في الواجهةمقالات قانونية

تعليق على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب – عدنان بوشان

 

تعليق على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15

بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب

عدنان بوشان

باحث في العلوم القانونية

تعتبر مسألة تنظيم كيفيات ممارسة الحق في الإضراب من أصعب المسائل التي لم يستطع المشرع وضع أحكام و قواعد متكاملة ونهائية بخصوصها، من شأنها أن تحظى برضى وتوافق الأطراف، وتساهم في تحقيق توازن بين مصلحة المقاولة وحق الأجير في ممارسة حق الإضراب، وتتجلى صعوبة تنظيم هذا الحق في كونه لم يحظ بعناية متميزة على المستوى الدولي، كغيره من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب تباين مضامين التشريعات المقارنة المنظمة للحق في الإضراب، ويرجع مكمن كل هذه الصعوبة في طبيعة الحق في الإضراب الذي يعبر عن خلاف جماعي حاد بين طرفي الإنتاج.

لقد عرف المغرب تكريس الحق في الإضراب منذ أول دستور للمملكة سنة 1962، إلا أن وقفه على صدور قانون تنظيمي يحدد شروط وكيفيات مماسته، جعل الغموض يكتنف كيفيات وحدود ممارسته، مما انعكس بالسلب على التنزيل التشريعي لهذا الحق.

وقد ورد مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب الذي تمت إحالته على البرلمان سنة 2016، في 49 مادة موزعة على ست أبواب جاءت وفق الشكل التالي:

الباب الأول: أحكام عامة (6 مواد)

الباب الثاني: شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع الخاص (23 مادة)

الباب الثالث: شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب في القطاع العام (4 مواد)

الباب الرابع: أحكام خاصة بالإضراب في المرافق الحيوية (مادة واحدة)

الباب الخامس: العقوبات (12 مادة)

الباب السادس: أحكام مختلفة وختامية (3 مواد)

وعليه فإن تعليقنا على هذا المشروع سيكون مادة مادة، وذلك وفق الشكل التالي:

 

 

المادة 2

تطرقت هذه المادة لتعريف الإضراب، وقليلة هي التشريعات التي عمدت إلى إعطاء تعريف للحق في الإضراب، معتبرة أن مجال التعاريف شأن خاص بالفقه والقضاء، ونجد من بين التعاريف القضائية ما عمدت إلى تبنيه محكمة النقض الفرنسية في قرار لها بتاريخ 26 يناير 1968  “توقف مدبر عن العمل بغرض تأييد مطالب مهنية محددة سلفا رفض المشغل تحقيقها.”

و خلاف ما ذكرناه أعلاه نجذ التشريع الموريتاني قد عرفه في المادة 35 بكونه “توقف جماعي عن العمل متفق عليه من طرف أجراء المؤسسة أو عدة مؤسسات للحصول على الاستجابة لمطالبهم المهنية طبقا للقوانين المعمول بها”.

و بذلك فإنه لابد من توفر ثلاث شروط في الإضراب، وهي التوقف التام عن العمل، والتوقف الجماعي عن العمل من قبل الأجراء المضربين، والمطالب المهنية.

و الملاحظ على التعريف الذي وضعه المشروع مقارنة بهذين التعريفين أنه تضمن تحديدا لمدة الإضراب، لكن يبقى التساؤل مطروحا بخصوص مدة الإضراب سواء في حدها الأدنى أو الأقصى، وإذا كان البعض يعتبر تحديد مدة الإضراب تقييدا لهذا الحق، فإن توجهات محكمة النقض المغربية مؤخرا ترى خلاف ذلك، حيث جاء في قرار لمحكمة النقض المغربية رقم 2/314 بتاريخ 17 مارس 2021 في الملف الاجتماعي عدد 488/5/1/2020 ما يلي : (لما كان من الثابت من إقرار الأجير بمذكرة دفاعه أنه خاض إضرابا عن العمل لمدة غير محددة وأنه قد اقترن باعتصام بمقر الشركة المشغلة، فإن الإضراب وإن كان حقا دستوريا من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفيا)، كما أن التعريف المشار إليه أعلاه ربط الإضراب بالحقوق أو المصلحة، ولا شك أن هناك فرقا بين الاثنين، وكان الأجدر ربطه بالملف المطلبي أو المطالب المهنية، وهو ما ذهبت إليه محكمة النقض الفرنسية Cass. Soc. 22 Octobre 2014 : bull. civ. N° 146. N° 13-19-858.))، حيث ربطت ممارسة الإضراب بوجود مطالب مهنية محددة سلفا، والتي رفض المشغل الوفاء بها، وهو الأمر الذي يسمح بتمييز الإضراب عن تصرفات التمرد وعدم الطاعة حتى ولو كانت في صورة جماعية مدبرة، وكذلك تمييزه عن عدم تنفيذ الالتزامات التعاقدية.

و الملاحظ على أن توجه واضعي المشروع يذهب إلى ربط ممارسة الحق في الإضراب بالفئات الخاضعة لعلاقة تعاقدية أو علاقة نظامية، إما في إطار مفهوم المقاولة، أو مفهوم المرفق العام، وهو ما يلاحظ من خلال المادة 4، وكذلك مقتضيات مشروع القانون التنظيمي برمته، ذلك أنه يلاحظ على المشروع أنه رجح التصور العضوي أو النقابي في ممارسة حق الإضراب.

وعليه فإذا كان هذا المشروع يهدف إلى تنظيم ممارسة حق الإضراب بشكل عام في جميع القطاعات والأنشطة، فأعتقد أنه يجب إعادة صياغة المشروع كاملا، حتى يمكن ملاءمة مقتضياته مع بعض الفئات الخاصة، والأجراء المستقلين، والعاملات والعمال المنزليين، وبعض المهن الحرة، وغيرها من الفئات.

المادة 3

تناولت هذه المادة تقديم التعريف ببعض المفاهيم، كالأجير، والمشغل في القطاع العام والخاص، وكذلك سرد الجهات التي لها حق الدعوة للإضراب،

غير أنه لم يتم إعطاء أي تعريف لكل من الجمع العام للأجراء، والخدمات الأساسية، والإغلاق.

بالنسبة للجهة الداعية للإضراب، يلاحظ على المشروع أنه لم يتطرق لمسألة حق الهيئات المهنية والجمعيات المهنية (تجار، حرفيين، مهنيين ….) في الدعوة للإضراب، مما يعني أنه منع فئات كبيرة غير محسوبة على فئة الأجراء من ممارسة هذا الحق، وجعله حكرا على الطبقة العاملة سواء في القطاع العام أو الخاص.

المادة 4

بالنسبة لنطاق تطبيق هذا القانون من حيث الأشخاص، فالملاحظ على المادة 4 أنها ضيقت من نطاقه على مستوى القطاع الخاص، فقصرته من جهة على الأشخاص الخاضعين لمقتضيات مدونة الشغل، ليطرح التساؤل حول ما إذا كان الأمر يتعلق بالأشخاص الخاضعين لمقتضيات مدونة الشغل بشكل مطلق، أم يشمل حتى الأشخاص الذين يخضعون لمقتضات مدونة الشغل بشكل احتياطي، وهو ما يقتضي حسما لهذه المسألة، حتى لا يشكل ذلك منعا لفئات أخرى خاضعة لمقتضيات هذا القانون، ومن جهة أخرى وسعت من نطاق الأشخاص الخاضعين لنطاقه على مستوى القطاع العام.

وعليه يستحسن إضافة فئات غير الأجراء من المهنيين و العمال المستقلين و الأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاط خاص.

 

 

المادة 5

جعل الدعوة للإضراب باطلة ما دام أنها لا تستجيب للأحكام المتطلبة في الدعوة للإضراب وفق مقتضيات هذا القانون، لكن في مقابل ذلك لم يتم تحديد آثار هذا البطلان هل يتم منع الإضراب، ومن هي الجهة المخول لها منع الشروع في ممارسة الإضراب وهل يعتبر الإضراب باطلا إذا تم.

المادة 6

إن تنصيص هذه المادة على المشاركة في ممارسة حق الإضراب، توحي بأن هناك مجموعة من الفئات، المساهمين في ممارسة الحق في الإضراب، والمشاركين، والمنظمين، والمنسقين ….

بخلاف الأمر أن حق الإضراب مخول للجميع وأن القانون قد حدد الجهات المخول لها الدعوة للإضراب.

المادة 7

أول ما يلاحظ على هذه المادة أنها منعت بشكل ضمني الإضراب الفجائي، كما أنها حاولت إخراج الحق في الإضراب من الطابع العشوائي إلى طابع تنظيمي يتسم بنوع من التريث والحذر، وبذلك فإن ممارسة حق الإضراب يسبقه تقديم ملف مطلبي للمشغل، حتى يكون هذا الأخير على علم بمطالب الجهة الداعية للإضراب، لكن المشروع لم يُجب عن مسألة مهمة تتعلق برفض المشغل تسلم الملف المطلبي، وجزاء ذلك على اعتبار أن المشروع حدد جزاء عدم سلوك الجهة الداعية للإضراب لهذا الإجراء دون تحديد جزاء رفض المشغل تسلم الملف المطلبي، وكذلك آثار ذلك على ممارسة الإضراب.

وقد حُدد أجل 30 يوما كمدة مخولة للمشغل من أجل دارسة الملف المطلبي، ومن جهة أخرى للجهة الداعية للإضراب من أجل تأطير الأشخاص المشاركين في الإضراب، وذلك من أجل فتح المفاوضات بين الأطراف وفي حالة فشلها إجراء محاولة التصالح بين الأطراف.

غير أن هذا المقتضى يبقى غير واضح أولا من حيث تقسيم أجل 30 يوم على إجراء المفاوضات وإجراء محاولة التصالح، كما أن إجراء المفاوضات لم يحدد بشأنها من يبادر إلى فتح بابها خاصة في ظل توتر العلاقة بين الأطراف في هذه الظرفية، إلى جانب ذلك نجد مسألة الاتفاق على تعيين وسيط لم يُوضح المشروع مسطرتها، وطبيعتها، وكذلك طبيعة مهمة هذا الوسيط، وهل سيقوم بمهامه بشكل مجاني أم بمقابل، ومن سيؤدي هذا المقابل، ومن هي الجهة التي سيعين منها الوسيط، وما هي حدود مهمته، و ما هي الأحكام التي يجب عليه تطبيقها على النزاع، وماذا عن الحالة التي لم يتم فيها الاتفاق على تعيين وسيط من يقوم بهذه المهمة محل الأطراف.

الملاحظ كذلك أن المشروع جعل مسطرة اللجوء إلى إجراء المفاوضات إلزامية قبل ممارسة الإضراب، لكنه في مقابل ذلك جعل من اتفاق الأطراف على تعيين وسيط مجرد إمكانية مخولة للأطراف، وإذا كان الأمر يتعلق بالوساطة الاتفاقية التي نص عليها القانون رقم 95.17 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية،  فيجب أن تتم الإحالة على مقتضيات هذا القانون.

من جهة أخرى إذا كان من اللازم إجراء المفاوضات فإن المشروع لم يحسم في مسألة إلزامية اللجوء إلى إجراء محاولة التصالح بعد فشل إجراء المفاوضات، ذلك أن العبارة جاءت وفق الشكل التالي “يتعين القيام ببذل جميع المساعي اللازمة لإجراء محاولة التصالح”.

يجب الإحالة على مقتضيات الكتاب السادس من مدونة الشغل المتعلق بتسوية نزاعات الشغل الجماعية، كما ينبغي الحسم في مسألة إلزامية اللجوء إلى هذه المساطر قبل ممارسة الإضراب، حتى لا يكون هناك أي تناقض مع مقتضيات القانون التنظيمي بالنسبة لمدونة الشغل باعتبارها قانونا عاديا لا يجب أن تخالف أحكام القانون التنظيمي.

كما تجدر الإشارة إلى أنه يجب أن تكون السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، على علم مسبق كذلك بالملف المطلبي، حتى تكون على دراية بطبيعة المطالب و نوعية النزاع، لدى يتعين إدراج مقتضى إشعار السلطة الحكومية المكلفة بالشغل بنسخة من الملف المطلبي ضمن مقتضيات هذه المادة.

المادة 8

تطرقت هذه المادة لكل من شرط التنازل عن ممارسة حق الإضراب، والذي اعتبرته باطلا بقوة القانون، و إلى شرط تعليق ممارسة حق الإضراب والذي أجازته في حدود.

فبالنسبة للشرط الأول فالملاحظ أن هناك تناقضا بين هذا المقتضى وبين التعريف الذي أُعطي للإضراب في المادة الأول، والذي اعتبرته توقفا جماعيا عن العمل، كما حددت نفس المادة الجهة التي لها حق الدعوة للإضراب، في مقابل ذلك اعتبرت هذه المادة بمفهوم المخالفة الحق في الإضراب حقا فرديا، بأن منعت على الأجير التنازل عنه، كما خولته إمكانية ممارسته لوحده.

أما بخصوص شرط تعليق الإضراب فقد أجازته المادة 8 لكنها اشترطت أن يكون ذلك رهين بوجود اتفاقية شغل جماعية، (لكن هل يجب أن تكون الاتفاقية الجماعية سابقة على ممارسة الإضراب أم خلال سريانه)، وأن يتم تحديد مدة هذا التعليق، لكنها لم تورد آجالا محددة، كما فتحت نفس المادة الباب للأطراف من أجل الاتفاق على إجراءات أخرى غير ما ورد عليه النص في هذا القانون، أو في قوانين أخرى من أجل تسوية نزاع جماعي قد يحدث خلال مدة سريان تعليق الإضراب، وهنا يطرح إشكال قانوني، فما دام الحق في الإضراب سيتم تنظيم شروط وكيفيات ممارسته بموجب قانون تنظيمي، فهل يجوز أن تتضمن بعض القوانين العادية، أو اتفاقيات الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي أو حتى عقد الشغل بعض الأحكام الخاصة بممارسة الحق في الإضراب، فإذا كان القانون التنظيمي من حقه التدخل في اختصاص القانون العادي، فإن العكس غير صحيح، كما ذهبت لذلك المحكمة الدستورية، ذلك أن القانون العادي يوجد في مرتبة أدنى من القانون التنظيمي، وبالتالي لا يمكن للأول أن يتوغل بالتشريع في الثاني، كما أنه لا يجب للقانون العادي أن يخالف مقتضيات القانون التنظيمي.

المادة 9

تطرقت هذه المادة لمسألة منع عرقلة ممارسة حق الإضراب، فحددت الأشخاص المعنيين بهذا المقتضى في كل من المشغلين والمنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء، وهم كلهم أشخاص معنوية يصعب تحديد المسؤول المباشر عن الخرق، وكان يجب إضافة الأجير انسجاما مع المادة 36 التي تعاقبه هو الآخر على نفس الإخلال، إلى جانب إضافة الأغيار، أي كل شخص خارج العلاقة التعاقدية بين الطرفين، كما حددت هذه المادة الوسائل الممنوع استعمالها في الاعتداء، الانتقام، الإغراء …… وغيرها مما من شأنها الحيلولة دون ممارسة الأجراء حقهم في الإضراب.

المادة 10

جواز إحلال أجراء غير مضربين محل أجراء مضربين، عدم جواز إحلال أجراء أغيار محل أجراء مضربين.

جواز إحلال أجراء أغيار محل أجراء مضربين مكلفين بتوفير حد أدنى من الخدمة رفضوا أداء هذه الخدمة.

المادة 11

هذه المادة مكانها في الباب الأول المتعلق بأحكام عامة كونها ترتبط بمقتضى عام ومجرد

المادة 12

منع الإضراب الدائر (La grève tournante)

وهو الإضراب الذي يتم من خلال التوقف عن العمل في عدة وحدات للمقاولة بصفة متتالية ومتتابعة، بحيث يبدأ الأجراء في الإضراب في مصلحة تم ينتقل بعد ذلك إلى مصالح أخرى بالتتابع، وبذلك فإن الأجراء يتناوبون بينهم على القيام بالإضراب، إذ تضرب مجموعة من أجراء المقاولة تم تستأنف عملها، وبعد ذلك تضرب مجموعة ثانية وثالثة.

وهو من أنواع الإضراب التي تشكل عرقلة في وجه التنمية الاقتصادية، وكل من خالف هذا المقتضى يعاقب بغرامة من 2000 الى 5000 درهم.

هناك أنواع أخرى من الإضراب لم تتم الإشارة إليها، كالإضراب عن الإنتاج أو الإضراب المبرقع، والإضراب القصير المتكرر، والإضراب التضامني وإن تمت الإشارة إليه بشكل ضمني ضمن مقتضيات المادة الثانية التي اشترطت في الحقوق والمصالح أن تكون مباشرة للأجراء المضربين، بمعني جعل الإضراب التضامني بنوعيه الداخلي والخارجي ممنوعا، والإضراب الدفاعي، إلى جانب بعض الأنواع الأخرى المستجدة كالدعوة لمقاطعة المنتوج أو العلامة التجارية للمشغل.

المادة 13

منع عرقلة حرية العمل

المقصود بعرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب كل فعل يؤدي أو قد يؤدي إلى منع الأجير غير المضرب أو المشغل (ماذا عن الموردين أو الأشخاص الذين يتعامل معهم المشغل) من ولوج أماكن العمل أو من القيام بمزاولة نشاطه المهني، بواسطة الإيذاء أو العنف أو التهديد أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها.

نصت المادة 40 على أنه يعاقب على عرقلة حرية العمل بغرامة من 5000 إلى 10000 درهم، لكنها في مقابل ذلك تركت المجال مفتوحا لتطبيق مقتضيات الفصل 288 من مجموعة القانون الجنائي وغيرها من النصوص المشددة للعقاب.

تخويل قاضي المستعجلات اختصاص اتخاذ التدابير اللازمة للحيلولة دون عرقلة حرية العمل بما في ذلك وقف الإضراب.

المادة 14

الأجر مقابل العمل، الإضراب توقف عقد الشغل

المادة 15

اتخاذ قرار الإضراب على الصعيد الوطني من قبل الجهاز التداولي المختص للنقابة الأكثر تمثيلا أو ذات تمثيلية على الصعيد الوطني

المادة 16

يتخذ قرار الإضراب على صعيد المقاولة أو المؤسسة من قبل الجمع العام للأجراء.

فما المقصود بالجمع العام للأجراء، ومن يمثل هذا الجمع، وكيف يتم عقد الجمع العام، هل يجب أن يتم ذلك داخل المقاولة أو المؤسسة، أم في أي مكان آخر، وما هي الوسائل المتاحة لعقد هذا الجمع العام، وما هي الجهة التي تسهر على مراقبة مدى توفر هذا الجمع العام على الشروط القانونية للانعقاد.

وعليه يجب على الأقل إذا كان مكان انعقاد الجمع العام داخل المقاولة، أن يتم تحديد لجنة للإضراب، وأن يكون خارج أوقات العمل، وأن يوفر المشغل مكان خاص لعقد هذا الجمع، مع إمكانية حضور ممثل عن المشغل، وكذا ممثل للسلطات الحكومية.

المادة 17

يتعلق الأمر بالبيانات التي يجب أن يتضمنها قرار الإضراب سواء على الصعيد الوطني أو على صعيد المقاولة أو المؤسسة، وهو ما يعني أن قرار الإضراب يجب أن يكون مكتوبا، فما هو جزاء عدم احترام هذه الشكلية، هل يعتبر الإضراب باطلا يمكن المطالبة بإيقافه أمام القضاء الاستعجالي ؟.

المادة 18

يتعلق الأمر بتبليغ قرار الإضراب

وجوب تبليغ المشغل بقرار الإضراب 15 يوما قبل التاريخ المقرر لخوضه، وفي حالة ما إذا تعلق الأمر بعدم أداء الأجور، أو وجود خطر حال يهدد صحة الأجراء وسلامتهم فإن الأجل يُخفض إلى 5 أيام فقط.

بالنسبة لمسألة الخطر الحال داخل أماكن العمل، فإنه كان الأجدر أن تعطى لمفتش الشغل كلما تبين له وجود هذا الخطر،صلاحية الأمر بإيقاف الأشغال أو وقف النشاط إلى حين اتخاذ المشغل التدابير اللازمة لإيقاف الخطر الحال، أو على الأقل أن يفتح الباب أمام الأجراء في حالة وجود خطر يهدد صحتهم وسلامتهم في اللجوء للقضاء الاستعجالي، من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لإيقاف الخطر الحال.

إذا كان الأمر يتعلق بوجود خطر حال يهدد صحة وسلامة الأجراء، ففي هذه الحالة يجب أن لا يُربط ذلك بأجل معين، ذلك أن حياة الشخص ساعة الخطر تكون رهينة بسرعة الوسائل المتخذة لنجدته، على اعتبار أن المسألة تتعلق بأسمى حق، هو الحق في الحياة والحق في السلامة الجسدية، وهي حقوق مضمونة بموجب الدستور، قيمتها الدستورية في قيمة الحق في الإضراب والحق في الملكية.

نجد أن المادة 18 تنص على تبليغ المشغل بقرار الإضراب، والمادة 19 تنص على إحاطة المشغل علما بقرار الإضراب. و يكفي ما جاءت به المادة 18 .

المادة 20

تطرقت هذه المادة لمسألة تدبير وتسيير المضربين سواء قبل أو أثناء سريان الإضراب، فحددت بذلك مهام الجهة الداعية للإضراب، وهي من جهة الإشراف على تأطير الأجراء المضربين وتدبير مختلف مراحل الإضراب، ومن جهة أخرى السهر على ضمان استمرار الخدمات الأساسية وذلك باتفاق مع المشغل.

فإذا كانت مسألة تأطير الأجراء مسألة مفروغ منها، فإن مسألة السهر على استمرار الخدمات الأساسية بتنسيق مع المشغل تبقى مسألة صعبة التطبيق، خاصة وأن الأطراف هم في حالة نزاع، وأن من شأن ذلك التأثير على استمرار هذه الخدمات، والتصعيد من حدة النزاع.

حتى أن مسألة لجوء المشغل لقاضي المستعجلات من شأنها أن تزيد النزاع حدة  وتعقدا، وهو ما يقتضي تدخل جهاز آخر يكون أكثر قربا من الطرفين وأكثر إطلاعا على طبيعة النزاع وعلى مزاجية كلا الطرفين، ولا شك أن المديريات الجهوية والإقليمية للشغل هي الأقرب للعب هذا الدور، ولما لا إحداث مصلحة أو خلية تسهر على تتبع الإضرابات.

المادة 21

فتحت هذه المادة المجال أمام كلا الطرفين من أجل الاستعانة بمفوض قضائي من أجل تتبع ظروف سير الإضراب والوقائع المصاحبة له، وهي مسألة من شأنها أن تزيد من حدة التوتر، وخلق وضعيات ووقائع وهمية من أجل الاستفادة من هذا المقتضى، وهو ما يقتضي البحث عن وسيلة من شأنها تقريب وجهات نظر الأطراف، والنيئ بهم إلى اختلاق مشاكل أخرى مصاحبة للإضراب، فلما لا يتم خلق لجنة تتكون من ممثلين عن المصالح الخارجية للشغل والسلطة المحلية والمصالح الخارجية التابع لها نشاط المقاولة أو المؤسسة، من أجل السهر على تتبع مراحل ممارسة الإضراب، والبحث من خلالها على الحلول الممكنة.

 

 

المادة 23

نصت هذه المادة على الاتفاق المنهي أو الملغي للإضراب، فمن يبادر إلى إبرام هذا الاتفاق، ومن هي الجهة المخول لها الإشراف على تحرير هذا الاتفاق وتتبع تنفيذ مقتضياته، وما هي طبيعة هذا الاتفاق. وأثر عدم الالتزام بمضامينه من طرف أحد الطرفين أو كلاهما.

المادة 24

تطرقت هذه المادة إلى منع نقل أو ترحيل المشغل خلال مدة الإضراب، آليات وأجهزة عمل المقاولة، وهي إشكالية كانت تطرح خلال سريان الإضراب، حيث كان يعمد بعض المشغلين سيئي النية إلى ترحيل وسائل العمل كنوع من رد الفعل على الإضراب.

غير أنه يبقى من الواجب كذلك منع ترحيل وسائل العمل قبل ممارسة الإضراب، إذ غالبا ما يصل إلى علم المشغل بأن هناك بوادر للإضراب فيسارع إلى ترحيل وسائل العمل.

المادة 25

تتعلق هذه المادة في فقرتها الأولى بمنع المشغل من الإغلاق الكلي أو الجزئي للمقاولة بسبب ممارسة حق الإضراب،

لكن ماذا عن الإغلاق الذي قد يقوم به المشغل قبل ممارسة الإضراب، وما هو جزاء سلوكه هذا.

بالنسبة للفقرة الثانية هناك التباس وسوء التعبير، فهي تتحدث في البداية عن توفر حالة الإضرار بممتلكات المقاولة أو المؤسسة، و في آخر الفقرة تتحدث عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية هذه الممتلكات، إذا كيف يمكن أن نوفر الحماية إذا كانت أصلا حالة الإضرار متحققة.

كما يلاحظ أنه إذا كان المشروع منع على المشغل الإغلاق الكلي أو الجزئي بمبادرة منه، فإنه في مقابل ذلك خوله هذا الحق باستصدار أمر قضائي بذلك.

المادة 26

خولت هذه المادة للمشغل وحده الحق في المطالبة بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت المقاولة جراء الإضراب غير المشروع، وبذلك نجد أن المشروع فتح المجال لتدخل قضاء الموضوع في مسألة التعويض عن الضرر جراء الإضراب.

وكان الأجدر كذلك منح القضاء الاختصاص للبث في النزاعات الجماعية متى ما تعذر فضها بالوسائل السلمية.

كما يجب فتح المجال أمام الجهة الداعية للإضراب من أجل المطالبة بالتعويض عن عرقلة ممارسة حقها في الإضراب، أو عن الإغلاق غير المشروع للمقاولة أو الترحيل غير القانوني لوسائل العمل، كما لابد من الإشارة إلى آثار الإضراب بالنسبة للأغيار المتعاملين مع المقاولة أو المؤسسة.

إلى جانب ذلك هناك مسألة أساسية ومهمة تتعلق بالفرق بين الإضراب غير المشروع، والإضراب الممارس بشكل تعسفي، ذلك أنه إذا كان يمكن اعتبار الأول أنه كل إضراب لم تتقيد فيه الجهة الداعية له بأحكام هذا القانون التنظيمي، فإن الثاني قد تكون الجهة الداعية احترمت جميع هذه الأحكام، لكنها خرجت بحق الإضراب عن مساره أو عن نطاقه كحق.

المادة 27

تناولت هذه المادة مسألة منع الأجراء المضربين من احتلال أماكن العمل خلال سريان الإضراب، وهو ما يعني أنه لا يجب ممارسة الإضراب داخل أماكن العمل سواء كان مقاولة أو مؤسسة، أي أن الإضراب يكون خارج المقاولة أو المؤسسة، وهو ما قد يشكل تداخلا مع الاجتماعات العمومية والمظاهرات في الطرق العمومية المنظمة بموجب ظهير 1958 بشأن التجمعات العمومية، خاصة وأن هذا الأخير يسمح للهيئات المنظمة بصفة قانونية وكذلك المنظمات النقابية بحق ممارسة حق التجمع والتظاهر في الطرق العمومية.

وهو ما من شأنه أن يمنع بعض الأنواع التي لا يمكن أن تدخل في مفهوم الإضراب، كالاعتصام، والوقفة، …….

المادة 34

حددت هذه المادة المرافق الحيوية مع توفير الحد الأدنى من الخدمة في هذه المرافق، غير أن الملاحظ هو غياب أي دور للسلطة الحكومية المكلفة بالشغل في تحديد الحد الأدنى من الخدمة.

الباب الخامس المتعلق بالعقوبات

الملاحظ على هذا الباب أن جميع الجرائم المنصوص عليها فيه عبارة عن جنح ضبطية، معاقب عليها بغرامة، أقصى حد لها يتراوح ما بين 20.000 و  50.000 درهم، وأدناها ما بين 2.000 و 5.000 درهم، بالإضافة إلى عقوبة حبسية واحدة تتمثل في الحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر.

وتجدر الإشارة إلى أن المشروع فتح المجال لإعمال المقتضيات الجنائية الأشد المنصوص عليها في نصوص قانونية أخرى كمجموعة القانون الجنائي.

كما أنه تم منح اختصاص تحرير محاضر المعاينة وإثبات المخالفات لأحكام هذا القانون التنظيمي لضباط الشرطة القضائية، وهو ما يجعل من المخالفات التي تم إدراجها ضمن مقتضيات مشروع هذا القانون، تندرج ضمن جرائم الحق العام، وكان الأجدر أن يعطى لها طابع الجرائم التي تدخل في باب القانون الجنائي للشغل، و أن تبقى متسمة بطابعها الاجتماعي، وهي التي تخضع لسلطة مفتشي الشغل.

كما يلاحظ غياب أي دور لجهاز تفتيش الشغل ضمن مقتضيات هذا المشروع، مع العلم أن هذا الجهاز يبقى دائما في علاقة مستمرة بالأطراف، وله إلمام كبير بطبيعة هذه العلاقة، وبوسائل تدبير نزاعات الشغل الجماعية، ولا شك أنه سيكون له دور كبير في هذا المشروع إن هو تم تمكينه من الوسائل والآليات اللازمة للاشتغال.

ختاما لقد أقرت الهيئات المشرفة لمنظمة العمل الدولية، أن مثل هذه الشروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب، يجب أن تكون معقولة ولا يجب بأي حال من الأحوال أن تُفرض قيود على وسائل التحرك المتاحة للمنظمات النقابية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع المعتمدة:

  • الحاج الكوري، إشكالية تنظيم وتقنين ممارسة حق الإضراب بين القانون الدولي والتشريعات المقارنة، مطبعة المعارف الجديدة، 2012.
  • الإضراب والإغلاق بين التقييد والإطلاق، سلسة الندوات والأيام الدراسية، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، 2009.
  • محمد الكشبور، قانون الإضراب سيخدم بالدرجة الأولى مصلحة أرباب المقاولات، مجلة المناهج، عدد مزدوج 9/10، 2006.
  • عبد اللطيف خالفي، الوسيط في مدونة الشغل، الجزء الثاني، علاقات الشغل الجماعية، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، 2004.
  • محمد الشرقاني، مدى مشروعية الإضراب العمالي بالمغرب، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال الرباط، 1990/1991.
  • سفيان ايت بن علي، إشكالية ممارسة حق الإضراب بالمغرب دراسة مقارنة، رسالة لنيل شهادة الماستر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا، 2015/2016.
  • https://juriscassation.cspj.ma/Decisions/RechercheDecisions.
  • Cour de cassation, civile, Chambre sociale, 22 octobre 2014, 13-19.858 13-19.859 13-19.860, Publié au bulletin, https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000029632673/.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى