في الواجهةمقالات قانونية

“تمويل استثمارات الأوقاف من خلال البنوك التشاركية” الباحثة : بشرى السالمي

“تمويل استثمارات الأوقاف من خلال البنوك التشاركية”
Financing endowment investments through participatory banks”
الباحثة : بشرى السالمي
طالبة باحثة بسلك الدكتوراه
جامعة شعيب الدكالي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
مختبر الأبحاث والدراسات القانونية والاجتماعية والقضائية الجديدة ، المغرب
Bouchra Essalmi
PhD research student
Shuaib Doukkali University, Faculty of Legal, Economic and Social Sciences
Legal, social and judicial research and studies laboratory El Jadida, Morocco

الملخص
تهدف هذه الدراسة إلى معالجة دور البنوك التشاركية في تمويل الاستثمارات الوقفية، حيث يمكن للمنتجات الاستثمارية والتمويلية التي تتوفر عليها البنوك التشاركية أن تساهم في تطوير الاستثمار الوقفي، وذلك لما تتسم به من تنوع واستجابة لكل من الضوابط الشرعية ومتطلبات مناخ الاستثمار.
الكلمات المفتاحية: البنوك التشاركية، الاستثمار، الوقف.

Summary
This study aims to address the role of participation banks in financing endowment investments, as the investment and financing products available in participatory banks can contribute to the development of endowment investment, due to their diversity and response to both Sharia controls and the requirements of the investment climate.
Keywords: participatory banks, investment, endowment.

مقدمة
فرضت الدول الإسلامية بتعاملاتها المالية والاسستثمارية خلق أدوات ذات طبيعة خاصة تتفق مع النهج الإسلامي في رسم أسس التعاملات المالية ذات الطبيعة الاقتصادية، تقوم على المشاركة في الأرباح والخسائر بالإضافة إلى المشاركة في الجهد من قبل المتعامل بدلا من أسس التعامل التقليدي القائم على مبدأ المديونية، وتعد المصارف الإسلامية التطبيق العملي لأسس الاقتصاد الإسلامي كونها أسست لتحمل مسؤولية المال وإدارته، وهي تلعب دورا هاما في دعم التنمية الأقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تمويل المشاريع الاستثمارية والإنتاجية باستخدام أساسيات العمل المصرفي المتطورة، والأدوات التمويلية الإسلامية القائمة على مفهوم الملكية والمديونية، وبأحدث الطرق والأساليب الفنية لتسهيل التبادل التجاري وتنشيط الاستثمار با لا يتنافى وأحكام الشريعة الإسلامية .
وقد عرفت اتفاقية إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في الفقرة الأولى من المادة الخامسة البنوك الإسلامية: “يقصد بالبنوك الإسلامية في هذا النظام، تلك البنوك أو المؤسسات التي ينص قانون إنشائها ونظامها الأساسي صراحة على الالتزام بمبادئ الشريعة، وعلى عدم التعامل بتالفائدة أخذا وعطاء” .
كما عرفها بعض الباحثين بأنها: “مؤسسات مالية تقوم بالأعمال المصرفية والاستثمارية وفقا لصيغ الاستثمار الإسلامي، كما تقوم بتقديم الخدمات الاجتماعية المرتبطة بعملها المصرفي وفقا لمقتضيات الشريعة الإسلامية” .
فيما عرفها البعض بأنها:”مؤسسة مصرفية تلتزم في جميع معاملاتها ونشاطاتها الاستثمارية وإدارتها لجميع أعمالها بالشريعة الإسلامية ومقاصدها وكذلك بأهداف المجتمع الإسلامي داخليا وخارجيا” .
وكل هذه التعاريف تتفق على اعتبارها مؤسسة مالية موافقة لأحكام لشريعة الإسلامية في تصرفاتها، وهو نفس ما أكده المشرع المغربي من خلال تعريفه للبنوك التشاركية في المادة 54 من القانون 12.103 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها التي نصت على أنه: “تعتبر بنوكا تشاركية الأشخاص الاعتبارية الخاضعة لأحكام هذا القسم والمؤهلة لمزاولة الأنشطة المشار إليها في المادة الأولى والمادتين 55 و58 من هذا القانون وكذا العمليات التجارية والمالية والاستثمارية بصفة اعتيادية بعد الرأي بالمطابقة الصادر عن المجلس العلمي الأعلى وفقا لمقتضيات المادة 62 أدناه.
يجب ألا تؤدي هذه الأنشطة والعمليات المشار إليها أعلاه إلى تحصيل أو دفع فائدة أو هما معا”.
وتأسيسا على ما سلف، تلعب البنوك التشاركية دوراً محورياً في النظام المالي الإسلامي، باعتبارها تجمع بين المبادئ الشرعية والأدوات المالية الحديثة.
ولعل دخول المؤسسات المالية الإسلامية كجهة مستثمرة خارجية لتمويل نشاطات المؤسسات الوقفية باستخدام صيغ التمويل الإسلامي هو اليوم واقع تفرضه تحديات النظام الوقفي من أجل النهوض بالأوقاف وتنميتها( ).
وتأسيسا على ذلك، تتبلور إشكالية الموضوع فيما يلي:
– كيف يمكن الاستفادة من منتوجات البنوك التشاركية لتمويل الاستثمارات الوقفية بشكل يحفظ خصوصية الوقف ويستجيب لمتطلبات مناخ الاستثمار؟

المطلب الأول: أدوات البنوك التشاركية في تمويل الاستثمار الوقفي
سنعمل من خلال هذا المطلب على معالجة المنتجات التي تقدمها البنوك التشاركية والتي يمكن الاستفادة منها كآليات لتمويل الاستثمار الوقفي.

الفقرة الأولى: تقديم المنتجات الجديدة والمتمثلة في المرابحة والإجارة والمشاركة والمضاربة والسلم والاستصناع
نصت المادة 58 من القانون103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها على مختلف المنتوجات الجديدة التي تقدمها البنوك التشاركية، والمتمثلة في المرابحة والإجارة والمشاركة والمضاربة والسلم والاستصناع( ).
أولا: المرابحة
عرف المشرع المغربي المرابحة في البند (أ) من المادة 58: “كل عقد يبيع بموجبه بنك تشاركي، منقولا أو عقارا محددا وفي ملكيته، لعميله بتكلفة اقتنائه مضاف إليها هامش ربح متفق عليهما مسبقا. يتم الأداء من طرف العميل لهذه العملية تبعا للكيفيات المتفق عليها بين الطرفين”.
وترتيبا على ذلك تعتبر المرابحة العقارية صيغة تمويلية تقوم على أساس وجود عقد يربط بين البنك التشاركي والعميل، بموجبه يبيع الطرف الأول عقارا محددا في ملكيته للطرف الثاني بتكلفة اقتنائه مضافا إليها هامش من ربح متفق عليه مسبقا( ).
ثانيا: الإجارة
عرف المشرع في المادة 58 من قانون مؤسسات التمويل والهيئات المعتبرة في حكمها الإجارة بأنها: “كل عقد يضع بموجبه بنك تشاركي، عن طريق الإيجار، منقولا أو عقارا محددا وفي ملكية هذا البنك تحت تصرف عميل قصد استعمال مسموح به قانونا.
إن عقد الإجارة هو شبيه بعقد الائتمان الإيجاري أو ما يسمى بعقد الليزينغ، وقد ظهر عقد الليزينغ في الدول الرأسمالية التي تعتمد على مبدأ سلطان الإرادة كمبدأ عام يستند إليه في تنظيم العقود( ).
حيث عرف بعض الباحثين الإجارة بأنها عبارة عن عملية مركبة ثلاثية الأطراف تحتوي على عقدين أساسيين هما، عقد البيع الذي تتمكن بموجبه المؤسسة الائتمان المؤجرة بتملك الأصل محل، وعقد التأجير التمويلي الذي تقوم بموجبه مؤسسة الائتمان، المؤجرة لأصل محل عقد التأجير التمويلي، بتأجير الأصل للمستفيد «المستأجر» مقابل أداء الأجرة المتفق عليها( ).
وتتخذ الإجارة إما شكل إجارة تشغيلية أو عادية، عندما يتعلق الأمر بإيجار بسيط، حيث يقوم البنك بشراء السلعة بغرض التأجير، ثم يبرم البنك عقد إيجار مع العميل، حيث يلتزم المستفيد بأداء أقساط الإجارة في الوقت المتفق عليه، ثم يرجع العميل للبنك السلعة المؤجرة.
أو إجارة منتهية بالتمليك عندما تنتهي الإجارة بتحويل ملكية المنقول أو العقار المستأجر للعميل تبعا للكيفيات المتفق عليها بين الطرفين، إذ يقوم البنك بشراء الأصل من البائع، ثم يبرم العميل عقدين مع البنك، عقد إيجار وعقد وعد بالبيع، حيث يقوم العميل بتسديد الأقساط الإيجارية التي تتضمن قسطا من مبلغ الأصل وعائد التمويل( ).
ثالثا: المشاركة
عرف المشرع المشاركة من خلال المادة 58 في البند (ج) بأنها: “كل عقد يكون الغرض منه مشاركة بنك تشاركي في مشروع قصد تحقيق ربح.
يشارك الأطراف في تحمل الخسائر في حدود مساهمتهم وفي الأرباح حسب نسب محددة مسبقا بينهم”.
وتكتسي المشاركة أحد الشكلين التاليين:
المشاركة الثابتة: تبقى بموجبها مؤسسة الائتمان والعميل شريكين داخل الشركة إلى حين انقضاء مدة العقد. وهذا النوع من المشاركة يدخل فيه البنك شريكا مع المتعامل في رأس مال عملية تجارية أو صناعية محددة يقترحها العميل فيصبح الطرفان شريكين في ملكيتها وتسييرها والرقابة عليها، وتحمل التزاماتها وخسائرها واقتسام أرباحها).
المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك: يتم بموجبها انسحاب مؤسسة الائتمان من رأسمال الشركة تدريجيا حسب مقتضيات العقد. ويدخل البنك فيها شريكا بالمال في مشروع ما مقابل نصيب في الربح مضاف إليه نسبة يتفق عليها الطرفان تخصص لتغطية مشاركته في تمويل العملية، وتكون البقية من نصيب المتعامل الذي يصبح مالكا للمشروع بصفة نهائية عندما يسترجع البنك مساهمته كاملة، عن طريق التنازل عنها مرة واحدة أو عن طريق التدريج( ).
رابعا: المضاربة
تعتبر المضاربة نوع من المشاركة بين صاحب المال وصاحب الخبرة، يقدم فيها الأول ماله والثاني خبرته وجهده ويقتسمان نتائج المضاربة، وهي الوسيلة الإسلامية لإدخال الموجودات النقدية في النشاط الاقتصادي لتمويل عناصر الإنتاج( ).
“المضاربة المصرفية هي عقد بين المصرف وأصحاب الودائع الاستثمارية من جهة والتي يتخذ فيها المصرف صفة المضارب، ويتخذ أصحاب الودائع الاستثمارية صفة صاحب المال، وبين المصرف والمضارب الثاني من جهة ثانية، حيث يتخذ المصرف صفة صاحب المال، والذي يحل محل أصحاب الودائع الاستثمارية، بينما يتخذ المستثمر صفة المضارب الذي يقوم بإنجاز مشروع عقد المضاربة على أن تقسم أرباح المضاربة بين كل من أصحاب الودائع الاستثمارية والمصرف والمضارب حسب الاتفاق( ).
وبالرجوع إلى المادة58 من القانون رقم103.12فإنها عرفت المضاربة في البند (د) بأنها: “كل عقد يربط بين بنك أوعدة بنوك تشاركية (رب المال) تقدم بموجبه رأس المال نقدا أو عينا أو هما معا أو عدة مقاولين (مضارب) يقدمون عملهم قصد أنجاز مشروع معين. ويتحمل المقاول أو المقاولون المسؤولية الكاملة في تدبير المشروع. يتم اقتسام الأرباح المحققة باتفاق بين الأطراف. ويتحمل رب المال وحده الخسائر إلا في حالات الإهمال أو سوء التدبير أو الغش أو مخالفة شروط العقد من طرف المضارب”.
وهو ذات المفهوم الذي قالت به المادة 42 من منشور والي بنك المغرب رقم 1/ و/17، والتي جاء فيها: يقصد بالمضاربة في مفهوم هذا المنشور كل عقد شركة يربط بين مؤسسة أو عدة مؤسسات (رب العمل) تقدم تقدم بموجبه رأس المال نقدا أو عينا محددة القيمة أو هما معا، ومقاول أو عدة مقاولين (مضارب) يقدمون عملهم قصد إنجاز مشروع معين ويتحمل المقاول أو المقاولون المسؤولية الكاملة في تدبير المشروع”.(^&)
والواقع أن التعريف المصرفي للمضاربة للمضاربة أقرب من التعريف التقليدي لها، حيث إن المضاربة المصرفية هي إدخال الموجودات النقدية في النشاط الاقتصادي وتحويلها إلى عنصر الإنتاج عن طريق الاشتراك في عمل ما بين صاحب المال والعامل( ).
وبالتالي، فإن هذا المفهوم يركز على المضاربة الثنائية، أي العقد الذي يربط بين طرفين، صاحب المال والمضارب، وهي الصورة المبسطة للمضاربة، في حين أن التعريف الحديث للمضاربة يتضمن صورتها المركبة، إذ تعتبر الصيغة العملية للمضاربة في مجال البنوك التشاركية بأن يقدم المدخرون وأصحاب المال أموالهم إلى البنك بصفته صاحب الخبرة في توظيفها، فيكون البنك بهذا في مقام المضارب على المال، ثم تكتمل العملية بأن يقوم البنك بدوره بتقديم هذه الأموال إلى أصحاب الخبرة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة فيكون في هذه الحالة بمثابة رب المال، ويكون العميل المستثمر بمثابة المضارب( ).
خامسا: السلم
يعتبر السلم من الأدوات التمويلية التي يمكن التعامل بها من طرف مؤسسات الائتمان التي تقدم أدوات مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية( ).
وقد عرف المشرع المغربي السلم من خلال البند (ه) من المادة 58 من القانون103.12كالتالي: “كل عقد بمقتضاه يعجل أحد المتعاقدين، البنك التشاركي أو العميل، مبلغا محددا
للمتعاقد الآخر الذي يلتزم من جانبه بتسليم مقدار معين من بضاعة مضبوطة
بصفات محددة في أجل.
فالسلم هو نوع من البيع يتأخر فيه المبيع، أي عبارة عن بيع شيء غير موجود في الوقت الحاضر لكنه سيوجد في المستقبل، ويوصف بمواصفات دقيقة نافية للجهالة والغرر( ).
سادسا: الاستصناع
يحظى الاستصناع بأهمية بالغة في التمويل المصرفي التشاركي الإسلامي، نظرا للدور المهم الذي يضطلع به في مجال الصناعة والاستثمار والتمويل العقاري وتنوع مجالاته في الحياة المعاصرة( ).
وقد عرف المشرع المغربي الاستصناع في البند (و) من المادة 58 من قانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بأنه: “كل عقد يشترى به شيء مما يصنع يلتزم بموجبه أحد المتعاقدين، البنك التشاركي أو العميل، بتسليم مصنوع بموارد من عنده، بأوصاف معينة يتفق عليها وبثمن محدد يدفع من طرف المستصنع حسب الكيفية المتفق عليها”.
كما عرفه بعض الباحثين بأنه: “كل عقد يشترى به في الحال شيئا مما يصنع مستقبلا، يلتزم البائع بتقديمه مصنوعا بمواد من عنده بأوصاف مخصوصة وبثمن محدد”( ). وهناك نوع آخر من الاستصناع وهو ما يطلق عليه بالاستصناع الموازي، هذا الاخير تبرمه المؤسسة البنكية مع مقاول لإنشاء الشيء محل الصنع في عقد الاستصناع الأولي المبرم بين المؤسسة البنكية والعميل( ).
وإذا اجتمع العقدان في عملية واحدة أي الاستصناع الأولي وعقد الاستصناع الموازي أصبح العقد مركبا وثلاثي الأطراف ليشمل البنك والعميل والمقاول، وهذه الصورة الشائعة التي تتعامل بها البنوك التشاركية في إطار آلية الاستصناع( ).
الفقرة الثانية: وسائل تمويلية أخرى
علاوة على المنتجات الجديدة التيي تقدمها البنوك التشاركية والتي نص عليها المشرع في المدة 58 السالفة الذكر، فإنها تقدم وسائل تمويلية أخرى تتمثل في تلقي الأموال من الجمهور، بما في ذلك الودائع الاستثمارية، وعمليات الائتمان، وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو القيام بأدائهما
أولا: تلقي الأموال من الجمهور، بما في ذلك الودائع الاستثمارية
بالرجوع إلى المادة 54 من القانون 12-103، يتضح أنها خولت للبنوك التشاركية القيام بتلقي الأموال من الجمهور، بما في ذلك الودائع الاستثمارية( ).
وقد عرف المشرع الأموال المتلقاة من الجمهور في الفقرة الأولى من المادة 2: “تعتبر أموالا متلقاة من الجمهور الأموال التي يتسلمها شخص من الغير على سبيل الوديعة أو غير ذلك ويحق له أن يتصرف فيها لحسابه الخاص على أساس الالتزام بإرجاعها لأصحابها”.
و بخصوص طبيعة هذه الأموال فيعتبر في حكمها تلقي الودائع الاستثمارية من الجمهور والتي يرتبط عائدها بناتج الاستثمارات المتفق عليه مع العملاء، حيث بالرجوع إلى المادة 55 من القانون رقم 103.12 فقد خول المشرع للبنوك التشاركية تلقي الودائع الاستثمارية من الجمهور ،كما عرف هذه الأخيرة في المادة 56 من نفس القانون بأنها الأموال التي تتلقاها البنوك التشاركية من لدن عملائها من أجل توظيفها في مشاريع استثمارية ووفقا للكيفيات المتفق عليها بين الأطراف ( ).
وعلى خلاف الوديعة العتمدة في البنوك الكلاسيكية (نقود، سندات بضائع)، التي تعتبر قرضا مضمونا بفائدة محددة سلفا، والتي لا يمكن أن تكيف على أساس وديعة (المادة 781: “الوديعة عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقولا إلى شخص آخر يلتزم بحفظه وبرده بعينه”)، بل قرضا مضمونا بفائدة.
ففي البنوك التشاركية، فلا تقبل الودائع على أساس كونها قرضا مشروطا بفائدة محددة سلفا، إنما تقبلها على شكل مضاربة تخضع للربح المحقق بناء على عمليات المتاجرة والاستثمار التي يقوم بها البنك عند توظيفه لهذه الودائع، وتوزيع عائداتها بينه وبين أصحابها المودعين( ).
ثانيا: عمليات الائتمان
خول المشرع من خلال المادة 54 من القانون103.12البنوك التشاركية مزاولة الأنشطة المنصوص عليها في المادة الأولى من ذات القانون، والتي من بينها عمليات الائتمان( ).
ويعد الائتمان أهم وسائل التمويل التي تستعملها مؤسسات الائتمان مع عملائها( )، وقد عرفه المشرع بأنه كل تصرف بعوض يقوم بمقتضاه شخص من الأشخاص، بوضع أموال أو الالتزام بوضعها رهن تصرف شخص آخر يكون ملزما بإرجاعها، أو الالتزام لمصلحة شخص آخر، عن طريق التوقيع، في شكل ضمان احتياطي أو كفالة أو أي ضمان آخر( ).
كا يدخل في حكم عمليات الائتمان؛ العمليات المتعلقة بالائتمان الإيجاري وبالإيجار التي يكون فيها للمستأجر خيار شراء العين المؤجرة والعمليات المعتبرة في حكمها( )؛ وعمليات شراء الفاتورات( )؛ إضافة إلى عمليات البيع الاستردادي للأوراق والقيم المنقولة وعمليات الاستحفاظ كما هو منصوص عليها في التشريع الجاري به العمل( ).

رابعا: وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو القيام بأدائهما
خول المشرع من خلال المادة 54 من القانون103.12البنوك التشاركية وضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو القيام بأدائهما( ).
وقد عرف المشرع وسائل الأداء بأنها جميع الأدوات التي تمكن أي شخص من تحويل أموال كيفما كانت الدعامة أو الطريقة التقنية المستعملة لذلك( ).
حيث وسع المشرع نطاق وسائل الأداء في نفس المادة لتشمل النقود الإلكترونية المعرفة كقيمة نقدية تمثل دينا على المصدر والتي تكون مخزنة على دعامة إلكترونية، ومصدرة مقابل تسليم أموال بمبلغ لا تقل قيمته عن القيمة النقدية المصدرة، ومقبولة كوسيلة لأداء من قبل الأغيار غير الجهة المصدرة للنقود الإلكترونية( ).
خامسا: خدمات الأداء
أجازت المادة 57 من القانون103.12للبنوك التشاركية مزاولة خدمات الأداء المنصوص عليها في المادة 16 من نفس القانون( ).
وتتمثل خدمات الأداء في:
– عمليات تحويل الأموال؛
– الودائع والسحوبات النقدية في حساب أداء؛
– تنفيذ عمليات الأداء بواسطة أي وسيلة اتصال عن بعد، شريطة أن يعمل المتعهد فقط كوسيط بين المؤدي ومورد السلع والخدمات؛
– تنفيذ اقتطاعات دائمة أو أحادية وتنفيذ عمليات الأداء بالبطاقة وتنفيذ التحويلات، عندما تتعلق بالأموال الموظفة في حساب أداء.
يراد بحساب أداء أي حساب يملكه مستعمل خدمات الأداء والذي يستخدم حصرا من أجل عمليات الأداء( ).
وقد استثنى المشرع من نطاق خدمات الأداء كل من الشيك كما هو خاضع لأحكام مدونة التجارة، وكمبيالة كما هي خاضعة لأحكام مدونة التجارة، بالإضافة إلى الحوالة البريدية الصادرة أوالمدفوعة نقدا أو هما معا وكذا أي سند آخر مماثل على دعامة ورقية( ).
وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن كيفيات مزاولة خدمات الأداء تحدد بمنشور صادر عن والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان وفقا لما نص عليه المشرع في البند الأخير من المادة 16 سالفة الذكر.

 

سادسا: خدمات الاستثمار
بموجب الإحالة الواردة في المادة 57 من القانون103.12على مقتضيات المادة 8 من نفس القانون، يمكن للبنوك التشاركية كنظيرتها التقليدية أن توفر لعملائها خدمات الاستثمار( ).
وتتمثل خدمات الاستثمار في تدبير الأدوات المالية وتداول الأدوات المالية للحساب الخاص أو لحساب الغير، إضافة إلى تلقي وإصدار الأوامر لحساب الغير، والإرشاد والمساعدة فيما يتعلق بتدبير الممتلكات والتدبير المالي، وخدمات الهندسة المالية والتوظيف بكل أشكاله، وخدمة تنقيط القرض( ).
وتعتبر عمليات مرتبطة بخدمات الاستثمار، عمليات منح القروض لمستثمر لتمكينه من إنجاز صفقة متعلقة بأدوات مالية كما هي محددة في التشريع الجاري به العمل وتقديم الإرشاد والخدمات للمنشآت لاسيما في مجال بنية رأس المال والاستراتيجية والاندماج وإعادة شراء المنشآت( ).
يحدد تعريف خدمات الاستثمار وكيفيات تقديمها بمنشور يصدره والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان المشار إليها في المادة 2 أدناه.
سابعا: الأنشطة الواردة في المادة 7 من القانون103.12
انطلاقا من الإحالة الواردة في المادة 57 من القانون 12- 103على مقتضيات المادة 7 من نفس القانون، يمكن للبنوك التشاركية مزاولة كل من خدمات الاستثمار وعمليات الصرف و العمليات المتعلقة بالذهب والمعادن النفيسة والقطع النقدية وعمليات التأمين التكافلي عمليات الإيجار للمنقولات أو العقارات( ).
المطلب الثاني: مزايا تمويل الاستثمار الوقفي من خلال البنوك التشاركية
سنعرض من خلال هذا المطلب أبرز المزايا التي ينطوي عليها تمويل الاستثمار الوقفي من خلال البنوك التشاركية،حيث سنتطرق في الفقرة الأولى إلى موافقة منتوجات البنوك التشاركية لخصوصية الوقف، وسنخصص الفقرة الثانية لاستجابة منتوجات البنوك التشاركية لمتطلبات مناخ الاستثمار

 

الفقرة الأولى: موافقة منتوجات البنوك التشاركية لخصوصية الوقف
يعتبر استخدام صيغ التمويل الإسلامي في الاستثمار الوقفي من المسائل المهمة كونها يجب أن تتناسب مع طبيعة الأصل الموقوف وتساهم في الحصول على عائد مرتفع مع تقليل المخاطر، ومن هذا المنطلق كان لا بد من دخول المؤسسات المالية الإسلامية كممول جزئي أو خارجي لمشاريع المؤسسات الوقفية( ).
أولا :المرجعية الشرعية للبنوك التشاركية
تقوم البنوك التشاركية بتمويل المستهلك بصيغ بديلة عن القرض التقليدي، ويكون المقابل فيها هامش الربح بدل الفائدة .
حيث منع المشرع هذا الصنف من البنوك أن تتعامل بالفائدة، أخذا وعطاء، فهي تقوم بقبول الودائع المعروفة في المصارف التقليدية دون استخدام سعر الفائدة كعامل تعويض للمودعين، وإنما تستبدلها بحصة من الربح، كما أنها تقوم بتوظيفها في مجالات التوظيف والاستثمار التي تجيزها الشريعة الإسلامية”( ).
وهذا تأكيد صريح على أن مرجعية البنوك التشاركية هي الشريعة الإسلامية، رغم تفادي المشرع تسمية هذه المؤسسات بالبنوك الإسلامية وتفضيله استعمال تسمية “البنوك التشاركية”.
ولعل تفادي تسمية البنوك الإسلامية حسب بعض الباحثين يرجع إلى قواعد المنافسة إزاء البنوك التقليدية، حيث سبق لوزير المالية الأسبق السيد صلاح الدين مزوار أن صرح حول سبب عدم تسمية المنتجات البديلة بالإسلامية بأن: “تسمية منتجات مالية بالإسلامية معناه الإقرار بأن المنتجات التي تسوقها البنوك التقليدية هي غير إسلامية .
وحتى يتم الاطمئنان إلى شرعية المعاملات التي ستقدم عليها البنوك التشاركية أحدث المشرع “هيئات المطابقة الشرعية”، رغم أنه في التجارب المقارنة تستعمل في الغالب تعبير “الرقابة الشرعية”، وتتم المطابقة الشرعية على مستويين اثنين مستوى أول تقوم به هيئة مستقلة عن الأبناك تسمى “اللجنة الشرعية للمالية التشاركية”( ) تعمل تحت إشراف المجلس العلمي الأعلى”( )، أما المستوى الثاني من المطابقة الشرعية فتقوم به هيئة داخلية للتدقيق تسمى “وظيفة التقيد بآراء المجلس العلمي الأعلى”، وهي ذات طبيعة تنفيذية تسهر على التنفيذ اليومي للمطابقة الشرعية، بغرض مطابقة المعاملات التي تقوم بها هذه الأبناك، مع آراء اللجنة الشرعية للمالية التشاركية( ).
أ-المجلس العلمي الأعلى
أسند القانون مهمة مراقبة المطابقة في البنوك التشاركية للمجلس الأعلى، ويعتبر رأيه بالمطابقة إلزاميا يتم الاستناد إليه للتحقق من مدى مطابقة خدمات البنوك التشاركية لأحكام الشريعة الإسلامية، وبالتالي لرغبات العملاء ، مما يضمن الموضوعية والحياد والاستقلالية في عملية الرقابة( ).
يقوم المجلس العلمي الأعلى بمهمته في مراقبة المطابقة من خلال لجنة تسمى “اللجنة الشرعية للمالية التشاركية”، وهي لجنة علمية متخصصة لدى الهيئة العلمية المكلفة بالافتاء بالمجلس العلمي الأعلى، والهدف من إنشائها هو إبداء الرأي بشأن مطابقة الأنشطة والعمليات التجارية والمالية والاستثمارية التي تقوم بها بعض المؤسسات والهيئات المالية.
من أجل ذلك، تختص هذه اللجنة بعدة مهام( ):
1-إبداء الرأي بشأن مطابقة المنتوجات المالية التشاركية التي تقدمها مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها لزبنائها.
2-إبداء الرأي بشأن مطابقة مضمون المناشير التي يصدرها والي بنك المغرب لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، خاصة تلك المتعلقة بالمنتوجات التشاركية والودائع الاستثمارية.
3-إبداء الراي بصفة خاصة بشأن مطابقة عمليات التأأمين التكافلي التي تقوم بها مقاولات التأمين وغعادة التأمين، في إطار المالية التشاركية، لأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها وذلك طبقا للتشريع الجاري به العمل.
4-إبداء الرأي بشأن مطابقة عمليات إصدار شهادات الصكوك طبقا للتشريع الجاري به العمل مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها كيفما كانت الجهة المصدرة لها.
5-إعداد دليل مرجعي لعمل اللجنة، ودلائل استرشادية عند الاقتضاء، تتضمن بصفة خاصة الأحكام الشرعية المتعلقة بالمنتوجات المالية التشاركية.
هذا وتتألف اللجنة المذكورة من منسق وتسعة أعضاء من العلماء الفقهاء المشهود لهم بالمعرفة الراسخة والإلمام الواسع بأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها، وبالقدرة على الإفتاء وبيان حكم الشرع في القضايا المعروضة( ).
كما ألزم القانون المنظم لهذه اللجنة، تعيين خمسة خبراء متخصصين دائمين على الأقل يقدمون الخبرة والاستشارة، ولا يشاركون في اتخاذ القرارات، وينتمون لمجال من مجلات القانون والمالية التشاركية والمعاملات البنكية وقطاع التأمينات وسوق الرساميل( ).
تصدر اللجنة آرائها بالمطابقة، باسم المجلس العلمي الأعلى، وذلك بإجماع أعضائها، وتحال عليها طلبات إبداء الرأي بالمطابقة من بنك المغرب.
وتبدي اللجنة الشرعية للمالية التشاركية رأيها بالمطابقة بشأن الأنشطة والعمليات التجارية والمالية والاستثمارية ونماذج العقود والمناشير المعروضة عليها المتعلقة بالمالية التشاركية، بناء على تقارير مفصلة وموثقة تتضمن المعطيات المتعلقة بكل نشاط أو عملية من العمليات أو نموذج من نماذج العقود أو مشروع من مشاريع المناشيرالمراد إصدارها، والاستنتاجات التي توصلت إليها بشأن مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية( ).
ب- الهيئات الداخلية لمراقبة المطابقة
ورد في المادة 64 من القانون رقم 103.12 أنه يجب على البنوك التشاركية إحداث هيئة تكون وظيفتها التقيد بآراء المجلس العلمي الأعلى، وبالتالي فهي تقوم بمهمة التدقيق الداخلي، وتنحصر مهمتها في:
التعرف على مخاطر عدم مطابقة عملياتها وأنشطتها لآراء بالمطابقة التي يصدرها المجلس العلمي الأعلى والوقاية منها.
-ضمان تتبع وتطبيق لآراء بالمطابقة الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى المذكور ومراقبة احترامها.
-السهر على وضع واحترام الدليل والمساطر الواجب احترامها.
-التوصية باعتماد التدابير المطلوبة في حالة عدم احترام مؤكد للشروط المفروضة عند تقديم منتوج للجمهور صدر في شأنه عن المجلس العلمي الأعلى رأي بالمطابقة.
ثانيا: استحضار البعد التشاركي في استثمارات كل من البنوك التشاركية وإدارة الأوقاف
تساهم البنوك التشاركية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى جانب ما تحققه على المستوى الاجتماعي في تنمية التعاون والتكافل والإخاء بين أفراد المجتمع .
كما لطالما كانت المؤسسات المشرفة على الوقف تعتمد البعد التشاركي في استثمار الأموال الوقفية، حيث ظل هذا البعد حاضرا في العديد من صيغ استثمار الوقف سواء التقليدية أو الحديثة( ).
وهذا البعد التشاركي هو ما يميز المالية التشاركية ويجعلها أكثر فاعلية في المجال الاستثماري؛ لأن أي نظام مالي مرتبط في آفاقه بمدى مشاركته للمجتمعات على مستوى الربح والتنمية الشاملة( ).
ويتمثل على مستوى البنوك التشاركية في مساهمتها في خدمة المجتمع والتصدي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية( )، “فهي مؤسسة مالية إسلامية ذات رسالة اقتصادية واجتماعية تعمل في ظل التعاليم الإسلامية، فهو بنك صاحب رسالة وليس مجرد بنك تاجر، بنك يبحث عن المشروعات الأكثر نفعا وليس مجرد الأكثر ربحا، البنك الإسلامي لا يهدف لمجرد تطبيق نظام مصرفي إسلامي، وإنما المساهمة في بناء مجتمع إسلامي كامل على أسس عقائدية وأخلاقية واقتصادية”( ).
وفي هذا السياق، يرى بعض الباحثين أن البنوك التشاركية حتى تتميز على البنوك التقليدية يجب أن تنشط على ثلاث مستويات، المستوى التجاري الصرف وهو مستوى مهم لأن هذه البنوك تجارية ومن حقها المضاربة من أجل تحقيق الربح عبر صيغ التمويل البديلة حتى تستمر، ويتعلق المستوى الثاني بالمساهمة في التنمية الاقتصادية من خلال طبيعة الاستثمارات التي تزاولها ودورها في تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة بتفعيل المشاركات وتشغيل الودائع الاستثمارية وهو مستوى أقل حضورا في قانون103.12مقارنة مع المستوى التجاري، رغم أنه أقر منتوجين يدخلان في هذا الإطار يتمثلان في الاستصناع الذي يناسب تمويل المقاولة ومنتوج السلم الذي يناسب تمويل المجال الزراعي، أما المستوى الثالث وهو الغائب الأكبر عن هذا القانون فيتعلق بالتنمية الاجتماعية ومدى تخصيص جزء من التمويلات والاستثمارات إلى الخدمات الاجتماعية الموجهة نحو الفئات الهشة، وبالتالي تكريس روح الاقتصاد الإسلامي القائم على التكافل والتعاون والتيسير على الناس وهذا يتحقق عبر تقديم القروض الحسنة والمساهمة في مأسسة الزكاة والوقف وغير ذلك( ).
تأسيسا على ما سلف، فإن كلا من المؤسسة الوقفية والبنك التشاركي، يشتركان في الارتكاز على مبدأ المشاركة والتعاون، حيث إلى جانب هدفهما إلى تحقيق الربح يضطلعان أيضا بتحقيق أهداف اجتماعية( ).

الفقرة الثانية: الاستجابة لمتطلبات مناخ الاستثمار
ترتبط التنمية الاقتصادية لأي مجال ارتباطا وثيقا بمدى الجهود المبذولة على مختلف المستويات لتحفيز الاستثمار ، خاصة في ظل راهنية احتدام المنافسة بين المستثمرين، حيث بات على المؤسسة الوقفية البحث عن صيغ لتمويل استثماراتها متوافقة مع متطلبات مناخ الاستثمار.
حيث تطورت أساليب الاستثمار الوقفي، وبرزت إلى جانت الصيغ التقليدية (الحكر، الاستبدال، المضاربة، الإجارة) صيغ جديدة لاستثمار أموال الوقف مثل المشاركة المنتهية بالتمليك، والإجارة المنتهية بالتمليك، والاستصناع والاستصناع الموازي)، وهي امتداد للصيغ المستخدمة من طرف البنوك الإسلامية والمرتكزة على المشاركات والمداينات( ).
وبالإضافة إلى هذه الخدمات والعمليات يجوز للبنوك التشاركية أن تمول عملائها بواسطة أي منتوج آخر لا يتعارض مع الشروط الواردة في المادة 54 من القانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، والذي تحدد مواصفاته التقنية وكذا كيفيات تقديمه إلى العملاء بمنشور يصدره والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان وبعد الرأي بالمطابقة الصادر عن المجلس العلمي الأعلى( ).
وبالتالي يمكن للبنوك التشاركية تسويق المنتجات التقليدية إلا ما تعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية بموجب المادتين 54 و57 من القانون 103.12حيث اشترط المشرع الرأي بالمطابقة الصادر عن المجلس العلمي الأعلى.
فيما يمكن للبنوك التقليدية وشركات التمويل والهيئات المعتبرة في حكم مؤسسات الائتمان تسويق المنتجات التشاركية بموجب المادة 61 بضوابط معينة( ).
حيث تقوم البنوك التقليدية بإنشاء نوافذ متخصصة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، ويتم فصل نشاط هذه النافذة عن باقي العمليات التقليدية، إذ تظل معنية فقط بالمعاملات التشاركية وإن كانت لا تتمتع بالاستقلال المالي والإداري اللازم بل تتبع في ذلك لإدارة المصرف التقليدي، وقد نظم هذه الطريقة منشور والي بنك المغرب رقم 3/و/ 17 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات مزاولة البنوك للأنشطة والعمليات التي تقوم بها البنوك التشاركية .
حيث اشترط هذا المنشور على البنوك التي ترغب في ممارسة العمليات البنكية التشاركة أن تحدث بنية خاصة بهذه العمليات ومستقلة عن باقي الأنشطة التقليدية تسمى ب”النافذة”، وأن تمنح لها مخصصا لا يقل مبلغه عن 200 مليون درهم يضاف إلى الحد الأدنى لرأسمال البنك ، وينبغي أن تلتزم هذه النافذة بقواعد المطابقة للآراء الصادرة عن المجلس العلمي الأعلى، وبإحداث وظيفة التقيد بآراء المطابقة ، وتعرض هذه النوافذ على واجهتها نفس الهوية البصرية للبنك الأصلي وشعاره، بيد أنه يجوز لها أن تضيف علامة مميزة أو لافتة صغيرة لإخبار العملاء بتخصصها في تسويق منتجات بنكية تشاركية داخلها .
وإن كان لهذه المسألة دور في تشجيع وتحفيز الاستثمار الإسلامي ولا سيما مجال الأوقاف لما له من أهمية اقتصادية واجتماعية، فهذا لا ينفي ضرورة التحفظ الذي يحفظ للمالية التشاركية خصوصيتها، ونقتبس في هذا الإطار ما جاء به أحد الباحثين من أن: “المعاملات المالية التشاركية تنم عن اضطرابها وذلك لكونها متأثرة بشكل كبير بالمالية الكلاسيكية، وإن شئت فقل أن المالية التشاركية وبعض مصطلحاتها مستمدة من المالية الكلاسيكية ولم تنشأ مستقلة، بل مرتبطة في بعض جوانبها مع بعضها البعض، الأمر الذي أدى إلى خلق زعزعة في كنه المالية التشاركية “.
خاتمة
حاولنا من خلال هذا البحث، معالجة آليات البنوك التشاركية لتمويل الاستثمار الوقفي، عبر تعريف البنوك التشاركية وعرض أبرز المنتجات الجديدة التي تقدمها والوسائل التمويلية التي توفرها، بالإضافة إلى معالجة مزايا تمويل الاستثمارات الوقفية من خلال البنوك التشاركية.
وتأسيسا على ذلك، تعتبر آليات التمويل لدى البنوك التشاركية ملائمة للاستثمار الوقفي، طالما أنها توافق أحكام الشريعة الإسلامية من جهة وتستجيب لمتطلبات مناخ الاستثمار من جهة أخرى، وهو ما من شأنه النهوض بالاستثمار الوقفي بما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لائحة المراجع
المراجع باللغة العربية
الكتب
أميرة عبد اللطيف مشهور، “الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي”ط1، مكتبة مدبولي، القاهرة، س 1991.
رمزي محمود، ” الصكوك الإسلامية في ضوء المعاملات المصرفية في الرأسمالية والإسلام وأسرار الصكوك في مصر والعالم”، دار النشر المعارف بالإسكندرية، ط 2014.
شوقي إسماعيل شحاتة، “البنوك الإسلامية”، دار الشروق، جدة 1977.
عبد الرحمان الحلو، “من أجل بنك إسلامي أفضل”، 1991.
عبد السلام فيغو، “العقود التشاركية”، دار نشر المعرفة”، الرباط، س2016.
فادي محمد الرفاعي، “المصارف الإسلامية”، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، س2004.
فلاح حسن الحسيني ومؤيد عبد الرحمان الدوري، “إدارة المصارف –مدخل كمي واستراتييجي معاصر “، ط1، دار وائل للنشر، عمان، س 2000.
مجيد سالم الشرع، “المراجعة عن المسؤولية الاجتماعية في المصارف الإسلامية”، نشر بدعم من البنك الإس لامي الأردني للتمويل والاستثمار، الأردن، س2002-2003.
محمد سليمان الأشقر، “عقد الاستصناع”، بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة، الجزء الأول، دار النفائس، عمان، 1998.
الأطاريح
عبد الرزاق اصبيحي، “الحماية المدنية للأوقاف العامة بالمغرب”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، الرباط، س 2006-2007.
المقالات
آمنة سميع، “عقد المضاربة بين أحكام الفقه الإسلامي والقانون المغربي”، مقال منشور ب: مجلة القضاء المدني، سلسلة “دراسات وأبحاث”: “البنوك التشاركية دراسات مقارنة معمقة في الإطار القانوني والمؤسساتي وأدوات التمويل والاستثمار”.
رجاء التازي، “المراكز الجهوية للاستثمار-أداة لبلورة سياسة القرب”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، ع 64، شتنبر –أكتوبر2005.
رفيقة صباغ، هند مهداوي، “التمويل المصرفي الإسلامي حل بديل للأزمات العالمية”، مقال منشور في المجلة الدولية للمالية، ع3: “ضبط النظام المالي الإسلامي”، س 2017.
عمر العسري، سناء أسرير، “توسيع نطاق الشمول المالي للخدمات المصرفية بالمغرب”، “، مقال منشور في المجلة الدولية للمالية، ع3: “ضبط النظام المالي الإسلامي”، س 2017.
عزمي وصفي عوض، “الطبيعة التنموية لصيغ التمويل الإسلامية المستخدمة من قبل البنوك الإسلامية الفلسطينية في عملياتها التمويلية لدفع عجلة التنمية والنشاط الاقتصادي (2010-2015)، “، مقال منشور في المجلة الدولية للمالية، ع3: “ضبط النظام المالي الإسلامي”، س 2017.
عبد المهيمن حمزة، “تأملات نقدية حول الإطار القانوني والتنظيمي لعمل البنوك التشاركية”، مقال منشور ب: مجلة القضاء المدني، سلسلة “دراسات وأبحاث”: “البنوك التشاركية دراسات مقارنة معمقة في الإطار القانوني والمؤسساتي وأدوات التمويل والاستثمار”، مؤلف جماعي محكم تحت إشراف وتنسيق عبد المهيمن حمزة.
محمد لفريخي، “الاستثمار المالي للأموال الوقفية والمالية التشاركية”، مجلة القانون التجاري، ع4، س2017.
مروان القرفي، “صيغ التمويل العقاري في البنوك التشاركية “المرابحة العقارية نموذجا”، مقال منشور ب: مجلة القضاء المدني، سلسلة “دراسات وأبحاث”: “البنوك التشاركية دراسات مقارنة معمقة في الإطار القانوني والمؤسساتي وأدوات التمويل والاستثمار”.
مروان بوسيف، “الأصول الفقهية لمنتوج الاستصناع كأداة للتمويل التشاركي”، مقال منشور ب: مجلة القضاء المدني، سلسلة “دراسات وأبحاث”: “البنوك التشاركية دراسات مقارنة معمقة في الإطار القانوني والمؤسساتي وأدوات التمويل والاستثمار”.
محمود ميسين، “الالتزام بالمطابقة في الفقه الإسلامي وتطبيقه على البنوك التشاركية”، مقال منشور ب: مجلة القضاء المدني، سلسلة “دراسات وأبحاث”: “البنوك التشاركية دراسات مقارنة معمقة في الإطار القانوني والمؤسساتي وأدوات التمويل والاستثمار”.
يوسف حمومي، “التكيف الفقهي والقانوني لتلقي وتوظيف الودائع البنكية مقابلة بين عمل البنوك الكلاسيكية والتشاركية”، مقال منشور ب: مجلة القضاء المدني، سلسلة “دراسات وأبحاث”: “البنوك التشاركية دراسات مقارنة معمقة في الإطار القانوني والمؤسساتي وأدوات التمويل والاستثمار.
المواقع الإلكترونية
هشام سالم حمزة، “الوقف النقدي وتمويل الاستثمار الوقفي”، مقال منشور على الموقع الإلكتروني: https://search.emarefa.net.
المراجع باللغة الفرنسية
Chahid Slimani, Meryem El Ghazi, « Le Financement participatif fondé sur l’association: la technique de la moucharaka immobilière », Article publié sur :
Revue de la Jurisprudence Civile, Série “Études et Recherches”: “Les Banques Participatives : Études Comparatives Approfondies du Cadre Juridique, Institutionnel et des Outils de Financement et d’Investissement”.
Hamid El Gabidi : Les Banques Islamiques, Economica 1990.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى