دور المجال القانوني في حماية الوطن بين التشريع الوضعي وتوجيهات السنة النبوية
دور المجال القانوني في حماية الوطن
بين التشريع الوضعي وتوجيهات السنة النبوية
دكتور :حمادي عبد النور
أستاذ محاضر قسم-أ- بقسم الحقوق والعلوم السياسية
المركز الجامعي بلحاج بوشعيب-الجزائر
تقديم :
إن القانون هو فرع من فروع العلوم يُعنى بدراسة العلاقة بين السلوك الإنساني والقانون مؤكدا على المعاني الإجتماعية والقانونية للعادات والأعراف والأنماط الثابثة والمتغيرة للسلوك البشري.
فمن شأن القانون أن يقدم للمواطن إطارا يعيش من خلاله حياته الخاصة ،بالرغم من أنه لا مراء في أن الظروف التي يخضع لها هذا الإطار قد تبدو مرنة ومتساهلة على نحو غير مريح،أو خانقة على نحو مبالغ فيه فيعتقد الإنسان داخل الإطار أنه من الأفضل اتباع إتجاه إداري بسيط .
وعلى هذا فحال قبلنا بوجهة النظر القائلة إن الغرض الرئيسي من القانون هو توفير الخطوط الرئيسية للتفاعل الإنساني،يتضح عندئذ السبب وراء وجود قانون مُتبع كنظام وظيفي فعال،يعتمد على ترسيخ التوقعات التفاعلية بين مشرع القانون والخاضع له،فمن ناحية يجب على المشرع أن تكون لديه القدرة على توقع أن جماعة المواطنين ككل سيتقبلون القانون ،ويضعون القواعد القانونية التي يُعلن عنها صوب أعينهم ،ومن ناحية أخرى يتعين على الخاضع للقانون أن يتحلى بالقدرة على توقع أن الحكومة ذاتها سوف تلتزم بالقواعد المعلنة فيما يتعلق بمحاكمته على افعاله.
وعليه من هذا المنطلق سوف نحاول الإجابة في مقالنا على محورين
المحور الأول :دور المجال القانوني في حماية الوطن من خلال صيانة الحقوق والحريات بين التشريع الوضعي وتوجيه السنة النبوية.
المحور الثاني :دور المجال القانوني في حماية الوطن من خلال حماية الممتلكات والحق في الملكية بين التشريع الوضعي وتوجيه السنة النبوية.
المحور الأول :دور المجال القانوني في حماية الوطن من خلال صيانة الحقوق والحريات بين التشريع الوضعي وتوجيه السنة النبوية.
إذا كانت الحرية هي أن يفعل الفرد ما يريد بإرادته الخاصة على ألا يخضع لإرادة شخص آخر، وهذه الحرية تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.
وقد حرصت النظم القانونية على صيانة الحريات وعلى رأس هذه النظم القانونية نجد الدستور وهو أعلى مرتبة بين جميع المصادر القانونية فمنه تستمد مبادئها .
وإذا عدنا إلى ما أورده المؤسس الدستوري في المواد الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات ،نجده يتنقل بين الحريات الأساسية والحقوق الاساسية فأحيانا يستخدم مصطلح حق وأحيانا يستخدم مصطلح الحرية ففي المواد 83.73.63 نص على حرية المعتقدة وحرية الرأي وحرية التجارة وحرية الابتكار الفكري والعلمي والفني,كذا حريات التعبير وإنشاء الجمعيات .
والاجتماع وجاء في المواد 42.43.44.35.54.55.56.57 النص على حق إنشاء الأحزاب السياسية والجمعيات والتنقل والتعليم والرعاية الصحية والحق النقابي والحق في العمل والحق في الإضراب[1]
والآن نسرد بعض أنواع الحريات ودور القانون في حمايتها وبالتالي حماية الوطن ككل ،وكذا نظرة السنة النبوية إلى هذه الحريات من خلال ماجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بشأنها ،وكذلك التشريع القرآني
أولا:حرية التنقل
تعد حرية التنقل من الحريات الأصلية الطبيعية ،لذلك تم تكريسها في كافة الشرائع منذ القدم ،كما حرصت الإتفاقيات الدولية والدساتير الداخلية للدول على تنظيمها بما يتوافق والمصلحة الجماعية للدول.
وحرية التنقل من أقدم الحريات المدنية ،فلقد كانت الحريات مهضومة في العصر القديم.
ويبدأ هذا العصر من ظهور الكتابة حتى القرن 15،إلا أن حرية التنقل كانت موجودة ،حيث كان الإنسان يسعى في أسقاع الأرض باحثا عن الرزق.
وبظهور الدول والأقاليم والإعتراف بالحدود السياسية،صارت هذه الحرية أكثر تقييدا وبحاجة ماسة إلى التنظيم[2].
وهذا ما أدى إلى ظهور العديد من النصوص الدولية التي تنظم هذا الحق ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 ،إذ نصت المادة 13 منه على ما يلي:
-أ- لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
-ب- يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده ،كما يحق له العودة إليه.
هذا وتنص المادة 14 كذلك من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 على مايلي
-أ- “لكل فرد الحق أن يلجأ إلى بلاد أخرى،أو يحاول الإلتجاء إليها هربا من الإضطهاد .
-ب- لا ينتفع بهذا الحق من قُدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية،أو لأعمال تناقض أهداف الأمم المتحدة ومبادئها.
فبالرجوع إلى القانون وعلى رأسه الدستور الجزائري مثلا ينص في مادته 44 على أنه يحق لكل
مواطن يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية أن يختار بحرية مواطن إقامته وأن ينتقل عبر التراب الوطني ,حق الدخول إلى التراب الوطني والخروج منه مضمون له .
وما يستشف من كل المواد الدستورية التي نصت وأقرت حق أو حرية التنقل جاءت من ضمن المواد المنظمة للحقوق الأساسية أو الحريات العامة دائما تأتي ضمن المبادئ الأساسية التي تحكم المجتمع جاء على نفس الترتيب في كل الدساتير وقد اقترنت دائما بالحقوق المدنية والسياسية مستخدما نفس المصطلحات تقريبا ذات الصبغة القانونية .
وبناءا عليه نجد أن المؤسس الدستوري قرن هاته الحرية بالتمتع بالحقوق المدنية والسياسية انطلاقا من أن الحريات ليست مطلقة وخاصة إذا ما تعلقت بأمن الدولة كذا حفظ النظام العام وحتى لا يكون هناك تشجيع للهروب من تحمل المسؤولية.
وقد اهتمت السنة النبوية بمجال حرية التنقل حيث ورد قوله صلى االله عليه وسلم “إياكم
والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول االله مجالسنا مالنا منها قال فإن كان ذالك فأعطوا الطريق حقها قالوا وماحقها قال غض الطرف وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”[3].
وقد ضبطت حرية التنقل في الشريعة الاسلامية من أمثلتها نجد ما جاء في الأثر عن عمر بن الخطاب عندمارحل إلى الشام وعلم بوجود المرض هناك فامتنع عن الدخول وعاد إلى المدينة فقال له عبيد بن الجراح أفرار من قدر االله تعالى فأجابه عمر بن الخطاب لو غيرك قالها نعم نفر من قدر االله إلى قدر االله انطلاقا من قول الرسول صلى االله عليه وسلم “إذا ظهر الطاعون في بلاد وأنتم فيه فلا تخرجوا منه وإذا سمعتم به وأنتم خارجه فلاتدخلوه”[4]
كما حفظت الشريعة الإسلامية لكل فرد هذا الحق في القرآن الكريم حيث يقول الله عز وجل في سورة الملك في الآية 15″ هوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”
ترشدنا الآية إلا ان الارض ملك للجميع وبتالي للجميع الحق في الترحال فيها بكل حرية ، وتشمل التنقل داخل الدولة والخروج منها وفقا لإرادته والعودة إليها وفقا لإرادته الذاتية. وهي حرية الذهاب والإياب وتعني حرية السفر إلى اي مكان أو التحرك داخل حدود الدولة أو خارجها و كذا حرية العودة إلى الوطن دون قيود أو موانع ونجد كذالك من أخبار أهل قريش عن التنقل من أجل التجارة في قوله تعالى في سورة قريش الأية 1-4 ” لِإِيلافِ قُرَيْشٍ1 إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ2 فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا 3الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ 4″.
.وقد كانت هاته الرحلة عبارة عن محطة تجارية تبدالية أسست لحرية التنقل والتجارة قبل كل مواثيق الدولية.
ويمكن أن يكون الإنتقال من اجل الحرية وتركا للظلم والعبودية مصداقا لقول االله تعالى في سورة النساء ،الآية 97 ” إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا “.
ثانيا حق الأمن:
وهذا الحق يلعب فيه المجال القانوني دورا كبيرا بحيث يساهم في حماية روابط المواطنة ،وهو ما يؤكده التشريع الأساسي الجزائري)الدستور الجزائري( .
هذا ويتفرع عن الحق في الأمن كل من:
أ-الحق في افتراض البراءة :بمعنى أن كل متهم بريئ إلا أن تثبث إدانته بحكم قضائي نهائي ،إستنفذ جميع طرق الطعن العادية والغير العادية[5]، وقد توصل فقهاء الشريعة الإسلامية قبل قرون عديدة إلى ذات النتائج التي توصل إليها الفقه القانوني المعاصر، وذلك بإعمال القواعد الفقهية الكلية والفرعية وبحسب القواعد الفقهية فإن “الأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على التحريم”.
ويتسع نطاق قاعدة قرينة البراءة لتشمل كل الأشخاص، سواء كانوا مشتبه بهم أو متهمين وبالنسبة لجميع أنواع الجرائم سواء كانت جناية، جنحة، أو مخالفة.
ويترتب على مبدأ اصل البراءة عدة نتائج بالغة الأهمية،إذ لا يلزم المتهم بإثبات براءته،بل يقع هذا الغبء على سلطة التحقيق والإتهاموفقا لقواعد الإثبات في القضايا الجزائية فشرعية التجريم ومضمونها بأنه لا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير أمن إلا بنص قانوني[6]،تقابلها شرعية إجرائية مفادها براءة الشخص حتى تثبت إدانته،كما أنه لا يلزم المتهم بتقديم دليل على براءته،ولا ينبغي اعتبار ذلك دليلا على إرتكابه للجريمة،ونفس الأمر عند إلتزام المتهم الصمت.
لكن للمتهم الحق في مناقشة الأدلة التي تُجمع ضده كما له أن يفندها أو يشكك في قيمتها القانونية.
كما للمتهم حسب التشريع الجزائري تقديم أدلة بكل طواعية تثبت براءته أو حتى إعترافه بالتهمة المنسوبة له عن طرق الإقرار[7].
كما نجد أن مهمة قاضي التحقيق أو النيابة العامة،أو المحكمة المختصة لا تقتصر على إثبات الجريمة وبالتالي التهمة ،فهي في الأخير أجهزة قضائية،مهمتها الأصلية إثبات الحقيقة،ذلك أن فكرة العدالة من غير الممكن أن تثبنى على الوهم أو القناعات الزائفة.
وعليه على أجهزة العدالة أن تتحرى الحقيقة من خلال تدقيق وتحصي الحقيقة،وذلك بالبحث في إشكالة هل فعلا الأدلة المتوفرة بإمكنها دحض قرينة البراءة من عدمها
وبالإضافة إلى ذلك فإنّ هذه القاعدة تقتضي بأن عبء إثبات ارتكاب الشخص لجريمة ما يقع على عاتق النيابة العامة، ولا يُكلف الشخص بإثبات ما يبرِّئه من الأفعال المتابع بشأنها.
وقرينة البراءة أصلها مستمد من الشريعة الإسلامية في قوله تعالى في سورة الإسراء الآية 15 “وَما كنُا مُعذبينَ حتى نَبعثَ رسولاً”.
وقد نص على هذا الحق في المادة 42 من دستور 1996″كل شخص بريء إلا أن تثبت جهة قضائية نظامية إدانته،مع كل الضمانات التي يتطلبها القانون.
-لا إدانة إلا بمقتضى قانون صادر قبل إرتكاب الجريمة
-لا يتابع أحد أو يوقف أو يحتجز إلا في الحالات المحددة بالقانون وطبق الأشكال المنصوص عليها”.
ونجد أن قاعدة قرينة البراءة لها سندها في القانون الدولي والداخلي فنجد المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في 16 ديسمبر 1966 “كل متهم بجريمة له الحق في أن يعتبر بريئا حتى تثبت إدانته طبقا للقانون”.
ونجد هذا المبدأ كذلك في المادة 7 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان “المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته بمحاكمة قانونية، تُؤمَّن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
ب-التعويض عن الخطأ القضائي
حين يكون قد صدر على شخص ما حكم نهائي يدينه بجريمة، ثم أبطل هذا الحكم أو صدر العفو عنه على أساس واقعة جديدة، أو واقعة حديثة الإكتشاف تحمل الدليل القاطع على وقوع خطأ قضائي يتوجب تعويض الشخص الذي أنزل به العقاب، نتيجة تلك الإدانة، وفقا للقانون، ما لم يثبت أنه يتحمّل كليا أو جزئيا المسؤولية عن عدم إفشاء الواقعة المجهولة في الوقت المناسب.
وهذا الحق كرسته المادة 7/14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في 16 ديسمبر 1966م([8]).
كما نجد المشرع الجزائري قد أخذ هو الآخر بهذا الحق، بحيث إن التصريح ببراءة الشخص المحكوم عليه خطأ يمنحه الحق في طلب التعويض عن الأضرار اللاحقة به نتيجة إدانته على جريمة هو بريء منها، ومهما بلغت قيمة التعويض الذي يمكن أن يتحصل عليه هذا الشخص فإنه لن تعيده أبدا إلى الحالة التي كان عليها قبل الحكم عليه، فالأيام، والشهور بل والسنوات التي يكون قد قضاها المحكوم عليه محبوسا قبل التصريح ببراءته، لا يمكن أن تُقيَّم نقدا حتى يتم تعويضه عنها، فالأصل في الحقوق هو المحافظة عليها والعمل على احترامها وحمايتها وليس التعويض عنها بعد انتهاكها.
لكنه مهما يكن، فإن المحكوم عليه بعد كل الذي تعرض له نتيجة الحكم عليه خطأ، ليس أمامه سوى محاولة تقييم تلك الأضرار نقدا والمطالبة بالتعويض عنها عملا بالقاعدة الفقهية التي تنص على أنه “ما لا يُدرك كله لا يُترك كله” فإذا كان من المستحيل إرجاع المتهم إلى الحالة التي كان عليها قبل الحكم عليه، فإنه في المقابل يمكنه طلب التعويض عن جميع تلك الأضرار اللاحقة به .
فقد نص المشرع الجزائري على حق التعويض عن الخطأ القضائي، في المادة 531 مكرر[9] بالفصل الثاني من قانون الإجراءات الجزائية([10]). تحت عنوان “التعويض عن الخطأ القضائي” والجدير بالذكر أن هذا النص جاء على إثر تعديل قانون الإجراءات الجزائية بموجب القانون رقم 06/22، لكنه في الواقع، فإن المشرع الجزائري قد نص قبل ذلك بكثير على حق المحكوم عليه خطأ في تعويض عادل وذلك بموجب المادة 47 من دستور 22 سبتمبر1976 “يترتب عن الخطأ القضائي تعويض من الدولة” ونص المادة أكدها دستور 1996 في المادة 49 “يترتب على الخطأ القضائي تعويض من الدولة ويحدد القانون شروط التعويض وكيفياته”.
وهكذا فإن المشرع الجزائري قد اعترف صراحة وبموجب نص دستوري بحق المحكوم عليه خطأ في الحصول على تعويض عادل.عما لحقه من ضرر، وذلك بعد التصريح ببراءته.
وتطبيقا لذلك قام المشرع الجزائري بتعديل قانون الإجراءات الجزائية [11]من أجل تحديد الشروط والإجراءات التي تمكن المواطن المحكوم عليه خطأ من الإستفادة بهذا الحق. وهكذا فإن حق المتهم في وجود محام سيساهم في الدّفاع عنه ،ويساهم في تحقيق محاكمة عادلة له، كما نجد أنّ هناك جهودا تُبذل هنا وهناك من أجل إصلاح العدالة وأداءها في صورة لجنة إصلاح العدالة التي يشرف عليها رئيس الجمهورية والتي تشبه مثيلتها في فرنسا والمسماة La commission de réflexion sur la justice برئاسة P. Truche التي يشرف عليها الرئيس نفسه.
ولا عجب أيضا أن نرى المشرعين في بعض الدول وقد سارعوا إلى تضمين قانون الإجراءات الجزائية مادة إفتتاحية Un article préliminaire تتضمن الروح العامة له والمتمثلة في تكريسه مبدأ المحاكمة العادلة Le procès équitable بمقتضياته المختلفة ومنها مبدأ المساواة، وحماية الحق في قرينة البراءة، والحق في الاستعانة بمحام .
ج-إحترام الشخصية:
وتكون بحصانة الفرد المضمونة ،حيث ينص دستور 1996 في مادته 45 أن التوقيف للنظر في مجال التحريات الجزائية لرقابة قضائية لا يمكن أن تتجاوز مدته 48 ساعة.
ويملكك الشخص الذي يوقف للنظر الحق في الاتصال فورا بأسرته ، ولا يمكن تمديد مدة التوقيف للنظر إلا استثناء ووفقا للشروط المحددة بالقانون ،وعند انتهاء مدة التوقيف يجب أن يجري فحص طبي على الشخص الموقوف وإن لم يطلب ذالك يجب إعلامه بهذه الإمكانية[12].
ويندرج في مفهوم إحترام الكرامة الإنسانية في الإطار الأوسع المعروف بحقوق الإنسان،إذ يتحدث الفقهاء اليوم عن أجيال ثلاثة لحقوق الإنسان،فالجيل الأول هو معروف بالحقوق السياسية ،والجيل الثاني هو المعروف بالحقوق الإجتماعية والإقتصادية ،والجيل الثالث هو المتعلق بالحق في الإعلام وفي البنية وفي السلام.
هذا ويُقر مصطلح الكرامة ،القيمة الإنسانية للفرد،فهو يدفع إلى صد كل هتك لمعنوياته،إذ ليس من الكرامة الحط من موقع الشخص في عائلته ،وفي مجتمعه وقد عبر عن هذا أحد رجال القانون بتساؤل
N’est-il pas « indigne ce qui humilie ,c’est-à-dire,ce qui a pour effet d’abaisser l’individu en lui faisant perdre son rang » ?[13]
هذا ولم يحدد القانون محتوى “الكرامة الإنسانية” وآل بالأمر إلى إجتهاد الفقه ،وفقه القضاء الذي قدم عناصر الإجابة حالة بحالة ،بحسب ملابسات كل واقعة.
ولكن يبقى مشكل التعريف مطروحا طالما وأن الحياة الخاصة للفرد العادي تختلف عن الحياة الخاصة لرجل المجتمع أو لنجم الفن،أو السينما ،أو الرياضة،أو الصحافة.
كما ان الحياة الخاصة لا تعرف انطلاقا من تغيرها من شخص إلى آخر ،ومن بلاد إلى أخرى فقط،بل وكذلك انطلاقا من تغير وتطور الأخلاقيات في المجتمع،وحتى من تطور الصحافة ،فالصحافة التي عرفت من صحافة الرأي إلى صحافة الإعلام،ثم إلى صحافة الإثارة،من شأنها أن تمثل اليوم خطرا على سرية الحياة الخاصة وعلى قدسية إحترامها.
وهذا ما نجد محكمة ولاية قسنطينة الجزائرية تذهب إليه في قرارها بأن “الإعتراف الدولي بالكرامة الأصلية للأفراد تخول الإنسان ممارسة حياته بعيدا عن كل المضايقات وذلك بمناسبة قضية رفعتها المدعية ب-ل ضد المدعى عليه ت-م الذي نشر صورتها على موقع “يوتيب” ،وقد استند القاضي على الدستور الجزائري وخاصة المادة 37 منه التي تنص “تضمن الدولة عدم انتهاك حرمة الإنسان أو أي مساس بكرامته”[14].
ولا ننسى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مواده 3و5 ،أن كل فرد له حق في الحياة والأمان ليستخلص أن نسخ صورة المدعية من بطاقة تعريفها المسروقة منها وبث صور أخرى لها على موقع الأنترنيت بعد صنع فيديوهات تحمل صورا عارية للشاكية يُعد انتهاكا لحقها في العيش بسلام ،وتشويه لسمعتها تسبب لها في اضرار كبيرة لا سيما شرفها واعتبارها لا سيما أن صورها منشورة على مواقع أنترنيت عالمية.
وعلى هذا نجد محكمة النقض الفرنسية تذهب أبعد من هذا ،حيث تنص على التوفيق بين حق الشخص وحق المجموعة في المعلومة ،بأن يكون تداول المعلومة مقرون بإحترام كرامة الشخص
La liberté de communication des informations autorise la publication d’images des personnes impliquées dans un événement ,sous la seule réserve du respect de la dignité humaine[15]
هذا والحق في الأمن يجد صداه عند السنة النبوية المشرفة، في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ” لا تؤذ المسلمين ولا تعيرهم ولا تتبع عوراتهم،فإن من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته”.
أما الشريعة الإسلامية في هذا الصدد فإنها اعتبرت حق الأمن هو حق الفرد في ان يعيش في أمن دون خوف في أن يلقى عليه القبض أو تقيد حريته كنتيجة لإجراءات تعسفية إذ أن ذالك لن يحدث إلا بناء على قرار، حيث نجد المولى تعالى يقول في سورة إبراهيم ،الآية 35″ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ”.
حيث دعوة سيدنا إبراهيم في هذا المقام هي دعوة لتأسيس حرية الأمن ،وقوله تعالى في سورة النور ،الآية55 ” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ”
ففي هذه الآية ضمان من الله عز وجل للحق في الأمن وتعظيما له ،لأنه أمن الأشخاص يمكنهممن حرياتهم المتبقية.
ثالثا حرمة المسكن:
ويدخل تحت مسمى المسكن كل مكان يقطنه الفرد بصفة دائمة أو مؤقتة،بصورة قانونية كالمنزل أوالغرفة في الفندق أو الغرفة في الجامعة،والمقصود بالحرمة هو عدم جواز تفتيشها أو إقتحامها إلا بمقتضى القانون الذي يحيط هذه العملية بضمانات مختلفة،ويجعل ذلك من صلاحيات السلطة العمومية فقط،ووفق إجراءات نظامية محددة .
فنجد المادة 40 من الدستور الجزائري 1996 تنص”تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة السكن فلا تفتيش إلا بمقتضى القانون وفي إطار إحترامه،ولا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القانونية المختصة”
ولقد جاء التشريع الجزائري بما يؤكد هذا الحق ويحميه ،وذلك بمعالجته لمجموعة من الأفعال التي تُعد خرقا له.
فبالنسبة لمسألة التفتيش،ينص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على مجموعة من الضمانات،من أجل حماية خصوصية المسكن أثناء مزاولة عمل أعوان السلطة القضائية المتعلق بتفتيش المسكن.
هذا ويُعد التفتيش أحد إجراءات التحقيق ويعرف بأنه” البحث عن عناصر الحقيقة في مكمنها الذي قد يكون مسكنا أو غيره”[16].
وكذلك نصت عليه المواد من 05 إلى 45 ومن 76 إلى 86 ويمكن إجمال ما جاء فيها كما يلي:
-يُعد تفتيش المنازل من أعمال التحقيق فلا يجوز اللجوء إليه إلا بصدد جريمة أو تهمة للشخص المقيم بالمنزل المراد تفتيشه.
-إذا كان الشخص صاحب المسكن مشتبه في مساهمته في الجريمة أو حيازته لأوراق أو أشياء لها علاقة بالأعمال الإجرامية ،فإن التفتيش يجب أن يكون بحضوره،فإن تعذر ذلك فإن ضابط الشرطة القضائية ملزم بأن يكلفه بتعيين من ينوب عنه،فإن تعذر ذلك أيضا عين ضابط الشرطة القضائية شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطته .
-يجب أن يكون التفتيش بعد الخامسة صباحا،وقبل الثامنة ليلا إلا في الحالات الخاصة وهي حالة ما إذا طلب صاحب المسكن ذلك،أووجهت نداءات من داخله،كما يجوز لقاضي التحقيق أن يفتش منزل المشتبه فيه خارج هذه الأوقات بشرط أن يتعلق الأمر بجناية أو في جرائم تحريض القصر على الفسق او الدعارة.
-وقد نصت المادة 46 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري،على أنه يعاقب من أفشى مستندا ناتجا عن التفتيش أو اطلع عليه شخصا لا صفة له قانونا نبالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 2000إلى 20000دينار جزائري.
وكذلك نصت المادة 295 من قانون الإجراءات الجزائية الجزائري”كل من يدخل فجأة أو خدعة أو يقتحم منزل مواطن يعاقب الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 1000إلى 10000دينار جزائري،فإذا ارتكبت الجنحة بالتهديد أو العنف تكون العقوبة من 5سنوات إلى 10 سنوات وغرامة مالية من 5000إلى 10000دينار جزائري.
هذا ويُعنى بمفهوم إحترام حرمة المسكن أنه لا يجوز إقتحام مسكن أحد الأفراد ،أو تفتيشه إلا بناءا على أمر قانوني،ونعني بها حق الفرد في العيش داخل مسكنه دون أي مضايقة أو إزعاج من أحد،و لا يجوز أن يقتحم فرد من الأفراد و يقوم بتفتيشه أو انتهاك حرمته ، ما لم يكن بأذن وفي الأوقات المحددة بالقانون كذلك [17].
وقد تناول القانون هذا الحق والذي يعتبره أحد مقومات المواطنة وحماية الوطن في المادة 40 من الدستور الجزائري 1996 ” تضمن الدولة عدم اتنهاك حرمة المسكن”.
هذا والسنة النبوية كان لها الدور الكبير في تأكيد هذا الحق للتشريعات المتعاقبة سواء الداخلية أو حتى الدولية التي بدأت بتدريس هذه المبادئ في جامعاتها ، ومن الاثر في السيرة فتح مكة : ان الرسول االله صلى االله عليه وسلم عفى عن اهل مكة ودخلها دون قتال وإراقة دماء ، فأنطلق أبوا سفيان الى قومه ونادهم بأعلى صوته : يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فقال رسول االله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن
وأسرع الناس الى بيوهم يختبئون وامتلأت شوارع مكة بالمسلمين دون قتال”،ومن هذه الحادثة يتضح المقصد من المسكن حيث يعتبر أمنا في وقت الحرب.
وكذلك القرآن الكريم حرص على ضمان هذا الحق في قوله تعالى في سورة النحل ،الآية 80″ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ”.
بمعنى أن االله جعل البيوت أيا كان شكلها يلجأ إليه الناس ويشعرون فيها بالراحة ويؤمنون على أنفسهم حيث فيه تكون الطمأنينة والسكينة،ومنه فتولت الدولة حق تأمين المسكن في الشريعة الاسلامية انطلاقا من قول رسول االله صلى االله عليه وسلم (كلكم راعى وكلكم مسؤول عن رعيته “)،فالأمير الذي على الناس راع هو مسؤول عن رعيته، وفي احديث آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى االله عليه وسلم قال (ما من أمير عشيرة إلا يؤتي يوم القيامة لا تفكه إلا العدالة “،ومن مقاصد العدل توفير المسكن ،حيث منحت الشريعة الاسلامية للفرد حريته الكاملة في اتخاذ المسكن الذي يراه مناسبا له مادام لم يضر بالآخرين أو يتعسف باستعمال حقه في التملك .
المحور الثاني :دور المجال القانوني في حماية الوطن من خلال حماية الممتلكات والحق في الملكية بين التشريع الوضعي وتوجيه السنة النبوية.
فقد اهتمت الشريعة الإسلامية بالملكية الخاصة ووضعت القواعد الكفيلة بحمايتها، ومنع الاعتداء عليها لتؤدي دورها الفاعل في المجتمع الإسلامي.
والأدلة على مشروعية الملكية الخاصة في الشريعة الإسلامية من الكتاب والسنة كثيرة، فمنها قوله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) سورة النساء -7-
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه ” أخرجه مسلم وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقد وضعت الشريعة الإسلامية كثيراً من الضوابط التي تكفل للملاك أن يحفظوا حقوقهم، وإن في تحريم الإسلام للسرقة والغصب، وإيجاب رد المال لصاحبه، ومعاقبة السارق بالحد، والغاصب بالتعزير، ووصف قطاع الطرق بالمحاربين، والأمر بأن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يقتلوا أو يصلبوا، في كل ذلك ما يدل على حماية الإسلام التامة للملكية الخاصة، وتحريمه لأي اعتداء عليها، قال تعالى في سورة المائدة في الآية 38 “والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” وقال صلى الله عليه وسلم: ” من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة ” فقال له رجل: يا رسول الله؛ وإن كان شيئاً يسيراً؟ قال: “وإن قضيباً من أراك ” أخرجه مسلم.
وعن المجال القانوني فقد اهتم بحق الملكية ،إذ يعتبره ركيزة أساسية لضمان الإستقرار ويلعب دورا لا يستهان به في حماية الوطن ،بل وفي ترسيخ حب الوطن وقيم المواطنة ،فالتغير الحديث في فلسفة القانون يهدف إلى حذف مفهوم حق الملكية “المطلق” من القانون المدني ،وإضافة إلى ذلك فقد فرض القانون مجموعة من القيود على حق الملكية مما جعله مرتبطا بالحقوق المحيطة الأخرى،أو أي مصلحة يقررها المجتمع.
وهناك مثالا عن الطبيعة النسبية لحق الملكية يتمثل في البند الذي يمنع المالك من الإستخدام المفرط لحقه بطريقة تضر ملكية جاره ،وهذا مانجده مكرس في القانون المدني الجزائري تحت مسمى نظرية التعسف في إستعمال الحق ،إذ تنص المادة 124 مكرر “يشكل الإستعمال التعسفي للحق خطأ لا سيما في الحالات الآتية:
-إذا وقع بقصد الإضرار بالغير
-إذا كان يرمي للحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير
-إذا كان الغرض منه الحصول على فائدة غير مشروعة[18].
*فبالنسبة للمعيار الأول وهو قصد الإضرار بالغير:
وهو الذي جاء في الفقرة الأولى من المادة 124مكرر من القانون المدني الجزائري بقولها”إذا وقع بقصد الإضرار بالغير” وهذا يعتبر معيار ذاتي أي شخصي ،يتحقق كلما ثبت أن صاحب الحق وهو يستعمل حقه،قد اتجهت نيته للإضرار بالغير،حتى ولو قصد في الوقت ذاته تحقيق مصلحة لنفسه.
فمسـألة حسن النية وسوءها لها دور كبير ،فإذا ثبت سوء نية صاحب الحق وأنها تتجه للإضرار بالغير ،فإن التعسف يتحقق بغض النظر عما قد يتحقق من مصلحة لصاحب الحق بعد ذلك.
والقضاء يستعين في اكتشاف هذا العنصر الذاتي الشخصي الذي يختلف من شخص إلى آخر ،إلى بعض القرائن ومنها عدم وجود مصلحة لصاحب الحق في استعماله لهذا الحق .
فالشخص الذي يستعمل حقه دون أن تكون له أي مصلحة في ذلك أو وجود مصلحة لكنها قليلة بقدر الضرر اللاحق بالغير.
فالرجل العادي لا يمكنه أن يستعمل حقه بقصد الإضرار بالغير،وفي نفس الوقت لا يعود عليه إلا بنتائج قليلة[19].
وهذا المعيار هو الذي أخذ به القضاء الفرنسي ،فقد جاء على لسان محكمة “كولمار” “ومن حيث أن المبادئ العامة تقضي أن حق الملكية هو عموما حق مطلق ،يسمح لصاحبه الإنتفاع به كما يشاء،لكن بشرط وجود هدف تحقيق مصلحة جدية ومشروعة،بحث إن مبادئ العدالة والأخلاق تتعارض مع تأييد القضاء لدعوى لا تبررها أية مصلحة مشروعة،أو منفعة شخصية ،وهي بهذا تلحق بالغير أذى جسيما”
وتتلخص وقائع القضية في أن شخصا قام ببناء مدخنة على سطح ملكه،وثبت للقضاء أن صاحب المدخنة لم يكن يصبوا من خلالها إلى تصريف الدخان في الهواء ،وإنما كان قصده هو حجب النور والهواء كذلك على ملك جاره لذلك قضى هذا الحكم بهدم هذه المدخنة.
*وبالنسبة للمعيار الثاني الذي يهدف للحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير:
وهو الذي تناوله المشرع الجزائري في الفقرة الثانية من المادة 124 من التقنين المدني الجزائري التي تنص”إذا كان يرمي للحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير”.
وهذا يختلف عن المعيار الأول إذ هو معيار مادي لا يأخذ القاضي فيه مسألة النية بعين الإعتبار ،بل ينظر إلى النتائج الخارجية الظاهرة من استعمال الحق وهي المصالح التي يجنيها صاحب الحق من استعماله ،وكذلك نسبة الأضرار التي يتسبب فيها للغير.
فإذا تبين للقضاء أن الأضرار كبيرة في نسبتها مع تلك المصالح المتحصل عليها من جراء استعمال هذا الحق،أُعتبر صاحب الحق متعسفا في إستعمال حقه.
فالموازنة هنا تكون بين مدى تعارض المصالح ،مصلحة صاحب الحق في استعمال حقه كما يشاء ،ومصلحة الغير في أن لا يتعرض لضرر من جراء هذا الإستعمال.
وهنا نجد حكم لمحكمة ولاية عنابة الجزائرية القاضي بغلق نوافذ حمام فتحت بجانب أحد الفنادق،مما جعل دخان محركات هذا الحمام التقليدي تصل إلى غرف نزلاء الفندق مما يسبب لهم إزعاج.
وهذا الحكم جاء لما رأى القضاء أن قيمة الأضرار الاحقة بالفندق أكبر جسامة من المنفعة المرجوة من هذه المدخنة.وهذا هو الإستعمال التعسفي للحق حسب هذا المعيار الثاني الذي يعتمد على مجرد إختلال التوازن بين المصالح[20].
*أما بالنسبة للمعيار الثالث وهو معيار المصلحة الغير المشروعة:
وهو الذي تناوله المشرع الجزائري في الفقرة الثالثة من المادة 124 مكرر من التقنين المدني الجزائري التي تنص “إذا كان الغرض منه هو الحصول على فائدة غير مشروعة”.
وهذا المعيار يعتمد على مسألة البحث في هل المصالح التي يتوخاها صاحب الحق من وراء استعمال حقه ،فإذا ثبت للقضاء أنها مصالخ غير مشروعة أعتبر صاحب الحق مرتكبا لخطأ وهو الإستعمال التعسفي للحق مما يستوجب منه التعويض للشخص المضرور.
حيث أن الحقوق شُرعت لتحقيق المصالح المشروعة،وعليه لا يمكن للقضاء وكذلك المشرع أن يسمح بإستعمال الحقوق بغرض تحقيق مصالح غير مشروعة .
ونجد مجال هذا المعيار كثيرا في قضايا الملكية وخصوصا منازعات عقود العمل بين أرباب العمل والعمال ،وخاصة إذا كان هذا العامل ينادي بحقوقه بمعية نقابات العمال ،حيث نجد حكم حديث لمجلس قضاء قسنطينة[21] قضى في مسألة قيام رب العمل بتسريح عامل من منصبه ،بإرجاع العامل لعمله مع استفادت العامل من تعويض جراء التسريح التعسفي الذي كان الغرض منه تحقيق مصلحة لرب العمل وهي غير مشروعة.[22]
وهذا يبين أن القانون فعلا عاملا مهما في ترسيخ قيم المواطنة وحب الوطن وداعم للإستقرار ،إذ بهذه المادة القانونية 124مكرر نرى تنظيم العلاقات بين الأفراد على أساس أخلاقي وهذا المبدأ الخاص بالسلوك السامي قد تخلل جميع أرجاء القانون،ليُعطي المقياس والمعيار الذي يمكن من خلاله قياس مشروعية وقانونية تطبيق مواده .
وعليه أي مصلحة أو هدف يراه القانون باعتباره يجسد درجة من استحقاق اللوم أو الإجحاف من جانب مالك الحق ،أوالتمييز والظلم من منظور الشخص المتضرر ،يكون غير مشروع،وأي موقف قانوني في المجال المدني يخفق في تلبية القواعد الأخلاقية التي أرستها هذه المادة تنتفي منه المشروعية.
كما أن الجار ليس له الحق في التصرف ضد جاره في حالة الأضرار المألوفة التي لا يمكن للجار تفادي وقوعها ،ويمكن للجار أن يطلب إزالة هذه الأضرار إذا تجاوزت المألوف وفقا للعرف وطبيعة الأراضي.
هذا والسنة النبوية المشرفة اهتمت بنظرية التعسف في إستعمال الحق ،إيمانا منها أنها تعتبر صمام أمان في تحقيق الإستقرار وضمان إستقرار الحقوق وبالتالي إستقرار الوطن برمته.
فعن ما رواه أبو سعيد الخذري رضي اله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال”لا ضرر ولا ضرار”
فقد أرسى هذا الحديث بوجيز عبارته أصلا من اصول الدين وهو إبعاد الضرر بجميع وجوهه وصور،حيث يقول الإمام الشوكاني على هذا الحديث إنه قاعدة من قواعد الدين تشهد له كليات وجزئيات ،حيث أن ما جاء فيه مجملا قد فصلته أحكام الشريعة بما ثبت من نصوص من القرآن الكريم أو من السنة المطهرة ايضا،كالنهي عن مضارة الأبوين بعضهما ببعض في شأن الرضاعة وكذلك النهي عن المضارة في الوصية.
وكذلك نجد صدى هذه النظرية في منع الإحتكار ومنع بعض البيوع ،كتلقي الركبان،وبيع حاضر لباد[23]،حيث قال إبن عمر نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لبادٍ،فقيل لإبن عباس ما قوله لا يبيع حاضر لبادٍ،قال أي لا يكون له سمسار.
هذا وكذلك في وجوب الحجر على المفلس في تصرفاته المالية ،فكل هذه الأحكام تعود علتها إلى الضرر المترتب والناشئ عليها.
كما نجد دليل آخر على تناول السنة النبوية لنظرية التعسف في استعمال الحق ،فقد روى أبو داود في سننه أن جعفر بن علي زين العابدين ،قال كان لسمرة بن جندب عضد في حائط-بستان- رجل من الأنصار ومع الرجل أهله ،فكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به الرجل فيشق عليه،فشكى ذلك الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصاري ،بعه ،فأبى،قال فأقلعه ،فأبى ،قال فهبه ولك مثلها في الجنة،فأبى ،فقال رسول اله صلى الله عليه وسلم أنت مُضار ،ثم قال لصاحب الحائط إذهب فأقلع نخله[24].
ففي هذا الحديث دلالة قوية في منع إستعمال الحق الخاص،إذا ما ترتب عليه ضرر للغير،حيث أن سمرة كان يستعمل حقه في الوصول إلى نخله،وكان في إستعماله ما يؤدي الأنصاري صاحب البستان.
حيث منعه النبي صلى الله عليه وسلم بأمره قلع نخله ،وذلك بعد أن صار إلى التوفيق في الأمر،عن طريق المعارضة المادية ،وكذلك الترغيب في الثواب الأخروي،ليصل إلى حسم الضرر حسما ،بعد استنفاد السبل التوفيقية.
وعليه يكون الحديث بهذا المعنى أصلا لقاعدة منع المضارة المترتبة على إستعمال الحق.
هذا وقد يرى البعض أن قلع نخل سمرة كذلك ضرر فكيف يقابل ضرر بضرر،على فعل هو في الأصل مما يصان شرعا ألا وهو حق الملكية،لكن مافعلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأمره قلع نخله مبني على الموازتة بين المضار،فضرر صاحب البستان وتأذيه من دخول سمرة بستانه ،هو ضرر أعظم من ضرر سمرة بن جندب بقلع نخله،والذي رفض جميع الحلول المقترحة،وعليه فالأمر بالقلع في هذه الحالة ،إنما كان عن الإصرار على المضارة من عدم قبول ما يدفع ضرر المالك.
ومنه لا يقبل القول بأن سمرة قد تصرف في ملكه بإطلاق دون النظر إلى ما يترتب عليه من الأضرار الراجحة واللاحقة بالغير.
وذا ما وضحه الإمام إبن القيم الجوزية بقوله[25]“وصاحب القياس الفاسد يقول لا يجب عليه أن يبيع شجرته،ولا يتبرع بها ولا يجوز لصاحب الأرض أن يقلعها،لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه،وإجباره على المعارضة عليه.
وصاحب الشرع أوجب عليه،إذا لم يتبرع بها أن يقلعها،لما في ذلك من مصلحة صاحب الأرض،لخلاصه من تأذيه بدخول صاحب الشجرة،ومصلحة صاحب الشجرة بأخذ القيمة وإن كان عليه في ذلك ضرر يسير ،فضرر صاحب الأرض ببقائها في بستانه أعظم،فإن الشارع الحكيم،يدفع أعظم الضررين بأيسرهما ،فهذا هو الفقه والقياس والمصلحة .
وكخلاصة من هذا الحديث نجد أن الحق الفردي لا يُخول إستعماله سلبا أو إيجابا ،إذا لزم عنه ضرر بالغير،ولو كان لصاحبه غرض صحيح في هذا التصرف ،ويُمنع من ذلك فضلا عن أنه يُؤثم إذا قصد الإضرار بالغير[26]،مما يدل على أن هذا الحديث يُعد أصلا من الأصول التي تنبني عليها نظرية التعسف في صورة وأساس الترجيح بين المصالح عند تعارضها،وتطبيقا للقاعدة الشرعية”الضرر الأشد يُزال بالأخف”.
فيعد هذا الحديث أصلا وتطبيقا لها في معيارها المادي،بمعنى ترتب الضرر على التصرف.
الخاتمة
نستطيع الجزم أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش منفردا في حياته مهما توفرت له الإمكانيات،فتراه يبحث دائما عن مجموعة من الناس لينظم إليها ،فيشكلون معا ما يسمى الجماعة أو المجتمع،لذلك النظام من أركان قيام المجتمعات الإنسانية،فلا يمكن تصور نجاح أي جماعة تعيش في حالة من الفوضى والظلم والإضطهاد وسلب الحقوق،فلجأ الإنسان إلى ما يسمى بالقانون الذي يضمن قيام النظام واستمراره وبالتالي استمرار استقرار الوطن .
ولا يزال دارسو القانون في اجتهاد مستمر من أجل موائمة ومرونة النصوص القانونية لتواكب تطور المجتمعات وتفكير الإنسان .
قائمة المراجع:
الكتب:
إبن رجب الحنبلي: القواعد في الفقه الإسلامي-لبنان –دار الكتب العلمية-الطبعة الأولى -1992
أنظر عبد الرزاق السنهوري:الوسيط في شرح القانون المدني الجزائري-مصادر الإلتزام-الجزء الأول-القاهرة-1952
البخاري :كتاب البيوع-باب كره أن يبيع حاضر لباد بأجر-حديث رقم2159-الجزء الرابع
حبشي لزرق:أثر سلطة التشريع على الحريات العامة وضماناتها-رسالة دكتوراه-كلية الحقوق والعلوم السياسية-تلمسان-الجزائر-سنة 2012-2013
حمادي عبد النور: المسؤولية المدنية للمحامي-مذكرة ماجستير –جامعة تلمسان 2011
حنان براهمي: إجتهاد القاضي في مجال الحقوق والحريات في ظل الإتفاقيات الدولية-مجلة الإجتهاد القضائي-العدد04-جامعة محمد خيضر –بسكرة-الجزائر
سنن أبو داود –كتاب الأقضية-باب من القضاء –حديث رقم3636—ار الجيل-لبنان-الطبعة الأولى-الجزء الثالث-1992
صابريني غازي حسين: الوجيز في حقوق الإنسان وحرياته الأساسية-الطبعة الثانية –مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع-عمان-الأردن-1997
صحيح البخاري-في كتابه الطب –باب ما يذكر في الطاعون 5396
صحيح البخاري-في كتابه الطب-باب ما يذكر في الطاعون الرقم 5369
الطاهر بن خرف الله:المدخل إلى الحريات وحقوق الإنسان-دار النشر والتوزيع –الجزائر-الجزء 2-الجزائر 50
علي علي سليمان :ضرورة إعادة النظر في القانون المدني-العدد21-سنة 1983
محفوظ لعشب:التجربة الدستورية في الجزائر-المطبعة الحديثة في الفنون المطبعية –الجزائر-2001
محمد صبحي حمد نجم:شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري-دار المطبوعات الجامعية-الجزائر-سنة 1984
الكتب الأجنبية:
Sonia ELEUCH MALLEK :la protection du droit à l’image,cinquante ans ,jurisprudence civile(1959-2009)-N28-P69
Dalloze -2002,chron-N129-P30
المجلات والنصوص القانونية:
الدستور الجزائري لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 16/01 المؤرخ في 06 مارس 2016-الجريدة الرسمية 14
فطيمي الزهرة:التعليق على المادة 124 مكرر وفق تعديل القانون المدني بالقانون 05-10 الموافق ل20يونيو 2005-مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية-العدد3
مجلة نشرة القضاء –العدد4-سنة 1986
مجلة المحكمة العليا الجزائرية –العدد 01-سنة 2010
الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان 1395 الموافق26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 07-05 المؤرخ في 13 مايو 2007
الأمر رقم66-155 المؤرخ في 18صفر1386الموافق ل08يونيو1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم
قانون العقوبات الجزائري-الأمر رقم66-156-المؤرخ في 18 صفر1386 الموافق ل 08 يونيو سنة 1966المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم
[1] -أنظر الدستور الجزائري لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 16/01 المؤرخ في 06 مارس 2016-الجريدة الرسمية 14
[2] – صابريني غازي حسين: الوجيز في حقوق الإنسان وحرياته الأساسية-الطبعة الثانية –مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع-عمان-الأردن-1997-ص 130
[3] -أنظر صحيح البخاري-في كتابه الطب –باب ما يذكر في الطاعون 5396
[4] – أنظر صحيح البخاري-في كتابه الطب-باب ما يذكر في الطاعون الرقم 5369
[5] -الطاهر بن خرف الله:المدخل إلى الحريات وحقوق الإنسان-دار النشر والتوزيع –الجزائر-الجزء 2-الجزائر-ص 50
[6] -أنظر نص المادة 1 من قانون العقوبات الجزائري-الأمر رقم66-156-المؤرخ في 18 صفر1386 الموافق ل 08 يونيو سنة 1966المتضمن قانون العقوبات المعدل والمتمم
[7] -أنظر حبشي لزرق:أثر سلطة التشريع على الحريات العامة وضماناتها-رسالة دكتوراه-كلية الحقوق والعلوم السياسية-تلمسان-الجزائر-سنة 2012-2013-ص 130
([8]) أنظر، حمادي عبد النور: المسؤولية المدنية للمحامي-مذكرة ماجستير –جامعة تلمسان 2011-ص 50
[9] -عرف المشرع الجزائري النظام الخاص بالتعويض عن الخطأ القضائي في الأحكام التي تضمنها القانون 01/08 المؤرخ في08جوان والمتضمن قانون الإجراءات الجزائية الذي أحدث في الباب المتعلق بطلبات إعادة النظر والخطأ القضائي فصلا ثانيا عنوانه”التعويض عن الخطأ القضائي”.
حيث تنص المادة 531مكرر 1″تتحمل الدولة التعويضات الممنوحة لضحية الخطأ القضائي أو لذوي حقوقه،ومصاريف الدعوى ونشر القرار القضائي وإعلانه،ويحق للدولة الرجوع على الطرف المدني أو المبلغ أو الشاهد زورا ،الذي تسبب في إصدار حكم الإدانة ،ينشر قرار براءة المتهم في دائرة إختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم وفي دائرة المكان الذي أُرتكبت فيه الجناية أو الجنحة،وفي دائرة المحل السكني للملتمس وآخر محل سكن لضحية الخطأ القضائي إذا توفيت،بالإضافة إلى ذلك ينشر القرار عن طريق الصحافة في ثلاث جرائد تابعة لدائرة إختصاص المحكمة التي أصدرت القرار”.
([10]) تنص المادة 531 مكرر: “يمنح للمحكوم عليه المصرح ببراءته بموجب هذا الباب أو لذوي حقوقه، تعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي يسبب فيه حكم الإدانة”.
[11] – أنظر الأمر رقم66-155 المؤرخ في 18صفر1386الموافق ل08يونيو1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل والمتمم
[12] -حنان براهمي: إجتهاد القاضي في مجال الحقوق والحريات في ظل الإتفاقيات الدولية-مجلة الإجتهاد القضائي-العدد04-جامعة محمد خيضر –بسكرة-الجزائر-ص330
[13] -Sonia ELEUCH MALLEK :la protection du droit à l’image,cinquante ans ,jurisprudence civile(1959-2009)-N28-P69
[14] -مجلة المحكمة العليا الجزائرية –العدد 01-سنة 2010-ص 46
[15] -Dalloze -2002,chron-N129-P30
[16] -محمد صبحي حمد نجم:شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري-دار المطبوعات الجامعية-الجزائر-سنة 1984-ص40
[17] – محفوظ لعشب:التجربة الدستورية في الجزائر-المطبعة الحديثة في الفنون المطبعية –الجزائر-2001-ص 97
– الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 20 رمضان 1395 الموافق26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل والمتمم بالقانون رقم 07-05 المؤرخ في 13 مايو 2007[18]
[19] -أنظر فطيمي الزهرة:التعليق على المادة 124 مكرر وفق تعديل القانون المدني بالقانون 05-10 الموافق ل20يونيو 2005-مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية-العدد3- ص20
[20] -أنظر علي علي سليمان :ضرورة إعادة النظر في القانون المدني-العدد21-سنة 1983-ص 08
[21] -مجلة نشرة القضاء –العدد4-سنة 1986-ص81
[22] -أنظر عبد الرزاق السنهوري:الوسيط في شرح القانون المدني الجزائري-مصادر الإلتزام-الجزء الأول-القاهرة-1952-ص842
[23] -البخاري :كتاب البيوع-باب كره أن يبيع حاضر لباد بأجر-حديث رقم2159-الجزء الرابع-ص372
[24] -سنن أبو داود –كتاب الأقضية-باب من القضاء –حديث رقم3636—ار الجيل-لبنان-الطبعة الأولى-الجزء الثالث-1992-ص 314
[26] -إبن رجب الحنبلي: القواعد في الفقه الإسلامي-لبنان –دار الكتب العلمية-الطبعة الأولى -1992-ص142