الآليات القانونية والمؤسساتية لحماية حقوق المهاجرين بالمغرب – الدكتور : رشيد لمقدم دكتور في القانون العام والعلوم السياسية جامعة الحسن الأول كلية العلوم القانونية والسياسية – سطات
الآليات القانونية والمؤسساتية لحماية حقوق المهاجرين بالمغرب
Legal and institutional mechanisms for protecting immigrants’ rights in Morocco
الدكتور : رشيد لمقدم
دكتور في القانون العام والعلوم السياسية جامعة الحسن الأول كلية العلوم القانونية والسياسية – سطات
ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى تقديم التجربة المغربية كأنموذج في حماية حقوق المهاجرين، عبر مساءلة مختلف الآليات التي أوجدها المغرب لأجل ذلك، من خلال تتبع الترسانة القانونية القائمة والتشكيلة المؤسساتية المتوفرة ذات الصلة بحماية حقوق المهاجرين.
وتتناول الدراسة الإطار القانوني الذي أوجده المغرب لاحترام حقوق المهاجرين، سواء ما تعلق منه بالممارسة الإجرائية المتمثلة في مسلسل المصادقات والامتثال للمراقبة الحقوقية الدولية، أو ما تعلق بالخطوات الموضوعية، المتمثلة في التعديلات التشريعية التي بذلها المغرب في هذا المسار.
كما تعرض الضمانات المؤسساتية لحماية حقوق المهاجرين، والتي تشمل السلط الدستورية كآليات كلاسيكية في هذا المجال، إلى جانب المؤسسات التي تعنى بحقوق الإنسان سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى المجتمع المدني.
الكلمات المفتاحية: حقوق المهاجرين– آليات الحماية – الإطار القانوني – الضمانات المؤسساتية – المغرب.
Abstract :
This study aims to present the Moroccan experience as a model in protecting the rights of immigrants, by holding accountable the various mechanisms created by Morocco to that end, by tracing the existing legal arsenal and the institutional set-up available that is relevant to protecting the rights of immigrants.
The study examines the legal framework created by Morocco to respect the rights of immigrants, both in relation to the procedural practice of ratifications and compliance with international human rights monitoring, or the substantive steps taken by Morocco to amend legislation in this regard.
Institutional guarantees for the protection of the rights of immigrants, which include the constitutional authorities as classical mechanisms in this area, are also presented, together with institutions dealing with human rights at both the official and civil society levels.
Key words: Immigrants’rights – protection mechanisms – legal framework – institutional guarantees –Morocco.
مقدمة:
لقد أسهمت الهجرة الدولية على مر العصور في رسم خريطة توزيع السكان في العالم، ومن خلالها انتقلت الثقافات والأديان والأفكار، وازدهرت اقتصادات العديد من الدول، عن طريق انتقال العمال المهاجرين من مناطق الفائض الديموغرافي إلى مناطق العجز، مما أدى إلى سد النقص والعجز في عنصر العمل وخلق الثروة.
وإلى عهد قريب لم تشكل حركة الإنسان وانتقاله من مكان لآخر أي مشكلة تذكر، سواء تعلق الأمر ببلدان الانطلاق أو العبور أو المقصد. لكن بفعل تعدد أوساطها وأبعادها وأنماطها، وتعقد وتشابك العلاقات الدولية، ظهرت العديد من القضايا المرتبطة بالهجرة، أثرت بالسلب في الرؤية الإيجابية لها. وتحولت الهجرة من ظاهرة طبيعية إلى ظاهرة تهدد الأمن والاستقرار. وأضحت بذلك تحديا حقيقيا مطروحا أمام المجموعة الدولية.
وبحكم موقعه الجغرافي الاستراتيجي، باعتباره أقرب دولة إفريقية للقارة الأوروبية، ووجوده على خط التماس بين جنوب البحر الأبيض المتوسط، الذي ينتمي إلى بلدان العالم الثالث وتعيش مجتمعاته على وقع المشاكل والأزمات المختلفة، وشماله الذي تصنف دوله في خانة الدول الغنية والمتقدمة، يعيش المغرب وضعية تدفق متزايد للمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء والمتجهين إلى أوروبا.
هذا الحراك البشري الهائل الحالم بالعبور إلى الضفة الأخرى، قوبل من طرف الدول الأوروبية بسياسة الأبواب الموصدة، بدءا بالتوقيع على اتفاقية شنغن سنة 1985، ومنع الكثير من مواطني الدول غير الأوروبية من حق التنقل داخل الاتحاد الأوروبي، بفرض سياسة التأشيرة، علاوة على تشديد مراقبة حدودها الخارجية، وخلق وكالات متخصصة في تلك المراقبة، إضافة إلى توسيع البعد الخارجي لسياسة الهجرة الأوروبية، من خلال الاستعانة بمصادر وأطراف خارجية، ونقل مهمة السيطرة على الحدود ومراقبة تدفقات المهاجرين نحو أوروبا، لبعض دول المنشأ والعبور في الضفة الجنوبية للمتوسط. كل ذلك جعل المغرب يصبح أرضا للجوء والاستقرار الدائم بالنسبة للمهاجرين الذين لم يتمكنوا من مواصلة رحلتهم نحو القارة الأوروبية.
إزاء هذا التغير الحاصل في اتجاهات تدفق الهجرة، ونتيجة الضغوط الدولية، والتقارير الصادرة من طرف بعض المنظمات الدولية والأجهزة الخاصة بحماية حقوق المهاجرين، التي كانت تتهم المغرب بانتهاك تلك الحقوق بشكل ممنهج، ووفاء منه لالتزاماته بمقتضى القانون الدولي، وبحكم نهجه استراتيجية مبنية على التمركز القوي في إفريقيا، وحاجته إلى ضمان ود الدول الإفريقية، وجد المغرب نفسه مضطرا إلى تبني سياسة جديدة في مجال الهجرة، تقوم على إدارة تدفق المهاجرين وتسهيل اندماجهم داخل المجتمع المغربي، إضافة إلى محاربة الاتجار بالبشر.
وبالرغم من سن المغرب لتلك السياسة في مجال الهجرة، تواصل تدفق المهاجرين غير الشرعيين نحوه، وأمام هذه الدينامية المستمرة للهجرة غير الشرعية نحو المغرب، تطرح مسألة حماية حقوق المهاجرين.
وتجد أهمية الحديث عن حقوق المهاجرين أساسها في كون المهاجر هو جزء من هذا الإنسان الذي تضل حقوقه المكفولة له لصيقة به أينما حل وارتحل، بغض النظر عن وضعيته هل هاجر بطريقة شرعية أم لا.
من هذا المنطلق، تثار الإشكالية التالية: إلى أي حد استطاع المغرب تكريس الآليات التي من شأنها حماية حقوق المهاجرين؟
إن الإجابة عن الإشكالية، تقتضي منا اعتماد منهج تحليلي، سنعمل من خلاله على تحليل ودراسة الإطار القانوني لحماية حقوق المهاجرين بالمغرب (المبحث الأول)، لنعمد فيما بعد إلى تتبع البنيات والمؤسسات المكلفة بحماية حقوق المهاجرين (المبحث الثاني).
المبحث الأول: الأسس القانونية لحماية حقوق المهاجرين بالمغرب:
تعتبر الدولة صمام أمن للحقوق والحريات متى كانت دولة قانون، إذ تخضع ذاتها لمضمون القوانين التي تضعها وتتقيد بها. بناء على ذلك، عمل المغرب على تعزيز الضمانات القانونية لاحترام حقوق المهاجرين، وذلك من خلال منهجية قوامها الانخراط في مسلسل المصادقات والامتثال للمراقبة الحقوقية الدولية (المطلب الأول)، علاوة على إدخال تعديلات على ترسانته القانونية ذات الصلة بحقوق المهاجرين (المطلب الثاني).
المطلب الأول: الممارسة الاتفاقية للمغرب في مجال الهجرة:
تشكل الاتفاقيات الدولية عموما أحد المصادر الحقوقية على المستوى الدولي، وتعد المصادقة عليها أو الانضمام إليها موافقة مبدئية بالتزام الدولة بشروطها والاقرار بحسن النية في تفعيل مضامينها وبنودها. وقد تعززت الممارسة الاتفاقية للمغرب في هذا المجال من خلال المصادقة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي لها ارتباط مباشر أو غير مباشر بقضايا الهجرة وحقوق المهاجرين (الفقرة الأولى)، بالإضافة إلى إعداده تقارير بهدف إطلاع المنتظم الدولي بالتطور الحاصل في التعاطي مع تلك الحمولة الحقوقية الاتفاقية، وتفاعله مع التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية المعنية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: المصادقة على الاتفاقيات الدولية المعنية بقضايا الهجرة:
منذ حصوله على الاستقلال، شرع المغرب في الانخراط الفعلي في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وذلك بالمصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان عامة، والمتعلقة بحقوق المهاجرين بصفة خاصة.
وتعد المملكة المغربية دولة طرفا في معظم الاتفاقيات الأساسية، التي تعتبر بمثابة النواة الصلبة في مجال حقوق الإنسان. فقد صادقت دون تحفظ على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية[1]، باعتبارهما أول صكين ملزمين للدول في مجال حقوق الإنسان، متضمنين معايير تهم حقوق وحريات المهاجرين. الأمر الذي يعني التزام المغرب بالمعايير الواردة في العهدين، خاصة مبدأ عدم التمييز، ومنع الطرد وترحيل الأجانب دون مقررات قضائية، ومنع الطرد الجماعي، ومساواة الجميع أمام القانون[2].
وفي نفس الإطار صادق المغرب على عدد كبير من الصكوك الدولية الأخرى، ومن بينها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري[3]، التي تعتبر كذلك من المصادر الأساسية لحماية المهاجرين في القانون الدولي، واتفاقية مكافحة جميع أشكال التمييز ضد المرأة[4]، واتفاقية حقوق الطفل[5]، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة[6]، وغيرها من اتفاقيات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي تتناول حقوق المهاجرين ولو بشكل جزئي وغير مباشر.
وقد كانت أولى الاتفاقيات المتضمنة لحماية إحدى فئات الأجانب يوقعها المغرب بمقتضى ظهير شريف[7]، هي اتفاقية جنيف لعام 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين. وأصدر المرسوم التطبيقي للاتفاقية[8]، الذي أنشأ بموجبه مكتب لشؤون اللاجئين وعديمي الجنسية، ولجنة الالتجاء للبث في الشكايات والانتصاف، ووضع إجراء يسمح للاجئين المعترف بهم من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بإضفاء الصبغة القانونية والشرعية على إقامتهم بالمغرب، وتوفير الحماية القانونية والإدارية لهم[9].
كما صادق المغرب على البروتوكول الخاص بوضع اللاجئين لعام 1967[10]، الملحق باتفاقية جنيف لعام 1951، والذي أضفى عليها الطابع الكوني، ووسع من نطاق الولاية المنوطة بالمفوضية، بعد أن انتشرت مشكلة النزوح في مختلف أرجاء العالم[11].
وفي نفس السياق، تمت المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم[12]، وتكمن أهمية هذه الاتفاقية في تنصيصها على مجموعة من المعايير الدولية المتعلقة بمعاملة المهاجرين الحائزين للوثائق اللازمة والمهاجرين غير الحائزين لها على حد السواء، ورعاية حقوق الإنسان الخاصة بهم، فضلا عن التزامات ومسؤوليات الدول المستقبلة والمرسلة. كما تشكل مدخلا أساسيا لتعهد الأطراف بمقتضى الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة باحترام وتأمين حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم المتواجدين على ترابها، من كل أشكال التمييز. إضافة إلى دفع الدول المصادقة إلى إعمال المعايير الدولية الصادرة في إطار منظمة العمل الدولية، كالاتفاقية المتعلقة بالهجرة من أجل العمل رقم (97)، والاتفاقية المتعلقة بالهجرة في ظروف تعسفية وتشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في معاملة العمال المهاجرين رقم (143)، والتوصية بشأن العمال المهاجرين رقم (151)، والاتفاقية المتعلقة بإلغاء السخرة رقم (105)[13].
وفي سنة 2018، صادق المغرب على الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، المعروف بميثاق مراكش، والذي شكل أول اتفاق عالمي مفصل لتحسين ظروف الهجرة وأوضاع المهاجرين عبر العالم مع استحضار المخاطر التي قد تنجم عليها. هذا الاتفاق، وإن كان غير ملزم قانونيا، باعتباره ليس معاهدة دولية، كما هو الحال مع اتفاقيات الأمم المتحدة المماثلة، إلا أنه يستمد أسسه من وثيقتي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة، وارتكزت صياغته انطلاقا من مجموعة من المبادئ التوجيهية و23 هدفا ستسعى الدول الموقعة عليه، ومن بينها المغرب، إلى تحقيقها[14].
الفقرة الثانية: تفاعل المغرب مع التوصيات الأممية الخاصة بحقوق المهاجرين:
يكاد يكون هناك إجماع دولي على أن المعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان لا تعدو أن تكون مجرد مبادئ منتفية القيمة في غياب آليات رصد وإشراف ورقابة دولية لضمان حسن تنفيذها. ويعد نظام التقارير الوسيلة الأكثر اعتمادا في رصد وتتبع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتحقق من مدى أخذ الدول المتعاقدة مأخذ الجد توصيات اللجان التي أنشأتها هي نفسها وقبلت الالتزام بأسلوب عملها[15].
وفي هذا الصدد، ووفاء بالتزاماته الدولية المترتبة عن الاتفاقيات التي صادق عليها، وبهدف إعمال مقتضياتها على الصعيد الوطني، عمد المغرب إلى الانخراط في دينامية تقديم التقارير الدورية إلى الأجهزة المختصة، واستقبال الإجراءات الخاصة، والتفاعل مع التوصيات والملاحظات الصادرة عن الآليات الأممية.
ففي إطار التفاعل مع هيئات المعاهدات المكلفة بتنفيذ مقتضيات اتفاقيات حقوق الإنسان، قدم المغرب بتاريخ 25 يونيو 2012 تقريره الأولي المتعلق بتنفيذ وإعمال الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع المهاجرين وأفراد أسرهم[16]، وتفاعلت معه اللجنة الأممية المعنية بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم بشكل إيجابي، حيث عبرت عن ارتياحها بخصوص مواصلة مصادقة المغرب على العديد من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، مؤكدة على أهمية الإجراءات التشريعية والسياسية والمؤسساتية التي قامت بها المملكة في هذا المجال، واتخاذ استراتيجية جديدة في مجال تدبير مسألة الهجرة واللجوء. وفي المقابل أعربت اللجنة عن مجموعة من الملاحظات صبت غالبيتها في ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمواءمة القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب وبالهجرة غير الشرعية[17] لأحكام الاتفاقية، بالإضافة إلى تعزيز التدابير الكفيلة بتنفيذ التشريعات المتعلقة بالعمال المهاجرين، ومواصلة الدولة العمل مع منظمات المجتمع المدني لنشر وتعزيز الاتفاقية، كما أدرجت اللجنة توصيات تهدف إلى تبني تدابير مناسبة لوضع إطار قانوني ينظم إجراءات الترحيل وفق أحكام الاتفاقية[18].
وعلى مستوى مجلس حقوق الإنسان، قدم المغرب منذ إحداث آلية الاستعراض الدوري الشامل ثلاثة تقارير وطنية وعمل على مناقشتها أمام المجلس برسم جولاتها الثلاث، وذلك بالتوالي في أبريل 2008، وماي 2012، وآخرها الاستعراض الدوري الشامل في ماي 2017[19]، استعرض من خلاله المنجزات والأوراش الحقوقية التي قام بها بين 2012 و2017، والتي همت أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب عموما وحقوق المهاجرين خاصة. وقد أكد التقرير على أنه من أجل تعزيز نظام الهجرة، وفي إطار الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، أطلق المغرب في شتنبر 2013 عملية استثنائية لتسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين، وقد حصل 23096 مهاجر من 116 جنسية على بطاقة الإقامة، وبدأت مرحلة ثانية لتسوية أوضاع المهاجرين في دجنبر 2016. كما أكد التقرير على أن الحكومة أعدت مشروع قانون يتعلق باللجوء وفقا لمبادئ وقواعد اتفاقية جنيف لعام 1951، كما أعدت مشروع قانون بشأن الهجرة، واعتمدت القانون المتعلق بالاتجار بالبشر، ودخل حيز التنفيذ في شتنبر 2016، كما أن التنفيذ الجاري للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء أتاح الشروع في إدماج المهاجرين واللاجئين ضمن نهج قائم على الإنصاف والمساواة يضمن لهم حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية[20]. واختتم هذا الاستعراض الدوري الشامل بإصدار الدول التي حضرت الجلسة توصيات للمغرب لمواصلة تعزيز حقوق المهاجرين، ومنها مواصلة تنفيذ سياسة التعزيز والحماية الفعالين لحقوق المهاجرين، والنظر في تبادل الخبرة المغربية فيما يتعلق بحماية وتعزيز حقوق المهاجرين، والانضمام إلى الاتفاقيات المتعلقة بمركز الأشخاص عديمي الجنسية وإدراج أحكامها في قانونه الداخلي والحد من حالات انعدام الجنسية عن طريق منح الجنسية للأطفال الذين سيظلون بدون جنسية ما لم يمنحوا الجنسية المغربية[21].
من جانب آخر، وفي ظل تعاون المغرب مع الإجراءات الخاصة التابعة لمجلس حقوق الإنسان، تم استقبال المقررة الخاصة المعنية بحقوق المهاجرين، في الفترة الممتدة من 19 إلى 31 أكتوبر 2003. وقد وصفت المقررة الخاصة على إثر هذه الزيارة حالة الضعف التي يعاني منها المهاجرون، والأوضاع التي تعرضهم للأخطار وسوء المعاملة، وما يستتبع ذلك من عجز في الموارد المالية لتعزيز قدرات الهيئات المكلفة بمكافحة الهجرة غير الشرعية وتقديم أشكال المساعدة، ورأت المقررة الخاصة أن تأهيل التشريعات الوطنية أساسي من أجل تدبير أفضل لمشكلة الهجرة غير الشرعية، وما يتطلبه ذلك من وضع قوانين ملاءمة لحماية ضحايا الاتجار بالأشخاص وإعادة تأهيلهم ومساعدتهم. وتوخت المقررة تدريب السلطات القضائية واعتماد تدابير ترمي إلى مكافحة الفساد، وبحسبها ينبغي أن تشكل صكوك الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية الإطار المرجعي لأحكام وتدابير حماية ضحايا الاتجار بالبشر والاسترقاق، وضمان عدم معاقبة هؤلاء الضحايا[22].
المطلب الثاني: الإطار التشريعي الوطني لتدبير الهجرة:
في ظل التحولات التي طرأت على تدفقات الهجرة، كان من الطبيعي أن يهتم المشرع المغربي بصياغة قواعد قانونية لتدبير تلك المنعطفات، من أجل ملاءمة تشريعاته الداخلية للقواعد الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين وفرض احترامها. ووفقا لذلك عمد المغرب إلى تبني سلسلة من الإصلاحات القانونية ذات الصلة بحقوق المهاجرين سواء على مستوى القانون الأساسي (الفقرة الأولى)، أو على مستوى باقي القوانين (الفقرة الثانية)،
الفقرة الأولى: حقوق المهاجرين في الدستور المغربي:
خلافا للمراجعات الدستورية التي تعاقبت على التاريخ السياسي للمغرب، أحدث دستور 2011 طفرة نوعية في التعاطي الدستوري مع حقوق المهاجرين بالمغرب، من خلال التأسيس لفلسفة جديدة أساسها المساواة ومراعاة حقوق المهاجرين، وفق ما تنص عليه المعاهدات والمواثيق الدولية المتعارف عليها، وذلك من خلال تصدير الدستور الذي أكد على تشبت المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، ونص على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز على أساس الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي[23]. وأيضا من خلال الباب الثاني من الدستور الذي سعى إلى توزيع الحقوق والحريات بشكل متساو بين المواطن المغربي والمهاجر[24]، إذ لأول مرة في تاريخه الدستوري سيمتع المغرب الأجانب ومن ضمنهم المهاجرين، بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنات والمواطنين المغاربة وفقا للقانون[25]، الأمر الذي يعني استفادة المهاجرين من نفس الحقوق والحريات المكرسة للمواطنين المغاربة وفق شروط وإجراءات قانونية خاصة تحددها القوانين والتشريعات العادية، والتي تقتضيها خصوصية كل فئة من الحقوق لولوج المهاجرين إليها[26].
كما منح الدستور الأجانب المقيمين بالمغرب حق المشاركة في الانتخابات المحلية بمقتضى القانون أو تطبيقا لاتفاقية دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل[27]. ويعد هذا الأمر تطورا مهما مقارنة بالمبادئ المتعارف عليها في القانون الدولي الخاص، التي كانت تقتضي باستثناء الحقوق السياسية من دائرة الحقوق المعترف بها للأجانب[28].
وقد جاء اعتراف الوثيقة الدستورية لسنة 2011 بحقوق المهاجرين محكوما بظروف المرحلة، التي تميزت بالتحول النسبي للمغرب من بلد مصدر وعبور للمهاجرين إلى بلد استقبال لهم، إضافة إلى تصاعد الالتزامات الاتفاقية للمغرب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان مما استدعى الاستجابة لها[29].
من جانب آخر، عمل المشرع الدستوري على امتداد فصول الوثيقة الدستورية على تمتيع المهاجرين بشكل مطلق بمجموعة من الحقوق المدنية التي لا يمكن إلغاؤها أو الحد منها، كونها وجدت مع الإنسان ولصيقة به وفي استقلال تام عن الدول. ويتعلق الأمر بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات[30]، الحق في الحياة كأول حق لكل إنسان[31]، الحق في السلامة الشخصية وحماية الممتلكات[32]، الحق في عدم التعرض للتعذيب بكافة أشكاله[33]، منع التمييز[34]، ومنع الاعتقال التعسفي[35]، وغيرها من الحقوق والحريات التي تمت دسترتها بصيغ وعبارات عامة وشاملة تنطبق على الشخص الإنساني، دون ربطها بالمواطنة، وبشكل ملائم لما تضمنته مختلف المواثيق الدولية التي يعد المغرب طرفا فيها.
وفي مقابل ذلك، جعل المشرع الدستوري أمر التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في الفصل 31 مقصورا على المواطنات والمواطنين دون غيرهم من غير المواطنين، من قبيل المهاجرين وأفراد أسرهم مثلا، وهو ما يتعارض مع الالتزامات التعاهدية للمغرب[36].
الفقرة الثانية: حماية التشريع العادي لحقوق المهاجرين:
أقدم المغرب في السنين الأخيرة إلى جانب التأصيل الدستوري لحقوق المهاجرين، على اتخاذ عدة إجراءات تشريعية، تعززت بسلسلة مهمة من الإصلاحات والمستجدات القانونية ذات الصلة، والقاسم المشترك بين هذه التعديلات، أنها ترمي إلى ملاءمة القوانين الجاري بها العمل مع ما تتطلبه الحماية الحقوقية للمهاجرين.
وفي هذا الإطار، اعتمد المشرع المغربي القانون رقم 03-02 المتعلق بتنظيم دخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير الشرعية، بتاريخ 11 نونبر 2003، الذي شكل مرحلة مفصلية في تعامل المغرب مع الهجرة، وذلك لكونه أحدث قطيعة مع النصوص القانونية الموروثة عن الاستعمار ذات الصلة بالموضوع، ولتضمنه بعض الضمانات القانونية والمسطرية لحماية الأجانب بالمغرب، سواء على مستوى الدخول أو الإقامة، وتوفير سبل الانتصاف ضد قرارات المنع من الدخول، والطعن في قرارات الطرد والترحيل والاقتياد إلى الحدود، والطعن في قرارات الامتناع عن تسليم وتجديد ومنح بطاقة الإقامة أو التسجيل، وإقرار أماكن للاحتفاظ غير تابعة لإدارة السجون[37]. بالإضافة إلى منحه لبعض ضمانات الحماية للفئات الهشة من خلال تكريس مبدأ عدم ترحيل النساء الحوامل والأطفال القاصرين، ومنع ترحيل أي مهاجر نحو بلد آخر، إذا أثبت أن حياته أو حريته معرضتان فيه للتهديد، أو أنه معرض فيه لمعاملات غير إنسانية أو قاسية أو مهينة[38]. علاوة على إقرار الحق في الحصول على بطاقة الإقامة وبطاقة التسجيل، ومنع الطرد الجماعي وعمليات الترحيل خارج نطاق القانون، وكذا إقرار المراقبة القضائية على أماكن الاحتجاز.
وقد حرص المشرع المغربي على أن يمنح عدة ضمانات للمهاجر المودع، تتمثل في ضرورة علمه بوضعه في مركز الإيواء، وبالحرص على احترام حياته وسلامته البدنية والصحية، وعدم معاملته معاملة سيئة أو تعنيفه بالقول أو الفعل، واحترام كرامته وخصوصيات حياته، علاوة على تسهيل العمل بالحقوق المصرح بها في الأمر القضائي، إضافة إلى الحصول على المساعدة الطبية والصحية المناسبة له وإشعار السلطات الدبلوماسية لبلده. وفي نفس الاتجاه يتم تمتيعه بدفاع يؤازره، كما يحق له التوفر على مترجم إذا كان لا يفهم أو يتكلم اللغة العربية، إلى جانب توفير الخصوصية العائلية له واحترامها في حالة مصاحبته لأطفال قاصرين[39].
وبالرغم من المزايا والإيجابيات التي جاء بها هذا القانون في مجال حماية حقوق المهاجرين، إلا أن ذلك لم يمنع من تسجيل بعض الملاحظات التي تشكل نقاطا سوداء فيه، لعل أبرزها غلبة الطابع الأمني والزجري عليه بشكل كبير، وعدم ملاءمة بعض مقتضياته مع المعايير الدولية التي التزم بها المغرب في الاتفاقيات الدولية المصادق عليها.
من هذا المنطلق شكلت عملية تأهيل المنظومة القانونية ذات الصلة بحقوق الأجانب إحدى المكونات الأساسية للاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، حيث ذهبت إلى ضرورة اعتماد قوانين خاصة بكل فئة على حدة، أي قانون خاص باللجوء، وقانون خاص بالهجرة، وقانون خاص بمكافحة الاتجار بالبشر، بما يتطابق مع المعايير الدولية ويحترم التزامات المغرب في مجال النهوض بحقوق الإنسان.
وهكذا، تم بتاريخ 25 غشت 2016 إصدار القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر[40]، الذي تضمن مقتضيات لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، والتي تتجلى في معاقبة الجناة وتوفير آليات الحماية من خلال توفير الرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر وتوفير أماكن لإيوائهم وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لهم وتيسير سبل اندماجهم في الحياة الاجتماعية[41]. كما تم تقديم مشروع قانون رقم 66.17 يتعلق باللجوء وشروط منحه، تضمن مجموعة من الضمانات والحقوق الخاصة باللاجئين وطالبي اللجوء. إلى جانب ذلك، تم إعداد مشروع قانون رقم 72.17 يتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة، الذي سيعوض القانون رقم 02.03. وتشير التصريحات الرسمية بأن مسار إعداد مشروع القانون هذا استحضر الالتزامات الدولية للمغرب بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعاهدات الثنائية ذات الصلة والدستور والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية وجمعيات المجتمع المدني ذات الصلة، وتضمن مجموعة من المبادئ القائمة على مقاربة حقوقية لمعالجة دخول وإقامة الأجانب وخروجهم من التراب المغربي، تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الدولية والإقليمية للظاهرة، وتضمن الحقوق الأساسية للمهاجرين بمختلف أصنافهم في احترام تام للكرامة الإنسانية دون تمييز[42].
في نفس السياق، يسعى المغرب إلى تعديل بعض القوانين القطاعية ذات الصلة بحقوق المهاجرين، وخاصة مدونة الشغل، وقانون الجنسية، والظهير المنظم لتأسيس الجمعيات، والقانون الانتخابي لترسيخ مشاركة الأجانب في الانتخابات الجماعية، والضمان الاجتماعي، وغيرها. وذلك لجعلها أكثر انسجاما مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب دون تحفظات[43].
المبحث الثاني: الضمانات المؤسساتية لحماية حقوق المهاجرين بالمغرب:
أضحت قضايا حقوق المهاجرين في المغرب منذ سنوات، تحظى باهتمام مؤسساتي متزايد، عبر توفرها على بنيات مؤسساتية تعنى بهذه الحقوق، تشمل المؤسسات الدستورية كآليات كلاسيكية في مجال حماية حقوق المهاجرين، باعتبارها من الركائز التي تقوم عليها الدولة، في إطار السيادة التي تمارسها داخل حيزها الترابي (المطلب الأول)، إلى جانب ميلاد مؤسسات تعنى بحقوق الإنسان سواء على المستوى الرسمي أو على مستوى المجتمع المدني (المطلب الثاني).
المطلب الأول: حقوق المهاجرين مجال لتدخل المؤسسات الدستورية الكلاسيكية:
تتجسد هذه المؤسسات في كل من المؤسسة الملكية (الفقرة الأولى)، والمؤسستين البرلمانية والقضائية (الفقرة الثانية)، بالنظر لما تمتلكه هذه المؤسسات من وسائل لحماية حقوق المهاجرين.
الفقرة الأولى: صلاحيات المؤسسة الملكية في تعزيز وحماية حقوق المهاجرين:
يعتبر الحديث عن المؤسسة الملكية بالمغرب حديثا عن مؤسسة المؤسسات، باعتبارها المهيمن الرئيسي على الحقل السياسي المغربي، نظرا لمرجعيتها المتعددة الأبعاد التي تخول لها اختصاصات وصلاحيات مهمة في شتى مناحي الحياة العامة للدولة[44]. فهي تشكل العمود الفقري للنظام الدستوري المغربي، واعتبرها الدستور الضمانة المركزية لاحترام الحقوق والحريات[45]. كما تلعب دورا هاما في صنع السياسات العمومية بالمغرب، وفي التوجيه والإشراف الاستراتيجي، وتحديد التوجهات السياسية للدولة[46].
وتعتبر الخطب والرسائل الملكية إحدى الآليات التي تمتلكها المؤسسة الملكية من أجل إنزال الممارسة السياسية من التنظير إلى الواقع، فقد شكلت تلك الخطب والرسائل عبر تاريخ المملكة ليس فقط توجيهات وتعليمات سامية، تؤطر وتوجه مختلف مؤسسات الدولة، بل اعتبرت دائما بمثابة إطار مرجعي للتوجه العام للفكر السياسي للدولة، وأصبحت بذلك مذهبا في التدبير العمومي، وموجها رئيسيا للسياسات والخطط والبرامج العمومية، وكذا مرجعا أساسيا لتقويم حصيلة المنجزات واستشراف الآفاق[47].
وقد حظي مجال الهجرة بعناية خاصة في هذه الخطب والرسائل، إذ يعود أول خطاب ملكي تطرق لموضوع الهجرة إلى ذكرى المسيرة الخضراء لسنة 2013، حيث أشار الملك محمد السادس إلى الأوضاع التي تعرفها بعض الدول الإفريقية، التي يضطر عدد من مواطنيها إلى الهجرة نحو المغرب إما “بصفة قانونية أو، بطريقة غير شرعية، حيث كان يشكل محطة عبور إلى أوروبا، قبل أن يتحول إلى وجهة للإقامة”[48]. وأكد الملك محمد السادس في خطابه، أنه وأمام التزايد الملحوظ لعدد المهاجرين، تمت دعوة الحكومة إلى بلورة سياسة شاملة جديدة، لقضايا الهجرة واللجوء، وفق مقاربة إنسانية، تحترم الالتزامات الدولية للمغرب وتراعي حقوق المهاجرين. وأعلن ملك المغرب، آنذاك، عن تكليف “قطاع وزاري بقضايا الهجرة”، وهو ما حدث بالفعل مع تعاقب الحكومات المغربية منذ سنة 2013، حيث أصبحت هناك وزارة خاصة بالجالية المغربية والمهاجرين المقيمين بالمغرب[49].
وبمناسبة ثورة الملك والشعب خلال سنة 2016، أكد الملك محمد السادس مجددا في خطابه بهذه المناسبة، على أن المغرب يعد من بين “أول دول الجنوب التي اعتمدت سياسة تضامنية حقيقية لاستقبال المهاجرين من جنوب الصحراء وفق مقاربة إنسانية مندمجة تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم”. واعتبر الملك محمد السادس، في الخطاب ذاته، أن بعض المهاجرين الأفارقة بالفعل يواجهون بعض الصعوبات بالمغرب، بيد أنها لا تتعلق باللون، أو الجنسية التي يحملونها، مؤكدا بأنهم يتمتعون بنفس حقوق المواطنين المغاربة. وسجل ملك المغرب، “ببالغ التقدير والارتياح، ما يتميز به هؤلاء المهاجرين من حسن السلوك والمعاملة، ومن جد في العمل، والتزام بالقانون، واحترام لقيم ومقدسات المغاربة”، مشددا، على أن ما يقوم به المغرب، لا يعدو أن يكون سوى واجبا “تجاه هذه الفئة، لأنهم ناس دفعتهم الظروف الصعبة للمغامرة بأرواحهم، ومغادرة أهلهم وبلدانهم”[50].
وعاد الملك محمد السادس إلى الحديث مجددا خلال خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2016 عن إشكالية الهجرة، مشددا على أن المغرب سيواصل جهوده “من أجل معالجة الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، وربطها بالتنمية واعتماد مقاربة إنسانية وتضامنية، تحفظ حقوق المهاجرين، وتصون كرامتهم”[51].
وأثناء خطابه أمام قادة دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في القمة 29 بأديس أبابا سنة 2017، تطرق الملك محمد السادس إلى موضوع الهجرة، موضحا، أن “إفريقيا تفقد أبناءها بسبب الهجرة الشرعية أو غير الشرعية، وهي خسارة لا مبرر لها”، متسائلا عن “هل ستكون أعماق مياه البحر المتوسطي مصير شبابنا؟ وهل ستتحول حركيتهم إلى نزيف مستمر؟”، مؤكدا أنه “يتعين على الجميع التحكم فيها وجعلها ورقة مربحة”. وأشار في خطابه، إلى أن “الآلاف من الشبان الأفارقة يحاولون الوصول بطريقة سرية إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط بحثا عن حياة أفضل، رغم كل المخاطر المعروفة”، مضيفا، أن إفريقيا تخسر “أشخاص قيمتهم عالية، ويشكلون موارد بشرية لقارتنا”. ودعا الملك محمد السادس قادة الدول الإفريقية، إلى النظر في مسألة الهجرة من منظور القوة الإيجابية، وليس من منظور الإكراه والتهديد، مشددا على ضرورة “تطوير تصور إفريقي موحد لرهانات الهجرة وتحدياتها”.
وفي الرسالة التي وجهها إلى المؤتمر الحكومي الدولي حول الهجرة بمراكش الذي تمت المصادقة خلاله على الاتفاق العالمي حول الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، يوم الاثنين 10 دجنبر 2018، أكد الملك محمد السادس، أن “اهتمام المملكة المغربية بمسألة الهجرة ليس وليد اليوم ولا يرتبط بظرفية طارئة، بل هو نابع من التزام أصيل وطوعي، يجد تجسيده الفعلي في سياسة إنسانية في فلسفتها، شاملة في مضمونها، وعملية في نهجها، ومسؤولة في تطبيقها”. وذكر أن رؤية المغرب، “تقوم أساسا على استشراف المستقبل، بما يضمن تنظيم حركية الأشخاص”، مؤكدا أن مقاربة المغرب، “تهدف إلى تحقيق توازن سليم بين الواقعية والطوعية؛ وبين المصالح المشروعة للدول، واحترام الحقوق الإنسانية للمهاجرين”. وشدد الملك، على أن موضوع الهجرة لا يجب أن يعالج أمنيا، على اعتبار أن ذلك يمثل خرقا لحقوق المهاجرين، ذلك أن تواجد أي مهاجر في هذا الجانب أو ذاك من الحدود، “لا ينقص من إنسانيته وكرامته، ولا يزيد منها”. كما دعا إلى عدم المس بحرية التنقل والحركة بذريعة اعتماد السياسة الأمنية، مطالبا بتحويل حرية التنقل إلى “رافعة للتنمية المستدامة، خاصة في الوقت الذي يعمل فـيه المجتمع الدولي على تنزيل خطة التنمية المستدامة 2030”[52].
وآخر نص ملكي تحدث فيه الملك محمد السادس أيضا، عن موضوع الهجرة، كان الرسالة التي وجهها إلى القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، في شهر فبراير 2022 ببروكسيل، حيث جاء فيها “أما تنقلات المهاجرين فقد أثبتت الجائحة أن هؤلاء لا يضروا بالاقتصاد، بل إن لهم، على العكس من ذلك، أثرا إيجابيا، سواء على بلدان الاستقبال، التي غالبا ما يشتغلون فيها بصفتهم عمالا أساسيين، أو على بلدانهم الأصلية. ومن ثم يتعين مقاربة هذه القضية، لا بصفتها تحديا فحسب، بل باعتبارها مصدرا هائلا للفرص”[53].
الفقرة الثانية: دور المؤسستين البرلمانية والقضائية في حماية حقوق المهاجرين:
رغم اختلاف الوظائف والأدوار التي يقومان بها في الدولة وفق نظرية فصل السلط، يشترك البرلمان والقضاء معا في كون وجودهما يرتبط بالعمل من أجل تقييد السلطة، ومن تم حماية حقوق الإنسان، وإن اختلفا في طبيعة الحماية التي يقوم بها كل منهما، وفي الوسائل والآليات المعتمدة لأجل ذلك[54].
من هذا المنطلق، يعد البرلمان بالمغرب فاعلا رئيسيا في مجال النهوض بحقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق المهاجرين على وجه الخصوص. ويباشر البرلمان مهامه انطلاقا من صفته كسلطة ذات تدخلات متعددة، إذ بموجب التعديل الدستوري لسنة 2011، منح المشرع الدستوري للقانون صلاحية التشريع في المجال الحقوقي، وجعل منه صاحب الاختصاص في كل ما يتعلق بالحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الدستور، تصديرا وفصولا[55]، واعترف بالبرلمان كمؤسسة تمارس السلطة التشريعية[56]. فضلا عن ذلك، أضاف الدستور الحالي للبرلمان صلاحية الموافقة على المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، العامة أو الخاصة[57].
واعتبارا لهذا التطور الحاصل في اختصاصات البرلمان على مستوى التشريع، فإن ثمة مسؤولية خاصة على عاتقه، تتمثل في تعديل وإصلاح الإطار القانوني المرتبط بحقوق المهاجرين، وضمان توافق صياغة تلك الحقوق وأسلوب حمايتها في الواقع مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وعدم تقويضها بتشريعات أخرى.
إلى جانب المجال التشريعي، يمكن للبرلمان أن يساهم في حماية حقوق المهاجرين من خلال الدور الرقابي الذي يقوم به على أعمال الحكومة لتتبع ما تعهدت بتنفيذه في هذا المجال. وذلك اعتمادا على ما يمتلكه من وسائل لأجل ذلك، من قبيل الأسئلة البرلمانية بكل أنواعها[58]، وتكوين لجان لتقصي الحقائق[59]، إضافة إلى الاختصاص الجديد الذي جاء به دستور 2011 المتعلق بتقييم السياسات العمومية[60]، من خلال تخصيص جلسة سنوية من قبل البرلمان لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها[61]، ومن بينها سياسة الهجرة.
من جانب آخر، يعتبر القضاء ضمانة أساسية من ضمانات حماية حقوق الإنسان، سواء تعلق الأمر بمواطنين أو أجانب، فهو الذي يكفل احترامها ورد الاعتداء عليها[62]. ويبرز الدور الذي يضطلع به القضاء المغربي في حماية المهاجرين من جانبين، أحدهما يجسده القضاء الإداري من خلال رقابته على أعمال الإدارة ضمانا لحقوق المهاجرين وحرياتهم وحمايتها من تعسف الإدارة في ممارسة السلطة. فبحكم اختصاصه النوعي، يمتلك القضاء الإداري في شخص رئيس المحكمة الإدارية أو من ينوب عنه بصفته قاضيا للمستعجلات، صلاحية البث في إلغاء أو إيقاف أي قرار إداري يمس بحقوق المهاجرين وبالمركز القانوني للأجانب، مثل الاقتياد إلى الحدود والطرد ورفض تسليم سند الإقامة أو سحبه أو رفض تجديده…إلخ[63]، وذلك بالبحث في مشروعية أسباب القرار المطعون فيه والعلل التي اعتمدت، ومدى ارتباطها بالنص القانوني.
وفي هذا الصدد دافعت بعض أحكام القضاء الإداري عن حقوق المهاجرين باعتبارهم الطرف الضعيف، وذلك إما لاعتبارات إنسانية صرفة أو تطبيقا لسلطة القاضي في مجادلة الإدارة لقراراتها ومناقشة تصرفاتها المعيبة وغير الشرعية. حيث أصدر في هذا الشأن نائب رئيس المحكمة الإدارية بوجدة أمرين استعجاليين ألغى بموجبهما قرارين باقتياد أجانب من إفريقيا جنوب الصحراء إلى الحدود، وبعد فحص القاضي الوثائق والمستندات المدلى بها من طرف السلطات الرسمية، قضى برد دفوعات الإدارة استنادا إلى مقتضيات القانون رقم 02.03[64].
ويتمثل الجانب الثاني لحماية القضاء المغربي لحقوق المهاجرين في الدور الذي يلعبه القضاء العادي، من خلال الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات، أو من ينوب عنه وكذا حضور ممثل الحق العام في شخص وكيل الملك، عندما يتعلق الأمر بإجراءات الحراسة والمراقبة الضرورية لمغادرة التراب المغربي أثناء اتخاذ قرار الاحتفاظ بالأجنبي، سواء تعلق الأمر بتمديد مدة الاحتفاظ، أو تحديد مكان الإقامة[65]، أو بمراقبة أماكن الاحتفاظ[66].
المطلب الثاني: المؤسسات الحقوقية وسؤال حماية حقوق المهاجرين:
استرعت قضية رعاية وصيانة حقوق المهاجرين وحمايتهم من كل أشكال الأذى والعنف والاستغلال، باهتمام المغرب، حيث عمل على إنشاء مجموعة من المؤسسات الرسمية لحماية حقوق الإنسان بصفة عامة والمهاجرين بصفة خاصة (الفقرة الأولى)، كما منح دورا هاما للمجتمع المدني من أجل الدفاع عن حقوق المهاجرين (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: حماية المؤسسات الحقوقية الرسمية لحقوق المهاجرين:
أقامت المملكة المغربية منظومة مؤسسية لكفالة إقرار حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها، وتكتسي هذه المؤسسات طبيعة مستقلة أو بين وزارية، تقوم على أساس حماية وتتبع تنفيذ واحترام حقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، قام المغرب بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان[67]، ليحل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، باعتباره مؤسسة وطنية تعددية ومستقلة، تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وضمان ممارستها والنهوض بها، وصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنين، أفرادا وجماعات، في حرص تام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال[68].
ويلعب المجلس دورا حيويا في حماية حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المهاجرين بشكل خاص، من خلال ممارسة صلاحياته في جميع القضايا المتعلقة بحماية واحترام حقوق الإنسان والحريات[69]، ورصد انتهاكات حقوق الإنسان بسائر جهات المملكة، وامتلاك الحق في إجراء التحقيقات والتحريات اللازمة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وإنجاز تقارير تتضمن خلاصات ما قام به، وتوجيهها إلى الجهات المختصة مشفوعة بتوصياته[70]. ناهيك عن إمكانية إبداء الرأي، بطلب من الحكومة أو مجلسي البرلمان، بشأن مشاريع ومقترحات القوانين ذات الصلة بحقوق الإنسان، وخاصة في مجال ملاءمتها مع المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها، وكذا تقديم المساعدة والمشورة لمجلسي البرلمان في مجال تقييم السياسات العمومية المتعلقة بحقوق الإنسان[71].
وفي هذا الإطار، أعد المجلس بتاريخ 13 شتنبر 2013 تقريرا حول وضعية المهاجرين واللاجئين بالمغرب خاصة الأفارقة منهم، وجه من خلاله انتقادات عدة إلى السلطات العمومية بشأن خروقات وانتهاكات لحقوق الإنسان وحقوق المهاجرين، أثناء عملية الاعتقال والترحيل، واعتبر أن السلطات العمومية، في إطار اضطلاعها بمهام مراقبة دخول الأجانب للبلد والإقامة به وواجبها المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، مطالبة بمراعاة المقتضيات الدستورية والالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان وحقوق الأجانب. وقدم التقرير توصيات مهمة دعا من خلالها الحكومة المغربية إلى ضرورة وقف تلك الانتهاكات، والعمل على بلورة سياسة جديدة في مجال الهجرة، ضامنة لحقوق المهاجرين وقائمة على إشراك المجتمع المدني[72].
وفضلا عن دور المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حماية حقوق المهاجرين، تبرز مؤسسة الوسيط[73]، التي حلت محل مؤسسة ديوان المظالم، باعتبارها مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية[74]. وبالتالي النظر بناء على تظلمات تتوصل بها، في جميع الحالات التي يتضرر فيها أشخاص ذاتيون أو اعتباريون، فرادى أو جماعات، مغاربة أو أجانب، من جراء أي تصرف صادر عن الإدارة، سواء كان قرارا ضمنيا أو صريحا، أو عملا أو نشاطا من أنشطتها، يكون مخالفا للقانون، خاصة إذا كان متسما بالتجاوز في استعمال السلطة أو منافيا لمبادئ العدل والإنصاف[75].
والملاحظ أن مجال تدخل مؤسسة الوسيط لا ينحصر فيما يمس ويهم المواطنين، أي ما يعبر عنه في بعض الدول برعايا الدولة، بل يمتد اختصاصها ليشمل كذلك الأجانب، بما فيهم المهاجرين، ولو لم يكونوا مقيمين في المغرب، وذلك من منطلق أن الحق والإنصاف لا ينغلقان داخل حدود معينة، ولا يميزان بين الأفراد والأجناس[76].
ووفق نفس المقاربة الرامية إلى تمكين المغرب من منظومة حقوقية وطنية متناسقة، حديثة وناجعة، تم إحداث المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان بتاريخ 11 أبريل 2011[77]، تتولى مهمة إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وحمايتها والنهوض بها، وذلك بتنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية وكل الهيئات المعنية[78]، وهو ما يجعل المندوبية الوزارية مسؤولة عن رصد تنفيذ خطة العمل الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان[79]، التي تبين الخطوات التي ستحسن الدولة بها تعزيز وحماية حقوق الإنسان، خاصة في المحور المتعلق بحقوق المهاجرين واللاجئين.
كما تقوم المندوبية بحماية حقوق المهاجرين من خلال دراسة النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لتقدير مدى مطابقتها لأحكام الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان، التي تكون المملكة المغربية طرفا فيها، واقتراح التدابير الضرورية لأجل ملاءمتها عند الاقتضاء مع الاتفاقيات المذكورة، بالإضافة إلى تتبع التوصيات والملاحظات المترتبة عن فحص التقارير الوطنية من لدن الأجهزة المتعلقة بحقوق الإنسان، مع السهر على تتبع التقارير الصادرة عن الهيئات الوطنية أو الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بالمغرب[80].
الفقرة الثانية: حقوق المهاجرين على ضوء المؤسسات الحقوقية غير الرسمية:
نتيجة التطور الذي عرفه مفهوم دولة الحق والقانون، والتحول الذي عرفته ظاهرة الهجرة بالمغرب، من حيث طبيعتها ونوعيتها وحجمها وآثارها، برز للوجود في المغرب نوع من الاهتمام بهذه الظاهرة من قبل مجموعة من المنظمات غير الحكومية[81]، سواء العاملة في مجال حقوق الإنسان بصفة عامة، أو الخاصة بحماية حقوق المهاجرين.
وتعتمد هذه المنظمات غير الحكومية استراتيجيات متنوعة قصد التأثير على السلطة السياسية ودفعها إلى الالتزام بالشرعية الحقوقية والتصدي للانتهاكات التي تطال حقوق المهاجرين، من خلال العمل على ربط الاتصال مع القطاعات الحكومية المعنية وتعبئة الرأي العام من أجل السهر على حسن تطبيق القوانين ومراعاة توافقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، إضافة إلى التنسيق مع المنظمات الدولية كورقة ضغط على الحكومات بغية هيكلة سياستها العمومية[82]، خاصة في مجال الهجرة للارتقاء بحقوق المهاجرين على رأس الأولويات.
وقد ساهمت أنشطة الجمعيات والمنظمات المغربية المهتمة بقضايا الهجرة، في الكشف عن حصيلة المكاسب والانتهاكات التي مست حقوق المهاجرين عبر الامتداد الجغرافي الوطني، عبر إصدار تقارير وبيانات، ورفع توصيات للسلطات العمومية لحثها على حماية حقوق المهاجرين. ففي تقريرها السنوي الصادر سنة 2003، كانت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان سباقة إلى إثارة هذا الموضوع بشكل بارز، من خلال تسجيل عدة ملاحظات بخصوص تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية بالمغرب وتزايد عدد ضحاياها القادمين من جنسيات مختلفة نحو المغرب وعبره، والذين أصبحوا يعيشون في وضع مأساوي فوق التراب المغربي، كما أبدت المنظمة في مناسبات ومحطات عديدة اهتمامها وانشغالها تجاه المآسي التي يعيشها المهاجرون الأفارقة جنوب الصحراء وغيرهم، في رحلتهم عبر المغرب ونحو أوروبا[83].
وبدورها، تخصص الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حيزا مهما لقضية الهجرة ووضعية حقوق المهاجرين بالمغرب، فحسب تقريرها الصادر سنة 2019 حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، سجلت الجمعية مجموعة من الانتهاكات الحقوقية التي يتعرض لها المهاجرون من دول جنوب الصحراء، في ظل استمرار المضايقات المرتكبة في حقهم من خلال التنقيلات التعسفية من الشمال إلى الجنوب، والمطاردات في كل المدن، والإرجاع القسري للحدود المغربية الجزائرية، وتعقيد المساطر المرتبطة بتجديد بطائق الإقامة[84].
وفي تصريحها بمناسبة الذكرى 27 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 دجنبر سنة 2020، التي تزامنت مع فرض الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، سجلت الجمعية استمرار معاناة المهاجرين بالمغرب، خاصة مع تزايد وتيرة الكراهية والعنصرية اتجاههم، والانتهاكات الخطيرة لحقوقهم، في ظل تكثيف السلطات للاعتقالات العشوائية للمهاجرين وحصار أماكن تجمعاتهم تحت ذريعة الوقاية من الفيروس، واحتجاز البعض منهم في ظروف لا إنسانية، وترحيلهم من المناطق الشمالية إلى مناطق أخرى وسط البلاد وجنوبها دون احترام أبسط الحقوق التي تكفلها لهم المواثيق الدولية والقوانين الوطنية[85].
وحسب تقرير آخر لجمعية “المجموعة المناهضة للعنصرية والمدافعة عن حقوق الأجانب والمهاجرين” المعروفة اختصارا ب (GADEM)[86]، فإنه بالرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة في إطار السياسة الحديدة للهجرة، ما زالت الوضعية الحقوقية والإنسانية للمهاجرين غير النظاميين المقيمين بالمغرب خاصة في المدن الشمالية، تثير قلقا متزايدا لدى المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان، خاصة في ظل عودة عمليات المداهمات والاعتقالات الجماعية التي تنفذها السلطات العمومية في الغابات حول مدينتي الفنيدق والناظور، تليها عمليات ترحيلات قسرية نحو المدن الجنوبية، بالإضافة إلى عرقلة أنشطة المنظمات الإنسانية العاملة في مجال تقديم المساعدة الإنسانية ودعم المهاجرين الذين يعيشون في الغابات[87].
ويبقى التطور الأكبر في مجال حماية المنظمات غير الحكومية لحقوق المهاجرين، هو اعتراف المجتمع الدولي لها بحق تقديم تقارير موازية للتقارير التي تقدمها الحكومات إلى مختلف لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، أو إلى مجلس حقوق الإنسان بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل. وبالطبع فإن إعداد التقارير الموازية أو المضادة من جانب المنظمات غير الحكومية يشكل خطوة بالغة الأهمية في تمحيص وضعية حقوق المهاجرين في المغرب، ويساعد أعضاء الهيئات التعاهدية في التوصل إلى استنتاجات أكثر دقة وموضوعية تجاه هذه الوضعية، واتجاه طبيعة المشكلات والانتهاكات[88].
وفي هذا الإطار، قدمت مجموعة من المنظمات غير الحكومية تقريرا موازيا في إطار الاستعراض الدوري الشامل لسنة 2017، بمناسبة تقديم المغرب لتقريره الوطني الثالث من أجل تعزيز الممارسة الاتفاقية، ومن ضمن ما عالجه هذا التقرير وضعية حقوق المهاجرين بالمغرب خلال الفترة الممتدة من 2012 إلى 2016، التي تميزت باستمرار انتهاكات حقوق المهاجرين، من خلال الإعادات القسرية المتكررة، والاعتقالات الإدارية والتعسفية دون إجراءات قضائية عادلة ومنصفة، وهشاشة وموسمية التدابير المتخذة، واعتماد المقاربة الأمنية في حل المشاكل، واتساع دائرة الانتهاكات المسجلة في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ودعا التقرير مقابل ذلك إلى اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات التشريعية والإدارية[89].
خاتمة:
إن البحث في آليات حماية حقوق المهاجرين بالمغرب، مكننا من الوقوف على حجم المجهودات المبذولة من طرف الدولة تشريعيا ومؤسساتيا لإقرار نظام كفيل باحترام هذه الحقوق. وتأكد لنا أن المغرب قطع خطوات ملحوظة في سبيل تحسين سجله في مجال حماية حقوق المهاجرين.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الجهد المبذول لم ينتقل بعد إلى قوة فعلية قادرة على بلورة إطار قانوني ومؤسساتي يضمن حماية فعلية وفعالة لحقوق المهاجرين، نظرا لعدم استقباله كل الضمانات الحقوقية، ولاستمرار احتواء ثغرات وقيود تحد من ممارسة هذه الحقوق المعترف بها.
الأمر الذي يستوجب توجه الإرادة السياسية نحو تصويب الثغرات المرصودة، والمضي قدما على درب تطوير المنظومة القانونية والمؤسساتية ذات الصلة بالهجرة، مع وضع الآليات والضمانات الأساسية الكفيلة باستقبال المهاجرين، بما يحفظ كرامتهم الإنسانية ويسهل اندماجهم الإيجابي في المجتمع ويجعلهم جزءا من النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمغرب، وذلك من خلال:
- كفالة احترام وحماية حقوق الإنسان لجميع المهاجرين، وتعزيز النهج القائم على حقوق الهجرة التي تضمن تمتع المهاجرين بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير الحماية اللازمة لبعض الفئات الهشة كالنساء الحوامل والأطفال وكبار السن العاجزين؛
- التسريع بإخراج القانون المتعلق بالهجرة، الذي من المفترض أن يكون ملائما في مقتضياته مع المعايير الدولية، إلى حيز الوجود؛
- تحيين المنظومة القانونية القطاعية التي تشكل إحدى المداخل الأساسية لتفعيل وإعمال المقتضيات الدولية ذات الصلة بمختلف فئات حقوق المهاجرين، وذلك عبر إبطال مفعول النصوص القانونية التي تتعارض مع المعايير الدولية من جهة، واعتماد تشريعات خاصة سدا للفراغات التشريعية المحتملة في هذه الاتجاه من جهة ثانية؛
- تأهيل الإطار المؤسساتي للهجرة من خلال تحديث آليات عمل المؤسسات التي تعمل على حماية حقوق المهاجرين، بالإضافة إلى إحداث مؤسسات جديدة مثل مجلس المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء بالمغرب، لمواكبة توجهات السياسة الجديدة للمغرب تجاه القارة الإفريقية.
قائمة المراجع:
الكتب:
- أحمد بوز، القانون الدستوري لحقوق الإنسان: دراسة في الحماية الدستورية للحقوق والحريات في المغرب والتجارب المقارنة، الطبعة الأولى، سلا، المغرب، مطبعة شمس برينت، 2020؛
- عبد الإله أمين، حقوق الإنسان والحريات العامة المحددات المرجعية والضمانات القانونية والمؤسساتية، سلسلة إضاءات في الدراسات القانونية، العدد 11، مطبعة صبحي، قلعة السراغنة، الطبعة الأولى، مارس 2020:
- عبد العزيز لعروسي، حقوق الإنسان بالمغرب: ملاءمات دستورية وقانونية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 103، الطبعة الأولى، 2018؛
- كريم لحرش، الدستور الجديد للمملكة المغربية شرح وتحليل، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة، الدار البيضاء، المغرب، 2021.
الأطروحات والرسائل:
- فدوا بنبنعيسى، مدى فعالية الحماية الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2016-2017:
- محمد أبركان، السياسة المغربية لتدبير إشكالية الهجرة غير النظامية في ظل المتغيرات الجديدة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2018- 2019.
المقالات:
- حميد اربيعي، الأجنبي أمام القضاء الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 116، ماي- يونيو 2014؛
- عبد الرحمان شحشي، إقامة الأجانب ومحاربة الهجرة غير النظامية بالمغرب، ضمن ديناميات الهجرة بالمغرب ورهانات حقوق الإنسان: دراسات في المرجعيات والمخاطر والرهانات، منشورات مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، سلسلة أعمال أكاديمية، العدد 2، الطبعة الأولى، 2022؛
- مصطفى عبدي، الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة: فرص النجاح وتحديات التنفيذ، ضمن ديناميات الهجرة بالمغرب ورهانات حقوق الإنسان: دراسات في المرجعيات والمخاطر والرهانات، منشورات مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، سلسلة أعمال أكاديمية، العدد 2، الطبعة الأولى، 2022.
القوانين:
- دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011)؛
- ظهير شريف رقم 1.03.196 صادر في 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، الجريدة الرسمية عدد 5160 بتاريخ 18 رمضان 1424 (13 نوفمبر 2003)؛
- ظهير شريف رقم 1.16.127 صادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016) بتنفيذ القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 (19 سبتمبر 2016)؛
- القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.17 بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6652 بتاريخ 12 جمادى الآخرة 1439 (فاتح مارس 2018)؛
- القانون رقم 14.16 المتعلق بمؤسسة الوسيط الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.43 بتاريخ 4 رجب 1440 (11 مارس 2019)، الجريدة الرسمية عدد 6765 بتاريخ 25 رجب 1440 (فاتح أبريل 2019)؛
- المرسوم رقم 2.11.150 صادر في 7 جمادى الأولى 1432 (11 أبريل 2011) بإحداث مندوبية وزارية مكلفة بحقوق الإنسان وبتحديد اختصاصاتها وتنظيمها، الجريدة الرسمية عدد 5933 بتاريخ 7 جمادى الأولى 1432 (11 أبريل 2011)؛
- المرسوم رقم 2.57.1256 بتاريخ 2 صفر 1377 (29 غشت 1957) تحدد بموجبه كيفيات تطبيق الاتفاقية المتعلقة بوضعية اللاجئين الموقع عليها في جنيف بتاريخ 28 يوليوز 1951، الجريدة الرسمية عدد 2341 بتاريخ 10 صفر 1377 (6 شتنبر 1957).
الخطب والرسائل الملكية:
- الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى 38 للمسيرة الخضراء، 6 نونبر 2013؛
- الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى 63 لثورة الملك والشعب، 20 غشت 2016؛
- الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء، 6 نونبر 2016؛
- الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المؤتمر الحكومي حول الهجرة بمراكش، 10 دجنبر 2018؛
- الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى القمة السادسة للاتحاد الأوروبي وللاتحاد الإفريقي، 18 فبراير 2022.
الوثائق والتقارير والمنشورات:
- الوثائق الدولية:
- الملاحظات الختامية بشأن التقرير الأولي للمغرب التي اعتمدتها اللجنة في دورتها التاسعة عشرة (9-13 سبتمبر 2013)، CMW/C/MAR/CO/1، 8 أكتوبر 2013، اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم؛
- تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 5 من مرفق قرار مجلس حقوق الإنسان 16/21 المغرب، A/HRC/WG.6/27/MAR/1، 20 فبراير 2017، مجلس حقوق الإنسان، الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل، الدورة 27؛
- تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل المغرب، A/HRC/36/6، 13 يوليوز 2017، مجلس حقوق الإنسان، الدورة 36؛
- فئات محددة من الجماعات والأفراد: العمال المهاجرون، تقرير المقررة الخاصة السيدة غابرييلا رودريغيس بيزارو- المعنية بحقوق المهاجرين إضافة بعثة إلى المغرب، E/CN.4/2004/76/Add.3، 15 يناير 2004، لجنة حقوق الإنسان، الدورة 60.
- الوثائق الوطنية:
- وضعية الممارسة الاتفاقية للمملكة المغربية وتفاعلها مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، منشور صادر عن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، يناير 2016؛
- منجز حقوق الإنسان بالمغرب: التطور المؤسساتي والتشريعي وحصيلة تنفيذ السياسات العمومية بعد دستور 2011، وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، المملكة المغربية، الطبعة الأولى، 2019؛
- المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء، الخلاصات والتوصيات، شتنبر 2013؛
- خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان (2018- 2021)، صادر ة عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، 14 دجنبر 2017؛
- الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2019، يوليوز 2020؛
- تصريح الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمناسبة الذكرى 27 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 دجنبر سنة 2020.
المواقع الالكترونية:
- سعيد مشاك وحميد بلغيت، مظاهر التحول في حماية الأجانب بالمغرب، مقال منشور بموقع مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، بتاريخ 10 يونيو 2020، https://revuealmanara.com
- يوسف الخيدر، استراتيجية المغرب في مجال الهجرة الإنسان أولا، مقال منشور على موقع جريدة بيان اليوم بتاريخ 15 غشت 2019، https://bayanealyaoume.presss.ma
- تقرير موازي لتقرير الاستعراض الدوري الشامل حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2017، منجز من قبل مجموعة من الجمعيات الحقوقية والمدنية المغربية، على الرابط التالي:
النقر للوصول إلى 1c3225ec00b62f3b4cb5a25d5f40aa89.pdf
[1] ظهير شريف رقم 1.79.186 بتاريخ 17 ذو الحجة 1399 (8 نونبر 1979) بنشر الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية المبرمين بنيويورك يوم 3 رمضان 1386 (16 دجنبر 1966)، الجريدة الرسمية عدد 3525 بتاريخ 6 رجب 1400 (21 مايو 1980)، ص 631.
[2] سعيد مشاك وحميد بلغيت، مظاهر التحول في حماية الأجانب بالمغرب، مقال منشور بموقع مجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، بتاريخ 10 يونيو 2020، على الرابط التالي:
آخر زيارة يوم 8 مارس 2022 الساعة 22 و35 د.
[3] ظهير شريف رقم 19.68 بتاريخ 15 شعبان 1389 (27 أكتوبر 1969) بالمصادقة على الاتفاقية الدولية الموقع عليها بنيويورك يوم 7 مارس 1966 بشأن القضاء على جميع أشكال الميز العنصري وبنشر نصها في الجريدة الرسمية، الجريدة الرسمية عدد 2988 بتاريخ 27 ذو القعدة 1389 (4 فبراير 1970)، ص 336.
[4] ظهير شريف رقم 1.93.361 صادر في 29 رمضان 1421 (26 ديسمبر 2000) بنشر اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 1979، الجريدة الرسمية عدد 4866 بتاريخ 23 شوال 1421 (18 يناير 2001)، ص 226.
[5] ظهير شريف رقم 1.93.363 صادر في 9 رجب 1417 (21 نوفمبر 1996) بنشر الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989، الجريدة الرسمية عدد 4440 بتاريخ 8 شعبان 1417 (19 ديسمبر 1996)، ص 2847.
[6] ظهير شريف رقم 1.93.362 صادر في 9 رجب 1417 (21 نوفمبر 1996) بنشر اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملات أو العقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1984، الجريدة الرسمية عدد 4440 بتاريخ 8 شعبان 1417 (19 ديسمبر 1996)، ص 2841.
[7] ظهير شريف رقم 1.57.271 بتاريخ 29 محرم 1377 (26 غشت 1957) بشأن تطبيق اتفاقية جنيف المؤرخة بيوم 28 يوليوز 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين، الجريدة الرسمية عدد 2341 بتاريخ 10صفر 1377 (6 شتنبر 1957)، ص 1978.
[8] مرسوم رقم 2.57.1256 بتاريخ 2 صفر 1377 (29 غشت 1957) تحدد بموجبه كيفيات تطبيق الاتفاقية المتعلقة بوضعية اللاجئين الموقع عليها في جنيف بتاريخ 28 يوليوز 1951، الجريدة الرسمية عدد 2341 بتاريخ 10 صفر 1377 (6 شتنبر 1957)، ص 1978.
[9] محمد أبركان، السياسة المغربية لتدبير إشكالية الهجرة غير النظامية في ظل المتغيرات الجديدة، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، فاس، السنة الجامعية 2018- 2019، ص 191.
[10] ظهير شريف رقم 1.72.166 بتاريخ 23 محرم 1391 (20 أبريل 1971) بنشر البروتوكول الخاص بالنظام الأساسي للاجئين الموقع عليه بنيويورك يوم 31 يناير 1967، الجريدة الرسمية عدد 3145 بتاريخ 3 محرم 1393 (7 فبراير 1973)، ص 390.
[11] محمد أبركان، مرجع سابق، ص 192.
[12] ظهير شريف رقم 1.93.317 صادر في فاتح رمضان 1432 (2 أغسطس 2011) بنشر الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 ديسمبر 1990، الجريدة الرسمية عدد 6015 بتاريخ 29 صفر 1433 (23 يناير 2012)، ص 362.
[13] عبد العزيز لعروسي، حقوق الإنسان بالمغرب: ملاءمات دستورية وقانونية، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 103، الطبعة الأولى، 2018، ص 199.
[14] مصطفى عبدي، الاتفاق العالمي للهجرة الآمنة: فرص النجاح وتحديات التنفيذ، ضمن ديناميات الهجرة بالمغرب ورهانات حقوق الإنسان: دراسات في المرجعيات والمخاطر والرهانات، منشورات مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، سلسلة أعمال أكاديمية، العدد 2، الطبعة الأولى، 2022، ص 26
[15] عبد العزيز لعروسي، مرجع سابق، ص 228.
[16] وضعية الممارسة الاتفاقية للمملكة المغربية وتفاعلها مع الآليات الأممية لحقوق الإنسان، منشور صادر عن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، يناير 2016، ص 8.
[17] ظهير شريف رقم 1.03.196 صادر في 16 من رمضان 1424 (11 نوفمبر 2003) بتنفيذ القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، الجريدة الرسمية عدد 5160 بتاريخ 18 رمضان 1424 (13 نوفمبر 2003)، ص 3817.
[18] الملاحظات الختامية بشأن التقرير الأولي للمغرب التي اعتمدتها اللجنة في دورتها التاسعة عشرة (9-13 سبتمبر 2013)، CMW/C/MAR/CO/1، 8 أكتوبر 2013، اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ص 2 وما بعدها.
[19] منجز حقوق الإنسان بالمغرب: التطور المؤسساتي والتشريعي وحصيلة تنفيذ السياسات العمومية بعد دستور 2011، وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، المملكة المغربية، الطبعة الأولى، 2019، ص 216-217.
[20] تقرير وطني مقدم وفقا للفقرة 5 من مرفق قرار مجلس حقوق الإنسان 16/21 المغرب، A/HRC/WG.6/27/MAR/1، 20 فبراير 2017، مجلس حقوق الإنسان، الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل، الدورة 27، ص 19.
[21] تقرير الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل المغرب، A/HRC/36/6، 13 يوليوز 2017، مجلس حقوق الإنسان، الدورة 36، ص 31 و32.
[22] فئات محددة من الجماعات والأفراد: العمال المهاجرون، تقرير المقررة الخاصة السيدة غابرييلا رودريغيس بيزارو- المعنية بحقوق المهاجرين إضافة بعثة إلى المغرب، E/CN.4/2004/76/Add.3، 15 يناير 2004، لجنة حقوق الإنسان، الدورة 60، ص 2.
[23] تصدير دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011)، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011)، ص 3600.
[24] عبد الرحمان شحشي، إقامة الأجانب ومحاربة الهجرة غير النظامية بالمغرب، ضمن ديناميات الهجرة بالمغرب ورهانات حقوق الإنسان: دراسات في المرجعيات والمخاطر والرهانات، مرجع سابق، ص 185.
[25] الفصل 30 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[26] سعيد مشاك وحميد بلغيت، مرجع سابق.
[27] الفصل 30 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[28] كريم لحرش، الدستور الجديد للمملكة المغربية شرح وتحليل، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثالثة، الدار البيضاء، المغرب، 2021، ص 113.
[29] سعيد مشاك وحميد بلغيت، مرجع سابق.
[30] الفصل 19 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[31] الفصل 20 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[32] الفصل 21 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[33] الفصل 22 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[34] تصدير دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[35] الفصل 23 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[36] عبد الإله أمين، حقوق الإنسان والحريات العامة المحددات المرجعية والضمانات القانونية والمؤسساتية، سلسلة إضاءات في الدراسات القانونية، العدد 11، مطبعة صبحي، قلعة السراغنة، الطبعة الأولى، مارس 2020، ص 246.
[37] سعيد مشاك وحميد بلغيت، مرجع سابق.
[38] المادة 29 من القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
[39] عبد الرحمان شحشي، مرجع سابق، ص 185.
[40] ظهير شريف رقم 1.16.127 صادر في 21 من ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016) بتنفيذ القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 (19 سبتمبر 2016)، ص 6644.
[41] منجز حقوق الإنسان بالمغرب: التطور المؤسساتي والتشريعي وحصيلة تنفيذ السياسات العمومية بعد دستور 2011، مرجع سابق، ص 194.
[42] نفس المرجع السابق، ص 195.
[43] عبد الرحمان شحشي، مرجع سابق، ص 186.
[44] فدوا بنبنعيسى، مدى فعالية الحماية الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة مولاي اسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس، السنة الجامعية 2016-2017، ص 232.
[45] الفصل 42 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[46] محمد أبركان، مرجع سابق، ص 235-236.
[47] فدوا بنبنعبسى، مرجع سابق، ص 246.
[48] مقتطف من الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى 38 للمسيرة الخضراء، 6 نونبر 2013.
[49] يوسف الخيدر، استراتيجية المغرب في مجال الهجرة…الإنسان أولا، مقال منشور على موقع جريدة بيان اليوم بتاريخ 15 غشت 2019، على الرابط التالي:
آخر زيارة بتاريخ 10 مارس 2022 على الساعة 16 و20 د.
[50] مقتطف من الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى 63 لثورة الملك والشعب، 20 غشت 2016.
[51] مقتطف من الخطاب الملكي الذي وجهه الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء، 6 نونبر 2016.
[52] مقتطف من الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى المؤتمر الحكومي حول الهجرة بمراكش، 10 دجنبر 2018.
[53] مقتطف من الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى القمة السادسة للاتحاد الأوروبي وللاتحاد الإفريقي، 18 فبراير 2022.
[54] أحمد بوز، القانون الدستوري لحقوق الإنسان: دراسة في الحماية الدستورية للحقوق والحريات في المغرب والتجارب المقارنة، مطبعة شمس برينت، سلا، الطبعة الأولى، 2020، ص 57-58.
[55] الفصل 71 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[56] الفصل 70 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[57] الفصل 55 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[58] الفصل 100 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[59] الفصل 67 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[60] الفصل 70 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[61] الفصل 101 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[62] أحمد بوز، مرجع سابق، ص 65.
[63] محمد أبركان، مرجع سابق، ص 227.
[64] حميد اربيعي، الأجنبي أمام القضاء الإداري المغربي، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 116، ماي- يونيو 2014، ص 36.
[65] المادة 35 من القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
[66] المادة 36 من القانون رقم 02.03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة.
[67] ظهير شريف رقم 1.11.19 صادر في 25 ربيع الأول 1432 (فاتح مارس 2011) القاضي بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الجريدة الرسمية عدد 5922، بتاريخ 27 ربيع الأول 1432 (3 مارس 2011)، ص 574.
[68] الفصل 161 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[69] المادة 3 من القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.17 بتاريخ 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018)، الجريدة الرسمية عدد 6652 بتاريخ 12 جمادى الآخرة 1439 (فاتح مارس 2018)، ص 1227.
[70] المادة 3 من القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
[71] المادة 25 من القانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
[72] راجع: المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء، الخلاصات والتوصيات، شتنبر 2013.
[73] ظهير شريف رقم 1.11.25 الصادر في 12 ربيع الآخر 1432 (17 مارس 2011) القاضي بإحداث مؤسسة الوسيط، الجريدة الرسمية عدد 5929 بتاريخ 12 ربيع الآخر 1432 (17 مارس 2011)، ص 802.
[74] الفصل 162 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
[75] المادة 11 من القانون رقم 14.16 المتعلق بمؤسسة الوسيط الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.43 بتاريخ 4 رجب 1440 (11 مارس 2019)، الجريدة الرسمية عدد 6765 بتاريخ 25 رجب 1440 (فاتح أبريل 2019)، ص 1722.
[76] فدوا بنبنعبسى، مرجع سابق، ص 387.
[77] المرسوم رقم 2.11.150 صادر في 7 جمادى الأولى 1432 (11 أبريل 2011) بإحداث مندوبية وزارية مكلفة بحقوق الإنسان وبتحديد اختصاصاتها وتنظيمها، الجريدة الرسمية عدد 5933 بتاريخ 7 جمادى الأولى 1432 (11 أبريل 2011)، ص 2143.
[78] المادة 2 من المرسوم رقم 2.11.150 سالف الذكر.
[79] خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان (2018- 2021)، صادر ة عن المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، 14 دجنبر 2017، على الرابط التالي: https://didh.gov.ma/sites/default/files/2018-03/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9VF.pdf%20o%20.pdf
[80] المادة 7 من المرسوم رقم 2.11.150 سالف الذكر.
[81] محمد أبركان، مرجع سابق، ص 211.
[82] عبد العزيز لعروسي، مرجع سابق، ص 254.
[83] محمد أبركان، مرجع سابق، ص 212.
[84] الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التقرير السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب خلال سنة 2019، يوليوز 2020، ص 270.
[85] تصريح الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمناسبة الذكرى 27 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يوم 10 دجنبر سنة 2020، ص 8. على الرابط التالي:
النقر للوصول إلى 5f39992a5490768fa73eba3a0b56b0f6.pdf
[86] تأسست هذه المنظمة بتاريخ 18 دجنبر 2006 من طرف مجموعة من الناشطين من أجل الدفاع عن حقوق المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء بالمغرب.
للمزيد من التفاصيل، انظر موقع المنظمة على الأنترنيت: www.gadem-asso.org
[87] محمد أبركان، مرجع سابق، ص 215.
[88] فدوا بنبنعبسى، مرجع سابق، ص 423.
[89] تقرير موازي لتقرير الاستعراض الدوري الشامل حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب سنة 2017، منجز من قبل مجموعة من الجمعيات الحقوقية والمدنية المغربية، وهي: العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الهيئة المغربية لحقوق الإنسان، الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، الفضاء الجمعوي، معهد بروميثييوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، جمعية الحرية الآن، جمعية ملتقى المرأة بالريف، جمعية الأيادي المتضامنة، الجمعية المغربية للنساء التقدميات. على الرابط التالي: