في الواجهةمقالات قانونية

رؤية لمشروع الانتقال التنموي بالمغرب بعد جائحة كورونا

 

رؤية لمشروع الانتقال التنموي بالمغرب بعد جائحة كورونا

د.محسن الندوي

رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية

 

يعتبر الخطاب السامي للملك محمد السادس أمام البرلمان في 13 أكتوبر 2017 و 12 أكتوبر 2018 لحظة َفارقة ستطبع تاريخ المغرب، على غرار كل المبادرات الأخرى التي أحدثت منعطفا حاسما في مسارنا الوطني. ذلك أن دعوة الملك إلى إعادة النظر في نموذجنا التنموي “لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد” خلقت دينامية جديدة انخرطت فيها جميع القوى الحية ببلادنا، وهي دينامية إيجابية في حد ذاتها. كما أنها أظهرت أن المغاربة مقتنعون بأن بمقدور بلدهم الانتقال تنمويا إذا توفرت الظروف لذلك.

ولذلك نحاول المساهمة برؤيتنا لمشروع للانتقال التنموي بالمغرب كما نراه في إطار دعم اللجنة الملكية للنموذج التنموي الجديد التي أرسلنا لها هذا المشروع لاستثماره وإغناء المبادرات من أجل مغرب قوي ومتقدم واللحاق بالدول الصاعدة.

أولا -مفهوم الانتقال التنموي : في نظرنا ان مفهوم الانتقال التنموي  بإيجاز هو الانتقال من منظور حكومي وقطاعي للتنمية الذي يتغير بتغيير الحكومات المتعاقبة الى إطار منظور استراتيجي شامل ومندمج  للتنمية ثابت ومستقر محدد بالأهداف الاستراتيجية واضحة وقابلة للتحقق .

ثانيا –المشروع التنموي الجديد المقترح للدولة :

ينبغي  الإجابة عن التساؤل التالي: ما هي الدولة التي نريد بالمغرب؟

نقترح في إطار المشروع التنموي الجديد ان يصبح المغرب دولة صناعية فلاحية سياحية خدماتية أي يعتمد على استراتيجية وفلسفة للسياسة العامة على هذا الأساس ومنها تنبثق السياسات العمومية وتواكبها المقررات الدراسية التعليمية والتخصصات الجامعية تسير في هذا الاتجاه وينبغي وضع استراتيجيات جديدة صناعية فلاحية سياحية خدماتية ينبغي التوافق الوطني بشأنها وألا تتغير بتغيير الحكومات المتعاقبة.

 

 

ثالثا –التنمية الحكومية

أ- العمل على تنفيذ الحكومات المتعاقبة للنموذج التنموي الجديد:

ينبغي في إطار اختيار مشروعنا التنموي الجديد الذي نقترحه وهو ان يصبح المغرب دولة صناعية فلاحية سياحية خدماتية .

بداية ينبغي على الحكومات المغربية المتعاقبة ان تعمل على تنفيذ السياسة العامة المتفق بشأنها في إطار مشروعنا التنموي الجديد وفق الاستراتيجيات الأربع بعيدة المدى :

 -استراتيجية المغرب الصناعية

-استراتيجية المغرب الفلاحية (التركيز على الاكتفاء الذاتي من القمح )

-استراتيجية المغرب السياحية

– استراتيجية المغرب الخدماتية والتكنولوجية

هذه الاستراتيجيات الأربع ينبغي ان يتم التوافق بشأنها على المستوى الوطني لا أن تكون استراتيجيات حكومية –سياسية فقد أثبتت التجارب ان العديد من الاستراتيجيات الحكومية يتم البدء فيها وسرعان ما يتم اقبارها من الحكومة التي تليها وهكذا فيهدر الزمن الحكومي والسياسي .. مثال : (الاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015-2030 )

فعند التوافق على هذه الاستراتيجيات وطنيا تقوم كل حكومة بالبدء بتنفيذ اهداف هذه الاستراتيجيات الأربع مع مواكبة من المؤسسات الدستورية كل في اختصاصه مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي … وأيضا مؤسسات المجتمع المدني المختص في طار المواكبة والتقييم في إطار الديموقراطية التشاركية.

واينما وصلت الحكومة في تنفيذ أهداف الاستراتيجيات تأتي الحكومة الموالية لمتابعة نفس المسار أي تحقيق الأهداف المتبقية في نفس الاستراتيجيات .. ولها الحرية أي الحكومات في وضع البرامج والسياسات العمومية التي تراها مناسبة مع الاخذ بعين الاعتبار الشعار الأساسي وهو : “الطريق مختلف والهدف واحد” لكي لا تحيد عن اهداف الاستراتيجيات المتفق بشأنها.

  وبذلك ،نضع قطيعة مع منطق ان كل حكومة تأتي باستراتيجيات ومخططات قطاعية تستنزف وقتا لوضعها ويتوقف العمل بها بمجرد مغادرتها للحكومة وتأتي حكومة أخرى باستراتيجية اخرى وهكذا ، وهذا ما نسميه ” العبث الحكومي”  .

ب- إلغاء معاشات الوزراء

نقترح انه ينبغي إلغاء معاشات جميع الوزراء من لحظة بداية تنفيذ النموذج التنموي الجديد لأنه يعتبر ريع حكومي وليس امتياز او حق فمدة الانتداب الحكومي يتقاضى عنها الوزراء راتبهم كاملا بالإضافة الى تعويضات نهاية الولاية وكفى. لان النموذج التنموي الجديد ينبغي ان يقطع مع كل اشكال الريع بدءا بالريع الحكومي من اجل ضمان نجاحه .

ج- تقليص عدد الوزراء

ان العبرة ليست بالكثرة وانما بالكيف، فعدد الوزراء الكبير وكثرة مناصب كتابات الدولة ووزير الدولة لن تخدم النموذج التنموي الجديد في شيء بل يخدم المصالح الضيقة السياسية /السياسوية فقط.

لذا ، ينبغي تقليص عدد الوزارات ما أمكن واقترح ألا يتجاوز عدد الوزارات ما بين 8-14 وزارة مع إعادة اختصاصات لبعض الوزارات وتسميتها وفقا للنموذج التنموي الجديد الذي اخترناه وهو المغرب دولة صناعية فلاحية سياحية خدماتية مثل وزارة الصناعة، وزارة الفلاحة، وزارة الخدمات والتكنولوجيا ،وزارة السياحة .. بالإضافة للوزارات الأساسية الداخلية والخارجية والعدل والتعليم والصحة..

ثالثا -التنمية السياسية

أ- مشاركة الأحزاب السياسية في تفعيل وتنزيل النموذج التنموي الجديد

على مستوى الأحزاب السياسية – ينبغي على الأحزاب السياسية تعبئة قواعدها الحزبية انطلاقا من اختيار مشروعنا الاستراتيجي وهو المغرب دولة صناعية فلاحية سياحية خدماتية

 وعلى أساس العمل على تفعيله ، وينبغي ان تستقي برامجها السياسية في الحملات الانتخابية على أساس النموذج التنموي الجديد مع الابداع السياسي في كيفية تفعيله وتنزيله ، كل حزب واجتهاده في عملية إنجاح النموذج التنموي الجديد .

ب- شرط التحصيل العلمي الجامعي لعضوية البرلمان

جاء في الفصل 60 من الدستور:

“يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين، ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة، وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه. المعارضة مكون أساسي في المجلسين، وتشارك في وظيفتي التشريع والمراقبة، طبقا لما هو منصوص عليه خاصة في هذا الباب.”

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف يعقل لبرلماني ليس له مستوى جامعي قانوني ان يشارك في وظيفتي التشريع ومراقبة عمل الحكومة ؟

اذن شرط التحصيل العلمي والمؤهل الجامعي القانوني شرط أساسي من اجل القيام كل برلماني بتلكم الوظيفتين أي التشريع والمراقبة

ونقترح  في هذا الصدد ما يلي :

  • ان شهادة الاجازة في الحقوق او الاقتصاد شرط أساسي للترشيح للانتخابات التشريعية
  • ان شهادة الماستر في القانون او الاقتصاد شرط أساسي للترشيح لترأس احدى اللجان البرلمانية
  • ان شهادة الدكتوراه في الحقوق او الاقتصاد شرط أساسي للترشيح لرئيس البرلمان بغرفتيه.

ج- تقليص عدد البرلمانيين :

اقترح تقليص عدد البرلمانيين في مجلس النواب والمستشارين كما يلي:

-بالنسبة لمجلس النواب يتألف من 395 عضوا حسب المادة الاولى من القانون التنظيمي لمجلس النواب الصادر بتاريخ 2011 في حين ان عدد النواب كان 325 قبل ذلك أي بزيادة 70 عضو . والسؤال ما هي انعكاسات هذه الزيادة الكبيرة في أعضاء البرلمان على المواطن المغربي وعلى التشريع ؟

اعتقد ان نفس الوضع ظل على حاله

اذن لا يمكن القول بانه كلما كان عدد أعضاء البرلمانيين أكبر كلما كان انعكاسه على الحياة السياسية أحسن. وبالتالي اذن الزيادة في هذه الحالة تضر بجيوب المواطنين أكثر من خلال التعويضات الكبيرة للعدد الكبير من الأعضاء والتي يمكن استثمار هذه التعويضات في تنزيل مشروعنا التنموي الجديد الذي اقترحناه.

-جاء في الفصل 63 من الدستور: “يتكون مجلس المستشارين من 90 عضوا على الأقل، و120 عضوا على الأكثر، ينتخبون بالاقتراع العام غير المباشر، لمدة ست سنوات..”

وواقع الحال ان عدد المستشارين يصل الى 120 عضوا بمعنى انه تم الاخذ بالعدد الأكثر مما ورد في الفصل 63 من الدستور وليس العدد الأقل وهو 90 . لماذا؟

لماذا لا يتم الاخذ بالعدد الأدنى وهو 90 وتوفر الدولة تعويضات 30 مستشار يمكن استثمارها في مشروعنا التنموي الجديد

د- إلغاء معاشات البرلمانيين

  • على اعتبار ان المهمة البرلمانية ليست وظيفة تستدعي تخصيص معاش خاص، وبالتالي يجب أن ترتبط التعويضات المستحقة بمدة الانتداب البرلماني فقط وبالتالي ينبغي إلغاء المعاشات للبرلمانيين بغرفتيه من لحظة بدء تنفيذ النموذج التنموي الجديد الذي نقترحه .

رابعا -التنمية الصناعية :

مادمنا اقترحنا مشروعنا للنموذج التنموي الجديد وهو المغرب دولة صناعية فلاحية خدماتية سياحية ،فحري بنا أن نطرح الأسئلة التالية: أين البنية التحتية الصناعية ( مصانع ،..) ، أين براءات الاختراع المسجلة دوليا للمغرب وكم عددها ؟ أين المنتوج المغربي من الصناعة المغربية الصرفة؟ وهل حقق مخطط “إقلاع” وتوقيع الميثاق الوطني للإقلاع الصناعي في 2009 أهدافه ومن أهمها الرفع من حجم مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام ب 9 نقاط، مما سيمكن من الانتقال من %14 إلى %23 في أفق 2020؟

ان استقطاب الشركات متعددة الجنسية لفتح فروع لمصانع صناعية لها بالمغرب لا يمكن ان نحسبه انه صناعة مغربية ؟ بل ان هذه الصناعات تحسب لأصحابها ولشركاتهم والمغرب يستفيد من تشغيل اليد العاملة بهذه المصانع وأيضا من الضرائب ..

إذن ينبغي تسمية الأسماء بمسمياتها المغرب يقدم خدمات لهذه الشركات الأجنبية من توفير البقع الأرضية المناسبة وتبسيط المساطر للاستثمار وتوفير اليد العاملة المغربية المؤهلة ، اذن يمكن اعتباره خدمات وليس اعتبار ان بلادنا أصبحت دولة صناعية .

لذا ، ينبغي وضع بنية تحتية للصناعة المغربية –المغربية في المجالات :

-الصناعات الالكترونية

-الصناعات الكيميائية، الصيدلية ومواد البناء

-صناعة السيارات المغربية(وليس تقديم خدمات لشركات عملاقة لفتح فروعها بالمغرب )

 – صناعة الطائرات المغربية (وليس تقديم خدمات لشركات عملاقة لفتح فروعها بالمغرب )

– صناعة اليخوت والسفن المغربية

الصناعة التعدينية والميكانيكية

-صناعة النسيج والالبسة

-صناعة الأسلحة من صنع مغربي ذاتي

  • ينبغي الاعتماد على الانتاج المحلي المغربي في إطار عولمة” الإنتاج المحلي” التي دعوت إليها حيث اقترحت في إطار عولمة الإنتاج المحلي ان يعمل المغرب على تصدير دواء كلوروكين وايضا الكمامات بعد الاكتفاء الذاتي إلى دول إفريقية وايضا عربية والى كل دولة بحاجة اليه مما سينعش الموارد من العملة الصعبة .
  • ينبغي على المغرب التفكير في الاكتفاء الذاتي من القمح بدل استيراده من الخارج بحوالي 4-5 مليون طن ، إذن ينبغي في إطار الاستراتيجية الفلاحية الجديدة العمل على هذا الهدف الأساسي مما سيوفر لنا المزيد من الادخار للعملة الصعبة ومن جهة أخرى لاقدر الله ان كان وباء عالميا اخر يستطيع المغرب تحقيق اكتفاءه الذاتي من الغداء بشكل أفضل ويمكن أيضا تصديره .

خامسا –التنمية الفلاحية:

يقدر الإنتاج المتوقع للحبوب الرئيسية الثلاثة برسم الموسم 2019-2020 بـ 30 مليون قنطار، أي بانخفاض 42٪ مقارنة بالموسم 2018/2019. ويستورد المغرب حوالي 4.8 مليون قنطار

إن العجز كبير جدا في إنتاج القمح بالمغرب بغض النظر عن جائحة كورونا والظروف الاستثنائية فإن المغرب يعاني من عجز في انتاج القمح إذا ما قلت الامطار والتساقطات ولذلك يجب على المغرب ان يصل الى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح ، حيث اعتبرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو FAO)، في تقرير لها، صدر خلال سنة 2012، حول “سلسلة الحبوب، الأمن الغذائي وإدارة واردات القمح في البلدان العربية”.

ان المغرب من بين البلدان العربية الذي يواجه مخاطر الأمن الغذائي نتيجة اعتماده الكبير على واردات القمح من الدول الأجنبية. وعوض التفكير في تحقيق هدف الاكتفاء الذاتي من القمح ونقل التكنولوجيا الفلاحية الحديثة وتوطينها بادرنا الى تنويع مصادر الاستيراد من القمح من أمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا وأوكرانيا والأرجنتين وكندا..مما يستنزف الميزانية من العملة الصعبة .

 إذن ينبغي العمل في إطار الاستراتيجية الفلاحية الجديدة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح .

سادسا-التنمية العلمية والتعليمية:

لقد حل المغرب في المرتبة 60 على المستوى العالمي، الرابعة عربياً من حيث عدد طلبات براءات الاختراع الدولية،  34 طلب براءة الاختراع فقط!!لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بعد السعودية بـ552 طلباً، والإمارات بـ108 طلبات، ومصر بـ44 طلب.
رغم أن حافزا  هاما للمغرب بانتخابه رئيسا للجمعية العامة للمنظمة العالمية للملكية الفكرية 2019-2021 كأول  دولة عربية تترأس هذه المنظمة منذ إحداثها عام 1967 من اجل تحفيزه على الزيادة في ميزانية البحث العلمي وهو مالم يحصل إذ لا تتعدى نسبة ميزانية البحث العلمي بالمغرب 0.8% من الناتج الإجمالي الخام في حين أن الرؤية الإستراتيجية للتعليم 2015-2030أوصت بالزيادة في هذه النسبة ب1% في المدى القريب و1,5%  في عام 2025 و 2% عام 2030

وهذه النسبة غير كافية في نظرنا نقترح  في هذا الخصوص الاتي :

-أن ترتفع نسبة الزيادة في ميزانية البحث العلمي بالمغرب 2% حاليا و ..2.5% في 2025 و 3% عام  2030 .إذ تعتبر معايير المنظمات الدولية مثل البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة أن نسبة الإنفاق المثالي هي التي تكون أكثر من 2 بالمائة، وتكون جيدة إذا كانت من 2 بالمائة إلى 1.6 بالمائة، ومن 1.6% إلى 1% تكون حرجة، ودون ذلك ضعيفة جدا.

حيث مثلا تصل النسبة إلى 2.9% في ألمانيا و3.4% في اليابان.في حين تبلغ في  أمريكا 3.6 %والسويد 3.8 بالمائة.

وبخصوص المؤسسات الجامعية في إطار نموذجنا التنموي الذي نقترحه وهو المغرب دولة صناعية فلاحية سياحية خدماتية التعليم  نقترح الاتي :

  • تقسيم كليات العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية إلى كلية العلوم القانونية وكلية الاقتصاد
  • ان تضم كليات متعددة التخصصات تخصصات مثل علم الاجتماع ، علم الإدارة ، …
  • احداث كليات الصناعة والتكنولوجيا في كل جهة بالمغرب
  • احداث كليات السياحة والفنادق في كل جهة بالمغرب
  • احداث المدارس الوطنية للفلاحة في كل جهة بالمغرب
  • إحداث كليات الطب والصيدلة في كل جهة بالمغرب
  • تأسيس فروع لجامعات دولية معروفة بالمغرب مثل جامعة السوربون وكمبريدج … للاستفادة منها بالمغرب واستثمار طاقات ومؤهلات الخريجين في سوق الشغل المغربي.

 

سابعا -التنمية الصحية

اقترح بالنسبة للتنمية الصحية في بلادنا ما يلي :

-الانتقال من منطق ان قطاع الصحة قطاع مستهلك الى منطق جديد ان قطاع الصحة قطاع منتج فالكثير من الدول تعتبره قطاعا منتجا فقد انعشت مواردها المالية في زمن كورونا من تصدير الكمامات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي والأدوية. إذن قطاع الصحة منتج بامتيازـ، فلو كان المغرب يعتبره كذلك لكانت له البنية التحتية صلبة من قبل لإنتاج الدواء والكمامات وأجهزة التنفس الصناعي وتصديره للخارج ولو كان المغرب انتج كميات وفيرة من دواء ” كلوروكين” الدواء الذي يستعمل في العديد من الدول إلى غاية التوصل للقاح 100%، ويعمل على تصديره إلى دول افريقية من اجل ربح تجاري ودبلوماسي.

  • تأسيس ميثاق صحي وطني مبدؤه : صحة جيدة لكل مواطن مغربي وتقريب الرعاية الطبية لكل مواطن بالمدينة والقرية .
  • الزيادة في ميزانية وزارة الصحة حيث ان ميزانية الصحة بالمغرب للصحة لا تمثل نحو 6%

من الميزانية الوطنية، مقابل الـ12% التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية.

  • ينبغي تحسين التواصل وإعادة الثقة بين المواطن ومستوى الخدمات المقدمة سواء في القطاع الطبي العام او الخاص .
  • ينبغي احداث المزيد من المراكز الاستشفائية في كل جهة بالمغرب.

ثامنا – التنمية الشبابية

آن الأوان لإعادة الاعتبار للشباب المغربي في السياسات العمومية ، فالشباب المغربي يشكل ثلث الساكنة وهو المدخل الحقيقي للتنمية ،  وكلما كان المجتمع يهتم بشبابه يرتقي ويتقدم والعكس صحيح، والخطابات الملكية ما أكثر ما تهتم بالشباب منها خطاب 20 غشت 2014 :” ولنا اليقين بأن شبابنا وشاباتنا قادرون بما يتحلون به من روح الوطنية، ومن قيم المواطنة الإيجابية ، ولما يتوفرون عليه من عبقرية خلاقة، على النهوض بتنمية بلادهم ، ورفع تحديات دخولها نادي الدول الصاعدة”

لذا ينبغي تفعيل هذه التوجيهات الملكية السامية من خلال جعل الشباب في أولويات السياسات العمومية الحكومية المتعاقبة وليس في أسفلها، ولذا يجوز طرح عدة تساؤلات منها :

لماذا تعد وزارة الشباب الأكثر تغييرا في تاريخ المغرب ،13 وزير للشباب منذ عام 2000 إلى الآن؟

لماذا تم إلغاء العمل بالاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015-2020 ؟ وهو ما يعد هدرا للزمن الحكومي منذ بداية الاعداد لهذه الاستراتيجية في عام 2009-2014؟

لماذا لا يتم تفعيل وتنزيل الدستور من خلال الفصل 33 الذي ينص على توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد؟

لذا نتقدم بمقترحات تخص الشباب كما يلي :

  • احداث لجنة برلمانية للشباب .
  • تفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي كقوة اقتراحية بهيكلة قوية مكونة من شباب كفؤ خصوصا في مجالات القانون والاقتصاد وليس مجلس صوري او سياسوي .
  • إحداث فروع جهوي للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي في إطار الجهوية المتقدمة وتقريب المؤسسات من الشباب والجمعيات.
  • وضع خريطة للشباب على مستوى كل جهة بالمغرب كقاعدة بيانات تضم كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية المهتمة بالشباب بكل جهة لتيسير التواصل بين الشباب .
  • تنظيم مؤتمرات او مناظرات جهوية للشباب بشرط تؤخذ توصياتها بعين الاعتبار لاعتمادها عند صياغة السياسات العمومية الوطنية وأيضا اعتمادها في برامج التنمية الجهوية.
  • تأسيس مكتبة جهوية للعلوم الاجتماعية والانسانية في كل جهة من جهات المملكة تتوفر على مختلف المراجع الحديثة تساعد الطلبة في بحوثهم النهائية في الاجازة والماستر والدكتوراه وتخفف عنهم العناء السفر للرباط والدار البيضاء ..

تاسعا-التنمية الرقمية وتجاوز الفقر الرقمي:

  • البنية التحتية الرقمية :
  • العمل على وضع بنية تحتية رقمية صلبة بحيث تحول المغرب الى مركز إقليمي في تكنولوجيا المعلومات والاتصال.
  • العمل على توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خدمة التنمية المستدامة وخدمة مواطنيها في تقديم خدمات بشكل متميز وتحسين إدارة موارد الدولة، حيث إن تكامل البيانات بين الحكومة والوزارات سيوفر الكثير من الجهد والمال.

-العمل على تخفيض  أسعار خدمات الإنترنت من خلال الهواتف المحمولة أو الخطوط الثابتة حيث يشكل نقص البنية التحتية الرقمية والعراقيل التنظيمية عائقاً أمام تطوير خدمات الاتصالات عريضة النطاق.

 

  • الإدارة الالكترونية:

بداية يحتل المغرب المرتبة 110 عالميا من بين 193 دولة في مؤشر الحكومة الإلكترونية لسنة 2018، الذي تشرف على إعداده إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأُمم المتحدة، والذي يصدر كل سنتين.

حيث اطلقت وكالة التنمية الرقمية[1] في حالة الطوارئ الصحية التي تم تفعيلها لمواجهة جائحة فيروس كورونا، بعض المبادرات  الرقمية لتشجيع وتيسير العمل عن بُعد بالإدارات المغربية. ومنها :

-بوابة مكتب الضبط الرقمي للمراسلات الإدارية: يتعلق الأمر بمنصة لرقمنة مكتب الضبط بشكل يسمح للإدارات والهيئات العمومية بإحداث مكاتب ضبط رقمية من أجل التدبير الإليكتروني لتدفُّقات المراسلات الواردة والصادرة. وبذلك يصبح بوسع المواطنين والمقاولات والإدارات والهيئات العمومية إيداع مراسلاتهم بالإدارات المعنية مقابل وصل رقمي بتأكيد الاستلام..

-الخدمة الإليكترونية للمراسلات الإدارية: تسمح للإدارات بمعالجة المراسلات آليا. وتمكن هذه الخدمة أعوان الإدارة من معالجة وتتبع المراسلات الواردة والصادرة عبر إدارة سير العمل Gestion des workflows الخاصة بالبحث والمصادقة.

– الخدمة الإلكترونية “الحامل الإليكتروني”(parapheur éléctronique): تسمح بالتجريد المادي الكامل لتدفق مختلف الوثائق الإدارية التي تستلزم قيمة إثباتية.في تدبير الموارد البشرية، المشتريات واللوجستيك والتواصل الداخلي،… والتوقيع الإليكتروني للوثائق الإدارية.

 

والسؤال هنا هل انضمت جميع الوزارات والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية لهذه المبادرات الرقمية؟ وهل هذه المؤسسات جميعها لها علم واطلاع بهذه المبادرات الرقمية أصلا،؟ وهل قامت الوكالة فعلا بالتنسيق والمواكبة الرقمية ؟

 

وعليه،  نقترح انضمام جميع الوزارات والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية لهذه المبادرات الرقمية كما نقترح المواكبة الرقمية لهذه المبادرات.

 

  • الاقتصاد الرقمي :

يمكن تعريف “الاقتصاد الرقمي” بشكل ضيّق على أنه يشمل المنصات الإلكترونية على شبكة الإنترنت وأنشطتها الملازمة، ولكن، وبمعنى أوسع، فإن كافة الأنشطة التي تستخدم البيانات الرقمية هي جزء من الاقتصاد الرقمي. وبالتالي، وفي الاقتصادات الحديثة، يمكن أن يشكل الاقتصاد الرقمي جزءًا أساسياً من معظم اقتصاديات الدول، بدءًا من قطاع الزراعة إلى مجال البحث والتطوير.[2][2]

وحسب البنك الدولي، تبلغ قيمة الاقتصاد الرقمي العالمي حالياً 11.5 تريليون دولار، أو 15.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. ويتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 25% خلال أقل من عقد من الزمان.

عربيا وبناء على عدة دراسات لعدة منظمات منها منظمة الإسكوا (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا) في الآونة الأخيرة بتقديم دراسة بعنوان “آفاق الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية” لقياس مدى تحول البلدان العربية نحو الاقتصاد الرقمي.يمكن تصنيف بلدان المنطقة العربية في ما يتعلق بالتقدّم الذي أحرزته نحو الاقتصاد الرقمي إلى أربع مجموعات أساسية، وذلك على الرغم من التنوع الاقتصادي والثقافي بين بلدان هذه المنطقة. وتقع بلدان مجلس التعاون الخليجي في المجموعة الأولى الأكثر تطورًا؛ وهي البلدان ذات الدخل المرتفع في المنطقة العربية؛ وتتمتع بنسب مرتفعة من نفاذ الإنترنت ومعدلات عالية من الإلمام بالقراءة والكتابة، وفي معظم الحالات معدلات منخفضة نسبيًا لبطالة الشباب. وتشمل المجموعة الثانية الأردن ولبنان، والتي تتمتع بنسب مرتفعة من نفاذ الإنترنت بفضل الطابع الحضري لهذين البلدين. وتشمل المجموعة الثالثة بلدان شمال أفريقيا ذات الدخل المتوسط الادنى (الجزائر ومصر والمغرب وتونس) وتتمتّع هذه البلدان بمستويات للناتج المحلي الإجمالي مماثلة لبلدان الشرق الأوسط، إنما تتدنّى فيها معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة ويصل عدد السكان غير المستخدمين للإنترنت فيها إلى 100 مليون مواطن. أما المجموعة الأخيرة فتشمل البلدان المتأثرة بالنزاعات، وهي اليمن والعراق وسوريا وفلسطين والسودان وليبيا والبلدان الأقل نمواً (جزر القمر وجيبوتي وموريتانيا والصومال)

  • ينبغي على المغرب في إطار النموذج التنموي الجديد الذي نقترحه العمل الحثيث في الاندماج السريع في الاقتصاد الرقمي والانتقال إلى المجموعة ذات الدخل المرتفع حسب تقارير الاسكوا
  • التواصل الرقمي:

ونقصد به تشجيع التواصل الرقمي للمواطنين ومنهم الخبراء والباحثين ومسؤولو منظمات المجتمع المدني والطلبة … من أجل التعبير عن أفكارهم سواء اكانت مساندة للسياسات العمومية او ناقدة لها ففي جميع الأحوال فهذه الأفكار والتعبيرات ممكن استثمارها على مستوى الحكومة ومختلف المؤسسات العمومية والمؤسسات المنتخبة .

على اعتبار ان حرية التعبير ونشر الاخبار والآراء مضمونة اصلا و منصوص عليها في الدستور في الفصل25 الذي جاء فيه :” حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. و كذا الفصل 28 جاء فيه :”  للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة”.وجاء في الفصل 33 :”  توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد”

والتساؤل هنا : أليست مواقع التواصل الاجتماعي تعد اليوم آلية للمشاركة في التنمية بالأفكار والآراء والمقترحات والنقد ؟

-نقترح إحداث مكتب دائم لدى رئاسة الحكومة للتواصل الرقمي : هدفه استقبال توصيات ومبادرات وأفكار كل الندوات التي تنظم بالكليات بالمغرب والجامعات ومراكز الأبحاث … فالكثير من التوصيات بهذه الملتقيات العلمية تكون هامة جدا وتذهب ادراج الرياح وتوضع على الرفوف وتذهب مجهوذات المنظمين لهذه الأنشطة العلمية والمشاركين سدى.

-اقترح جائزة لأفضل مبادرة او فكرة رقمية : تخصيص جائزة وطنية لأحسن الأفكار والمبادرات في تدوينات مواقع التواصل الاجتماعي تشجيعا على التعبير والرأي في مواقع التواصل الاجتماعي. فكم من فكرة او مبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي ممكن استثمارها على مستوى الحكومة في إطار مساهمة المواطنين في التنمية .

-النشر الرقمي الاستباقي :  قبل الحديث عن نشر الأخبار الزائفة في مواقع التواصل الاجتماعي ينبغي التسريع في نشر المعلومات التي لدى حوزة الإدارة العمومية وفقا لقانون الحق في الحصول على المعلومات حتى لا تترك الفرصة لمروجي الاشاعات حيث جاء في الفصل 10 من قانون 31.13 للحق في الحصول على المعلومات الذي دخل حيز التنفيذ في 12 مارس 2019 ان تقوم المؤسسات والهيئات المعنية والمقصود بها حسب هذا القانون بما فيها مجلس النواب ومجلس المستشارين والإدارات العمومية والمحاكم والجماعات الترابية… بالنشر الاستباقي للمعلومات بواسطة جميع وسائل النشر المتاحة خاصة الالكترونية في اجل لا يتعدى اجل سنة من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ أي قبل 12 مارس 2020 فهل تم النشر الالكتروني لجميع المعلومات ومن جميع المؤسسات المعنية؟

 

ان المشاركة النقدية على مواقع التواصل الاجتماعي للسياسات العمومية وللمنتجات الرديئة اكانت ثقافية او فلاحية او صناعية …ينبغي أن يدخل في إطار حق المواطن في المشاركة في تقييم للسياسات العمومية مما ينبغي من الحكومة الأخذ بها واستثمار هذه المشاركة من اجل تجويد هذه المنتجات لا قمع هذه المشاركة وبالتالي قمع حرية التواصل الرقمي الذي يعد من الحسنات القليلة لعولمة الاتصال.

عاشرا-دعم مراكز الأبحاث والدراسات:

بهذا الخصوص نقترح مايلي :

– الدعم المادي واللوجستي لمراكز الأبحاث والدراسات من اجل تنظيم الندوات والمؤتمرات والدورات التكوينية

-مشاركة مراكز الأبحاث والدراسات في اعداد السياسات العمومية

-إحداث مكتب دائم لدى مؤسسة رئاسة الحكومة  هدفه التوصل بتوصيات عن الندوات والمؤترات التي تنظم بالمغرب للاستفادة منها واستثمارها جهويا ووطنيا على مستوى الحكومة والجهات بدل أن تظل حبيسة الرفوف .

وخاتمة، نود ان تساهم هذه المبادرة في اختيارنا للنموذج التنموي الجديد بالمغرب وهو المغرب دولة صناعية فلاحية سياحية خدماتية واستثمار هذه المقترحات لدى اللجنة الملكية للنموذج التنموي الجديد التي اقتسمنا معها هذه الرؤية لمشروعنا المقترح من أجل انتقال تنموي هام لهذا البلد والخروج من براثن التخلف إلى أنوار التقدم واللحاق بالدول الصاعدة إن توفرت الإرادة الصادقة والتعاون الجمعي والعمل التضامني الوزاري والمؤسساتي والمدني.

 

 

[1] – مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي تأسست بموجب قانون 61.16 بتاريخ 30/08/2017  من اهدافها وضع التصورات المتعلقة بمشاريع الإدارة الالكترونية وتطوير الخدمات العمومية الرقمية، مواكبة ومساعدة السلطات والهيئات المعنية وكذا الفاعلين في القطاع العام والخاص في مجال التنمية الرقمية…

[2] – موقع البوابة العربية للتنمية 28/19/2019 https://arabdevelopmentportal.com/ar/blog/how-measure-digital-transformation-arab-countries

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى