في الواجهةمقالات قانونية

آلية الصلح الجنائي في التشريع المغربي والمقارن (مع قراءة في الحصيلة المغربية)

آلية الصلح الجنائي في التشريع المغربي والمقارن (مع قراءة في الحصيلة المغربية)

 

    من اعداد: عدنان السباعي

باحث في المادة الجنائية

 

مقدمة:

ان السياسة الجنائية تعتبر ذلك العلم الذي يدرس النشاط المتوصل به من طرف الدولة من اجل تحقيق غايات تعود بالنفع على المجتمع برمته, وذلك قصد الحد من الجريمة ومنع وقوعها ومتابعة مقترفيها ومعاقبة مرتكبيها, وبالتالي توفير سبل الامن والطمأنينة والامان . وفي اطار نوع من التحديد المتصف بالشمولية حاول الفقيه الفرنسي مارك انسل اعطاء تحديد للسياسة الجنائية باعتبارها نتاجا خالصا لتداخل ثلاث  مؤسسات وهي مؤسسة المشرع (التي تقوم بسن القوانين ) ومؤسسة القاضي ( التي تقوم بتطبيق القوانين ) واخيرا المؤسسة العقابية ( التي تقوم بالحرص على تنفيذ التدابير المرتبطة بأحكام المؤسسة الثانية ) .وبعيدا عن الجدل القائم حول مضمون السياسة الجنائية ,نجد ان ثنائية الردع والنفع تبقى ثنائية مهيمنة في حقل هذه السياسة وذلك على مستوى هذه التوجهات والاهداف . فالتشريعات الجنائية تظل بشكل اساسي محصورة بين هذه الثنائية (الردع والنفع) ,اذ ان التوجه العام يتمحور حول ردع الفرد من اجل نفع الفرد والمجتمع معا , حيث ان نفع الفرد يتجلى في اصلاحه وحمايته وضمان حقوقه وحرياته , اما نفع المجتمع يتجلى في جعله يتسم بصفات الطمأنينة والامان وبالتالي تحقيق اسس استقرار الجماعة . وهذه الثنائية المتمثلة في الردع والنفع يمكن شملها بما يعرف ب ” العقوبات البديلة ” [1] ,فهذه الاخيرة من جهة يمكن ان تردع كل من سولت له نفسه ارتكاب فعل جرمي وكذا التقليل من حالات العود , ومن جهة اخرى وبالنظر الى محتواها فانه بإمكانها ان تنفع المجتمع (اداء خدمة عمومية, التخفيف نت الاكتظاظ المرصود على مستوى السجون …) وبالنظر الى اهمية ذلك فقد حرصت العديد من الدول على تضمينها في تشريعاتها الجنائية وجعلها احدى الأنماط المعمول عليها وذلك لإضفاء الحس الحقوقي والمعنى التهذيبي على مفهوم “العقوبة” والتي تتشكل من تركيبة “الجزاء والعلاج” والتي تفرض باسم المجتمع[2] . وفي هذا الاطار فان المشرع المغربي خطا خطوة جبارة, حيث اقرت مسودة مشروع القانون الجنائي المغربي ولأول مرة العقوبات البديلة الى جانب العقوبات الاصلية والاضافية المعمول بها في القانون الجنائي الساري المفعول, والتي يمكن الحكم بها كبديل للعقوبة السالبة للحرية والتي جاء بها المشرع المغربي في الفصل 35-1 من مسودة مشروع القانون الجنائي[3], وكذا تحديد اصناف العقوبات البديلة من خلال الفصل 35-2 من نفس المسودة[4] , ومن بين البدائل هذه البدائل التي نهجها المشرع المغربي وهي الصلح في الدعوى العمومية , وهذا الأخير عبارة عن “عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما او يتوقيان قيامه وذلك بالتنازل كل منهما للأخر عن جزء مما يدعيه لنفسه, او بإعطائه مالا معينا او حقا “[5] .

وعمد المشرع المغربي بالإضافة الى مقتضيات الصلح المنظمة في المادة المدنية الى تبني مبدا الصلح في قانون المسطرة الجنائية الجديد. كآلية حديثة وحضارية لاستبدال العقوبة السالبة للحرية ولفض النزاع قبل تحريك الدعوى العمومية.

والمشرع المغربي ظل هاجسه منذ مدة منشغلا بإشكالية كيفية رفع العبء عن القضاء خاصة في الجرائم البسيطة [6]. وذلك اقناعا منه بان السياسة الجنائية لم تعد تعتمد على الادلة الجنائية كجواب رسمي وقانوني للجريمة المرتكبة , بل اصبحت ترى في الميكانيزمات المجتمعية الجواب المناسب والفعال لها, وذلك من خلال فسح المجال لحل بعض المشاكل دون الحاجة للجوء الى القضاء نظرا لطول المسطرة والاكتظاظ التي تعرفه المؤسسات السجنية[7] بحثا عن اكثر فاعلية وسرعة في حل النزاعات باقل تكلفة.

ولما كانت الوسائل البديلة تعد من انجع الطرق لفض النزاعات التجارية والمدنية وقضايا الشغل فان العديد من الفقهاء نادوا بضرورة توسيع نطاق الوسائل البديلة الى الميدان الجنائي وكذا تبني الوساطة الجنائية للوصول الى العدالة التصالحية[8]. وهذا ما دفع بالمشرع المغربي في ظل قانون المسطرة الجنائية الجديد الى احداث مؤسسة الصلح وذلك من خلال المادة 41 [9].

وبالرجوع لقانون المسطرة الجنائية الجديد نجده قد واكب هذه التشريعات الحديثة من خلال النص في ديباجته على ان “..هذا التدبير احدث حلا وسطا بين قراري الحفظ والمتابعة الذين تملكهما النيابة العامة اذ سيمكن من تجنب متابعة المتهم وفي نفس الوقت ليقدم حلا للضحية بالحفاظ على حقوقه ويصون حقوق المجتمع “.

ولموضوع الصلح اهمية بالغة, حيث ان اهميته النظرية تتجلى اساسا فيما يشكله هذا الخيار البديل للعدالة الجنائية من نجاعة وفعالية في حل النزاع بدون تكلفة من جهة, كما يعد احد الامكانات الممنوحة للنيابة العامة في مواجهة ازمة الاجرام البسيط .

اما الاهمية العملية والتي تتجلى في عدة جوانب اعل اهمها تخفيف العبء على المحاكم وربح الوقت وجعل القضاء يركز مجهوداته في القضايا الاساسية وتخفيف الاكتظاظ الذي تعاني منه المؤسسات السجنية وتحقيق نوع من التوازن بين حقوق الانسان وحقوق المجتمع[10].

وبما ان المشرع المغربي اعتمد الية الصلح كوسيلة بديلة للعقوبات السالبة للحرية فان هناك مجموعة من التشريعات العربية والغربية التي اعتمدت هذه الالية البديلة بهدف فض النزاع بشكل ودي وسريع بعيدا عن القضاء وايضا تخفيف عبء الاكتظاظ لدى المؤسسات السجنية.

وعلى هذا الاساس فإننا نطرح العديد من الاشكالات وهي كالاتي :

كيف نظم المشرع الجنائي المغربي آلية الصلح الجنائي؟ وما مدى فعاليتها في التخفيف من ظاهرة الاجرام البسيط؟ وماهي خيارات المشرع المغربي بخصوص مؤسسة الصلح في ظل مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية؟ وكيف نظمت التشريعات المقارنة الية الصلح الجنائي؟

وللإجابة عن هذه التساؤلات المطروحة فانه ارتأينا الاجابة عنها وذلك عبر التطرق لمبحثين اساسيين , حيث في المبحث الاول سنتطرق الى احكام مؤسسة الصلح الجنائي , ثن في المبحث الثاني والذي سنتطرق فيه للحديث عن مؤسسة الصلح الجنائي بين التشريع المغربي والتشريعات المقارنة .

 

 

 

المبحث الاول : احكام مؤسسة الصلح الجنائي

 

سنعمل في هذا المبحث في الحديث عن شروط مؤسسة الصلح الجنائي واثره على الدعوى العمومية (المطلب الاول) ثم سنقوم بتقييم مؤسسة الصلح الجنائي (المطلب الثاني)

 

المطلب الاول : شروط مؤسسة الصلح الجنائي واثره على الدعوى العمومية

سنقوم من خلال هذا المظلب على الحديث عن شروط مؤسسة الصلح الجنائي (الفقرة الاولى) ثم اثر مؤسسة الصلح الجنائي على الدعوى العمومية (الفقرة الثانية)

 

الفقرة الاولى : شروط مؤسسة الصلح الجنائي

ان المشرع المغربي ومن خلال قانون رقم 22.01 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية سعى الى جعل السلطة القضائية هي الساهرة على ضمان وصيانة حقوق الضحايا من خلال مراحل المسطرة الجنائية وذلك انسجاما مع الاحكام الاساسية لحقوق الانسان. ومؤسسة الصلح لا تقوم الا بناءا على شروط يحددها القانون و هي شروط موضوعية (اولا) وشروط شكلية (ثانيا) .

اولا : الشروط الموضوعية لمؤسسة الصلح الجنائي

يمكن ايجاز هذه الشروط فيما يلي :

  1. احترام موضوع الصلح:

انطلاقا من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية نجد ان المشرع المغربي قد حدد الجرائم التي يجوز ان يطبق فيها الصلح كآلية بديلة للدعوى العمومية من خلال النص على انه ” يمكن للمتضرر او المشتكى به قبل اقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الامر بجريمة يعاقب عليها بسنتين او اقل او بغرامة لا تتجاوز حدها الاقصى 5000 درهم ان يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر “.

وتبعا لذلك فان المعيار الذي اعتمد عليه المشرع المغربي من اجل تحديد الجرائم التي تكون موضوع الصلح الجنائي هي ذات معيار عام والذي يقوم على اساس عقوبة الفعل الجرمي. بمعنى ان المشرع المغربي قصر الصلح على الجنح الضبطية والتي تتسم بعدم خطورتها على النظام العام, ويقتصر ضررها على اظرافها الذين يعتبر رضائهم ضروري لتحقيق الغاية من اللجوء الى هذه المسطرة. وهكذا يكون المشرع المغربي قد اتبع نفس النهج الذي سار عليه كل من المشرع الفرنسي والمصري, من خلال استثناء الجنايات من الخضوع للصلح الجنائي.

  1. رضا اظراف الصلح وموافقة النيابة العامة :

ان من الشروط الضرورية لأعمال مسطرة الصلح طبقا للمادة 41 هو تراضي ظرفيه وموافقة وكيل الملك. وبالرجوع الى العملي نجد بان البادرة تبدأ من قبل احد الاظراف سواء كان المتضرر او المشتكى به. وبعد موافقة الظرف الاخر يمكن للنيابة العامة الشروع في مسطرة الصلح, لكن مادامت النيابة العامة تملك سلطة الملائمة فان القانون منح لها السلطة التقديرية في الموافقة على ذلك باعتبارها ممثلة للمجتمع, وبعد تراضي الاظراف وموافقة النيابة العامة تأتي المرحلة الاخيرة وهي المصادقة على المحضر من قبل رئيس المحكمة.

  1. المصادقة على محضر الصلح من ظرف رئيس المحكمة[11] :

من خلال الاطلاع على دور النيابة العامة خلال مسطرة الصلح يتبين بان دورها لا يتجاوز دور الاقتراح والتوفيق, في حين ان سلطة التصديق الفعلي على محضر الصلح يبقى بيد رئيس المحكمة بموجب امر قضائي غير قابل لأي ظعن .

 

ثانيا : الشروط الشكلية لمؤسسة الصلح الجنائي

 

بالإضافة الى الشروط الموضوعية التي تحدثنا عنها سابقا, هناك شروط شكلية المنظمة لعمل هذه الالية البديلة في الدعوى العمومية حيث توخى المشرع المغربي حماية الاظراف المتنازعة من التعسف والتحكم في مصير نزاعهم, وكذلك بغية التوصل الى ضمان وحماية حق استيفاء حقوقهم بشكل ودي.

وطبقا لمقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية فان هذه الشروط الشكلية تتجلى اساسا في تحرير محضر قانوني للصلح من ظرف وكيل الملك بحضور ظرفي الخصومة, مع الاشارة الى اشعار هؤلاء وكذا دفاعهم بتاريخ غرفة المشورة[12]. وبعد ذلك يتم احالة الملف من ظرف وكيل الملك على رئيس المحكمة الابتدائية قصد التصديق عليه بحضور ممثل النيابة العامة واظراف الخصومة بغرفة المشورة بأمر قضائي غير قابل لأي ظعن[13] مع تحديد زمن تنفيذ الصلح الذي خضعه المشرع للسلة التقديرية لرئيس المحكمة[14].

 

 

 

 

 

الفقرة الثانية: اثر مؤسسة الصلح على الدعوى العمومية

 

يلاحظ من خلال الفقرة ما قبل الاخية من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية على ان مسطرة الصلح لا تنهي الدعوى العمومية وانما تعمل على ايقافها (اولا) الى حين سقوطها بالتقادم (ثانيا).

 

 

 

اولا : الاثر الواقف المؤقت لمسطرة الصلح الجنائي

 

يترتب عن مسطرة الصلح ايقاف الدعوى العمومية في مواجهة الجاني[15] حيث ينتج عن هذا التوقف محو اثر الجريمة لفترة محددة.[16]

واجراءات الصلح هذه التي يتعين ممارستها قبل اقامة الدعوى العمومية توقف اقامة هذه الدعوى سواءا في مرحلة تحضير محضر الصلح امام النيابة العامة, او في مرحلة المصادقة على الصلح من قبل المحكمة, ويبقى الاثر الواقف هذا الى حين انتهاء الاجل الذي حدده رئيس المحكمة في المحضر لتنفيذ الصلح او الى تاريخ صدور قرار رئيس المحكمة بالرفض.

 

ثانيا : الاثر المسقط لمسطرة الصلح الجنائي

 

ان السبب وراء اعتماد المشرع للصلح كآلية لإيقاف الدعوى الجنائية دون سقوطها الى الاثار المستقبلية المترتبة عن الصلح, حيث ان المشرع المغربي اخذ بعين الاعتبار حالة التملص المطلوب في الشكوى او المشتبه فيه في تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة داخل الحيز الزمني المعد لذلك مالم يظل هذه الاخيرة التقادم.[17] وذلك على عكس المشرع المصري الذي نص صراحة في المادة 18 مكرر المعدلة بقانون 145 لسنة 2006 على انه ” يترتب عن الصلح انقضاء الدعوى الجنائية ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر, وتأمر النيابة العامة بوقف العقوبة اذا حصل الصلح اثناء تنفيذها ولا اثار للصلح على حقوق المتضرر من الجريمة “. كما لا يجوز الظعن في هذا الانقضاء لأنه يحوز قوة الشيء المقضي به.

 

 

 

المطلب الثاني: تقييم مؤسسة الصلح الجنائي

 

ان الهدف الاساسي وراء تبني مؤسسة الصلح الجنائي هو التخفيف من الازمة التي تعيشها اجهزة العدالة الجنائية. فهل استطاعت هذه المؤسسة ان تقدم جوابا كافيا لهذه الازمة بالنظر الى الكم الهائل للشروط المنظمة لها . وعليه سنتناول من خلال هذا المظلب على حصيلة تطبيق الية الصلح الجنائي بناءا على احصائيات وزارة العدل (الفقرة الاولى), ثم الى خيارات المشرع المغربي بخصوص مؤسسة الصلح الجنائي في ظل مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الاولى : حصيلة تطبيق الية الصلح الجنائي بناءا على احصائيات وزارة العدل

 

بالرغم من خلق مؤسسة الصلح الجنائي كبديل من بدائل الدعوى العمومية على مستوى النص التشريعي, الا ان الواقع يبين عجزها على مستوى التطبيق. فطبقا للإحصائيات الواردة عن وزارة العدل[18] من مختلف المحاكم برسم سنة 2003 والتي بلغ عدد الحالات التي بوشرت فيها مسطرة الصلح 610 حالة لم ينجح منها سوى 34 حالة, وهو ما يعكس عدم الحرص على تنفيذ هذا الاجراء البديل للدعوى العمومية خاصة اذا علمنا ان القضايا الممكن ان يشملها الصلح هي 143716 اي بنسبة 47.989 % من مجموع القضايا المعروضة على المحاكم.

وفي سنة 2006 بلغت 3457 حالة صلح من بين 512936 قضية قدمت للنيابة العامة, وخلال سنة 2007 سجلت 1851 حالة من بين 259266 قضية قدمت للنيابة العامة.

اما سنة 2010 بلغ عدد المستفيدين من مسطرة الصلح 2634 مستفيد اي بنسبة 63 % علما ان عدد المقدمين امام النيابة العامة كان 419647 شخص. وهو نفس الشيء كان سنة 2011 , اما في سنة 2012 فان عدد الاشخاص المستفيدين من هذه المسطرة هو 4186 اي بنسبة 84 % علما ان عدد الاشخاص المقدمين امام النيابة العامة خلال هذه السنة هو 501088.[19]

ومن خلال ما سبق فانه يتضح بان نسبة عدد المستفيدين من مسطرة الصلح تبقى ضعيفة جدا مقارنة مع عدد الاشخاص المقدمين امام النيابة العامة. هذا ويرجع عدد من الباحثين الى ان السبب الرئيسي الذي جعل هذه المؤسسة غير فعالة كما يجب الى كون المشرع المغربي حينما خلق هذه الالية على مستوى النص التشريعي فانه لم يخلق المؤسسات الكفيلة بتفعيلها على ارض الواقع, وانما جعلها عبئا مضافا على جهاز النيابة العامة.

 

 

 

الفقرة الثانية: خيارات المشرع المغربي بخصوص مؤسسة الصلح الجنائي في ظل مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية

 

لقد جاءت مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية بمجموعة من المستجدات بخصوص مسطرة الصلح الجنائي, بحيث سعى المشرع الى وضع مقاربة جديدة للصلح كبديل للدعوى العمومية واضافة نوع من المرونة على مستوى الاجراءات, وكذا تجاوز الصعوبات التي كشفتها الممارسة العملية منذ اقرار هذه الالية سنة 2003.

وتتجلى هذه المستجدات فيما يلي :

  • توسيع وعاء الجرائم القابلة للصلح, حيث تم رفع سقف الغرامة المالية للجنح الضبطية الى 100000 درهم, كما تم تخويل الاظراف حق اللجوء الى الصلح في بعض الجنح التأديبية التي ابانت الممارسة عن محدودية خطورتها والى ارتباطها بحقوق الضحايا.
  • منح الاظراف حق التراضي على الصلح دون اشتراط موافقة النيابة العامة.[20]
  • اقرار امكانية الصلح امام قاضي التحقيق.[21]
  • منح امكانية اقتراح الصلح على الخصوم من قبل وكيل الملك.
  • اناطة القيام بالصلح الى محامي او وسيط ويكون هذا الاخير اما من اقتراح الاظراف او يختاره وكيل الملك.
  • الاستغناء عن مصادقة القاضي على محضر الصلح.

 

 

المبحث الثاني: مؤسسة الصلح الجنائي بين التشريع المغربي والتشريعات المقارنة

 

سنقوم من خلال هذا المبحث على الحديث عن مؤسسة الصلح كبديل للدعوى العمومية وما تعرفه السجون و القضايا المعروضة على القضاء من اكتظاظ الشيء الذي ادى بنا لإلقاء نظرة حول هذه الالية البديلة لدى بعض الدول العربية (المطلب الاول) ولدى بعض الدول الاجنبية (المطلب الثاني).

 

المطلب الاول : الصلح الجنائي في التشريعات العربية

 

سنقوم من خلال هذا المظلب على الحديث عن الية الصلح في التشريع المغربي (الفقرة الاولى), ثم سنتناول الصلح في بعض التشريعات العربية المقارنة (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الاولى : الصلح في التشريع المغربي

 

إن الصلح في النظام المغربي هو مترسخ في حضارتنا، ويتبين ذلك من خلال دراسة ما تزخر به الأعراف العتيقة والتي كانت ممارسة قبل تغلغل التشريع الإسلامي في كل ربوع المغرب ، وظلت سائدة بعد تطبيق التشريع لدى القبائل التي كانت سارية فيها كثيرا من مقتضياتها التي لا تخالف أحكامه، بل إن التشريع الاسلامي هو ذاته يدعو لإعمال العرف إذا لم يكن مخالفا للمسائل المقطوع بها في الشريعة، ومن الأعراف التي كانت سائدة وبكثرة نجد الصلح. فهذه الآلية كانت ولا تزال وسيلة يلجأ لها الأطراف لحل النزاعات التي تنشأ بينهم[22].

 

وقد نظم المشرع المغربي الصلح من خلال ظهير الالتزامات والعقود (أولا) وكذا المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية (ثانيا).

 

أولا: الصلح على ضوء ظهير الالتزامات والعقود

 

يعتبر الصلح آلية من الآليات البديلة لفض النزاع، وهو اتفاق من خلاله يضع الأطراف حدا للنزاع والذي على ضوئه يتنازل كل طرف على حق من حقوقه، والصلح حينها يتم بين الأطراف فيصبح ملزما لهم, وهذا ما تطرق له قانون الالتزامات والعقود الصلح في الفصل 1098[23].

 

ثانيا: الصلح على ضوء قانون المسطرة الجنائية

لقد تعرض المشرع المغربي للصلح في قانون المسطرة الجنائية بموجب المادة 41 حيث اعتبره كآلية لفض النزاع قبل تحريك الدعوى العمومية، ولأن القوانين الجنائية كلها من النظام العام ولا يملك الأطراف صلاحية تحديد نطاقها نظرا للاضطراب الاجتماعي الذي قد تسببه، فقد سمح المشرع في جرائم معينة ونظرا للطابع الاجتماعي والأسري الذي يهيمن عليها بإبرام مصالحة بين الأطراف والذي ينجم عن ذلك وضع حد للمتابعة.

 

وقد نصت المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي: ” يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الأمر بجريمة يعاقب عليها بسنتين سجنا أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم، أن يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر”. يتضح من خلال ما تقدم أن الصلح يتم بطلب من المتضرر أو المشتكى به إلى وكيل الملك لتضمين الصلح في محضر[24]. إلا أن نطاق الصلح يقتصر على جرائم محددة حصرا وهي تلك المعاقب عليها سجنا أو بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم، أي الجرائم التي تتسم بالبساطة ولا تشكل تهديدا على النظام العام.

 

ويقوم وكيل الملك بتحرير محضرا بالصلح الحاصل بعد تراضي الطرفين عليه، ويتم تضمينه ما تم الاتفاق عليه[25]

 

ويترتب عن هذا الصلح وقف إقامة الدعوى العمومية، إلا أنه يبقى لوكيل الملك الصلاحية في إقامتها في حالة عدم المصادقة على محضر الصلح، أو إذا لم يتم تنفيذ الالتزامات المتفق عليها في الأجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية[26].

 

ومن النصوص كذلك التي نصت صراحة على المصالحة المؤدية إلى انقضاء المتابعة الجنائية، نجد المادة 74 من ظهير 17ــ10ــ1917 المتعلق بالمحافظة على الغابات[27]، والمادة 89 من ظهير 2ــ11ــ1932 المنظم لاحتكار الدخان بالمغرب، هذه المادة  تجيز لإدارة شركة التبغ  إجراء  صلح قبل صدور الحكم أو بعده مع مرتكب المخالفات  المتعلقة بالتبغ، وكذلك المواد 273ــ 277 من المدونة الجمركية، التي تسمح لإدارة الجمارك  بإجراء صلح وفق ما هو منصوص عليه في المادة 276 من هذا القانون.

 

وإذا كان المشرع المغربي قد تطرق لمبدأ الصلح على نحو ما قدمناه سابقا، فكيف تعرضت له التشريعات العربية؟

 

الفقرة الثانية: الصلح في بعض التشريعات العربية المقارنة (التشريع المصري, الاردني والقطري نموذجا)

 

ان العديد من الدول العربية التي تبنت نظام الصلح الجنائي، من بينها التشريع المصري (أولا)، والأردني (ثانيا) والقطري (ثانيا).

 

أولا: الصلح في التشريع المصري

 

ان المشرع المصري اخذ بالصلح الجنائي في المادتين 19 و20 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، والدعوى الجنائية في حقيقتها مملوكة للمجتمع حيث يحركها الادعاء العام نيابة عن المجتمع، إلا أن هناك أسبابا خاصة في انقضاء الدعوى الجنائية من بينها الصلح ، وهدف المشرع من خروجه عن الأصل بعدم جواز الصلح في الدعوى العمومية، أن هناك جرائم قليلة الأهمية بالنسبة  لموضوعها ، وقد تشكل عبأ على القضاء وغالبا ما يحكم فيها بالغرامة فقط ، وأن ينتهي معه الادعاء العام وينهي الدعوى الجنائية بالصلح تبعا لذلك[28].

وقد صدر حديثا القانون رقم 174 لسنة 1998 الذي أضاف إلى قانون الإجراءات الجنائية نصين برقم 18 و18 مكرر أجاز بموجبهما التصالح في مواد المخالفات، وكذلك في مواد الجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط والعامل المشترك فيها أنها من قبيل الجنح التي تمس مصالح المجني عليه بطريق مباشر أكثر مما تمس مصلحة المجتمع ، ولذلك رخص القانون للمجني عليه أن يعبر عن إرادته ، وينهي الدعوى الجنائية بإثبات الصلح[29].

كما أخذ المشرع المصري بالصلح في  المسائل الجنائية في بعض التشريعات الجنائية الخاصة التي صدرت في المجال الاقتصادي ، كالمادة التاسعة من قانون 1967  بشأن النظافة العامة ، والمادة 57 من القانون 43 لسنة 1974 بشأن نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، حيث أجاز فيهما التصالح على الغرامات, كما يترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجنائية حتى ولو كانت مرفوعة بطريق الادعاء المباشر[30].

 

ثانيا: الصلح في التشريع الأردني

 

إن القاعدة العامة في التشريع الأردني هي أن النيابة العامة لا تملك التصرف بالدعوى الجزائية، كالتنازل عنها، أو التصالح مع المتهم، إلا أن الأصل يرد عليه بعض الاستثناءات التي أوردها المشرع الأردني ، وقصد بها تخفيف عبء التقاضي، وأسقط بها الحق في الملاحقة الجزائية ومنها:

 

  • حسب المادة 9 من قانون الجرائم الاقتصادية والتي نصت على انه: ” يحق للنائب العام التوقف عن ملاحقة من يرتكب جريمة معاقب عليها بمقتضى أحكام هذا القانون، وإجراء الصلح معه إذا أعاد الأموال التي حصل عليها نتيجة ارتكاب الجريمة “.
  • الجرائم الجمركية؛ حيث منحت في المادة 212 من قانون الجمارك لوزير المالية أو من يفوضه عقد التسوية الصلحية في جرائم التهريب، سواء قبل إقامة الدعوى ، أو خلال النظر فيها قبل صدور في الحكم.
  • جرائم التهرب الضريبي؛ حيث سار المشرع الأردني على ذات النهج في قانون الضريبة العامة ، حيث أن المادة 29 من قانون الضريبة منحت للمدير أو من يفوضه الحق في إجراء المصالحة على المخالفات المنصوص عليها في المادة 28 من نفس القانون، وذلك مقابل دفع الضريبة في حال استحقاقها، إضافة لغرامة لا تقل عن نصف الحد الأدنى ولا تزيد على نصف الحد الأقصى من الغرامات المنصوص عليها في المادة 28 ، ويشترط ذلك أن يكون قبل صدور حكم قطعي من المحكمة[31].

 

ثالثا: الصلح في التشريع القطري

 

ان المشرع القطري نظم أحكام الصلح بموجب قانون الإجراءات سنة 2004 وذلك في المادة 17 والتي جاء فيها انه ” يجوز الصلح في مواد المخالفات ، وعلى مأمور الضبط القضائي المختص أو عضو النيابة العامة عند تحرير المحضر أن يعرض الصلح على المتهم أو وكيله ويثبت ذلك في محضر، ويجوز للمتهم أن يطلب الصلح في الحالة السابقة، وعلى المتهم الذي يقبل الصلح أن يدفع خلال خمسة عشر يوما من اليوم التالي لعرض الصلح عليه مبلغا يعادل ربع الحد الأقصى للغرامة المقررة للمخالفة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها أيهما أكثر. ويكون الدفع إلى خزانة المحكمة أو إلى النيابة العامة أو إلى أي موظف عام يرخص له بذلك من النائب العام “, وتنقضي الدعوى الجنائية بدفع مبلغ الصلح ويوقف تنفيذ العقوبة الجنائية في حالة الصلح بعد صدور الحكم وتزول جميع الآثار الجنائية المترتبة عليه[32].

وقد أعطى المشرع القطري لرجل الضبط القضائي، أو النائب العام الحق في عرض الصلح على المتهم في الدعاوى العمومية مقابل مبلغ مالي يعادل ربع الحد الأقصى أو قيمة الحد الأدنى للغرامة المقررة أيهما أكثر[33].

 

ومن التشريعات العربية كذلك التي تناولت نظام الصلح الجنائي نجد التشريع الكويتي في المادة 240 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية[34] الصادر سنة 1968،  ودولة البحرين وذلك في المادة 186 من قانون أصول المحاكمات البحريني[35] الصادر سنة 1966، وكذا المشرع الفلسطيني الذي نص على ذلك في المواد 16[36] و17[37] من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني الصادر سنة 2001.

المطلب الثاني : الصلح الجنائي في التشريعات الاجنبية (التشريع الفرنسي والبلجيكي نموذجا)

 

ان من بين التشريعات الغربية التي تبنت آلية الصلح الجنائي نجد التشريع الفرنسي (الفقرة الأولى) والتشريع البلجيكي (الفقرة الثانية).

 

الفقرة الاولى : التأطير القانوني للصلح الجنائي في التشريع الجنائي الفرنسي

 

ان المشرع الجنائي الفرنسي لم يعطي تعريفا محددا للصلح إلا أنه خصه بتعريف على مستوى القانون المدني.

إذ يعرف الصلح في القانون المدني الفرنسي بأنه:

عقد ينهي به طرفان نزاعا نشا او يتوقيان به نزاعا من شأنه أن ينشا وذلك بالتنازل من طرف كل منهما عن التشدد في جانب من مطلبه فيتم التراضي بينهما وينعقد به الاتفاق[38].

كما أن الصلح في قانون المسطرة الجنائية الفرنسي وطبقا للفقرة الثانية من المادة 41 منه يكون له مجال في الحالة التي يقترح خلالها ممثل الحق العام الفرنسي قبل إثارة الدعوى العمومية صلحا جنائيا إما بصفة مباشرة أو بواسطة شخص مؤهل على الجاني المرتكب للجريمة والثابتة في حقه بواسطة وسائل الاثبات القانونية، شريطة أن يتعلق الفعل بالحالات المنصوص عليها في الفصول التي عددها المشرع بنفس المادة، وهي تقارب إلى حد نظيراتها المسطرة في القانون المغربي[39].

ويعتبر التشريع الفرنسي في مجال التقنيات البديلة للمتابعة من بين أهم التشريعات اللاتينية التي عملت على تبني مقاربة واضحة المعالم سواء من ناحية التنظيم، بحيث ميز بشكل واضح بين المفهوم الدقيق للعدالة التصالحية أو الصلح الجنائي وبين منهجية الوساطة، وقد تولى المشرع الفرنسي تنظيمه بموجب التعديل الذي أتى به قانون 23 يونيو 1999 فيما يخص مقتضيات المادة 41-2 بحيث أصبح بإمكان وكيل الجمهورية طالما لم تقع إثارة الدعوى العمومية أن يقترح إما مباشرة أو بواسطة شخص مؤهل صلحا جنائيا على شخص راشد أو معترف بارتكابه جنحة أو أكثر مما هو منصوص عليه في الفصول 222-11 ، 222-13 (1 إلى 11) ، 222-16، 222-17 ، 222-18،(1) 227-3 الى 227-7 ، ومن 227-9 الى 227-11، 311-3، 313-5 ، 314-5 ، 314-6 ، 322-1 ، 322-12إلى 322-14 ، 433-5 إلى 433-7 و 521-1 من القانون الجنائي.

أضف إلى ذلك ، أن معالم التنظيم لم تقف على إمكانية اقتراح الصلح من طرف وكيل الجمهورية أو من طرف شخص مؤهل لذلك فقط ، بل تعدته لتشمل جوانب أخرى يمكن القول على أنها تشكل إحدى الضمانات القوية والكفيلة بإنجاح مسطرة الصلح الزجري ، يأتي في مقدمتها إخضاع إجراء الصلح لمجموعة من التدابير التي يتم تحديد طبيعتها وحجمها بناءا على القرار المتضمن للاقتراح والحامل لتوقيع القاضي ، ويليها أيضا ضمان تعزيز حقوق الدفاع من خلال إشعار المتهم بإمكانية استعانته بمحام قبل الاقدام على إبداء موافقته على اقتراح الصلح.

أما بخصوص مقتضيات القانون الفرنسي المتعلقة بنفس الموضوع فالملاحظة الأساسية التي ينبغي الانطلاق منها هي أن المشرع الفرنسي في تبنيه لتقنية بدائل المتابعة لا يعتمد نفس مقاربة المشرع المغربي. و لنا أن نوضح ذلك فيما يلي:

  • فحسب مقتضيات الفصل 1-41 ق.م.ج الفرنسي – حسب التعديل المدخل بواسطة القانون رقم515-99 ل 23 يونيو 1999 – إذا ارتأى وكيل الجمهورية أن تدبيرا معينا من شأنه أن يضمن تعويض الضرر اللاحق بالضحية، و أن يضع حدا للاضطراب الناتج عن الجريمة أو يساهم في إعادة إدماج مرتكب الأفعال، يمكن له – أي الوكيل المذكور – وقبل أن يتخذ قراره بشأن الدعوى العمومية، إما مباشرة أو بواسطة تفويض[40] أن يعتمد منهجية الوساطة بين مرتكب الأفعال و الضحية بعد موافقتهما على ذلك[41].
  • اما عن مقتضيات الفصل 2-41 حسب نفس تعديل قانون 23 يونيو 1999  ينص على ما يلي: يمكن لوكيل الجمهورية طالما لم تقع إثارة الدعوى العمومية أن يقترح، إما مباشرة أو بواسطة شخص مؤهل[42] صلحا جنائيا[43] على شخص راشد و معترف بارتكابه جنحة أو أكثر مما هو منصوص عليه في الفصول 11-222، 13-222 (1 إلى11)، 222-16، 17-222، 18-222 ، 3-227 إلى 7-227، و من 9-227 إلى11-227،  3-311، 5-313، 5-314 و 6-314، 1-322، ومن 12-322 إلى 14-322، و من 433-5 إلى 7-433 و 1-521 من القانون الجنائي[44].

وهذا الصلح يتضمن التدابير التالية:

  1. أداء غرامة الصلح للخزينة العامة. مبلغ هذه الأخيرة – الذي يلزم أن لا يتعدى 3750أورو أو نصف الحد الأقصى للغرامة الواجبة قانونا – يحدد بحسب خطورة الأفعال و كذلك اعتمادا على مداخيل و تكاليف الشخص. و أداؤها يوزع حسب جدول استحقاقات يحدده وكيل الجمهورية، و ينبغي أن يتم ذلك داخل مدة لا يمكن أن تتعدى سنة واحدة.
  2. التخلي لفائدة الدولة عن الشيء الذي استخدم أو كان معدا لارتكاب الجريمة أو يعتبر ناتجا عنها.
  • لإيداع بكتابة ضبط المحكمة الابتدائية الكبرى لرخصة السياقة – حسب تعديل قانونPERBEN شتنبر 2002 – لفترة قصوى محددة في ستة أشهر، أو لرخصة القنص كذلك لفترة قصوى محددة في أربعة أشهر.
  1. إنجاز عمل غير مأجور لفائدة جماعة – عمومية – لمدة قصوى محددة في 60 ساعة في أجل لا يمكن أن يتعدى ستة أشهر.
  2. متابعة تدريب أو تكوين في مصلحة أو هيئة صحية، اجتماعية أو مهنية لفترة لا يمكن أن تتعدى ثلاثة أشهر.

وإذا كانت هوية الضحية معروفة، و فقط عندما يبدي مرتكب الأفعال رغبته في تعويض الضرر المرتكب، يلزم على وكيل الجمهورية أيضا أن يقترح على هذا الأخير تعويض الأضرار التي تسببت فيها الجريمة داخل أجل لا يمكن أن يتجاوز ستة أشهر، و يشعر بذلك الضحية.

هذا و يسمح القانون المذكور – حسب نفس الفصل – بأن يقع إخبار مرتكب الأفعال باقتراح الصلح الجنائي الصادر عن وكيل الجمهورية بواسطة ضابط للشرطة القضائية. والاقتراح هنا ينبغي أن يأتي في شكل قرار مكتوب و موقع عليه من طرف القاضي المذكور، و يحدد فيه هذا الأخير طبيعة و حجم التدابير المقترحة، و يرفق ذلك بالمسطرة.   كما ينبغي إشعار الشخص المقترح عليه الصلح الجنائي بإمكانيته في الاستعانة بمحام قبل الإقدام على إعطاء موافقته على اقتراح وكيل الجمهورية. و الموافقة المذكورة يجب تضمينها في محضر، نسخة منه ترسل إلى الشخص المذكور.

عندما يعطي مرتكب الأفعال موافقته على التدابير المقترحة، يحيل وكيل الجمهورية المسطرة على رئيس المحكمة بواسطة التماس قصد المصادقة على الصلح، كما يشعر بذلك مرتكب الأفعال، و عند الاقتضاء حتى الضحية.

هكذا, و يمكن لرئيس المحكمة أن يعمد إلى الاستماع إلى مرتكب الأفعال و إلى الضحية مؤازرين عند الاقتضاء بمحامييهما. إذا أصدر رئيس المحكمة أمره بالمصادقة على الصلح، تصبح التدابير المقررة قابلة للتنفيذ. و في الحالة المخالفة، يصبح الصلح كأن لم يكن. و هنا تجدر الإشارة إلى أن قرار رئيس المحكمة الذي يبلغ إلى مرتكب الأفعال و عند الاقتضاء للضحية، غير قابل للطعن.

و إذا لم يوافق الشخص على الصلح، أو إذا لم يقم بتنفيذ التدابير المقررة بعد إعطاء موافقته، أو إذا لم تقع المصادقة، يبقى لوكيل الجمهورية أن يتخذ قراره بخصوص ما ستؤول إليه المسطرة. و في حالة إثارة المتابعة و صدور الإدانة، يؤخذ بعين الاعتبار عند الاقتضاء العمل الذي سبق و أنجزه المعني بالأمر و المبالغ المؤداة من طرفه. هذا و تجدر الإشارة إلى أن مدة تقادم الدعوى العمومية تتوقف بين التاريخ الذي يقترح فيه وكيل الجمهورية الصلح الجنائي و التاريخ الذي تنتهي فيه الآجال الممنوحة لتنفيذ الصلح الجنائي.

يبقى أنه بتنفيذ الصلح الجنائي تصبح الدعوى العمومية منقضية[45]. لكن ذلك لا يحول دون تمكين الطرف المدني من حقه في تقديم شكاية مباشرة أمام المحكمة الجنحية. هذه الأخيرة التي لا يمكن لها أن تبت سوى في المطالب المدنية اعتمادا على ملف المسطرة الذي سيدرج في المرافعات.

 

الفقرة الثانية: الصلح الجنائي في القانون البلجيكي

ان المشرع البلجيكي اقر التصالح الجنائي مع المتهم، وذلك بدفع مبلغ من المال مقابل انقضاء الدعوى الجنائية، كما أشارت إلى ذلك المادة 4 من الأمر الملكي الصادر بتاريخ 10 يناير 1935 إلى أنه يمكن للنيابة العامة- إذا قدرت كفاية الغرامة  أو الغرامة والمصادرة كعقوبة للمخالفة المختص بها- أن تأمر بدفع الغرامة إلى المحصل, ثم امتد نطاق إجراءات الصلح من المخالفات إلى الجنح المرفوعة أمام محاكم الجنح[46].

وقد عرف القانون البلجيكي نظام الصلح في الجرائم الاقتصادية، على أن يتم الصلح قبل إحالة الدعوى إلى المحكمة، وهذا على خلاف القانون الفرنسي الذي يجبر الصلح أثناء رفع الدعوى أمام المحكمة أو بعد الحكم النهائي في بعض الجرائم. لكن القانون البلجيكي يشترط ألا يكون الحبس فيها وجوبيا، ولكن إذا كان الحبس فيها اختياريا  ورأت النيابة الاكتفاء بالجزاء المالي، فلرئيس النيابة أن يفهم أن من حقه الصلح مقابل دفع مبلغ مالي لا يتجاوز ضعف الغرامة المقررة في النص، أو يريد الربح غير المشروع، أو أن يتخلى على الأشياء الممكن مصادرتها[47].

ويشترط لتحقيق الصلح الجنائي في القانون البلجيكي توافر الشروط الآتية:

  • أن تكون المخالفة من اختصاص نائب الملك محليا ونوعيا.
  • أن تكون العقوبة المنصوص عليها للجريمة موضوع الصلح هي الغرامة أو الحبس الذي لا يتجاوز شهرا، أو العقوبتين معا.
  • ألا يكون قد صدر حكم ضد المخالف بعقوبة جنائية، أو بحبس تأديبي، أو بعقوبة مشروطة.
  • ألا يكون مطلوبا دفع تعويض معنوي أو أدبي لأحد عن تلك المخالفة، ما لم يكن تم إصلاح الأضرار فعلا.

كما أن المشرع البلجيكي توسع في المصالحة الجزائية لتشمل أيضا الحالات التي لا يتجاوز الحبس فيها مدة 3 أشهر ولكن ضمن شروط مشددة[48].

 

خاتمة:

وخيرا وبالرغم من الانتقادات الممكن توجيهها لمؤسسة الصلح الجنائي فان مسطرة الصلح الجنائي التي نظمها المشرع المغربي في المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية تعتبر الية حضارية تمكن من  تربية النفس على التسامح وتجاوز شائبة الخطأ ودافع الانتقام والقصاص في السلوك الانساني, بحيث كلما تم تطبيق هذه المادة تطبيقا سليما فانه ومن الاكيد سيكون له اثر ايجابي في تخفيف العبء عن المحاكم.

ويتضح من خلال دراسة التـشريعات المقارنة ومدى إدراجها لآلية الصلح الجنائي في إطار سياسـتها الجنائية المعاصرة وخاصة فـي ظل طغيان أزمة العدالة الجنائية، فانه تم اللجـوء الى الية الصلح قصد تخفيف الضغط على المحاكم مـن الكـم الهائل المفترض للفصل فيها، خاصة أن ركيزتها تتمحور حول رضـا أطراف الدعوى الجزائية على وسيلة إنهائهـا، وبذلك يتحقق بالفعل الإنهاء الرضـائي للـدعوى الجنائية بواسطة الأطراف بعدما أن كانت حكرا على الدولـة.

[1] و إن كنا نتحفظ بخصوص هذه التسمية، كما يرى ذلك البعض، إذ غالبا ما تقترح تسميات أخرى من قبيل، “التدابير البديلة” أو ” بدائل العقوبات “، أي أنها ليست بعقوبات بل هي مجرد تدابير وإجراءات يبقى هدفها الأول هو الهدف الإصلاحي /التقويمي.

[2] فؤاد عبد المنعم احمد “مفهوم العقوبة وأنواعها في الأنظمة المقارنة” ضمن أشغال الملتقى العلمي “الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة” المنظم من طرف وزارة العدل السعودية بمدينة الرياض من 15 إلى 17 أكتوبر 2011.

[3] ينص الفصل 35-1 من مسودة مشروع القانون الجنائي المغربي على ان : ” العقوبات البديلة هي العقوبات التي يحكم بها بديلا للعقوبات السالبة للحرية في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها من اجلها سنتين حبسا .

تحول العقوبة البديلة دون تنفيذ العقوبة السالبة للحرية على المحكوم عليه, في حالة تنفيذه للالتزامات المفروضة عليه بمقتضاها, وفقا للشروط المنصوص عليها في هذا الفرع .

لا يحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود .

[4] ينص الفصل 35-2 من مسودة مشروع القانون الجنائي المغربي على ان : العقوبات البديلة هي :

– العمل لأجل المنفعة العامة

– الغرامة اليومية

– تقييد بعض الحقوق او فرض تدابير رقابية او علاجية او تأهيلية .

[5]  موقع وزارة العدل    www.justice.gov.ma

[6]  رشيد مشقاقة , دليل النيابة العامة في مسطرة الصلح الجنائي , دراسة تحليلية نقدية لقانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية , ط 1 , 2004 , ص 3

[7]  كذا تسعى السياسات الجنائية المعاصرة الى الحد من مشكل الاكتظاظ التي تعرفه المؤسسات السجنية, والذي يشكل عائقا امام تطبيق اي برنامج للإصلاح واعادة الادماج. ووفقا لدراسات قام بها المركز الدولي لدراسات السجون يوجد اكثر من 908 مليون شخص مودعين في المؤسسات التأديبية في شتى ارجاء العالم .

هذا وكإجراء مؤقت لمكافحة ظاهرة الاكتظاظ لجأت بعض الدول التي تعرف سجونها اكتظاظا الى كراء سجون من الدول المجاورة, كما هو الشأن في بلجيكا التي قامت بموجب اتفاقية مع هولندا بكراء سجن لإيداع 650 سجين سنة 2010 لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة نقابل 30 مليون يورو. نفس الشيء بالنسبة لدولة النرويج التي ابرمت اتفاقية مع نفس الدولة هولندا لإيداع 242 سجين بإحدى سجونها المجاورة مقابل مبلغ 25 مليون يورو سنويا لمدة ثلاث سنوات ابتداء من شتنبر 2015 مع امكانية التجديد لسنة واحدة .

اما فيما يخص السجون المغربية فالطاقة الاستيعابية لا تتعدى 40000 سجين في احسن التقديرات بينما يتكدس فيها اكثر من 80000 سجين, لذلك فان ظاهرة الاكتظاظ تساهم بشكل كبير في وقوع انتهاكات التي قد تطال حقوق السجناء.

[8]  مداخلة الاستاذ محمد بوزلافة في الندوة المنظمة بكلية الحقوق بفاس تحت عنوان ” الوسائل البديلة لحل المنازعات – الرهانات و التحديات ” بتاريخ 6 مارس 2019

[9]  تنص الفقرة الاولى من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية على انه ” يمكن للمتضرر او المشتكى به قبل اقامة الدعوى العمومية وكلما تعلق الامر بجريمة يعاقب عليها بسنتين او اقل او بغرامة لا تتجاوز حدها الاقصى 5000 درهم ان يطلب من وكيل الملك تضمين الصلح الحاصل بينهما في محضر “.

[10]  عادل أزيرار , بدائل الدعوى العمومية , الصلح والوساطة نموذجا , رسالة لنيل شهادة الماستر , كلية الحقوق بفاس , 2016 , ص 8

[11]  بخصوص سلطة رئيس المحكمة في ضرورة الموافقة على محضر الصلح بعد احالته عليه من قبل وكيل الملك فان المشرع المغربي في المادة 41-1 السابق الاشارة له استبعد مصادقة رئيس المحكمة كما سوف نرى لاحقا.

[12]  محمد بن حم , فضاء الصلح او غرفة المشورة في ظل المسطرة الجنائية , مجلة الملف , العدد 3 , ابريل 2004 , ص 88

[13]  المادة 41 الفقرة 4 من قانون المسطرة الجنائية

[14]  على خلاف المشرع التونسي مثلا الذي حدد اجله في ستة اشهر ابتداء من يوم التوقيع على محضر الصلح

[15]  المادة 41 الفقرة 8 من قانون المسطرة الجنائية

[16]  محمد بن حم, م س, ص 31

[17]  تنص المادة 5 من قانون المسطرة الجنائية على انه ” تتقادم الدعوى العمومية مالم تنص قوانين خاصة على خلاف ذلك بمرور :

– خمس عشرة سنة ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية

– اربع سنوات ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة

– سنة ميلادية كاملة من يوم ارتكاب المخالفة ”

[18]  عادل ازيرار , م س , ص 90

[19]  نفس المرجع السابق

[20]  الفقرة الثانية من المادة 41-1 من مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية

[21]  المادة 215-1 من نفس القانون

[22]  فمبدأ الصلح أو المصالحة يعد من التقاليد الراسخة في التراث الديني والثقافي المغربي، إذ كان رب القبيلة أو رب الأسرة يلعب دور الوسيط في حل النزاعات العائلية والمالية والفلاحية التي تنشأ بين أفراد الأسرة أو القبيلة.

[23]  ينص الفصل 1098 من قانون الالتزامات والعقود على ان الصلح عبارة عن ” عقد بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه وذلك بتنازل كل منهما للآخر عن جزء مما يدعيه لنفسه أو بإعطائه مالا معينا أو حقا ”

[24]  تجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون المسطرة الجنائية جاء بمجموعة من المستجدات فيما يتعلق بمسطرة الصلح أهمها:

– أنه أصبح بإمكان النيابة العامة اقتراح الصلح على الأطراف وهو ما ليس متاحا لها  في ظل القانون الحالي إلا في حالات محددة.

– أصبح بإمكان وكيل الملك تعيين وسيط أو أن يطلب من الأطراف تعيينه (وفق إرادتهم) للقيام بالصلح.

ـ إمكانية استعانة وكيل الملك بالمساعدين الاجتماعيين بالمحاكم الموجودين بخلايا التكفل بالنساء والأطفال من أجل إقامة الصلح.

– استغناء المشروع عن موافقة القاضي على الصلح.

[25]  تنص الفقرة الثانية من المادة 41 من ق.م.ج على انه ” في حالة موافقة وكيل الملك وتراضي الطرفين على الصلح، يحرر وكيل الملك محضرا بحضورهما أو دفاعهما، ما لم يتنازلا، ويتضمن هذا المحضر ما اتفق عليه الطرفان”

[26]  نصت المادة 41 في الفقرة 8 على انه  ” توقف مسطرة الصلح … إقامة الدعوى العمومية. ويمكن لوكيل الملك إقامتها في حالة عدم المصادقة على مصدر الصلح أو عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة في الأجل المحدد أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية ما لم تكن هذه الأخيرة قد تقادمت ”

[27]  فهذه المادة تجيز لإدارة المياه والغابات إجراء صلح مع المتهم المرتكب للجنح والمخالفات الواقعة على المياه والغابات

[28]  د عمر سالم,  نحو تيسير الإجراءات الجنائية دراسة مقارنة , دار النهضة العربية , ط 1 , 1997 , القاهرة , ص 30

[29]  د محمد على سويلم ، المبادئ المستقر عليها في قضاء النقض الجنائي ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية 2010، ص 677

[30]  د محمد السيد عرفة، التحكيم والصلح وتطبيقاتهما في المجال الجنائي ، مركز الدراسات والبحوث ، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، الرياض ، ص212

[31]  د عبد الرحمن حسين علام ، الأحكام الخاصة بالتصالح كسبب من أسباب انقضاء الدعوى العمومية، 1990، ص 300

[32]  د عبد الرحمن حسين علام ، م س، ص 312

[33]  د عبد الحكيم فودة ، انقضاء الدعوى الجنائية ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2005 , ص 348

[34]  تنص المادة 240 من ق.ا.م.ج.ك على انه “في الجرائم التي يشترط لرفع الدعوى فيها صدور شكوى من المجني عليه ، وكذلك في جرائم الايذاء والتعدي التي لا تزيد عقوبتها على الحبس لمدة خمس سنوات وجرائم انتهاك حرمة الملك والتخريب والاتلاف الواقع على املاك الافراد ، والتهديد وابتزاز الاموال بالتهديد ، يجوز للمجني عليه ان يعفو عن المتهم او يتصالح معه على مال قبل صدور الحكم او بعده.

تسري على هذا الصلح شروط الشكوى من حيث الشكل ومن حيث اهلية التصالح “.

[35]  تنص المادة 186 من قانون أصول المحاكمات البحريني على انه ” ذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في دعوى جنائية أخرى وجب وقف الدعوى الأولى حتى يتم الفصل في الثانية “.

[36]  تنص المادة 16 من قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني على انه ” يجوز التصالح في مواد المخالفات والجنح المعاقب عليها بالغرامة فقط، وعلى مأمور الضبط القضائي المختص عند تحرير المحضر أن يعرض التصالح على المتهم أو وكيله في المخالفات ويثبت ذلك في محضره، ويكون عرض التصالح في الجنح من النيابة العامة “.

[37]  تنص المادة 17 من نفس القانون انه ” على المتهم الذي يقبل التصالح أن يدفع خلال خمسة عشر يوماً من اليوم التالي لقبول التصالح مبلغاً يعادل ربع الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو قيمة الحد الأدنى المقرر لها -إن وجد- أيهما أقل “.

[38]  المادة 2044  من القانون المدني الفرنسي

[39]  بناصر يوسف، أزمة مسطرة الصلح في القانون والقضاء المغربي , رصد ميداني لحصيلة التطبيق وقراءة في أسباب الأزمة والحلول المقترحة لمعالجتها، دراسة منشورة بالموسوعة القانونية لصاحبها  القاضي بناصر يوسف  بتاريخ 05/02/2006

[40] Il peut notamment s’agir d’un délégué du procureur ou d’une association adhérente à l’institut national d’aide aux victimes et de médiation (INAVEM) exerçant leur mission dans le cadre des maisons de justice et de droit. Il convient de souligner, à propos de la médiation que le procureur de la république ne doit pas intervenir lui-même : cette intervention serait en effet contraire à l’esprit même de la mesure et à l’article D. 15-4 du C.P.P qui précise que le médiateur ne doit pas exercer d’activités judiciaires à titre professionnel ». Assemblée Nationale, Rapport n° 1468 précité

[41] « Il s’agit, pour le ministère public, de tenir compte d’un arrangement intervenu entre le délinquant et la victime pour décider de ne pas poursuivre » VINCENT (Jean), GUINCHARD (Serge), MONTAGNIER (Gabriel) et VARINARD (André), Institutions judiciaires, paris, DALLOZ, 6ème éd., 2001, p. 638.

[42] V. Décret n° 2001-71 du  29 Janvier 2001, les articles R. 15-33-30 jusqu’au R. 15-33-37, code de procédure pénale, Op. Cit., pp. 1132 à 1134.

[43] « Cette procédure, initialement appelée compensation judiciaire, a été rebaptisée composition pénale par le sénat, qui a estimé que cette appellation permettait de mieux décrire les relations entre le procureur, l’auteur des faits et, le cas échéant, la victime ». Rapport n° 1468 précité, p. 19.

 

[44] «Il s’agit des violences ayant entrainé une incapacité de travail ou commises sur certaines personnes, les appels téléphoniques malveillants, des menaces, de l’abandon de famille et de l’atteinte à l’autorité parentale, du vol simple, de filouterie, du détournement de gage ou d’objet saisi, des destructions, dégradations et détériorations, des outrages contre une personne chargée d’une mission de service public, du port illégal d’arme… de violences ou dégradations contraventionnelles (art. 41-3 du C.P.) Ibid., p. 20

[45] « Les causes d’extinction propre à l’action publique s’expliquent par la nature de la valeur touchée (un intérêt général) (état fort de la conscience collective) et par la nécessité d’une réaction et même de resocialisation… du récalcitrant » DR ALAMI MACHICHI, Procédure pénale, Casablanca, Imprimerie KAMAR, 1981, p. 228.

 

[46]  د أحمد فتحي سرور، بدائل الدعوى الجنائية، مجلة  القانون والاقتصاد، القاهرة، ص 74

[47]  د محمود مصطفى، حقوق المجني عليه في الإجراءات  في الشريعة والقانون، ص 222

[48]  د عمر سالم, م س، ص 3

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى