بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الدكتورة : هودى لمخلخل –



“الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد “

“The parametric Reformof The Collective System Allowance Pension”

الدكتورة : هودى لمخلخل

دكتورة في الحقوق

كلية العلوم القانونية والاقتصاديةوالاجتماعية- السويسي جامعة محمد الخامس-الرباط

لتحميل الاصدار كاملا

ملخص:

يقوم الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على تغيير قواعد عمل هذا النظام بهدف تصويب اختلالاته.

ولقد ركزنا في هذه المقالة على الإطار القانوني لهذا النظام وإكراهاته، ومؤشرات ا الإصلاح المقياسي( سن الإحالة على التقاعد، نسبة المساهمة، قيمة المعاشات) و آثاره على النظام.

الكلمات المفتاحية : النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، الإصلاح المقياسي، ديمومة نظام التقاعد

ABSTRACT:

The Parametric Reform of the Collective Allowance Pension System isbased on the modification of the operating rules of this system with the aim of correctingitsimbalances.
				
In this article, wefocused on the legalframework of this system and  itsconstraints, the Parametric  Reform  indicators (Retirement age, contribution percentage, pension value)  and itseffects on the system.

Keywords:the Collective Allowance Pension System, The Parametric Reform, The sustainability of the pension system

تقديم

تواجه أنظمة التقاعد العديد من التحديات جعلت القائمين على الإصلاح يلجؤون إلى إصلاح البنية المقياسية للأنظمة الأكثر هشاشة، والتي من بينها النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد موضوع دراستنا.

ويقوم الإصلاح المقياسي لهذا النظام على مراجعة مقاييس عمله في أفق تمديد استدامته.

في هذا الإطار وقبل الحديث عن مؤشرات هذا الإصلاح و آثاره على النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (المطلب الثاني)، سنقوم بدراسة الإطار القانوني لهذا النظام و إكراهاته (المطلب الأول).

المطلب الأول: الإطار القانوني للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وإكراهاته

سنخصص هذا المحور لدراسة الإطار العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ونمط تدبيره (الفقرة الأولى)، ثم الإكراهات المقياسية التي تواجهه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الإطار القانوني للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد ونمط تدبيره

تم إحداث النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد سنة 1977 بموجب الظهير الشريف رقم 1.77.216، ويهدف النظام إلى ضمان الحقوق الشخصية للمنخرط أو لذوي حقوقه برسم مخاطر الشيخوخة ومخاطر الزمانة والوفاة، وللقيام بهاته المهمة يتألف النظام الجماعي من نظام عام ونظام تكميلي.

ويطبق النظام وجوبا على:

  • المستخدمين المؤقتين والمياومين والعرضيين العاملين مع الدولة والجماعات المحلية؛
  • المستخدمين المتعاقدين الجاري عليهم الحق العام؛
  • مستخدمي الهيئات الجاري عليها المراقبة المالية المنصوص عليها في الظهير الشريف رقم 1.59.271 الصادر في 17 شوال 1379 (14 أبريل 1960) بتنظيم مراقبة الدولة المالية على المكاتب والمؤسسات العمومية والشركات ذات الامتياز وكذا على الشركات والهيئات المستفيدة من الإعانات المالية للدولة.

    ويدير نظاما تكميليا تم إنشاءه سنة 1993، وهو نظام تعاقد يطبق وجوبا على المنخرطين في النظام العام الذين يتوفرون على أجور تفوق سقف الأجرة المحددة سنويا من طرف النظام الجماعي، ويشترط للانخراط فيه توقيع اتفاقية اشتراك بين المشغل والنظام، وقد حددت قيمة المساهمة فيه ب %3 يتحملها المشغل و%3 يتحملها الأجير على شكل نقط.

    ويمنح النظام كل من معاش الشيخوخة، الزمانة، الوفاة، والقنوة، والتعويضات العائلية، فضلا عن تحويل الحقوق لذوي الحقوق.

    ويحدد واجب الانخراط في نسبة 6% من مجموع الأجور القارة باستثناء التعويضات عن المصاريف أو عن التحملات العائلية، بينما تشتمل مساهمة المشغل المقدرة على أساس نفس الأجور المعتبرة في تقدير واجب انخراط الأجير على:

  • قسط أولي بمقدار ثابت يعادل واجب انخراط المأجور؛
  • قسط ثاني بمقدار قابل للتغيير تحدده مؤسسة النظام يوم 15 مارس من كل سنة ابتداء من السنة الرابعة للعمل بالنظام، وتعادل المساهمة القابلة للتغيير طيلة الثلاث سنوات الأولى من العمل بهذا النظام المساهمة القارة بإضافة نسبة 20% عندما تتعلق بأجور مقبوضة عن منصب مرتب في صنف المناصب العاملة.

    أما عن سن الانتفاع بالمعاش التقاعدي فتحدد في 60 سنة ولا يمكن أن تقل عن 55 سنة في جميع الأحوال.

    ويتبع النظام الجماعي نظامي التوزيع) بنسبة الثلث) والرسملة )بنسبة الثلثين) يساهم فيه المنخرط بنسبة 6% بينما يساهم المشغل بنسبة %12، وتحتسب المساهمات على أساس الراتب الأساسي بحد أقصى يصل إلى أربع مرات الراتب المتوسط للنظام. وتمول واجبات الانخراط والمساهمات الصناديق التالية:

  • صندوق مخاطر الشيخوخة: 12%؛
  • صندوق الزمانة والوفاة: 1%؛
  • صندوق التعويضات العائلية: 0,65%؛
  • صندوق الموازنة: يساوي المساهمات القابلة للتغيير مطروحة منها المقادير المخصصة لصندوق الزمانة والوفاة وصندوق التعويضات العائلية.

    ويلتجأ إلى صندوق الموازنة عندما تكون مبالغ صندوق الزمانة والوفاة وصندوق التعويضات العائلية غير كافية للوفاء بالالتزامات الملقاة على عاتقهما، ولا تتم تصفية معاش التقاعد إلا إذا راكم المنخرط ثلاث سنوات على الأقل من الخدمة الفعلية.

    ونميز في معاشات التقاعد التي يمنحها النظام بين كل من:

  • معاش التقاعد العادي الإجمالي: وهو الإيراد العمري الذي يكتسبه في الحال منخرط يثبت التوفر على ثلاثين سنة من الخدمة الفعلية عند بلوغه سن 60، ويحدد مبلغه في 60% من الأجرة المتوسطة للحياة العملية المحددة بمرسوم، أما الخدمات المنجزة فيما بعد المدة المتطلبة فتحسب على وجه الزيادة على أساس 2% من الأجرة المتوسطة المذكورة، وذلك عن كل سنة إضافية من الخدمة وإلى غاية 15 سنة على الأكثر؛
  • معاش التقاعد النسبي الإجمالي: وهو الإيراد العمري المكتسب عند بلوغ سن 60 أو 55 فيما يخص المنخرط الذي انتهى انتماؤه للنظام بعد ثلاث سنوات على الأقل من الخدمة الفعلية دون قضاء عدد السنوات المتطلبة للحصول على معاش التقاعد العادي، ويحدد مبلغ هذا المعاش في 2% من الأجرة المتوسطة للحياة العملية عن كل سنة من الخدمة الفعلية، غير أن الشروع في الانتفاع به يحدد في 60 سنة.

    ويقدر معاش التقاعد العادي والنسبي على أساس الأجرة السنوية المتوسطة.

    وتحدد الأجرة السنوية المتخذة أساسا لتقدير واجبات انخراط المأجورين ومساهمات أرباب العمل في ستة وثلاثين ألف (36.000) درهم طيلة السنة المالية الأولى لسير مؤسسة النظام.

    أما عن طريقة حساب المعاش فهي كالتالي:

    معاش التقاعد العادي الإجمالي = x %2 عدد سنوات الخدمة (30 سنة + الخدمات المنجزة بنسبة 2% من الأجرة المتوسطة للحياة العملية فيما زاد عن المدة المطلوبة في حدود 15 سنة(x الأجرة السنوية المتوسطة للحياة العملية للمنخرط.

    الفقرة الثانية: الإكراهات المقياسية للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد

    تختلف وضعية النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد نسبيا عن باقي أنظمة التقاعد، ويكمن ذلك في مقاييس عمله التي تسمح له بالتحكم في المتغيرات التي تواجهها عادة الأنظمة الأخرى، الشيء الذي يسمح له بتقليص الخلل في التوازن وضمان استمراريته لكن دون إلغاء العجز. ولعل السبب في ذلك راجع إلى:

  • تبني النظام لتقنيتي التوزيع والرسملة مما يعطيه تصورا حول الإكراهات الديمغرافية التي يمكن أن تواجهه؛
  • التوازن بين المعاشات والاشتراكات الذي يضمنه النظام من خلال العمل بتصفية المعاش على أساس الأجرة المتوسطة لمدة الخدمة؛
  • التحكم نسبيا في توازنه، حيث يسمح وضع سقف للمساهمات بتقدير قيمة الإلتزامات المستقبلية.

    هذا وبالرغم من إيجابيات النظام إلا أنه سيعرف اختلالات في توازنه المالي حيث أن هذه المزايا وإن كانت تسمح بتقليص العجز التقني فهي لا تمكن من إلغائه.

    في هذا الإطار يشهدالنظام وبشكل منتظم عجزا تقنيا سنة2004 ،وقد بلغ 2,2 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2011 و 2020 ، وسيتفاقم ليصل إلى 53,6 ملياردرهم في أفق الستين سنةالقادمة، وسيعرف أول عجز مالي سنة 2028 حيث ستبدأمعه الاحتياطات في الانخفاض لتمويل التزاماته، وتقدرديونه الضمنية ب 184 ملياردرهم سجلها النظام سنة 2019 ، غير أن الإصلاح الذي عرفه سنة 2021 مكنه من خفضها إلى 116 ملياردرهم.

    ويرجع السبب في وضعية النظام إلى مجموعة من العوامل البنيوية والتقنية من بينها:

  • تأثر الشق المرتبط بالرسملة بتغيرات السوق المالية وخضوعه من حيث المردودية لتقلباتها؛
  • عدم ملائمة بعض المقاييس التي من شأنها المحافظة على توازن النظام على المدى الطويل، سواء من حيث التصور الأولي أو من حيث التغييرات التي طرأت عليها، من مثل:
  • آلية مراجعة قيمة المعاشات التي تتلاءم مع مستوى التطور الذي يعرفه متوسط الأجر بالنظام، مما لا يضمن تمويل عملية المراجعة عندما تصبح مردودية احتياطيات النظام غير كافية، وهذا النقص في تغطية مراجعة قيمة المعاشات يمكنه أن يتضخم مع مرور الوقت لأنها تصبح مكتسبة كيفما كان مستوى المردود المالي لرصيد النظام مستقبلا.
  • القسط السنوي الذي تصفى على أساسه المعاشات المحدد في نسبة %2 والذي قد يصبح أقل ملائمة مع التزايد المستمر لأمد الحياة؛
  • إلغاء شرط 55 سنة لإمكانية استفادة المنخرط من التقاعد النسبي وتعويضه ابتداء من سنة 1993 بشرط استيفاء 21 سنة من الخدمة الفعلية.

    المطلب الثاني: الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد

    يقوم الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على تعديل مقاييس عمله (الفقرة الأولى)، ويستهدف الرفع من مستوى ديمومته، مما يدفعنا للبحث في أثره على النظام (الفقرة الثانية).

    الفقرة الأولى: مؤشرات الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد

    يهم الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد كل من سن الإحالة على التقاعد، مراجعة قيمة المعاشات، ونسبة المساهمة. والتي سنتطرق إليها في إطار رؤية كل من المجلس الأعلى للحسابات حول الإصلاح، ثم رؤية المجلس الإقتصاديوالإجتماعي والبيئي.

  1. رؤية المجلس الأعلى للحسابات حول الإصلاح المقياسي:

    يعرفالنظامالعامالجماعيلمنحرواتبالتقاعدمنحيثبنيتهوقواعدتسييرهمستوياتمنالعجزبدرجةأقلمقارنةمعأنظمةالتقاعدالأخرى.وفضلاعنرفعسنالإحالةعلىالتقاعد،فانالمقاييسالتيسيكونلهاأثركبيرفيمايتعلقبتحسينتوازنالنظامالعامهينسبةالقسطالسنويونسبةالمساهمة،لاسيماآليةمراجعةقيمةالمعاشات.

  2. سن الإحالة على التقاعد:

    تكمن العلة من رفع سن التقاعد في تمديد الفترة النشاطية للمنخرطين، وزيادة حجم المساهمات، في أفق تحسين التوازن المالي للنظام.

    غير أنه لن يكون له أثر مهم على توازنات النظام، بحيث سيؤدي رفع سن التقاعد ل 65 سنة إلى تمديد ديمومته فقط بسنتين إضافيتين تقريبا، غير أنه إذا ما اقترن بتغيير مقاييس أخرى، كنسبة المساهمة أو مراجعة قيمة المعاشات، فإن الانعكاسات ستكون أكثر وقعا على توازن النظام.

  3. مراجعة قيمة المعاشات:

    يتميز النظام بآلية للرفع الأوتوماتيكي لسقف المساهمات والخدمات تعمل على المراجعة السنوية للمعاشات، وتتم مراجعة قيمة المعاشات بنفس نسب الزيادة التي تعرفها أجور النظام، وهو عامل يساهم في عدم توازنه، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار ارتفاع أمد الحياة لدى المستفيدين من الإيرادات وانخفاض مداخيل التوظيفات في الأسواق المالية، من ثم سيكون لإعادة النظر في هذه الآلية أثر كبير على تمديد أفق ديمومته. ويقترح المجلس الأعلى للحسابات في هذا الشأن أن تبقى مراجعة قيمة المعاشات خاضعة لمبدأ المقايسة، بأن يؤخذ بعين الاعتبار تطور متوسط الأجر للنظام، ولكن في حدود لا تتجاوز %66 بدلا من%100 المعمول بها حاليا.

  4. نسبة المساهمة:

    عمليا يؤدي الرفع من نسبة المساهمة إلى زيادة موارد النظام، ويمكن الرفع من هذه النسبة إلى %20، ويعتبر ذلك كافيا لضمان تمديد أفق الديمومة إلى ما يقارب ثلاث سنوات إضافية، على اعتبار أن النظام يعرف اختلالا في التوازن أقل حدة بالمقارنة مع أنظمة التقاعد الأخرى، كما أنه في حالة مراجعة مقاييس أخرى فإن تأثير رفع نسبة المساهمة سيكون أكثر إيجابية على توازنه،غير أنه يمكنالحفاظعلىهذهالنسبةفيمستواهاالحاليأي 18 % وذلكطوالمرحلةالإصلاحالمقياسي.

  5. رؤية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الإصلاح المقياسي:

    تستند توصيات المجلس الإقتصاديوالإجتماعي والبيئي التييقترحهابالنسبة للإصلاح المقياسي للنظامِ الجماعي لمنح رواتب التقاعدعلى البدء في إصلاح وفق المسالك التالية:

  • اعتمادقاعدة احتساب وعاء تصفية المعاشات على أساس متوسط أفضل 10 سنوات،عوض متوسط مجموع سنوات العمل،وربط هذاالإجراءبملاءمةمؤشرإعادة تقييم المعاشات وفق منحى تناز ل ييستفيد منه ذو والدخل المنخفض.
  • تعميم النظام التكميلي بتطبيقها بتداء من الدرهمالأول، لكي يستفيد منه ذووالأجور المنخفضة،وبالتالي السماح لهم بتحسين تقاعدهم،ومصاحبة هذاالإجراء بتحديد سقف جديد يكون قريبا من الأجر المتوسط في الوظيفة العمومية،بزيادة تتراوح مابيْن % 15 و%30 ،أيْما بين 8.000 و 10.000 درهم )في أفق التقريب مابين أنظمةالقطب العمومي).
  • Ÿالرفع بنقطتين نسبة المساهمة في النظام التكميلي يتقاسمها بالتساوي المشغل والمستخدم) من % 6 إلى (% 8.
  • Ÿإحداث سقف ثاني تم تطبيقه على النظام التكميلي، وتحفيز الموظفين الذين تتعدى أجورهم هذا السقف نحو الانخراط في أنظمة إضافية اختيارية تعتمد على مبدأ الرسملة.
  • إخضاع عملية إعادة تقييم المعاشات لنطاق يتم احتسابه وفق نسبة التضخم والنسبة المائوية للزيادة في الأجر المتوسط للمنخرطين.
  • ضمان للمنخرطين، وبطلبمنهم، إمكانية تأخير سن الإحالة على التقاعد في حدود65 سنة، وذلك بهدفِ تحسينِ قاعدة احتساب معاشاتهم.

    هذا ومن خلال توصيات المؤسسات الوطنية (المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي واللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد) عملت الحكومة في شأن إصلاح النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد على إصدار القانون رقم 96.15 المغير والمتمم للظهير الشريف رقم 1.77.216 المؤرخ في 20 من شوال 1397 (4 أكتوبر 1977) المتعلق بإحداث نظام جماعي لمنح رواتب التقاعد.

    وقد تضمن هذا القانون تدابير جديدة من قبيل تحديد مبلغ الحد الأدنى لمعاش التقاعد والزمانة في 1500 درهم للشهر ابتداء من فاتح يناير 2018، ويشترط للاستفادة منه أن تبلغ مدة الخدمة الفعلية الصحيحة أو الممكن تصحيحها 10 سنوات على الأقل، ولا يطبق هذا الشرط في حالة وفاة منخرط يوجد في وضعية مزاولة النشاط، كما يشترط عدم الجمع بين هذا المعاش و أي معاش آخر مخول في إطار أنظمة الاحتياط الإجتماعي المشار إليها في الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.93.29 المتعلق بالتنسيق بين أنظمة الاحتياط الاجتماعي. ويحدد مبلغ الحد الأدنى للمعاش في 1000 درهم إذا كانت مدة الخدمة الفعلية الصحيحة أو الممكن تصحيحها تتراوح ما بين 5 سنوات و أقل من 10 سنوات.

    الفقرة الثانية: أثر الإصلاح المقياسي على النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد

    من خلال دراسة التدابير الخاصة بالإصلاح المقياسي لأنظمة التقاعد، نخلص إلى الملاحظات التالية:

    الملاحظة الأولى:

    نتكلم في إطار الإصلاح المقياسي عن توازن مالي على المدى القصير، وذلك باستقراء الحصيلة الاكتوارية للنظام لسنة 2017، بحيث سيؤدي فقط إلى تأجيل العجز لبضع سنوات على المدى القصير أو المتوسط، ولن يؤدي إلى الاستقرار الكلي للنظام.

    في هذا الإطار تقيم الحصيلة الاكتوارية النظام من خلال التزاماته، مـوارده احتياطاته، والمسـاهمات المسـتقبلية على مـدى فترة زمنية تصـل إلـى 100 سـنة ويستند التحليل في هذا الشأن على فرضيتين:

  • مجموعـة شـبه مغلقـة: حسـب هذه الفرضية يقـدر إجمالـي المـوارد ب 131.749 مليـون درهـم، وتتكون هذه المـوارد من القيمـة الحالية المحتملة للمسـاهمات بما مجموعه 30.268 مليـون درهـم، والاحتياطات المقـدرة ب 101.482 مليـون درهـم، وتصـل هـذه المـوارد إلى تغطية 55,41% من القيمة الحاليـة المحتملـة للالتزامات التي تقدر ب 237.774 مليون درهم.
  • مجموعـة مفتوحة: حسب هذه الفرضية يتم تسـجيل العجـز التقنـي والمالي للنظـام فـي سـنة 2023، كمـا تمثل سـنة 2042 أفـق ديمومـته.

    ولتقييـم نتائـج الحصيلـة الاكتواريـة تـم إجـراء تحليـل علـى العوامـل المؤثـرة علـى النظام، وتتمثل النتائج في سيناريويهن رئيسـيين:

  • فرضية أسوء الحالات المتمثلة في:
  • معدل عائدات مالية محدد في 4%؛
  • معدل إعادة التقييم محدد في 3.5%.

    وسيسمح تطبيـق هـذه المعاييـر بتقليص أفـق الديمومـة بأربـع سـنوات، أي في حدود سنة 2038 بدل سنة 2042 المقررة في السيناريو المركزي، كمـا سـيعرف معـدل التمويـل المسـبق أيضـا تغييـرا حيـث سـيمر مـن 55,41% المحـددة فـي السـيناريو المركـزي إلـى 42,61%.

  • فرضية أفضل الحالات والمتمثلة في:
  • معدل مردودية مالية محدد في 5.5%؛
  • معدل إعادة التقييم محدد في 2%.

    وسـيزيد تطبيـق هـذه المعاييـر مـن أفـق الديمومـة بسـت سـنوات فـي حـدود سنة 2048 بـدل سنة 2042 المقررة في السـيناريو المركـزي، وسـينتقل معـدل التمويـل المسـبق مـن 55,41% المحددة في السـيناريو المركـزي إلـى نسـبة 68,32% المعتمدة في سـيناريو أفضـل الحالات، مما سيسمح بتحسـن هـذه النسـبة بحوالي 12,91 نقطة أسـاس.

    الملاحظة الثانية:

    إن الرفع من سن الإحالة على التقاعد وإن كان يساهم في استقرار توازن الأنظمة نسبيا، وذلك على المدى القصير أو المتوسط، فإنه لا يدعم توازنها على المدى الطويل، بل قد ينعكس سلبا بتفويت منخرطين جدد على الأنظمة، والمساهمة في ارتفاع نسبة البطالة.

    وإذا كان المشرع قد استلهم الرفع من سن الإحالة على التقاعد من التجربة الأوربية للإصلاح، فإن هذه الأخيرة لها من المبررات ما يسمح بهذا التمديد، حيث تحسن ظروف العيش وارتفاع أمل الحياة يخول للمتقاعد حياة طويلة بعد الإحالة على التقاعد، على خلاف معدل الأمل في الحياة بالنسبة للمغرب، المحدد في 72 سنة حاليا، والذي من المتوقع أن يصل إلى 77 سنة في أفق سنة 2030.

    من هنا يجب أن يخضع الإصلاح للخصوصية السوسيو- اقتصادية للبلاد، وأن يأخذ بعين الاعتبار طبيعة وخصوصية المهن كذلك.

    وعملا بمبدأ الخصوصية والمرونة، نقترح العمل بمبدأ التدرج في الرفع من سن التقاعد إلى غاية الوصول للسن الأقصى المستهدف، مع توفير الشروط المستدامة اقتصاديا، والمقبولة اجتماعيا في تقدير هذا المعدل.

    ونقترح أن يكون الرفع من سن التقاعد مبني على مبدأ الاختيار لاعتبارين:

    أولهما، أن مسألة الرفع من سن التقاعد لا تسعف في حل مشكل توازن النظام على المدى الطويل، وإنما تسعف في استقراره في حدود بضع سنوات فقط.

    من ثم، فليس من الإنصاف أن نحمل المتقاعد كلفة إصلاح نسبي، لن يسعف في تقديم حل نهائي لإشكالية ديمومة النظام، بقدر ما سيؤدي إلى المس بالحقوق الاجتماعية للمتقاعدين.

    أما ثانيهما، فإن استقرار النظام الذي نسلم بكونه مسألة نسبية في أفق بضع سنوات يستقيم بتعديل جل المقاييس وليس فقط بالرفع من سن التقاعد. لذلك فليس من الحكمة المبالغة في الرفع من هذه السن.

    في هذا الإطار نؤيد ما قال به المجلس الاقتصادي والاجتماعي، حيث يقترح في هذا الشأن ضمان للمنخرطين،وبطلب من هم ،إمكانية تأخيرسن الإحالةعلى التقاعد في حدود 65 سنة بهدف تحسين قاعدةا حتسابمعاشاتهم، بحيث نستقرأ من خلال موقفه إرجاع مسألة التمديد لاختيار المنخرط .

    هذا وقد تبنت النقابات المهنية نفس التوجه حينما اتفقت على تصور عام للإصلاح يرفض تمديد سن التقاعد مقابل ترك مسألة التمديد هذه لحرية الاختيار.

    الملاحظة الثالثة:

    إن الزيادة في نسبة المساهمة والاشتراك تمس وبشكل مباشر الإمكانات المالية للمنخرطين والمساهمين.

    من ثم فإن كل زيادة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمنخرط والنسبة التي من الممكن أن يتحملها أرباب العمل من جهة، والقدرة التنافسية للمقاولات من جهة أخرى.

    الملاحظة الرابعة:

    يبقى الإصلاح المقياسي حلا مؤقتا لإشكالية التوازن المالي، بحيث نتحدث من خلال التعديلات المقياسية عن توازن مالي طفيف، ونسبي على المدى القصير أو المتوسط في أفضل الحالات، وهو لا يسعف في إيجاد استقرار نهائي للتوازن المالي للأنظمة بقدر ما يعمل على تأجيل العجز التقني.

    ويبقى الحل الأمثل هو توسيع قاعدة المنخرطين على مستوى الأنظمة، بتوفير التقاعد لجل الفئات النشيطة وذلك وفق رؤية شمولية للإصلاح.

    خاتمة

    يندرج الإصلاح المقياسي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في إطار العمل على تسهيل الإلتقائية بين أنظمة التقاعد كمرحلة أولى من الإصلاح، في أفق دمج الأنظمة في إطار الإصلاح الهيكلي الشمولي لمنظومة التقاعد.

    ويرتكز في توجهه على تحسين التوازن المالي للنظام في أفق الرفع من ديمومته. إلا أن هذا الإصلاح لن يؤتي أكله حسب الدراسات الإكتوارية إلا على المدى القصير والمتوسط.

    وينبغي في هذا الإطار موازاته مع إتخاذ تدابير مصاحبة ،سيما إعدادمشروع قانون

    هذا ويبقى الإصلاحالعميقوالشمولي هو الحل الأمثل لضمانتوازن النظام على المدىالطويل من جهة، و للحفاظ على ديمومة منظومة التقاعد من جهة أخرى.

    لائحة المراجع:

    المراجع بالعربية:

  1. النصوص التشريعية:
  • القانون رقم 96.15 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.13.112 الصادر بتاريخ 16 ذي القعدة 1437 (20 أغسطس 2016)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6495 مكرر الصادرة بتاريخ 26 ذي القعدة 1437 (30 أغسطس 2016)، ص 6447.
  • الظهير الشريف رقم 1.93.29 الصادر بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993)، يتعلق بالتنسيق بين أنظمة الاحتياط الاجتماعي، ج ر عدد 4220، ص 497.
  1. المؤلفات:
  • لطيفة جبران، “أنظمة التقاعد بالمغرب : الواقع وآفاق الإصلاح – دراسة معمقة على ضوء آخر المستجدات”، دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط، الطبعة الأولى 2020.
  1. الأطاريح:
  • هودى لمخلخل “إصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب”، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس الرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، السنة الجامعية 2021-2022.

    التقارير:

  • التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2019 – 2020، منشور بالجريدة الرسمية عدد 7073مكررالصادرة بتاريخ 11 شعبان 14) 1443 مارس 2022 (.
  • التقرير السنوي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد سنة 2017.
  • تقرير اللجنة التقنية لإصلاح أنظمة التقاعد سنة 2010.
  • تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول الصندوق المغربي للتقاعد سنة 2017.
  • تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول منظومة التقاعد سنة 2013.
  • رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول مشروعي قانونين بشأن نظام المعاشات المدنية، الإحالة رقم 10/4201.

    Ouvrage français:

  • BETTIOUI RACHID«Le financement de la retraite au Maroc», mémoire pour l’obtention du Master Spécialise en Économie, Université Mohammed V Agdal, Rabat, Mars 2011.
  • COMMISSION TECHNIQUEE DE LA REFORME DES REGIMES DE RETRAITE»Réforme des régimes de retraite«, Rapport 2007.
  • HAUT COMISSARIAT AU PLAN «Prospective Maroc 2030 – Quelle démographie ? ».


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى