر بإغلاق الحدود في مواجهة الطفل –ج- ومنعه من مغادرة أرض الوطن”[18].

وبما أن المشرع أعطى الصلاحية للقضاء للتأكد من عرضية السفر وضمان عودة المحضون من عدمها من خلال كل قضية على حدة، فإنما وضع على عاتقه مسؤولية كبيرة لأن هذه المبررات لم ينص عليها القانون على سبيل الحصر بل على سبيل المثال، و ترك له المجال واسعا لأنه أقدر بالمعطيات المحيطة وبالقضية والأطراف أيضا أثناء نظره في الدعوى .[19]

الفقرة الثانية: تدخل القضاء الاستعجالي في مسألة زيارة المحضون

عندما يتدخل رئيس المحكمة في قضايا الحضانة فإنه يكون مرنا وذلك بإعمال سلطته التقديرية بشكل يتوافق مع مصلحة المحضون الفضلى، ومن بين الحالات التي يتدخل فيها القضاء المستعجل لحماية مصلحة الطفل زيارته من قبل أبويه، على اعتبار أن الحضانة تعتبر من الحقوق الثابتة للأبناء قبل أن تكون للأبوين، فمصلحتهم تقتضي العمل على استقرارهم حتى يتوفر لهم الأمان والاطمئنان وتهدأ نفوسهم، عن طريق اتصالهم بأويهم وأقاربهم.[20]

ولعل شفع الحكم بالنفاذ المعجل فيما يتعلق بالزيارة، يحقق نوعا من التوازن في حقوق وواجبات الأب، بين حقه في زيارة ورؤية ولده المحضون وواجبه في الإنفاق عليه، وأيضا التوازن في أركان الحكم، خاصة إذا كانت الزوجة هي طالبة التطليق فتقع الاستجابة لطلبها فك عرى العلاقة الزوجية والحصول على المستحقات، ويقع في المقابل تمكين الأب من حقه في زيارة ولده على وجه السرعة، طالما أن الحكم في شقه المتعلق بالتطليق هو انتهائي لا يقبل أي طعن، فهو والحالة ما ذكر مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون بصفة ضمنية[21].

كما أن شفعه بالنفاذ في الشق المتعلق بالزيارة يراعي أيضا المصلحة الفضلى للمحضون في رؤية أبيه و إحساسه بعطفه و حنانه الأبوي، والذي قد يحرم منه مكابرة أو عنادا من لدن بعض الأمهات الحاضنات اللائي يمتنعن من تمكين الآباء من زيارة أولادهن، فيعمدن إلى الطعن في الحكم بقصد التطويل والإضرار بالأب من خلال حرمانه من حقه في الزيارة و تأخير ذلك ما أمكن، ولا خلاف في أن شفع الحكم بالنفاذ المعجل يحول دون تحقيق ذلك .[22]

و المحكمة ملزمة بتعليل حكمها المذكور القاضي بالاستجابة لطاب النفاذ المعجل لكونه يعتبر نفاذا معجلا قضائيا جوازيا حسب المستفاد من مقتضيات الفقرة الثامنة من الفصل 147 من قانون المسطرة المدنية، وغالبا ما تبرر منحها ذاك بحاجة الأب إلى إنفاذ حقه في زيارة ابنه، و حاجة الخير إلى رعاية وعطف أبيه على وجه الاستعجال و ذلك بخلاف النفاذ المعجل بقوة القانون أو النفاذ المعجل القضائي الوجوبي المحددة حالاته حصرا بمقتضى الفقرات الأولى من المقتضى المذكور، حيث تكون المحكمة في حل من التعليل باعتباره تحصيل حاصل و جار بقوة القانون، علما بأن تحقيق حاجة الولد المحضون في رؤية أحد أبويه ممن لا يملك حق الحضانة، وحاجة الأخير في الاطمئنان على ولده تقتضي تعديل نصوص المدونة بجعل الحق في الزيارة مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون، لكن يسوغ دائما  للطرف المحروم من الزيارة أن يستصدر حكما من القضاء الاستعجالي يمكنه من حقه ذاك توا ودون مماطلة، وقد جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء: “صلة الرحم حق طبيعي وشرعي ضمنه القانون لكل واحد من الطرفين بعد وقوع الطلاق، وقاضي المستعجلات مختص باتخاذ أي إجراء لضمان ممارسة هذا الحق، طبيعة صلة الرحم في إطار الاستعجال تقتضي النفاذ المعجل على المسودة [23]“.

 

 

 

المطلب الثاني: دور النيابة العامة في حماية المحضون

انطلاقا من الدور الريادي الذي أصبح منوطا بالنيابة العامة[24] باعتبارها تمثل المجتمع والتي أصبحت طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام مدونة الأسرة، فإن المشرع أناط بها السهر على مراقبة تنفيذ كل الأحكام المتعلقة بحقوق الطفل، وهكذا نلاحظ أن المشرع المغربي أدخل في مدونة الأسرة المصالح المعنوية والتربوية للطفل بعدما كان الأمر قاصرا في النصوص السابقة على بعض المصالح المادية للطفل وذلك أيا كان النائب الشرعي له[25]، ومن هذا المنطلق ارتأينا معالجة دور النيابة العامة فيما يتعلق بمصلحة المحضون الفضلى، ثم الدور الذي تكرسه من خلال حماية المحضون جنائيا.

الفقرة الأولى: سهر النيابة العامة على مراعاة مصلحة المحضون

تنص المادة 165 من مدونة الأسرة على أنه:” إذا لم يوجد بين مستحقي الحضانة من يقبلها، أو وجد ولم تتوفر فيه الشروط، رفع من يعنيه الأمر أو النيابة العامة الأمر إلى المحكمة، لتقرر اختيار من تراه صالحا من أقارب المحضون أو غيرهم، وإلا اختارت إحدى المؤسسات المؤهلة لذلك”.

يلاحظ أن هذه المادة أعطت للنيابة العامة صلاحية رفع طلب إسناد الحضانة إلى من هو جدير برعاية الطفل والقيام بشؤونه وتربيته تربية سليمة، مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المحضون التي تتمحور بالأساس حول حاجة الطفل إلى وسائل مادية لنموه البدني واستقراره النفسي، وقيام الحاضن بواجبه في هذا الشأن، وضرورة الحفاظ على علاقته مع الوالد غير الحاضن وأقاربه، وكل هذا متوقف على قدرة الحاضن للقيام بهذا الدور الذي ينعكس على شخصية الطفل وعلى مصيره، وذلك في الحالة التي لم يقبل من هو مستحق للحضانة أو لم تتوفر فيه أحد الشروط الواجب توافرها في الحاضن.[26]

و عليه يبرز جليا دور النيابة العامة في مجال الحضانة في حالة إذا لم يوجد بين مستحقي الحضانة من يقبلها أو وجد ولم تتوفر فيه الشروط القانونية فإنها تقوم برفع الأمر للمحكمة لتقرر في اختيار من تراه صالحا من أقارب المحضون لحضانته، أو من المؤسسات المؤهلة لذلك، و تقديم مستنتجاتها الكتابية أو الشفوية إذا لم تكن هي صاحبة المبادرة برفع الأمر للمحكمة، كما أنه لها حق طلب إسقاط الحضانة حماية لحقوق المحضون، وفي هذا الصدد نصت المادة 177 من مدونة الأسرة على أنه:” يجب على الأب و أم المحضون والأقارب و غيرهم، إخطار النيابة العامة بكل الأضرار التي يتعرض لها المحضون لتقوم بواجبها للحفاظ على حقوقه، بما فيها المطالبة بإسقاط الحضانة”[27].

انطلاقا من هذا المعطى يحق لنا أن نثير التساؤل التالي: هل بمجرد إشعار النيابة العامة بالأضرار التي يتعرض لها المحضون يحق لهذه الأخيرة أن تتدخل وتتقدم بملتمس إسقاط الحضانة؟ .[28]

إجابة عن هذا التساؤل يمكن القول أن النيابة العامة لا يحق لها أن تتقدم بالملتمس المذكور إلا إذا أجرت بحثا في الموضع و تبين لها صحة ادعاء أب المحضون أو نائبه الشرعي فضلا عن المتابعة التي يمكن أن تثيرها في حق من تعمد الإضرار بالمحضون[29].

لكن في المقابل يمكن للنيابة العامة أن تتقدم موازاة مع المسطرة الزجرية بدعوى إسقاط الحضانة اعتمادا على محضر الضابطة القضائية المنجز في الموضوع، كما يمكن لها أن تتقدم بدعوى إسقاط الحضانة بعد صدور الحكم الجنحي القاضي بإدانة الحاضن، وقد تتقدم بهذه الدعوى دون إثارة المتابعة إذا كانت الأفعال المرتكبة من طرف الحاضن لا تصل حد الفعل الجرمي[30]

كما أنيط للنيابة العامة حق طلب منع المحضون من السفر خارج أرض الوطن طبقا للمادة 179 من مدونة الأسرة دون موافقة نائبه الشرعي سواء أثناء النظر في إسناد الحضانة أو بمقتضى قرار لاحق، وتتولى النيابة العامة مهمة السهر على تنفيذه، وإذا التمس الحاضن الإذن له بالسفر بالمحضون خارج أرض المغرب ورفض النائب الشرعي ذلك، يمكن لقاضي المستعجلات و بطلب من المعني أن يصدر أمرا بالإذن بذلك إذا تيقن من استيفاء شرطين هما التأكد من الصفة العرضية للسفر ومن عودة المحضون إلى المغرب .[31]

كما يمكن لها التدخل لمنازعة مستحق الحضانة في صلاحيته بالحضانة، لاسيما إذا اقترف الأفعال المنصوص عليها الفصل 482 من القانون الجنائي[32] وصدر في حقه حكم قضى بإدانته من أجل ذلك.

فضلا عن حقها في قرار إسناد الحضانة إذا لم تراعى وضعية المحضون سواء فيما يخص فترات الزيارة، أو إذا رأت أو بلغ إلى علمها أن هناك تحايل في تنفيذ المقرر القضائي، الذي قد يصدر أن تراعي فيه بعض شروط إسناد الحضانة، كأن تسند لغير عاقل أو لغير أمين على المحضون، أو لمن لا تتوفر القدرة المادية أو المعنوية لتربية المحضون وصيانته أو لمن هو على غير دين أب المحضون، أو كما لو كان من زمرة الأشخاص الذين صدر في حقهم حكم بإهمال الأسرة  طبقا للفصل 482 من القانون الجنائي وذلك نظرا للدور الهام الذي أناطه بها المشرع في حماية الحقوق المترتبة للأطفال منذ الحمل إلى حين بلوغ سن الرشد القانوني، و كذلك على مستوى الحضانة، لأن الطفل هو الأكثر حساسية والأجدر بالعناية والرعاية والاهتمام لما ينتج عن تفكك الأسرة من آثار سلبية على حياته[33] .

وعموما فالنيابة العامة تتدخل كلما تعرضت حقوق الطفل المحضون المنصوص عليها في المادة 54 من المدونة لانتهاك من طرف الحاضن، لاسيما وأن خرق تلك الحقوق يعد ضررا فادحا يجب إصلاحه وتعويضه عبر طلب إسقاط الحضانة عن المخل بها، باعتبارها طرفا أصليا وتضطلع بدور إيجابي وتلقائي في إطار أحكام المدونة، ولها أن تطبق في ذلك مبدأ الملائمة واتخاذ ما تراه مناسبا لتجنب الإضرار بالمحضون .[34]

ومن جملة الأضرار التي قد يتعرض لها المحضون وتستوجب تدخل النيابة العامة، تلك التي تهدد سلامته الجسدية كالضرب والاعتداء البدني من طرف الحاضن أو أقاربه، أو قد تهدده في صحته نتيجة عدم الاهتمام بحالته الصحية التي قد تكون مهددة وتحتاج إلى علاج سريع، وقد يتعلق الخطر بعرقلة الحاضن تعليم المحضون والتقصير فيه وغ يرها من الحالات، ومن ثم فإن مثل هذه الأخطار تبرر تدخل النيابة العامة قصد وضع حد لها، لأن المحضون قد يكون في وضعية خطيرة وقد تزداد تعقيدا إذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة بالسرعة المطلوبة[35].

وتبليغ النيابة العامة أو إخطارها يتم بجميع وسائل الإشعار الكتابية منها والشفوية، كما أن الأضرار التي قد يتعرض لها المحضون والتي تستوجب تدخل النيابة العامة كثيرة، فقد تهدد الطفل في سلامته الجسدية، كالضرب والاعتداء البدني من طرف الحاضن أو أقاربه، أو تهدده في صحته مثل عدم الاهتمام بحالته الصحية التي قد تكون مهددة بمرض أو وباء يحتاج إلى علاج سريع وعاجل، أو قد يتعلق الخطر الذي يهدده بدراسته وتربيته لما في ذلك من تأثير على مستقبله ككل، فمثل هذه الأخطار التي تهدد مصلحة المحضون تبرر تدخل النيابة العامة قصد وضع حد لها .[36]

الفقرة الثانية: دور النيابة العامة في حماية المحضون جنائيا

أوجد المشرع مؤيدات جنائية لحماية حق الطفل في الحضانة، حيث يمكن للنيابة العامة أن تتقدم بدعوى إسقاط الحضانة اعتمادا على محضر الضابطة القضائية المنجز في الموضوع، كما يمكن لها أن تتقدم بدعوى إسقاط الحضانة بعد صدور الحكم الجنحي القاضي بإدانة الحاضن، وقد تتقدم بهذه الدعوى دون إثارة المتابعة إذا كانت الأفعال المرتكبة من طرف الحاضن في حق المحضون لا تصل حد الفعل الجرمي، كما لو ثبت لها أن الحاضن لا يقوم بواجبه في تربية المحضون و رعايته دينا و صحة و خلقا ومراقبة تمدرسه أو تغييرا طرأ على وضعيته يخشى منه إلحاق الضرر بالمحضون . [37]

كما يبرز دور النيابة العامة في حماية المحضون جنائيا في حال ما إذا صدر حكم أو قرار قضائي نهائي أو نافذ بصفة مؤقتة يقضي بإسناد الحضانة لواحد من الأبوين أو لغيرهما، وامتنع من بيده وتحت رعايته الطفل المحضون عن تسليمه لمن له الحق في حضانته، من خلال تحريك المتابعة في حق الممتنع عن تسليم المحضون طبقا للفصل 477 من القانون الجنائي .[38]

ومؤدى صدور حكم قضائي يقضي بالحضانة لصالح أحد الأقارب أنه يتعين الإدلاء بحكم قضائي صادر عن قسم قضاء الأسرة، يقضي بتعيين أحد أقارب القاصر كحاضن له، وامتناع إما الأب أو الأم أو أحد أقارب القاصر الذي يوجد هذا الأخير تحت رعايته عن تسليمه إلى من صدر الحكم لصالحه، أو خطفه من حاضنته بعدما يكون قد تسلمه بمقتضى حكم قضائي ليقوم بحضانته، حتى يمكن متابعته طبقا لمقتضيات الفصل 477 من القانون الجنائي، أما في حالة عدم الإدلاء بهذا الحكم، فإن المتابعة تكون غير مقبولة لاختلال أحد شروطها الجوهرية   [39]

كما أن المشرع الجنائي قد شدد العقوبة إذا كان مرتكب الجريمة قد حرم من الولاية الأبوية على القاصر وهو تشدد مرده إلى الاهتمام برعاية المحضونين وإبعاد المنحرفين من أقاربهم عنهم، حتى لا يكونوا عرضة للضياع و التربية الفاسدة .[40]

كما تجدر الإشارة إلى أنه على الحاضن أن يقدم المحضون لمن له حق المطالبة به، خاصة نائبه الشرعي للقيام بزيارته التي تحدد بناء على اتفاق بينه وبين النائب الشرعي أو بمقتضى حكم قضائي، حتى لا يقع تحت طائلة العقوبة المنصوص عليها في الفصل 476 من القانون الجنائي والذي جاء فيه:” من كان مكلفا برعاية طفل وامتنع من تقديمه إلى شخص له الحق في المطالبة به يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة”.

كما تعتبر جريمة إهمال الأسرة[41] المنصوص عليها في الفصل 479 من القانون الجنائي[42] ضمانة قوية لحق الطفل في التربية والعناية به ماديا ومعنويا، لأنه إذا صدر في حق الأبوين الحاضنين أو في حق الحاضن منهما حكم جنحي في هذا الإطار، يكون للنيابة العامة الصفة في أن تتقدم أمام قسم قضاء الأسرة المختص بطلب اختيار من تراه صالحا لحضانة الطفل من الأقارب أو غيرهم، و إلا اختارت إحدى المؤسسات المؤهلة لذلك طبقا للمادة 165 من مدونة الأسرة، كما أن لها الصفة في تقديم دعوى إسقاط الحضانة في مواجهة هؤلاء طبقا للمادة 173 من مدونة الأسرة [43].

خاتمة:

من خلال ما تقدم بيانه في هذا الموضوع يمكن القول أن المشرع المغربي لم يبق بمنأى عن تكريس الحماية اللازمة للطفل المحضون وخاصة بعد انحلال العلاقة الزوجية وتفكك الأسرة التي كانت تحتضن الطفل في كنفها، الشيء الذي يفضي لا محالة إلى ضياع حقوق الطفل جراء ما ينجم عن ذلك من خلافات تهدد أمن واستقرار المحضون.

لهذا ورفعا لكل لبس، تدخل المشرع بأحكام صارمة تصبو إلى تحقيق حماية فعلية للمحضون تربية وصحة وتعليما، فضلا عن بسط قواعد إجرائية المتمثلة في العمل والاجتهاد القضائيين اللذين يعملان على ترجمة القواعد الموضوعية على أرض الواقع وذلك حسب كل نازلة على حدة.

وذلك من خلال تمكين القاضي من إعمال سلطته التقديرية بشكل يتلاءم ومصلحة المحضون الفضلى، فقد جرى القضاء المغربي على جعل مصلحة المحضون فوق كل اعتبار، فكلما كانت مصلحته حاضرة كانت الحضانة قائمة، وكلما انتفت المصلحة سقطت الحضانة.

كما نشيد بالدور الذي يضطلع به جهاز النيابة العامة في مجال حماية المحضون حيث أوجد المشرع مؤيدات زجرية لحماية حق الطفل في الحضانة وأوكل لهذا الجهاز مهمة التدخل لدرء الأخطار التي قد تهدد مصلحة المحضون وذلك بوضع حد لها، من خلال تبني صفة الادعاء باعتبارها طرفا أصليا في كل القضايا المتعلقة بتطبيق أحكام مدونة الأسرة والتي تعتبر الحضانة واحدة منها.

 

 

 

المراجع:

كتب:

عادل حاميدي، الدليل الفقهي والقضائي للقاضي والمحامي في المنازعات الأسرية، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط،2016.

عبد الباسط جميعي، نظرية الاختصاص في قانون المرافعات الجديد وتعديلاته، دار الفكر العربي، القاهرة، 1975.

عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص، الطبعة الثالثة، مطبعة دار الجسور، وجدة، 2002.

عبد العزيز هدوي، ضوابط الأسرة وحقوقها، على ضوء مدونة الأسرة والتشريع الإسلامي والعمل القضائي، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية-مراكش،2017.

الرسائل الجامعية:

سمير الشهيبي، أثر رابطة القرابة على الجريمة والعقوبة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر العلوم الجنائية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، الموسم الجامعي:2011/2012.

عادل الزيداني، إسقاط الحضانة بين التشريع والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في الأسرة والتنمية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة مولاي إسماعيل، الموسم الجامعي: 2012/2013.

محمد أمزيان، القضاء المستعجل في القضايا الأسرية – الحضانة و النفقة نموذجا- رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين و البحث تشريعات الأسرة و الهجرة، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، الموسم الجامعي:2008/2009.

وفاء اللودة، الحماية القضائية للمحضون في مدونة الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، الموسم الجامعي:2005/2006.

بحث نهاية التدريب:

عبد الغني الأبي، الحضانة في ضوء العمل القضائي، بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 34، فترة التمرين: 2008/2009.

التباري بنمريدة، الحماية القانونية والقضائية للمحضون، بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 36، فترة التمرين: 2009/2011.

مقالات وندوات:

أحمد نهيد، تدخل النيابة العامة في ظل مدونة الأسرة، مقال منشور بمجلة المحامي، العددان 44 و45، 2004.

هاشم دوليم، دور النيابة العامة في قضاء الأسرة، مداخلة ألقيت في الندوة الجهوية الثانية تحت عنوان قضايا الأسرة من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، وذلك احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس الأعلى، نظمت بالقصر البلدي ـ مكناس ـ يومي 8 و 9 مارس 2007، الطبعة الأولى، مطبعة الأمنية ـ الرباط،2007.

مقالات إلكترونية:

إدريس الفاخوري، دور النيابة العامة في المادة الأسرية، مقال منشور بالموقع الإلكترونيwww.maroclaw.com.

محمد إدريسي، طبيعة تدخل النيابة العامة في مدونة الأسرة هل هي طرف أصلي أم انضمامي؟، مقال منشور بمجلة العلوم القانونية بالموقع الإلكتروني: http://club-droit-marocain.blogspot.com.

[1] – تنص المادة 164 على ما يلي: ” الحضانة من واجبات الأبوين، مادامت علاقة الزوجية قائمة”.

[2] – ظهير شريف رقم 1.04.22 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، الجريدة الرسمية عدد: 5184 بتاريخ 5 فبراير 2004، ص:418.

[3] – يقصد بالقضاء المستعجل الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت فصلا مؤقتا لا يمس أصل الحق، وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الوضاع القائمة او احترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح الطرفين، أورده: عبد الباسط جميعي، نظرية الاختصاص في قانون المرافعات الجديد وتعديلاته، دار الفكر العربي القاهرة، 1975، ص:123.

[4] – جاء التنصيص على هذا المقتضى في المادة الثالثة من مدونة الأسرة:”تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة”.

[5] –  عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص، الطبعة الثالثة، مطبعة دار الجسور، وجدة، 2002، ص:57.

[6] – محمد أمزيان، القضاء المستعجل في القضايا الأسرية – الحضانة والنفقة نموذجا-رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث  تشريعات الأسرة والهجرة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، الموسم الجامعي:2008/2009، ص:11.

[7] – ينص الفصل 149 من ق.م.م على ما يلي:” يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذـ أو الأمر بالحراسة القضائية، أو أي إجراء آخر تحفظي، سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق، والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات.

إذا عاق الرئيس مانع قانوني، أسندت مهام قاضي المستعجلات إلى أقدم القضاة.

إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف، مارس هذه المهام رئيسها الأول.

تعين أيام وساعات جلسات القضاء المستعجل من طرف الرئيس”.

[8] -وفاء اللودة، الحماية القضائية للمحضون في مدونة الأسرة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي، طنجة، الموسم الجامعي:2005/2006، ص:90.

[9] – المرجع نفسه.

[10] – محمد أمزيان، مرجع سابق، ص:13.

[11] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بطنجة عدد: 453، صادر بتاريخ 02/03/2006، ملف عدد 108/06/33، أوردته: وفاء اللودة، مرجع سابق، ص: 91.

[12] – أمر استعجالي عدد:104 مؤرخ في 27/06/2005، ملف عدد: 92/05/1، أورده: عبد الغني الأبي، الحضانة في ضوء العمل القضائي، بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 34، فترة التمرين: 2008/2009، ص:55.

[13] – محمد أمزيان، مرجع سابق، ص:19.

[14] – أمر استعجالي عدد: 962 مؤرخ في 11/06/2006، ملف عدد: 6/895/2006، أورده: محمد أمزيان، مرجع سابق، ص:14.

[15] – عادل الزيداني، إسقاط الحضانة بين التشريع والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في الأسرة والتنمية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة مولاي إسماعيل، الموسم الجامعي: 2012/2013، ص:116.

[16] – محمد أمزيان، مرجع سابق، ص:31.

[17] – عادل الزيداني، مرجع سابق،ص: 117.

[18] – أمر استعجالي عدد: 932 في ملف عدد:6/842/2006، بتاريخ 01/08/2006، أورده: محمد أمزيان، مرجع سابق، ص:35.

[19] – عادل الزيداني، مرجع سابق، ص: 118.

[20] – مرجع نفسه، ص:118.

[21] – عادل حاميدي، الدليل الفقهي والقضائي للقاضي والمحامي في المنازعات الأسرية، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط،2016، ص: 484.

[22] – عادل حاميدي، مرجع نفسه، ص: 485.

[23] – حكم عدد 0535 بتاريخ 09/01/1992، ملف استعجالي عدد: 3874/91، أورده: عادل حاميدي، مرجع نفسه، ص:485.

[24] – إن النيابة العامة مصطلح يطلق في النظام القضائي المغربي على فئة من رجال القضاء، يوحدهم السلك القضائي ويشملهم النظام الأساسي لرجال القضاء، فهي من حيث تكوين أعضائها وطريقة تعيينهم وترقيتهم، لا يختلفون في شيء عن قضاة الحكم ومن حيث صلاحيتها فهي تجمع بين ما هو قضائي وما هو إداري.

وإذا كان الأصل في مهام النيابة العامة، أنها تقوم بتمثيل المجتمع في الدعوى الجنائية، والدفاع عن حقه في حياة آمنة، وحماية جميع أفراده، فإن جل التشريعات المعاصرة ارتأت أنه من المناسب أن يمتد هذا التمثيل إلى مساهمتها في الدعوى المدنية، التي تكتسي صبغة خاصة، وذلك لتحقيق مصلحة عامة، أو حماية مراكز قانونية معينة جديرة بحماية المشرع.

ولما كان قضاء الأسرة ينفرد بخصوصية عن القضاء المدني رغم أنه فرع من فروعه ،لكونه يسعى إلى تحقيق مصلحة عامة هي مصلحة الأسرة التي تمثل الخلية الأولى في المجتمع ،صلاحه من صلاحها و فساده من فسادها، وما دامت الرابطة بين الأسرة و المجتمع جدلية على هذا النحو، والنيابة العامة هي الساهرة على حماية المجتمع ،فقد تم تخويلها أدوار مهمة في جميع القضايا المتعلقة بالأسرة لتسهم بشكل فعال في الحفاظ على كيان الأسرة و استقرارها .وفي هذا السياق جاء القانون رقم 03_70 المتعلق بمدونة الأسرة بمجموعة من المستجدات كان أهمها التحول الذي عرفته وضعية النيابة العامة ما بين مدونة الأحوال الشخصية و مدونة الأسرة وكذا الدور المنوط بها في أكتر من عشرين مادة، أورده: محمد إدريسي، طبيعة تدخل النيابة العامة في مدونة الأسرة هل هي طرف أصلي أم انضمامي؟، مقال منشور بمجلة العلوم القانونية بالموقع الإلكتروني: http://club-droit-marocain.blogspot.com، تاريخ الاطلاع: 18/12/2021، الساعة: 10:45.

[25] – هاشم دوليم، دور النيابة العامة في قضاء الأسرة، مداخلة ألقيت في الندوة الجهوية الثانية تحت عنوان قضايا الأسرة من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، وذلك احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس المجلس الأعلى، نظمت بالقصر البلدي ـ مكناس ـ يومي 8 و9 مارس 2007، الطبعة الأولى، مطبعة الأمنية ـ الرباط،2007، ص:119.

[26] – إدريس الفاخوري، دور النيابة العامة في المادة الأسرية، مقال منشور بالموقع الإلكترونيwww.maroclaw.com، تاريخ الاطلاع:10/12/2021، الساعة: 11:43.

[27] – هاشم دوليم، مرجع سابق، ص:122.

[28] – عبد العزيز هدوي، ضوابط الأسرة وحقوقها، على ضوء مدونة الأسرة والتشريع الإسلامي والعمل القضائي، الطبعة الأولى، المطبعة والوراقة الوطنية-مراكش،2017، ص:215.

[29] – عبد العزيز هدوي، مرجع نفسه، ص: 215.

[30] – التباري بنمريدة، الحماية القانونية والقضائية للمحضون، بحث نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء، الفوج 36 فترة التمرين: 2009/2011، ص:64.

[31] – هاشم دوليم، مرجع سابق، ص:122.

[32] – ينص الفصل 482 من القانون الجنائي على ما يلي: ” إذا تسبب أحد الأبوين في إلحاق ضرر بأطفاله أو بواحد أو أكثر منهم، وذلك نتيجة سوء المعاملة أو إعطاء القدوة السيئة في السكر أو سوء السلوك أو عدم العناية أو التقصير في الإشراف الضروري من ناحية الصحة أو الأمن أو الأخلاق، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم، سواء حكم عليه بالحرمان من السلطة الأبوية أم لا. ويجوز علاوة على ذلك، أن يحكم على مرتكب الجريمة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 من خمس سنوات إلى عشر”.

[33] – عادل الزيداني، مرجع سابق، ص: 107.

[34] – إدريس الفاخوري، دور النيابة العامة في المادة الأسرية، مقال منشور بالموقع الإلكترونيwww.maroclaw.com، تاريخ الاطلاع:10/12/2021، الساعة: 20:36.

[35] – أحمد نهيد، تدخل النيابة العامة في ظل مدونة الأسرة، مقال منشور بمجلة المحامي، العددان 44 و45، 2004، ص ׃187.

[36] – أحمد نهيد، مرجع سابق، ص:188.

[37] – عادل الزيداني، مرجع سابق، ص:110.

[38] – ينص الفصل 477 من ق ج على ما يلي:” إذا صدر حكم قضائي بالحضانة وكان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة، فإن الأب أو الأم أو أي شخص يمتنع عن تقديم القاصر إلى من له الحق في المطالبة بذلك، وكذلك إذا اختطفه أو غرر به ولو دون تدليس أو عنف أو حمل غيره على التغرير به أو اختطافه ممن عهد إليه بحضانته أو من المكان الذي وضعه فيه، فإنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين إلى ألف درهم.

فإذا كان مرتكب الجريمة قد حرم من الولاية الأبوية على القاصر، فإن الحبس يمكن أن يصل إلى ثلاث سنوات”.

[39] – سمير الشهيبي، أثر رابطة القرابة على الجريمة والعقوبة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر العلوم الجنائية، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، مراكش، الموسم الجامعي:2011/2012، ص:59.

[40] – سمير الشهيبي، مرجع سابق، ص:62.

[41] –  تناول المشرع جريمة إهمال الأسرة ضمن الفصول 479/482 من مجموعة القانون الجنائي، وذلك في الفرع الخامس من الباب الثامن المعنون ب” الجنايات و الجنح ضد نظام الأسرة و الأخلاق العامة”.

[42] – ينص الفصل 479 من القانون الجنائي على ما يلي:” يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من مائتين إلى ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.

1.الأب أو الأم إذا ما ترك أحدهما بيت الأسرة دون موجب قاهر لمدة تزيد على شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية والمادية الناشئة عن الولاية الأبوية أو الوصاية أو الحضانة.

ولا ينقطع أجل شهرين إلا بالرجوع إلى بيت الأسرة رجوعا ينم عن إرادة استئناف الحياة العائلية بصورة نهائية.

  1. الزوج الذي يترك عمدا، لأكثر من شهرين ودون موجب قاهر، زوجته وهو يعلم أنها حامل”.

يعتبر الفصل المذكور سابقة تشريعية في سبيل حماية الطفل قبل صدور اتفاقية حقوق الطفل في 20 نونبر 1989، والتي دخلت حيز التنفيذ في 14 دجنبر 1990، حيث بسط المشرع حمايته على الأولاد القاصرين وقاية لهم من أي إهمال مادي أو معنوي صادر عن أحد أو الوالدين بما يعرضهم لخطر محقق وجسيم، وهو الإهمال الذي قد يتجلى في صورة أعمال ذات طابع مادي تتمثل في سوء المعاملة والرعاية أو في صورة إهمال أدبي يتمثل في القدوة السيئة وعدم الإشراف، أورده: سمير الشهيبي، مرجع سابق، ص:63.

[43] – عادل الزيداني، مرجع سابق، ص:112.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى