متطلبات تطبيق ضمان الجودة في التعليم الجامعي
الدكتورة: غلاي نسيمة جامعة: عبد الحميد بن باديس- مستغانم – الجزائر
الملخص:
يعتبر ضمان الجودة في التعليم العالي وسيلة للتأكد من أن المعايير الأكاديمية المستمدة من رسالة المؤسسة المعنية قد تمّ تعريفها وتحقيقها، بما يتوافق مع المعايير النظيرة لها سواء محلياً أو عالمياً، وأن مستوى جودة التعليم والتعلم والأبحاث والمشاركة المجتمعية ملائمة وتستوفي توقعات مختلف الأطراف ذات العلاقة.
خلال هذا البحث سنسلط الضوء على بعض المفاهيم المتقاربة لإدارة الجودة الشاملة ثم سنحاول طرح بعض المشاكل التي تعترض التعليم الجامعي في الجزائر و التي تقف كحجرة عثرة في طريقها و في الأخير سنقدم بعض الاقتراحات التي قد تساعد في إيجاد الحلول بجامعاتنا و التي تحاول أن تجعل من مخرجات التعليم العالي ذات جودة.
مــقدمـــــــة:
إن موضوع الجودة في التعليم الجامعي ليس بحديث الساعة فهي تحظى باهتمام كبير منذ إنشاء مؤسسات التعليم العالي أي منذ اقتراب نهاية القرون الوسطى و بالتالي يمكن انه منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا لا زال هناك نظامين متضاربين لضبط إدارة الجودة حيث كانت الجامعات الفرنسية تخضع لرقابة الكنيسة و بعدها لرقابة الدولة و بالتالي البرامج التدريسية و اختيار هيئة التدريس تخضع دائما لرقابة الدولة ، أما في بريطانيا فان البرامج التدريسية و اختيار هيئة التدريس من رؤساء الجامعات و غيره من طاقم الإدارة يتم داخليا أي يتمتع باستقلال ذاتي و بالتالي تتحمل المؤسسات التعليمية بها ضمان الجودة بها اتجاه مجتمعها.
و بعد دخول جميع دول العالم في مرحلة التعليم العالي الجماهيري زادت الحاجة إلى ضرورة تحسين مخرجات الجامعات و ضبط و ضمان جودتها حتى تتماشى و تتوافق مع احتياجات مجتمعاتها و بالتالي ضمان نموها و استقرارها.
من خلال كل ما قلناه نستطيع طرح الإشكالية التالي: ما هي المشاكل او العراقيل التي تقف في وجه مؤسسات التعليم العالي و ما هي سبل حلها؟
من خلال هذه الإشكالية يمكننا تقسيم بحثنا إلى ثلاثة أقسام:
الأول: يتعلق بمفاهيم إدارة الجودة الشاملة.
الثانية: المشاكل و التحديات التي تواجهها مؤسسات التعليم العالي.
ثالثا:و في الأخير سوف نقترح بعض الاستراتيجيات التي إذا طبقت يمكن أن تحسن من جودة مخرجات التعليم العالي
أولا : المفاهيم التي تتضمنها إدارة الجودة الشاملة
إن مصطلح الجودة هو بالأساس مصطلح اقتصادي ظهر بناء على التنافس الصناعي والتكنولوجي بين الدول الصناعية المتقدمة بهدف مراقبة جودة الإنتاج وكسب ثقة السوق والمشتري ، وبالتالي تتركز الجودة علي التفوق والامتياز لنوعية المنتج في أي مجال ، وتعرف الجودة ضمن مفهوم إدارة الجودة الشاملة بأنها " مقابلة وتجاوز توقعات المستفيد " ، وبالتالي يقوم المستفيد بتحديد ماهية الجودة المطلوبة والتي تلبي رغباته وتحقق رضاه.
أما مفهوم الجودة في التعليم يتعلق بكافة السمات والخواص التي تتعلق بالمجال التعليمي والتي تظهر مدي التفوق والإنجاز للنتائج المراد تحقيقها ، " وهي ترجمة احتياجات توقعات الطلاب إلي خصائص محددة تكون أساساً لتعميم الخدمة التعليمية وتقديمها للطلاب بما يوافق تطلعاتهم".
-
مفهوم الجودة :
"الجودة" مفهوم واسع يفتقد الاتفاق العام حول تعريفه؛لأنه يختلف إدراك ما يعنيه من سياق إلى سياق،ومن شخص إلى آخر،فلا يوجد تعريف واحد صحيح،حيث يُستخدم المصطلح استخدامات متنوعة من خلال الاهتمامات المختلفة والمطالب المتنوعة،ونظرا لوجود مدى واسع من التعريفات قد تؤدي إلى إحداث الخلط والتشويش،لذلك اجتهد العديد من الباحثين في تصنيف تعريفات الجودة في عدة مداخل يعبر كل مدخل عن توجه مفاهيمي محدد يتضمن عناصر محددة للجودة.
و تعتبر"الجودة" من المصطلحات الأساسية في تيار المصطلحات التربوية الحديثة مثل: جودة التدريس ، جودة الإدارة ، جودة التعليم والتعلم ، وضمان الجودة ، كل هذه المصطلحات تؤخذ بعين الاعتبار الآن من واضعي السياسات التربوية والإداريين،والمنفذين .
ضبط الجودة : 2-
حسب المعايير الصناعية اليابانية: هو نظام من الوسائل التي يتم من خلالها إنتاج منتجات أو خدمات الجودة اقتصادياً وبما يلبي متطلبات المشتري.
حسب المعهد الأمريكي الوطني للمواصفات: هو الأساليب والتقنيات العملياتية والأنشطة التي تدعم أو تعزز جودة المنتج أو الخدمة والتي ستشبع الحاجات المحددة مسبقاً، فضلاً عن استخدام مثل هذه الأساليب والأنشطة.
تعريف أوكلاند: هو الأنشطة والأساليب المستخدمة لتحقيق جودة المنتج أو الخدمة أو العملية وإدامتها، وهي تشتمل على رقابة الأنشطة وتهتم بإيجاد أسباب مشكلات الجودة ومحاولة تقليلها أو القضاء عليها وبما يمكنها من تلبية متطلبات الزبائن وتحقيق رضاهم.
لقد أصبح لمصطلحات ضمان الجودة وضبط الجودة معان مختلفة في بعض المنظمات إذ أن كلا منها يشير إلى جوانب مختلفة لأنشطة تحقيق رضا الزبون عن الجودة، وتضم برامج الضبط الشامل للجودة Total Quality Control أنشطة وعمليات تسعى إلى تحقيق التكامل بينها بحيث تغطي كلا المصطلحين، وهذا يتضح من خلال التعريف الآتي لضبط الجودة الشاملة :
هو نظام فاعل لتحقيق التكامل بين جهود المجاميع المختلفة في المنطقة التي تسعى لتطوير الجودة، وتحسينها بهدف تمكين إدارات التسويق والهندسة والإنتاج والخدمة -في ظل مستويات اقتصادية مختلفة- من تحقيق الرضا الكامل للزبون .
3-ضمان الجودة :
إن ضمان الجودة في التعليم العالي يعد وسيلة هامة للتأكد من أن المعايير الأكاديمية قد تمّ تعريفها وتحقيقها، بما يتوافق مع المعايير النظيرة لها سواء محلياً أو عالمياً، كما أن هاته المعايير لابد أن تكون ملائمة وتستوفي توقعات مختلف الأطراف ذات العلاقة بالعملية التعليمية.
وفي ظل غياب قانون إنشاء هيئة ضمان جودة التعليم العالي ، فالحاجة ماسة بنظر أصحاب الاختصاص، إلى السير قدماً نحو إنشاء هيئات متخصصة محلياً أو مركزياً بهدف الإشراف على العملية التعليمية بمختلف أبعادها.وفي هذا الصدد، لابد لنا أن ننظر إلى هاته العملية من مختلف الزوايا، خاصة ما يتعلق بالطرفيين الأساسيين (الأستاذ و الطالب) فكليهما يرى الأمور بمنظوره الخاص. وكذلك لابد لنا أن نوضح أن العملية التعليمية بالجامعة تتأثر بمستوى المتلقي (الطالب) كون هذا الأخير دائم الشكوى من المراحل التعليمية السابقة أي من الإبتدائي إلى الثانوي
طبعاً، يتضح جليا غياب سياسة واضحة في الربط بين مختلف الفترات التعليمية بل تتعداه إلى وجود تغراث تعليمية في الأنظمة السابقة، ومما لا شك فيه أن كل هاته العقبات تأثر في السير الحسن للعملية التعليمية.
كذلك من بين أهم العوائق الموجودة نلاحظ الكم الهائل من المادة العلمية بحيث توزيعه غير متساوي وفي عدة أحيان يجبر الأستاذ على عدم إتمام المقرر نظرا لضيق الوقت أو لأسباب أخرى يعرفها العام والخاص. ضف إلى ذلك غياب التناسق بين مختلف المواد التعليمية التي من المفترض أن تتكامل و توضح الصورة للطالب قصد مساعدته على رؤية واضحة للأهداف الكبرى للمقررات.
ولكي نتمكن من تحقيق النقاط السابقة الذكر، يعد لزاماً مراقبة العملية التعليمية قصد تمكين الطالب من الاستفادة من غالبية البرنامج المقرر وفق أنماط تعليمية ذات علاقة بالجانب التطبيقي المرتبط بالحياة العملية. ولا يتأتى ذلك إلا إذا ربطنا المقررات بالتخصصات العملية للطالب مستقبلاً.
4- عناصر إدارة الجودة الشاملة:
يمكن القول بأم تطبيق إدارة الجودة الشاملة يحتاج منا لفهم لها ولعناصرها قبل البدء في وضع نماذج لتطبيقها علي عمليات التعليم العالي. معظم الذين عملوا في مجال تطبيق إدارة الجودة الشاملة في مجال تطبيق إدارة الجودة الشاملة في مجال الصناعة أو إدارة الأعمال قد حددوا عدداً من العناصر لها وقاموا بشرح لهذه العناصر. قد يختلف عدد العناصر المحددة من شخص لآخر وكذلك محتوي تلك العناصر ولكن مجمل ما جاءوا به يتماثل إلي درجة كبيرة.
يمكن القول بأن أي مؤسسة التعليم العالي لديها بيئة داخلية وبيئة خارجية (بما في ذلك مؤسسات التعليم العالي). هاتان البيئتان تؤثران علي نشاطات المؤسسة وتفرضان عليها في كثير من الأحيان أن تسلك سلوكاً معيناً. يمكن تقسيم البيئة الخارجية إلى أربعة أقسام:
-
البيئة الاجتماعية:
تتأثر مؤسسات التعليم العالي كثيراً بالبيئة الاجتماعية حيث أن مؤسسة التعليم العالي يجب أن تتحلي بالقيم للمجتمع الذي وجدت فيه وتعمل علي دعمها ونشرها. وهي تعتبر مسئولة إلي حد كبير من ذلك. فبالتالي فغن مؤسسة التعليم العالي تتأثر وتؤثر علي البيئة الاجتماعية.
-
البيئة القانونية والسياسية:
في العادة تعمل مؤسسات التعليم العالي وفق لوائح وقوانين محلية وقومية وعالمية محددة. كما تؤثر البيئة السياسية في أداء المؤسسة. وفي كثير من الأحيان نجد أن مؤسسة التعليم العالي تعمل على تنفيذ استراتجيات سياسية تأتيها من الدولة.
-
-
البيئة التكنولوجية:
قد يرى البعض أن البيئة التكنولوجية تؤثر فقط في الصناعة وإدارة الأعمال ولكن على العكس فهي الأكثر تأثراً وتأثيراً على البيئة التكنولوجية.
-
البيئة الاقتصادية:
إن الفلسفات الاقتصادية هي الأداة القابضة على زمام كل الأمور الحياتية من أسواق وزبائن وأموال وأرباح وتضخم ومؤسسات التعليم العالي تتأثر بكل ذلك.
بعد دراسة للبيئة الداخلية والخارجية ومراجعة للعناصر التي اقترحت من قبل آخرين فإنني اقترح العناصر التالية لإدارة الجودة الشاملة في مؤسسة التعليم العالي:
-
القيادة Leadership
-
إدارة جودة المورد Vendor quality mangenut
-
الرؤية والتخطيط Vision & plan
-
التقويم Evaluation
-
رقابة وتطوير العمليات Process control & Improvement
-
تصميم البرامج التعليمية Educational programmer design
-
تطوير نظام الجودة Quality system Improvement
-
مشاركة الجميع Employee participation
-
Recognition & Reward
-
التدريب والتعليم Education & training
-
التركيز على الزبون Customer Focus
ثانيا:التحديات التي يواجهها التعليم الجامعي في الجزائر
يواجه التعليم العالي في الجزائر مجموعة من التحديات يمكن إجمالها فيما يلي:
-
الطلب المتزايد على التعليم العالي و تزايد أعداد الطلبة، كما أن الهياكل المنجزة غير مواكبة للزيادات العددية للطلبة بحيث في كل سنة جامعية يتأخر موعد الدخول الفعلي بسبب الخدمات الجامعية المتأخرة و ذلك بالرغم من المجهودات المبذولة في سبيل احتضان الأعداد الهائلة للطلبة .
-
قلة التأطير و أغلب الأساتذة المؤطرين برتبة أستاذ مساعد كما أن نسبة كبيرة من أساتذة التعليم العالي (بروفسور) على أبواب التقاعد.
-
نمطية التكوين المبنية على التلقين بحيث لا تفتح المجال للإبداع و الابتكار الفردي و إن وجد هذا فإنه يبقى محاولات فردية و ليست سياسة تعليمية.
-
التكوين الكمي على حساب التكوين النوعي و ذلك للتكلفة التي أصبح يتطلبها التعليم الأمر الذي أثقل كاهل الدولة إضافة إلى تغير منظومة القيم المجتمعية بحيث لم يبقى للتعليم نفس المكانة المرموقة التي كان يحظى بها في السابق.
-
هجرة الكفاءات و عدم بقائها في الداخل للمساهمة في التأطير و تكوين و تنمية البلاد.
-
البحوث المنجزة هي بحوث من أجل نيل الشهادات و ليست بحوث تنجز بهدف التطبيق العملي لها مما أدى إلى الحد من فعالية البحث العلمي و عدم مساهمته في تفعيل العملية التنموية.
– تنامي معدلات البطالة بين خريجي الجامعات.
ثالثا: رؤىة إستراتيجية لتطوير التعليم الجامعي
يخلص لنا مما تقدم أن التعلم الجامعي يعاني اليوم في معظم البلدان العربية من عقبات كأداء تتمثل في الأعداد المتزايدة من الطلبة الملتحقين به وضآلة التمويل وتدني نوعية المناهج وأساليب التعليم وأسلوب الإدارة وغير ذلك.
كل ذلك دفع المشاركين في إعداد تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 م إلى طرح بعض الرؤى الإستراتيجية لترقية نوعية التعليم العالي في إطار رؤية إستراتيجية شاملة لإقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية . ونورد في ما يلي أهم هذه الرؤى:
-
أن تتحرر مؤسسات التعليم العالي كافة من تسلط كلٍ من الحكومة وحافز الربح غير المضبوط مجتمعيا من دون أن تتخلى الدولة عن مسؤولياتها عن نشر وتجويد التعليم العالي.
والنموذج المقترح لإدارة مؤسسات التعليم العالي هو أن تشرف على هذه المؤسسات مجالس إدارة مستقلة رباعية لتمثيل ( الدولة ، وقطاع الأعمال ، والمجتمع المدني ، والأكاديميون ) كما اقترح قيام مؤسسة عربية مستقلة لتقييم برامج و مؤسسات التعليم العالي وضمان جودته.
-
إصلاح بنية التعليم العالي عن طريق إقامة بنية للتعليم العالي تتميز بالتنوع والمرونة . وتتطلب المرونة أن يفسح المجال للالتحاق والعودة إلى مؤسسات العليم الجامعي والعالي دون قيود جامدة . كما تقتضي ان تخضع هذه المؤسسات والبرامج التي تقدمها إلى التقويم والمراجعة المستمرة أما التنوع فيستوجب الاهتمام بمجالات العلوم والتكنولوجيا التي لا تحظى بالأولوية المناسبة في نسق التعليم القائم حاليا . ويتوجب الإصلاح إنشاء قنوات للعمل المشترك بين مؤسسات التعليم العالي وأجهزة الدولة ومشروعات القطاع الخاص منظمات المجتمع المدني في تدريب العاملين والبحث والتطوير .
ج- العمل على نشر التعليم العالي بغض النظر عن كم الإنفاق الذي يتطلبه ذلك ، لان محدودية التعليم العالي تتنافى مع السعي لإقامة مجتمع المعرفة . ان نشر التعليم العالي يستوجب إنهاء الحرمان الشديد لفئات المجتمع الأكثر فقرا والفتيات والنساء من فرص الحصول على هذا النوع من التعليم مع مراعاة ألا يكون التوسع فيه على حساب نوعيته.
د- ضمان توافر الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لتعليم عال متميز ولدعم جهد بحث وتطوير راق في مؤسسات التعليم العالي العربية وفي مقدمة هذه تأتي المكتبات الحديثة والمختبرات جيدة التجهيز وتقنيات المعلومات والاتصال المختلفة إضافة إلى ذلك تحسين الوضعية المادية لهيئات البحث والتدريس وتطوير قدراتهم المعرفية ولن يكون ذلك إلا بتطوير المناهج التعليمية وأساليب التدريس والتقويم المساعدة على التفكير النقدي والإبداع.
ويفيد تقرير التنمية الإنسانية العربية بان التعليم العالي في معظم البلدان العربية تتأثر نوعيته بانخفاض الإنفاق ومن ثم الموارد المتاحة للطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية ، وان التوسع الكمي في نشر التعليم العالي جاء على حساب نوعية التعليم وجودته .
لم يتضمن تقرير التنمية الإنسانية العربية الكثير حول مناهج التعليم الجامعي وأساليب تدريسه وتقويمه، وذلك كما أشار التقرير يعود إلى ندرة البيانات في هذا الخصوص . إلا أن التقرير أعطى مؤشرات مثيرة للاهتمام.
وفي دراسة لنادر فرجاني حول التنمية الإنسانية واكتساب المعرفة المتقدمة في البلدان العربية أوضح فيها أن البلدان العربية كانت تنفق في منتصف التسعينات وبمعيار كم الإنفاق لطالب التعليم الجامعي بمستوى أعلى من متوسط البلدان النامية.
إذن يمكننا أن نقترح مجموعة من الاستراتيجيات التي نعتقد أنها قد تحسن أكثر من أداء الجامعة الجزائرية وهي كالآتي:
ـ الإستراتيجية الأولى: اعتماد منطق القانون وليس العاطفة في فرض الانضباط وجودة الأداء على الإداريين والأساتذة والطلبة: في إدارة وتسيير كل القضايا البيداغوجية والعلمية و في فرض الانضباط والعمل وفق التوقيت الرسمي لكل الموظفين، وتجنب التحايل والتجاوز للنصوص القانونية و قرارات المجالس واللجان العلمية الإدارية والبيداغوجية تعاطفا مع حالات ووضعيات من منظور اجتماعي أو علائقي أو عاطفي يؤسس لثقافة التسيب واللامبالاة في كل شيء كما هو واقع جامعتنا اليوم. حيث الزمن المهدر أكثر من الزمن المستغل في التكوين والبحث والعمل.
ـ الاسترايجية الثانية: أولوية المنطق البيداغوجية بمراعاة مصلحة الطلبة والبحث العلمي قبل المنطق الإداري في اتخاذا القرارات: أن تراعي إدارات الهيئات الجامعية البعد البيداغوجي وما يخدم نوعية تكوين الطلبة ومصلحتهم العلمية و ما يخدم الأساتذة في أدائهم التدريسي و التأطير والبحث العلمي عند اتخاذ القرارات والإجراءات والتعليمات وتوفير كل ما يسهل ذلك قبل الاعتبارات الإدارية الأخرى. كتوفير وسائل العمل والتجهيزات والمخابر العلمية والبيداغوجية وتهيئتها وتنشيطها قبل أي شيء آخر. كما أن هذا المنطق يتطلب أيضا أن تكون المكتبة الجامعية وقاعات الأنترنيت نشطة وفاعلة تخدم البيداغوجيا والبحث العلمي من خلال توسيع ساعات عملها إلى العاشرة ليلا وخلال أيام العطل الأسبوعية. لا أن تتفتح صباحا على الساعة التاسعة والنصف كمتوسط يومي وتغلق مساء على الساعة الثالثة لاعتبارات إدارية بحتة.
ـ الإستراتيجية الثالثة: جعل الإدارة في خدمة الفعل البيداغوجي وتسخيرها لكل إمكاناتها ووسائلها لتحقيق أهداف التكوين الجامعي : فالإدارة ما هي إلا وسيلة وأداة لخدمة الفعل البيداغوجي وإنجاح مشاريع البحث العلمي والتكوين البيداغوجي من خلال تجنيد و تسخير كل الوسائل المادية من فضاءات وهياكل ومكاتب وتوفيرها للأساتذة حتى يؤدوا أدوارهم ومهامهم التدريسية والبحثية على أحسن ما يرام. فالإدارة قبل كل شيء مسخرة قانونا لخدمة وإنجاح المهام البيداغوجية والبحثية قبل أي شيء آخر.(فالواد لا يحمل من ذيله). لذا أصبح من المنطقي تغيير الذهنيات السائدة بجعل الإدارة وسيلة للمنافع والامتيازات والتصرف بعقلية الملكية الخاصة لتحقيق مصالح شخصية وفئوية على حساب مصالح المؤسسة ومصالح الطلبة والبحث العلمي. فالإدارة الجادة تتطلب تضحيات وتقديم خدمات لتحقيق المصلحة العامة. لا أن تحتكر الوسائل والامتيازات لنفسها وتترك مصالح الطلبة والأساتذة تتخبط في مشاكل لا نهاية لها وهي تتوفر على كل عناصر الحل من إمكانات ووسائل وأموال ومكاتب تيسر العمل وتدفعه إلى الأمام. .ـ الإستراتيجية الرابعة : اعتماد منطق المهنية والعلمية وتجنب الخلفيات الإيديولوجية والسياسية في التعيين والتعامل مع الآخرين: لضمان العدل والمساواة، فالجامعة فضاء لإنتاج الأفكار والمعارف و الايديولوجيات، تقبل بالجميع وتستوعب كل الأفكار والتوجهات يفترض أن يسودها منطق الحوار والمهنية في النظرة إلى الآخرين و تقبلهم مع تقبل الاختلاف معهم لتأسيس جسور التواصل والتفاهم والتعاون. وليس منطق الإقصاء والحساسية المفرطة أو التعامل بمنطق الصدام والمواجهة السائد لدى عامة الناس فالمناصب غير دائمة لأي أحد ويبقى التاريخ يشهد لكل من قدم خدمات، وتفانى في المصلحة العامة. كما أن المهنية تقتضي تعيين المسؤولين على مختلف المناصب الإدارية وفق معايير الكفاءة والنزاهة والخبرة الميدانية والاستعداد للتضحية والقابلية لتقديم الخدمات للآخرين، بدل تكريس ثقافة الانتقام، أو اعتماد معايير الولاء و الصداقة و الإيديولوجية والفئوية والانتماء إلى نفس التخصص العلمي أو الجهوية أو معيار الشخصية الضعيفة والقرابة ، كما هو في تعيين رؤساء الجامعات و العمداء ومسئولين داخل كل جامعة وكلية وقسم، حيث كل يحشد حاشيته وأصدقاءه بعيدا عن الكفاءة والاستحقاق و الجدارة المهنية .
خـــاتمـــة:
في ضوء كل ما قلناه سابقا يتضح ازدياد الاهتمام بمفهوم ضمان جودة التعليم العالي و ذلك نظرا للدور الذي تلعبه هذه المؤسسات على الصعيد الوطني و لذلك يجب ان تكون مخرجاتها التي اصبحت باعداد هائلة ذات جودة عالية و تتناسب مع متطلبات سوق الشغل المحلية و الاجنبية و لذلك يجب اخذ اجراءات عاجلة لتصحيح الوضع الراهن الذي اصبح يشكل خطرا حقيقيا يهدد الامة و نمو البلاد.
لقد قمنا في هذا البحث باقتراح بعض الحلول التي ستساعد في حل المشاكل الراهنة و بالتالي تحسين مخرجات مؤسسات التعليم العالي .
المراجع:
– ضمان الجودة في التعليم العالي: واقع و تحديات – 6 فبراير2015 أ. عمر العربي 1-
http://www.cnes-univbechar.dz/?p=40
2- أ.د. محمد إبراهيم شكري – إدارة الجودة الشاملة في التعليم العالي (الحلقة الثالثة)- ص 4و5.
3- د.انيس احمد طايع – التطوير النوعي للتعليم الجامعي – ص7.
4- الرشيد محمد ، (1995 )،الجودة الشاملة في التعليم ، المعلم ، مجلة تربوية ثقافية جامعية ، جامعة الملك سعود ، 4-6 .
5- Jablonski Joseph R. Implementers Total Quality Management on Overview Without Publisher ,Santiago , Preiffer,U .S A ,1991,P.70
6- الدكتور خالد عبد السلام قسم علم النفس جامعة سطيف 2- أزمة الجامعة الجزائرية و استراتيجيات الإدارة في تحقيق جودة التكوين و البحث العلمي– السبت 9 شباط (فبراير) 2013,-
http://www.setif.net/article486.htm
7- المكتب الإقليمي للدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة الألماني ، تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 : نحو إقامة مجتمع المعرفة ، عمان 2003
8- فرجاني نادر: التنمية الإنسانية واكتساب المعرفة المتقدمة في البلدان العربية،مركز المشكاة للبحث ،القاهرة 1999م.
9- موقع معهد الهقار، (23/04/2010)، نعيم بن محمد ، التعليم العالي في الجزائر: التحديات، الرهانات و أساليب التطوير،www.hoggar.org