في الواجهةمقالات قانونية

التكييف القانوني لتماطل مكتري المحل السكني أو المهني في أداء الوجيبة الكرائية في زمن كورونا

 

 

التكييف القانوني لتماطل مكتري المحل السكني أو المهني في أداء الوجيبة الكرائية في زمن كورونا

 

الخليل المزدوغي

دكتور في القانون الخاص

البريد الالكتروني

 

مقدمــــة :

يعد عقد الكراء  من أكثر العقود شيوعا في جل المجتمعات،ذلك أن أغلب السكان لا يملكون مساكنهم وأغلب التجار لا يملكون متاجرهم وأغلب الصناع والحرفيين لا يملكون محلات حرفهم.وهكذا أصبحت الأغلبية الساحقة من الأفراد داخل المجتمع إما تحمل صفة مكري أو تحمل صفة مكتري( (1؛ مما يعني بأن الهيكل الاجتماعي لأي مجتمع يشتمل على طائفتين، المؤجرين والمستأجرين، تربط بينهما علاقة صراع نشأت منذ زمن لا يعرف بالضبط متى بدأ ولا متى سينتهي( .(2

إلا أنه و تحقيقا لمبدأ التوازن بين طرفي العلاقة الكرائية، عمل المشرع على تجاوز الخلل الذي ميز القواعد العامة و الخاصةالمنظمة لعقد الكراء، من خلال إصدار مدونة شاملة( (3متمثلة في قانون 67.12 ، و الذي حاول إرساء إطار قانوني شامل محيط بمختلف جوانب عقد الكراء السكني و المهني يجمع شتات التشريعات الفرعية محاولا تحقيق التوازن المنشود بين المكتري و المكري.

ومقابل التزامات المكري،التي يتحمل بها، اتجاه المكتري، فإن هذا الأخير يتحمل بدوره جملة من الالتزامات التي نص عليها  المشرع المغرب يفي الفصل 663 من ق.ل.ع و ما بعده، و المتمثلة أساسا في التزامه بأداء الوجيبة الكرائية بالقدر و في الميعاد المتفق عليه في العقد، إضافة إلى التزامه بضرورة المحافظة على المحل المكترى و استعماله وفقا للغرض المخصص له، بدون إفراط أو إساءة. كما يتعهد برد المحل المكترى إلى المكري عند انتهاء عقد الكراء أو فسخه.

و باعتبار الالتزام بأداء الوجيبة الكرائية أكثر الالتزامات إثارة للخلافات بين طرفي العلاقة الكرائية؛ فقد ارتأينا تخصيصه بالدراسة و البحث، خصوصا في هذه المرحلة الحرجة التي يمر منها العالم  بسبب تداعيات جائحة كورونا، والتي دفعت المغرب إلى إعلان حالة الطوارئ و ما تلاها من إجراءات احترازية للحد من تفشي الوباء في صفوف المواطنات و المواطنين, من قبيل التوقيف المؤقت للعديد من الأنشطة التجارية و الصناعية وغيرها؛ وهو الأمر الذي سيحول، بلا شك، دون وفاء العديد من المكترين بالوجيبة الكرائية، مما يعرضهم للسقوط في حالة التماطل عن الأداء الموجبة للإفراغ،بعد إنذارهم من المكرين، وفق القوانين الجاري بها العمل, وبالتالي فقدانهم لمحلاتهم السكنية أو المهنية على حد سواء مما سيؤثر سلبا على الاستقرار الاجتماعي المنشود أصلا من سن أي قانون.

وسنتناول هذا الموضوع في مبحثين، نخصص الأول للتعرف  على الضمانات القانونية الممنوحة للمكري للحصول على الوجيبة الكرائية في حالة تماطل المكتري؛ و نتعرف في الثاني على التكييف القانوني لتماطل المكتري في زمن كورونا.

 

 المبحث الأول : حقوق المكري في الحصول على الوجيبة الكرائية في حالة تماطل المكتري

من أبرز الملاحظات المسجلة على ما يحدث في أرض الواقع، أن المكرين أصبحوا يتوجسون من نتائج العلاقات الكرائية مع المكترين( (4خاصة الأضرار التي تلحق بهم بسبب امتناع بعض المكترين عن أداء الوجيبة الكرائية، أو التأخر في دفعها أو التماطل في أدائها أو التملص من أداء وجيبة الشهر أو الأشهر الأخيرة السابقة على إنهاء العلاقة الكرائية. كل هذه الأسباب وغيرها دفعت بالعديد من المكرين إلى التفكير في عدم ربط علاقات كرائية مستقبلية، مما سيتسبب في تأزيم وضعية الكراء في المغرب.

ووعيا منه بخطورة الموقف، مكن المشرع المغربي المكري من جملة من المؤيدات القانونية وحتى الزجرية، والتي يمكن تطبيقها في حق المكتري المتملص من التزام الوفاء بالوجيبة الكرائية. والتي تضمنت في غالبيتها قواعد قانونية آمرة ومكملة كمؤيدات شرعية لضمان الوفاء( (5. وبموازاة مع ذلك، حاول المكرين فرض ضمانات مالية لتغطية مبالغ الوجيبة الكرائية، والتي غالبا ما تكون ضخمة ومبالغ فيها وتتجاوز بكثير قدرات المكترين الشرائية( (6، مما أصبح يثقل كاهلهم وبالتالي أصبح إشكالا يزيد في أزمة السكن. وهو الأمر الذي حث المشرع على التدخل لمحاولة تجاوز هذه الإشكالات بالقانون رقم 67.12، الذي ضم مقتضيات القانون 64.99 إليه في الحالة التي تكون العلاقة الكرائية ثابتة التاريخ بين الطرفين بموجب محرر كتابي أو حكم نهائي يحدد الوجيبة الكرائية بينهما.

 وللوقوف بشكل أدق على كل هذه المؤيدات المخولة للمكري من أجل مواجهة المكتري في إلزامه بأداء الوجيبة الكرائية، سنحاول تفريع هذا المبحث  إلى مطلبين ، نتعرف في الأول على طبيعة هذه المؤيدات القانونية من خلال القواعد العامة، قبل أن نعرج على جديد المقتضيات الخاصة في هذا الموضوع في المطلب الثاني.

المطلب  الأول: المؤيدات القانونية لأداء الوجيبة الكرائية من خلال القواعد العامة

إذا لم يقم المكتري بتنفيذ التزامه بالوفاء بالأجرة في ميعادها ( (7شغلت مسؤوليته تبعا للقواعد العامة المتمثلة في قانون الالتزامات والعقود، والذي تضمن مجموعة من المؤيدات القانونية التي يمكن للمكري سلوكها من أجل إجبار المكتري على أداء السومة الكرائية المستحقة عليه، فله الحق في ممارسة الدعوى العينية في مواجهة المكتري لإجباره على أداء الأجرة، وله حق طلب فسخ الكراء بسبب مطل المكتري في الوفاء بالأجرة. كما له الحق في طلب التعويض عند الاقتضاء.

ونتناول بالترتيب هذه المؤيدات الضامنة لحق المكري بالأجرة في ثلاث فقرات.

 

 

الفقرة الأولى :حق المكري في المطالبة بالتنفيذ العيني

خول المشرع المغربي للمكري حق مطالبة المكتري المتلكئ بالتنفيذ العيني وفق القواعد العامة. ويقصد بالتنفيذ العيني طلب المكري الحكم على المكتري بالأجرة المستحقة، والتنفيذ عليه بالحجز على أمواله وبيعها وتقاضي الأجرة المستحقة من ثمنها      ( (8. وحتى يتأتى له ذلك يتوجب عليه الحصول على حكم قضائي بإلزام المكتري بأداء الوجيبة الكرائية، ما لم يكن لدى المكتري سند رسمي أو بعد أن يحصل على حكم قابل للتنفيذ. ولتقوية حقه في التنفيذ العيني، يتعين على المكتري أن يلجأ إلى توقيع الحجز التحفظي( (9على منقولات المستأجر قبل الحصول على السند التنفيذي. وبهذا الحجز – وما يستتبعه من حبس للمنقولات، وما لمؤجر من حق امتياز – يأمن المكري من مزاحمة  دائني المكتري الآخرين.

الفقرة الثانية :حق المكري في المطالبة بفسخ الكراء

ينص الفصل 692 من ق.ل.ع على أنه يجوز للمكري اقتضاء فسخ عقد الكراء مع التعويض إذا “…..لم يؤد المكتري الكراء الذي حل أجله” والملاحظ هنا أن فسخ الكراء يؤسس هنا على تقصير المكتري في الوفاء بالوجيبة الكرائية. ولذلك إذا طلب المكري الفسخ وجب عليه أن يثبت أن المكتري لم يوف بالتزاماته قبل رفع دعوى الفسخ برغم أن الوجيبة الكرائية كلها أو بعضها أصبحت مستحقة الأداء، وأن المكتري لم يقم بدفعها دون مسوغ قانوني.

ويعتبر هذا الشرط من الشروط الفاسخة ( (10المستمدة أساسا من مقتضيات الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود الموافق للمادة 1134 من القانون المدني الفرنسي التي تعتبر الالتزامات الاتفاقية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها. وبالتالي فإن عدم وفاء المكتري بأداء الوجيبة الكرائية في الأجل المتفق عليه كاف لانفساخ العقد بقوة القانون دون حاجة إلى تنبيهه.

ويجب على المكري، إذا ما طالب بالفسخ، أن يبرهن أنه قام بتنفيذ التزاماته على أكمل وجه، آو على الأقل مستعد لتنفيذها، بحيث يجب ألا يكون هناك تقصير من جانبه( (11،وإلا لم يجز له طلب الفسخ. حيث يكون المكتري محقا في امتناعه عن الوفاء بالوجيبة الكرائية.وبالتالي فإنه من حق المكري -إذا ما توافرت الشروط المتقدمة- أن يطلب فسخ الكراء، كما له أن يطلب مع الفسخ الوفاء بالوجيبة المتأخرة أيضا ،ولا يعد طلبه لهذه الوجيبة بمثابة تنازل عن الفسخ.

الفقرة الثالثة :حق المكري في المطالبة بالتعويض عن التماطل عن الأداء

حسب الفصول 259، 263 و264 من قانون الالتزامات والعقود المغربي يحق للمكري المطالبة بالتنفيذ العيني أو المطالبة بفسخ العقد مع الإفراغ، كما يحق له اللجوء إلى القضاء للحصول على التعويض في الحالتين باعتبار أن مماطلة المكتري في أداء الوجيبة الكرائية أو الامتناع عن أدائها دون موجب شرعي يستوجب المسائلة والضمانة.وحتى يتمكن من الحصول على التعويض يتوجب على المكري أن ينذر المكتري بأداء الكراء وفق الفصل 255 من ق.ل.ع، وأن يمنحه أجلا معقولا للأداء.أي أن المكري لا يستحق التعويض إلا إذا أنذر المكتري بوجوب أداء الوجيبة الكرائية، وبقي هذا الإنذار بدون أثر. ولا يلتزم المكتري تجاه المكري بتعويضه عن تأخير الوفاء بالأجرة فحسب، بل يلتزم بأداء مصروفات الإنذار بالأداء والرسوم القضائية بدعوى الوفاة بالأجرة.

ويتحتم على المحكمة عندما تستجيب لطلب الحصول على التعويض، أن تستأنس بالقواعد التالية:

– أن تدخل في الاعتبار الظروف النازلة ودرجة تعنت المكتري أو عسفه في الإمساك عن دفع الوجيبة الكرائية للمكري.

– يجب أن يشمل التعويض الخسارة التي لحقت بالمكري وما فاته من كسب.

هذه باختصار بعض المؤيدات القانونية لأداء الوجيبة الكرائية، هي جد متنوعة ومتدرجة في الخطورة والشدة، والمنصوص عليها في القواعد العامة المغربية، فما هي يا ترى أبرز هذه المؤيدات في القوانين الخاصة؟

المطلب الثاني:  المؤيدات القانونية لأداء الوجيبة الكرائية في القانون رقم 67 .12

تطرقنا فيما سلف إلى مجمل المؤيدات الشرعية لأداء الوجيبة الكرائية التي أتت بها القواعد العامة، وتعرفنا على أنها متدرجة من مجرد توجيه إنذار بالمطل إلى إفراغ المحل المكترى. وقد عمل المشرع على تكريس هذه الضمانات الحمائية لفائدة المكري في القانون رقم 67 . 12، مع إدخال تعديلات مهمة على هذه المؤيدات،و سن أخرى جديدة من قبيل إقرار ضمانة يقدمها المكتري للمكري والمخصصة لتغطية مبالغ الكراء والتكاليف الكرائية غير المؤذاة، أو التي تغطي التعويض عن الأضرار التي قد تلحق لمحل الكراء والتي يكون المكتري قد تسبب فيها( الفقرة الأولى)، إضافة إلى تخويله إمكانية سلوك المسطرة الاستعجالية من أجل في ضمان استيفاء الوجيبة الكرائية للمحلات السكنية والمهنية( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى :تقديم ضمانة لتغطية الوجيبة الكرائية والتكاليف غير المؤداة

جرت العادة أن يطلب المكري من المكتري الجديد دفع ضمانة( (12 أو تأمين كي يضمن بها استيفاء الوجيبة الكرائية في حالة إفراغ العين المكراة، ويكون مدينا بوجيبات كرائية مستحقة الدفع. أو يضمن بها التعويض عن ما يلحق هذه العين من ضرر بسوء الاستعمال ككسر الزجاج أو غيرها.

وقد نص المشرع المغربي على هذه الضمانة في القانون 67.12( (13، حيث نصت المادة 20 منه على ما يلي: ” يمكن للمكري أن يلزم المكتري بتقديم ضمانة لتغطية مبالغ الكراء والتكاليف الكرائية غير المؤداة وكذا الأضرار التي قد تلحق بمحل الكراء والتي يمكن أن يتسبب فيها المكتري لا يمكن أن يزيد مبلغ هذه الضمانة على واجب شهرين من وجيبة الكراء.

ترد الضمانة في أجل أقصاه شهر ابتداء من تاريخ إرجاع المحل المكترى من طرف المكتري، مع خصم عند الاقتضاء، المبالغ الواجب دفعها للمكري وكدا المبالغ التي يكون قد تحملها هذا الأخير مكان المكتري، شريطة إثباتها بصفة قانونية. يمكن أن يتفق الأطراف على تخصيص مبلغ هذه الضمانة لتغطية الوجيبة الكرائية للأشهر الأخيرة من مدة الكراء”.

    ويستشف من المادة 20 أعلاه بأن المشرع وضع جملة من الشروط المرتبطة بهذه الضمانة، والتي يمكن تلخيصها فيما يلي( (14:

  • عدم إمكانية أن تزيد الضمانة عن واجب شهرين من الوجيبة الكرائية، بعد ما كانت في ظل القانون 6.79 شهر واحد فقط ( (15؛
  • ترد هذه الضمانة في أجل أقصاه شهر واحد ابتداء من تاريخ إرجاع العين المكتراة من طرف المكتري؛
  • يمكن خصم المبالغ الواجب دفعها للمكري وكذلك باقي المصاريف التي قد تحملها المكتري من هذه الضمانة؛
  • المكتري ملزم بإثبات ما دفعه للمكري بالطرق القانونية، قصد تقديمه كحجة في حالة اعتماد الخصم.

كما نلاحظ بأن هدا القانون منح للطرفين حرية الاتفاق على تخصيص الضمانة المالية المدفوعة لتغطية الوجيبة الكرائية للأشهر الأخيرة من مدة الكراء، مما يعني بأن المشرع المغربي قد أخد، في هذه النقطة، بالاجتهاد القضائي المشار إليه أعلاه.

الفقرة الثانية : دور المسطرة الاستعجالية في ضمان استيفاء الوجيبة الكرائية للمحلات السكنية والمهنية

حاول المشرع المغربي في قانون 67.12 إقرار مسطرة سريعة وفعالة تمكن المكرين من التوصل بمستحقاتهم وواجباتهم الكرائية في أقرب الآجال.وتبتدئ هذه المسطرة القضائية بتوجيه إنذار بالأداء إلى المكتري يشعره فيه المكري بحلول أجل الأداء وبضرورة الوفاء بما بذمته من المبالغ المالية( (16.

والطلب المتعلق بتوجيه إنذار للمكتري المتقاعس عن أداء الكراء، يقدم لرئيس المحكمة الابتدائية،مع ضرورة إرفاقه بنسخة من عقد الكراء الكتابي الثابت التاريخ، أو بنسخة من الحكم النهائي، الذي ورد فيه تحديد الوجيبة الكرائية. فإذا لم يكن المكتري يتوفر على حجة من تلك الحجتين المذكورتين( (17،  وجب عليه أن يقدم طلبه في إطار القواعد العامة المنظمة لعقد الكراء وأن يقدم الطلب لمحكمة الموضوع وليس لرئيس المحكمة.

يقوم المكري بتحديد أجل في الإنذار لا يقل عن خمسة عشر يوما، يبتدئ من تاريخ تبليغ الإنذار لتسديد المكتري ما عليه من المبالغ غير المؤداة، وهو نفس الآجال المنصوص عليه في المادة 4 من القانون القديم رقم 6.79، وأضيف إليه الجهات التي يمكن أن يسدد بها الوجيبة الكرائية وهي إما للمكري مباشرة، أو من ينوب عنه مقابل وصل بالأداء، أو وضعها بالحساب البنكي الخاص بالمكري، أو إيداعها بصندوق المحكمة أو بأي وسيلة تثبت الأداء وتاريخه كحوالة بريدية مثلا.

إذا استجاب المكتري للإنذار يكون قد نفذ التزامه بالأداء تنفيذا عينيا، وإذا لم يستجب له حق للمكري اللجوء إلى المحكمة الابتدائية التي يوجد العقار موضوع الكراء بدائرة نفوذها من أجل المصادقة على الإنذار والأمر بالأداء( (18.

وحسب المادة 27 من قانون 67.12 فإن هذا الإنذار لا يصدر به حكم مستقل، بل يضمن الأمر بالأداء بنفس الطلب أي على العريضة أو المقال وفي أجل 48 ساعة من تاريخ تسجيل الطلب والذي يجب أن يكون معززا بمحضر التبليغ ونسخة من عقد الكراء ثابت التاريخ أو نسخة حكم نهائي ورد فيه تحديد للوجيبة الكرائية، وينفذ هذا الأمر على الأصل ولا يحتاج إلى تبليغ، لأن المشرع اكتفى بتبليغ الإنذار، وحتى تكون لهذه المسطرة، السرعة المتوخاة للوصول إلى استيفاء الوجيبة الكرائية.

ويمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه رفض طلب المكري المصادقة على الإنذار والأمر بالأداء إذا لم يكن مشفوعا بالحجج التي تؤكد عدم أداء الوجيبة الكرائية. وهذا ما أكدته على التوالي المادة 7 من قانون 64.99 والمادة 28 من قانون 67.12، إضافة إلى أن هذا الرفض لا يقبل أي طعن عادي أو غير عادي ولا تكون له أية حجية.

ففي حالة الرفض، يبقى أمام المكري اللجوء إلى المسطرة العادية لاستيفاء الوجيبة الكرائية( (19.وبالمقابل وفي حالة قبول الطلب يتعين عليه رفع النزاع أمام المحكمة الابتدائية طبقا لنفس القواعد العامة( (20.كما نجد أن المشرع وبموجب الفقرة الأخيرة من المادة 29 من نفس القانون سمح للمكتري أن يطلب من المحكمة بناء على طلب مستقل،إيقاف التنفيذ مع بيان الظروف الاستثنائية المبررة للطلب ويتم تقديم هذا الطلب لمحكمة الموضوع التي تصدر حكما بإيقاف التنفيذ.أما إذا ثبت لرئيس المحكمة باعتباره قاضي الأمور المستعجلة توصل المكري بمستحقاته، ومع ذلك استمر في مواصلة مسطرة المصادقة على الإنذار،استصدر الأمر بالأداء بسوء النية.

 

المبحث الثاني : التكييف القانوني لتماطل المكتري عن أداء الوجيبة الكرائية في زمن كورونا

منذ تفشي جائحة كورونا، اتخذ المغرب مجموعة من الإجراءات الاحترازية و التدبيرية في شتى المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و غيرها؛ إلا أنه و على المستوى التشريعي ظلت أغلب القوانين  الوطنية عاجزة عن إيجاد إجابات لمجموعة من الإشكالات التي خلفتها حالة الطوارئ المعلنة منذ 20 مارس 2020 و المرتبطة أساسا بالتصرفات و الوقائع القانونية، والتي طرحت للواجهة مدى نجاعة مجموعة من النصوص في تنظيم العلاقات بين الأطراف خصوصا الاجتماعية منها.

وارتباطا بموضوعنا سنحاول في هذا المبحث مقاربة مدى أحقية المكتري في الاحتجاج بتفشي جائحة كورونا واعتبارها  قوة قاهرة ، حالت دون وفائه بأداء الوجيبة الكرائية(المطلب الأول)، قبل أن نعرج على حدود حماية المادة السادسة من مرسوم حالة الطوارئ الصحية للمكتري المتوقف عن أداء الوجيبة الكرائية( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الطبيعة القانونية لفيروس كورونا

نص المشرع  المغربي في الفصل 268من قانون الالتزامات و العقود على أنه ” لا محل لأي تعويض، إذا أثبت المدين أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخير فيه ، ناشئ عن سبب لا يمكن أن يعزى إليه، كالقوة القاهرة أو الحادث الفجائي أو مطل الدائن”.

وهكذا، يمكن لكل مكتري توقف عن أداء الوجيبة الكرائية الاحتجاج بمقتضيات الفصل 268أعلاه ؛واعتبار تفشي فيروس كورونا المستجد بمثابة قوة قاهرة أو حادث فجائي تسبب بشكل مباشر في عدم قدرته على الوفاء بالوجيبة الكرائية الملتزم بها اتجاه المكري.

وللإجابة عن هذه الإشكالية، لا بد من التطرق لمفهوم القوة القاهرة( (21، و استخلاص شروطها و التأكد من تطابقها مع حالة المكتري المتوقف عن أداء الوجيبة الكرائية.

عرف الفصل 269من قانون الالتزامات و العقود القوة القاهرة بأنها: ” كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه، كالظواهر الطبيعية (الفيضانات و الجفاف، و العواصف و الحرائق و الجراد) و غارات العدو و فعل السلطة، و يكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.

 ولا يعتبر من قبيل القوة  القاهرة الأمر الذي كان من الممكن دفعه، ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لذرئه عن نفسه.

و كذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين.”

واستنادا إلى  مقتضيات الفصل أعلاه، و بالنظر إلى ما خلفته جائحة كورونا، من هلع و فزع عالمي                          تمثل  في إغلاق الحدود البرية و تعليق الرحلات الجوية بين البلدان وإغلاق المدارس و الجامعات إضافة إلى تجميد للعديد من الأنشطة الاقتصادية ؛ فإنه يحق لنا إدراجها في خانة القوة القاهرة، خصوصا أن الفصل 269أشار إلى أمثلة للقوة القاهرة على سبيل المثال و ليس الحصر.

وعليه، يشترط في  حادث معين كي يعتبر قوة قاهرة، يمكن المدين من التمسك به و يعفيه بالتالي من المسؤولية و من الحكم عليه بالتعويض، توافر الشروط التالية: انتفاء الإسناد( الفقرة الأولى)، عدم إمكان التوقع( الفقرة الثانية) و عدم استطاعة الدفع ( الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: انتفاء الإسناد

    انطلاقا من مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 269 من قانون الالتزامات و العقود و التي تنص على :”…وكذلك لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين”نستشف بأنه يشترط في القوة القاهرة، ألا تكون منسوبة للمدين( (22.

وبما بأن تفشي فيروس كورونا،يستحيل نسبه لشخص عادي، و ما تبعها من إعلان لحالة الطوارئ والتي  شلت معظم الأنشطة التجارية والمدنية؛ مما تسبب في توقف العديد من العمال و المستخدمين عن عملهم التزاما بحالة الطوارئ المعلنة في البلاد؛وبالتالي أصبحوا عاجزين عن توفير حاجيات أسرهم الضرورية من مأكل و مشرب ،فما بالك بأداء الوجيبة الكرائية الذي أضحى  أمرا مستحيلا لفئات عديدة من المكترين( (23.

وعليه، يمكن للمكتري الاحتجاج بأن عدم التزامه بالوفاء بالوجيبة الكرائية للمكري، يعود لقوة قاهرة لم يتسبب فيها  بفعله أو بخطئه ؛ و لا مجال هنا للحديث عن المسؤولية المدنية للمكتري. وبالتالي عدم  وجود إمكانية لإفراغه من المحل المكترى .

الفقرة الثانية:  غير ممكن التوقع

ومفاد هذا الشرط أن يكون الحادث غير ممكن التوقع، فإذا أمكن توقع الحادث حتى لو استحال دفعه لم يكن قوة قاهرة. و يجب أن يكون غير مستطاع التوقع لا من جانب المدعى عليه فحسب، بل أيضا من جانب أشد الناس يقظة، فالمعيار الموضوعي لا ذاتي، بل هو معيار لا يكتفي فيه الشخص العادي، و يتطلب ذلك أن يكون عدم الإمكان مطلقا لا نسبيا( (24.

      والحادث إذا كان غير ممكن التوقع وقت إبرام العقد، يعتبر قوة قاهرة و لو أمكن توقعه بعد إبرام العقد أو تنفيذه، فإن مسؤولية المدين تنتفي في هذه الحالة؛ و كذلك لا محل لإدعاء القوة القاهرة إذا ما وقعت بعد تنفيذ الالتزام، إذ يكون المدين قد وفى بالتزامه كاملا و انتفى بهذا التنفيذ توافر الخطأ العقدي في جانبه، و ترتفع بالتالي مسؤوليته، لانتفاء خطئه فلا مجال للإدعاء عنذئذ بالقوة القاهرة.

      وفي حالة فيروس كورونا المستجد، فلا أحد توقع ، عند ظهروه لأول مرة بمدينة ووهان بالصين، بأنه سيؤثر بهذا الشكل الكبير على كل مناحي الحياة بمختلف مناطق المعمور؛ فحتى كبار العلماء المتخصصين في عالم الفيروسات والأوبئة لم يتوقعوا انتشاره بهذا الحجم المهول، وعجزوا عن إيجاد دواء للحد من انتشاره. وهو ما جعل منظمة الصحة العالمية تصنفه في خانة الجائحة. وبالتالي لا يمكن إطلاقا للمكتري ، باعتباره شخصا عاديا جدا، أن يتوقع حدوث هكذا جائحة تتسبب في عدم وفائه بالتزامه بأداء الوجيبة الكرائية بعد توقفه الاضطراري عن العمل بسبب حالة الطوارئ المعلنة في البلاد.

الفقرة الثالثة:  عدم استطاعة الدفع

  يلزم أيضا لاعتبار الحادث قوة قاهرة، أن يكون غير ممكن دفعه بحيث يجد المدين نفسه أمام استحالة في التنفيذ، و هذا الشرط يجمع عليه الفقهاء، تفاديا لأي اختلاف في الأحكام. فالمدين في المسؤولية العقدية لا يكون حرا في التزامه لمجرد أن تنفيذ الالتزام قد أصبح صعبا عن الوضع الذي كان يتوقعه، و على الخصوص أنه سيصبح أكثر تكلفة له، و إنما يلزم وجود استحالة مطلقة في التنفيذ، بحيث يكون المدين قد اصطدم بعقبة لا يمكن التغلب عنها( (25.

       وبالنسبة لحالة المكتري المتوقف عن أداء الوجيبة الكرائية، فهو ليس في حاجة إلى تبرير أنه بذل كل العناية لدرء القوة القاهرة ،جائحة كورونا، التي تسببت بشكل أو بآخر في توقيفه المؤقت عن العمل ، حيث  أصبح معها الوفاء بالتزامه اتجاه المكري مستحيلا، ليس فقط بالنسبة إليه، وإنما لجميع المكترين من فئته.  وهو ما يطلق عليه بالاستحالة المطلقة.

   وفي هذه الحالة فإن استحالة تنفيذ الالتزام التعاقدي تبقى مؤقتة لا غير، أي أن التزام المكترى بالأداء سيتم تأجيله إلى حين سماح الظروف بذلك؛ دون الحديث عن مسؤولية للمدين.

المطلب الثاني :المادة السادسة من مرسوم حالة الطوارئ الصحية و دورها في حماية  للمكتري المتوقف عن أداء الوجيبة الكرائية

تنص المادة السادسة من مرسوم قانون رقم 292.20.2، الصادر بتاريخ 23 مارس 2020، المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها على ما يلي: ” يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة “.

 وقد خلقت هذه المادة نقاشا قانونيا خاصة بعد الهفوة  القانونية التي ارتكبتها الحكومة في  تحديد تاريخ بداية حالة الطوارئ( (26؛ومن تجليات هذا الجدل الارتباك الذي ظهر في مذكرة المحافظ العام عدد06/2020 الصادرة بتاريخ 25 مارس و التي نصت على أن وقف سريان مفعول الآجال التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها يبتدئ من تاريخ 20 مارس 2020   ويتم استئناف هذه الآجال بتاريخ 20 أبريل 2020.2020.

    ورغم ذلك فلا يسعنا إلا أن ننوه بمقتضيات هذا المرسوم عامة، و بالمادة السادسة خاصة لارتباط مقتضياتها بمفهوم الزمان الذي يشكل عنصرا مهما في الميدان القانوني. فجميع التصرفات القانونية تتأثر بمرور الزمان، فالطعن يسقط بمرور الزمن، و المدين يصير في حالة مطل بمرور الأجل، و العقد يصير قابلا للفسخ بانقضاء الأجل، و الضريبة تستحق ببلوغ الأجل، وغيرها من الأمثلة كثير.

   والملاحظ أن المادة كانت واضحة في معناها، لما نصت على أن جميع الآجال تتوقف خلال فترة حالة الطوارئ الصحية     و يمكن القول بأن  كلمة ” جميع”  استعملت هنا، بدون تخصيص وبصفة عامة، للدلالة على كل الآجال المنصوص عليها في كل القوانين التجارية و المدنية والجنائية و العقارية و الإدارية و مدونة الأسرة ومدونة الشغل وغيرها من الآجال المنصوص عليها في أي نص تشريعي أو تنظيمي , مادام أن القاعدة المنصوص عليها في الفقرة الأولى جاءت عامة و بدون أي استثناء ( (27.

 وباعتبار عقد الكراء من العقود الزمنية، لارتباطه الوثيق بآجال محددة سواء تلك المرتبطة بالأداء أو تلك المرتبطة بالفسخ أو الإنهاء؛ نجد أن المشرع استعمل مصطلح الأجل في القوانين العامة ( (28 وكذا الخاصة المنظمة لعقد الكراء.وهكذا نصت المادة12من القانون رقم 67.12 على  أن:”المكتري يلتزم  بأداء الوجيبة الكرائية في الأجل الذي يحدده العقد، وعند الاقتضاء جميع التكاليف الكرائية التي يتحملها بمقتضى العقد بموجب القوانين الجاري بها العمل. تدخل في حساب التكاليف الكرائية، المبالغ التابعة للوجيبة الكرائية مقابل الخدمات اللازمة لاستعمال مختلف أجزاء محل الكراء”.

وهذا ما يعني أن المكتري ملزم باحترام أجل أداء الوجيبة الكرائية الملتزم بها في عقد الكراء،وفي حالة عدم الوفاء بها في الأجل المتفق عليه مع المكري، بإمكان هذا الأخير اعتبار ذلك تماطلا يمكنه من إتباع المسطرة المخولة له  قانونا، المشار إليها في المبحث الأول أعلاه، لإفراغ المكتري.

وفي هذا الصدد، نرى بأن المادة السادسة أعلاه قد وفرت حماية قانونية للمكتري المتوقف عن الدفع، و التي نصت على أن الآجال التي توقفت بموجبها ،ستستمر في السريان ابتداء من اليوم الموالي لرفع حالة الطوارئ، أي أن احتساب المدة المتبقية من الأجل (بعد رفع حالة الطوارئ الصحية) يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المدة المنصرمة من تاريخ انطلاقه إلى غاية تاريخ توقفـــه، بحيث يتعين خصم هذه المدة من مدة الأجل قصد تحديد التاريخ الجديد الذي سينقضي فيه. أي أن المكتري لا يعتبر في حالة تماطل موجبة  للإفراغ في حالة إنذار المكري له بأداء واجبات الكراء العالقة في ذمته.

       ولابد من الإشارة إلى أن ذلك لا يؤدي إلى انقضاء التزام المكتري تجاه المكري، و تبقى السلطة التقديرية للقاضي( (29قائمة في تقييم هذه الحالة و اتخاذ أحكام تقضي بتعليق الوجيبة الكرائية خلال هذه الفترة أو بتأجيلها.

وصفوة القول فإن الوجيبة الكرائية إشكالية معقدة لارتباطها المباشر بمجموعة من الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية والقانونية. وقد حاول المشرع إيجاد حلول عملية لمختلف المشاكل المتعلقة بها من خلال سن مجموعة من القوانين، كان آخرها القانون رقم 67.12 ، غير أن هذا الأخير أثبت قصوره بسبب حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد و هو ما يستلزم تعديله مستقبلا لتفادي الفراغ التشريعي في هكذا فترات.

الهوامش :

[1] – رمضان أبو السعود، العقود المسماة، عقد الإيجار، الأحكام العامة في الإيجار،طبعة1996  صفحة13 .

2– وفي هذا الصدد يقول عبد الرزاق أحمد السنهوري :”في كل بلد متحضر توجد طبقة من المؤجرين وطبقة من المستأجرين،ولابد من التضامن لاجتماع بين هاتين الطبقتين وإلا كان كل منهما حربا على الأخر ،يبتهل الفرص لأكل حقه بالباطل.ومما يساعد على هذا التضامن التشريع المناسب مع حالة البلد الاجتماعية والاقتصادية،فيعمل المشرع على جعل مصالح الطبقتين مشتركة لا متنافرة حتى يسود السلم الاجتماعي بين طبقة الأمة الواحدة.” الوسيط في شرح القانون الجديد، الإيجار والعارية،المجلد 6 ص25

3حيث يعتبر إصدار مدونة شاملة جامعة مطلبا فقهيا, أنظر بهذا الخصوص ذ. عبد القادر العرعاري الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة: عقد الكراء المدني مطبعة الكرامة طبعة 2002 ص 234.

4– فيصل بجي، إشكالية التوازن العقدي في قانون الكراء الجديد رقم 67.12، مجلة القانون المدني، العدد الأول 2014، صفحة 126.

5– يتعلق الأمر بالفصول 210، 255، 259، 260، 263، 284 و685 من قانون الالتزامات والعقود المغربي.

6– العربي محمد مياد، الوجيبة الكرائية للمحلات السكنية والمهنية على ضوء القانون رقم 67.12 والقانون المقارن، مرجع سابق، طبعة 2014، صفحة 65.

7– ويعد المستأجر مخلا بالتزامه بدفع الأجرة بمجرد انقضاء اليوم المعين لدفع الأجرة دون أن يدفعها ولو كانت الأجرة مستحقة الدفع مقدما، أي قبل استيفاء المنفعة المقابلة لها. عبد الرزاق السنهوري – مرجع سابق فقرة 343 صفحة 623.

8 – رمضان أبو السعود، العقود المسماة، عقد الإيجار مرجع سابق، صفحة 549.

9– عالج المشرع المغربي الحجز التحفظي في المواد 498.497 و500 من قانون المسطرة المدنية. وهو يشكل الجانب المسطري بحق الحبس الذي يتم توقيعه في نطاق المواد أعلاه على وجه الاستعجال تفاديا لتهريب الأموال الضامنة للديون المستحقة في ذمة المحجوز عليه، وهو نوعان:

الحجز ألارتهاني: ويسري على المنقولات المملوكة إما للمكتري الأصلي أو المكتري الفرعي إذا وجدت في العين وذلك بإذن المحكمة وفق القواعد المنصوص عليها في الفصلين 497 و498 من قانون المسطرة المدنية.

الحجز ألاستردادي أو ألاستحقاقي: ويقع اللجوء إلى هذا الأجزاء لوضع الأشياء المملوكة للمدين والموجودة لدى الغير تحت سلطة القضاء بحسب ما تقضي به المادة 500 من قانون المسطرة المدنية.

10العربي محمد مياد ” الوجيبة الكرائية للمحلات السكنية والمهنية ” مرجع سابق، طبعة 2014 صفحة 71.

11– كأن يسلم المكري العين المكتراة بحالة لا تصلح معها للانتفاع المقصود منها، او كان مقصرا في صيانتها أو في دفع تعرض حاصر للمكتري أو امتنع عن إزالة ما بالعين من عين خفي.

– 12كان  المشرع المغربي قد استعمل مصطلح الكفالة  في القانون رقم 6.79 بموجب المادة 4 والتي جاء فيها: “لا يمكن للمكري تحت طائلة بطلان الشرط أن يلزم المكتري حين تسلمه للمحل بأداء كفالة تفوق مبلغ وجيبة شهر كضمان لتأدية الكراء، أو للتعويض عن الأضرار التعسفية التي قد يحدثها المكتري في الأماكن المكتراة. ترد هذه الكفالة إلى المكتري عند مغادرته المحل بعد تنفيذ جميع التزاماته”.

-13 نفس المقتضى أخد به المشرع المصري في المادة 25 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المتعلق بقانون إيجار الأماكن على أنه <<لا يجوز أن يزيد مقدار التأمين الذي يدفعه المستأجر على ما يعادل أجرة شهرين ويسري هذا الحكم على عقود الإيجار القائمة وقت العمل بهذا القانون، وللمستأجر الحق في استرداد الزيادة في قيمة التأمين بخصمها مباشرة من الأجرة مقسطة على سنة أو حتى نهاية العقد أو عند إخلاء العين المؤجرة أيهما أقرب، وذلك بغير حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء>>.

14-العربي محمد مياد، الوجيبة الكرائية للمحلات السكنية والمهنية – مرجع سابق صفحة 87، 88.

15– وفي هذا الإطار يرى الأستاذ عبد الواحد بن مسعود بأن <<تقديم كفالة تعادل وجيبة كراء شهرين فيه إرهاق للمكتري، لأن المكتري سيسدد للمكري مقابل كراء شهر، وكفالة تعادل وجيبة كراء شهرين وأتعاب السمسار تعادل هي الأخرى وجيبة كراء شهر، ومصاريف إبرام عقد تزويد المحل بالماء والكهرباء، ومصاريف الانتقال. الأمر الذي يحدث شرخا في موضوع التوازن المادي بين الطرفين>>عبد الواحد بن مسعود – قراءة للقانون 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكن والاستعمال المهني – طبعة 2014 مرجع سابق، صفحة 25، 26.

16– تنص المادة 23 من قانون 67.12 على ما يلي: ” يمكن للمكري في حالة عدم أداء وجيبة الكراء والتكاليف التابعة لها المستحقة، أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية الإذن بتوجيه إنذار بالأداء إلى المكتري.

لا يقبل الطلب إلا إذا كان مشفوعا بإحدى الحجج المشار إليها في المادة 22 أعلاه”.

17– عبد الواحد بنمسعود، قراءة للقانون 67.12 المتعلق بتنظيم العلاقات التعاقدية بين المكري والمكتري للمحلات المعدة للسكن أو الاستعمال المهني طبعة 2014 صفحة 28.

18– تنص المادة 26 من قانون 67.12 على ما يلي: ” يمكن للمكري أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية المصادقة على الإنذار والأمر بالأداء في حالة عدم الأداء الكلي أو الجزئي للمبالغ المستحقة والمحددة في الإنذار”.

19– نصت الفقرة الأولى من المادة 29 من قانون 67.12 على ما يلي:

“يحق للمكري في حالة رفض الطلب، المطالبة باستيفاء وجيبة الكراء والتكاليف التابعة لها طبقا القواعد العامة…”

20– وفي هذا الإطار يرى بعض الشراح بأن “الفقرة الثانية من المادة 29 أعلاه، تشير بعض الإشكالات منه: أجل رفع دعوى النزاع للمحكمة الابتدائية، هل يبتدأ من تاريخ صدور الأمر بالأداء؟ أو من تاريخ تبليغه يطلب تنفيذ الأمر بعد المصادقة عليه، وما هو الأجل الذي يرفع النزاع خلاله للمحكمة وكلمة نزاع جاءت عامة بحيث يبقى للمحكمة السلطة التقديرية في الوقوف على جدية ذلك النزاع، وفي نظرنا أن من أمثلة النزاع، كون ذمة المكتري فارغة من الوجيبة الكرائية ، أو كون عقد الكراء سبق فسخه مع المكري ، أو كون المكري لم يشعر بانتقال ملكيته للعقار”.عبد الواحد بن مسعود، مرجع سابق، ص29 ،30.

21– وفي هذا الصدد ،يدعو  الفقه المعاصر إلى “عدم التمييز بين القوة القاهرة و الحادث الفجائي, والاقتصار على استعمال عبارة القوة القاهرة على أن يكون مفهوم الحادث الفجائي داخل مضمونها”  عبد الله عيد ، نظرية القوة القاهرة بين الفقه و القانون، صفحة  97طبعة .1975

22– نفس المقتضى نص عليه المشرع الفرنسي في المادة 165  بقولة:” إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه، كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من المضرور أو خطأ من الغير كان غير ملزم بتعويض هذا الضرر ، ما لم يوجد نص أو اتفاق على غي ذلك”.

23– ونخص هنا بالذكر العديد من الحرفيين، الباعة المتجولين، سائقي سيارات الأجرة  وعمال البناء،….الذي لا يتوفرون على تغطية صحية إجبارية وعلى راتب شهري قار.

24– مرزوق أيت الحاج، المسؤولية المدنية، دراسة تحليلية على ضوء الفقه و القضاء ، الطبعة الثالثة 2007صفحة 186 

25– مرزوق أيت الحاج، المسؤولية المدنية، دراسة تحليلية على ضوء الفقه و القضاء ،  مرجع سابق الطبعة الثالثة 2007صفحة184

26– لأن  المرسوم الصادر عن رئيس الحكومة (و المقصود النص التنظيمي الصادر يوم 24 مارس 2020 الذي أعلن حالة الطوارئ الصحية)، اكتفى بتحديد نقطة نهاية هذه الحالة وهي يوم 20 أبريل 2020 على الساعة السادسة مساء،

27– أنواع الآجال متنوعة ومتعددة منها:آجال الطعون في الأحكام، آجال السقوط، آجال التقادم، آجال حلول ديون، ،آجال إعداد الدفاع وتقديم المتهم أمام النيابة العامة،آجال مباشرة بعض الحقوق، وآجال انتهاء مدة بعض العقود، كعقد التأمين مثلا .

28-ينص الفصل 664 من ق ل ع على ما يلي : ” يلتزم المكتري بدفع الكراء في الأجل الذي يحدده العقد، فإن لم يحدد العقد لدفعه أجلا، التزم المكتري بدفعه في الأجل الذي يحدده العرف المحلي فإن لم يحدد العرف المحلي بدوره أجلا، التزم المكتري بدفعه في نهاية الانتفاع”.

29– كما كان عليه الأمر في قرار للسيد رئيس المحكمة الابتدائية بطانطان بصفته قاضيا للمستعجلات، الصادر بتاريخ 8أبريل 2020 والقاضي برفض طلب إفراغ لسكن مهني نظرا لحالة الطوارئ الصحية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى