في الواجهةمقالات قانونية

السلطة التقديرية للقاضي الأسري في دعاوى الرابطة الزوجية

 

السلطة التقديرية للقاضي الأسري في دعاوى الرابطة الزوجية

 جواد بولويحة طالب بسلك الدكتورة بكلية الشريعة والقانون فاس مختبر الدراسات الفقهية والقضائية وحقوق الإنسان

مقدمة

الحمد لله ذي الجلال والإكرام أحمده سبحانه وتعالى وأستعينه من لا حول له ولا قوة إلا به، وأصلي وأسلم على صاحب الدعوة التامة والرسالة العامة، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

فمن البديهيات المقررة أن الأسرة هي دعامة المجتمع، فهي نواته الصغرى التي يقوم عليها كيانه، وأي خلل يصيبها ينعكس على المجتمع سلباً، فبصلحها يصلح وبفسادها يفسد، لذلك فتقدم مجتمع ما رهين بسلامة الأسرة فيه، وتخلف مجتمع ما رهيناً بفساد الأسرة فيه

والسلطة التقديرية هي قدرة القاضي على الملائمة بين الظروف والواقعية للحالة المعروضة عليه، والحل الذي يقرره فيها فهي في أبسط صورها قدرة على التحرك بين الاختيارات المتاحة للقاضي قانونا، ولهذا فمن الخطأ أن تفهم السلطة التقديرية على أنها حرية تطبيق القاعدة القانونية في أحوال عدم النص التشريعي[1].

وعندما نتحدث عن سلطة القضاء التقديرية في الدعاوى الأسرية، لا نعني بذلك كل الخلافات القائمة بين أفراد الأسرة وإنما نعني بذلك المنازعات التي تكون من وظيفة القضاء الأسري.

والسلطة التقديرية للقاضي في الدعاوى الأسرية أغلبها إما أن تتعـــــلق بالزواج ( زواج القاصر، الإذن بالتعدد، ) أو بالطلاق ( الطلاق والتطليق، وحل المنازعات الأسرية ).

وتتجلى سلطة القضاء التقديرية في المنازعات المتعلقة بالزواج والطلاق في العمل على استئصالها ووضع حد لها اعتمادا على الوسائل المبية والعمل على التقريب بين أفرادها وتنبيههم إلى أن الصراع والتعنت في المواقف يؤدي إلى تفكك الأسرة وانحلالها، ويكون الأطفال هم الضحايا حيث يصبحون عرضة للتشرد والضياع.

فمهمة قضاء الأسرة إذن هي حماية الأسرة وإصلاحها فالمشرع أعطى للقضاء الأسري سلطة تقديرية واسعة، لذلك يتعين عليه أن يحسن استعمال هذه السلطة من أجل الحد من المنازعات الأسرية.

والإشكالية المؤطرة للموضوع هي: كيف يمارس قاضي الأسرة سلطته التقديرية لحل المنازعات المطروحة أمامه في دعاوى الزواج وانحلاله؟ وما هي السبل التي يعتمدها في ذلك؟

وقد حاولنا الإجابة على هذه الإشكالية بتطرقنا إلى نقطتين أساسيتين:

أولا: قاضي الأسرة وسلطته التقديرية في دعاوى الزواج.

ثانياً: مجال تدخل القاضي في مواجهات سوء النية في دعاوى انحلال ميثاق الزوجية.

 

المبحث الأول :قاضـــــــي الأســــرة و سلطته التقديرية في دعــــاوى الزواج

إن سلطة القاضي التقديرية هي مكانة قانونية لمواجهة ظروف تطبيق القانون قوامها نشاط ذهني يقوم به القاضي وفقا لعدة مراحل تنتهي به إلى إصدار الحكم الذي يعبر عن نتيجة القياس القضائي الذي قام به ،[2] فهذا يكمن في تحقيق الغاية الموضوعية للقانون ،يمارسها القاضي بحكم وظيفته و هي ملازمة لها ، و ذات طبيعة واحدة أيا كانت المنازعة، لذلك تعد من صميم العمل القضائي فأين وجدت السلطة القضائية أمكن الحديث عن السلطة التقديرية.
و على ضوء ما سبق سنتناول نشاط قاضي شؤون الأسرة التقديرية بتخصيص الحديث في هذا الفصل عن الزواج الاستثنائي و ذلك من خلال الأذن بزواج القاصر والأذن بالتعدد ( المطلب الأول ) بينما نخصص ( المطلب الثاني ) للحديث عن   سلطة القضاء في مواجـــــــهة ســــــوء النية في مجال انحلال ميثـــــــاق الزوجـــــــــية.

المطلب الأول : السلطة التقديرية للقاضي في الزواج الاستثنائي.

إن سلطة القاضي التقديرية في الزواج الاستثنائي و ذلك من خلال منح الأذن بزواج القاصر تساهم بشكل كبير في الحد من المنازعات الأسرية و ذلك من خلال الامتناع عن منع هذا الاذن ، إذا ظهر للقاضي أن عوامل نجاح هذا الزواج غير محققة والاذن بالتعدد ( الفقرة الاولى ) كما أن سلطته التقديرية في منح الأذن بالتعدد لها دور مهم بترتيب عن التعسف في التعدد من منازعات أسرية ( الفقرة الثانية )

الفقرة الأولى : الاذن بزواج القاصر

يتمتع القاضي المكلف بالزواج بسلطة تقديرية واسعة في منح الأذن بزواج القاصر ، فقد يرغب القاصر في الزواج و يوافق وليه على ذلك لكن قد يظهر للقاضي حسب سلطته أن عوامل نجاح هذا الزواج غير متوفرة فيمنــــــع هذا الاذن, و قد يقع نزاع بين الوالي و القاصر حول تزويج القاصر فيتدخل القاضي حسب سلطته التقديرية في ذلك.

  • عند رغبة القاصر في الزواج و موافقة وليه

يتشرط المشرع المغربي لصحة عقد الزواج ، أن يكون كل من الزوجين، عاقلين  بالغين سن الزواج وهو  ثمان عشرة سنة شمسية، حسب المادة 19 من المدونة .

رغم ذلك فإن تقرير القاعدة أعلاه لم يمنع المشرع، لاعتبارات اجتماعيـــــــــة و نفسية أو دينية من وضع استثناء يتعلق بزواج من لم سن الرشد “ [3] حيث خصت المادة 20 من المدونة على أنه لقاضي الاسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى و الفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه بمقرر معلل يبين فيه المصلحة و الأسباب المبرزة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعــــي و الاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي، مقرر الاستجابة لطلب الأذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن.

و يلاحظ من خلال هذه المادة أنه يجوز لقاضي اللأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى و الفتاة دون سن الاهلية المنصوص عليها في المادة 19 من المــدونة و هي إتمام الفتى و الفتاة ثمان عشرة سنة شمسية، إذا كان في هذا الزواج مصلحة له و عليه فإن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج سلطة تقدير هذه المصلحة فإذا وجد أن الاذن بالزواج لا يحقق مصلحة لأحد الخاطبين، و أن عوامل الاستمرار و نجاح هذا الزواج غير متحققة امتنع عن منح هذا الاذن بماله من سلطة تقديرية .[4]

و المصلحة يجب أن تكون أكيدة و أن تكون هي الدافع الأساسي لطلب الاذن بالزواج و بالتالي منحه .

و لأن الشرع لم يبين هذه المصلحة فهي تستخلص من أقوال الأب أو الأم أو رأي الطبيب المختص أو تقرير من أنجز بحثا اجتماعيا في الموضوع أو من لقاء قد يتم بين القاضي و القاصر أو القاصرة الراغبين في الزواج أو من باب المصلحة القوة الجنسية الجامحة .[5]

أو وجود أسباب أخرى يقدرها بناء على الخبرة الطبية أو بحث اجتماعي لأن الفتاة تبلغ سن البلوغ الشرعي في 14 سنة على الأكثر و قد يكون والدها لا يقدر على تربيتها و لا عن إطعامها و كسوتها فيكون الزواج لها أحسن و أحصن.

إذ ينقدها من الانحراف و العنت و العلاقات المشبوهة التي يتخبط فيها عدد كبير من الفتيات في حل المغريات القوية في الشوارع و المــــــــــدارس و الإعلام و شبكة الانترنيت[6].

و محاولة من وزارة العدل المغربية التأكد من استثنائية منح الاذن بالزواج القاصر و خصوصا عندما يكون سن بعض الأزواج منخفضا جدا أصدرت منشورا  [7]أكدت فيه أنه قد توجد مبررات موضوعية و أسباب حقيقية تسمح بـــــزواج الفتى و الفتاة قبل سن المذكور و تحقق المصلحة المتوخاة من تحديد سن الزواج في 18 سنة ، فقد خول المشرع لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بهــــــــذا الزواج و إيمانا معه و اقتناعا بأنه سوف يقدر الحالات و يتخذ القرار المناسب الذي يوفق بين الاستثناء و الأصل.

  • سلطة القاضي التقديرية عند حدوث نزاع بين الوالي و القاصر حول تزويج القاصر

     نصت المدونة في المادة 21 على أن القاضي الأسري يجب عليه أن يتدخل إذا امتنع النائب الشرعي عن ترويج القاصر الذي تحت ولايته، فمتى امتنع النائب الشرعي عن ترويج القاصر فإن لهذا الأخير أي القاصر رفع طلب الاذن بالزواج إلى القاضي الذي عليه أن يثبت فيه وفق الإجراءات السالفة الذكر[8].

و قد أجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على أنه ليس للوالي أن يمنع وليته إذا دعت إلى كفء، و بصداق مثلها و أنها ترفع أمرها إلى السلطان فيزوجها ماعدا الأب ففيه خلاف .

يقول ابن رشد و اتفقوا على أنه ليس للوالي أن يفضل وليته إذا دعت إلى كفـــــ ء و بصداق مثلها و أنها ترفع أمرها إلى السلطان فيزوجها ما عدا الأب فإنه اختلف فيه [9].

يقول القاضي شريح : لا نكاح إلى بولي أو امرأة يفضلها و ليها فتأتي السلطان أو القاضي فيزوجها أو يأمر من يزوجها .

إن موافقة النائب الشرعي تعتبر ضرورية لابرام عقد الزواج، و ذلك بتوقيعه مع القاصر طلب الاذن بالزواج و بحضوره عند إبرام العقد.

و على فرض أن النائب الشرعي رفض الموافقة و حتى لا يبقى القاصر معلقا فإن قاضي الأسرة المكلف بالزواج يبث في الموضوع حيث يتقصى أسباب امتناع  النائب الشرعي حينها يقرر الإذن بالزواج أو رفضه ، بعد الوقوف على  مد موضوعية هذا الامتناع [10].

فإذا امتنع الولي عن ترويج القاصر فإن الولاية تنتقل إلى القاضي الذي يحق له أن يأذن للقاصر بالزواج إذا رأى في ذلك مصلحة له حسب سلطته التقديرية.

ففي بعض الحالات يمتنع القاصر عن الزواج رغم موافقة وليه و يكون رفضه في البداية راجع إلى خوفه من تعرضه للعقاب، لكن بعد الاستماع إليه على انفراد من طرف قاضي الأسرة المكلف بالزواج يبوح إليه بذلك، و كما جاء على لسان أحد القضاة أن في هذه الحالة لا يشيرالقاضي في مقرر رفض الاذن بزواج القاصر إلى أن القاصر يرفض الزواج و ذلك خوفا من تعرض القاصر للانتقام و إن كان تقرير الخبرة الطبية يقرر عكس ذلك ، و هنا تتجلى إيجابية سلطة القاضي التقديرية [11].

و أجاز الشافعية للوالي من أب أو جد تزويج صغير مميز و لو أكثر من واحدة إن رآه الولي مصلحة، لأن تزويجه لمصلحته و قد تقتضي ذلك ، و أجاز الحنابلة أيضا للأب خاصة تزويج ابنه الصغير أو المجنون و إن كان كبيرا … و أجاز المالكية للأب والوصي و الحاكم تزويج المجنون و الصغير لمصلحة كالخوف من الزنا و الضرر، أو ممن تحفظ له ماله و الصداق على الاب .

و من خلال ما سبق يتضح لنا أن قاضي اللأسرة المكلف بالزواج له سلطة تقديرية واسعة في الاذن بالزواج القاصر و لهذا من الواجب عليه أن يستخدم هذه السلطة من أجل الوصول إلي الحق بالطرق الممكنة مادامت لا تخالف نصا شرعيا فهو يحكم بالفراسة و القرائن التي يظهر له فيها الحق، و الاستدلال بالإمارات و أنه لا يحق مع مجرد ظواهر البيانات و الأحوال.

الفقرة الثانية: الاذن بالتعدد

إن نظام تعدد الزوجات، نظام قديم قدم البشرية فقد كان سائدا قبل ظهور الاسلام و أقرته الشرائع السماوية و لم يكن له عند أكثر الامم السابقة عدد محدد، إلا أن جاءت الشريعة الإسلامية فوضعت له نظاما حكيما للحفاظ على الأسرة والمجتمع فقصرت التعدد على أربع زوجات مع اشتراط العدل بينهن و القدرة على الإنفاق عليهن قال تعالى : ﴿فانحكوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلثا و ربع [12].

غير أن تعدد الزوجات، و إن كان لا يخرج عن دائرة المباح ، فقد يتم استخدامه في غير ما أعد له ، فيتم التعسف في تفسيره و الأخذ بمقاصده الشرعية، فيصبح تعدد الزوجات أداة لإفساد الأسرة لما يقع بين الضرائر من منازعات، لا يقف عليهن بل تتعدى ذلك إلى الابناء.

و يشتد هذا النزاع و يستفحل عندما يميل الرجل إلى إحدى زوجاته أكثر من الأخرى، و كثيرا ما يؤدي ذلك إلى تشتت الأسرة و تشرد الأبناء.

و بالرجوع إلى مدونة الأسرة نجد أن المشرع المغربي نظم مسألة التعدد في الباب الثاني في القسم الثالث من الكتاب الأول المتعلق بموانع الزواج المواد 40 إلى 46 من المدونة [13].

و قد جاءت المدونة بمجموعة من المقتضيات الجديدة ذهبت في بعضها إلى حد منع التعدد كالحالة التي يكون فيها شرط في عقد الزواج يفرض على الزوج عدم التزوج على زوجته.

و هنا تتجلى أهمية السلطة التقديرية للقاضي في منح الاذن بالتعدد أو عدمه في الحد من المنازعات و الخصوصات الأسرية التي قد تنتج عن هذا التعدد و تتجلى سلطة القاضي من خلال الاذن بالتعدد فيما يلي :

  • مدى قدرة الزوج على العدل بين الزوجات

نصت مدونة الاسرة في المادة 40 على أنه ” يمنع التعدد إذا خيف عدم العدل بين الزوجات “.

و مما يلاحظ هنا أن المدونة نصت على أنه ” إذا خيف عدم العدل بين الزوجات يمنع التعدد ” و الخوف حالة مستقبلة لا يشعر بها إلا الخائف نفسه، و الخطاب في الآية : ﴿ إن خفتم ألا تعدلوا فواحدة[14] موجهة إلى الأزواج الدين يريدون التعدد في شكل وعيد محذرا إياهم من التعدد الذي يؤدي إلى عدم العدل بين الأزواج، وعدم العدل ظلم و الظلم حرمه الله تعالى على نفسه و حرمه على خلقه، و هذا الاشتراط أمر سابق لأوانه، و لا يتصور إلا بعد وقوعه و الحكم على الشيء قبل وقوعه باطل[15].

إن معرفة ما إذا كان طالب التعدد قادرا على العدل بين زوجاته أم لا لا سبيل للقاضي إليها فهذا الأمر ينبغي أن يقاس بقياس شخص فالله عز و جل أمكن إمكانية معرفة العدل من عدمه إلى ضمائر الازواج ، فقال “فإن خفتم ألا تعدلوا ..” لأن الازواج هم المعنيون بالخطاب الالهي [16].

“فإذا توفرت قرائن يخاف معها عدم العدل بين الزوجات و هو ما نصت عليه المادة 40 فهذا في مدونة الأسرة لا يكتمل الفهم السليم لهذه المادة إلا إذا تمت مقارنتها بمواد أخرى مرتبطة بها في المعنى و السياق ، لأن المواد القانونية يكمل بعضها بعضــــــا، و بالتالي فالقاضي حسب سلطته التقديرية ألا يأذن بالتعدد لطالبه إن غلب على ظنه أن طالب الاذن لن يعدل إن عدد زوجاته و لقد ثم النص على ضابط العدل مراعاة للالتزام بمقاصد الشريعة السمحاء في الحرص على العــــدل، و انسجاما مع الآية القرآنية التي تشترط العدل في التعدد.

هذا بالإضافة إلى أن خضوع تعدد الزوجات لمراقبة القاضي يجعله يميز بين حالات وجود المصلحة في التعدد أو عدم وجودها لأن هناك أطفالا قد يكونون ضحية التعدد في غياب هذه المراقبة[17].

لقد اتفق الفقهاء و المفسرون على أن هذين الشرطين ( العدل و القدرة ) على الإنفاق لا بد من توافرهما لكل من يريد أن يتزوج و عنده زوجة بل قد اتفق الفقهاء       على كل زواج يعتقد المتزوج عند إنشائه و لو كان الزواج الأول أنه لا يعدل مع أهله أو لا يستطيع الانفاق فيه يكون حراما[18]

و العدل المقصود في الشريعة الإسلامية و في مدونة الاسرة هو العدل في المعاملة و سائر الاوضاع الظاهرة

و قد كان قانون الاحوال الشخصية ينص على نفس المقتضيات إذ خيف العدل بين الزوجات لم يجز التعدد.

و هكذا ظهر للمحاكمة ما يفيد أن الزوج قد لا يعدل بين زوجاته رفضت الأذن له بالتعدد، حسب سلطتها التقديرية، و هذا ما أكده الحكم الصادر عن قسم قضاء الاسرة بتازة[19] حيث جاء فيه أن المدعي  له مشاكل عدة مع المدعي عليها و أنه لا يتفاهم معها و هو ما يفيد أن الطرفين في نزاع و هو ما يخاف معه عدم العدل بين الزوجات ، مما يكون معه الطلب غير مبرر و يتعين رفضه.

و أيضا الحكم الصادر عن قسم قضاء الاسرة بالناظور[20] و الذي جاء فيه و حيث إنه استنادا إلى مقتضيات المادة 40 من المدونة فإن المحكمة لا تأذن بالتعدد إذا توفرت قرائن يخاف معها عدم العدل بين الزوجات ، و حيث تبث للمحكمة من خلال مستندات الملف و وثائقه ، و كذا من إقرار المدعي في مقاله أن للزوجين موضوع ملف النازلة نزاعات و خصومات معروضة على القضاء الألماني ، كما أنها و منذ ثلاثة سنوات و هما يعيشان منفصلان ، و أن عيشهما على هذه الحالة يشكل قرائن يخاف معها عدم العدل بين الزوجات و في حالة الاستجابة لطالب الاذن بالتعدد مما سيتوجب التصريح برفض الطلب.

  • مدى قدرة الزوج على إعالة الاسرتين

نصت المادة 41 من المدونة في فقرتها الثانية على أنه لاتأذن المحكمة بالتعدد :

إذا لم يكن لطالبه الموارد الكافية لإعالة الأسرتين و ضمان جميع الحقوق من نفقة و إسكان و مساواة في جميع أوجه الحياة 

و هكذا فالقاضي لن يأذن بالتعدد إذا ثبت له بأن الراغب في التعدد لا يملك موارد تغطي المطالب المعيشية لأسرتين أو أكثر خصوصا منها مشمولات النفقة من إسكان و كسوة و علاج و غيرها من متطلبات الحياة، و تضيف الفقرة التالية من المادة 41 من المدونة في جميع الأوجه[21].

تتعلق المواد الكافية لإعالة أسرتين بمستوى دخل الراغب في التعدد، و مدى كونه كفيلا بضمان جميع الحقوق المترتبة لفائدة الأسرتين و هذه مسألة واقع يثبتها الطالب و تقدرها المحكمة ، و يرى الدكتور الكشبور أن المحكمة يجب أن تراعي في تقديرها ظروف الزمان و المكان [22]

و الظاهر أن إثبات شرط القدرة على إعالة اسرتين لا يطرح إشكالا  كثيرا لأنه يعتمد على الوضعية الاقتصادية للزوج الراغب في التعدد، و يتم هذا الاثبات بشهادة تثبت داخل الفرد أو رقم معاملته التجارية أو حجم ممتلكاته العقارية أو رصيده في البنك، و قد قررت المادة 42 من مدونة الاسرة أن يكون طالب الاذن بالتعدد مرفوقا بإقرار الوضعية المادية لمن يريد التعدد، و إلا وجب عدم قبول الطلب المقدم للمحكمة من طرفه.

و نعتقد أن وجود القدرة الكافية لإعالة أسرتين من أمور الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع و التي يجب عليها أن تراعي ظروف الزمان و المكان أثناء ذلك التقدير، و هكذا فإن تأكدت المحكمة من الشروط الموضوعية القانونية للتقدير يستتبعه مباشرة الدخول في الإجراءات المرتبطة بالإذن بالتعدد و إلا وجب أن تحكم بعدم قبول الطلب المرفوع إليها[23].

و لقد اشترط فقهاء الشريعة الإسلامية على الراغب في التعدد و القدرة على الإنفاق حيث لا يحل شرعا الإقدام على الزواج سواء من واحدة أو أكثر إلا بتوفر القدرة على مؤون الزواج و تكاليفه ، و الاستمرار في أداء النفقة الواجبة على الزوج لقوله صلى الله عليه و سلم ” يا معشر الشباب من استطاع منح الباءة فليتزوج….” [24] و هكذا فإن المحكمة لا تأذن بالتعدد إلا بعد أن تتأكد من مدى قدرة طالب التعدد على إعالة الاسرتين.

غير أن بتتبع الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن يتضح مــــــــدى التضيق و التعسف في العديد من الحالات في تقدير المحكمة لمدى ملائمة دخل الزوج مريد التعدد في الوفاء بمتطلبات أسرتين دون مراعات الظروف الزمانية و المكانية للطالب.

فبينما اعتبرت المحكمة الابتدائية بطنجة دخلا يتراوح ما بين 6000 و 8000 درهم كافية لإعالة أسرتين في ذات المدينة ، [25] و نجد ابتدائية تيزنيت تعتبر دخلا بمبلغ 6000 درهم ، لا يكفي لإعالة أسرتين بالواسط القروي، حيث جاء في حكم لها ” … و حيث إن الزوج ينشط في تجارة الماشية، و أن هذا النشاط يدر عليه دخلا قدره 6000 درهم شهريا حسب تصريحه، حيث إن هذا المدخول لا يكفي لتغطية حاجياته و حاجيات زوجته و أولاده الخمس القاصرين …[26]

  • مدى تحقيق المبرر الموضوعية الاستثنائي

نصت المادة 41 من مدونة الأسرة بأنه على الراغب في ممارسة تعدد الزوجات أن يقدم طلبا بذلك إلى المحكمة و أن يضمنه الأسباب الاستثنائية المبررة له.

و يقصد بتحقيق المبرر الموضوعي الاستثنائي أن يكون الطالب الرامي للتعدد مبني على سبب مشروع و حتى يكون كذلك لا بد أن تتوفر فيه صفـــــــــتي الموضوعية و الاستثنائية و هما أمران متلازمان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، و قد جاء في المدونة غير معطوفين أحدهما عن الآخر فتحقق صفة الموضوعية بدون صفة الاستثنائية يجعل الطلب غير مبرر و العكس صحيح، كذلك و لا بد من تحقيق الضرورات المبيحة للتعدد كحالة عقم الزوجة مع رغبة الزوج الفطرية في النسل، فإذا كان يبدو من الوهلة الأولى أن العقم مبرر موضوعي لطالب التعدد إلا أنه لا يستمد صفة الاستثنائية إلا بعد التأكد بالوسائل العلمية الحديثة و الاستعانة بذوى الاختصاص في ذلك [27].

و هنا تتجلى سلطة المحكمة التقديرية في الحد من المنازعات الاسرية لأن التعدد لابد أن تترتب عنه مجموعة من المشاكـــــــل الاجتماعية ، فالتعدد قد يغري العداوة و البغضاء بين أفراد الأسرة خاصة إذا لم يكن هناك مبرر له، و هنا يجب على المحكمة أن تتأكد من أن المبرر الموضوعي الاستثنائي الذي يدعيه طالب التعدد معقول و حقيقي، و من المبررات الموضوعية الاستثنائية التي تبيح التعدد نجد طلب الإحصان ” فالزوج الذي تقيم زوجته مع الأولاد في بلد و يضطر هو للإقامة في بلد آخر من أجل تجارته أو عمله لمدة طويلة، و يخشى على نفسه الوقوع في الحرام يجوز في حقه التعدد.

و الزوج الذي مرضت زوجته و لم تعد قادرة على معاشرته يكون زواجه عليها أولى من تطليقها و التفريط فيها.

و الزوج الذي يرغب في الأولاد، و زوجته عاقر أو لا تريد الاولاد[28] يحق له التعدد.

إذا لم يثبت الزوج الأسباب و المبررات و الاستثنائية التي اضطرته إلى طلب الإذن بالتعدد، بالرجوع إلى مدونة نجد أن المشرع المغربي لم يحدد بكيفية واضحة المقصود بالمبرر الموضوعي الاستثنائي لذلك تخضع هذه الأسباب إلى السلطة التقديرية للقاضي بحيث إذا لم يقتنع بها لن يمنح الاذن بالتعدد [29].

حيث جاء في حكم صادر عن قسم قضاء الاسرة بتازة ما يلي ” … و حيث أن عدم قدرة الزوجة على مسايرة زوجها المدعي فيما يخص المعاشرة الزوجية، حسبا ما صرح به الزوج بجلسة الصلاح المنفذة بتاريخ 2009/03/30 يعتبر في نظر هذه المحكمة مبررا موضوعيا و استثنائيا للاستجابة للطلب” [30]

و جاء في قرار محكمة النقد الصادر بتاريخ 2015/06/23 في الملف الشرعي عدد 276/2/1/2015 حيث استجابة المحكمة لطلب الزوج الراغب في التعدد لأن زوجته الاولى لم تلد له البنات و هو راغب في إنجاب ولد ذكر و اعتبرت محكمة النقض بأن ذلك يشكل سببا موضوعيا و استثنائيا يبرر التعدد  و قد أثار هذا القرار ردود فعل متباينة عبر وسائل الاتصال الحديثة [31].

و في حكم آخر رفض الاذن بالتعدد لعدم إثبات المبرر الموضوعي حيث اعتبر  أن قول الزوج على أن زوجته  لا تقوم على المعاشرة هو مجرد ادعاء لا يرقي إلى درجة الإثبات حيث جاء في هذا الحكم ، و حيث يتضح أول الأمر أن هناك تناقض بين الدفاع و الطالب في الأسباب المتعمدة على طلب التعدد و حتى على فرض صحة ما ادعاه الزوج من كون زوجته لا تقوى على معاشرته فإن هذا الادعاء يبقى من الامور التي يستطيع الطب الحديث معالجتها و هو مالى يسعى إليه الزوج أصلا أضف إذا ذلك أن هذا المبرر يبقى مجرد ادعاء لم يرق إلى درجة الاثبات رغم إهمال الزوج للإدلاء بما يفيد الحالة الصحية للزوجة [32].

و هكذا فإن خضوع تعدد الزوجات لمراقبة القاضي يجعله يميز بين حالات وجود المصلحة في التعدد أو عدم وجودها لأن هناك أطفال قد يكونوا ضحية التعدد في غياب هذه المراقبة [33].

و عليه فإن إخضاع تقرير وجود هذا المبرر من عدمه، لسلطة المحكمة التقديرية يساهم في الحد من المنازعات الأسرية التي تنتج عن تعسف بعض الازواج في التعدد، من دون مبرر سوى إتباع هوى النفس، على حســــــــــاب استقرار الاسرة و وحدتها.

المبحث الثاني :سلطة القضاء في مواجـــــــهة ســــــوء النية في مجال انحلال ميثـــــــاق الزوجـــــــــية

يحرص  القانون أن تكون علاقات الأفراد، علاقات تقوم على أسس التعاون والتفاهم، لحفظ كيان المجتمع، وبالأحرى في العلاقات الأسرية المبنية أصلا على المودة والرحمة، وهو بذلك يحمل رسالة مشتركة مع الأخلاق ، وهي رسالة نشر الطمأنينة وكف العدوان وخلق الثقة ومحاربة سوء النية ، وجعل الطلاق حلا لميثاق الزوجية يمارس من قبل الزوج والزوجة كل حسب شروطه الشرعية ، وبمراقبة  القضاء،

المطلب الاول: تدخل القاضي في اتجاه الرقابة على شرعية الطلاق

يعتبر تقييد الممارسة التعسفية لحل ميثاق الزوجية أحد رهانات المدونة الجديدة[34]، لذلك جعلته تحت مراقبة القضاء ، من أجل توفير ضمانة العدل والإنصاف وصيانة الحقوق وحماية الأسرة من التفكك[35]، وبشروط وضوابط وأحكام من شانها حماية كل من الزوج (أولا) والزوجة (ثانية) من الممارسات التعسفية .

الفقرة الاولى: الحماية القضائية للزوج من التعسف

عادة ما يتم الحديث عن تعسف الزوج على الزوجة دون العكس، إلا أن الواقع أثبت أن الزوج أيضا يكون ضحية الكيد والتعسف، ورغم أن المشرع من خلال مدونة الأسرة، ساير هذا التصور[36]، إلا  أن ذلك لم يمنعه من إقرار مجموعة من القواعد تحمي الزوج من تعسف الزوجة؛ خصوصا وأن الواقع المعيشي يطلعنا على حالات مأساوية كان انعدام الوازع الديني وعم الإحساس بالمسؤولية فيها السبب الرئيسي لتشتت الأسر.

ولعل أبرز سبيل للزوج في مواجهة تعسف الزوجة هو الطلاق، وهو أكثر الوسائل شيوعا لأنه متروك للزوج دونما توقف على رضا المرأة، وذلك في حدود قواعد حسن النية. إضافة إلى أن الزوج يمكنه الالتجاء إلى طلب التطليق للشقاق وقبله حق المطالبة بالتنفيذ[37]، بخصوص حق “المساكنة الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية وصيانة العرض والنسل”. (النبذ الأول من المادة 51 من مدونة الأسرة).

ويعتبر قطع المساكنة من طرف الزوجة أبرز مظهر لإخلالها بالتزام المساكنة[38].

وأهم صورة لقطع المساكنة من الزوجة ما يطلق عليه فقها النشوز[39]، والذي تتوقف بموجبه النفقة عليها شريطة رفع دعوى الرجوع إلى بيت الزوجية من طرف الزوج فإذا امتنعت سقط حقها في النفقة[40]، ويمكن للزوج أن يطلب بعد ذلك بالتعويض بعد وضع حد للعلاقة الزوجية نتيجة الإخلال بالالتزام الملقى عليها[41]، وفي هذا الصدد جاء في قرار المجلس الأعلى : كانت المحكمة على صواب حين صرحت بأن تمسك الطالبة بالإقامة في فرنسا بعيدا عن زوجها المقيم بالمغرب وإصرارها على ذلك يشكل إخلالا بالالتزامات الملقاة على عاتقها والتي تفرض عليها الإقامة مع زوجها لتحقيق شرط المساكنة الشرعية…”[42].

إضافة إلى أن ترك بيت الزوجية، دون سبب قاهر، قد يمثل جريمة يعاقب عليها الفصل 479 من القانون الجنائي متى تحققت شروط معينة[43].

كما أنه من صور قطع المساكنة الشرعية العبث بعقد الزواج[44]، وعدم الإخلاص الواجب  للزوج، وقد رتب المشرع المغربي على ذلك مجموعة من الآثار هي حق رفع دعوى عمومية أمام القضاء الجنائي، مع دعوى مدينة تابعة، ثم حقه في فك الرابطة الزوجية مع المطالبة بتعويض الأضرار المادية والمعنوية : لما تشكل الخيانة الزوجية من إخلال بالتزام عقدي[45].

هذا إضافة إلى أن صيانة العرض والنسل تقتضي سد الذرائع التي تؤدي إلى الزنا، كالخلوة بالرجال وسوء الأخلاق، والمدونة بذلك كان خطابها موجها إلى الزوجين وليس للزوجة لوحدها، وهي مبادئ عامة واجبة التطبيق ولو بدون نص[46].

ولعل أبرز مستجدات مدونة الأسرة في مجال حماية الزوج من تعسف الزوجات هو ما تم النص عليه ضمن المادة 53 وقد جاء فيها : “إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر ، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية ، حالا ، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته “.

كذلك أعطى المشرع للزوج إمكانية طلب التطليق للعيب كما هو الشأن للزوجة ، وذلك في كل من المدونة الملغاة ، ومدونة الأسرة[47]، وهو ما أجازه المالكية[48]، والشافعية[49]، والحنابلة[50]، وخلافا للأحناف ، الذين جعلوا حق الفسخ للزوجة فقط لعيب في زوجها دون الزوج لأنه يمكن دفع ضرر العيب بحق الطلاق.

وقد استعملت مدونة الأسرة عبارات عامة في العيوب المبررة لإنهاء العلاقة الزوجية، إلا أنه لمنع التعسف في هذا المجال جاء في المادة 111 من المدونة انه :”يستعان بأهل الخبرة من الأخصائيين في معرفة العيب أو المرض”. كما أنه يمكن الاستعانة بأحكام الفقه الإسلامي في هذا الصدد من خلال ما جاء في المادة 400 من المدونة.

ومن أهم الآثار الحمائية، حق وضع حد للرابطة الزوجية إذا توفرت الشروط المتطلبة[51]، كما أنه “لا صداق في حالة التطليق للعيب عن طريق القضاء قبل البناء ويحق للزوج بعد البناء أن يرجع بقدر الصداق على من غدر به أو كتم العيب عنه قصدا. كما جاء في المادة 109 من مدونة الأسرة.

ويبقى للزوج الذي غرر به في هذا الصدد، أن يرجع بدعوى المسؤولية على من دلس عليه[52]؛ لأن عقد الزواج مع وجود هذه العيوب أو الأمراض المدلس بها كالعقد القابل للإبطال لعيب من عيوب الإرادة[53].

وتماما كما نهى الإسلام الأزواج عن التعسف في توقيع الطلاق، نهى الزوجات عن طلب المخالعة من غير عذر مشروع، كما أنه للقضاء في هذا الصدد أن يفرض إجراءات تمنع التعسف[54].

لكن المشرع ونفيا لأي تعسف في الخلع جعله عقد رضائي[55]، فهو طلاق يشترك فيه الزوجان وتأذن به المحكمة. “وإذا أصرت الزوجة على طلب الخلع ، ولم يستجب لها الزوج ، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق “. كما جاء في (الفقرة الثانية من المادة 118 من مدونة الأسرة) ، وهو ما يعني أنه لا سلطة للمحكمة على الزوج برفضه لمبدأ الخلع ، ولا طلاق بالخلع للزوجة إذا رفض الزوج ، وبلجوئها إلى مسطرة الشقاق قد تستفيد من التطليق بدون مقابل[56]، وقد يثبت الزوج مسؤوليتها عما آلت إليها الأسرة ، ويبدي حسن تصرفه من أجل استقرارها من خلال رفض مقابل الخلع.

وقد ذهب جانب من الفقه[57] إلى أن إمكانية اللجوء إلى مسطرة الشقاق هي من الحالات الممتازة التي افترض فيها المشرع قيام حالة الشقاق ومسؤولية الزوج .

وعموما فإن مسطرة الشقاق أيضا من المساطر الحمائية للزوج من تعسف الزوجة، ما دام أن المحكمة “تحكم بالتطليق…مراعية مسؤولية كل من الزوجين عن سبب الفراق في تقدير ما يمكن أن تحكم به على المسؤول لفائدة الزوج الآخر”. حسب ما جاء في المادة (97 من مدونة الأسرة).

الفقرة الثانية : الحماية القضائية للزوجة من التعسف

كانت قضية إنصاف المرأة قضية المسؤولين في مختلف المجالات، ومع بداية العهد الجديد بالمغرب أبان جلالة الملك في خطاب العرش اهتمامه بهذا الموضوع بقوله:”أما بالنسبة للأسرة والنهوض بأوضاع المرأة، فإنني قد أبرزت إشكالها الجوهري، غداة تحملي الأمانة العظمى، لإمارة المؤمنين، متسائلا في خطاب عشرين غشت لسنة 1999:(كيف يمكن الرقي بالمجتمع، والنساء اللواتي يشكلن نصفه، تهدر حقوقهن)…فهل يرضى أحدكم بتشريد أسرته وزوجته وأبنائه في الشارع، أو بالتعسف على ابنته أو أخته ؟ …”[58].

ويتصور هدر حقوق النساء ، وتشريدهن والتعسف عليهن ، كما جاء في الخطاب، ومن طرف الرجل وخاصة في إطار العلاقة الزوجية   ، التي أحاطها الحق سبحانه بعناية فائقة، وبناؤها يكون على المودة والرحمة، كما في قوله تعالى : ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم وأزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون[59].

إلا أن الله سبحانه وتعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، لذلك وضع المشرع المغربي مجموعة من الأحكام في مدونة الأسرة خاصة، تخول سلطة للقاضي للحد من تعسف الزوج على الزوجة في مختلف مراحل العلاقة الزوجية، فمثلا جعل المشرع من خلال المادة 16 من المدونة “وثيقة عقد الزواج الوسيلة المقبولة لإثبات الزواج”. من أجل التحفيز على التوثيق لتفادي مسألة الإنكار، والتي غالبا ما تكون من فعلة الرجال، وزيادة في الحماية سمح المشرع بسماع دعوى الزوجية، إضافة إلى إمكانية إثبات نسب عقد الزواج غير الموثق، كما تفيد المادة 156 من المدونة.

وفي مسألة الصداق فإن المشرع وضع مجموعة من الأحكام تحمي المرأة من كل إحراج أو تعسف، كما هو الحال في جعل تحديد صداق المثل، ضمن السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع حسب معيار موضوعي حددته المادة  27 من المدونة[60].

وفي حالة الاختلاف في قبض حال الصداق فإن كان ذلك “قبل البناء، فالقول قول الزوجة، أما بعده فالقول قول الزوج”.(المادة 33 من المدونة) والأحرى جعله قول الزوجة بيمينها في كل الأحوال، لأنه لا يختلف بشأنه عادة إلا في حالة الشقاق ولا بأس من جبر خاطرها بالصداق ولو ثانية وإدراجه في متعتها، خاصة أن المشرع اعتبره يسمو عن القيمة المادية واعتبره قيمة معنوية ورمزية[61]، كما أن “المطلوب شرعا تخفيف الصداق” المادة 28 من المدونة.

أما في حالة كون الصداق مؤجل فإن المشرع أعطى مركزا متميزا للزوجة باعتباره أنه :”إذا اختلف الزوجان في قبض الصداق المؤجل فعلى الزوج إثبات أدائه” (المادة 33 في الفقرة الثانية)، وهو ما يتوافق وما جاء في الفصل 400 من ق ل ع الذي جاء فيه : “إذا أثبت المدعي وجود الالتزام، كان على من يدعي انقضاءه أو عدم نفاذه تجاهه أن يثبت ادعاءه”.

ومن أجل حماية الزوجة من تعسف الزوج، وضع المشرع قاعدة عامة في مطلع أول مادة خاصة بالتعدد، وهي منع التعدد إذا خيف عن عدم العدل، وإذا وُجد شرط من الزوجة بعدم التزوج عليها، (المادة 40)، كما استلزم في غير ذلك ثبوت المبرر الموضوعي الاستثنائي، والموارد الكافية لإعالة الأسرتين.

كما وضع مجموعة من الإجراءات المسطرية تحول دون تعسف الزوج، من خلال ما جاء في المواد 43 و 44 و45و46 من المدونة.

وبوأ الزوجة مركزا متميزا، كان معه من العدل عند طلبها التطليق أن يترتب حق الطرف الآخر الأتوماتيكي في الحصول على التعويض[62].

ولاشك أيضا أنه لجعل الزوجة في حرز من التعسف، لابد من تيسير سبل التقاضي، وفي ذلك تندرج المقتضيات الواردة في نص المادة 52 من المدونة التي جاء فيها أنه :”عند إصرار أحد الزوجين على الإخلال بالواجبات المشار إليها في المادة السابعة يمكن للطرف الآخر المطالبة بتنفيذ ما هو ملزم به أو اللجوء إلى مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد من 94 إلى 97 بعده”. وهي تتعلق بحالة الإخلال بالحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين[63]،

وتجدر الإشارة إلى أنه رغم أن الأصل في توقيع الطلاق هو بيد الزوج باعتباره صاحب العصمة الزوجية[64]، فإن الاستجابة لطلبه يكون على وزان القاعدة الفقهية التي تقضي بأنه “لا ضرر ولا ضرار“، حتى لا تحس الزوجة أن هناك إجحافا في حقها، وأن مصيرها لعبة في يد الرجل، وإنما كل خروج عن الحدود الشرعية لاستعمال الحق يكون تحت طائلة التعسف، كما هو مفهوم من المادة 84 من المدونة التي جعلت من بين عناصر تقدير المتعة “مدى تعسف الزوج في توقيعه”.

كما أنه قبل الإذن بالطلاق فلابد من إجراء محاولة الإصلاح بين الزوجين، لأن ذلك من النظام العام[65]، ولتوفير حق الدفاع للزوجة فقد ألزم المشرع بالتوصل الشخصي بالاستدعاء، كما جاء بعبارة (المادة 81 من المدونة).

وقد وضعت المدونة، وانسجاما مع المقاصد الشرعية للزواج، مجموعة من الضوابط الشرعية للطلاق، حتى يكون فعلا استثناء، وفي حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررين، كما نصت عليه المادة 70 من المدونة .

ويعد قانون الأسرة المغربي من القوانين التي تناولت تلك الضوابط بتفصيل، وذلك للتحقق من سلامة الإرادة[66]، وعلى سبيل المثال تنص المادة90 من مدونة الأسرة – الفصل 48 و 49 من المدونة الملغاة- على أنه : “لا يقبل طلب الإذن بطلاق السكران الطافح وكذا الغضبان إذا كان مطبقا”.

وكي لا يقع العبث بالرابطة الزوجية والتعسف فيها اعتبر المشـــــــــــرع أن ” الحلف باليمين أو الحرام لا يقع به الطلاق” (المادة91) كما أن ” الطلاق المقترن بعدد لفظا أو إشارة أو كتابة لا يقع إلا واحدا “ (المادة 92) و“الطلاق المعلق على فعل شيء أو تركه لا يقع” (المادة93).

كما أن المشرع المغربي لم يشر إلى الطلاق في مرض الموت، لأن الزوج قد يكون سيء النية بحيث لم يقصد من تصرفه سوى منع المرأة من الميراث، ويجب معاملته بنقيض قصده إلا أن ذلك مما يمكن الرجوع فيه إلى المذهب المالكي حسب ما تقضي به المادة 400 من المدونة[67].

ومن بين أهم المستجدات الحمائية للزوجة، إمكانية رفض الرجعة، التي هي حق للزوج في الطلاق الرجعي في حدود حسن النية[68]، لقوله تعالى :﴿ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزؤا[69]، وقوله تعالى :﴿وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا[70].

ولا خلاف بين الفقهاء في أن الزوج الذي يراجع زوجته بقصد الإضرار بها زوج سيء النية وأثم بذلك[71]، وهو ما افترضه المشرع في الزوج، رفعا للحيف المتوقع، لذلك نصت المادة 124 من المدونة على أنه : “يجب على القاضي قبل الخطاب على وثيقة الرجعة، استدعاء الزوجة لإخبارها بذلك، فإذا امتنعت ورفضت الرجوع، يمكنها اللجوء إلى مسطرة الشقاق…” إلا أن المشرع من خلال هذا المقتضى استحضر معاملة الزوج المستهتر بالحياة الزوجية بنقيض قصده دون استحضار تعسف الزوجة في استعمال حقها في الرفض، وهو أصل جعل الرجعة حقا للزوج كما في الآيات أعلاه، وعلى كل حال فإن المعول عليه في إحقاق العدالة هو القضاء، فكيف يتصدى للنزاعات المطروحة أمامه؟.

المطلب الأول : إذن القاضي الأسري ودوره في مواجهة سوء النية في مجال انحلال الرابطة الزوجية

الفقرة الأولى: إذن القاضي في الطلاق والتطليق

إن الطلاق كما سبق القول، من حق الزوج بالكتاب والسنة والإجماع. ولكن بالمقابل لم يرد نص صريح في الكتاب أو في السنة بعدم جواز القضاء للحكم بالطلاق، وأن حق الزوج هذا لا يعتبر حقاً مطلقاً وإنما يجب عليه استعماله في حدود الشرع، بحث إذا خالف أحكام الشريعة الإسلامية يعتبر لا غياً ويعد طلاقاً بدعياً. بل هناك من الفقهاء من نادى بجعل الطلاق كله بيد القاضي، ومن ثم يتعين رفع دعوى أمام المحكمة التي يكون لها سلطة تقديرية في الاقتناع أو عدمه بموجب الأسباب الداعية إلى الطلاق، وبذلك نسوي بين الرجل والمرأة في الطلاق، ونضمن استقرار الأسرة وعدم إساءة الرجل  استعمال هذا الحق، فالعقد الذي تبرمه إرادتين لا تبطله الإرادة المنفردة[72] كما أن الوازع الديني ضعيف لدى الناس الأمر الذي جعل الأزواج يقدمون على الطلاق بدون داع ولا مراعاة لحدود الله تعالى  وأن أغلب حالات الطلاق كانت نزوات طائشة وثورة عصبية عابرة دون تفكير في عواقب الأمور ونتائجها الخطيرة على كيان الأسرة ، كما أن أغلب القوانين المقارنة جعلت الطلاق بيد القضاء ، غير أن هذا الاتجاه لم يسلم من الانتقاد بدعوى أن النصوص الشرعية الثابتة والتي سبقت الإشارة إليها تعطي للزوج حق الطلاق ، ومن ثم لا يجوز للقاضي التدخل إلا إذا تدخل من أجل رفع الظلم الذي لحق الزوجة ويكون ذلك أمراً مشاعاً ومدوناً في محاضر الجلسات يطلع عليها الجميع ، كما أن إرغام الزوج بالإبقاء على زوجة لا يريدها شريكة لحياته في ضيق وحرج شديد بعد انقطاع حبل المودة و التساكن .

فبعد رفض طلب الزوج بالطلاق فإن القاضي لا يحل المشكلة بل يزيدها تعقداً وعمقاً واتساعاً[73]. “وكأن القانون بذلك يفرض على الأفراد التورط في أوضاع اجتماعية شاذة مذمومة “[74].

وبالمقارنة للاجتهادات السابقة هناك من يرى في الفقه المغربي[75] بأن وضع الطلاق بيد الرجل مساوئه أكثر من إسناده إلى القاضي، لأن الواقع يؤكد تعسف الرجل في توقعه، وأن هناك تلاعباً بالعلاقات الزوجية فبمجرد النطق به أمام العدلين تنهدم الأسرة، والمرأة لا تحصل على حقوقها في الغالب، وإذا حصلت على جزء منها بعد عناء وإجراءات مسطرية طويلة… وفي هذا الصدد يقول الأستاذ عبد القادر قرموش: ” وقد جاء التعديل الأخير لمدونة الأسرة وفيا لروح مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1993م مع بعض التغيرات الجديدة خاصة على مستوى الجهة المختصة وكذا على مستوى الإجراءات المسطرية، وكلها تهدف إلى حماية الأسرة وتلافي تعسف المقدم على الطلاق أو غيره في استعمال حقه المشروع.

إن من بين ما كرسته مدونة الأسرة الجديدة للحفاظ على وحدة الأسرة ترسيخ دور القاضي في عملية الغرفة بجميع أنواعها ووحد للنظام القانوني السابق ، وهكذا نصت وبصيغة آمرة صلب المادة 78 على أن الطلاق لا يقع تحت مراقبة القضاء سواء أكان هذا الطلاق صادر عن الزوج[76] أو عن الزوجة إذا ملكها الزوج حق إيقاعه[77]، أو صادر عن تراضي الزوجين معا بالاتفاق عليه[78]، أو على الخلع[79]، كما نصت أيضاً على أن التطليق لا يقع إلا لدى المحكمة سواء أكان هذا التطليق بطلب أحد الزوجين بسبب الشقاق[80] أو كان بناء على الأسباب الأخرى التي حددتها المادة 98 من مدونة الأسرة[81].

إن إسناد مراقبة الطلاق للقاضي وممارسته التطليق من طرفه كان لأهداف تصب كلها في اتجاه حماية الأسرة وضمان استقرارها دون تفككها. أو على الأقل ضمان حقوق الأطراف الضعيفة فيها وعلى الخصوص الأبناء، ومن أهم هذه الأهداف وكما يتضح من النصوص القانونية المنظمة نجد ما يلي:

  • تجنب تعسف الزوج في استعمال حقه في طلاق وذلك حمـــــاية للزوجـــة إذ

أصبح من الضروري استدعاؤها للحضور في جلسات الإذن بالطلاق وإذا توصلت الزوجة شخصياً بالاستدعاء ولم تحضر ولم تقدم ملاحظات مكتوبة أحظرتها المحكمة عن طريق النيابة العامة بأنها إذا لم تحضر فسيتم البث في الملف، وإذا تبين أن عنوان الزوجة مجهول استعانت المحكمة بالنيابة العامة للوصول إلى الحقيقة[82]، وهكذا بات الطلاق الغيابي غير ممكن.

  • خلق نوع من التوازن في الحقوق والواجبات المخولة للزوج أو الزوجة عند

إنهاء العلاقة الزوجية، ففي النظام القانوني السابق كان الزوج إذا أراد الطلاق حصل عليه في وقت وجيز وأحياناً بدون حضور الزوجة أو إعلامها، لكن الزوجة أرادت الطلاق فالأمر يتطلب سنوات من التقاضي[83]. لقد أصبح الطلاق في ظل       مدونة الأسرة حق مشترك للزوج والزوجة يمارس وفق مسطرة وشروط محددة تحت مراقبة القضاء.

 

صحيح أن الرجل المطلق تنعكس عليه أثار تربوية واجتماعية وخيمة، الأمر الذي يجعله يتريث ويستبعد أبغض الحلول، إلا إذا وصل إلى حالة استحالة العشرة ونفور الصحبة، فحينها تنقلب المودة والرحمة إلى التسريح بالإحسان في الحالات المعتادة، أو التصريح بالنكاية والكيد في حالات شاذة، وهي التي يجب على القضاء محاولة التقليص من آثارها على الزوجة؛ من خلال سلطته في استخلاص الوقائع وإثباتها ثم سلطته التقديرية الواسعة في مرحلة تطبيق الآثار القانونية.

ففي حالة عدم تنفيذ الإذن بالإشهاد على الطلاق، تنكيلا بالزوجة، فهل من حقها طلب تنفيذه؟.

إن المشرع المغربي لم يعالج هذه الحالة[84]، إلا أنه يمكن لها إثارة هذه الصعوبة عند قاضي التوثيق، الذي يجب عليه استدعاء الطرف الممتنع، وإذا لم يستجب، لذلك دون عذر مقبول، رخص لطالبة التنفيذ بتحرير وتوثيق الطلاق، في غياب الطرف الممتنع[85].

ويعد أن تجاوز المشرع سلبيات الإجبار في الرجعة، قد يتبين للقضاء أن ممارسة حق الرجعة كان من أجل الإضرار بالزوجة، والقرينة في ذلك: عدم رغبة الزوج في زوجته، وتطليقها مثلا بعد الإرجاع مباشرة، وأقل ما يمكن به تدارك تلك الأضرار هي مراعاة ذلك في تقدير المستحقات، ووضع حد لعدتها بعد التصريح ببراءة رحمها وبناء على خبرة طبية في ذلك، لتفادي تفويت أي فرصة على الزوجة، وهو ما يستفاد مما رواه ابن جرير قال: قلت لعطا : الرجل يطلق المرأة فتعتد بعض عدتها ثم يراجعها في عدتها وطلقها ولم يمسها من أي يوم تعتد؟ قال : تعتد باقي عدتها[86].

وحتى لا يكون اللجوء إلى مسطرة الطلاق بالاتفاق الهدف منه التملص من الالتزامات والمستحقات المالية المترتبة على الطلاق الرجعي، وكذا نية الإضرار بمصالح الطرف الآخر، فسلطة المحكمة في إشعار الطرف المتضرر بالحقوق التي قد يستفيد منها في حالة تكثيف الطلب والصك الاتفاقي المرفق به على منوال آخر، وإن كان في ذلك مس بحياد القاضي كمبدأ عام، لكنه يدخل في إطار الحياد الإيجابي خاصة إذا كان الاتفاق المبرم بين الطرفين خاليا من الشروط المتعلقة بمستحقات الزوجة بشكل صريح بمثابة تنازل عنها[87].

وإذا لم تفضل الزوجة المطاردة تنازلها عن المستحقات، فقد تخرج من بيت الزوجية غاضبة إلى منزل والدها مثلا، فيرفع بذلك الزوج دعوى النشوز لوقف النفقة أولا، ثم الاستفادة من العطف القضائي، إلا أن المحكمة من حكمتها ورغبتها في الوصول إلى الحقيقة أن تجري بحثا اجتماعيا لإثبات النية وكشف المقاصد، وهو ما يؤدي إلى إفشال دعوى النشوز، بل ويعد ذلك من موجبات التطليق للضرر، وهنا تضمن الزوجة كامل حقوقها بالإضافة إلى التعويض[88].

أما إذا كانت الزوجة عارفة بخطة الزوج فإنها تبادر بطلب التطليق بعد مدة تكون فيها قد راكمت النفقة عليه، فإذا أراد الزوج أن يتدارك بدعوى الرجوع انعدم أساسها القانوني، وهو ما قضى به المجلس الأعلى باعتبار أن “طلب الرجوع يصبح عديم الأساس بعد استجابة المحكمة لطلب المدعية التطليق” [89].

وقد تثبت المحكمة سوء نية الزوج من خلال ،مثلا، ما جاء في وقائع حكم لمحكمة مراكش أن الزوج طلب الرجوع لبيت الزوجية مع إيقاف النفقة، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميلها مصاريف الدعوى…ولو كانت نيته حسنة لاكتفى بطلب الرجوع، وقد جاء في المقال المعارض أن تقديم الزوج لطلب الرجوع مجرد حيلة للضغط عليها للتنازل عن النفقة، وثبت للمحكمة أن “الزوج يتعامل بنوع من الاستهتار والاستخفاف مع العلاقة الزوجية بدليل أنه لم يكلف نفسه عناء حضور جلسة الصلح”[90].

وقد تقابل الزوجة دعوى الرجوع بطلب التطليق، وهي الحالة التي استنبطت المحكمة تعسف الزوجة في استعمال حق التطليق، في حكم لابتدائية مراكش[91]، وقد يكون هذا التوجه القضائي مشجعا على اختيار الزوج لمسطرة الرجوع لبيت الزوجية بعد أن يكون هو السبب في النشوز، وعلى كل حال فإن النشوز أمر “طارئ لاشك أن له موجبا فينظر في علاجه، ولا ينبغي أن تحدث له مضاعفات”[92].

أما بالنسبة لمسطرة الشقاق، التي كثر الإقبال عليها، فإن دور القضاء فيها جوهري لتثبيت مبدأ حسن النية فيها، فالقضاء بما له من سلطة تقديرية في هذا النوع من الدعاوى[93]، يمكن أن يجعل منها مسطرة حامية للحقوق من بدايتها إلى نهايتها، ولعل الأمر الذي يجب التأكيد عليه هنا هو : أن طلب التطليق للشقاق المقدم من الزوج يتعين فيه إيداع المستحقات قبل إصدار الحكم، وذلك قياسا على طلب الطلاق الرجعي ومعاملة له بنقيض القصد[94]، لأنه يملك أصلا الحق في اللجوء للطلاق الرجعي، وفي حالة تساهل المحكمة في ذلك سيفضل أغلب الأزواج اللجوء لمسطرة الشقاق لتفادي الأداء والإيداع بصندوق المحكمة، وهو ما سيطرح مشاكل التنفيذ، وقد يؤدي إلى إصدار حقوق الزوجة وصعوبة توصلها بالمستحقات.ثانيا : قضاء الأسرة ودوره في مواجهة سوء النية من جهة الزوجة

أمام القصور الإجرائي المنظم للطلاق والتطليق عمل المشرع المغربي على إجراء تعديلات مهمة على مسطرتي الطلاق والتطليق، لحماية الزوجة باعتبارها طرفا ضعيفا في أغلب الأحوال، وتم التوسيع في إرادة المرأة في طلب التطليق مع إجراء أسباب جديدة للتطليق ميسرة[95].

وفي سلوك الزوجة لمسطرة التطليق وأيا كان سببه، تتاح للقضاء سلطة تقديرية واسعة[96] خاصة في مجال إثبات الضرر بجميع أنواعه، وهو  ما يتطلب من القضاء خبرة واسعة بالبيئة التي يعيش فيها الزوجان، وبالمسائل النفسية والدينية والاجتماعية لمختلف الطبقات[97]، ومعنى هذا، أن أنماط الضرر وأنواعه وصوره وأشكاله كلها أمور نسبية، وهو ما يستلزم من المحكمة الدقة والتحري في الضرر الذي يجعل الزوجة غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية.

وعموما، فإنه يتعين على القضاء التشدد والبحث، وتفعيل مقاصد المشرع في كل من المقتضيات الموضوعية والمسطرية، وأداء دوره التصالحي والإيجابي في عدم مسايرة الطرفين في ادعائهما.

الفقرة الثانية  : دور قضاء الأسري في مواجهة سوء النية في مجال انحلال الرابطة الزوجية

الطلاق بكل أنواعه تصرف قانوني يفترض فيه حسن النية، إلا أن شدة التنافر والشقاق بين الأزواج، قد يؤثر على كل مراحل التقاضي،خاصة ان المشرع لما جعل الطلاق تحت مراقبة القضاء عدد من اشكاله ومساطره للتيسير على الافراد الا انهم قد يستغلون دالك التيسير من اجل التشديد بينهم  الأمر الذي يستدعي تدخل القضاء القضاء  للحد من ذلك.

  • دور قضاء افي مواجهة سوء النية من جهة الزوج

صحيح أن الرجل المطلق تنعكس عليه أثار تربوية واجتماعية وخيمة، الأمر الذي يجعله يتريث ويستبعد أبغض الحلول، إلا إذا وصل إلى حالة استحالة العشرة ونفور الصحبة، فحينها تنقلب المودة والرحمة إلى التسريح بالإحسان في الحالات المعتادة، أو التصريح بالنكاية والكيد في حالات شاذة، وهي التي يجب على القضاء محاولة التقليص من آثارها على الزوجة؛ من خلال سلطته في استخلاص الوقائع وإثباتها ثم سلطته التقديرية الواسعة في مرحلة تطبيق الآثار القانونية.

ففي حالة عدم تنفيذ الإذن بالإشهاد على الطلاق، تنكيلا بالزوجة، فهل من حقها طلب تنفيذه؟.

إن المشرع المغربي لم يعالج هذه الحالة[1]، إلا أنه يمكن لها إثارة هذه الصعوبة عند قاضي التوثيق، الذي يجب عليه استدعاء الطرف الممتنع، وإذا لم يستجب، لذلك دون عذر مقبول، رخص لطالبة التنفيذ بتحرير وتوثيق الطلاق، في غياب الطرف الممتنع[2].

ويعد أن تجاوز المشرع سلبيات الإجبار في الرجعة، قد يتبين للقضاء أن ممارسة حق الرجعة كان من أجل الإضرار بالزوجة، والقرينة في ذلك: عدم رغبة الزوج في زوجته، وتطليقها مثلا بعد الإرجاع مباشرة، وأقل ما يمكن به تدارك تلك الأضرار هي مراعاة ذلك في تقدير المستحقات، ووضع حد لعدتها بعد التصريح ببراءة رحمها وبناء على خبرة طبية في ذلك، لتفادي تفويت أي فرصة على الزوجة، وهو ما يستفاد مما رواه ابن جرير قال: قلت لعطا : الرجل يطلق المرأة فتعتد بعض عدتها ثم يراجعها في عدتها وطلقها ولم يمسها من أي يوم تعتد؟ قال : تعتد باقي عدتها[3].

وحتى لا يكون اللجوء إلى مسطرة الطلاق بالاتفاق الهدف منه التملص من الالتزامات والمستحقات المالية المترتبة على الطلاق الرجعي، وكذا نية الإضرار بمصالح الطرف الآخر، فسلطة المحكمة في إشعار الطرف المتضرر بالحقوق التي قد يستفيد منها في حالة تكثيف الطلب والصك الاتفاقي المرفق به على منوال آخر، وإن كان في ذلك مس بحياد القاضي كمبدأ عام، لكنه يدخل في إطار الحياد الإيجابي خاصة إذا كان الاتفاق المبرم بين الطرفين خاليا من الشروط المتعلقة بمستحقات الزوجة بشكل صريح بمثابة تنازل عنها[4].

وإذا لم تفضل الزوجة المطاردة تنازلها عن المستحقات، فقد تخرج من بيت الزوجية غاضبة إلى منزل والدها مثلا، فيرفع بذلك الزوج دعوى النشوز لوقف النفقة أولا، ثم الاستفادة من العطف القضائي، إلا أن المحكمة من حكمتها ورغبتها في الوصول إلى الحقيقة أن تجري بحثا اجتماعيا لإثبات النية وكشف المقاصد، وهو ما يؤدي إلى إفشال دعوى النشوز، بل ويعد ذلك من موجبات التطليق للضرر، وهنا تضمن الزوجة كامل حقوقها بالإضافة إلى التعويض[5].

أما إذا كانت الزوجة عارفة بخطة الزوج فإنها تبادر بطلب التطليق بعد مدة تكون فيها قد راكمت النفقة عليه، فإذا أراد الزوج أن يتدارك بدعوى الرجوع انعدم أساسها القانوني، وهو ما قضى به المجلس الأعلى باعتبار أن “طلب الرجوع يصبح عديم الأساس بعد استجابة المحكمة لطلب المدعية التطليق” [6].

وقد تثبت المحكمة سوء نية الزوج من خلال ،مثلا، ما جاء في وقائع حكم لمحكمة مراكش أن الزوج طلب الرجوع لبيت الزوجية مع إيقاف النفقة، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وتحميلها مصاريف الدعوى…ولو كانت نيته حسنة لاكتفى بطلب الرجوع، وقد جاء في المقال المعارض أن تقديم الزوج لطلب الرجوع مجرد حيلة للضغط عليها للتنازل عن النفقة، وثبت للمحكمة أن “الزوج يتعامل بنوع من الاستهتار والاستخفاف مع العلاقة الزوجية بدليل أنه لم يكلف نفسه عناء حضور جلسة الصلح”[7].

وقد تقابل الزوجة دعوى الرجوع بطلب التطليق، وهي الحالة التي استنبطت المحكمة تعسف الزوجة في استعمال حق التطليق، في حكم لابتدائية مراكش[8]، وقد يكون هذا التوجه القضائي مشجعا على اختيار الزوج لمسطرة الرجوع لبيت الزوجية بعد أن يكون هو السبب في النشوز، وعلى كل حال فإن النشوز أمر “طارئ لاشك أن له موجبا فينظر في علاجه، ولا ينبغي أن تحدث له مضاعفات”[9].

أما بالنسبة لمسطرة الشقاق، التي كثر الإقبال عليها، فإن دور القضاء فيها جوهري لتثبيت مبدأ حسن النية فيها، فالقضاء بما له من سلطة تقديرية في هذا النوع من الدعاوى[10]، يمكن أن يجعل منها مسطرة حامية للحقوق من بدايتها إلى نهايتها، ولعل الأمر الذي يجب التأكيد عليه هنا هو : أن طلب التطليق للشقاق المقدم من الزوج يتعين فيه إيداع المستحقات قبل إصدار الحكم، وذلك قياسا على طلب الطلاق الرجعي ومعاملة له بنقيض القصد[11]، لأنه يملك أصلا الحق في اللجوء للطلاق الرجعي، وفي حالة تساهل المحكمة في ذلك سيفضل أغلب الأزواج اللجوء لمسطرة الشقاق لتفادي الأداء والإيداع بصندوق المحكمة، وهو ما سيطرح مشاكل التنفيذ، وقد يؤدي إلى إصدار حقوق الزوجة وصعوبة توصلها بالمستحقات.

  • قضاء الأسرة ودوره في مواجهة سوء النية من جهة الزوجة

أمام القصور الإجرائي المنظم للطلاق والتطليق عمل المشرع المغربي على إجراء تعديلات مهمة على مسطرتي الطلاق والتطليق، لحماية الزوجة باعتبارها طرفا ضعيفا في أغلب الأحوال، وتم التوسيع في إرادة المرأة في طلب التطليق مع إجراء أسباب جديدة للتطليق ميسرة[12].

وفي سلوك الزوجة لمسطرة التطليق وأيا كان سببه، تتاح للقضاء سلطة تقديرية واسعة[13] خاصة في مجال إثبات الضرر بجميع أنواعه، وهو  ما يتطلب من القضاء خبرة واسعة بالبيئة التي يعيش فيها الزوجان، وبالمسائل النفسية والدينية والاجتماعية لمختلف الطبقات[14]، ومعنى هذا، أن أنماط الضرر وأنواعه وصوره وأشكاله كلها أمور نسبية، وهو ما يستلزم من المحكمة الدقة والتحري في الضرر الذي يجعل الزوجة غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية.

وعموما، فإنه يتعين على القضاء التشدد والبحث، وتفعيل مقاصد المشرع في كل من المقتضيات الموضوعية والمسطرية، وأداء دوره التصالحي والإيجابي في عدم مسايرة الطرفين في ادعائهما.

خـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتمة:

من خلال دراستنا لموضوع السلطة التقديرية للقاضي في دعاوى الزواج وانحلاله تبين لنا أن قاضي الأسرة يملك سلطة تقديرية واسعة، للقيام بدوره كمصلح اجتماعي للحد من المنازعات الأسرية، رغم أن هذه المهمة شاقة، فالمنازعات المتعلقة بالزواج وانحلاله على جانب كبير من التعقيد يغلب عليها طابع الخصوصية والتكتم. وكما أنها تتميز باختلاف طبائع أفرادها بحكم اختلاف المحيط  الأسري والبنية الاجتماعية التي تربى وترعرع فيها  أطرافها، وهو ما يجعل الحياة الأسرية أرضاً خصبة لحصول الخلافات التي قد ترتفع حدتها _ إذا لم يتم تسويتها ودياً_ لتتحول إلى خصومات فنزاعات والتي قد تعصف بالأسرة كلها.

 

 

1 الطبيب برادة: إصدار الحكم المدني وصياغته الفنية في ضوء الفقه والقضاء: منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسة القضائية 1996م مطبعة المعارف الجديدة الرباط ص: 159.

 

 [2] – إدريسي الكريني السلطة التقديرية للقاضي الزجري رسالة الدكتوراه كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية فاس 2000 ـ2001 ص 78

[3] – محمد الكشبور،شرح مدونة الاسرة الطبعة الثالثة 2015 ج1 ص:169.

[4]– ملف رقم 10/10/2014 الصادر بقسم الاسرة بتازة.

 [5] – محمد الكشبور، شرح مدونة الاسرة ج1 الطبعة الثالثة 2015.

[6] – عبد الله بن الطاهر الثنائي مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته كتاب الزواج الطبعة الأولى 2005 النجاح الدار البيضاء ص: 87.

[7]– منشور عدد 44 ص 2 الصادر بتاريخ 5 دجنبر 2006.

[8] الطاهر كركري العدالة الأسرية الطبعة الأولى 2009 ص: 8.

[9] – ابن رشد بداية المجتهد ونهاية المقتصد الطبعة السادية 1982 دارالمعارف ج2 ص: 15.

[10]– محمد الازهر،شروح مدونة الاسرة الطبعة السادسة 2013 ص: 66.

 [11]- محمد بوحزامة، سلطة القاضي التقديرية في الحد من النزاعات الأسرية في ضوء مدونة الأسرة والعمل القضائي، رسالة الماستر في القضاء و التوثيق، كلية الشريعة فاس 2010 ص 20.

[12] – سورة النساء الآية :2.

 [13] – مدونة الاسرة، المواد من 40 إلى .46

[14]سورة النساء، الآية: 2.

[15]عبد الله بن الطاهر الثنائي، م، س ص: 188.

[16]محمد المهدي، ص: 63.

[17]عمرو لمزرع، عمز العيون في أحكام الزواج وانحلاله الطبعة 2014/ 2.ص 42

[18] محمد أبو زهر، محاضرات في عدد الزواج، دون تاريخ الطبع ص: 143.

[19] حكم رقم 09/165 ملف رقم 11/09/33 بتاريخ 2009/02/16 غيرمنشور.

[20] حكم صادر عن قسم قضاء الاسرة بالناضور رقم 28 بتاريخ 2008/10/29 في ملف رقم 571 ـ 08 غير منشور.

[21]محمد الازهر شرح مدونة الاسرة الطبعة السادسة 2013 ص:103.

[22]محمد الكشبور شرح مدونة الاسرة ج1  ص: 214.

[23]– محمد الكشبور الواضح في مدونة الاسرة الطبعه 2015/3 ص: 336.

[24] –  وهبة الزحلي الفقه الإسلامي وأدلته الطبعة الثانية 1985 ص: 168.

[25]– حكم صادر بتاريخ 2005/10/06 نقلا عن ذ. عبد الله أنوعوض، آثار الاجتهاد الفقهي والقضائي في تعديل مدونة الاسرة ص: 232.

[26]حكم صادر بتاريخ 2011/11/03 غير منشور.

[27]قضايا الاسرة من خلال اجتهادات مجلس الأعلى، الندوة الجهوية الثانية، مكناس 8 مارس 2007 ص: 201.

  [28] محمد  بوحزامة، سلطة القاضي في الحد من المنازعات الاسرية في  ضوء مدونة الاسرة والعمل القضائي، رسالة لنيل الماستر في القضاء و التوثيق 2010 ص: .25

[29]  محمد الكشبور، شرح مدونة الاسرة ج 1 ص: 213.

 [30]  حكم رقم 09/381 ملف رقم 2009/668 بتاريخ 2009/05/11 ( غيرمنشور ).

 [31]  ادريس الفاخوري، تعدد الزوجات بين النص القانوني وواقعا لعمل القضائي تعليق على قرار محكمة النقض الصاد ر بتاريخ 2015/06/23 منشور بموقع العلوم القانونية.

 [32]  قرار صادرعن المحكمة الابتدائية بالحسيمة مركز القاضي المقيم بكتامة في ملف عدد 3013/56 (غيرمنشور).

 [33]  وزارة العدل المقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية و القضائية، سلسلة الشروح والدلائل، العدد 2004/4 ط1 ص: 85.

[34] – ديباجة مدونة الأسرة.

[35] – عبد السلام حادوش، إدماج المرأة في التنمية في محك السياسة الشرعية، طبع طوب بريس ، الطبعة الأولى 2001،ص 348.

[36] – مثلا المادة 81 من المدونة نتحدث عن التحايل وكأن الزوج وحده هو الذي يمكن أن يتحايل.

[37] – تنص المادة 52 من مدونة الأسرة على أنه : “إذا أصر أحد الزوجين على الإخلال بالواجبات المشار إليها في المادة السابقة، يمكن للطرف الآخر المطالبة بتنفيذ ما هو ملزم به او اللجوء إلى  مسطرة الشقاق المنصوص عليها في المواد من 94 إلى 97 بعده”.

[38] – فتيحة الشافعي ، التزام المساكنة بين الزوجين وآثار الاخلال بها، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط 2002-2003،ص182.

[39] – سبق تعريفه.

[40] – تنص المادة 195 من مدونة الأسرة على أنه :”يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ إمساك الزوج عن الإنفاق الواجب عليه ولا تسقط بمضي المدة إلا إذا حكم عليها بالرجوع لبيت الزوجية وامتنعت”.

[41] – فتيحة الشافعي، م س، ص 194 إلى  197.

[42] – قرار عدد 71 الصادر في 9 فبراير 2005 في الملف الشرعي عدد 353/2/2/2004 أشار إليه الدكتور محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، ج1، م س ،ص 300.

[43] – محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، ج1 م س، ص 301.

[44] -فتيحة الشافعي، م س ، ص 240.

[45] – فتيحة الشافعي، م س ، ص 238 إلى 241 مع ما نص عليه الفصل 491 من القانون الجنائي المغربي.

[46] – محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة ج1، م س ، ص 303.

[47] –  المادة 107 من مدونة الأسرة

[48] -الحطاب، مواهب الجليل، ج 3، دار الفكر، ط2، 1978، ص 483.

[49] – محمد الشربيني الخطيب، المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، المكتبة الإسلامية، ج3،ص202.

[50] – السرخسي، المبسوط، م س، ج5، ص 97، ثم ابن قيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، المكتبة العلمية بيروت، ج4، ص 30 وما بعده.

[51] –  المادة 108 من المدونة الاسرة

[52] – محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، م س، ج2، ص155.

[53] – أحمد الخمليشي، التعليق، م س، ج1، ص 389 والهامش 96 من ص 399 بتصرف.

[54] – رجاء ناجي مكاوي، م س، ص 115.

[55] – نصت المادة 115 من مدونة الأسرة على أنه : “للزوجين أن يتراضيا على الطلاق بالخلع…”

[56] –  محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، م س، ج2، ص96.

[57] – محمد الكشبور، يونس الزهري، حسن فتوخ،  التطليق بسبب الشقاق في مدونة الأسرة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة رقم 11، الطبعة الأولى 2006، مطبعة النجاح الجديدة، ص 81.

[58] – خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة للبرلمان، يوم الجمعة 10 أكتوبر 2003، منشور بمجلة مجلس النواب عدد 3 سنة 2003-2004،ص9.

[59] – سورة الروم، الآية 20.

[60] – المادة 27 من مدونةالاس

[61] – جاء في المادة 26 من مدونة الأسرة :

“الصداق ما تقدمه الزوج لزوجته إشعارا بالرعية في عقد الزواج وإنشاء أسرة مستقرة، وتثبيت أسس المودة والعشرة بين الزوجين وأساسه الشرعي هو قيمته المعنوية والرمزية وليس قيمته المادية”.

[62] – محمد الكشبور، يونس الزهري، حسن فتوخ، م س، ص 54.

[63] – جاء في المادة 51 من المدونة أن :

“الحقوق والواجبات  المتبادلة بين الزوجين :

1- المساكنة  الشرعية بما تستوجبه من معاشرة زوجية وعدل وتسوية عند التعدد، وإحصان كل منهما وإخلاصه للآخر بلزوم العفة وصيانة العرض والنسل.

2- المعاشرة بالمعروف، وتبادل الاحترام والمودة والرحمة والحفاظ على مصلحة الأسرة.

3- تحمل الزوجة مع الزوج مسؤولية تسيير ورعاية شؤون البيت والأطفال.

4- التشاور في اتخاذ القرارات المتعلقة بتسيير شؤون الأسرة والأطفال وتنظيم النسل.

5- حسن معاملة كل منهما لأبوي الأخر ومحارمه واحترامهم وزيارتهم واستزارتهم بالمعروف.

6- حق التوارث بينهما”.

[64] – عبد الفتاح تقية، محاضرات في مادة الأحوال الشخصية، الطبعة الأولى مطبعة تهالة، الجزائر، 2007، ص56.

[65] –  محمد الكشبور، شرح مدونة الأسرة، ج2، م س، ص50.

[66] – بدرية العوض، م س، ص 94.

[67] – في هذا الصدد جاء في قرار للمجلس الأعلى :

” حيث إن طالبة النقض أثبتت بعدة شهادات طبية مرض زوجها السابق… بداء السرطان وحيث إن المدة الفاصلة بين تاريخ الطلاق والوفاة أقل من ثلاثة أشهر… وحيث إن المطلقة طلاقا في مرض مخوف مات منه المطلق تعتبر في حكم الزوجة من حيث الميراث…” منشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 71 ص 68 وما بعدها، قرار صادر بتاريخ 5 ماي 1993

[68] – عبد الحليم عبد اللطيف القوتي، م س، ص677.

[69] – سورة البقرة، الآية229.

[70] –   سورة البقرة، الآية226.

[71] – فتحي الدريني، نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي، ط4، مؤسسة الرسالة بيروت 1988، ص103.

[72]    محمد علي محجوب ” الأسرة وأحكامها في الشريعة الإسلامية” مطبعة دار الحرية بالقاهرة ص 347

[73]  إدريس الفاخوري انحلال الرابطة الزوجية في مدونة الأسرة مع أحداث الاجتهادات القضائية ط 1 2012م ج 1 ص :20.

[74]  صلاح الدين زاكي: أحكام الأسرة في الفقه الإسلامي والتشريع المغربي . مطبعة النجاح الدار البيضاء ط 1985م ص :202.

[75]  أحمد الخمليشي ” التعليق على قانون الأحوال الشخصية ج 1.  الزواج والطلاق . مطبعة المعارف الجديدة ط 3/ 1994م ص: 262.

 [76]  المادة 78 و79 من مدونة الأسرة

[77]  المادة  89 من مدونة الأسرة.

[78]  المادة 114 من مدونة الأسرة.

[79]  المادة115 من مدونة الأسرة.

[80]  المادة 94 و95 من مدونة الأسرة.

[81]  عبد القادر قرموش : الدور القضائي الجديد في قانون الأسرة المغربية . دار نشر المعرفة ط 2013م ص: 91.

[82]  المادة 81 من مدونة الأسرة.

[83] زهور الحر: سلسلة الندوات والأيام الدراسية نقلا عن عبد القادر قرموش: الدور القضائي الجديد في قانون الأسرة المغربية ص: 92.

[84] – أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بوجدة يومي 17 و 18 فبراير 2005، م س، ص 200.

[85] – الرافة وثاب، مدى تكريس مبدأ المرونة في إجراءات الطلاق، م س، ص 130-131.

[86] – عبد الرزاق، أبو بكر بن همام الصنعاني، المصنف، ط1، المجلس العلمي، بيروت، 1971، ج6/307.

[87] – الرافة وثاب، دور القضاء في تفعيل إجراءات الطلاق بالاتفاق والطلاق الخلعي، م س، ص 194.

[88] – علي عوض حسن، م س، ص 26.

[89] – قرار المجلس الأعلى، عدد 587 بتاريخ 07/12/2005 في الملف الشرعي عدد 524/2/2005 منشور بمجلة القصر، ع 14، ص 164.

[90] – حكم ابتدائية مراكش، عدد 169، ملف شرعي عدد 1860-8-04 بتاريخ 13/1/05 غير منشور.

[91] – حكم عدد 490، ملف شرعي عدد 1937/8/04، بتاريخ 17 / 02/ 2005، غير منشور.

[92] – علال الفاسي ، الأحوال الشخصية قواعد ونصوص وشروح، الدار البيضاء ، مكتبة الرشاد، ط1، 1965، ص 170.مكتبة الرشاد، ط1، 1965،ص170.

[93] – رشيد حماد، سلطة القاضي التقديرية في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة، م س، ص 101.

[94] – عبد السلام زوير، م س، ص 162.

[95] – عبد الخالف أحمدون ، م س، ص 443، وص463.

[96] – رشيد حماد، م س، ص 93.

[97] – عبد الخالق أحمدون، م س، ص 385.

[1] – أشغال الندوة الوطنية المنعقدة بوجدة يومي 17 و 18 فبراير 2005، م س، ص 200.

[2] – الرافة وثاب، مدى تكريس مبدأ المرونة في إجراءات الطلاق، م س، ص 130-131.

[3] – عبد الرزاق، أبو بكر بن همام الصنعاني، المصنف، ط1، المجلس العلمي، بيروت، 1971، ج6/307.

[4] – الرافة وثاب، دور القضاء في تفعيل إجراءات الطلاق بالاتفاق والطلاق الخلعي، م س، ص 194.

[5] – علي عوض حسن، م س، ص 26.

[6] – قرار المجلس الأعلى، عدد 587 بتاريخ 07/12/2005 في الملف الشرعي عدد 524/2/2005 منشور بمجلة القصر، ع 14، ص 164.

[7] – حكم ابتدائية مراكش، عدد 169، ملف شرعي عدد 1860-8-04 بتاريخ 13/1/05 غير منشور.

[8] – حكم عدد 490، ملف شرعي عدد 1937/8/04، بتاريخ 17 / 02/ 2005، غير منشور.

[9] – علال الفاسي ، الأحوال الشخصية قواعد ونصوص وشروح، الدار البيضاء ، مكتبة الرشاد، ط1، 1965، ص 170.مكتبة الرشاد، ط1، 1965،ص170.

[10] – رشيد حماد، سلطة القاضي التقديرية في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة، م س، ص 101.

[11] – عبد السلام زوير، م س، ص 162.

[12] – عبد الخالف أحمدون ، م س، ص 443، وص463.

[13] – رشيد حماد، م س، ص 93.

[14] – عبد الخالق أحمدون، م س، ص 385.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى