في الواجهةمقالات قانونية

نظام الوفاء الإلكتروني بين النص القانوني والواقع العملي – نضامة خالد

 

نظام الوفاء الإلكتروني بين النص القانوني والواقع العملي

من اعداد الطالب: نضامة خالد

طالب باحث في ماستر قانون الأعمال

بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية

مقدمة

يعد ركن الثمن، ركنا جوهريا في مختلف العقود ولا سيما عقد البيع، بحيث يلتزم المشتري بدفعه للبائع نظير حصوله على محل العقد وبلوغ مقاصده فيه، والوفاء بالثمن كان يدفع على شكل نقود أي معادن أو أوراق نقدية، لكن بفضل تطور العلم والتكنولوجيا وتطور قطاع المال والأعمال وتغيرّ نمط البيع والشراء من بيع تقليدي إلى بيع إلكتروني، أو ما يسمى بالتجارة الإلكترونية، فأصبح يتم الوفاء بالثمن بواسطة أوراق مالية وأخرى إلكترونية، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الان الوفاء الإلكتروني…. لذا فالوسائل التقليدية للوفاء بالثمن لم تعد صالحة أو بمعنى أخر لم تعد ناجعة لتنفيذ هذا الالتزام في البيع، وهذا ما أدى إلى ابتكار هذه الوسيلة الجديدة الوفاءالإلكتروني التي تتفق مع طبيعة التجارة الإلكترونية، بهدف تسهيل المعاملات التجارية وخوصا فيما يتعلق التجارة الإلكترونية.

كما أن الوفاء الإلكتروني له أهمية كبيرة في المؤسسات المالية حيث أضحت عملية الوفاء الإلكتروني تمارسها مئات الأبناك وتعمل بها أضخم المحلات التجارية وكبريات الشريكات، كشركة الطيران والنقل والفنادق…. إلخ، في جميع أنحاء العالم.

في ظل هذا التقدم التكنولوجي ظهرت أشكال جديدة من المعاملات الإلكترونية بشكل عام، وبصفة خاصة في المجال التجاري، كان لهذا الأخير أكثر الميادين المتأثرة بهذا التطور، مع ظهور التجارة الإلكترونية أصبحت الوسائل التقليدية لا تفي بالغرض المطلوب فيما يخص الإلتزامات المترتبة في عقد البيع، هو التزام بتسليم المبيع عند تنفيذ عقد البيع من قبل المورد أو البائع، والتزام بالوفاء بالثمن من قبل المشتري، فالوسائل التقليدية أصبحت عاجزة على مواكبة التطور الحاصل في المعاملات التجارية، كما أن هذه الوسائل المادية أصبحت تعرقل التعامل الذي يتم في بيئة افتراضية ” كعقود البيع الإلكترونية المبرمة على شبكة الانترنت في إطار التجارة الالكترونية”.

لذا كانت الأهمية والحاجة في ابتكار أسلوب لسداد الديون يتفق مع الطبيعة التجارية الإلكترونية وهو الدفع الإلكتروني، الذي يتلاءم مع البيع المبرم على الأنترنت.

من هذا المنطلق تثار اشكالية عريضة بخصوص هذا الموضوع:

إلى أي حد توفق المشرع المغربي في سد الفراغ التشريعي لإضفاء الصبغة الشرعية والقانونية على الوفاء الإلكتروني وحمايته من خلال القواعد القانونية المنصوص عليها في مدونة التجارة والقانون المتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان والهيئات المعبرة في حكمها على حد سواء؟

  • هذه الإشكالية تتفرع عنها عدة تساؤلات أهمها:
  • ما المقصود بالوفاء الالكتروني وما طبيعته القانونية؟
  • ما الخصائص المميزة للوفاء الالكتروني عن الوفاء التقليدي؟ وأين تتجلى أهميته؟
  • وما المشاكل التي تعرقل عملية الوفاء الالكتروني؟

المبحث الأول: خصوصية الوفاء الالكتروني

المطلب الأول: ماهية الوفاء الالكتروني وخصائصه

تعتبر مسألة تحديد المفاهيم من اختصاص الفقه، إلا أن بعض التشريعات حاولت ملامسة التعريف لهذا المفهوم ارتأينا أن نفرد لها هذا المطلب من خلال بيان مختلف التوجهات الفقهية والتشريعية والقضائية، التي تناولت الموضوع الوفاء الإلكتروني، لذا سنخصص الفقرة الأول التعريف الفقهي للوفاء الإلكتروني، تم الفقرة الثانية سنتحدث فيها عن التعريف التشريعي والقضائي للوفاء الإلكتروني.

الفقرة الأولى: التوجهات الفقهية في تحديد الوفاء الإلكتروني

الحديث عن ماهية الشيء يستلزم بطبيعة الحال البحث في تعريفه، وخصائصه وأهميته ومشاكله وما شابه ذلك.

يقصد بمفهوم الشيء تحديد دلالاته من مختلف مناحيه التي تجاذبه سواء في تأصيله اللغوي، أو في تشعباته القانونية، ولعل مفهوم الوفاء الإلكتروني من أكثر المفاهيم تعقيدا، نظرا لحداثة استعماله، وتعدد مدخلاته.

يقصد بالوفاء لذى فقهاء القانون قيام المدين بتنفيذ الالتزام الذي رتبه على نفسه، وذلك عن طريق أداء محل هذا الالتزام[1]، كالتزام المستأجر بأداء وجيبة الكراء نظير انتفاعه بالعين المكراة، والمشتري بأداء ثمن المبيع، وغير ذلك من الالتزامات المتقابلة[2].

أما الوفاء الإلكتروني فقد عرفه الفقيهان الفرنسيان “كودول” و “بيرتراند” بأنه: “أداء لمبلغ من المال مقابل الحصول على سلعة أو خدمة باستعمال آليات الكترونية[3].

في نفس السياق عرف الفقيه “بويلهول” تعريف للدفع الإلكتروني بكونه “استعمال الوسائل ذات الطبيعة الإلكترونية في أداء مقابل الخدمات”[4].

باستقرائنا وتحليلنا لهدين التعرفين نلاحظ تم تركزهما على الوسيلة المستعملة في الوفاء التي بالضرورة يجب أن تتميز بالخاصية الإلكترونية، ولم يمنح الأهمية لطرفي العلاقة القانونية من حيث تواجدهما بمجلس التعاقد من عدمه، وهو ما تم تكريسه من خلال التعاريف التي تبناها بعض الفقهاء القانون المدني، ومنها أن المقصود بالوفاء الإلكتروني ” مجموعة الأدوات والتحويلات الإلكترونية التي تصدرها المصارف والمؤسسات كوسيلة دفع، وتتمثل في البطاقات المصرفية والنقود الإلكترونية والبطاقات الذكية التي تستعمل في تسوية المعاملات المالية الكترونيا باستخدام أجهزة الحواسيب أو بشبكة الأنترنت وتقنيات الاتصالات الحديثة[5].

أمام التعريفات الواسعة للوفاء الإلكتروني وعدم توفيق بعض الفقه بالإلمام الكامل للمفهوم تبنى بعض الفقه التعريف الضيق لمفهوم الوفاء الالكتروني وتحيده في عملية تحويل مبلغ من المال باستعمال تقنيات الكترونية عن بعد ودون اللقاء المباشر المادي للأشخاص الطبيعية[6].

ومن خلال هذا التعريف الضيق فإن تواجد طرفي العلاقة القانونية[7]،ذات الطبيعة الإلكترونية بنفس المجلس بصفة مباشرة لا يطرح أي عائق حتي وإن كانت الوسيلة المستعملة في الوفاء ذا طبيعة الإلكترونية، لكون البعد المكاني بين الأطراف العلاقة هو الذي دفع الي إيجاد مثل هذه الوسائل خاصة في مجال التجارة الالكترونية التي تعتمد علي عرض السلع والخدمات وتنفيد الإلتزامات عبر وسائط تعتمد على التقنية الإلكترونية ورقمنة المتطورة.

الرأي الراجح في ما أعتقد كلا التعريفات سواء التي تبنت التعريف الواسع للوفاء الإلكتروني أو الضيق لأن لكل واحد وله منطلقاته وأسسه ومبرراته التي اعتمد عليها في صياغة التعريف، فإذا كان التعريف الضيق يرى أن الإشكال يكمن في طبيعة العقد، فإن التعريف الواسع يرجعه إلى الوسيلة المستعملة في الوفاء، وبتالي مفهوم الوفاء يحمل في طياته الأداء الذي يراد منه إنهاء الإلتزامات المالية الملقاة على أطراف العلاقة القانونية سواء كان حاضرين بمجلس العقد مباشرة أو من خلال الحضور افتراضي عبر الوسائط التقنية والإلكترونية الحديثة وذلك من خلال أي وسيلة ذات طابع إلكتروني.

الفقرة الثانية: التعريف التشريعي والقضائي للوفاء الإلكتروني.

سنخصص الحديث في هذه الفقرة أولا عن التوجهات التشريعية التي عملت على تحديد مفهوم الوفاء الإلكتروني، ثانيا سنحاول الحديث عن دور القضاء في تحديد الوفاء الالكتروني.

أولا: تعريف التشريعي الوفاء الإلكتروني

في ضل التطور الذي عرفه مجال الخدمات والتجارة بصفة عامة ومتطلبات التجارة الإلكترونية بصفة خاصة، فإن العديد من التشريعات عملت أو بادرت على تحيين منظوماتها وترسانتها القانونية، وذلك إما بوضع قواعد قانونية خاصة بالوفاء الإلكتروني، أو تغيير وتتميم المقتضيات المتعلقة بوسائل الوفاء التقليدية حتى وتواكب التطور وتتلاءم خصوصيات هذا النمط من التجارة التي يفرضها الواقع العملي قبل أن يفرضها النص القانوني.

بناء على هذا المنطلق ذهب المشرع الفرنسي للحديث عن مسألة الوفاء الإلكتروني بالمادة الرابعة من القانون المتعلق بنشاط ومراقبة مؤسسات الائتمان والتي جاء فيها بأنها “كل الوسائل التي تسمح لأشخاص بنقل أو تحويل الأموال أيا كانت الدعامة التي تقوم عليها هذه الوسيلة وأيا كانت الطريقة التقنية التي تعمل بها”[8]، وبهذا نجد المشرع الفرنسي قد تبنى مفهوما واسعا للوفاء الإلكتروني من خلال عدم حصر الوسائل المستعملة في الوفاء في وسيلة واحدة، إنما ترك المجال مفتوحا لما قد يفرزه لنا الواقع العملي والتقنيات الحديثة من تطورات على مستوى الأداء الإلكتروني، وفي نفس الوقت عمل على إصدار بعض القوانين التي تهدف وتعمل على حماية التعامل بوسائل الوفاء الأكثر انتشارا وتعزيز الثقة بها كما هو شأن بالنسبة لقانون الصادر بتاريخ 31 دجنبر 1991[9] الخاص بحماية الشيكات و بطاقات الأداء.

من التشريعات والقوانين الاوروبية التي تعتبر الرائدة و متميزة في مجال التنظيم القانوني الخاص بالتجارة الإلكترونية عامة والوفاء الإلكتروني على وجه الخصوص، نجد قانون دولة اللوكسومبورغ الذي عمل على تعريف الوفاء الإلكتروني من خلال تحديد الوظائف التي تتم عبر وسائله، وذلك حسب ما جاء في القانون الصادر في 14 غشت 2000 والمتعلق بالتجارة الإلكترونية والذي نص بمادته 64 الخاصة بالتعاريف على أنه تعتبر وسيلة وفاء الكترونية “كل نظام يسمح سواء بطريقة إلكترونية تامة أو جزئية بالقيام بتحويل أموال أو بإيداع وسحب نقود سائلة أو الولوج عن بعد للحساب وكذلك إعادة تعبئة أو تفريغ وسائل الأداء الإلكترونية القابلة للشحن”[10].

إلى جانب التوجهات اللاتينية، عملت التشريعات الانكلوسكسونية على إعادة ضبط ترسانتها القانونية وتحينها لكي تستجيب للواقع العملي ومتطلبات التجارة الإلكترونية ومنها المشرع الأمريكي الذي عرف الوفاء الإلكتروني بأنه “كل نقل للنقود كما هو الحال في العمليات التي ترد على الشيكات والأوراق التجارية عبر وسيط إلكتروني أو عن طريق الهاتف أو الحاسب الالي أو شريط ممغنط بهدف نقل الأمر من العميل إلى المؤسسة المالية حتى تقيده في الجانب الدائن أو المدين من حسابه”[11].

في هذا الجانب نجد المشرع الكندي لم يتطرق للوفاء الالكتروني بطريقة مباشرة إلا أنه قام إحداث بموجب القانون الصادر في 1 دجنبر1980 ما يسمى بمؤسسات الأداء التي تشتغل بواسطة نظام وطني يمكنها من إجراء عمليات المقاصة بين البنوك لمختلف التحويلات التي يقوم بها العملاء، وتعمل كذلك على تطوير وسائل الأداء تماشيا مع المستجدات التكنولوجية الإلكترونية، وهو ما تم تأكيده بموجب المادة الخامسة من القانون الصادر سنة 2001[12].

من بين التشريعات العربية التي حاولت السير على نفس المنوال الذي سلكه أو ما ذهبت عليه الأنظمة الأنكلوسكسونية واللاتينية، في ترميم مقتضياتها القانونية لمواكبة التطور الحاصل في مجال المال والأعمال.

كما عرفه المشرع الأردني في المادة 25 من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني بأنه “يعد تحويل الأموال بوسائل إلكترونية وسيلة مقبولة لإجراء الدفع، ولا يؤثر هذا القانون بأية صورة كانت على حقوق الأشخاص المقررة بمقتضى التشريعات ذات العلاقة نافذة المفعول”[13].

والمشرع التونسي اكتفى بتعريف وسيلة الدفع الإلكترونية في الفصل التاني من قانون التجارة الإلكترونية بأنّها: “الوسيلة التي تمكن صاحبها من القيام بعمليات الدفع المباشر عن بعد عبر الشبكات العمومية كالاتصالات”[14].أما قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية الإمارة دبي، فعرف الوفاء الإلكتروني بأنه:” قبول الرسوم أو أية مدفوعات أخرى في شكل إلكتروني”[15].

من خلال هذه التعاريف، يتبيّن لنا أنّ الوفاء الإلكتروني هو أداء ثمن سلعة أو خدمة، يتم عبر وسائط إلكترونية.

أما فيما يخص المشرع المغربي تخضع وسائل الوفاء الالكترونية في تنظيمها القانوني للقواعد العامة المنصوص عليها في مدونة التجارة، ذلك أن المشرع لم يضع لها نصوصا تنظيمية خاصة على غرار وسائل الوفاء التقليدية – الكمبيالة – والسند الأمر – والشيك، واستنادا على مقتضيات القسم الرابع من الكتاب الثالث المتعلق بالأوراق التجارية من المواد 329 إلى 333 من مدونة التجارة والذي جاء معنونا بوسائل الاداء الاخرى، فهذه العبارة العامة تجعل النصوص القانونية المندرجة في هذا القسم تشمل مختلف وسائل الوفاء سواء تلك المتعارف عليها اليوم أو التي ستظهر في المستقبل بما في ذلك الوسائل الإلكترونية، وهو ما يستشف من محتوى المادة 329 من مدونة التجارة، والتي نصت على ما يلي[16]: “تعتبر وسيلة أداء، وفق مقتضيات المادة الرابعة من الظهير الشريف رقم 147-93-1بتاريخ 15 من محرم 1414 ( 6 يوليو 1993) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات كل وســيلة تمكن كل شــخص من تــحويل أموال كيفما كانت الطريقة الائـتمان ومـراقبتها أو الخطة التقنية المستعملة لذلك.

في هذا السياق نجد المشرع المغربي تبني في تعريف المادة 6 من قانون 103.12 المتعلق بمؤسسات الاتمان والتي جاء فيا “تعتبر وسائل لأداء جميع الأدوات التي تمكن أي شخص من تحويل أموال كيفما كانت الدعامة أو الطريقة التقنية المستعملة لدلك تعتبر كذلك وسيلة لأداء النقود الإلكترونية المعرفة كقيمة نقدية تمثل دينا على المصدر والتي تكون:

  • مخزنة على دعامة إلكترونية.
  • ومصدرة مقابل تسليم أموال بمبلغ لا تقل قيمته عن القيمة النقدية المصدرة.
  • ومقبولة كوسيلة لأداء من قبل الأغيار غير الجهة المصدرة للنقود الإلكترونية[17].

تأسيسا على ما سبق نجد المشرع المغربي قد سار على نفس النهج الذي سلكه المشرع الفرنسي خلافا للتشريعات العربية المقارنة، التي اعتمدت على منهج تحديد وسائل معينة وربطها بالوفاء الإلكتروني وهده النقطة تحسب لهما، وذلك أن المشرع المغربي من خلال تبنيه مدونة التجارة أثناء حديث عن وسائل الأداء الأخرى، اعتمد معيار شموليا وعبارة فضفاضة يتجنب فيها الحصر والتحديد لوسائل الوفاء حتى تبقى المقتضيات القانونية المتعلقة بوسائل الوفاء المنصوص عليها بالقواعد العامة سارية المفعول على مختلف الوسائل التي قد تنتجها التحولات والتطورات التكنولوجية الخاصة بالوفاء، من خلال تركه الباب مفتوح أمام الوسائل الأخرى التي قد يفرضها الواقع العملي، تاركا مسألة تنظيم استعمال وسائل الأداء لمؤسسات الائتمان التي لها صلاحية إصدارها وذلك تبعا للخصوصيات التي قد تمتاز بها كل وسيلة على حدة في مجال المعاملات التجارية ؛ وإن كان التعريف الذي جاء به المشرع في القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها يعد أكثر توسعا لمفهوم الوفاء الإلكتروني من خلال تحديده لبعض الوسائل التي تعتبر آليات وفاء الكترونية بمفهومه المحض وترك لنا مجال مفتوح أمام وسائل أخرى التي قد تظهر في المستقبل التي قد يفرضها التطور العلمي والواقع العملي وهذه النقطة تحسب له لكونه كانت له نظرة مستقبلية لهذه الوسائل.

ثانيا: دور القضاء في تحديد الوفاء الإلكتروني

إن القضاء بشكل عام له دور كبير في تطبيق النصوص القانونية على مستوي المحاكم، لكون الاجتهادات القضائية لها دور حاسم في تكيف القاعدة القانونية وتفسير المقاربات الفقهية وخاصة التي تصدرها محكمة النقض من اجتهادات قضائية، والتي تعمل على تحقيق الأمن القانوني والقضائي، وتعزيز الثقة في القاعدة القانونية أثناء النظر فيما يتم عرضه عليها من نوازل، كذلك إعادة تفسيرها في حالة الغموض بما يستقيم وفق السياسة التي تنهجها البلاد في مجال الذي تنظمه القاعدة القانونية.

كما نعرف أي مجال من المجلات لا يخلو من النزعات التي يبقى للقضاء الحق الفصل والبث فيها، وتلك المتعقلة بتحديد المسؤولية أطراف العلاقة التعاقدية أثناء الوفاء بالالتزام بوسيلة أو بطريقة إلكترونية.

من خلال هذه المقاربة أو هذا التصور اتجه قضاء محكمة النقض الفرنسية الذي حاول من خلال كثير من قراراته تكريس توجهات المشرع الفرنسي الذي تبنى مفهوما واسعا للوفاء الإلكتروني بتركه إمكانية استيعاب النص القانوني وفق ما يتطلبه الواقع العملي لمختلف الوسائل الإلكترونية التي قد تظهر فيما بعد كما تم التطرق له سابقا، فقد اعتبرت محكمة النقض في قرار صادر عنها بتاريخ 29 يناير 2002 أن مسؤولية البنك قائمة نتيجة عدم تأكده من اسم المستفيد من أمر التحويل الوارد عليه بوسيلة إلكترونية تطبيقا الاتفاقية التي تجمع بين العميل والبنك[18]، يعتبر ما ذهبت إليه محكمة النقض في هذا القرار تفسير المفهوم المادة الرابعة من القانون المتعلق بنشاط ومراقبة مؤسسات الائتمان، والتي نصت على أن الوفاء الإلكتروني يقع بكل الوسائل التي تسمح الأشخاص بنقل أو تحويل الأموال أيا كانت الدعامة التي تقوم عليها هذه الوسيلة وأيا كانت الطريقة التقنية التي تعمل بها، هناك قرار اخر يصب في نفس التوجه صادر بتاريخ 9 يوليو 2002 أقرت فيه مسؤولية البنك عن عدم التأكد من زورية شيك معبأ بطريقة الكترونية[19].

أما على مستوى الوطني إن بوادر الوفاء الإلكتروني ببلادنا لم تتضح بعد، هو الأمر الذي ينعكس سلبا على النزاعات المتعلقة به والمعروضة أمام محاكم المملكة، ورغم قلة العمل القضائي في موضوع الوفاء الالكتروني، وانحصاره في صنف واحد من وسائل الوفاء، وهو البطاقات البنكية، فإن توجه القضاء المغربي يتجه نحو إقرار العمل بوسائل الوفاء ذات الوسيط الإلكتروني تطبيقا للمفهوم الواسع ” المادة 329 م ت” الذي أخذ به المشرع في المادة 6 من فانون 103-12 كما تم توضحه سلفا.

من هذا المنطلق أن القضاء المغربي بصفة عامة، وبصفة خاصة محكمة النقض حاليا وهي تنظر في النزاعات المعروضة عليها بإعتبارها محكمة قانون تسعى إلى توحيد الإجتهادات القضائية فيما يخص التطبيق السليم للقانون وملائمة النص القانوني بالواقع العملي، فقد سبق ونقضت قرارات صادرة عن محاكم الاستئناف التجارية من أجل إعادة النظر فيها وفق القانون الواجب التطبيق، وفي النزاعات المتعلقة بالبطاقات البنكية تعمل محكمة النقض على ضرورة التأكد من التطبيق السليم للعقدة النموذجية الخاصة بالبطاقة وترتيب الأثر القانوني عليها، وفي هذا السياق سبق وصدر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء قرار بعد النقض والاحالة بتاريخ 2010/16/15 أقرت فيه مسؤولية البنك من التأكد من زورية البطاقة البنكية التي تم بها الاداء عملا بعقد الرابط بينه وبين العميل ولا حق له في الاعتراض على عملية الوفاء التي قبل بها العميل الذي لم يكن على علم بطبيعة البطاقة المزورة[20]، وفي قرار آخر صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بمراكش بتاريخ 2007-06-14 أكدت فيه على أن العميل ملزم بتطبيق الشروط النموذجية لعقد بطاقة الوفاء البنكية، وأن حدود مسؤولية البنك في حالة ضياع بطاقات السحب والائتمان مرتبطة أساسا بالتاريخ الذي وقع إشعاره فيه بهذه الواقعة ومقارنتها مع تاريخ عمليات السحب موضوع النزاع[21].

هذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن العمل القضائي المغربي يأخذ بالمفهوم الواسع لوسائل الوفاء لإلكتروني، تطبيقا للقواعد القانونية المنظمة لوسائل الأداء سواء بمدونة التجارة أو القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، ويظهر هذا الاجتهاد القضائي بشكل واضح من خلال حكم صادر عن المحكمة التجارية الابتدائية بمراكش والذي أقر فيه عدم مسؤولية البنك عن قبول صرف أوامر بالتحويل صادرة عن المدعية سواء عن طريق الفاكس أو عبر البريد الإلكتروني، مساويا في ذلك بينها وبين أوامر التحويل المكتوبة بخط اليد[22].

المطلب الثاني: أهمية وخصائص الأساسية للوفاء الالكترونية

يعتبر الوفاء الإلكتروني هو أداء ثمن سلعة أو خدمة عبر وسائط إلكترونية ومن هنا تكمن أهمية الوفاء بالطرق الإلكترونية، كما له عدة خصائص يتميز بها، لذا سنخصص الفقرة الأولى للحديث عن أهمية الوفاء الإلكتروني، أما الفقرة الثانية سنخصص فيها الحديث عن اهم الخصائص الأساسية للوفاء الإلكتروني.

الفقرة الأولى: أهمية الوفاء الإلكتروني

تكمن أهمية الوفاء الإلكتروني في سرعة انجاز المعاملات التجارية وخاصة المتعلقة بالوفاء، حيث لا يتطلب الكثير من الوقت بل فقط بضغطة زر واحدة تنتقل الأموال بشكل إلكتروني من المدين الى المستفيد.

كما أن للوفاء الإلكتروني أهمیة كبرى في العقود الإلكترونیة، وتبدو هذه الأهمیة واضحة من خلال المنافع والمزایا التي یوفرها للأطراف العلاقة الناشئة عن إصدار واستخدام هذه الوسائل في الوفاء بالتزامات الملقاة على عاتقهم من خلال الوفاء بها إلكترونيا خاصة في ما يتعلق بالبيع والشراء المبرم على الأنترنت، فهناك جملة من المنافع وخاصة تلك المتعلق بالجانب الاقتصادي، لأنها لها دور فعال في تحريك عجلة الاقتصاد على اعتبار أن هذه الميزة تسهل عملية الوفاء بقيمة العقود المبرمة والخدمات المقدمة على الانترنت وخاصة المعاملات التجارية ذات طابع دولي والتي تتطلب السفر وحمل النقود مقابل حصول على السلعة وكذلك العقود المتعلقة بالتجارة الالكترونية، وهذه العملية نجدها تم تفعيلها في العديد من الشركات؛ كشركة الطيران والنقل، وشركة الفندقة… إلخ، وكذلك له أهمية في إتاحة وتسهيل تسويق المنتجات عبر الأنترنت كما يساهم في تعزيز التجارة الإلكترونية عن طريق الدفع بالبطاقة البنكية.

كما أنه يتيح فرصة تسويق المنتجات ذات القيمة الزهيدة، وبتالي فالنقود الالكترونية تعد وسيلة دفع متطورة تلائم هذه المدفوعات الزهيدة، اذ أن مواجهة مثل هذه المعاملات بالأدوات التقليدية كالنقود الورقية ينشأ عنه تكلفة مرتفعة جداً بالمقارنة الوفاء بالنقود الرقمية، لكون أن هذه الأشياء قد يتم طلبها من دول أجنبية وبتالي هنا تظهر قيمة الوفاء الإلكتروني باعتباره وسيلة عابرة للحدود في الوفاء بالديون من خلال سهولة تداوله.

كما تكمن أهمية الوفاء الإلكتروني فيما يخص تحويل أو نقل الأموال بين الحسابات، وكذلك ميزة السرعة وهذه الأخيرة لها دور كبير جدا في العديد من المجلات نظرا لسرعة إنجاز العقود والوفاء بقيمتها إلكترونيا وهذا ما أصبح يفرضه الواقع العملي.

الفقرة الثانية: خصائص الوفاء الإلكتروني

يتميزّ الوفاء الإلكتروني عن الوفاء العادي بعدّة خصائص جعلته يختلف عن هذا الأخير، بمجموعة من الخصائص يمكن إجمالها في:

  • خاصية الدولية للوفاء الالكتروني: الوفاء الإلكتروني وسيلة تتسم بالطبيعة الدولية[23]، أي إنّها مقبولة في جميع دول العالم لاستخدامها في عملية تسوية الحساب في المعاملات الإلكترونية التي تتم عبر شبكة أو فضاء إلكتروني[24].
  • وسيلة الدفع عن بعد: كون الوفاء الإلكتروني وسيلة من وسائل الدفع عن بعد، وذلك باستعمال شبكة الانترنت لتنفيذ فعال وسريع للالتزام بالوفاء بين أطراف متباعدة ، ويتم الوفاء باستخدام كل الوسائل المختلفة والإلكترونية للوفاء، مثل النقود الإلكترونية، أو البطاقات البنكية الإلكترونية وغيرها[25].
  • خاصية ضمان استقرار المعاملات: وتتحقق هذه الخاصية من خلال ضمان عدم إمكانية الرجوع في الوفاء بعد إبرام المعاملة التجارية، وقد نص المشرع المغربي صراحة على ذلك من خلال المادة 330 من مدونة التجارة التي جاء فيها: “الأمر أو الالتزام بالأداء الممنوح بواسطة وسيلة أداء غير قابل للرجوع فيه، لا يمكن التعرض على الأداء إلا في حالات الضياع أو السرقة أو التسوية أو التصفية القضائية للمستفيد.
  • خاصية المرونة والسهولة: يتسم نظام الوفاء الإلكتروني بالمرونة والسهولة، أي قدرته على تسوية كافة الالتزامات المالية سواء بمبالغ كبيرة أو صغيرة، دون تقييدها بنوع محدد ودون تعقيد حتى يتسنى للجميع استخدامها في أي وقت دون انقطاع[26].
  • خاصية الأمان: تعد هذه الخاصية أهم مميزات الوفاء الإلكتروني، وأكثرها تأثيرا على انتشاره وقبوله لدى الجمهور، وتستمد هذه الخاصية من تحصين وسائل الوفاء الإلكترونيا و قانونيا وكذا تقنيا[27].

المبحث الثاني: مشاكل الوفاء الالكتروني ووسائل تأمينه

نظرا لسرعته وقلة تكاليفه أصبح اللجوء الى الوفاء بطريق الإلكترونية أكثر اتساعا واستعملا سواء على صعيد الدولي أو المحلي في المعاملات التجارية خاصة سواء من طرف الأفراد أو من طرف المقاولات، إلا أن الممارسة العملية أتبتت أنه ثمة مشاكل تصاحب عملية الوفاء الإلكتروني خاصة المؤسسات البنكية، مما دفعها الاهتمام أكثر بهدة المخاطر والبحت عن وسائل تعمل على تأمنه وحمايته، لذا سنخصص المطلب الأول للحديث عن المشاكل التي تعرقل عملية الوفاء التي تتم بالطرق الإلكترونية، ثم المطلب الثاني سنفرده للحديث عن وسائل تأمين هذه العملية التي تتم بالطرق الالكترونية.

المطلب الأول: مشاكل الوفاء الالكتروني

لعل أهم ما يعرقل إزدهار المعاملات التجارية وتطور التجارة الإلكترونية محليا أو دوليا هي مشاكل التي تواجه الوفاء الإلكتروني؛ الأمر الذي لا يخفى عن كل أن غالبيته إن لم نقل كل المعاملات التجارية تتمحور في النهاية بالأساس على التزام بالوفاء بمبلغ نقدي وازدهار أي معاملة تجارية رهين بتنظيم آمن لوسائل الوفاء، إلا أن تطور المبادلات التجارية والخدمات المقدمة على شبكة الأنترنيت، أصبح الواقع العملي يتطلب وسائل وأدوات الدفع تلبي متطلبات هذه الخدمات.

إن تفعيل وتأمين الوفاء الإلكتروني هو الوسيلة الناجحة لازدهار الميدان التجاري بصفة عامة سواء كان محليا أو دوليا، وسواء في شكله التقليدي أو الإلكتروني، إلا أن الواقع العملي يبين لنا أن الوفاء الإلكتروني تواجهه عدة مخاطر منها ما هو ذات طبيعة أمنية وتنظيمية ومنها ما هو مرتبط بالمخاطر القانونية، ولهذا سنخصص الفقرة الاولي للحديث عن المخاطر ذات الطبيعة الأمنية والتنظيمية، ثم الفقرة الثانية سنعالج فيها مخاطر ذات الطبيعة القانونية.

الفقرة الأولى: مخاطر ذات طبيعة الأمنية والتنظيمية للوفاء الإلكتروني

يتعرض الوفاء بالطرق الإلكترونية الي جملة من المشاكل سواء كانت ذات طبيعة التنظيمية أو الأمنية التي تعرقل العمليات المنجزة على الأنترنت، سواء فيما يتعلق بالخدمات أو التحويلات المالية أو المعاملات التجارية المقدمة في البيئة الافتراضية.

على الرغم من الفائدة الكبيرة والسرعة الهائلة التي يوفرها الوفاء (الدفع) الإلكتروني في عمليات الدفع على عكس وسائل الوفاء التقليدية، إلا أنها تنطوي على مخاطر عديدة قد تمس خصوصية المتعامل بهذه الوسائل التي تعد ذات أولوية لذى جميع مستعملي وسائل الوفاء الإلكترونية، حيث يعتبر التعرض لتلك الخصوصية أمر خطير جداً يقلق مستخدمي وسائل الوفاء الإلكترونية، وقد تكون المخاطر الناجمة عن استخدام وسائل الوفاء الإلكترونية ناجمة عن سوء الاستخدام لمثل هذا النوع من وسائل الدفع وهو يصطلح عليه بالمخاطر التشغيل.

أولا: المخاطر الماسة بالخصوصية المعطيات الشخصية

تتميز المعطيات الشخصية التي تقوم المؤسسات المالية والبنكية بمعالجتها بتنوعها وحساسية مضمونها، فالأمر لا يتعلق فقط البيانات الشخصية الهوية بل يشمل الذمة المالية، وبتالي الإطلاع على هذه المعلومات من طرف الغير في المعاملات التجارية قد يمتد ليخول معرفة أرقام الحسابات المستهلكين أو أرقام بطاقة البنكية، والتي تشكل أكثر البينات عرضة للاعتداء بالحصول عليا عن طريق الاحتيال أو سرقة الأرقام الحسابات أو البطائق البنكية أو شفرات النقود الرقمية، وذلك بعد فك شفرات التي تحمي سيرتها وكسر الحواجز الأمنية، واستكشاف موطن الضعف في الجهاز أو الشبكة واكتشاف كلمة السر المعتمدة للمستهلك في البيوع التي تتم بالطرق الإلكترونية، مما يخالف معه النفاد إلى نظم بينات مهمة خاصة بالعميل[28]، وخاصة تلك المتعلقة بالبيع والشراء الإلكتروني والوفاء بالالتزامات التعاقد عن طريق ادخال المعلومات في الخانة الخاصة بالوفاء فهذه البينات تكون أكتر عرضة الاختراق من طرف قراصنة الأنترنت، والحصول على البينات الخاصة بالبطاقة أو شفرات النقود الرقمية.

فخطورة وسائل الوفاء الإلكتروني تظهر بشكل جلي عندما يتم التعامل بها على شبكة الأنترنت، فعندما يقوم المتعامل ببطاقة الدفع الإلكترونية وغيرها من الوسائل فهو مطالب بالإدلاء ببياناته الخاصة مثل الاسم والعنوان ورقم الهاتف وكذلك معلومات خاصة بالبطاقة كرقم الحساب وأسماء المتعاملين معه، هذا ما يجعل خصوصيته معرضة للخطر من خلال استخدام تلك المعلومات في إجراء معاملات أخرى دون علمه.

وتجدر الإشارة الى أن المشرع المغربي قد تم اصدار قانون 09-08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، في هذا الصدد نجد المشرع المغربي أحدت نوع من الحماية القانونية لهذه الفئة، وقد ساهم في تقوية ثقة المستهلك المغربي في المعاملات الإلكترونية، والاستفادة من مزايا التجارة الإلكترونية كما شكل أداة هامة في حماية الخاصة والبيانات الشخصية للمواطن المغربي خصوصا في مجال المعلومات وقد أوضح المشرع ذلك صراحة في مستهل المادة الأولى من هذا القانون “المعلوميات في خدمة المواطن وتتطور في إطار التعاون الدولي ويجب ألا تمس بالهوية والحقوق والحريات الجماعية أو الفردية للإنسان وينبغي ألا تكون أداة لإفشاء أسرار الحياة الخاصة للمواطن”، ومن خلال ديباجة هذه المادة يتضح أن المشرع قد حرص على إبراز فلسفة قانونية جديدة واكبت التطورات في المجال الإلكتروني والمعلوماتي، وعمل المشرع المغربي بموجب هذا القانون على إحداث لجنة خاصة تصهر على حماية المعطيات الشخصية للمستهلك، وسميت هده اللجنة باسم اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية، والتي تتولى مهمة الاشراف والرقابة على حماية المعطيات الشخصية، والمغرب عمل على ملاءمة التوجه الأوربي 1995 الذي هو المثل الرائد في مجال حماية المعطيات الشخصية.

وبتالي طبيعة المهنة أو النشاط المصرفي الذي يحترف البنك ممارسته، تجعله ملتزم باتخاد كافة الإجراءات الاحترازية الكفيلة لضمان ولحماية مصالح عمله تحت طائلة تحميله مخاطر التي قد تنشأ عن تقصيره في تنفيذ إلتزامه المذكور، في هذا الصدد نجد قرار محكمة النقض عدد 34 الصادر بتاريخ 22 يناير2015 في ملف تجاري عدد 350/3/1/2014 يحمل مسؤولية البنك.

علاوة على ذلك يبقى المستهلك الإلكتروني لوسائل الوفاء الإلكترونية معرض لشتي أنواع المخاطر، وهذا راجع لخصوصية هذا المجال نظرا لحداثته.

ثانيا: مخاطر التشغيل

يلحق بالمستهلك لوسائل الوفاء الإلكترونية أضرار نتيجة القصور الوظيفي الذي قد تعانيه أداة الدفع ومن أمثلة هذه الأضرار خسارته للأرصدة النقدية الإلكترونية المنجزة ومن الأخطاء الشائعة كذلك الناتجة عن القصور الوظيفي نتيجة لتقصير في الصيانة مما يؤدي الى تعطيل هذه الأنظمة[29]، وتنشأ مخاطر التشغيل من عدم التأمين الكافي للنظم أو عدم ملائمة تصميم النظم أو إنجاز العمل أو الأعمال الصيانة أو كذلك نتيجة اساءة الاستخدام من قبل العملاء وتتمثل في[30]:

أ- إساءة الاستخدام من طرف العملاء

يلتزم العميل أو الزبون باحتفاظ على وسائل وأدوات الدفع المسلمة له من قبل البنك أو مزودو الخدمة، وفي حالة السرقة أو فقدانها أو سرقة الرمز السري الخاص به، أو تم اختراق البرامج الإلكترونية المسلمة له من طرف البنك الذي يتعامل معه؛ في هذه الحالة يتعين على الزبون إخبار البنك الذي يتعامل معه ليتمكن من إيقاف العمل بذلك الحساب من طرف المؤسسة المالية، وفي حالة عدم اخباره فإن العميل يتحمل النتائج المترتبة على ذلك، ويتحمل الزبون مسؤولية الناجمة عن سوء استخدامه للخدمة المرتبطة بدلك الحساب والشروط الواردة في العقد، في هذا الصدد نجد قرار المحكمة الإستئناف التجارية بمراكش بتاريخ 2007/06/14[31]، أكدت فيه على أن العميل ملزم بتطبيق الشروط النموذجية لعقد بطاقة الوفاء البنكية، وأن حدود مسؤولية البنك في حالة ضياع بطاقات السحب والائتمان مرتبطة أساسا بالتاريخ الذي وقع إشعاره فيه بهذه الواقعة ومقارنتها مع تاريخ عمليات السحب موضوع النزاع، من خلال هذا القرار نستنتج أن البنك يتبرأ من العميل الذي يتعرض السرقة البطاقة أو الاختراق ولم يقم بإخبار البنك لكن مع مراعات الطروف الاستثنائية (القوة القاهرة).

كما قد يلجأ العميل أيضا الى استعمال بطاقته البنكية استعمالا مخالفا للعقد المبرم بينه وبين البنك أو المؤسسة المالية وذلك للحصول على أموال دون وجه حق، أو للحصول على أموال أو إتمام معاملات مالية دون الدفع مثل تجاوز رصيده عند السحب أو الدفع، أو شراء سلع وخدمات تتجاوز قيمة رصيده في وسيلة الدفع الالكترونية، أو باستخدام بطاقة انتهت صالحيتها أو تم إلغاؤها…إلخ.

وبتالي هنا تظهر خطورة هذه البرامج أو التطبيقات الخاصة بالبنوك بصفة عامة، لكون هذه التطبيقات تسهل على الزبون عملية الوفاء بإلتزامه الكترونيا والتحويلات المالية التي يقوم بها إلى غيرها من الاعمال الاخرى، والتي تشكل خطرا أمام منظومة الوفاء الإلكتروني لأنها معرضة الاختراق عن طريق اختراق الهاتف الزبون وهذا يعد أخطر مشكل قد يتعرض له المستخدم، مما يؤدي الى تسريب المعلومات عن حسابات العملاء أو استخدام حساب الزبون في عمليات يجرمها القانون، كل هذا راجع نتيجة عدم إحاطة العملاء بإجراءات التأمين والوقاية من هذه المخاطر.

ب-عدم سلامة المعاملات والمعلومات البنكية الالكترونية

يعتبر مفهوم الحماية والأمان أحد مكونات التقنية والتكنولوجية والمعلوماتية التي تستند عليها العمليات البنكية الإكترونية بشكل أساسي، لتوفير إجراءات الأمن المادي والإلكتروني لحماية الأجهزة للمعدات والبرمجيات والشبكات البنكية، لذلك فإن الأمن المعلوماتي الموجود لذي البنوك هو الهدف الأكبر واساس الثقة الزبائن في البنك[32]، ونجد الحماية التقنية والأمن المعلوماتي لا تكتمل الا بالحماية القانونية من خلا النصوص التي تحمي من إساءة استخدام الحواسب في جرائم الكومبيوتر والأنترنيت والجرائم المالية الالكترونية، كان لابد من إيجاد استراتيجية شاملة لأمن معلومات نظام البنك وعملائه.

عمل بنك المغرب مواصلة اكتساب المرونة والابتكار والفعالية وفي إطار ورش الجهوية المتقدمة، يعتزم البنك المركزي تطوير دور شبكته من خلال تعزيز تواجده الميداني وتحسين قدراته من أجل الاستجابة لتوقعات الفاعلين المحلين، وتسريع تحويل العمليات بالبنك وملاءمة النظام المعلوماتي، مع السهر على صلابتهما وتحفيز الابتكار.

أما على الصعيد الداخلي، عمل بنك المغرب على تمتين أجهزته التنظيمية وطرق اشتغاله وعلى زيادة اعتماده على الابتكارات التكنولوجية لخدمة أنشطته، وكذا تعزيز خطوط صموده السيبراني، وبالموازاة مع ذلك سيقوم البنك بتحسين شفافيته وتواصله بهدف استيعاب أفضل لقراراته والحفاظ على مصداقيته والثقة التي يحظى بها[33].

في هد صدد نجد قرار محكمة النقض عدد 372/1 الصادر بتاريخ 27/07/2017 في الملف التجاري عدد1356/3/1/2016، يقر أي زبون لأي بنك تم اختراق أو قرصنة قنه السري لبطاقته البنكية، فمن حقه رفع دعوى التعويض ضد البنك المعني بالأمر، لأنه يعد مسؤولا عن عدم توفره على نظم معلوماتية مؤمنة ضد جرائم الإختراق وقرصنة القن السري، وبتالي أن البنك يكون مسؤول عن المخاطر التي يتعرض لها الزبون مؤسسة البنكية والتي على أساسها يحق المطالبة بالتعويض “قرصنة قنه السري”

الفقرة الثانية: مخاطر قانونية للوفاء الالكتروني

إضافة لمخاطر الأمنية والتنظيمية التي تقف عائق أمام الوفاء الإلكتروني في القيام بالأدوار المنوطة به وفق ما يفرضه الواقع العملي، نجد هناك مخاطر قانونية والتي تتمحور أساس حول غسيل الأموال بالوسائل الإلكترو نية، والتهرب الضريبي.

فالمخاطر القانونية هي مخاطر عدم الإمتثال للمتطلبات القانونية أو التنظيمية، وترتبط المخاطر القانونية ارتباطًا مباشرًا بالخدمات الإلكترونية ويتم زيادتها مع تمديد استخدامها، وهي تنبع بشكل أساسي من عدم اليقين الموجود في الإطار القانوني التنظيمي فيما يتعلق بالخدمات المصرفية الإلكترونية في معظم البلدان، على الاغلب لا يوجد إطار تنظيمي صريح، ويرجع ذلك الى الخبرة القليلة فيما يتعلق بقطاع الخدمات المصرفية الإلكترونية، تصبح المشكلة أكبر عندما يقدم البنك خدماته الإلكترونية إلى بلدان أخرى، حيث لا يوجد إطار قانوني موحد على المستوى الدولي، تضع كل دولة قواعدها الخاصة موضع التنفيذ ويصعب على البنك تكييف خدماته باستمرار والتعرف على جميع القوانين السارية في كل بلد.

هناك مخاطر قانونية أخرى تتعلق بحماية البيانات الشخصية للعملاء، يمكن أن يؤدي الاستخدام السيئ من قبل موظفي البنك أو من قبل المتسللين الخارجيين إلى تعريض البنك لمخاطر قانونية خطيرة، من الممكن أن يحصل المتسللون على إمكانية الوصول إلى قواعد بيانات البنوك ويستخدمون بيانات العملاء من أجل ارتكاب عملية احتيال أو جرائم أخرى يعاقب عليه القانون كغسيل الأموال عن طريق التحويل الإلكتروني بين الحسابات الداخلية أو الخارجية، أو باستعمال البطاقة البنكية أو عن طريق التهرب الضريبي، مما يجعل النقود الإلكترونية بشكل عام من الصعب على المؤسسات المالية مراقبة الكتلة النقدية ومصدرها والتحويلات التي تطرأ بين الحسابات [34].

أولا: مخاطر التحصيل الضريبي

إن التهرب الضريبي يُعد مشكلة عالمية وله تأثيرات سلبية على الاقتصادات العالم ككل، بما في ذلك المغرب، في سياق الوفاء الإلكتروني، يُمكن أن يُسهل التحول الرقمي للمعاملات المالية عملية التهرب الضريبي إذا لم تُطبق الإجراءات الرقابية الكافية، وبتالي الصعوبات التي تواجه عملية فرض الضرائب على التجارة الالكترونية ستتيح للجهار الضريبي فرصة لاكتساب الخبرات والمهارات التي تستطيع استخدامها مستقبلا، ولقد أدت عملية الوفاء الالكتروني عبر الانترنيت حرمان دولة الأم من تحصيل الضرائب بسبب مزاولة المؤسسات اعمالها وتشغيل مواقعها من دول أخرى التي لا تفرض القيود الضريبية، وهدا سيؤدي إلى تفاقم زيادة خسائر الدول من العوائد الضريبية[35]. لكون ان عملية الوفاء الالكتروني تتم وفق بيئة افتراضية يتم فيها نقل الأموال من حساب الى حساب اخر دون حواجز، مما جعل جل المتعاملين يلجأون الي الوفاء الالكتروني في جل معاملاتهم قصد الإفلات من الضريبة على الاموال التي يتم تحويلها او الوفاء بها او نقلها من دولة الى دولة اخري.

أفادت مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2024، بأن هذا المشروع يرتئي إحداث نظام التصفية الذاتية للضريبة على القيمة المضافة، وذلك في إطار الإجراءات الرامية لإدماج القطاع غير المهيكل ومكافحة التهرب الضريبي، وعلاوة على ذلك اقترح مشروع قانون المالية لسنة 2024 توسيع نطاق تطبيق الضريبة على القيمة المضافة ليشمل التجارة الرقمية، وذلك من خلال مراجعة قواعد إقليمية الضريبة على القيمة المضافة من أجل تكريس مبدأ فرض الضريبة حسب مكان إقامة مستهلك الخدمات الرقمية، وفق المعايير الدولية المعمول بها. كما يتعلق الأمر كذلك بإحداث إلزامية الكشف عن هوية مقدمي الخدمات عن بعد غير المقيمين لدى إدارة الضرائب عبر منصة إلكترونية وكذا إلزامية الإقرار برقم الأعمال المحقق وأداء الضريبة المستحقة.

ثانيا: خطر غسيل الأموال

تعتبر مكافحة جريمة غسيل الأموال في البيئة الرقمية من المخاطر أو من التحديات الجديدة التي تواجه هيئات الضبط الميداني في المؤسسات المالية والبنكية، حيث تشكل هذه الأفعال الإجرامية تهديدا لأمن واستقرار النظام المالي والاقتصاد برمته.

قد اعتبرت الهيئة المغربية لسوق الرساميل في تقريرها لسنة 2020 أن الخدمات المالية الإلكترونية ولأصول الافتراضية التي أصبحت تستعمل بشكل متزايد تعتبر من أبرز الوسائل المحتمل استعمالها في عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كما أن تزايد استعمال المنصات الرقمية للأداء وارتفاع حجم العمليات التي تتم بواسطتها من شأنه أن يتيح إمكانيات جديدة لإخفاء الأموال غير المشروعة [36].

كما تساهم وسائل الأداء الرقمية، لاسيما تقنية تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول، واستعمال العملات المشفرة، والمعاملات الافتراضية المجهولة توفر بيئة خصبة لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وميدان الوفاء الإلكتروني يكون أكثر الميادين عرضة لهذه المخاطر نظرا اتساع مجاله وكترة المعاملات عن طريق الوفاء بالديون الملقات على عاتق الأطراف وابراء ذمتهم المالية.

المطلب الثاني: الطبيعة القانونية للوفاء الالكتروني وسائل تأمينه

تعتبر الطبيعة القانونية لنظام الوفاء الإلكتروني من الموضوعات الحيوية والمهمة التي تساعد على كشف القواعد القانونية الواجبة التطبيق عند وقوع أي نزاع أمام المحاكم بين أطرف بخصوص الحقوق أو الإلتزامات المتبادلة، ومن هنا يظهر دور الفقه في ضرورة التحليل القانوني للأنظمة الحديثة في الأداء من أجل تمكين المشرع من التدخل لأجل تنظيم هذه الوسائل الجديدة تنظيما محكما يليق بسرعة والتطور التجاري، كذا وسائل تأمين الوفاء الإلكتروني.

الفقرة الاولى: وسائل التأمين الوفاء الالكتروني

لقد أدت المخاطر المتنوعة التي عرفها الوفاء الإلكتروني إلى إحداث أضرار كبيرة مست الشركات التجارية والبنوك وخاصة المعاملات الإلكترونية، وكذا كل حاملي بطاقات الوفاء الإلكترونية، ولتحقيق نوع من الأمان وتأمين النقود الرقمية وكذا المعلومات، تم اختراع تقنيات علمية متطورة وهي الحوائط النارية، وكذلك استخدام نظام التشفير الإلكتروني، المعتمد كثيرا في التوقيع الرقمي.

حاولت معظم البنوك لرفع مستوى تأمين نظمها الخاص بالوفاء المالي الإلكتروني من أخطار الاختراق والقرصنة اعتماد أنظمة حديثة موثوق بها عالميا[37]، متمثلة في نظام شبكة التأمين SSL، ونظام المعاملات الالكترونيةSET ، ونظام klelinek.

أولا: نظام شبكة التأمين SSL

نظام SSL أو Serure sockets layer يتمثل في طبقة المنفذ الآمن التي تعتب آلية تقنية علمية معروفة باسم Netscap[38]، ومهمة هذا النظام هي تشفير جميع الاتصالات بين برامج التصفح أو النوافذ على شبكة المعلوماتBrowser) ) وأحد المواقع أو أحد مقر المعلومات على خادم الشبكة Server))، وبالتالي فهو يقلل من فرصة وقوع المعلومات أثناء عملية انتقالها في ايدي أي شخص غير مرغوب فيه إلى أن تصل إلى المستقبل النهائي، و لاستخدام هذا النظام لابد من الوقوف من ثلاث خطوات وهي[39]:

  • يقوم الموقع بالتقدم إلى احدى الهيئات التي تصدر الشهادات الرقمية (مقدمي خدمة المصادقة الإلكترونية) التي تتثبت من صحة هوية الموقع، وبعد التأكد من نشاط وحسن سيرة الموقع، بالإضافة إلى استعمال بعض المتطلبات الأخرى تقوم الهيئة بإصدار الشهادة الرقمية الخاصة بالموقع تدون فيها كل المعلومات الهامة مثل اسم الشركة وتاريخ اصدار الشهادة وتاريخ انتهائها، كما يتم اصدار المفتاح الخاص والمفتاح العام للموقع، ويقوم الموقع بتوفير جهاز خادم مزود ببرنامج التشفير SSL ليتم تخزين المفتاح العام الخاص بالموقع به.
  • عند دخول المشتري لصفحة الموقع الأمن التي يدخل بها البيانات والمعلومات المطلوبة للشراء يقوم المتصفح المزود بهذا البرنامج بالارتباط بالجهاز الخاص للموقع ويطلب منه الشهادة الرقمية ومصدرها وتاريخ انتهاء صلاحيتها كما تتم المقارنة بين اسم الموقع على شهادة مع اسم الموقع في جهاز الخادم المتصفح مع التوقيع الإلكتروني للشركة.
  • بعد التأكد من مصداقية الموقع وارتباطه بجهاز الخادم الآمن يتم تشفير المعلومات على اساس المفتاح العام للموقع، ويتم نقل المعلومات بطريقة آمنة دون تدخل من المستخدم ولا يتمكن أحد من سرقة المعلومات أو الاطلاع عليها سوى الموقع المعتمد من الطرف الآخر الذي يملك المفتاح الخاص لإعادة فك تشفير المعلومات ويستطيع المتعاقد حامل البطاقة البنكية مع الشبكة، التأكد من إتمام عملية التشفير عندما يلاحظ أن القفل المفتوح والمبين على الركن الايسر أسفل الشاشة قد تم اغلاقه[40].

تانيا: نظام المعاملات الالكترونية SET

يعتبر من أقوى أنظمة الأمن والحماية الموثوق بها خاصة في الوفاء الإلكتروني، هذا النظام تم تطويره من قبل شركة فيزا كارد Visa Card ، وماستر كارد Master Card سنة 1997 ، ويستعمل هذا النظام في برمجيات تدعى المحفظة الإلكترونية، بحيث يعتمد كذلك على ضرورة قيام جهة ذات قيمة عالية تسمى هيئة الاعتماد[41]، ويرجع ذلك إلى تعلقه بأهم جزء من أجزاء المعاملات التجارية التي تتم على شبكة المعلومات وهو إتمام عملية البيع باستقبال طلب الشراء وإتمام عملية الوفاء عبر الشبكة، لهذا فالهدف الأساسي من وراء هذا النظام هو تأمين عملية الوفاء والمعاملات المالية التي تتم أثناء المعاملات التجارية[42].

يعمل هذا الحساب من خلال فتح حساب بنكي لكل من البائع والمشتري بأحد البنوك المستخدمة له، وكذلك استخدام المشتري لاحد برامج تصفح نوافد شبكة المعلومات (Browse) المدعم لنظام (SET) واستخدام البائع لمقر معلوماتServer))، يدعم هو الاخر ذلك النظام، وعند يفتح المشتري للحساب الخاص به يقوم البنك بإرسال كل من شهادة خاصة بالمشتري ومفتاحين للتشفير احدهما خاص والآخر عام، يستخدم في عملية تشفير و توقيع طلب الشراء ويستخدم الآخر للتوثيق وارسال بيانات عمليات الوفاء، ويقوم البنك بتسليم كل من البائع والمشتري الشهادة الدالة على شخصية كل منهما على هيئة ملف من ملفات الحاسبات الآلية وليس على هيئة شهادة ورقية، ويتم تبادل نسخة من تلك الشهادات بين البائع والمشتري أثناء المعاملة التجارية بصورة مشفرة بحيث لا يستطيع أي شخص من الخارج الاطلاع على تلك البيانات؛ وبعد تأكد كل من البائع والمشتري من هوية الآخر عن طريق تبادل الشهادات المشفرة الخاصة بها وحل شفرتها تأتي الخطوة الأخيرة في المعاملة التجارية وهي عملية وفاء مقابل السلعة أو الخدمة المراد شراؤها، ويتم ذلك عن طريق تشفير البطاقة البنكية الخاصة به، ولا يستطيع حل هذه الشفرة سوى البنك الضامن لكل من البائع والمشتري ويقوم بعد ذلك بإرسال نسخة من طلب الشراء والبيانات الخاصة بإجراءات الوفاء إلى البنك، وينتظر اعتماد البنك وتوقيعه للمعاملة التجارية التي تمت[43].

فيقوم البنك بالتأكد من هوية البائع وصحة الرسالة، وأن كانت عملية الوفاء سوف تتم لهذا البائع بشخصه من أجل الطلب الخاص بالشراء بذاته، ثم يقوم بالتأكد من أن رصيد المشتري يسمح بإتمام المعاملة ثم يسمح للبائع بتكملة المعاملة التجارية على هذا الاساس، ومن ثم يستطيع البائع أن يقوم بإرسال المنتج المرغوب في شرائه إلى المشتري سواء أن كان ذلك سوف يتم عبر شبكات المعلومات أو عن طريق ارساله بالطرق التقليدية العادية التي تعتمد على النقل والشحن[44].

إلا أنّ فعالية وقوة هذا النظام في تأمين المعاملات التجارية والمالية لم تشفع له؛ على اعتبار البنك هو الضامن لأطراف المعاملة، فقد تم استبداله بنظام تأمين آخر يسمى D. Secure3، وذلك نظرا لارتفاع تكلفة اعتماده، إضافة إلى أنهّ نظام معقد[45].

ثالثا: نظام klelinek

يحتاج العميل المستفيد من هذا النظام إلى أن يضيف لحسابه الإلكتروني الشخصي برنامجا للوفاء الآمن يسمى (kceboxe )، وبعد أن يرسل العميل طلب الشراء إلى التاجر، يرسل هذا الاخير بطاقة وفاء إلكترونية إلى الشركة الوسيطة التي يجب عليها بعد التأكد من التاجر، أن ترسل بطاقة وفاء إلى العميل، وبعد استلامه لهذه البطاقة، على العميل أن يصدر قبوله إلكترونيا وبعد رضا العميل تقوم( (kleline) بإتمام عملية الوفاء وتضع تصرف التاجر قسيمة صندوق (Bonde caisse )، فالأكيد أنه لا توجد أي علاقة تعاقدية بين العميل والشركة الوسيطة عدا رخصة استعمال برنامج الامان المشار إليه أعلاه وإنما يتم تدخل هذه الشركة لإتمام عمليات الوفاء عن طريق توكيل يصدر لها من التاجر، إلى جانب ذلك، يستطيع العميل أن يوفي إما بواسطة البطاقة البنكية أو عن طريق محفظة نقود إلكترونية لدى التاجر أو في رواق إلكتروني وهو عبارة عن موقع إلكتروني يجمع عدة تجار، وعند اللجوء إلى المحافظ الإلكترونية فان مهمة تنظيمها وإدارتها تكون على عاتق شركة [46]kleline.

عليه ورغم وجود هذه الأنظمة التي تدخل في إطار وسائل تأمين الوفاء الالكتروني، إلا أنه لابد من النظر في نظم وسائل الحماية الآمنة على نحو شامل ومن جوانب متعددة، باختيار أفضل سبل الحماية والتأمين والاحتياج الفعلي، وذلك بنظرة شمولية وموضوعية وفي ضوء مشاكل التأمين والحماية الوفاء الالكتروني يتحدد الإطار القانوني لمواجهة الجرائم المعلوماتية خاصة ما يتعلق منها بجرائم الاموال والاعتداء على اموال وبيانات ومعلومات التجارة الإلكترونية وسن التشريعات القانونية اللازمة لذلك.

الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للوفاء الإلكتروني

اختلف شراح القانون حول طبيعة الوفاء عموما أي ما إذا كان واقعة قانونية أم أنه تصرف قانوني، وإن كان الاتجاه الغالب يذهب إلى اعتباره تصرف قانونيا لذلك يشترط في الوفاء الأهلية سواء في الموفي أو الموفي له[47].

ووسائل الوفاء الإلكتروني باعتبارها تصرفات قانونية لا تخضع لقواعد خاصة في الاثبات، إلا إذا وصفت المعاملة القانونية بالصبغة التجارية فإنها تخضع لقواعد الاثبات في المادة التجارية، التي تتميز بمبدأ حرية الإثبات ما لم يشترط القانون أو الاتفاق خلاف ذلك[48].

يمكن القول بأن وسائل الوفاء الإلكترونية هي آليات لتحريك أموال محددة عن بعد، وعلى وجه الخصوص نقل النقود التي تبقى محتفظة بطبيعتها وخصائصها وذلك بإدارتها بشكل الكتروني، فالوفاء الإلكتروني يعتمد على نظام نقل النقود من حساب إلى آخر أي عن طريق عملية التحويل، لذلك فإن استخدام الشيك الإلكتروني في الوفاء يدفعنا إلى تطبيق المقتضيات الخاصة بالشيك العادي من حيث وقت اعتبار براءة ذمة الساحب المدين، فلا ينقضي الالتزام تجاهه إلا بخصم مبلغ الشيك منه وفي حالة الوفاء بالبطاقات البنكية فيلزمنا التمييز بين ما إذا تعلق الأمر ببطاقة وفاء أم ببطاقة ائتمان، فالوفاء بواسطة الأولى يرتكز على مبدأ النقل المباشر للنقود حسابه وأدائه للمستفيد الدائن مباشرة أو بنقله لحسابه.

بين الحسابات المصرفية، فمجرد تمرير البطاقة في الجهاز القارئ الموجود لدى التاجر، وقيام صاحب البطاقة بالتوقيع الالكتروني سواء عن طريق الرقم السري أو غيره من أنواع التوقيع المعتبرة قانونا، يعطي الإذن للمصدر بخصم ثمن السلعة أو الخدمة من حساب العميل واضافته لحساب التاجر سواء أكان مفتوحا لدى البنك نفسه أوبنك آخر، فبمجرد خصم المبلغ واضافته لحساب التاجر يتحقق الوفاء وتبرأ ذمة المدين[49].

أما الوفاء بواسطة بطاقة الائتمان فهو أقرب ما يكون لعقد حوالة الدين ذلك ان البنك مصدر البطاقة يتولى عملية وفاء قيمة السلعة أو الخدمة للتاجر محل عميله الذي لا تبرأ ذمته تجاه التاجر إلا بعد قيام البنك بنقل قيمة الدين إلى حساب هذا الأخير، علاوة على أن ذمة صاحب البطاقة تبقى مليئة تجاه البنك المصدر إلى حين أدائه ما عليه باي طريق من طرق تسوية الالتزامات[50].

وفي حالة الوفاء بالنقود الالكترونية فإن الاشكال يثار بخصوص طبيعة العلاقة القانونية بين مصدر الوحدة النقدية الالكترونية ومستهلك هذه الوحدة أو العميل، فذهب بعض الشراح إلى القول بان العلاقة تنطبق عليها قواعد عقد الوديعة، ذلك أن المصدر عندما يتلقى مبلغا من المال ويحوله إلى وحدات الكترونية فإنه يكون قد تلقى وديعة نقدية بنكية يلتزم بردها إلى مالكها وهو العميل في اي وقت بناء على طلبه[51]، لكن ما يلاحظ على هذا الاتجاه أنه يربط النقود الالكترونية بوجود حساب بنكي مفتوح عند الجهة المصدرة وهو ما يتنافى مع طبيعة هذا النوع من وسائل الوفاء التي تمنح للعميل ولو لم يكن لديه أي حساب بنكي ما يجعل أمر تطبيق أحكام عقد الوديعة على علاقة المصدر بالعميل مستبعدا.

يذهب جانب آخر من الفقه إلى اعتبار علاقة مصدر النقود بحاملها على أنها عقد بيع، ذلك أن العميل يقوم بشراء اصدارات النقود الالكترونية من المصدر مقابل مبلغ مالي مكافئ لها من النقود الورقية، إلا إن مقومات عقد البيع لا تظهر في العلاقة القانونية طالما يبقى من حق العميل إرجاع النقود الالكترونية أو ما تبقى منها للمصدر مقابل استرجاع مكافئها من النقود التقليدية[52].

بينما ذهب اتجاه آخر إلى اعتبارها علاقة دائنية ناشئة عن تسليم العميل للجهة المصدرة نقود حقيقية وأخذ وحدات الكترونية مساوية لها، فتصبح الدعامة الحاملة للنقد القرص الصلب أو الشريحة الذكية بمثابة سند دين على المصدر يلتزم بموجبه بدفع ووفاء التزامات حائز السند، إلا أنه رغم انتقال الدعامة للعميل فسلطة المراقبة وحق الاسترداد في اي وقت يبقى قائما لصالح جهة الإصدار ما يفند فرضية العلاقة الدائنية[53].

هذا إن دل عل شيء فإنه يدل على أن البطاقة البنكية والنقود الرقمية هي صورة من صور الوفاء الإلكتروني، في اعتقادي من خلال استقرائنا لتوجهات الفقهية أن العلاقة الرابطة بين العميل والجهة المصدرة للنقود الالكترونية، هي ذات طبيعة خاصة فرضتها حاجيات التعامل بالنقد الإلكتروني والواقع العملي ما يجعلها خاضعة في تكييفها للشروط الاتفاقية النموذجية التي يتوافق عليها العميل والجهة المصدرة أخدا بعين الاعتبار خصوصيات كل عقد وفق ما يفرضه النص القانوني.

أما فيما يخص علاقة العميل بالتاجر فطالما ان النقود الالكترونية تعد وسيلة مقبولة في الوفاء بالالتزامات بين الاغيار وليس فقط جهة الاصدار حسب ما نصت علية المادة 6 من قانون 103.12، فيمكن القول بان ذمة العميل تبرأ بمجرد قبول التاجر لوسيلة الوفاء دون انتظار تحويل النقود الالكترونية إلى أخرى ورقية.

  • خاتمة

إن الوسائل التقليدية للوفاء بالثمن أصبحت نادرة الاستعمال في البيوع المبرمة إلكترونيا، مما أدى إلى بروز الوفاء الإلكتروني كوسيلة متطورة والتي تتفق مع شروط التجارة الإلكترونية، وكان سببا في نجاحها من خلال تشجيع الوفاء باستخدام البطاقات البنكية الإلكترونية أو النقود الرقمية.

كما يعتبر الوفاء الإلكتروني من أكبر التحديات التي تواجه مختلف الدول العالم، بما فيها المغرب، في مجال التجارة الإلكترونية والخدمات الالكترونية، لأنه يتطلب منظومة تشريعية متجددة ومتطورة تواكب التطور الدي يعرفه مجال المال والاعمال، وخاصة المجال المالي والبنكي، لأن امتداده لا ينحصر في مكان محدد، لذا فإن والقوانين التعديلات التشريعية التي قام بها المغرب، والاصلاحات في مجالي المال والاعمال والمجال البنكي خاصة تعد ظفرة نوعية لمواكبة متطلبات الواقع العملي، ولكننا نحتاج إلى ترسانة قانونية خاصة بهذا المجال فيما يخص الوفاء الالكتروني والتجارة الالكترونية، لاختبار مدى مواكبتنا لحركية وسرعة هاته التجارة، وبالتالي يجب اتخاذ الاجراءات اللازمة لتدارك العجز والتأخر، حتى نصل على الأقل إلى مستوى الدول الرائدة في هذا المجال.

  1. – الالتزام هنا قد يكون محله القيام بعمل وهو أداء المدين لمقابل مادي كالمكري في عقد الكراء أو المقترض في عقد القرض أو الامتناع عن القيام بعمل كالتزام الأجير بعدم منافسة رب العمل في إطار تنفيذ عقد الشغل.
  2. – مأمون الكزبري نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه، مطبعة درار القلم، بيروت، ط.1، 1970، ج:2، ص 298.
  3. – THIERRY (piette-coudol) ; BERTRAND (andré) ; internet et la loi ; Edition DALLOZ, 1997 p 193.
  4. -BOUILHOL ( hervé); les aspects juridiques du commerce électronique, BANQUE ET DROIT, N° 60 JUILLET 1998, p: 22.
  5. – يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، بحت نهاية التكوين المعهد العالي للقضاء، سنة 2015، ص11.
  6. – يوسف بوهدون، مرجع سابق، ص11.
  7. – المقصود بطرفي العلاقة القانونية في هدا الصدد طرف العقد سواء تعلق سواء تعلق الامر هنا بالتجار او تاجر أو عميل أو أي مستهلك ليس تاجر.
  8. – l’article 4 de la loi n° 84-46 du 24 janvier 1984 relative à l’activité et au contrôle des établissements de crédit : « Sont considérés comme moyen de paiement tous les instrumentsqui, quel que soit le support ou le procédé technique utilisé, permettent à toute personne de transférer des fonds » le journal official de la république française 25 janvier 1984
  9. – Loi n° 91-1382 du 30 décembre 1991 relative à la sécurité des chèques et des cartes de paiement, Jo du 1er Jan, 1992.
  10. – Loi du 14 août 2000 relative au commerce électronique, Pour l’application du présent titre, il faut entendre par:

    1) instrument de paiement électronique: tout système permettant d’effectuer par voie entièrement ou partiellement électronique, les opérations suivantes:

    a) des transferts de fonds

    b) des retraits et dépôts d’argent liquide

    c) l’accès à distance à un compte

    d) le chargement et le déchargement d’un instrument de paiement électronique rechargeable.

    2) «instrument de paiement électronique rechargeable»: tout instrument de paiement électronique sur lequel des unités de valeur sont stockées électroniquement. (Mém. A – 96 du 8 September 2000, p. 2176).

  11. – يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، بحت نهاية التكوين المعهد العالي للقضاء، سنة 2015، ص 14.
  12. -la loi de 2001 déclarait à l’article 5 :

    « L’Association a pour mission : a) d’établir et de mettre en oeuvre des systèmes nationaux de compensation et de règlement, ainsi que d’autres arrangements pour effectuer ou échanger des paiements; b) de favoriser l’interaction de ses systèmes et arrangements avec d’autres systèmes et arrangements relatifs à l’échange, la=compensation et le règlement de paiements; c) de favoriser le développement de nouvelles technologies et méthodes de paiement. »

    Voir J. Dingle, « Le STPGV ou système canadien de transfert de paiements de grande valeur», Revue de la Banque du Canada, automne 2001, p. 47.

  13. – قانون المعاملات الالكترونية الأردني، رقم 85 لسنة 2001 الجريدة الرسمية، العدد 4524، صادر بتاريخ 31 دجنبر 2000.
  14. – قانون المبادلات والتجارة الإلكترونية التونسي رقم 83 لسنة 2000، مؤرخ في 9 أوت 2000، الجريد ة الرسمية للجمهورية التونسية، العدد 64، الصادر بتاريخ 11 أوت 2000.
  15. -قانون المعاملات والتجارة الإلكترونية لإمارة دبي رقم 02 لسنة 2002، الصادر بتاريخ 12 فيفري 2002.
  16. – قانون رقم 15- 95، متعلق بمدونة التجارة.
  17. – المادة 6 من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
  18. -BANQUE – Compte – Virement d’un compte à un autre – Bnéficiaire – Nom – Vérification par la banque réceptionnaire – Domaine d’application – Ordre électronique – Omission – Responsabilité envers le donneur d’ordre.

    cour de cassation chambre commerciale de 29 janvier 2002 n° de pourvoi 99-16571 publie au bulletin 2002IV n° 20 p 20

  19. – CHEQUE – Traitement de manière informatique – Paiement – Chèque falsifié – Banque tirée – Responsabilité – Obligation de vérifier la régularité formelle du titre – Défaut – Portée RESPONSABILITE CIVILE – Faute – Banque – Chèque – Paiement – Chèque falsifié – Obligation pour la banque tirée de vérifier la régularité formelle du titre.

    cour de cassation chambre commerciale de 09 juillet 2002 n° de pourvoi 00-22788 publie au bulletin 2002IV n° 114 p 123.

    -توضيح هذا القرار منشور على موقع التالي : https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000007046199 تم الطلاع عليه بتاريخ 29 /01/2025، على الساعة 23:21.

  20. – قرار عدد ،10/3109 بتاريخ 15/06/2010 ملف رقم ،08/2008/4779، صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدا البيضاء، “غير منشور”.
  21. – قرار عدد ،07/761 بتاريخ، 14/06/2007، ملف عدد، 2006/240 صادر عن محكمة الاستئناف 27التجارية بمراكش، “غير منشور”.
  22. – حكم رقم ،3273، بتاريخ ،28/11/2013 ملف عدد، 1127/9/2011 صادر عن المحكمة التجارية الابتدائية بمراكش، “غير منشور”.
  23. – المقصود بالطبيعة الدولية للوفاء الإلكتروني هنا: هو غير محدودة بزمان أو نطاق جغرافي معين، فهي مقبولة لدى جميع الدول في تسوية المعاملات ذات الطابع الالكتروني.
  24. – معزوز دليلة، أهمية الوفاء الالكتروني في أداء التامين، مجلة معارف، قسم العلوم القانونية، السنة العاشرة، 20 يوليوز 2016، ص135
  25. – معزوز دليلة، أهمية الوفاء الالكتروني في أداء التأمين، مرجع السابق.
  26. – يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، بحت نهاية التكوين المعهد العالي للقضاء، سنة 2015، ص44
  27. – يوسف بوهدون، المرجع السابق.
  28. -عبد اللطيف لمزرع، حماية المعطيات الشخصية في المعاملات التجارية الالكترونية، مجلة البوغاز للدراسات القانونية والقضائية، منشورات العدد 28-29 الجزء الثاني لسنة 2023، ص54
  29. – كريمة شايب باشا، آليات الحماية من مخاطر الدفع الإلكتروني في التشريع الجزائري، المجلة الجزائرية للسياسات العامة، المجلد السابع، العدد 02، دجنبر2018، ص39.
  30. – محمد حمزة يوسف الطفيلي، أثر وسائل الدفع الالكترونية على بعض متغيرات الاقتصاد، رسالة مقدمة نيل درجة الماجستير في العلوم الاقتصادية، جامعة كربلاء، السنة الجامعية 2023.
  31. – قرار عدد،07/761 بتاريخ، 14/06/2007، ملف عدد، 2006/240 صادر عن محكمة الاستئناف 27التجارية بمراكش، “غير منشور”
  32. -نوري الشمري، عبد الفتاح ناظم محمد زهير العبدلات، الصرفية الالكترونية الأدوات والتطبيقات، دار وائل للنشر عمان، الأردن، ،2008ص205.
  33. -بنك المغرب، المخطط الاستراتيجي، لسنة 2024-2028، ص4.
  34. – Dr.Eknath Shankarrao Mundhe, « A Critical Study of E-Banking: Their Risks and Mechanisms of Risk Management »,In International Journal of Innovative Research in Science,Engineering and Technology, Vol. 5, Issue 11, November 2016 ,p :18873.
  35. -سبيحي سمير، مخاطر الدفع الالكتروني، مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية، المجلد 11، العدد 02.
  36. – Orientations LBC/FT Dans le Contexte de la Pandémie, COVID-19, AMMC, Novembre 2020, p. 10.

    Voir : https://www.ammc.ma/sites/default/files/Orientations%20LBCFT%20AMMC%20COVID19.pdf .

  37. – معزوز دليلة، أهمية الوفاء الالكتروني في أداء التأمين، مجلة معارف، قسم العلوم القانونية، السنة العاشرة، 20 يوليوز 2016، ص146
  38. -معزوز دليلة، أهمية الوفاء الالكتروني في أداء التأمين، مرجع سابق.
  39. -محمد فاضل بـاني، الحماية التقنية لوسائل الوفاء الإلكترونية- تطلعات قانونية، مقال نشر في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة، العدد 27، ص80-81.
  40. -محمد فاضل بـاني، الحماية التقنية لوسائل الوفاء الإلكترونية- تطلعات قانونية، مرجع سابق، ص81.
  41. – معزوز دليلة، أهمية الوفاء الالكتروني في أداء التأمين، مجلة معارف، قسم العلوم القانونية، السنة العاشرة، 20 يوليوز 2016، ص148.
  42. – محمد فاضل بـاني، الحماية التقنية لوسائل الوفاء الإلكترونية- تطلعات قانونية، مقال نشر في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة، العدد 27، ص80.
  43. -محمد فاضل بـاني، الحماية التقنية لوسائل الوفاء الإلكترونية- تطلعات قانونية، مرجع سابق، ص 80.
  44. -محمد فاضل بـاني، الحماية التقنية لوسائل الوفاء الإلكترونية- تطلعات قانونية، مرجع سابق، ص 80.
  45. -معزوز دليلة، أهمية الوفاء الالكتروني في أداء التأمين، مجلة معارف، قسم العلوم القانونية، السنة العاشرة، 20 يوليوز 2016، ص148، ولتوضيح أكثر ينظر الموقع التالي:

    https://www.lafinancepourtous.com/pratique/banque/moyens-de-paiement/la-carte-bancaire/payer-par-carte-bancaire-sur-internet-3d-secure-authentification-forte/ ، تم الاطلاع علية بتاريخ14/02/2025، على الساعة 00:33.

  46. – محمد فاضل بـاني، الحماية التقنية لوسائل الوفاء الإلكترونية- تطلعات قانونية، مقال نشر في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة، العدد 27، ص79.
  47. -يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، بحت نهاية التكوين المعهد العالي للقضاء، سنة 2015، ص39.
  48. تنص المادة 334 من مدونة التجارة على أنه: “تخضع المادة التجارية لحرية الاثبات. غير أنه يتعين الاثبات بالكتابة إذا نص القانون أو الاتفاق على ذلك”.
  49. يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، بحت نهاية التكوين المعهد العالي للقضاء، سنة 2015، ص39-40
  50. يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، مرجع سابق، ص41.
  51. يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، مرجع سابق، ص41.
  52. يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، مرجع سابق، ص 42.
  53. يوسف بوهدون، الجوانب القانونية لوسائل الوفاء الالكترونية، مرجع سابق، ص 42.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى