رقابة القضاء الإداري المغربي على القرارات المتعلقة بالصفقات العمومية – يوسف ادريدو
رقابة القضاء الإداري المغربي على القرارات المتعلقة بالصفقات العمومية
يوسف ادريدو دكتور في القانون العام
تعتبر الصفقات العمومية من بين الآليات القانونية التي تساعد الدولة وهيآتها على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتنزيل مخططاتها وسياساتها العمومية في مجال الأشغال والخدمات والتوريدات،ويخضع إبرام الصفقات العمومية وتنفيذها وإنهاؤها لأشكال متنوعة من الرقابة، منها الرقابة الإدارية الداخلية التي تمارسها الإدارة المعنية بكيفية ذاتية،والرقابة الإدارية الخارجية التي تمارسها سلطة الوصاية ولجنة الصفقات،والرقابة المالية التي تمارسها وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عن طريق الآمرين بالصرف والمراقبيين والمحاسبيين العموميين، ورقابة مالية يمارسها المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، ورقابة القضاء الإداري الذي يعود له اختصاص البت في النزاعات الناشئة عن الصفقات العمومية باعتبارها من العقود الإدارية طبقا لمقتضيات المادة الثامنة من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه المحاكم الإدارية[1].
وفي هذا الصدد فإن الدور المفترض القيام به من لدن القاضي الإداري يتجلى من خلال ضمان حد معين من التوازن بين طرفي العلاقة التعاقدية والتكامل بين متطلبات حماية المصلحة العامة والمال العام موضوع الصفقة من جهة، وبين كافة الحقوق المخولة للمتعاقد مع الإدارة من جهة أخرى، وكل ذلك في استحضار تام للأهداف المتوخاة من مرسوم الصفقات العمومية[2] من تثمين للقواعد التي تشجع على حرية المنافسة وإلزام صاحب المشروع بضمان الإعلام المناسب والمنصف لجميع المتنافسين، وترسيخ أخلاقيات الإدارة، واعتماد وسائل الطعن واللجوء للمصالحة لتسوية النزاعات المتعلقة بإبرام الصفقات العمومية.
ويعرف مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية المذكور الصفقة في البند 13 من المادة 4 بكونها عقد بعوض يبرم بين صاحب مشروع من جهة وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى، يدعى مقاولا أو موردا أو خدماتيا، وتهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات.
ويتميز عقد الصفقة العمومية بوجود العديد من الإجراءات الممهدة لنشوئه، بدءا بإعلان المنافسة، ومرورا بفحص التعهدات، وبالبت في العروض لمعرفة نائل الصفقة، وانتهاء بالمصادقة عليها.
وإذا كانت الإدارة (صاحبة المشروع) تتمتع بسلطة تقديرية في مرحلة ما قبل إبرام العقد الإداري، حيث يمكنها إصدار قرارات منفصلة عن العقد ومتصلة بتنظيم المنافسة، كالقرار المتعلق بإبرام العقد، أو القرار المتعلق بإقصاء المتنافس من الصفقة العمومية، فإن الإدارة تستعمل هذه السلطة تحت رقابة القضاء الإداري الذي يراقب جميع القرارات التي تتخذها سواء في المرحلة التمهيدية أو في مرحلة إبرام العقد.
إن المرحلة التي تسبق عملية إبرام الصفقات العمومية أو التي تكون متصلة بها تطرح عدة اشكالات قانونية وتثير نزاعات مهمة بين المتنافسين والادارة صاحبة المشروع،مما دفع الاجتهاد القضائي الإداري إلى وضع آليات بين يدي المتنافس المتضرر من شأنها احترام المبادئ المتعلقة بالشفافية والعلانية ومبدأ المنافسة، وذلك من خلال رقابة قاضي الإلغاء على مشروعية القرارات المنفصلة عن الصفقة العمومية، وفي هذا الصدد سنتعرض لشروط اختصاص قضاء الإلغاء بالطعون ضد القرارات المنفصلة، ولصور وحالات القرارات القابلة للطعن بالإلغاء في مجال الصفقات العمومية،مع تبيان دور القضاء الاستعجالي الإداري قبل التعاقدي كإجراء قضائي مستعجل يستهدف حماية قواعد العلانية والمنافسة قبل إتمام العقد الإداري (المبحث الأول)، كما سنتطرق للآثار القانونية المترتبة عن الاستجابة للطعن بإلغاء القضاء للقرارات المنفصلة. (المبحث الثاني)
المبحث الأول:رقابة قضاء الإلغاء على مشروعية القرارات المنفصلة عن الصفقة العمومية
استقر الفقه والقضاء على أن القرارات الممهدة لتكوين العقد الإداري التي تصدرها الجهة الإدارية المتعاقدة، خلال المراحل التمهيدية للتعاقد، تعتبر قرارات إدارية منفصلة عن العملية التعاقدية، وتعد من حيث موضوعها قرارات إدارية نهائية أصدرتها الإدارة بوصفها سلطة عامة لا سلطة تعاقد، وتكون خاضعة لرقابة قاضي الإلغاء، وذلك تطبيقا لنظرية القرارات الإدارية المنفصلة أو القابلة للانفصال عن العقد ( Actes détachables) التي ابتدعها القضاء الإداري الفرنسي، والتي فتحت الباب أمام الأغيار وكذا أمام المتعاقدين مع الإدارة للطعن بالإلغاء في القرارات التي تتخذها الإدارة بصفة منفردة، متى كانت منفصلة عن العقد أو كان ممكنا فصلها عنه، مع الإبقاء على الاختصاص الأصيل لقاضي العقد في النظر في القرارات المتصلة بهذا العقد، أي القضاء الشامل باعتبار الصفقات العمومية عقودا إدارية[3].
فعندما كان القضاء الإداري يأخذ بنظرية الإدماج، لم يكن يعترف بوجود القرارات الإدارية المنفصلة، ولم يسلم بإمكانية الطعن فيها بالإلغاء، على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من العقد الإداري ([4]) وينبغي اللجوء بشأنها إلى قاضي العقد. (القضاء الشامل)،لكن بعد ظهور القرارات الإدارية المنفصلة في مطلع القرن العشرين، بدأ مجلس الدولة الفرنسي يقبل الطعن فيها بالإلغاء، لكونها قرارات تساهم في تكوين العقد الإداري ، وتدخل في عداد القرارات الصادرة عن السلطات الإدارية، على اعتبار أن عملية التعاقد لم تعد تشكل وحدة متماسكة بل يمكن تجزئتها إلى عدة وحدات،([5]) فالقرارات التي تصدرها الإدارة في مرحلة تكوين العقد الإداري كقرار الإقصاء من المشاركة في الصفقة،والقرارات المتعلقة بالمصادقة عليها، هي في جوهرها قرارات إدارية نهائية أصدرتها الإدارة بوصفها سلطة عامة لا سلطة تعاقد، الشيء الذي يجعلها قابلة للطعن بالإلغاء، متى توفرت فيها شروط قبول دعوى الإلغاء[6]، وذلك خلافا للقرارات التي تصدرها الجهة الإدارية تنفيذا لأحد بنود الصفقة العمومية.
فماهي شروط اختصاص قضاء الإلغاء بالطعون ضد القرارات المنفصلة، وماهي صور وحالات القرارات القابلة للطعن بالإلغاء في مجال الصفقات العمومية (المطلب الأول) وماهو دور القضاء الاستعجالي الإداري قبل التعاقدي كإجراء قضائي مستعجل يتوخى حماية قواعد العلانية والمنافسة بشكل فعال قبل إتمام العقد الإداري (المطلب الثاني) ؟
المطلب الأول: شروط اختصاص قضاء الإلغاء بالطعون ضد القرارات المنفصلة وحالاتها
سنتعرض من خلال هذا المطلب لشروط اختصاص قضاء الإلغاء بالطعون ضد القرارات المنفصلة، وذلك في الفرع الأول، على أن نتطرق في الفرع الثاني لحالات القرارات الإدارية القابلة للانفصال في المرحلة الممهدة للتعاقد.
الفرع الأول: شروط اختصاص قضاء الإلغاء بالطعون ضد القرارات المنفصلة
إذا كان القرار المنفصل عن عقد الصفقة يخضع الطعن فيه لولاية قضاء الإلغاء، فإن لهذا الطعن شروطا يتعين توافرها، تتجسد في وجوب أن يكون القرار الإداري نهائيا وباتا، وأن يكون القرار الإداري المنفصل مشوبا بأحد عيوب عدم المشروعية، وأخيرا إقامة دعوى الإلغاء في الميعاد.
الفقرة الأولى :يجب أن يكون القرار الإداري نهائيا وباتا
القرار الإداري المنفصل عن العقد الإداري، شأنه في ذلك شأن كافة القرارات الإدارية يتعين لقبول طلب إلغائه أن يكون نافدا دون حاجة لتصديق سلطة تعلو سلطة إصداره، ولذا فقد استبعد مجلس الدولة الفرنسي من دائرة الطعن بالإلغاء:
-الأعمال التمهيدية التي لا تتوافر فيها صفة القرار الإداري، مثل الأعمال التحضيرية للقرار والتعليمات والمنشورات الدورية[7] والآراء الاستشارية سواء من الأفراد أو الهيئات، وإجراءات التحقيق السابقة على تحرير العقد.([8])
– القرارات غير النهائية، مثل إجراءات الإعلان عن المناقصات ونماذج المناقصات والمزايدات.([9])
الفقرة الثانية: يجب أن يكون القرار الإداري المنفصل مشوبا بأحد عيوب عدم المشروعية
عيوب عدم المشروعية حددها مجلس الدولة الفرنسي، في عيوب عدم الاختصاص ومخالفة القوانين، وصدور القرار في غير الأشكال التي نص عليها القانون، أو إذا كان مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة، أو عيب السبب لعدم استناد القرار الإداري المنفصل على أسباب قانونية ومشروعة.
فالقرار الإداري المنفصل لا يختلف في تكوينه ومشروعيته عن القرارات الإدارية التي تصدرها الإدارة بصفة عامة، وعليه فقد يستند الطعن في القرار الإداري المنفصل على عيب ذاتي أصاب القرار وخاص به، بصرف النظر عن سلامة العملية التعاقدية ذاتها التي قد تكون صحيحة في جميع مراحلها.
الفقرة الثالثة : إقامة دعوى الإلغاء في الميعاد
إن القرار الإداري المنفصل عن العقد هو قرار تنظيمي، مما يستلزم على طالب إلغائه إقامة دعواه قبل مرور ستين يوما من تاريخ نشره أو إعلام المعني بالأمر به، أو علمه بصدوره علما يقينيا.
الفرع الثاني: حالات القرارات القابلة للانفصال
يصدر صاحب المشروع العديد من القرارات الإدارية النهائية التي قبل القضاء الإداري فصلها عن العملية التعاقدية وأجاز الطعن فيها بالإلغاء، ولصعوبة حصر هذه القرارات، سنكتفي بالتعرض لبعضها على سبيل المثال لا الحصر، كالقرارات المرتبطة بإقصاء التعهدات والعروض، والقرارات المتصلة بعملية التوقيع على العقد أو المصادقة عليه، و القرارات المتصلة بتنفيذ العقد أو إنهائه.
الفقرة الأولى: إقصاء التعهدات والعروض
باستقراء جملة من القرارات والأحكام القضائية الصادرة في الموضوع، يتبين بأن مناط رقابة قاضي الإلغاء ينصب أساسا على تقدير مستوى وحجم السلطة التقديرية التي تتمتع بها الإدارة صاحبة المشروع في ممارستها لسلطة الإقصاء غير المشروع من المشاركة في الصفقات العمومية، حيث يمكن التمييز بين مستويين من الرقابة، يتعلق الأول بإقصاء التعهدات (الفقرة الأولى)، في حين ينصب الثاني على إقصاء العروض(الفقرة الثانية)، ليبقى السؤال مطروحا بخصوص النتائج المترتبة عن هذا الإقصاء. (الفقرة الثالثة).
يحدد مرسوم 20 مارس 2013 شروط صحة التعهدات [10] وينيط بلجنة طلب العروض مهمة الحرص على التطبيق السليم لتلك الشروط، وما يقتضيه نظام الاستشارة الذي يعده صاحب المشروع مسبقا، من خلال فحص الملفات الإدارية والتقنية التي يتم إيداعها من قبل المقاولين.
وتكون سلطة صاحب المشروع في إقصاء التعهدات مقيدة بهذه الضوابط للحد من نزوع الادارة الى تضييق نطاق حق ولوج سوق طلبيات العمومية بشكل مناف لضوابط المنافسة .
وعليه، فإن اجتهاد القضاءالإداري[11] الصادر في الموضوع استقر على قاعدة مفادها أن وجود نظام قانوني يحدد شروط وكيفيات ابرام الصفقات العمومية يتنافى والقول بصلاحيات تقديرية مطلقة للإدارة فيما يخص إبرام الصفقات ، مما يقتضي الحدمن السلطة التقديرية للإدارة من خلال سن بعض الضوابط المقيدة لتلك السلطة ، من قبيل فرض الرقابة على الأصول الواقعية للسبب المعتمد من طرف لجنة فتح الأظرفة في إقصاء المتعهد، وعدم الانحراف في استعمال السلطة المذكورة، ذلك أن الإدارة وإن كانت تتمتع بحرية اختيار المقاول أو الممون الذي يحظى بالأسبقية ولو لم يكن هو المقاول أو الممون المتقدم بأدنى ثمن، إلا أنه وفق مقتضيات مرسوم الصفقات العمومية يتعين على لجنة طلب العروض تبرير قرار اختيارها للمرشح المقبول، بالنظر إلى أن تسبيب القرار يعد من أهم الضمانات التي تجعل المقاول أو الممون يطمئن على أن الاجراءات المتخذة لإبرام الصفقة قد تمت في إطار قانوني وواقعي شفاف، وتمكن القضاء الإداري من مراقبة كيفية تدبير المال العام[12].
إعمالا لذلك قضت المحكمة الادارية بأكادير بأن سبب الإقصاء ارتكز على غير أصول تنتجه، فلم يبين المؤهلات التقنية لكل مرشح ليكشف عن قانونية السبب المعتمد لإقصاء الطاعنة، حتى يمكن استخلاصه استخلاصا سائغا من أصول تنتجه ماديا وقانونيا، وبذلك تكون الإدارة قد انحرفت في استعمال السلطة مما يعرض القرار المطعون فيه للإلغاء.[13]
واعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط[14] بأن للإدارة سلطة تقديرية في اختيار العروض المقدمة أثناء جلسة فتح الأظرفة واختيار أي منها، ولا رقابة للقضاء عليها ما لم يكن هناك انحراف في استعمال السلطة … وما دامت الإدارة غير ملزمة بتبرير سبب إقصاء الطاعنة، فإنه كان على هذه الأخيرة أن تدلى بما يثبت الانحراف في استعمال السلطة الذي تدعيه، وهو موقف مطابق لرأي محكمة النقض بشأن نفس المسألة.([15])
وتبقى الرقابة القضائية على حالات الإقصاء من العروض هي الأخرى جديرة بالاهتمام لما لها من ارتباط بمبدأ المنافسة.
إن المنازعة المتعلقة بإقصاء العروض قد تشمل عملية تقييم العروض(أولا)،أو عدم اعتماد صاحب المشروع الاختيار المقترح من طرف لجنة طلب العروض (ثانيا) ، وفي هذا المقام يثور التساؤل حول النتائج المترتبة عن الإقصاء غير المشروع من المشاركة في الصفقات العمومية من حيث مدى اعتبار المطالبة بالتعويض عن قرار الإقصاء رهينة بالطعن في هذا القرار بالإلغاء(ثالثا).
أ: الإقصاء الناجم عن تقييم العروض
تتسم مقررات إقصاء العروض عن مقررات إقصاء التعهدات بخاصيتين، الأولى يكون صاحب الصفقة ملزما بإخبار المتنافسين الذين تم إقصاؤهم برفض عروضهم برسالة مع الإشعار بالتوصل ، في أجل لا يتعدى خمسة أيام، ابتداء من تاريخ انتهاء انتقاء اللجنة، والثانية تتعلق بإلزامية ذكر أسباب هذا الإبعاد.
وبذلك أصبحت سلطة الإدارة مقيدة باعتماد المقاييس الواردة بأنظمة الاستشارة والانتقاء، وبذكر الأسباب التي اعتمدتها لإقصاء العروض، وفي هذا الصدد اعتبرت المحكمة الإدارية بفاس[16] في حكمها بتاريخ 22/5/2017 أن عدم إشارة وصل الضمان المؤقت المدلى به من طرف المدعيتين في إطار طلب العروض رقم 55/2014 بتاريخ 16/10/2014 إلى اسم وصفة الشخص الموقع على هذا الوصل، ليس من شأنه النيل من صحة هذا الوصل، وأن قرار إقصاء عرضهما من المشاركة في الصفقة العمومية المتعلقة بالمراقبة الطوبوغرافية لإنجاز أشغال المنشآت الفنية للطريق السريع تازة كاسطة الشطر رقم 2 و1 موضوع طلب العروض المذكور المتخذ من طرف لجنة العروض تأسيسا على ما
ذكر يبقى غير مشروع.
غير أن هناك اعتبارات ترتبط بحسن تدبير المال العام تقتضي منح الإدارة هامشا من الحرية وتمكينها من هامش من السلطة التقديرية في اختيار العرض الأصلح ، طالما لم يتسم قرارها بالانحراف في استعمال السلطة، ومن هذه الاعتبارات هناك مراعاة الضمانات العينية والشخصية لإنفاق المال العام [17]، تأكيدا لذلك اعتبرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض[18] ” أنه على الرغم من تقديم الطاعنة لأرخص عطاء ، فإن الغاية من الصفقات العمومية تظل تحقيق المصلحة العامة وأنه لبلوغ هذا الهدف ، لابد من تخصيص أموال عامة ، وتكون الإدارة مؤهلة لاتخاذ جميع التدابير والاحتياطات ، والبحث عن كافة الضمانات العينية والشخصية لإنفاق تلك الأموال فيما أعدت له.. نتيجة لذلك حرص المشرع وسار في هذا السياق كل من الفقه والقضاءالإداري على منح الادارة أكبر قدر من الحرية لاختيار المتعاقد الأنسب والأصلح، انطلاقا من عدة معطيات أهمها حقها في تقييم وتغليب الجانب الاقتصادي والكيفي، والاعتبارات التي وضعتها،مما يتعين القضاء برفض طلب الطاعنة”.
غير أنه إذا كان القاضي الإداري لا يتردد في التصريح بتمتع صاحب المشروع بسلطة تقديرية في إطار نظام صفقات الدولة، تخول له اختيار العروض المطروحة عليه، دون أن يكون خاضعا إلى رقابة القضاء، طالما لم يتسم قراره بالانحراف في استعمال السلطة، الذي يتعين أن يقوم الدليل على حصوله بسعي من المتنافس صاحب العرض المقصي،[19] فإنه إذا أقصيت المقاولة من المنافسة بدون سبب مشروع، يمكن لها الطعن في قرار إقصائها لأحد أسباب عدم المشروعية في إطار دعوى الإلغاء، و في هذا الصدد جاء في حكم إدارية الرباط[20] و هي تلغي قرار إقصاء الطاعنة من المناقصة ما يلي : “حيث إنه من المتفق عليه فقها و قضاء، أن أي قرار إداري يجب أن يكون مبنيا على سبب يبرره، و هذا السبب هو الحالة القانونية والواقعية التي تبرر صدوره، لكن حيث إن المدعى عليها لم تثبت قيام السبب المتدرع به من حيث الواقع، مما يكون قرارها قد بني على وقائع غير صحيحة، وبالتالي متسما بتجاوز السلطة لعيب السبب، ويتعين التصريح بإلغائه”.
ب: الإقصاء الناجم عن رفض المصادقة (عدم اعتماد صاحب المشروع الاختيار المقترح من طرف لجنة طلب العروض).
يتعلق الأمر بإقصاء المتعهد الذي رست عليه الصفقة، باعتباره صاحب أفضل عرض حسب النتائج المعلن عنها بعد انتهاء أشغال لجنة طلب العروض، فهو رفض للسلطة المختصة المصادقة على الصفقة، علما أن المشرع المغربي أعطى لقرارات لجنة طلب العروض قوة ملزمة، حيث أصبح صاحب المشروع (الإدارة) ملزما بالأخذ بالاختيار الذي أقرته هذه اللجنة، حيث تنص المادة 44 من مرسوم 20 مارس 2013 في فقرتها الأخيرة على أن السلطة المختصة لا يمكنها أن تغير الاختيار الذي أقرته لجنة طلب العروض.
إن قرار لجنة طلب العروض، بترسية الصفقة على صاحب أفضل عرض، يبقى قرارا مؤقتا بالنسبة لعملية الإبرام المركبة، والهادفة إلى التحضير لصدور قرار المصادقة، الذي يضفي على الالتزام التعاقدي للطرفين الصبغة النهاية، كذلك فالسلطة المختصة لا تملك صلاحية تغيير نتائج أشغال لجنة طلب العروض، بغاية استبدال نائل الصفقة بمتعهد آخر من اختيارها دون أن تكون ملزمة باعتماد طلب العروض.
ورقابة القضاء الإداري على ممارسة هذه الصلاحيات تتأرجح بين ضرورتين: ضرورة حماية السلطة التقديرية للإدارة عندما تسعى للحفاظ على المصلحة العامة، وضرورة حماية حقوق ومصلحة نائل الصفقة عند انحراف السلطة المختصة عن الغايات المشروعة لمقرر رفض المصادقة.([21])
1-حماية السلطة التقديرية للإدارة
إن الاجتهاد القضائي للمحكمة الإدارية بالرباط جاء بقاعدة مضمونها” أن صاحب المشروع غير ملزم باعتماد طلب العروض والمصادقة على الصفقة، في حالة ما إذا حتم الحفاظ على المصلحة العامة ذلك”،([22])فهذه الأخيرة تقتضي إلغاء طلب العروض من طرف الإدارة صاحبة المشروع، التي وضعت يديها على مجموعة من الإخلالات والشوائب التي اعترت عملية تقييم العروض، والمتمثلة أساسا في استبعاد أحد المتعهدين بدون وجه حق، بعلة استفادته من حصة سابقة، وإرساء الصفقة على الطاعن لمجرد اقتراحه السعر الأقل.
يشكل هذا الرأي امتدادا لاجتهاد محكمة النقض، التي سبق لها تكريس قاعدة تمتع صاحب المشروع بسلطة تقديرية، تخوله عدم اعتماد نتائج عملية تقييم العروض، شريطة أن تكون له غاية مشروعة تعصمه من الانحراف في استعمالها.[23]
وقد أكدت المحكمة الإدارية بالرباط توجهها السابق في حكم لاحق، مصرحة بأنه لا تثريب على السلطة المختصة عندما ترفض المصادقة استنادا إلى تظلم إحدى الشركات المتنافسة بسبب عدم مشروعية إقصائها، وتأمر بتنظيم طلب عروض جديد من نفس موضوع الصفقة المعنية بمقرر رفض المصادقة،([24]) وهي نفس القاعدة التي تنص عليها المادة 45 من مرسوم 20 مارس 2013 المنظم لصفقات الدولة، بخصوص الحالات التي يمكن فيها للسلطة المختصة إلغاء طلب العروض، ومن ضمنها حالة الكشف عن عيب في مسطرة إبرام الصفقة، وحالة تقديم أحد المتنافسين شكاية مبنية على أساس.
2-حماية حقوق نائل الصفقة
إذا ثبت أن رفض المصادقة على الصفقة من لدن الإدارة لم يستند على المصلحة العامة، أمكن إلغاء هذا القرار لمخالفته للقانون، وهو ما صرحت به المحكمة الإدارية بأكادير التي أكدت :”اعتبار الإدارة لاستعمال الطاعنة لحقها في التشكي والتقاضي شغبا وعرقلة لأعمال الإدارة، واستعملته مبررا لعدم المصادقة على الصفقة، أمر غير جائز قانونيا ومن شأنه حرمان أي مواطن يقاضي الإدارة من المصادقة على الصفقات الراسية عليه، ويفرغ القرار الإداري من هدفه الأسمى وهو تحقيق المصلحة العامة، ليصبح عقابا للطاعنة على استعمال حقها في التقاضي.”([25]) وبذلك تم الحكم بإلغاء قرار رفض المصادقة لكونه منعدم التعليل ومخالف للقانون.
وعموما فإن الإدارة لا تتمتع بحرية كاملة في اختيار من تتعاقد معه، وإنما تخضع لبعض القيود والمساطر القانونية يتعين عليها سلوكها تحت رقابة القضاء الإداري لاختيار أفضل عرض من الناحية الاقتصادية، ضمانا للتدبير الجيد للمال العام، ولتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المنشود.
كما أن العمل القضائي الاداري يجمع على اعتبار هذه القرارات المنفصلة عن العملية التعاقدية قابلة بطبيعتها للمخاصمة عن طريق دعوى الالغاء، طالما أنها تستجمع مواصفات وأركان القرار الاداري التنفيذي الذي يمس بذاته المركز القانوني للطاعن،ويتعلق الأمر بالقرارات الادارية التي تصدر من طرف المصلحة المتعاقدة أثناء المراحل التمهيدية للتعاقد ومن بينها قرارات لجنتي فتح الأظرفة وتقييم العروض، قرارات الاستبعاد والحرمان من المشاركة في الصفقة العمومية، قرار إلغاء الصفقة، و قرار المنح المؤقت للصفقة.
ثالثا: النتائج المترتبة عن الإقصاء غير المشروع من المشاركة في الصفقات العمومية
يترتب عن الإقصاء التعسفي من المشاركة في الصفقات العمومية استحقاق المتنافس الذي أقصي عرضه بشكل غير مشروع تعويضا عن فوات فرصة الكسب جراء ذلك، إلا أن الإشكال المطروح في هذا المقام هو مدى أحقية المتضرر من قرار الإقصاء في اللجوء مباشرة إلى القضاء الشامل من أجل المطالبة بالتعويض عن هذا القرار، أم أنه ملزم بسلوك مسطرة الطعن بالإلغاء في هذا القرار، واستصدار حكم نهائي يقضي بعدم مشروعيته.
1-المطالبة بالتعويض عن قرار الإقصاء رهينة بالطعن بالإلغاء في نفس القرار
إن عدم طعن المدعية بالإلغاء في قرار إقصائها من المشاركة في الصفقة ، وعدم استصدارها لحكم نهائي يقضي بعدم مشروعيته، يفقدها حق المطالبة بالتعويض عن هذا القرار، وهو الموقف الذي عبرت عنه المحكمة الإدارية بفاس [26] في حكم صادر عنها بتاريخ 16/12/2014 ، إذ نصت حيثيات الحكم على أنه “: حيث صح ما نعاه الوكيل القضائي على الطاعنة ذلك أن هذه الأخيرة تؤسس دعواها على عدم مشروعية مقرر الإقصاء واعتباره بالتالي خطأ موجبا للتعويض عن الضرر الناتج عنه، والحال أن هذا المقرر لا زال مشروعا ولم يسبق أن كان محل طعن قضائي، ولذلك كان على المدعية أن تطعن في هذا القرار وداخل الأجل المنصوص عليه في المادة 23 من قانون 90.41 المحدثة بموجبه محاكم
إدارية قبل مطالبتها بالتعويض، مما يجعل دعواها معيبة شكلا ويتعين التصريح بعدم قبولها”.
2- المطالبة بالتعويض عن قرار الإقصاء باللجوء مباشرة إلى القضاء الشامل
تراجعت المحكمة الإدارية بفاس[27] عن توجهها السابق وذلك تماشيا مع اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، واعتبرت في حكمها بتاريخ 22/5/2017 أن المطالبة بالتعويض عن قرار الإقصاء ليست رهينة بالطعن في هذا القرار بالإلغاء، واستصدار حكم نهائي بعدم مشروعيته، بل يكفي أن تتحقق عدم مشروعية هذا القرار عند النظر مباشرة في دعوى التعويض الإداري، وذلك خلافا للدفع المثار من طرف السيد الوكيل القضائي والمتمثل في عدم قيام المدعيتين باستصدار حكم يقضي بعدم مشروعية قرار الإقصاء الذي تحصن بفوات أجل الطعن فيه، إذ نصت حيثيات الحكم على أن”: لكن حيث إن ربط مسؤولية الإدارة عن قراراتها الإدارية بوجوب سبق الطعن فيها عن طريق دعوى الإلغاء هو قول لا يستقيم وقواعد العدل والإنصاف، وفيه تقييد واضح لمبدأ الحق في التقاضي ومخالفة صريحة للاجتهاد القضائي الإداري وبالأخص اجتهاد الغرفة الإدارية بمحكمة النقض والتي جاء في إحدى قراراتها ” إن عيب عدم المشروعية في القرار الإداري إما أن يحكم به مباشرة بإلغاء ذلك القرار أو بطريقة غير مباشرة بطلب التعويض عنه، فإذا أغلق باب الطعن بالإلغاء لأي سبب من الأسباب، جاز مع ذلك للمحكمة الاستظهار بركن عدم المشروعية عند النظر في طلب التعويض وحيث إنه وتأسيسا على ما سبق وخلافا للدفع المثار لا تكون المطالبة بالتعويض عن قرار إداري رهينة بالطعن فيه بالإلغاء واستصدار حكم نهائي بعدم مشروعيته، بل يكفي أن تتحقق عدم المشروعية عند النظر مباشرة في دعوى التعويض الإداري على غرار الدعوى الحالية”.[28]
الفقرة الثانية: القرارات المتصلة بعملية التوقيع على العقد أو المصادقة عليه
يميز مجلس الدولة الفرنسي بين العقد الذي لا يجوز الطعن فيه بالإلغاء، وبين القرار الذي يسبق الإبرام، وفي هذا يقول العميد هوريو :”عندما يبرم العمدة عقدا، فإن الأمور تسير كما لو كان قد اتخذ قرارا مسبقا يعلن بواسطته للكافة على أنه سيقوم بإبرام العقد، هذا القرار الضمني يسبق العقد ويقبل الانفصال عنه،”([29]) بمعنى أدق أن القضاء الإداري أقام تفرقة بين القرار الذي بمقتضاه تبرم الإدارة العقد، وبين العقد نفسه على الرغم من أنه لا يوجد سوى عمل قانوني واحد، من ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي[30] في قضية Département de la creuse، التي قبل فيها الطعن بالإلغاء ضد قرار الإدارة بإبرام العقد، وهو القرار الذي يوقع بمقتضاه الوزير على الاتفاق.
وقد طبق القضاء الإداري بمصر[31] المنهج ذاته، معتبرا أنه يكون الطعن في القرار الصادر بإبرام العقد أمرا جائزا قانونا، لأن إبرام العقد والمراحل السابقة عليه تعتبر قرارات إدارية تستند إلى السلطة العامة لجهة الإدارة .
وبالمغرب، إذا كان مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية قد اشترط في مادته 152 لصحة صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أن تتم المصادقة عليها من طرق السلطة المختصة، فقد استقر الاجتهاد القضائي المغربي على أن قرار الإدارة بالمصادقة أو رفض المصادقة على العقد الإداري يعد قرارا منفصلا عن هذا العقد، وفي هذا الإطار نشير لحكم المحكمة الإدارية بأكادير،[32] في قضية الوكالة الصناعية والتجارية بأكادير ضد مدير هندسة المياه بوزارة الأشغال العمومية والتجهيز، الذي أصدر قرارا برفض المصادقة على المناقصة التي فازت بها الطاعنة، فاعتبرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في معرض تأييدها للحكم المستأنف الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير أن المقرر المطعون فيه صادر عن جهة مختصة وأن توخيه المصلحة العامة يعصمه من أي إلغاء.
الفقرة الثالثة: القرارات المتصلة بتنفيذ العقد الاداري أو إنهائه
أبدى الاجتهاد القضائي الإداري بعض التحفظات بالنسبة للقرارات الخاصة بتنفيذ العقد الإداري أو إنهائه، متأثرا بوجهة نظر بعض الفقه الذي اعتبر أن العقد الإداري بمجرد ما يبرم يضفى عليه الطابع النهائي، وبالتالي لا يبقى هناك أي مجال للحديث عن القرارات القابلة للانفصال، ولاسيما تلك المتعلقة بتنفيذ العقد الإداري،وقد برر موقفه هذا بأن هذه القرارات لا تلزم سوى طرفي العقد، وبالتالي ليس للمتعاقد مع الإدارة في حالة النزاع معها سوى أن يرفع دعواه أمام القضاء الشامل، أما بالنسبة للغير فليس له الحق في رفع أي طعن، سوى إمكانية رفع دعواه مع أحد طرفي العقد الإداري.([33])
غير أن هذا الاتجاه الفقهي لا يفسح المجال سوى لأطراف العقد الإداري للاختصام أمام المحكمة المختصة عند خرق بند من بنود العقد، لكن إذا اعتمدت الطعون على مخالفة القوانين والتنظيمات، فإن القضاء سمح في كثير من الحالات للمتعاقد مع الإدارة أو الغير بالطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة في القرارات الخاصة بتنفيذ العقد الإداري أو إنهائه.
هكذا قبل القضاء الإداري الفرنسي، الطعن بالإلغاء ضد التدابير التي تتخذها الإدارة بمقتضى سلطات تمنحها إياها النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل، ويكون لها تأثير واضح على وضعية المتعاقد مع الإدارة أو على تنفيذ العقد الإداري، حيث اعتبر مجلس الدولة في قضية Gille et Bellet:”… أن قرار وزير الداخلية بطرد عمال أجانب يشغلهم المقاول من أجل إنجاز صفقة الدولة، له ما يبرره من الناحية القانونية، لأنه إذا كان العقد لا يمنع استعمال اليد العاملة الأجنبية، فإن هذا الاستعمال يظل مشروطا في جميع الأحوال بتنفيذ التدابير الضرورية التي يتطلبها الأمن العمومي.”([34])مع ملاحظة أنه بمناسبة هذا النزاع لم يكن القرار محل الطعن مرتبطا بتدابير تنفيذية للعقد، وأن الطعن بالإلغاء كان هو الوسيلة القضائية الوحيدة المتاحة للطاعن كطرف متعاقد مع الإدارة.
كما أجاز القضاء الاداري المغربي إمكانية الطعن بالإلغاء تطبيقا لمبدأ المشروعية ضد هذه القرارات باعتبارها من طينة القرارات الإدارية المنفصلة عن عقد الصفقة، متى كان الإلغاء مستندا على نصوص القانون وليس العقد الإداري، حيث استقر العمل القضائي المغربي في البداية على اعتبار القرار القاضي بفسخ صفقة عمومية رغم صدوره عن الإدارة المتعاقدة لا يعد من القرارات المنفصلة التي يمكن الطعن فيها بالإلغاء، غير أن هذا المنحى عرف استثناء منذ سنة 2005 ويتجلى ذلك في قبول مخاصمة قرار فسخ عقد الصفقة بالإلغاء متى كان الطاعن يجادل في المقتضيات والمبادئ التي تنظم الصفقات العمومية، حيث جاء في تعليل الحكم الصادر عن إدارية أكادير بتاريخ 13يناير 2005([35]) مايلي:”لكن حيث استقر القضاء والفقه الإداريين على كون قرار فسخ العقود الإدارية الصادرة عن الإدارة تعتبر قرارات منفصلة عن العقد متى ثبت أن هذه القرارات تم اتخاذها بناء على القوانين واللوائح واستنادا على ماتملكه الإدارة من سلطات، والتي تخول لها إنزال الجزاء في حق المتعاقد بسبب تقصيره دون اللجوء إلى القضاء من أجل تنفيذ العقد، فإنها تبقى خاضعة لرقابة قاضي الإلغاء وليس في إطار دعوى القضاء الشامل. وحيث إن القرار موضوع الطعن تم اتخاذه من طرف الإدارة تطبيقا للمادة 70من مرسوم الشروط الإدارية العامة، مما يكون معه القرار الإداري الصادر في هذا الإطار من اختصاص قاضي الإلغاء وليس من اختصاص قاضي العقد”.
نفس التوجه سبق أن كرسته محكمة النقض، إذ اعتبرت الغرفة الإدارية في قضية شركة “الكتراسماروكين” أنه:” اتضح أن صاحب القرار المطعون فيه استند على النصوص التنظيمية التالية: الظهير الشريف الصادر في 20 أكتوبر 1969 المتعلق بالتأمين الإجباري على السيارات في الطريق العام، والظهير المؤرخ في 14 أكتوبر 1976 المتعلق بصفقات الأشغال … ومرسوم 3 نونبر 1981 بشأن النقل الخاص الجماعي … بل اعترفت الجهة الإدارية في جوابها عن التظلم، بكون القرار المطعون فيه صدر نتيجة لمخالفة الطاعن للشروط اللائحية المدرجة في العقد، مما لا ينفي عنها الطابع التنظيمي، وبالتالي يسمح الطعن فيها بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة.([36])
انطلاقا من كل ما سبق، يمكن التأكيد على أن القضاء الاداري قد تعامل مع القرارات الصادرة إبان تنفيذ عقود الصفقات العمومية أو إنهائها وفق مقاربة مزدوجة قوامها التمييز بين القرارات الصادرة بناء على النصوص التنظيمية المتعلقة بسير المرفق العام ، القابلة للطعن بواسطة دعوى الالغاء ،ونظيرتها الصادرة بناء على البنود التعاقدية المتصلة بالامتيازات المالية للمتعاقد والتي تدخل في اختصاص القضاء الشامل.
ومن هذا المنطلق أضحت نظرية الانفصال لا تستند بالضرورة على معطى زمني، يقوم على أساس التمييز بين القرارات الصادرة عن الإدارة خلال المرحلة التمهيدية لعملية التعاقد وقبل إبرام العقد، والقرارات الصادرة عن الإدارة بعد عملية التعاقد تنفيذا للعقد، بل تستند إلى معطى موضوعي يقوم على أساس التحقق من طبيعة وأساس المخاصمة، وما إذا كان طالب الإلغاء يجادل في المقتضيات والمبادئ المنظمة للصفقات العمومية.[37]
ويمكن التمييز بين دعوى الإلغاء المقدمة من طرف المتعاقدين أو من طرف الغير.
أولا : الطعن بالإلغاء من طرف المتعاقدين
إذا كانت القاعدة في الاجتهاد القضائي الإداري هي رفض الطعون المرفوعة من المتعاقدين مع الإدارة، لأن مخالفة بنود العقد في نظره لا يمكن أن تكون موضوعا للطعن بالإلغاء، فإنه استثناء يتم قبول بعض القرارات الخاصة بتنفيذ العقد الإداري أو إنهائه للطعن بالإلغاء، حيث يكون الأثر الناجم عن القول بوجود قرار منفصل عن العقد هو استبعاد الدفع بوجود دعوى موازية أمام القضاء الشامل، طالما أن هذا المسلك لا يؤدي إلى نفس النتيجة المتوخاة من دعوى الإلغاء في الحالات التي تتغلب فيها مظاهر السلطة على شريعة التعاقد، كما هو الشأن بالنسبة للتعسف في فسخ العقد من جانب الإدارة،([38]) أو تعديلها بشكل انفرادي للمزايا المالية العائدة للمتعاقد برسم البنود التعاقدية،([39]) أو إنزالها بالمتعاقد جزاءات قسرية وتعسفية بالنظر للأصول القانونية والواقعية المعتمدة في اتخاذها.([40])
ففي هذه الحالات تكتمل وظيفة مفهوم القرارات المنفصلة، بالنظر لأثره على مسار تدبير منازعات الصفقات العمومية، أما في الحالة المعاكسة ترفض دعوى الإلغاء الموجهة ضد بعض القرارات الانفرادية، بعلة كونها متصلة بالعملية التعاقدية التي تتوفر بشأنها دعوى موازية أمام القضاء الشامل، خاصة أن ذلك هو سبيل قضاء الإلغاء لحماية السلطة التقديرية لصاحب المشروع في اختيار المتعاقد، طالما لم يشبها انحراف عن غاية المصلحة العامة.([41])
ثانيا: الطعن بالإلغاء من طرف الغير
نشير بداية أن مجلس الدولة الفرنسي عدل عن اجتهاده السابق، و القاضي بعدم السماح للمتنافسين الذين أصبحوا أغيارا إزاء الصفقة بمجرد المصادقة عليها، بالطعن فيها في إطار دعوى القضاء الشامل.[42]
أما في حالة الطعن بالإلغاء، فإن قبول الدعوى يستدعي توظيف مفهوم القرارات المنفصلة، لإبطال مفعول قاعدة نسبية أثر العقد واقتصار المراكز القانونية المحدثة بموجبه على طرفيه دون الأغيار، لذلك فالقول بانفصال القرار المطعون فيه عن العملية التعاقدية يترتب عنه أن قرار المصادقة لا يمنح للقرارات المتعلقة بإبرام الصفقة حصانة ضد الطعن في مشروعيتها أمام قاضي الإلغاء، وعلى هذا الأساس قبلت محكمة النقض، الطعن بالإلغاء ضد القرار الإداري الآمر بالتعاقد دون مراعاة مسطرة تنظيم المنافسة المقررة قانونا، معتبرة أن “المدعي يملك حق إقامة دعوى الشطط في استعمال السلطة ضد مقرر إداري يتصل بالعقد من ناحية الإذن بالتعاقد، ولكنه منفصل عنه كعمل إداري صادر من جانب الإدارة وحدها،([43]) كما تم قبول الطعن بالإلغاء الموجه ضد قرار المصادقة على الصفقة، بعد أن تبين أن نائلها لم يتقيد خلال مرحلة التنفيذ بأحد الشروط التي تم على أساسها اختياره كصاحب أفضل عرض.([44])
وجدير بالذكر أن مجلس الدولة الفرنسي عمل على تجاوز قاعدة الانفصال بين سلطة الإلغاء التي يضطلع بها قاضي الإلغاء، وسلطة التعويض التي يختص بها قاضي العقد في إطار القضاء الشامل، وذلك من خلال قرار شركة tropic الصادر سنة 2007، بإقراره لصفة المتنافس الذي استبعد عرضه في اللجوء إلى قاضي العقد للمطالبة بإبطال العقد، شريطة أن يكون قاضي الإلغاء قد قضى بإلغاء الاستبعاد لعدم شرعيته بموجب حكم اكتسب حجية الشيء المقضي به[45].
وبذلك تعتبر نظرية القرارات القابلة للانفصال من خلال ما سبق، ضمانة للمتعاقدين وغير المتعاقدين مع الإدارة تجاه الامتيازات القانونية والواقعية المخولة للإدارة، خاصة أن توظيف مفهوم القرارات المنفصلة يترتب عنه استبعاد الدفع بوجود دعوى موازية،([46]) وذلك حتى يتسنى تيسير اللجوء لقاضي الإلغاء لمحو مظاهر تجاوز السلطة العالقة بقرارات صاحب المشروع بعد إبرام العقد.
ومجمل القول يتعين التمييز بين العقد ذاته، وبين القرارات الإدارية التي ترافق انعقاده، إذ أن هاته القرارات تعتبر منفصلة عن العقد، ومن تم يجوز الطعن فيها بالإلغاء في الآجال المحددة لها، وطبقا للشروط العامة المقررة في دعوى الإلغاء، كالقرارات الصادرة عن الإدارة بوصفها سلطة عامة في المراحل التمهيدية لإبرام العقد، والقرارات المتعلقة بالإقصاء من المشاركة في الصفقة، والقرارات المتعلقة بالمصادقة عليها.[47]
أما بخصوص ما يصدر من القرارات الخاصة بتنفيذ العقد أو بفسخه، فينبغي أن نميز بين ما هو صادر عن الإدارة كسلطة عامة بالاستناد إلى نصوص القانون، وهي قرارات إدارية منفصلة عن العقد ويجوز الطعن فيها بالإلغاء، وبين ما يصدر عن الإدارة المتعاقدة تنفيذا لبنود العقد لإخلال المتعاقد بالتزاماته التعاقدية، التي تبقى خاضعة للطعن أمام القضاء الإداري على أساس ولايته الشاملة، وعلى هذا الأساس اعتبرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء،[48] أنه:”يستفاد من أوراق الملف وردود الأطراف أن قرار فسخ الصفقة موضوع النزاع لم يستند في إصداره على سلطات الإدارة المخولة لها بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، ولكن جاء نتيجة لإخلال الشركة بالتزاماتها التعاقدية، مما يكون معه قرار إنهاء العقد مرتبطا بالعملية التعاقدية وغير منفصل عنها ولا يقبل الطعن فيه عن طريق دعوى الإلغاء”.
المطلب الثاني: القضاء الاستعجالي قبل التعاقدي في مجال الصفقات العمومية
القضاء الاستعجالي قبل تعاقدي إجراء قضائي مستعجل خاص ذو أصل تشريعي أوروبي الهدف منه حماية قواعد العلانية والمنافسة بشكل فعال قبل إتمام العقد الإداري ، و ذلك عن طريق إعطاء القاضي الإداري سلطات واسعة غير مألوفة في الإجراءات القضائية العادية، فقد سبق للمشرع الأوروبي أن لاحظ عدم وجود دعوى قضائية فعالة تؤمن احترام الأحكام الأوروبية في نطاقي المنافسة والعلانية في تشريعات الدول الأعضاء في الاتحاد، وبناء عليه صدر بتاريخ 21 نونبر 1989 التوجيه رقم 89/665 المتعلق بتنسيق الأحكام التشريعية والتنظيمية بين الدول الأعضاء بشأن إيجاد دعوى قضائية تعزز من مشروعية العلانية والمنافسة، وتفتح لكل شخص له مصلحة في إبرام العقد الإداري ، وقد سمى هذا التوجيه بتوجيه الدعوى، وقد تم تحويله إلى القانون الداخلي الفرنسي مع صدور القانــون رقــم 92-10 بتاريخ 4 يناير 1992، والذي أدخلت المادة الثانية منه إلى قانون المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية وذلك بموجب المـــــــادة رقم ل.22. ([49])
وبالرجوع للتشريع المغربي يلاحظ أنه أغفل تنظيم القضاء المستعجل قبل التعاقدي، ذلك أن مقتضيات المادة 19[50] من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية غير قادرة على استيعاب منازعات المنافسة التي تنشأ قبل إبرام العقد الإداري ، كما أن الاجتهاد القضائي المغربي أصبح مستقرا على أن إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية في نطاق المادة 24[51] من نفس القانون يندرج ضمن ولاية محكمة الموضوع (المحكمة الإدارية) ولا يختص به قاضي المستعجلات الإداري، لأن بت هذا الأخير في إيقاف تنفيذ القرارات الإدارية من شأنه المساس بالجوهر من خلال مناقشة مشروعية القرار الإداري.[52]
أما بالنسبة للقضاء المستعجل الإداري لمحكمة الموضوع فهو لا يملك الوسائل الكفيلة لبسط رقابة فعلية عن الإخلال بضوابط المنافسة، إذ غالبا ما تبت المحكمة الإدارية بعد إتمام إبرام الصفقة وتنفيذها.
لذا، يكون من المفيد تدخل المشرع المغربي لتنظيم القضاء المستعجل الإداري قبل التعاقدي، وذلك عن طريق تمكين القاضي الإداري من سلطات واسعة غير مألوفة في الإجراءات القضائية خاصة بالمرحلة السابقة على نشوء العقد الإداري، تمكنه من إصدار أمر لصاحب الصفقة بوقف عملية تنظيم المنافسة إلى حين تصحيح الإجراء المتنازع بشأنه، وذلك حماية لقواعد العلانية والمنافسة بشكل فعال قبل إتمام العقد الإداري.
المبحث الثاني: أثر الإلغاء القضائي للقرار المنفصل على الصفقة العمومية
إذا كان الطعن بإلغاء القرارات الادارية المنفصلة عن عقد الصفقة من الأمور المسلم بها فقها وقضاء لفائدة جميع المتنافسين، وخلال جميع المراحل التكوينية للعقد، وإذا كان المبدأ القانوني يقضي بأن الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه بأحد عيوب المشروعية، يفضي بما له من حجية مطلقة الى إعدام القرار وتجريد جميع آثاره بالنسبة للكافة، فإن الواقع العملي خلاف ذلك،إذ أن إلغاء القرارات المنفصلة لا تؤدي بشكل تلقائي إلى إلغاء الصفقة أو العقد في حالة إبرامها مع شخص غير الطاعن، ذلك أن صدور حكم الإلغاء غالبا ما يكون بعد إبرام الصفقة أي بعد أن يكون النزاع قد انتقل إلى ولاية القضاء الشامل، الأمر الذي يثير التساؤل حول الآثار المترتبة عن هذا الحكم ،هل يمكن أن يؤدي الى بطلان الصفقة أساس القرار الملغى ، أم أن الأمر يقتصر على التعويض عن الضرر الحاصل للمتنافس بسببه ؟
إن الجواب على هذ السؤال يرتبط بالمرحلة التي وصلت إليها الصفقة ، حيث
إن أثر إلغاء القرار المنفصل يختلف باختلاف المراحل التي وصلت اليها، فمن الطبيعي أن الإلغاء القضائي للقرارات الإدارية المنفصلة عن الصفقة العمومية قبل إبرامها سيؤدي الى الحيلولة دون هذا الإبرام احتراما لقوة الشيء المقضي به، ويلزم الإدرة باستصدار قرار جديد يمكن المتنافس الذي تم إقصاؤه دون وجه حق من إعادة المشاركة في الصفقة.
أما إذا صدر حكم الإلغاء بعد إبرام الصفقة ، أي بعد أن يكون النزاع المثار بشأن هذا الأخير قد انتقل الى القضاء الشامل صاحب الولاية العامة على منازعات العقود الادارية،فإن الإشكال المطروح هو هل يمكن أن يؤدي مباشرة الى بطلان الصفقة ؟ أم أن الأمر يقتصر فقط على تعويض المتضرر من ابرامها على نحو مخالف لما يستوجبه القانون .
في هذا الإطار يمكن التمييز على مستوى الفقه والقضاء بين اتجاهين، اتجاه يقول بالحكم بإلغاء العقد،واتجاه آخر يذهب إلى التسوية خارج الحكم بإلغائه.
المطلب الأول: الاتجاه القائل بالحكم بإلغاء العقد
يرى بعض الباحثين([53]) أن إلغاء القرار المنفصل يجب أن يؤدي إلى إلغاء العقد الذي ترتب عنه، وأن مبدأ نسبية العقد أو حصر آثاره على طرفيه كأحد خصائص العقد الإداري، يمكن تذليلها من خلال الآليات التي تقدمها القواعد النظرية للتقاضي، والتي تسمح للقاضي الإداري بإمكانية تكليفه للطاعن بتصحيح مقاله، وإدخال جميع الأطراف المعنية بالعملية العقدية في النزاع، وهي إمكانية واردة في حالة المطالبة بإلغاء القرار المنفصل بجميع ما ترتب عنه من آثار، أو حتى الجمع في ذات العريضة بين طلبات تتوخى إلى إلغاء القرار المنفصل، وطلبات أخرى تهدف إلى إلغاء العقد الإداري الذي نتج عن القرار المنفصل، ما دام أن المنازعة بجميع صورها قد أضحت من اختصاص ذات القاضي الإداري، الذي في ظل هذا التوجه سيصبح بإمكانه القضاء بأكثر من الإلغاء.[54]
فإذا كان قبول الطعن بالإلغاء بالنسبة للقرارات القابلة للانفصال يمثل خطوة إيجابية تتفق والتحليل المنطقي للعملية العقدية، فينبغي أن يتبع ذلك إعمال النتائج المنطقية للحكم بإلغاء تلك القرارات.[55]
كما اعتبر الفقيه De Laubadère بأن القرارات الإدارية المنفصلة عن العقد هي جزء لا يتجزأ منه، وأن قبول إلغائها يجب أن يؤدي منطقيا إلى إلغاء العقد برمته، لهذا فإن بطلان العقد نتيجة حتمية للإخلال بقواعد إبرامه أو تنفيذه، حيث يمكن لأي طرف في العقد أن يطالب به، وفي حالة سكوتهم يمكن للقاضي إثارته والحكم به من تلقاء نفسه.
ويرى بعض الفقه[56] أن الاتجاه الغالب الذي أخذت به أحكام مجلس الدولة الفرنسي، والذي يقرر عدم ترتيب أي أثر مباشر على إلغاء القرار القابل للانفصال عن عقود الإدارة، اتجاه غير منطقي من ناحية، ويخالف من ناحية أخرى القاعدة الأصولية التي تقضي بأن ما بني على باطل فهو باطل، كما أنه لا يتفق من ناحية ثالثة مع المصلحة العامة التي تقضي بتيسير إجراءات التقاضي وسرعة الفصل في المنازعات القضائية.
لذا، نرى أنه من الأنسب أن يسمح لقاضي الإلغاء بترتيب كافة النتائج المنطقية المنبثقة عن إلغاء القرار، بما في ذلك بطلان العقد نفسه، على أنه يجب أن يختصم في هذه الحالة أطراف العقد بما في ذلك الإدارة، حتى يدافع كل ذي مصلحة عن حقوقه، وتكون وجهات النظر المختلفة لأطراف النزاع مطروحة أمام قاض واحد هو قاضي الإلغاء.
ويبدو أن قضاء مجلس الدولة بفرنسا ومصر، قد بدأ في هجر الاتجاه السابق، وتبنى موقف الفقه الذي يعتبر العقد الإداري كلا لا يتجزأ، فيبطل العقد إذا بطل أي قرار إداري كان أساسا لإصداره، هكذا قضى مجلس الدولة الفرنسي في قضية Commune de Guidel c/ Mme courted المتعلق موضوعها بإخلال الجماعة بإجراء جوهري محدد لشكل إبرام العقد الإداري، تمثل في عدم نشرها لطلبات العروض، بتأييد الحكم المستأنف الذي لم يقض فقط بإلغاء القرار المنفصل، بل وحتى ببطلان العقد الذي ترتب عن هذا القرار الملغى، كنتيجة لمطالبة الطاعن من خلال نفس المقال بإلغاء القرار المنفصل والعقد الذي نشأ على ضوئه.([57])
وفي مصر، فقد ذهبت فتوى قسم الرأي بمجلس الدولة المصري إلى أنه “يشترط لصحة القرار الإداري أن يكون صادرا عن سلطة إدارية لها الحق في إصداره، ويكون الإخلال بذلك موجبا لبطلان التصرف، وبما أن مدير معمل تكرير البترول بالسويس غير مختص بإصدار قرارات إدارية تفصح عن إرادة مصلحة المناجم في إحداث أثر قانوني، ذلك أن المختص في هذه الحالة هو مدير مصلحة المناجم لشؤون الوقود الذي لم يصدر عنه قرار بقبول عطاء الشركة، ومن تم لا يكون ثمة عقد قد انعقد بينها وبين المصلحة.([58])
المطلب الثاني : توجه القضاء إلى التسوية خارج الحكم بإلغاء العقد
القاعدة العامة في هذا الإطار أن الالغاء لا ينصرف أثره إلا للقرار المنفصل عن
العقد ، بينما يبقى هذا الأخير قائما الى أن يلجأ أحد أطرافه الى قاضي العقد للمطالبة بفسخه وفقا لقاعدة نسبية آثار العقد، مع الاحتفاظ للمتنافس المتضرر بحقه في المطالبة بالتعويض.
إن تعارض الحكم بالإلغاء وضرورة الحفاظ على استقرار العلاقة التعاقدية القائمة في إطار الصفقة بسبب تقدم مراحل التنفيذ، تجعل القضاء يبحث عن تسوية للنزاع خارج الحكم ببطلان الصفقة، وذلك تفاديا للكلفة الاجتماعية الباهضة التي قد تنجم عن هذا الحكم.([59])، كما ينسجم هذا التوجه مع مبدأ الأمن القانوني والقضائي الذي قد يؤدي إلى إبقاء العقد مراعاة لمصلحة الإدارة ولمصلحة المتعاقد معها حسن النية، لاسيما عند التقاء هاتين المصلحتين[60].
في هذا الإطار أكد مجلس الدولة الفرنسي أن إلغاء القرار المنفصل لا ينتج بذاته أي أثر مباشر على العقد، الذي يتعين الاستمرار في تنفيذه واعتباره شريعة الطرفين بما يكفل مصلحة المرفق العام، مع الاحتفاظ للمتنافس المتضرر من الإخلال بضوابط إبرامه بحقه في التعويض، غير أنه صرح في نفس الوقت بأن مبدأ المشروعية الذي يقوم على أساسه أي نشاط إداري، يقتضي من الإدارة أن تلجأ إلى قاضي العقد للمطالبة بالحكم ببطلان الصفقة أو أن تبادر من تلقاء نفسها لفسخها.([61])
وهو المبدأ الذي عمل على ترسيخه لا حقا في حكمه بتاريخ فاتح أكتوبر 1997، معتبرا بأن الإدارة تملك صلاحية التقدير بشأن إمكانية الاستمرار في تنفيذ العقد أو وجوب فسخه، وإذا كانت أسباب إلغاء القرار لا تؤدي بالضرورة إلى اللجوء إلى قاضي العقد أو إلى فسخ الصفقة، فإن للإدارة صلاحية اتخاذ قرار جديد يحل محل القرار الملغى.([62])
هذا الموقف يعبر بجلاء عن توجه القضاء الإداري الفرنسي نحو ترجيح سلامة العقود والمحافظة عليها على الحفاظ على المشروعية، خاصة إذا عرفت الصفقة تقدما ملموسا في تنفيذها، ليبقى للمتنافس المستفيد من الحكم بإلغاء القرار المنفصل عن الصفقة الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الذي تكبده جراء إقصائه من المنافسة.
وهو المنحى الذي استقر عليه الاجتهاد القضائي الاداري بالمغرب في العديد من الأحكام مسايرا بذلك نظيره الفرنسي، وفي هذا الإطار ذهبت المحكمة الإدارية بأكادير[63] الى أنه من الثابت من وثائق الملف، أن المدعية سبق لها أن شاركت في طلب عرض مفتوح أعلن عنه المجلس البلدي لأولاد تايمة لأجل بناء حديقة بحي شراردة، وتم رفض العرض المقدم من طرفها رغم أنه كان الأقل، فاستصدرت حكما من المحكمة الإدارية بأكادير يقضي بإلغاء قرار المجلس البلدي لأولاد تايمة؛
وبعد الأخذ بعين الاعتبار حرمان المدعية من الربح الذي كان من الممكن أن تحققه من الصفقة التي تم إقصاؤها منها، قررت المحكمة الإدارية بأكادير الحكم على المجلس البلدي لأولاد تايمة بأدائه للمدعية 250.000 درهم”، وهو الحكم الذي تم تأييده من طرف الغرفة الإدارية بمحكمة النقض.
إن هذا التوجه القضائي على النحو السابق بيانه يوحي وكأن القضاء الاداري يميل الى ترجيح سلامة عقود الصفقة العمومية على حساب ما تقتضيه شرعية العمل الاداري ، وإذا كان ذلك مقبولا من زاوية الحرص على تفادي الكلفة الاقتصادية والاجتماعية الباهظة المترتبة على بطلان هذه الصفقات، فإن المنطق القانوني يأبى أن يتم إلغاء القرار المنفصل الذي يعتبر بمثابة الأصل والأساس الذي ترتب عنه إبرام العقد، ويبقى هذا الأخير قائما لمجرد أن أطرافه لم تطالب بفسخه، رغم انهيار ركن من أركان العملية القانونية نص عليها المشرع واستلزم اتباع سلسلة من الاجراءات الادارية في سبيل ضمان شرعية وسلامة العقد .
وبالتالي يبقى من الوجاهة طرح التساؤل حول الغاية من قبول الطعن في القرارت الإدارية المنفصلة أمام قاضي الالغاء إذا كان الحكم الصادر عن هذا الأخير قاصرا عن تحقيق ما يبتغيه الطاعن من دعواه الرامية أساسا إلى إلغاء القرار المعيب، ومن ثمة فتح المجال من جديد أمام إمكانية الفوز بالصفقة وتحقيق الربح المتوقع منها، لاسيما وأن إمكانية التعويض في نطاق القضاء الشامل بالاستناد إلى حكم الإلغاء قد تظل أمرا ثانويا بالنسبة للمزايا المهنية والمادية التي يمكن أن يحصل عليها صاحب الشأن لو لم يتم اقصاؤه من الصفقة بدون سبب مشروع.[64]
غير أن الطاعن وإن حصل على إلغاء قرار منفصل عن العقد أمام قاضي الإلغاء، عليه أن يلجأ إلى قاضي العقد لإبطال العقد أو الحصول على التعويض، وفي هذا الإطار يرى أحد الباحثين[65] أن الأمر يقتضي المرور بمسطرتين، إحداهما أمام قاضي تجاوز السلطة، والأخرى أمام قاضي العقد، وهذا يؤدي إلى بطء كبير في الدعوى والعدالة الإدارية بصفة عامة، وإلى تثبيط عزيمة الطاعن الذي لا يطرق الباب المناسب.
لذا يعتبر استعمال القرار المنفصل- بالرغم من مزايا قبول هذه النظرية في تمكين المواطن من مواجهة تعسف الإدارة- مصدرا لتعقيدات مسطرية كثيرة، فإذا كان هذا المفهوم يحل إشكالات قانونية، فإنه لم يقدم التسوية المنتظرة مادام الحكم بالإلغاء غير منتج لجميع آثاره القانونية، ولأن هذا الحكم لا يصدر في أغلب الحالات إلا بعد أن يكون العقد قد أبرم وارتبط بمصلحة الغير، وبالتالي لن يكون أمام المتضرر غيرالمطالبة بالتعويض دون أن يتمكن من تحقيق المصلحة التي يسعى إليها في البداية وهي الفوز بالصفقة أو تغيير شروط تنفيذها.
خلاصة واقتراحات
ومجمل القول فإن مرسوم 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية جاء بضمانات قانونية لتحقيق المساواة بين المتنافسين أمام الطلبيات العمومية، والتي يحرص القضاء الإداري المغربي على تكريسها بتفادي أي تجاوز أو انحراف، وبالتأكيد على ضرورة احترام مبدأ المساواة بين كافة المتنافسين المستوفين للشروط التقنية والإدارية والمالية المطلوبة، وبحماية المنافسة الحرة والتحقق من شفافية عملية الاختيار.
كما يسهر القاضي الإداري على حسن تدبير المال العام بتقييد السلطة التقديرية للإدارة حتى لا تحيد عن غايات المصلحة العامة،وذلك في انسجام تام مع المبدأ الجوهري الذي يعمل القاضي الإداري على تكريسه وهو إيجاد التوازن بين متطلبات المصلحة العامة والحقوق المكفولة قانونا للمتعاملين مع الإدارة.
غير أنه إذا كان المشرع قد ترك للإدارة هامشا من الحرية في اختياراتها حفاظا على المصلحة العامة من خلال وضع مجموعة من المساطر تتماشى مع نوع الحاجيات والعمل المطلوب[66]،إلا أن هذا التنوع المسطري لم يصاحبه تخصص واضح لكل مسطرة من المساطرفي مجالات معينة، مما يجعل السلطة التقديرية للإدارة تتجه نحو المسطرة الأكثر سهولة، والتي تحقق الأهداف الشخصية الخارجة عن المصلحة العامة، هذا الإشكال كرسه مرسوم 20 مارس 2013 الذي ترك المجال مفتوحا للإدارة لاختيار المسطرة التي تناسبها دون وجود معايير مضبوطة تحكم هذا الاختيار، بل إن المرسوم، في مادته 86 وسع من الحالات التي تلجأ فيها الإدارة إلى المساطر التفاوضية، لذلك فإن عدم تخفيف المرسوم المذكورمن حدة السلطة التقديرية للإدارة سيساهم في خرق مبادئ المنافسة والمساواة بين المتنافسين، رغم اختيار الإدارة للمساطر المفتوحة.
وفي سبيل تعزيز الرقابة القضائية في مجال الصفقات العمومية، يقترح الآتي:
– تشجيع كل المتدخلين في مجال الصفقات على اللجوء إلى القضاء، وتحسيسهم بأهمية هذا الأخير في حل النزاعات بشكل عادل؛
– تسريع البت في طلب الطاعن بالإلغاء حتى لا تفوته فرصة المشاركة في عملية المنافسة في حالة صدور الحكم لفائدته؛
– ضرورة تنظيم المشرع المغربي للقضاء المستعجل الإداري قبل التعاقدي، لتمكين القاضي الإداري من سلطات واسعة غير مألوفة في الإجراءات القضائية العادية خاصة أثناءالمرحلة السابقة على نشوء العقد تمكنه من إصدار أمر لصاحب الصفقة بوقف عملية تنظيم المنافسة إلى حين تصحيح الإجراء المتنازع بشأنه، وذلك حماية لقواعد العلانية و المنافسة بشكل فعال قبل إتمام العقد؛
– تعديل مرسوم 30 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية لاعتماد آلية التحكيم بالنظر لأهميتها وفعاليتها في حل النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية، مقارنة بالقضاء الإداري أو بمسطرة التظلم الإداري، أو بالطعن أمام اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية؛
– ضرورة تجميع النصوص الخاصة بالصفقات العمومية[67] وإصدارها في مدونة خاصة بالصفقات العمومية لتيسيير الاطلاع عليها من لدن كافة المتدخلين في مجال الصفقات وفي مقدمتهم قضاة المحاكم الإدارية.
-[1] ظهير شريف رقم 1.91.255 الصادر في 19 شتنبر 1993 بتنفيذ القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية ، ج.ر عدد 4227 بتاريخ 3 نونبر1993.
[2] – مرسوم رقم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية الصادر في 20 مارس 2013 ،ج.ر عدد 6140 بتاريخ 4 أبريل 2013 ص 3023.
ويعد مرسوم 20 مارس 2013 آخر محطة للتأطير القانوني للصفقات العمومية من قبل الدولة بهدف وضع منظومة قانونية قادرة على ضبط تعاقد اقتصادي يقوم على التوفيق بين المصلحة العامة ممثلة في حماية المال العام من جهة، والمصلحة الخاصة من خلال الحفاظ على حقوق الفاعل الاقتصادي من جهة ثانية،كما يروم هذا المرسوم إرساء قواعد جديدة في تدبيرالصفقات العمومية ترتكز على الحكامة الجيدة وأهداف التنمية المستدامة وترسيخ مزيد من الشفافية والمنافسة، وجعل المنظومة القانونية للصفقات العمومية بالمغرب تتكيف مع متطلبات النظام الاقتصادي الجديد، وتجاوز الاختلالات القانونية والعملية التي كشفت عنها الممارسة والتطبيق العملي للنصوص السابقة.(مرسوم 1965،و1976،و1998،و2007).
[3] –أحمد اليعلاوي” نظرية القرارات المنفصلة وتطبيقاتها في منازعات الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي الإداري المغربي والمقارن”، مجلة الوكالة القضائية للمملكة، العدد الثاني، دجنبر 2018، ص208 و209.
[4] – زكي محمد النجار “نظرية البطلان في العقود الإدارية” رسالة دكتوراه جامعة عين الشمس، كلية الحقوق القاهرة، 1981 ص230.
[5] – عبد الله حداد “تطبيقات الدعوى الإدارية في القانون المغربي” منشورات عكاظ طبعة 2002 ص 157.
[6] – تنص المادة 20 من قانون المحاكم الإدارية على أنه:” كل قرار إداري صدر من جهة غير مختصة أو لعيب في شكلها و لانحراف في السلطة أو لانعدام التعليل أو لمخالفة القانون، يشكل تجاوزا في استعمال السلطة، يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة القضائية الإدارية المختصة”.
[7]– للمزيد من التوسع في موضوع المنشورات الدورية، يراجع مقال يوسف ادريدو “المنشور و طبيعته القانونية”، مجلة المنارة للدراسات القانونية و القضائية، العدد الثاني يوليوز 2012 ، ص169.
[8]– Jean Rivero , Droit administratif,Dalloz, 1987. P 225.
[9] – “عبد الحميد حشيش “القرارات القابلة للانفصال وعقود الإدارة” م.س ص10.
– المواد من27 إلى 30 ومن 36 إلى إلى 42 من مرسوم 20 مارس 2013.[10]
[11]– حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 99/24 بتاريخ 22-4-1999 ملف عدد 98/16غ، غير منشور.
[12] – محمد فليل ” دور القضاء الإداري في حماية مبدأ المنافسة مجال الصفقات العمومية” مقال منشور بسلسلة الأيام الدراسية لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، اللجنة العلمية لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، مطبعة الأمنية، الرباط، ص85، سنة 2020.
[13] – حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 98/80 بتاريخ 16-6-1998 ملف رقم 97/44غ، غير منشور.
[14]– حكم المحكمة الإدارية بالرباط، عدد 457 بتاريخ 29 ماي 1997 ملف رقم 96/172غ، م.م.أ.م.ت عدد 22 ص 133.
[15] – قرار محكمة النقض عدد 261 بتاريخ 11-4-1996، ملف عدد 618/5/95، غير منشور.
[16] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 22/5/2017 تحت عدد 560 ملف عدد ،21/7114/2017، غير منشور.
23- خديجة عقا” حماية القاضي الإداري لمبدأ المنافسة في الصفقات العمومية” مجلة المحامي، عدد67، شتنبر 2016، ص 159.
[18] – قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى (محكمة النقض) عدد 261 بتاريخ 11-4-1996، ملف عدد 618/5/95، غير منشور.
[19] – حكم إدارية الرباط ، عدد 457 بتاريخ 29/5/1997، غير منشور.
[20]– حكم إدارية الرباط رقم 1059بتاريخ 25/10/2004، ملف رقم 701/03 غير منشور.
[21] – الجيلالي أمزيد “الحماية القانونية والقضائية للمنافسة في صفقات الدولة” منشورات م.م.أ.م.ت، طبعة 2008 ص138.
[22]– حكم إدارية الرباط رقم 637 بتاريخ 10-5-2004، ملف رقم 3/222غ، غير منشور.
[23] – قرار الغرفة الإدارية رقم 261 بتاريخ 11-4-1996، ملف عدد 95/5/618، غير منشور.
[24] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط وعدد 900 بتاريخ 3-5-2007، ملف رقم 07/181 غ ق، غير منشور.
[25] – حكم إدارية أكادير عدد 95/19 بتاريخ 23-2-1995، ملف عدد 94/1غ ، غير منشور.
[26] – حكم المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 16-12-2014 تحت عدد 1245ملف عدد ،21/7114/2014 غير منشور)
[27] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بفاس بتاريخ 22/5/2017 تحت عدد560 ملف عدد 21/7114/2017 غير منشور.
[28] – قرار عدد 894 صادر بتاريخ 3 دجنبر2008 في الملفين المضمومين عدد 2715 و 2840/4/2/2006 منشور في نشرة قرارات المجلس الأعلى – الغرفة الإدارية – السلسلة 2 الجزء 6-2011ص 157وما بعدها
[29] – عبد الحميد حشيش، “القرارات القابلة للانفصال وعقود الإدارة”، مجلة مصر المعاصرة السنة 66 العدد 362، أكتوبر 1975. ص 104.
[30]-حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 7-2-1936 في قضية Département de la creuse.
[31]– حكم محكمة القضاء الإداري بتاريخ 21-4-1963، 3 لسنة 14 ق مجموعة السنوات الخمس، ص 188، قضية رقم 329.
[32]-حكم المحكمة الإدارية بأكادير بتاريخ 23-2-1995 في قضية الوكالة الصناعية والتجارية بأكادير ضد السيد مدير هندسة المياه بوزارة الأشغال العمومية والتجهيز، ملف عدد 1-94 مشار إليه بمقال محمد صقلي حسيني، “المنازعات العقدية على ضوء الاجتهاد القضائي”. مجلة المحاكم الإدارية، العدد 2 أكتوبر 2005 ص 48.
[33]– Vedel (G) et Delvolvé (P), Droit administratif,Presses universitaire de France, Paris, 1982 – P 752-753.
[34] – قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 29-4-1898، مشار إليه بمقال محمد صقلي حسيني م.س ص 49.
[35] – قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 29-4-1898، مشار إليه بمقال محمد صقلي حسيني م.س ص 49.
[36] – قرار الغرفة الإدارية الصادر في 29/10/1969 عدد 5، غير منشور.
[37] – عبد الكريم حيضرة، “تطور الاجتهاد القضائي في منازعات الصفقات العمومية”، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد 14، ماي 2018، ص 51.
[38] – قرار محكمة النقض في 8-1-1971، قضية شركة اتحاد الفنادق لشمال إفريقيا، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 20 ص 60.
[39] – قرار محكمة النقض في 3-6-1986 قضية الشركة الكهربائية المغربية، مجموعة قرارات الغرفة الإدارية ص79.
[40]– قرار محكمة النقض عدد 7 بتاريخ 4 يناير 2001 قضية شركة S.O.S للتنظيف م.م.إ.م.ت عدد 43 ص 154.
[41] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 457 في 29-5-1997 م.م.إ.م.ت عدد 22 ص 133.
[42]-C.E , 16-7-2007, Société Tropic travaux signalisation , gestionnaire03.pagesperso-orange.fr
[43] – قرار محكمة النقض رقم 50 بتاريخ 9-12-1966 مجموعة قرارات الغرفة الإدارية لسنوات 1966/1970 ص 49.
[44] – حكم إدارية البيضاء عدد 3 في 3-1-2005 قضية Europeaide جريدة العلم بتاريخ 19-5-2005. ص 6.
[45] – CE, Ass.16juill.2007,Sté Tropic Traveaux signalisation.
[46] – الجيلالي أمزيد “شرط انتقاء الدعوى الموازية في المنازعات الإدارية” م.م.أ.م.ت سلسلة مواضيع الساعة. عدد 6 – ص 233-258.
[47]– محمد قصري، “بعض الإشكاليات المتعلقة بالمنازعة في مجال الصفقات العمومية، رسالة المحاماة، عدد 29، 2008، ص 92.
[48]-حكم إدارية البيضاء، ملف 16/00 بتاريخ 21/2/2001 مشار إليه بالمرجع السابق.
[49] – Lagumina,(S) et Philippe.( E),” le référé précontractuel, Bilan et perspectives”, A.J.D.A, 2000, N° 4, P383.
– Richer ( L ), Droit des contrats administratifs, L. G. D. J, Paris, 1995, P 142.
للمزيد من التوسع في موضوع القضاء الاستعجالي قبل تعاقدي تراجع أطروحة يوسف ادريدو لنيل الدكتوراه في القانون العام “مساهمة القضاء الإداري المغربي في حماية حقوق المتعاقد في مجال الصفقات العمومية” كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدارالبيضاء، ص195.
[50] – المادة 19 من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية ، ج.ر عدد 4227 بتاريخ 3 نونبر1993.
تنص المادة 19 المذكورة على أنه :”يختص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينيبه عنه بصفته قاضيا للمستعجلات والأوامر القضائية بالنظر في الطلبات الوقتية والتحفظية”.
[51] – تنص المادة 24 من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية على أنه:” للمحكمة الإدارية أن تأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها طلب يهدف إلى إلغائه إذا التمس ذلك منها طالب الإلغاء صراحة”.
[52] – حميد ولد البلاد،”القضاء المستعجل الإداري في مجال العقود والصفقات العمومية” مجلة المحامي، عدد 67، شتنبر 2016،ص 109.
[53] – محمد صقلي حسيني “المنازعات العقدية على ضوء الاجتهاد القضائي الإداري” م.س ص52.
[54]-وهو ما نادي به الأستاذ René chapus في إحدى محاضراته بمجلة “القضاء الإداري” أعمال ملتقى 6-7 دجنبر 1996، كلية الحقوق بتونس .
[55]Weil (p) « les conséquences de l’annulation d’un acte administratif pour excès de pouvoir », thèse, paris 1952, p 295.
[56]-محمد عبد العال السناري، التطورات الحديثة للطعن بالإلغاء في عقود الإدارة، دراسة تحليلية ونقدية لأحكام القضاء الإداري في فرنسا ومصر، دار النهضة العربية،1994، ص 76.
[57] – قرار مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 7-7 -1982 مشار إليه بمقال محمد صقلي حسيني م.س ص53.
[58] – فتوى رقم 6840، جلسة 13/12/1951، مجموعة أبو شادي، ص 744، مشار إليه بمؤلف عبد العزيز عبد المنعم خليفة “الأسس العامة للعقود الإدارية” ، مطابع الولاء الحديثة،2005 ص347.
[59] – الجيلالي أمزيد “الحماية القانونية والقضائية للمنافسة في صفقات الدولة” منشورات م.م.أ.م.ت، طبعة 2008، ص143.
65– أحمد اليعلاوي ” نظرية القرارات المنفصلة وتطبيقاتها في منازعات الصفقات العمومية على ضوء العمل القضائي الإداري المغربي والمقارن”، مجلة الوكالة القضائية للمملكة،العدد الثاني، دجنبر 2018، ص 226.
[61] – Rapport du conseil d’Etat au titre de l’année 1990. In Etudes et Documents du conseil d’Etat, EDCS P 127.
[62] – C.E 1-10-1997, Avrillier, AJDA ; 1998. P169.
[63]– حكم إدارية أكادير عدد 279 بتاريخ 26/7/2007 مشار إليه بمقال محمد قصري، بعض الإشكاليات المتعلقة بالمنازعة في مجال الصفقات العمومية، م س، ص 90.
62– محمد فليل ” دور القضاء الإداري في حماية مبدأ المنافسة مجال الصفقات العمومية” م.س، ص 89.
[65]– الميلود بطريكي، تطور دور قاضي الإلغاء في القضاء التعاقدي، م م إ م ت، عدد 66-77 فبراير 2006، ص 28.
[66] – حفيظ مخلول،حدود إصلاح نظام الصفقات العمومية وفقا لمرسوم 20 مارس 2013، منشورات مجلة الحقوق، إصدار 41-2017، ص 79.
[67] – على سبيل المثال تشمل هذه النصوص إلى جانب مرسوم 30 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، ومرسوم 2.14.867 صادر في 21 شتنبر2015 المتعلق باللجنة الوطنية للطلبيات العمومية، ومرسوم 2.14.394 صادر في 13 ماي 2016 المتعلق بدفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال، مرسوم 2.16.344 صادر في 22 يوليو 2016 بتحديد آجال الأداء وفوائد التأخير المتعلقة بالطلبيات العمومية والقانون رقم 112.13 المتعلق برهن الصفقة، والقانون رقم 95.17 المتعلق بالصندوق المركزي للضمان، والمرسوم الملكي لسنة 1967 المتعلق بتنظيم المحاسبة العمومية، ومرسوم رقم 2.14.272 صادر في 14 ماي 2014 يتعلق بالتسبيقات في مجال الصفقات العمومية….، إلى غيرها من النصوص المؤطرة للصفقات العمومية.