عرض حول موضوع: مهنة التراجمة بين الإطار القانوني و الواقع العملي
التصميم
مقدمة :
المبحث الاول : الاطار القانوني لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم
المطلب الاول : مفهوم الترجمة و انواعها
المطلب الثاني : شروط الانخراط في مهنة التراجمة المحلف
المطلب الثالث : واجبات الترجمان و حقوقه
المطلب الرابع : دور الجمعية المهنية للتراجمة في النهوض بمنة الترجمان
المبحث الثاني : اكراهات مهنة التراجمة في الواقع العملي
المطلب الأول: طبيعة مراقبة مهنة التراجمة
المطلب الثاني : المسؤولية التي يخضع لها التراجمة
المطلب الثالث: إشكالية مهنة التراجمة في الواقع العملي
الخاتمة
مقدمة :
لقد ظهرت الترجمة منذ عهد قديم ، و احتلت مكانة هامة داخل مختلف الحضارات، و بفضلها تم التواصل بين الشعوب المختلفة اللغة ، و التقاليد و العادات، فالترجمة تعزز العلاقات بين الأمم و تقرب بينهم مما يساهم لا محالة في ازدهار التلاقح الحضاري.
وعليه فإن للترجمان دور جد هام في هذا الإطار حيث يساهم في تيسير سبل التفاهم بين بني البشر من مختلف بقاع العالم، إذن فكلما كان هناك ترابط بين لغتين أو ثقافتين حضر المترجم كحلقة وصل بينهما.1
و للترجمة كذالك دور مهم في المجال القضائي، فهي تساهم في ضمان حقوق الأطراف عندما يكون هناك طرف لا يتقن لغة القاضي، و بالتالي المساهمة في حسن سير الجلسة، وضمان المحاكمة العادلة.
ولهذا السبب فالمشرع المغربي أبى إلا أن ينظم مهنة الترجمة على غرار باقي المهن القضائية و القانونية ويخصها بتنظيم قانوني مستقل تجلى ذالك في إصداره لقانون 00.50 المتعلق بالتراجمة المقبولين لدى المحاكم.2 و ذالك في إطار برنامج إصلاح القضاء لوضعية المهن القضائية المساعدة له، هذا القانون الذي شكل نقطة الفصل بين نظامي الترجمة و الخبرة على اعتبار اختلافهما من حيث الطبيعة و الأساس القانوني، وذالك بعدما كانا معا يخضعان لظهير 30 مارس 1960 المتعلق بوضع جداول الخبراء و الترجمة المقبولين لدى محاكم الاستئناف.
ومن خلال استقرائنا لمقتضيات قانون 50.00 اتضح لنا أن المشرع المغربي عمل على إقرار مراقبة فعالة على ممارسة التراجمة العملية، ووضع أسس تكوين ملائم لهم، وذالك من أجل ضمان صحة الترجمة و مصداقيتها و كذالك التقيد باحترام أدبيات و أخلاقيات المهنة.
و السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا إلى أي حد استطاع قانون 50.00 تنظيم مهنة التراجمة ؟ وما هي ابرز الإشكالات العملية التي تواجه الترجمان ؟ للإجابة على هذه الإشكاليات ارتأينا أن نقسم موضوع عرضنا هذا إلى مبحثين اثنين :
المبحث الأول : الإطار القانوني لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم
المبحث الثاني : الاكراهات التي تواجه التراجمة في الواقع العملي
المبحث الأول
الإطار القانوني لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم
المطلب الاول
مفهوم الترجمة و انواعها
+ مفهوم الترجمة و شروطها : الترجمة في معناها العام نقل من لغة اجنبية الى مايقابلها النص المصطلح العلمي في لغة اخرى، و نجاحها يعتمد على مدى استييعاب المترجم للغتين و ايجادته فن الترجمة.
و الترجة فن و علم، فهي فن لكونها تستلزم شروط الابداع و ان اعتبرها البعض ابداعا من الدرجة الثانية
وعلم لضرورة توافر شروط في علميتها فإعداد المترجم لا يقتصر على تمكينه لغويا بل على اعداده في ميادين المعرفة المختلفة و تمرسه بمفاهيم انسانية لكي يوضح بنفسة ما يقوم به من عمل و يحاول تنظيره
و تتكزن عملية الترجمة من شقين اثنين أولهما فهم اللغة المدر او ما يعرف باللغة الاوى و ثانهما التعبير في اللغة الهدف اي اللغة الثانية المترجم اليها فلابد للمترجم من ان يفهم معاني الكلمات و التعبيرات الاصطلاحية في سياقاتها المختلفة لان الكالمات تتلون معانيها كما هو معروف بتلون السياق الذي ترد فيه.
ومن شروطها : 1
1 ـ نقل المعنى وليس نقل الكلمات نقلا حرفيا
2 ـ نقل الغلاف اللغوي الذي يغلف المعنى بمعنى نقل الزمن سواء ماضي او مضارع
3 ـ نقل الاسلوب (نقل اسلوب الكاتب أو المتحدث و تشبيهاته و نقلها من خلال حضارة الغة الهدف حتى تصبح مستصاغة و مفهومة
4 ـ تعلم معاني الكلمات و المصطلحات و العبارات
5 ـ تعلم القواعد النحوية للغتين لتظهر اللغة جيدة حتى يصعب التمييز ان كانت اصلية او مترجمة
+ أنواع الترجمة :
1 ترجمة تحريرية : و هي ترجمة نص مكتوب الى نص مكتوب بلغة أخرى
2 ترجمة تتبعية : عندما يستمع المترجم للمتحدث و عندما يصمت المتحدث يبدأ المترجم بإعادة ما قاله المتحدث باللغة المترجم لها
3 ترجمة فورية هي ترجمة ما يقال من قبل شخص اثناء حديثه بحيث يظع المترجم سماعة يستمع من خلالها للمتحدث و يترجم في نفس الوقت الى اللغة الاخرى و هو اصعب انواع الترجمة على الاطلاق حيث انه لايستحمل الاخطاء او التفكير و لابد للمترجم من اتقانكلتا اللغتين كما نجد تقسيما اخر للترجمة
الترجمة ضمن اللغة الواحدة و تعني اعادة صياغة مفردات رسالة ما في اطار نفس اللغة
الترجمة من لغة الى أخرى و تعني ترجمة الاشارات اللفضية لإحدى اللغات عن طريق الاشارات اللفضية للغة الاخرى بمعى معرفة معنى التعبير بأكمله.
المطلب الثاني
شروط الانخراط في مهنة الترجمان المحلف
لقد اوجب قانون 50.00 لقبول تقييد الترجمان بجدول التراجمة المحلفين لدى المحاكم لابد ان تتوافر في المترشح عدة شروط لإجتياز المبارات و كذالك اجتيازه امتحان نهاية التمرين
أولا : الشروط المتطلبة في المترشح
بالرجوعالى المادة الثالثة من قانون 50.00 التي تنص على عشرة شروط لابد ان تتوفر في المترجم ليقبل تقييده في جدول التراجمة لدى المحاكم، و نلاحظ على ان هناك ثلاثة شروط اساسية اذ ان باقى الشروط قد تتوافر في الجميع اذن فالشروط الاساسية هي :
ـ ان يكون قد نجح في مبارات التراجمة المقبولين لدى المحاكم و في نهاية التمرين
ـ ان يكون حاصلا على دبلوم الترجمة من مؤسسة جامعية في المغرب او على شهادة معترف بمعادلتها
ـ ان يكون له موطن بدائرة محكمة الاستئناف التي يرغب في ممارسة عمله بها
وقد حددت المواد من 4 الى 9 كيفية احداث اللجنة المكلفة بتنضيم المبارات و الامتحان النهائي و مراقبة الطلبات الخاصة للتسجيل و ابداء الرأي فيها بالرفض او القبول بعد الدراسة، مع اعداد الجداول للتراجمة المقبولين لدى المحاكم و مراجعتها و السهر على تطبيق الضمانات الخاصة بالانصاف فيما يتعلق بتأديب المخالفين من التراجمة على عدم احترامهم للقوانين الجاري بها العمل و من ضمنهم قانون 50.00 وتطرقت المادة 5 من هذا القانون لتشكيلة الللجنة و عدد اعضائها مع توقف تقييد الترجمان على اقتراح اللنة الذي يكون السند المعتمد عليه لإتخاذ المقرر من طرف وزير العدل بالموافقة على التقييد في الجدول هذه اللجنة تتكون من :
ـ ممثل عن وزير العدل
ـ رئيس اول بمحكمة الاستئناف
ـ الكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف
ـ رئيس الجمعية المهنية
ـ ترجمان محلف
ثانيا : النجاح في امتحان نهاية التمرين
بينت المواد من 10 الى 23 كيفية اجتياز الترجمان للتمرين اذ جاء في المادة 10 يقضي المترشح بعد نجاحه في المباراة المشار اليها في المادة 3 سنة كاملة من التمرين بمكتب ترجمان مقبول لدى المحاكم و يتوفر على خمسة سنوات من ممارسة المهنة على الاقل و بعد اجتياز امتحان نهاية التمرين بنجاح آن ذاك يمكن تسجيله بأحد جداول التراجمة المقبولين لدى محاكم الاستئناف بعد ادائه اليمين القانونية
و تجدر الاشارة الى أن المادة 23 اعفت قدماء الاساتذة الجامعيين المتخصصين في الترجمة في حالة تقديمهم للإستقالة أو حصولهم على التقاعد اجتياز المبارات فقط في اعفت من المبارات و التمرين و كذا امتحان نهاية التمرين قدماء التراجمة الذين سحبت اسمائهم من الجدول لأسباب غير تأديبية او زجرية 3
المطلب الثالث
واجبات الترجمان و حقوقه
من خلال استقرائنا لمضامين قانون 50.00 نجد على انه نص على مجموعة من الالتزامات و الحقوق التي تتعلق بمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم، غير ان ما يلاحظ على هذا القانون انه لم يميز بينها وإنما جائت متداخلة اذ لم يخصص مواد مستقلة لكل منهما
1. واجبات المترجم : اول ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد هو الصرامة فيما يخص الواجبات الملقات على عاتق الترجمان، ويمكن اجمال هاته الواجبات في النقط التالية
ـ احترام التشكيلة اللغوية المرخص للترجمة فيها
ـ وضع نمودج التوقيع بالنيابة العامة
ـ التقيد بالنص و مضمون الوثائق و التصريحات
ـ الاحتفاض لمدة 5 سنوات بنسخ من الوثائق و بنسخ من الترجمة مع ترتيبها و ترقيمها
ـ مسك سجل مفصل خاص بالترجمات المنجزة يؤشر على صفحاته و يراقبه وكيل الملك
ـ مسؤولية الترجمان الملف عن الضرر الناتج كل تعيب او ضياع او تبديد او اتلاف للوثائق و المستندات
ـ ابرام تأمين عن المخاطر التي قد تتعرض لها الوثائق و المستندات
ـ الامتناع عن كل عمل يستهدف جلب الزبناء
ـ الامتناع عن افشاء اي معلومة تمس بالسر المهني
ـ تعلق لوحة يحدد شكلها بنص تنظيمي
ـ الخضوع لمراقبة الوكيل العام للملك
ـ الخضوع للاحكام التأديبية المكونة من الاعضاء السالفي الذكر
ـ امكانية تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة او الاطراف المتضررين في حالة ارتكاب افعال تعد جنحا او جنايات
2. حقوق المترجم : الترجمان المقبول لدى المحاكم هو المؤهل وحده لترجمة التصريحات الشفوية و الوثائق و المستندات امام القضاء
ـ الحق في التوقف عن ممارسة المهنة لمدة سنة قابلة للتجديد مرتين بإذن من وزير العدل دون التشطيب عليه من اللائحة
ـ الحق في مزاولة المهنة بشراكة مع عدد من الزملاء في مكتب واحد التي تنتهي بإنتهاء عقد المشاركة
ـ الاستفادة من التكوين المستمرالذي تنظمه الجمعية المهنية للتراجمة المقبولين لدى المحاكم
المطلب الرابع :
دور الجمعية المهنية للتراجمة غي النهوض بمهنة الترجمان
بإعتبار ان مهنة التراجمة من المهن القانونية و القضائية التي تعمل على مساعدة القضاء في تحقيق هدف فض المنازعات و احقاق الحقوق خاصة في حالة كون احد اطراف النزاع اجنبيا و عدم اتقان القاضي لغته، و هنا يتجلى دور الترجمان.
فللنهوض بهذه المهنة و الرقي بها لتحقيق الهدف الذي انشأت من اجله تم احداث بموجب هذا القانون الجمعية المهنية للتراجمة المقبولين لدى المحاكم و التي تعتبر الممثل الوحيد و الاوحد لهم لدى وزارة العدل التي خصصت أقساما بمديرية الشؤون المدنية للمهن الحرة و من ضمنها مكتب الترجمة و الخبرة.
فهذه الجمعية تعتبر الناطق الرسمي بإسم التراجمة المحلفين و تمثلهم لدى جميع الجهات المختصة، فهي قوة اقتراحية هادفة ولها استقلالها المالي و هدفها يكمن بالاساس في الدفاع عن حقوق التراجمة و السعي الحثيث نحو الرفع من قيمة الترجمة خدمة لمؤسسة القضاء و المتقاضين من جهة و المستثمرين الاجانب من جهة أخرى.
علاوة على ذالك فهي تعمل على استفادة التراجمة المنضوين تحت لوائها من التكوين المستمر سواء داخل او خارج الوطن بهدف تبادل التجارب و تلاقح الخبرات مع الدول الرائدة في هذا المجال.
المبحث الثاني
اكراهات مهنة التراجمة في الواقع العملي
المطلب الاول
طبيعة مراقبة مهنة التراجمة
لقد تضمن القانون 50.00 مجموعة من الجهات لمراقبة نشاط المترجمين من اجل المحافظة على نزاهة المهنة بفرض مراقبة قبلية و اثناء ممارسة المهنة و التي تتكون من وزير العدل كرئيس و الرئيس الول لمحكمة الاستئناف و الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف يعينه وزير العدل و رئيس الجمعية المهنية للترجمان المقبول لدى المحاكم بإقتراح من رئيس الجمعية المهنية للتراجمة وهذا النوع من المراقبة هو ما نستخلصه من المواد 3 و 4 من القانون 50.00 اما الشكل الثاني فهي تلك المصاحبة لمزاولة المترجم لنشاطه المهني و قد خصص لها الباب السادس من نفس القانون في المادتين 44، 45 التي يباشرها الوكيل العام لمحكمة الاستئناف في دائرة اختصاصه و يراقب على الخصوص ما يلي :
1 ـ التقيد بالترجمة او اللغة او اللغات المرخص للترجمان المقبول لدى المحاكم بالترجمة فيها
2 ـ الاحتفاض بنضائر او نسخ الوثائق التي عهد اليه بترجمتها و كيفية ترتيبها.
المطلب الثاني
المسؤولية التي يخضع لها الترجمان
للحديث عن طبيعة مسؤولية الترجمان، من خلال قرائتنا لمقتضيات قانون 50.00 المتعلق بالتراجمة امام المحاكم نجد ان المشرع رتب على الترجمان مسؤوليات متعددة وذالك حسب نوع الفعل المرتكب وهكذا نجد المسؤولية المدنية، المسؤولية التأديبية و المسؤولية الجنائية.
الفقرة الاولى : المسؤولية المدنية
عموما تتحقق المسؤولية المدنية بتوافر ثلاثة اركان وهي الخطأ الضرر و العلاقة السببية
المسؤولية المدنية للترجمان بدورها لاتخرج عن هذا النطاق فهي تتحقق بتحقق الاركان السالفة الذكر و عليه فالترجمان يكون مسؤولا مدنيا عن كل فعل قام به اثناء عمله ونتج عن هذا الفعل ضرر للزبون المتعامل معه، مثل ضياع الوثائق و المستندات او اتلافها وفي هذه الحالة يحق للمتضرر ان يطالب بالتعويض عن الضرر الذي لحقه مالم يكن الفعل الذي تسبب في الضرر راجع الى قوة قاهرة او حادث فجائي و هو ما نصت علية المادة 32 من القانون 50.00
الفقرة الثانية : المسؤولية التأديبية للترجمان
نكون بصدد الحديث عن المسؤولية التاديبية للترجمان في حالة مخالفته للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في القانون 50.00 كالاخلال بواجباته المدنية، او ارتكابه لأفعال منافية للشرف و اخلاقيات المهنة… و هذا ما نصت عليه المادة 46 من قانون 50.00 ويجب الاشارة الى ان الجهة التي خول لها المشرع الحق في البث في المتابعات التأديبية هي اللجنة التي تحدث بوزارة العدل 4 و تكون العقوبات التأديبية المترتبة عن اقرار المسؤولية التأديبية….
ـ الانذار
ـ التوبيخ
ـ المنع من ممارسة المهنة لمدة لا تتجاوز السنة
ـ التشطيب من الجدول5
وتجدر الاشارة الى ان القرارات التاديبة التي تصدر في حق الترجمان، يجب ان تكون معللة تعليلا كافيا و الا فان للترجمان حق اللجوء الى القضاء الاداري لإنصافه حال وجود تجاوز في استعمال السلطة.
حيث نجد المادة 59 من قانون 50.00 تنص على " تكون القرارت التأديبية قابلة للطعن فيها امام المحكمة الادارية بسبب التجاوز في استعمال السلطة طبقا للقواعد و الاجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 41.90 لإحداث المحاكم الادرية"
وفي الاخير يجب التنبيه الى ان هذه المتابعات في حق الترجمان لا تحول دون متابعته جنائيا اذا كان الفعل المرتكب من طرفه معاقبا عليه في القانون الجنائي6 وهو ما سنحاول التطرق اليه في الفقرة الموالية
الفقرة الثاثة : المسؤولية الجنائية
من خلا استقرائنا لمقتضيات قانون 50.00 و بالخصوص المادة 35 منه نجد ان المسؤولية الجنائية ثابثة و قائمة في حق الترجمان اذا ما قام بإفشاء السر المهني و هكذا فإن عدم التزام التراجمة بكتمان السر المهني يعرضه للمتابعة الجنائية طبقا للفصل 446 من القانون الجنائي الذي جاء فيه (… كل شخص يعتبر من الامناء على الاسرار بحكم وظيفته او مهنته الدائمة او المؤقتة اذا افشى سر اودع لديه، وذالك في غير الاحوال التي يجيز له القانون او يوجب عليه فيها التبلغ عنه )
الا انه لايمكن حصر المسؤولية الجنائية للمترجم في افشاء السر المهني فقط بل التزوير و التزييف يعتبر جناية وعليه فالترجمان اذا ما قام بتزوير المحررات التي يقوم بترجمتها فالمسؤولية الجنائية قائمة في حقه بالرغم من ان قانون 50.00 لم يتطرق لها.
الا انه بالرجوع الى مقتضيات القانون الجنائي و بالظبط الفصل 354 نجده ينص على ما يلي (يعاقب ابالحبس من 10 الى 20 سنة كل شخص عدا من اشير اليهم في الفصل السابق يرتكب تزويرا في محرر رسمي او عمومي بإحدى الوسائل الاتية :
ـ بالتزييف او التحريف في الكتابة او التوقيع
ـ باصطناع اتفاقات او تظمينات او التزامات او ابراء او باضافتها في تلك المحررات بعد تحريرها
ـ باضافة او حدف او تحريف الشروط او التصريحات او الوقائع التي خصصت تلك المحررات لإثباتها او الادلاء بها
ـ بخلق اشخاص وهميين و استبدال اشخاص بآخرين )
وعليه فإن اتيان الترجمان لإحدى الافعال المنصوص عليها في المادة السالفة الذكر يعرضه للمسائلة الجنائية حتى ولم ينص عليها قانون 50.00.
بالاضافة الى ما سبق بإستقرائنا للمادة 60 من قانون التراجمة يتضح ان كل من استعمل صفة ترجمان مقبول امام المحاكم دون ان يكون مسجلا بجدول التراجمة لدى المحاكم، يمكن ان يسائل جنائيا و يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في الفصل 381 من مجموعة القانون الجنائي بمن فيهم التراجمة العاديين بالاضافة الى كون الترجمان يمكن ان يعاقب بالحبس من 6 اشهر الى سنة و بغرامة من 500 الى 20000 اذا قام بسمسرة الزبناء او جلبهم سواء كان فاعلا اصليا او مشاركا7.
المطلب الرابع
اكراهات مهنة الترجمان في الواقع العملي
يجمع دارسوا الترجمة و ممارسوها على انه من اعضم مشاكل الترجمة هي عجز المترجم في توصيل المعنى الدقيق لأية مفردة في النص الذي يريد نقله الى لغة اخرى و ترجع هذه المشكلة الى عدة عوامل اهمها :
ـ كل لغة تحمل في طياتها العديد من المرادفات التي تختلف في معانيها اختلافا طفيفا عن بعضها البعض.
ـ كل لغة لابد و نها تنتمي الى ثقافة معينة و بالتالي فان المترجم قد ينقل الملمة الى لغة اخرى و لكنه لن يستطيع ان ينقل ثقافة هذه الكلمة بشكل فعال بحيث ينقل تصور صاحب الكلمة الاصلية الى اللغة المستهدفة في الترجمة.
ـ كل لغة لها طابع خاص في تركيب الجمل و المفردات فاللغة العربية تحمل في طياتها الجملة الاسمية و الجملة الفعلية في الوقت الذي لاتتواجد فيه الجملة الفعلية في اللغة الانجليزية مثلا و بالتالي فإن اختلاف القواعد التركيببة للغات يجعل من مشكلة الترجمة عدم وجود مقاييس واضحة لنقل التراكيب.
ـ التسييب في مزاولة مهنة التراجمة بالنسبة للتراجمة العاديين تفشي ظاهرة السمسرة و الوسطاء خاصة امام مقر وزارة الخارجية حيث يتدخلون بشكل تطفلي من اجل ترجمة كل ما له علاقة بالوثائق التي تستوجب الترجمة للإدلاء بها امام المصالح الادارية و القنصلية.
ـ ازدواجية القانون المنظم للمهنة حيث ان التراجمة العاديين يخضعون لقانون الجمعية المغربية المهنية للتراجمة في الوقت الذي يخضع التراجمة المحلفون لقانو الجمعية المهنية للتراجمة المقبولين لدى المحاكم.
الملاحظ ان المترجمين القانونيين العرب لا يستندون على اية اسس نظرية تنضم تعاملهم مع اللغة القانونية المستعملة في المحاكم و ترشدهم الى الكيفية الصحيحة في ترجمة هذه اللغة المعقدة التي وصفها احد منظري الترجمة بالسلاح الذي يستعمل في المعارك الكلامية التي تدور في قاعات المحاكم فممارسي هذه المهنة في المغرب يعانون من صعوبات متنوعة تتجاوز صعوبة الكفاءة اللغوية و معرفة المصطلحات و الالمام بالقانون و النظام القضائي لانها تتعلق بفلسفة استخدام لغة المحاكم و استراتجية وضع الاسئلة على المتهمين.
خاتـــــــمــــــــــــــــــــة :
وتأسيسا على ما سبق ذكره يمكننا القول ان مهنة التراجمة اصبحت قدرا و ليست خيارا، لما لها من اهمية كبرى في الحياة اليومية ، خاصة و ان المغرب انتهج منذ العشرية الاخيرة من القرن الماضي سياية الانفتاح على الاقتصاد العالمي و كذالك انخراطه ضمن منظومة عولمة الخدمات حيث ان الطفرة التكنولوجية اصبحت تفرض تقبل الاخر و الاطلاع على لغته و عاداته و تقاليده، كل هذا دفع بالمشرع المغربي الى اصدار لقانون 50.00 المنظم للمهنة التي تهدف بالاساس لخدمة المتقاضين و الرقي بمؤسسة القضاء دون ان ننسى طرفي النزاع المعروض عليه خاصة اذا كان احد الطرفين لا يتقن اللغة العربية وهذا شئ اساسي لتحقيق المحاكمة العادلة حتى لا يدان بريئ و لا يفلت اي متهم من الزجر و العقاب.
لائحة المراجع
+ عمر بوحموش " الترجمة في خدمة العدالة و دورها في الاشعاع الثقافي المغربي" مطبعة دار السلام الطبعة الاولى 2003 ص 7
+ القانون 50.00 المنظم لمهنة التراجمة المقبولين لدى المحاكم