تقرير حول الندوة الوطنية المنعقدة في رحاب كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية السويسي، بتاريخ 24 ماي 2022 حول مستجدات مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي – نـــــزهة الكـــــــرار
تقرير حول الندوة الوطنية المنعقدة في رحاب كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية السويسي، بتاريخ 24 ماي 2022 حول مستجدات مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي
من إنجاز الطالبة الباحثة:
نـــــزهة الكـــــــرار
ماستر قانون المقاولة
كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية
السويسي ـ الرباط
الفوج الثامن
2021/2022
انعقدت يومه الثلاثاء 24 ماي 2022 برحــــــاب كلية العلوم القانونيــــــة والاقتصادية و الاجتماعية السويسي، ندوة وطنية علمية حول موضوع مستجدات التنظيم القضائي رقم 38.15، وذلك في سياق الرسالة العلمية والأكاديمية التي يضطلع بها مختبر الدراسات و الأبحاث القانونية و السياسية و في إطار الأنشطة العلمية التي ينظمها.
وقد حضر هذا الحفل ثلة من المهنيين و الممارسين من قضاة و محامين وبرلمانيين وكذا الأساتذة و الباحثين، وعلى رأسهم الفقيه الأستاذ عبد الوهاب المريني، فضلا عن حضور عدد كبير من الطلبة الباحثين من سلكي الدكتوراه و الماستر وكذا طلبة الإجازة…
وقد افتتح السيد عزالدين غفران عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية ـالسويسي، أشغال هذه الندوة العلمية بالترحيب بالسيدات والسادة المشاركين في أشغال هذه التظاهرة العلمية وكذا بالحضور الكريم، كما تقدم بالشكر لمنسقة و صاحبة البادرة الطيبة في تنظيم هذه الندوة، السيدة حسنة الرحموني، ونوه السيد العميد بأهمية عقد مثل هذه المحافل العلمية لنشر العلم وصقل مواهب الطلبة، وأشار إلى أن الكلية تعتزم في الأيام القادمة تنظيم ندوة أخرى حول المناهج الجديدة للقاعدة القانونية، كما تحدث عن بعض الأمور المرتبطة بالقاعدة القانونية باعتبارها ظاهرة اجتماعية…
بعد ذلك أعطى السيد العميد الكلمة للسيد محمد جناح ممثل المجلس الأعلى للسلطة القضائية والذي ندد بحسن اختيار موضوع الندوة، وأورد أنها تأتي في سياق نقاش قانوني دستوري لبعض مقتضيات هذا المشروع خاصة على مستوى المستجدات، والتي تؤكد على أن هذا المشروع له امتدادات دستورية و حقوقية قائمة على استيعاب مختلف جوانب إصلاح التنظيم القضائي بدءا بالمبادئ العامة وقواعد تنظيم عمل الهيئات القضائية، ثم منظومة تدبير المحاكم و حقوق المتقاضين وتأليف المحاكم واختصاصاتها، ثم الإشراف القضائي عليها وغيرها.
وأشار السيد محمد جناح إلى ضرورة التنويه بالمجهود المبدول من طرف وزارة العدل و بتنسيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وفق قناعة راسخة بأن تحقيق عدالة فعالة و ناجزة رهين بوجود قانون تنظيم قضائي ملائم للبيئة القضائية ببلادنا، وأن المجلس لم يدخر جهدا في سبيل إغناء مضامين هذا الورش القانوني.
وفي نفس السياق، أشار السيد ممثل رئاسة النيابة العامة السيد عبد الحكيم الحكماوي، إلى أن هذا المشروع جاء ليترجم إرادة ملكية سامية تهدف إلى تقريب الإدارة القضائية من المتقاضين، ولا شك أن مصادقة مجلس النواب بالإجماع على هذا المشروع في إطار قراءة ثانية تعتبر تتويجا لمسيرة متراكمة من تبادل الرؤى و التصورات بين مختلف الفاعلين في مجال العدالة، وأن النيابة العامة كانت جهة فاعلة في النقاش المثمر لمسطرة إقرار مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، التي كانت محل شد وجذب، وخاصة تلك المتصلة بتنظيم النيابة العامة بالمملكة وما يتعلق بعملها اليومي، وذلك من خلال إبداء رأيها حول العديد من النقاط، وقد تطرق الأستاذ إلى قرار المحكمة الدستورية رقم 19/89 عدد 041/19 بتاريخ 08 فبراير 2019 الذي رسم الحدود بين السلطة القضائية ووزارة العدل…
بعد ذلك تناول السيد ممثل وزير العدل السيد بنسالم أوديجا الكلمة، وتحدث عن ظروف الاشتغال عن هذا المشروع الذي انطلق مع الوزراء السابقين للعدل منذ أن أحيل على البرلمان، وقال بأن القناعة و الايمان بقضاء مستقل لا ينازع فيه اثنان، وأنه لا يجوز لأحد المساس باستقلال القاضي، وأعقب أن التدبير المالي والقضائي للمحكمة ليس مجالا صرفا للسلطة الحكومية المكلفة بالعدل إنما هو مجال مشترك مع السلطة القضائية، وأنه صار من مسؤولية القاضي داخل المحاكم تدبيرها ماليا وإداريا…
أما السيد عبد المنعم كداري رئيس مختبر الدراسات والأبحاث القانونية و السياسية، فقد تحدث عن ضرورة انخراط الطلبة في سلك الدكتوراه في مختلف أشكال الأنشطة العلمية للرفع من جودة البحث العلمي وكذا الرفع من عدد المنشورات العلمية، مشيرا إلى إحصائيات عن النشر العلمي تأتي في مقدمته اللغة الاجليزية ب 89% واللغة الفرنسية ب 9 % و 2% لباقي اللغات.
أما الأستاذ رئيس شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السيد محمد محبوبي، فقد استحضر صيرورة تاريخية للتنظيم القضائي مشيرا إلى تجربة انجلترا العريقة في هذا الصدد، وقال أن التطورات الحاصلة في المجتمع فرضت تعديل وإصلاح التنظيم القضائي المغربي ليتلاءم مع ما هو حاصل اليوم لتحقيق نجاعة قضائية،،،
وفي ختام الكلمات الافتتاحية للمشاركين، أخذت السيدة حسنة الرحموني منسقة الندوة الكلمة، وهي أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، ورحبت بالسادة والسيدات المشاركين والحاضرين، وأوجزت تشخيصا مقتضبا لمكامن القصور في ظهير التنظيم القضائي الحالي، وتساءلت ما إذا كان مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي الجديد تجاوز الإشكالات المطروحة، وما إذا كان واكب مستوى تطلعات المجتمع من خلال تطوير هيكلة المحاكم وتمكين المتقاضين من حقوقهم وفق مسطرة سريعة و فعالة، أم أنه مجرد تكريس لمبادئ التنظيم القضائي الحالي، وما هي مستجدات هذا المشروع وأهم الإصلاحات التي جاء بها، وما هي إشكالات النص الجديد وأثرها على حقوق المتقاضي و الأمن القضائي؟
وقد سطرت الأستاذة أهداف الندوة في أربعة:
- إحياء النقاش العمومي حول مشروع قانون التنظيم القضائي لأن الندوة تضم ثلة من الباحثين والممارسين الذين سيغنون النقاش…
- تحليل مختلف مواطن القصور التي تعتري قانون التنظيم القضائي الحالي
- تناول الإصلاحات التي يتضمنها مشروع ق.ت.ق 38.15 المذكور ومدى معالجته لثغرات النصوص الحالية.
- تقييم أهم مستجدات مشروع ق ت ق 38.15 وأثرها المباشر على حقوق المتقاضي.
وقسمت الأستاذة أشغال الندوة إلى محورين:
- اللآليات القانونية في مشروع القانون 38.15 الهادفة إلى تحقيق الأمن القضائي.
- مستجدات القانون 38.15 للرفع من نجاعة أداء المحاكم و تعزيز حكامة الإدارة القضائية.
أشغال الجلسة الأولى:
الآليات القانونية في مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم
القضائي الهادفة إلى تحقيق الأمن القضائي
رئيس الجلسة:
السيد مهدي منير أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ السويسي ـ الرباط
المتدخلــــون:
السيد محمد محبوبي رئيس شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ السويسي، مداخلته بعنوان “قراءة في أهم المستجدات المتعلقة بمبادئ التنظيم القضائي”
السيد العياشي يونس، قاض ورئيس المكتب الجهوي لرابطة قضاة المغرب )الرباط، سلا، القنيطرة(، مداخلته بعنوان “قراءة في مشروع قانون التنظيم القضائي للمملكة”
السيدة حسنة الرحموني أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ السويسي، مداخلتها بعنوان ” تقريب القضاء من المتقاضين في ضوء مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي”.
السيد عبد المهيمن حمزة أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بكلية أكدال، مداخلته بعنوان ” المنظور الجديد للأمن القضائي من خلال حقوق النتقاضي المكرسة في مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي”.
ترأس السيد مهدي منير أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالسويسي أشغال الجلسة الأولى، وقد أعطى الكلمة للسيد محمد محبوبي رئيس شعبة القانون الخاص لإبداء مداخلته المعنونة ب “قراءة في أهم المستجدات المتعلقة بمبادئ التنظيم القضائي”، وقد ركز الحديث عن مبدأي استقلالية ووحدة القضاء، وقد أشار على مستوى مبدأ استقلال القضاء إلى الفصل بين السلط الذي قال عنه بأنه مبدأ عريق يجد أصوله في تنظير مونتسكيو وأنه مبدأ دستوري يجد سنده في الفصل 107 من الدستور، وأشار الأستاذ إلى أن مقياس الحرية والعدالة مرتبط بمدى توفر استقلالية القضاء.
أما على مستوى مبدأ وحدة القضاء، فقد أشار الأستاذ إلى أن إحداث أقسام متخصصة داخل المحاكم الابتدائية صاحبة الولاية العامة، لا يعد مساسا بوحدة القضاء مادامت الأحكام متحدة وما دامت الجهة العليا للفصل هي محكمة النقض، وأن المادة 5 من المشروع جاءت لتزكي هذا الطرح.
أما المداخلة الثانية فكانت من إلقاء الأستاذ العياشي يونس، قاض ورئيس المكتب الجهوي لرابطة قضاة المغرب )الرباط، سلا، القنيطرة(، بعنوان “قراءة في مشروع قانون التنظيم القضائي للمملكة”، وقد تحدث الأستاذ عن مبادئ القضاء منها المجانية والاستقلالية وحياد القاضي، وقال بأن منظومة العدالة بالمغرب لم تكن بحاجة إلى قضاء متخصص، وتحدث عن الاطناب والحشو وتعدد النصوص في المشروع، وقال بأن بعض المقتضيات كالتنصيص عن نزاهة واستقامة وحياد القاضي كان أفضل إدراجها في النظام الأساسي للقضاة أو في مدونة للقيم، وتساءل الأستاذ هل فعلا يتوفر المغرب على قضاء مستقل؟ مشيرا إلى حجية المحاضر في المادة الجنائية، وأورد السيد أن جودة التكوين هي التي تصنع قاضيا محنكا بشخصية تفرض استقلاليتها…
بعد ذلك تناولت الأستاذة الفاضلة حسنة الرحموني الكلمة، متدخلة بمداخلة بعنوان ” تقريب القضاء من المتقاضين في ضوء مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي”، وافتتحت مداخلتها بسؤال:
هل نجح المشرع في تقريب القضاء من المواطنين؟
وقد حاولت الأستاذة مقاربة الموضوع من خلال معطيين:
1/ البعد الجغرافي: حيث أشارت الأستاذة إلى أن الخريطة القضائية بالمغرب متضخمة وغير معقلنة، وأن ميثاق إصلاح منظومة العدالة أوصى بإصلاح هذه الخريطة وإرسائها على معايير موضوعية قائمة بصفة خاصة على حجم القضايا وتقريب القضاء من المتقاضين، مع مراعاة الاعتبارات الديمغرافية والجغرافية،
وأشارت الأستاذة إلى أن تفعيل مقتضى عقد جلسات تنقلية يتصادم مع إكراهات مادية ولوجستيكية…، ونادت بإحداث أقسام متخصصة للاستهلاك إلى جانب الأقسام التجارية ةالإدارية المتخصصة كما نادى بذلك بعض الفقه..
2/ البعد الوظيفي: بحيث أن المشرع نص على إمكانية إحالة الأطراف على الوساطة، لكن الأستاذة تقترح أن تكون الإحالة على هذه الأخيرة إجبارية، وأن يتم إحداث إلى جانب المساعدة الاجتماعية مكتب للوساطة داخل المحاكم على غرار بعض الدول، ودعت إلى توفير الوسائل المادية واللوجستيكية لعقد الجلسات التنقلية…
بدوره تدخل الأستاذ عبد المهيمن حمزة أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بكلية أكدال، بمداخلة تحت عنوان ” المنظور الجديد للأمن القضائي من خلال حقوق النتقاضي المكرسة في مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي”، وقد افتتح مناقشته بسؤال حول ما إذا كان المشروع الجديد يكرس الأمن القضائي؟
ومحاولة الإجابة عن تساؤله، أشار الأستاذ إلى أن مفهوم الأمن القضائي الحديث لم يتبلور إلا مؤخرا، إلا أن هذا المفهوم متجدر في التاريخ، وأورد أن الأمن القضائي يتمركز بكل اختصار في العملية القضائية، كما أشار إلى كون حق التقاضي حق دستوري مكفول للجميع، لكنه مرتبط بمبدأ حسن النية “Le principe de bonne foi” وتساءل عن الحدود الفاصلة بين الدعاوى الجدية والدعاوى الكيدية، وما هو ضابط الفصل؟ كما تحدث عن تسهيل الولوج للمحاكم وخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة…
أشغال الجلسة الثانية:
مستجدات مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي للرفع
من نجاعة أداء المحاكم و تعزيز حكامة الإدارة القضائية
رئيسة الجلسة:
السيدة لبنى الوزاني الشاهدي، أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ السويسي ـ الرباط
المتدخلــــون:
السيد عبد الكريم المساوي محام وعضو هيئة المحامين بالرباط، شارك مداخلته بعنوان ” نجاعة أداء المحاكم على ضوء مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي”.
الأستاذة زهيرة فونتير أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال، مداخلتها بعنوان “الإدارة القضائية على ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي 38.15”.
السيد عالي الطوير، أستاذ كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية السويسي، مداخلته حول ” مظاهر إصلاح القضاء التجاري بالمغرب في ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي”.
السيد نورالدين أولاد الحسن ممثل ودادية موظفي قطاع العدل، مداخلته تحت عنوان “مستجدات التنظيم القضائي فيما يخص الرفع من النجاعة القضائية على مستوى كتابة الضبط”.
السيد وديع العيساوي ممثل الودادية الحسنية للقضاة، مداخلته بعنوان: “أي موقع للنيابة العامة في مشروع قانون التنظيم القضائي؟”،
ترأست السيدة لبنى الوزاني الشاهدي أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي أشغال الجلسة الثانية، وقد أعطت الكلمة للسيد عبد الكريم المساوي محام وعضو هيئة المحامين بالرباط، الذي شارك بمداخلة بعنوان ” نجاعة أداء المحاكم على ضوء مشروع القانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي”، وتساءل عن مصير القضاء الإداري في الوقت الذي كان فيه الدارسون و الممارسون ينتظرون إحداث جهة عليا للبت في الطعون الإدارية على غرار مجلس الدولة الفرنسي، ونادى بإعادة النظر في هذا الشأن، كما تطرق إلى مسألة المساعدة القضائية الواردة في المشروع، هل قصد بها المشرع المساعدة القضائية الموجودة لدى المحاكم العادية المتسمة بالتعقيد، أم المساعدة القضائية المعمول بها أمام المحاكم الإدارية التي تتسم بالبساطة والسرعة؟
كما أشار السيد الموساوي إلى إشكالات الإدارة الالكترونية وقال بأنها تتعارض مع التزام المحامي بضمان السر المهني، ونادى بضرورة حصر النظر في الملفات في أجل محدد بدل تركها في أجل معقول يصل أحيانا إلى سنوات عديدة، وحل إشكاليات التنفيذ…
بدورها تدخلت الأستاذة زهيرة فونتير أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكدال بمداخلة بعنوان “الإدارة القضائية على ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي 38.15″، وتساءلت هل المشروع بصيغته الحالية أنصف الإدارة القضائية وسيساعد على الرقي بمركزها نظرا للدور الذي تلعبه في العملية القضائية؟
وقد انطلقت من قراءة نقدية لمضامين المشروع الجديد، بحيث أشارت إلى أن المشرع جمع بين الجمعية العمومية بصلاحيات استشارية وبين مكتب المحكمة بصلاحيات تقريرية، وهذا ضرب في مبدأ الاستقلالية، بحيث غدت الجمعية العمومية مجرد إطار باهت على حد قول الأستاذة بدون صلاحيات تقريرية في توزيع الأشغال داخل المحكمة، وقال بأنه يسود غموض حول الجهة التي ستتولى تعيين رؤساء الغرف والهيئات إضافة إلى منح المشرع الكثير من الصلاحيات للقضاة مع تقزيم دور كتابة الضبط…
أما أستاذ كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية السويسي السيد عالي الطوير، فقد كانت مداخلته حول ” مظاهر إصلاح القضاء التجاري بالمغرب في ضوء مشروع قانون التنظيم القضائي”، وقد وقف الأستاذ عند الأقسام المتخصصة، وقال أنها تجربة كان بالإمكان الاستفادة منها بدلا من إحداث محاكم تجارية كبرى في بعض المناطق التي ليست بحاجتها كمدينة الداخلة مثلا، كما أشار إلى كون المشرع قد وقع في التناقض في عدة مواقع كتنصيصه على إمكانية إحداث قاضي السجل التجاري في المحاكم التجارية وإغفاله ذلك في الأقسام المتخصصة، إضافة إلى تناوله موقع النيابة العامة في هذه المحاكم…
وفي سياق مرتبط دائما بموضوع الندوة، تدخل الأستاذ نورالدين أولاد الحسن ممثل ودادية موظفي قطاع العدل بمداخلة تحت عنوان “مستجدات التنظيم القضائي فيما يخص الرفع من النجاعة القضائية على مستوى كتابة الضبط”، حيث قال الأستاذ أن المشروع قزم من دور كتابة الضبط رغم أنها تشكل 85 % من الموارد البشرية، ولم يفته أن يتطرق إلى تشتت النصوص المنظمة لهذه المهنة ما يحول دون تقوية الدور الهام الذي تضطلع به كتابة الضبط، وأشار إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2019 بشأن ضرورة تجميع هذه النصوص المبعثرة، كما ندد بعمل مكاتب الواجهة وأن الدولة تسعى لإحداث أرشيف رقمي للمحاكم، وتحدث عن دور كتابة الضبط في النجاعة القضائية كونها تدبر مجموعة من الأمور الكترونيا…
أما المتدخل الأخير وهو السيد وديع العيساوي ممثل الودادية الحسنية للقضاة، فكانت مداخلته بعنوان ” أي موقع للنيابة العامة في مشروع قانون التنظيم القضائي؟”، وقد أورد الأستاذ أن مشروع قانون التنظيم القضائي غارق في التضخم ويكرس مجموعة من المبادئ المنصوص عليها في العديد من القوانين وعلى رأسها الدستور كان من الأفضل عدم إعادتها تفاديا للتضخم، وقال بأن المشروع حافظ على الأدوار الكلاسيكية للنيابة العامة وكرس لها مواقع جديدة )العضوية في مكتب المحكمة وفي لجنة التنسيق…(، وتساءل عن الغاية من حضورها جلسات قضاء القرب في الوقت الذي ليس بإمكانها ممارسة طرق الطعن، وتساءل عن موقع النيابة العامة في المحاكم التجارية، ألم يحن الوقت لإضفاء الطابع الزجري لهذا الجهاز في هذه المحاكم، ألم يستفد المشرع من التجارب السابقة؟؟
وقال الأستاذ بأنه آن الأوان لتفعيل المقتضيات الزجرية للنيابة العامة داخل المحاكم التجارية، ذلك أن مستوى تفعيل القانون الجنائي للأعمال جد محتشم وفق تقارير…
وأشار الأستاذ إلى معطى في المادة 52 من المشروع فيما يخص القضاء الفردي والجماعي وقال أنه يتعارض مع الفصلين 183 و 392 من قانون المسطرة الجنائية وسيخلق مشاكل عند تطبيق القانون الجديد ونادى بإصلاح هذه المادة…
أما الأستاذ عبد اللطيف الشنتوف عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس سابق لنادي قضاة المغرب، فقد اعتذر عن الحضور في آخر لحظة لظروف مهنية خارجة عن إرادته.
وفي الختام، أود أن أقول بأن هذا العمل ما كان إلا محاولة منا تقريب أشغال الندوة من كل مهتم بالشأن العلمي القانوني، ونأمل أن نكون قد وفقنا ولو جزئيا في نقل فعاليات هذه التظاهرة العلمية إلى القارئ، ونختم هذا التقرير بتدخل للفقيه الكبير عبد الوهاب المريني الذي جاء فيه:
“ النجاعة هي المقياس لقياس مدى تطابق القاعدة القانونية مع غايتها، ومادام لم يطبق المشروع بعد على أرض الواقع فلا يمكن أن نتحدث عن النجاعة القضائية“
لا تنسونا ووالدينا بصالح الدعاء، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته