التأسيس النظري والقانوني لحوادث التمدرس عن بعد – هشام المولي
التأسيس النظري والقانوني لحوادث التمدرس عن بعد
هشام المولي
باحث في القانون الخاص
حاصل على شهادة الأهلية
لمزاولة مهنة المحاماة
إلى وقت قريب جدا كانت الرؤية واضحة في الحوادث المدرسية، حيث كانت النصوص القانونية المتعلقة بالحوادث المدرسية شاملة مانعة وكافية لاحتواء كل صور الحوادث المدرسية التي يمكن أن يتعرض لها التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، والتي تتيح لهم الحق في الحصول على تعويض مناسب ومتناسب مع درجة الإصابات التي تعرض لها من جراء تلك الحادثة المدرسية، لكن سرعان ما أصبح الوضع غير واضح في غضون زمن قصير جدا، وكان ذلك بمناسبة اعتماد تقنية التعليم عن بعد بدل التعليم الحضوري، مما أدى إلى ظهور صور جديدة للحوادث المدرسية التي يمكن نعتها بحوادث التمدرس عن بعد حيث كان لنظام التعليم عن بعد دورا بارزا في إفرازها.
ذاك النظام الذي وجدت فيه الدول غاياتها في انقاذ التعليم وتجنب الفراغ التعليمي داخل أوساط التلاميذ، وكان ذلك بمناسبة ظهور وباء فتاك يسمى بفيروس كورونا الذي ينتقل بين أفراد المجتمع بكيفية سريعة، وحفاظا على حياة التلاميذ والأساتذة بادرت الوزارة الوصية على قطاع التعليم[1] إلى توقيف نظام التعليم الحضوري والاعتماد على نظام التعليم عن بعد الذي لا يلزم لتفعيله حضور التلاميذ إلى المؤسسة التعليمية.
وبمجرد أن انطلاق العمل بتقنية التعليم عن بعد بالنسبة للمؤسسات التعليمية المغربية، وعدم معرفة الوقت الذي ستعود فيه الدراسة إلى وتيرتها العادية، أي العودة إلى نظام التعليم الحضوري، حتى طرحت العديد من الإشكاليات حول الأثر السلبية التي يمكن أن تتمخض عن هذه التقنية، ولعل إشكالية النظام القانوني للمسؤولية في حوادث التمدرس عن بعد أبانت عن قيمة الإشكاليات القانونية التي يطرحها نظام التعليم عن بعد[2]، ولقد خلفت هذه الإشكالية ورائها العديد من التساؤلات المتمثلة فيما يلي:
ـ ما هي المبادئ أساسية التي يمكن أن تعتبر معها حادثة معينة لتلميذ يتلقى دروسه عن بعد أنها حادثة مدرسية عن بعد؟ وقبل هذا ما هي حادثة التمدرس عن بعد؟ وما هي صورها؟
ـ ماهي الجهة المسؤولة عن التعويض ضحايا حوادث التمدرس عن بعد؟ وما هي النصوص القانونية التي على أساسها يتم مسائلة هذه الجهة؟
كلها أسئلة وتساؤلات لا يمكن الإجابة عنها إلى بوضعها داخل تصميم ممنهج علميا، هذا وسيكون هذا التصميم على الشكل التالي:
المطلب الأول: التأسيس النظري لحوادث التمدرس عن بعد
المطلب الثاني: التأسيس القانوني للمسؤولية في حوادث التمدرس عن بعد
المطلب الأول: التأسيس النظري لحوادث التمدرس عن بعد
إن تكنولوجيا الإعلام والاتصال أصبحت بالملموس أمرا لا يمكن الاستغناء عنه، وتداعياتها على قطاع التعليم أصبح واضحا وجليا من خلال ظهور تقنية التعليم عن بعد، إذ أن هذه التقنية أحدثت تغيرا بارزا في قطاع التعليم، فانتقلنا بموجبها من نظام التعليم الحضوري إلى نظام التعليم غير الحضوري بالمؤسسات التعليمية، حيث أصبح الحضور في هذه التقنية يكون في عالم افتراضي يتلقى التلامذة من خلاله دروسهم، غير أن هذا العالم الافتراضي قد يكون فيه التلميذ معرض للحوادث أثناء تلقيه لدروسه، وذلك بسبب احدى الوسائل الالكترونية التي يتم استخدامها لمباشرة تلقي دروسه عن بعد، ومن هنا ظهر ما يعرف بحوادث التمدرس عن بعد.
إذن فما المقصود بهذه الحوادث؟ وما صورها؟
أولا: تعريف حادثة التمدرس عن بعد
تعتبر حادثة التمدرس عن بعد نمط جديد من الحوادث المدرسية، حيث كان لتكنولوجيا الإعلام والاتصال دور بارز وحاسم في افرازها، فما المقصود بهذه الحادثة إذن؟
استقر الرأي[3] على أن الحوادث المدرسية الكلاسيكية هي تلك الإصابات الجسدية التي تلحق التلميذ بفعل غير ارادي من طرفه أو الناتجة عن فعل فجائي وبسبب خارجي أثناء وجوده في عهدة الأطر التربوية للمؤسسة التعليمية من رجال التعليم[4]، وبالتالي فهذه الحوادث مصدرها الأصيل هو التعليم الحضوري.
فإذا كانت الحوادث المدرسية الكلاسيكية بالمعنى المذكور أعلاه قد ركز فيها المشرع المغربي على عنصر الحضور الفعلي للتلميذ داخل المؤسسة التعليمية لاعتبار تلك الحادثة حادثة مدرسية، فإنه مع اعتماد تقنية التعليم عن بعد تغيرت معها المعالم الأساسية للحوادث المدرسية التي يمكن أن تتمخض عن هذه التقنية، حيث اندثرت مجموعة من العناصر التي كانت تعتبر في العهد القريب أساسا لاعتبار تلك الحادثة حادثة مدرسية، فبعد أن كان مكان وقوعها هو المؤسسة التعليمية ذاتها، أصبح بإمكاننا مع اعتماد تقنية التعليم عن بعد التحدث عن وقوع هذه الحوادث خارج أسوار المؤسسات التعليمية و خلف وسائل تكنولوجية الإعلام والاتصال التي تفعل بها تقنية التعليم عن بعد.
وقبل وضع أي تعريف لحوادث التمدرس عن بعد[5] لابد من تعريف تقنية التعليم عن بعد التي تعتبر المنبع الأصيل لظهور هذه الحوادث وخروجها إلى حيز الوجود.
تعتبر تقنية التعليم عن بعد وليدة الثورة المعلوماتية، حيث إن التطورات العديدة التي شهدها العالم في الأوان الأخيرة في مجال الاتصال والاعلام ساهم كثيرا في تقديم الجوانب التربوية والتعليمية، لتساهم هذه التطورات بشكل كبير في مساعدة الدولة على تحقيق أهدافها النبيلة التي ترتكز أساسا في نشر رسالة التعليم تمكين أفراد مجتمعها من تلقيها بكل الوسائل المتاحة.
ولما كان التعليم عن بعد يهدف إلى نقل التعلم إلى المتعلم في موقع إقامته أو عمله بدلا من انتقال المتعلم إلى المؤسسة التعليمية ذاتها، فإنه كان الوسيلة المثلى للدولة في نشر رسالة التعليم على أقصى نطاق بين أفراد المجتمع.
وباعتبار التعليم عن بعد من حيث المبدأ يقوم على عدم اشتراط الوجود المتزامن للمتعلم مع المعلم أو القائم بالعملية التعليمية في الموقع نفسه، وبهذا يفقد كل من المعلم أو القائم بالعملية التعليمية والمتعلم خبرة التعامل المباشر مع الطرف الآخر ومن تم تنشأ الضرورة لأن يكون بينهم وسيط، هذا الأخير الذي يتمثل في وسائل التكنولوجية الاتصال والاعلام.
فإن الحوادث المدرسية التي تتمخض عن هذا النوع من التعليم أو ما سميناها نحن بحوادث التمدرس عن بعد تتأثر بهذا المبدأ أي مبدأ عدم اشتراط الوجود المتزامن للمتعلم مع المعلم، تأثرا إيجابيا يتمثل في جعله العنصر البارز في اعتبار تلك الحادثة حادثة مدرسية عن بعد.
ومن هذا المنطلق يمكن تعريف حوادث التمدرس عن بعد بأنها ” تلك الاصابات الجسدية أو الأضرار الصحية التي تلحق التلميذ بفعل غير ارادي من طرفه أو الناتجة عن فعل فجائي وبسبب خارجي أثناء تلقيه لدرس عن بعد من رجال التعليم والتي تتسبب فيها الجهاز الالكتروني الذي باشر به عملية تلقي الدرس عن بعد“.
انطلاقا من التعريف أعلاه يمكن القول بأن الأمر هنا يتعلق بحادثة ذات طبيعة خاصة، حيث أنها وإن كانت تحتفظ ببعض ملامح الحادثة المدرسية الكلاسيكية من حيث الأشخاص المعرضين لها، إلا أنها تجعل من وسائل تكنولوجيا الاتصال والإعلام مركزا ومصدرا لظهورها.
واستنادا على ما سبق، لا غرب إن وجدنا حوادث التمدرس عن بعد تختلف من حيث مبادئها وصورها عن الحوادث المدرسية الكلاسيكية التي تجعل المؤسسة التعليمية المركز الوحيد لظهورها.
ثانيا: صور حادثة التمدرس عن بعد
مما لا شك فيه أن الحوادث المدرسية الكلاسيكية التي يتعرض لها التلاميذ، هي مرتبطة أشد ارتباط بالمحيط الداخلي للمؤسسة التعليمية[6] ومدى تواجد التلميذ به أثناء تعرضه للحادثة التي يمكن أن تخرج للوجود في إحدى الأوضاع التالية:
- أثناء حصص التربية البدنية؛
- في المختبرات أو المعامل المدرسية؛
- في المسالك أو الممرات المظلمة والمدارج؛
- أثناء ألعاب العنف الممنوعة؛
- أثناء المشاجرات فيما بين التلاميذ أو بينهم وبين الموظفين؛
- خلال الرحلات الدراسية الترفيهية؛
- بمناسبة اجراء إصلاحات أو ترميمات في المؤسسة؛
- حالات خاصة بالنوبات القلبية أو بأزمات النفسية أو العقلية.
هذه الأوضاع التي لم نجد لها مثيلا في حوادث التمدرس عن بعد، لأن نظام التعليم عن بعد فرض علينا من أجل تفعيله وسائل إلكترونية تعتبر مصدرا لظهور هذه الحوادث، حيث يقوم التلميذ باستخدام هذه الوسائل من أجل تلقى دروسه المبرمجة نظاميا إما في إحدى البوابات الإلكترونية التي اعتمدتها الوزارة لأجل ذلك الغرض أو من خلال الأقسام الافتراضية أو من خلال القنوات التلفزية.
والجدير بالذكر أن وزارة التربية الوطنية قد قامت بتفعيل نظام التعليم عن بعد يوم 16 مارس 2020، وقد اعتمدت الوزارة على ثلاثة أنظمة لتفعيل تقنية التعليم عن بعد، حيث كانت البوبة الالكترونية تلميذ تيس[7]TelmidTice من أول الأنظمة التي اعتمدت عليها الوزارة من أجل تفعيل هذا النظام، فهذه البوابة تقوم على تقديم دروس مصنفة حسب الأسلاك والمستويات التعليمية وكذا المواد الدراسية، كما اعتمدت الوزارة على نظام البث التلفزيوني فحددت أوقات يتم من خلالها بث برامج ودروس تعليمية[8]، ولأجل تمكين الأساتذة من التواصل المباشر مع تلاميذهم وكذا تنظيم دورات لتعليم عن بعد أعطت الوزارة يوم 23 مارس 2020 الحق في انشاء الأقسام الافتراضية من خلال الخدمة التشاركية Teams المدمجة في منظومة مسار[9].
ولأجل تلقي التلاميذ دروسهم عن بعد استلزمت عليهم الضرورة استعمال وسائل الكترونية تكون هي الوسيط بينهم وبين أساتذتهم، ولعل من أبرز الوسائل التي يمكن أن يستخدمها التلميذ لهذا العرض نجد الهاتف الجوال Cellular Phone وجهاز الحاسوب الالكتروني Computer- Laptop ثم أجهزة لوحية إلكترونية Tablet، أو جهاز التلفاز، كلها أجهزة يمكن للتلاميذ الاستعانة بها من أجل تلقي دروسهم عن بعد، غير أن هذه الأجهزة يمكن أن تشكل خطرا على صحة و سلامة التلاميذ، حيث تأكد بالملموس جسامة المخاطر التي يمكن أن تتسبب فيها الأجهزة الإلكترونية والتي من أهمها الوسائل التي تمت إشارة لها سابقا، وعلى سبيل المثال لا الحصر نستحضر هنا حادثة انفجار بطارية هاتف محمول لتلميذ من مدينة تازة كان وقتها يتابع دراسته عن بعد، فأصابته بأضرار جسدية على مستوى العينين وإلى الوقت الحالي لم يتبين مصير عينيه.
ومن هذا المنطلق، فواقعة الانفجار التي يمكن أن تحدث داخل أحد الأجهزة الالكترونية التي يستعملها التلميذ لتلقى دروسه عن بعد، تشكل أهم الصور التي يمكن أن تتخذها حادثة التمدرس عن بعد، بل وأبرزها، وذلك لكون أن الانفجار قد يؤذي إلى وفاة التلميذ أو اصابته بأضرار جسيمة قد يفقد على إثرها عضو من أعضائه الجسدية.
وزيادة على واقعة الانفجار هاته، قد يكون لهذه الأجهزة خطرا على صحة التلاميذ – خصوصا الذين هم في صف التعليم الابتدائي – وهذا لما يصدر عن هذه الأجهزة من اشعاعات قد تؤدي إلى الإضرار بصحة القلب والأوعية الدموية من خلال تأثر كرات الدم الحمراء الحاملة للهيموجلوبين، بل ويمكن أن تسبب اضطرابات بالجهاز العصبي كالتأثير على حاسة التذوق، كما أن الاستخدام المستمر لهذه الأجهزة قد يجعل الشخص يركز بشكل كبير في شاشة هذه الأخيرة مما يؤدي إلى زيادة الضغط على العين و بالتالي تعرض العين لمشاكل أكثر تعقيدا مثل متلازمة رؤية الكمبيوتر التي تتمثل في جفاف العين أو صعوبة التركيز بالإضافة إلى ضعف في الرؤية[10].
وما يزيد الأمر تعقيدا هو أن هذه الأمراض قد لا تظهر أعراضها على التلاميذ مباشرة بعد استخدام هذه الأجهزة من أجل تلقى دروسهم عن بعد، بل لا تظهر إلا بعد فترة زمنية معينة يمكن أن تمتد لأزيد من خمس سنوات.
وعلى العموم، وكتأسيس نظري لصور حادثة التمدرس عن بعد نجد أن أهم الصور التي يمكن أن تتخذها هذه الحادثة تتمثل بالأساس في واقعة انفجار الجهاز الذي يتم استخدامه لعرض التمدرس عن بعد، وواقعة الأضرار الصحية التي يمكن أن تتسبب فيها تلك الأجهزة على صحة التلاميذ.
المطلب الثاني: التأسيس القانوني للمسؤولية في حوادث التمدرس عن بعد
كما نعلم أن من المسلم به في إطار الحوادث المدرسية الكلاسيكية هو أن المسؤولية عنها تأسس على نظام المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على خطأ واجب الإثبات، التي يحكمها نص الفصل 85 مكرر من ظهير الالتزامات والعقود، وأنه لإعمال هذه المسؤولية لابد من توفر شرطين أساسين متمثلين في وجود التلميذ تحت رقابة وإشراف المعلم وضرورة تواجده كذلك داخل المؤسسة التعليمية أثناء وقوع الحادثة المدرسية.
فإذا كان بشكل عام هذا هو المسلم به في المسؤولية عن الحوادث المدرسية الكلاسيكية، فهل هذا القول ينطبق على حوادث التمدرس عن بعد؟
أولا: المسؤولية عن حوادث التمدرس عن بعد
لقد كانت أول الأسئلة التي تبادرت إلى دهن رجال القانون بعد اعتماد الدولة المغربية لنظام التعليم عن بعد، ذلك المتعلق بالجهة المسؤولة عن حوادث التمدرس عن بعد التي قد يتعرض لها التلاميذ أثناء تلقيهم لدروسهم عن بعد، فرجال القانون هم على دراية بصعوبة إعمال مقتضبات النصوص القانونية المتعلقة بالمسؤولية عن الحوادث المدرسية الكلاسيكية، وهذا لما لهذه الحوادث من خصوصية، خصوصية فرضتها تكنولوجية الاعلام والاتصال، لكن هذا لا ينبغي له أن يجعلنا مكتوف الأيادي دون البحث عن حل قانوني نعالج من خلاله إشكالية المسؤولية عن هذه الحوادث التي أصبحت أمر واقعيا بعد وقوع حادثة تنسب لإحدى صور حادثة التمدرس عن بعد.
وفي خضم الإجابة عن هذا الإشكال، ومادام المشرع المغربي لم يقم بتنظيم المسؤولية عن الحوادث المدرسية عن بعد، استوجبت علينا الضرورة محاكاة النصوص القانونية العامة لعلها تجيب عن الإشكالية المطروحة، وقبل هذا لابد من التأكيد على أن نظام التعليم عن بعد تم إقراره بموجب قرار لدى وزارة التربية الوطنية والذي سبق الإشارة له، والذي تم تأسيسه بناء على مجموعة من الأساسيات منها ما يتعلق بالحالة الصحية التي تمر منها الدولة المغربية ومنها ما يتعلق بما تتيحه النصوص القانونية لإصدار هكذا قرار في قطاع التعليم، التي من بينها القانون رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية و التكوين و البحث العلمي والذي يشكل النظام الأساسي للتعليم ببلادنا، والذي يؤكد على ضرورة اتخاذ الجهة الوصية على قطاع التعليم كافة التدابير اللازمة والمناسبة لتمكين مؤسسة التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي من تطوير موارد ووسائط التدريس و التعليم والبحث.
وكما سبق القول، فإذا لم يقم المشرع المغربي بتنظيم المسؤولية عن حوادث التمدرس عن بعد بشكل صريح، فهل تجد نصوص قانونية كفيلة لأن تكون أساسا قانوني لمثل هذا النوع من المسؤولية؟
كما نعلم أن المسؤولية عن الحوادث المدرسية الكلاسيكية يمكن أن يتم تأسيسها على الفصل 85 مكرر من ظهير الالتزامات والعقود[11] المتعلق بمسؤولية المتعلمين وموظفي الشبيبة والرياضة، فهل يمكن تأسيس المسؤولية عن حوادث التمدرس عن بعد على هذا الفصل؟
إن هذا الفصل يأسس لمسؤولية المعلمين عن الحوادث المدرسية التي تحصل للتلاميذ خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم، والذي تأكد من خلاله أنه لمساءلة المعلمين
لابد من توفر ثلاثة شروط أساسية هما:
ـ تواجد التلميذ أثناء وقوع الحادثة داخل المؤسسة التعليمية وكون التلميذ مسجل في اللوائح الدراسية لتلك المؤسسة؛
ـ وجود التلميذ تحت رقابة وإشراف المعلم؛
ـ إخلال المعلم بواجب الرقابة والتوجيه.
هذه الشروط التي إذا تمعنا فيها جيدا نجد أنها لا يمكن إعمالها في إطار المسؤولية عن حوادث التمدرس عن بعد، ومرد ذلك إلى الخصوصية التي تتميز بها الحوادث المدرسية عن بعد، فمن حيث الشرط الأول فهو منعدم تماما في هذه الحادثة نظرا لأن التعليم يتم هنا عن بعد، الشيء الذي لا يمكن أن تحصل معه واقعة التواجد الفعلي للتلميذ بالمؤسسة التعليمية.
أما فيما يتعلق بالشرط الثاني والثالث فهما نتيجة حتمية لتواجد الشرط الأول، فغياب هذا الأخير يؤدي مباشرة إلى غيابهما، حيث أن المعلم لا يمكن أن يباشر الرقابة والتوجيه على التلميذ وهو ليس في حضرته، زيادة على ذلك أن المتسبب في الحادثة هو جهاز إلكتروني لا دخل للمعلم فيه.
استنادا إلى هذا، نجد أن الفصل 85 مكرر من ظهير الالتزامات والعقود لا يسعفنا في معالجة إشكالية المسؤولية عن حوادث التمدرس عن بعد، لذلك نتساءل عن إمكانية معالجة هذا الإشكال على ضوء ظهير 26 أكتوبر 1942 المتعلق بالتعويض عن الحوادث التي يتعرض لها تلاميذ المؤسسات العمومية؟
كما نعلم أن ظهير 26 أكتوبر 1942 فهو يقوم على ضمان التعويض للضحية بمجرد حصول الضرر، وبغض النظر عن وجود مسؤول عنه أو عدم وجوده، وبالتالي لا مجال هنا للحديث عن الخطأ ولا عن العلاقة السببية بمفهومها في إطار المسؤولية المدنية، فالأساس هو وقوع الحادثة المدرسية، وتكون الدولة هي المسؤولة عن هذا التعويض.
فمبدئيا وظاهريا يمكن للمسؤولية عن حادثة التمدرس عن بعد أن تأسس على هذا الظهير، لماذا؟ لأن هذا الظهير لم يشترط على التلميذ إثبات إخلال المعلم بواجب الرقابة والتوجيه الملقى على عاتقه للحصول على التعويض، وبالتالي استبعد مسؤولية المعلم في الحادثة كشرط جوهري للحصول على تعويض، وهذا ما تنسجم معه الحادثة المدرسية عن بعد التي لا يمكن للمعلم أن تكون له يد فيها وهو الذي يلقى الدروس عن بعد.
لكن رغم ذلك يبقى شرط وقوع الحادثة داخل المؤسسة التعليمية شرطا واقعيا تفرضه قوة القانون المبينة في الفصل من ظهير 26 أكتوبر 1942[12]، مما يجعلنا نطرح السؤول التالي: هل الدولة لما انتقلت بالتعليم من نظام التعليم الحضوري إلى نظام التعليم عن بعد تكون قد تخلت مباشرة عن شرط تواجد التلميذ داخل المؤسسة التعليمة أثناء وقوع الحادثة؟ واستبدلته بشرط وقوع الحادثة أثناء تلقى التلميذ لدروسه عن بعد انسجاما مع الوضع الحالي ونظرا لاستحالة التواجد الفعلي للتلميذ بالمؤسسة التعليمية مع نظام التعليم عن بعد؟ هذا منطقيا هو الذي يجب أن يكون، لكون أن العبرة هنا بصفة الحادثة المدرسية لا بالتواجد الفعلي بالمؤسسة والاخلال بواجب الرقابة والتوجيه من طرف المعلم، لكن قانونيا الأمر غير ذلك لماذا؟ لأنه كما نعلم أن القاعدة القانونية لا تلغى إلا بنص قانوني صريح أو ضمني، ومادام أنه لم يكن هناك أي نص قانوني صريح يتم من خلاله الاعتماد على نظام التعليم عن بعد أو ضمني فإنه لا يسعف القضاء المغربي في إقرار مسؤولية الدولة عن الحوادث المدرسية عن بعد إلا حالة الطوارئ الصحية التي يعيشها المغرب والتي تم إقرارها بنص قانوني صريح منشور بالجريدة الرسمية والتي على أساسها اعتمدت الوزارة الوصية نظام التعليم عن بعد.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فلما كان التعويض الذي ينص عليه ظهير 26 أكتوبر تعويضا جزافيا، أي غير كافي لتغطية الضرر اللاحق بضحية الحادثة المدرسية، استنادا إلى القواعد العامة التي تقضي بأن يشمل التعويض كافة الخسارة التي أصابت المتضرر والمصروفات التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها، وذلك لكسب ما فته، فإنه يجب أن يؤخذ هذا بعين الاعتبار عند إقرار مسؤولية الدولة عن الحوادث المدرسية عن بعد التعويض الممنوح في هذه الحالة، إلى حين إقرار نصوص خاصة بحادثة التمدرس عن بعد تراعى فيها خصوصيات هذه حادثة.
ثانيا: الشروط الأساسية لإعمال نظام المسؤولية عن حوادث التمدرس عن بعد
إذا كنا فيما سبق قد أكدنا على إمكانية تأسيس المسؤولية عن حوادث التمدرس عن بعد على قواعد ظهير 26 أكتوبر 1942 المتعلق بالتعويض عن الحوادث المدرسية رغم صعوبة الأمر، فإنه لابد لإعماله من مجموعة من الشروط الأساسية التي يجب أن تتوفر في الحادثة المدرسية عن بعد، والتي على أساسها يمكن للقضاء المغربي تقرير مسؤولية الدولة عن الحوادث المدرسية عن بعد أساسا على هذا الظهير في ظل هذا الغموض الذي يكتنف واقع الحال.
الشرط الأول: أن يكون المتضرر لديه صفة التلميذ أثناء وقوع الحادثة
أي أن يكون مسجلا بكيفية نظامية في سجلات المدرسة، الأمر الذي يجعلنا نستبعد الأطفال الذين يعتبرون مجرد مستمعين إذ هم لا يعتبرون تلاميذ، وبالتالي إذا وقعت الحادثة لطفل مستمع أثناء تلقيه لدروسه عن بعد فهو لا يحصل على أي تعويض.
الشرط الثاني: أن يتزامن وقوع الحادثة مع تلقى الدروس عن بعد
يعتبر هذا الشرط شرط جوهريا لاكتساب الحادثة صفة الحادثة المدرسية عن بعد، وهو يعنى أنه يجب أن تكون الحادثة المدرسية – التي كما نعلم يعد ا نفجار الجهاز الالكتروني الذي يتابع من خلاله دروسه عن بعد إحدى أهم الصور التي يمكن أن تأتي من خلالها هذه الحادثة – قد وقعت أثناء متابعة التلميذ لدروسه عن بعد، لكن رغم وضوح أمر هذا الشرط إلا أن زمن متابعة الدروس عن بعد يكتنفه بعض الغموض ويطرح العديد من التساؤلات من قبيل: هل توقيت تلقى الدروس عن بعد هو محدد وموحد؟ أم أنه يختلف باختلاف الوسيلة التي تم من خلالها متابعة الدراسة عن بعد؟
إذا رجعنا إلى قرارات وزارة التربية الوطنية والتعليم التي تم من خلالها اعتماد تقنية التعليم عن بعد، نجد أنها اعتمدت ثلاثة وسائل يتم من خلالها متابعة الدراسة عن بعد تتمثل في البوابة الالكترونية تلميذ تيس TelmidTice وكذا البث التلفزيوني بالإضافة إلى الأقسام الافتراضية، مما يجعلنا نؤكد أولا أنه لا يمكن أن تتصف الحادثة المدرسية عن بعد بصفتها هاته، إلا إذا وقعت أثناء متابعة التلميذ دروسه عن بعد عبر الوسائل الالكترونية المذكورة أعلاه، حيث أنه إذا وقع انفجار لجهاز الكتروني كان يتابع تلميذ من خلاله دروسا عن بعد وألحق ضرر جسماني به، لكن في موقع الكتروني أو بوابة الكترونية غير تلك التي تمت الإشارة لها أعلاه والتي اعتمدتها الوزارة لهذا الغرض، فإنه لا يمكن أن تتصف تلك الحادثة بكونها حادثة مدرسية عن بعد، وبالتالي لا يستحق تعويضا عنها.
ثانيا وجوابا عن السؤال المطروح أعلاه، نجد أن الوزارة الوصية على قطاع التعليم فيما يتعلق بتقنية البث التلفزيوني لدروس عن بعد قد حددت أوقات يتم من خلالها بث الدروس عبر قنوات محددة، مما يجعلنا نقول على أنه إذا وقع انفجار لجهاز التلفاز وألحق ضرر جسماني بالتلميذ الذي كان يتابع دروسه عبر احدى القنوات التي عينتها الوزارة لهذا الغرض فإنه ضرره يجبر على أساس ظهير 26 أكتوبر 1942، كما أنه إذا ما وقع أن انفجر جهاز التلفاز الذي كان يتابع التلميذ من خلاله دروس عن بعد عبر احدى القنوات غير المعتمدة من طرف الوزارة ووقع ضرر جسماني للتلميذ على اثر هذه الحادثة، فإنه لا يجبر ضرره على أساس ظهير 26 أكتوبر 1942، لأن الحادثة هنا في حكم وقوعها خارج المؤسسة التعليمية، غير أنه ما تجب الإشارة له هو أن بث الدروس يمكن أن يعاد في وقت غير الوقت أصلي المحدد له عبر تلك القنوات المرخص لها، و بالتالي فإنه إذا وقعت الحادثة في هذا الوقت فإنها في حكم حادثة التمدرس عن بعد.
هذا، وأما فيما يتعلق بالأقسام الافتراضية فالوزارة الوصية على قطاع التعليم قد تركت للمعلم المبادرة في تحديد الوقت المناسب لتواصل عبر هذه الأقسام بالتلاميذ وبما أن هذه الأقسام تتيح للمعلمين التواصل المباشر مع التلاميذ وتنظيم دورات تعليمية وتوجيهية، فإنه إذا ما وقعت الحادثة أثناء هذا التواصل فإنه تصبغ على هذه الحادثة صبغة حادثة التمدرس عن بعد، مما يحق للتلميذ المتضرر الحق في الحصول على التعويض.
بالإضافة إلى هذا، فإن الوزارة المذكورة لم تحدد وقت معين يتم من خلاله تلقى الدروس عن بعد عبر بوابة تلميذ تيس مما يستنتج معه أن العبرة في اعتبار حادثة معينة حادثة مدرسية عن بعد هو عنصر تزامن وقوعها مع تلقى الدروس عن بعد في هذه الحالة، بل حتى في الحالة التي يقوم التلميذ بتنزيل الفيديوهات المتعلقة بدروسه عبر هذه البوابة ويقم بمشاهتها في وقت غير وقت التنزيل، تكون معه الحادثة التي تقع أثناء المشاهدة حادثة مدرسية عن بعد.
الشرط الثالث: ألا يكون التلميذ هو المتسبب في وقوع الحادثة
هذا لأنه إذا كان هو المتسبب في وقوع الحادثة يمكن للجهة التي أثيرة مسؤوليتها عن هذه الحادثة دفعها على أساس خطأ المضرور كسبب من أسباب دفع المسؤولية وفقا للقواعد العامة للمسؤولية المدنية[13].
وفي هذا المضمار، لابد من الإشارة إلى أنه يمكن أن تقوم الدولة بدفع مسؤوليتها عن الحادثة المدرسية عن بعد استنادا إلى خطأ الغير، هذا الأخير الذي يمكن أن يكون الشركة المصنعة للجهاز الالكتروني، وبالتالي تثار مسؤولية الشركة المصنعة للجهاز الالكتروني مصدر وقوع الحادثة على أساس قواعد المسؤولية العقدية، وذلك عندما تنعدم الجودة في الجهاز الالكتروني ككون بطارية الهاتف النقال مثلا عند شحنها ترتفع درجة حرارتها بشكل مفرط وغير اعتبادي مما يؤدى إلى انفجارها، أو أن واقعة الانفجار هاته تتعلق بتلف يعود إلى انعدام الجودة داخل البطارية أو سوء في التصنيع، وبالتالي و الحالة هاته إذا وقع انفجار للجهاز الالكتروني الذي يتابع التلميذ من خلاله دروسه عن بعد، على أساس انعدام جودته أو ضعفها، فإنه يمكن اثارة مسؤولية الشركة المصنعة لهذا الجهاز إذا كانت فترة ضمان العيوب الخفية لازالت سارية أثناء وقوع الحادثة المدرسية عن بعد، وهذا استنادا إلى الرابطة العقدية التي تجمع المتضرر بالشركة المصنعة للجهاز الالكتروني.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية يمكن أن يتم تشطير المسؤولية بين المتضرر من الحادثة المدرسية عن بعد والشركة المصنعة للجهاز الالكتروني مصدر وقوع الحادثة عندما تكون الحادثة راجعة إلى خطأ التلميذ كربط الجهاز الالكتروني بالشاحن الكهربائي مما أدى إلى ارتفع درجة حرارة الجهاز ثم انفجار بعد ذلك، لكن هذا الانفجار لم يكن لو لا أن بطارية الجهاز الالكتروني لم تكن ضعيفة من حيث الجودة.
وفي نفس السياق، يمكن أن تثار مسؤولية إدارة الجمارك عن هذه الحادثة، وذلك استنادا إلى عدم بسط رقابتها بشكل جيد على مثل هذه الأجهزة الالكترونية غير المطابقة لمعاير الجودة المعمول بها وفقا لقواعد سلامة المنتجات المستوردة.
وعلى العموم فإن الحوادث المدرسية عن بعد أصبحت أمرا واقعيا لا يمكن التغاضي عنه، خصوصا بعد وقع حادثة مدرسية عن بعد لإحدى تلاميذ المؤسسات العمومية بتازة، مما يحتم على الدولة ضرورة معالجة هذه الإشكالية في نصوصها القانونية، حتى ولو بعد الرجوع إلى العمل بنظام التعليم الحضوري، لأن التعليم عن بعد يفرض نفسه بقوة في زمانه كما يقال.
[1] ولقد انطلق العمل بنظام التعليم عن بعد بالنسبة للمؤسسات التعليمية المغربية بعد صدور قرار من طرف وزارة التربية الوطنية يقضي بتوقيف الدراسة كإجراء احترازي ضمن الإجراءات التي اتخذتها السلطات لمنع انتشار مرض فيروس كورونا كوفيد 19 المستجد.
[2] سيما بعد وقوع حادثة انفجار بطارية الهاتف المحمول على وجه أحد التلامذة كان بين يديه وذلك بمناسبة تلقيه لدرس عن بعد، حيث أصيب على اترها بصابات جسدية خطيرة على مستوى عينه، فطرح السؤال عن الجهة المسؤولة عن التعويض عن هذه الحادثة.
[3] هذا ما استقر عليه الفقه القانوني في إطار تعريفه للحوادث المدرسية، حيث تم تأسيس هذا التعريف من جملة ما تم استخلاصه من النصوص القانونية المؤطرة للحوادث المدرسية خصوصا ما يتعلق بالفصل 85 مكرر من ظهير الالتزامات والعقود والظهير الشريف المتعلق بالتعويض عن الحوادث التي يتعرض لها تلاميذ المؤسسات العمومية المؤرخ في 16 شوال 1367 الموافق ل 26 أكتوبر 1942 الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 4 دجنبر 1942.
حيث جاء في الفصل 85 مكرر من ظهير الالتزامات والعقود ما يلي ” يسأل المعلمون وموظفو الشبيبة والرياضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم.
والخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به عليهم، باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، يلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد القانونية العامة.
وفي جميع الحالات التي تقوم فيها مسؤولية رجال التعليم العام وموظفي إدارة الشبيبة نتيجة ارتكاب فعل ضار أو بمناسبته إما من الأطفال أو من الشبان الذين عهد بهم إليهم بسبب وظائفهم وإما ضدهم في نفس الأحوال، تحل مسؤولية الدولة محل مسؤولية الموظفين السابقين، الذين لا تجوز مقاضاتهم أبدا أمام المحاكم المدنية من المتضرر أو من ممثله.
ويطبق هذا الحكم في كل حالة يعهد فيها بالأطفال أو الشبان إلى الموظفين السابق ذكرهم قصد التهذيب الخلقي أو الجسدي الذي لا يخالف الضوابط، ويوجدون بذلك تحت رقابتهم، دون اعتبار لما إذا وقع الفعل الضار في أوقات الدراسة أم خارجها…”
كما جاء في الفصل الأول من ظهير 26 أكتوبر 1942 ما يلي ” تضمن الدولة التعويض عن الحوادث التي يتعرض لها التلاميذ المسجلة أسماؤهم بانتظام بالمؤسسة العمومية، وذلك أثناء الوقت الذي يجدون فيه تحت رقابة المكلفين بهذه المهمة، وكذا الأمر بالنسبة لتلاميذ المدارس المتنقلة المسجلة أسمائهم لدى السلطة المحلية في الأماكن المعينة لهذا الغرض.”
[4] ولقد تم إدراج هذا التعريف في نص الاتفاقية الضمان المدرسي المبرمة ما بين وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي -قطاع التربية الوطنية- وشركة سينيا للتأمين، وذلك في البند العاشر منها الذي جاء فيه ” الحادثة هي كل الإصابات الجسدية التي تلحق بالمؤمن له بفعل غير ارادي بفعله أو الناتجة عن فعل فجائي وبسبب خارجي…”
[5] التي لم نجد المشرع المغربي تجرأ وقام بتعريفها في نصوصه القانونية إيمانا منه بأن حوادث التمدرس عن بعد مستبعدة جدا مع اعتماد تقنية التعليم عن بعد.
[6] علما أن اتفاقية الضمان المدرسي المشار لها سابقا قد أعطت الحق للتلاميذ في التعويض عن الحوادث التي يتعرضون لها في حط تنقلهم بين مقر سكناهم ومؤسسة التربية تعليم العمومي ومراكز التكوين التابعة للوزارة ذهابا وإيانا مع الأخذ بعين الاعتبار المدة التي قد يستغرقها هذا التنقل.
[7] فتلميذ تيس هي منصة دروس الدعم والتقويم عن بعد تعنى بتوفير مجموعة من المواد الرقمية للتلاميذ في شكل فيديوهات وملخصات بالإضافة إلى تمارين في شكل ملفات وأخرى تفاعلية من أجل توفير الدعم عن بعد في جميع المستويات والمواد الدراسية، والتي اعتمدتها الوزارة التربية الوطنية لهذا الغرض.
[8] حيث عينت الوزارة مجموعة من القنوات الوطنية من أجل العمل على بث الدروس التعليمية.
[9] وذلك لما قامت الوزارة الوصية على قطاع التعليم بتحديث منظومة مسار بخانة إضافية لإنشاء الأقسام الافتراضية لكل أستاذ، وذلك من أجل جعلها الوسيلة الثانية لتقديم الدروس عن بعد للتلاميذ وضمان استمرار البيداغوجية للتلميذ، حيث يمكن إنشاء هذه الأقسام انطلاقا من حساب الأستاذ في موقع مسار ثم يتم الولوج بعد ذلك إلى بوابة Microsoft Teams من أجل تفعيلها باستعمال بريد taalim.ma المستعمل في الدخول لمنظومة مسار للتدبير المدرسي و القن السري، حيث سيتمكن الأستاذ من استدعاء التلميذات و التلاميذ و التواصل معهم عبر المحادثات النصية وكذلك عبر الفيديو إضافة إلى خاصية استعمال السبورة الذكية و إنجاز الفروض.
[10] نانسي ياسين ” أضرار الهاتف المحمول على صحة الإنسان ” مقال منشور بالموقع الإلكتروني:
بتاريخ 9/4/2020 18:22 www.mawdoo3.com
[11] الذي جاء فيه ما يلي” يسأل المعلمون وموظفو الشبيبة والرياضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم.
والخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به عليهم، باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، يلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد القانونية العامة.
وفي جميع الحالات التي تقوم فيها مسؤولية رجال التعليم العام وموظفي إدارة الشبيبة نتيجة ارتكاب فعل ضار أو بمناسبته إما من الأطفال أو من الشبان الذين عهد بهم إليهم بسبب وظائفهم وإما ضدهم في نفس الأحوال، تحل مسؤولية الدولة محل مسؤولية الموظفين السابقين، الذين لا تجوز مقاضاتهم أبدا أمام المحاكم المدنية من المتضرر أو من ممثله.
ويطبق هذا الحكم في كل حالة يعهد فيها بالأطفال أو الشبان إلى الموظفين السابق ذكرهم قصد التهذيب الخلقي أو الجسدي الذي لا يخالف الضوابط، ويوجدون بذلك تحت رقابتهم، دون اعتبار لما إذا وقع الفعل الضار في أوقات الدراسة أم خارجها.
ويجوز للدولة أن تباشر دعوى الاسترداد، إما على رجال التعليم وموظفي إدارة الشبيبة وإما على الغير، وفقا للقواعد العامة.
ولا يسوغ، في الدعوى الأصلية، أن تسمع شهادة الموظفين الذين يمكن أن تباشر الدولة ضدهم دعوى الاسترداد.
وترفع دعوى المسؤولية التي يقيمها المتضرر أو أقاربه أو خلفاؤه ضد الدولة باعتبارها مسؤولة عن الضرر وفقا لما تقدم، أمام المحكمة الابتدائية أو محكمة “قاضي الصلح الموجود في دائرتها المكان الذي وقع فيه الضرر.
ويتم التقادم، بالنسبة إلى تعويض الأضرار المنصوص عليها في هذا الفصل بمضي ثلاث سنوات، تبدأ من يوم ارتكاب الفعل الضار.”
[12] حيث جاء في هذا الفصل ما يلي ” تضمن الدولة التعويض عن الحوادث التي يتعرض لها التلاميذ المسجلة أسماؤهم بانتظام بالمؤسسة العمومية، وذلك أثناء الوقت الذي يجدون فيه تحت رقابة المكلفين بهذه المهمة، وكذا الأمر بالنسبة لتلاميذ المدارس المتنقلة المسجلة أسمائهم لدى السلطة المحلية في الأماكن المعينة لهذا الغرض.”
[13] وهذا استنادا إلى مضمون الفصل 232 من ظهير الالتزامات والعقود الذي لا يخول للشخص أن يستفيد من خطئه أو تدليسه.