بحوث قانونية

متى يكون التحكيم دوليا ؟ الفرق بين التحكيم الدولي و التحكيم الاجنبي و الوطني

mediation

المقدمة:

لقد ظلت البشرية وفي سعيها الدؤوب عن البحث في النظم التي بامكانها تحقيق العدالة بين الأفراد والمجتمعات، لم تجد نظام كنظام التحكيم لذا فقد انتشر هذا النظام، وكان هو السائد على مدى عدة قرون، إلا أن ظهور الدولة وما ترتب عليه من انعكاسات جعل هذا النظام يشهد تراجعا مفسحا المجال لنظام آخر هو القضاء الذي لعب ولازال يلعب هو الآخر دورا محوريا في تحقيق العدالة بين الأفراد والشعوب.

إلا أن ظهور نوع من النزاعات يتطلب السرعة في البيت فيه بالإضافة إلى سيادة تيار العولمة الجارف جعل التحكيم يستعيد مكانته، الحقيقية كقضاء للتجارة الدولية حيث اختلف الفقهاء حول تعريفه وطبيعته وذلك باعتباره أداة لحسم المنازعات في مسائل المعاملات المالية [1]

حيث عرفه روبير بأنه نظام للقضاء الخاص تقتضي فيه خصومة معينة من اختصاص القضاء العادي فيعهد بها إلى أشخاص يختارون للفصل فيها كما عرفه عز الدين عبد الله" بأنه أقامه قضاء خاص يتولاه أفراد مزودون بولاية الفصل في المنازعات وذلك خروجا عن الأصل العام "[2]

كما عرفه بعض الفقه [3] اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، على أن يتم الفصل في المنازعة التي ثارت بينهم بالفعل أو التي يحتمل أن تثور عن طريق أشخاص يتم اختيارهم كمحكمين، ويتولى الأطراف أشخاص محكمين أو على الأقل يضمنون اتفاقهم على التحكيم بيانا لكيفية اختيار محكمين أو أن يعهدوا لهيئة أو مركز  من مراكز التحكيم الدائمة لتتولى تنظيم عملية التحكيم وفقا للقواعد أو اللوائح الخاصة بهذه الهيئات أو المراكز".

وللتحكيم أنواع كثيرة فهناك التحكيم الحر، والتحكيم المؤسساتي والتحكيم الوطني والتحكيم الدولي.

وإن كان هذان الأخيران يتفقان في أن لكل من الجلسات التي يقوم بها المحكمون للفصل في النزاع صفة المحاكمة، إلا أن هذه الجلسات في التحكيم لا يتقيد فيها المحكمون بشكليات المحاكم القضائية .

كذلك في التحكيم الداخلي يكون كل من الأطراف والمحكمون ينتمون إلى دولة واحدة والقانون المطبق هو قانون البلد الذي يجري فيه التحكيم في حين أن التحكيم التجاري الدولي قد يكون بين  شركة تنتمي إلى دولة معينة والقانون المطبق هو قانون الدولة الأخرى والتحكيم يجري في بلد أخر والمحامون لا علاقة لهم بجميع هاته الدول[4]

وبعد هذه الإشارة البسيطة إلى مفهوم التحكيم التجاري يبقى لنا أن نتسائل هنا عن ماهي الضوابط التي اعتمدت للتفريق بين  التحكيم التجاري الدولي والتحكيم الداخلي والأجنبي؟

وإلى أي مدى نجح الفقه والقضاء والتشريع في رسم الحدود الفاصلة بين أنواع التحكيم؟

هذه الأسئلة وغيرها حاولنا الإجابة عليها من خلال مقاربتنا لهذا الموضوع من خلال المباحث التالية.

–       المبحث الأول: تمييز التحكيم الدولي عن الوطني والأجنبي

–       المبحث الثاني: معايير تمييز التحكيم التجاري الدولي وآثاره

المبحث الأول: تمييز التحكيم الدولي عن الوطني والأجنبي

في اطار هذا المبحث سوف نقوم بتمييز التحكيم التجاري الدولي عن التحكيم الوطني (في المطلب الأول ) على أن نقوم بتمييزه عن التحكيم الأجنبي في (المطلب الثاني)

المطلب الأول: تمييز التحكيم الدولي عن التحكيم الوطن : 

تكتسي التفرقة بين التحكيم التجاري الدولي والتحكيم الوطني أهمية بالغة وتتجلى تلك الأهمية في عدة نواحي، فمن ناحية التنظيم القانوني لكل منهما يلاحظ أن التحكيم الوطني يخضع لتنظيم قانوني يختلف عن التحكيم الدولي ذلك الاختلاف يجد مصدره في قواعد قانونية موضوعية وإجرائية يقوم بوضعها المشرع الداخلي مثل القانون المغربي والفرنسي.أما التحكيم التجاري الدولي وإن كنا نجده في بعض الحالات يخضع في تنظيمه لقواعد قانونية خاصة من وضع المشرع الوطني مثل المشرع الفرنسي والموريتاني واليمني والتونسي…

هذا اضافة إلى اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف تم أبرامها لتنظيم التحكيم التجاري الدولي مثل الاتفاقية الأوربية حول  التحكيم التجاري الدولي المبرمة بجنيف في 21 إبريل 1961، واتفاقية نيويورك حول الاعتراف بأحكام المحكمين وتنفيذها .المبرمة في 10 يونيو 1958م، واتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري الدولي المبرمة في 14 أبريل 1987م

إلا انه في أحيان عديدة لا يكون منظما في عدة دول وبالتالي يخضع هذا النوع من التحكيم لأعراف وعادات التجارة الدولية.

كذلك توجد فروق أخرى بين التحكيم الوطني والتحكيم الدولي من نطاق مبدأ سلطان الإرادة حيث أن هذا النطاق يضيق في إطار التحكيم الوطني إذ توجد العديد من القواعد الموضوعية والإجرائية التي تقيد من سلطان إرادة المحتكمين وتحد من حرية الأطراف في اللجوء إلى التحكيم كما في المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم وكذلك المسائل الإجرائية التي تتصل بضمانات التقاضي.

هذا على خلاف التحكيم التجاري الدولي حيث نجد بان مبدأ سلطان الإرادة يمتد إلى أبعد الحدود، سواء على مستوى حرية الاطراف في تحديد القواعد الإجرائية أو القواعد الموضوعية الواجبة التطبيق.

فهذه مسألة لا تستدعي للاستغراب فواقع التحكيم التجاري الدولي بصفته قضاء يحسم في المنازعات ذات عنصر أجنبي، والتي تطرح دائما مشكلة تنازع القوانيين لذلك نجد غالبية النظم القانونية تعطى هذه الحرية أو الممكنة للأطراف في فض منازعاتهم خصوصا في مجال العقود التجارية الدولية عن طريق التحكيم.

كذلك يتميز التحكيم الوطني عن الدولي في معاملة حكم التحكيم حيث تختلف هذه المعاملة بالنسبة لكل منهما وذلك لعدة أمور هي:

– إن عدم تسبيب حكم التحكيم قد يؤدي إلى بطلانه أو على الأقل يعرقل من تنفيذه في إطار التحكيم الداخلي حيث تشترط معظم النظم القانونية أن يكون حكم التحكيم مسببا.[5]

–       وهذا على خلاف التحكيم الدولي بحيث لا يلزم بتسبيب حكم التحكيم، إذا اتفق الأطراف على ذلك، أو كان القانون الواجب التطبيق على الإجراءات لا يشترط ذكر الأسباب.

وهو أمر معترف به في القانون النمطي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لعام 1985 وقواعد اليونسيترال العام 1976، واتفاقية عمان للتحكيم التجاري 1987م .

ومن ضمن الفوارق أيضا بين نوعي التحكيم أن حكم التحكيم الداخلي يقبل الطعن بالاستئناف لدى بعض النظم القانونية مثل القانون الفرنسي قانون التحكيم التونسي لعام 1993.

وهو أمر غير ممكن بشأن التحكيم التجاري الدولي عند أغلب التشريعات [6] 

على أن لذلك ما يبرره على اعتبار أن الطعون تهدف في الغالب إلى إصلاح الحكم عندما يخالف قواعد القانون حتى يبقى الأطراف على ثقة تامة بشأن الأحكام التي تختلف بخصوص قضايا واحدة مما يستلزم التصحيح والتدخل من طرف أعلى هيئة قضائية في الدولة وهو أمر يستلزم أن يتم التدرج بين محاكم السلطة القضائية.الأمر الذي لا تتواجد مكوناته في أحكام التحكيم التجاري الدولي والتي تصدر عن هيئات خارجة عن هيمنة السلطة القضائية لأية دولة[7]

وفي الأخير فإن هناك فرق آخر على مستوى تنفيذ أحكام التحكيم الوطنية والتي تخضع لذات إجراءات تنفيذ أحكام المحاكم الوطنية.

أما تنفيذ أحكام التحكيم الدولية فإنها تخضع لقواعد الأمر بتنفيذ الأحكام الأجنبية ولضرورة توفر الشروط الضرورية لصحة الحكم من الناحية الدولية هذا فضلا عن لخضوع للقواعد التي تقررها الاتفاقيات الدولية الخاصة بالاعتراف وتنفيذ الأحكام الأجنبية مثل اتفاقية نيويورك 1958[8].

المطلب الثاني: تمييز التحكيم الدولي عن التحكيم الأجنبي:

إن أبراز الفرق بين التحكيم التجاري الدولي والتحكيم الأجنبي هو من المسائل الصعبة والمعقدة[9]مما أدى إلى ظهور جدل حول مسألة التمييز بين كل من نوعي التحكيم.

فإذا كان من السهل التمييز بين التحكيم الوطني الذي تنتمي جميع عناصره ومقوماته إلى دولة معينة وبين التحكيم غير الوطني (الأجنبي أو الدولي) الذي تكون أحد عناصره أو مكوناته لا تنتمي إلى دولة واحدة أو لا ينتمي برمته إلى دولة معينة، كما هو الشأن بالنسبة للمعاملات التجارية الدولية التي تعتبر مجالا لتحكيم لا يكون في الغالب وطنيا وإنما يوصف بالأجنبية أو الدولية.

فإن وجود فوارق جوهرية بين التحكيم الدولي والتحكيم الأجنبي يعتبر من الصعوبة بمكان إذ أن هذه المسألة معقدة نظرا لدقتها كذلك ولتداخل هذان النوعان من أنواع التحكيم.

كما أنه من المتعارف عليه أن التحكيم الذي لا يكون وطنيا في بلد معين يمكن أن يكون بالنسبة لبلد آخر دوليا. كما انه يمكن أن يكون دوليا منقسم بين عدة دول وبالتالي انتمائه إلى عدة أنظمة قانونية وطنية.

أو قد يكون منفصلا لا تربطه روابط بأي نظام قانوني وفي هذه الحالة يوصف التحكيم بالدولي حقيقة.

إلا أن هذا التمييز يبقى ضعيفا فمثلا لو تم التحكيم في فرنسا وأصدر قرار تحكيمي فرنسي صرف، وتم طلب تنفيذ هذا القرار بالمغرب فإن هذا التحكيم ستربطه على الأقل  علاقة بالمغرب نتيجة إقامة الطرف المحكوم عليه بالحكم المراد تنفيذه بالمغرب.

إلا أن هذا التمييز نجده ليس واضحا بالنسبة للقضاء الفرنسي الذي نجده يعطى للتحكيم الواحد و صف الخارجي أو الدولي، وذلك بالنسبة للتحكيم الذي لا ينتمي بجميع عناصره إلى دولة معينة.

كما أن الخلط بين صفتي الدولية والأجنبية نجده كذلك في بعض القوانيين وخاصة القانون الدولي الخاص الذي تتعلق قواعده في غالب الأحيان بتحديد القانون الوطني أو الأجنبي الواجب التطبيق في حالة تنازع القوانين بين عدة بلدان.

وبخصوص صعوبة التفرقة بين صفة الأجنبية وصفة الدولية بالنسبة لقرارات التحكيم الأجنبية عقدت عدة مؤتمرات دولية عرفت هي الأخرى جدلا قويا بخصوص هذه التفرقة حيث انه عند وضع اتفاقية نيويورك اقترحت غرفة التجارة الدولية بباريس استعمال مصطلح(قرار التحكيم الدولي) إلا أن هذه الاتفاقية شأنها في ذلك شأن اتفاقية جنيف المؤرخة بتاريخ 26 شتنمبر 1927 قد فضلت استعمال تعبير (الأجنبية ) بدل الدولية ويستنتج من الفصل الأول من اتفاقية نيويورك 1958 التي تنص على أن صفة (الأجنبية تسبغ فقط على القرارات التي تنتمي إلى دولة غير الدولة المطلوب فيها الاعتراف بالمقررات التي تنتمي إلى دولة غير الدولة المطلوبة فيها الاعتراف بالمقررات التحكيمية وتنفيذها بل كذلك المقررات الغير معتبرة بمثابة مقررات وطنية في الدولة المطلوب فيها الاعتراف بها وتنفيذها بمعنى مقررات  وطنية في الدولة المطلوب فيها الاعتراف بها وتنفيذها بمعنى القرارات التي لا تمت بصلة إلى أي قانون وطني معين أو ما يطلق عليه في لغة الفقه" القرارات الطليقة. إن تعبير " الدولية" أو سع نطاقا من تعبير " الأجنبية" بحيث أن التحكيم  الدولي يشمل في طياته  التحكيم التجاري الدولي بمعنى الكلمة وهو ذلك التحكيم الذي لا صلة له بأي نظام قانوني معين إضافة إلى التحكيم الذي تكون له في عنصر أو أكثر من عناصره صلة بنظام أو نظم قانونية لدولة أو عدة دول.

ويترتب على ذلك أن التحكيم لا يوصف بالدولية  إلا حينما لا يرتبط ذلك التحكيم بأي دولة معينة وبذلك فإنه يشمل جميع الحالات التي يوصف فيها التحكيم بالأجنبية.

فالتحكيم حسب فوشار، و لاليف يكون دوليا" عندما لا يتعلق من جميع الوجهات بدولة واحدة، وذلك من طبيعة النزاع وجنسية الطرفين أو المحكمين أو الموقع، أو المسطرة، أو عندما لا تشير سائر نقط الاتصال إلى نفس الدول بكيفية جماعية"

وما يمكن أن نستخلصه مما سبق هو أن التحكيم الأجنبي هو ذلك التحكيم الذي يجري وفق إجراءات منصوص عليها في قانون أجنبي أو هو الذي يجب أن يستند إلى قانون وطني تعينه قواعد الإسناد في القانون الدولي الخاص أما التحكيم الدولي فهو الذي يتضمن عنصرا أجنبي ليس بالضرورة أن يكون القانون الواجب التطبيق على الإجراءات فقد يكون عنصرا أخر كسريان القانون الأجنبي على موضوع النزاع أو اختلاف جنسية الخصوم، أو مكان التحكيم، أو هو ذلك النوع من التحكيم الذي تكون عناصره عبارة عن مزيج من تشريعات مختلفة حتى أن بعض الفقه "محسن شفيق" يرى بان التحكيم الدولي ينبغي أن ينفصل عن سلطان القوانين الوطنية لتحكمه المبادئ العامة السائدة في مجال التجارة الدولية[10]  

المبحث الثاني: معايير تمييز التحكيم التجاري الدولي والآثار المترتبة على ذلك.

إن التفرقة بين التحكيم الدولي وغيره من أنواع التحكيم الأخرى  ليست من باب الترف العلمي، ولا المساجلات النظرية، بل لها أهميتها البالغة، والتي تتجلى في عدة أمور لعل أبرزها:

–     ما يتعلق بناحية التنظيم القانوني لكل نوع من التحكيم على حدة

فمثلا نلاحظ أن التحكيم الوطني يخضع لتنظيم قانوني مختلف عن التحكيم الدولي، سواء فيما يتعلق بالقواعد الموضوعية أو الإجرائية، وحتى مصادر تلك القواعد [11]

– ما يتعلق بنطاق مبدأ سلطان الإدارة :

إذ يلاحظ أن هذا النطاق يتسع في التحكيم الدولي سواء فيما يتعلق بحرية الأطراف في تحديد القواعد الإجرائية والموضوعية الواجبة التطبيق، على عكس التحكيم الداخلي، إذ يكفي أن نستحضر هنا معاملة القرار التحكيمي الداخلي فيما يتعلق بتسبيبه أو الطعن فيه أو تنفيذه[12]  

هذه الفوارق المتقدمة تفرض علينا البحث عن معيار التمييز التحكيم التجاري الدولي عن غيره من أنواع التحكيم الأخرى.

وبتعبير أخر ما هي أهم المؤشرات التي يمكن الوقوف عندها واستخلاص ضوء يكشف طبيعة كل تحكيم .هل هو داخلي أم دولي[13].

يمكن القول إنه من الصعب العثور على معيار أو على الأصح معايير تحظى بالإجماع والقبول من الجميع، وذلك راجع إلى أن الفقهاء القانونين الذين تعرضوا لهذه المسألة، اختلفوا في تصورهم لهذه المعايير اختلافا عميقا، مما انعكس على التشريعات، هذه المعايير تعددت الأوصاف والنعوت  التي أطلقت عليها، فمن المعيار المجرد والمعيار الموضوعي، إلى المعيار القانوني والمعيار الاقتصادي وصولا إلى المعيار الجغرافي والمعيار الاقتصادي.

إلا أن المتمعن لهذه المعايير الآنفة الذكر وغيرها يدرك بجلاء أن الفرق بينها في أغلبه قد لا يتعدى الاختلاف في المسميات والمصطلحات فقط.

لذا فإننا نميل إلى اعتماد المعيار الاقتصادي والجغرافي، للتفريق بين التحكيم التجاري الدولي وغيره من أنواع التحكيم الأخرى، لأنه في اعتقادنا أن هذين المعيارين يمتازان بالوضوح والدقة، وهما قبل غيرهما الأقدر على إبراز الخصائص التي تميز التحكيم التجاري الدولي عن غيره.

لذا سنحاول هنا سبك أغوار هذين المعيارين في مطلبين على أن نخصص الأول منها للمعيار الجغرافي، (المطلب الأول) في حين تناول في الثاني المعيار الاقتصادي(المطلب الثاني) على أن نتناول في المطلب الثالث آثار تمييز التحكيم التجاري الدولي عن غيره. هذا وقبل الحديث عن هذين المعيارين ينبغي التنبيه إلى ان التشريعات قد اختلفت فيما يتعلق بضرورة توافر المعيارين معا أو الاكتفاء بوجود أحدهما فقط للقول بدولية التحكيم، وهو ما ستتم الاستفاضة فيه اثناء الحديث عن المعيارين في السطور الآتية.

المطلب الأول: المعيار الجغرافي(مكان التحكيم)

إن المقياس الذي بخرج التحكيم من تحكيم داخلي إلى أخر دولي حسب هذا المعيار هو مكان حدوثه، بحيث إذا تم خارج الدولة اعتبر تحكيما دوليا وإلا فلا يمكن اعتباره دوليا.

إلا إن التطور الذي شهدته التجارة الدولية أو قل إن شئت الممارسة العملية للتحكيم فرضت نوعا من التراجع فيما يخص مكان التحكيم كمعيار وحيد للقول بدولية التحكيم، وذلك لصالح إدخال أو الأخر بعين الاعتبار مكان إقامة الأطراف.

 وعليه فإذا كانوا مقيمين في أماكن أو بلدان مختلفة اعتبر التحكيم دوليا(القانون النموذجي)، وكذلك إذا كان أحد طرفي النزاع على الأقل غير مقيم في السويسرا أو هولندا عند توقيع العقد فإن التحكيم الذي يجري في هذين البلدين والمتعلق بذلك العقد يعتبر دوليا (القانون السويسري 1987، والقانون الهولندي 1986).

كما أن اتفاقية لاهاي 1946 المتعلقة بالمبيعات الدولية للمنقولات اشترطت هي الأخرى أن يكون النزاع ناشئا عن عملية تجارية دولية هذا وقد اعتمد هذا المقياس في القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي الصادر 21/6/ 1985 م 1/3 والتي نصت على أن (التحكيم يكون دوليا إذا كانت مؤسسات الفرقاء عند إبرام اتفاق التحكيم تقع في بلدان مختلفة، أو إذا كان أحد الأماكن التالية واقعا خارج الدولة التي يقع فيها عمل أحد الطرفين:

–     كل مكان يتم فيه تنفيذ جزء أساسي من الالتزامات الناشئة عن العلاقات التجارية

–     المكان الذي يكون للنزاع علاقة أوثق به.

–     إذا اتجهت إرادة الأطراف صراحة إلى أن موضوع اتفاق التحكم يتعلق بأكثر من دولة واحدة[14]

وقد اخذ بهذا المعيار الكثير من القوانين الحديثة منها على سبيل المثال مدونة التحكيم الموريتانية الصادرة 2000 م 41. والقانون التحكيم الإنجليزي 1996…[15] 

 وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا المعيار على الرغم من وجاهته من حيث المبدأ إلا أنه لا يمكن القول أنه يكفي وحده لتمييز التحكيم الدولي عن غيره من أنواع التحكيم الأخرى وخصوصا التحكيم الأجنبي.

وهو ما دفع ببعض الفقه [16]  إلى تبني معيار آخر يعتمد على جنسية المحكمين أو جنسية الخصوم، وحتى مكان المحكمة المختصة أصلا بموضوع  النزاع بحيث إذا وقع التحكيم في غير الدولة التي توجد فيها هذه المحكمة اعتبر التحكيم دوليا.

مما سبق يمكن القول أن هناك عدة مؤشرات أوجدها الفقه عبر مختلف مراحل تطور بحثه عن معايير واضحة ودقيقة قد تساعد على تمييز التحكيم التجاري الدولي عن غيره من الأنواع التحكيم الأخرى هذه المؤشرات تعددت الألقاب التي أعطيت  لها فهناك من يدرجها تحت المعيار الجغرافي، أو المعيار القانوني، أو المعيار المجرد… والمؤشرات هي:

-1 جنسية ومحل إقامة الأطراف

2- جنسية المحكمين

3- القانون المطبق لحسم النزاع

4- القانون  المطبق على القواعد الشكلية

5- مكان التحكيم

6-اللغة

 7- العملة

8- حركة انتقال الأموال عبر حدود الدول للخروج من اقتصاد البلد

إن هذه المؤشرات الأنفة الذكر بقدر ما تنتج في إثبات فك الارتباط بدولة ما، بقدر ما تؤدي إلى تثبيت دولية التحكيم، وبالتالي إخراج القرار التحكيمي من قيود التحكيم الداخلي لأن المؤشرات السابقة كلما كانت تدعم فك الارتباط كلما وجد القاضي نفسه مضطرا الإخراج التحكيم عن نطاق القانون الداخلي، فالتحكيم يبدأ داخليا ثم يتحول دوليا على ضوء القرائن التي ينجح أطراف النزاع في تقديمها للقاضي والدالة على أن التحكيم غير مرتبط ببلد واحد مما يحتم على هذا الأخير إضفاء الصبغة الدولية على القرار التحكيمي، وبالتالي حصر الرقابة على ما له صلة بالنظام العام.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لا يلزم أن تتفرق كل عناصر التحكيم حتى يكون هذا الأخير دوليا، بل يكفي أن تتفرق العناصر المؤثرة أو ذات الثقل والاعتبار بين أكثر من نظام قانوني وعندها يكون التحكيم دوليا.

فمثلا التحكيم الذي يجري في المغرب بين طرفين فرنسيين بشأن عقد أبرم ويجري تنفيذه في الجزائر ويطبق القانون الموريتاني هو تحكيم دولي.

وضمن هذا الإطار المجرد لتحديد دولية التحكيم يتجه البعض إلى التركيز على عناصر الارتباط القانونية في عملية التحكم، ويقرر أن التحكيم يكون دوليا في حالتين:

1-  إذا كان له أوجه ارتباط في اتصالات متعددة مع قوانين عدة دول.

2-  إذا كان له أوجه ارتباط واتصال بمركز تحكيم يمارس نشاطه على المستوى الدولي[17].

وأخيرا فإن السؤال الجوهري الذي ينبغي إثارته هنا هو هل هذا المعيار(المعيار الجغرافي) وما يندرج تحته من مؤشرات يكفي عند توافره لإضفاء الصبغة الدولية على التحكيم؟

من وجهة نظرنا فإننا نميل إلى القول بأن إضفاء الصبغة الدولية على القرار التحكيمي إنما ترتبط بموضوع النزاع أكثر من ارتباطها بغيره ذلك أن موضوع النزاع يعتبر الحجر الأساس لإضفاء هذه الصبغة أو عدم إضفائها.

أما بقية العوامل والمؤشرات الأخرى فهي في نظرنا عوامل تدعم القول بدولية التحكيم إذا كان موضوع النزاع يتعلق بالتجارة الدولية، و لا يكفي هنا وحدها للقول بهذه الصفة.

ولأهمية موضوع النزاع كمعيار لتحديد دولية التحكيم فإننا سنتعرض له في السطور التالية.

 

 

 

المطلب الثاني : المعيار الاقتصادي

على خلاف المعيار السابق الذي يحاول تحديد الهوية الدولية للتحكيم مجردة عن موضوع النزاع المطروحة على هيئة التحكيم، فإن هذا المعيار يتجسد في التركيز على موضوع النزاع.

لأن من يحاول تحديد دولية التحكيم بعيدا عن الاعتماد على موضوع النزاع يكون بمثابة من يضع العربة أمام الحصان، أو يقدم المسبب على السبب لأن التحكيم ما وجد إلا لحل موضوع النزاع ومن غير نزاع فلا تحكيم.

لذا فالمعيار الاقتصادي يرتكز على طبيعة النزاع، فإذا ما كان هذا الأخير مترتبا على معاملات تجارية دولية عندها وصف التحكيم بأنه دولي، حتى ولو كان أطراف النزاع والمحكمين من جنسية واحدة وتم التحكم في نفس الدولة، إذ لا مجال حسب هذا الاتجاه الفقهي للنظر إلى جنسية أطراف النزاع و لا لمكان التحكيم أو جنسية المحكمين، مادام موضوع النزاع غير مرتبط بدولة معينة، لأن النزاع هو بطبيعة غير مرتبط بدولة ما، لأنه يتعلق بالتجارة الدولية.

إن طبيعة المنازعات غير المرتبطة ببلد واحد تفسر لماذا يجب أن يكون هناك تحكيم دولي مختلف عن التحكيم الداخلي لذا فإن تشريعات حديثة وعت هذا الدور الريادي للتجارة الدولية في إمكانية تمييز التحكيم التجاري الدولي عن غيره من أنواع التحكيم الأخرى فنصت على أن التجارة الدولية تعتبر هي المعيار الأبرز إن لم يكن الأوحد الذي على أساسه يتم تميز التحكيم التجاري الدولي عن غيره من أنواع التحكم. ومن هذه التشريعات مثلا القانون الفرنسي المادة 1492 ق م م والتي عرفت التحكيم الدولي بأنه (يعتبر تحكيما دوليا ذلك التحكيم الذي يضع في الميزان مصالح التجارة الدولية"[18]

وقد سار على نفس النهج كل من المشرع اللبناني والتونسي م. 48/2 1993 [19]

أما المشرع المغربي فقد تبنى في مشروع مدونة التحكيم تعريفا للتحكيم التجاري الدولي يستحق التنويه.

ذلك انه نص في المادة 48  من مشروع التحكيم على انه" يعتبر دوليا التحكيم الذي يتعلق بمصالح التجارة الدولية والذي يكون لأحد أطرافه على الأقل موطن أو مقر اجتماعي بالخارج.

فهذا التعريف جمع بين ضرورة أن يكون النزاع متعلقون بالتجارة  الدولية بالإضافة إلى اشتراط وجود موطن أو مقر اجتماعي بالخارج، وهو أمر من وجهة نظرنا صائب.

ذلك أن النظر إلى موضوع النزاع أولا ثم إلى المؤشرات الأخرى الخارجية  المتعلقة بالتحكم كلها أمور من شأنها إبراز الصفة الدولية للتحكم  بشكل لا مراء فيه.

ومن شأنها أن تؤدي إلى التفرقة بين كل أنواع التحكيم بشكل واضح ومنطقي ومقبول. وهذا الاتجاه الذي سلكه المشرع المغربي هو نفسه الذي نهجه المشرع المصري م 3 من قانون 1994. 

هذا وقد سار القانون الجيبوتي وكذا الاتفاقية الأوربية الخاصة بالتحكيم التجار لسنة 1961 م 1. واتفاقية واشنطن لسنة 1965 المتعلقة بالاستثمارات ذات الطبيعة الدولية م25 في نفس الاتجاه الذي سار عليه المشرع الفرنسي في اعتبار التحكيم دوليا متى تعلق  بالتجارية الدولية[20].

كما أن نظام محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس، ونظام تحكيم محمكة لندن لا ينظران إلا في المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية وكذا العقد الدولي؟ الذين على اساسهما تتحدد دولية التحكيم وهنا لا بد من التساؤل عما هو المراد بالتجارة الدولية؟ وكذا العقد الدولي؟ اللذين على أساسهما تتحدد دولية التحكيم؟

فيما يتعلق بالتجارة الدولية يمكن تعريفها بأنها هي " كافة العلاقات الاقتصادية التي تهدف إلى إنتاج وتحويل أو تداول البضائع أو أداء الخدمات بما في ذلك الأنشطة التمويلية والمصرفية[21] وكذا العقود الاقتصادية الدولية.[22] 

أما فيما يتعلق بالمعيار الذي على أساسه يعتبر العقد دوليا،فإن المتفحصة لكتابات الفقه وأحكام القضاء سيدرك أنه  لم توجد مسألة أثارت جدلا واضطرابا أكثر مما أثاره تحديد المعيار الذي على أساسه يعتبر العقد دوليا.

وعلى الرغم من ذلك ودون الخوض في ذلك الجدل يمكن إيجاد معيارين للعقد الدولي هما:

1-                     المعيار القانوني: وبمقتضاه يعتبر دوليا كل عقد اشتمل على عنصر أجنبي سواء اتصل هذا العنصر بالأعمال المتعلقة بإبرامه أو تنفيذه أو بموطن المتعاقدين أو جنسيتهم.

2-                      المعيار الاقتصادي وقد ظهر هذا المعيار في أواخر العشرينات من القرن الماضي في المجال النقدي والمدفوعات الدولية وقد مر هذا المعيار بمراحل ثلاثة هي:

أ- المرحلة الأولى: وفيها اعتبر دوليا كل عقد ينتج حركة مد وجزر للبضائع ورؤوس الأموال عبر حدود دولتين أو أكثر، إلا أن المعيار الاقتصادي هذا تم التخفيف منه لاحقا وذلك بالاكتفاء بحركة في اتجاه واحد، تصدير أو استيراد للقيم الاقتصادية عبر الحدود.

ب- المرحلة الثانية: وفيها اعتبر دوليا كل عقد يتصل بحاجيات ومصالح التجارة الدولية.

ومن ثم إمكانية إخضاع ما ينشأ عنه من منازعات للتحكيم التجاري الدولي.

ح- المرحلة الثالثة:  وفيها اعتبر دوليا كل عقد يتعدى بتبعاته وآثاره الاقتصادي الداخلي للدولة .

فوقفا لهذا المعيار يكون دوليا كل تحكيم في نزاع يتصل ويمس مصالح التجارة الدولية.

فالمقصود هنا هو موضوع النزاع المطروح أمام المحكمين، وليس إجراءات التحكيم في حد ذاتها[23]

وهنا لابد من الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي هو من أرسى دعائم المعيار الاقتصادي منذ  عام 1927 ، هذا المعيار الذي يقوم على مبدأ عبور أموال من دولة إلى أخرى [24] 

ولازال القضاء الفرنسي مخلصا لهذا الاتجاه في أحكامه المتعاقبة والتي نذكر منها حكم محكمة الاستئناف بباريس 5 أبريل 1990

والذي جاء فيه " إن الطابع الدولي للتحكيم يجب أن يتحدد طبقا للحقيقة الاقتصادية العملية التي بمناسبتها تم إعماله، وفي هذا الخصوص يكفي أن تحقق العملية الاقتصادية نقلا للأموال أو الخدمات أو رؤوس الأموال عبر الحدود أما جنسية الشركاء (الأطراف) في النزاع، والقانون الواجب التطبيق على العقد أو على التحكيم، وكذا مكان التحكيم فهي أمور غير فعالة أو غير مجدية"

كما قضت نفس المحكمة بتاريخ 24/4/1992" إن الطابع الداخلي أو الدولي للتحكيم لا يعتمد على القانون الواجب التطبيق أو على الإجراءات، أو على إرادة الأطراف، ولكن على طبيعة العملية الاقتصادية التي هي أصل النزاع"[25]

وأخيرا فإن الفقه الفرنسي في أغلبية هو الأخر اتجه إلى اعتناق هذا المعيار بشكل مطلق[26].

وبرر ذلك بأنه يرى فيه مقدمات لعالمية نظام التحكيم واستقلاله كنظام قضائي ذاتي لمنازعات التجارة الدولي، عن النظم القانونية الوطنية بما يرسخ وجوده، وبالتالي مسيرته في دعم ما يسمى بالمجتمع الدولي للتجارة من ناحية، وما يسمى بالقانون الدولي للتجارة من ناحية أخرى.

وكما يقول fouchard فإنه عملا بالمعيار الاقتصادي لدولية التحكيم فإن التحكيم التجاري الدولي يكون هو ذلك التحكيم الذي ينفصل عن كل الأطر الوطنية ويخضع بالتالي لقواعد وسلطات دولية حقيقية … قواعد وسلطات فوق وطنية.

إن ما نميل إليه من وجهة نظرنا فيما يخص المعايير التي على أساسها يتميز التحكيم الدولي عن غيره من أنواع التحكيم هو الاتجاه الذي سلكه المشرع المصري والذي جمع بين ضرورة توافر المعيار الاقتصادي إلى جانب المعيار الجغرافي أو القانوني وهو ما سار عليه المشرع المغربي في مشروع مدونة التحكيم وهو نهج يمتاز بكثير من الدقة نظرا لأن توافر المعيارين معا هو وحده الكفيل بإماطة اللثام عن أنواع التحكيم ومن ثم تطبيق القواعد الخاصة بكل نوع، وكذا معرفة القواعد الواجبة التطبي.

 

المطلب الثالث: آثار تمييز التحكيم التجاري عن غيره

إن من أهم الأثار التي تنجم عن دولية التحكيم هو ما ينعكس على قرار التحكيمي ذاته، ذلك أن القرار التحكيمي إذا سلم بدوليته فإنه سيحظى بالتالي بعدة إيجابيات لايمكن أن يشاركه فيها القرار التحكيمي الداخلي ولعل أبرز هذه الإيجابيات هو تقليص سلطة القضاء الوطني على القرار التحكيمي الدولي.

ذلك أن هذا القضاء ستقتصر سلطته في مواجهة القرار التحكيمي الدولي على مراقبة عنصر وحيد هو ما يتعلق بالنظام العام وبالتالي فلا يمكن لهذا القضاء أن يعيد النظر في موضوع النزاع و لا يقبل الطعن في القرار التحكيمي الدولي و لا استئنافه هذا بالإضافة إلى اتساع نطاق مبدأ سلطان إدارة المتحكمين في التحكيمي التجاري الدولي، إذ بامكانهم تحديد القواعد الإجرائية والقواعد الموضوعية الواجبة التطبيق، بدأ بتشكيل الهيئة ومرورا بإجراءات التحكيم والقانون الذي يحكم موضوع النزاع[27].

 

الخاتمة

إننا لا ندعي أننا قد أحطنا بكل جوانب الموضوع إلا أننا مع ذلك لم تدخر جهدا أو في استعراض كل ما من شّأنه أن يسهل معرفة الحدود الفاصلة بين ماهو دولي وداخلي بالنسبة للتحكيم.

وما نود ذكره هنا هو أنه من المعروف أنه قد سال الكثير من الحبر حول هذا الموضوع في تاريخ الفكر القانوني في العالم .

إلا أن الاتجاه العام أخذ ينحسر عن معيارين أو ضابطين من شأنهما تذليل الصعاب في عملية التفريق ما بين التحكيم التجاري الدولي والداخلي والأجنبي

فبالإضافة إلى المعيار الجغرافي وحدوده، هناك معيار آخر تدخل فيه الجغرافيا ولكنها لا تبقى وحدها  في الميزان بل يضاف إليها الاقتصاد.

فالتحكيم الدولي وجد من أجل التجارة الدولية وبالتالي يجب أن يكون مقياس التفريق بينه وبين بقية أنواع التحكيم هو التجارة الدولية، والتي يكفي الضابط الجغرافي وحدة لتمييزها عن التجارة الداخلية.

فالتجارة التي هي نشاط انسائي هدفه اقتصادي تصبح دولية حين تخرج من اقتصاد بلد واحد، أو حين تتميز بانتقال الأموال والخدمات والسلع وغيرها عبر الحدود الأكثر من دولة فلابد إذن من اعتماد الاقتصاد مع الجغرافيا وتسليطهما معا على موضوع النزاع لإمكانية التعرف على طبيعة التحكيم، هل هي دولية أم داخلية أم أجنبية، ومن ثم تطبيق القواعد القانونية الخاصة بكل نوع على حدة.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن رسم الحدود النهائية التي عندها ينتهي التحكيم الداخلي ويبدأ بعدها التحكيم الدولي هو من عمل القاضي ومن فعل قناعته التي تتأثر بمدى تشابك المؤشرات المحيطة بالقرار التحكيمي، هذه المؤشرات التي يجب أن تحمل معنى قد يتبناه القاضي الذي يمثل أمامه الحكم التحكيمي طالبا التنفيذ، وقد لا يتبناه.

فقد يكفي وجود مؤشر واحد  لحمل القاضي على الاقتناع بأن القرار التحكيمي الماثل أمامه دولي ، والعكس صحيح، إذ قد يوجد أكثر من مؤشر  ومع ذلك لا يقتنع القاضي بدولية القرار التحكيمي الماثل أمامه.فالأمر يتوقف على طريقة تشابك وترابط وتفاعل تلك المؤشرات وعلى المعنى  الذي يأخذه هذا التفاعل لدى القاضي.

إلا أنه بقدر ما تتكاثر المؤشرات الأجنبية الاقتصادية والجغرافية  والقانونية للنزاع وتشابك  بقدر ما يكون التحكيم أكثر قربا من الدولية.

كما انه بقدر ما تكون هذه المؤشرات أو أي منها فاعلا ومؤثرا وظاهرة في دلالته على الدولية يكون التحكيم دوليا.

                                            وبالله التوفيق وبه نستعين. 

 

قائمة المراجع:

– أحمد عبد الكريم سلامة، قانون التحكيم التجاري الدولي والداخلي، الطبعة الأولى 2004.

– مختار أحمد بريري، التحكيم التجاري الدولي، دراسة خاصة للقانون المصري الجديد، دار النهضة العربية، ط 1992.

– عبد الحميد الأحدب، موسوعة التحكيم الدولي،ج2 ، طبعة 1998.

– منير المجيد، التنظيم القانوني للتحكيم الدولي والداخلي في تطور الفقه وقضاء التحكيم، منشأة المعارف، ط 1997.

– أبو زيد رضوان الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي، دار الفكر العربي للنشر.

– منير عبد الحميد، الأسس العامة للتحكيم الدولي والداخلي، منشأة المعارف، الاسكندرية، ط 2000.

– بوبكر بودر معيار التفرقة بين التحكيم التجاري الدولي والتحكيم التجاري الوطني، مجلة العمل القضاء والتحكيم التجاري 2004.

– عبد الله درميش، التحكيم الدولي في المواد التجارية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني 1982- 1983.

j . m. jaquet et g. delebeque : droit du commerce international . paris , dolloz 1997 .

 

المواقع الإلكترونية:

www.google.com

www.salair. org.resource.

  

 

الفهرس:

المقدمة: 1

المبحث الأول: تمييز التحكيم الدولي عن الوطني والأجنبي. 3

المطلب الأول: تمييز التحكيم الدولي عن التحكيم الوطن : 3

المطلب الثاني: تمييز التحكيم الدولي عن التحكيم الأجنبي: 7

المبحث الثاني: معايير تمييز التحكيم التجاري الدولي والآثار المترتبة على ذلك. 10

المطلب الأول: المعيار الجغرافي(مكان التحكيم) 12

المطلب الثاني : المعيار الاقتصادي.. 17

المطلب الثالث: آثار تمييز التحكيم التجاري عن غيره 23

الخاتمة. 24

قائمة المراجع: 26

الفهرس: 28

 

 

 

 

 


[1] – أحمد عبد الكريم سلامة، قانون التحيكيم التجاري الدولي  والداخلي، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، 2004، ص 39.

[2] – عبد درميش- التحكيم الدولي في المواد التجارية، رسالة لنيل دبلوم الدرسات العليا في القانون الخاص مقدمة لجامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء. السنة الجامعية 1982-1983- ص 10.

[3] – د- مختار أحمد بريرى- التحكيم التجاري الدولي- دراسة خاصة للقانون المصري الجديد (بشأن التحكيم في المواد المدنية و التجارية ) دار النهضة العربية ط 1995 ص 7

[4] –  عبد الحميد الأحدب موسوعة التحكيم الدولي، الجزء الثاني مطبعة دار المعارف ط 1998 ص 4

[5] – مثل التشريع الفرنسي ، والقانون المصري .

[6] –  أحمد عبد الكريم سلامة المرجع السابق ص 88.

[7] – ذ- أبو زيد رضوان- الأسس العامة في التحكيم  التجاري الدولي، دار الفكر العربي للنشر(بدون طبعة) ص 51.

[8] – د- أحمد عبد الكريم سلامة- مرجع سابق ص 90.

[9] – د-  أبو زيد رضوان، المرجع السابق. ص 53 .

[10] – عبد الله درميش الرسالة السابقة ص 54 وما بعدها .

[11] – منير عبد الحميد. الأسس العامة للتحكيم الدولي والداخلي منشاة المعارف الإسكندرية 2000 (بدون طبعة) ص 47.

[12] – أحمد عبد الكريم ،م.س، ص 85-89.

[13] – أحمد يوسف خلاوي. www. Salair.org/resource

[14] –  أحمد يوسف … مرجع سابق (انترنت)

[15] – حمزة حداد . www.google.com

[16] – بوبكر بودر معيار التفرقة بين التحكيم التجاري الدولي والتحكيم التجاري الوطني مقال منشور بندوة العمل القضائي والتحكيم التجاري 2004.

[17] – احمد عبد الكريم سلامة، مرجع سابق ص 92-93.

[18] – بوبكر بوردي، مرجع سلبق، ص 14

[19] – عبد الحميد الاحدب ، مرجع سابق ص 12-13

[20] – احمد عبد الكريم سلامة ، مرجع سلبق. ص 100-101

[21] – منير المجيد التنظيم القانوني للتحكيم الدولي والداخلي في تطور الفقه وفضاء التحكيم، منشاة المعارف ط 1997 ص 29.

[22] – أبو زيد رضوان، مرجع سابق، ص 73.

[23] – أحمد عبد الكريم سلامة، مرجع سابق ص 95-97.

[24] –  عبد المجيد الأحدب، مرجع سابق. ص 19-20.

[25] – أحمد عبد الكريم سلامة ، مرجع سابق،ـ ص 100-109.

[26] –  j . m. jaquet et g. delebeque : droit du commerce international . paris , dolloz 1997 no 475 323.

[27] – أحمد عبد الكريم سلامة، مرجع سابق ص 85-86.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى