في الواجهةمقالات قانونية

تقرير مفصل عن الندوة العلمية الوطنية حول موضوع ظاهرة التطليق بين اكراهات الواقع والممارسة القضائية: جهة مراكش اسفي نموذجا  إعداد التقرير : إبراهيم الدنفي طالب باحث بسلك الماستر المتخصص قانون الأسرة وقواعد الفقه المالكي

تقرير مفصل عن الندوة العلمية الوطنية حول موضوع

ظاهرة التطليق بين اكراهات الواقع والممارسة القضائية:

جهة مراكش اسفي نموذجا 

إعداد التقرير :

إبراهيم الدنفي طالب باحث بسلك الماستر المتخصص قانون الأسرة وقواعد الفقه المالكي

بطاقة تعريفية عن الندوة:

في إطار برنامج ابن خلدون

لدعم البحث العلمي في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية

 المشروع البحثي حول ظاهرة الطلاق والتطليق بين اكراهات الواقع والممارسة القضائية – جهة مراكش آسفي نموذجا-

نظم مختبر الدراسات القانونية المدينة والعقارية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش ندوة علمية وطنية حول موضوع “ظاهرة التطليق بين اكراهات الواقع والممارسة القضائية –” جهة مراكش آسفي نموذجا”، يومي 04 و 05 نونبر 2022 بالكلية متعددة التخصصات بآسفي بمشاركة باحثين  ومهنيين و أساتذة جامعيين.

الجلسة الافتتاحية:

         استهلت الندوة بكلمة افتتاحية للسيدة عميدة الكلية متعددة التخصصات بآسفي توجهت من خلالها بالشكر لكل الحضور ،وعرفت بموضوع الندوة وأهمية مؤسسة الزواج باعتبارها المبدأ وأن الطلاق او التطليق هو الاستثناء ،كما قام السيد الرئيس الأول للمحكمة الاستئناف بآسفي بتوجيه كلمة افتتاحية بدئها بشكر الحاضرين وتذكير بأهمية وقيمة هذه الندوة العلمية ، كما قام الدكتور حسن الحمامي رئيس شعبة القانون بالكلية متعددة التخصصات بآسفي بتأكيد على أهمية الندوة من خلال تناول ظاهرة التطليق من زوايا مختلفة ووجهات نظر مختلفة، وفي مستهل المداخلات الافتتاحية ألقى الدكتور محمد محروك منسق المشروع البحثي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش مداخلة افتتاحية بين من خلالها على الدعم الذي لقاه المشروع البحثي من مختلف الفاعلين وهذا بمثابة فخر للجامعة ،وهذا دعم راجع للأهمية البالغة التي يكتسبها هذا الموضوع وهو تفشي ظاهرة الطلاق والتطليق والهدف من هذه الندوة هو محاولة الوقوف على أسباب هذه الظاهرة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو قانونية.

      وفي نفس السياق تحدث السيد مدير مختبر الدراسات القانونية المدنية والعقارية أن موضوع الندوة سيتم تناوله من شقين ، شق موضعي وشق نظري ،مبرزا الرعاية السامية التي أولتها المؤسسة الملكية لمؤسسة الأسرة.

         كما أن الكلمة الافتتاحية لم تكون قاصرة على الأساتذة الجامعيين بل تدخل مجموعة من المهنيين في مجال العدل منهم السيد مصطفى الشوكي ممثل هيئة المحامين بآسفي تناول من خلال كلمته تعدد اسباب طلاق ومعرفة هذه الأسباب كفيل في ايجاد حلول لهذه الظاهرة ،والهدف من هذه الندوة هو معرفة الدوافع إلى الظاهرة ومحاولة تقديم مقترحات للتخفيف من أثارها، وفي مداخلة أيضا للسيد ممثل عدول استئنافية اسفي بين من خلالها أن تغير الأحوال والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتأثيره على مؤسسة الأسرة وأن التحكيم مهم في فض الخلافات الأسرية ، وثمن أهمية ودور مؤسسة العدول في تأطير المقبلين على الزواج ، واختتمت الكلمة الافتتاحية عن طريق السيد ممثل المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين.

الجلسة العلمية الأولى:

         افتتحت الجلسة العلمية الأولى بمداخلة للسيد الدكتور عبد العزيز ادزني أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة حول “الإجراءات المسطرية لدعوى التطليق” ،تناول من خلالها هذه الإجراءات بكونها تقدم في شكل مقال مكتوب أو في شكل تصريح شفوي لأحد اعوان كتابة الضبط كما تحدث على الاختصاص النوعي، وأن الجهة المختصة في البث في قضايا الأسرة هي المحكمة الإبتدائية قسم قضاء الأسرة وهذا الاختصاص من النظام العام، وهذا القسم لا يبث في باقي القضايا الأخرى والعكس صحيح ، كما تطرق السيد الدكتور للإختصاص المحلي وأنه مخالف للمبدأ العام الوارد في الفصل 27 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أن المحكمة المختصة مكانيا هي محكمة المدعى عليه بينما في قضايا الأسرة فالاختصاص موكول لمحكمة بيت الزوجية أو محكمة مقر الزوجة أو محكمة ابرام عقد الزواج ،وطرح اشكال حول كون هذا الترتيب ملزم أو اختياري إلى أحد أطراف؟.

         وبحسب رأيه على أن هذا الترتيب اختياري نظرا للتوظيف عبارة “أو” ، وأن الاختصاص المحلي ليس من نظام العام ، كما تحدث على إلزامية تعيين المحامي وأن دعوى التطليق معفاة من تعيين محامي ، وأن المبدأ العام هو المسطرة الكتابية والاستثناء المسطرة الشفوية، ودعوة النفقة مستثناة من إلزامية تعيين محامي مع إلزامية أداء الرسوم القضائية.

        وللإبراز الواقع العملي  لهذه الظاهرة تطرق الأستاذ عزيز فاكس وهو قاضي بالمحكمة الإبتدائية باليوسفية ، في مداخلة بعنوان “ظاهرة التطليق بين الواقع والقانون – قسم قضاء الأسرة باليوسفية نموذجا”، تحدث عن كون النصوص   القانونية الخاصة بالتطليق أصبحت معطلة وأصبح اللجوء لمسطرة التطليق للشقاق أكثر من اللجوء لمساطر التطليق الأخرى، نظرا لعدم الإثبات في هذه المسطرة، كما تطرق للحديث عن الوكالة في التطليق في مدونة الأسرة فهناك بعض الحالات تأخذ بالوكالة وحالات أخرى لا تأخذ بها ، وذلك راجع للأسباب اللجوء لهذه الوكالة والمانع من الحضور الشخصي.

        كما طرح إشكالات في ما يخص منع الزوجة من نفقة المتعة ، وذهبت أغلب الاتجاهات إلى عدم استحقاق الزوجة المتعة إذا كانت طالبة التطليق للشقاق ، وأشار الأستاذ إلى أن هناك اختلاف بين الطلاق والتطليق في مسطرة التوصل ، وعرض بعض الأسباب التي قد تكون سبب للتطليق منها العنف وغياب المسؤولية وغيرها من الأسباب الأخرى.

         وتماشيا في نفس النهج المتعلق بالواقع العملي لهذه الظاهرة تطرقت الأستاذة كنزة العلوي قاضية التوثيق بالمحكمة الابتدائية بآسفي في مداخلة تحث عنوان “الإشكالات العملية في تحديد مستحقات الزوجة والأبناء في مسطرة التطليق للشقاق”، تحدث فيها عن محاولة الصلح كإجراء مسطري مهم تقوم به المحكمة وبعد فشله تأتي باقي الإجراءات الأخرى، ثم تعرضت لمستحقات الزوجة ونفقة الأبناء و الإشكالات التي تواجه العمل القضائي في تحديد المستحقات ، واشكالية الحصول على دخل الحقيقي  كما أن هناك  عدم إلزامية الزوج بتقديم وثائق حول دخله الحقيقي.

      وللمحاولة من أجل تعرف على الدخل الحقيقي لزوج وذلك من خلال قراءة  للقانون 31.13 المتعلق بالحصول على المعلومة ، غير أن الواقع العملي أثبت فشل هذا الإجراء القانوني بالتالي اللجوء لرئيس المحكمة من أجل استصدار أمر من أجل الحصول على وثيقة تثبت دخل زوج ، وإثبات دخل زوج تبقى على عاتق الزوجة  وخاصة في حالات مثلا كون زوج خارج أرض الوطن.

         وفي نفس الموضوع تناول الأستاذ مولاي اسماعيل العلوي طالب باحث بسلك الدكتوراه، “قراءة في بعض إشكالات التطليق الغيبة”، وجاء في هذه المداخلة أن التطليق الغيبة هو حق الزوجة فقط بحسب المواد 104-105-106من مدونة الأسرة، كما طرح إشكالية حول حساب أجل الغيبة المحدد في سنة خاصة عندما يكون بشكل متقطع ، والغيبة المقصودة بحسب مدونة الأسرة هي الغيبة المتواصلة، كما طرح إشكالية بخصوص ادراج عدم الغيبة في عقد الزواج وبالتالي استفادة الزوجة في دعوى التطليق على شرط وليس على المرونة، وعرف الغيبة أنها عدم إقامة الزوج بنفس البلدة اما إذا كان بنفس البلدة فليس غيبة فهو بمثابة هجر ، والغيبة بسبب الحبس أو السجن وهو حكم على الزوج عقوبة تتجاوز تلاث سنوات يجوز طلب تطليق بعد مرور سنة.

       وفي ختام الجلسة العلمية الأولى تناول الأستاذ مروان عباسي باحث بصف الدكتوراه محور ” دور الحكمين في إصلاح بين الزوجين”، وجاء في هذه المداخلة ، أهمية الصلح بين الزوجين ويجوز إجراء الصلح خارج قاعة المحكمة وتناولته مدونة الأسرة في المواد 82-95-96  ، كما أن المشرع لم ينظم كيفية انتداب الحكمين ، وطرح مجموعة من الأسئلة حول إجراء مسطرة الصلح عن طريق الحكمين ، وتطرق لشروط الحكمين حسب الفقه المالكي وهي الذكورة و الفقه و الرشد ، ووجه عتاب للمشرع لعدم تنظيم مؤسسة الحكمين وفتح مجال سلطة تقديرية للقضاء في تعيين الحكمين من طرف القاضي.

الجلسة العلمية الثانية:

       استهلتها الدكتورة فردوس الروشي أستاذة بالكلية متعددة التخصصات بآسفي بعنوان ” طلب الإذن بالتعدد: اختيار الزوجة بين  القبول أو التطليق”، تناولت من خلالها مسطرة التعدد الواردة في مدونة الأسرة والشروط التي تتأسس عليها من خلال المبرر الموضوعي والاستثنائي والقدرة المالية على إعالة أسرتين ، كما تناولت حالة رفض الزوجة لتعدد وسلوك مسطرة التطليق للشقاق.

        وفي كلمة لرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بآسفي ، الأستاذ محمد الشتيوي أنه وجب وضع صياغة جديدة وحديثة لمدونة الأسرة، والمساواة بين الرجل والمرأة في ممارسة الحق في الطلاق، وطرح اشكالات فيما يخص تقديم دعوى التطليق للشقاق بنسبة للزوجة عديمة الأهلية، تطرق أيضا لمسطرة التوصل الشخصي بالاستدعاء حيث هناك غموض حول توصل العادي طبقا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية ، كما تحدث عن الوكالة في الطلاق والتطليق وتساءل عن سبب عدم التنصيص عليها في مدونة الأسرة.

     أما بخصوص تعرضه لموضوع التطليق عن طريق الوكالة ، خاصة وأنه ولم يتم التنصيص عليها فيما يخص الطلاق والتطليق ، فقد انقسم العمل القضائي إلى قسمين:

الاتجاه الأول: يأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق وسنده في ذلك المادة 400 من مدونة الأسرة.

الاتجاه الثاني: لا يأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق لكونها تضرب في صلب إجراء جوهري وهو الصلح ولما يتطلب من ضرورة لحضور الطرفين.

         كما طرح السيد الرئيس إشكالا متعلقا بعدم تعريف المشرع لتطليق للشقاق ، لأن المحاكم تأخذ بجميع الأشكال التي تبني عليها التطليق للشقاق ، وفي هذا الموضوع قدم السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بآسفي مقترحا بوضع تعريف للشقاق وتحديد حالاته ، وختم بالحديث عن المادة 121 من مدونة الأسرة، المتعلقة  بالإجراءات الوقتية لمستحقات التطليق فيما يخص تماطل الزوج في وضع المستحقات خاصة عندما تكون الزوجة هي طالبة التطليق، وبالتالي وجب وضع مقتضى قانوني يلزم الزوج بوضع المستحقات قبل صدور الحكم بالتطليق.

        الدكتور هشام العلالي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة تناول مداخلة تحث عنوان موقف العمل القضائي من مستحقات المطلقة والأبناء، تحدث على أن ووجوب مراعات دخل الزوج في تحديد مستحقات الزوجة،  وأن تقدير دخل الزوج يخضع لضوابط فمثلا كون للزوج عقارات لا تدر دخلا على زوج لا يمكن اعتبارها دخلا، وكذلك مستوى الأسعار وحالة مستحقي النفقة، فالواقع القضائي يأخذ بدخل الزوج كمعيار أساسي في تحديد هذه المستحقات، كما أن نفقة المتعة  بحسب المادة 84 من مدونة الأسرة يراعى فيها المستوى المادي للزوج ، وفترة الزواج واسباب الطلاق أو التطليق وما مدى التعسف في اقاع الطلاق، كما طرح إشكالا حول حرمان الزوجة من نفقة المتعة في حالة الإدانة بالخيانة الزوجية ، واعتبر هذا التوجه غير سليم.

         ومن أهم المواضيع التي نوقشت أيضا بهذه الندوة وهو موضوع الوكالة في الطلاق والتطليق حيث تناول الدكتور مصطفى سيدني أستاذ بالكلية متعددة التخصصات بآسفي مداخلة بعنوان “الوكالة في الطلاق والتطليق بالمغرب بالنسبة للمهاجرين المقيمين بالخارج”، حيث استهل كلمته بتحدث عن الاختلاف بين الواقع القانوني المغربي والنظام القانوني بالخارج كما ، أنه ذكر بالانقسام الموجود ،حول الأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق، والذي ذكرناه سابقا، وهناك انقسام داخل قسم قضاء الأسرة بآسفي فيما يخص الأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمغاربة المقيمين بالخارج.

       واستمرار لنفس المقاربة المتعلقة بالبعد الخارجي لموضوع الندوة تطرق الأستاذ حامة الغويزي وهو باحث بصف الدكتوراه للموضوع يخص “النظام القانوني للطلاق والتطليق بين القوانين المغربي والفرنسي ” ،  حيث تطرق للفرق بين وجوه انحلال ميثاق الزوجية بين التشريع الفرنسي والمغربي، حيث هذا الأخير نص على الطلاق سواء كان بالاتفاق أو المملك أو الخلعي ، وأيضا التطليق سواء للشقاق أو للأسباب أخرى ، أما بنسبة للمشرع الفرنسي فتحدث في القانون المدني الفرنسي على الانفصال الجسدي بين الزوجين ، وبحسب المادة 229 من القانون المدني الفرنسي ، يكون الانفصال إما بالتراضي أو بقبول انحلال الرابطة الزوجية ، أو عن طريق التغيير الدائم في الرابطة الزوجية ،ثم الضرر.

      اختتمت هذه الجلسة بمداخلة للأستاذة إلهام حادوش باحثة بسلك الدكتوراه بعنوان “التطليق الغيبة بين تحقق الضرر وواجب التعويض”، وجاء في مستهلها أن اللجوء للمسطرة التطليق للغيبة إجراء تمارسه الزوجة ، في حالة غياب زوجها لمدة سنة أو أكثر، كما طرحت إشكالا حول عدم تحديد مستحقات الزوجة والأطفال في حكم التطليق بالغيبة ، وأيضا إشكالا يتعلق بالتنفيذ والتبليغ حيث يجهل مكان إقامة الزوج في حالة الغيبة ، كما استدلت بمجموعة من الأحكام والقرارت القضائية فيما يخص هذا الموضوع.

الجلسة العلمية الثالثة:

        افتتحت هذه الجلسة بمداخلة للدكتور محمد محروك أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش حول “خصوصيات النزاعات المرتبطة بالحضانة والنفقة بعد انحلال الرابطة الزوجية ذات العنصر الأجنبي”، وتحدث على إشكالية التمييز بين المواثيق الدولية والقوانين الوطنية ، وعن تقديم المواثيق الدولية عن القوانين الداخلية، كما تحدث على نموذج الزواج المختلط على مستوى القضاء التونسي ، والذي راعت فيه المحكمة إسناد الحضانة بناء على المعيار الديني في الحكم الابتدائي والاستئنافي ، أي أن محكمة التمييز التونسية راعت مصلحة المحضون  في حكمها هذا .

     أطوار الجلسة العلمية الثالثة تدخل الدكتور عبد المالك مقور استاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة بعنوان “الوسائل البديلة لحل النزاعات الأسرية وإنجاح مؤسسة الزواج”، تطرق في البداية بتحديد المقصود بالوسائل البديلة لحل النزاعات ، حيث اعتبرها مجموعة من الأليات التي يمكن اعتمدها لحل النزاعات، بمشاركة وموافقة أطرافها وهي ليست بديلة عن القضاء لأنها تجري تحث مراقبته، وهذه الوسائل نظمها في العديد من القوانين ومن أبرزها مدونة الأسرة و قانون المسطرة المدنية ، ومن هذه الوسائل هي التحكيم والوساطة و الصلح.

       عرف الفقهاء الصلح بكونه ذلك الإجراء الذي يرفع به التشاجر والتخاصم بين الخصوم، كما وقع تعريفه من طرف المشرع في قانون الإلتزامات والعقود في الفصل 1098 ، كما أكد على أن الصلح في مدونة الأسرة له طابع إجرائي، ولا يتعلق بأصل الحق ، كما قام بمقارنة بين اجراءات الصلح في مدونة الأسرة ومدونة الأحوال الشخصية ، كما أن السند القانون في مدونة الأسرة الصلح جاء في المواد 81 و82 من المدونة .

        كما تناول فضيلة الدكتور إجراء الوساطة ، وهو إجراء يقوم به طرف محايد عن طرف المتنازع ، ومن خصائصها أنها اختيارية والسرية ومرنة ومشاركة أطراف النزاع ،واستمرارا في التفصيل في هذه الوسائل ومنها الصلح حيث جاء في كلمة لدكتور المعروفي الزبير قاض بالمحكمة الابتدائية بتطوان مداخلة بعنوان “معيقات الصلح في مسطرة التطليق للشقاق”، وتناول الخاصية الفريدة لمدونة الأسرة بين الجمع بين القواعد الإجرائية والقواعد الموضوعية، وأن مسطرة الصلح هي مسطرة أساسية وجوهرية وليست اختيارية، وسبب فشل مسطرة الصلح في غالب الأحيان هو بسبب معيقات قانونية ومعيقات واقعية.

       كما أن الإجراءات المتعلقة بالاستدعاء هي اجراءات غير كافية ولا تحقق النتائج المرجوة ، كما أن هناك إشكالية الطلبات العارضة التي تعيق مسطرة الصلح ،كما يطرح اشكلا يتعلق بتعيين القيم في مسطرة الصلح في حالة عدم معرفة عنوان أحد الأطراف ، يضاف إلى  هذا التضارب الاصطلاحي فيما يتعلق بالاستماع لشهود في مسطرة الصلح ، لأن المسطرة هنا ليست تنازعية ، كما أن يطرح اشكلا عندما يتعلق الأمر بعدد جلسات الصلح، حيث هناك جلستا صلح في حالة وجود أطفال ، ولكن عندما يكون الأطفال رشداء هل يعمد إلى جلستي صلح أم لا؟.

       وفي نفس المسار الإجرائي تطرق الأستاذ محمد الأمين بن زغار طالب بسلك الدكتوراه إلى “التوازن الإجرائي في دعوى التطليق للشقاق”،  اشتراط التوصل الشخصي للزوجة في مسطرة الطلاق ، وفي مسطرة التطليق للشقاق وجب تنصيص على التوصل الشخصي للزوجين، وأن مدونة الأسرة حسب رأيه فهي جاءت لحماية الطرف الضعيف وهو الزوجة ، ويتبين ذلك من خلال مجموعة من القواعد الإجرائية والموضوعية في مدونة الأسرة ، وأن مسطرة التطليق للشقاق فهي بحسب رأيه فهي مسطرة للزوجة أكثر من أنها للزوج، كما تناول المعيقات التي تتصدى للمسطرة الصلح ، وهذه المعيقات قد تكون بشرية أو اللوجيستيكية  ، كما على مسطرة الصلح أن تتعدى مقر المحكمة إلى بيت الزوجين ، وانتقالا لأهم الأثار المترتبة على إنهاء العلاقة الزوجية هو مداخلة للأستاذة منال خرازي باحثة بسلك الدكتوراه حول ” حماية الطفل بعد التطليق – الحضانة نموذجا”، جاء في نص هذه المداخلة على أن الحضانة حق لزوجين في حالة قيام العلاقة الزوجية ، والغاية من هذه الحضانة هو حماية الطفل.

      والمشرع المغربي أعطى أولوية للأم في الحضانة وربط  سقوطها عنها بمجموعة من الشروط ، كما أن المشرع وضع مجموعة من الشروط لمستحقي الحضانة ومن أهمها:

  • الرشد القانوني لغير أبوي المحضون.
  • الاستقامة والأمانة.
  • القدرة على تربية المحضون وصيانته.

كما تفضلت الأستاذة بمجموعة من الأحكام الإجرائية والموضوعية متعلقة بالحضانة.

 

الجلسة العلمية الرابعة:

      وبالرجوع للدلالات الواقعية لظاهرة التطليق ، جاء في مداخلة لدكتور احماد ايت لمهاوض أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش مداخلة بعنوان” سياق ودلالات ارتفاع حالات التطليق بالمغرب”، وقام بمقارنة بين حالات التطليق في مدونة الأسرة ومدونة الأحوال الشخصية ،وأن ارتفاع نسب تطليق راجع بالأساس لأزمة في منظومة القيم ، ومن الأسباب القانونية المساهمة في ارتفاع نسب التطليق هو سن المشرع مسطرة التطليق للشقاق ، وهذا سبب قانوني، وأما الأسباب الاجتماعية لإرتفاع نسب التطليق هو تأثر المجتمع المغربي بالمجتمعات الغربية وهذا أثر على منظومة القيم وأثره على  العلاقة الزوجية بشكل خاص ويعكس دلالات سلبية وهي:

  • فقدان الرجل لمكانته داخل المجتمع
  • الأسرة لم تعد قادرة على حل المشاكل البسيطة

أما الدلالات الإيجابية أهمها:

  • كون المرأة تحررت وحققت مالم تحققه في ظل مدونة الأحوال الشخصية.

       وهذا ما أكده الدكتور سليمان مقداد أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش خلال مداخلته “أزمة منظومة القيم ودورها في تنامي ظاهرة التطليق”، حيث يرجع حسب الدكتور ارتفاع نسب التطليق إلى خلل في الوازع الديني وأزمة القيم ، وأن الصلح وجب أن يتدخل قبل حدوث الشقاق وليس بعده، فبعد الشقاق يصبح الصلح مجرد تصرف اجرائي فقط ، كما ذكر فضيلة الدكتور على أن بعد اطلاعه على أكثر من 600 حكم قضائي، أستنتج أنها تشير إلى أسباب غير حقيقية لتطليق ، وهذا راجع بالأساس إلى إنهيار منظومة القيم والأخلاق ، وعدة مسببات من أهمها:

  • التعسف في استعمال الحق في إيقاع التطليق
  • وسائل التواصل الاجتماعي وما تطرحه من مشاكل تساهم في تفكك الأسري
  • عدم الإحساس بالمسؤولية من طرف الزوجين
  • التفتح على الثقافات الغربية.

وختم بالقول على أن إنهيار الأسرة كفيل بإنهاء المجتمع.

       وبالعودة إلى البعد القانوني للموضوع من خلال مداخلة لدكتور البشير عدي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بأكادير بعنوان “أثار انحلال ميثاق الزوجية في التشريع المغربي”، حيث انتقد تعامل القضاء مع مفهوم الشقاق لأنه يناقض النص القانوني وخاصة المادة 400 من مدونة الأسرة، التي أحالت على الفقه المالكي لأن مفهوم الشقاق في الفقه المالكي له مفهومان ، مفهوم عام ومفهوم خاص فهذا الأخير يقصد بشقاق من خلاله هي الحالة التي يكون فيها إضرار لطرفين، أو يكون إضرار دون أن يعرف السبب.

      وهذا مفهوم ضيق للشقاق وعندما وسع القضاء منه أصبح يستوعب كل أنواع التطليق، فالقضاء تساهل على مستوى إثبات التطليق للشقاق ، لأن المشرع افترض الشقاق في مسائل معينة ومحددة، وهذه المسائل على الشكل التالي:

  • حالة رفض التعدد من قبل الزوجة
  • الإخلال بالواجبات بين الزوجين
  • في حالة عدم رجعة الزوجة بعد مراجعتها من الزوج
  • عدم الاتفاق على مقابل الخلع
  • عدم إثبات الضرر

     ويرى فضيلة الدكتور على أن الأصل في مسطرة الشقاق هو الإثبات، وأن مسطرة التطليق للشقاق فهي مسطرة غير جديدة ،وارتبطت بالتطليق للضرر في مدونة الأحوال الشخصية.

      أما بخصوص الأثار المتعلقة بمسطرة التطليق للشقاق خاصة بما يتعلق بالحقوق المالية، تناولها الأستاذ هشام منعم قاض بالمحكمة الابتدائية بآسفي تحث عنوان “محاولة في تحليل مدى تأثير التطليق للشقاق على الحقوق المالية لأفراد الأسرة دراسة على ضوء العمل القضائي”، وهذه الأثار تتوزع بين أثار متعلقة بالزوجة وهي في حالة انحلال الرابطة الزوجية بالشقاق، يجب أن تحكم المحكمة بمجموعة من المستحقات للزوجة المطلقة ، ومن هذه المستحقات مؤخر الصداق إن وجد، والحق في النفقة اذا كانت الزوجة حاملا ، فإذا لم تكن حاملا فتستحق سكنى أثناء فترة العدة، ثم الحق في أجرة الحضانة ونفقة المتعة إذا كان الزوج هو طالب التطليق.

    بنسبة لمؤجل الصداق يصبح حالا عند انتهاء الرابطة الزوجية، أما أجرة الحضانة فتستحقها الزوجة عندما تقوم بشؤون المحضون ، وتسقط حق الأم بأجرة الحضانة بحسب المادة 175 من مدونة الأسرة بزواج الأم الحاضنة، يضاف لهذه المستحقات المتعلقة بالأطفال من نفقة بمشتملاتها، وواجب السكن، ومن المستحقات المتعلقة بالزوجة نجد المتعة التي تناولها الأستاذ كمال العابد قاضي بالمحكمة الابتدائية بمراكش في مداخلة خاصة بعنوان “حق المطلقة في المتعة بين التشريع والتطبيق -دراسة مقارنة-” ، فهناك أحكام قضائية لا تنص على المتعة إلا بطلب الزوجة ، وتقدير هذه المتعة يكون بناء على السلطة التقديرية للقاضي ،يراعى فيها دخل الزوج و مدة الزواج ومدى التعسف في إيقاع التطليق ، بل إن أغلب الأحكام تحرم الزوجة من نفقة المتعة في حالة الطلاق قبل البناء ، وهناك أحكام أخرى منحت المتعة لزوجة أخدا بالمذهب الظاهري، إلا أن مبالغ المتعة تكون زهيدة ، حيث في حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بإنزكان حدد أجرة المتعة في 70 درهما بل أغلب الأحكام الخاصة بالمتعة فهي زهيدة.

     وبالرجوع إلى طرق انحلال ميثاق الزوجية مع الأستاذة كريمة محروق باحثة في صف الدكتوراه ،التي تناولت” الاتفاق على إنهاء الرابطة الزوجية”، إن الطلاق الاتفاقي وهو من مستجدات مدونة الأسرة، فالمشرع لم يعرف الطلاق الاتفاقي، لكن يمكن تعريفه على أنه تلاقي إرادتي الزوجين لحل عقد النكاح الذي يجمعهما، وأضافت الأستاذة على أن هذا النوع من الطلاق يقع تحث رقابة القضاء، كما ميزت بين الطلاق الاتفاقي والطلاق الخلعي فالطلاق الاتفاقي تم التنصيص عليه في المادة 114 من مدونة الأسرة والطلاق الخلعي نظم في المواد من 115 إلى 120 ، ومن الفوارق بين الطلاق الاتفاقي والطلاق الخلعي هو أن المشرع اشترط موافقة النائب الشرعي لزوجة عندما تكون غير راشدة، أما في الطلاق الاتفاقي لا يشترط موافقة النائب الشرعي ، كما أن المشرع اشترط شروط الاتفاقي وهي:

  • أن الاتفاق لا يتنافى و النظام العام وأحكام مدونة الأسرة
  • عدم الإضرار بمصلحة الأطفال.

        اختتمت هذه الجلسة بمداخلة للأستاذة فاطمة الزهراء شقبوب باحثة بصف الدكتوراه  بعنوان ” مستحقات الزوجة في دعوى التطليق للشقاق على ضوء العمل القضائي”، وهذه المداخلة تناولت المستحقات المتعلق بالزوجة والأطفال ، والتي سبق التعرض لها، وكذلك الإشكال المرتبط بالمتعة وهو سبق التعرض له في المحاور والمداخلات السابقة.

الجلسة العلمية الخامسة:

         افتتحت الجلسة بدرس افتتاحي لفائدة طلبة ماستر قانون الأسرة وقواعد الفقه المالكي ، بعنوان “مراجعة مدونة الأسرة بين اليسير والعسير” ، ألقاه السيد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش ، الدكتور عبد الكريم الطالب وجاء فيه الآتي:

        إن مدونة الأسرة حاولت تحقيق التوازن داخل الأسرة، كما أن فضيلة الدكتور عمد إلى مقارنة بين مضامين مدونة الأسرة ومدونة الأحوال الشخصية ، كما أنه أقر على أن هناك تطبيق غير صحيح لبعض مضامين المدونة ، وأنه يجب أن تكون تعديلات لمدونة الأسرة و تكون هذه التعديلات نابعة من تصور المجتمع لمدونة الأسرة، لكن هذا قد يواجه عسرا من خلال الخصوصية التي تتمتع بها مدونة الأسرة على غيرها من القوانين وخاصة في مصادرها، فأغلب أحكام المدونة مصدرها الفقه الإسلامي ، كما أن الطابع المركب للمجتمع المغربي بين من هو محافظ ومن هو منفتح ، كما أن التعديل لمدونة الأسرة يحب أن يحافظ على النظام العام المغربي ، كما تحدث فضيلة الدكتور عن الإحالة على الفقه المالكي في المادة 400 من مدونة الأسرة ، وأن هذه الإحالة تجعل الفقه المالكي مصدر رسمي ، كما  وجب ملائمة مدونة الأسرة مع الاتفاقيات الدولية والدستور المغربي.

وخلص فضيلة الدكتور إلى مجموعة من الاقتراحات أهمها:

  • ينبغي أن يرفع التعارض بين نصوص المدونة وبعض النصوص الأخرى .
  • تلافي التضارب الحاصل بين مدونة الأسرة وقانون الالتزامات والعقود.
  • توضيح لنصوص الغامضة في المدونة.
  • ضرورة الحفاظ على الثوابت داخل مدونة الأسرة.
  • مناقشة متطلبات الحركات النسائية.

      وبالعودة إلى المداخلات العلمية كانت بداية هذه الجلسة بمداخلة للأستاذ محمد معروف محام بهيئة مراكش بعنوان ” صلة الرحم بالمحضون بين القانون والواقع “،حيث اعتبر أن الحضانة حق لكل الأطراف، وصلة الرحم بالمحضون لها أهمية نفسية على المحضون ودور مهم في نشأته الاجتماعية ، ومن الحقوق المرتبطة بصلة الرحم بالمحضون ، نجد زيارة المحضون التي نظمها المشرع في المادة 180 من مدونة الأسرة.

      كما أن فضيلة الأستاذ أشار إلى أنه يمكن أن يتفق الأطراف على تحديد وقت معين لزيارة المحضون ، وهذا الاتفاق قد يكون أمام القضاء ، أما في حالة الخلاف فإن المحكمة هي من تستأثر بتحديد أجلا لزيارة المحضون، وهذا الأجل سار معمولا به في مختلف محاكم المملكة، كما تقدم الأستاذ بمقترح يهم تعديل ومراجعة القضاء وقت زيارة المحضون ، لأنه يفتح الباب لتحايل ، كما أنه تطرق لخصوصيات الحكم المتعلق بزيارة المحضون بكونه قابل للتعديل ، في إطار المصلحة الفضلى للمحضون ، وقد استدل في هذا السياق بمجموعة من الأحكام والقرارت القضائية في هذا الصدد ، من أهمها قرار محكمة النقض الذي أسقط الحضانة عن الأم الحاضنة بسبب انتقالها إلى مدينة أخرى دون علم أب المحضون ،والمشرع المغربي رتب جزاءات عن مخالفة أحكام زيارة المحضون سواء في مدونة الأسرة أو في القانون الجنائي.

    أما بخصوص الموضوع المتعلق ” بتطليق الزوجة القاصرة وإشكالاتها العملية “، تناوله الدكتور عبد الصادق الدكير أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة من خلال تناول أحكام زواج القاصر ،الواردة في المواد  20-21-22 من مدونة الأسرة ، وزواج القاصر يكون بناء على اذن من لدن القاضي المكلف بالزواج ، وهذا الإذن ينتج مجموعة من الأثار من أهمها:

      ما يرتبط بالخطبة وخاصة أن الخطبة يمكن أن تنتج نفس أثار الزواج ، خاصة عندما يتعلق الأمر باسترجاع معجل الصداق ، فهل تقام الدعوى ضد المخطوبة أو وليها الشرعي؟ ، علما أن المشرع لم يحدد سنا للخطبة، كما أن هناك إشكال متعلق في حال كون الصداق عبارة عن عقار غير محفظ ، فهل يمكن للزوجة تقديم مطلب التحفيظ ؟ ، ومن الإشكالات التي طرحت أيضا هل يمكن القاصر أن يوكل طرفا آخر لينوب عنه في مباشرة اجراءات الطلاق أو التطليق ؟ ، مع العلم على أن الوكالة فهي عمل من أعمال التصرف ، وختم المداخلة بإشكال أخير حول إذا ارادة القاصر الزواج مرة أخرى هل يمكن الاقتصار على الإذن السابق القاضي بترشيدها؟ أم تتقدم بطلب جديد.

      ولتفصيل في أحكام المتعلقة بالوكالة في الطلاق والتطليق تفصل الأستاذ يونس حبروق قاض بالمحكمة الابتدائية بآسفي  من خلال مداخلة بعنوان “الوكالة في التطليق في ظل مدونة الأسرة والعمل القضائي المغربي-قسم قضاء الأسرة بآسفي نموذجا” ،وجاء في مضمون المداخلة على أن هناك تضارب بين أقسام الأسرة في الأخد بالوكالة في الطلاق والتطليق ،وطرح إشكالا حول غاية المشرع من ترك الفراغ التشريعي حول الوكالة في الطلاق والتطليق ، بالرغم من تنظيم المشرع المغربي للوكالة في الزواج ، إلا أنه لا زالت تطرح إشكالا فيما يتعلق بعدم قبول الوكالة في الزواج من بعض الدول على رأسها فرنسا، كما أنها تطرح إشكالا متعلقا بتهرب الزيجات من مسطرة الزواج المختلط وإبرام الوكالة في الزواج ، خاصة في الزواج في بلدان الخليج ، مما جعل المجلس الأعلى لسلطة القضائية يتدخل ويقدر مذكرة للحد من هذا التحايل القانوني.

        وبالرجوع للوكالة في الطلاق والتطليق وبناء على تجربته المهنية كقاضي بقسم قضاء الأسرة بآسفي ، ذكر بتواجد توجه داخل قسم قضاء الأسرة بآسفي يأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق من خلال غرفتين ، للتطليق للشقاق والطلاق الاتفاقي، وبدأ الأخذ بهذا التوجه من سنة 2019 الذي يقضي بقبول الوكالة في الطلاق والتطليق، وصدر أول حكم في الموضوع بتاريخ 19/08/2019 ، والغاية من الأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق هو للإجابة عن مجموعة من الملفات عرضت على القضاء، لاكن الأخذ بالوكالة من قبلهم يكون بناء على شروط تحد من إطلاقية الأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق ، وهذه الشروط كالآتي:

  • الأخذ بالوكالة في حدود ضيقة
  • أن يكون أحد أطراف العلاقة الزوجية خارج المغرب
  • أن تكون الوكالة مصححة الإمضاء خارج المغرب

كما أن سندهم في الأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق يستند على ركيزتين أساسيتين ، وهما :

  • المادة 400 من مدونة الأسرة التي أحالت على الفقه المالكي والذي بدوره أجاز الأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق.
  • الإستناد على قرارت محكمة النقض التي أجازت الوكالة في الطلاق والتطليق، في قراراين صادرين سنة 2013 وسنة 2021.
  • كما أن الأخذ بالوكالة في الطلاق والتطليق يكون بناء على مبررات واقعية حالت دون حضور الطرف الآخر لمباشرتها بنفسه مثال جائحة كورونا.

          وفي مداخلة قيمة تطرق الدكتور هشام المراكشي أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجديدة لموضوع “التعويضات العائلية والمصارف الاستثنائية بعد انفصام العلاقة الزوجية”، وهذه التعويضات العائلية تأخذها الحاضنة كما أن في حالة تقاسم الحضانة تقسم هذه التعويضات بين الزوج والزوجة ، كما أن تحويل التعويضات العائلية يتم مباشرة بعد الحكم بإنهاء العلاقة الزوجية ، وعلى الزوج إشعار إدارته بهذا الإنهاء مع ترتيب الجزاء التأديبي في حالة تخلفه، كما أنه طرح إشكال يتعلق هل الاستفادة من النفقة تغني على التعويضات العائلية ؟ ، وأجاب قطعا لا كما تساءل حول مصير التعويضات العائلية في حالة زواج الحاضنة ؟ ، وأجاب على أنها تبقى حتى بعد زواج الحاضنة.

        وفي إطار الحضانة ناقشت الدكتورة فاطمة برتاوش أستاذة زائرة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش مداخلة بعنوان ” الحضانة كأثر من أثار التطليق”، وهذه المداخلة كانت شاملة لما تم التعرض له فيما يخص الحضانة في المداخلات السابقة في الندوة، خاصة ما يتعلق بشروط استحقاق الحضانة وشروط سقوطها وهذه الأحكام نجدها في مدونة الأسرة ، وفي ختام الجلسة العلمية الخامسة تناول الأستاذ عبد المغيث الحاكمي باحث بصف الدكتوراه لموضوع “الإشكالات العملية التي تثيرها دعوى التطليق للشقاق”، وهذه الإشكالات بعضها سبق عرضه في الجلسات السابقة ، من قبيل إشكالية التبليغ فيما يخص مسطرة التطليق للشقاق فهل تخضع لنفس أحكام الطلاق ، أو أحكام التبليغ في قانون المسطرة المدنية ، و ذكر أن أغلب الفقه أعمل الأخذ بإجراءات التبليغ التي في قانون المسطرة المدنية ، كما تعرض للإشكال المرتبط بالنطاق الزمني للمادة 49 من مدونة الأسرة.

الجلسة العلمية السادسة:

      استهلت الجلسة العلمية السادسة بمداخلة لفضيلة الدكتور زكرياء خليل أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش ، بعنوان ” التطليق للإيلاء والهجر”، ميز في بداية مداخلته بين الإيلاء والهجر وأكد على أن هناك فرق بينهم ، وأن التطليق للإيلاء والهجر هو تطليق غير بائن .

      وإيلاء الزوج يقابله نشوز الزوجة ، وفي مثن حديثه إستند على مجموعة من الأدلة الشرعية التي تناولت الإيلاء والهجر ، كما أن فضيلة الدكتور تناول مدة الإيلاء في عهد الجاهلية حيث كانت تتراوح مدتها بين سنة وسنتين ، بينما الفقه الإسلامي حددها في أربعة أشهر ، ولزوجة وحدها الحق في ممارسة التطليق للإيلاء والهجر ، وختم مداخلته حول وقت بدأ احتساب الإيلاء ، هل من تاريخ الحلف ؟ أو من تاريخ توجه الزوجة للقضاء ، لكن الراجح هو يبتدأ من تاريخ الحلف.

    وفي مداخلة لدكتورة وفاء جوهر أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش ، بعنوان ” الحماية القضائية الاستعجالية للمحضون”، تحدث عن أن إمكانية إسقاط الحضانة عن الحاضنة، حتى ولم يبلغ المحضون سن 7 سنوات ما لم تراع مصالح المحضون ورعايته ، كما تعرضت فضيلة الدكتورة للحضانة في فترة قيام العلاقة الزوجة ونشوب نزاع بين الزوج والزوجة أمام القضاء، في إطار الإجراءات الوقتية المنصوص عليها في المادة 121 من مدونة الأسرة ، خاصة في حالة أخد الأب الحاضن المحضون ، يمكن للأم أن تتقدم بدعوى تطالب باستعادة المحضون ، لأنها الأحق بحضانته ولزوج أيضا أن يطلب زيارة المحضون قبل صدور حكم بالتطليق ، كما ركزت فضيلة الدكتورة عن دور قاضي المستعجلات في حماية المحضون.

   وبالرجوع للإشكالات المتعلقة بالتطليق تدخل الأستاذ عبد الكريم أمايو قاض بالمحكمة التجارية بمراكش ، تناول مداخلة عنوان ” الإشكالات العملية المتعلقة بقضايا التطليق في ضوء القرارات الحديثة لمحكمة النقض”، استهل مداخلته على أن المشرع المغربي منح الزوج حق اختيار المكان الذي ترفع فيه دعوى التطليق ، وعرض مجموعة من قرارت محكمة النقض التي بينت أن من يريد سلك مسطرة الطلاق وجب عليه اعمال مقتضيات المادة 79 من مدونة الأسرة ، أما من يرغب سلوك مسطرة التطليق وجب التقيد بمقتضيات الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية.

     كما تعرض في مستهل حديثه عن الطبيعة القانونية المستحقات المترتبة عن التطليق وطرح إشكالا حول ما إذا كان الحكم بالمستحقات هو حكم تمهيدي ؟، وأجاب من خلال قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 17/07/2022 ، أن تحديد المستحقات هو أمر وليس حكم تمهيدي، كما اختتم مداخلته حول سلوك بعض زوجات مسطرة الشقاق في حالة غياب الزوج ، وعدم سلوك مسطرة التطليق للغيبة ، وتناول اشكالات المتعلقة بمسطرة القيم وأيضا مصير المستحقات في حالة وفاة الزوج بعد وضع المستحقات وقبل صدور الحكم بالتطليق.

    وفي نفس سيرورة العلمية تحدث الدكتور عزيز العروي قاض بالمحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة، بمداخلة بعنوان “استمرار مفعول عقد الكراء السكني لفائدة المحضون”، تناول مجموعة من الضمانات التي جاء بها المشرع تضمن للمحضون العيش الكريم من ضمنها إلزام الأب بتهيئة محل لسكنى لفائدة المحضون ، وأيضا توفير مبلغ مالي لكراء محل سكنى المحضون ، ولتحقيق هذه الغاية يمكن المحكمة اقتطاع ثمن سكنى المحضون من المنبع ، بنص المادة 191 من مدونة الأسرة، ونص المشرع في المادة 54 من قانون الكراء السكني ،على استمرار عقد الكراء السكني لفائدة الأم الحاضنة بعد انفصال الزوجين .

    والأساس القانوني لسكنى المحضون بين مدونة الأسرة وقانون الكراء السكني نجده أولا في المادة 168 من مدونة الأسرة ،وكذلك نص المادة 54 من قانون الكراء السكني ، فالمادة 168 من مدونة الأسرة جاءت في إطار الأثار العامة للانتهاء العلاقة الزوجية ، أما المادة 54 من قانون الكراء السكني نص المشرع فيها على استمرار عقد الكراء في حالة الطلاق وليس التطليق.

    وهنا جملة من الإشكالات العملية المتعلقة بسكنى المحضون طرحها فضيلة الأستاذ:

هل يحق الحاضنة غير الأم من استمرار عقد الكراء السكني ؟ .

      وجوابا عن هذا الإشكال نص المشرع في المادة 54 من قانون الكراء السكني على الأم الحاضنة وليس الحاضنة ، كما طرح إشكالا حول الوضعية القانونية للأم الخاصة بعد سقوط حقها في الحضانة ، وكان جواب عن هدا الإشكال هو سقوط حق الأم الحاضنة حقها في الاستمرار في سكنى المحضون بعد سقوط حضانتها، وبالرجوع للإشكالات المتعلقة بالتطليق تدخل الدكتور عبد الله اتغلياست بمداخلة بعنوان ” التطليق بسبب عدم الإنفاق على الزوجة”، تحدث من خلال هذه المداخلة على الإجراءات المتعلقة برفع الدعوى من خلال الاختصاص المكاني الوارد في الفصل 212 من قانون المسطرة المدنية ، حيث أن الترتيب الوارد في هذا الفصل على سبيل الاختيار، كما تطرق بمسطرة الصلح التي سبق تناول تفاصيلها ضمن المداخلات السابقة.

    وبالعودة لموضوع المداخلة حيث عالج فضيلة الدكتور قضية إثبات عدم إنفاق الزوج ، حيث يمكن للمحكمة

 بهذه الوسائل في سبيل إثبات عدم إنفاق الزوج، إذا كان لزوج دخل يمكن للمحكمة أن تقتطع من المنبع نفقة الزوجة وترفض التطليق لعدم الإنفاق، أما إذا لم يكن لزوج دخل تمهله المحكمة ثلاثين يوما ، إن لم يتفق على زوجته تحكم المحكمة بالتطليق.

   وفي موضوع نوعي تم تناوله ضمن محاور الجلسة تناولته الأستاذة سكينة شرايبي القعدة باحثة بصف الدكتوراه ، بعنوان “الإشكالات العملية لمسطرة تذييل الأحكام الأجنبية القاضية بإنهاء العلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية – المحكمة الإبتدائية بمراكش نموذجا –”، أستهلت المداخلة بتعريف لمسطرة تذييل الأحكام القضائية بالصيغة التنفيذية ، وهي تلك الإجراءات التي يتم سلكها وفق مقتضيات الفصول 430-431-432 من قانون المسطرة المدنية والتي تهدف إلى إضفاء القوة التنفيذية على الأحكام الأجنبية ، لتكون قابلة لتنفيد على التراب الوطني.

   تناولت الأستاذة الجهة المختصة نوعية في البث في هدا الطلب، والجهة المختصة هنا للبث هي المحكمة الإبتدائية ، ولكن فيما يخص الأحكام الرامية لإنهاء العلاقة الزوجية بطلاق أو التطليق أو الفسخ أو الخلع ، فالاختصاص لرئيس المحكمة الإبتدائية طبقا للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية ، وطرحت إشكالا حول ماهي طبيعة الاختصاص لرئيس المحكمة الإبتدائية وهو ينضر لهذا الطلب؟.

   وللإجابة عن هذا الإشكال من خلال العمل القضائي، هناك ثلاث توجهات قضائية:

  • التوجه الأول: ينضر رئيس المحكمة الإبتدائية في هذه الطلبات بصفته قاضي المستعجلات.
  • التوجه الثاني: يبث بصفته الولائية.
  • التوجه الثالث: يبث رئيس المحكمة بصفته هاته.

إذا كان يبث بصفته قاضي المستعجلات فهنا المسطرة تواجهية ، وحضور كاتب الضبط وغالبا ما يتم البث داخل أجل 15 يوما.

أما إذا تم البت بصفته الولائية فالمسطرة تكون غيابية ، وعدم حضور كاتب الضبط، أما في حالة بته  بصفته رئيس المحكمة فهو يجمع بين صفة الولائية والاستعجالية.

   أما فيما يخص الاختصاص المحلي فقد تناولت الاختصاص المحلي الوارد في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية وهو موطن أو محل إقامة المدعي أو محل تنفيد الحكم أو محل إبرام عقد الزواج ،وهو على سبيل الاختيار كما تناولت شكليات طلب تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية الواردة في الفصل 431 من قانون المسطرة المدنية ، كما أشارت فيما يخص شهادة عدم الطعن أنها لا تخلوا من ثلاث حالات:

  • يجب أن تشير شهادة عدم الطعن إلى النهائية بشكل صريح.
  • يجب أن تصدر شهادة عدم الطعن عن كتابة الضبط.
  • الحالة التي لا تقدم فيها شهادة عدم الطعن طرحت إشكالا فهل يرفض الطلب؟ ، وفي قرار عن محكمة النقض أنه إذا أمكنت أن تستشف نهائية الحكم من الحكم نفسه ، فهذا يغني عن شهادة عدم الطعن.

          وفي النهاية يحال الملف للنيابة العامة وذلك لممارسة حقها في الطعن، وختاما ختمت الأستاذ رشيدة حدادي باحثة بصف الدكتوراه بعنوان “الأزمات المجتمعية ومعضلة التطليق – جهة مراكش آسفي نموذجا-” ، تحدت من خلالها على مجموعة من المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية على العلاقة الزوجية ومن أبرزها أزمة كورونا، وأثرها على مؤسسة الزواج

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى