في الواجهةمقالات قانونية

الموانع القانونية لإصدار الأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي وموقع النظام العام -دراسة في ضوء الاجتهاد القضائي المغربي و المقارن-

 

الموانع القانونية لإصدار الأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي وموقع النظام العام

-دراسة في ضوء الاجتهاد القضائي المغربي و المقارن-

تقديم:

يعتبر الحكم التحكيمي هو الهدف المتوخى من العملية التحكيمية برمتها، إذ تنتهي مهمة الهيئة التحكيمية بمجرد صدوره ولا يبقى بعد ذلك سوى تنفيذه، والأصل الواجب اتباعه من قبل الأطراف هو احترام الحكم التحكيمي وتنفيذه اختياريا من قبل الطرف الذي صدر في مواجهته، غير أن امتناع هذا الأخير وتعنته يحتم انذاك اللجوء إلى الجهة القضائية المختصة قصد منحه الصيغة التنفيذية ليرقى بذلك إلى مستوى الأحكام القضائية من حيث الجبرية في التنفيذ.

     ولا شك أن الأمر بالتنفيذ هو الإجراء الذي يصدر عن المحكمة المختصة قانونا التي تأمر بتمتع حكم التحكيم وطنيا كان أو دوليا بالقوة التنفيذية، فهو يمثل نقطة الالتقاء بين القضاء الخاص -الهيئة التحكيمية- والقضاء العام للدولة،  لا شك أن القضاء الوطني يمارس دورا رقابيا قبل إصدار الأمر بإعطاء الصيغة التنفيذية وبعدها، وتتجلى أهمية الرقابة في كون أن القاضي يستقبل الطلبات من طرف الخصم الذي صدر الحكم ضده قصد رفضه لمنح الصيغة التنفيذية إذا توفرت مبطلاتها، كما أن الدور الإيجابي للقضاء الوطني يمثل في تنفيذ حكم التحكيم الداخلي أو الدولي عبر الاعتراف له بالحجية إذ لا يجوز إعادة طرح نفس النزاع الذي تم الفصل فيه أمام أي جهة قضائية أخرى، وتعتبر عملية التنفيذ خدمة جليلة تقوم بها الجهة المختصة قصد حماية هذا الحكم من كل امتناع عن تنفيذ الحقوق.

إذن فالمحكمة المختصة المعروض عليها حكم التحكيم خولت لها الاتفاقيات الدولية وكذا القوانين الداخلية بصلاحية المحكمة المانحة للصيغة التنفيذية بإثارتها التلقائية دون تمسك أي طرف للمسائل التي تدخل في صميم النظام العام سواء الوطني أو الدولي، وذلك رغبة منه في منع كل تسلل قد يمس بالسيادة التي تقوم عليها المرتكزات الجوهرية للدولة وهويتها، لكن وفي المقابل تشكل رقابة القاضي الوطني لأحكام التحكيم حين يراد تنفيذها ضمانة محورية للتأكد من نظامية هذه الأحكام إن على المستوى الشكلي، وذلك تفاديا لأن تصبح أحكام  المحكمين أحكاما يفرض فيها القوي سلطته على الضعيف[1].

ومن هذا المنطلق وقصد الإحاطة بمختلف جوانب هذا المضوع الذي يعد من الأهمية بمكان خلال آخر مرحلة يصل إليها حكم التحكيم وهي طبعا عملية التنفيذ، فحري بنا أن نتساءل كيف يتعامل القضاء المغربي أثناء مراقبته لطلبات تنفيذ أحكام التحكيم؟ وهل تشكل ضوابط النظام العام عقبة في وجه أحكام التحكيم المراد تنفيذها؟ وماهي الحدود المرسومة للقضاء خلال تقييمه لمدى مطابقة هذه الأحكام للنظام العام؟

 

المبحث الأول: المرتكزات القانونية المعتمدة لرفض تنفيذ الحكم التحكيمي.

لو تتبعنا الأحكام التحكيمية الداخلية أو الدولية من الناحية العملية لوجدنا أنها قد تحمل كل الشروط الواجبة لتنفيذها سواء تلك المتعلقة بحكم التحكيم أو باتفاق التحكيم وغيرها، كما أن وجود هذا الحكم لا يكفي للأمر بتنفيذه جبرا على اعتبار أن هذا الأمر يتم بناءا على طلب يقدمه الطرف الذي صدر الحكم التحكيمي لصالحه، لكن الشرط الجوهري لتنفيذه يتمحور بالأساس في سلامة الحكم التحكيمي من الحالات التي حددها القانون من أجل منحه الصيغة التنفيذية (المطلب الأول)، كما أن هناك حالات يتم فيها رفض إضفاء الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم نظرا لعدم قابلية النزاع للتحكيم أصلا (المطلب الثاني).

المطلب الأول: حالات رفض إضفاء الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم.

تجدر الإشارة بداية أن نفس الشروط المتعلقة برفض التنفيذ تنطبق على أحكام التحكيم الداخلية و الدولية لأن المشرع لم يضع فرقا بين المقتضيات الواردة في الفصل 327.36 الخاص بالتحكيم الداخلي وبين الفصل 327.49 الخاص بالتحكيم الدولي، حيث رسمت التشريعات المقارنة وأيضا القانون الداخلي المغربي مجموعة من الضوابط التي بمقتضاها يتم رفض منح الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم، غير أن هذه الضوابط منها ما يثيره الطرف الذي صدر الحكم في مواجهته، ومنه ما تثيره المحكمة من تلقاء نفسها كعدم قابلية النزاع للتحكيم مما يؤدي إلى رفض القاضي المختص لإسدال هذا الحكم بتأشيرة العبور قصد تنفيذه.

إن مرحلة صدور الحكم التحكيمي تعد محطة رئيسية تأتي بعدها مجموعة من الإجراءات قصد الحصول على صيغة تنفيذية من أجل التنفيذ الجبري في مواجهة الطرف الذي صدر الحكم التحكيمي ضده، غير أن هذا الأخير يمكنه أن يتقدم بطلب إلى رئيس المحكمة المختصة ليمنع إكساء الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية وذلك إذا توافرت الحالات التي سنعمل على سردها تواليا في ضوء كيفية تعامل القضاء مع هذه الحالات.

  1. عدم صحة اتفاق التحكيم

يعتبر اتفاق التحكيم الأرضية الأساس في العملية التحكيمية فهو بمثابة مرجع لمعرفة تفاصيل إرادة أطراف النزاع في الإحالة على المحكمين وقد يأخذ هذا الاتفاق صورة شرط يعمل الأطراف على إدراجه في العقد وهذه الحالة تسمى شرط التحكيم، وإما أن يأخذ صورة أخرى وهو مشارطة التحكيم ويتم هذا المقتضى بعد نشوء النزاع، ومهما كانت الصورة التي يأخذها هذا الاتفاق فلابد من توفر الشروط الموضوعية اللازمة لانعقاده وهيكل من الرضا والأهلية والمحل والسبب[2]، ناهيك عن الشروط الشكلية المتمثلة أساسا في الكتابة وكذا تحديد موضوع النزاع، وكما هو معلوم أن الرضا يتحقق بين الطرفين بتوافق إرادتهما على التحكيم دون أن يشوب هذا التراضي غلط أو تدليس أو إكراه حسب ما ورد عن هذه العيوب من مفاهيم ضمن القانون المدني بشكل عام.[3]

وهذه الإرادة لا يشترط أن تكون  صريحة وإنما يمكن أن تكون ضمنية تستنتج من معاملات الأطراف السابقة وإيرادهم لشرط التحكيم في عقود من نفس طينة العقد الذي أغفلوا فيه ذكر شرط التحكيم لتسوية ما قد ينشأ عنه من منازعات.

وبالرجوع إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 فإن  أول شرط وضعته من أجل صحة اتفاق التحكيم هو شرط الأهلية، فقد نصت في الفقرة الأولى (أ) المادة الخامسة على رفض تنفيذ حكم التحكيم بسبب انعدام أهلية الأطراف حيث جاء فيها على أنه: ” يجوز للدولة رفض الإعتراف وتنفيذ حكم التحكيم إذا قدم الخصم للسلطة المختصة في الدولة المطلوب التنفيذ فيها على أن أطراف اتفاق التحكيم كانوا عديمي الأهلية طبقا للقانون الواجب التطبيق عليهم”.

إذن فالاتفاق هو أساس التحكيم فإذا تخلله عيب فإن من شأن ذلك أن يؤثر على عملية التحكيم برمتها وبالتالي الحكم الناتج عنها فيعيق طلب تنفيذه، وهذا ما كرسه قانون التحكيم المصري في المادة 53 حيث جاء فيها على أنه: “تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إذا لم يوجد اتفاق التحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلا أو قابلا للإبطال أو سقط بانتهاء مدته”.

وكذلك الأمر بالنسبة للمشرع الفرنسي الذي أجاز هو الأخر ضمن مقتضيات المادة 1502.10 على أن الطعن في حكم التحكيم بالاستئناف، وذلك إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان باطلا أو انقضت مدته.[4]

والمشرع المغربي شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات التي تنهج الأسلوب اللاتيني ، أورد في الفقرة الثالثة من الفصل 327.36 من القانون 05-08 على أنه: “لا يكون الطعن بالبطلان ممكن إلا في الحالات الآتية:   

إذا صدر الحكم التحكيمي في غياب اتفاق التحكيم أوإذا كان اتفاق التحكيم باطلا، وينبغي حتى تكون عملية التحكيم صحيحة ويتسنى بذلك تنفيذ حكم التحكيم سواء في الدولة التي صدر فيها أو في دولة أجنبية أن يكون هناك اتفاق تحكيم صحيحا فعالا وساريا حتى لحظة صدور الحكم، وتجب الإشارة أن العقد المتضمن لشرط التحكيم لا يبطل إذا كان شرط التحكيم ذاته باطلا نظر لاستقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي.[5]

فإذا لم يكن هناك اتفاق على التحكيم أو كان شرط التحكيم باطلا أو سقط بانتهاء مدته، فإن ذلك يجعل الحكم مفروغا من محتواه ولا أساس له، وبالتالي يمكن للمنفذ ضده أن يطلب رفض تنفيذ هذا الحكم أو أن يرفع دعوى بطلان حكم التحكيم.[6]

ومن التطبيقات القضائية في شأن إثبات صحة اتفاق التحكيم من عدمها، فقد جاء في قرار بليغ عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، حيث اعتبر انه لا يمكن اللجوء إلى التحكيم إلا إذا  كان هناك شرط تحكيمي أو اتفاقي على التحكيم حرر بشكل معبر عن إرادة  الطرفين إما من خلال عقد أو خطابات متبادلة كما هو منصوص عليه غي المادة الثانية من اتفاقية نيويورك، واستبعد الفاكسات المتبادلة بين الطرفين حول إسناد الاختصاص لأحكام “كافتا” للتحكيم بخصوص صفقة بيع القمح لعدم تضمن ما يفيد موافقة الطاعنة على اختيار التحكيم لفض نزاعها، مضيفة أن ما تضمنه القانون المدني  من سكوت عن الرد المعتبر بمثابة قبول لا يعمل به لما يتطلب الأمر من الاتفاق الصريح على التحكيم.[7]

  1. انتهاك حقوق الدفاع في الدعوى التحكيمية.

يعتبر حق الدفاع أمام القضاء من الحقوق الإجرائية الأصيلة، إذ يتمثل في مجموعة من الضمانات الإجرائية التي تتيح للخصم أن يقدم وجهة نظره في الخصومة القضائية أو التحكيمية  والتي يكون طرفا فيها، وأن يناقش ما قدم فيها من عناصر قانونية واقعية.[8]

وعلى هذا الأساس فقد أقرت المادة الخامسة من اتفاقية نيويورك في الفقرة الأولى (ب)  على أنه “يجوز للدولة المطلوب منها تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي على أرضها أو الاعتراف به أن ترفض تنفيذ هذا الحكم إذا قدم الخصم المطلوب تنفيذ الحكم عليه أنه لم يعلن إعلانا صحيحا بتعيين المحكمة أو بإجراءات التحكيم أو كان من المستحيل عليه لسبب آخر أن يقدم دفاعه”.

وهذا المقتضى اقتبسه المشرع المغربي من خلال الفصل 327.36 الفقرة الخامسة وجعله في الحالات التي توجب الطعن بالبطلان في حالة ما إذا تعذر على طرف تقديم دفاعه بسبب عدم تبليغه تبليغا صحيحا عند تعيين المحكم أو أي سبب أخر يتعلق بواجب احترام حقوق الدفاع.

إن الحق في الدفاع من المبادئ الرئيسية التي لا يمكن إنكارها والذي يدخل بين ثناياه مبدأ التواجهية الذي يعتبر تعبيرا واضحا  على معاملة أطراف التحكيم على قدم المساواة وإتاحة لكل منهما فرصا كاملة ومتكافئة لعرض دعواه و دفوعاته وممارسة حقه في الدفاع.[9]

وقد اتجه المشرع الفرنسي في إطار القانون المقارن من خلال المادة[10] 1460.1 من ق.م.م.ف إلى إقرار سلطة المحكم في الأمر تلقائيا بكل إجراءات التحقيق المقبولة قانونا، كما هو الشأن في المحاكم العادية فإن التحقيق أمام الهيئات التحكيمية يجب أن يجري محترما لمبدأ التواجهية تأمينا لحقوق الدفاع، ومن هذا المنطلق جاء قرار لمحكمة الاستئناف بباريس بتاريخ 2011-04-27 ليؤكد أن حكم المحكمين صدر بدون إخبار الأطراف بالدراسة التكميلية التي قام بها الخبير الفني المكلف وقد اعتمد على عناصر مستمدة منه، وبذلك يكون هذا الحكم باطلا لمخالفته حقوق الدفاع.

وقد سار المشرع المصري من خلال المادة 53.1 من ق.ت.م على نهج القانون الفرنسي من حيث الأخذ بمبدأ احترام حقوق الدفاع ومن تم مبدأ التواجهية على اعتبار انه مبدأ متفرع من هذا الحق وسبب من أسبابه، وذلك بالرغم من الصياغة المستعملة في كلا القانونين.

لكن بالرجوع إلى القانون المغربي فبالرغم من أن المشرع من خلال الفصل 327.10 قد حدد الأمور التي تشكل ضربا صارخا في مبدأ الحق في الدفاع، إلا أن الاجتهاد القضائي المغربي قد كرس حالات أخرى من شأنها أن تمس بهذا الحق، ففي أمر استعجالي صادر عن نائبة رئيس المحكمة التجارية بالرباط في نزاع بين ش.م.م، حيث جاء ضمن حيثياته: ” بالنسبة لخرق حقوق الدفاع فبالرجوع إلى الحكم التحكيمي موضوع الطلب، نجده قد خرق مجموعة من القواعد المتصلة بالنظام العام الوطني التي تمس حقوق الدفاع، والمعتبرة من بين المبادئ الجوهرية التي يحرس قضاء التذييل على احترامها، ذلك أن الحكم المذكور قد مس وخرق حقوق الدفاع من خلال الوقائع والنقاط القانونية الآتية:

  • عدم تنبيه المدعى عليها الأولى بضرورة الاستعانة بمحام اعتبارا لحجم القضية وتداعياتها المحتملة.
  • اعتبار المسمى بيتركيش بمثابة ممثل قانوني للمدعية وفي نفس الوقت شاهد في القضية المعروضة على أنظار الهيئة التحكيمية.
  • التمسك بلغة تجهلها المدعى عليها والإقرار بذلك من قبل المحكمة.
    • بخصوص الاستعانة بمحام

فإنه بالرجوع إلى الحكم التحكيمي موضوع الطلب تجده لا يثير في حيثياته إلى إعذار المدعى عليها بإمكانية الاستعانة بمحام أو مستشار خلال جميع مراحل مسطرة التحكيم، واعتبارا لحجم القضية وتداعياتها لم تعمد الهيئة التحكيمية المكونة من محامين متمرسين إلى بيان هذه المسألة وإثارتها ولو من الناحية الشكلية خصوصا وأن المدعية ينوب عنها محامين اثنين كما هو واضح في الصفحة الرابعة من ترجمة الحكم التحكيمي.

وأن عدم إعذار المدعى عليها بمدى ضرورة تمثيلها بمحام يشكل مسا خطيرا بحقوق الدفاع ويجعل مبدأ مساواة الأطراف أمام الهيئة التحكيمية معطلا، وبالتالي يجعل الحكم التحكيمي المراد الإعتراف وتنفيذه باطلا ومخالفا للنظام العام الوطني.

  • بخصوص اعتبار الممثل القانوني للمدعية كشاهد في القضية المعروضة على أنظار الهيئة التحكيمية:

بالرجوع إلى مجريات ملف النزاع يتبين خلال جلسة الاستماع التي تم عقدها و عرفت حضور ممثلي المدعية، حيث صرح “بيتركيش” في الصفحة العاشرة من محضر الاستماع التي صرح فيها بأنه حضر بصفته ممثل الشركة إينر سبيل في هذا النزاع، غير أنه بالرجوع إلى الحكم التحكيمي نجد أن هيئة التحكيم عملت على تكييف هذا التصريح كشهادة مدلى بها وليس كتصريحات تقدم بها باعتباره ممثل قانوني للشركة.

وإن من شأن الخلط بين صفة الممثل القانوني للمدعية وصفته كشاهد والإرتكاز على شهادته يشكل خرقا سافرا لقواعد الإثبات لأنه من غير القانوني اعتبار تصريحات الممثل القانوني شهادة فاصلة في النزاع واعتمادها كوسيلة إثبات.

وبناء على ذلك تكون الهيئة التحكيمية قد خرقت قواعد ال الإثبات مما يجعل الحكم التحكيمي معرضا للبطلان ومن ثم يتعين رفض الطلب.

  • بخصوص التمسك بلغة يجهلها المطلوب الأول والإقرار بعد ذلك من قبل الهيئة التحكيمية.

إن العقد المضمن لشرط التحكيم ينص صراحة على أن لغة التحكيم هي اللغة الانجليزية وأنه ما فتئ في مراسلاته يشدد على أنه يجهل اللغة المذكورة.

وإن الهيئة التحكيمية قد اعترفت وأقرت بجهل العارض للغة الانجليزية، وهنا يتضح أن حقوق الدفاع منتفية وأن القضاء المغربي قد استقر على أن الأمي هو الذي لا يعرف لغة التحكيم حسب الاجتهادات المتواترة في هذا الباب.[11]

وتأسيسا على ما تناولناه من خلال هذا الأمر القضائي نستشف أن حقوق الدفاع لا يمكن حصرها، فبالرغم من تحديد المشرع لبعض حالات الإخلال بحقوق الدفاع ضمن الفصل 327.10 من قانون 05-08، إلا أن القضاء يمكنه أن يستنبط بعض الخروقات المتعلقة بحقوق الدفاع والمرتبطة بالنظام العام عند بته في الطلبات الموجهة إليه عموما، وطلب الحصول على الصيغة التنفيذية خصوصا.

  1. عدم احترام المحكمين للمهمة المخولة لهم من قبل الأطراف

إن التحكيم نظام اتفاقي في نشأته وبما أن اتفاق التحكيم يعد بمثابة خريطة الطريق  التي تسير على هديها الهيئة التحكيمية، فإن هذه الأخيرة ملزمة باحترام إرادة الأطراف وعدم تجاوز الحدود المرسومة على اتفاق التحكيم، فإذا حدث أن بت المحكم في نزاع لم يتم الاتفاق على عرضه أمامه من قبل الأطراف أو فصل في النزاع المعروض عليه والمضمن أساسا باتفاق التحكيم لكنه تجاوز حدود الاتفاق موضوع التحكيم[12]، فيجوز في هذه الحالة أن يلجأ الطرف المنفذ عليه الحكم التحكيمي أن يرفع دعوى بطلان الحكم التحكيمي.

فإذا صدر حكم التحكيم خارقا لهذه الحدود كأن يفصل المحكم في مسألة لا يشملها الاتفاق أو حكم بما لم يطلب منه الخصوم، يمكن حينها المطالبة ببطلان هذا الحكم[13]، إذن فالبرغم مما توفره النصوص القانونية والاتفاقيات الدولية من مرونة واضحة لاحتواء كافة جوانب النزاع دون الوقوف عند العرض الأولي لموضوع النزاع وفق اتفاق التحكيم، فإن الإشكال يطرح في تحديد ما يدخل في صلب النزاع من طلبات عارضة فيجوز قبوله ،وما يخرج عن نطاق الخصوصية يرفض حالا وإلا كان الحكم باطلا لتجاوزه نطاق المسألة المعروضة عليه.

نستنتج مما تقدم أن مبدأ التفسير الضيق لاتفاق التحكيم من ناحية تحديد موضوع النزاع لا يمنع  المحكمين من البت في المسائل التبعية  التي تعد جزءا لا يتجزأ من النزاع، إذ يسلم الاجتهاد القضائي الفرنسي بأن: “اختصاص المحكم يمتد بطبيعة الحال إلى كل الطلبات الملحقة أو التبعية، يشترط أن تكون مرتبطة بالطلب الأصلي برابطة وثيقة على أنه طلب لوقف التنفيذ، وعندما يعهد إليهم بمهمة تصفية الحسابات بين الأطراف فإنه يمكنهم دون أن يعتبروا متجاوزين لحدود مهمتهم إجراء المقاصة.[14]

وعليه فإن رئيس المحكمة بصفته قاضيا للتذييل بالصيغة التنفيذية يحق له إما أن يرفض طلب التذييل أو أن يستجيب له من غير إمكانية الحكم بعدم الإختصاص لوجود منازعة جدية في الموضوع، ما دام نطاق وحدود اختصاصه لا يمتد إلى جوهر النزاع من جهة، ولأن اختصاصه للنظر والبت مقرر بنص خاص لا يرجع بشأنه إلى القواعد العامة المؤطرة للقضاء الاستعجالي أو الولائي[15]، وتكريسا لهذه القاعدة جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ما يلي: “وحيث أن اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية المقدم له طلب التذييل بالصيغة التنفيذية ملزم فقط بالتأكد من أن الحكم التحكيمي غير معيب ببطلان يتعلق بالنظام العام.

وحيث أن اختصاص رئيس المحكمة منعقد للبت في طلب تذييل حكم تحكيمي بالصيغة التنفيذية وله إما التصريح برفض الطلب وليس له مناقشة جوهر النزاع والقول بوجود منازعة جدية من عدمه.[16]

  1. عدم صحة تشكيل الهيئة التحكيمية أو الإجراءات التحكيمية.

إذا أثبت المنفذ ضده أن تشكيل هيئة التحكيم أو أن القواعد الإجرائية للتحكيم في حالة عدم الاتفاق لم تراعى في عملية التحكيم فإن القاضي يرفض تنفيذ ذلك الحكم التحكيمي، إذ إن من أهم الضوابط المطلوبة لتنفيذ هذا الحكم أن تكون مسطرة التحكيم غير مشوبة بعيب إجرائي ابتداء من إبرام اتفاق التحكيم ومرورا بمرحلة تشكيل الهيئة التحكيمية وصولا إلى صدور الحكم التحكيمي.

يتضح من خلال هذا النص أن إخضاع تشكيل هيئة التحكيم وإجراءات التحكيم للقانون المتفق عليه من قبل الأطراف يتماشى مع الطابع الاتفاقي و الرضائي للحكم الذي تم تفعيل إرادة الأطراف فيه، والتي يدخل ضمنها علاوة على ذلك تحديد القانون الواجب  التطبيق على اتفاق  التحكيم ذاته وعلى موضوع النزاع، كما يملك الأطراف أيضا اختيار القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم والذي يحدد كيفية تشكيل الهيئة التحكيمية وطريقة ممارستها  لسلطاتها في النزاع.[17]

فإذا كان المحكم الذي تم تعيينه شخصا قاصرا أو محجورا عليه (كالمجنون أو السفيه أو المعتوه)،[18] كل هذه الحالات التي أوردناها إذا توفرت إحداها أو جلها في المحكم الذي أصدر الحكم فإن هذا الأخير يكون معرضا للبطلان[19]، بالإضافة كذلك إلى أن قيام أحد أسباب التجريح في شخص المحكم  عند تعيينه بدون إخبار الطرفين المتنازعين بأسباب التجريح[20] أو قبول المحكم للمهمة المسندة إليه بالرغم من ذلك، فإن الحكم الصادر عن هذا المحكم يعد مخالفا للقانون مما يدعو إلى بطلانه بناءا على الطلب الذي تمسك بهذا الأمر.

ومن جهة أخرى تعد من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى بطلان حكم التحكيم بعد صدوره، تشكيل الهيئة بعدد مزدوج فإذا باشرت هيئة التحكيم عملها بعضوين بدلا من عدد فردي كأن يحدث تخلف أحد المحكمين لظروف شخصية أو قوة قاهرة، كان الحكم الصادر  باطلا لعيب في تشكيل الهيئة التحكيمية وعدم قانونيتها، على اعتبار أن العدد لم يصبح فرديا وبالتالي تبطل كافة الإجراءات التي تتم في ظل التشكيل المزدوج لهيئة التحكيم.[21]

وفي شأن عدم قانونية تشكيل الهيئة التحكيمية فقد اتجهت محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء إلى اعتبار أن الهيئة التحكيمية المشكلة خلافا لاتفاق الأطراف يعد الحكم  الصادر عنها باطلا، حيث جاء في حيثيات القرار ما يلي: “وحيث أنه من  المعلوم أن المستأنفة التي لجأت إلى القضاء الاستعجالي من أجل تعيين محكم عن شركة التأمين ضدا على إرادتها  ورغم علمها هذا قد جعلت هيئة التحكيم مشكلة خلافا لما هو متفق عليه وفي ذلك إهدار لحقوق الدفاع.[22]

من خلال استقرائنا لهذا القرار الذي يصب في جوهر القواعد اللازمة لتشكيل هيئة التحكيم، يتضح أن عدم احترام إرادة الأطراف من خلال اتفاقهم على تعيين محكم محدد يعد سببا من أسباب بطلان الحكم التحكيمي البات في النزاع ويشكل بالتالي ضربا في حقوق الدفاع.

 

المطلب الثاني: عدم قابلية النزاع للتحكيم وأثره على منح الصيغة التنفيذية.

من المسلم به أن هذه الحالة لا تقع على عاتق أي من أطراف الخصومة التحكيمية إثبات توفرها، وإنما تدخل في صلب اختصاصات المحكمة المراد تنفيذ حكم التحكيم  في دائرتها والتي تعمل على إثارتها من تلقاء نفسها إذا تبين لها أن موضوع النزاع لا يجوز فيه التحكيم، وقد يحدث أن يتمسك الطرف المراد تنفيذ الحكم في مواجهته بعدم قابلية النزاع للتحكيم وفي هذه الحالة يستوجب على المحكمة أن تتحقق من توفر هذا الشرط دون أن تطالب بتقديم دليل عليه، أما إذا لم يتمسك أي طرف ولم يثر هذا الأمر فإن محكمة دولة التنفيذ تكون ملزمة بالبحث في مدى تحقق المسألة من عدمها على اعتبار أنها شروط سلبية لإصدار  الأمر بتنفيذ حكم التحكيم، والواقع أنه ليس من المنطقي  أن يستشف القاضي مانح الصيغة التنفيذية للحكم التحكيمي أن هذا الأخير صدر في شأن نزاع غير قابل للتسوية عن طريق نظام التحكيم وأن هذا الحكم يتعارض ويمس بقواعد النظام العام في دولته ومع ذلك يأمر بتنفيذ الحكم التحكيمي.[23]

بناءًا على ذلك فإن المقصود بالأحكام التحكيمية القابلة للتنفيذ هي تلك الأحكام الإيجابية التي تقضي بإثبات حق أو إقراره أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو أداء مبلغ، فأحكام التنفيذ تنفرد على وجه الاستئثار بفكرة السند التنفيذي، هذا الأخير الذي تبرز أهميته في مجال التنفيذ الجبري من زوايا متعددة، ومفاد ذلك أن نتائج التنفيذ رهينة بصحة أو بطلان السند فإذا كان السند التنفيذي صحيحا كانت الإجراءات تتسم بالصحة والتحصين، في حين إذا كان السند باطلا أو منعدما كان التنفيذ كذلك.[24]

ويبقى قابلية المنازعة للتحكيم مفهوم يستعمل للدلالة على بيان أي طوائف من المنازعات التي يمكن أن يحسم في شأنها عن طريق التحكيم، ومرد ذلك هو تمييزها عن تلك المنازعات التي يرجع الإختصاص بالبت فيها لمحاكم الدولة وحدها، فبالعودة إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 المتعلقة بالإعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها في مادتيها الثانية والخامسة وكذلك القانون النموذجي الذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسترال)[25] في المادتين 34 و36 نصتا على أن أحكام هذه الأخيرة تطبق على المنازعات التي يمكن حسمها عن طريق نظام التحكيم.

ويتحدد في كل دولة عادة نطاق المنازعات التي يجوز حسمها بواسطة التحكيم وذلك في ضوء العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية العليا للدولة، ويقع على المشرعين والقضاة في مختلف الدول مسؤولية تحديد التوازن بين المصالح القومية المحلية والتي تقتضي إبقاء منازعات معينة في نطاق اختصاص محاكم الدولة، وبين المصالح التي تتطلب العمل في حسم منازعاتها بسرعة وبطرق يسيرة بواسطة التحكيم.[26]

ويتطلب بحث قابلية النزاع للتحكيم الغوص في التنقيب على القوانين التي تحكم أطراف المنازعة وما إذا كان الاتفاق مبرما مع الدولة أو أحد الأشخاص التابعة لها، وكذلك بحث حدود النظام العام فيها، بالإضافة إلى تحديد القانون الذي يسري على اتفاق التحكيم وقانون مكان التحكيم فضلا عن القانون الذي يسري على تنفيذ حكم التحكيم.

وإلى جانب حظر التحكيم في بعض المنازعات بالنسبة إلى موضوعها وطبيعتها فقد تميز النظام الفرنسي في هذا الصدد وأقر على أنه لا يجوز للدولة أو الهيئات العامة إبرام اتفاق التحكيم إلا بناءا على مرسوم أو قانون يجيز ذلك طبقا للمادة 2060 من ق.م.م الفرنسي وقد صدر مرسوم سنة 1982 لصالح الشركة الفرنسية الوطنية للسكك الحديدية S.N.C.F،أما الشركات المملوكة للدولة فإنها تختلف على المؤسسات العامة وبالتالي لا تخضع لمقتضيات المادة 2060 من ق.م.م الفرنسي.[27]

وقد أحسن المشرع المغربي صنعا بوضع نص متوازن يكاد أن يتطابق مع نصوص بعض الدول العربية وإن كان قد تجاوزهم على مستوى الصياغة الفنية للنص القانوني حيث نص في الفصل 309 من القانون رقم 05-08 ” لا يجوز أن يبرم اتفاق التحكيم بشأن تسوية النزاعات التي تهم حالة الأشخاص وأهليتهم أو الحقوق الشخصية التي لا تكون موضوع تجارة”.

وكما جاء في الفصل 310 من نفس القانون “على أنه لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية”.

ولا شك أن كل الصياغات التي جاءت في القانون تترك المجال واسعا أمام القضاء لتحديد ما يمكن أن يكون موضوع تحكيم وما يخرج عن ذلك وفقا لكل حالة على حدة وفي ضوء المعايير والحدود التي وضعها المشرع، وانطلاقا من هذا الطرح يتبين لنا جليا أن النزاعات التي لا يجوز أن تكون محل تحكيم تكمن فيما يلي:

– المسائل المتعلقة بالنظام  العام.

– النزاعات المتعلقة بالجنسية.

– النزاعات المتعلقة بالأحوال الشخصية التي لاتخضع للتحكيم باستثناء الخلافات المالية الناشئة عنها.

– المسائل التي لا يجوز فيها الصلح تكريسا لقاعدة ما لا يجوز فيه الصلح لا يجوز فيه التحكيم.

– النزاعات المتعلقة بالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية إلا إذا كانت هذه النزاعات ناتجة عن علاقات دولية ذات طابع اقتصادي أو تجاري…

فالقابلية للتحكيم ليست فقط شرطا لصحة اتفاق التحكيم وإنما علاوة على ذلك تعد شرطا لتنفيذ الحكم التحكيمي ولا يمكن الفصل بين الأمرين[28]، فقد نصت المادة 299 من قانون المرافعات المصري الذي أقر على أنه ” يجب أن يكون حكم التحكيم الصادر في بلد أجنبي صادرا في مسألة يجوز فيها التحكيم”.

أما القانون الفرنسي لم يذكر المشرع ضمن مقتضيات المادة 1502 من قانون المرافعات المدنية الفرنسي هذه الحالة ضمن أسباب الطعن بالاستئناف في حكم التحكيم، ولكن هناك بعض المواضيع التي يتعذر إعمال التحكيم بصددها[29].

ويمكن القول على أنه رغم تحديد القوانين الوطنية المتعددة في مختلف الدول المسائل التي لا يمكن أن تكون محل تحكيم، فإنه ينبغي حصر هذه المسائل في أضيق نطاقها خاصة بعد استئثار هذا النظام وتطور أدواته ودقة أحكامه، لذلك نلاحظ من خلال ما سبق من الأحكام قضائية أن القضاء الوطني  في أغلب الدول يعمل جاهدا على تيسير تنفيذ أحكام المحكمين من خلال التفسير الضيق لحالات رفض التنفيذ.[30]

وبالرجوع إلى اتفاقية نيويورك التي أشرنا إليها سابقا يتبين لنا أنها أوردت ضمن مضمون المادة الخامسة الفقرة الثانية على أنه يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب منه الإعتراف والتنفيذ للحكم التحكيمي أن ترفض ذلك إذا اتضح لها أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم، فمن خلال هذا النص نجد أن هذه الاتفاقية باعتبارها الشريعة العامة في مجال الإعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم أعطت لدولة التنفيذ سلطة رفض تنفيذ حكم التحكيم الذي صدر في مسألة  لا تقبل التسوية بواسطة التحكيم وفقا لمفاهيمها الخاصة على أساس أن هذا الأمر يتعلق بالسياسة التشريعية في دولة التنفيذ.[31]

ويلاحظ في هذا المجال أن القرارات القضائية قد ساهمت هي الأخرى في تفسير الفقرة الثانية (أ) من الاتفاقية، فقد رفض القضاء الأمريكي في واشنطن district countin washington  تنفيذ حكم تحكيمي صادر في سويسرا ضد الحكومة الليبية  يتضمن تعويض شركة أمريكية للنفط بسبب قرارات التأميم[32] التي اتخذتها ليبيا ، وقد دفعت ليبيا بتمسكها بالحصانة الدولية لكن المحكمة لم تأخذ بالدفع المذكور حيث أشارت إلى أن الاتفاق على التحكيم يفيد معنى التنازل أو رفع الحصانة.

إلا أن المحكمة المذكورة قررت رفض طلب تنفيذ الحكم بعلة أن الموضوع المتنازع فيه والذي هو التأميم يندرج ضمن خانة المواضيع التي لا يمكن حسب القانون الوطني (الأمريكي) تسويته عن طريق التحكيم.[33]

كذلك الحال بالنسبة للقضاء الأردني حيث قضت محكمة التمييز الأردنية تنفيذ الحكم التحكيمي الصادر ضد شركة “كريسدان شينغ كومباني”، وذلك لأن موضوع النزاع الناتج عن عقد مشارطة السفن لا يمكن خضوعه للتحكيم، لأن القانون الأردني الخاص بالتجارة البحرية رقم 35 لسنة 1983 ينص على بطلان كل شرط أو اتفاق ينزع اختصاص المحاكم الأردنية من النظر في الخلافات الناشئة عن النقل البحري وبذلك يكون الاتفاق على حل النزاع الناشئ عن عقد مشارطة السفن من الأمور التي لا يمكن الاتفاق على حسمها بالتحكيم.[34]

إذن يمكن القول من خلال استعراضنا لهذه القرارات الصادرة عن محاكم دول مختلفة، أن كل نظام يتعامل مع تنفيذ الأحكام التحكيمية بدافع أن الموضوع الذي تم الفصل فيه عن طريق التحكيم لا يتماشى مع فلسفة المنازعات التي أباح المشرع اللجوء فيها إلى هذا النظام، ومرد ذلك أن كل دولة على حدة ترسم الحدود التي لا يمكن من خلالها الاعتداء على الاختصاصات الحصرية لمحاكمها الوطنية.

المبحث الثاني : ضوابط النظام العام وموقعها في تنفيذ الأحكام التحكيمية.

بديهي أن الأخذ بفكرة تعارض الحكم التحكيمي مع النظام العام كسبب لرفض منحه الصيغة التنفيذية تجد أساسها في الحفاظ على المصالح الأساسية للمجتمع، وتوجيه السياسة القضائية لخدمته من خلال الوقوف في وجه الأحكام التي تنتهك المبادئ الأساسية أو تتعارض مع مصالحه الجوهرية، الأمر الذي يدعون لملامسة المفاهيم المتعددة لقواعد النظام العام من خلال (المطلب الأول)، ثم حدود رقابة القاضي الوطني لهذا النظام العام في بلده عبر (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مؤسسة النظام العام ودورها في تنفيذ أحكام التحكيم.

تبرز أهمية فكرة النظام العام سواء كان داخليا أو دوليا عندما نصطدم بحكم تحكيمي يمس الأسس و المصالح السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي يقوم عليها كيان المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى رفض الإعتراف أو تنفيذ حكم التحكيم كليا أو جزئيا مما يطرح التساؤل حول الجدوى و الغاية التي يبتغيها الأطراف من اللجوء إلى التحكيم كوسيلة بديلة لفض النزعات بعيدا عن تعقيدات القضاء[35] .

كما أن فكرة النظام العام تعد بمثابة صمام الأمان بيد القاضي الوطني الذي يحمي اللبنة الأساسية في المجتمع من القوانين الأجنبية، إذ أن هذا النظام بطبيعته مفهوم مرن يتغير و يتطور بمرور الوقت و تغير القوانين مما يصعب تحديده و حصره، فقد اتجه أحد الدارسين في ميدان التحكيم[36] إلى اعتبار أن النظام العام هو تلك القواعد المعيارية التي تعتبر بمثابة الحد الأدنى أو القياسي التي يفرضها واقع المجتمع الدولي لحماية حقوق الإنسان.[37]

إذن فمن الضروري التمييز بين مبادئ النظام العام وقواعد النظام العام، فالأولى كما هو الحال بالنسبة لمبدأ حسن النية تنتمي إلى نظام عام دولي حقيقي أو عبر دولي، و للمحكم سلطة إهدار السلوك المخالف لحسن النية الذي يجب أن يتبوأ الصدارة في علاقات التجارة الدولية، في حين تتمثل قواعد النظام العام في صورة قواعد قانون المنافسة مثلا فهذه الأخيرة لا تعبر في الغالب إلا عن نظام خاص بدولة معينة، و كذلك مجموعة الدول بالنسبة لقانون المجموعة أو المشترك.

بصفة عامة يمكن القول أن النظام العام هو مجموعة من المصالح الأساسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية التي يقوم عليها كيان المجتمع، و التي يهدف من ورائها تحقيق مصلحة عامة و من ثم وجب على جميع الأفراد أن يحترموا كل ما يتعلق بالنظام العام حتى ولو كان ذلك تضحية بمصالحهم الخاصة.

و إذا كانت أحكام التحكيم الداخلية لا تطرح إشكالات كثيرة على مستوى تذييلها بصيغة التنفيذ على اعتبار أن قانون 08.05 كان صريحا في هذه المسألة ناهيك على أن العمل القضائي أفرز النزاعات التي تدخل في صميم هذا النظام من عدمها، غير أن تنفيذ الأحكام الصادرة في مجال التحكيم الدولي يثير بعض الصعوبات تتطلب توضيح بعض الأمور و الوقوف عند بعض الإشكالات التي لا يمكن تخطيها أو تجاوزها.

 و بما أن التحكيم الدولي يرتبط غالبا بمصالح التجارة الدولية فإن البحث عن نظام عام يتماشى مع فلسفة هذه التجارة أثار جدلا داخل الأوساط المهتمة بالتحكيم التجاري، و مرد هذا الجدل الاختلاف حول وجود نظام قانوني للتجارة الدولية و النظرة التقليدية لبعض الشراح لمفهوم النظام العام الذي لا يتصور في نظرهم إلا في إطار الدولة مما جعلتهم يدافعون على أطروحة نظرية مفادها عدم وجود نظام قانوني للتجارة، ولذلك لا يكمن في نظرهم تصور وجود نظام عام إلا إذا كان مرتبطا بنظام القانوني للدولة[38].

وقد أدى تطور مصالح التجارة الدولية إلى إعادة النظر في مفهوم النظام العام حيث سارعت مختلف الدول إلى الاندماج في المنظومة الاقتصادية الدولية مما حتم عليها التخلي عن جملة من الخصوصيات و القيود التي قيد عمليات التجارة الدولية، كما عملت معظم الدول على تعديل جل قوانينها بكيفية تنسجم مع روح و مصالح التجارة الدولية، فتم التخفيف من حدة الرقابة على العرف، وكذلك الإعتراف ببعض الشروط على مستوى المعاملات التجارية الدولية كشرط الوفاء بالذهب و شرط التسعير، أضف إلى ذلك إعادة النظر في مدى قابلية فض منازعة التجارة الدولية عن طريق التحكيم، و التي كانت قد أثارت نقاشات جدية بشأن المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها قبل الوصول إلى جواز هذه المسألة بحكم أهمية تدخل الدولة في المجال الاقتصادي، ليس على سبيل التوجيه فحسب بل في واقع الممارسة العملية إذ أن هذا الأمر سنتناوله بنوع من الدقة و التفصيل خاصة على مستوى الإختصاص الرئاسي في منح الصيغة التنفيذية لأحكام التحكيم الناتجة عن ممارسة الدولة للتحكيم من خلال الفصل الثاني من هذا البحث.

فمهما تعددت التسميات و المفاهيم فإنه يتعين إعطاء النظام العام تفسيرا ضيقا و محدودا، وأن يقتصر على النظام العام الدولي و تبقى مسألة تحديد مضمون النظام العام من اختصاص القضاء الوطني الذي يعمل على تحديده طبقا لقانون بلده وهو ما أكدته محكمة الاستئناف بباريس في قرارها حيث جاء في هذا القرار على أن :”النظام العام الدولي بمفهوم المادة 1052 من ق.م.م.ف ي يعني التصميم الفرنسي للنظام العام الدولي، بمعنى مجموعة القواعد و القيم في النظام القانوني الفرنسي التي لا يمكن جهلها حتى في الحالات الشخصية الدولية”[39].

وقد تبنت لجنة التحكيم التجاري الدولي التابعة لجمعية القانون الدولي في دورتها السبعين [40] بنيودلهي سنة 2002 بعض التوصيات حول النظام العام كسبب لفرض اعتراف أو تنفيذ أحكام التحكيم الدولية، وتتجلى خلاصة التوصية أن النظام العام الدولي لدولة ما يتشكل من عناصر الآتية:

المبادئ العامة المتعلقة بالقانون و الآداب و التي تهدف الدولة إلى حمايتها.

القواعد المتعلقة بالمصالح السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية للدولة.

واجب الدولة احترام التزاماتها في مواجهة باقي البلدان أو المنظمات الدولية.

لدى فإن جل التشريعات الوطنية و الاتفاقيات الدولية تؤكد على ضرورة مطابقة الحكم التحكيمي للنظام العام من أجل الإعتراف به أو تنفيذه و إن اختلفت في تحديد مضمون هذا النظام، فإن التساؤل المطروح يتمثل في مدى حدود رقابة القاصي الوطني للحكم التحكيمي الدولي عندما يكون مخالفا لنظام العام؟

المطلب الثاني: حدود رقابة القاضي الوطني لمطابقة الحكم التحكيمي للنظام العام

بديهي أن الأخذ بفكرة تعارض الحكم التحكيمي مع النظام العام كسبب لرفض منحه الصيغة التنفيذية تجد أساسها في الحفاظ على المصالح الأساسية للمجتمع، وتوجيه السياسة القضائية لخدمته من خلال الوقوف في وجه الأحكام التي تنتهك المبادئ الأساسية أو تتعارض مع مصالحه الجوهرية، و أمام غياب إجماع تشريعي حول حدود الرقابة التي يمارسها القاضي الوطني على الحكم التحكيمي ومدى مطابقته للنظام العام، يمكن أن نقول بأن العبرة في نفي أو تقرير تعارض الحكم التحكيمي مع النظام العام في دولة القاضي تفرض على القاضي الآمر بمنح الصيغة التنفيذية، أن يراجع حيثيات الحكم التحكيمي ومنطوقه ليتأكد من عدم مخالفته لقواعد النظام العام في دولته.

إذن فالسلطات الممنوحة للمحكم مشروطة باحترامه لما يفرضه عليه القانون التابع لدولة التنفيذ من قيود تتعلق بالنظام العام التي تخضع لرقابة القضاء اللاحقة على صدور الحكم التحكيمي، ليمارس رئيس المحكمة المختصة سلطات واسعة في الرقابة من خلال فكرة النظام العام التي يعمل على إثارتها من تلقاء نفسه دون توقفها عن تمسك الخصوم بها، الأمر الذي يلقي على عاتق كل من المحكم من جهة و القاضي الوطني من جهة أخرى عبئ الالتزام بقواعد النظام العام التي تختلف باختلاف الزمان و المكان، سواء كان التحكيم وطني أو دولي باعتبارها فكرة قانونية و ليست واقعية إذ لا تتوقف على إثبات الخصوم لمضمونها أو على رغبتهم في إعمالها.

إذن فإن النظام العام يعد من الأهمية بمكان في إطار النظرية العامة للقانون الدولي الخاص بمفهومه الواسع، فهو أداة لاستبعاد القانون الأجنبي الذي تثير قاعدة الإسناد تطبيقه، كما أنه في بعض الأحيان وعلى سبيل الاستثناء يعد وسيلة تثبيت الإختصاص لقانون القاضي، وأيضا تعتبر مخالفة النظام العام أحد الأسباب التي تنص عليها القوانين الوطنية لرفض تنفيذ الحكم الداخلي طبقا للبند6 من الفصل 327.36 ، وكذلك عدم الإعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الدولي طبقا للبند 5 من  الفصل 327.49 من القانون  08.05.

وترتيبا على ذلك فإنه يصعب تصور مهمة قاضي التنفيذ على أنها مجرد إجراء رقابي شكلي، بل إنه يمارس سلطة رقابية موضوعية على عمل المحكم تتجاوز الرقابة الشكلية أو مجرد تحسس الأوراق، غير أن هذه الرقابة ليست مطلقة وبدون حدود فقاضي الصيغة التنفيذية لا يعد جهة استثنائية ولا يعيد فحص النزاع أو الفصل في الحكم ولا يتدخل في معاينات المحكم وتقديراته وملائمة ما خلص إليه، فيد القاضي مقيدة بالتثبت من توفر الشروط القانونية لصحة حكم التحكيم وقابليته للتنفيذ دون أن يتدخل لإعادة تقييم الوقائع أو مراجعة النتيجة التي توصل إليها.

وإذا كان المشرع المغربي قد اشترط كقاعدة عامة للإعتراف وتنفيذ حكم التحكيم عدم مخالفته للنظام العام الوطني أو الدولي، فإن بعض التشريعات المقارنة استثنت النظام العام الوطني ونصت على عدم مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام الدولي، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر المادة 1489 من القانون المدني الفرنسي وأيضا الفصل 81 من قانون التحكيم التونسي ،ناهيك عن المادة 458 مكرر من المرسوم التشريع 09.93 .

وتكريسا لما سبق الإشارة إليه فقد اتجهت مجموعة من القرارات القضائية الفرنسية على هذا المنوال، حيث قضت بتنفيذ العديد من الأحكام التحكيمية وإن كانت تتضمن مخالفة للنظام العام الفرنسي غير أنها لا تخالف النظام العام الدولي ويأتي على رأس هذه القرارات قضية “DALICO ” حيث ردت محكمة النقض الفرنسية الطعن ضد الحكم التحكيمي الصادر في القضية المذكورة مؤكدة بموجب قاعدة مادية في القانون الدولي يكون البند التحكيمي مستقل من الناحية القانونية عن العقد الأساسي الذي يتضمنه مباشرة أو بالإشارة، وأن وجوده وفعاليته تقدران تحت شرط احترام القواعد الآمرة في القانون الفرنسي والنظام العام الدولي استنادا إلى إرادة الأطراف المشتركة، ودون أن يكون من الضروري الاستناد إلى القانون الداخلي.

وكما سبقت الإشارة إلى أن القضاء الفرنسي يضيق من مفهوم النظام العام، واعتبر أن مخالفة الحكم التحكيمي له لا تكفي لاستبعاده، بل يجب أن تكون هذه المخالفة مادية وملموسة، وبالتالي فإن رقابة القاضي الوطني لمدى مطابقة حكم التحكيم للنظام العام يجب أن تكون شكلية حتى لو تعلق الأمر بقوانين القاضي ومن ثم لا يمكنه البحث في موضوع النزاع.

وبناءا على ما تناولناه من أحكام قضائية أجنبية فلابد أن نشير إلى بعض القرارات الصادرة عن المحاكم الوطنية وكيف تعامل القضاء الوطني المغربي مع فكرة النظام العام، فقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض على أنه :”صدر في غرفة التحكيم بلندن حكم تحكيمي دولي قضى على  مؤسسة مغربية و لفائدة ربان باخرة بأداء مبلغ (213.643.90) دولار ولفوائد بنسبة 7% وتم تذييل هذا الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية وتم تأييده استئنافيا.

جددت المحكوم عليها أمام محكمة النقض تمسكها بكونها سبق التشطيب عليها كمشترطة من اتفاق التحكيم، ورغم ذلك منحت الصيغة التنفيذية للحكم وهذا فيه مساس بالنظام العام،  فأقرت محكمة النقض قرارها بالنقض والإحالة بعلة أن محكمة الموضوع ذيلت الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية دون التحقق من وجود شرط التحكيم في عقد المعاملة الرابط بين الطرفين”.

وعليه فعلى من ادعى مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام أن يثبت مظاهر هذه المخالفة التي يرجع صلاحية تقديرها لقاضي التذييل بالصيغة التنفيذية، حيث جاء في قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ما يلي: ” وحيث إن الأمر يتعلق بنزاع تجاري بين شركتين وإن لا شيء في الحكم التحكيمي يمس بما هو محظور بمقتضى الفصل 306 من القانون 08.05 ولا بالنظام العام  ولا حقوق الدفاع فإن ما قضى به الأمر المستأنف من تذييل الحكم التحكيمي المذكور بالصيغة التنفيذية في محله ويتعين تأييده.”

من خلال استعراضنا لهذه القرارات التي تتأرجح بين الأجنبية والوطنية يثبت لنا أن كل دولة تتعامل مع مدى مخالفة الحكم التحكيمي للنظام العام من خلال السلطة التقديرية التي يمارسها القاضي المطلوب منه التنفيذ وتفحصه للحكم التحكيمي وبالتالي إصدار أمره المانح للصيغة التنفيذية أو الرافض لها، بل والأكثر من ذلك بهذا الشأن فإن هذه الأوامر قد تنقض إذا كانت تمس بالنظام العام حسب تقدير القاضي.

 

خاتمة:

      تأسيسا على ما سبق لايسعني إلا أن أؤكد على أهمية الدور القضائي الوطني في الإعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الداخلية والدولية، غير أن هذا التدخل القضائي يجب ألا يمس باستقلالية التحكيم والغاية والهدف من اللجوء إليه حتى لا يصبح النظام العام مثل الورقة الحمراء تشهر في وجه الأحكام التحكيمية المراد تنفيذها وبالتالي إفراغ القواعد المنظمة للتنفيذ من محتواها، بل يتعين على القاضي مانح الصيغة التنفيذية في إطار الرقابة التي يمارسها على هذه الأحكام أن يضيق من مفهوم النظام العام للتقليص من درجة التدخل في تمحيص الأحكام التحكيمية وذلك من أجل خلق التوازن بين الغاية من نظام التحكيم وحق الدولة في ممارسة رقابتها، لأن مقياس مدى مرونة أي نظام قانوني رهين بضمان عملية تنفيذ يسيرة للأحكام التحكيمية الداخلية و الأجنبية.

 

 

 

 

 

 

[1] OULEPO Nemlin Hie Arnaud : « limites de l’arbitrage dans le régalement des différends en matière d’’investistissement, » mémoire pour l’obtention d’un diplôme de master  investissement international et développement territorial, faculté des sciences juridiques Marrakech, université Cadi Ayyad, année universitaire 2016-2017, P : 63.

[2]  إدريس العلوي العبدلاوي: شرح القانون المدني-النظرية العامة للالتزام نظرية العقد، الطبعة  الأولى، الجزء الثاني، سنة 1996، ص 228  تم تحميله من موقع  www.sooqukaz  ،  بتاريخ 30/04/2018 على الساعة 15:17.

[3]  يقصد بعيوب الرضا ( vices de consentement) ما يلحق إرادة أحد المتعاقدين أو كليهما فتفسد الرضاء دون أن تجهز عليه، فرضا المتعاقدين هنا موجود، كل ما في الأمر أن إرادته لم تصدر عن بينة واختيار، ويمكن لمن عيبت إرادته أن يطلب إبطال هذا التصرف، أي يكون التصرف قابلا للإبطال.

[4]  كمال العبدلاوي الأندلسي معان: الطعن في المادة  التحكيمية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، الوسائل البديلة لفض المنازعات، كلية الحقوق بفاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، السنة الجامعية 2016-2017، ص 72.

[5]  قرار نقض مدني 1 في 1988/12/07 ، أورده أحمد هندي، م.س. ص 33.

[6]  ناصر صالح حيدر: تنفيذ أحكام التحكيم وفقا للتشريعات الداخلية والدولية، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، الطبعة  الأولى، سنة 2017، ص 168.

[7] المرجع نفسه، ص 169.

[8]  قرار عدد 291 الصادر 2010/03/07 في ملف عدد 19/04 صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، منشور،عمر أزوكار، التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب، ص 316.

[9]  راجع الفصل 327.10 البند 3 من قانون 08.05 .

[10] l’article 1460 du C.P.C français dispose « les articles règlent la procédure arbitrale sans être tenus de suivre les règles établies pour le tributaire, sauf si les parties  en ont autrement décidé dans la convention d’arbitrage. Toutefois, les principes directeurs du procès énoncés aux articles 4 à 10.11 alinéa 1 et 13 à 21 sont toujours applicables à l’’instance arbitrale ».

[11]– أمر صادر عن نائبة رئيس المحكمة التجارية بالرباط، رقم 323 ، بتاريخ 2013/03/06، ملف رقم 2012/3/1256، (غير منشور).

[12]  أحمد هندي: تنفيذ أحكام المحكمين، م.س، ص 159.

[13]  راجع الفصل 327.32 ، البند 3 من القانون 08.05.

[14] محكمة النقض الفرنسي الغرفة التجارية، 1984/4/17 مجلة التحكيم سنة 1984، ص 530، منشور،أشار إليه مرجع، ممدوح عبد العزيز العنزي: بطلان القرار التحكيمي التجاري الدولي الأسباب والنتائج – دراسة مقارنة- ،مجلد1،بدون ذكر المطبعة، ط 1، س 2006، ص 144.

[15] عمر أزوكار: التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب- قراءة في التشريع والقضاء-، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 2015، ص 207-206.

[16]  قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 792/ استعجالي، بتاريخ 2014/12/01، ملف رقمه بمحكمة الاستئناف 2014-456، منشور،عمر أزوكار، التحكيم التجاري الداخلي والدولي بالمغرب، ص210.

[17]  ناصر أحمد صالح: تنفيذ أحكام التحكيم وفقا للتشريعات الداخلية والدولية، م.س، ص 172.

[18] حفيظة السيد الحداد: مدى اختصاص القضاء الدولي باتخاذ الإجراءات الوقتية والتحفظية في المنازعات الخاصة بالدولة المتفق بشأنها على التحكيم”، دار الفكر الجامعي،الإسكندرية، الطبعة غير موجود ، سنة 1996، ص 88.

[19]  راجع في هذا السياق الفصل 320 من القانون 08.05.

[20]  راجع كذلك الفصل 322 من القانون 08.05.

[21] عبد المجيد المراكشي:  التحكيم في منازعات العقود الإدارية، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، قانون المنازعات، كلية الحقوق بمكناس، جامعة مولاي إسماعيل، السنة الجامعية 2009-2010، ص 123.

[22]  قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، رقم 5251/2011، الصادر بتاريخ 2011/12/15، منشور،عمر أزوكار، التحكيم التجاري الداخلي والدولي- دراسة في التشريع والقضاء- ، م.س، ص 318.

 

[23] عبد المجيد المراكشي: التحكيم في منازعات العقود الإدارية، م.س، ص 101.

[24] حفيظ السيد الحداد: الاتجاهات المعاصرة بشأن اتفاق التحكيم، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، الطبعة الأولى، ص114.

[25]   قانون الأونسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي لسنة 1985، والذي تم تعديله في سنة 2006.

[26] محمد عبد المجيد إسماعيل: العقد الإداري الدولي والتحكيم في عقود الدولة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، سنة 2014، ص 36 وما يليها.

[27] مصطفى بونجة:  التحكيم الداخلي والدولي في العقود الإدارية بالمغرب، م.س، ص 113.

[28]  مصطفى بوجنة، نهال اللواح: التحكيم في المواد التجارية الإدارية والمدنية- دراسة لأهم الإشكالات العملية والنظرية وفقا للقانون المغربي والقوانين المقارنة، مطبعة الأمنية ، الرباط ، الطبعة الأولى، سنة 2015، ص 282.                                               

[29] نفسر ذلك بالرجوع إلى المادة 2061 من القانون المدني الفرنسي  الصادر بتاريخ 14/05/1980، التي تقرر بطلان شرط التحكيم إذا ورد في عقد العمل، بما في ذلك التحكيم الدولي، والمادة 2060 التي تمنع التحكيم في مسائل أهلية الأشخاص والمسائل  المتعلقة بالطلاق و الانفصال الجسماني او بخصوص المنازعات المتعلقة بالأشخاص والمؤسسات العامة وبصفة عامة كل ما يتعلق بالنظام العام.

[30]  منال النوحي: مرجع سابق، ص 66.

[31]  يوسف الساقوط : دور العمل القضائي في تحقيق فعالية التحكيم ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق بسلا، جامعة محمد الخامس- السويسي- السنة الجامعية 2008-2007، ص 120.

[32]  معنى التأميم: هو نقل ملكية خاصة إلى ملكية الدولة أي تحويله إلى القطاع العام، وهي مرحلة تمر بها الدولة عادة في إطار عملية نقل الملكية.

[33] Hans Harnik : recogniyion and enforcement of foreign arbitral awards, the American journal of comparative law 31, 1983, p 70 www.jstor.org  , visité le 02/05/2018 à 03:13.

[34]  أشار إليه ناصر أحمد صالح حيدر: تنفيذ أحكام التحكيم وفقا للتشريعات الداخلية والدولية، م.س، ص 179.

[35] هشام بحقاوي : النظام العام وتأثيره على تنفيذ أحكام التحكيم الدولية، المجلة المغربية للوساطة والتحكيم، ط 1، العدد 5، سنة 2011، ص 146.

[36]  أبو زيد رضوان: الأسس العامة في التحكيم التجاري الدول، دار الفكر العربي للطباعة والنشر، مصر، القاهرة،بدون ذكر الطبعة، سنة 1981، ص 120.

[37]  منير عبد المجيد: الأسس العامة في التحكيم التجاري الدولي في ضوء الفقه والقضاء، منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الأولى، سنة 2000، ص 398.

[38]  عبد السلام الادريسي: النظام العام في التحكيم التجاري الدولي، رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق بسلا، جامعة محمد الخامس، سنة 2007-2006، ص 113.

[39] C.A.S, Paris, 14 juin 2001, revue de l’arbitrage, 2001, P 773. « l’ordre public international, au sens de l’article 1502.5 du nouveau code  de procédure civile, s’entend de la conception française  de l’ordre public international, c’est-à-dire de l’ensemble des règles et des valeurs  dont l’ordre juridique française ne peut souffrir la méconnaissance, même dans des situations à caractère international ».www.legalnewsinternational.com

[40]– sur ces recommandations veuillez consulter ,la revue de l’arbitrage, 2002, n° 4, p 1061.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى