في الواجهةمقالات قانونية

ملخص كتاب الدستور والديمقراطية من اعداد الباحث علي عدناسي

 

ملخص كتاب الدستور والديمقراطية

The Constitution and Democracy book Summary

علي عدناسي

باحث في سلك الدكتوراه، جامعة إبن طفيل(المغرب)

 

الملخص:

إشكالية في غاية من الأهمية، تلقي الضوء على حالات الانحسار والضبابية والغموض التي تلُف الوثيقة الدستورية والصعوبات التي تعترض قراءاتها وتأويلها وتنزيلها على أرض الواقع. وهذا ملخص لما جاء به الكتاب والأطروحة المركزية التي يدافع عنها، معتمدا مقاربة منهجية تربط الوثيقة بالسياق السياسي والاجتماعي الذي أنتجها، وما يعرفه من تقاطبات وتجاذبات واختلافات، متلمسا حضورها في الوثيقة، كما تربطها بالسياق النصي، أي بالدساتير السابقة، لقياس درجات القطيعة والاستمرار.

الكلمات المفتاحية:

الوثيقة الدستورية- التأويل الديمقراطي- الفاعلون الأساسيون- سمو الدستور-التوثرات المهيكلة.

 

Abstract :

An extremely problematic ,highlighting recession and ambiguity of the constitution and and the difficulties in reading ,interpreting and implementtation of it.

And this is book summary which shows the central thesis it defends adopting a systematic approach that links the constitution to the political and social context that produced it and the polarities,tensions and differences it knows. Pleading its presence in the constitution as will as to the textual context,to measure the degrees of rupture and continuity with the previous constitutions.

Keywords :

Constitution – Democratic interpretation – Main actors – The supremacy of the constitution – Structured tensions.

 

ورقة تقنية:

طبع بمساهمة جامعة الحسن الأول بسطات، كتاب قيم للأستاذ الدكتور حسن طارق، تحت عنوان: “الدستور والديموقراطية: قراءة في التوترات المهيكلة لوثيقة 2011”. كتاب من الحجم المتوسط، يتناول على امتداد 154 صفحة، مقسمة على مقدمة وخمسة فصول،

 

عنوان الكتاب

 

 

الدستور و الديمقراطية : قراءة في التوترات المهيكلة لوثيقة 2011

 

المؤلف

 

 

الدكتور حسن طارق

 

الطبعة

 

 

الأولى

 

سنة الطبع

 

 

2013

 

الطبع

 

 

طوب بريس – الرباط

 

النشر

 

 

منشورات سلسلة الحوار العمومي /4

 

بلد النشر

 

 

المغرب

 

المؤلف:

         أستاذ القانون العام و العلوم السياسية بكلية الحقوق محمد الخامس الرباط

         نائب برلماني عضو لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب سابقا

         مدير المجلة المغربية للسياسات العمومية

         سفير المملكة المغربية بالجمهورية التونسية

صدر له العديد من المؤلفات، منها :

         اليسار و أسئلة التحول “، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى. 2006 – الرباط.

         الشباب، السياسة و الإنتقال الديمقراطي” دار القلم الطبعة الأولى 2007 – الرباط.

         ” المجتمع المغربي وسؤال المواطنة والديمقراطية والسياسة” – منشورات فكر 2010.

         في السياسة المغربية : مواقف ومحكيات” منشورات سلسلة  الحوار العمومي 2011- الرباط

         الدستور المغربي بين السلطوية و الديمقراطية”منشورات سلسلة الحوار العمومي 2011- الرباط

         مؤلف مشترك مع ذ. عبد العلي حامي الدين.

         ” السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد ” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية. سلسلة مؤلفات جامعية سنة 2012.

 

أشرف على العديد من التقارير و المؤلفات الجماعية منها :

         ” الليبرالية في المغرب بين الفكر و السياسة و الإقتصاد” منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية. أكتوبر2009.

         “المغرب الإجتماعي 2008-2009” منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية 2009

         ” المجلس الإقتصادي و الإجتماعي : النمودج المغربي” منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية 2010.

         ” الحالة الإجتماعية 2010-2009″ منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية 2010.

         ” الحالة الإجتماعية 2011-2010″ منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية 2011.

” دستور حقوق الإنسان ” منشورات المجلة المغربية للسياسات العمومية  و اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرباط –القنيطرة 2013. 

1.      المقدمة

يشير الكاتب إلى أن التجربة الدستورية الحالية تتسم بتضخم الحديث عن التأويل، الذي هيمن على الخطاب بمختلف مستوياته وهذا دليل على محدودية النص الدستوري، وقصوره بإعتماده على قراءة الفاعلين السياسيين. مما يجعله رهينة للحياة السياسية،وفي هذا خطر على فكرة “الدستور” وقاعدتها الجوهرية المتمثلة في “السمو”.

ومن خلال فحصه للوثيقة الدستورية يطرح جملة من “التوترات” المهيكلة من حيث درجة التعايش أو التنازع:

o       المنطقين الرئاسي والبرلماني داخل هندسة توزيع السلط. 

o       النمطين التمثيلي والتشاركي داخل تصور فكرة الديموقراطية.

o       مرجعيتي الهوية والمواطنة داخل البناء القيمي.

o       إشكاليتي السمو والازدواجية، وهذا توتر مزمن في كل الدستورانية المغربية.

وتتحدد زاوية القراءة التي يقترحها الكتاب للوثيقة الدستورية في إبراز هذه التوترات ورصد آثارها السياسية. من هنا تتضح مرحليا دلالة العنوان الفرعي للكتاب، الذي يعتبر التوترات هي الفاعل الأساس المتحكم في إنتاج الوثيقة، وما مدى مساهمة كل توتر من هذه التوترات؟

2.      الفصل الأول: التوتر المزمن

يرصد الفصل الأول التوتر الأساس الذي طبع الدستورانية المغربية في مجملها والمتمثلة في إشكالية الازدواجية والسمو، من خلال مباحث ثلاثة: 

يتساءل المبحث الأول عن إشكالية الازدواجية والسمو، ويستعرض آراء الباحثين في القانون الدستوري، والتي تلتقي جميعها في التأكيد على وجود الازدواجية متمثلة في:

§        التمييز بين “الشرعية الدستورية” وبين “المشروعية الدستورية” (ميشيل كيبال)

§        التمييز بين طبقات ثلاث:  “الكتلة الشرعية” /”الكتلة الديموقراطية” / وطبقة ثالثة غير مستقرة، وتتعلق بالمؤسسات، وبعلاقات البرلمان مع الحكومة، وبالسلطة التنظيمية ( مصطفى السحيمي)

§        التمييز بين النظام الشكلي التقني، وبين النظام الأساسي الجوهري غير المدون والمتمثل في إيديولوجيا الشرعية (خالد الناصري).

§        التمييز بين النظام الخليفي ذي الحصانة المطلقة، وبين تقنيات القانون الدستوري الغربي (عبد اللطيف أكنوش)

§        التمييز بين الحقل الشرعي الديني، وبين الحقل الدستوري (عبد اللطيف المنوني)

§        التمييز بين طبقة سامية تهم أمير المؤمنين، وبين طبقة ثانية تهم الملك الدستوري وأجهزته الدستورية (محمد معتصم)

§        التمييز بين دستور صريح، وبين دستور ضمني يفصل بين السلط بشكل يتماشى مع المفهوم الملكي للملكية الدستورية. (رقية المصدق)

داخل هذا السياق الفقهي القائم على التقابل بين تحققين للدستور في الدستورانية المغربية،  يطرح السؤال حول السؤال الذي قدمه دستور 2011 للإشكاليتين، خاصة من خلال تصوره لتدبير العلاقة بين “أمير المؤمنين” و “رئيس الدولة”.

يتطرق المبحث الثاني لدراسة العلاقة بين أمير المؤمنين وبين رئيس الدولة، وينطلق من الفصل بين الصلاحيات الدينية لأمير المؤمنين وبين المهام السيادية والضمانية والتحكيمية ذات الطبيعة السياسية، وهذا اعتراف بوجود فضائين متمايزين ومتوازيين: السياسي والديني من خلال الفصلين 41 و 42، مما يدعو إلى طرح السؤال عن مدى الإنتقال من حالة التقسيم الأفقي التراتبي بين الوظيفتين الدينية والسياسية إلى حالة دستورية جديدة تقوم على التقسيم العمودي؟ يقود هذا الفصل إلى طرح سؤال جوهر يحول ما إذا كانت الحياة السياسية، بعد وثيقة 2011، ستعيد إنتاج حالات الاستعمال السياسي لصفة إمارة المؤمنين، سواء كانخراط في الحقل السياسي تحترم الشرعية الدستورية بدون أبعاد دينية، أو كآلية لشرعنة سمو المؤسسة الملكية، أو كوظيفة دينية في مواجهة منافسين من نفس المرجعية؟ ومن شأن الجواب على هذا السؤال أن يقيم تمييزا واضحا بين الفضاء السياسي والفضاء الديني.

ويقود التحليل إلى التساؤل خول ما إذا كان الفصل بين الديني والسياسي يشكل عودة إلى الرؤية الدنيوية للحكم والسياسة لما بعد الاستقلال، وإلى غاية السبعينات. بالرغم من الإقرار بأهمية الفصل بين الوظائف الدينية والوظائف السياسية للملك، يظل الاختلاف قائما بين الباحثين.

وفي أنتظار أن تجيب الممارسات القادمة عن هذا السؤال يسجل الكاتب إستمرار الحقل الديني الرسمي في إنتاج خطاب ديني/ سياسي لا علاقة له بسمو الدستور كميثاق وضعي.

يرصد المبحث الثالث تجليات الخطاب “الرسمي” الذي يمارس الازدواجية، ويؤكد على سمو حقل إمارة المؤمنين، ويعيد إنتاج نفس المقولات حول بناء الشرعية الدينية  للدولة.

ويركز هذا الخطاب – فضلا عن الثوابت الجامعة ( الإسلام، الوحدة الوطنية، الملكية الدستورية، الاختيار الديموقراطي) – على ثوابت خاصة بالمملكة المغربية: (إمارة المؤمنين – المذهب المالكي في الفقه – طريقة الجُنيد في التصوف – المذهب الأشعري في العقيدة)، إلى جانب هذه الازدواجية التي يكرسها، بين الثوابت الدينية والثوابت الدستورية، يستمر القول بازدواجية موازية بين البيعة وبين الدستور، كما تتضح محدودية تأثير الفصل بين المجالين السياسي والديني في وثيقة 2011 لعلاقته مع إشكاليتي السمو والازدواجية. ويستمر التوتر الأول قائما.

3.      الفصل الثاني: التوثر داخل السلطة التنفيذية

يتعرض الفصل الثاني للتوثر الموجود داخل السلطة التنفيذية بين الدستور الرئاسي والدستور البرلماني. إذ انتقل النقاش العمومي حول المسألة الدستورية من العلاقة بين البرلمان والحكومة إلى العلاقة داخل السلطة التنفيذية نفسها، من خلال توزيع الصلاحيات بين الملكية والحكومة. لنتابع التوزيع الجديد الذي جاءت به وثيقة 2011 بين سلطات المؤسسة الملكية وبين المؤسسات المنبثقة من الاقتراع العام: الحكومة والبرلمان، من خلال مباحث ثلاثة:

يتطرق المبحث الأول إلى الدستور الرئاسي، وتجلياته:

باستمرارية سمو المؤسسة الملكية من خلال سلط الملك كرئيس للدولة، وعلاقته بباقي السلط ومراكمة العديد من الرئاسات.

والإشراف على السلطة التنفيذية واستمرار تبعية الوزراء ومحدوديتهم في اتخاذ القرارات، بحيث تظل سلطة الحكومة داخل المجلس، استشارية فقط على اعتبار أن أهمية المجلس الوزاري تتجلى في أهمية القضايا التي يتم التداول في شأنها داخل هذا المجلس، وأيضا من خلال التراتبية في علاقة المجلس الوزاري بالمجلس الحكومي وكون الخطاب المواكب لدستور 2011 قد عزز دور رئيس الحكومة، والمسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان، فإن مضمون الدستور لم يقطع بشكل نهائي مع تبعية الوزراء للسلطة الملكية.

يتناول المبحث الثاني مظاهر نزوع الدستور نحو ملكية برلمانية ثنائية، بتقوية المؤسسة البرلمانية حيث يستعيد البرلمان وظيفة الممثل الأسمى للأمة، وتخويل السيادة للأمة التي تمارسها مباشرة بواسطة الاستفتاء أو بصفة غير مباشرة بواسطة نوابها، وليس بواسطة المؤسسات الدستورية حسب الدساتير السابقة كما يحتفظ بترتيبه مباشرة بعد باب الملكية، مع تسمية جديدة “السلطة التشريعية”.

وانتقلت وضعية الحكومة في علاقتها مع البرلمان من لحظة المسؤولية شبه الأحادية أمام الملك، إلى مسؤولية مزدوجة أمام الملك والبرلمان، إلى لحظة التنصيب البرلماني. أي أن الحكومة أصبحت مسؤولة حصريا أمام مجلس النواب.

وتجسدت تقوية مؤسسة الحكومة وتعزيز استقلاليتها عبر:

 ربط القرار الملكي في التعيين بالمسار الانتخابي، تأليفا وتعيينا. ولعل عدم الإمكانية الدستورية لإقالة الملك لرئيس الحكومة أبرز مظهر من مظاهر النزوع البرلماني للدستور.

يطرح المبحث الثالث أسئلة جوهرية ترصد مظاهر التوثر داخل السلطة التنفيذية كأثر مباشر لهندسة دستورية “شبه رئاسية بنزوع برلماني”.

فأي موقع للملك بالنسبة للسلطة التنفيذية؟ يطرح هذا السؤال من اختلاف القراءة بين الباحثين حول تخصيص الدستور لباب منفرد للحديث عن السلطة التنفيذية مع غياب واضح للمؤسسة الملكية.

 غير أن قراءة اختصاصات وصلاحيات المؤسستين على ضوء مقتضيات الوثيقة تؤكد أن الملكية والحكومة تتقاسمان مجال السلطة التنفيذية. وهنا يطرح السؤال حول التقسيم. تراتبية أم تعايش؟

بغض النظر عن الاختلاف بين الفاعلين السياسيين والباحثين والمهتمين حول التعايش أو التراتبية، يقترح الكاتب ما وصفه ب”التعايش المراقَب”، لأن سمو الملكية يجعل اقتسام السلطة التنفيذية لا يحيل على توازن الصلاحيات، ولا يخفي البعد التراتبي في العلاقة.إذ تعود الكلمة في النهاية إلى المؤسسة الملكية.

بالرغم من الوضوح في تحديد المجال المحفوظ للمؤسسة الملكية، والمجال الحصري للحكومة، يطرح دستور 2011 جملة من الصلاحيات تدخل في المجال المشترك، وتكرس فعليا طابع تقاسم ميدان السلطة التنفيذية بين المؤسسة الملكية والحكومة، ويتحدد هذا التداخل عبر امتلاك الحكومة لحق التداول والاقتراح، واحتفاظ المجلس الوزاري بالكلمة النهائية وبسلطة البث والقرار. غير أن الممارسة تحفل بالعديد من مظاهر الالتباس.

ينتهي المبحث الثالث إلى التساؤل عن إمكانية حلول الملك محل الحكومة في صلاحياتها، وذلك من خلال:

تزايد نفوذ مستشاري الملك مما يطرح السؤال حول موقعهم كامتداد للملك، إذ يعتبرها البعض حكومة ظل تتوفر على السلطة الحقيقية وتتولى مراقبة العمل الحكومي، مما يطرح قضية المسؤولية الحقيقية للحكومة.

واستمرار جلسات العمل الملكية كإحدى صيغ المساهمة المباشرة في صناعة السياسة العامة، والتي تطرح قراراتها إشكالية الانسجام مع الدستور المغربي، أو عما إذا كانت هذه المبادرات تمثل إحياء للعرف المخول للملك سلطة تقديرية عامة تتعدى التنصيص الصريح وتمنحه حق التدخل المباشر.

 

4.      الفصل الثالث: التوتر بين شرعيتي “التمثيل/ الاستشارة”

يتناول الفصل الثالث بالتحليل التوثر القائم بين هيئات الحكامة الجيدة وبين البرلمان، ويموقعه ضمن التوترات المهيكلة لدستور 2011. فإذا كان النظام الداخلي للبرلمان، في صيغته الأولى، يعتبر مؤسسات الحكامة شبيهة بالمؤسسات والمقاولات العمومية، ينبغي أن تخضع للرقابة البرلمانية، فإن المجلس الدستوري يقر عدم دستورية هذا المقتضى انطلاقا من مبدأ الاستقلالية. لنتبع هذا التوتر من خلال ثلاثة مباحث:

في المبحث الأول يتم الحديث عن حضور هيئات الحكامة والمؤسسات الوطنية في الحوار العمومي قبل 2011

حيث لم تكن مسألة دسترة المؤسسات الوطنية والمجالس الاستشارية ذات أولوية لدى الأحزاب السياسية سابقا وبعد خطاب  9مارس الداعي إلى دسترة هيئات الحكامة وحقوق الإنسان وحماية الحريات، سيفتح المجال أمامإلأأأ اقتراحات تتعلق بدسترة بعض الهيئات الموجودة أو إحداث هيئات جديدة، أعطت الأحزاب ومنطمات المجتمع المدني حيزا مهما في مطالبها لهذه الهيئات.

يتطرق المبحث الثاني للهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة داخل الدستور المغربي ووزعت الوثيقة الدستورية الهيئات والمؤسسات الدستورية إلى ثلاث مجموعات:

·        هيئات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها.

·        هيئات الحكامة والتقنين.

·        هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديموقراطية التشاركية.

يعتبر الدستور الهيئات المكلفة بالحكامة مستقلة، تستفيد من دعم الدولة، مع إمكان إحداث هيئات إضافية للضبط والحكامة بقانون. كما أعطى للمشرع وضع قوانين للتأليف والصلاحيات والتنظيم وقواعد السير.

وأمام هذا التضخم المؤسسي، وإشكالية تمفصل المؤسسات مع السلطة التنفيذية، والمضمون الإيديولوجي لمقولة الحكامة، يقدم الكاتب مجموعة من الملاحظات:

·        الانتقال من طابع المشورة التقليدية الموجهة إلى المؤسسة الملكية إلى صيغة “الاستشارة الحديثة” الموجهة إلى كل من الحكومة والبرلمان.

·        توصيف كل الفئات الثلاث (حقوقية، تقنينية، استشارية) بالاستقلالية يطرح إشكالية التمييز بين  المؤسسات التي:

 تعتبر الاستقلالية جزءا من هويتها وطبيعتها ( المؤسسات الوطنية)، أو مكونا جوهريا ووظيفيا (هيئات الضبط والتقنين)، وبين المؤسسات التي يقتصر دورها على الاستشارة، وبالتالي فاستقلاليتها ليست مكونا جوهريا وغير مقنع.

يتطرق المبحث الثالث إلى مضمون وحدود استقلالية المؤسسات الوطنية ومبدأ خضوعها للمساءلة بإعتبارها مساحة إضافية للمشاركة المواطنة، لا تستمد شرعيتها من الخطاطة التقليدية للأنظمة، وبعيدتا عن التقاطبات السياسية: أغلبية/ معارضة.كما

تتميز بحرية التصرف بشكل مستقل عن الحكومة والأحزاب السياسية وباقي الهيئات والكيانات الأخرى، ولا يعني هذا انتفاء أي رابط مع الدولة، ويمكن تدقيق مفهوم الاستقلالية في أربعة عناصر:

·        الاستقلال القانوني والتنفيذي.

·        الاستقلال المالي.

·        الاستقلال في إجراءات التعيين والإقالة.

·        خضوع العضوية إلى التعددية الاجتماعية والسياسية.

يتطرق المبحث الرابع للعلاقة بين البرلمانات والمؤسسات الوطنية داخل المرجعيات الدولية والتجارب المقارنة:

تعتبر المؤسسات الوطنية، العاملة في مجالات حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وحماية المال العام ومجالس الحسابات امتدادا للرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية، التي تتكرس كلما كانت خاضعة للمساءلة أمام البرلمان.

واستقلالية هذه المؤسسات مشروط بتوفرها على الهياكل الأساسية لسلامة سير أنشطتها وخاصة الموارد المالية، وبتوفرها على سلطات تسمح بإقامة علاقات تعاون فعال مع المجتمع المدني، والتيارات الفكرية، والجامعات، والبرلمان والإدارات الحكومية.

يتناول المبحث الخامس الهيئات المكلفة بالحكامة الجيدة داخل النظام الأساسي لمجلس النواب، وموقف المجلس الدستوري.

من جملة التحديات التي طرحت على النظام الداخلي لمجلس النواب تدقيق العلاقة بينه وبين مؤسسات وهيئات الحكامة، جعلته يدرج بابا جديدا، يشمل مادتين. 82و83.

لكن المجلس المجلس الدستوري إعتبر أن ما تضمنته المادة 82 من وجوب تقديم المؤسسات والهيئات المذكورة لتقرير سنوي عن أعمالها، يناقش داخل اللجان المختصة بحضور رؤسائها مخالفا للدستور. وهنا يقدم الكاتب بعض الملاحظات:

·        منع المجلس الدستوري المسؤولين عن هيئات الحكامة من الحضور والإسهام في مناقشة التقارير نوع من التحصين ضد المساءلة.

·        قراءة القاضي الدستوري لكلمة البرلمان بمعنى مجلسي البرلمان مجتمعيْن يطاله نوع من عيب التأويل، ولا يستقيم منطقيا مع منطوق عدد كبير من الفصول.

·        توسع المجلس في تأويل الاستقلالية من استقلالية تجاه السلطة التنفيذية إلى ما يكاد يكون استقلالا عن البرلمان.

يختتم هذا الفصل بمبحث سادس يقدم ملاحظات عامة حول العلاقة بين البرلمان وهيئات الحكامة.

يشير الكاتب إلى أن إنسجام البناء الدستوري المغربي في ربطه للاستقلالية مع المساءلة يعود للمرجعيات الدولية والتجارب المقارنة،

وتدبير علاقة برلمان/ هيئات وتكييف الأنظمة والفاعلين مع الأبعاد الجديدة لهذه العلاقة. لتظل هيئات الحكامة، من خلال اقتراحاتها أو مذكراتها متمسكة بتصور متقدم للعلاقة مع البرلمان. مع تقنين علاقة مؤسسية على قاعدة المسؤولية.كما لا ينبغي أن تخفي المعالجة القانونية العمق السياسي والتدافع بين شرعية الاقتراع وشرعية “الاستشارة”.

5.      الفصل الرابع:توثر المرجعيات

يغوص الفصل الرابع في الإشكالية المرجعية، لمعالجة التوتر القائم بين هاجسي الهوية والمواطنة، وبين هاجسي الانتقال من رهان السلطة والمؤسسات إلى هاجس المواطنة والحقوق:

حيث يعالج المبحث الأول مسألة الهوية وحقوق الإنسان في الحوار العمومي، من خلال مطلبين:

إذ أكد الكاتب أن خطاب 9 مارس كان سببا مباشرا لتحتل مسألة الهوية موقعا أساسيا في الحوار العمومي، وذلك من خلال تركيزه على الطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها والإهتمام بقضايا حقوق الإنسان. إلا أن  المشهد السياسي عاش تقاطبا أثناء الصياغة الأخيرة للدستور الجديد، خاصة على مستوى حرية العقيدة والتنصيص على إسلامية الدولة.

يتناول المبحث الثاني مسألة الهوية وحقوق الإنسان في دستور 2011، من خلال مطلبين:

يأكد الكاتب بأن دستور 2011 يعيد تعريف الهوية الوطنية بالتأكيد على إسلامية الدولة، والإقرار بالوحدة الوطنية، والاعتراف بغنى الهوية الوطنية، والتشبت بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح..وتحتل مقولة حقوق الإنسان موقعا مركزيا في كل الوثيقة، بالالتزام يالمواثيق الدولية، ومراعاة الطابع الكوني للحقوق، والتأسيس لملاءمة الاتفاقيات مع التشريعات، التي ستصبح من بين أولويات العمل التشريعي، والاستجابة لمطالب الحركة الحقوقية، وتبني مقاربة النوع الاجتماعي.

يعود المبحث الثالث ليسائل المرجعية الحقوقية وخصوصية الهوية، من خلال مطلبين:

يثني الكاتب على المراجعة العميقة للممارسة الاتفاقية وللفاعلين المساهمين فيها، وإلتزام المغرب بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، والتشبت بحقوق الإنسان الكونية، وسمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية، من خلال دستور2011.

لكن تظل الإشكالية الأعمق محكومة بتوثر معياري/ قيمي بين كونية المرجعية الحقوقية وخصوصية الهوية والثوابت.

ويُرجع الكاتب استمرار هذا التوتر إلى عدم الحسم في المرجعية التي ستأطر المجتمع، وهذا ما يؤدي في النهاية إلى استمرار الالتباس والغموض القائم على منطق التراضي، وغياب المشروع المجتمعي المغربي.

6.      الفصل الخامس: بين النص وتوثرات الممارسة والتأويل

ينطلق الفصل الخامس مما أسماه الكاتب ” بفرضية الموت البطيء للفكرة البرلمانية” من حضورها المركزي في الحوار العمومي وحضورها الباهت والمتقدم في الوثيقة، من خلال مبحثين:

يتناول المبحث الأول الفكرة البرلمانية في الدستور من السياق إلى النص، عبر زاويتين:

مركزية مفهوم الملكية البرلمانية حولت وجهة الإصلاح من علاقة الحكومة بالبرلمان إلى توزيع الصلاحيات داخل السلطة التنفيذية.

في مقابل هذا كان حضور الفكرة البرلمانية متواضعا في دستور 2011. إذ أتت مصاحبة لأوصاف أخرى لنظام الحكم، كنظام ملكية دستورية، ديموقراطية، برلمانية، اجتماعية.

وبالرغم من تعزيز مظاهر النزوع البرلماني من خلال تقوية المؤسسة البرلمانية، فإن هذه المظاهر تظل متواضعة أمام المعالم شبه الرئاسية للنظام الدستوري. إذ تنحصر الفكرة البرلمانية في مستوى العلاقة حكومة/برلمان في مقابل حضور البعد الرئاسي في تدبير العلاقة بين الملك وباقي السلط.

يرصد المبحث الثاني الفكرة البرلمانية بين الخطاب السياسي والتأويل الدستوري، من زاويتين:

يستبطن الخطاب السياسي المنطق الرئاسي لما قبل دستور 2011، حيث يتم تشغيل مقولة “التوافق”، والبحث عن “الثقة”، أوباللجوء إلى التحكيم الملكي من أحد الفاعلين الحزبيين في تدبير الأغلبية الحكومية. ونزوع المجلس الدستوري إلى التأويل الرئاسي للدستور، الذي ينبني على عقيدة اجتهادية مغالية في تقييد وعقلنة البرلمان، وقد يتحول إلى مدافع عن تقييد وعقلنة الحكومة مقابل الصلاحيات الملكية.

يتناول المبحث الثالث الفكرة البرلمانية على ضوء الممارسة واستراتيجيات الفاعلين، وتتوزع استراتيجيات الفاعلين في التعامل مع الوثيقة الدستورية بين:

§        الاستثمار الأقصى لفرص وإمكانيات القراءة الرئاسية من طرف المؤسسة الملكية.

§        استراتيجية الحكومة المبنية على الثقة والتنازل عن صلاحياتها، مما سيؤدي إلى إضعاف النفس البرلماني، سواء على مستوى مرحلة تدبير التأسيس، أو مستوى تدبير الصلاحيات المستقلة، أو تدبير الصلاحيات المشتركة.

يخلص الكاتب إلى أن الدستور الجديد والمتقدم، مقارنة مع التجارب السابقة، يظل محكوما في تطبيقه وتفعيله وتأويله بثقافة سياسية تقليدية، لا تحترم الشرعية الدستورية كقاعدة سائدة، وتخلق التباعد بين الحياة الدستورية والواقع السياسي. والنتيجة أن تظل الدولة أقوى من الدستور، وأن تبقى الحكومة أضعف من الدستور. وبالتالي يظل التأويل محكوما بموازين القوى وتدبير التوثرات.

كانت هذه قراءة للكتاب القيم لأستاذنا الدكتور حسن طارق “الدستور والديموقراطية: قراءة في التوثرات المهيكلة لوثيقة 2011”.حاولت أن أكون وفيا قدر ما استطعت لمضامينه وتحليلاته ومعجمه، وأرجو أن أكون قد وفقت في مسعاي.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى