في الواجهةمقالات قانونية

موسسة والي الأمن في المنظومة الأمنية والتشريع المغربي

 

موسسة والي الأمن في المنظومة الأمنية والتشريع المغربي

 

سعيد اعبار طالب باحت بسلك الماستر تخصص  العلوم الجناىية بكلية الحقوق بمكناس)

يعتبر الأمن من أهم الوظائف الأساسية للدولة ومظهر من مظاهر سيادتها ومرفق عمومي دو أبعاد حساسة وحيوية وارتبط أساسه الفلسفي بمناط وجود الدولة باعتبارها السلطة الحارسة والمسوولة عن حماية الأمن والنظام العام وتعدد الموسسات والهيئات المخولة لها حماية امن العباد والبلاد فمنها العسكرية والأمنية والاستخبارتية وفي هدا الإطار عمد المغرب مند بزوغ فجر الاستقلال على إرساء وبناء دعائم الدولة الحديثة من خلال تأسيس أجهزة أمنية وعسكرية قادرة على حماية حوزة البلاد وهدا ما ترجمه قيام المغفور له جلالة الملك محمد الخامس قدس الله روحه على تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني سنة 16 ماي 1956 هده الموسسة العتيدة التي استطعت على مر العقود تقديم تضحيات جسام في سبيل امن الوطن والمواطنين.

تعد المديرية العامة للأمن الوطني فاعلا رئيسيا ومحوريا في المنظومة الأمنية المغربية كجهاز مكلف بالحفاظ على الأمن والنظام العام وحماية الأشخاص والممتلكات وساهرا على تطبيق القانون طبقا للفصل الثاني من الظهير شريف رقم 1,09,213المتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني ويترأس هده الموسسة الأمنية المدير العام للأمن الوطني الذي يعتبر رئيسا لبنية أمنية كبيرة تضم ثمانية مديريات مركزية ومصالح متعددة ويخضع المدير العام للإشراف الملكي حيت يتم تعينه من قبل جلالة الملك بظهير شريف وبالتالي يعتبر مسو ولا أمام الملك فقط الذي يختاره , دون سلطة أخرى.[1]

وفي هرمية جهاز الأمن الوطني يعتبر والي الأمن الرجل الثاني داخل سلالم الإدارة الأمنية وفي سلالم الوظيفة الأمنية وهو موضوع هده الدراسة المتواضعة.

موسسة والي الأمن هي احد أعمدة المنظومة الأمنية ودرجة من درجات الهرمية الإدارية داخل المديرية العامة للأمن الوطني ويصنف والي الأمن ضمن إطار او سلك التدبير والإدارة وهو كذلك المخاطب الأول لدى المدير العام للآمن الوطني الشي الذي يساعد في عملية عدم تشتت المعلومة الأمنية ومحاربة البطى في اتخاذ القرار الأمني وبالتالي المساعدة في التحقيق في بعض الجرائم وهدا ماسيودي إلى تحسين تنظيم العلاقة بين المديرية العامة و والي الأمن وستصبح العلاقة بين المدير العام ووالي الأمن شبيهة بالعلاقة بين والي الجهة ووزير الداخلية.[2]

يتم تعين والي الأمن من طرف جلالة الملك بظهير شريف طبقا للمادة التالتة من الظهير شريف المتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني والنظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني ودلك بالنسبة للولاة الأمن على المستوى المركزي وطبقا للمادة الثانية من الظهير 1999 المتعلق بالتفويض في التعين بالنسبة للولاة الأمن المعينون على رأس ولايات الأمن ويجعل من التعين الملكي لوالي الأمن شخصية تتمتع بنوع من الاستقلالية الذي يضفي عليه مكانة خاصة تسمح له بالتصرف بحرية في المجال الأمني علاوة على استشارته من قبل عمال الأقاليم في المسائل الأمنية على صعيد الإقليم وما يتمتع به من صلاحيات وسلطات واسعة على الصعيد الإقليمي والجهوي.

توجد تحت إمرة والي الأمن مجموعة من المصالح والأجهزة ويقع تحت سلطته مجموعة كبيرة من الموظفين من مختلف الرتب (عمداء إقليمين وعمداء مركزين وعمداء شرطة وضباط امن وشرطة ومفتشين وقواد امن وحراس امن)وكدا روساء المناطق الأمنية وروساء مفوضيات شرطة وروساء دواىر أمنية  بالإضافة الى مصالح وعتاد لوجستكي ضخم ويتبع لموسسة والي الأمن مجموعة من المصالح وهي[3]:

المصلحة الولاىية للشرطة القضائية ومصالح الشرطة القضائية على صعيد المناطق الأمنية والمفوضيات التابعة لولاية الأمن

المصلحة الولاىية للاستعلامات العامة ومصالح هده الأخيرة في باقي المناطق الأمن ومفوضيات شرطة تابعة لولاية الأمن

القيادة العليا للهيئة الحضرية ومصالح الأمن العمومي

مصلحة الشرطة السياحية

المصلحة الولاىية للاتصالات والمواصلات

مصلحة الشرطة العلمية والتقنية ومصلحة التشخيص القضائي

المصلحة الولاىية للتوثيق والوتاىق التعريفية

مصلحة حماية المواقع الحساسة

مجموعات الحفاظ على النظام وفرق مكافحة شغب

المجموعة الولاىية للسير ألطرقي وفرق المرور

مصلحة تفكيك المتفجرات

فرق الخيالة وشرطة السينوتقنية

مصالح شرطة الحدود

الفرقة الجهوية للتدخل

مصلحة المواصلات وقاعات القيادة والتنسيق

فرق الدارجين للأمن العمومي والشرطة القضائية

المصلحة الولاىية الإدارية وديوان الوالي

بالإضافة إلى مصالح إدارية أخرى

ويمكن تقسيم الصلاحيات واختصاصات التي يتمتع بها موسسة والي الأمن إلى تلاتة محاور:

المحور الاول:دور موسسة  والي الأمن في الحفاظ على الأمن والنظام العام

يعتبر والي الأمن المسوول الأول عن الأمن داخل نفوذه الترابي وهو بدلك يتخذ جميع الاجرءات اللازمة للحفاظ على النظام العام ومن هده التدابير الوقائية والمندرجة ضمن مهام الأمن العمومي السهر على حماية الأشخاص والممتلكات والحيلولة دون الإخلال بالأمن العام والسكينة العامة من خلال نشر الدوريات الأمنية الثابتة والمتنقلة وتكتيف العمليات الأمنية داخل المناطق التابعة له فهو بدلك أي والي الأمن مسوول على وضع مخططات أمنية والسهر على تتفيدها أيضا ويعمل كذلك على وضع السدود الإدارية والقضائية في النقط التي يراها صالحة حسب تقديره.

ومن المهام الأصلية لموسسة والي الأمن هي تامين التجمعات الكبرى كالمهرجانات والحفلات الكبرى والملاعب الرياضية وجميع الأماكن العمومية المستقطبة للتجمعات البشرية ودلك لضمان عدم حدوت اختلالات أمنية بها.

ويسهر والي الأمن كذلك على مراقبة  الفضاء العام عبر منع وفض جميع المظاهرات العمومية الغير المصرح بها والخارجة عن إطار القانون وكذلك جميع التجمهرات المسلحة أو الغير المسلحة المخلة بالأمن العام من خلال القوات العمومية ومجموعات الحفاظ على النظام الموضوعة تحت سلطته وإمرته ولا ننسى بالذكر تسهيل عمليات التدبير الطرقي والسير والجولان وتامين أنسابية المرور في المحاور الطرقية الخاضعة لنفوذه والتي تسهر عليها المجموعات الولاىية للسير الطرقي وفرق المرور التابعة لسلطة والي الأمن

المحور التاني :الدور الزجري لموسسة والي الأمن

من المهام اللصيقة بموسسة والي الأمن هي الدور الزجري من خلال زجر ومكافحة الجريمة بشتى أنواعها عبر التعليمات التي يصدرها لمصالحه لإيقاف الأشخاص المبحوث عنهم وتفعيل مذكرات الاعتقال فحقهم وكدا تكتيف الابحات الجنائية في القضايا الماسة بالأمن العام وبالإضافة إلى استهداف النقط السوداء المعروفة بارتفاع معدلات الجريمة ومحاربة جميع الشوائب والسلوكيات المتصلة بالإحساس بانعدام الأمن لدى المواطن,ويتمتع السيد والي الأمن بالصفة الضبطية طبقا للمادة 20 من قانون المسطرة الجنائية والتي تخوله صلاحية تلقي الشكايات والوشايات وفتح الابحات التمهيدية ونظرا للمكانة المهمة لموسسة والي الأمن فانه يعمل على توجيه الشكايات والوشايات التي تصل الى علمه الى رئيس المصلحة الولاىية للشرطة القضائية وروساء الشرطة القضائية التابعين له مرفوقة بتعليماته من اجل فتح ابحات بخصوصها مع إشعار الجهات القضائية المختصة وفي ذات السياق يشرف والي الأمن على عمل مصالح الشرطة القضائية وروساىها  باعتباره أيضا هو الرئيس المباشر لكل من روساء  المصلحة الولاىية للشرطة القضائية والمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية والفرق المحلية لهده الأخير ويسهر على حسن سيرها ويشرف شخصيا على الابحات في القضايا الكبرى المتسمة الخطورة كالاتجار الدولي في المخدرات وجرائم القتل والعصابات الإجرامية.

ويسهر والي الأمن على تطبيق القانون داخل نفوذه ترابي (القانون الجنائي وباقي نصوص الجنائية .قانون سير …..)وتولى مهمة زجر جميع السلوكات الخارجة عن القانون ( سرقة والاتجار في المخدرات .تسول .السكر …..)وتقديم أصحابها للعدالة هدا من جهة ومن جهة أخرى منح المشرع لوالي الأمن صلاحية تنفيذ بعض القرارات والأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الزجري وتأتي حصرا في بعض التدابير الوقائية و العقوبات الإضافية التي تحكم بها المحاكم  ومن الإقامة الجبرية وهي عقوبة جنائية أصلية حسب الفصل 16 من المجموعة الجنائية وتتجلى في تحديد المحكمة مكانا للإقامة لايجوز للمحكوم عليه الابتعاد عنه طبقا للفصل 25 من القانون الجنائي ويبلغ الحكم إلى المديرية العامة للأمن الوطني في شخص والي الأمن أو من ينوب عنه للسهر على تنفيذ مقتضياته ومراقبة المحكوم عليه , ومن التدابير الوقائية كذلك التي يسهر والي الأمن على تنفيذها وتطبيقها نجد الإجبار على الإقامة في  مكان معين حسب منطوق فصل 70 من القانون الجنائي الذي بنص صراحة على جواز المحكمة تعيين مكان للإقامة لايجوز الابتعاد عنه إلا برخصة ادا كان المتهم ارتكب إحدى الجرائم الماسة بسلامة الدولة ويشكل خطرا على النظام الاجتماعي ,ويبلغ الحكم إلى المديرية العامة التي تسهر على تطبيقه وله ان يسلم للمحكوم عليه رخصة للتنقل داخل القطر , ونضيف تدبير أخر وهو المنع من الإقامة الذي يندرج ضمن التدابير الوقائية أيضا وهو منع المتهم من التواجد في أماكن معينة ولمدة محددة نظرا لطبيعة الجرم المرتكب او شخصية الجاني ويتولى المدير العام للأمن الوطني تحرير قرار المنع من الإقامة والدي يحتوي على قائمة الأماكن الممنوعة على المتهم المحكوم عليه ان يحل بها ويرسل هدا القرار إلى والي الأمن المختص ترابيا من اجل تتبع وتنفيذ عبر مصالحه المختصة ويمكن للمدير العام تسليم رخص موقتة بالإقامة في الأماكن الممنوعة.[4]

المحور التالت :دور موسسة والي الأمن في مراقبة الأنشطة المقننة

كمبدأ عام يضمن الدستور للأشخاص الحرية الاقتصادية وحرية الإقامة والتجول وتشير القوانين إلى أن من بين ادوار الدولة هو منع الأنشطة والأوضاع القانونية التي من شانها خلق توترات اقتصادية أو من تداعياتها مايمس بمكونات النظام العام الوطني لهدا يخول للدولة إمكانية الحد من ممارسة بعض الحريات من خلال تقنين أنشطتها ووضعيات أفرادها بالاعتماد على بنيات إدارية مكلفة بالتتبع والمراقبة.[5]

يقوم والي الأمن من خلال مصالح الاستعلامات العامة التابعة له على بسط رقابته على مجموعة من الأنشطة والموسسات من خلال تتبعها ومراقبتها لمدى احترامها للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل وكدا القرارات ذات الصلة بها,وتشمل تدخلات مصالح الاستعلامات العامة او مايسمى أيضا بشرطة التقنين كل من الأنشطة المقننة وهي عبارة عن أنشطة اقتصادية مزاولتها تخضع لتقنين إداري خاص نظرا لحساسية مواضيعها ونتيجة التهديدات التي تشكلها فضاءاتها إضافة إلى دلك تمتد اختصاصات شرطة التقنين ليشمل فئة من الأشخاص الخاضعين لوضعية خاصة عند عزمهم الإقامة فوق المغرب من أجانب ومن يعادلهم في وضعياتهم.

وفي مجال الأنشطة المقننة بالمغرب يرتبط العمل اليومي لمصالح الأمن الوطني أو شرطي تقنين على تتبع ومراقبة كل أماكن وفضاءات بيع الأسلحة والمتفجرات وأماكن بيع المشروبات الكحولية والسهر على مدى احترام بعض الأماكن العمومية سواء مكونات أو خدمات كالفنادق والشقق المفروشة ودور السينما والمسارح والملاهي الليلة للقواعد والنظم القانونية التي تراعي الحفاظ على الأمن والصحة والطماىنية والأخلاق المتفق عليها من طرف المجتمع المغربي ويتسع اختصاص المراقبة ليشمل مراقبة العاب الحظ واليانصيب بجميع أشكالها.[6]

وتمتد أيضا مصالح المراقبة الأمنية التابعة لوالي الأمن داخل نفوذه لتشمل بعض الشركات من شركات الحراسة ونقل الأموال وقطاع سيارات الأجرة وكدا محلات نقل الأشخاص والبضائع بحت تخضع كذلك لسلطة ورقابة المصالح الأمنية .

ومنح المشرع في هدا الإطار لوالي الأمن صلاحية منح بعض التراخيص او الادونات لمزاولة بعض الأنشطة أما بصفة شخصية او عبر لجنة جهوية خاصة بدلك ومن التراخيص التي يختص بها بها رخص حمل السلاح الغير الظاهر ورخص استعمال المتفجرات ورخص الإقامة …. ..إلى أخره .

ويمنح والي الأمن بعض الادونات كدلك كالادن الذي يعطيه لشركات الحراسة ونقل الأموال من اجل القيام بتلمسات أمنية وتفتيشات جسدية للأكياس والأمتعة ووسائل نقل المنقولات ودلك بحضور ضابط أو عون شرطة قضائية معين من قبل والي الأمن طبقا للمادة 19 من المرسوم تطبيقي للقانون المتعلق بأعمال الحراسة ونقل الأموال ويمكن كذلك لوالي الأمن منح ادن خاص بصفة استتناىية ومعلل للقيام في الطريق العمومية بمهام الحراسة ضد السرقة وأعمال الإتلاف والكسر الذي يستهدف الممتلكات المعهود لشركات المذكورة حراستها وحمايتها.[7]

ومن المسووليات الملقاة على والي الأمن في هدا الإطار السهر على تطبيق وتنفيذ القرارات والمقررات الصادرة عن السلطات المحلية والولاىية (قرار عاملي مثلا) وقرارات ومقررات السلطات المنتخبة في إطار المهام والاختصاصات المعهودة إليهم بموجب القانون بحيث تبلغ هده القرارات والمقررات إلى السيد والي الأمن المختص ترابيا من اجل العمل على تطبيقها وتفعيلها على الميدان وضمان احترامها من قبل العموم.

 

 

 

 

 

 

 

سعيد اعبار طالب باحت في

سلك الماستر العلوم الجنائية بكلية الحقوق مكناس

باحت في الشأن الأمني

 

 

 

 

 

 

 

لاىحة المراجع:

موسسة الامنية بالمغرب

مجلة الشرطة المغربية عدد 22

ظهيررقم 1.09.213 المتعلق بالمديرية العامة للامن الوطني وموظفي الامن الوطني

ظهير 1999 المتعلق بالتفويض في التعين الصادر سنة 2002

القانون الجناىي المغربي

قانون المسطرة الجنائية

القانون 27.06 المتعلق باعمال الحراسة ونقل الاموال والمرسوم التطبيق المتعلق به

 

 

[1] ظهير شريف رقم 1.09.213 المتعلق بالمديرية العامة للامن الوطني صادر بتاريخ 23 فبراير 2010

[2] محمد شقير الموسسة الامنية بالمغرب صفحة طبعة 2016 صفحة 180

[3] محمد شقير الموسسة الامنية طبعة 2016 صفحة 180/181

[4] الفصول 25 و70و71 من القانون الجنائي المغربي

[5] مجلة الشرطة المغربية عدد 22 مارس 2017

[6] مرجع سابق م ج

[7] مرسوم رقم 2.09.97 بتطبيق قانون رقم 27.06 المتعلق باعمال الحراسة ونقل الاموال

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى