في الواجهةمقالات قانونية

نظرات قانونية في مجال الصحة بالمغرب -الواقع والمأمول – خولة بلعوني

 

 

نظرات قانونية في مجال الصحة بالمغرب -الواقع والمأمول

خولة بلعوني

طالبة باحثة في ماستر قانون الأسرة وقواعد الفقه المالكي

الكلية المتعددة التخصصات بأسفي

 

 

  مقدمة

   كشفت استجابة المغرب لأزمة كوفيد 19 عن القدرة الهائلة للدولة على تطبيق إجراءات الإغلاق الحاسمة حيث استطاعت قوات الأمن وموارد قطاع الصحة العمومية والدعم المالي للتخفيف من تأثير انتشار الفيروس على المدى القصير، غير أنه في مقابل ذلك عرت على حقيقة واضحة مفادها إن نظام الرعاية الصحية في البلد مازال يعاني من نقاط ضعف مزمنة إضافة إلى انعدام ثقة المواطنين في جودة الخدمات الصحية المقدمة واعتبارها جد منخفضة.

ويمثل قطاع الرعاية الصحية أحد القطاعات التي تؤثر سلبا على ترتيب المغرب في مؤشر التنمية البشرية، ذلك أن جودة الرعاية الصحية في المغرب تظل منخفضة بوجه عام كما أن هناك نقصا كبيرا في عدد العاملين في القطاع الصحي. وبالرغم من ارتفاع معدل الإنفاق على القطاع الصحي بشكل مضطرد إلا أن الإنفاق على الصحة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي ما زال منخفضا انخفاضا نسبيا وفقا لبيانات كشف عنها البنك الدولي في الأونة الأخيرة .

ويسجل ذات القطاع مظاهر صارخة لعدم المساواة في الولوج لخدمات الرعاية الصحية عالية الجودة، فهناك فجوة نوعية بين نظام الرعاية الصحية في القطاعين الخاص والعام إضافة إلى أن هناك تفاوتات جهوية في الولوج إلى الخدمات الصحية تميز بين ساكنة المناطق الحضرية ونظيرتها في المناطق القروية ارتباطا بذلك فإن معدلات وفيات الأمهات والرضع في المغرب يصنف من بين الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فضلا عن النقص الكبير الذي يعرفه القطاع في عدد العاملين وعدم وجود عدد كاف من الأسرة في المستشفيات العمومية.

في ذات السياق فإن العرض الطبي يعد دون مستوى الحاجيات بالنسبة لبعض الأمراض مثل السكري والسرطان والقصور الكلوي، والأمراض النفسية، وأمراض القلب والشرايين، وهو الأمر الذي بدأ يظهر بحدة كبيرة لدى الأشخاص المسنين. إلى جانب التزايد القوي في عدد الأشخاص المتعايشين مع فيروس السيدا، رغم خضوعهم للعلاج[1]

في مقابل ذلك وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى تثمين الرأسمال البشري الوطني، وإعادة هيكلة المنظومة الصحية الوطنية، والتي تشكل دعامة أساسية لضمان التنزيل السليم لورش تعميم الحماية الاجتماعية.

بناء عليه ينفذ المغرب حاليا واحدا من أكثر إصلاحات النظام الصحي طموحا وشمولا في العالم، مما يدل على التزامه ببناء رأس المال البشري. وستؤدي عملية الإصلاح إلى تحسين النتائج الصحية، وتقديم خدمات صحية عالية الجودة، من خلال تحسين الاستجابة على جميع مستويات النظام الصحي.وهذا ملحوظ من خلال وضع ترسانة قانونية و استراتيجيات تعد بمثابة خارطة الطريق نحو تحقيق التنمية  نهيك عن المشاركات الدولية والتي تجعل المغرب يحتل الصدارة في اهتمامه بالمجالس الصحي .

بناءا على ماسبق سوف نسلك التقسيم التالي من أجل التعاطي مع هذا الموضوع:

المحور الأول: الاستراتيجيات الوطنية للنهوض بقطاع الصحة

المحور الثاني: الاستراتيجيات الدولية للنهوض بقطاع الصحة

 

 

 

 

 

المحور الأول: الاستراتيجيات الوطنية للنهوض بقطاع الصحة

تجســيدا للإرادة الملكيــة الســامية الراميــة إلــى تعزيــز ركائــز الدولــة الاجتماعية وفــق نمــوذج وطنــي يضــع العنصر البشـري في صلب اهتماماتـه، بادرت الحكومة منــذ تنصيبهــا إلــى إعــداد رؤيــة اســتراتيجية مندمجــة للنهوض بقطاع الصحة، في إطار إصلاح هيكلي يهدف إلـى مواكبـة الـورش الملكـي لتعميـم التغطيـة الصحية الاجباريـة، مـن خـلال ضمـان خدمـات صحيـة ذات جـودة وفعاليـة، كفيلـة بتحقيـق ولـوج عـادل للعـلاج.

فأرضية النهوض بمجال الصحة و الإهتمام به توجد من الناحية القانونية أولا في دستور المملكة بإعتباره أسمى قانون في البلاد ثم الجائحة التي جعلت المغرب يعيد النظر في هذا القطاع وبالتالي وضع نموذج تنموي جديد وإستجابة لذلك وضع قوانين وضعية تساير الوضع الحالي ونحن بدونا سوف نطلع على كل ذلك ؛

  • دستور المملكة 2011

تتكون المنظومة الصحية بالمغرب من مجموع المؤسسات والموارد والأعمال المنظمة لتحقيق الأهداف الأساسية للصحة، والتي تقوم على أساس المبادئ التالية: التضامن وإشراك الساكنة في مسؤولية الوقاية والمحافظة على الصحة، والمساواة في الولوج إلى العلاج والخدمات الصحية، والإنصاف في التوزيع المجالي للموارد الصحية، والتكامل بين القطاعات واعتماد مقاربة النوع في الخدمات الصحية، وينص الفصل 31 من الدستور المغربي لسنة 2011،[2] على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة، من الحق في العلاج والعناية الصحية والحماية الاجتماعية والتغطية الصحية.[3]

إذن من خلال الفصل 31 أعلاه يتبين أن الخدمات الصحية هي حق للمواطن وواجب على الدولة وهي حق دستوري يستوجب على كل المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية تعبئة كل الوسائل المتاحة لتسهيل أسباب استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من الخدمات الصحية ،نهيك عن الفصلين 154,155من الدستور اللذان يجسدان مبادئ المكانة الجيدة و المساواة بين جميع جهات المملكة في الإستفادة من العلاج و الإستمرارية في أداء الخدمات ، وكذا الشفافية و محاسبة المسؤولين وكل القيم الديمقراطية التي أقرها الدستور.

  • النمودج التنموية الجديد

وضع تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد الأصبع على مجمل الاختلالات التي تضعف المنظومة الصحية بالمغرب. انطلاقا من ضعف جودة الخدمات العمومية المقدمة للمواطن؛ ضعف التغطية الصحية، مما ينهك الأسر المغربية المعوزة أصلا، بالإضافة إلى ضعف التكوين والبحث العلمي في المجال مرورا بضعف نسب التأطير المرتبط بالعدد القليل لمهني الصحة مقارنة مع التطور الديموغرافي الحاصل على مستوى التركيبة السكانية، وما صاحبه من انتقال وبائي بظهور أمراض جديدة في غالبيتها مزمنة وصولا إلى لفت الانتباه إلى التفاوتات أمام العرض الصحي.[4]

إن التنمية الشاملة للبلاد تتحقق أساسا عبر تأهيل كافة المستويات الترابية لتكون على قدر التحدي ، و ذلك من خلال الاهتمام بالبنية التحتية في المجالات الضرورية ( الصحة ، التعليم ، …)و ضمان التوزيع العادل للمرافق العمومية على صعيد التراب الوطني ، إضافة إلى تزويدها بالموارد المالية و البشرية الضرورية للنهوض بمهامها حتى يصح لنا بعد ذلك الحديث عن تنمية شاملة تقودها السلطة المركزية و تساهم فيها المستويات الترابية الأخرى للدولة.

من أهم إصلاحات النمودج التنموي الجديد هو إصلاح قطاع الصحة يجب أن تكون له الأولوية من خلال النهوض بالبنية التحتية الصحية و تأهيل الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية ، وتجهيز المستشفيات والاعتناء بصحة المواطن بالإضافة إلى توسيع هامش الإهتمام بالبحث العلمي في هذا المجال ، بحيث عندما نود معرفة مدى تقدم الدول و الشعوب يتم النظر الى مدى إستثمارها في الرأس المال البشري و من ضمن مجالاته الصحة ، أي أنها تتوفر على قدرة علاجية وتحقق بذلك الاكتفاء الذاتي لشعبها .

  • القوانين الوطنية

أولا فيمـا يخـص حكامـة القطـاع، فقـد سـارعت الحكومـة إلـى تنزيل مضامين هـذا الإصلاح الهام على المسـتوى المركـزي مـن خلال إرسـاء هيـكل تنظيمـي جديـد، وعلـى المستوى الجهوي استنادا لمبادئ الجهوية المتقدمة ومن هذا المنطلق، تـم إصدار قانون رقم 08.22 يتعلق بالمجموعـات الصحيـة الترابيـة، والـذي يهـدف أساسـا إلى دمـج الوحدات الاستشـفائية، الموجودة بـكل جهة، فــي إطــار مؤسســة عموميــة مســتقلة مسئولة علــى تنزيـل سياسـة صحيـة تسـتجيب لخصوصيـة كل جهـة، وتضمن الالتقائية والتنسيق بين كل مستويات العلاج وتدبيـره وفـق برنامـج طبـي جهـوي يعمـل على تحسـين المؤشرات الصحية، ويمكن المواطن من مسار عالجي محكم.

كمـا عملـت الحكومة علـى إحـداث الهيئة العليـا للصحة مــن خــلال القانــون رقــم 07.22 إيمانا منهــا بــأن نجــاح حكامـة قطـاع الصحـة يقتضي وجـود فاعل مؤسسـاتي مستقل، يعمل على ضمان استمرارية عمل الدولة في المجـال الصحـي ويتولـى التقييـم المسـتمر لسياسـتها الصحيـة، وكذا تقييم جودة الخدمات فـي القطاع العام.

وحرصــا مــن الحكومــة علــى تعزيــز الســيادة الصحيــة لبلادنا فــي مجــال الأدوية والمنتجــات الصحيــة وتحقيــق نجاعــة حكماتيــة، قامــت بإصــدار القانــون رقــم 10.22 المتعلــق بالوكالــة المغربيــة للأدوية والمنتجــات الصحيــة، عــلاوة علــى القانــون رقم 11.22 المتعلق بالوكالة المغربية للدم ومشتقاته، نظـرا لمـا تكتسـيه هـذه المـادة الحيويـة مـن أهميـة فـي المنظومـة الصحيـة، باعتبارهـا جـزءا لا يتجـزأ مـن الحـق فــي العــلاج، والــذي يتعيــن علــى الدولــة العمــل علــى توفيـره لـكل مواطـن مغربـي.[5]

فوعيــا مــن الحكومــة بــأن تعزيــز المنظومــة الصحيــة بمــوارد بشــرية كافيــة ومؤهلــة لمواجهــة النقــص الحاصــل علــى المســتوى الوطنــي، وكــذا تثميــن هــذه المــوارد البشــرية وتحفيزهــا، همــا مدخــلان أساســيان لإنجاح هـذا الإصلاح، فقـد عملـت علـى تعزيـز الترسـانة القانونيــة المتعلقــة بالمــوارد البشــرية بالقانــون رقــم 09.22 المتعلق بالوظيفة الصحية، الذي يهدف أساسا إلـى منـح ضمانـات قانونيـة تتناسـب مـع طبيعـة عمـل مهنيي الصحة، وإرساء نظام تحفيزي للأجور.

نهيك عن ورش تعميم الحماية الإجتماعية حسب قانون 09.21 ويتضمن تعميم الحماية الاجتماعية المحاور التالية: تعميم التأمين الإجبار الأساسي عن المرض ؛توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد لتشمل الأشخاص الذين يمارسون عمال وال يستفيدون من أي معاش ؛ تعميم الإستفادة من التعويض عن فقدان الشغل لتشمل كل شخص متوفر على شغل قار؛تعميم التعويضات العائلية من خلال تمكين الأسر التي لا تستفيد من هذه التعويضات وفق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية. وقد شكل هذا مساحة للنقاش وتبادل المعارف والخبرات في مجال أمن أنظمة المعلومات الصحية، كما هدفت إلى الاستجابة للحاجة الملحة لدعم التحول الرقمي الذي يعرفه القطاع الصحي إضافة إلى تسليط الضوء على التدابير الأمنية المناسبة التي يمكن تطبيقها لتحسين ثقافة الثقة الرقمية، مع التركيز على أهمية حماية البيانات والمعلومات في القطاع الصحي، والتي تعتبر ذات أهمية حيوية كما تنص على ذلك مقتضيات     القانون 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني.[6]

فرقمنة الإدارة تتجسد بالأساس في تبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية وعصرنتها وتجاوز الإكراهات التي كانت تعترض الخدمات التقليدية، من خلال الحرص على الاستخدام الأمثل لوسائل التكنولوجيا الحديثة لما لها من إمكانيات وقدرات في تلبية حاجيات ومتطلبات المواطنين والمواطنات بشكل سريع وسلس، وكذا تسهيل الخدمات المقدمة حسب قانون 55.19 .إن الرقمنة آلية لبلوغ أهداف متمثلة في تعزيز الثقة بين الإدارة والمتعاملين معها، إلى جانب القوانين ذات الصلة بالمجال الرقمي، من قبيل القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية والقانون 43.20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، والقانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي[7]

  • على مستوى العرض الصحي

أمـا بخصـوص تأهيـل العـرض الصحـي، والـذي تعتبـره الحكومة أحد المداخل الأساسية لضمان جودة العلاج للمواطــن مــن جهــة، وضمــان ظــروف العمــل الجيــد لمهنيـي الصحة من جهة أخرى، فقد باشـرت الحكومة، منـذ السـنة الأولـى مـن ولايتهـا، إطلاق أوراش لإعادة تأهيل وبنـاء وحدات صحية تهم كل مسـتويات العلاج، وذلـك فـي إطـار مقاربتهـا الشـاملة والمندمجـة لخلـق فضــاء ســيحقق مســارا علاجيا يضمــن لــكل مواطــن الجـودة فـي العـلاج.ومن أجل تقريب الخدمات الصحية وتيسير الولوج إليها لفائدة ساكنة المنطقة، تم افتتاح عدة مؤسسات صحية بعد الانتهاء من أشغال بنائها وتجهيزها وتوفير الموارد البشرية الضرورية.

 

 

المحور الثاني: الاستراتيجيات الدولية للنهوض بقطاع الصحة

يعد الحق في الصحة من أهم حقوق الإنسان الأساسية التي نصت عليها جل المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، كما أن هذا الحق يعتبر بمثابة الكاشف الحقيقي عن حالة الإنسان وراحته الجسمية والعقلية والاجتماعية، فضلا على أنه مدار لكثير من الحقوق الأخرى، كالحق في الغذاء والحق في السكن والحق في بيئة نظيفة. وعليه فسيتم التركيز في هذه الدراسة على التعريف بحق الإنسان في الصحة وعلى ضمانات إرساء هذا الحق وآليات الرقابة الدولية على حمايته.

  • منظمة الصحة العالمية

تأسست منظمة الصحة العالمية عام 1948 للعمل على (تمتع الأفراد بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه)،وتعمل منظمة الصحة العالمية على تحسين طرق الرعاية الصحية ووضع المعايير الدولية المتعلقة بالصحة ومن أهم أهدافها تقديم خدمات ذات صفة عالمية كنشر المعلومات بانتظام عن تفشي الأمراض الخطرة، تقديم المنح الدراسية في الخارج والمساعدة في استئصال الأمراض والعناية بالصحة العقلية، وتشجيع البحوث الطبية لاكتشاف أسباب الأمراض وطرق علاجها.

كما تتبع المنظمة في نشاطها سلوكا يقوم على مبدأ(الصحة للجميع)، ومن إنجازاتها القضاء على مرض الجدري بعد حملة عالمية من اللقاح والمراقبة انطلقت سنة 1997وأنشأت برنامج مكافحة السل سنة 1995 ،وكما للمنظمة برامج صحية لمكافحة داء السكري ،ومرض الروماتيزم المزمن والربو…الخ.[8]

يقول دستور منظمة الصحة العالمية، إن الغرض منها هو توفير أفضل ما يمكن من الحالة الصحية لجميع الشعوب حتى الآن. لتحقيق هذا الهدف بدأت حملة في عام 1998 تسمى “الصحة للجميع في القرن الحادي والعشرين. ينبغي أن تكون درجة الصحة على مستوى يُتاح لجميع الناس، ومنتجةً اجتماعياً واقتصادياً. الصحة تعتبر جزءاً أساسياً من التنمية البشرية المتطورة. دستور منظمة الصحة العالمية يصحح منَ اكتمال السلامة بدنيا وعقليا والرفاهِ الاجتماعي، ووجود المرض أو العجز. هذا التعريف للصحة التي حددتها لمفهوم تعزيز الصحة في ميثاق أوتاوا لعام 1986 وضعت منظمة الصحة العالمية. وافترض تحقيق هذا الشرط سواء من الأفراد والجماعات؛ لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم والآمال والواقع، وتصور بيئتهم والتعامل مع التغيير.

  • الإعلان العالمي لحقوق الانسان

لا يجوز للدولة أن تتجاوز أحكام العهود الدولية التي أبرمتها ،فيجب عليها صياغة قوانينها الداخلية بطريقة منسجمة مع التزاماتها الدولية التي وقعت أو صادقت عليها ،والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة في 10 ديسمبر 1948 يعتبر المصدر الأول، والمحوري، وضمانة رئيسية لحماية كل أشكال وأنواع حقوق الإنسان، وبما أن حماية الإنسان وسلامة جسده وصحته هي محور اهتمام الساحة الدولية القانونية.[9]

فقد ورد من خلال بنود الإعلان حق الفرد في الحياة والحرية وسلامة شخصه، ونصت المادة 25 منه على أن لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له لأسرته ،وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية ،وله الحق في ما يؤمن بهو الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه كما أشارت الفقرة الثانية من ذات المادة إلى ضرورة توفير رعاية ومساعدة خاصتين بالأمومة والطفولة. و بهذا يكون الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو وثيقة أشبه بخارطة طريق للحقوق والحريات الأساسية والتي تمثل بدورها أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان.[10]

  • العهد الدولي للحقوق الإجتماعية والثقافية والإقتصادية

العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هي معاهدة متعددة الأطراف اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 ودخلت حيز النفاذ من 3 يناير 1976. تلزم أطرافها العمل من أجل منح الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الأقاليم والأفراد الثقة غير ذاتية الحكم وبما في ذلك حقوق العمال والحق في الصحة وحق التعلم والحق في مستوى معيشي لائق.

اعتبارا من عام 2015 فقد صدق على العهد 164 دولة ، وينص في المادة 12 منه على أن الدول الأطراف تقر في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.

تشمل التدابير التي يتعين على الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل:

العمل علي خفض معدل موتي المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نموا صحيا، تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية، الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها، تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.

  • إتفاقية حقوق الطفل

تهم هذه الإتفاقية حماية دولية لحقوق الطفل بحث تنص في المادة 24 منها على أن  الدول تعترف  بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي. وتبذل الدول الأطراف قصارى جهدها لتضمن ألا يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه.

تتابع الدول الأطراف إعمال هذا الحق  وتتخذ، بوجه خاص، التدابير المناسبة من أجل: خفض وفيات الرضع والأطفال، توفير المساعدة الطبية والرعاية الصحية اللازمتين لجميع الأطفال مع التشديد على تطوير الرعاية الصحية الأولية، مكافحة الأمراض وسوء التغذية حتى في إطار الرعاية الصحية الأولية، عن طريق أمور منها تطبيق التكنولوجيا المتاحة بسهولة وعن طريق توفير الأغذية المغذية الكافية ومياه الشرب النقية، آخذة في اعتبارها أخطار تلوث البيئة ومخاطره،  الرعاية الصحية المناسبة للأمهات قبل الولاة وبعدها،

تزويد جميع قطاعات المجتمع، ولا سيما الوالدين والطفل، بالمعلومات الأساسية المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته، ومزايا الرضاعة الطبيعية، ومبادئ حفظ الصحة والإصحاح البيئي، والوقاية من الحوادث، وحصول هذه القطاعات على تعليم في هذه المجالات ومساعدتها في الاستفادة من هذه المعلومات، تطوير الرعاية الصحية الوقائية والإرشاد المقدم للوالدين، والتعليم والخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة.

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الفعالة والملائمة بغية إلغاء الممارسات التقليدية التي تضر بصحة الأطفال. تتعهد الدول الأطراف بتعزيز وتشجيع التعاون الدولي من أجل التوصل بشكل تدريجي إلى الإعمال الكامل للحق المعترف به في هذه المادة. وتراعى بصفة خاصة احتياجات البلدان النامية في هذا الصدد[11]

 

  • إتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز بين الرجل والمرأة

هذه الاتفاقية خصصت المواد 11/12/13 منها لحق الصحة بإعتباره من الحقوق الأساسية بحث جاء فيها مايلي :

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان الرعاية الصحية من أجل أن تضمن لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، الحصول على خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة.

بالرغم من أحكام الفقرة 1 من هذه المادة تكفل الدول الأطراف للمرأة خدمات مناسبة وقد أعلن وزير المالية عن فتح المجال أمام المؤسسات الصحية العالمية للعمل والاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة، كما أعلن عن فتح مهنة مزاولة الطب أمام الخبرات والكفاءات الأجنبية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

يعاني قطاع الصحة العمومية بالمغرب من مجموعة مضاعفات إجتماعية ومادية مرتبطة أساسا بالنمو الديموغرافي المتزايد خلال السنوات الأخيرة، مقابل هزالة الدعم المادي واستئثار فئة قليلة من صلاحيات التغطية الصحية والفساد المتفشي في المستشفيات العمومية. كما أن الميزانية العامة لقطاع الصحة ضئيلة جدا ،وهذا ما جعل المغرب يتخد خطوة جريئة من أجل النهوض بقطاع الصحة وتندرج هذه الخطوة غير المسبوقة، ضمن مجموعة من الإجراءات التي أعلنها الوزير لرفع التحديات التي يعاني منها قطاع الصحة، وذلك بهدف إنجاح الورش الضخم المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، والذي يحظى برعاية ملكية خاصة.

وقد أعلن وزير المالية عن فتح المجال أمام المؤسسات الصحية العالمية للعمل والاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة، كما أعلن عن فتح مهنة مزاولة الطب أمام الخبرات والكفاءات الأجنبية ، وذلك بهدف إنجاح الورش الضخم المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، والذي يحظى برعاية ملكية خاصة. ويعد تعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة بنهاية السنة المقبلة، من ركائز هذا المشروع الذي يوصف ب”ثورة مجتمعية”.

 

 

 

 

 

 

 

 

لائحة المراجع

البحوث والمقالات:

https://marocuniversel.com/%d8%b1%d9%87’d8%a7%d9%86رهان تأهيل وإصلاح قطاع الصحة بالمغرب بين الاختلالات المطروحة والفرص الممكنة..-،تاريخ الاطلاع 29/07/2024.

عصام أزمي،الإطار الدستوري و القانوني للمنظومة الصحية بالمغرب ،مجلة قانونك ،العدد 13، الموسم الثالث 1443/1444،بتاريخ 13يوليوز -شتنبر 2022.

المواقع الإلكترونية

https://alhoukouma.gov.ma/%D8%A5%D8%B5%’9%84%D8%A7%D8%AD-%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9-

20:14https://www.sante.gov.ma/sites/Ar/Pages/communiqu%C3%A9s.aspx?communique

: https://www.hespress.com/%D8%B1%

/tps://jilrc.com/archives/16411

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9

08 : https://www.unicef.org/ar/%D9%86

[1] https://marocuniversel.com/%d8%b1%d9%87’d8%a7%d9%86رهان تأهيل وإصلاح قطاع الصحة بالمغرب بين الاختلالات المطروحة والفرص الممكنة..-،تاريخ الاطلاع 29/07/2024.

[2] ظهير شريف رقم 91-11-1 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور.، منشور بالجريدة الرسمية رقم 5964، بتاريخ30/07/2011.

[3] عصام أزمي،الإطار الدستوري و القانوني للمنظومة الصحية بالمغرب ،مجلة قانونك ،العدد 13، الموسم الثالث 1443/1444،بتاريخ 13يوليوز -شتنبر 2022، الصفحة 146.

[4] النمودج التنموي الجديد ،ملخص التقرير العام للجنة الخاصة بالنمودج التنموي،، ابريل 2021.

[5] https://alhoukouma.gov.ma/%D8%A5%D8%B5%’9%84%D8%A7%D8%AD-%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5% »8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%A7% »9%84%D9%88% »8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9/

[6] https://www.sante.gov.ma/sites/Ar/Pages/communiqu%C3%A9s.aspx?communiqueID=837

[7] يوسف كبيطي ، رقمنة الخدمات الإدارية، تاريخ الاطلاع 2/08/2024. ،https://www.hespress.com/%D8%B1%D9 »82%D9%85%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%AA%D8%B7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84-1287143.html# :~ :text=%D9%88%D8%A5%D8%B0%D8%A7%2 %D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA%20%D8%A3%D9%87%« 8%AF%D8%A7%D9%81%20%D8%A7%D9%84%D8% »1%D9%82%D9%85%D9%86%D8%A9%20%D8%AA%D8%AA% »8%AC%D8%B3%D8%AF,%D9%88%D8%B3%D9%84%D8%’3%D8%8C%20% »9%88%D9%83%D8%B0%D8%A7%20% »8%AA%D8%B3%D9%87%D9%8A% »9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%AE% »8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D’%85%D9%82%D8%AF%D9%85%D8%A9

[8] https://jilrc.com/archives/16411

[9] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%87%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9 »84%D9%8A_%« 8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7% »8%B5_%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82_% »8%A7%D9%84%D8%A7% »9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9_% »9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7% »8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A

[10] https://jilrc.com/archives/16411

[11] https://www.unicef.org/ar/%D9%86 D8%B5-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7% »9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى