بحوث قانونية

تقرير عن الرسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص تحت عنوان الآجال في مسطرة التصفية القضائية

                                                     بسم الله الرحمان الرحيم

نوقش يومه الجمعة 23 ماي 2014 بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص مسلك القانون و المقاولة  بكلية الحقوق بجامعة الحسن الأول .

 
                                       تقدم بها الطالب الباحث خليهنا فتوح

 

azertyyyy

 

 

                                                    تحت عنوان
 
                                  الآجال في مسطرة التصفية القضائية

وتكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة

الدكتور: رياض فخري                                                          رئيسا
الدكتور:  عمر أزوكار                                                          عضوا
الدكتور: طارق مصدق                                                         عضوا

الأستاذ: هشام بحار                                                            عضوا

وبعد المداولة قررت اللجنة قبول الرسالة ومنح الطالب نقطة : 18 /20  مع تهنئة اللجنة. 

 

تقرير الرسالة:

كما هو من المعلوم سيدي الرئيس ، السادة أعضاء لجنة المناقشة ،

فإنه لا يكاد يخلو أي قانون من التعامل بطريقة أو بأخرى مع عنصر الزمن ، لأن الزمن مهم في طريق الوصول إلى الحقوق، ذلك أن الزمن هو الذي يؤطر إجراءات الحصول على هذه الحقوق .

والبشر يتأثر بالزمن بصفته أحد أهم عناصر هذا الكون ، ويصيب كل الموجودات سواء بالتطور أو العطب و الضياع أو بالتلف والفناء ومادام تأثير الزمن على الكائنات والممتلكات بهذه الدرجة ، فلا يمكن لأي مشرع إلا أن يتعامل معه بصفته تلك.

وبشكل عام فإن القوانين تحتوي على آجال للقيام بالدعوى وآجال لمباشرة مختلف الإجراءات ، كما على آجال للتقادم أو لسقوط الحقوق .

والآجال قد تكون ضرورية في أغلب الأحيان لكنها قد تثير أكثر من تساؤل حول مدى لزومها في بعض الأحيان.

ويمكن التميز في الآجال بين :

الآجال التعاقدية : هي التي يحددها المتعاقدون بملء إرادتهم ، وهي شريعة فيما بينهم تطبقها المحاكم مالم تتعارض مع نص آمر.

الآجال القانونية : وهي التي سنتعرض لها في بحثنا هذا.

إن الأجل القانوني أجل ضابط عموما ، وقد يكون ضاغطا وقاهرا في بعض الأحيان ، ونتائجه قد تكون في مصلحة أو في مضرة هذا الطرف أو ذاك .

سيدي الرئيس السادة أعضاء لجنة المناقشة .

لم يتضمن القسم الثالث من الكتاب الخامس من مدونة التجارة الخاص بالتصفية القضائية إلا أربع آجال :

1-   أجل 3 أشهر المتعلق برفع المكري طلبه المتعلق بطلب فسخ أو معاينة حصوله لأسباب سابقة للحكم بالتصفية .

2-   أجل 6 أشهر الخاصة بالسنديك للقيام بتحقيق الرهن .

3-   أجل 15 يوما من أجل إخبار السنديك الدائن المرتهن بالإذن الممنوح له من أجل فك الرهن .

4-   أجل 3 أشهر المتعلقة بعودة المتابعات الفردية النسبة للدائنين المتوفرين على امتياز خاص ، أو على رهن رسمي أو حيازي وكذا للخزينة العامة ، في الحالة التي لا يقوم فيه السنديك بتصفية الأموال المثقلة داخل هذا الأجل .

في حين بقيت أغلب الإجراءات دون أجال ، وأحال المشرع  في باقي الآجال على القواعد المشتركة بين التسوية القضائية والتصفية.

وفي دراسة هذه الآجال :

فإن المكلفين بهذه الآجال إذا ما استثنينا مرحلة فتح المسطرة ، التي تختص بها المحكمة ( الهيئة القضائية التي تنظر في الدعوى بالإضافة إلى جاز كتابة الضبط في إجراءات الشهر والتبليغ )، فإن مختلف الآجال تبقى اختصاصا حصريا للقاضي المنتدب والسنديك ، إن لم نقل بمعنى أصح السنديك تحت رقابة القاضي المنتدب .

ومن جهة التقسيم فإن أجال مسطرة التصفية القضائية يمكن تقسيمها إلى مرحلتين :

أجال خاصة بمرحلة فتح المسطرة و آجال خاصة بإجراءات التصفية .

ومن جهة الإلزام فهناك أجال صارمة و واضحة وهناك آجال غير واضحة ومتروكة لاجتهاد الطرف الطرف الموكولة إليه والذي غالبا ما يكون السنديك.

كأن يطلب المشرع من السنديك إشعار الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم شهرهما فلا نعرف هل قصد بذلك أسبوعا أم أسبوعين أو أكثر أم أقل .

وأخيرا من جهة المسؤولية المترتبة عن الإخلال باحترام هذه الآجال ، فهناك أجال لم يرتب المشرع على عدم احترامها أي جزاء بينما رتب مسؤولية و أفرد جزاءات لعدم احترام أجال أخرى ، وغالبا ما تكون الآجال التي أفرد لها المشرع جزاءات خاصة بالدائنين  وما يترتب عن ذلك من ضياع للحقوق .

وهو ما يعتبر بالنسبة للدائنين العاديين متاهة من الآجال ، سيضيع  فيها الدائن العادي بشكل خاص الذي يفتقد لإمكانيات الاستمرار والمتابعة في المسطرة ، ناهيك عن غياب التواجهية في عدد من الإجراءات الخاصة بهذه المسطرة .

سيدي الرئيس السادة أعضاء لجنة المناقشة .

إن المشرع المربي ن خلال مدونة التجارة الصادرة سنة 1996 أعلن عن الأهداف والفلسفة التي تؤطر هذا القانون .

–         المحافظة على المقاولة

–         الحفاظ على مناصب الشغل

–         أداء الديون

لكن هذه التراتبية هل يمكن الاستغناء عنها في حالة مسطرة التصفية القضائية ،  

أوا ليس من المعقول أن يصبح أداء الديون أولوية في هذه المسطرة ، أو على الأقل يراعى بعد محاولة المحافظة على مناصب الشغل .( خاصة في حال التفويت الشامل لوحدات الإنتاج).

حتى أنه أصبح يمكن القول أن مساطر صعوبات المقاولة أصبحت مطية للتهرب من الديون والدائنين . 

أو أن هذا القانون  لم يحقق أهدافه نتيجة المفعول العكسي لقانون المعالجة المترتب عن مبدأ وقف المتابعات الفردية وتعطيل أداء الديون بل وسقوطها ، مما من شأنه أن يخلق مجموعة من المؤسسات الدائنة ، لهزات أو حتى إعلان تصفيتها الواحدة تلوا الأخرى في شكل سلسلة مترابطة .

سيدي الرئيس السادة أعضاء لجنة المناقشة .

–         أهمية الموضوع :

تنبع أهمية الموضوع من الدور الحيوي الذي تلعبه الآجال في تحقيق المصالح المشتركة والتي يعتبر فيها موضوع حماية الاقتصاد الوطني أرضية تلتقي وتتنامى فيها هذه المصالح ، وذلك باعتبارها – أي المقاولة – كائن حيوي هاما ومحركا أساسيا للتنمية ورهانا للاستقرار و التطور .

ويبقى الهدف الأساسي للدائنين والأهم بالنسبة إليهم هو الحصول على ديونهم في أقرب الآجال الممكنة ، فكلما قصرت الآجال الخاصة بالإجراءات فذلك يساعدهم في اقتضاء ديونهم حسب مراتبهم و ضمانتهم .

 و هذه الآجال قد تعتبر محددا هاما و في نفس الوقت فهي ريح قد تعصف بديونهم في أي لحظة، وخاصة في حال سقوط الديون نتيجة عدم التصريح بها .

كما تكسي الآجال بالنسبة للخزينة العامة أحد أهم دائني المقاولة أهمية قصوى سواء في الحفاظ على مواردها من الضياع  أو استخلاص ديونها في أقصر الآجال، هذه الموارد التي تعتبر مصدر تمويل  البرامج الاقتصادية والاجتماعية للدولة .

ولكن على الرغم من أهمية هذا الموضوع العلمية  إلا أنه يبقى أقل المواضيع تطرقا من قبل أبحاث القانون الخاص ودراساته.

 

 

–        إشكالية البحث:

 أطر المشرع المغربي نظام صعوبات المقاولة بأولويات من خلال الكتاب الخامس من مدونة التجارة ، واعتبرها أهدافا تؤطر المساطر الجماعية .

غير أنه إذا كانت حماية الدائنين جاءت في الرتبة الأخيرة لأهداف مساطر صعوبات المقاولة حين يتعلق الأمر بالتسوية القضائية مع حماية المقاولة وحماية التشغيل ، مما يجعل وفاء الخصوم يجب أن يكون أولوية في إطار مسطرة التصفية القضائية أو على الأقل يأتي في المرتبة الثانية بعد المحافظة على مناصب الشغل ( بشكل خاص في حالة التفويت الشامل لوحدات الإنتاج كطريقة لبيع أصول المقاولة في مسطرة التصفية القضائية ).

وإذا كان الأجل باعتباره قاعد شكلية يرسم الحدود الزمنية التي تقنن إجراءات التصفية القضائية ، وتنظم أطوار كل إجراء من إجراءاته .

فهل تخدم الآجال القانونية المقررة في مسطرة التصفية القضائية، إنجاز النتائج التي قررت من أجلها هذه المسطرة ؟

وتتفرع عن هذا الإشكالية إشكالات فرعية تهم التأثيرات المتبادلة بين قواعد الآجال و نظام صعوبات المقاولة :

هل تنطبق القواعد العامة في الآجال على مسطرة التصفية القضائية أم لها خصوصية تميزها ؟

هل تعتبر الآجال المسطرة في مسطرة التصفية القضائية مناسبة وكافية ؟ أم أنها ناقصة ومحدودة لنعمل على التعديل منها سواء بالزيادة أو النقصان ؟ ثم ما مدى إلزامية هذه الآجال ؟ وما هي الجزاءات التي وضعها المشرع في حال عدم احترامها ؟

ما هو العمل في حال سكوت المشرع عن تحديد أجال لبعض الإجراءات داخل مسطرة التصفية القضائية ؟

–        منهجية البحث:

يعد موضوع الآجال في مسطرة التصفية القضائية موضوع يثير الكثير من الإشكالات ذات الأبعاد المتشعبة .

لذالك اعتمدنا منهجا، استقرائيا و تحليليا  حتى نتمكن من استخلاص أحكام و غايات المشرع ، وذلك في سبيل إبراز الثغرات والعيوب ومحاولة رصدها ونقدها ، ومحاولة تقديم الحلول لها .

–        خطة البحث:

إن معالجة إشكال البحث المحوري و إشكالاته الفرعية، يقتضي منا الإحاطة بموضوع مسطرة التصفية القضائية منذ تقديم طلب فتحها وحتى قفلها و الأثار التي تنتج عن فتحها وقفلها ، وذلك ببسط  مختلف ما جاء بشأنها من نصوص قانونية في الكتاب الخامس من مدونة التجارة المغربية أو حتى القانون الفرنسي للمساطر الجماعية ، ثم بسط الآراء الفقهية ومختلف أراء الباحثين الذين تطرقوا لدراسة المساطر الجماعية  .

 

وذلك حتى ينجلي الغموض عن النقائص والثغرات في سبيل إصلاح هذا النظام .

وبما أن مسطرة التصفية القضائية تمر بمرحلتين ، مرحلة تعتبر المحكمة المحرك الرئيسي فيها بمساعدة جهاز كتابة الضبط ، ومرحلة يحركها القاضي المنتدب بمعية السنديك.

لكل هذا قسمنا هذا البحث إلى فصلين :

الفصل الأول: الآجال المتعلقة بمرحلة فتح مسطرة التصفية القضائية

الفصل الثاني: الآجال المرتبطة بمرحلة إجراءات التصفية القضائية

ومن خلال دراستنا للموضوع تبين لنا أن المشرع المغربي، حاول جاهدا العمل على ملائمة الآجال لمختلف مساطر صعوبات المقاولة بمختلف مراحلها، وخاصة مسطرة التصفية القضائية.

محاولا قدر الإمكان عدم المساس بمبدأ الائتمان التجاري ، بل على العكس من ذلك تقويته وتدعيمه ، وذلك نظرا لكونه يمثل الأساس الذي تنبني عليه المعاملات التجارية .كما يعتبر نقطة قوة للاقتصاد الوطني.

غير أنه في مقابل ذلك غيب مجموعة من الآجال، والتي لم ينظمها المشرع المغربي، والتي كان من شأنها لو وجدت أن تحفظ عدد من الحقوق ، وخاصة تلك المتعلقة بالدائنين .

 بالإضافة إلى ذلك سجلنا من خلال هذا البحث ، أنه إذا كان المشرع قد فرض مجموعة من الآجال الواجب احترامها والتقيد بها، فإنه في المقابل لم يفرد لعدم احترامها أي جزاءات ، وعلى النقيض من ذلك فرض جزاءات قاسية على عدم احترام مجموعة من الآجال خاصة تلك المتعلقة بالدائنين .

واستنتجنا أنه من المفروض احترام الآجال الواردة في مسطرة التصفية القضائية  ، حتى يتم توزيع ناتج التصفية على الدائنين المقبولين في حدود ما تحصل من أموال ، وذلك حتى لا يتأثر الدائنون في إطار تعاملاتهم التجارية ، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى خلق سلسلة من المقاولات التي تعاني من اختلال في وضعيتها ، نتيجة انعكاس تعطل أداء ديون المقاولات المرتبطة بالمصالح والمعاملات مع المقاولة المدينة، مما يؤدي إلى تصفية هذه المقاولات واحدة تلو الأخرى.

 إلى جانب ذلك سجلنا ضرورة اختصار الإجراءات والسرعة في قفل المسطرة ، حتى نمنح للمدين فرصة  في الانطلاق مجددا ومباشرة نشاط جديد ، وعدم تقويض حريته في ذلك.

من خلال ما سبق ندعو المشرع المغربي إلى إعادة النظر في مجموعة من النقاط ،  والقضاء لتفعيل أخرى تبقى أهمها :

ü      إقران الالتزامات المفروضة على أجهزة المسطرة بآجال معينة أو قابلة للتعيين من القضاء وترتيب جزاءات على عدم احترامها .

ü      احترام القضاء للآجال المقررة في مساطر التصفية القضائية باعتبارها أجال تتعلق بالنظام العام .

ü      وجوب التدخل للتسريع بعمليات الشهر نظرا لما تمثله في المسطرة وتجاوزا لما يرتب تأخر العملية .

ü      مراجعة أجل 15 الممنوح للمدين من تاريخ التوقف عن الدفع لطلب فتح المسطرة وتمديده ليماثل ذلك الأجل (45 يوما) في التشريع الفرنسي .

ü      إعادة النظر في أجل 15 يوما المحددة للمحكمة للبت في طلبات فتح المسطرة والنص على إمكانية تمديدها مرة واحدة ، فما الفائدة من أجال وهي لا تحترم .

ü      إشراك الدائنين مشاركة واسعة في مختلف إجراءات المسطرة منذ فتحها .

ü      وضع نماذج موحدة للرسائل التي ينبغي على السنديك بعثها للدائنين أثناء مسطرة تحقيق الديون .

ü      تحديد أجال خاصة للسنديك لإشعار الدائنين المفروض عليه إشعارهم، وتعزيز التواجهية في مختلف مراحل مسطرة التصفية القضائية .

ü      تحديد أجل  سنة  للسنديك لانجاز إجراءات التصفية القضائية مع إمكانية تمديدها مرة واحدة وجعله يسري من تاريخ تسلمه مهامه.

ü      ربط أتعاب السنديك بفعاليته في تصفية خصوم القاولة ، واحترامه لأجال المسطرة ، بجعلها ذات طابع تنازلي.

ü      تحديد أجال للقاضي المنتدب لممارسة مجموعة من الاختصاصات في مسطرة التصفية القضائية ضمانا للتسريع بالإجراءات  وتفادي التأخير .

ü      تكوين قضاة متخصصين في الجانب الاقتصادي ومراعاة التوفر على هذه التكوينات في اختيار القضاة المنتدبين ، ووضع شروط خاصة لتولي مهام السنديك.

ü      تكوين هيأة خاصة بالسنادكة لدى المحاكم التجارية  ويحدد نظام أساسي لمزاولة هذه المهنة شروط مزاولتها والمسؤوليات المترتبة عن إختلالات  قد تشوب إنجازها .

ü      إعادة النظر في مشروع تعديل بعض مواد الكتاب الخامس من مدونة التجارة، وذلك قبل إخراجه إلى الوجود، من خلال اختصار مجموعة من الآجال الممكن دمجها ، وتمديد أخرى ناقصة، والنص على أخرى بقيت مغيبة.

وأخيرا لا يفوتنا إلا أن ندعو الباحثين و رجال القانون في البلاد إلى مناقشة مشروع  التعديل الجديد قبل خروجه إلى النور من أجل تعزيزه بتصورات جديدة في ما غاب عن واضعيه. 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى