الـعـمـل عـن بـعـد
بلال الفقيري
طالب باحث بسلك ماستر العلوم القانونية – تخصص قانون الأعمال بكلية الحقوق أكدال الرباط
مقدمة:
تعتبر تكنولوجيا الإعلام والإتصال من بين أهم ما يميز مجتمعنا الحديث، فقد غزت بعمق مختلف المجالات وقامت بإحداث تغييرات جذرية لمجموعة من المفاهيم التقليدية.
ويبقى عالم الشغل أحد المجالات الأساسية التي امتدت إليها إرهاصات هذه التكنولوجيا، بحيث نشأت مفاهيم جديدة على مستوى مضمون الوظائف وأنماط العمل، وأصبح بالإمكان أداء العمل عن بعد، دون الحاجة إلى التنقل داخل أو خارج البلاد.
وقد أبانت جائحة “كورونا كوفيد 19” التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بعد، على أهمية العمل عن بعد باعتباره خيارا موازيا للعمل بمقر المؤسسة، نظرا للمزايا العديدة التي يوفرها للمشغل والأجير على حد سواء، فأصحاب المقاولات عادة ما يرغبون في منتج يتميز بالجودة والتكلفة المنخفضة، ويد عاملة مرنة تتوفر على مؤهلات عالية، بينما يرغب الأجراء من جهتهم في عمل يحقق لهم هامشا من الحرية والإستقلالية في أداء العمل، بعيدا عن رتابة العمل اليومي داخل المقاولات وما يترتب عن ذلك من إرهاق جسدي ونفسي،[1] وبعيدا عن كل المخاطر الصحية التي قد تصيبهم خاصة إذا كانت بالغة الخطورة كجائحة “كورونا كوفيد 19”.
إن أهم ما يميز العمل عن بعد هو تأثيره على مختلف المفاهيم التي تطبع العلاقة الشغلية بمفهومها التقليدي، سواء فيما يخص إبرام عقد الشغل أو إنهاءه، بالإضافة إلى العناصر المكونة لهذا العقد، ثم مختلف المقتضيات الرامية لحماية حقوق الأجراء بالدرجة الأولى.
ومنه نطرح الإشكال التالي:
كيف يمكن تحقيق التوازن بين الرغبة في تحديث أساليب العمل من جهة، وهاجس حماية الأجراء المرتبطين بعقود شغل عن بعد من جهة أخرى؟
تترتب عن هذا الإشكال عدة تساؤلات فرعية نوردها كالآتي:
– ما مفهوم العمل عن بعد؟ وأية خصوصية ينفرد بها عن العمل بمقر المؤسسة؟
– ما هو موقف المشرع المغربي من هذا النمط من الشغل؟
– هل يمكن إعمال المقتضيات القانونية الواردة بمدونة الشغل على العمل عن بعد؟
– ما هي الضمانات التي أقرها المشرع لإبرام عقد الشغل عن بعد وإنهائه؟
– أية حماية خصها المشرع لحقوق الأجراء المشتغلين عن بعد؟
– كيف تصدى القضاء لمختلف الثغرات والمقتضيات التي أغفل المشرع تنظيمها؟
في محاولتنا للإجابة على هذه التساؤلات سنقوم بالإعتماد على التصميم التالي:
المبحث الأول: ظهور مفهوم العمل عن بعد في ظل أزمة القواعد التقليدية لقانون الشغل
المطلب الأول: مفهوم العمل عن بعد وأهميته
المطلب الثاني: الخصوصيات المميزة لعقد الشغل عن بعد
المبحث الثاني: حدود الحماية القانونية للأجير في عقد الشغل عن بعد
المطلب الأول: حماية حقوق الأجير الفردية والجماعية
المطلب الثاني: حماية الأجير عن بعد من المخاطر المهنية
المبحث الأول: ظهور مفهوم العمل عن بعد في ظل أزمة القواعد التقليدية لقانون الشغل
سنقوم في هذا المبحث بإبراز مفهوم العمل عن بعد وضرورته في واقع الشغل (مطلب أول)، بعد ذلك سنحاول الوقوف على أهم الخصوصيات المميزة لعقد الشغل عن بعد (مطلب ثاني).
المطلب الأول: مفهوم العمل عن بعد وأهميته
أدى التطور الكبير الذي حصل في ميدان الشغل إلى صعوبة ضبطه وإعطائه تعريفا شاملا، لذلك سنحاول من خلال هذا المطلب الحديث عن مفهوم العمل عن بعد في الفقرة الأولى، فيما سنتحدث عن أهمية ظاهرة العمل عن بعد في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: مفهوم العمل عن بعد
اختلفت الآراء والإتجاهات الفقهية حول تعريف العمل عن بعد، فمنهم من يصطلح عليه بالتنقل الإلكتروني، ومنهم من يصطلح عليه العمل من مسافة بعيدة، ومنهم من يطلق عليه العمل في المنزل من خلال الشبكات وآخرون يسمونه العمل المرن،[2] وعليه فبقدر ما اختلفت الإتجاهات الفقهية حول مصطلح العمل عن بعد اختلفوا في تعريفه، فهناك من يعرفه بأنه شكل من الأعمال التي تستعمل فيها تقنية المعلومات الإلكترونية والإتصالات، وهناك من عرفه بكونه إدارة للعمل الوهمي أي ذلك العمل الذي لا يجتمع فيه الأجراء في مكان واحد للعمل.[3]
وبعد اطلاعنا على مدونة الشغل المغربية تبين لنا بالملموس غياب اهتمام المشرع بموضوع العمل عن بعد رغم تنامي أهميته من الناحية العملية،[4] في حين سلكت تشريعات أخرى طريقا مغايرا وفي مقدمتها يوجد التشريع الفرنسي، بحيث نجد المادة L1222-9 من مدونة الشغل الفرنسية تعرف عقد الشغل عن بعد بكونه: “كل شكل من أشكال تنظيم العمل من خلاله يتم تنفيذ كل عمل ممكن التنفيذ في المؤسسة خارج أسوار هذه الأخيرة، من طرف أجير بشكل إرادي مستعملا تكنولوجيا الإعلام والإتصال”.[5]
وتبعا لذلك، يمكن تنفيذ العمل عن بعد سواء في المنزل[6] أو في مراكز الإتصال أو من خلال الإعتماد على شبكة المقاولة، نظرا لأن الأمر أصبح يتعلق بعالم تكنولوجي لا يقيم وزنا لمكان العمل.[7]
الفقرة الثانية: أهمية العمل عن بعد
تتجلى أهمية العمل عن بعد في كونه وسيلة متطورة لإختصار المسافات والتخلص من القيد المكاني والزماني، مما يؤدي إلى تحقيق أرباح كبيرة بتكلفة منخفضة وفي وقت وجيز.
بالإضافة إلى ذلك، يستمد العمل عن بعد أهميته من كونه يوفر للمستخدمين هامشا من الحرية في اختيار أوقات عملهم، كما يخفف ثقل تكاليف التنقل إلى مكان الشغل ويفتح باب العمل أمام أشخاص في أماكن بعيدة عن المؤسسات والشركات، وكذا الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة الذين يصعب عليهم التنقل ذهابا وإيابا كل يوم للإشتغال.[8]
ناهيك عن ما يمكن أن يقدمه هذا الصنف من العمل من تحفيز للأجراء لبذل مجهود أكبر وتطوير طرق اشتغالهم، خاصة إذا علمنا أن الأجير الكفء يمكنه إنجاز العمل المنوط به في وقت وجيز مقارنة مع الأجير الأقل كفاءة.
كما أن ظهور جائحة “كورونا كوفيد 19” جعلت العمل عن بعد في مقدمة اهتمامات كافة الدول، نظرا لأنه يمكن الأجير من أداء عمله في مكان خال خطر الإصابة بالفيروس التاجي.
ولعل هذه المميزات هي التي بوأت العمل عن بعد مكانة خاصة وجعلته يفرض نفسه بقوة كواقع اجتماعي يحتاج التفاتة خاصة من المشرع، عبر خصه بنصوص تشريعية تساهم في تقليص الهوة بين الواقع والقانون.
المطلب الثاني: الخصوصيات المميزة لعقد الشغل عن بعد
مع ظهور العمل عن بعد أصبح إبرام هذا العقد يتسم بنوع من الخصوصية تستمر معه طيلة مدة سريانه (فقرة أولى) إلى غاية إنهائه (فقرة ثانية)، وهو ما سنتناوله تباعا في هذا المطلب.
الفقرة الأولى: خصوصيات إبرام عقد الشغل عن بعد وسريانه
يعتبر عقد الشغل من العقود الرضائية التي لا يلزم لقيامها أي شكل معين[9]، ما عدا في بعض الحالات التي نص فيها المشرع على ضرورة الكتابة،[10] غير أن عقد الشغل عن بعد يعرف بعض الخصوصيات نظرا لإرتباطه بوسائل الإتصال الحديثة، وفي هذا الإطار بادر المشرع إلى إصدار القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، وأتاح بذلك إمكانية إبرام العقود الإلكترونية ومن جملتها عقود الشغل عن بعد، ربحا للوقت والجهد والتكلفة[11]، على أنه يشترط في هذا العقد كغيره من العقود أن يكون متوفرا على الأركان الواردة في القواعد العامة، من رضا وأهلية ومحل وسبب.
ويمتد نطاق الخصوصية التي تميز عقد العمل عن بعد لمرحلة سريانه، بحيث تأثرت أهم العناصر المكونة له ونقصد هنا عنصر التبعية، فهذه الأخيرة باعتبارها رابطة قانونية بمقتضاها يتولى الأجير تقديم خدماته لفائدة المشغل الذي يبقى محتفظا بحق إدارة ومراقبة العامل أثناء تنفيذ عقد الشغل، وذلك بتوجيهه وتحديد الأعمال المطالب بإنجازها، ومراقبة مدى التزام الأجير بتلك التعليمات والأوامر مقابل أجر يتقاضاه الأجير عن ذلك،[12] قد عرفت تأثيرات هامة جعلتنا نتساءل عن مدى تناسبها مع مفهوم العمل عن بعد.
وفي هذا الإطار يرى بعض الباحثين أنه لم يتم تعطيل ركن التبعية القانونية في عقد الشغل عن بعد، بل الأمر بخلاف ذلك حيث أصبح لهذا العنصر حضور أقوى مما كان عليه في السابق، وهذا يظهر من خلال إمكانية متابعة المشغل لأعمال الأجير في أي لحظة عن طريق وسائل الإتصال الحديثة، سواء بواسطة الأنترنت، أو الهاتف، أو البريد الإلكتروني… هذه الوسائل تمكن المشغل من معرفة مكان الأجير والظروف التي يعمل فيها بل والنتائج التي وصل إليها، مع إمكانية إعطائه التوجيهات والتعليمات إذا استدعى الأمر ذلك.[13]
ولما كان عنصر التبعية من العناصر المهمة والجوهرية في عقد الشغل، والذي يجب توافره حتى تخضع العلاقة التي ينظمها العقد لمدونة الشغل، فإن المشرع ومراعاة منه لظروف بعض الأجراء اكتفى بمجرد الإقتصار على التبعية الإقتصادية دون التبعية القانونية، ولعل أهم نموذج يوضح ذلك هم أجراء المنازل،[14] باعتبار وضعيتهم تشبه وضعية الأجراء عن بعد،[15] وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن مدى إمكانية اعتماد التبعية الإقتصادية كأساس لإدخال العمل عن بعد ضمن نطاق تطبيق مدونة الشغل؟
إنه وأمام غياب أي تنظيم تشريعي لهذا النمط من العمل، يبقى القضاء الجهة المعول عليها لضمان حقوق الأجراء عن بعد، من خلال التعامل بحرص كبير مع مختلف الإشكالات التي يطرحها هذا العمل، خاصة إذا علمنا أنه تجاوز وصفه بكونه واقع اجتماعي إلى تحوله لضرورة ملحة لا مفر منها وبالضبط في ظل جائحة كورونا التي قضت مضجع العالم أجمع.
الفقرة الثانية: خصوصيات إنهاء عقد الشغل عن بعد
تتعدد أسباب إنهاء عقد الشغل فقد ينتهي بانتهاء مدته أو بانتهاء الشغل الذي كان محلا له، كما يمكن إنهاؤه من طرف المشغل في حالة ارتكاب الأجير لخطأ جسيم، ومع ظهور العمل عن بعد ظهرت مجموعة من الأخطاء الجديدة التي يمكن اعتمادها للقول بمشروعية الفصل، ومن بين هذه الأخطاء: تخزين معلومات شخصية في الحاسوب الخاص بالمقاولة، عدم الإجابة على المكالمات الهاتفية الموجهة من طرف المشغل نحو الأجير داخل أوقات العمل، إفشاء الرمز أو الكود الخاص بالمقاولة أو تغييره دون موافقة المشغل.
وفي هذا السياق قضت محكمة الإستئناف بالدار البيضاء في أحد قراراتها بما يلي: ” حيث إن الثابت في محضر البحث المجرى في النازلة ابتدائيا أن الأجير ارتكب خطأ جسيما يتمثل في … وأنه غير الرقم السري للحاسوب … وأن الجهاز كان ضروريا للشركة…”.[16]
إن ظهور هذه الأنماط الجديدة من الأخطاء الجسيمة كضمانة للمشغل في إطار عقود الشغل عن بعد، يفرض إقرار ضمانات موازية للأجير إلى جانب تلك المنصوص عليها في المواد من 61 إلى 65 من مدونة الشغل، كالتنصيص على إمكانية الإستماع إليه عن بعد وتحرير محضر في الموضوع من طرف إدارة المقاولة وتوقيعه من الطرفان بشكل إلكتروني، مع التنصيص على إمكانية حضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي الذي يختاره الأجير أثناء الإستماع إليه عن بعد.
هذا وإنه لمن الصعب على الأجير أن يتمتع ببعض الضمانات الأخرى الواردة في مدونة الشغل، كاللجوء لمفتش الشغل خاصة إذا كان الأجير يعمل في مكان بعيد عن المقاولة، على أن مفتش الشغل بدوره يصطدم في كثير من الأحيان بواقع لا يساعده على القيام بمهامه، كإشكالية حرمة منزل الأجير الذي يشتغل بمنزله في ظل العمل عن بعد، وبالتالي يصعب التثبت من المخالفات التي يكون قد ارتكبها هذا الأخير.
وقد تجاوزت وسائل الإثبات بدورها طابعها التقليدي، لتتبنى طابعا يستجيب للظرفية المعاشة بكل تطوراتها، إذ أصبح الإثبات يتم بواسطة SMS أو MMS، تسجيلات الفيديو والتسجيلات الهاتفية وغيرها.
وعليه فنصوص مدونة الشغل تحيلنا إلى زمن ما قبل الثورة التكنولوجية، زمن قديم ومتآكل ومنتهي الصلاحية،[17] بالرغم من أنها صدرت في وقت كان العمل عن بعد قد أخذ حظه من الدراسة والتحليل، وفرض نفسه بقوة كظاهرة في واقع الشغل، مما يجعلنا نتساءل عن طبيعة وفلسفة السياسة التشريعية ببلادنا.
المبحث الثاني: حدود الحماية القانونية للأجير في عقد الشغل عن بعد
كان من نتائج الخصوصيات التي صاحبت ظهور العمل عن بعد أن أثرت بشكل سلبي على حقوق بعض الأجراء، وليس هذا فحسب بل طال التأثير مختلف المخاطر المهنية التي يمكن أن يتعرض لها الأجراء عن بعد من جراء مزاولتهم لعملهم. لذلك سنتناول في المطلب الأول من هذا المبحث حماية حقوق الأجير الفردية والجماعية، بينما سنخصص المطلب الثاني لتدارس إشكالية حماية الأجير عن بعد من المخاطر المهنية.
المطلب الأول: حماية حقوق الأجير الفردية والجماعية
انطلاقا من عنوان هذا المطلب سنعمد لتقسيمه إلى فقرتين، نخصص الأولى لحماية حقوق الأجير الفردية بينما الفقرة الثانية لحماية حقوق الأجير الجماعية.
الفقرة الأولى: حماية حقوق الأجير الفردية
يعد الحق في احترام الحياة الخاصة أحد أكثر حقوق الأجير تضررا جراء العمل عن بعد، فبفعل الإستعمال المتزايد لتكنولوجيا الإعلام والإتصال تزايدت فرص المساس به وبشكل أسهل بكثير من ذي قبل، سواء أثناء تنفيذ عقد الشغل أو خلال مرحلة أبرامه.
فحينما يتقدم المرشح للعمل إلى المشغل بغية التعاقد معه والعمل لديه عن بعد، يقوم هذا الأخير بالبحث والتحري عنه، بهدف اختيار أنسب العناصر البشرية التي ستعمل لديه، لكن هذا البحث قد يكون له مدى أبعد يصل إلى معرفة معلومات تتعلق بالحياة الخاصة للمرشح للعمل، فينبش في أسرارها ويطال خصوصياتها، مستغلا ضعف هذا الأخير وحاجته إلى العمل.
أما خلال مرحلة تنفيذ العقد فقد يلجأ المشغل إلى مراقبة الأجير بمختلف الوسائل والأجهزة التكنولوجية الحديثة، من قبيل كاميرات المراقبة التي يمكنها مراقبة الأجراء ليس فقط في أداء العمل المنوط بهم بل أثناء تواجدهم في أكثر الأماكن خصوصية.
وهكذا أصبحت الحياة الخاصة للأجير الذي يشتغل عن بعد، في ظل هذه الوسائل التكنولوجية المتطورة، أكثر عرضة للتهديد من ذي قبل، خاصة وأن استخدام هذه الوسائل قد يتم بعلمه حينا وبدون علمه أحيانا أخرى.[18]
ولعل من أبرز الصعوبات التي يطرحها مفهوم الحياة الخاصة للأجير، تلك الصعوبة المتمثلة في مسألة تمييز الأوقات المهنية والأوقات الشخصية، لاسيما إذا علمنا أن الأجير يتمتع في عقد الشغل عن بعد بهامش من الحرية والإستقلالية في تحديد زمان ومكان الشغل، لهذا السبب عملت بعض التشريعات على إيـجـاد حـل لـهـذه الإشـكـالـيـة عـبـر إقـرار مــا يـسـمـى بــ “الـحـق فـي قـطـع الإتـصـال” “Le droit à la déconnexion”، ومن خلاله يمكن للأجير القطع مؤقتا مع الوسائل الرقمية التي تسمح له بأن يبقى متصلا في إطار مهني، بعد الإتفاق المسبق على هذا القطع المؤقت مع المشغل.
وبناء عليه، لا يحق لرب العمل معاقبة الأجير في حال رفضه الرد على المكالمات الهاتفية أو الإطلاع على الرسائل الإلكترونية أو النصية القصيرة خلال فترات الإجازة أو العطل أو خلال مدة قطع الإتصال المتفق عليها.
وتعتبر فرنسا أول بلد يقوم بإدخال الحق في قطع الإتصال على مستوى مدونة الشغل،[19] بعد أن كان محل مطالبات فقهية وقضائية عديدة، وبالتالي حرص المشرع الفرنسي على حماية الحق في الحياة الخاصة للأجراء عن بعد، دون إهدار حق المشغل في التواصل مع أجرائه ومراقبتهم عن بعد وتـوجـيـهـهـم داخل الأوقات المحددة للعمل. [20]
الفقرة الثانية: حماية حقوق الأجير الجماعية
لم يعد الأجراء في الوقت الحالي مجرد وسيلة من وسائل الإنتاج، بل أصبح يعتمد عليهم في المشاركة
في حل المشاكل العمالية عبر ممارسة عدة حقوق جماعية، من بينها الحق النقابي والحق في عضوية جهاز مندوبي الأجراء ولجنة المقاولة أو على الأقل الإستفادة من خدماتهم.
فمندوب الأجراء هو ذلك الأجير المنتخب من عامة الأجراء،[21] للدفاع عن مصالحهم الإجتماعية، فهو بمثابة الوسيط بين العمال والإدارة، مهمته تقديم جميع شكايات الأجراء إلى المشغل، أو إحالتها إلى العون المكلف بتفتيش الشغل إذا استمر الخلاف بشأنها،[22] أما لجنة المقاولة فقد أناط بها المشرع عدة مهام استشارية من بينها كل ما يتعلق بالإستراتيجية الإنتاجية للمقاولة ووسائل رفع المردودية، وكذا مختلف التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة.[23]
والملاحظ أن المشرع المغربي عندما أناط بلجنة المقاولة مهام الإستشارة في التغييرات الهيكلية والتكنولوجية للمقاولة، يكون قد أشار ولو من بعيد لمسألة الشغل عن بعد، بينما نص المشرع الفرنسي بشكل واضح في المادة L2312-8 من مدونة الشغل على أنه من بين اختصاصات اللجنة الاجتماعية والإقتصادية[24] استشارتها بشأن كل ما يتعلق باعتماد التكنولوجيا الحديثة للإعلام والإتصال في الشغل[25]، وهي إشارة صريحة للعمل عن بعد.
ويستفيد الأجير عن بعد من الحق في التمثيل النقابي أسوة بباقي الأجراء، باعتبار أن النقابة تمثل كافة العمال وتضطلع بالدفاع عن حقوقهم ومصالحهم دون تمييز بين أجير يعمل عن بعد وآخر يعمل بمقر المؤسسة، إلا أن هذا الأمر لا يغني من بعض التأثيرات السلبية للشغل عن بعد على العمل النقابي، والسبب في ذلك راجع لعزلة العامل عن بعد على محيط العمل وزملائه والنقابات التي تمثله، مما ينعكس سلبا على ممارسة الحق النقابي وبالتالي إضعاف قوة تكتل العمال وما يترتب عن ذلك من إضعاف دور النقابة في الدفاع عن حقوقه المادية والمعنوية.
وبالرغم مما تشكله التكنولوجيا الرقمية من انعكاسات سلبية على دور النقابات، إلا أنها تحمل العديد من الإيجابيات، فشبكة الأنترنت ساهمت في تقوية آليات التواصل بين العمال عن بعد والنقابة التي تمثلهم، عبر استعمال الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية ورسائل الهاتف النقال، ودعما لهذا الدور البارز لوسائل الإتصال الحديثة عمدت مختلف التشريعات على إقرار حق التنظيمات المهنية في استخدام وسائل الإتصال الحديثة بهدف التواصل مع ممثليها، وفي ممارستها لنشاطها، والأبعد من ذلك ألزمت أصحاب العمل بتوفير هذه الوسائل ووضعها رهن إشارة النقابة، كما اعترفت لجميع العمال ودون تمييز بحقهم في ممارسة النشاط النقابي من خلال استخدام هذه الوسائل،[26] وهي الضمانات التي نجدها غائبة عن تشريعنا المغربي.
المطلب الثاني: حماية الأجير عن بعد من المخاطر المهنية
بالموازاة مع الإيجابيات العديدة التي يوفرها عقد الشغل عن بعد، تحيط بهذا العقد مجموعة من الآثار السلبية على صحة وسلامة الأجراء، فتعامل الأجير مع الأجهزة التكنولوجية أدى إلى إضفاء نوع من الخصوصية على كل من الحوادث التي يمكن أن يتعرض لها بسبب عمله وكذا الأمراض المهنية التي تهدد صحته، لذلك سنقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فقرتين بحيث نخصص الأولى لحماية الأجير عن بعد من حوادث الشغل، ثم نقوم في الفقرة الثانية بالبحث في مختلف إشكالات حماية الأجير عن بعد من الأمراض المهنية.
الفقرة الأولى: حماية الأجير عن بعد من حوادث الشغل
نص المشرع المغربي في المادة 3 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل على أنه:
” تعتبر حادثة شغل كل حادثة، كيفما كان سببها يترتب عنها ضرر، للمستفيد من أحكام هذا القانون، سواء كان أجيرا أو يعمل بأي صفة تبعية كانت وفي أي محل كان إما لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين، وذلك بمناسبة أو بسبب الشغل أو عند القيام به، ولو كانت هذه الحادثة ناتجة عن قوة قاهرة أو كانت ظروف الشغل قد تسببت في مفعول هذه القوة أو زادت في خطورتها إلا إذا أثبت المشغل أو مؤمنه طبقا للقواعد العامة للقانون أن مرض المصاب كان سببا مباشرا في وقوع الحادثة”.
وبغية تقوية الحماية الاجتماعية للضحايا قامت محكمة النقض بإعطاء تعريف واسع لحادثة الشغل، حيث وصفتها بأنها: ” ما يصيب جسم الإنسان فجأة بفعل عنيف وبسبب خارجي”.[27]
ومن البديهي أن نتساءل فيما إذا كانت الحادثة التي تقع للأجير المشتغل عن بعد، تعتبر حادثة شغل أم لا؟ مع ما يترتب عن ذلك من إمكانية الإستفادة من الحق في التعويض.
فكما هو واضح من تعريف حادثة الشغل، لم يشترط المشرع ولا القضاء وقوع الحادثة في مكان معين، يكفي أن يقع هذا الحادث بمناسبة الشغل أو بسببه، أي أثناء أوقات العمل الفعلية للأجير، كما أن المشرع في المادة الثالثة أعلاه لم يشترط نوعا معينا من التبعية لإعتبار الحادثة حادثة شغل، لذلك نرى بأنه يجب اعتبار الحادثة التي تصيب الأجير أثناء عمله عن بعد بمثابة حادثة شغل بمفهوم القانون رقم 18.12، متى توافرت شروط هذه الأخيرة، وهو التوجه الذي أخذ به المشرع الفرنسي في المادة L1222-9 من مدونة الشغل الفرنسية[28]، فإقرار مقتضى كهذا يعتبر ضمانة هامة للأجير الذي قد يُفرض عليه العمل عن بعد، نتيجة لظروف استثنائية كما هو الحال بخصوص الجائحة سيئة الذكر التي يمر بها العالم حاليا.
على أن مسألة إثبات العلاقة السببية بين الحادثة والشغل تبقى من الصعوبة بمكان، إما لعدم وجود شهود عاينوا الحادثة وكذا لغياب المشغل أثناء وقوعها، إلى غير ذلك من الحالات الأخرى التي يصعب فيها الإثبات على الأجير المصاب.[29]
وفي الأخير نتساءل عن مدى إمكانية تصور وقوع حادثة طريق، بمفهوم المادة 4[30] من القانون رقم 18.12 بالنسبة للأجير الذي يشتغل عن بعد؟
في هذا السياق نرى بأنه يمكن تصور ذلك، إذا كان الشغل المزاول عن بعد يتم مثلا في مراكز الإتصال، أما إذا كان مزاولا في المنزل فإنه يصعب تصور ذلك نظرا لصعوبة التمييز بين محل الشغل ومحل الإقامة ومحل تناول الطعام، لذلك ينبغي على القاضي إذا عرضت عليه نازلة كهذه أن يدرس كل حالة على حدى، في انتظار تدخل المشرع عبر وضع نصوص قانونية واضحة تحسم في أمر مختلف هذه الإشكالات.
الفقرة الثانية: حماية الأجير عن بعد من الأمراض المهنية
أدى تعامل الأجير المتزايد مع الأجهزة التكنولوجية، باعتبارها الوسيلة الأساسية التي يعتمد عليها في عمله عن بعد، إلى ارتفاع نسبة الإصابة بمجموعة من الأمراض المهنية وكذا ظهور أمراض جديدة غير واردة في لائحة الأمراض المهنية المحددة قانونا[31]، فالعمل الطويل والمستمر أمام شاشة الحاسوب قد يخلق اضطرابات صحية تمس السمع والبصر وأيضا على مستوى الظهر والمفاصل، وغيرها من الإضطرابات التي تؤثر سلبا على صحة الأجير.
لذلك نتساءل عن مدى إمكانية تعويض الأجير في حالة إصابته بمرض مهني ناتج عن احتكاكه بأدوات العمل عن بعد؟
لقد خلقت الجداول الملحقة بظهير 31 ماي 1943[32] اختلافا بين الفقه حول تعداد الأمراض المهنية الواردة بهذه الجداول، وما إذا كانت واردة على سبيل المثال أم على سبيل الحصر، لذلك تدخلت محكمة النقض لتحسم هذا الخلاف واعتبرت في مجموعة من القرارات الصادرة عنها أن الأمراض الواردة في الجداول المحددة لها هي واردة على سبيل المثال وليس الحصر.
فقد ورد في أحد القرارات الصادرة عن محكمة النقض أنه:
” لكن حيث إن الأمراض المهنية موضوع ظهير 31/05/1943 وقرار 20/05/1967 إنما هي واردة على سبيل الإرشاد، وعلى الطبيب المزاول لمهنة الطب أن يقدم تصريحا بالمرض المهني أو المظنون أنه كذلك الذي شاهده في أحد العمال، سواء كان ذلك المرض مبينا او غير مبينا في الجداول.
وحيث إنه وإن كان مرض عرق النسا المصاب به المطلوب في النقض غير وارد في جداول الأمراض المهنية، فإن ذلك لا يمنعه من إثبات العلاقة السببية بين ذلك المرض والعمل الذي يقوم به.
والقرار المطعون فيه عندما خلص إلى أن “مرض عرق النسا” المصاب به المطلوب في النقض هو مرض مهني، بالنظر الى الوسط الذي يعمل فيه كسائق لشاحنات مشغلته طالبة النقض لمسافات طويلة ولعدة سنوات. واعتمد على التقارير الطبية المنجزة، والتي أكدت بأن ذلك المرض له علاقة مباشرة بعمله كسائق. ورتب على ذلك الأثر القانوني، يكون مرتكزا على أساس وغير خارق للمقتضى القانوني المثار، وتبقى الوسيلة المستدل بها غير جديرة بالإعتبار”.[33]
ونتيجة لذلك، إذا تبين أن السبب في مرض الأجير هو ظروف عمله، فإنه يستحق تعويضا لجبر الضرر الذي ألم به،[34] بغض النظر عن كون ذلك المرض وارد في جدول الأمراض المهنية أم لا.
وإذا كان إثبات مرض الأجير المرتبط بعقد شغل عن بعد في الأحوال العادية يعتبر صعبا، فما بالك في حالة إصابته بمرض نفسي، مادام هذا الأجير يظل عرضة لمجموعة من الأمراض النفسية كالإكتئاب والقلق الشديد والتوتر والكآبة والإرهاق وقد يصل الأمر به للإنتحار.[35]
خاتمة:
في نهاية هذا البحث، تبين لنا جدية وحجم الإشكالات التي يثيرها موضوع العمل عن بعد، فهذا الأخير بعد أن فرض نفسه في الواقع نتيجة لمختلف التطورات التكنولوجية التي نعيشها، أصبح اليوم في ظل جائحة “كورونا كوفيد 19” ضرورة ملحة أكثر من أي وقت سابق.
لذلك نرى بأنه آن الأوان لكي نقوم جميعا، كل من موقعه، برصد أهم الإشكالات التي يطرحها هذا الموضوع، اعتمادا على مختلف القواعد التقليدية المؤطرة للشغل وأخذا بعين الإعتبار كذلك لما نعيشه حاليا من تطور تكنولوجي، دون نسيان الإنفتاح على كافة العلوم كعلم الاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم السياسة…، وتجميع أهم الخلاصات لتكون نبراسا يضيء به المشرع طريقه نحو إحداث تعديل بحجم تطلعات الوضعية الراهنة والمستقبلية.
وعليه نتقدم ببعض المقترحات، حتى نكون قد ساهمنا بدورنا في هذا المشروع المجتمعي الهام:
– سن نظام خاص ينظم الشغل عن بعد؛
– إعطاء أهمية خاصة لإعداد كفاءات قادرة على ممارسة العمل عن بعد؛
– إيلاء الأهمية اللازمة للعمل عن بعد بالنسبة للأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، نظرا لما يوفره هذا الأسلوب من العمل من إمكانات هائلة في مجال إدماج هذه الفئة في سوق الشغل؛
– إقرار مقتضيات كفيلة بحماية الحياة الخاصة للأجير كما هو الحال بالنسبة للحق في قطع الإتصال باعتباره أهم مستجد في هذا المجال؛
– دعم مسطرة فصل الأجراء عن بعد بضمانات تراعي وضعيتهم؛
– تقوية دور النقابة وتمكينها من استعمال وسائل الإتصال الحديثة، قصد تمكينها من الدفاع عن حقوق الأجراء عن بعد؛
– إدراج الأجراء عن بعد صراحة ضمن الأشخاص المستفيدين من التعويضات المنصوص عليها في القانون رقم 18.12 في حالة إصابتهم بحادثة شغل أو مرض مهني؛
– التنصيص على أمراض البصر كأمراض مهنية، بغية تعويض الأجير عن الأضرار التي قد تلحقه جراء الإصابة بإشعاع الحاسوب؛
– رصد مختلف النصوص التشريعية والإجتهادات القضائية المقارنة ذات الصلة بموضوع العمل عن بعد، وأخذها بعين الإعتبار مع مراعاة خصوصيات مجتمعنا.
كانت هذه بعض الإقتراحات التي نراها ضرورية لتقنين العمل عن بعد في بلادنا، وفي انتظار تدخل المشرع المغربي يبقى تضمين عقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية بمقتضيات خاصة تنظم حقوق والتزامات طرفي عقد العمل عن بعد ضرورة حتمية.
[1] : مصطفى المنصوري، العمل عن بعد: دراسة مقارنة، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2010-2011، الصفحة 5.
[2] : جيل جوردن، مايك جري ونوبل هدسون، دليل العمل عن بعد، ترجمة عمر بن عبد الرحمان العيسي، الرياض (السعودية)، معهد الإدارة العامة – مركز البحوث 2001، ص38، أشار إليه: ياسين النعماني، التحولات المؤسساتية للشغل في ظل التطورات التكنولوجية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية السويسي، السنة الجامعية 2017-2018، ص18.
[3] : محمد عواد، خلدون موسى ومحمد إسماعيل، تأملات في إدارة الموارد البشرية، الناشر محمد يحيى عواد، الأردن 2009، ص 47.
[4] : كانت هناك إشارة فقط في المادة 8 من مدونة الشغل إلى عمال المنازل باعتبار وضعيتهم تشبه الأجراء عن بعد.
[5] : L’article L1222-9 du code du travail Français dispose que :
“I. – … le télétravail désigne toute forme d’organisation du travail dans laquelle un travail qui aurait également pu être exécuté dans les locaux de l’employeur est effectué par un salarié hors de ces locaux de façon volontaire en utilisant les technologies de l’information et de la communication.”
[6] : وهي الصورة الأكثر شيوعا في تجسيد العمل عن بعد.
[7] : سميرة كميلي، قانون الشغل والتطورات التكنولوجية، مقال منشور بمجلة القانون المغربي، عدد 13، سنة 2003، ص 65.
[8] : محمد سفياني، تأثير التطورات التكنولوجية على عقد الشغل، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية سلا الجديدة، السنة الجامعية 2016-2017، ص 73 (بتصرف).
[9] : أنظر الفصل 723 من قانون الإلتزامات والعقود والمادة 15 من مدونة الشغل.
[10] : راجع المادتين 80 و501 من مدونة الشغل.
[11] : في هذا الصدد أكدت محكمة النقض في أحد قراراتها على أن: ” التعبير عن الإيجاب من خلال شبكة عالمية من الإتصالات عن بعد وقبول التعبير عنه بوسيلة إلكترونية له أثر يلزم طرفي العقد، فمطالبة الأجير بالعمولة المحددة بالعقد الإلكتروني لا يعدو أن يكون عقدا عاديا لا يختلف عنه إلا في الطريقة التي انعقد بها عبر وسائل الإتصال الحديثة “.
– قرار عدد 1687، صادر بتاريخ 26 دجنبر 2013، في الملف الاجتماعي عدد 1628-5-2-2012، منشور بمجلة القانون والأعمال الإلكترونية، العدد 14، أبريل 2017، ص 286.
[12] : محمد سعيد بناني، قانون الشغل بالمغرب في ظل مدونة الشغل، علاقات الشغل الفردية، الجزء الثاني، المجلد الأول، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2007، ص 38.
[13] : – Marie Christine Pattie, Les libertés individuelles à l’épreuve des nouvelles technologies des NTIC, presse universitaire de Lion, 1ère éd., 2001, page 69.
– Monein David, Le télétravail : La nécessaire création d’un statut spécifique, Mémoire d’études approfondies de droit social, Université de Lille 2, Faculté des sciences juridiques politiques et sociales, année universitaire 2000-2001, pages 24-25.
[14] : جاء في المادة 8 من مدونة الشغل: ” يعتبر أجراء مشتغلين بمنازلهم، في مدلول هذا القانون، من توفر فيهم الشرطان أدناه، دون داع إلى البحث عن وجود أو انتفاء علاقة تبعية قانونية تربطهم بمشغلهم…”.
[15] : ليلى حلامي، ظاهرة الخدمات عن بعد وقانون الشغل، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون الأعمال والمقاولات، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية السويسي، السنة الجامعية 2007-2008، ص 106.
[16] : قرار عدد 5186، صادر بتاريخ 12 أكتوبر 2006، ملف رقم 6026-05، أشار إليه: ياسين النعماني، التحولات المؤسساتية للشغل في ظل التطورات التكنولوجية، مرجع سابق، ص 43.
[17] : سميرة كميلي، قانون الشغل والتطورات التكنولوجية، مرجع سابق، ص 79.
[18] : مليكة العراسي، تكنولوجيا الإعلام والإتصال وآثارها على علاقات الشغل الفردية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية سلا الجديدة، السنة الجامعية 2015-2016، ص 10.
[19] : l’article L2242-17 du code du travail français dispose que :
“La négociation annuelle sur l’égalité professionnelle entre les femmes et les hommes et la qualité de vie au travail porte sur:
…
7° Les modalités du plein exercice par le salarié de son droit à la déconnexion et la mise en place par l’entreprise de dispositifs de régulation de l’utilisation des outils numériques, en vue d’assurer le respect des temps de repos et de congé ainsi que de la vie personnelle et familiale. A défaut d’accord, l’employeur élabore une charte, après avis du comité social et économique. Cette charte définit ces modalités de l’exercice du droit à la déconnexion et prévoit en outre la mise en œuvre, à destination des salariés et du personnel d’encadrement et de direction, d’actions de formation et de sensibilisation à un usage raisonnable des outils numériques.”
[20] : للمزيد حول هذا الحق راجع:
– Paul Burdel, Le droit à la déconnexion, Mémoire de Master II Droit Sociale et relations de travail, promotion 2016-2017, Université Jean Moulin Lyon III – université de droit.
[21] : راجع المادتين 430 و431 من مدونة الشغل.
[22] : أنظر المادة 432 من مدونة الشغل.
[23] : راجع المادة 466 من مدونة الشغل.
[24] : للإشارة فجهاز مندوبي الأجراء أصبح يشكل -بالإضافة إلى لجنة المقاولة ولجنة السلامة وحفض الصحة- جهاز عاما يحمل اسم “اللجنة الاجتماعية والإقتصادية” “Comité social et économique (CSE)”، وفق التعديل الذي أدخل على مدونة الشغل الفرنسية بمقتضى الأمر الصادر في 23 دجنبر 2017، والمتمم بالمرسوم التطبيقي الصادر بتاريخ 30 دجنبر 2017.
[25] : l’article L2312-8 du code du travail français affirme que :
“Le comité est informé et consulté sur les questions intéressant l’organisation, la gestion et la marche générale de l’entreprise, notamment sur:
…
4° L’introduction de nouvelles technologies, tout aménagement important modifiant les conditions de santé et de sécurité ou les conditions de travail.”
[26] : محمد عبد الحفيظ المناصير، النظام القانوني لعقد العمل عن بعد “دراسة في القانون المقارن”، مقال منشور بمجلة دراسات لعلوم الشريعة والقانون، المجلد 46، العدد 1، عمادة البحث العلمي – الجامعة لأردنية، 2019، ص 258.
[27] : قرار صادر عن محكمة الإستئناف بالرباط بتاريخ 11 مارس 1960، مجموعة قرارات هذه المحكمة Rec CAR، السنة 41، العدد 161 و162، الستة أشهر الأولى لسنة 1961، ص 145، أشار إليه: آمال جلال، مسؤولية المؤاجر عن حوادث الشغل والأمراض المهنية في التشريع المغربي، مطبعة النجاح الجديدة – الدار البيضاء، يوليوز 1977، ص 184.
[28] : Le dernier alinéa de l’article L1222-9 dispose que :
” L’accident survenu sur le lieu où est exercé le télétravail pendant l’exercice de l’activité professionnelle du télétravailleur est présumé être un accident de travail au sens de l’article L. 411-1 du code de la sécurité sociale. ”
[29] : فاطنة النوحي، إشكالية إثبات العلاقة السببية بين الفعل الضار والضرر في حادثة الشغل، مجلة الأبحاث والدراسات، مطبعة القلم – الرباط، العدد 11-12، سنة 2018، ص 59.
[30] : تنص هذه المادة على ما يلي:
” تعتبر كذلك بمثابة حادثة شغل الحادثة الواقعة للمستفيد من أحكام هذا القانون في مسافة الذهاب والإياب بين:
- محل الشغل ومحل إقامته الرئيسية أو إقامة ثانوية تكتسي صبغة ثابتة أو أي محل آخر يتوجه إليه بصفة اعتيادية.
- محل الشغل والمحل الذي يتناول فيه بصفة اعتيادية طعامه وبين هذا الأخير ومحل إقامته.
ولا تعتبر الحادثة بمثابة حادثة شغل إذا انقطع أو انحرف الأجير أو المستخدم عن مساره المعتاد لسبب لا تبرره الحاجيات الأساسية للحياة العادية أو تلك المرتبطة بمزاولة النشاط المهني للمصاب. ”
[31] : أنظر قرار وزير التنمية الإجتماعية والتضامن والتشغيل والتكوين المهني رقم 919.99 الصادر في 14من رمضان 1420 (23 ديسمبر 1999)، بتغيير وتتميم قرار وزير التشغيل والشؤون الإجتماعية رقم 100.68 بتاريخ 20 ماي 1967، بتطبيق الظهير الشريف الصادر في 26 من جمادى الأولى 1362 (31 ماي 1943)، بتمديد مقتضيات التشريع المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل إلى الأمراض المهنية، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4788 بتاريخ 20أبريل 2000.
[32] : الظهير الشريف الصادر في 26 جمادى الأولى 1362 (31 مايو 1943)، الممددة بمقتضاه إلى الأمراض المهنية مقتضيات التشريع المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل حسبما وقع تغييره وتتميمه.
[33] : قرار عدد 318، صادر بتاريخ 25 أبريل 2000، في الملف الاجتماعي عدد 456/5/1/99، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، الإصدار الرقمي – دجنبر 2004، العدد 57-58، ص 209.
[34] : نص المشرع المغربي في المادة 11 من القانون رقم 18.12 على أن أحكام هذا الأخير تطبق أيضا على الأجراء والمستخدمين المصابين بأمراض مهنية، بما في ذلك كافة التعويضات الواردة في هذا القانون.
[35] : نبيل الركيك، المرض النفسي للأجير، مجلة القانون المغربي، العدد 40، ماي 2019، مطبعة دار السلام، ص 160.