بن قطاط خديجة
باحثة في القانون العام
متحصلة على ماجستير في القانون الدولي و العلاقات السياسية الدولية
عضو بمخبر القانون العقاري والبيئة
كلية الحقوق و العلوم السياسية جامعة مستغانم – الجزائر-
مقدمة
يحدد أنصار حماية البيئة عدة مشاكل ونقاط تثير القلق، حول إجراءات التحرير الكلي للتجارة وما سينجم عنه من آثار سلبية على البيئة. فالتجارة الدولية ونموها المتسارع بعد تحريرها، ترتب عنه زيادة مستمرة غير مرغوبة في إنتاج منتجات تؤدي إلى تلوث شديد للبيئة، في تلك الدول التي لا تلتزم بشروط وإجراءات بيئية مناسبة.[1]
ولقد ظهرت العلاقة الصعبة بين التجارة الدولية التي ترتكز على آليات اقتصاد و بين حماية البيئة في السبعينات (1970)، مع اعتماد القيود البيئية الأولى على التجارة في أنواع الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، إلا أن الحظر المقرر عام 1991، من قبل الولايات المتحدة على واردات التونة المكسيكية المعلبة، هو السبب وراء إثارة الجدل حول قواعد التجارة الدولية وقواعد حماية البيئة. ومن مظاهر الانفتاح التجاري ظهور الشركات عبر الوطنية، التي تواجه الكثير من الانتقادات لما لها من آثار على المجال البيئي. وعليه تطرح الإشكالية التالية: إلى أي مدى يمكن لآليات اقتصاد السوق والشركات عبر الوطنية الأخذ بالاعتبارات البيئية في ظل ارتفاع وثيرة المبادلات التجارية ؟
وللإجابة على ذلك قسمنا هذه الدراسة إلى مبحثين، تطرقنا في المبحث الأول إلى هيمنة اقتصاد السوق وتأثيره على البيئة، أما في المبحث الثاني، تناولنا دور الشركات عبر الوطنية في تفاقم المشكلة البيئية.
المبحث الأول: هيمنة اقتصاد السوق وتأثيره على البيئة
ليس هناك وصف أصدق على تحولات التجارة الدولية، في القرن الواحد والعشرين، من كونها تستند على فكر ليبرالي جديد، قائم على قرصنة الطبيعة، بدون حساب وبدون حدود منطقية للاستهلاك، خاصة موارد الدول النامية، كل ذلك وفق ما تتطلبه السوق الدولية.
المطلب الأول: اقتصاد السوق كآلية لتحرير التجارة الدولية
لقد سيطر الاتجاه الليبرالي الجديد على الحياة الاقتصادية الوطنية و الدولية، كما أنه قلل من نطاق تدخل الدولة (l’intervention de l’Etat) إلى أدنى حد ممكن، لصالح آليات السوق ( Mécanismes du marché)، على أساس أن الدولة غير قادرة على التدخل بشكل فعال، إلا أن هذا التوجه نحو ترك تنظيم الأنشطة الاقتصادية لآليات السوق، تلته فترة هيمن فيها تدخل الدولة في الاقتصاد، فالكساد الكبير، الذي شهدته الولايات المتحدة عام 1930، دمر الثقة التي تتمتع بها الرأسمالية الليبرالية، فجاء اقتراح الاقتصادي جون لينز (John KEYNES)، بأن يتم التدخل النشط، لتحفيز الاقتصاد من خلال السياسة المالية، كحل للأزمة، وبالتالي تم تطبيق الرقابة على الأسعار والحصص الكمية.[2] في الأربعينات (1940) كان للحرب العالمية الثانية أثر كبير، حيث أصبح من المستحيل عمليا، وضع استراتيجية تنمية قائمة على التصدير، فبدأت الولايات المتحدة في بناء قدراتها الصناعية بعيدا عن الحماية الجمركية العالية، وقد قدمت الولايات المتحدة من خلال "خطة مارشال"، دعما كبيرا لإعادة إعمار أوروبا التي مزقتها الحرب وذلك بتوفير رؤوس أموال كبيرة (ما يعادل 1.5٪ من الناتج القومي الإجمالي) وتشجيع القادة الأوروبيين على التخطيط للاستثمارات العامة.[3]
في الدول المستعمرة سابقا في آسيا وأفريقيا، فرضت السلطات التخطيط الاقتصادي والسياسي قبل الحرب وبعدها، أما بعد الاستقلال، فقد اعتمد الحكام الجدد سياسة التدخل لتحرر نفسها بطريقة أو بأخرى من الاستعمار، كما اختارت دول أمريكا اللاتينية كذلك، سياسة التدخل من خلال تطوير الصناعات المحلية، وقد أعجبت هذه البلدان المستقلة حديثا بالنتائج الإيجابية للتحول الصناعي السريع، في الاتحاد السوفيتي تحت قيادة الحزب الشيوعي.
وقد تم تأييد التوجه نحو التدخل من قبل نظرية كارل ماركس (Karl MARX )، الذي يرى أن السوق يؤدي إلى نتائج عشوائية، وقد أثر النهج الماركسي إلى حد كبير في النظم السوفيتية والصينية. بعد سنوات وبالضبط في عام 1943 ظهرت نظرية "القفز إلى الأمام" Bond en avant) ) لبول روزنشتاين رودان (ROSENSTEIN-RODAN Paul)، التي تم تعزيزها في عام 1958 من خلال نظرية "استراتيجية النمو المتوازن" لهيرشمان ألبرت (HIRSCHMAN Albert)،[4] حيث أكدت هذه النظريات، على ضرورة تدخل الدول على أساس أن السوق لا يمكنه ضمان – في ظل ظروف مواتية – تطورا سريعا.[5] لقد دفعت هذه المراجع التاريخية والفكرية بكثير من البلدان، لاسيما البلدان النامية، إلى تبني نهج التدخل من أجل تعزيز النمو الاقتصادي.[6]
وعليه، نلاحظ أن سياسة التدخل والاتجاه الليبرالي، كثيرا ما كانا يحتكان ويتعاقبان في الزمان والمكان، قبل أن تطغى الليبرالية على سياسة التدخل، ابتداء من سنوات التسعينات (1970).
نظرا لعدة عوامل، بدأت العديد من البلدان في التخلي عن سياسة التدخل واستبدالها بآليات السوق، أما الأسباب المبررة للإصلاحات الاقتصادية الليبرالية، تعود إلى سوء سير عمل نظام الرقابة والتنظيم من جهة، و إلى الثناء الذي كان يشهده نظام السوق من جهة أخرى.
شهدت الدول الواحدة تلوى الأخرى تعثر سياسة الحماية الجمركية وإحلال الواردات وكذا النمو الصناعي، ويرى بعض الاقتصاديين أن التدخلات في الأسعار كان لها عموما نتائج غير متوقعة، كما أدى ارتفاع أسعار النفط في سنوات السبعينات (1970)، والذي تلاه تدهور معدلات التبادل التجاري للمواد الأولية الاستوائية وزيادة الديون الخارجية في الثمانينات (1980)، إلى فشل الاستراتيجيات التدخلية (تدخل الدولة).
في الوقت الذي كان لابد على جميع البلدان أن تكون أكثر مرونة وإبداعا، نظرا لعدم الاستقرار في ظل النظام الاقتصادي، بهدف الابتكار ودفع الأنشطة إلى توجه جديد، ظلت الدول ذات الاقتصاد المخطط عالقة أو متمسكة بنظام تدخل الدولة، وهناك من برر ذلك، بالقول، أن بعض البلدان النامية استطاعت أن تبرز بدعم كبير من الدولة، فكوريا الجنوبية وتايوان مثلا، تعتبران حاليا من الدول الصناعية الحديثة، رغم عدم توقف تدخل الدولة في اقتصادها.[7]
من ناحية أخرى، يبدو أن أنصار التبادل الحر استطاعوا وفي السياق السياسي والاقتصادي المناسب، مدح التطور القائم على السوق والانفتاح، بحجة أن السوق يخلق المنافسة، التي بدورها تحفز على رفع الإنتاجية، ففي البلدان المعتمدة على اقتصاد السوق، يتم إلزام المنتجين على العمل بكفاءة وخفض التكاليف، عن طريق زيادة إنتاجيتهم كلما أتيحت الفرصة لذلك.
كل هذه الحجج الليبرالية، انتصرت على نظام الاقتصاد المخطط، ودفعت به إلى اقتصاد السوق، ووفقا لدراسات قام بها جيفري ساكس (SACHS Jeffrey) وأندرو وارنر (WARNER Andrew)، وهما اقتصاديين من "معهد هارفارد للتنمية الدولية"، فإن التوجه الليبرالي الاقتصادي يحدد، بشكل كبير، وتيرة نمو الإيرادات وزيادة الإنتاجية، و مع ذلك، فإن دراستهم تُظهر أن تنفيذ السياسات القائمة على السوق في حد ذاته، ليس كافيا لضمان النمو، كما أن هذه الدراسات لا تستبعد إمكانية تحقيق النمو الاقتصادي، من خلال طرق سياسية أخرى.[8]
ولكن في سياق إيديولوجي اقتصادي متأثر، موجه و مهيمن عليه من خلال الفكر الليبرالي الجديد، لا يمكن لأي مجال من مجالات الحياة الهروب من قوى السوق. وبالتالي لايمكن لأهداف السياسات الوطنية والانشغالات الاقتصادية الداخلية وكذا سياسات حماية البيئة، التخلص بسهولة من قوى اقتصاد السوق.[9]
المطلب الثاني: مدى تأثير اقتصاد الســوق علـى البـيـئـة
لا بد من الإشارة، أن أثر التبادل الحر على البيئة يظهر جليا من خلال المبادلات التجارية وآليات السوق، ومن أهم القضايا على أجندة أنصار البيئة المناهضين لهيمنة اقتصاد السوق: استنزاف الموارد الطبيعية، المنتجات المعدلة وراثيا…الخ.[10]
بالنسبة لاستنزاف الموارد الطبيعية مثلا، فإن عمليات إلغاء التعريفة الجمركية على المنتجات الخشبية، سوف تؤدي إلى تقليل أسعارها في السوق الدولية، وبالتالي زيادة معدل قطع الغابات الاستوائية والأشجار، للحصول على هذه المنتجات. ومن المعروف، أنه يوجد، حاليا، تعريفة جمركية عالية على منتجات الأخشاب، من أجل السيطرة على تجارتها في الأسواق الدولية، وتصعيب مهمة منتجيها في التسويق، إلا أن قوانين منظمة التجارة العالمية تسهم في إلغاء الحمايات الجمركية، و تسهل انتقال هذه المنتجات، و بالتالي تزيد من عمليات التحطيب و قطع أشجار الغابات.[11]
أما عن المنتجات المعدلة وراثيا، فإن الانتقال التجاري الحر للمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا(الكائنات المعدلة وراثيا)[12] (Organisme Génétiquement Modifié)، سيؤدي إلى نشر التأثيرات البيئية السلبية لهذه المنتجات من حيث تغيير النظام البيئي الطبيعي والتنوع الحيوي أو التسبب أحيانا بمشاكل صحية للمستهلكين بسبب تغيير التركيب الوراثي لهذه الكائنات الذي قد يكون مؤذيا للمستهلك وإن لم يتأكد ذلك علميا، كما أنه لن يسمح للدول المستوردة في رفض أو إغلاق أسواقها أمام المنتجات المعدلة وراثيا قبل فحصها والتأكد من صلاحيتها. فتزايد الاتجار بالمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا سيؤدي إلى تركز الثروة واحتكار إنتاجها، بالدول المسيطرة حاليا على سوق هذه المنتجات، المتمثلة في الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين، فهذه الدول تشكل 98% من إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا، من خلال شركاتها الكبرى، مثل مونسانتو ونوفارتيس. ومما لا شك فيه أن ذلك الاحتكار للتكنولوجيا سيضعف من الأمن الغذائي (La sécurité alimentaire) لمعظم الدول النامية.[13]
بالرجوع إلى آليات السوق، نجدها تنادي مبدئيا بتوزيع الموارد، وتحقيق الاستخدام الأمثل لها. ومن ثمة فإن سير وأداء التجارة الدولية يتم تلقائيا من خلاله (السوق)، إلا أن سير التجارة الدولية من خلال آليات السوق، خلق فيما يتضمن آلية أخرى، وهي الاعتداء المستمر على البيئة، حيث أن النظام الإنتاجي يتسبب في آثار متعدية ضارة بيئيا، مثل تلوث الهواء والماء، وهذه الآثار ناتج ثانوي للعملية الإنتاجية، وتسمى نفقة خارجية و لا يمكن ترجمتها في شكل نقدي سوقي، و لذا لا تدخل في المجال الاقتصادي.[14]
كما أن الآثار المتقدمة للعملية الإنتاجية، لا تدخل في حسابات الوحدات الاقتصادية المسببة لها، باعتبار أن تلويثها للبيئة يضر بالمجتمع ككل، و أضرارها لا تدخل في حسابات السوق، و إنما تدخل ضمن الأصول البيئية المشتركة، التي جعلتها مالا عاما يتم استخدامه من الجميع دون مقابل و دون تحديد مسؤولية، الأمر الذي ترتب عنه إهدارها وتلوثها، وهو ما قد يحرم الغير منها أو يكلفه نفقات إضافية لم يتسبب فيها.[15] و هذا ما يطلق عليه الاقتصاديون فشل السوق (Le défaillance du marché) في تنمية الموارد البيئية، حيث تقل النفقات الخاصة عن النفقات الاجتماعية التي لحقت بالمجتمع.[16]
وغالبا ما تواجه الأسواق إخفاقات، بمعنى الخلل الوظيفي الناتج عن اختلال التوازن بين العرض والطلب (L’offre et la demande) في السوق المالية، وسوء إدارة الاستثمارات الأجنبية المباشرة (Les investissements directs étrangers )، كما كان الحال في الأزمة الاقتصادية الآسيوية لعام 1997، ويمكن لإخفاقات السوق أن تساهم حتى في تفاقم الأزمة البيئية،[17] حيث يقصد بفشل السوق كذلك، عدم قدرة الأسواق على تخصيص الموارد بكفاءة، والذي يترتب عن سوء الإدارة البيئية. و ينبغي الإشارة إلى أن إخفاقات أو فشل السوق، تنبع من دكتاتورية اقتصاد السوق، الذي ينبع في حد ذاته من فكرة العولمة، فالعولمة هي المسؤولة عن التغيرات الهيكلية الرئيسية التي تؤثر في أنماط الإنتاج والتبادلات الاقتصادية، وعن ظروف ممارسة القيادة السياسية داخل الدول وطبيعة العلاقات الدولية، ويجب استيعاب العولمة من خلال السياق الاجتماعي والسياسي الذي تهيمن عليه التوترات و علاقات القوة والهيمنة والهرمية الاجتماعية (La hiérarchies sociales) وروابط التبعية السياسية.
إن التأكيد على ضرورة حماية البيئة، يتوافق مع تغيير وتطور التفكير الاقتصادي الذي حدث في أوائل السبعينات (1970)، وهي الفترة التي صرح فيها بعض الاقتصاديين، بأنه لن يتم استنفاد الموارد الطبيعية في أي وقت قريب، لأن المستخدمين سيعتمدون على بدائل أخرى، إذا اتضح لهم أن مورد ما يتجه إلى الزوال نتيجة الاستغلال المفرط، وأن زواله يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وقد أظهر هذا الفكر الاقتصادي محدوديته، لأن التجربة أثبتت أن استغلال الموارد الطبيعية قد يؤدي إلى اختفاء بعض الموارد.[18]
إن الاتجاهات المتعلقة بمنطق السوق ومنطق حماية البيئة تختلف وفقا لاعتبارات زمنية (temporelle) أو مادية (matérielle)، وهكذا، فإن اقتصاد السوق يفضل الإنتاجية والمردودية القصوى على المدى القصير (court terme) والتي يتم تحقيقها،[19] على سبيل المثال، في المجال الزراعي من خلال تحديد عدد قليل من الأصناف عالية الغلة، ومع ذلك، غالبا ما تتطلب هذه الأصناف مدخلات كبيرة من الأسمدة والمبيدات ، في حين يتم التخلي عن أنواع أقل إنتاجية ولكن أكثر ملائمة للظروف المحلية. كما يحدث في كثير من الأحيان،[20] باسم الكفاءة الاقتصادية، إجراء عينات كبيرة تحد من قدرة تحمل البيئة الطبيعية، حيث يجري ذلك بصفة خاصة في مجال مصايد الأسماك والغابات.[21]
في المقابل، فإن منطق حماية البيئة يعمل على حمايتها والحفاظ على تنوع النظم الإيكولوجية، وهذا يعني أن استغلال الموارد الطبيعية يفرض حدودا على عمليات الحفاظ على إنتاج متوازن،[22] دون المساس بقدرات تجديد المورد المحدد على المدى الطويل، أو بنوعية النظم الإيكولوجية، بهدف إنتاج أفضل للأنواع الحيوانية والنباتية، إذ تتوقف أهمية الضغوط على الموارد البيئية على حجم وطبيعة النشاط الاقتصادي.[23]
وفي دراسة أجرتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) حول آثار التجارة على البيئة، أوضحت أن إخفاقات السوق هي التي تولد الضرر بالبيئة، فإخفاقات السوق تظهر عندما ينعدم اهتمام الأسواق بالقيم البيئية (Les valeurs environnementales). كما أن إخفاقات السوق، يمكنها أن تُعزى، في الحقيقة، إلى فشل الأسواق في التقييم والتوزيع السليمين للموارد البيئية. تشير مثلا، منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إلى أن إخفاقات السوق المتعلقة بالبيئة، قد تنجم عن الاستعانة بمصادر خارجية لتغطية التكاليف البيئية (l’externalisation des coûts environnementaux ).[24] ويحدث ذلك حين لا يأخذ الملوثون التكاليف البيئية لأنشطتهم بعين الاعتبار، إذ في نظرهم، يكون تحديد وحساب هذه التكاليف في الغالب أمرا صعبا. وفي هذه الحالة، تظل التكاليف البيئية عناصر خارجة عن أسعار السلع والخدمات بدل أن تكون مُتضمَنة في هذه الأسعار. ويظهر الفرق بين التكاليف الظاهرية للنشاط و تكلفته الإجمالية في فقدان عناصر حيوية كالهواء والماء، وتدهور الموارد البيئية.[25]
إذن، ما يمكننا قوله، أن إخفاقات السوق قد تكون من جهة المتسبب في العديد من المشكلات البيئية، وقد تكون من جهة أخرى نتيجة حتمية لعدم مراعاة المتطلبات البيئية.
المبحث الثاني: دور الشركات عبر الوطنية في تفاقم المشكلة البيئية
تعد الشركات عبر الوطنية من أهم ملامح النظام الاقتصادي الجديد، إلا أنها متهمة باستغلال الثروات الطبيعيـة للدول النامية، و بالتدخل في الشؤون الداخليـة لهذه الدول.
المطلب الأول: بروز الشركات عبر الوطنية
لقد تحددت معالم العولمة (La mondialisation) بفعل الشركات عـبـر الوطنية (Les sociétés transnationales)،[26] فالمشغلين الرئيسيين لنظام العلاقات الاقتصادية الدولية والشركات عبر الوطنية تهيمن على الاستثمار والإنتاج والتجارة في الاقتصاد العالمي، وهي بذلك تشكل النتاج المباشر لتحرير التجارة الدولية.[27]
الشركات عبر الوطنية، كما تطلق عليها الأمم المتحدة، لتوضيح أنها ليست شركات يمتلك رؤوس أموالها أكثر من دولة وإنما هي شركات لها فروع في العديد من الدول وتعمل وفق الاستراتيجية التي تحددها الشركة الأم، تعتبر بمثابة القاطرة التي تجر وراءها الاستثمار الأجنبي المباشر نحو أقاليم العالم المختلفة، وقد تعددت التعاريف الخاصة بالشركات عبر الوطنية نظرا لتعدد المصطلحات الأجنبية لها، فالبعض يطلق عليها الشركات الأجنبية أو الشركات متعددة الجنسيات أو الشركات الدولية.
قامت الأمم المتحدة بإنشاء لجنة بغية تعريف الشركات متعددة الجنسيات، وقد أطلقت عليها تسمية "شركة عبر وطنية " وعرفتها على أنها :" أي كيان اقتصادي يعمل في أكثر من بلد واحد أو مجموعة كيانات اقتصادية تعمل في بلدين أو أكثر، أيا كان الشكل القانوني الذي تتخذه سواء في موطنها أو في البلد الذي تمارس فيه نشاطها وسواء نُظر إليها منفردة أو مجتمعة".[28] وعلى الرغم من ذلك لا يزال تعريف خبراء الأمم المتحدة عموميا وغير محدد.
أما مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، فيعرف هذه الشركات على أنها تلك المؤسسات ذات المسؤولية المحدودة أو غير المحدودة التي تتألف من الشركة الأم و فروعها الأجنبية فالشركة الأم هي المالكة للأصول المستخدمة في الإنتاج في الخارج. أما الفرع الأجنبي المملوك كليا أو جزئيا، فهو المؤسسة ذات المسؤولية المحدودة أو غير المحدودة، التي مقرها الدولة المضيفة والتي تمتلك فيها شركة الوطن الأم حصة تتيح لها حق المشاركة في الإدارة .
بالتالي يمكن تعريف الشركة عبر الوطنية،[29] على أنها المؤسسة التي تسعى إلى تعظيم أرباحها، من خلال القيام بعمليات في الخارج، ومن خلال تنوع مصالحها الدولية، في حين أنها تتعرض لتأثيرات وطنية مختلفة. بالنظر إلى أهدافها، كثيرا ما تعتبر هذه الشركات أدوات للاستغلال الاقتصادي وإملاءات سياسية ضد البلدان النامية، ومن خلال قوتها المالية غالبا ما تقوض سيادة بعض البلدان النامية، إذا لم تكن هذه الأخيرة، مجبرة على الالتزام بالتوجيهات الاقتصادية والسياسية المقدمة من البلدان الأصلية لهذه الشركات.[30]
إن البحث عن زيادة القدرة التنافسية ورفع الإنتاجية على مستوى الشركات عبر الوطنية، أمر جوهري في أعمال التبادل الحر، والبحث عن الكفاءة الاقتصادية يأتي من تطبيق نظرية الميزة النسبية (La théorie des avantages comparatifs). في الواقع، وحسب نظرية الميزة النسبية، فإن التبادل الحر يؤدي إلى التخصص الدولي للبلدان، في الإنتاجات ذات الكفاءة العالية بالنسبة لكل دولة، أما التقسيم الدولي للعمل فيبدو كأنه توزيع جغرافي لعوامل الإنتاج، التي تحدد حصة الأنشطة الاقتصادية لكل بلد حسب الكفاءة. وقد قدم ديفيد ريكاردو نظرية الميزة النسبية في كتابه مبادئ الاقتصاد السياسي والضرائب، حيث يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر، ليتم تطويرها في وقت لاحق من طرف جون ستيوارت ميل. وفقا لهذه النظرية، إذا كان البلد أ يتميز عن البلد ب في صناعة السيارات و البلد ب هو أفضل من البلد أ في صناعة المنسوجات، فمن مصلحة كل من الدولتين، أن تتخصص الدولة أ في إنتاج السيارات، والدولة ب في إنتاج المنسوجات، وأن يتم تبادل منتجاتهما،[31] استنادا إلى مفهوم التباين السلعي بين البلدين.[32]
وهكذا، فإن الإنتاج على نطاق واسع خلال الاستعمار، دفع بالدول الأوروبية إلى فتح أسواق جديدة وتنويع مصادر التموين، عن طريق الحد من إنتاج الدول النامية، المستعمرة سابقا، للمواد الخام.[33] ويرى الكثيرون، أن هذه الشركات تقوم على القرصنة الطبيعية، لموارد الدول النامية، وذلك للسعي وراء زيادة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، التي أصبحت تعد بمثابة عقيدة لدى معظم الدول الصناعية في العالم.[34]
المطلب الثاني: إهمال الشركات عبر الوطنية للمتطلبات البيئية
إن مبادئ العولمة ومعاييرها المالية والاقتصادية المستندة إلى الفلسفة الليبرالية، والقائمة على: الخوصصة (La privatisation)، تحرير الأسواق من القيود الجمركية، إلغاء سياسات الدعم المالي، تحرير قطاع الخدمات وتشجيع المنافسة، والاستثمارات الأجنبية المباشرة…، لها تداعيات سلبية على الطبيعة، إذ يرى الكثير من المختصين،أن الشركات عبر الوطنية، هي المسبب الرئيسي للتدهور البيئي، في القرنين العشرين والواحد والعشرين، رغم التزامها بحماية البيئة، حيث أنها استغلت الإمكانات التقنية والعلمية الهائلة للإفراط في استغلال الموارد الطبيعية.[35]
ونظرا لمخاطر الشركات عبر الوطنية على البيئة، ألزمت العديد من الصكوك الدولية، الشركات عبر الوطنية، بحماية البيئة البشرية والطبيعية، وورد احترام هذا الالتزام ضمنيا في أغلب هذه النصوص.[36] و بناءا على ما أقرّته الأمم المتحدة من التزامات بشكل صريح، من خلال وثيقة الأمم المتحدة بشأن "القواعد المتعلقة بمسؤوليات الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال في مجال حقوق الإنسان" سنكتفي بالتطرق إلى ما أقرته هذه الوثيقة، فقد حاولت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن تناقش أنشطة الشركات عبر الوطنية وتأثيرها على حقوق الإنسان بما فيها الحق في البيئة.
ولو عدنا إلى الفقرة (و) من وثيقة الأمم المتحدة، نجدها تلزم الشركات عبر الوطنية بأن تعمل وفقاً لممارسات نزيهة، في مجال الأعمال التجارية والتسويق والإعلان، وأن تتخذ جميع الخطوات اللازمة لضمان سلامة وجودة السلع والخدمات التي توفرها، كما لا يجوز لها إنتاج أو تسويق أو الدعاية لمنتجات ضارة أو محتملة الضرر.[37]
ويتوجب على الشركات عبر الوطنية احترام المعايير الدولية ذات الصلة بحماية المستهلك، مثل مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لحماية المستهلك، والمعايير الدولية ذات الصلة للنهوض بمنتجات محددة، ونذكر المدونة الدولية لتسويق بدائل لبن الأم التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية (Assemblée mondiale de la Santé) وهي أعلى جهاز لاتخاذ القرار في منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى المعايير الأخلاقية، التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، بشأن الترويج للعقاقير الطبية، وعليها أيضا ألا تستهدف الأطفال عند الدعاية للمنتجات المحتملة الضرر.
أما الفقرة (ز) من وثيقة الأمم المتحدة بشأن "القواعد المتعلقة بمسؤوليات الشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال في مجال حقوق الإنسان"، فقد تضمنت الالتزامات المتعلقة بحماية البيئة، وبناء عليه تنشط الشركات عبر الوطنية حسب ما تقره القوانين واللوائح التنظيمية والممارسات الإدارية والسياسات الوطنية المتعلقة بالحفاظ على البيئة في البلدان التي تعمل فيها، وكذلك وفقاً للاتفاقات والمبادئ والأهداف والمسؤوليات والمعايير الدولية ذات الصلة بالبيئة، فضلاً عن حقوق الإنسان والصحة والسلامة العامة وأخلاقيات علم الأحياء.
وتعليقا على ذلك، على الشركات عبر الوطنية احترام الحق في التمتع ببيئة نظيفة وصحية على ضوء العلاقة القائمة بين البيئة وحقوق الإنسان (Droits de l'homme) والهدف الأوسع استجابة لاحتياجات الأجيال الحالية دون النيل من قدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها.[38]
وحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصادية يجب على الشركات عبر الوطنية أن تقدم للموظفين القدر الكاف من التعليم والتدريب من أجل قضايا الصحة والأمن البيئي و عليها المساهمة في تطوير السياسة العامة في مجال البيئة حيث تكون وسيلة فعالة اقتصاديا.[39] هذا وقد حثت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصادية الشركات متعددة الجنسيات في 42 دولة على الالتزام بمعايير سلوك جديدة وأكثر صرامة للشركات، واحترام معايير البيئة، وأكدت المنظمة، في طبعة 2011 للخطوط الإرشادية للشركات متعددة الجنسيات، ضرورة احترام الشركات لحقوق الإنسان بما فيها الحق في البيئة في كل دولة تعمل فيها.[40]
إلا أنه، و بالرغم من حث الشركات عبر الوطنية على حماية البيئة البشرية والطبيعية، فإن التدهورات البيئية المستمرة التي يشهدها كوكبنا، تبرهن عن عدم احترام ما أقرته الهيئات الدولية المناهضة للتدمير البيئي.[41]
لقد نددت عدة منظمات غير حكومية[42] وحركات اجتماعية بتورط الشركات عبر الوطنية أو المتعددة الجنسيات في تدهور البيئة، وفي معاهدة المنظمات غير الحكومية والحركات الاجتماعية التي نشرت في باريس في عام 1993، في الفصل المعنون "المتعددة الجنسيات: نحو رقابة ديمقراطية لتصرفاتهم" أقرت في أربع نقاط مسؤولية الشركات عبر الوطنية، نذكرها فيما يلي:
أولا: أن الشركات عبر الوطنية من خلال أنشطتها في إنتاج النفط، النقل البري، توليد الكهرباء، إنتاج المعادن والأنشطة الزراعية، مسؤولة عن ما يقرب من 50٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة وتقريبا جميع المواد الكيميائية المؤثرة في طبقة الأوزون.
ثانيا: أن الشركات عبر الوطنية تهيمن على التجارة في الموارد الطبيعية والسلع الأساسية. فأنشطتها المتعلقة بالحفر، التعدين، قطع الأشجار والزراعة الصناعية، تسبب استنزاف وتدهور الغابات والتربة وموارد المياه العذبة والتنوع البيولوجي.
ثالثا: الشركات عبر الوطنية تسيطر على إنتاج الجزء الكبير من المواد الكيميائية السامة التي تلوث الهواء والماء و التربة، كما أنها مسؤولة عن معظم حوادث العمل.
رابعا: الشركات عبر الوطنية هي الكيانات الرئيسية المساهمة في نقل نظم الإنتاج والمعادن الخطرة إلى البلدان النامية، إضافة إلى المبيدات الحشرية والعقاقير المحظورة في بلدانـهـا الأصـلية، ونقـل الصـناعـات الملوثـة، أو دفن النفايـات المشعـة (Déchets radioactifs) في جنوب المحيط الهادئ، والصادرات من النفايات الخـطـرة (Déchets dangereux) إلى أفريقيا هي أمثلة على ذلك.[43]
تعتبر الشركات عبر الوطنية من أكبر المتسببين في ظاهرة الاحتباس الحراري،[44] ويحتل موضوع تلوث الهواء مكانة مركزية عند الحديث عن هذه الظاهرة، في إشارة إلى الارتفاع المتواصل لدرجة حرارة الأرض، ويُقدَر أن ترتفع بمعدل 3 درجات مئوية. ويمثل هذا تهديدا واضحا على الآلاف من الأنواع البيولوجية، وعلى خصوبة التربة والأراضي الصالحة للزراعة، إضافة إلى تسارع ذوبان ثلوج القطبين، وبالتالي ارتفاع مستوى المياه في المحيطات، مما قد يضع بلدان بأكملها مثل بنغلادش وهولندا وأقسام من دلتا النيل وسواها تحت تهديد الانحراف.[45]
تتسبب الشركات عبر الوطنية كذلك، في القرصنة الحيوية (Biopiraterie) أي سرقة الكائنات النادرة و خاصة النباتات الطبية، حيث تتعرض كثير من الدول النامية إلى مثل هذه القرصنة من قبل الشركات عبر الوطنية بتوظيف موارد نادرة إنتاج أدوية مثلا والحصول على براءات اختراع دون تقديم نسبة إلى دولة المنشأ، بل أن هذه الأدوية تباع في أسواق دول المنشأ، علما أن اتفاقية حقوق جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة تمنح حق الملكية الفكرية للشركة صانعة الدواء أو المستحضر سواء لطريقة تصنيع المنتج أو للمنتج نفسه وكأنها لا تعطي أية حقوق للمادة الخام التي صنع منها المنتج و لا حتى للسكان الأصليين في المنطقة التي توجد فيها هذه المواد الخام.[46]
يظهر لنا، مما سبق، أن وضع وإنفاذ المعايير البيئية من طرف سلطات الدول صاحبة الشركات عبر الوطنية، جاء قصد بسط سيطرتها على الدول المستضيفة، رغم ما تتسبب فيه هذه الشركات من أضرار بيئية.
الخاتمة:
من خلال ما تم التطرق إليه، يمكن القول، أن العلاقة بين آليات اقتصاد السوق والشركات عبر الوطنية وبين السياسات البيئية، تأثرت بالمطالب المتزايدة للمستهلكين والمجتمع المدني، التي لا تتوقف عن مساءلة ومناهضة زعماء الدول والشركات عبر الوطنية. وأدى ظهور بعض الأمراض على غرار مرض المسمى بمرض جنون البقر، إلى يقظة المستهلك. هذا الأخير، الذي تعدت اهتماماته نوعية المنتوج، إذ أصبح يطالب بمصدره وطريقة صنعه. وقامت بعض منظمات المجتمع المدني من جهتها بالطعن في الخطاب النيولبيرالي، ودعت إلى نموذج آخر للتنمية الاقتصادية.
وقد توصلنا، من خلال هذه الدراسة، إلى النتائج التالية:
1- يستحيل تبني آليات اقتصاد السوق، دون الاعتماد على الموارد البيئية.
2- غياب منظمة دولية للبيئة، ساهم في تجاهل البعد البيئي، في ظل هيمنة اقتصاد السوق والشركات عبر الوطنية.
3- أن الشركات عبر الوطنية تستخدم قوتها المالية وتستغل غياب الإطار القانوني، المؤسسي المتماسك و الفعال في مجال أمن وحماية البيئة لتحديد موقعها في مناطق الجنوب.
4- من غير المتوقع، أن تنشط الشركات عبر الوطنية من أجل حماية البيئة، ما لم تعتبر البيئة كوضع اقتصادي، يحقق مكاسب مربحة لها.
وعليه يمكن إعطاء بعض التوصيات خدمة لأهداف الدراسة:
1- ضرورة إنشاء منظمة دولية للبيئة، من أجل إعطاء دفع عالمي لجهود حماية البيئة.
2- اتخاذ تدابير صارمة على جميع المستويات لعكس الاتجاه الحالي، وتحقيق الإنصاف في العلاقات الاقتصادية الدولية.
3- توسيع دور الحكومات تشريعيا وتنظيميا، بفرض ضريبة على الصناعات والمنشآت الملوثة للبيئة، أو منح إعانات حكومية، أو من خلال اعتماد سياسة التحديد والمنع.
4- التدخل المباشر، بسن نصوص دولية، تهدف إلى وضع حد أقصى لمستويات التلوث المسموح بها، حيث يلتزم الفاعلون الاقتصاديون على المستوى الدولي بتحقيق هذه المستويات.
[1] جلال عبد الفتاح الملاح: "التجارة الدولية والبيئة في إطار منظومة عالمية وبعض الاعتبارات للدول النامية"، السلسلة العلمية لجمعية الاقتصاد، المجلد الثاني، العدد4، السعودية، 2000.، ص 15.
[2] زينب حسين عوض الله: العلاقات الاقتصادية الدولية، الإسكندرية، الفتح للطباعة والنشر، 2003، ص 59.
[3] عبد المطلب عبد الحميد: النظام الاقتصادي العالمي الجديد، القاهرة، مجموعة النيل العربية، 2003، ص 128.
[4] Abraham Yao GADJI:: libéralisation du commerce international et protection de l’environnement, thèse de doctorat en droit, Université de Limoges, France, 2007, p 63.
[5] زينب حسين عوض الله: المرجع السابق، ص58.
[6] Abraham Yao GADJI: Op.Cit, p 64.
[7] عبد المطلب عبد الحميد: المرجع السابق، ص 130.
[8] زينب حسين عوض الله: المرجع السابق، ص116.
[9] وفقا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتنمية البشرية لعام 1999، وصلت الفجوة في الدخل بين 20٪ من السكان الذين يعيشون في أغنى البلدان و20٪ من الناس الذين يعيشون في أشد البلدان فقرا 74-1 في عام 1997، ضد 60-1 في عام 1990 و30-1 عام 1960. 60٪ من الدخل العالمي يشمل سكان البلدان المتقدمة البالغ مليار نسمة ، في حين أن 3.5 مليار نسمة من سكان البلدان ذات الدخل المنخفض لها 20٪.
[10] عبد الرزاق مقري: مشكلات التنمية و البيئة و العلاقات الدولية، الطبعة الأولى، الجزائر، دار الخلدونية، 2008، ص ص 289، 290.
[11] دردور آمال: التنمية المستدامة وتحرير التجارة الدولية، مذكرة ماجستير، جامعة مستغانم، 2011، ص 105.
[12] تعرف الكائنات المعدلة وراثيا بأنها تلك التي تحتوي على مورث واحد أو مورثات تم إدخالها صناعيا بواسطة تقنيات الحامض النووي بدلا من إكسابها بواسطة التلقيح.
[13] عبد الرزاق مقري: المرجع السابق، ص ص 290، 291.
[14] حمد بن محمد آل الشيخ: اقتصاديات الموارد الطبيعية و البيئة، السعودية، العبيكان، 2007، ص 163.
[15] Abraham Yao GADJI: Op.Cit, p71.
[16] محمد صالح الشيخ: الآثار الاقتصادية و المالية لتلوث البيئة ووسائل الحماية منها، الطبعة الأولى، الإسكندرية، مكتبة الإشعاع، 2002، ص ص 31، 32.
[17] Abraham Yao GADJI:Op.Cit, p 72.
[18] Vincent Thierry BOUANGUI : La protection de l'environnement et l'OMC : nature des rapports et perspectives d’harmonisation, thèse doctorat, université de Reims, Atelier national de reproduction des thèses, 2001,p 86.
[19] مجموعة مشاركين: المنظومة الاقتصادية للتنمية المستدامة، التجارة الدولية و أثرها على التنمية المستدامة، مصر، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، 2007، ص 259.
[20] René PASSET: L’Economique et le vivant, Economica, Paris, 1996, p 57.
[21] صفوت عبد السلام عوض الله: تحرير التجارة العالمية وأثرها المحتملة على البيئة والتنمية، الطبعة الأولى، القاهرة، دار النهضة العربية، 1999، ص 43.
[22] حمد بن محمد آل الشيخ: المرجع السابق، ص 168.
[23] محمد صالح الشيخ: المرجع السابق، ص 33.
[24] OCDE: Les effets environnementaux des échanges, OCDE, Paris, 1994, pp 8-9.
[25] Abraham Yao GADJI :Op.Cit, p 72.
[26] بثينا حسين عمارة: العولمة و تحديات العصر، القاهرة، دار الأمين، 2000، ص 27.
[27] Abraham Yao GADJI: Op.Cit, p 73.
[28] اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا: الشركات عبر الوطنية في الدول الأعضاء في الإسكوا، الأمم المتحدة، نيويورك، 2005، ص 3.
[29] توصف هذه الشركات بعدة مصطلحات يمكن حصرها في "متعددة الجنسيات"، "دولية"، "عالمية" أو "عبر الوطنية". وكل واحدة من هذه المصطلحات يمكن استخدامها للتعبير عن هذا المفهوم ولكن مصطلح "شركة عبر وطنية" هو الذي تم تكريسه من قبل الأمم المتحدة. عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا: المرجع والموضع السابقان.
[30] لقد تزامن الانفتاح السياسي في البلدان الأفريقية، والذي أدى إلى التعددية الحزبية، مع الخصخصة المفرطة للقطاعات الاقتصادية مثل الكهرباء الاتصالات، المياه والنفط، كما أن وجود أعداد هائلة من الشركات عبر الوطنية الغربية في هذه القطاعات الاستراتيجية والخيار القسري من أجل الانفتاح الاقتصادي، صعب تحديد دور الشركات عبر الوطنية، حيث أن الاحتكار الشبه المطلق الممارس في هذه القطاعات من قبل الشركات عبر الوطنية، يتنافى مع روح المبادرة الحرة التي تنطوي بالضرورة على حرية اختيار الشركاء الاقتصاديين والتجاريين. عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا: المرجع نفسه، ص 7.
[31] OMC: un commerce ouvert sur l’avenir, 2ème éd, Genève, juillet, 2001, p.9.
[32] زينب حسين عوض الله: المرجع السابق، ص 25.
[33] Abraham Yao GADJI: Op.Cit, p 76.
[34] عبد الرزاق مقري: المرجع السابق، ص 283.
[35] صفوت عبد السلام عوض الله: المرجع السابق، ص 55.
[36] Vincent Thierry BOUANGUI : Op.Cit, p 156.
[37] وثيقة الأمم المتحدة E/CN.4/Sub.2/2003/12/Rev.2. اعتمدت من قبل اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في جلستها الثانية والعشرين المعقودة في 13 أوت 2003.
[38] Abraham Yao GADJI: Op.Cit, p 77.
[39] OCDE : L’environnement et les principes directeurs de l’OCDE à l’intention des entreprises multinationales, Instruments et méthodes pour les entreprises, paris, 2005, p 53.
[40] OCDE : Les principes directeurs de l'OCDE à l'intention des entreprises multinationales, paris, 2011, p 4.
[41] صلاح زين الدين: الاقتصاد وحماية البيئة، مصر، الهيئة العامة لدار الكتب و الوثائق الختامية بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة، دون ذكر تاريخ الطبع، ص 40.
[42] نبيلة إسماعيل رسلان: "مسئولية الشركات عن الإضرار بالبيئة والتأمين منها"، بحث منشور بالمشروع البحثي لكلية لحقوق– جامعة طنطا بعنوان" الأطر القانونية لمؤثرات البيئة على الإنسان"، 2001، ص 25.
[43] Abraham Yao GADJI: Op.Cit, p 77.
[44] وهبة صالح: قضايا عالمية معاصرة، الطبعة الأولى، دمشق، دار الفكر،2001، ص 97.
[45] سامة الخولي: "البيئة وقضايا التنمية والتصنيع"، سلسلة عالم المعرفة، العدد 285، الكويت، مطابع السياسة، 2002، ص 28، 30.
[46] عبد الرزاق مقري: المرجع السابق، ص 292.