في الواجهةمقالات قانونية

سياسة المشرع المغربي في تسهيل عملية الإثبات لصالح المستهلك في النزاعات الاستهلاكية. –  الباحث أشرف المشرفي                            

 

سياسة المشرع المغربي في تسهيل عملية الإثبات لصالح المستهلك في النزاعات الاستهلاكية.

The policy of the Moroccan legislator in facilitating the evidentiary  standards for the benefit of the consumer in consumerism disputes.

الباحث أشرف المشرفي

باحث بسلك الدكتوراه بجامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس .

لتحميل الإصدار كاملا

https://www.droitetentreprise.com/%d9%85%d8%ac%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b9%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9/

 

ملخص :

قبل أن يكون المستهلك مشتريا لسلعة أو مستعملا لخدمة ، فهو مواطن يساهم  بسلوكه الاستهلاكي   في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، لذا فقد كفل له الدستور شروط ممارسة هذه المواطنة ،  والحقوق الأخرى الناتجة عنها ، كالحق في السلامة البدنية والاستقرار وغيرها من جملة الحقوق ،      ولا قيمة لأية حقوق يتمتع بها المستهلك ،  ولا فعالية لها دون توفره على حقوق حقيقية توفر له الحماية القضائية بأقرب الطرق القضائية وبأبسط الإجراءات ، وبأقل المصاريف خاصة فيما يتعلق بمسألة الإثبات التي تطرحها النزاعات الاستهلاكية و ما تعرفه من اختلال التوازن العقدي بين المستهلك و المهني .  ولا مجال للحديث عن حماية المستهلك دون اللجوء الفعلي للحما ية القضائية ودون التأسيس النظري والعملي لدور ايجابي للقضاء في صيانة و تفعيل هذه الحقوق. من هذا المنطلق تعد حماية المستهلك الهدف المبتغى لتحقيق التقدم الاقتصادي لأي دولة لأن تنشيط الاستهلاك وحمايته يؤدي إلى تنشيط الشراء ثم الإنتاج .

الكلمات المفتاحية : الإثبات ، الاستهلاك ، المنازعات الاستهلاكية .

Abstract :

It is well-known, that the consumer is, at the first level a purchaser of commodity and a service’s user, as from an economic perspective, before being a citizen, he is a contributor -through his daily activities- on the economic life of the country, as a result, the constitution from its side guarantees to the citizen the main conditions for exercising such behavior, through well practiced rights, such as the right to physical safety and stability, in order to exercise a stable economical routine, as the effectiveness of the latter embodied in embracing the real rights that provide judicial protection through readily procedures, with the lowest expenses, especially with regard to the issue of the proof raised by consumer disputes known as the contractual imbalance between the consumer and the merchant. Thus, there is no room to talk about consumer’s protection without neither effective practice of the judicial protection nor theoretical and practical establishment of this endeavor, which raise the role of the judiciary organization in maintaining and these rights. Therefore, the consumer’s protection is a desired goal to achieve economic progress for any country, because protection of the consumer leads to a good and healthy economy, and thus evolution of the country.

Keywords :  proof – Consumption Consumer Disputes

 

 

 

مقدمة :

تمتاز المنازعات الاستهلاكية عموما بخصوصيات تميزها عن المنازعات الأخرى . سواء التجارية التي تجمع بين التجار أو الإدارية أو حتى الاجتماعية باعتبارها تنصب على مصالح يومية للأفراد  و بالطابع المعيشي للاستهلاك بوجه خاص.

فإنفراد المنازعات الاستهلاكية الفردية التي تهم المستهلك الفرد. دفع المشرع إلى البحث عن آليات جديدة في مجال الإثبات تضمن استيفاء ” المستهلك “، الطرف الضعيف في العلاقة الاستهلاكية لحقوقه. أمام مواجهة الطرف الأخر في العلاقة التعاقدية ” المهني ” الذي يمتاز بالحنكة و الحيطة        في تعاملاته التعاقدية ، تجعله في مكانة الطرف الغالب في المنازعة. إلا أن وعي المشرع بهذا التفاوت بين المصالح كرس محاولات تشريعية لتمكين المستهلك من حقوق جديدة تهم مسألة الإثبات .

إشكالية الموضوع :

من خلال محاولتنا الإلمام بجوانب هذا الموضوع ، أمكننا أن نستشف أن الإشكال الرئيسي الذي يتمركز عليه ، هو هل المشرع المغربي بفلسفته الجديدة في قانون الاستهلاك استطاع توفير الضمانات الكافية للمستهلك في مجال الإثبات ؟ و ما هي أهم هذه الضمانات التي جاء بها ؟

تساؤلات البحث :

تتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات الفرعية يمكن إجمالها فيما يلي :

  • هل يمكن توظيف القواعد العامة للإثبات الواردة في قانون الالتزامات و العقود المغربي في النزاعات الاستهلاكية ؟
  • ما هي وسائل الإثبات المتاحة للمستهلك للدفاع على حقوقه؟
  • كيف منع المشرع المهني من الاعتماد على بعض وسائل الإثبات المعدة من قبله للإثبات؟
  • ما هي الحالات التي يتم فيها إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني ؟ و ما الذي دفع بالمشرع إلى الاقتصار عل التنصيص عليها ؟ و ألا يعتبر ذلك إجحافا في حق المهني ؟

فرضيات البحث :  

من خلال الإشكالية أعلاه يمكن إجمال فرضيات البحث فيما يلي  :

  • تبني المشرع المغربي سياسة حمائة للمستهلك في مجال الإثبات.
  • لا زال التشريع الاستهلاكي المغربي بعيد عن تحقيق الحماية اللازمة للمستهلك في مجال الإثبات .
  • يمكن للمستهلك الاستناد للقواعد العامة للإثبات الواردة في قانون الالتزامات و العقود المغربي إن كانت تخدم مصالحه في الإثبات .
  • استطاع المشرع المغربي خلق التوازن بين المستهلك و المهني في مسألة الإثبات .

أهمية الموضوع :

يظهر أن لهذا الموضوع أهميتين إحداهما نظرية تتمثل في إبراز التطور الذي عرفته نظرية الإثبات بعد صدور القانون 31.08 باعتبارها الأدلة الوحيدة التي يعتد بها القانون لتأكيد وجود الواقعة محل النزاع أو عدم وجوده . أما الأخرى عملية و تتمثل في محاولة المشرع المغربي ضمان حماية فعالة للمستهلكين فيما يخص مسألة الإثبات. لكون أن الحقوق المكرسة في قانون الاستهلاك ليست لها أية قيمة عندما يعجز صاحبها عن إثباتها. إذ أن إثبات الفعل المولد للحق هو الذي يعطي هذا الحق فعاليته الكاملة.

أهداف الموضوع :

من خلال الإشكالية  أعلاه يتضح أن الأهداف المتوخاة من هذه الدراسة تتجلى فيما يلي :

  • محاولة إبراز بعض مظاهر التوازن و عدم التوازن بين المهني و المستهلك في الإثبات.
  • الوقوف على التغيرات التي طرأت على نظرية الإثبات التقليدية بفعل صدور القانون 31.08.
  • تقديم حلول فعالة للمستهلك في حالة مواجهته لصعوبات في الإثبات عندما يكون عبء الإثبات ملقى على عاتقه.
  • المنهج المتبع:

لما كانت مسألة الإثبات في قانون الاستهلاك تتخذ طابعا عمليا. بمعنى أن للإثبات دور هام في تمكين أطراف الخصومة من الدفاع عن حقوقهم. فهو بذلك عملية يجمع فيه بين فهم الواقع و القانون و المنطق من أجل اختيار الدليل الملائم للإثبات في النزاع الاستهلاكي.

هذا ما فرض اعتماد  المنهج التحليلي أساسا ، على اعتبار أن التحليل يقوم على تجميع المادة العلمية. من شرح القانون ، و النصوص القانونية ، و أحكام القضاء . ثم القيام بعملية تحليلها للوقوف على مختلف جوانبها النظرية و العملية.

كما تم الاعتماد  على بعض المناهج العلمية الأخرى كالمنهاج المقارن لمقارنة بعض الأحكام الواردة في التشريع و العمل القضائي المغربي مع ما يقابله من التشريع و القضاء الفرنسي . و كذلك لمنهج الاستدلالي الذي هو عبارة عن تسلسل منطقي في الأفكار ينطلق من معطيات أولية و بديهيات، ليصل إلى نتائج يستخلصها عن طريق التحليل العقلي . من دون اللجوء إلى التجربة العملية. بل بالاعتماد على التجريب العقلي لا العملي . و ما يميز الاستدلال هو الدقة في الوصول إلى النتائج.

كما أننا نشير إلى أن دراستنا لموضوع الإثبات في قانون الاستهلاك ، سوف ترتكز على معالجة القواعد الموضوعية المنصوص عليها في قانون الاستهلاك إلى جانب القواعد المنصوص عليها في القانون المدني التي تنظم أدلة الإثبات.

إلى جانب ما تحققه أحكام القضاء من إثراء لموضوع البحث القانوني . فقد رأينا من الضرورة    بما كان تغذية هذا البحث  بكثير من أحكام القضاء. خاصة الصادرة منها بعد العمل بالقانون 31.08. على الرغم من نذرتها. مع بيان الاتجاه الذي يسلكه في مختلف و سائل الإثبات.

خطة الدراسة :

من اجل معالجة الإشكالية المطروحة فقد ارتأينا تقسيم الموضوع لمحورين  نناقش في الأول ” اتجاه المشرع المغربي لإلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني في أحوال معينة” ، و في الثاني ” ربط المشرع المغربي الإثبات في قانون الاستهلاك بالالتزام بتحقيق نتيجة ” .

المحور الأول  : اتجاه المشرع المغربي لإلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني في أحوال معينة.

 

لعل أهم عائق يعترض طريق المستهلك في اللجوء إلى القضاء تتجلى في قواعد الإثبات. ذلك أن المستهلك يجد نفسه متى كان مدعيا ملزما بإثبات دعواه . و هو أمر قد يكون غاية في الصعوبة ، خاصة  و أنه يتعامل مع شخص مهني محترف، غالبا ما يحرص على عدم ترك بين يدي المستهلك أي دليل يمكنه من الرجوع عليه خصوصا و أن المستهلك يتعاقد في غالب الأحيان تحت وطأة الحاجة مما يعطي للمهني قوة أكبر لفرض شروطه التي لا تقبل المناقشة مما يجعله يتعاقد بسرعة و بدون إطلاعه عل شروط العقد بصورة كافية. هذا ما يجعله يسقط في فخ المهني و يكون بذلك من الصعب عليه أن يثبت تعيب إرادته أثناء التعاقد. كما يكون من الصعب عليه إثبات أركان و عناصر مسؤولية المنتج. خاصة و أن تصرفات المستهلك تتسم عادة بحسن النية تصل في بعض الأحيان لحد السذاجة[1] .

و بذلك يعاني المستهلك كثيرا قبل أن يثبت مثلا : بأن عدم صلاحية الشيء المبيع كان لعيب       في الصنع و ليس لسوء استعماله. و هذا لم يكن قد فاته أصلا أجل الضمان بسبب تردده من جهة           و تسويف البائع من جهة أخرى.

و هذه الصعوبة في الإثبات تنعكس على المستهلك سواء كان في مركز المدعي   أو المدعى عليه حيث غالبا ما يكون مدعى عليه في مواجهة شخص محترف يحرص على حماية حقوقه عن طريق الحرص على إثباتها و الحصول على وسائل إثباتها ، هنا يكون المدعى عليه مطالبا بإثبات العكس كما      هو الحال بالنسبة لفواتير الهاتف[2]و فواتير استهلاك الماء و الكهرباء مثلا.

و بالإطلاع على القانون 31.08 نجد أنه لم يحصل تقدم كبير على مستوى تطوير قواعد الإثبات لصالح المستهلك. الأمر الذي يقتضي معه الرجوع إلى القواعد العمة للإثبات المحددة في قانون الالتزامات و العقود. و تطبيق القاعدة المقررة في الفص 399 منه  و التي تقضي بما يلي ” إثبات الالتزام يقع على مدعيه “.

إلا أنه و نظرا لخصوصية العقود الاستهلاكية فقد ذهب المشرع المغربي نحوى تسهيل عملية الإثبات على عاتق المستهلك ، و ذلك عن طريق إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني في بعض الحالات المحددة كاستثناء على القاعدة و ذلك بغض النظر عن ما إن كان المهني مدعيا أو مدعى عليه . فيكون عليه أن يقيم الدليل على ذلك ، و العلة في ذلك هي تخفيف من صعوبات الإثبات التي تواجه المستهلك في هاته الحالات . على اعتبار هذا الأخير هو الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية التي تجمعه بالمهني الذي غالبا ما يهدف إلى حماية مصالحه و لو على حساب المستهلك و تتمثل هته الحالات التي يتم فيها إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني -، في إثبات عدم تعسفية الشرط المدرج في العقد ( أولا ) و الإثبات       في البيع و تقديم الخدمات عن بعد ( ثانيا ).

أولا: إثبات عدم تعسفية الشرط المدرج في العقد.

لقد أضحى موضوع حماية المستهلك من المواضيع الهامة . خاصة في عصرنا الحالي حيث      قل الوازع الديني لدى الأفراد. كما أنه ما شهده العالم من نقلة نوعية ، سواء من الناحية الاقتصادية         أو الاجتماعية . أدى إلى ظهور مجموعة من الوسائل التي يستعين بها المهني من أجل التأثير على المستهلك ، حيث لم تعد إرادة هذا الأخير إرادة مطلقة و حرة في إبرام العقود.

و من بين أهم الوسائل التي يلجئ إليها المهني من أجل التأثير على رضا المستهلك. نجد التعاقد عبر نماذج محررة سلفا من قبل المهني، تتضمن ما يشاء هذا الأخير من الشروط، و هذه الشروط غالبا   ما تتميز بطابع التعسف و الإجحاف، ومن ذلك مثلا نجد. نماذج العقود التي تطرحها مؤسسات الائتمان على زبنائها، حيث غالبا ما تتضمن شروط يكون على الزبون قبولها كما هي أو الانصراف، دون        أن يكون له الحق في مناقشة هذه الشروط و ذلك بفضل القوة الاقتصادية للمهني. مما يثقل كاهل المستهلك بالتزامات كثيرة من دون أن يلتزم البنكي بأبسط الالتزامات الأولية [3]. و كان من نتائج هذا الوضع الجديد أن أصبحت عقود الإذعان تتضمن شروطا تعسفية مفروضة من المهني رغبة منه في تحقيق مصالحه الذاتية.

و هذا ما حذا بالكثير من التشريعات إلى إصدار نصوص قانونية أعادت بها بعض التوازن المفقود في عقود الاستهلاك [4]. من بينها التشريع المغربي الذي نظم نظرية الشروط التعسفية في قانون الاستهلاك رقم 31.08 ، كآلية قانونية هامة للمطالبة بإلغاء و حذف الشروط التعسفية المدرجة في العقود الاستهلاكية التي يكون المستهلك طرفا فيها.

و قد عرفت المادة 15 من هذا القانون الشروط التعسفية بقولها ” يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد و المستهلك كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق       و واجبات طرفي العقد على حساب المستهلك”[5].

و هكذا و من أجل تدليل صعوبات الإثبات في هذا المجال عمل المشرع المغربي في القانون 31.08 على إعفاء المستهلك من عبء الإثبات. أو اعتبار المستهلك في وضعية المدعى عليه في الدعوى من زاوية عبء الإثبات[6] . و المقصود بالمدعي هنا ليس بمفهومه الإجرائي أي الذي يحرك الخصومة،    و إنما المقصود به هو من يدعي خلاف الأصل أو العرف أو الظاهر. و بمعرفة المدعي يتم معرفة المدعى عليه. و يقول ابن المسيب في هذا الصدد ” من عرف المدعي من المدعى عليه فقد عرف وجه القضاء”. و يقول كذلك ابن عاصم في تحفته ” تمييز حال المدعي من المدعى عليه جملة القضاء جمعا”. و ذلك أثناء لجوء المستهلك إلى القضاء من أجل المطالبة بإلغاء الشروط التعسفية المدرجة في العقد الاستهلاكي . حيث هنا ألزم المشرع  المهني بأن يثبت عدم تعسفية ذلك الشرط دائما، بغض النظر        ما إن كان مدعيا أو مدعى عليه. و ذلك نظرا لخصوصية النزاعات الاستهلاكية في مجال الشروط التعسفية  و ما تشكله من خطورة على المستهلك.

و هكذا ذهب المشرع إلى تجاوز القاعدة العامة للإثبات لصالح المستهلك و ألزم المورد بإثبات عدم تعسفية الشرط. حيث جاء في البند 17 من المادة 18 من القانون 31.08 أنه ” في حالة وقوع نزاع حول عقد يتضمن شرطا تعسفيا يجب على المورد الإدلاء بما يثبت الطابع غير التعسفي للشرط موضوع النزاع”.

و هذا نفس المقتضى الذي كان قد كرسه أيضا المشرع الفرنسي في مدونة الاستهلاك الفرنسية[7]. حيث ألزم المهني بإثبات عدم تعسفية الشرط المدرج في العقد بجميع وسائل الإثبات و ذلك في جميع الأحوال.

و نستخلص مما تقدم أن عبء الإثبات فما يخص إثبات عدم تعسفية الشروط المدرجة في العقد الاستهلاكي يقع دائما على عاتق المهني بالرغم من وجود المهني في موقف المدعى عليه.

و تبدو أن العلة وراء إقرار المشرع المغربي لهذا المقتضى تكمن في أن إثبات تعسفية الشرط من طرف المستهلك تكاد تكون مستحيلة. نظرا لتعلق المعاملات في الغالب بمسائل تقنية يصعب توفر الوسائل التي من خلالها يمكن للمستهلك أن يثبت تعسفية الشرط المتضمن في العقد هذا من جهة ، و من جهة أخرى فإن معظم المستهلكين المتعاملين مع المهني لا يعلمون ما إن كانت الشروط الواردة في العقد     هي تعسفية أم لا. و ذلك بالمقارنة مع المهني الذي يمتلك خبرة كافية و تجربة رصينة في ميدانه تؤهله لمعرفة طبيعة جميع الشروط المدرجة في العقد.

و بهذا نقول أن المشرع المغربي حسن فعلا حينما نص على هذا المقتضى في المادة 18 من هذا القانون. إذ يمكن أن نعتبره من أهم الضمانات الحمائية المخولة للمستهلك إن لم نقول أولها . التي جاء بها قانون حماية المستهلك. بهدف إعادة التوازن المفقود بين طرفين غير متكافئين. و إعادة الاعتبار لمبدأ سلطان الإرادة الذي عرف تراجعا أو انتكاسة قوية في ظل بروز هذا النوع من التعاقدات التي يكون فيها الطرف المستهلك، إما في حاجة ماسة للتعاقد لتلبية حاجياته الضرورية ، أو لعدم علمه و معرفته بأبعاد هذا التعاقد. مما يفتح المجال أمام المهني لاستغلال إرادة المستهلك بفعل الالتزام القانوني للمورد المدعى عليه بالتعاون على مستوى عبء الإثبات.

و ما يؤكد رغبة المشرع في تكريس مبدأ قلب عبء الإثبات في هذه الحالة هو تعزيزه للحماية الإجرائية على مستوى الإثبات لما اعتبر تعسفيا[8]. كل شرط من شأنه إلغاء أو عرقلة حق المستهلك       في إقامة دعاوى قضائية أو اللجوء إلى طرق الطعن. و ذلك بالحد بوجه غير قانوني من وسائل الإثبات المتوفرة لديه أو إلزامه. بعبء الإثبات الذي يقع عادة على طرف آخر في العقد طبقا للقانون المعمول به[9].

هكذا و بالاطلاع على جل العقود الاستهلاكية فإنها في الغالب ما تتضمن شرطا يقضي بمنع المستهلك من اللجوء إلى القضاء نهائيا.  في حالة نشوب نزاع بينه و بين المهني. مما ينقص من حقوقه في اللجوء إلى القضاء، فكان ذلك السبب الرئيسي في تنصيص المشرع في البند 17 من المادة 18 على اعتبار مثل هذا الشرط تعسفيا و يقع باطلا و لا غيا حسب المادة 19 من هذا القانون. كما أنه قد نصادف بعض العقود التي تتضمن شروط لا تمنع المستهلك من اللجوء إلى القضاء و إنما تفرض عليه اللجوء    إلى الوسائل البديلة لفض النزاع. فهنا و بالرغم من أهمية و ملائمة هذه الوسائل أو الطرق لقضايا الاستهلاك . فإن هذا الشرط حتى يكون صحيحا يجب أن لا يتسبب في منع المستهلك من اللجوء          إلى القضاء و على هذا الأساس يجب أن نميز بين حالتين.

الحالة الأولى : حينما تقوم هذه الشروط بإقصاء حق المستهلك في اللجوء للقضاء نهائيا ، تكون بذلك تعسفية و قد أشار القانون 31.08 إلى ما يقارب هذا المعنى في معرض حديثه عن الشروط التعسفية لكنه لم يشر صراحة إلى الطرق البديلة.

الحالة الثانية : حينما تكون هذه الطرق البديلة طريقا أوليا يجبر المستهلك على المرور منه قبل عرض نزاعه على القضاء. إذ لا يعتبر هذا الشرط مانعا من سماع الدعوى. لكنه مانع مؤقت. يلزم المستهلك أولا بعرض نزاعه على أحد الطرق البديلة ، و في هذه الحالة ينبغي التأكد من سلامة إرادة المستهلك عند توقيعه على الشرط، كما ينبغي أن يتعلق هذا الشرط بأحد الطرق البديلة الملائمة لقضايا الاستهلاك كالوساطة مثلا و ليس التحكيم على اعتبار أنه خاص بالمنازعات التجارية.

و لعل العلة في ذلك هو أن احتواء العقود على شرط التسوية الودية للنزاع قبل اللجوء إلى القضاء قد يؤدي حتما إلى مماطلة المشتري و تأخيره عن رفع الدعوى أمام المحكمة. لأنها غالبا ما تستغرق مدة طويلة تتجاوز الأجل القصير المحدد لرفع دعوى الضمان بحسب الفصل 573 من قانون الالتزامات      و العقود ، المتمثل في 30 يوما بالنسبة للمنقولات و الحيوانات. و بعد نفاذ المساعي الحبية و عدم الوصول إلى حل حبي يرضي الأطراف. فإن المستهلك يجد نفسه خارج الأجل القانوني. و بالتالي فوت عليه فرصة عرض أمر النزاع على القضاء، وهنا يكمن تعسف مثل هذا الشرط خصوصا إذا كان هدف المهني من وراء إدراجه في العقد المماطلة و حرمان المستهلك من حقه في التقاضي.

هذا و تعزيزا لحماية المستهلك في إطار إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني في إثبات عدم تعسفية الشرط المضمن في العقد الذي يجمع بينهما. جعل المشرع هذا المقتضى من النظام العام ، بمعنى لا يجوز الاتفاق على مخالفته. إذ نصت المادة 20 من القانون 31.08 على أنه : تعتبر أحكام هذا الباب من النظام العام :. و بهذا فإن كل شرط يكون مخالفا لذلك يكون باطلا و عديم الأثر. كما يجب على القاضي إثارتها تلقائيا حماية لمصالح الطرف الضعيف ( المستهلك) في هذه النزاعات و هو ما من شأنه تعزيز الحماية المخولة له بغية ضمان تسوية منصفة لنزاعات الاستهلاك التي تتسم بوجود أطراف غير متكافئة[10].

ولا شك أن إعطاء للقاضي هذا الدور يجد تبريره في غياب المساواة الاقتصادية و القانونية بين المستهلك و المهني في الممارسات التعاقدية.

هذا الغياب طال حتى المجال الإجرائي حسب محكمة العدل الأوربية حيث جاء في أحد قراراتها ” أن الوضعية الخاصة للمستهلك باعتباره طرفا ضعيفا يعطي مبررا للتدخل الايجابي للقاضي في إثارة الشرط التعسفي بمناسبة دعوى جارية”[11].

هكذا يكون المشرع المغربي قد خطي خطوة هامة نحوى تعزيز حقوق و ضمانات المستهلك    في مواجهته بالمهني . إلا أنه و رغم دخول القانون 31.08 حيز التنفيذ منذ سنة 2011، إلا أنه لا زال على مستوى الواقع العملي لم ينتج أثاره و لم تفعل مقتضياته ، و هذا راجع إلى عدة اعتبارات أهمها عدم علم المستهلك بحقوقه بالإضافة إلى ضغط اللوبي الاقتصادي الذي و إن كان يقبل بوجود قانون اقتصادي فإنه لا يقبل بوجود قانون اقتصادي بنفحة اجتماعية. و بذلك يكون على جمعيات حماية المستهلك أن تقوم بدورها التحسيسي و التوعوي على أحسن وجه حتى تضمن علم المستهلك بحقوقه و لعل أهمها هو إلقاء عبء الإثبات على عاتق المستهلك في إثبات عدم تعسفية الشرط المضمن في العقد الاستهلاكي.        وكذلك في البيع و تقديم الخدمات عن بعد و الذي سيكون معرض حديثنا فيما سيأتي.

ثانيا : الإثبات في البيع و تقديم الخدمات عن بعد.

التعاقد عن بعد كما مرا معنا هو كل بيع لسلعة أو أداء خدمة يبرم دون الحضور المادي للأطراف ” المستهلك و المهني”. حيث يتم عقد اتفاق بين طرفي العقد من خلال تلاقي الإيجاب و القبول عن طريق وسيلة أو أكثر من تقنيات الاتصال عن بعد[12] .

و نظرا لخصوصية البيع و تقديم الخدمات عن بعد فقد أحاطه المشرع بمجموعة من التدابير. لعل أهمها أنه فرض أن يتم إبرام العقود الناتجة عن هذا النوع من التعاملات في إطار شكلية معينة يجب استيفاؤها للتعبير عن الإرادة.بجانب الشروط الموضوعية اللازمة لتكوين العقد و صحته. على نحو يكون معه التعبير عن الإرادة في غير الشكل المطلوب غير منتج للآثار القانوني المطلوب.

و لعل الهدف من ذلك هو حماية المستهلك في عقود الاستهلاك باعتبار أن الشكلية في هذه الحالة تعتبر أداة لإعلام المستهلك و تنوير رضاءه في العقود التي يكون طرفا فيها في مواجهة المهني             أو المحترف.

و بهذا ألزم المشرع المغربي المهني بإعلام المستهلك بكافة المعلومات الضرورية و قد يصل حد هذا الإعلام إلى التحذير و التنبيه[13].حيث يعتبر المورد مسؤولا بقوة القانون اتجاه المستهلك عن حسن تنفيذ الالتزامات الناتجة عن العقد المبرم عن بعد. سواء أكان التنفيذ على عاتق الطرف الأصلي أو على عاتق مقدمين آخرين للخدمات، و هو ما تم التنصيص عليه في المادة 26 من قانون 31.08 ” يعتبر المورد مسؤولا بقوة القانون اتجاه المستهلك على حسن تنفيذ الالتزامات الناتجة عن العقد المبرم عن بعد”. إلا أن هذه الضمانة -” إلزام المهني بإعلام المستهلك مسبقا بكل المعلومات الضرورية حتى تتوازن     الإرادتين “-.  تبدو عادة إذا ما قرنها بالضمانة التي تقضي بإلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني بغض النظر     ما إن كان مدعيا أو مدعى عليه . إذا تعلق الأمر بنزاع حول البيع و تقديم الخدمات عن بعد.

حيث نصت المادة 34 من القانون 31.08 أنه ” في حالة حدوث نزاع بين المورد والمستهلك، يقع عبء الإثبات على المورد خاصة فيما يتعلق بالتقديم المسبق للمعلومات المنصوص عليها في المادة 29 وتأكيدها واحترام الآجال وكذا قبول المستهلك”.

يبدو من خلال صيغة هذا النص أن إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني يهم جميع المعاملات الاستهلاكية. إلا أن الحقيقة أن هذا النص يخص فقط العقود المبرمة عن بعد. بحكم أنه يتواجد ضمن المواد المؤطرة للباب الثاني من القسم الرابع من القانون 31.08 المتعلق بالقواعد المبرمة عنب بعد.

و بهذا يكون المشرع المغربي قد خرج عن القاعدة العامة المقررة في الفصل 399 من ق.ل.ع   و التي تقضي بأن إثبات الالتزام يقع على مدعيه. و إلقاء بذلك عبء الإثبات على عاتق المهني دائما في هذه الحالة ( التعاقد عن بعد ). بغض النظر ما ان كان مدعيا أو مدعى عليه. محاولا بذلك منح ضمانات قوية لصالح المستهلك و ذلك مراعاة لحساسية مركزه و عدم توازن العلاقة العقدية التي تربطه بالمهني.

و يبدو أن العلة وراء إقرار المشرع لهذا المقتضى في إطار التعاقد عن بعد هو اتسام هذا الأخير بعدة خصوصيات منها أن هذا التعاقد يتم بين طرفين يجمعهم مجلس تعاقد افتراضي. حيث أن كل واحد منهم يوجد في مكان بعيد عن الأخر. و يتواصلون بأحد وسائل الاتصال عن بعد كالهاتف                    و الحاسوب…كما أن المستهلك لا يطلع على السلعة أو الخدمة محل التعاقد إلى بعد إبرام العقد و تسلمها إليه. كما يصعب على المستهلك الاحتفاظ لنفسه بوسائل إثبات تمكنه من إثبات ما يدعيه حين نشوء نزاع حول ذلك، هذا ما دفع المشرع المغربي إلى إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني. مقابل إعفاء المستهلك من الإثبات و هذا ما يشكل حماية فعالة للمستهلك و يعيد كفة التوازن بين الطرفين.

وزيادة من المشرع لهذه الحماية و تأكيدا على هذا الطرح اعتبر أنه لا يجوز الاتفاق بين المورد  المستهلك على تحميل هذا الأخير عبء الإثبات أو إعفاء المورد نفسه من الإثبات . فيما يخص تقديم الخدمات و البيع عن بعد حيث اعتبر كل اتفاق من هذا القبيل باطلا و عديم الأثر[14].

بمعنى أن المشرع المغربي اعتبر تضمين العقد بند أو شرط يقضي بجعل الإثبات في التعاقد     عن بعد على عاتق المستهلك في حكم الشروط التعسفية. و بالتالي لا ينتج أثره و يعد باطلا حتى و إن كان نابع عن إرادة المستهلك لأن هذا الأخير تطبعه خصوصيات عدة في تعاقده قد تؤدي به إلى قبول كل الشروط المبتغاة من قبل المهني من أجل الحصول على الخدمة أو السلعة. و ذلك لحاجته الماسة لها.    هذا ما دفع بالمشرع إلى التنصيص على اعتبار الاتفاق على مخالفة ذلك يعد باطلا و عديم الأثر.

كما نجد أن المشرع قد أحاط هذا المقتضى – إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني في التعاقد   عن بعد -. بسياج يضمن فعالية أكثر و حماية أفضل للمستهلك في مجال الإثبات في التعاقد عن بعد، حيث جعل مقتضيات المادة 34 من النظام العام، حيث لا يجوز الاتفاق على مخالفتها و هو ما تم التنصيص عليه في المادة 44 حيث جاء فيها ” تعتبر أحكام هذا الباب من النظام العام “.

و هذا المقتضى إن كان يقضي من جهة أنه لا يجوز استبعادها أو الاتفاق على مخالفته .      بمعنى   أن كل شرط من شأنه إلقاء عبء الإثبات في العقود المبرمة عن بعد على عاتق المستهلك       يعد شرطا غير قانوني لمخالفته النظام العام و لمساسه بالحقوق المخولة صراحة للمستهلك كطرف ضعيف في هذه العلاقة التعاقدية[15]. و من جهة أخرى يفتح الباب أمام تدخل القضاء في إثارة هذا المقتضى من تلقاء نفسه، لأنه يتعلق بالنظام العام. و هذا ما من شأنه تعزيز ضمانات المستهلك لضمان حقوقه       في مواجهة المهني.

و بهذا فإن هذه الضمانات الحمائية التي جاء بها القانون 31.08 في إطار التعاقد عن بعد. عائدة إلى كون هذا النوع من التعاقد يتم من خلال الالتقاء الافتراضي بين المهني و المستهلك. و بذلك فإن وضع عبء الإثبات على عاتق المهني يجد أساسه في الصعوبات التي تواجه المستهلكين في إثبات تعرضهم للضرر بفعل تعاقدهم عبر شبكة الاتصال عن بعد. في مقابل امتلك المهني للخبرة و الوسائل التكنولوجية التي تسمح له بالاحتفاظ بالدلائل التي تفيد قيامه بتنفيذ التزاماته تنفيذا حسنا و سليما و بالتالي فإلقاء عبء الإثبات عليه لا يشكل إجحافا بحقه.

لكن الملاحظ هو أن المشرع قصر مسألة إلقاء عبء الإثبات على عاتق المهني في حالتين فقط هما إثبات عدم تعسفية الشرط المدرج في القد الاستهلاكي و إثبات المعاملات التي تتم في إطار التعاقد   عن بعد . و هنا كان عليه أن يكون أكثر جرأة و يربط الإثبات في المادة الاستهلاكية برمته على عاتق المهني سواء كان مدعي أو مدعى عليه. لأنه يتوفر على وسائل الإثبات في كلتا الحالتين، لكي يعطي لهذا القانون المرونة اللازمة حتى يكفل بذلك توفير الحماية اللازمة للمستهلك.

أما بخصوص و سائل الإثبات التي يكون للمهني اللجوء إليها للإثبات في  هاتين الحالتين. فهنا ينبغي أن نشير إلى أنه وفقا لما هو معمول به في القواعد العامة. و باعتبار أن قانون الاستهلاك يدخل ضمن زمرة الأعمال المختلطة فإن المستهلك إذا كان قد قرر رفع الدعوى أمام المحكمة الابتدائية فإنه     في هذه الحالة تطبق قاعدة الإثبات المقيد بالكتابة . أما إذا اختار التقاضي أمام المحكمة التجارية فيكون   له ( المهني) أن يثبت بأي وسيلة من وسائل الإثبات المتاحة وفقا لمبدأ حرية الإثبات المعمول به في المادة التجارية.

المحور الثاني : ربط المشرع المغربي الإثبات في قانون الاستهلاك بالالتزام بتحقيق نتيجة.

الالتزام هو رابطة قانونية بين شخصين إحداهما دائن و الأخر مدين يترتب بمقتضاها           على الطرف المدين اتجاه الطرف الدائن نقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل[16].

و بهذا ينقسم الالتزام إلى عدة أقسام من أهمها تقسيمه إلى التزام بغاية أو بتحقيق نتيجة. و التزام بوسيلة أو عناية.

فهنا يتعين على المدين في النوع الأول أن يحقق النتيجة المتفق عليها مسبقا مع الدائن و ينفذ التزامه هذا تحت طائلة المسؤولية العقدية . و ذلك من غير إلزام الطرف الدائن بإثبات خطأ المدين و إنما يتعين عليه فقط تقديم الحجة و الدليل على وقوع الإخلال بالالتزام . بينما لا يلزم في النوع الثاني إلا ببدل عناية الرجل المتبصر الحريص على شؤونه الخاصة و إذا باء ذلك بالفشل فلا مسؤولية عليه إلا إذا أثبت العمد و الإهمال في حقه من طرف الدائن و هو أمر ليس بالسهل . إذ غالبا ما يحول دون استحقاق الدائن التعويض .

هكذا وباعتبار أن الالتزامات بتحقيق نتيجة تسهل على الطرف الدائن الإثبات عند إخلال المدين بالتزاماته . إذ هنا يكفيه أن يثبت تعرضه للضرر. و هذا ما ينسجم مع منطق و فلسفة قانون الاستهلاك الذي يذهب إلى التخفيف من عبء الإثبات على عاتق المستهلك ، إذ كلما وفر له المشرع وسائل إثبات سهلة الولوج . إلا حقق معها الفاعلية في الولوج للقضاء لاستفاء حقوقه.

هذا ما دفع المشرع في القانون 31.08 إلى التوسيع من نطاق الالتزامات بتحقيق نتيجة. و ذلك بغية توفير الحماية اللازمة للمستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية التي تربطه بالمهني . و هذا كله من أجل تحقيق توازن العلاقة ألا متوازنة بينهم.

لهذا سوف نعالج نموذجين من هذه الالتزامات نظرا لأهميتهما في المعاملات التعاقدية الاستهلاكية. و سنحاول إبراز دورهما في التخفيف من صعوبة الإثبات التي تواجه المستهلك. و يتعلق الأمر هنا بالالتزام بالإعلام ( أولا ) و الالتزام بالسلامة ( ثانيا ).

أولا : الالتزام بالإعلام.

لقد أدى التطور الاقتصادي و العلمي الحاصل في مجالات مختلفة. إلى إغراق الأسواق الاستهلاكية بالمنتجات المتنوعة و المبتكرة، و التي يبقى المستهلك عاجزا عن فك رموز و علامات تصنيعها و مكوناتها. مما أسفر عن اختلال واضح في المراكز القانونية لطرفي العقد الاستهلاكي[17].

 

و لحماية المستهلك ضد الآثار السيئة لهذا الجهل لبد من تحقيق نوع من المساواة في العلم بينه      و بين المهني على نحو يستطيع معه المستهلك على مدى ملائمة هذا العقد بالنسبة إليه . و لن يتأتى ذلك   إلا من خلال إعلامه و تعريفه بظروف هذا التعاقد بالقدر الذي ينير رضاءه به[18].

و من أجل ذلك أقرت العديد من التشريعات[19]. التزاما جديدا على عاتق المهني هو التزامه بإعلام المستهلك[20].و هكذا نصت المادة 3 من قانون 31.08 على أنه ” يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك بأي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر المنتوج        أو السلعة وتاريخ الصلاحية إن اقتضى الحال، وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته        على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته.

ولهذه الغاية، يجب على كل مورد أن يعلم المستهلك بوجه خاص عن طريق وضع العلامة        أو العنونة أو الإعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بأسعار المنتوجات والسلع وبتعريفات الخدمات وطريقة الاستخدام أو دليل الاستعمال ومدة الضمان وشروطه والشروط الخاصة بالبيع أو تقديم الخدمة، وعند الاقتضاء، القيود المحتملة للمسؤولية التعاقدية. تحدد إجراءات الإعلام بنص تنظيمي”[21]. هذه المادة تقابلها المادة 1-111 من قانون الاستهلاك الفرنسي ل 23 يوليوز 1993. إذ تنص على أنه ” يجب      عل كل صاحب مهنة سواء كان مقدم سلعة أو مؤدي خدمات أن يحيط المستهلك قبل إبرام العقد بكافة الخصائص الأساسية للسلعة أو الخدمة محل التعاقد”.

و من هذا يعد الحق في الإعلام من أهم الأسس التي تنبني عليها قوانين حماية المستهلك . و بذلك يكون المهني ملزم بإعلام المستهلك بكل المعلومات الأساسية للمنتوج. حتى يتعاقد المستهلك عن بينة      و إرادة واعية.

و هذا ما يدفعنا لتحديد مضمن و طبيعة الالتزام بالإعلام (أ ) و المسؤولية المترتبة عن الإخلال بهذا الالتزام ( ب ) كآلية تؤدي إلى تحقيق عبء الإثبات على عاتق المستهلك.

أ – مضمون الالتزام بالإعلام و طبيعته القانونية.

1 – مضمون الالتزام بالإعلام.

يعرف الالتزام بالإعلام بأنه ” التزام عام سابق على التعاقد يحدد محله في قيام المدين بإخطار الطرف الأخر الدائن بجميع المعلومات المتعلقة بالعقد المراد إبرامه سواء من حيث أوصاف الشيء محل التعاقد أو مداه أو شروطه. أو بمعنى أخر البيانات الضرورية و اللازمة لإيجاد رضاء مستنير و كامل حول جزئيات محل العقد”[22].

فمن خلال هذا التعريف نستنتج أن الالتزام بالإعلام هو عبارة عن تقنية قانونية استهدف المشرع من ورائها حث المهني عن الإدلاء بجميع المعلومات المتعلقة بمحل العقد سواء تعلق هذا الأخير بخدمة   أو سلعة و ذلك لفائدة المستهلك حتى يكون رضاه مستنيرا و غير مشوب بعيب .

و يجد هذا الالتزام تبريره في مبدأ سلامة العقود. فالالتزام بالإعلام هام و ضروري لسلامة عقود البيع الاستهلاكية في ظل عدم المساواة بين المهني و المستهلك نظرا لعلم الأول و جهل الثاني. مما يدفع الأول إلى استغلال علمه بعناصر التعاقد للحصول على مزايا مبالغ فيها على حساب الطرف الثاني[23].

2 – الطبيعة القانونية للالتزام بالإعلام.

من الصعب حقيقتا تحديد طبيعة الالتزام بالإعلام . حيث أن المشرع أغفل التنصيص على ذلك. كما أن الفقه اختلف في ذلك بين قائل أن الالتزام بالإعلام التزاما بتحقيق نتيجة و بين من يعتبره التزاما ببدل عناية فقط و بين من يأتي برأي وسط في ذلك.

فأنصار الاتجاه القائل: بأن الالتزام بالإعلام التزام ببدل عناية يبررون موقفهم هذا. بأن معيار احتمالية النتيجة يقتضي أن كل ما على المهني هو الإدلاء بالبيانات أو المعلومات وفقا للقانون و لكنه      لا يضمن اهتمام المستهلك بها و فهمه لها و استفادته منها إذ أن ذمة المهني تبرأ إذا بمجرد إعلامه للمستهلك بما يلزم من معلومات لتنوير إرادته قبل التعاقد أو لضمان سلامته من خلال تنفيذ العقد[24].

من الصعب حقيقتا تحديد طبيعة الالتزام بالإعلام . حيث أن المشرع أغفل التنصيص على ذلك. كما أن الفقه اختلف في ذلك بين قائل أن الالتزام بالإعلام التزاما بتحقيق نتيجة و بين من يعتبره التزاما ببدل عناية فقط و بين من يأتي برأي وسط في ذلك.

فأنصار الاتجاه القائل: بأن الالتزام بالإعلام التزام ببدل عناية يبررون موقفهم هذا بأن معيار احتمالية النتيجة يقتضي أن كل ما على المهني هو الإدلاء بالبيانات أو المعلومات وفقا للقانون و لكنه      لا يضمن اهتمام المستهلك بها و فهمه لها و استفادته منها إذ أن ذمة المهني تبرأ إذا بمجرد إعلامه للمستهلك بما يلزم من معلومات لتنوير إرادته قبل التعاقد أو لضمان سلامته من خلال تنفيذ العقد[25].

ومن ذلك فقيام المهني بإعلام المستهلك بخطورة المبيع و التحذير منه هو التزام يهدف إلى حماية المستهلك . تتوفر فيه الشروط المطلوبة للالتزام ببدل عناية، لأن المهني يهدف من وراء ذلك لتجنيب المستهلك ما بها من خطورة، و لكنه لا يضمن الوصول لهذه النتيجة[26].

في حين ذهب أنصار الاتجاه القائل بأن الالتزام هو التزام بتحقيق نتيجة. لتأسيس رأيهم          على أن هذه الطبيعة ( تحقيق نتيجة ) هي التي تتناسب مع الالتزام بالإعلام و تضمن تحقيق الهدف المنشود من وجوده[27].

ذلك أن المنتج يستطيع أن يتوقع عيوب المنتجات التي يقوم بتصنيعها. و أن يزيلها تماما قبل     أن يطرحها للتداول في السوق. و لكنه لا يستطيع مهما أدلى ببيانات للمستهلك عن كيفية استعمال السلعة    و مخاطرها، أن يضمن فهم تلك البيانات و على وجه الخصوص احترامه لها. و لذلك كان طبيعيا أن يأخذ المنتج في الحالة الأولى بمسؤولية مشددة، بحيث يفترض لدى ثبوت العيب علمه به ومسؤوليته إلا عندما ينهض الدليل على خطأه في تنفيذ ما التزم به[28].

و إلى جانب هاذين الاتجاهين نشأ اتجاه ثالث يسمى بالاتجاه المختلط ليضمن للإعلام خاصيتين اثنتين. إحداهما خاصية الالتزام بنتيجة، و هو الالتزام بنقل الإعلام إلى المستهلك. و الثانية خاصية الالتزام بوسيلة و يتمثل في استعمال الوسائل المناسبة لنقل الإعلام إلى الدائن بحيث يتسلمه و يفهمه.      و لا يتضمن بالمقابل الالتزام بأن يستعمل الإعلام صحيحا[29].

و من خلال ما سبق نخلص إلى أن تحقيق الحماية اللازمة للمستهلك تقتضي جعل الالتزام بالإعلام التزاما قانونيا يفرضه القانون صراحة و يرتب جزاء على الإخلال به. و يجب أن يكون التزاما بنتيجة يلزم المدين بتسليم المستهلك كل المعلومات الكافية بخصوص ما يريد إتباعه، خصوصا مع التطور الذي يعرفه ميدان إنتاج السلع و الخدمات.

و ما بقى لنا أن نشير إليه هو أن العقد الذي يجمع بين المهني و المستهلك إذا تم كتابة، فيتعين  على المورد أن يسلم للمستهلك نسخة منه و ذلك حتى يكون هذا الأخير علي بينة من الحقوق و الالتزامات المترتبة عن هذا العقد في ذمة كل طرف. كما يساعده في إثبات ادعاءاته في حالة إخلال المورد بإحدى الالتزامات المترتبة في ذمته، أو تنفيذها بغير الشكل المتفق عليه.

لكن في أحيان كثيرة يتم التعاقد شفويا، خصوصا في العقود القليلة الأهمية من الناحية الاقتصادية في هذه الحالة إذ تم تحرير بعض الشروط التي يتضمنها العقد الشفوي في الأصل، و المقترحة          على المستهلك كتابة فيجب أن تحرر بشكل واضح و مفهوم و بأسلوب سهل و خال من المصطلحات الفنية التي يصعب فهمها واستيعاب محتواها من طرف المستهلك العادي و إذا وقع نزاع بشأن شرط من تلك الشروط فإنه يؤخذ بالتأويل الأكثر فائدة للمستهلك باعتباره الطرف الضعيف في العقد حسب المادة 9    من القانون 31.08[30].

مما سبق يتبين أن الالتزام بإعلام المستهلك و مده بالبيانات الأساسية حول عملية التعاقد هو التزام ايجابي يجعل رضاه منيرا وحرا. و يكفي لقيام مسؤولية المهني أن يثبت المستهلك عدم تحقيق النتيجة المطلوبة و ما لحقه من ضرر و هو ما يقلل من صعوبة الإثبات التي تعترض المستهلك فإذا أراد المهني التخلص من المسؤولية فعليه عبء إثبات تنفيذ الالتزام بالإعلام أو إقامة الدليل على وجود السبب الأجنبي.

ب – طبيعة المسؤولية المترتبة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام.

إن كان الهدف من تقرير الالتزام بالإعلام هو العمل على تنوير إرادة المستهلك لدى التعاقد        و تبصيره بكافة التفاصيل على نحو يمتنع وجود أي احتمال أو التباس. فإن الاختلال به يعد أمرا ذا تأثير بالغ على رضا هذا الأخير، سواء اتخذ هذا الإخلال شكلا سلبيا أو ايجابيا وسواء كان الالتزام بالإعلام انعكاس على إبرام العقد أو على تنفيذه.

و بذلك يحق لكل مستهلك تضررت مصالحه جراء إخلال المورد بالتزاماته المقررة بمقتضى القانون أن يثير المسؤولية المدنية لهذا الأخير، و ذلك برفع دعوى مدنية للجهة القضائية المختصة[31].

هكذا و إذا كانت المسؤولية المدنية نوعين عقدية و تقصيرية ، فتكون عقدية حينما يكون الالتزام الذي تم الإخلال به مصدره العقد و تكون تقصيرية حينما يكون الالتزام الذي تم الإخلال به مصدره عمل غير مشروع بمعنى الإخلال بالواجبات القانونية سواء كان منصوص عليها في بنود تشريعية أو نابعة   من نظام التعايش الاجتماعي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا و بإلحاح أي المسؤوليتين يمكن للمستهلك الارتكاز عليها للمطالبة بالتعويض؟.

للإجابة على هذا التساؤل نقول أن هناك رأيان يتجاذبان الموضوع. حيث أن الالتزام بالإعلام الذي يثير الخلاف. على مستوى الفقه و القضاء بشأن طبيعة المسؤولية المترتبة عن الإخلال به          هو الالتزام بالإعلام الذي ينعكس على رضاء المتعاقد، و يساعده على معرفة عواقب التعاقد و على إيجاد قرار غير معيب بغلط أو تدليس، انه الالتزام بالإعلام الذي يهدف إلى جعل الرضاء حرا و متنبرا، و على بينة من كل جوانب التعاقد و خاليا من الغلط. و يسميه أغلب الفقه الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام.           أما إذا تعلق الأمر بالالتزام بالإعلام الذي ينعكس على تنفيذ العقد، فإن الإخلال به لا يثير إلا المسؤولية العقدية و لا جدال في ذلك[32].

الاتجاه القائل بالطبيعة التقصيرية لمسؤولية المورد بالالتزام بالإعلام: ذهب جانب من فقهاء القانون المدني إلى القول أن الالتزام بالإعلام هو التزام مستقل عن عقد الاستهلاك، و يتعين الوفاء به    في المرحلة السابقة على إبرامه و من ثم فهو التزام قبل تعاقدي.

هكذا فإن الالتزام بإعلام المستهلك ببيانات الشيء هو التزام قبل تعاقدي يتعين الوفاء به           في المرحلة السابق للتعاقد و قبل أن توجد رابطة عقدية بين الدائن و المدين. بل انه حتى بالنسبة للبيانات المتعلقة باستخدام الشيء و كذا تقدير مخاطره. فإن الصانع أو المنتج و هو المدين الأصلي بهذا النوع من الإعلام يبادر إلى الوفاء به لحظة الإنتاج وقبل طرح المنتجات  للتداول في السوق . و من تم فإن أي خطأ من جانبه في هذه المرحلة يعد تقصيريا تخضع أحكامه لقواعد المسؤولية التقصيرية [33].

كما أن قواعد المسؤولية التقصيرية تسمح للمضرور بالحصول على تعويض عن كافة الأضرار التي قد تلحقه. من الإخلال بالالتزام الواجب و منه إعلام المستهلك. سواء أكانت الأضرار متوقعة أو غير متوقعة. و هو ما يخالف قواعد المسؤولية العقدية التي تنحصر فيما هو متوقع من أضرار وقت التعاقد.   ما دام أن المتعاقد لم يرتكب غشا أو خطئا جسيما[34].

كما أن الطبيعة التقصيرية للمسؤولية الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام يحقق حماية كبيرة للمستهلك المضرور. حيث أن هذا الأخير يكون في مأمن من محاولات البائع اللجوء إلى شروط الإعفاء أو التخفيف من المسؤولية و ذلك في القول بالطبيعة العقدية للمسؤولية و الذي يجيز هذا النوع             من الاتفاقات.

الاتجاه القائل بالطبيعة العقدية لمسؤولية المهني بالالتزام بالإعلام: أن أصحب هذا الاتجاه يقولون بوجود نوع أو صنف واحد من الالتزامات بالإعلام. هو الالتزام بالإعلام العقدي. أنه التزام ينشأ عن عقد و يرتبط به حتى ولو أن الوفاء به أحيانا يتم في المرحلة السابقة على إبرام العقد أو أثناء إبرامه. و بالتالي فإن الإخلال بهذا الالتزام لا يؤدي بالطبع إلا إلى قيام المسؤولية العقدية[35].

كما أن البيانات المتعلقة بالشيء المبيع هي من طبيعة عقدية و لا يوجد بيانات سابقة على التعاقد   و أخرى لاحقة عليه لصعوبة التمييز بينهما من الناحية الموضوعية و العملية[36].

و من بين مبررات هذا الاتجاه كذلك، أن المشرع نفسه قرر في بعض الأحيان المسؤولية العقدية على الرغم من أن الخطأ قبل عقدي ولا تظهر نتائجه إلا أثناء تنفيذ العلاقة العقدية، كما أن المسؤولية     قد تتقرر لغير أطراف العلاقة العقدية. فثمة خطأ قبل تعاقدي و يعاقب المشرع على الإخلال به على أساس المسؤولية العقدية و هذا ما يحصل فعلا في مجال ضمان العيوب الخفية و الاستحقاق[37].

و خلاصة القول أنه رغم مميزات المسؤولية التقصيرية فإنه يمكن القول بأن إثبات الخطأ التقصيري يكون أصعب في ظل مبدأ الخطأ الواجب الإثبات، عكس المسؤولية العقدية للإعلام، فإن إثبات الخطأ العقدي يكون أسهل في ظل اعتبار الالتزام بالإعلام التزام بتحقيق نتيجة و هذا ما من شأنه أن يسهل على المستهلك عملية الإثبات و يخفف عليه من حدة قواعد الإثبات.

هكذا وبغض النظر عن هذا التمييز فإن المشرع المغربي نص في المادة 173. أنه يعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم على مخالفة أحكام هذا القسم الثاني و النصوص المتخذة لتطبيقه.و يتعلق القسم الثاني من هذا القانون بإعلام المستهلك.

بالإضافة إلى إقرار حق المستهلك بالمطالبة بالتعويض عن إخلال المهني بالتزامه بالإعلام فإنه خول له أيضا حق المطالبة بإبطال العقد أو فسخه.

ثانيا : الالتزام بالسلامة.

ظلت سلامة المشتري من الأضرار التي تحدثها المنتجات بعيوبها خاضعة للقواعد التقليدية الخاصة بضمان العيوب الخفية و إن كانت في بعض الأحيان تذهب أحكام القضاء إلى إخضاعها للقواعد العامة في المسؤولية العقدية. إلا أنها لم تعد كافية لتوفير الحماية اللازمة . الأمر الذي أدى إلى بروز نوع جديد من الالتزامات يوفر الحماية الكافية التي عجزت أحكام ضمان العيب عن مواجهتها، و هذا الالتزام هو الالتزام بضمان السلامة. الذي كان للقضاء الفرنسي دور كبير في إقراره و تكريسه كالتزام مستقل.

و بهذا عمل المشرع المغربي على إقرار هذا الالتزام و ذلك في التشريعات ذات الصلة بالمستهلك كالقانون 31.08 و القانون 17.04 الخاص بمدونة الأدوية و الصيدلة و القانون رقم 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات و الخدمات[38]. حيث نجد أن هذه القوانين قد نصت على ضرورة احتياط المنتج وأخذه لجميع التدابير اللازمة للحيلولة دون حدوث أي ضرر يمكن أن تتسبب فيه منتوجاته. و ألزم المنتج         ( المهني ) بضمان سلامة المستهلك من أضرار هذه  المنتوجات التي ينتجها.

إلا أن تطبيق مبدأ الالتزام بضمان السلامة يقتضي ضرورة توفر ثلاثة شروط . و يتعلق الشرط الأول بأن يوجد خطر يهدد أحد طرفي العقد في جسده، و الشرط الثاني في أن يسلم أحد طرفي العقد نسخ لطرف لأخر، أما الشرط الثالث فيتمثل في أن المدين في الالتزام بضمان السلامة يكون عادة مدين محترف مثل النقل أو مهني مثل الطبيب[39].

يتبين من خلال ما تقدم أن مبدأ الالتزام بضمان السلامة لا يستقيم إلا بالنسبة للعقود التي يعهد أحد أطرافها إلى الأخر بسلامة شخصه أو جسمه.

و على هذا سنحاول معالجة هذا الموضوع من خلال بيان الطبيعة القانونية للالتزام بالسلامة       ( أ ) و كذا الآثار المترتب عنه و علاقته بنظام الإثبات (ب ).

أ – طبيعة الالتزام بضمان السلامة.

إذا كان الفقهاء قد أجمعوا على ضرورة وجود الشروط أعلاه لقيام الالتزام بضمان السلامة فإنهم اختلفوا في طبيعة هذا الالتزام، هل هو بتحقيق نتيجة و لا يمكن للمدين أن يعفى من المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي . أم هو مجرد التزام ببدل عناية؟.

لقد ذهب فريق من الفقهاء للقول بأن هذا الالتزام يختلف مداه من عقد إلى أخر حيث يكون الالتزام بضمان السلامة في بعض العقود التزاما ببدل عناية كالتزام الطبيب في علاج المريض[40]. و في  عقود أخرى كعقد النقل هو التزام بتحقيق نتيجة، في حين ذهب فريق أخر إلى القول بأن الالتزام بضمان السلامة في عقد نقل الأشخاص لا يكون دائما التزاما بتحقيق نتيجة و إنما قد يكون أحيانا التزاما ببدل عناية[41].

إلا أنه لا يجب التسليم بهذا الرأي لأن محل هذا الالتزام لا يمكن أن يكون إلا بتحقيق نتيجة .        و أن عبء الإثبات لا يقع بالتالي على عاتق المشتري بل يكون على البائع، إذا ما أراد التحلل              من المسؤولية أن يقيم الدليل على قيامه بواجب التحذير كما ينبغي. و السند في ذلك هو أن الأخذ بالرأي المخالف من شأنه أن يؤدي إلى تفريغ التزام بالسلامة من مضمونه. و جعله عديم الجدوى. لأن المدين   بأي التزام عليه أن يبدل في تنفيذه العناية الواجبة. سواء وجد الالتزام بضمان السلامة أم لم يوجد[42].

و من حسنات هذا الرأي ( الالتزام بالسلامة التزام بتحقيق نتيجة ). أنه يؤدي إلى توحيد القواعد التي تحكم تلك المسؤولية سواء نجم الضرر عن عيوب المبيع أم عن الخطر الكامن فيه سيما و أن التفرقة بين هذين النوعين لا تستند إلى أي أساس من العدل و المنطق. و لا يعقل القول بأن على المشتري أن يقيم الدليل على خطأ البائع إذا نتج الضرر عن خطورة المبيع. و يعفى من عبء الإثبات إذا نجم الضرر       عن عيوبه. بل الصحيح أن يقال أن المشتري لا يكلف في الحالتين بإثبات الخطأ في جانب البائع و إنما يكلف فقط بإثبات وجود العلاقة السببية بين الشيء المبيع و الضرر الذي لحق به مع إتاحة الفرصة أمام البائع للتحلل من المسؤولية عن طريق إثبات السبب الأجنبي.

و من حسناته كذلك أنه أكثر تحقيقا للعدالة. لأنه و إن كان يعفي البائع من تبعة السبب الأجنبي. فإنه بالمقابل لا يغفل جانب المشتري، بل يجعل كفته هي الراجحة ناظرا بعين الاعتبار إلى ما يتوفر لدى البائع المهني من إمكانيات مادية تتيح له التأمين عن المسؤولية[43].

و على مستوى العمل القضائي فقد استبعدت محكمة النقض فكرة اعتبار الالتزام بضمان السلامة مجرد التزام ببذل عناية و أصبح المعول عليه هو الحالة الموضوعية للمنتوجات و ما تنطوي عليه       من خطورة بالنسبة للأشخاص أو الأموال . و أن المنتج أو البائع ملزمان بأن يسلما منتوجات خالية       من   أي عيب أو خلل في التصنيع يمكن أن يكون مصدر خطر بالنسبة للأشخاص أو الأموال[44].

و مما سبق يمكن القول أن تقسيم الالتزامات من حيث محلها إلى التزامات ببذل عناية، و أخرى بتحقيق نتيجة. لا يمكن أن يطبق على الالتزام بالسلامة أيا كان مجال تطبيق هذا الالتزام. فإما أن نضفي على هذا الأخير الوصف الصحيح الذي واكب نشأته في نطاق عقد النقل[45]. و نقول أن محله يتمثل دائما في تحقيق نتيجة. و إما أن تنفي قيام هذا الالتزام برمته إذا كان يستحيل إسباغ هذا الوصف عليه لأن القول بوجوده لن يضيف – عندئذ- جديدا. و من هذا المنطلق فإننا نرى أن إلقاء الالتزام بضمان السلامة محل الالتزام ببدل عناية على عاتق الطبيب، آو غيره من ذوي المهن يعتبر أمرا غير سائغ قانونا لأن مثل     هذا الالتزام سيكون أجوفا و خاليا من أي مضمون.

ب – أثار الالتزام بضمان السلامة.

الأثر الجوهري المترتب على الاعتراف بالالتزام بضمان السلامة المستقل، هو تقوية الحماية المقررة للمستهلك. و هو ما جاء قانون حماية المستهلك رقم 31.08 و قانون 24.09 لترسيخه في التشريع المغربي. فالواقع يثب لنا أن تفحص القضاء في المرحلة السابقة على الإقرار بوجود الالتزام بضمان السلامة في عقد البيع يكشف أن المحاكم تضع المتضرر من الغير في موقف أفضل من موقف المستهلك آي المتضرر المتعاقد.

فثمة وجه لتحسين موقف المستهلك في مواجهة المضرور غير المتعاقد الذي يستند إلى قواعد المسؤولية التقصيرية. حيث نصت المادة 106 من القانون 24.09 على أنه ” يعتبر مسؤولا عن الضرر الناتج عن عيب في المنتوج “.

و بذلك فإن قيام هذه المسؤولية يستند فقط على ضرورة إثبات العيب في المنتوج . فقد وضع القانون الفرنسي عبء إثبات العيب على عاتق المتضرر فهو ملزم بإثبات أن المنتوج كان معيبا وقت إنتاجه و هو ما نصت عليه المادة 1386-9 من القانون المدني الفرنسي بقولها ” يجب على المدعي      أن يثبت الضرر و العيب و العلاقة السببية بين العيب و الضرر” و هو ما نستشفه كذلك من نص المادة 106-7 من القانون 24.08 التي تنص على أنه ” يجب على الضحية لاستحقاق التعويض إثبات الضرر الذي لحقه من المنتوج المعيب”.

و بهذا فإن الأحكام التي أرست دعائم الالتزام المستقل بضمان السلامة أزالت – فيما يتعلق بإمكانية اللجوء إلى القضاء للمطالبة بالتعويض- كل تفرقة بين المستهلك الذي لحقه ضرر نتيجة تعيب الشيء. و ذلك الذي يتعاقد على مبيع خال من العيوب. و لكن لحقه الضرر من جراء إخلال البائع          أو المنتج بالتزام أخر يناط به ضمان سلامة المستهلك من المخاطر التي تحيط باستعمال السلعة أو التزامه باتخاذ الحيطة و الحذر فيما يتعلق بتصميم السلعة و تصنيعها و تجهيزها[46].

خاتمة :

إن طموح المشرع المغربي لتحقيق حماية فعالة للمستهلك كطرف ضعيف في التصرفات القانونية في ظل التشريع الراهن خاصة ما يتعلق منه بالإثبات. تبقى لحد ما مقبولة. لكن معرفة خبايا مسألة الإثبات و كيفية استفادة المستهلك منها، و الضمانات المخولة له بشأنها و غيرها أمرا يتطلب معرفة لا بأس بها بالتشريع الداخلي. إذا علمنا أن الدستور المغربي يضع قرينة مسبقة، تفيد أن جميع المواطنين على علم بالتشريع الصادر في الداخل سواء كان تشريع أساسي أو عادي أو فرعي. بمعنى التجسيد الحرفي للقاعدة التي مفادها لا يعذر أحد بجهله للقانون . إن هذا المبدأ رغم صراحته و دقة معانيه ، إلا أن السواد الأعظم من المواطنين عامة و المستهلك خاصة لا يفقه فيه شيء. كون قنوات العلم بتلك التشريعات مغلوقة ،      فمن هذا المواطن الذي يسأل عن أحكام قانون الاستهلاك متى صدر و ماذا يحتوي و ما تم التعديل فيه.

ففي غياب توعية اجتماعية لفهم التشريعات و الحقوق التي تتضمنها. كان من اللازم أن يقع     على عاتق الدولة ككل ، بجميع مؤسساتها و هيئاتها هذا الدور. لتوعية المواطن الاستهلاكي بالدرجة الأولى بهذه التشريعات ، التي كما رأيناها في هذه الدراسة ، كيف أنها معقدة و تتطلب المعرفة الجيدة بالتشريعات . و لئن كان الحال كذلك في ظل مسألة الإثبات كما رأينا و استعرضنا فيها لأهم مظاهر الحماية التي يجب أن يكون المستهلك على العلم بها ، حتى تتحقق العدالة الموضوعية التي تنحصر      في إثبات الحق و الظفر بالتعويض أو جبر الضرر.

     مقترحات الدراسة :

  • على المشرع أن يكون أكثر جرأة و يربط الإثبات في مادة الاستهلاك برمته على عاتق المهني ، سواء كان مدعي أو مدعى عليه. لأنه يتوفر على وسائل الإثبات في كلتا الحالتين ، و أن لا يقصره على حالتين فقط. مما يفقد هذا القانون مرونته ، و ذلك لمراعاة خصوصية نزاعات الاستهلاك        و ما تقتضيه من إعادة التوازن العقدي بين المستهلك و المهني.
  • إذا كان المشرع قد نظم الاختصاص المحلي في نزاعات الاستهلاك  و أناطه بمحكمة موطن    أو محل إقامة المستهلك أو محكمة محل وقوع الفعل المتسبب  للضرر حسب اختيار هذا الأخير.   فإنه يكون عليه كذلك أن ينظم الاختصاص النوعي من أجل معرفة المحكمة المختصة بالبث في النزاع الاستهلاكي. لأن بمعرفة المحكمة المختصة – ما إن كانت هي المحكمة المدنية  أم المحكمة التجارية – نعرف بذلك آي المبدأين المطبق في الإثبات ما إن كان المبدأ الحر أم المبدأ المقيد بالكتابة . لأنه إذا كانت المحكمة المدنية هي المختصة فإننا نكو أمام المبدأ المقيد في الإثبات بالكتابة أما إذا كانت المحكمة التجارية هي المختصة فإننا نكون أمام مبدأ الإثبات الحر.
  • حتى تكون للخبرة مكانة أساسية في إثبات المعاملات الاستهلاكية. على المشرع المغربي               أن يتدخل  بنص خاص . يقع بمقتضاه عبء تكاليف الخبرة على عاتق الطرف القوي ( المهني ) . حتى يوفر ضمانات حمائية جديدة للمستهلك في مجال الإثبات. أو على الأقل التخفيف من تكلفتها التي لا يجد المستهلك و حتى القاضي أحيانا بدا من اللجوء إليها لما لها من أهمية في الكشف               عن الحقيقة الواقعية. إذ أن ارتفاع تكلفتها تثقل كاهل المستهلك و تجعله يتفادى المطالبة بها حتى      و إن كانت نتيجتها ستؤول لصالحه.
  • تمكين القضاء من القيام بدور ايجابي و فعال ، من أجل اللحاق بتطور القانون المقارن                    في هذا الصدد عن طريق إعمال القاعدة الخاصة المقررة في القانون التي تعطي للمستهلك أولوية الحماية . من أجل تكريس مبادئ العدالة التي من أولوياتها حماية الطرف الضعيف. بالإضافة       إلى تمكين القاضي من صلاحية قلب عبء الإثبات على عاتق المهني في غير الحالات التي يشملها المشرع بهذا الاستثناء . متى تبين له أن المستهلك يصعب عليه فيها التوفر عرى الأدلة الكافية للإثبات.
  • على  المشرع المغربي أن يقوم بجمع شتات المواد المنظمة للإثبات في قانون الاستهلاك        و أن يوسع من نطاق هذا التنظيم ليشمل كل ما يتعلق بمسألة الإثبات سواء من حيث وسائل الإثبات     أو من حيث عبء الإثبات … حتى لا يتسنى معه الرجوع للقواعد العامة للإثبات المنصوص عليها     في قانون الالتزامات و العقود . و ذلك بهدف حماية المستهلك باعتباره طرفا ضعيفا جديرا بالحماية   و تسهيل عملية الإثبات عليه لضمان كفالة حقوقه المكرسة بنص القانون.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع :

  • أبو بكر مهم : ” قراءة في المقتضيات المتعلقة بالبيع عن بعد “. مجلة الدفاع. العدد السادس. أكتوبر 2011 .
  • أحمد كويسي : ” حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود الائتمان ” . المجلة المغربية للقانون الاقتصادي. العدد الثاني. 2009.
  • المهدي العزوزي : “تسوية نزاعات الاستهلاك “. منشورات مجلة القضاء المدني. دار النشر المعرفة. الرباط، الطبعة الأولى .2013
  • العربي مياد : ” الالتزام قبل التعاقدي بالتبصير ” مجلة القانون المغربي . العدد12. سنة 2008.
  • بوعبيد العباسي : ” الالتزام بالإعلام في العقود. دراسة في حماية المتعاقد و المستهلك” المطبعة الورقية الوطنية . زنقة أبو عبيدة الحي المحمدي مراكش. الطبعة الأولى 2008.
  • بشعيب بالقاضي : ” المسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة، دراسة مقارنة ” . أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة قاضي عياض. كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بمراكش. السنة الجامعية 2013-2012
  • وفاء الصالحي : ” الالتزام بضمان السلامة و حماية المستهلك ” . مجلة المحاكم المغربية العدد 114. ماي – يونيو 2008.
  • حسن الوزاني التهمي: ” دور القضاء التجاري في حماية المستهلك” . مجلة طنجس للقانون و الاقتصاد. عدد 8. السنة 2009.
  • يوسف الموضي : ” المنازعات المتعلقة بالشروط التعسفية في القانون المغربي “. المجلة المغربية للقانون الاقتصادي . العدد 5 ، 2013.
  • مامون الكزباري : ” نظرية الالتزامات في ضوء الالتزامات و العقود”. الجزء الأول ، مصادر الالتزامات. بدون طبعة. و بدون سنة .
  • محمد العروسي : ” الالتزام بالإعلام خلال مرحلة تكوين عقد البيع ” . الطبعة الثانية. 2012.
  • محمد علي عمران : ” الالتزام بضمان السلامة ” دار النهضة العربية. القاهرة 1983
  • مصطفى أحمد عمرو : ” موجز أحكام قانون حماية المستهلك “. منشورات الجبل. الطبعة الأولى. 2011
  • نزهة الخالدي : ” الالتزام بالإعلام و دوره في تنوير إرادة المستهلك ” . مجلة القضاء المدني. العدد 4، السنة 2013.
  • عبد الحميد أخريف : ” قراءة في مشروع قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك”. مجلة القانون الاقتصادي. العدد 3 . 1010.ص 201.
  • عز الدين كريم : ” ضمان العيب و الصفة في البيوع الاستهلاكية ” . أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص. جامعة محمد الأول. كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية وجدة. سنة 2013-2014 .

Carol Aubert Devincelle : * clause abusive et office du juge*. Revue des contras.  (R.D.C ) LGDJ.     2010

 

 

 

 [1]  حسن الوزاني التهمي: ” دور القضاء التجاري في حماية المستهلك” . مجلة طنجيس للقانون و الاقتصاد. عدد 8. السنة 2009. ص 169.

 [2]  – للإشارة فقد سبق للمحكمة التجارية بطنجة أن قضت برفض طلب شركة الاتصالات لعدم إدلائها للخبير بكشف للمكالمات.   التي  تشير إلى قيمة الفاتورة المطالب بها ثم لعجزها عن إثبات قيام المستهلك بتلك المكالمات لكن إذا كان يكفي المستهلك في مثل هذه الدعوى إثارة الدفع بأنه لم ينجز تلك المكالمات و إبداء استعداده لأداء صائر الخبرة فإن الوضع يصبح أكثر صعوبة في ظل نصوص خاصة تمنح المنتج أفضلية من الإثبات كما هو الحال مع المادة 492 من مدونة التجارة و المادة 108 اللتان تمنحان لكشوف الحساب البنكية حجية تجعل المستهلك ملزما بإثبات عكسها إن استطاع لذلك سبيلا.

 [3]–  أحمد كويسي : ” حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود الائتمان ” . المجلة المغربية للقانون الاقتصادي. العدد الثاني.    2009 .ص. 21.

[4]  – من بين هذه التشريعات نجد القانون الفرنسي رقم 23-78 بتاريخ 10 يناير 1978. و القانون السويدي لسنة 1971 و القانون الدنمركي لسنة  1974. و القانون الألماني لسنة 1976 …  –

5 – و عرفتها كذلك المادة 1-131 من قانون الاستهلاك الفرنسي بأنها ” في العقود المبرمة بين المهنيين و غير المهنيين و المستهلكين تعتبر تعسفية ، الشروط التي يكون محلها أ أثارها خلق على حساب غير المهني أو المستهلك. اختلال واضح بين حقوق و التزامات أطراف العقد.. “.

6– عبد الحميد أخريف : ” قراءة في مشروع قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك”. مجلة القانون الاقتصادي.  العدد 3 . 1010.ص 201.

7– حيث جاء في المادة 1-132 من مدونة الاستهلاك الفرنسية ” في حالة وجود نزاع حول عقد يتضمن بندا من بنود الشروط التعسفية يجب على المهني أن يثبت الطابع غير التعسفي”.

L’article 131-1 énonce que.” Encas de litige concernant un contra comportant une telle clause le professionnel droit apporter la preuve du caractère abusif de la clause litigieuse”

8 – يوسف الموضي : ” المنازعات المتعلقة بالشروط التعسفية في القانون المغربي “. المجلة المغربية للقانون الاقتصادي . العدد 5 2013 . ص. 18.

9 – البند 17 من المادة 18 من القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.

10المهدي العزوزي : ” تسوية نزاعات الاستهلاك ” منشورات مجلة القضاء المدني. دار النشر المعرفة. الرباط، الطبعة الأولى. 2013 ص 51

Carol Aubert Devincelle : * clause abusive et office du juge*. Revue des contras.  (R.D.C ) LGDJ.  [11]–                                                                                                                         2010. P. 649.

12أبو بكر مهم : ” قراءة في المقتضيات المتعلقة بالبيع عن بعد “. مجلة الدفاع. العدد السادس. أكتوبر 2011 ص. 73.

13 – تنص  المادة 3 من القانون 31.08 ”   يجب على كل مورد أن يمكن المستهلك بأي وسيلة ملائمة من معرفة المميزات الأساسية   للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر المنتوج أو السلعة وتاريخ الصلاحية إن اقتضى الحال، وأن يقدم إليه المعلومات التي من شأنها مساعدته على القيام باختيار معقول باعتبار حاجياته وإمكانياته. ولهذه الغاية، يجب على كل مورد أن يعلم المستهلك بوجه خاص عن طريق وضع العلامة أو العنونة أو الإعلان أو بأي طريقة مناسبة أخرى بأسعار المنتوجات والسلع وبتعريفات الخدمات وطريقة الاستخدام أو دليل الاستعمال ومدة الضمان وشروطه والشروط الخاصة بالبيع أو تقديم الخدمة، وعند الاقتضاء، القيود المحتملة للمسؤولية التعاقدية.

تحدد إجراءات الإعلام بنص تنظيمي”.

14 – الفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون 31.08 جاء فيها ” يعتبر كل اتفاق مخالفا باطلا و عديم الأثر”.

15 المهدي العزوزي : مرجع سابق . ص. 51.

16مامون الكزباري : ” نظرية الالتزامات في ضوء الالتزامات و العقود”. الجزء الأول ، مصادر الالتزامات. بدون طبعة. و بدون سنة .ص. 11

17نزهة الخالدي : ” الالتزام بالإعلام و دوره في تنوير إرادة المستهلك ” . مجلة القضاء المدني. العدد 4 ، السنة 2013.  ص.158

18محمد العروسي : ” الالتزام بالإعلام خلال مرحلة تكوين عقد البيع ” . الطبعة الثانية. 2012. ص. 1

 19  – مثلا المشرع الفرنسي من خلال مدونة الاستهلاك الصادرة سنة 1993  .

20– قبل إقرار القانون 31.08 كان يستند الالتزام بالإعلام إلى مبدأ حسن النية المنصوص عليه في المادة 231 كم ق.ل.ع  ” كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية ..”

21 – كما نصت المادة 27 من القانون 24.09 المتعلق بسلامة المنتوجات و الخدمات على أنه ” يقدم منتج أو مستورد منتوجات         أو  مقدم خدمات إلى المستعمل المعلومات المفيدة التي تمكنه من تقييم الأخطار المرتبطة بالخدمة أو المنتوج من خلال مدد استعماله العادية أو المعقولة توقعها و الوقاية منها عندما يتعذر على المستعمل إدراك هذه المخاطر في الحال دون تحذير ملائم”.

22  العربي مياد : ” الالتزام قبل التعاقدي بالتبصير ” مجلة القانون المغربي . العدد12. سنة 2008. ص 20.

23نزهة الخالدي : مرجع سابق . ص. 158.

24بوعبيد العباسي : ” الالتزام بالإعلام في العقود. دراسة في حماية المتعاقد و المستهلك” المطبعة الورقية الوطنية . زنقة  أبو عبيدة الحي المحمدي مراكش. الطبعة الأولى 2008. ص.  56

25 بوعبيد العباسي : ” الالتزام بالإعلام في العقود. دراسة في حماية المتعاقد و المستهلك” المطبعة الورقية الوطنية . زنقة  أبو عبيدة الحي المحمدي مراكش. الطبعة الأولى 2008. ص.   57

26محمد العروسي : مرجع سابق. ص. 121

27مصطفى أحمد عمرو : ” موجز أحكام قانون حماية المستهلك “. منشورات الجبل. الطبعة الأولى. 2011 . ص. 93.

28 – مصطفى أحمد عمرو : مرجع سابق . ص. 94

29محمد العروسي : مرجع سابق. ص. 127

30نزهة الخالدي : مرجع سابق. ص. 162

31 – باعتبار أن قانون الاستهلاك هو من الأعمال المختلطة فإنه يخضع فيما يخص تحديد المحكمة المختصة إلى أحكام المادة 4 من مدونة التجارة التي تنص على أنه ” إذا كان العمل تجاريا بالنسبة لأحد المتعاقدين و مدنيا بالنسبة للمتعاقد الأخر، طبقت قواعد القانون التجاري في مواجهة الطرق الذي يكون العمل بالنسبة إليه تجاريا، و لا يمكن أن يواجه بها الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا/ ما لم ينص مقتضى خاص على خلاف ذلك”.

32 – بوعبد العباسي : مرجع سابق . ص 388.

33عز الدين كريم : ” ضمان العيب و الصفة في البيوع الاستهلاكية ” . أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص. جامعة محمد الول. كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية وجدة. سنة 2013-2014 . ص. 327.

34محمد العروسي : مرجع سابق . ص 304

35– بوعبيد العباسي : مرجع سابق. ص 394.

36 – مثال ذلك : البيانات المتعلقة باستعمال المبيع واحتياطاته، قد تكون بالنسبة لشخص ما لازما لتنوير رضائه. في حين قد تكون بالنسبة لشخص أخر لازمة لحسن تنفيذ الالتزام بالتسليم أو السلامة أو لكيفية انتفاعه بالمبيع على الوجه الأكمل. و لا يكون لها تأثير كبير على رضائه و من ثمة فهذا أمر شخصي على كل مشتر على حدة.

37بوعبيد العباسي : مرجع سابق . ص 396

38 – تنص المادة 4 من القانون 24.09 على أنه ” يلزم المنتج و مستورد المنتجات و كذا مقدمو الخدمات بألا يعرضوا في السوق إلا المنتجات و الخدمات السليمة كما هي معروفة طبقا لأحكام هذا الباب”.

39 – لمزيد من الاضاح حول هذا الموضوع راجع :  محمد علي عمران : ” الالتزام بضمان السلامة ” دار النهضة العربية. القاهرة 1983 . ص 68.

40–  لكن ينبغي التمييز فيما يخص مسؤولية الطبيب بين الحالات التي يكون فيها التزامه مجرد التزام ببذل عناية و مثال ذلك مسألة  الشفاء او عدم استفحال المرض. و الحالات التي يكون فيها التزامه هو التزام بتحقيق نتيجة في عمليات التجميل و تحاقن الدم            و بالاطلاع على العمل القضائي المغربي نجد أنه يؤكد دائما على أن التزام الطبيب اتجاه المريض هو التزام ببدل عناية و من ذلك     ما جاء مثلا في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 3 مايو 2006 من أنه ” صحيح أن الأطباء في حاجة إلى الطمأنينة و الثقة و الحرية في مزاولة أعماهم لكن طبيعة عملهم الذي هو التزام ببدل عناية لا تحقيق غاية. لا ينبغي أن يلغي حاجة المريض    إلى الحماية من أخطائهم و حقه في التعويض عن الأضرار بسببها”.

قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 06 ماي 2006. منشور بمجلة المحاكم المغربية العدد 88 ص. 159

41وفاء الصالحي : ” الالتزام بضمان السلامة و حماية المستهلك ” . مجلة المحاكم المغربية العدد 114. ماي – يونيو 2008.     ص. 48-49.

42–  بشعسب بالقاضي : ” المسؤولية المدنية للمنتج عن فعل منتجاته المعيبة، دراسة مقارنة ” . أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة قاضي عياض. كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بمراكش. السنة الجامعية 2013-2012. ص. 341.

43بوشعيب بالقاضي : مرجع سابق . ص 343.

44 – قرار ذكره : عزالدين كريم : ” ضمان العيب و الصفة الخطرة في العيوب الاستهلاكية” مرجع سابق. ص 371

45 لقد كان للقضاء المغربي أكثر من مناسبة ليعبر فيها عن موقفه في طبيعة الالتزام بضمان السلامة في عقد نقل الأشخاص مؤكدا على أنه التزام بتحقيق نتيجة و ليس مجرد التزام ببدل عناية حيث جاء في إحدى القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) بتاريخ 28 فبراير 1985 ما يلي ” ان المحكم و هي تطبق مقتضيات الفصل 106 من القانون التجاري لم تكن ملزمة بأن تذكر الأخطاء المرتكبة من طرف الناقل ذلك أن مسؤولية هذا الأخير مفترضة حسب الفصل المذكور”.

46بوشعيب بالقاضي : مرجع سابق .ص 347

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى