في الواجهةمقالات قانونية

الصفة البوليسية لقائد الطائرة المدنية – دراســـــة مقــارنـــة – الباحث : مراد بيروتي

 

الصفة البوليسية لقائد الطائرة المدنية – دراســـــة مقــارنـــة –

الباحث : مراد بيروتي

طالب باحث بسلك الدكتوراه مختبر قانون الاعمال، كلية العلوم القانونية و السياسية، جامعة الحسن الاول بسطات

تحت اشراف الدكتورة عائشة فضيل استاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الاول بسطات

رابط DOI

https://doi.org/10.63585/IYCP9429

ملخص : تعتبر الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالطيران المدني الإطار القانوني المحدد لقواعد الطيران المدني و ضمان أمن و سلامة الرحلات الجوية، و تعتبر السلطة البوليسية لقائد الطائرة أكبر محدد لهذه الحماية على متن الطائرة في مكافحة ظاهرة الإجرام و الأفعال المرتكبة على متن الطائرة المدنية.

و نتيجة لذلك اعتمد المشرع المغربي في مدونة الطيران المدني على منح الصفة الضبطية لقائد الطائرة، و ذلك لتغطية الفراغ التشريعي الداخلي من جهة و موائمته و هذه المدونة مع الاتفاقيات الدولية من جهة أخرى. على اعتبار أن قائد الطائرة هو المسؤول الاول عن سلامة الرحلة مما يمكنه  استعمال سلطته البوليسية التي تزاوج ما بين السلطتين الأمنية و الضبطية على متن الطائرة من خلال بسط سيطرته على جميع الاشخاص على متن الطائرة بما في ذلك الطاقم و الركاب، للحفاظ على سلامة الرحلة، حتى ولو تطلب منه الامر اتخاد قرارات ضرورية يتجاوز فيها الجداول الزمنية او اتخاذ اجراءات غير متوقعة.

The Police Authority of Civil Aircraft commander “A Comparative Study”

MOURAD BEIROUTI;

PhD candidate Business Law Laboratory; Faculty of Legal and Political Sciences; SETTAT

Under the supervision of Dr. AICHA FADIL Professor at Hassan 1 University; SETTAT

Summary “The international conventions related to civil aviation constitute the legal framework that defines the rules of civil aviation and ensures the security and safety of flights. The police authority of the civil aircraft commander is considered the primary determinant of this protection on board the aircraft in combating criminal phenomena and acts committed on civil aircraft.

As a result, the Moroccan legislator, in the Civil Aviation Code, granted the aircraft commander judicial authority to cover the domestic legislative gap on one hand and to align this code with international conventions on the other. Considering that the aircraft commander is primarily responsible for the safety of the flight, they can exercise their police authority, which combines both security and judicial powers on board the aircraft, by exerting control over all persons on board, including the crew and passengers, to maintain flight safety. This may require making necessary decisions that could involve exceeding schedules or taking unforeseen measures”.

تقديم:

إن أول ما يلاحظ عند استقراء أهم التعديلات التي أقرها بروتوكول مونتريال 2014[1] و المتمثلة في إعادة تحديد الصلاحيات و السلطات البوليسية لقائد الطائرة التي منحته سلطات واسعة بالنسبة للجرائم   و الأفعال التي يمكن أن تقع على متن الطائرات المدنية  اتجاه الأشخاص الذين يعرضون أمنها           و سلامتها و الركاب و الممتلكات و كذلك الطاقم الذي على متنها للخطر، من خلال توسيعه لمفهوم  حالة الطيران من جهة ، و إضافته الى طاقم الطائرة فئة جديدة من حراس الأمن الخاص  لتعزيز الحماية الأمنية و مكافحة ظاهرة الإجرام و الأفعال المرتكبة على متن الطائرات المدنية من جهة أخرى،        و السبب في ذلك هو عجز اتفاقية طوكيو 1963 عن توفير اطار قانوني متكامل لظاهرة الجرائم على متن الطائرات المدنية التي أصبحت تهدد السلامة الجوية و تشكل خطرا على أمن و ممتلكات الأشخاص، على الرغم من أن هذه الاتفاقية تعتبر الإطار القانوني المحدد لقواعد حماية الطائرة          و مشتملاتها و ضمان سلامة الرحلات الجوية.

كما أنه برجوعنا لقانون 13.40 المتعلق بمدونة الطيران المدني المغربي[2]  نلاحظ أن المشرع منح بموجب المادة 180 في الفقرة الثانية لقائد الطائرة السلطة على جميع الأشخاص المتواجدين على متنها، و هذه السلطة تخول له اتخاذ جميع التدابير الضرورية للمحافظة على الانضباط و حسن النظام على متن الطائرة أثناء الطيران، منذ الوقت الذي ينتهي فيه الإركاب و إغلاق جميع الأبواب الخارجية للطائرة إلى غاية فتح أحد أبوابها من أجل الإنزال، و في حالة الهبوط الإضطراري، تعتبر الرحلة مستمرة إلى غاية تكفل السلطة المختصة بالطائرة و الركاب و الممتلكات على متنها، كما عزز هذه السلطة من خلال التصديق على اتفاقية طوكيو و باقي اتفاقيات أمن الطيران، على غرار المشرع السعودي[3] الذي عمل هو الآخر على التنصيص على ذلك صراحة في نظام الطيران المدني و ذلك من أجل موائمة تشريعه المحلي مع الاتفاقيات الدولية المختصة في هذا الباب، إذ منح لقائد الطائرة و طاقمها سلطات واسعة على متنها، فأجاز له في حالة ما تبين له أن شخصا على متن الطائرة و هي في حالة طيران قد ارتكب أو شرع في ارتكاب إحدى الأفعال التي تعرض أو قد تعرض أمن و سلامة الطائرة للخطر أو الاشخاص أو الأموال التي على متنها، أن يتخذ اتجاه هذا الشخص ما يراه من تدابير ضرورية و وقائية بما فيها تقييد الحرية.

كما يجوز له طلب المساعدة و ذلك بأمر باقي أعضاء الطاقم أو يأذن لهم بمعاونته في اتخاد التدابير المشار اليها أعلاه، و يجوز له كذلك طلب المعونة من الركاب أو يأذن لهم بها دون إجبارهم على ذلك.

و من سلطات قائد الطائرة في التشريع السعودي كذلك أن يطلب من السلطات المختصة في الدولة التي تهبط الطائرة في إقليمها إنزال الشخص من الطائرة مع بيان الأسباب المسوغة لذلك. أما إذا رأى أن تسليمه بسبب خطورة الجريمة التي ارتكبها فإنه يتوجب عليه إخطار سلطات دولة الهبوط بأسرع وقت ممكن مع بيان الأسباب، و عليه أن يقدم عند الهبوط عناصر الإثبات و المعلومات المتوافرة لديه.

اذن يبقى الإشكال المطروح هنا من اين يستمد قائد الطائرة المدنية سلطته البوليسية؟ و ما هي حدود اختصاصاته و مسؤوليته على متن الطائرة المدنية؟

المطلب الأول: الصفة الضبطية لقائد الطائرة المدنية:

للوقوف أكثر على الصفة الضبطية لقائد الطائرة المدنية في التشريع المغربي نجد ان المشرع المغربي و خاصة من خلال استقراء نصوص قانون المسطرة الجنائية أنه لم يمنح الصفة الضبطية لقائد الطائرة على الرغم من المهام الأمنية التي يقوم بها على متن الطائرة، و حصر سلطته في هذا الباب في تسليم المجرمين على متن الطائرة رفقة تقرير ينجزه يضمن فيه الوقائع و الاحداث موضوع التسليم إلى السلطات الأمنية المكلفة بالمطارات التي تتمثل في عناصر الدرك الملكي التي تختص بأمن جميع المطارات فوق التراب المغربي، و هنا تجب الاشارة إلى أن تنصيف هذه المطارات التي تبسط عليها عناصر الدرك الملكي سلطتها و يكون ذلك بحسب العناصر التي تؤخذ بنظر الاعتبار، وقد يؤدي ذلك إلى ايجاد مشاكل بسبب المصطلح المستعمل، لأنه قد يؤدي أكثر من معنى، فيوجد مطار دولي aéroport international، و أن هذه التسمية تعني أن المطار معد بمشاركة دولتين أو أكثر، في حين أن ذات التسمية تعبر عن مطار وطني national بالنسبة للجهة المالكة له و التي تستثمره و مفتوح الى الملاحة الجوية الدولية[4]، و هذه الأمور و الاشكالات  راجعة كلها  إلى عدة إكراهات و معيقات واقعية   و قانونية يمكن لنا أن نجملها في اختصاصات الشرطة القضائية الكثيرة و المتعددة خاصة مهامهم في التثبت من وقوع الجرائم و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها [5]، و تقوم كذلك بعملها هذا إما في إطار البحث في حالة التلبس بالجريمة أو في إطار البحث التمهيدي العادي أو في إطار إنابة قضائية     و هذا ما سنقف عليه بالتحليل في الفقرتين المواليتين.

الفقرة الاولى: صفات ضباط الشرطة القضائية في القانون المغربي:

على الرغم من تنوع و تعدد أعضاء الشرطة القضائية حسب انتماء مصالحها الى جهات قضائية     و ادارية لتحقيق نوع من التخصص الذي من شأنه أن يساعد أكثر على مكافحة الجريمة و ضبط المجرمين فإن قائد الطائرة ليس من ضمن هذا التعداد الذين يتمتع صاحبه بالصفة الضبطية على اعتبار أن ضباط الشرطة القضائية يخضعون في عملهم بهذه الصفة للسلطات القضائية في التسيير و الاشراف و المراقبة[6] للنيابة العامة و قاضي التحقيق باعتبارهم ضباط سامين للشرطة القضائية كما يخضعون في أعمالهم للمراقبة و التأديب أمام الغرفة الجنحية لمحكمة الاستئناف[7] في حالات الاخلال المهني، و يتوزع باقي الضباط الى ضباط الشرطة القضائية و يتكونون من المدير العام للأمن الوطني و ولاة الامن       و المراقبون العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباط الشرطة و ضباط الدرك الملكي بالإضافة الى البشوات و القواد و غيرهم، كما أضاف المشرع المغربي الى هذه الزمرة أعوان الشرطة القضائية      و بعض الموظفين و الأعوان المكلفين بمهام الشرطة القضائية بحيث اوكل لهم المشرع بعض المهام بموجب نصوص خاصة كموظفي المياه و الغابات و الجمارك و النقل و الصيد البحري و الفلاحة       و يقتصر دور اعوان الشرطة القضائية على مساعدة الضباط و تنفيذ اوامرهم و الامتثال لتعليماتهم.

على الرغم من عدم التنصيص على ان قائد الطائرة ضمن هذا التعداد أعلاه من الضباط  و أعوانهم الذي ورد على سبيل الحصر و ليس على سبيل المثال على إعتبار أن قانون المسطرة الجنائية من النظام العام، إلا أن هناك نص خاص و هو ما جاءت به المادة 276 من المدونة التي ضمت قائد الطائرة إلا هذه الفئة من الضباط بصفة غير مباشرة و ذلك من خلال مزاولتهم لإجراءات التحقيق و المعاينات للمخالفات لهذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه، بعد أن أضافه إلى ضباط وأعوان الشرطة القضائية:

  • الضابط القواد الطائرات المكلفون بأمن المجال الجوي؛
  • قائد الطائرة التي ارتكبت فيها المخالفة؛
  • الأعوان المؤهلون من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالطيران المدني المكلفون على الخصوص بكل مهام التفتيش.

زيادة على الأشخاص المشار إليهم في الفقرة الأولى أعلاه، يعتبر الأعوان المؤهلون من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالبيئة مختصين كذلك بإثبات كل مخالفة لأحكام القسم الخامس من هذا القانون المتعلق بحماية البيئة وبالحد من الإزعاجات في مجال الملاحة الجوية المدنية[8]. و لا يؤدون أعمالهم أعلاه إلا بعد اداءهم لليمين وفق الشروط المحددة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل في هذا المجال[9]

يؤدي الأعوان المشار إليهم في المادة 276 أعلاه اليمين وفق الشروط المحددة في النصوص التشريعية الجاري بها العمل في هذا المجال و يجوز لهم تسخير القوة العمومية مباشرة لأجل القيام بمهامهم.

يؤهل الأعوان المشار إليهم في المادة 276 أعلاه، قصد الاضطلاع بمهامهم، لتوقيف كل طائرة مدنية. مغربية أو أجنبية، ومراقبتها وتفتيشها وكذا كل المؤسسات والمحلات والمنشآت والتجهيزات والوثائق والوسائل ذات الصلة بالمخالفة المرتكبة.

يؤهل الضابط القواد الطائرات المكلفون بأمن المجال الجوي لاستعمال أسلحتهم لأغراض إيقاف الطائرات في حالة عدم استجابتها للإنذارات الاعتيادية[10].

يترتب مباشرة على معاينة أي مخالفة تحرير محضر يوقعه العون الذي حرر المحضر ومرتكب أو مرتكبو المخالفة.

في حالة رفض التوقيع من لدن مرتكب أو مرتكبي المخالفة أو إذا تعذر ذلك، تجب الإشارة إلى ذلك في المحضر[11].

و الملاحظ من المادة المذكور أعلاه أن الغاية من اداء اليمين القانونية و منح الصفة الضبطية لهؤلاء الفئة من الضباط حتى يتسنى لهم القيام بمهامهم شأنهم في ذلك شأن ضباط الشرطة القضائية من جهة   و لإضفاء الصبغة الرسمية على هذه المهام لاسيما أثناء قيامهم بالمراقبة و التفتيش و تحرير محاضر المخالفات حتى لا تتعرض للبطلان أثناء الطعن فيها امام القضاء[12].

الفقرة الثانية: صفة قائد الطائرة المدنية:

كما أسلفنا فإن قائد الطائرة لا يدخل ضمن زمرة ضباط الشرطة القضائية و اعوانهم الواردة أسماءهم في قانون المسطرة الجنائية المغربي على الرغم من وظيفته الخطيرة باعتباره رئيس طاقم الطائرة والمسؤول الأول عنها و يمارس مهامه على متنها كربان باعتبار أن الصفة الضبطية منحت له بنص خاص.

ويرد اسم قائد الطائرة في مقدمة قائمة الطاقم. و إذا توفي أو عاقه عائق، أسندت قيادة الطائرة بقوة القانون إلى من يليه حسب الترتيب الوارد في القائمة الإسمية المشار إليها في المادة 176 أعلاه إلى غاية مكان نزول الطائرة. و تحدد مهام الربان قائد الطائرة والتزاماته ومسؤولياته بموجب هذا القانون والنصوص المتخذة لتطبيقه[13].

و هذا يطرح أكثر من علامة استفهام حسب مقتضيات المادة أعلاه، بخصوص مدى انتقال الصفة الضبطية من قائد الطائرة بعد وفاته على متن الطائرة الى من يليه حسب ترتيب الأسماء الواردة بالقائمة أعلاه خاصة في حالة ما إذا كان أصلا سبب وفاة القائد المباشرة هو اعتداء من أحد ركاب الطائرة؟

كما يتعين على قائد الطائرة إتباع قواعد الطيران وقواعد الضبط الخاصة بالملاحة الجوية، لذلك نجد أن جميع التشريعات أحاطت هذه الوظيفة السامية و أخضعتها لمجموعة من الشروط خاصة منها الحصول على شهادة الأهلية للطيران أو الإجازة، وشهادة الأهلية للطيران وفق معاهدة شيكاغو[14] يمكن ان تصدر من دولة تسجيل الطائرة أو دولة أخرى تم اعتمادها دولة التسجيل.

فكما هو معلوم يوجد تنوع بالطائرات و الجنسيات بالمجال الجوي لذلك فلا بد من الاعتراف بشهادات و إجازات الصلاحية من الدول وإلا فلا يكون لهذه الشهادات أي قيمة وبهذا الاتجاه تؤكد معاهدة شيكاغو 1944 على شروط الاعتراف بهذه الشهادات بحيث :

“تكون الشروط التي منحت بها أو اعتمدت بمقتضاها الشهادات أو الإجازات معادلة أو أعلى من شروط الحد الأدنى التي تقرر من وقت لآخر تطبيقا لهذه المعاهدة”.

و الحقيقة أن المركز القانوني لقائد الطائرة[15]  كان  ما بين شد و جذب حتى جاءت اتفاقية طوكيو 1963 و بعدها بروتوكول مونتريال 2014 التي وسعت سلطات قائد الطائرة في الحفاظ على سلامة الطائرة والأشخاص و الأموال .و الحفاظ على النظام والتعليمات على متن الطائرة، على أساس أن سلطاته على الطاقم هي التفويض الصادر من الشركة لقائد الطائرة أثناء الرحلة حتى يتم تنفيذها على الوجه المطلوب بحيث عليه المحافظة على الركاب و البضائع و تسليم المشحونات للمرسل إليهم مقابل أجرة النقل إن لم تكن دفعت عند الشحن، لذلك فقائد الطائرة يكون أمينا على الطائرة ومسؤولا على المشحونات.

على الرغم من حصول قائد الطائرة على شهادة الأهلية للطيران حرص المشرع المغربي على إخضاع القائد و مستخدمي الملاحة الجوية للفحص الطبي من خلال التنصيص على ذلك في المواد من 170 الى 174 من المدونة[16]، للمراقبة الصحية بصفة مستمرة من طرف مجلس الطيران المدني بعد إحداثه من طرف السلطة المكلفة بالطيران المدني لطب الطيران المدني يسمى بعد” “المجلس” الذي يتكون من ممثلين عن السلطة المكلفة بالطيران المدني وعن أطباء القطاع العام والخاص يمارسون تخصصات طب الطيران أو تخصصات مرتبطة بها، ويكلف خاصة بما يلي:

1- دراسة جميع المسائل ذات الطابع الفيزيولوجي والطبي الاجتماعي وبالمحافظة على الصحة التي تهم الطيران المدني، ولا سيما فيما يتعلق بمستخدمي الملاحة الجوية والمسافرين على متن الطائرات والمراقبة الصحية؛

2- ابداء الرأي في الطلبات التي يقدمها:

أ( مستخدموا الملاحة الجوية بشأن الطابع النهائي لانعدام القدرة

ب (المشغلون الذين ينازعون في القدرات مركز خبرة طب الطيران أو طبيب فاحص في مجال القدرة البدنية والعقلية والنفسية.

3- إبداء رأي الاستثناءات من شروط القدرة البدنية والعقلية لمستخدمي الملاحة الجوية وكذا في طلبات اعتماد مراكز الخبرة في طب الطيران والاطباء الفاحصين؛

4- إبداء الرأي في جميع القضايا المتعلقة بطب الطيران التي تعرض عليه من طرف السلطة المكلفة بالطيران المدني.

يحدد بنص تنظيمي تأليف المجلس وتنظيمه وطريقة سيره، وكدا المساطير الواجب اتباعها لتقديم الطلبات إليه[17].

و  يلاحظ أن للسلامة الجسدية و العقلية لقائد الطائرة لها من الاهمية بمكان نظرا للضغط النفسي     و الإرهاق البدني الذي يعيشه قائد الطائرة بسبب ساعات السفر الكثيرة و الرحلات ذات المسافات الطويلة، لهذا وجب وضعهم تحت المراقبة الطبية المستمرة لما لها من تأثير على أداء و سلوكيات القائد على متن الطائرة[18].

أولا-  سلطة قائد الطائرة المدنية في ضوء اتفاقية طوكيو 1963:

برجوعنا للمواد من 05 الى 10 من اتفاقية طوكيو نجد أنها حاولت تكريس عدة آليات لقمع مختلف الأعمال غير مشروعة و كذا التصرفات غير المنضبطة على متن الطائرة، بعد أن خولت لقائد الطائرة مجموعة من السلطات و الصلاحيات في مواجهة طاقم الطائرة أو ركابها، باعتباره المسؤول الأول عن أمن و سلامة الطائرة من خلال  بسط سيطرته و سلطته عليها خلال رحالة الطيران ابتداء من لحظة تشغيل قوتها المحركة بغرض الاقلاع حتى اللحظة التي ينتهي فيها شوط الهبوط، و قد جسدت هذه المواد عدة أدوار لقائد الطائرة و المتمثلة في:

-إمكانية اتخاذ اجراءات معقولة بما في ذلك إجراءات القسر الضرورية في مواجهة أي شخص مهما كانت صفته ارتكب أو شرع في ارتكاب أحد الأفعال أو الجرائم التي يمكن أن تهدد سلامة الطائرة أو الأشخاص أو الأموال الموجودة على متنها أو أخل بالنظام و الانضباط داخلها، كما يمكن لقائد الطائرة إنزال هذا الشخص أو تسليمه للسلطات المختصة.

وقد اعتبرت الاتفاقية أن إجراءات القسر هي إجراءات استثنائية يجب أن يتوقف استعمالها بمجرد هبوط الطائرة، إلا إذا كانت هذه الطائرة قد هبطت في إقليم دولة غير متعاقدة و رفضت سلطاتها السماح بإنزال هذا الشخص، أو أن إجراءات القسر كانت ضرورية للتمكن من إجراءات التسليم[19].

و يمكن أن تستمر إجراءات القسر استثنائيا في حالة هبوط الطائرة هبوطا اضطراريا و عدم تمكن قائد الطائرة من تسليم الشخص إلى السلطات المختصة، أو في حالة موافقة الشخص على استمرار عملية الطيران مقبوضا عليه.

و في هذا الإطار فرضت اتفاقية طوكيو على قائد الطائرة أن يقوم في أسرع وقت بإشعار سلطات الدولة التي ستهبط الطائرة في إقليمها و على متنها شخص خاضع لإجراءات القسر و تم القبض عليه، بوجود هذا الشخص على متنها و كذا توضيح مختلف الأسباب التي دفعت بقائد الطائرة لاتخاذ هذا الاجراء في حقه، على أن يكون الإشعار قبل نزول الطائرة متى تسنى له ذلك.

  • أعطت لقائد الطائرة إمكانية تكليف أحد أعضاء طاقم الطائرة أو الترخيص لهم بمساعدته في القبض على أي شخص يكون له الحق في القبض عليه، كما يكون لقائد الطائرة الحق في طلب المساعدة من أحد الركاب أو الترخيص لهم بها دون إلزامهم بذلك، و في هذا الصدد نشير الى أن بنود هذه الاتفاقية قد أعطت حتى لأعضاء الطاقم أو أي من الركاب إمكانية القيام بدون الحصول على تصريح من قائد الطائرة اتخاذ بعض الإجراءات الوقائية المعقولة إذا توافرت لديهم اسانيد معقولة تدعوهم للاعتقاد بضرورة و استعجال هذه الإجراءات في سبيل حماية سلامة الطائرة و ركابها و الممتلكات التي على متنها.
  • يجوز لقائد الطائرة عند الضرورة و في سبيل حماية أمن الطائرة أو الأشخاص أو الأموال الموجودة على متنها أو المحافظة على النظام و الانضباط داخلها، الأمر بإنزال أي شخص في إقليم أي دولة تهبط فيها الطائرة يعتقد استنادا لأسس معقولة أنه قد ارتكب أو شرع في ارتكاب جرائم خاضعة لقانون العقوبات أو أفعال تعد جرائم أو لا تعد كذلك، و كانت هذه الأفعال و الجرائم تعرض أو يحتمل أن تعرض أمن الطائرة أو الاشخاص أو الأموال الموجودة فيها للخطر، أو تهدد النظام و الأمان للرحلة[20].
  • و يلتزم قائد الطائرة تبعا لهذا الإجراء بتقديم كل الأدلة و المعلومات حول الأفعال التي ارتكبها الشخص على متن الطائرة و ذلك وفق القواعد الإجرائية المنصوص عليها في قانون دولة تسجيلها.

ثانيا- سلطة قائد الطائرة من خلال بروتوكول مونتريال 2014:

جاء في ديباجة بروتوكول مونتريال الموقع بتاريخ 04 أبريل 2014 أن العديد من الدول قد أعربت عن قلقها إزاء تصاعد حدة و تواتر السلوك غير المنضبط على متن الطائرات مما قد يعرض سلامتها أو الاشخاص أو الممتلكات الموجود عليها للخطر، و يؤدي ذلك الى الإخلال بحسن الانضباط و النظام على متنها، كما ان العديد من الدول ترغب في التعاون فيما بينها لكبح السلوك غير المنضبط و فرض النظام على متن الطائرات، الشيء الذي جعل من تعديل اتفاقية طوكيو لسنة 1963 أمر ضروريا، باعتبارها الوثيقة الدولية الأساسية التي تعالج هذا النوع من الظواهر.

و تحقيقا لذلك أوصت منظمة الطيران المدني الدولي بإنشاء لجنة فرعية تابعة للجنة القانونية تكلف بإعداد مشروع نص لتحديث اتفاقية طوكيو، و هو ما تبناه مجلس منظمة الطيران، و تم إنشاء هذه اللجنة بتاريخ 20 ديسمبر 2011، و قد أعدت تقريرها النهائي خلال اجتماعاتها في شهر ماي و ديسمبر من سنة 2012 الذي تمت مناقشته من طرف اللجنة القانونية في دورتها الخامسة و الثلاثين المنعقدة في مدينة مونتريال خلال الفترة الممتدة ما بين 06 الى 15 سبتمبر سنة 2013، و التي انبثق عنها مشروع نص بروتوكول تعديل اتفاقية طوكيو لسنة 1963.

و الملاحظ أن من أهم التعديلات التي أقرها بروتوكول مونتريال هو إعادة تحديد الصلاحيات و السلطات البوليسية لقائد الطائرة و منحه مساحة أكبر لبسط سلطته على الطائرة و من عليها خاصة الأفعال و الجرائم التي تسبق إقلاع الطائرة أو التي تلي عملية الهبوط  أو حتى في حالة الهبوط الاضطراري، و ذلك بتوسيع مفهوم الحالة الطيران بعدما كان هذا المفهوم يقتصر في اتفاقية طوكيو على الفترة الممتدة ما بين لحظة تشغيل الطائرة لقوتها المحركة بغرض الإقلاع حتى اللحظة التي ينتهي فيها شوط الهبوط، فأصبحت تعتبر الطائرة في حالة طيران منذ لحظة إغلاق جميع أبوابها الخارجية بعد صعود الركاب إليها و لغاية اللحظة التي يتم  فيها فتح أي من تلك الأبواب بغرض إنزالهم، و في حالة الهبوط الاضطراري تعتبر الرحلة متواصلة حتى الوقت الذي تتولى فيه السلطات المختصة المسؤولية عن الطائرة و عن الأشخاص و الممتلكات على متنها[21].

كما أعطت المادة 07 من الفقرة الأولى من البروتوكول و التي جاءت معدلة للمادة 6 من اتفاقية طوكيو، لقائد الطائرة السلطة البوليسية عندما تكون لديه أسباب معقولة للاعتقاد أن شخصا ارتكب أو على وشك أن يرتكب على متن الطائرة جرائم أو أفعال مكيفة على أنها جريمة أو التي لا تعد كذلك      و التي تعرض سلامة الطائرة أو الأشخاص أو الممتلكات الموجودة على متنها او حسن النظام           و الانضباط للخطر، أن تفرض على مثل هذا الشخص تدابير معقولة بما فيها تقييد الحركة، و يجوز كذلك لقائد الطائرة أن يفرض هذه التدابير في مواجهة الشخص في سبيل التمكن من تسليمه إلى السلطات المختصة أو إنزاله.

أما الفقرة الثانية من المادة 6 من بروتوكول مونتريال فقد أجازت لقائد الطائرة أن يطلب قيام أعضاء آخرين من طاقمها أو أن يصرح لهم بمساعدته في تقييد حركة أي شخص يكون له الحق في تقييد حركته، و يجوز له أن يطلب المساعدة من الركاب أو أن يصرح لهم بتقديمها دونما إلزام في ذلك. كما يجوز لأي من أعضاء الطاقم أو أي من الركاب أن يقوم، بدون ذلك التصريح، باتخاذ إجراءات وقائية معقولة عندما تتوافر لديه أسباب معقولة تدعوه للاعتقاد أن ذلك الإجراء كان من الواجب اتخاذه بصورة فورية لحماية أمن الطائرة أو الأشخاص أو الممتلكات على متنها.

و الملاحظ أنه من خلال استقراء هاتين الفقرتين أنهما لم تشهدا تعديلا كبيرا، إذ اقتصر التعديل على استبدال عبارة إجراءات القسر بعبارة تقييد الحركة، و حسب رأينا فإن التعبير الجديد أسلم من الناحية القانونية بالإضافة إلى أنه يعتمد مصطلحات مثل “ترخيص” بعبارة “تصريح” و “القبض عليه” ب”تقييد حركته” و عبارة “ضرورية و عاجلة” بعبارة “بصورة فورية”.

و بالرجوع الى نص المادة 8 الفقرة الأولى من البروتوكول المعدلة للفقرة الأولى من المادة 9 من اتفاقية طوكيو نلاحظ أنه قد تم رفع القيد على قائد الطائرة و إعطائه الحرية في تقدير الأفعال و تكييفها على أنها جرائم وفق رأيه و قناعاته الشخصية، بعدما كانت في السابق تشترط أن يكون الفعل يشكل جريمة جسيمة طبقا لقانون عقوبات الدولة التي سجلت فيها الطائرة حتى يمكن له القيام بإجراءات التسليم.

و نشير هنا أن بروتوكول مونتريال استحدث المادة 15 مكرر حاول من خلالها التأكيد على إلزامية اتخاذ التدابير القانونية و مباشرة الإجراءات القضائية من طرف الدول التي ينعقد لها الاختصاص للنظر في مختلف الجرائم و الأفعال المرتكبة على متن طائرة. لاسيما الاعتداء البدني او التهديد بارتكاب مثل هذا الاعتداء على أحد أعضاء الطاقم، أو رفض اتباع تعليمات قانونية أعطاها قائد الطائرة او أعطيت بالنيابة عنه لغرض حماية سلامة الطائرة أو الأشخاص أو الممتلكات على متنها.

كما أسلفنا فإن من بين أهم الآليات التي استحدثها بروتوكول مونتريال 2014 لمكافحة ظاهرة الجرائم و الأفعال المرتكبة على متن الطائرات، هو إحداث فئة جديدة تتكون من حراس الأمن تنضاف الى طاقم الطائرة، و هم عبارة عن أشخاص يتم تعيينهم بموجب اتفاقيات دولية ثنائية أو متعددة الأطراف و إخضاعهم لتداريب خاصة، مهمتهم الأساسية حماية الطائرات و ضمان النظام و الانضباط على متنها.

و قد تبنى هذا البروتوكول هذا النوع من المستخدمين بعد جدل كبير ثار بين الدول، و منحهم على غرار باقي أفراد الطاقم و الركاب اتخاذ تدابير وقائية معقولة دون ترخيص من قائد الطائرة، و ذلك عندما تتوفر لديهم أسباب معقولة للاعتقاد أن ذلك الإجراء كان من الواجب اتخاذه بصورة فورية لحماية سلامة الطائرة أو الركاب او الممتلكات على متنها.

و تبقى هذه الفئة من شرطة الجو مسألة اختيارية  بالنسبة للدول الاعضاء في منظمة الطيران المدني، و هناك من الدول التي أخذت بهذا الإجراء من الامنيين على متن الطائرة حتى قبل دخول بروتوكول مونتريال 2014 حيز التنفيذ،  و مثال ذلك الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل التي تعتبر من أول الدول التي تأخذ بشرطة الجو بالنظر إلى مجموع العمليات الإرهابية التي تعرضت لها          و التهديدات التي تتعرض لها طائرات التي تحمل علم و جنسية هذه الدول. عكس المشرع المغربي الذي لم يعتمد على هذه الأجهزة على متن الطائرة و أعتمد على الصرامة الرقابية و التفتيش للركاب          و الممتلكات من طرف الأجهزة الأمنية قبل الصعود على متن الطائرة.

وقد منح هذا البروتوكول لحراس الأمن العاملين على متن الطائرات الحق في الاستفادة من مبدأ الإعفاء من المسؤولية على غرار باقي الفئات الأخرى و ذلك عند قيامهم بإجراءات و تدابير في مواجهة الشخص أو الأشخاص الذين ارتكبوا أو شرعوا في ارتكاب جرائم أو أفعال تعرض سلامة أمن الطائرة للخطر، سواء كان ذلك بتصريح من قائد الطائرة أو بدونه[22].

و من هنا يمكننا القول بالإضافة الى ما جاءت به اتفاقية طوكيو 1963 و بروتوكول مونتريال 2014 أن السلطة الممنوحة لقائد الطائرة تبقى محدودة يغلب عليها الطابع المدني لا يمكن له ممارستها إلا على متن الطائرة و ذلك باتباع إجراءات أمنية محددة، عكس السلطة البوليسية لضباط الشرطة القضائية التي تعتمد بالإضافة الى الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية المغربي  الى مبدأ التعليمات و التوجيهات التي تكون فورية و آنية من طرف النيابة العامة أو قاضي التحقيق على حسب حالات التدخل للحد من الظاهرة الإجرامية بشكل عام.

 

ثالثا- سلطة قائد الطائرة من خلال التشريع المغربي:

يعتبر القائد مسؤولا عن إنجاز الرحلة ويختار مسار الطائرة وعلو التحليق، ويحدد توزيع حمولة الطائرة ضمن الحدود المعينة في الأنظمة والتعليمات الصادرة عن السلطات المتخذة وعن المستغل.

ويجوز له تأجيل الانطلاق أو توقيفه ويمكنه تغير الوجهة خلال الرحلة عند الاقتضاء واتخاد كافة التدابير الأخرى كلما ارتأى ذلك ضروريا لسلامة الرحلة و يتعين عليه إخبار مستغل الطائرة بذلك وبيان أسباب قراره[23].

كما يتعين عليه أثناء الرحلة التقيد بالنصوص التنظيمية الجاري بها العمل والمتعلقة على الخصوص بالحركة الجوية والمسار الواجب اتباعها والأضواء ولإشارات، واتخاد جميع الاحتياطات الضرورية لتجنب الأضرار ومخاطر الاصطدام[24].

و إن من بين أهم المقتضيات المتعلقة بسلطة قائد الطائرة في القانون المغربي هو ما جاءت به المادة 180 من المدونة التي اعتبرت أن قائد الطائرة يبسط سلطته على جميع الأشخاص الراكبين بها.         و لهذه الغاية يحافظ على الانضباط وحسن النظام لجميع من على متن الطائرة أثناء التحليق، منذ الوقت الذي ينتهي فيه الركاب وإغلاق جميع الأبواب الخارجية للطائرة إلى غاية فتح أحد أبوابها من اجل الإنزال وفي حالة الهبوط الاضطراري. و تعتبر الرحلة مستمرة إلى غاية تكفل السلطة المختصة بالطائرة والركاب والممتلكات على متنها و هو ما يتماشى و بروتوكول مونتريال 2014.

كما له سلطة إنزال كل شخص من الطاقم أو الراكب الذي قد يشكل خطرا على سلامة الرحلة ولا سيما بسبب تصرفه[25] أو لأسباب صحية و هذا المقتضى تم اقتباسه كذلك من اتفاقية طوكيو 1963 وفقا للمادة 6 منها.

و هنا يجب الاشارة في هذا الصدد أن مفهوم الإنزال و التسليم هما مفهومين مختلفين، و هذا ما حاول السيد اليخاندرو بييرا مقرر اللجنة الفرعية الخاصة للجنة القانونية المعنية بتحديث اتفاقية طوكيو لسنة 1963 تبيانه حيث أعتبر أن إنزال شخص من الطائرة يتصل بقرار قائد الطائرة. و في هذه الحالة فإن قائد الطائرة لا يحيل الشخص إلى السلطات المختصة على الأرض. و رغم أن قائد الطائرة يتحمل المسؤولية عن الإبلاغ بأن الشخص قد أنزل من الطائرة، فإن ذلك الشخص قد يتحرك بحرية بكل تأكيد فور الوصول، في حالة اختيار دولة الهبوط عدم اتخاذ أي تدابير ضده. و قد يفترض المرء أن إنزال الشخص يقصد منه تغطية أفعال لا تتسم بخطورة كبيرة، مثل بعض انتهاكات اللوائح الجوية، و بينما تشير عبارة التسليم إلى إنزال و تسليم الشخص الى السلطات على الأرض. و هو يستخدم في حالات الجرائم الخطيرة أو أفعال التدخل غير المشروع.[26]

كما يجب على قائد الطائرة إعداد تقرير مفصل، داخل أجل الثمانية والأربعين ساعة الموالية لأي حادثة أو عارض يؤثر أو من شأنه ان يؤثر في سلامة الطائرة والذي قد يقع على الأرض أو أثناء التحليق ويسري الأمر نفسه على كل مخالفة الأنظمة الحركة الجوية. و يوجه هذا التقرير إلى الناقل الجوي المعني وإلى السلطات المختصة لاتخاذ الإجراءات المناسبة. غير انه إذا تعلق الأمر بحادث     أو عارض خطير، يتم توقيف الطائرة المعنية إلى حين القيام بتحقيق في الموضوع وفق الشكليات المنصوص عليها قانونا[27].

و إذا كانت هناك صعوبة واقعية و قانونية من حيث الرقابة لقائد الطائرة من طرف الضباط السامين للشرطة القضائية من جهة و الغرفة الجنحية لمحكمة الاستئناف من جهة أخرى  فإنه لا يمكننا أن ننسى بهذا الخصوص حجية و طبيعة التقارير المذكورة أعلاه التي ينجزها قائد الطائرة بخصوص الوقائع       و احداث الشغب التي يتم ارتكابها من طرف أحد الركاب على متن الطائرة، فهذه التقارير مادام أن محررها هو قائد الطائرة المدنية الذي ليست له الصفة الضبطية وفق الضوابط و الشكليات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية فإنه بالتبعية  ليست له نفس الحجية الثبوتية للمحاضر المتعلقة بالجنح   و المخالفات و التي ينجزها ضباط الشرطة القضائية  بمناسبة مزاولتهم لمهاهم طبقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية.

فالمحضر في مفهوم قانون المسطرة الجنائية المغربي هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه و يضمنها ما عاينه أو ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه.

دون الإخلال بالبيانات المشار إليها في مواد أخرى من هذا القانون أو في نصوص خاصة أخرى، يتضمن المحضر خاصة اسم محرره وصفته ومكان عمله وتوقيعه، ويشار فيه إلى تاريخ وساعة إنجاز الإجراء وساعة تحرير المحضر إذا كانت تخالف ساعة إنجاز الإجراء.

كما يتضمن محضر الاستماع هوية الشخص المستمع إليه و رقم بطاقة تعريفه عند الاقتضاء، وتصريحاته والأجوبة التي يرد بها عن أسئلة ضابط الشرطة القضائية.

أما إذا تعلق الأمر بمشتبه فيه، يتعين على ضابط الشرطة القضائية إشعاره بالأفعال المنسوبة إليه.

بعدها يقرأ المصرح تصريحاته أو تتلى عليه، ويشار إلى ذلك بالمحضر ثم يدون ضابط الشرطة القضائية الإضافات أو التغييرات أو الملاحظات التي يبديها المصرح، أو يشير إلى عدم وجودها.

يوقع المصرح إلى جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر عقب التصريحات وبعد الإضافات ويدون اسمه بخط يده. و إذا كان لا يحسن الكتابة أو التوقيع يضع بصمته ويشار إلى ذلك في المحضر بالنسبة للشرطة القضائية أما بالنسبة لمحضر المنجز من طرف الدرك الملكي فإنه يتم التوقيع على دفتر التصريحات، يصادق ضابط الشرطة القضائية والمصرح على التشطيبات و الإحالات.

و يتضمن المحضر كذلك الإشارة إلى رفض التوقيع أو الإبصام أو عدم استطاعته، مع بيان أسباب ذلك[28].

كما تجدر الاشارة هنا أنه بالإضافة الى الاختصاصات العامة لضباط الشرطة القضائية فإن الاحداث الجانحين لا يمكن الاستماع إليهم إلا من طرف ضباط شرطة قضائية مختصين في الأحداث[29]. و أما عملية التفتيش الجسدي للمرأة المشتبه فيها فلا يمكن أن يتم إلا من طرف امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية لذلك[30] .

و من جهة أخرى و في إطار تقوية مراقبة القضاء لأعمال الشرطة القضائية، فإن النيابة العامة ملزمة بتقييم أداء ضباط الشرطة القضائية وتنقيطهم.  لتمكن رؤساءهم الإداريين من التعرف بكيفية منتظمة على مؤهلاتهم وقدراتهم ومجهوداتهم في مجال الشرطة القضائية، مع المحافظة على صلاحيات الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف كسلطة تأديبية بالنسبة لضباط الشرطة القضائية و هذا لا يمكن أن يشمل قواد الطائرات المدنية من حيث الرقابة و التقييم و التنقيط.

و هذه الأمور في مجملها لا يمكن أن تتوفر في قائدي الطائرات المدنية باعتبار أن اختصاصهم الأصيل يتمثل في تنفيذ الرحلة الجوية وفق القواعد الموضوعة من السلطات المختصة و مستغل الطائرة و اختيار مسار الطائرة و تحديد مدى ارتفاع الطائرة و توزيع المشحونات بالأماكن المخصصة للطائرة و تأجيل أو تغيير أو وقف الرحلة و المساهمة بإعداد الطائرة للتحليق وتفقد أجهزتها و تجربتها وتوقيع خطة الطيران و عدم مخالفة قواعد الطيران إلا للضرورة وإلا كان مسؤولا عن ذلك، و احترام تعليمات الجهات المختصة بحركة المرور الجوي (أبراج المراقبة الرادار،…الخ)..

و هنا ينبغي الاشارة كذلك إلا أن لقائد الطائرة في القانون المغربي دورا آخر على متن الطائرة بحيث تصبح له صفة ضابط للحالة المدنية[31] فيتلقى الولادات التي تتم أثناء الرحلة على متن طائرة مغربية      و اعتبرها المشرع بمثابة ولادات تمت فوق التراب المغربي. كما يتم التصريح بالولادة لدى قائد الطائرة من قبل الأب أو الأم أو هما معا وإلا من قبل كل شخص آخر كان حاضرا ساعة الوضع.

وتعتبر كذلك الوفيات الطارئة أثناء الرحلة على متن الطائرة مغربية بمثابة وفيات على التراب المغربي[32].

و يلزم قائد الطائرة خلال النزول الأول، بتوجيه نسختين كاملتين من التصريحات بالولادة أو الوفاة التي حررها، بعد توقيعهما وإثبات صحتهما من لدنه، وفق ما هو منصوص عليه في القانون المنظم للحالة المدنية[33]، مما ينتهي معه حدود إختصاصه بمجرد تسجيل واقعة الولادة أو الوفاة في دفتر الحالة المدنية.

المطلب الثاني: مسؤولية قائد الطائرة المدنية تجاه الاشخاص المشاغبين على متنها:

تتوقف طبيعة مسؤولية قائد الطائرة على تنوع الخطأ الذي يرتكبه ومدى ارتباطه بالوظيفة الفنية أو الإدارية أو التجارية التي يقوم بها ومنها مسؤولية مدنية ومسؤولية تأديبية ومسؤولية جنائية وفيها تظهر طبيعة الخطأ الموجب لمسؤولية قائد الطائرة من جهة وحدود مسؤولية قائد الطائرة من جهة اخرى ومسؤولية قائد الطائرة والتدابير الدولية اتجاه الاشخاص المشاغبين على متنها من جهة ثالثة و هم ما سنوضحه كما يلي:

الفقرة الأولى: مسؤولية قائد الطائرة من خلال اتفاقية طوكيو 1963 و بروتوكول مونتريال 2014:

من أهم الضمانات القانونية التي كرستها اتفاقية طوكيو لسنة 1963 هو مبدأ لإعفاء من المسؤولية أو ما يسمى بمبدأ الحصانة، حيث يعفى من المسؤولية باختلاف أنواعها الجنائية و المدنية و الإدارية وفقا لمقتضيات هذه الاتفاقية كل شخص قام بإجراءات و تدابير في مواجهة الشخص أو الأشخاص الذين ارتكبوا أو شرعوا في ارتكاب جرائم أو أفعال تعرض سلامة و أمن الطائرة للخطر، لاسيما قائد الطائرة، أو أحد أفراد طاقمها أو أحد الركاب، وقد شمل مبدأ الاعفاء حتى مالكها و مستغلها و الشخص الذي يتم تسيير الرحلة لحسابه.

و قد أثار هذا المبدأ جدلا كبيرا خلال مؤتمر طوكيو الديبلوماسي بين مؤيد و معارض، إذ ذهب مؤيدو إلغاء مبدأ الاعفاء الى أنه يتناقض و مبدأ عدم إعفاء أي شخص الإعفاء الكامل من المسؤولية عن أفعاله، حتى و إن كانت ملابسات الموقف الخاص لقائد الطائرة تشكل سندا لعدم الإفراط في التشديد عليه في الحكم على تلك المسؤولية، أما الاتجاه الذي رافع على ضرورة الإبقاء على هذا المبدأ و إدراجه ضمن نصوص الاتفاقية فقد ذهب الى أن إلغاء هذا المبدأ يؤدي الى إضعاف الضمانات القانونية لهذه الاتفاقية و يقلل من نجاعتها، و في هذا التوجه يرى البعض أن تصرف قائد الطائرة يظل مندرجا ضمن حدود سلطته حتى و إن لم يحسن التقدير فيسلم السلطات المختصة شخصا ربما لا يعدو فعله أن يكون سوى مخالفة بسيطة في أحكام قانون دولة التسجيل، و هو في ذلك يعتقد أن هذا الفعل جرم خطير و أن له من الوقائع ما يسند رأيه هذا و يجعله غير عشوائي أو تعسفي.

و يمكن أن نؤاخذ على هذه الاتفاقية بأنها لم تمكن قائد الطائرة من تسليم شخص مالم يرتكب جرما خطيرا في منظور دولة التسجيل أم إذا لم يبلغ السلوك المرتكب درجة الخطورة التي أشرنا اليها ولو تسبب بسلوكه في تعريض سلامة الرحلة الى الخطر فلا يمكن اتخاذ إجراء التسليم، كما أنه وفي حال ما إذا قرر قائد الطائرة إبعاد راكب فلم تحدد أيضا الإجراءات الواجبة الاتباع بهذا الخصوص.

كما سبقت الإشارة فإن اتفاقية طوكيو المختصة بالجرائم و الأفعال التي من الممكن أن تقع على متن الطائرات، منحت قائد الطائرة سلطة اتخاذ إجراءات “معقولة” تكون “ضرورية” لإعادة النظام للطائرة عند توفر “أدلة معقولة”  لديه  للاعتقاد  أن الشخص قد ارتكب أو بصدد ارتكاب جريمة أو فعل قد يهدد السلامة أو حسن النظام والضبط على متن الطائرة ، كما بإمكان قائد الطائرة طلب المساعدة من أفراد الطاقم أو الركاب الآخرين، إلى جانب إنزال أي شخص في أي دولة، سواءٌ كانت طرفا في الاتفاقية أم لا.

وبإمكان قائد الطائرة أن يسلم إلى السلطات أي شخص عند توفر أدلة معقولة لديه للاعتقاد أن هذا الشخص قد ارتكب أو بصدد ارتكاب جرم جسيم بموجب القوانين الوطنية لدولة التسجيل، كما وتنص اتفاقية طوكيو على أن قائد الطائرة يجوز له ممارسة سلطاته “منذ لحظة إغلاق كل أبوابها الخارجية عقب صعود الركاب إليها حتى اللحظة التي يتم فيها فتح باب من تلك الأبواب بغرض إنزالهم”.

وتشير المنظمة الدولية للطيران المدني أنه بالرغم  من أن اتفاقية طوكيو مصممة لمنح سلطات واسعة لقائد الطائرة، إلا أن هذا لا ينطوي على جواز تصرف قائد الطائرة “بحرية مطلقة” بأي حال من الأحوال، موضحة أن الطائرة في حالة طيران في أي وقت منذ لحظة إغلاق جميع أبوابها الخارجية بعد صعود الركاب ولغاية اللحظة التي يفتح فيها أي باب منها لإنزالهم، وفي حالة الهبوط الاضطراري تعتبر الرحلة متواصلة إلى حين تولي السلطات المختصة مسؤوليتها عن الطائرة والأشخاص والممتلكات الذين على متنها.

كما حدد واقترح الكتاب الدوري للجمعية العمومية للمنظمة الدولية للطيران المدني الـ”إيكاو”، ثلاث فئات من الجرائم هي الاعتداء وغيره من أفعال التدخل ضد أحد أعضاء الطاقم على متن طائرة مدنية (مثل الاعتداء والتهديد والترهيب ضد أحد أعضاء طاقم الطائرة ورفض اتباع التعليمات)، إلى جانب الاعتداء وغيره من الأفعال التي تمس السلامة أو تخل بالنظام والانضباط على متن طائرة مدنية (مثل الاعتداء على الركاب الآخرين أو ترهيبهم والتسبب في تلف أو تدمير الممتلكات وتناول المشروبات الكحولية أو تعاطي العقاقير المخدرة)، فضلاً عن  الجرائم الأخرى التي ترتكب على متن طائرة مدنية (مثل التدخين في دورة المياه[34] والعبث بجهاز الكشف عن الدخان وتشغيل أي أجهزة إلكترونية محمولة عندما يحظر ذلك.

و استخدم مصطلح “الراكب المشاغب أو غير المنضبط” للإشارة إلى الركاب الذين لا يحترمون قواعد السلوك على متن الطائرات و لا يتّبعون تعليمات أعضاء الطاقم وبالتالي فهم يعرقلون النظام الجيد والانضباط على متن الطائرة.

وبالرغم من ذلك حددت اللجنة الفرعية الخاصة للجنة الشؤون القانونية أوجه القصور في اتفاقية طوكيو مثل عدم تعريف مصطلح “الجريمة”، ومصطلح “حالة الطيران”، و”حسن النظام”، و”الانضباط”[35]، إلى جانب “غياب الاختصاص الإلزامي”، المتعلقة بصلاحيات دولة تسجيل الطائرة أو دولة الهبوط، هذا وأجريت تعديلات وقدمت مقترحات مستمرة بخصوص الاتفاقيات الدولية المختصة بالجرائم على متن الطائرات وسلطات قائد الطائرة والركاب المشاغبين.

و قام بروتوكول مونتريال بإعادة تنظيم الصلاحيات و السلطات البوليسية لقائد الطائرة، و استحدث مركزا قانونيا جديدا يتمثل في حراس الأمن مهمتهم كما أسلفنا حماية الطائرات و ضمان النظام و الانضباط على متنها، و خولهم بعض الصلاحيات و السلطات، كما مكنهم من الاستفادة من مبدأ الحصانة و الإعفاء من المسؤولية على غرار باقي الفئات الأخرى.

الفقرة الثانية- حدود مسؤولية قائد الطائرة و التدابير الدولية اتجاه الاشخاص المشاغبين:

تعتبر ظاهرة الجرائم و الأفعال الخطرة المرتكبة على متن الطائرات المدنية من أكبر مهددات أمن و سلامة النقل الجوي، و تشمل كل الأعمال غير المشروعة و التصرفات غير المنضبطة سواء تلك المتعلقة بمخالفة قواعد قانونية و تنظيمية مكتوبة، أو مخالفة تعليمات و إرشادات الطاقم المشرف على الرحلة الجوية، و تشكل خطرا محتملا يهدد سلامة الركاب أو الطائرة. و بالتالي فإن لقائد الطائرة دورا محوريا على متن الطائرة في اتخاذ التدابير و الاجراءات المناسبة للحد من هذه الأعمال غير المشروعة بما يتلاءم و المسؤولية الملاقاة على عاتقه.

 أولا- حدود مسؤولية قائد الطائرة:

إذا كان قائد الطائرة كما أسلفنا أنه يستفيد من مبدأ الحصانة و الإعفاء من المسؤولية الجنائية أثناء تدخله لحماية الطائرة من أعمال الشغب و الجرائم التي تهدد سلامة الطائرة أو الاشخاص و الأموال الموجودة على متنها بشرط أن تكون تلك الأفعال المرتكبة أثناء طيران الطائرة أو عندما تكون فوق أعالي البحار أو في أرض غير خاضعة لسيادة أي دولة[36]،  و بالتالي فإن قائد الطائرة لا يكون مسؤولا عن الأفعال أو الجرائم التي تحدث على متن الطائرة خلال المرحلة التي تسبق الإقلاع أو تلك التي تلي عملية الهبوط.

و قد وسع بروتوكول مونتريال من مفهوم حالة الطيران أعلاه بحيث اعتبرها في حالة طيران كذلك مند اللحظة التي يتم فيها إغلاق جميع الأبواب الخارجية للطائرة بعد صعود الركاب اليها حتى اللحظة التي يتم فيها فتح تلك الأبواب بغرض انزالهم، و حتى في حالة الهبوط الاضطراري فإن الرحلة تعتبر متواصلة حتى الوقت الذي تتولى فيه السلطات المختصة المسؤولية عن الطائرة و عن الأشخاص        و الممتلكات على متنها[37].

و إذا كان الأمر كذلك فإن قائد الطائرة و الطاقم المرافق له لا يخضع للمسائلة الجنائية أثناء تدخله لحماية أمن الطائرة من أي خطر كيفما كان نوعه إعمالا لمبدأي الحصانة و الإعفاء أعلاه، لكنه يبقى مسؤولا عن أخطائه  حسب مسؤوليته المدنية المبنية على الخطأ الذي  يلتزم من خلالها بالتقيد بتنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتقه لحساب مستثمر الطائرة، حتى ولوكان يتمتع بقدر كبير من الاستقلال في مواجهة هذا الاخير، ومن ثم لا تثبت صفة الحارس لقائد الطائرة، حيث أن الحراسة تفترض أن الحارس يعمل لحساب نفسه، ونظرا لأن قائد الطائرة يعد أحد افراد الطاقم الذين يرتبطون بمستثمر الطائرة بعقد عمل لذا فإن مسؤولية قائد الطائرة عن الاخلال بأحد التزاماته مسؤولية تعاقدية في مواجهة المستثمر، ومسؤولية تقصيرية تجاه الغير الذي لا يرتبط  وقائد الطائرة بأية رابطة عقدية وهذا الخطأ الذي يرتكبه قائد الطائرة ، كإخلال بأحد التزاماته.

ثانيا-التدابير الدولية اتجاه الاشخاص المشاغبين على متن الطائرات المدنية:

نظرا للزيادة الملموسة في عدد و خطورة الوقائع المبلغ عنها و التي ارتكبها على متن طائرات مدنية ركاب مشاغبون، و نظرا لآثار تلك الوقائع على سلامة الطائرات و سلامة الركاب و الطاقم الذي على متنها، و لأن القانون الدولي الراهن و القوانين الوطنية و القواعد التنظيمية الوطنية في دول كثيرة ليست ملائمة بالقدر الكافي لمعالجة هذا المشكل بشكل فعال، و لأن البيئة الخاصة و المخاطر الكامنة فيها للطائرات أثناء طيرانها، و الحاجة إلى اعتماد تدابير ملائمة من خلال قانون وطني لتمكين الدول من المحاكمة على الأفعال الإجرامية و الاعتداءات التي تشكل شغبا أو عدم انضباط على الطائرات، وضعت منظمة الطيران المدني الدولي في دورتها 148 التي عقدتها سنة 1992 برنامجها لأشغال اللجنة القانونية يتمحور حول الأفعال و المخالفات المقلقة للجماعة الدولية للطيران و غير المدمجة بالقانون الجوي الحالي.

و نصب المجلس في دورته 151 المنعقدة سنة 1998 فريق عمل للقيام بدراسة حول الركاب المشاغبين، و الذي قام بأول اجتماع له لمعالجة الموضوع في 29 يناير 1999. وقد سجل الفريق آنذاك رغم عدم توفر معلومات كاملة، النمو السريع للحوادث التي لها علاقة بالركاب المشاغبين، ولاحظ ان ما كان يجري في الشوارع أصبح يتم على متن الطائرات، إلا أنه مع الأسف خلافا للشوارع لا توجد في الطائرة شرطة إضافة الى خطورة هذا النوع من الحوادث على سلامة الطائرات. وقد قدر بأن التدابير القانونية هي الكفيلة بمعالجة هذا المشكل بكيفية فعالة و اعطى الخطوط العريضة لفكرته. و تتمحور حول وضع لائحة بأفعال الركاب المشاغبين الذين يرتكبون جنحا، و وسيع الاختصاصات القانونية الوطنية و الدولية ليشمل كافة الدول الأعضاء، و ايجاد الميكانزمات لتفعيل هذه التدابير، و خلال السنوات الثلاث التالية وضعت مجموعة الدراسة تشريع نموذجي بشأن الأفعال و الاعتداءات التي يرتكبها الركاب المشاغبين على متن الطائرات المدنية، يمكن للدول اعتماده من خلال قوانين وطنية تخول لها ممارسة اختصاصها في الحالات المناسبة بالمحاكمة على الأفعال الإجرامية و الاعتداءات التي تشكل شغبا أو عدم انضباط على متن الطائرات المسجلة في دول أخرى، قدم للجمعية العامة في الدورة 33 حيث أقرت الجمعية القرار 4-34A الذي ينص على اصدار تشريع وطني بشأن الاعتداءات التي ترتكب على متن الطائرات، وفي إطار تنفيذ قرار الجمعية العامة تم توزيع الكتاب الدوري 288 الصادر عن الإيكاو تحت عنوان المواد “الإرشادات بشأن الجوانب القانونية لمشكلة الركاب غير المنضبطين او المشاغبين”.

و على الرغم من الجهود المكلفة لمنظمة الطيران المدني الدولي لحث جميع الدول المتعاقدة على أن تعتمد قوانين وقواعد وطنية تعالج بفعالية مشكل الركاب المشاغبين و أن تدرج فيها الى أقصى حد ممكن عمليا النصوص الواردة في التشريع النموذجي و أن تقدم الى سلطاتها المختصة، بغرض المحاكمة، جميع الأشخاص الذين يتوافر لديها أسس معقولة لاعتبارهم ممن ارتكبوا أي اعتداء منصوص عليه في القوانين و القواعد الوطنية الصادرة و تدخل في اخصاص تلك السلطات بموجب هذه القوانين و القواعد، إلا أن هذا التشريع الوطني النموذجي تم الاسترشاد به من قبل بعض الدول ليس تشريع يحارب انحرافات الركاب ولكنه ظل بعيدا عن التطبيق العام و لذلك فهو ليس له الأثر الواسع الذي سيحدث في حالة أدمجته كل الدول في التشريعات الوطنية[38].

و لهذا الغرض أكد الايكاو خلال الدورة 34 للجنة القانونية التي انعقدت في شتنبر 2009 على ضرورة إعادة طرح مسألة الركاب غير المنضبطين أو المشاغبين، و لهذا تقرر خلال هذه الدورة إعادة تحريك فريق الدراسة حول الركاب المشاغبين الذي تأسس سنة 1998، الفريق الجديد يتكون من حوالي 12 خبير ينتمون الى جهات مختلفة و أجهزة دولية معينة. و كان أول اجتماع لهذا الفريق سنة 2011 في مونتريال شهر ماي و الثاني في باريس خلال شهر أكتوبر. و قد ركزت هذه المجموعة جهودها حول استعراض أهم مقتضيات اتفاقية طوكيو لعام 1963 و دراسة مدى مسايرتها لمستجدات الطيران المدني المعاصر، و تناولت بالدراسة إمكانية وضع معايير و ممارسات مشتركة فيما يتعلق بالجرائم و تعزيز التعاون الدولي، و سلطات قائد الطائرة و حصانته، بالإضافة إلى المركز القانوني لحراس الأمن على متن الطائرة.

و من أهم النتائج التي توصلت إليها مجموعة الدراسة، ضرورة تصدي المجتمع الدولي لظاهرة السلوك غير المنضبط و غير المشروع على متن الطائرات و توحيد جهوده عبر منظمة الطيران المدني الدولي، من خلال إعادة النظر في مواد اتفاقية طوكيو، و إدراج تنظيم خاص يحكم هذه الظاهرة.

و خلال انعقاد اجتماع اللجنة القانونية لمنظمة الطيران المدني الدولي بمونتريال بتاريخ 4 يونيو 2010 لاستعراض الأفعال و الجرائم التي تثير قلق مجتمع الطيران المدني الدولي و التي لم تشملها مواثيق الجو الراهنة، تمت مرة أخرى إثارة موضوع الركاب المشاغبين، حيث أكد الاتجاه الدولي للنقل الجوي على وجوب معالجة المنظمة لموضوع الركاب المشاغبين، و طلب تنشيط فريق الدراسة بعد المؤتمر الديبلوماسي المنعقد ببيجين[39].

و أما على المستوى الوطني فإن القانون الجنائي المغربي و قانون المسطرة الجنائية فإنها تحدد مجموعة من الجرائم التي يمكن تطبيقها على الأفعال المرتكبة على متن الطائرات المغربية أينما وجدت[40] وخاصة في حالة العنف أو التهديد أو التخريب و التعييب و الإتلاف و غير ذلك.

أما بخصوص التخريب و التعييب و الإتلاف عن طريق الإضرام العمدي للنار في ناقلات           أو طائرات أو عربات بها أشخاص أو في عربات ليس بها أحد ولكنها تكون جزءا من قافلة بها أشخاص فقد عاقب عليها المشرع المغربي بالإعدام[41] ، و يلاحظ من الفصل المذكور أن المشرع شدد العقوبة في الحالة التي تكون فيها الطائرة بها ركاب بشرط أن تكون مرتبطة بناقلة بها أشخاص، و شددها حتى في حالة التي ينتج عن الحريق العمد موت شخص أو أكثر، فإن مرتكب الحريق يعاقب بالإعدام. وإذا ترتب عن الحريق جروح أو عاهة مستديمة، فالعقوبة هي السجن المؤبد[42]. في حين خفض من هذه العقوبة في الحالة التي تكون الطائرة ليس بها أشخاص و ذلك بمعاقبة الفاعل بالسجن من عشر إلى عشرين سنة[43]،

و قد حرص المشرع المغربي و معه التشريع الدولي على اختصاص محكمة الدولة المسجلة بها الطائرة حتى توجد محكمة مختصة لكل حالة، و لا يفلت مجرمي الطيران من العقاب بدعوى عدم اختصاص أية محكمة بالنظر في الموضوع. مع الحرص على إعمال قاعدة ne his in idem التي تحرم محاكمة الشخص مرتين عن الفعل الواحد، و كان مشروع مونتريال و بعض المشاريع الأخرى كمشروع روما و مشروع ميونخ يتضمن نصا يقضي بأن الفاعل الذي حكم عليه بالإدانة أو البراءة،    لا يجوز محاكمته متى نفذت العقوبة أو صدر عفو عنها أو سقطت بالتقادم. و ألغي النص في مؤتمر طوكيو و غير أن ذلك لا يمنع من تطبيق المبادئ العامة في قانون العقوبات و منها قاعدة عدم جواز محاكمة المتهم مرتين[44].

 

 

 

 

 

 

 

 

ختاما:

إن ظاهرة الجرائم و الأفعال الخطرة المرتكبة على متن الطائرات أصبحت من أكبر مهددات أمن وسلامة النقل الجوي و تشكل هاجسا حقيقيا و تحديا جديا المختلف الفاعلين في مجال صناعة الطيران،  و تمثل خطرا على أمن و ممتلكات الأشخاص، و لعل النمو المتسارع لهذه الظاهرة يزيد من خطورة الوضع و ينبئ بإمكانية تصاعدها مستقبلا.

و من خلال هذه الدراسة خلصنا أن سلطات قائد الطائرة تبقى محدودة اتجاه التصرفات التي ترتكب من طرف المسافرين الذي يستقلون الطائرة، و تبقى محدودة كذلك في الأعمال غير مشروعة            و التصرفات غير المنضبطة سواء  المتعلقة بمخالفة قواعد قانونية و تنظيمية مكتوبة، أو مخالفة تعليمات و ارشادات قائد الطائرة و الطاقم المرافق له، خاصة التي تشكل خطرا محتملا يهدد سلامة الركاب     أو سلامة طاقم الطائرة أو الممتلكات أو حتى الطائرة في حد ذاتها.

و قد اجمعت أغلبية الدول على أن بنود اتفاقية طوكيو أصبحت قاصرة عن توفير إطار قانوني متكامل للسلطة البوليسية لقائد الطائرة المدنية، مما يستوجب معه إعادة النظر في النظام القانوني الدولي لهذه السلطة. على الرغم من أن بروتوكول مونتريال لسنة 2014 حاول من خلاله المجتمع الدولي تدارك اوجه القصور التي عرفتها اتفاقية طوكيو. بعد أن أعاد تنظيم صلاحيات و السلطة البوليسية لقائد الطائرة، و استحدث مركز قانونيا جديدا المتمثل في حراس الأمن الذين يساعدون القائد على استتباب الأمن و السلامة على متن الطائرة لكون هذا الأخير غالبا ما يكون مشغولا بالأمور التقنية و الفنية على متن الطائرة و منعزلا في قمرة القيادة عن مقاعد جلوس الركاب و هم هذه الفئة من الحراس التدخل السريع و العاجل لحماية الطائرات و ضمان النظام و الانضباط على متنها، و بعد أن تم تخويلهم بعض الصلاحيات و السلطات، كما مكنهم البروتوكول من الاستفادة  من مبدأ الحصانة و الإعفاء من المسؤولية على غرار قائد الطائرة و الفئات الأخرى.

و من هنا ندعو المشرع المغربي الى التعجيل بمواءمة التشريع المحلي بما يتوافق و مقتضيات بروتوكول مونتريال لسنة 2014  و حث شركات الطيران على اعتماد برامج تدريبية لفائدة قياد الطائرات و مستخدميها خاصة العمل على إدماج فئة حراس الأمن الخاص على غرار مجموعة شركات الطيران المدني العالمية لتمكينهم من مواجهة مختلف التصرفات التي تهدد أمن و سلامة الطائرة.

و منع الركاب الذين لهم سوابق في أعمال الشغب على متن الطائرات من السفر على متن الطائرات أو وضعهم تحت المراقبة المشددة و ذلك بوضع قوائم بأسماء هؤلاء الفئة من الركاب و مشاركتها مع باقي شركات الطيران و منع بيع المشروبات الكحولية على متن الطائرة باعتبارها السبب المباشر في الشغب و عدم الانضباط على متن الطائرة.

و من الممكن كذلك تجهيز الطائرة بتدابير خاصة لعزل الركاب المصابين بالغضب الجوي، أو وضع تحذيرات على أحزمة السلامة أو بطاقات الصعود للطائرة و إدراج إعلان تحذيري للركاب من عواقب الغضب الجوي في إنجاز السلامة ما قبل الرحلة.

و كدا العمل على ادماج الذكاء الصناعي في مجال حماية أمن و سلامة الطائرة عن طريق تزويد الطائرات بأجهزة متطورة تساعد على الكشف عن المتفجرات و الأجهزة الخطيرة و حتى كشف السلوكيات الشاذة للركاب على متن الطائرة تمكن القائد من اتخاذ الحيطة و الحذر قبل وقوع الكارثة. إما برفض صعود الراكب على متن الطائرة أو بتقييد حركته و تسليمه للسلطات عند الهبوط.

لائحة المراجع المعتمدة

1- ذة عائشة فضيل: “الغضب الجوي و رهان السلامة الجوية في غياب نظام قانوني موحد”  مقال منشور من ضمن أهم البحوث لمؤتمر الطيران المدني في ظل التشريعات الوطنية و الاتفاقيات الدولية الجزء الثاني المنظم في الفترة من 23-25/4/2012 من طرف كلية القانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة و التعاون مع محاكم دبي و هيئة دبي للطيران المدني و المنعقد في فندق انتر كونتيننتال فيستفال سيتي-دبي

2- ثروت انيس الاسيوطي: “قانون الطيران المدني” دار النهضة العربية القاهرة 26 شارع عبد الخالق ثروت 1966

3- طالب حسن موسى: “القانون الجوي الدولي” دار الثقافة للنشر و التوزيع عمان الطبعة الاولى 1994

4- هارون أوروان: “اتفاقية طوكيو 1963 نصف قرن من التطبيق، أية حماية للطيران المدني؟” كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة يحي فارس بالمدية – مجلة المنار للبحوث و الدراسات القانونية و السياسية العدد الأول جوان 2017

5-معاهدة شيكاغو المتعلقة بالطيران المدني الدولي الموقعة في 7 دجنبر 1944 والمنشورة بموجب الظهير الشريف رقم 1.57.172 بتاريخ 10 ذي القعدة 1376 (8 يونيو 1957) وكذا ملاحقها والبروتوكولات المعدلة لمقتضياتها

6-اتفاقية طوكيو الموقعة في 14سبتمر1963م، ثم دخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 4 ديسمبر 1969م

7-بروتوكول مونتريال الموقع في 04/04/2014 المتعلق بتعديل الاتفاقية بشأن الجرائم و بعض الأفعال الأخرى التي ترتكب على متن الطائرات.

8-برتوكول لاهاي عام 28/09/1955 وقع عليها المغرب بتاريخ 31/05/1963 و انضم اليها بتاريخ 17/11/1975 و دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 15/02/1976

9اتفاقية روما 07/10/1952 انضم اليها المغرب بتاريخ31/03/1964 و دخلت حيز التنفيذ بتاريخ29/06/1964

10-الظهير الشريف رقم (61/1) لسنة 2016، الصادر في 17 من شعبان 1437هـ، 24 ماي 2016، بتنفيذ القانون رقم (40.13) لسنة 2013 المتعلق بالطيران المدني منشور بالجريدة الرسمية عدد 6476 بتاريخ 10 رمضان 1437 (16 يونيو 2016)؛ ص 4734.

11-الظهير الشريف رقم 1.02.255 الصادر في 25 رجب 1423 الموافق 03 أكتوبر 2002 بتنفيذ قانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية. منشور بالجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة 1423 ( 30 يناير 2003 ( ص 315 ، كما وقع تغييره وتتميمه بالقوانين التالية؛

12-الظهير الشريف رقم 255.02.1 الصادر في 25 من رجب 1423 )3 أكتوبر 2002( بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية منشور بالجريدة الرسمية عدد 5078 بتاريخ 27 ذي القعدة) 1423  30 يناير ( 2003 ص 315 ، كما وقع تغييره وتتميمه بالقوانين التالية؛

13- الظهير الشريف رقم 1.59.413 الصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نونبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي منشور بالجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 يونيو 1963)، ص 1253.

14-الظهير الشريف رقم 1.02.239 الصادر في 25 من رجب 1423 (3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 37.99 المتعلق بالحالة المدنية.

15-نظام الطيران المدني السعودي المرسوم الملكي رقم م/44 سنة 1426هجرية  18/07/1426.

مواقع الكترونية:

1- موقع ar.yabiladi.com تاريخ النشر 14/06/2023

2- موقع اشكاين achkayen.com  تاريخ التصفح 03-12-2024

 

 

[1] البروتوكول المتعلق بتعديل الاتفاقية بشأن الجرائم و بعض الأفعال الأخرى التي ترتكب على متن الطائرات المعتمد بمونتريال في 4 أبريل 2014 بمقتضى مشروع قانون رقم 23.49 يوافق بموجبه على البروتوكول المذكور. تم إدراجه في جدول أعمال مجلس الحكومة المغربية ليوم الخميس 27 من ربيع الآخر 1446 الموافق 31 أكتوبر 2024

[2] الظهير الشريف رقم 1.16.61 صادر في 17 شعبان 1437  )24 ماي2016 ( بتنفيذ القانون رقم 40.13 المتعلق بمدونة الطيران المدني المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6474 بتاريخ 16 يونيو 2016 ص 4734

[3] المادة 57 من نظام الطيران المدني 1426هجرية المرسوم الملكي رقم م/44 بتاريخ 18/07/1426

[4]طالب حسن موسى القانون الجوي الدولي دار الثقافة للنشر و التوزيع عمان الطبعة الاولى 1994 ص82

[5] للمادة 18 من قانون المسطرة الجنائية المغربي

[6] نفس المادة أعلاه

[7] المادة 29 من نفس القانون

[8] المادة 276 من مدونة الطيران المدني المغربي

[9] المادة 277 من نفس القانون

[10] المادة 278 من نفس القانون

[11] المادة 279 من نفس القانون

[12] قرار المجلس الاعلى صادر عن الغرفة الجنائية تحت عدد 2042/9 الصادر بتاريخ 25/11/2009 في ملف عدد 261/6/9/2007 محضر الضابطة القضائية للدرك الملكي يخضع لشكليات التي وردت بقانون المسطرة الجنائية.

[13] المادة 177 من نفس القانون

[14] معاهدة شيكاغو أجازت للدول المتعاقدة بعدم الاعتراف بالإجازات والشهادات التي تعطي لرعاياها من دولة أجنبية بشروط ميسرة

كذلك فإن نظام الطيران المدني السعودي 1426 ينص وفق المادة الأولى فقرة (46) على تعريف الإجازة بأنها”  :شهادة أو رخصة تعتمدها الهيئة العامة للطيران المدني للعاملين بالطيران المدني مثل أطقم الطائرة والصيانة والمراقبين الجويين وغيرهم ممن تتطلب طبيعة عملهم حيازة شهادات أو رخص وفقا لمستويات مقررة دوليا”.

[15]  فهو يمتاز بأنه مركز دقيق وخطير بذات الوقت نظرا للمخاطر الكثيرة المتعلقة بمهنة الطيران و الطائرة وما يتصل بذلك من قواعد السلامة (بالنسبة للركاب، المشحونات … الخ)

[16] المادة 170 تقوم بالفحص الطبي الخاضع له مستخدمو الملاحة الجوية بهدف الحصول على الشهادات الطبية المطلوبة لمزاولة المهام المطبقة لسندات الملاحة الجوية التي يتوفرون عليها مراكز خبرة في طب الطيران وأطباء فاحصون معتمدون لهدا الغرض من قيل السلطة المكلفة بالطيران المدني وفق الشروط وحسب الكيفيات المحددة بنص تنظيمي، بالنظر بوجه إلى تكوين المستخدمين الطبيين في مجال طب الطيران والوسائل المادية والتقنية والتنظيمية والنوعية المستعملة.

ولا يؤهل لتسليم الشاهدات الطبية الآنفة المذكرة إلا مراكز الخبرة في طب الطيران المذكور والأطباء الفاحصون المعتمدون لهذا الغرض.

المادة 171 يعتبر الاعتماد المشار اليه في المادة 170 أعلاه إسميا ولا يمكن نقله بأي صفة من الصفات

المادة 172 يمكن توقيف الاعتماد لمدة معينة محددة في قرار الوقف على أن لا يتجاوز ستة أشهر، ابتدأ من تاريخ تبليغ قرار التوقيف، عند انتقاء أحد الشروط المقرر لتسليم الاعتماد.

ويخضع حاملو الشهادات الطبية المسلمة خلال الأشهر الستة قبل تاريخ التوقف من صاحب الاعتماد موضوع التوقيف لفحص مضاد كما تصحب سندات الملاحة ممن بين الفحص المضاد عدم أهليتهم الصحة.

تهدف التوقف هاته إلى تمكين المستفيد من الاعتماد من الامتثال مجددا للشروط المطلوبة.

وإدا انتصر أجل التوقف وظل عدم استيفاء الشروط المطلوبة قائمة، وجب سحب الاعتماد.

في حالة العكس، يوضع حد لإجراء الوقف.

المادة 173 علاوة على النصوص عليها في المادة أعلاه 172، يسحب الاعتماد الممنوح لمركز خبرة في طب الطيران أو لطبيب فاحص، حين يتبين أثناء المراقبة الإدارية والتقنية للمطابقة المفروضة عليها أن المركز أو الطبيب المذكور أخل بالتزاماته بعد تقيده بالشروط المتعلقة بإجراء الفحوصات الطبية أو تسليم الشهادات الطبية.

المادة 174 يحدد بنص تنظيمي الغرض من الفحوص الطبية وطبيعتها وتواترها وكذا شكل الشهادة الطبية المراد تسليمها ونوعها ومحتواها.

[17] المادة 175 من المدونة

[18] مثال حادثة اكادير المغربية لسنة 1994 عندما تسببت علاقة حب فاشلة بين قائد الطائرة و أحد المضيفات على متنها، قام هذا الأخير بتوجيه الطائرة عمدا الى جبال الأطلس بعد اقلاعها من مدينة أكادير مما أدى الى وفاة 44 شخصا.

نقلا عن موقع ar.yabiladi.com تاريخ النشر 14/06/2023 على الساعة35  h 13التصفح يوم 28/11/2024 الساعة 00:38

[19] هارون أوروان اتفاقية طوكيو 1963 نصف قرن من التطبيق، أية حماية للطيران المدني؟ كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة يحي فارس بالمدية – مجلة المنار للبحوث و الدراسات القانونية و السياسية العدد الأول جوان 2017 ص199

[20] المادة 08/01 من اتفاقية طوكيو 1963

[21] المادة 01/01 من بروتوكول مونتريال 04/04/2014

[22] المادة 9 من بروتوكول مونتريال

[23] المادة 178 من المدونة

[24] المادة 179 من المدونة

[25] عرفت رحلة الطيران رقم 941 حالة رعب شديدة أثناء الاركاب حينما تم اعلام قائد الطائرة بوضعية أحد الركاب الذي كان في حالة سكر بين غير أن القائد أمر بإركابه كباقي المسافرين على متن الرحلة إلا أن الراكب المخمور تسبب في مناوشات بينه و بين باقي الركاب بسبب تلفظه بكلام نابي و بصوت مرتفع طوال الرحلة مما تسبب في اغماء سيدة. و تمكن شرطيان من إيطاليا من تسليم المخمور الى المغرب بعد ربطه بإحكام بالمقاعد الخلفية حتى تتمكن الطائرة من الهبوط بسلام بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء. عن موقع achkayen.com آشكاين الالكتروني تاريخ التصفح 03-12-2024 الساعة الواحد زوالا

[26] هارون أوروان اتفاقية طوكيو 1963 نصف قرن من التطبيق، أية حماية للطيران المدني؟ مرجع سابق ص201

[27] المادة 181 من المدونة

[28] المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية

[29] المادة 19 من نفس القانون

[30] المادة  60 الفقرة الثانية من نفس القانون

[31] المادة 5 من قانون الحالة المدنية المغربي تطبيقا لأحكام القانون المتعلق بالتنظيم الجماعي، ومع مراعاة الأحكام القانونية الخاصة، يعهد بمهام ضابط الحـالة المدنية داخل المملكة إلى رؤساء المجـالس الجماعية[31]، الحضرية والقروية وإذا تغيبوا أو عاقهم عائق ناب عنهم مساعدوهم.

يجوز لرئيس المجلس الجماعي – ضابط الحالة المدنية – أن يفوض مهامه المتعلقة بالحالة المدنية بكل مكتب من المكاتب التابعة للجماعة، وفق الكيفية المحددة بمقتضى نص تنظيمي.

المادة 6 من نفس القانون تناط مهام ضابط الحالة المدنية بالنسبة للمواطنين المغاربة خـارج المملكـة بالقناصل والأعوان الديبلوماسيين المنتمين إلى السلك الديبلوماسي المغربي العاملين بالخارج، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل الثانـي من الظهير الشريف رقم 421.66 الصادر في 8 شعبان 1389 (20 أكتوبر 1969) المتعلق باختصاصات الأعوان الديبلوماسيين والقناصل العاملين بالخارج

[32] المادة 183 من المدونة

[33] المادة 184 من المدونة

[34] حيث قضت إحدى محاكم الولايات المتحدة في قضية الولايات المتحدة ضد فلوريس بأن ليس كل اعتداء هو بمثابة تدخل في عمل المضيف، و هو ما اتجهت اليه إحدى المحاكم الألمانية التي اعتبرت أن التدخين في دورة المياه لا يشكل إخلالا بسلامة الرحلة الجوية حيث اشارت القرارات المذكورة بصفة ضمنية أن كلا الفعلين لا يشكل تهديدا لحسن النظام و الانضباط على متن الطائرة، انظر تقرير السيد اليخاندروا بييرا مرجع سابق ص 12 من مقتبس من هامش رقم 1 من مقال لهارون أوروان اتفاقية طوكيو 1963 نصف قرن من التطبيق، أية حماية للطيران المدني؟ كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة يحي فارس بالمدية – مجلة المنار للبحوث و الدراسات القانونية و السياسية العدد الأول جوان 2017 ص 207

[35] نفس المرجع السابق ص 207

[36] عرفت اتفاقية طوكيو حالة الطيران بأنها تلك الفترة الممتدة ما بين لحظة تشغيل قوتها المحركة بغرض الاقلاع حتى اللحظة التي ينتهي فيها شوط الهبوط.

[37] المادة 01/01 من بروتوكول مونتريال 2014

[38] ذة عائشة فضيل: الغضب الجوي و رهان السلامة الجوية في غياب نظام قانوني موحد  مقال منشور من ضمن أهم البحوث لمؤتمر الطيران المدني في ظل التشريعات الوطنية و الاتفاقيات الدولية الجزء الثاني المنظم في الفترة من 23-25/4/2012 من طرف كلية القانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة و التعاون مع محاكم دبي و هيئة دبي للطيران المدني و المنعقد في فندق انتر كونتيننتال فيستفال سيتي-دبي ص783

[39] الجمعية العمومية الدورة 38 برنامج عمل منظمة الايكاو في المجال القانوني.

[40] المادة 706 من قانون المسطرة الجنائية: تختص محاكم المملكة بالنظر في الجنايات أو الجنح المرتكبة على متن طائرات مغربية، أيا كانت جنسية مرتكب الجريمة.

. تختص أيضا بالنظر في الجنايات أو الجنح المرتكبة على متن طائرات أجنبية، إذا كان مرتكب الجريمة أو المجني عليه من جنسية مغربية أو إذا حطت الطائرة بالمغرب بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة

. يكون الاختصاص لمحاكم المكان الذي حطت فيه الطائرة في حالة إلقاء القبض على الفاعل أثناء توقف الطائرة، ويكون الاختصاص لمحكمة مكان إلقاء القبض على الفاعل إذا ألقي عليه القبض فيما بعد بالمغرب.

[41] الفصل 580 من القانون الجنائي

[42] الفصل 584 من نفس القانون

[43] الفصل 581 من نفس القانون

[44] ثروت انيس الاسيوطي قانون الطيران المدني دار النهضة العربية القاهرة 26 شارع عبد الخالق ثروت 1966 ص71

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى