إثارة الصعوبة في تنفيذ المقررات القضائية من قبل المحافظ العقاري
إثارة الصعوبة في تنفيذ المقررات القضائية من قبل المحافظ العقاري
إعداد الطالب الباحث:
“حمزة بوعلالة”
طالب باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بفاس تخصص القانون العقاري.
إن السندات القابلة للتقييد بالسجلات العقارية عديدة ومتنوعة ومنها المقررات القضائية، ويقصد من هذه الأخيرة الأحكام والقرارات القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به الصادرة عن المحاكم الوطنية والأجنبية. إذ الأصل أن هذه المقررات ينبغي تنفيذها مباشرة لما تتمتع به من حجية، لكن الأمر يختلف في المادة العقارية باعتبار أنها تحال على سلطة إدارية متمثلة في المحافظ على الأملاك العقارية الذي ألزمه المشرع بضرورة مراقبة السندات المقدمة إليه شكلا وجوهرا قبل تقييدها بالسجلات العقارية تطبيقا لمقتضيات الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري، كما يتعين عليه التحقق من أن التقييد موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري، وذلك تحت طائلة المسؤولية الشخصية عن فساد وبطلان ما ضمن بالرسم العقاري حسب الفقرة ما قبل الأخيرة من الفصل 97 من ظهير التحفيظ العقاري. بمعنى أن المحافظ العقاري يجب عليه أن لا يضمن بالرسم العقاري إلا السندات والعقود الصحيحة والمستوفية لشروطها الشكلية والجوهرية.
إلا أن المحافظ العقاري قد يجد صعوبة في تنفيذ هذه المقررات القضائية وبالتالي يتعذر عليه تقييدها بالرسوم العقارية المتعلقة بها، وهذه الصعوبات عديدة ومتنوعة فهي قد تكون صعوبات قانونية مثل تعارض منطوق المقرر القضائي المطلوب تقييده مع مقتضيات قانونية معينة وقد تكون صعوبات مادية وهي التي تتكون من الوقائع التي تحدث بعد صدور الحكم ولم يسبق عرضها على أنظار المحكمة أثناء مناقشة الدعوى.
وللإشارة فصعوبة تنفيذ المقررات القضائية التي تواجه المحافظ على الأملاك العقارية قد تتعلق بالعقارات التي توجد في طور التحفيظ خاصة تلك المتعلقة بالتعرضات، كما قد تتعلق بالعقارات المحفظة وهذه الأخيرة هي التي سأقتصر على دراستها في هذه المقالة.
لقد تم تنظيم صعوبة التنفيذ في صلب قانون المسطرة المدنية وخاصة الفصول 26 و 149 و 436 منه، أما بالنسبة لظهير التحفيظ العقاري فإنه لم يتطرق لهذا الموضوع ويرجع فيه للقواعد العامة، التي تخول للمحافظ العقاري صلاحية قبول طلبات التقييد الواردة عليه متى كانت مستوفية لشروطها الشكلية والجوهرية أو رفضها في غير ذلك من الحالات مع تعليل قرار الرفض وبيان أسبابه.
إن موضوع إثارة الصعوبة بشأن تنفيذ المقررات القضائية من طرف المحافظ العقاري له أهمية كبيرة سواء من الناحية القانونية والمتمثلة في القصور التشريعي المنظم لها، أو من الناحية العملية المتمثلة في كيفية تعامل المحافظ على الأملاك العقارية مع المقررات القضائية التي تنطوي على صعوبات في التنفيذ وكيف يمكن للأطراف حماية حقوقهم خاصة في حالة رفض المحافظ العقاري تقييد طلباتهم الرامية إلى تقييد المقررات القضائية الصادرة لفائدتهم بدعوى وجود صعوبة في التقييد.
من هنا يمكن لنا أن نتسائل: إلى أي حد يمكن للمحافظ العقاري إثارة الصعوبة عند تنفيذه للمقررات القضائية المرتبطة بالتقييدات الواردة على الرسم العقاري، وما هي الإشكالات القانونية والعملية التي تنتج عن إثارة المحافظ العقاري للصعوبة في تقييد حق على الرسم العقاري؟
وتتفرع عن هذه الإشكالية جملة من التساؤلات والإشكاليات تتمثل في :
- هل للمحافظ العقاري أن يثير الصعوبة تلقائيا أم لا بد للمتضرر من إثارتها أمام القضاء؟
- مدى صلاحية المحافظ العقاري في مراقبة الأحكام القضائية شكلا وجوهرا؟
- القرارات التي يتخذها المحافظ العقاري عند تنفيذه للمقرر قضائي؟
- الجهة القضائية المختصة بالبث في الصعوبة المثارة، هل القضاء الإستعجالي أم قضاء الموضوع، وهل المحاكم الابتدائية أم محاكم الإستئناف؟
- ما هي الجهة القضائية المختصة للبت في الطعون الموجهة ضد قرارات المحافظ العقاري طبقا للفصل 96 من ظ ت ع هل يكون الاختصاص للمحاكم العادية أم المحاكم الإدارية ؟
للإجابة على هذه الاشكاليات سوف أعمل على تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين حيث سأخصص المبحث الأول للمحافظ العقاري بين واجب البت في طلبات تقييد المقررات القضائية وإشكالية الصعوبة في تقييدها، بعد ذلك سأنتقل إلى معالجة الآثار القانونية المترتبة عن إثارة المحافظ العقاري لصعوبات التقييد في المبحث الثاني.
المبحث الأول: المحافظ العقاري بين واجب البت في طلبات تقييد المقررات القضائية وإشكالية الصعوبة في تقييدها
لابد لنا قبل مناقشة مدى إمكانية إثارة الصعوبة من طرف المحافظ العقاري (المطلب الثاني) أن نتطرق أولا لدور المحافظ في مدى إمكانية بسط رقابته على المقررات القضائية بمناسبة البت في طلبات تقييدها (المطلب الأول).
المطلب الأول: مدى إمكانية مراقبة المقررات القضائية من طرف المحافظ العقاري
إن المحافظ العقاري يعتبر الجهة الساهرة على تقييد المقررات القضائية بالرسم العقاري، غير أن مسؤوليته في هذا الصدد تخضع لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري وخاصة الفصول 72 و 74 و 76 التي وردت بصيغة آمرة لمخاطبة المحافظ العقاري، وهي تفيد نية المشرع، التشدد في عملية التقييد من جهة، ولفت نظر المحافظ إلى خطورة هذه العملية من جهة ثانية [1] . إذ يكون عليه مراقبة الوثائق المدلى بها تأييدا لطلبات التقييد من حيث الشكل والجوهر على حد سواء.
غير أن مهمة المحافظ العقاري في هذا الصدد ليست دائما باليسيرة، على أساس أن التعارض القائم أحيانا بين الأحكام القضائية والرسم العقاري، يجعل المحافظ يرفض تقييدها، الأمر الذي يقتضي البحث عن الإطار الذي يمارس فيه المحافظ اختصاصه، أثناء تنفيذه للأحكام القضائية، وبعبارة أدق هل تمتد رقابته إلى معرفة مدى صحة الأحكام شكلا وجوهرا [2] .
من أجل ذلك سنعمل على تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين حيث سنحاول التطرق في الفقرة الأولى لصلاحية المحافظ العقاري لمراقبة الأحكام القضائية من حيث الشكل، في حين سنخصص الفقرة الثانية لمعالجة النقطة المتعلقة بصلاحية المحافظ لمراقبة الأحكام القضائية من حيث الجوهر.
الفقرة الأولى: صلاحية المحافظ لمراقبة الأحكام القضائية من حيث الشكل
إن الرقابة الشكلية التي يمارسها المحافظ العقاري على الأحكام القضائية، تقتصر على كون نسخة الحكم مشهود بمطابقتها للأصل من طرف كاتب الضبط وحاملة لتوقيعه وخاتم المحكمة، إضافة إلى ضرورة التأكد من كون الحكم قد اكتسب قوة الشيء المقضي به وأصبح قابلا للتقييد [3] .
والأحكام التي اكتسبت قوة الشيء به هي الأحكام النهائية التي أصبحت لا تقبل أي طعن من طرق الطعن العادية وهي التعرض والاستئناف. ويستوي في ذلك أن يكون الحكم نهائيا لصدوره في مرحلة الاستئناف أو بفوات ميعاد الطعن فيه بهذا الطريق دون أن يطعن فيه في المرحلة الابتدائية [4] .
لقد نص الفصل 361 [5] من قانون المسطرة المدنية على أن الطعن بالنقض يوقف التنفيذ في قضايا التحفيظ، وبالتالي فالمحافظ يكون ملزما بالتأكد من كون الحكم المقدم إليه أصبح قابلا للتنفيذ وذلك إما بفوات أجل الطعن أو عدم ممارسته بالمرة، غير أنه في هذه الحالة لا بد من استصدار شهادة من كتابة ضبط المحكمة تفيد عدم الطعن في الحكم، لأنه يصعب على المحافظ معرفة ذلك، لأن سريان أجل الطعن في الحكم يبدأ من تاريخ تبليغ الحكم وليس من تاريخ صدوره، وإما بصدور القرار الاستئنافي وقرار محكمة النقض، في الحالة التي يختار فيها المدعي استنفاذ جميع طرق الطعن [6] .
لهذا فإن المحافظ العقاري يعمد إلى مطالبة المعني بالأمر بأن يرفق طلب التقييد بنسخة من الحكم مصحوبة بشهادة عدم التعرض أو عدم الاستئناف تسلم من طرف المحكمة للتأكد من عدم وجود طعن ومن كون الحكم أصبح نهائيا [7] .
وعند الحديث عن شهادة عدم الطعن فإن الأمر يطرح إشكالات بخصوص مدى كفاية الشهادة التي تسلمها المحكمة مصدرة الحكم، أم أن الأمر يلزم التأشير المزدوج وذلك بطلب شهادة أخرى من المحكمة المختصة بتلقي الطعن ؟
إن هذا الإشكال تمخض عنه في البداية صدور دورية المحافظ العام تحت عدد 267 صادرة بتاريخ 10 فبراير 1975، أكدت على ضرورة طلب شهادة من المحكمة مصدرة الحكم، وأخرى من طرف المحكمة المختصة بتلقي الطعن، غير أن هذا الأمر لا يخدم مسألة تسريع مسطرة التحفيظ، لذلك تم التراجع عن هذا الموقف في الدورية الصادرة عن المحافظ العام عدد 290 بتاريخ 29 مارس [8] 1984، إذ اعتبرت شهادة المحكمة مصدرة الحكم كافية لوحدها.
ويطرح إشكال كذلك بخصوص مدى صلاحية المحافظ على الأملاك العقارية في مراقبة شواهد التبليغ للتحقق من الصفة النهائية للأحكام القضائية الصادرة ؟
لقد عرف هذا الإشكال أخدا وردا بخصوص الفقه بين من يقر بواجب المحافظين في مراقبة صحة التبليغات وصحة شواهد عدم الطعن، غير أن الأستاذ محمد خيري انتقد ذلك معتبرا إياها تجاوزا لسلطاتهم على حساب سلطات كتابة ضبط المحكمة، التي تتحمل مسؤوليتها عن الشواهد الصادرة عنها، فالإدلاء بشهادة عدم الطعن لدى المحافظ، تعفي هذا الأخير من المطالبة بشواهد التبليغ لأنه يفترض أن رئيس كتابة الضبط لم يقدم على منح شهادة بعدم الطعن إلا بعد التأكد من صحة التبليغات وسلامة إجراءاتها ومن مرور أجل الطعن[9].
يبدو هذا الرأي منطقي وله ما يبرره إلا أن المحكمة الإدارية بمكناس[10] اعتبرت أن المحافظ مسؤول عن مراقبة شواهد التبليغ إذ جاء فيه:”…وبذلك وقعت المحافظة العقارية في خطأ تجلى في اعتباره للشهادة المدلى بها بعدم الطعن رغم أن أجل الطعن لم ينته بعد، ولم تقم المحافظة بالتحريات اللازمة في قراءة الشهادة المذكورة…”
غير أن الممارسة الإدارية السائدة لدى مصالح المحافظة العقارية تذهب في اتجاه مراقبة شواهد التسليم وصحة التبليغ واستيفائه للشروط المتطلبة قانونا لاعتماده كأساس للتقييد في الرسم العقاري.
الفقرة الثانية: صلاحية المحافظ في مراقبة الأحكام القضائية من حيث الجوهر
إن هذا الإشكال يطرح بخصوص نطاق الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري، وبعبارة أخرى هل الأحكام القضائية الموجهة للمحافظ تدخل في نطاق هذه المادة حتى نقول بصلاحية المحافظ في مراقبتها من حيث الجوهر ؟
بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري يتضح أن عباراته بخصوص الوثائق المقدمة إليه جاءت شاملة ” وكذا من صحة الوثائق ” ولم تستثن الأحكام القضائية، وبالتالي يمكن القول في بداية الأمر إن المراقبة الجوهرية التي يقوم بها المحافظ العقاري يمكن أن تطال حتى المقررات القضائية لأنه ليس هناك ما يمنع ذلك في ظهير التحفيظ العقاري.
لكن بالرجوع إلى طبيعة المقررات القضائية والجهة الصادرة عنها يمكن القول خلاف ذلك، وهذا ما جعل مسألة مدى صلاحية المحافظ لمراقبة الأحكام من حيث الجوهر يعرف تضاربا واختلافا هاما، حيث ذهب الأستاذ حسن فتوخ[11] إلى كون الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري، تصبح بعد حيازتها لقوة الشيء المقضي به عنوانا للحقيقة وأنه ليس للمحافظ أن يتحقق من صحتها بل يكون ملزما بتنفيذ منطوق الحكم القضائي دون مناقشة مضمونه وحيثياته، استنادا إلى مبدأ الفصل بين السلطات الإدارية والقضائية.
وفي مقابل ذلك هناك من يذهب إلى إعطاء الوثائق المنصوص عليها في الفصل 72 مدلولا واسعا وبالتالي من حق المحافظ التحقق من المقررات القضائية من حيث الجوهر[12].
غير أنني أعتقد أنه ليس من حق المحافظ العقاري مراقبة المقررات القضائية من حيث الجوهر احتراما لمبدأ الفصل بين السلط [13] ، وهو ما كرسه صراحة منشور المحافظ العام رقم 286 المؤرخ في 26/02/ 1983 بكون أنه لا يسوغ للمحافظ بأي شكل من الأشكال التحقق من صحة الأحكام القضائية بالنسبة للجوهر، بل عليه أن يقتصر في تدقيقه على الصفة النهائية والتنفيذية للحكم[14] .
وفي نفس التوجه تم توجيه رسالة من الكاتب العام للحكومة إلى المحافظ العام بتاريخ 15 فبراير 1989 جاء فيها: ” إنه بعد استشارة وزير العدل اعتبر أنه عملا بمبدأ الفصل بين السلطتين القضائية والإدارية ليس من صلاحية المحافظ على الأملاك العقارية بأي شكل من الأشكال التحقق من نظامية الأحكام القضائية من حيث الجوهر وعليه فقط التحقق من صفاتها التنفيذية والنهائية ” [15] ، وقد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط[16] والذي جاء فيه: ” …أما من حيث الجوهر فيقتصر واجب المحافظ على التحقق من تمتع القرار القضائي المطلوب تسجيله بالقوة التنفيذية أو النهائية وبعبارة أخرى فإن دوره في هذا المجال مجرد دور سلبي أي أنه لا صلاحية له في تدقيق صحة أسباب الحكم ولا ما قد يشوبها من أسباب البطلان…”
المطلب الثاني: إمكانية إثارة الصعوبة من قبل المحافظ العقاري والجهة القضائية المختصة للبت فيها
سوف نحاول الوقوف في هذا المطلب عند إثارة الصعوبة من قبل المحافظ العقاري ( الفقرة الأولى ) ثم نتطرق بعد ذلك للجهة القضائية المختصة بالبت في هذه الصعوبة( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأول: إثارة الصعوبة من قبل المحافظ العقاري
يعتبر المحافظ على الأملاك العقارية من أنشط وأبرز الأشخاص بالنسبة لعملية تنفيذ الأحكام العقارية، بحيث يبرز دوره في إثارة الصعوبة في التنفيذ في بعض الأحيان أكثر من المحكوم عليه [17].
وقد تطرق المشرع المغربي لصعوبة تنفيذ الأحكام القضائية في الفصول 26 و 436 و 149 من قانون المسطرة المدنية، حيث حدد الأشخاص الذين يحق لهم إثارة الصعوبة في تنفيذ الأحكام العقارية وهم المحكوم عليه والمحكوم له وكذا العون المكلف بتبليغ أو تنفيذ الحكم القضائي.
غير أن هذه المقتضيات التشريعية جاءت بمبادئ عامة لا ترقى إلى احتواء كافة الحالات المثارة بشأن الأحكام العقارية، إذ نتسائل هل من حق المحافظ العقاري إثارة الصعوبة للقضاء من أجل رفعها أم لا يحق له ذلك؟ وهذا ما فتح الباب على مصراعيه للتأويل واختلاف المواقف وتعدد الآراء الفقهية والقضائية.
فالأصل أن المحافظ على الأملاك العقارية يعتبر غيرا في التنفيذ بسبب وظيفته، غير أن القانون ألزمه بالاشتراك في إجراءات التنفيذ دون أن يكون من أطراف الحق في التنفيذ، ودون أن تتعلق له مصلحة شخصية بموضوع الحق المراد اقتضاؤه، ولا يعود عليه نفع أو ضرر من جراء التنفيذ[18].
وبذلك فقد تعددت الآراء الفقهية بخصوص مدى إمكانية إثارة المحافظ على الأملاك العقارية لصعوبة التنفيذ، حيث يذهب أحد الباحثين[19] إلى أن المحافظ على الأملاك العقارية يعد طرفا في الحكم وليس غيرا في التنفيذ كما هو الأمر في حالة الطعن في قراره أمام القضاء، فالحكم الصادر في هذه الدعوى يكون في مواجهة المحافظ على الأملاك العقارية، وبالتالي يكون من حقه أن يرفع دعوى صعوبة التنفيذ الوقتية في إطار الفصلين 149 و 436 من قانون المسطرة المدنية، وصعوبات التنفيذ الموضوعية في إطار الفصل 26 من نفس القانون.
وفي نفس السياق يعتبر باحث آخر[20] أنه يمكن للغير إثارة الصعوبة الوقتية استنادا لمقتضيات الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية، حيث إن مقتضيات هذا الفصل لا تتحدث عن جهة معينة يمكنها إثارة الصعوبة كما هو الشأن بالنسبة للفصل 436 من ق.م.م بل يهم كل شخص تضرر من الحكم المستشكل بشأنه سواء كان طرفا فيه أم غيرا. وبذلك يحق للمحافظ العقاري بالرغم من كونه غيرا أن يثير الصعوبة في التنفيذ.
وقد ذهب باحث آخر[21] للقول إن كل من ليس طرفا في خصومة التنفيذ دون أن تكون له سلطة على المال المحجوز، فإنه لا تكون له الصفة فيما يتعلق بالتنفيذ الذي يتم بين أشخاص بعيدين عنه، فلا يمكن له أن يتمسك ببطلان التنفيذ أو يدعي عدالته وبالتالي فلا صفة له في طلب وقف التنفيذ أو استمراره.
أما بخصوص العمل القضائي فإننا نجد من ذهب إلى تخويل المحافظ العقاري إمكانية إثارة الصعوبة، وكذلك هناك من ذهب إلى رفض تخويله هذه الإمكانية، كما يوجد اتجاه ثالث وهو الراجح الذي يميز بين تنفيذ المحافظ العقاري للحكم القضائي وتقييده له.
1: الإتجاه المؤيد لإثارة الصعوبة من طرف المحافظ العقاري
يذهب هذا الاتجاه القضائي إلى إعطاء المحافظ على الأملاك العقارية إمكانية إثارة صعوبة التقييد أمام القضاء إذ جاء في حكم لابتدائية الدار البيضاء ” حيث إن الطلب يرمي إلى التصريح بوجود صعوبة تعترض تنفيذ الحكم الابتدائي بالملف عدد 700/98 الصادر عن ابتدائية عين الشق الحسني بتاريخ 16/03/1998 في الملف عدد 2/95 وكذا القرار الاستئنافي المؤيد له تحت عدد 03/01/01 إلى حين تصفية مسطرة التحفيظ….وحيث إن البادي من ظاهر وثائق الملف ومحتوياته أن ما أثاره السيد المحافظ على الأملاك العقارية لم يظهر إلا أثناء تنفيذ الحكم الابتدائي والقرار الاستئنافي المشار إليهما وحيث إن ما أثاره المحافظ من كون الحكم بصحة تعرض السيد (…) والحال أنه لم يكن متعرض إلى جانب باقي المتعرضين طبقا لظهير 12 غشت 1913 يشكل فعلا صعوبة من الناحية القانونية تتجلى في اختلاف الآراء القانونية لكلا الحالتين …. ” [22] .
كما جاء في حكم المحكمة الابتدائية بمراكش أنه ” … حيث وإن كان المحافظ يملك الصفة لإثارة الصعوبة التي تعترض تنفيذ الأحكام الصادرة في القضايا العقارية المأمور بتنفيذها، فإن ما يثيره من صعوبة يجب أن تطبق عليه المواصفات القانونية للصعوبة وهي أنه يجب أن تكون وقتية تقتضي عنصر الإستعجال وتشترط عدم المساس بجوهر الحق”[23].
إن هذا الحكم فضلا عن كونه يناقض الفصل 436 من ق.م.م الذي حدد الأطراف الذين لهم الحق في إثارة صعوبة التنفيذ وليس من بينهم المحافظ العقاري، فإنه اشترط في الصعوبة أن تكون صعوبة مادية أو قانونية تواجه المحافظ العقاري وأن تكون وقتية تقتضي عنصر الاستعجال، وأن لا تمس بالجوهر.
2 : الإتجاه الرافض
هناك اتجاه يرفض بالبت والمطلق تخويل الإمكانية للمحافظ على الأملاك العقارية بإثارة الصعوبة في التنفيذ على اعتبار أن هذا الأخير يعتبر غيرا في تنفيذ الأحكام العقارية بسبب وظيفته الإدارية بالرغم من مشاركته في إجراءات خصومة التنفيذ، فهو لا يعتبر طرفا من أطراف الحق في التنفيذ حتى يمكنه طلب إيقاف التنفيذ لوجود صعوبة في تنفيذ الحكم لأن ذمته المالية لا تتضرر من جراء التنفيذ [24].
إذ جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالرباط في إحدى حيثياته على أنه ” ….. وحيث من جهة أخرى إذا كان المحافظ هو الذي يقوم بمهمة المنفذ للحكم القاضي بصحة التعرض كليا أو جزئيا، وتحت مسؤوليته طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري، فإن إثارة الصعوبة في التنفيذ لا يثبت الحق فيها إلا لأطراف الحكم المراد تنفيذه وليس لعون التنفيذ أو للمحافظ الذي يقوم بدور المنفذ، حسبما استقر عليه رأي المجلس الأعلى في تطبيق الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية، كما ورد في قراره الصادر بتاريخ 6/3/1991 المنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 45 ص 27.
وبناء عليه فما دام أي من أطراف الحكم المطلوب تنفيذه لم يثر أي صعوبة في التنفيذ، فإنه لا صفة للسيد المحافظ في إثارتها أساسا ولكونه قدمها أمام محكمة الاستئناف ولم يقدمها إلى المحكمة الإبتدائية بالرماني المؤيد حكمها من طرف محكمة الاستئناف والذي هو موضوع التنفيذ بصحة التعرض، مما يتعين معه التصريح بعدم قبول الطلب[25].
كما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء ” وحيث إنه من جهة أخرى وإذا ما اعتبر المحافظ أنه لا يمكن له تقييد الحكمين المذكورين على الحالة الراهنة بالرسم العقاري المذكور، فإن القانون لا يسمح بتقديم مقال من أجل الصعوبة في التنفيذ بل يتعين عليه طبقا لأحكام الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري أن يتحقق تحت مسؤوليته من صحة الوثائق المدلى بها لتأييد مطلب التقييد المضمن في السجل العقاري طبقا للفصل 74 من نفس القانون، وأنه إذا ما رأى المحافظ بأن الوثائق المقدمة له لا تسمح له بالتقييد، فإنه يتعين عليه أن يصدر قرارا بالرفض ويكون معللا بالفصل 96 من نفس القانون، وعليه أن يبلغ هذا القرار بدون تأخير لطالب الإجراء، كما يأمر بذلك الفصل 10 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915، حتى يتسنى للمعني بالأمر أن يمارس ضد هذا القرار الطعن المخول له بموجب الفصل 96 من ظهير 12 غشت 1913.
ولقد جاء في قرار آخر للمجلس الأعلى ـ محكمة النقض حالياـ في إحدى حيثياته ” وحيث يستخلص من ذلك وكما استقر عليه اجتهاد الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى أن الطعن في قرار المحافظ القاضي بالامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به لا يكون واردا إلا إذا لم تكن هناك صعوبات قانونية تحول دون هذا التنفيذ والحالة أنه في النازلة الحالية تمسك المحافظ بأن هناك صعوبة تعترض الاستجابة للقرار النهائي المراد تسجيل محتواه على الرسم العقاري المذكور والتي تتمثل في تسجيل حقوق عينية أخرى عليه لفائدة الغير مما يعني أنه كان على المستأنف عليه أن يرجع أمام المحكمة التي أصدرت القرار المذكور لرفع الصعوبات المشار إليها وأن المحكمة الإدارية قد أخطأت عندما قضت بإلغاء قرار المحافظ مما يجب معه إلغاء الحكم المستأنف [26].
يتضح إذن من خلال هذه القرارات أن المحافظ العقاري لا يكون له في حالة وجود صعوبات تحول دون تنفيذ الحكم القضائي أن يثيرها بل يكون عليه رفض تقييدها بقرار معلل، وعلى الأطراف إثارة الصعوبة أمام الجهة القضائية المختصة للبت فيها وفقا للقوانين المعمول بها.
3: الاتجاه المعتدل
يذهب هذا الإتجاه إلى التساؤل حول طبيعة عمل المحافظ على الأملاك العقارية بالنسبة لتنفيذ المقررات القضائية، وهو ما يستدعي التمييز بين حالتين: الاولى التي يكون فيها المحافظ بصدد تقييد المقرر القضائي والثانية التي يكون فيها المحافظ بصدد تنفيذ الحكم القضائي.
وفي هذا الصدد جاء في قرار المجلس الأعلى ـ محكمة النقض حاليا ـ عدد 1027 المؤرخ في 06/07/2000 ” وحيث إنه من الضروري وجوب التمييز بين التنفيذ والتقييد الذي يجري على الرسم العقاري، فالتقييد على الرسم العقاري يخضع للشروط والمقتضيات التي قررها ظهير 12 غشت 1913 الذي يلزم المحافظ بالتحقق تحت مسؤوليته الشخصية من صحة أو عدم صحة الوثائق المدلى بها شكلا وجوهرا، ومن كون مضمونها لا يتعارض مع مضمون الرسم العقاري المعني ومن كونها تجيز تقييد الحقوق التي تتضمنها. “[27]
فالمجلس الأعلى في هذا القرار ميز بين التقييد وجعله خاضعا لمقتضيات ظهير 12/08/1913، والتنفيذ الذي يبقى خاضعا للمقتضيات العامة وهي قانون المسطرة المدنية أي الفصول من 411 وما يليه [28] .
انطلاقا مما سبق فإن المحافظ العقاري يكون بصدد تقييد المقررات القضائية في الحالة التي لا يكون فيها طرفا في الدعوى ، بمعنى في الحالة التي يصدر فيها حكم بين أطراف النزاع المدعي والمدعى عليه من دون المحافظ العقاري ، وتتم إحالة هذا الحكم على المحافظ من أجل العمل على تقييده .
ففي هذه الحالة يعتبر المحافظ غيرا ولا يحق له إثارة الصعوبة بالاستناد على مقتضيات قانون المسطرة المدنية [29] بل يتعين عليه العمل بالصلاحيات المخولة له بمقتضى ظهير التحفيظ العقاري، خاصة المراقبة التي يجريها على الوثائق المقدمة إليه شكلا وجوهرا طبقا لمقتضيات الفصل 72 وكذلك تحققه من أن التقييد موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري [30] .
وإذا رأى على أن المقرر القضائي لا يمكن تقييده فله رفض ذلك بقرار معلل مع تبليغه للمعني بالأمر وهو ما نص عليه الفصل 96 من ظ.ت.ع، الذي جاء فيه ” يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب عليه أن يعلل قراره ويبلغه للمعني بالأمر…..”
وهو ما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء على أنه ” وحيث إنه من جهة أخرى وإذا ما اعتبر المحافظ أنه لا يمكن له تقييد الحكمين المذكورين على الحالة الراهنة بالرسم العقاري المذكور فإن القانون لا يسمح له بتقديم مقال من أجل الصعوبة في التنفيذ بل يتعين عليه طبقا لأحكام الفصل 72 من ظهير 12 غشت 1913 أن يتحقق تحت مسؤوليته من صحة الوثائق المدلى بها لتأييد مطلب التقييد في الشكل والجوهر ….وأنه إذا ما رأى المحافظ بأن الوثائق المقدمة له لا تسمح له بالتقييد فإنه يتعين عليه أن يصدر قرارا بالرفض…. وحيث إن المحافظ لم يمارس سلطاته واختصاصاته المخولة له قانونا وبذلك فليس من حقه أن يتقدم بطلب إلى قاضي المستعجلات من أجل إيقاف التنفيذ لوجود الصعوبة….” [31]
ونفس التوجه أكدته دورية المحافظ العام عدد 3380 [32] والتي جاء فيها ” يشرفني أن ألفت انتباهكم إلى أن المحافظ على الأملاك العقارية بصفته الإدارية يعتبر غيرا في تنفيذ الأحكام العقارية بالرغم من مشاركته في إجراءات خصومة التنفيذ، فالمحافظ ليس له مصلحة شخصية في موضوع الحق المراد اقتضاؤه ولا يعود عليه نفع أو ضرر من جراء التنفيذ أمام القضاء، غير أنه يمكنه رفض الإجراء المطلوب بقرار معلل يمكن الأطراف اللجوء إلى القضاء لتدليل الصعوبة المثارة ”
ويكون المحافظ بصدد تنفيذ المقررات القضائية عندما تصدر في مواجهته، وهي الحالة التي يتم الطعن في قراره حيث إنه يكون طرفا في الدعوى، ومسألة إثارة الصعوبة في هذه الحالة لا تطرح إشكالا على أساس أنه سيكون مشمولا بمقتضيات الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية الذي أعطى الحق لأطراف الدعوى أن يثيروا الصعوبة في التنفيذ وبما أن المحافظ العقاري يعتبر في هذه الحالة مدعى عليه وقد صدر الحكم في مواجهته فإنه يكون له الحق في إثارة الصعوبة في التنفيذ وفق القواعد العامة أو تفادي تنفيذ المقرر عملا بالصلاحيات المخولة له بمقتضى ظهير التحفيظ العقاري وهي الرفض مع التعليل.
ومن تم يتضح أنه إذا كان المحافظ العقاري بصدد تقييد مقرر قضائي فإنه لا يمكن له إثارة الصعوبة بل يكون له رفض التنفيذ بقرار معلل طبقا للفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري ومن تم تنشأ الصعوبة ويحق للأطراف إثارتها، أما عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مقرر قضائي وهي الحالة التي يكون فيها المحافظ طرفا في الدعوى فإن له إمكانية إثارة الصعوبة أمام الجهة القضائية المختصة للعمل على رفعها.
عموما يمكن القول على أن هذا التمييز قد لا نجده عمليا عند بث المحافظ العقاري في طلبات التقييد بالسجلات العقارية لأن دور المحافظ يتجلى في البث وفق المسطرة المقررة في قانون التحفيظ العقاري سواء كان طرفا في المقرر القضائي المطلوب تقييده أم لم يكن طرفا فيه، وبالتالي فقد يتجلى دور هذا التمييز السابق في المركز القانوني للمحافظ العقاري في علاقته بالحكم القضائي المراد تقييده، خاصة في استعمال طرق الطعن القانونية.
الفقرة الثانية: الجهة المختصة للبت في الصعوبة
كما هو معلوم فإن صعوبة تنفيذ المقررات القضائية نظمها المشرع في الفصول 26 و 149و 436 من قانون المسطرة المدنية ، والاستشكال في التنفيذ قد يكون واقعيا أو قانونيا استنادا إلى الفصل 436 من ق م م، وقد يكون وقتيا حسب الفصل 149 من ق م م، وقد يكون متعلقا بتأويل أو تنفيذ الأحكام والقرارات حسب الفصل 26 من ق م م،
ينص الفصل 26 من ق م م على أنه ” تختص كل محكمة مع مراعاة مقتضيات الفصل 149 بالنظر في الصعوبات المتعلقة بتأويل أو تنفيذ أحكامها أو قراراتها وخاصة في الصعوبات المتعلقة بالمصاريف المؤداة أمامها…” يتضح إذن من خلال هذا الفصل أن صعوبة التنفيذ الموضوعية لا تطرح إشكال على مستوى الاختصاص القضائي، حيث يرجع الاختصاص إلى نفس المحكمة مصدرة الحكم أو القرار، وهو ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته[33] إذ جاء فيه ” إن ادعاء الغموض وعلى فرض وجوده ليس من أسباب النقض الواردة على سبيل الحصر في الفصل 359 من ق م م وإنما يلجأ لنفس المحكمة التي أصدرته لتفسير الغموض طبقا للفصل 26 من قانون المسطرة المدنية “[34]
غير أن التساؤل الذي يطرح هو في الحالة التي يتم فيها استئناف الحكم الابتدائي ويتم تأييده من قبل محكمة الاستئناف ، ويتم رفع الصعوبة وفقا للفصل 26 من ق م م، هل سترفع إلى المحكمة الابتدائية على أساس أن القرار الاستئنافي أيد فقط الحكم الابتدائي أم سيتم رفعها أمام محكمة الاستئناف ؟
أعتقد أنه في هذه الحالة ينبغي رفع الصعوبة أمام محكمة الاستئناف المؤيدة للحكم الابتدائي لأنه وإن كانت فقط أيدت الحكم إلا أنها قد أصدرت قرارها بناء على تكوين قناعتها الخاصة فضلا عن أنها بتت في جوهر النزاع، وهو ما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء[35] إذ جاء فيه “…إنه ليس هناك ما يمنع من اللجوء إلى محكمة الاستئناف لطلب تأويل حكم أو تفسيره من طرف أي واحد من أطراف النزاع سواء مستأنفا أو مستأنفا عليه… فضلا على أن المشرع لم يحدد ميعادا للإدلاء خلاله بطلب التفسير أو التأويل ولأن الحكم بعد الاستئناف يعتبر صادرا عن محكمة الدرجة الثانية ولو صدر بالتأييد…”
غير أن مسألة الاختصاص قد تطرح بخصوص صعوبة التنفيذ الوقتية في إطار الفصل 436 في علاقته بالفصل 149 من ق م م. فالفصل 436 ينص على أن الجهة المختصة للبت في صعوبة التنفيذ هو الرئيس، إلا أن هناك خلاف حول المقصود بكلمة “الرئيس”. هل رئيس المحكمة الابتدائية التي باشرت إجراءات التنفيذ، أم الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف عندما يعرض النزاع أمامها، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 149 من ق م م؟. فقد ثار الخلاف بخصوص هذه النقطة بين من يذهب إلى اختلاف الفصلين 436 و 149 من ق م م “كالأستاذ الغماد” و”الأستاذ إبراهيم بحماني ” حيث ذهبا إلى التمييز بين الصعوبة المثارة قبل مرحلة البدء في التنفيذ وهي التي أشار إليها الفصل 149 من ق م م وتعرض أمام قاضي الأمور المستعجلة ويشترط فيها عنصر الاستعجال ، والصعوبة المثارة أثناء التنفيذ وهي المقصودة بالفصل 436 من ق.م.م، حيث إن رئيس المحكمة الابتدائية لمكان التنفيذ هو المختص فيها ولو كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف ويستدل على هذا التمييز على أن الفصل 149 موجود في القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية الخاص بمساطر الاستعجال، في حين أن الفصل 436 من ق.م.م، ورد في الباب الثاني المتعلق بالتنفيذ الجبري للأحكام ، وأعطى الصلاحية حتى لعون التنفيذ لإحالة الصعوبة ومما لا شك فيه أن هذه الإحالة لا تكون إلا عند مباشرته للتنفيذ ” [36].
وهو ما أكده الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالحسيمة والذي جاء فيه ” وحيث دفع المدعى عليه بعد اختصاصنا للبت في الطلب بعلة أن النزاع معروض أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن مثل هذا الدفع كان سيؤتي أكله لو أننا نبت في إطار الفصل 149 من ق م م أما وأننا نبت في نطاق المادة 436 ق م م فإن الدفع يبقى غير ذي أساس قانوني ذلك لأن الصعوبة في التنفيذ قد أثيرت بعد البدء في التنفيذ وليس قبله وهذا النوع من الصعوبة يبت فيها رئيس المحكمة بهذه الصفة فقط وليس بصفته قاضيا للمستعجلات كما هو الشأن في نطاق المادة 149 من ق م م…..”
وفي مقابل ذلك يذهب الرأي الداعي إلى التكامل بين مقتضيات الفصلين 436 و 149 من ق م م[37] إلى أن الصعوبات الوقتية المتعلقة بالتنفيذ يعود اختصاص تقدير جديتها إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات، بغض النظر عن الشروع في التنفيذ من عدمه، غير أنه إذا كان النزاع معروضا أمام محكمة الاستئناف انتقل الاختصاص إلى رئيسها الأول وسندهم في ذلك أن الفصل 149 من ق م م، صريح في أن الاختصاص بالبت في صعوبات التنفيذ يرجع إلى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للأمور المستعجلة، كما أن الفصل 436 ليس فيه ما يفيد أنه يقتصر على الصعوبات المثارة بعد الشروع في التنفيذ، كما اعتبروا أن الإطار العام لدعوى الصعوبة في التنفيذ هو الفصل 149 الذي يضفي عليها الصبغة الإستعجالية طبيعة واختصاصا، وهو ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته[38] إذ جاء فيه أنه ” حيث بالفعل لقد صح ما عابه الطالبون على القرار المطعون فيه ذلك أن الاختصاص بشأن الصعوبات في التنفيذ يرجع إلى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته صاحب الولاية في هذا الشأن سواء بمقتضى الفصل 149 أو 436 إلا إذا كان النزاع معروضا أمام محكمة الاستئناف ….”
وأعتقد أن الاتجاه الأول هو الأقرب إلى الصواب الذي يميز بين الفصل 149 و الفصل 436 من ق.م.م، ذلك أن رئيس المحكمة الابتدائية يكون مختصا في حالتين : الأولى ، في حالة الصعوبة المثارة في إطار الفصل 149 من ق م م إذا لم يكن النزاع قد عرض على محكمة الاستئناف، ويستند هذا الرأي إلى أن الفقرة الأولى من المادة 149 جاء فيها عبارة ” يختص رئيس المحكمة الابتدائية …”، والحالة الثانية ، في حالة البث في الصعوبة في التنفيذ المثارة في إطار الفصل 436 من ق م م، ولو كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف، وذلك باعتبار الفصل 436 إنما يتعلق بالمحكمة التي يباشر فيها التنفيذ وهي المحكمة الابتدائية [39] .
المبحث الثاني: الآثار القانونية المترتبة عن إثارة المحافظ العقاري للصعوبة
إن عدم تقييد المقررات القضائية في الرسم العقاري يخلق آثار وخيمة على العديد من المستويات سواء الاجتماعي أو الاقتصادي أو القانوني، لذلك نجد المشرع أوجد آلية من أجل ضمان حقوق الأطراف المتضررة من جراء عدم تنفيذ حكم قضائي متمثل في التقييد الاحتياطي إذ من خلاله وخوفا من فقدان الرتبة في التسجيل وحماية لتقييد الحق بشكل نهائي يتم تقييده مؤقتا إلى حين رفع الصعوبة المثارة.
ويكون من حق الطرف المتضرر من عدم تقييد المقرر القضائي من الطعن في قرار المحافظ العقاري (المطلب الأول )، الشيء الذي من خلاله يمكن أن يرتب مسؤولية المحافظ ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: الطعن في قرار المحافظ العقاري الرافض لتنفيذ مقرر قضائي
إن الطعن القضائي في قرار المحافظ العقاري الرافض لتنفيذ مقرر قضائي له أهمية بالغة نظرا لتشتت نصوصه القانونية المنظمة، وغموض بعض مقتضياته، وكذلك من خلال الخصوصيات التي تتميز بها قرارات المحافظ العقاري، فعلى الرغم من كونها تعتبر قرارات إدارية إذ المبدأ هو رقابة القضاء الإداري، إلا أن المشرع أخضع البعض منها للطعن أمام القضاء العادي( الفقرة الثانية ).
وفي مقابل الطعن المخول للمتضرر أمام القضاء هناك نوع آخر من الرقابة، وهي الرقابة الإشرافية أو التسلسلية التي يخضع لها المحافظ على الأملاك العقارية من قبل المحافظ العام، والتي تتم إما عن طريق التظلمات الإدارية، أو عن طريق سلطة الإشراف والمتابعة المنوطة بقسم المنازعات العقارية كرقابة من نوع خاص ( الفقرة الأولى )
من تم نتساءل عن ما هي مكونات ومضامين هذه الرقابة؟.
إلى أي حد تشكل الرقابة المباشرة للمحافظ العام على المحافظ العقاري ضمانة أساسية تساهم بشكل جلي في تجاوز العديد من الصعوبات ومن بينها صعوبات تقييد المقررات القضائية ؟.
الفقرة الأولى: التظلم الرئاسي
إن المحافظ العام يعتبر الرئيس التسلسلي للمحافظين أحدث منصبه بمقتضى ظهير 24 يونيو 1942 المعوض بظهير 29 دجنبر 1953 ، وهو بالإضافة إلى مراقبته للمحافظين وتزويدهم بالأوامر والمنشورات، والإشراف على سير النظام العقاري، يتولى توحيد النهج الإداري في ميدان التحفيظ العقاري، ولهذا الغرض ولكي يتسنى له اتخاذ القرارات اللازمة، يحق له إما بناء على طلب أصحاب المصلحة أو تلقائيا أن يطلب فحص ومراقبة أية عملية من عمليات التحفيظ، وقد جعل المشرع لمن يعتبر نفسه متضررا من بعض قرارات المحافظ حق طلب مراجعة هذه القرارات أمام المحافظ العام ويعتبر هذا الطريق بمتابة تظلم رئاسي [40]
إذن فالمحافظ العام يؤدي دورا هاما على عمل المحافظين الإقليميين خدمة لحسن سير إدارات المحافظة العقارية من خلال الرقابة الملقاة على عملهم، وحرصه على توحيد الرأي الإداري، فهو يعتبر جهة يمكن لمن تضرر من قرار المحافظ الإقليمي من إثارة الصعوبة تبعا لعدم تنفيذه المقرر القضائي أن يطعن فيه أمامه، وقد جاء في دورية للمحافظ العام عدد 145 التي بينت الغاية التشريعية من إنشاء هذا الاختصاص كان هو ” وضع سلطة ذات طابع تقني جديد يلعب دور الوساطة بين المحافظين والقضاء، وليس الهدف من ذلك إضعاف سلطات كلا الطرفين، بقدر ما كان الغرض هو تقريب النظام المغربي من النموذج الذي اعتمده في إرساء قانون التحفيظ عقد طور انس ” [41]
غير أنه في هذا الإطار نتساءل عن حدود سلطة المحافظ العام أثناء رقابته لقرارات المحافظ الإقليمي من جهة وبالنظر إلى استقلالية المحافظ في اتخاذ قراراته المنصبة على الملكية العقارية من جهة أخرى.
مما لا شك فيه أن المحافظ يخضع لسلطة المحافظ العام ما دام هذا الأخير هو الذي اقترح تعيينه وهو الذي يتولى تنقيطه وترقيته من رتبة أو درجة إلى رتبة أو درجة أعلى، كما أنه ينضبط لجميع التعليمات الإدارية التي توجه إليه وتخضع أعماله كذلك لرقابة المحافظ العام. فكيف يمكن للمحافظ العام أن يمارس مهمته الرقابية والرئاسية على المحافظ دون المساس باستقلالية هذا الأخير في اتخاذ قراراته المتعلقة بالملكية العقارية ؟ [42] إنها بالفعل مهمة صعبة جعلت السؤال يثار حول حدود تدخل المحافظ العام في تعديل أو إلغاء قرارات المحافظين، فهل تقتصر سلطته في أمر المحافظ وتوجيهه إلى القرار الصحيح أم أن سلطته تتسع وتمتد إلى الحلول محل المحافظ لاتخاذ القرار الصائب ؟ [43]
لقد اختلفت الآراء بخصوص هذه النقطة، بحيث ذهب البعض إلى القول بأن سلطة المحافظ العام تقتصر على حمل المحافظ للتراجع عن قراراته بالرفض، دون أن تتعدى سلطته إلى إمكانية الحلول محله في اتخاذ القرار المناسب.
في حين ذهب رأي آخر إلى أن المحافظ العام لا يمكنه أن يمارس أية سلطة رئاسية على المحافظ العقاري فيما يخص القرارات التي يمكن لهذا الأخير أن يتخذها، وكل ما يملكه من الناحية القانونية الصرفة هو حق التصدي، أي أن يحل محل المحافظ في اتخاذ قرار التحفيظ أو التقييد أو التشطيب وتحت مسؤوليته الشخصية [44] .
وأعتقد أن الاتجاه الثاني هو الأقرب إلى الصواب على اعتبار أنه يتلاءم واستقلالية المحافظ في اتخاذه للقرارات المنصبة على الملكية العقارية، كما يتوافق مع المسؤولية التي يتحملها عن هذه القرارات.
كما أن هناك تساؤل يطرح بخصوص الطعن في قرارات المحافظ العقاري يتمثل في كون المتضرر هل يحق له الطعن فيها أمام القضاء وفي نفس الوقت، رفع التظلم أمام المحافظ العام، بمعنى هل يمكن للمتضرر سلوك المسطرتين في آن واحد ؟
للإجابة عن هذا التساؤل ينبغي وضع الفرضية التالية، في حالة ما إذا تم سلوك المسطرتين في آن واحد، فكيف سيكون موقف المحافظ العقاري في حالة توصله بأمر من المحافظ العام يقضي بتأييد قراره ويعزز من موقفه، تم يتوصل بحكم قضائي يقضي بإلغاء القرار المطعون فيه ؟
أرى على أن الحل هو عدم سلوك المسطرتين في آن واحد، لأن المحافظ سيجد نفسه في موقف محرج أمام المحافظ العام الذي يعتبر بمثابة رئيس إداري للمحافظين وعليه الالتزام بتعليماته ، وسيقع نفس الحرج حينما يجد المحافظ نفسه أمام حكم نهائي يتعين تنفيذه ، بالرغم من أن لا شيء يمنع من سلوك المسطرتين في آن واحد. غير أن الأمر ليس بالتعقيد المتصور على اعتبار أن الكل في نهاية المطاف يركن للحكم القضائي بالنظر للجهة التي صدر عنها وللقوة التي يتمتع بها [45].
الفقرة الثانية: إشكالية الطعن في قرارات المحافظ في مجال إثارة الصعوبة بين القضاء العادي والإداري.
إذا كان المشرع المغربي قد أعطى للمحافظ سلطة تقديرية واسعة في مراقبة ودراسة كل ما له ارتباط بتقييد الحقوق بالرسوم العقارية، ففي المقابل أعطى الحق لمن يهمهم أمر التقييد أن يطعنوا في قراره عند الرفض [46]
ينص الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون 07ـ14 على أنه ” يجب على المحافظ على الأملاك العقارية في جميع الحالات التي يرفض فيها تقييد حق عيني أو التشطيب عليه أن يعلل قراره ويبلغه للمعني بالأمر يكون هذا القرار قابلا للطعن أمام المحكمة الابتدائية التي تبث فيه مع الحق في الاستئناف وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض ”
إن أول ما يمكن ملاحظته بخصوص هذا الفصل أن المشرع أدرج عبارة جميع الحالات، ما يمكن القول لأول مرة أن الطعن في قرار المحافظ العقاري يكون في جميع الحالات أمام المحكمة الابتدائية. وينبغي الإشارة إلى أن قرارات المحافظ بحكم طبيعتها الإدارية تخضع للمحاكم الإدارية كأصل عام لكن ما استثني بنص خاص يخضع للمحكمة العادية وهذا التمييز هو المستقر عليه فقا وقضاء.
وللإشارة فالمشرع لم يقم بتحديد اختصاص القضاء الإداري للبث في القرارات الصادرة عن المحافظ العقاري بشكل صريح ولعل السبب يرجع لصعوبة حصر هذه القرارات من جهة ولكون الاختصاص يعود في الأصل إلى المحاكم الإدارية اعتبارا لكون قراراته صادرة عن جهة إدارية ولانعدام الدعوى الموازية .
ولذلك نقول أن المشرع المغربي عندما قرر اختصاص المحاكم العادية للبث في بعض القرارات بصريح النص القانوني يكون ضمنيا قد صرح باختصاص القضاء الإداري بالنسبة لباقي القرارات [47]
كما أنه بخلاف ما يبدو من خلال الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري أنه بخصوص رفض تنفيذ حكم قضائي نهائي حائز لقوة الشيء المقضي به، فإن الاختصاص يكون للقضاء الإداري وليس العادي، إذ جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 909 صادر بتاريخ 17ـ07ـ2014[48] الذي ميز بين رفض تقييد حق عيني ورفض تنفيذ حكم قضائي والذي ورد فيه ” لكن حيث إنه وكما انتهت إليه المحكمة الإدارية عن صواب، فإنه إذا كان المشرع أعطى للمحاكم الابتدائية الاختصاص النوعي للبث في الطعون المقدمة ضد قرارات المحافظ على الأملاك العقارية برفض تقييد حق عيني تطبيقا لمقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، فإن الأمر قاصر عن الحقوق العينية دون الأحكام القضائية النهائية، وأن موضوع الطلب يرمي إلى إلغاء قرار المحافظ على الأملاك العقارية بتارودانت برفض تقييد حكم قضائي نهائي في الرسم العقاري عدد 39/3943، وليس بتقييد حق عيني، مما يرجع أمر البث فيه للقضاء الإداري وأن المحكمة الإدارية حينما بنت قرارها على التعليل المذكور جعلته مبنيا على أساس سليم من القانون وما أثير غير مرتكز على أساس ”
كما قضت محكمة النقض في قرار آخر صادر بتاريخ 11ـ09ـ2014 عدد 932 [49] بما يلي ” حيث إن فحوى الطلب في نازلة الحال يهدف إلى إلغاء قرار المحافظ على الأملاك العقارية القاضي برفض تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وبذلك فإن الأمر يتعلق بقرار إداري صادر عن المحافظ باعتباره سلطة إدارية مكلفة بتنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري تختص بالنظر في النزاع بشأنه نوعيا للمحاكم الإدارية طبقا للفصل 8 من القانون رقم 41ـ90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية، والمحكمة الإدارية لما قضت بعدم اختصاصها نوعيا للبث في الطلب تكون قد جانبت الصواب، ويكون حكمها بالتالي واجب الإلغاء ”
وبذلك يتضح المبدأ العام الذي استقرت عليه محكمة النقض والمتمثل في كون قرار المحافظ القاضي برفض تنفيذ حكم قضائي هو قرار إداري يطعن فيه أمام المحاكم الإدارية.
وهذا تكريسا للأصل وهو أن جميع القرارات التي تصدر عن المحافظ العقاري هي قرارات إدارية تقبل الطعن أمام القضاء الإداري، إلا ما استثني صراحة وأسند إلى جهة أخرى والاستثناء كما هو متعارف عليه لا يتوسع في تفسيره، وبذلك فالقرار الذي يتخذه المحافظ العقاري والقاضي برفض تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء، هو قرار إداري يختص القضاء الإداري بالبت فيه [50]
لكن في الحالة التي يرفض المحافظ تنفيذ حكم قضائي استنادا على وجود صعوبة قانونية أو واقعية حالت دون قيامه بالإجراء المطلوب، حيث يجد المحكوم لهم أنفسهم أمام قرار إداري ما يجعلنا نتساءل هل يقبل قرار المحافظ هذا، الطعن بالإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة ؟
في هذه الحالة ينبغي استحضار نظرية الموازنة [51] حيث جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل 360 من قانون المسطرة المدنية ” لا يقبل طلب الإلغاء الموجه ضد المقررات الإدارية إذا كان في استطاعة من يعنيهم الأمر المطالبة بحقوقهم لدى المحاكم العادية ” وكذلك المادة 23 من قانون 41ـ90 في فقرتها الأخيرة على أنه ” لا يقبل الطلب الهادف إلى إلغاء قرارات إدارية إذا كان في وسع المعنيين بالأمر أن يطالبوا بما يدعونه من حقوق بطريق الطعن العادي أمام القضاء الشامل”
يتضح إذن من خلال الفقرتين المذكورتين أنه لا تقبل دعوى الإلغاء سواء أمام المحاكم الإدارية أو أمام محكمة النقض، ولو استوفت باقي شروطها الشكلية إذا كان للمخاطب بالقرار المطعون فيه وسيلة قضائية أخرى تمكنه من شل آثار هذا القرار وإبطاله والحصول بالتالي على نفس النتائج العملية التي توخاها من دعوى الإلغاء .[52]
إن قبول القضاء الإداري الطعن بالإلغاء ضد قرارات المحافظ العقاري برفض تنفيذ حكم قضائي نهائي من شأنه تكريس نزاع أبدي بين المحكوم له والمحكوم عليه من جهة وبين المحكوم له والمحافظ من جهة ثانية، فإذا كان هذا الأخير قد امتنع عن تنفيذ حكم صريح وجه له أوامر محددة، فكيف عساه أن ينفذ حكما آخر صادر عن قضاء آخر بإلغاء قراره برفض تنفيذ الحكم الأول ؟ فماذا إن لم ينفذ الحكم الثاني ؟ هل سيتم اللجوء من جديد إلى القضاء الإداري للبث في الطعن ضد القرار اللاحق برفض التنفيذ أيضا؟ ، مما سيؤدي في النهاية للدخول في حلقة مفرغة وإطالة أمد المنازعات وإفراغ الأحكام القضائية من حجيتها وقدسيتها.
خاصة وأن دعوى الإلغاء هي دعوى تهدف إلى إلغاء قرار إداري، وبالتالي فإن دور قاضي الإلغاء يقتصر على مجرد إلغاء مقرر المحافظ متى تبت لديه عدم مشروعيته دون أن يملك الحق في أن يوجه لهذا الأخير أية تعليمات أو أوامر عما ينبغي فعله [53]. لذلك على القضاء الإداري التصدي لرفع المحكوم له نزاع جديد أمامه مرة أخرى من أجل تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وذلك بعدم قبوله من الناحية الشكلية لوجود دعوى موازية ستحقق للمحكوم له نفس نتائج دعوى الإلغاء إن لم تكن أفضل.
فالمحافظ العقاري عند رفضه تنفيذ حكم قضائي صادر عن القضاء الإداري يستند دوما على وجود مبررات وأسباب يتعذر عليه في ظل وجودها تنفيذ منطوق الحكم المذكور، لذا فإنه من الأفيد بالنسبة للمحكوم له، بدلا من اختيار طريق الطعن بالإلغاء أمام المحكمة الإدارية، اللجوء إلى رئيس المحكمة مصدرة الحكم المطلوب تنفيذه قصد عرض النزاع عليه لإيجاد حل قانوني له إما بإلزام المحافظ بالتنفيذ، وإما بإيقاف التنفيذ إلى حين البث في الأمر إذا ظهر بأن الصعوبة جدية، وذلك عملا بأحكام الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية في فقرته الأولى[54] .
وتكريسا لنفس التوجه سبق وأن صدر عن المجلس الأعلى سابقا ـ محكمة النقض حاليا ـ قرارا حاول فيه الإجابة على السؤال المطروح على هامش النزاع وهو هل يعتبر المحافظ رغم تمسكه بوجود صعوبات قانونية ومادية تحول دون تنفيذ حكم قضائي، ممتنعا عن تنفيذه، مع ما يترتب عن ذلك من القول بوجود قرار إداري قابل للإلغاء ؟ وفي هذا الإطار ميز القرار المذكور بين التنفيذ والتقييد الذي يجري على الرسم العقاري، معتبرا بأن التقييد على الرسم العقاري يخضع للشروط والمقتضيات التي قررها ظهير 12 غشت 1913، والذي يلزم المحافظ بالتحقق تحت مسؤوليته الشخصية من صحة الوثائق المدلى بها شكلا وجوهرا، ومن كون مضمونها لا يتعارض مع مضمون الرسم العقاري المعني، ومن كونها تجيز تقييد الحقوق التي تتضمنها، وخلص القرار إلى أنه كان من المفروض أمام الصعوبات التي أثارها المحافظ وتمسك بها تجاه طلب المعني بالأمر أن يلجأ هذا الأخير إلى القاضي الذي أصدر الحكم المذكور لرفع الصعوبات والعراقيل المشار إليها، مادام أن دور قاضي الإلغاء يقتصر على مراقبة مشروعية القرار المطعون فيه، وأنه لا يمكنه تعويض القرار الملغى بقرار آخر بديلا عنه ليستنتج من ذلك وجود دعوى موازية أمام القضاء العادي للبث في النزاع المذكور، مرتبا على ذلك كون المحكمة الإدارية قد أخطأت حينما صرحت ضمنيا باختصاصها نوعيا بالبث في الطلب رغم وجود تلك الدعوى الموازية، ليقضي بإلغاء الحكم المستأنف وبعد التصدي التصريح بعدم اختصاص المحكمة الإدارية نوعيا [55] .
وبالتالي يمكن أن نخلص إلى أن قرار المحافظ العقاري سواء برفض تنفيذ حكم قضائي وهي الحالة التي يكون فيها طرفا في النزاع أو برفض تقييد مقرر قضائي وهي الحالة التي يتم الطعن في قراره ويصدر في مواجهته بمعنى عندما يكون طرفا من أطراف الدعوى، يبقى متصلا بعملية التنفيذ التي تباشرها المحكمة مصدرة الحكم لا منفصل عنها حتى يكون بإمكان قضاء الإلغاء بالمحكمة الإدارية البث في مشروعية القرار المذكور، مما ينبغي معه على هذه المحكمة إعمال مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 90ـ41 والتصريح بعدم قبول الطعن شكلا دون أن تنفذ إلى جوهر الدعوى وموضوعها لتبدي رأيها فيه، سواء تعلق قرار المحافظ برفض التنفيذ بوجود صعوبة واقعية أو قانونية تعيق التنفيذ، أو بأي سبب آخر.
فإن تحويل مسار القضية وهي في طورها النهائي، أي في طور التنفيذ إلى قضاء آخر والحال أن قانون المسطرة المدنية عالج إشكاليات تنفيذ الأحكام وتطرق إلى عدة حلول لها في إطار التنفيذ الجبري لن يسعف المحكوم له ولن يخوله الحصول على نفس النتائج العملية التي تضمنها فصول الباب الثالث من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية المتعلق بالقواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام.
المطلب الثاني: إثارة مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية
سنحاول في هذا المطلب التطرق لطبيعة مسؤولية المحافظ العقاري الممتنع عن تنفيذ مقرر قضائي (الفقرة الأولى ) ثم لدعوى التعويض في إطار مسؤولية المحافظ العقاري ( الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى: طبيعة مسؤولية المحافظ الممتنع عن تقييد مقرر قضائي
إن متابعة المحافظ العقاري بسبب الأخطاء التي يرتكبها رهين بتمييز الخطأ الشخصي عن الخطأ المصلحي، فهذا الأخير يقصد به الخطأ الذي يصعب أن ينسب إلى الموظف إذ يكون مرتبطا بالمرفق العام حتى وإن ارتكبه أحد الموظفين، أما الخطأ الشخصي فهو الخطأ الذي ينفصل عن العمل ماديا، وظيفيا أو فكريا، سواء تم اقترافه بعيدا عن أداء وظائفه، أي لا توجد رابطة بينه وبين مزاولة هذه الوظائف.
إن مسؤولية المحافظ العقاري مسؤولية تجد أساسها في الخطأ المهني الناتج عن عدم القيام بالالتزامات المفروضة قانونا، والتي تؤدي إلى إلحاق أضرار بالغير [56]
فالطبيعة القانونية لمسؤولية المحافظ العقاري الممتنع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، أثارت زوبعة خلاف فقهي بين قائل بأنها مسؤولية تقصيرية وبين متشبث بكونها مسؤولية عقدية.
ولقد ذهب البعض إلى القول أن مسؤولية المحافظ العقاري مسؤولية عقدية لوجود عقد يربط طالب التقييد وبين المحافظ العقاري، بينما اعتبر رأي آخر أنها مسؤولية تقصيرية ناتجة عن عدم تنفيذ المحافظ للالتزامات الملقاة على عاتقه [57].
وأعتقد على أنه لا يمكن اعتبار مسؤولية المحافظ العقاري في هذا الصدد مسؤولية عقدية لأنه لا يتعاقد مع طالب التقييد، فالمحافظ العقاري يقوم بواجب مهني تمليه عليه وضعيته كسلطة إدارية.
واعتبار مسؤولية المحافظ العقاري مسؤولية تقصيرية تستلزم قيام الخطأ وحصول الضرر نتيجة هذا الخطأ ووجود علاقة سببية بين خطأ المحافظ العقاري في رفض تقييد مقرر قضائي وبين الضرر الحاصل للمتضرر.
وقد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة [58] أنه “… وحيث إن امتناع المحافظ على الأملاك العقارية عن تنفيذ منطوق هذا القرار الاستئنافي يدخل في باب العنت وتعطيل تنفيذ الأحكام القضائية التي تصدر باسم جلالة الملك، مما يجعل امتناعه ذا طابع شخصي لا علاقة له بتسيير المرفق العمومي الذي يرأسه وهو ما يبرر تقديم طلب تحديد الغرامة التهديدية في مواجهته شخصيا….”
يتضح من خلال هذا القرار أن المحافظ المتعنت عن تنفيذ حكم قضائي تترتب في حقه مسؤولية شخصية تستوجب التعويض، غير أنه ينبغي الإشارة إلى أننا لا يمكن الحديث عن مسؤولية المحافظ العقاري عن إثارته للصعوبة إلا في الحالة التي يكون في وضعية غير مشروعة، أي كأن يثير الصعوبة وهو ليس بطرف بحيث يخرج من مقتضيات الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية التي تعطي لأطراف الدعوى الحق في إثارة الصعوبة، أو في الحالة التي يكون طرف كأن يطعن في قراره ويصدر في حقه قرار قضائي إلا أنه يثير الصعوبة والحال أنها غير موجودة، بحيث أن أي ضرر ينتج عن هذا القرار يتحمل المحافظ مسؤوليته، الشيء الذي يعطي للمتضرر حق مقاضاته للحصول على تعويض عن الضرر الذي أصابه.
وبالتالي يمكن القول أن مسؤولية المحافظ العقاري الممتنع عن تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به بدون مبرر لا تقوم إلا في ضوء ما جاء به الفصل 97 من ظهير التحفيظ العقاري، ولا تتحقق إلا إذا ارتكزت على الخطأ الجسيم أو التدليس ، ولعل أصعب مسألة إثبات حصول التدليس، حيث يمكن إثباته بجميع الوسائل والتدليس في هذا المجال يجب أن يؤخذ بمفهومه الواسع، بالإضافة إلى ضرورة وقوع ضرر ووجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر بمعنى خطأ المحافظ هو السبب المباشر في وقوع الضرر.
وانطلاقا مما سبق تعتبر مسؤولية المحافظ المثير للصعوبة بطريقة غير مشروعة، في هذا المجال مسؤولية تقصيرية قوامها خطأ مصلحي أحدث ضررا بالغير أثناء قيامه بأداء مهامه.
وللإشارة فالخطأ الشخصي الذي يرتكبه المحافظ على الأملاك العقارية لا بد أن يكون جسيما وأن تكون سوء النية فيه واضحة وبارزة مع تبيان عنصر التدليس، وقلما تثار عمليا مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية الشخصية، وحتى في الحالات التي يلجأ فيها فعلا إلى هذه الدعوى فإن المحاكم غالبا ما لا تقضي بمسؤولية المحافظ الشخصية، ويعزى ذلك إلى عدة أسباب نذكر منها القراءات المتعددة للنصوص القانونية، وصعوبة إيجاد الأساس الملائم لمسؤولية المحافظ، كما أن هناك من يرى بأنه من الصعب إثبات وجود خطأ جسيم بصفة عامة، فغالبا ما تعتبر المحكمة الخطأ الصادر عن المحافظ مجرد خطأ مصلحي تتحمل الدولة مسؤوليته [59]
فبالرغم من أن رفض المحافظ العقاري تنفيذ مقرر قضائي بدون مبرر مقبول يرتب عليه المسؤولية الشخصية إلا أن القضاء غالبا ما يكيف هذه المسؤولية على أساس أنها مسؤولية مرفقية على اعتبار أن المحافظ العقاري غالبا ما لا يكون له سوء النية في اتخاذ هذا القرار ، أضف إلى ذلك أنه دائما عند اتخاذه قرار الرفض فإنه ملزم بتعليل قراره.
غير أن السؤال الذي يطرح هو هل في هذه الحالة التي تترتب فيها مسؤولية المحافظ العقاري المثير للصعوبة هل تشمل حتى الموظفين التابعين له أم تشمله هو فقط ؟
بالرجوع إلى المقتضيات القانونية وخاصة ظهير التحفيظ العقاري، يتبين أن المشرع لم يتحدث عن مسؤولية الموظفين التابعين للمحافظ العقاري، بل أثار فقط مسؤولية المحافظ، ولكن الأمر على خلاف ذلك في الحياة العملية فقد تثار مسؤولية الموظفين التابعين له إذا ثبت ارتكابهم لخطأ، غير أن الأمر بخصوص الامتناع عن تقييد مقرر قضائي فهو إجراء يختص به المحافظ على الأملاك العقارية وبالتالي من الصعب تصور قيام مسؤولية الموظفين التابعين له في هذا المجال.
الفقرة الثانية: دعوى التعويض في إطار مسؤولية المحافظ العقاري
بداية لا بد من الإشارة إلى أن دعوى التعويض في قضايا التحفيظ العقاري تخضع لشروط تختلف باختلاف نوع المسؤولية، ويتبين من نصوص ظهير التحفيظ العقاري أن المتضرر له الحق في المطالبة بالتعويض عن طريق دعويين:
الأولى: مرفقية وترفع بسبب الخطأ المصلحي في إطار مسؤولية الدولة وهي التي يمكن توجيهها ضد المصلحة أو المرفق المنسوب إليه الخطأ في شخص ممثله القانوني مع إدخال الدولة والوكيل القضائي للمملكة لاحتمال التصريح بمديونيتها.
الثانية: شخصية بسبب التدليس وترفع ضد مرتكبه باسمه الشخصي ويمكن إزاءها إدخال صندوق التأمينات بصفة احتياطية لأداء التعويضات التي من المحتمل أن يحكم بها عن المسؤول في حالة عسره سواء تعلق الأمر بالمحافظ العام أو المحافظ على الأملاك العقارية[60].
تخضع مسؤولية المحافظ عن تنفيذ المقررات القضائية لنفس القواعد التي تؤطر مسؤولية المحافظ عموما، فظهير التحفيظ العقاري لا يفرد أي خصوصية لتنفيذ المقررات القضائية من طرف المحافظ، فهو يعتبرها سندات مثبتة للحق مثلها مثل باقي المستندات التي تعرض عليه في إطار اختصاصاته، والقرارات المتخذة اعتمادا عليها سواء في التحفيظ أو التقييد أو التشطيب قرارات يتحمل المحافظ فيها المسؤولية الشخصية عن كل فساد أو بطلان يعتريها.
وهذا ما تؤكد عليه مقتضيات الفصل 64 من ظهير التحفيظ العقاري والتي تنص على أنه : ” يمكن للمتضررين في حالة التدليس فقط أن يقيموا على مرتكب التدليس دعوى شخصية بأداء تعويضات ”
كما أن الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري ينص على أن أي تقصير من جانب المحافظ في مراقبة مستندات التقييد، من شأنه أن يخول لكل متضرر من ذلك التقصير الحق في إثارة المسؤولية الشخصية للمحافظ والمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي لحقه[61].
وكتأكيد لما سبق جاء في الفصل 97 من ظهير التحفيظ العقاري أن المحافظ على الأملاك العقارية مسؤول شخصيا عن الضرر الناتج…3ـ عن فساد أو بطلان ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي أو تشطيب…” فالمحافظ لا يكون مسؤولا عن فساد وبطلان ما ضمن بالرسم العقاري إلا إذا ثبتت سوء نيته أو قصر تقصيرا واضحا في واجب المراقبة الملقى على عاتقه [62]
فمناط هذه الدعوى هو جبر الضرر اللاحق بالمتضرر من جراء خطأ المحافظ العقاري، إذ الأصل أن التعويض يقع على المسؤول الذي ارتكب الخطأ.
وتبعا لذلك فإن المحافظ إذا ارتكب خطأ في تنفيذه لمهمته أثناء سريان مسطرة التحفيظ، أو القيام بالالتزامات التي تفرضها عليه مهنته، كامتناعه عن تنفيذ حكم عقاري نهائي، يكون للمتضرر من قرار المحافظ المطالبة بالتعويض [63] .
ويعد المتضرر مبدئيا ـ أو نائبه أو ذوي حقوقه ـ هو المدعي في دعوى التعويض أما المدعى عليه فهو المحافظ لأنه هو وحده من يتحمل المسؤولية عن سير أعمال المحافظة ومراقبة أعمال التقييد، وغيرها من العمليات الموكولة إليه، ولا مجال هنا لإدخال أي موظف من الموظفين التابعين له حتى ولو كان هذا الموظف هو المرتكب الحقيقي للخطأ[64].
وعبارة المحافظ هنا تشمل كل من المحافظ رئيس المصلحة، ونائب المحافظ عندما ينوب عنه حالة غيابه ـ والنائب قد يكون هو المحافظ المساعد المعين بجانبه وقد يكون موظفا يختار لهذه الغاية ـ وكذا المحافظ رئيس مكتب من المكاتب التي تتكون منها المحافظة عادة، كمكتب التقييدات مثلا، والمحافظ رئيس المكتب يكون مسؤولا في حدود اختصاصات مكتبه ولو في حضور المحافظ رئيس المصلحة، خلافا لنائب المحافظ الذي لا يمكن إثارة مسؤوليته، إلا في حالة غياب رئيس المصلحة وحلوله محله في تسيير المحافظة [65]. القضائية
والمحاكم المختصة نوعيا للبت في الدعاوى الموجهة ضد المحافظ بسبب أخطائه الشخصية هي المحاكم العادية، ذلك أن القاعدة العامة تقضي بأن دعاوى التعويض الموجهة ضد الموظفين عموما بسبب أخطائهم الشخصية ترفع أمام المحاكم العادية، حيث جاء في حكم للمحكمة الإدارية بالدار البيضاء [66] والذي جاء في إحدى حيثياته ” وحيث إنه بذلك فالمسؤولية المتمسك بها من طرف المدعين هي مسؤولية شخصية ومتميزة عن الخطأ المصلحي للموظف المنصوص عليها في المادة 79 من ق.ل.ع…. وحيث تكون بذلك المحكمة الإدارية غير مختصة نوعيا للبث في الطلب ”
أما دعاوى التعويض المقامة بسبب الأخطاء المصلحية فترفع أمام المحاكم الإدارية طبقا لمقتضيات المادة 8 من القانون رقم 90ـ41 المحدث للمحاكم الإدارية [67]، وهذا ما أكده قرار لمحكمة النقض عدد 685 الذي جاء فيه بأن دعوى التعويض بسبب الخطأ الشخصي المبني على التدليس تكون من اختصاص القضاء العادي [68]
وبالتالي بما أن مسؤولية المحافظ العقاري وكما سبق بيانه مسؤولية شخصية عن عدم تنفيذه للمقررات القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به بدون مبرر مشروع فإن الاختصاص للبت في دعوى التعويض يكون للمحكمة الابتدائية.
ويعود الاختصاص الترابي للنظر في دعوى المسؤولية الشخصية أو الإدارية عند توفر حالاتها حسب الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية إما أمام محكمة المحل الذي وقع فيه الفعل المسبب لضرر أو أمام محكمة موطن المدعى عليه باختيار المدعي.
وقد حدد القرار الوزاري المؤرخ في 4 يونيو 1915 في الفصل 8 [69] موطن المحافظ على الأملاك العقارية في المكتب الذي يمارس فيه مهامه أي المحافظة العقارية.
يتضح إذن من خلال الفصلين 28 من قانون المسطرة المدنية والفصل 8 من القرار الوزاري المذكور أن للمدعي الخيار في إقامة الدعوى إما أمام محكمة محل وقوع الفعل الضار وإما أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها المحافظة التي يمارس فيها المحافظ مهامه.
وبما أن مسؤولية المحافظ العقاري في هذا المجال تعتبر مسؤولية تقصيرية، ناتجة عن عدم تنفيذه لالتزاماته المهنية المكلف بها ، فإن رفع دعوى التعويض ضده تخضع لمقتضيات الفصل 106 [70] من قانون الالتزامات والعقود المغربي الذي ينص على أن دعوى التعويض تتقادم بمضي 5 سنوات يبدأ احتسابها من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه.
وهذا يعني أن الشخص الذي تضرر من عدم تنفيذ المحافظ العقاري للمقرر القضائي أن يرفع دعوى التعويض ضده داخل أجل خمس سنوات من تاريخ علمه بالضرر الذي تسبب فيه المحافظ على الأملاك العقارية.[71]
وبعد أن يتأكد القضاء من احترام جميع الضوابط المسطرية لتحريك دعوى المسؤولية، وبعد التأكد من توفر مختلف أركان مسؤولية المحافظ من خطأ[72] شخصي وضرر[73] وعلاقة سببية [74]
والتعويض بوجه عام يمكن أن يكون ماديا أو معنويا، وقد يكون عينيا أو بمقابل، والتعويض بمقابل قد يكون نقديا أو غير نقدي. إلا أنه في إطار مسؤولية المحافظ الشخصية في الغالب ما يكون التعويض نقديا ويصعب تصور أن يكون غير ذلك [75]
وينبغي أن يكون التعويض كاملا وكافيا لتغطية:” الخسائر التي لحقت المدعى عليه والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرارا به وكذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل المرتكب.
وبالنسبة لتقدير التعويض فإنه يراعى في تقديره أن يكون كاملا، بالإضافة إلى القيمة الحقيقية للضرر، طلبات المتضرر، بمعنى أن القضاء يقضي فقط في حدود ما هو مطلوب منه [76]، مع الحرص على عدم تجاوز القيمة الحقيقية للضرر حتى وإن نجح هذا المتضرر إلى الرفع من قيمة طلباته.
ويثار تساؤل هنا يتعلق بلحظة تقدير المحكمة للتعويض، هل هي لحظة نشوء الحق في التعويض ـ تحقق الضرر ـ أم لحظة صدور الحكم ؟
الرأي الراجح بخصوص هذه المسألة، يعتبر أن تاريخ صدور الحكم هو الذي يعتد به كتاريخ للتقدير النهائي للتعويض، خاصة وأن قضايا التحفيظ العقاري غالبا ما تتطلب وقتا طويلا للفصل فيها هذا ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته [77]حيث جاء فيه ما يلي ” إن تحديد مبلغ التعويض يجب أن يكون بناء على القيمة الحقيقية للعقار أي قيمته الكاملة ساعة الحكم، وأن عدم أخد القرار الاستئنافي الصادر في 17/12/81 هذا بعين الاعتبار واعتماده فقط على تقرير الخبير المؤرخ في 26/2/75 يجعله معرضا للنقض ” ، لذلك فقبل النطق بالحكم يتعين اللجوء إلى خبرة قضائية لتقدير القيمة النقدية للحقوق العقارية التي وقع الإضرار بها من قبل المحافظ [78]،
غير أنه قد يتعذر على المحافظ على الأملاك العقارية أداء التعويضات التي قد يحكم بها عليه لصالح المتضرر، لذلك أوجد المشرع المغربي آلية لضمان أداء هذه التعويضات في حالة عسر المحافظ على الأملاك العقارية، وتتمثل هذه الآلية في إحداث صندوق للتأمين حسب الفصل 100[79] من ظهير التحفيظ العقاري، غايته ضمان استخلاص المتضرر للمبالغ المالية الموجبة للتعويض التي يحكم بها ضد المحافظ المعسر وهذا يفيد بأن هذا الصندوق يعتبر بمثابة ضامن احتياطي لا يتدخل إلا بعد إثبات إعسار المحافظ، وهذا ما نص عليه قرار لمحكمة النقض عدد 299 [80]الذي جاء فيه ” ارتكاب المحافظ خطأ جسيم يؤدي إلى تحفيظ معيب يتسبب في حرمان أشخاص من حقوقهم يقتضي حلول صندوق التأمينات المنصوص عليه في ظهير التحفيظ العقاري في حالة عسر المحافظ ”
والدعوى التي تقام ضده تعتبر دعوى احتياطية لا دعوى أصلية، لأن الصندوق لم ينشأ لتغطية مسؤولية المحافظ وإنما لتغطية عسره حيث يحل محله في الأداء مع إمكانية الرجوع عليه [81].
خاتمــــــــــــــــــــــــة
من خلال ما تقدم بخصوص هذا البحث يمكن القول إن إشكالية إثارة الصعوبة من قبل المحافظ العقاري هي إشكالية ليست بالهينة، على اعتبار التداخل الذي يعرفه الموضوع على مستوى قانون المسطرة المدنية وظهير التحفيظ العقاري .
فالمحافظ على الأملاك العقارية حينما يثير صعوبة في الحالة التي يكون فيها طرفا فإن ذلك في حقيقة الأمر يشكل نوع من الرقابة التي يجريها على المحررات بشكل عام والمقررات القضائية بشكل خاص، فهو يعمل على ضمان حقوق المتعاملين من جهة، وتجنب مسؤوليته الجسيمة من جهة أخرى.
فإثارة الصعوبة من قبل المحافظ العقاري عرف تذبذبا قضائيا وفقهيا إذ تارة يرفض القضاء إعطاء المحافظ العقاري الحق في إثارة الصعوبة والحال أنه من الواجب عليه أحيانا إثارة الصعوبة في التنفيذ إما بالنظر لطبيعة اختصاصاته وإما بالنظر للضرر الذي قد يلحقه في حالة عدم التنفيذ، وتارة أخرى يعطيه الحق في إثارتها بالرغم من أنه يكون غير مالك للصفة في إثارتها أي الحالة التي لا يكون فيها طرف من أطراف الدعوى.
عموما إن المحافظ على الأملاك العقارية عند إثارته للصعوبة ورفضه تنفيذ حكم قضائي نهائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، فإنه غالبا ما يكون في إطار المشروعية، بمعنى من الصعب إثبات مسؤوليته الشخصية في هذا المجال، وحتى لو تبثث مسؤوليته الشخصية فإن المحافظ العقاري غالبا ما يكون حسن النية.
وبالتالي فعدم تنفيذ المقررات القضائية من قبل المحافظ العقاري بدعوى وجود صعوبة هي مسألة مشتركة بين القضاء والمحافظ العقاري، حيث أن القضاء في العديد من الحالات يصدر أحكاما مخالفة تماما لمقتضيات قانونية خاصة كالقانون رقم 25ـ90 المتعلق بالتجزيئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، كما أن المحافظ العقاري بدوره دائما ما يسعى لتحصين قراره خوفا من المسؤولية وبالتالي من الصعب أن نتصوره متعسفا في استعمال حقه، ومن تم أعتقد أن أصل المشكل هو القضاء لأنه غالبا ما يصدر أحكام قضائية مخالفة تماما لبعض النصوص القانونية ما يجعلنا نتساءل هل من الممكن التأسيس لمسؤولية القضاء في هذا الجانب، حتى يؤخذ بعين الاعتبار هذه القوانين والعمل على احترام مقتضياتها ، وبالتالي فإننا سنتجاوز إشكالية الصعوبة في التنفيذ والعمل على تقييد الأحكام القضائية بالسجلات العقارية ؟
[1] ـ محمد خيري ، العقار وقضايا التحفيظ العقاري، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، طبعة 2014 ، ص 434
[2] ـ سمرة محدوب: “الازدواجية الإجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري – على ضوء الاجتهاد القضائي ومستجدات القانون رقم 14-07 – “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة ، 2012-2013،ص 281.
[3] ـ هاجر الشايب ، صلاحيات المحافظ العقاري في مراقبة المحررات وتقييد الأحكام، بحت لنيل شهادة ماستر أحكام العقار بين الفقه المالكي والقانون المغربي، جامعة القرويين كلية الشريعة ـفاس ، السنة الجامعية 2014ـ2015 ، ص 38
[4] ـ والحكمة التي جعلت المشرع يحرص على أن يكون الحكم قد اكتسب قوة الشيء المقضي فيه هو أن باب الطعن بالطرق العادية في هذه الأحكام أصبح غير ممكن وهذا ينطوي على تأكيد للحق الثابت في هذا الحكم بدرجة يرجع معها احتمال تأييده فيما لو طعن فيه بطريق غير عادي فضلا عن أن الطعن بالطريق غير العادي لا يجوز إلا في أحوال خاصة ولأسباب معينة نص عليها القانون على عكس الطرق العادية للطعن التي يجوز الالتجاء إليها كوسيلة للتظلم من الحكم دون التقيد بأسباب مخصوصة.
ـ محمد خيري ، مرجع سابق ص 458
[5] ـ ينص الفصل 361 من ق م م على أنه ” لا يوقف الطعن أمام المجلس الأعلى التنفيذ إلا في الأحوال الآتية:
. في الأحوال الشخصية
. في الزور الفرعي
. في التحفيظ العقاري
يمكن علاوة على ذلك للمجلس الأعلى بطلب صريح من رافع الدعوى وبصفة استثنائية أن يأمر بإيقاف تنفيذ القرارات والأحكام الصادرة في القضايا الإدارية ومقررات السلطات الإدارية التي وقع ضدها طلب الإلغاء”
[6] ـ سمرة محدوب ، مرجع سابق ، ص 282
[7] ـ هاجر الشايب ، مرجع سابق ص 39.
[8] ـ جاء فيها ” يشرفني أن أنهي إلى علمكم بأن تأشير كتابة ضبط المحكمة المصدرة للأحكام على شهادة عدم التعرض والاستئناف أصبح كاف ولا مجال لاستلزام التأشير المزدوج من كتابة ضبط كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف أو النقض….” سمرة محدوب مرجع سابق ص 283 .
[10] ـ حكم المحكمة الإدارية بمكناس ملف رقم 70/2002/3غ رقم 24/2003/3غ بتاريخ 06/02/2003 ، أوردته سمرة محدوب ، مرجع سابق ص 284
[11] ـ إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية من طرف المحافظ العقاري ، مجلة المحامي ، العدد 48، ص 156 .
[12] ـ رضوان درازي، المحافظ بين المسؤولية المدنية والإدارية ، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني ، جامعة الحسن الثاني ، كلية الحقوق عين الشق الدار البيضاء ، السنة الجامعية 2001ـ2002 ، ص 75
[13] ـ ينص الفصل 107 من الدستور في فقرته الأولى على أنه ” السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية ”
[14] ـ وكذا الدورية الصادرة عنه بتاريخ 5 يونيو 1996 التي أكد فيها أن دور المحافظ يقتصر على تطبيق الحكم القضائي، وليس له أن يتدخل في مضمونه عن طريق مناقشته والتعليق عليه ، ثم إنه يلتزم بتطبيق الأحكام القضائية كما هي وإن اختلفت الأطراف في رفع الدعوى إلى ديباجة الحكم القضائي.
[15] ـ سمرة محدوب ، مرجع سابق ، ص 285 .
[16] ـ قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 456 ملف عدد 852/96 بتاريخ 12/02/1998 أشارت إليه سمرة محدوب مرجع سابق ص 285
[17] ـ حسن زرداني ، وجهة نظر حول مدى إثارة الصعوبة في التنفيذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ، ” مقال منشور بمجلة المحاكمة، العدد 2، ص 142.
[18] حسن زرداني، صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي والمقارن، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2005ـ2006، ص 190.
[19] ـ حسن زرداني” وجهة نظر حول مدى إثارة الصعوبة في التنفيذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ” مقال منشور بمجلة المحاكمة، العدد 2، ص 142.
[20] ـ عبد الرحمان مزوز، ” مناط تطبيق الفصلين 436 و 149 من قانون المسطرة المدنية بشأن إثارة الصعوبة في تنفيذ الأحكام، مجلة القضاء والقانون العدد 153، سنة 2006، ص 41.
[21] ـ أحمد هندي” الصفة في التنفيذ، دراسة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية 2000 ص 276.
[22] ـ أمر عدد 93/03 صادر عن المحكمة الابتدائية بعين الشق الحي الحسني، بتاريخ 30 يناير 2003 في الملف عدد 493/04، أورده حسن زرداني وجهة نظر حول مدى إثارة الصعوبة في التنفيذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية ص 138.
[23] ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش، ملف مدني عدد 12/14 بتاريخ 22/03/1995،
[24] ـ حسن زرداني، وجهة نظر حول حول مدى إثارة الصعوبة في التنفيذ من طرف المحافظ على الأملاك العقارية مرجع سابق ص 38
[25] ـ قرار محكمة الاستئناف بالرباط، مدني تحت رقم 41 المؤرخ في 09/02/2005، رقم الملف بمحكمة الاستئناف 648/04/6 منشور بمجلة محاكمة العدد السادس أبريل ـ يونيو 2009 ص 191.
[26] ـ قرار عدد 401 صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 04/04/2002 ملف إداري عدد 1057 و 1103 أورده يوسف الغوناجي “صعوبة القيد بالسجلات العقارية بين مسببات الاستشكال وآفاق الحلول، ” إدكل للطباعة والنشر ” بالرباط ، الطبعة الأولى 2013،ص 34 ـ 35
[27] ـ (قرار محكمة النقض رقم 1027 في الملف عدد 742/99 بتاريخ 2000/07/06 .
[28] مصطفى حفرصيد” سلطة المحافظ على الأملاك العقارية في إثارة صعوبة تنفيذ المقررات القضائية”، مقال منشور بمجلة المنبر القانوني، العدد 1 ، سنة 2012. “إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية من طرف المحافظ العقاري”، مجلة المحامي، العدد 48.ص 136 .
[29] ـ الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية
[30] ـ ينص الفصل 74 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه ” يجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يتحقق من أن التقييد موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري ومقتضيات هذا القانون وأن الوثائق المدلى بها تجيز التقييد ”
[31] ـ قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 5274 في الملف عدد 420/96 بتاريخ 03/07/1996 أشارت إليه سمرة محدوب ، الازدواجية الإجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري – على ضوء الاجتهاد القضائي ومستجدات القانون رقم 14-07 – مرجع سابق ص 309
ـ ونفس التوجه أكده الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية ببركان رقم 1844/2001 بتاريخ 28/01/2003 الذي جاء فيه ” … وأن الصعوبة في التنفيذ طبقا للفصل 436 من قانون المسطرة المدنية يثيرها أطراف النزاع وأن المراجعة والطعون تكون فيما بينهم وأن السيد المحافظ ليس طرفا في النزاع القائم حتى يثير صعوبة التنفيذ …. وأن المحافظ حين يجد صعوبة في الحكم… أن يرفض التنفيذ وحينذاك تنشأ الصعوبة ويستطيع المنتفع من قرار المحكمة إما أن يطعن في قرار الرفض طبقا للفصل 96 من ظهير التحفيظ وإما أن يثير صعوبة التنفيذ…”
[32] ـ الدورية رقم 3380/ و و م ع م ع خ / م صادرة بتاريخ 30/08/2005 من المحافظ العام للمملكة إلى السادة المحافظين ، منشور بمجلة الحقوق المغربية ، الطبعة الأولى ، الجزء الأول مطبعة الأمنية 2010 ، ص 290
[33] ـ قرار المجلس الأعلى بتاريخ 23/°9/1985 ، لم تتم الإشارة إلى بياناته ، نقلا عن سمرة محدوب الازدواجية الإجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري – على ضوء الاجتهاد القضائي ومستجدات القانون رقم 14-07 – مرجع سابق ص 301
[34] ـ كما جاء في أمر صادر عن قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بأزيلال على أنه ” أما السبب المرتكز على كون الحكم لم يتضمن…قد تبين بأن البث فيه يؤدي إلى تفسير الحكم وهو إجراء يرجع النظر فيه للمحكمة مصدرة الحكم عملا بمقتضيات المادة 26 من قانون المسطرة المدنية ولذلك لا يمكن لقاضي الصعوبة اعتماده كسبب للقول بوجود صعوبة تستوجب إيقاف تنفيذ الحكم ”
ـ أمر صادر عن المحكمة الابتدائية بأزيلال في الملف عدد 44/2004 رقم 52/2004 بتاريخ 07/10/2004 أورده حسن زرداني ، في صعوبة التنفيذ الوقتية مرجع سابق ص 69
[35] ـ قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء عدد 3299 ملف عدد 7302/97 بتاريخ 16/04/1998 ، أوردته سمرة محدوب الازدواجية الإجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري – على ضوء الاجتهاد القضائي ومستجدات القانون رقم 14-07 – مرجع سابق ص 302
[36] ـ سمرة محدوب، مرجع سابق ، ص 303
[37] ـحسن زرداني: “صعوبة التنفيذ الوقتية في القانون المغربي والمقارن” ، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق جامعة الحسن الثاني ، شعبة القانون الخاص وحدة البحت والتكوين في القانون المدني ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، عين الشق الدار البيضاء ، السنة الجامعية 2005-2006.ص 271.
[38] ـ قرار المجلس الأعلى عدد 18 في الملف المدني رقم 1260/7/2003 بتاريخ 5/01/2005 أشار إليه حسن زرداني ، مرجع سابق ص 270
[39] ـإبراهيم بحماني: “تنفيذ الأحكام العقارية” ، طبع ونشر وتوزيع مكتبة دار السلام الرباط ، الطبعة الثالثة 2012. ص 216
[40] ـ بخيت اسماعيل، الطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية، بحت نهاية التمرين، وزارة العدل والحريات المعهد العالي للقضاء، الفوج 37 السنة الدراسية 2011ـ2013 ص 55
[41] ـ دورية عدد 145 صادرة عن المحافظ العام بتاريخ 10 / 08 / 1942، متعلقة بدور واختصاصات المحافظ العام على الملكية العقارية (باللغة الفرنسية ) ، أوردها يوسف الغوناجي ، صعوبة القيد بالسجلات العقارية بين مسببات الاستشكال وآفاق الحـلول ، مرجع سابق ص 124.
[42] ـ أحمد أجعون ـ المحافظ العقاري : اختصاصاته، مسؤولياته ، ووضعيته الإدارية، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 54 ـ 55 ، ينايرـ أبريل 2004, ص 186ـ187
[43] ـ فاطمة الداودي، تداخل الاختصاص بين قاضي التحفيظ والمحافظ العقاري بشأن مسطرة التحفيظ ن رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، قامون العقود والعقار، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعيةـ وجدة ـ السنة الجامعية 2005 ـ 2006 ص 89
[44] ـ محمد شتان ، خصوصية الرقابة القضائية على مشروعية أعمال المحافظ، مقال منشور بالمجلة المغربية لقانون اقتصاد التنمية، عدد 21، ص 186
[45] ـ وهو الأمر الذي أكده لي السيد السكيتيوي محمد ، بقسم المراسلات والمنازعات بالمحافظة العقارية بفاس، في زيارة ميدانية قمت بها بتاريخ 31/05/2017
[46] ـ محمد معترف ـ الطعن في قرارات المحافظ على الأملاك العقارية أمام القضاء العادي والقضاء الإداري، مقال منشور في سلسلة منشورات مختبر البحث حول الدراسات العقارية والتعمير، كلية الحقوق سطات، الطبعة الأولى 2016 ، ص68
[47] ـ محمد معترف ، مرجع سابق ص 78
[48] ـ قرار لمحكمة النقض عدد 909 صادر بتاريخ 17ـ07ـ2014في الملف الإداري رقم 1891ـ4ـ1ـ2014، غير منشور.
[49] ـ قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 11ـ09ـ2014 عدد 932 في الملف الإداري رقم 2032ـ4ـ1ـ2014، غير منشور
[50] ـ سهام الدريوش ، قرارات المحافظ العقاري ومدى قابليتها للطعن، بحت نهاية التمرين ، وزارة العدل والحريات المعهد العالي للقضاء، الفوج 36 السنة الدراسية 2009 ـ 2011 ص 38
[51] ـ وهي عبارة عن دعوى قضائية أخرى تمارس لدى جهة أخرى غير الجهة الألوفة لممارسة دعوى الإلغاء.
ويعتبر شرط الدعوى الموازية في الأصل نظرية قضائية بحتة من صنع مجلس الدولة الفرنسي وتجد أساسها في اعتبارات قانونية وقضائية وعملية وسياسية.
فالاعتبار القانوني يتمثل في أن دعوى الإلغاء كانت توصف بكونها دعوى احتياطية لا تقبل من رافعها إلا إذا لم يكن أمامه وسيلة قضائية أخرى لتوقي آثار القرار المعيب، خاصة وأن اختصاصات مجلس الدولة الفرنسي القضائية هي مجرد امتداد لامتيازات الملك القديمة.
أما الاعتبارات القضائي فمرجعه أن مجلس الدولة ولو كان يحتكر قضاء الإلغاء فلم يكن دوما وحده الذي يقدر مشروعية القرارات الإدارية، أي أن الجهات القضائية الأخرى كان لها الحق في كثير من الأحيان بأن تتصدى لبحث مشروعية القرارات الإدارية التي يثيرها النزاع المعروض أمامها وأن تجنب الأفراد آثارها الضارة إذا ما رأت أنها معيبة.
ويتجلى الاعتبار العملي في الرغبة من التخفيف على عاتق المجلس لاسيما بعد صدور مرسوم 2 نونبر 1964 الذي تقرر بموجبه الإعفاء من الرسوم القضائية وتوكيل محام مجانا في إطار دعوى الإلغاء ، فقد تراكمت القضايا المتعلقة بإلغاء قرارات الإدارة غير المشروعة مما حدا بالمجلس إلى أن يستبعد الطلبات التي يمكن تحقيق الغاية منها بواسطة طريق قضائي آخر. =
=كما أن الدافع السياسي بدوره كان وراء ظهور هذه النظرية بنسبة أكبر من الدافع العملي أو القضائي على أساس أن السلطة الإدارية الفرنسية آنداك كانت تدافع أكثر ما يمكن عن حصانة قراراتها وإن كانت غير مشروعة.
ومند أن أخد مجلس الدولة بفكرة الدعوى الموازية قيد الدفع المثار بشأنها بقيود عامة يمكن إجمالها فيما يلي:
ـ يجب أن يكون الطعن الموازي دعوى قضائية حقيقية لا مجرد دفع أو تظلم استعطافي أو رئاسي
ـ يجب أن يكون من شأن الطعن الموازي أن يشل آثار القرار المعيب بالنسبة لرافع الدعوى ويحقق له عملا ما تحققه دعوى الإلغاء من نتائج وآثار قانونية
[52] حلمي نفطاطة، قرارات المحافظ العقاري برفض تنفيذ حكم قضائي نهائي بين الطعن فيها بالإلغاء للتجاوز في استعمال السلطة وطريق الطعن الموازي، مقال منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 93 يوليوز ـ غشت 2010 ص 81
[53] ـ محمد رضوان ـ تنفيذ المقررات القضائية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون المدني، جامعة الحسن الثاني كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ الدار البيضاء ـ السنة الجامعية 2009 ـ 2010
[54] ـ تنص الفقرة الأولى من الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية على أنه ” إذا أثار الأطراف صعوبة واقعية أو قانونية لإيقاف تنفيذ الحكم أو تأجيله أحيلت الصعوبة على الرئيس من لدن المنفذ له أو المحكوم عليه أو العون المكلف بتبليغ أو تنفيذ الحكم القضائي ويقدر الرئيس ما إذا كانت الإدعاءات المتعلقة بالصعوبة مجرد وسيلة للمماطلة والتسويف ترمي إلى المساس بالشيء المقضي به حيث يأمر في هذه الحالة بصرف النظر عن ذلك، وإذا ظهر أن الصعوبة جدية أمكن له أن يأمر بإيقاف التنفيذ إلى أن يبث في الأمر “
[55] ـ قرار المجلس الأعلى سابقا ـ محكمة النقض حاليا ـ عدد 1027 بتاريخ 06ـ07ـ2000 في الملف الإداري رقم 747ـ4ـ1ـ1999.
ـ كما استحضرت محكمة النقض نظرية الدعوى الموازنة في قرار لها صدر بتاريخ 13ـ11ـ2014 تحت عدد 1249 في الملف الإداري رقم 1807ـ4 ـ 1 ـ 2014 ، قرار غير منشور.
[56] ـ أقلعي درويش عبد القادر، مسؤولية محافظ الملكية العقارية، مجلة الإشعاع، العدد 12، يونيو 1995، ص 89
[57] ـ حسناء قبلي” تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري” ، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص ، ماستر الأسرة والتوثيق ، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـفاس ـ السنة الجامعية 2014ـ2015.ص 132
[58] ـ قرار محكمة الاستئناف عدد 403 الصادر بتاريخ 12/04/2010 بالملف المدني 383/1201/10 ، منشور بمجلة الإشعاع، عدد 37ـ38، دجنبر 2010
[59] ـ سعيد أبرباش: “دعوى التعويض في نظام التحفيظ العقاري بين مسؤولية المحافظ الشخصية والمرفقية”، مقال منشور بدفاتر محكمة النقض عدد 26 ، الندوة الوطنية في موضوع الأمن العقاري ، 2015 . ص 575
[60] ـ سعيد أبرباش ، مرجع سابق ص 577
[61] ـ كمال عونة: “تنفيذ المحافظ على الأملاك العقارية للمقررات القضائية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـوجدةـ السنة الجامعية 2012ـ2013 .ص 328
[62] ، ـ عبد الحفيظ أبو الصبر الخطأ الشخصي للمحافظ بين الخصوصية والخضوع للمبادئ العامة، مجلة التحفيظ العقاري، العدد 5، أكتوبر 1995، ص 15
[63] ـ عبد الغني مفتاح ، سلطات المحافظ العقاري في تنفيذ الأحكام العقارية ، بحث لنيل دبلوم الماستر الدراسات الميتودولوجية المطبقة على القانون المدني، جامعة سيدي محمد بن عبد الله كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس ، السنة الجامعية 2010ـ2011 ص 109
[64] ـ رشيد النخيلي ، المحافظ العقاري بين واجب المراقبة وإشكالات تقييد الأحكام القضائية، بحث لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ـ ماستر قانون الأعمال ـ جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، مراكش ، السنة الجامعية 2012ـ2013 ، ص 58
[65] ـ أنظر الفصل 18 من القرار الوزيري المؤرخ في 4 يونيو 1915 والمعدل بالقرار الوزيري المؤرخ في 4 دجنبر 1926
[66] ـ حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء رقم 428، صادر في الملف عدد 827/2004 بتاريخ 27/04/2005، غير منشور.
[67] ـ الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.25.225 الصادر بتاريخ 10 شتنبر 1910
[68] ـ قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 685 الصادر بتاريخ 07/12/2000 ملف إداري رقم 1698/1/4/2000 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 3 ص 135
[69] ـ تنص الفقرة الثالثة من الفصل 8 من القرار الوزاري على ما يلي ” يكون مقر المحافظ على الأملاك العقارية بالمبنى الذي يباشر فيه مهامه وذلك بالنسبة للدعاوى التي تترتب عن مسؤوليته، وتستمر هذه الإقامة بقوة القانون مادام يمارس مسؤوليته، ويجوز في هذا الصدد مقاضاة المحافظ على الأملاك العقارية أو خلفه بنفس المقر حتى ولو غادره ”
[70] ـ ينص الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على ما يلي ” إن دعوى التعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الفريق المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر”
[71] ـ جاء في قرار محكمة النقض رقم 1026 بتاريخ 24/12/1980 ملف رقم 82554 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى أشار إليه سعيد أبرباش مرجع سابق ص 588 على أنه ” حيث يعيب الطاعن القرار المطعون فيه بخرق الفصل 106 من ق ل ع ذلك أنه تمسك بتقادم حق خصميه في طلب التعويض بمضي المدة المسقطة وهي خمس سنوات وأن الحكم المطعون فيه اعتمد تاريخ تنفيذ الحكم 14/12/1973 لكن حيث أن التقادم ينقطع بكل إجراء تنفيذي ولا يحسب في مدة التقادم الزمن السابق بحصول ما أدى إلى انقطاعه عملا بمقتضيات الفصلين 381 و 383 من ق ل ع لذلك فإن المحكمة كانت على صواب عندما اعتبرت مدة التقادم المسقط لا تبتدئ إلا من آخر يوم وقع فيه تنفيذ الحكم …”
[72] ـ الخطأ هو كل سلوك يعتبر انحرافا عن سلوك الشخص المعتاد، وهذا الانحراف يكون واضحا لا لبس فيه إذا كان ينطوي على قصد إحداث الضرر بالغير، أي إذا كان الخطأ عمدا، وهو يكون في مثل هذا الوضوح في بعض صور الخطأ غير العمدي إذا كان الخطأ جسيما، وعلى العكس من ذلك يدق الحكم على السلوك بأنه خطأ أو صواب إذا كان الانحراف يسيرا، أي في حالات الخطأ اليسير، وكل أنواع الخطأ العمدي واليسير والجسيم، كلها سواء في ترتيب الالتزام بتعويض الضرر الحادث عن أي منهما.
[73] الضرر حسب المادة 98 من قانون الالتزامات والعقود هو ” الخسارة التي لحقت المدعي فعلا والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرارا به وكذلك ما حرم منه من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل”
[74] ـ والعلاقة السببية شرط أساسي لقيام المسؤولية أي أن يكون الخطأ هو السبب المباشر لوقوع الضرر،
[75] ـ كمال عونة ، مرجع سابق ص 342
[76] ـ الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية ينص على أنه ” يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة. ”
[77] ـ قرار الغرفة الإدارية عدد 14 الصادر بتاريخ 18/2/1983، أورده عبد الحفيظ أبو الصبر، مسؤولية المحافظ على الأملاك العقارية والرهون ص 151.
[78] ـ رشيد النخيلي ، مرجع سابق ص 61
[79] ـ ينص الفصل 100 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه ” يؤسس صندوق للتأمين الغاية منه أن يضمن، في حالة عسر المحافظ العام أو المحافظين على الأملاك العقارية، أداء المبالغ المالية التي قد يحكم بها عليهم لصالح الطرف المتضرر من جراء خطأ في التحفيظ أو في تقييد لاحق.
يحدد السقف الأقصى للصندوق المذكور في مبلغ مائة مليون درهم.
يعوض كل نقص نتيجة تنفيذ حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به من ميزانية الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية للسنة الموالية لتلك التي وقع فيها هذا النقص”
[80] ـ قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 299 الصادر بتاريخ 17/02/2000، دون ذكر الملف، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 3 سنة 2009 ص 135.
[81] ـمحمد خيري، العقار وقضايا التحفيظ العقاري، مرجع سابق ص 684