القطاع البنكي وسؤال التنمية على ضوء خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس
القطاع البنكي وسؤال التنمية على ضوء خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس
بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية
إن اختيار المغرب لدولة الحق والقانون بشكل لا رجعة فيه أصبح يفرض مواكبة الإصلاحات التي باشرها على جميع المستويات ومواصلة الطريق نحو بناء مغرب الحقوق والحريات ، وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية عن طريق التفاعل الايجابي مع طموحات و انتظارات المواطن المغربي بموجب إدارة مواطنة تقوم على النجاعة والفعالية والقرب بما يساعد على تحقيق التنمية الاجتماعية
ولاشك أن تحقيق التنمية طموح الجميع الكل من موقعه ، لأن المقاربة الجماعية في النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلد كرسها الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 في عدة فصول من بينها الفصل 39 والفصل 139 ، وهو ما يفيد أن المشروع التنموي يقوم على تكثيف الجهود وتوحيد الغاية وهي تحقيق مراتب متقدمة في العملية التنموية ، وهو ما تتطلع اليه المؤسسة الملكية بحيث يؤكد جلالة الملك في كل المناسبات على استحضار مصلحة الوطن سواء من طرف القطاع أو الخاص ، وهي رغبة ملكية سامية تروم نحو الارتقاء بوضعية المواطن المغربي وتحسين ظروف عيشه في شتى المجالات
وإذا كان القطاع الخاص برمته له دورا فعالا في تحقيق التنمية، فإن القطاع البنكي على وجه الخصوص مدعو إلى الانخراط في المسلسل التنموي ،عملا بالتوجهات الملكية السامية التي جاء بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة . فما هي أهم الآليات التي يعتمدها القطاع البنكي للمساهمة في تحقيق التنمية في ضوء نص خطاب جلالة الملك بمناسبة افتتاح السنة التشريعية ؟ وما هي الأفاق التنموية الناتجة عن علاقة مؤسسات التمويل بالخرجين الشباب حاملي المشاريع الذاتية في ظل خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية ؟
وكإجابة عن هذه الأسئلة سنحاول الاحتكام إلى المحاور التالية :
أولا: آليات القطاع البنكي في تحقيق التنمية على ضوء خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية
ثانيا : القطاع البنكي ودوره في ضمان أفاق واعدة للشباب على ضوء خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعي
أولا: آليات القطاع البنكي في تحقيق التنمية على ضوء خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية
تعد المرحلة الجديدة التي عبر عنها جلالة الملك بمناسبة خطاب افتتاح الدورة التشريعية مرحلة قوامها انخراط الجميع الكل من موقعه وبحسب مسؤوليته بمزيد من اليقظة والتعاون البناء والوحدة والتعبئة الجماعية ، وهي أسس لازمة لعمل مؤسسات الدولة حتى تستطيع إنزال الإصلاحات اللازمة وتنفيذ المشاريع وتقييم السياسات العمومية
وباعتبار المشروع التنموي يقوم على التعاون المشترك والجاد كما عبر عنه جلالة الملك ، فإن موقع القطاع الخاص أصبح لا يستهان به في كسب رهان التنمية وخصوصا القطاع البنكي باعتباره يشمل عدة آليات التي تساهم في تنفيذ المشاريع التنموية ، ومن بين ما عبر عنه جلالته في هذا الصدد هو:
– دعوة كل الفاعلين إلى الالتزام بالعقود والاتفاقات المبرمة وتحمل الواجبات والوفاء بالالتزامات ، فالمؤسسات البنكية إذا كانت اليوم مدعوة نحو رفع مستوى تعاملاتها مع المواطنين بما يساهم في توسيع خدماتها، فإنها بالمقابل ملزمة باحترام مضامين العقود التي تبرمها مع باقي الشركاء استنادا الى البعد الأخلاقي الذي يطبع هذه العقود
– استثمار الناجعة والدينامية والمهنية التي يشهدها القطاع البنكي في الانفتاح على التواصل مع المقاولين الشباب وحاملي المشاريع الصغرى والمتوسطة ، لان هذا من شأنه الرفع من المستوى الاجتماعي لفئة كبيرة من الشباب وتمكينهم من التمويل بضمانات تناسب وضعيتهم الاجتماعية وتشجعهم على الابتكار والاستثمار
– وضع حد مع التصرفات التي من شأنها إن تزعزع الثقة في القطاع البنكي والسعي نحو تغيير بعض العقليات البنكية واستحضار المصلحة الفضلى للوطن ، وزرع ثقافة الاستثمار لدى الشباب حاملي الشهادات وتشجيع التشغيل الذاتي عن طريق التجاوب الايجابي مع طموحات الشباب وتطلعاتهم وذلك عن طريق دورات توعوية مكتفة تهم التشجيع على خلق مشاريع مدرة للدخل واستثمارات المؤهلات العلمية والثقافية لذا الشباب وهو من شانه تبديد الثقافة السلبية التي يحملها بعض الشباب تجاه التشغيل الذاتي
– تبسيط المساطر من طرف مؤسسات التمويل بما يفيد إمكانية حصول الشباب على القروض البنكية التي تغطي الإمكانيات المادية للمشاريع المعول خلقها والعمل على مواكبة المقاولات الصغرى والمتوسطة ، بحيث عبر جلالة الملك محمد السادس على أن دور مؤسسات التمويل في تشجيع المشاريع الصغرى والمتوسطة لا يقتصر على التمويل فحسب، بل يشمل المواكبة والتتبع حفاظا على استمرارية المشاريع وتطورها .
– دعوة المؤسسات البنكية على الانفتاح على المقاولات الاجتماعية وعدم الاقتصار على تمويل المشاريع الكبرى ، حيث أكد جلالته على الانفتاح أكثر على أصحاب المقاولات الذاتية وتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة ، وهي توجيهات سامية من شأنها تعزيز علاقة مؤسسات التمويل بالخرجين الشباب ومنحهم الإمكانيات المادية لاستثمار مؤهلاتهم العلمية في الإنتاج والاستثمار بما تكريس انفتاح المؤسسات البنكية على الجامعات المغربية واستقطاب حاملي المشاريع التنموية
ثانيا : القطاع البنكي ودوره في ضمان أفاق واعدة للشباب على ضوء خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة التشريعي
يعتبر الشباب ثروة البلد وحجر الأساس في كل نهضة تنموية ، وان الارتقاء به سبيل الى كسب رهان التنمية ، وباعتباره كذلك يحظى بأهمية بالغة في كل السياسات العمومية التي تباشرها الدولة ، بحيث يمثل محور الأهداف التي تبنى عليها مخططات الدولة ومشاريعها. وكونه كذلك فقد كانت دعوة المؤسسة الملكية دائما إلى النهوض بوضعية الشباب وتحسين ظروف عيشه وتشجيعه على الاستثمار، كما أن الخطاب السامي الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة ، تضمن أفاقا واعدة للشباب ، حيث بمناسبة دعوة ملك البلاد القطاع الخاص وخصوصا القطاع البنكي في الانخراط في المسلسل التنموي سيكون بإمكان الخرجين الشباب الحاملين للفكر المقاولاتي استثمار طاقتهم في ظل تبسيط مساطر الحصول التمويل بعدما كان يشكل عائقا أمام بعض الشباب في خلق مشاريع ذاتية .
فمؤسسات التمويل بعدما كانت تساهم في تطوير الاقتصاد الوطني عن طريق تمويل المشاريع الكبرى ، ستصبح مدعوة إلى المساهمة الفعلية على خلق المشاريع الذاتية عن طريق تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة ومواكبتها ، وهي طفرة نوعية ستدفع بالاقتصاد الوطني نحو مراتب متقدمة من جهة ومشاركة الشاب في بناء اقتصاد قوي تتنوع فيه المشاريع وتسود فيه المنافسة الشريفة من جهة أخرى.
وإذا كان القطاع البنكي المغربي يتميز بالقوة والدينامية والمهنية نظرا لفعالية أجهزة الرقابة عليه ، فإن هذه الخصائص ستؤهله لا محالة في احتضان الخريجين الشباب حاملي المشاريع وتعزيز اندماجهم في بناء الاقتصاد الوطني عن طريق توعيتهم بمزايا التشغيل الذاتي و أفاقه ، والعمل على مساعدتهم على تنزيل مشاريعهم على أرض الواقع وهي مقاربة اقتصادية واجتماعية تعكس الالتزام بمبدأ التعاون المشترك بين القطاع البنكي والمؤسسات الجامعية في خلق فرص الشغل .
كما أن بنك المغرب باعتباره يمثل جهاز الرقابة على القطاع البنكي أصبح له دور فعال في الانخراط في تشجيع الخريجين الشباب على خلق المقاولات الذاتية ، بالإضافة إلى مسؤولية الحكومة عن هذا الورش التنموي الذي يهم تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة .
وفي هذا الإطار فقد دعا الملك محمد السادس في خطابه السامي بنك المغرب والحكومة إلى التنسيق مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب قصد العمل على وضع برنامج خاص بدعم الخريجين الشباب وتمويل المشاريع الصغرى للتشغيل الذاتي .وهي تعبئة جماعية تعكس الاهتمام الكبير بفئة الشباب ما يؤمن ضمان حقوقهم و تمتيعهم بأفاق مستقبلية واعدة .