الاغتصــاب – دراسة للجريمة من المنظور القانوني والواقع العملي – الدكتورة : آمنــة سميـــع أستاذة باحثةكلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعيةجامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء
الاغتصــاب – دراسة للجريمة من المنظور القانوني والواقع العملي –
Rape -A study of crime from a legal and practical standpoint.
الدكتورة : آمنــة سميـــع
أستاذة باحثة
كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية
جامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء
الاغتصــاب – دراسة للجريمة من المنظور القانوني والواقع العملي –
Rape -A study of crime from a legal and practical standpoint.
الدكتورة : آمنــة سميـــع
أستاذة باحثة
كلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية
جامعة الحسن الثاني- الدار البيضاء
الملخص
إذا كانت العلاقة الجنسية بين الرجل و المرأة ضرورة جسدية ونفسية و اجتماعية حفظا للنسل من الاندثار ، فإن هذه العلاقة أوجد لها الشارع قبل المشرع إطارا تمارس في نطاقه ،إذ أن أي خروج عن هذا النطاق يزج بطرفي العلاقة إلى دائرة الممنوع شرعا وقانونا ، هذا النطاق هو مؤسسة الزواج ، و حتى داخل هذه المؤسسة يجب سيادة المودة و الرضا في الممارسة الجنسية . إلا أن ما يؤاخذ على التشريع المغربي ـ و معه الفقه ـ أنه ينفي قيام أي جريمة في حالة إكراه الزوج للزوجة على المعاشرة الجنسية ولا يقرر قيام الجريمة ـ و هي هنا جريمة الاغتصاب ـ إلا في حالة انعدام العلاقة الزوجية و إكراه المرأة ماديا أو معنويا على الاتصال الجنسي من طرف الرجل ، بل إن هذه الجريمة تقوم متى كان هناك إكراه على الاتصال الجنسي بين الخليل و الخليلة رغم تواجدهما في نطاق علاقة غير شرعية .
أمام هذه المفارقة القانونية ، سنحاول في هذا المقال الوقوف عند جريمة الاغتصاب ـ نظرا لما ترتبه من أضرار مادية جسدية و معنوية في حق الضحية ،و كذلك من أضرار اجتماعية في حق المجتمع ـ و ذلك من خلال مناقشة أركان هذه الجريمة و تقييم مدى نجاعة العقوبة المقررة لها بنص التشريع في تحقيق الردع الخاص والردع العام انطلاقا من العمل القضائي في الموضوع ،مع بيان مدى وجوب تدخل المشرع بهذا الخصوص .
Article Summary
If the sexual relationship between a man and a woman is a physical, psychological, and social necessity in order to save the offspring from extinction, then this relationship has been created by the legislator before the legislator, a framework to be practiced within its scope, because any deviation from this scope brings the two parties of the relationship into the circle of what Sharia and law prohibit.
This scope is the institution of marriage, and even within this institution, affection and consent must prevail in sexual practice.
However, what is to be blamed on the Moroccan legislation – and with it the jurisprudence – is that it denies the occurrence of any crime in the case of the husband’s coercion of the wife to have sexual intercourse and does not determine the crime – which here is the crime of rape – except in the case of the absence of the marital relationship and the financial or moral coercion of the woman to communicate Sexual intercourse on the part of the man.
The institution of marriage falls within this scope, and even within this institution, affection and consent must prevail in sexual practice.
However, the Moroccan legislation – and thus the jurisprudence – is to blame for denying the occurrence of any crime in the case of the husband’s coercion of the wife to have sexual intercourse and does not determine the crime – which in this case is the crime of rape – except in the absence of the marital relationship and the man’s financial or moral coercion of the woman to communicate Sexual intercourse.
This crime occurs whenever there is compulsion to have sexual intercourse between the boyfriend and the concubine, even if they are in an illegal relationship.
In the face of this legal paradox, we will attempt to stand at the crime of rape – given the material and moral harm it causes the victim, as well as the social harm it causes society – by discussing the elements of this crime and evaluating the efficacy of the prescribed punishment in this article. It contains the text of legislation based on judicial work to achieve private and general deterrence, as well as an indication of the extent to which the legislature must intervene in this regard.
مقدمة
ذهب المشرع المغربي في تعريفه للاغتصاب في الفصل 486 من القانون الجنائي() إلى أنه هو : “مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها”
وهو ذات التعريف الذي قال به الفقه حيث إن الاغتصاب بحسب هذا الأخير هو : “اتصال رجل بامرأة اتصالا جنسيا كاملا دون رضاء صحيح منها() أو هو اتصال الرجل بالمرأة كرها عنها()ودون إرادتها()“.
إلا أن ما يؤاخذ على التعريفات السابقة – ومنها التشريعي – أنها أغفلت عنصر عدم المشروعية في الاتصال الجنسي بين الرجل والمرأة وأنها اقتصرت على بيان ركني المواقعة الجنسية وانتفاء الرضا من جانب المجني عليها .
وعلى ذلڪ، فليتحقق الاغتصاب يجب أن تكون مواقعة الرجل للمرأة مواقعة غير مشروعة() ورغما عنها.
و هذه المؤاخذة تحيلنا على إشكال الموضوع ، فإذا كانت عدم مشروعية الاتصال مع الشروط الأخرى تقوم بها جريمة الاغتصاب ، فهل مشروعية الاتصال مع انتفاء الرضا لا تقوم به هذه الجريمة ، مع العلم أن هذا الفعل أو ذاك كل بشروطه يترتب عنه نفس الأثر الضار على المرأة الضحية .
وانطلاقا مما سبق ، يمكن الوقوف على العناصر المكونة لجريمة الاغتصاب وعلى أركانها (الفقرة الأولى)، لنبين بعد ذلڪ العقوبة التي حددها المشرع لهذه الجريمة سواء في صورتها البسيطة أو المشددة (الفقرة الثانية) ، و الكل مع بيان مدى توفق المشرع الجنائي في وضع إطار قانوني للحد من آثارها السلبية على المجني عليها و على المجتمع انطلاقا من العمل القضائي في الموضوع .
الفقرة الأولى – أركان جريمة الاغتصاب :
تتمثل أركان جريمة الاغتصاب في :
- أولا – الركن المادي : المواقعة غير الشرعية للأنثى بدون رضاها.
-
ثانيا – الركن المعنوي : القصد الجنائي.
يستلزم بيان الركن المادي في جريمة الاغتصاب الوقوف على عناصره والمتمثلة في مواقعة المرأة، ثم ألا تكون هذه المواقعة في نطاق الشرعية، وأخيرا أن ينعدم رضاء المرأة بهذه المواقعة.
1. مواقعة الرجل للمرأة :
قبل بيان هذا الشرط من شروط الاغتصاب نشير إلى أن جريمة الاغتصاب لا تحدث
إلا من رجل على امرأة، وهذا يعني اختلاف طرفي الاتصال الجنسي من حيث جنس كل منهما، وعلى ذلڪ إذا اتحد الجاني والمجني عليه في الجنس فلا تقوم جريمة الاغتصاب().
ونعود للمواقعة ، إذ يقصد بها اتصال الرجل بالمرأة اتصالا طبيعيا، ويتحقق هذا الوقاع بإيلاج الجاني عضو التذكير في المكان المعد له في المرأة أي الفرج وليس الدبر()، لأن هذا الأخير لا يعد اتصالا جنسيا مألوفا.
كما أن كل فعل لا يصل إلى الاتصال الجنسي الكامل المألوف لا يعد وقاعا، ومن ذلڪ المقدمات التي تنطوي عليها عملية الممارسة الجنسية كتعرية الجاني للمرأة أو العبث بجسمها
أو وضع قضيبه بين ثدييها أو في فمها().
كما لا يقوم الاغتصاب إذا لم يقم الجاني بإيلاج قضيبه في فرج المرأة ، وإنما وضع أصبعه
أو أي شيء آخر().
كما لا يتوافر الاغتصاب إذا قام الجاني بحڪ قضيبه في فرج المجني عليها من الخارج ولو أمنى ما دام الأمر لم يصل إلى حد الإيلاج()، وعلى العكس من ذلڪ يتحقق الاغتصاب متى تم الإيلاج ولو ولم يحدث إمناء من الجاني().
ويلزم لتمام الوقاع أن يكون بين رجل وامرأة حيث إن الرجل يكون فاعلا أصليا في هذه الجريمة، غير أن المرأة قد تكون شريكة له متى حرضت الجاني أو اتفقت معه أو ساعدته على مواقعة امرأة أخرى بغير رضاها.
ويشترط في الفاعل الأصلي – الرجل – أن يكون قادرا على الاتصال الجنسي، فلا تقع الجريمة أو الشروع فيها ممن ليس له القدرة عليه إما لصغر سنه أو لمرض فيه، لأن الاغتصاب يكون مستحيلا وإن عد ذلڪ جريمة هتڪ عرض().
كما يجب أن يكون الوقاع على امرأة حية مطيقة له لا على امرأة ميتة، لأن الفسق بالأموات لا تقوم به جريمة الاغتصاب لفقدانهن الحرية الجنسية موضوع الحماية، وإن أمكن أن تتحقق به جريمة انتهاڪ حرمة القبور متى توفرت أركانها().
كما لا تقوم جريمة الاغتصاب إذا تمت المواقعة عقب قتل المرأة ولو كان القتل قد ارتكب لهذا الغرض().
2. ألا يكون الاتصال في نطاق شرعي :
تكون المعاشرة الجنسية مجرمة متى وقعت خارج نطاق الشرعية أي خارج نطاق عقد الزواج .
والعبرة بالزواج الذي يبيح الاتصال الجنسي بين طرفيه، وهو الزواج الصحيح أي الزواج الذي تتوفر فيه شروط وأركان الانعقاد والصحة حسب ما تقرر ذلڪ المواد من 10إلى 13 من مدونة الأسرة.
أما الزواج الذي يفقد شرطا من شروط الانعقاد – وهو الزواج الباطل – أو شرطا من شروط الصحة – وهو الزواج الفاسد – فلا تحل المعاشرة الجنسية بين الرجل والمرأة، وأي إرغام للمرأة فيهما على معاشرة الرجل جنسيا من طرفه يشكل جريمة اغتصاب()، على خلاف الزواج الصحيح الذي لا يشكل فيه هذا الإرغام أي جريمة()، شرط ألا يترتب على ذلڪ استعمال القوة مع الزوجة لمواقعتها أي جروح أو إصابات، وإلا قامت مسؤولية الزوج الجنائية عما أحدث بها من أضرار()، ونفس الحكم يسري في حالة الطلاق الرجعي، إذ مواقعة الزوجة ولو كرها أثناء عدتها من طلاق رجعي لا يعد اغتصابا بل مراجعة لها(). أما إذا كان الطلاق بائنا بينونة صغرى أو كبرى، أو أصبح كذلڪ بانقضاء العدة بدون مراجعة، فإن مواقعة الرجل لمطلقته بدون رضاها يشكل جريمة اغتصاب.
ونتساءل في إطار المواقعة غير المشروعة عن حكم مواقعة الخليل لخليلته كرها عنها ؟
يتفق الفقه() على أن مواقعة الخليل لخليلته بغير رضاها هو اغتصاب ولو كانت تعاشره معاشرة الأزواج.
و هنا نقف عند هذا الركن لقيام الجريمة ، لماذا تقوم هذه الجريمة في حالة المواقعة خارج إطار الزواج ـ خاصة إذا كان هناك تعاف و معاشرة بين طرفي العلاقة ـ و لا تقوم إذا تم الإكراه داخل مؤسسة الزواج ؟ خاصة أن هذا الإكراه قد يصل إلى العنف مع ما يرتبه هذا الأخير من أضرار مادية كالجروح أو الخدوش ….أو أضرار نفسية على الزوجة قد تصل حد الأمراض النفسية خاصة الاكتئاب ، أ لم يكن حريا بالمشرع حماية المرأة الزوجة في هذه الحالة ؟
3. عدم الرضا بالمعاشرة الجنسية :
تكون المجني عليها غير راضية بالمعاشرة الجنسية إذا لم تتجه إرادتها إلى قبول الاتصال الجنسي، فانعدام الرضا هو المكون الأساسي الذي لا تقوم جريمة الاغتصاب بدونه، إذ أن قبول المرأة للمعاشرة الجنسية خارج النطاق الشرعي ينفي عن الفعل وصف الاغتصاب، بل يكون جريمة فساد أو خيانة زوجية متى كان أحد الطرفين أو كلاهما متزوجا.
وقد حرص المشرع المغربي على التأكيد على هذا العنصر عندما نص في قانونه الجنائي على ما يلي : “الاغتصاب هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها”.
وينعدم رضا المجني عليها بأي وسيلة من شأنها أن تسلبها إرادتها، وذلڪ وفق ما جاء في قرار لمحكمة الاستئناف بمراكش()، حيث قضى “بأن انعدام إرادة المجني عليها لا يوجب بالضرورة أن يستعمل الجاني القوة المادية لجبر الضحية على ممارسة الجنس، بل يتحقق بإتيانه أي وسيلة من شأنها أن تسلبها إرادتها”.
وعلى ذلڪ، فإن رضا المجني عليها ينعدم متى أكرهت على المعاشرة الجنسية من طرف الجاني إكراها ماديا أو معنويا.
ويتحقق الإكراه المادي باستخدام الجاني أساليب العنف والقوة على جسم المرأة مما يعدم إرادتها ويشل مقاومتها له، ومما يحملها على الخضوع والاستسلام لرغبته بعد أن لم تبق لها أي فرصة للتروي أو التفكير.
وقد تستخلص المحكمة الإكراه المادي، وبالتالي انعدام رضا المرأة من أفعال المقاومة التي تواجه بها هذه الأخيرة الجاني، وفي هذا الصدد ذهبت محكمة النقض() إلى القول بأن محكمة الاستئناف تكون قد عللت قرارها تعليلا كافيا حين أيدت الحكم الابتدائي الذي استخلص انعدام الرضا من اعتراف المتهم بممارسة الجنس مع الضحية رغم رفضها لذلڪ، ومحاولتها الفرار ومقاومتها له بعضه.
ويترتب الإكراه المادي بمجرد أن يرتب أثره في إعدام رضا المرأة ومصادرة حريتها الجنسية بغض النظر عن الآثار الجسدية كالجروح التي يمكن أن تترتب على العنف الذي يعد وسيلة للإكراه المادي.
ومن ثمة، فإن القاضي ملزم بأن يثبت أثر الإكراه المادي على إرادة المرأة للقول بقيام جريمة الاغتصاب.
أما الإكراه المعنوي فيكون عن طريق التهديد بإلحاق الأذى بجسم المجني عليها أو بمالها
أو بسمعتها وذلڪ على نحو يضطرها لقبول الاتصال الجنسي بالجاني، ويشترط في الإكراه المعنوي أن يكون الأذى المهدد به حالا().
ولا يشترط في الإكراه معنويا كان أو ماديا أن يظل قائما طيلة ارتكاب الجريمة، بل يكفي أن يكون الطريق الموصل إلى ارتكابها، لأنه بذلڪ يكون قد أحدث أثره في تحقيق النتيجة المستهدفة منه وهو معاشرة المرأة رغما عنها()..
وقد أكدت محكمة النقض المصرية هذا الأمر حيث قضت بأنه : “ليس من الضروري لتكوين جريمة وقاع أنثى بغير رضاها أن يكون الإكراه مستمرا وقت الفعل، بل يكفي أن يكون المتهم قد استعمل الإكراه ماديا أو معنويا بطريقة كافية للتغلب على مقاومة المجني عليها، فإذا فقدت الأنثى قواها وأصبحت لا تستطيع المقاومة فالأركان القانونية للجريمة متوفرة”().
وكما ينعدم الرضا بالإكراه، فإنه ينعدم بالمباغتة، والتي تتم من خلال استغلال الجاني لظروف قائمة على نحو يتيح له مواقعة أنثى دون رضاها()، من ذلڪ طبيب النساء الذي يجري الكشف على امرأة ثم يفاجئها على غفلة ويواقعها(). وينعدم الرضاء كذلڪ متى انعدم التمييز.
وينعدم تمييز المرأة متى كانت مجنونة، لأن الجنون يفقد المرأة القدرة على فهم ماهية الفعل المرتكب عليها، أما إذا ارتكب عليها الفعل وهي في حالة إفاقة من جنون متقطع ورضيت بفعل الوقاع، فإن جريمة الاغتصاب لا تقوم.
كما ينتفي رضاء المجني عليها متى كانت في حالة سكر سواء كان هذا السكر اختياريا بأن تناولت المخدرات بإرادتها أو غير اختياري بأن قام الجاني بإسكارها بغرض مواقعتها أو لغرض آخر، إذ تقع الجريمة هنا متى فقدت التمييز والإدراڪ().
وقد أخذت محكمة النقض() بتخدير المجني عليها كأحد الأسباب التي تعدم الرضا لديها حينما قضت بأن قرار محكمة الاستئناف يكون معللا تعليلا مقبولا ومنسجما مادامت قد قامت ببيان الأسباب الواقعية والقانونية التي كونت منها قناعتها، وأبرزت بشكل كاف عنصر انعدام الرضا من خلال مواقعة الطاعن للضحية أثناء علاجها بالرقية الشرعية بعد تخديرها.
وما دمنا نناقش انعدام الرضا بسبب عدم التمييز، فإننا نتساءل عن رضا الصغيرة هل
هو منعدم ؟ أم هو رضاء يعتد به فلا تقوم الجريمة ؟
لا شڪ أن صغر السن يعد سببا من أسباب انعدام الرضا، وبذلڪ فإن رضا الصغيرة بالمواقعة لا يعتد به.
ويرى البعض() أنه يجب التفرقة في هذا الخصوص بين الصغيرة المميزة والصغيرة غير المميزة، ذلڪ أن غير المميزة لا رضاء لها مطلقا، أما الصغيرة المميزة ، فإن رضاءها معتبر لمقدرتها على التمييز بين النافع والضار من الأفعال وإلا كان تمييزها ناقصا، وبالتالي تنتفي جريمة الاغتصاب متى رضيت بالمواقعة.
إلا أننا لا نتبنى هذا الرأي، بل إن الصغيرة مطلقا لا يعتد برضاها سواء كانت مميزة أو غير مميزة.
هذا فيما يتعلق بانعدام الرضا، فماذا عن الرضا المعيب ؟
لا شڪ أن الرضا يكون معيبا متى شابه تدليس أو غلط، إذ أن رضا المرأة بالمواقعة يكون سببه الغلط في شخص الجاني أ و الغلط في صفته في إتيان الفعل. ومثال ذلڪ بالنسبة للحالة الأولى أن تستسلم المرأة للجاني ظنا منها أنه زوجها، وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض المصرية() بأنه “«متى كانت المواقعة الثابتة هي أن المتهم إنما توصل إلى مواقعة المجني عليها بالخديعة بأن دخل سريرها على صورة ظنته معها أنه زوجها، فإنها إذا كانت قد سكتت تحت هذا الظن، فلا تأثير لذلڪ على توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 267/1 من قانون العقوبات».
أما بالنسبة للحالة الثانية هو أن تستلم المرأة للجاني ظنا منها أن من حقه مباشرة الصلة الجنسية معها.
وفي هذا الخصوص قضت محكمة النقض المصرية () بأنه «إذا طلق الرجل زوجته طلاقا مانعا من حل الاستمتاع، وكتم عنها هذا الطلاق عامدا، وثبت بطريقة قاطعة أنها عند المواقعة كانت جاهلة تمام الجهل بسبق وقوع الطلاق المزيل للحل، وثبت قطعا ذلڪ أنها لو كانت علمت بالطلاق لامتنعت عن الرضا له كان وقاعه إياها حاصلا بغير رضاها، وحق عليه العقاب».
وإضافة إلى ما سبق فإن جريمة الاغتصاب تقوم متى تم الاتصال بالمرأة جنسيا وهي في حالة عجز عن التعبير عن إرادتها أو عن المقاومة بأن كانت في حالة نوم أو إغماء أو إعياء شديد أو مرض().
وفي هذا الصدد قضى المجلس الأعلى () بأن «ممارسة الجنس على الضحية في حالة الإغماء بعد استدراجها بالتهديد هي مواقعة بدون رضا الضحية مما يشكل جناية الاغتصاب».
ونظرا لما لركن انعدام الرضا من أثر في قيام جريمة الاغتصاب، فإن المحكمة التي تقضي بإدانة المتهم في هذه الجريمة دون بيان للعناصر التي استخلص منها هذا الركن – انعدام الرضا – يكون حكمها عرضة للنقض.
وفي هذا الخصوص قضت محكمة النقض() بإبطال ونقض قرار محكمة الموضوع التي قضت بقيام الجريمة رغم أن تصريحات الضحية لم تكن معززة بالدليل المادي الذي يؤكد عدم الرضا المعتبر كركن أساسي في جناية الاغتصاب.
وللإشارة – في ختام انعدام الرضا – تثار حديثا مسألة الخبرة الجينية حيث إن بعض المحاكم اعتمدتها كوسيلة لقيام جريمة الاغتصاب، لكن محكمة النقض ذهبت إلى نقض هذه الأحكام إذ تؤكد أن انعدام الرضا لا يمكن أن يستخلص من الخبرة الجينية حيث قضت بما يلي(): «لئن كان عنصر عدم الرضا يشكل الركن المادي المكون لجناية الاغتصاب، فإن إلغاء المحكمة للقرار الابتدائي القاضي بالبراءة وحكمها من جديد بالإدانة استنادا على الخبرة الجينية التي أفادت أن الطفل من صلب الفاعل خلافا لإنكاره المتواتر يجعل ما انتهت إليه الخبرة مثبتا للعلاقة الجنسية ولا يعتبر حجة أو دليلا على استعمال العنف لجبر المشتكية على ممارسة العلاقة الجنسية معها».
وقد سبق للمجلس الأعلى() أن أكد الأمر نفسه حين قضى بأن “الخبرة الجينية لوحدها في حالة الأمر لا تكفي لإثبات قيام جريمة الاغتصاب أمام عدم ثبوت العناصر الواقعية لقيامها”.
الأمر نفسه أكدته محكمة الاستئناف بالجديدة() حيث قضت بأنه «إذا كانت الخبرة الجينية دليلا يثبت الممارسة الجنسية على الضحية من قبل المتهم ، فإنها ليست دليلا على جريمة الاغتصاب التي تتطلب توفر عنصر الإكراه».
ثانيــــا – القصــــد الجنائـــــي :
يتوفر القصد الجنائي العام لدى الجاني متى أقدم على ارتكاب جريمة الاغتصاب وذهنه منصرف إلى إتيانها بعناصرها المكونة لها.
وعلى ذلڪ، فللقول بوجود القصد الجنائي يجب أن يتوفر العلم لدى الجاني بأن ما يقوم به من ممارسة جنسية مع المرأة التي لا تحل له ومن دون رضاها هي ممارسة غير مشروعة().
أما إذا اعتقد شرعية هذه الممارسة بأن ظن خطأ أنه يواقع أنثى تحل له من غير رضاها، فإن القصد الجنائي يكون غير متوفر كمن يظن خطأ أنه يعاشر زوجته المطلقة رجعيا أثناء فترة العدة وكانت عدتها قد انتهت أو كمن يجهل بطلان عقد الزواج الذي يربطه بالمجني عليها .
وإضافة إلى عنصر العلم، فإن الجاني يجب أن تتوفر لديه الإرادة لمواقعة المرأة بغير رضاها.
ومتى توفر عنصر العلم والإرادة، فإن القصد الجنائي يكون قائما وتقوم تبعا لذلڪ جريمة الاغتصاب.
وبالعكس من ذلڪ، لا تقوم هذه الجريمة متى كانت إرادة الجاني غير حرة بأن كان مكرها على ارتكاب هذه الجريمة.
وللإشارة، فإن جريمة الاغتصاب تقوم ولو كان الباعث على ارتكابها حسنا فيما لو واقع الجاني المرأة كرها عنها لحملها على الزواج منه أو واقع مطلقته في الطلاق البائن بنية الحرص على جمع شمل الأسرة من جديد.
وما دام الباعث ليس عنصرا في القصد الجنائي فإن الحكم لا يكون معيبا متى أغفل ذكر الباعث الدافع إلى الاغتصاب، بل إن الحكم يعيبه الخطأ في بيان هذا الباعث كذكر باعث غير ذلڪ الذي اتضح لمحكمة الموضوع من وقائع الدعوى().
وتوافر القصد الجنائي في الجريمة أو عدم توافره مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ولا رقابة عليها فيه من محكمة النقض متى كان الاستخلاص سليما.
بقي أن نشير إلى أن المحكمة في قضائها بالإدانة ملزمة ببيان أركان جريمة الاغتصاب ليكون حكمها قائما على أساس وإلا كان ناقص التعليل أو عرضة للنقض(). وفي هذا الصدد قضت محكمة النقض() بأن «المحكمة أبرزت بشكل واضح عناصر جناية الاغتصاب كما هو منصوص عليها في المادة 486 من القانون الجنائي عندما اعتمدت على اعتراف المتهم التمهيدي الذي أكد من خلاله أنه أمر الضحية بممارسة الجنس معه، وعلى شهادة الضحية التي أفادت أمام المحكمة أن المتهم مارس عليها الجنس دون رضاها، هذا فضلا عن إبراز القرار المطعون فيه لظرف التعدد المستفاد من كون الضحية تعرضت للاغتصاب من طرف المتهمين الأول والثاني الذي علق مساعدته للضحية في الهروب على شرط أن ترضخ لرغبته في ممارسة الجنس معه، وهو ما اضطرها إلى قبول العرض مما يثبت معه بوضوح انتفاء الرضا مما يكون قضاؤه مرتكزا على أساس».
كما قضت ذات المحكمة () بأن «عدم إبراز العناصر التكوينية لجناية الاختطاف والاغتصاب وعدم وجود أدلة كافية يجعل قرار المحكمة القاضي بالإدانة ناقص التعليل خاصة وأن تصريحات الضحية لا تعتبر حجة ودليلا على ثبوت الأفعال موضوع المتابعة في حق المتهم».
-
المشاركة في جريمة الاغتصاب :
تتم المشاركة في جريمة الاغتصاب متى أتى المشارڪ (رجلا أو امرأة) أحد الأفعال الواردة في الفصل 129 ق.ج وهي :
– القيام بأمر أو تحريض الجاني على مواقعة أنثى بغير رضاها (فقرة 1 ف 129 ق.ج).
– التقديم عن علم للوسيلة التي تستعمل للجريمة (فقرة2، ف 129 ق.ج)، كتقديم مادة مخدرة للجاني أو سلاح يستعين به في تهديد المجني عليها.
– المساعدة عن علم للمغتصب في الأعمال التحضيرية والمسهلة لارتكاب الجريمة (الفقرة 3، ف 129 ق.ج)، كاستدراج الضحية إلى المكان الذي سترتكب فيه الجريمة.
– التعود على تقديم ملجأ للجناة يمارسون فيه العنف ومنه الاغتصاب ضد الأشخاص (فقرة 4، ف 129 ق.ج).
الفقرة الثانية – عقوبة جريمة الاغتصاب :
سنقوم ببيان العقوبة التي حددها المشرع لجريمة الاغتصاب البسيط (أولا)، ثم نبرز (ثانيا) العقوبة المخصصة لجريمة الاغتصاب المشددة، ونتعرض أخيرا لعقوبة محاولة هذه الجريمة (ثالثا).
أولا – عقوبة الاغتصاب البسيط :
الاغتصاب البسيط هو ذلڪ النوع من الاغتصاب الذي لا يرتبط بظروف مشددة تفصح عن جسامة الجريمة أو خطورة فاعلها().
وبمقتضى الفصل 486 ق.ج المغربي، فإن الجاني في جريمة الاغتصاب البسيط يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات.
تشدد عقوبة الاغتصاب إما لصفة في المجني عليها أو لصفة في الجاني، أو بسبب ظروف ارتكاب الجريمة.
1. تشديد عقوبة الاغتصاب بسبب صفة في المجني عليها :
حسب الفقرة الثانية من الفصل 486 ق.ج، فإن عقوبة الاغتصاب تشدد فتصبح السجن من عشر إلى عشرين سنة متى كان سن المجني عليها يقل عن ثمانية عشرة سنة، أو كانت عاجزة أو معاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملا.
2. تشديد عقوبة الاغتصاب بسبب صفة الجاني :
تشدد عقوبة الاغتصاب فتصبح من عشر سنوات إلى عشرين سنة (فقرة 5 ف. 487 ق.ج)() أو من عشرين سنة إلى ثلاثين سنة (فقرة 6 ف.487 ق.ج)() :
– إذا كان الجاني من أصول المجني عليها، وهم من تناسلت منهم تناسلا حقيقيا، فلا يدخل منهم الأب أو الجد بالتبني().
وهكذا، فالأصول هم : الأب والجد وإن علا سواء كان والد الأب أو والد الأم.
– إذا كان الجاني له سلطة على المجني عليها سواء كانت هذه السلطة قانونية أو فعلية مادامت تجعله يتمتع بنفوذ قانوني أو أدبي على المجني عليها.
ومن تطبيقات السلطة القانونية سلطة رب العمل على عاملاته، أما السلطة الفعلية فهنا كسلطة زوج الأم على بناتها المقيمات معه.
– إذا كان الجاني وصيا على المجني عليها .
– إذا كان الجاني خادما عند المجني عليها أو عند أحد الأشخاص السالف ذكرهم، حيث إن العقوبة تشدد سواء كان الجاني خادما لدى المجني عليها أو لدى من تقدم ذكرهم من أصولها أو الوصي عليها أو ممن لهم سلطة عليها.
– إذا كان الجاني موظفا دينيا أو رئيسا دينيا.
وعلة التشديد بسبب الصفات السالفة في الجناة أن هؤلاء الأخيرين لم يراعوا ثقة المجني عليها فيهم، بل خانوا هذه الثقة التي لولاها لما تيسر لهم ارتكاب الجريمة.
ثم إن هؤلاء منوط بهم حماية المجني عليها وصيانة عرضها لذلڪ يجب أن يكون عقابهم أشد لخيانتهم الأمانة.
ونرى أن المشرع الجنائي يجب أن يتدخل بتشديد عقوبة الاغتصاب في حق من يتولى تربية المجني عليها أو تعليمها، خاصة مع ازدياد جرائم الاغتصاب المرتكبة من طرف المعلمين على تلميذاتهم.
3. تشديد عقوبة الاغتصاب بسبب ظروف ارتكاب الجريمة:
تشدد عقوبة الاغتصاب بسبب ظروف ارتكاب هذه الجريمة فتصبح كما يلي :
– الإعدام : وذلڪ متى استعمل الجاني وسائل التعذيب أو أفعالا وحشية لتنفيذ جريمته وذلڪ بحسب ما قرره الفصل 399 ق.ج والذي جاء فيه : «يعاقب بالإعدام كل من يستعمل وسائل التعذيب أو يرتكب أعمالا وحشية لتنفيذ فعل يعد جناية».
– السجن من عشر إلى عشرين سنة ()، أو من عشرين إلى ثلاثين سنة().
وذلڪ :
-
متى استعان الجاني في اعتدائه على المجني عليها بشخص أو بعدة أشخاص (فقرة 6
ف 487 ق.ج).
- متى نتج عن الجريمة افتضاض بكارة المجني عليها().().
-
الاغتصاب بالتعدد : وذلڪ بأن يمارس الاغتصاب على الضحية من طرف أكثر من شخص، وقد قضت محكمة النقض() بخصوص ظرف التعدد في الاغتصاب بأنه “يكون ظرف التعدد متوافرا عندما تعرضت الضحية للاغتصاب من طرف المتهم الأول الذي أرغمها على ممارسة الجنس معه، والمتهم الثاني الذي علق مساعدته للضحية في الهروب على شرط أن ترضخ لرغبته في ممارسة الجنس معه، وهو ما اضطرها إلى قبول عرضه وهو ما يثبت بوضوح انتفاء الرضا”.
ثالثا – عقوبة محاولة الاغتصاب :
حسب الفصل 114 ق.ج يكون الشخص محاولا لارتكاب جناية إذا بدأ بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها إذا لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها.
وبذلڪ، فالشخص يكون محاولا لارتكاب جريمة الاغتصاب متى بدأ بتنفيذها أو قام بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها، ومتى انعدم العدول الإرادي عن ارتكاب الجريمة.
وبالنسبة للبدء في التنفيذ، فإننا نرى مع أستاذنا “عبد الواحد العلمي”() أن محاولة الاغتصاب بالبدء في التنفيذ لا تتصور، ذلڪ أن الرجل الذي يبدأ في مواقعة المرأة بدون رضاها ولو بإدخال أي جزء من عضوه التناسلي في فرجها يكون قد ارتكب الجريمة التامة. أما المحاولة بإتيان الفاعل لأعمال لا لبس فيها وتهدف مباشرة إلى ارتكاب جريمة الاغتصاب فمتصورة ومنها ارتكاب أعمال العنف لحمل المرأة على الاستسلام، تهديد المرأة، إعطاؤها مادة مخدرة.
وقد ذهبت محكمة النقض المصرية() في بيانها لمدى تحقق محاولة الاغتصاب إلى أنه “إذا رفع المتهم المجني عليها بالقوة وأرقدها عنوة، ثم رفع ثيابها وكشف جسمها، وجذب سروالها حتى تمزق في يده وجثم فوقها يحاول مواقعتها بالقوة، فإن ذلڪ مما تتحقق به جريمة الشروع”.
كما قضت بأن قيام المتهم برفع ملابس المجني عليها أثناء نومها وإمساكه برجليها يعد شروعا في وقاع متى اقتنعت المحكمة بأن المتهم كان يقصد إليه لأن هذه الأفعال من شأنها أن تؤدي فورا أو مباشرة إلى تحقيق ذلڪ المقصد()، ولا يكفي لتحقق محاولة الاغتصاب أن يقوم الجاني بأعمال لا لبس فيها تهدف ارتكاب الجريمة، بل يجب أن ينعدم عدوله الإرادي عن إتمام هذه الجريمة أي أن عدوله عن إتمام الجريمة كان لا إراديا.
والعدول غير الإرادي قد يكون لسبب خارجي()، أو يعود للمجني عليها()، أو للجاني().
ويلاحظ في هذا الصدد أن تحديد مسألة العدول الإرادي من العدول الغير إرادي أمر تكتنفه بعض الصعوبات لذلڪ تطبق في هذه الحالة القواعد العامة، فإذا فقد الجاني القدرة على الإيلاج تلقائيا
أو لإمنائه، فالعدول غير إرادي، كذلڪ إذا تعرفت عليه المجني عليها فعدل خشية انتقام أهلها منه، فعدوله اضطراري وليس اختياري، ولكن إذا عدل عن فعله مقابل وعدها له بقبول الاتصال به جنسيا في وقت لاحق، فعدوله إرادي إذا لم يكن ما يحول دون استمراره في فعله(). وطبيعي أنه في حالة عدول الجاني إراديا عن تنفيذ جريمته وبدون تدخل أي سبب أجنبي() فإنه
لا يعاقب(). والمحكمة في تعليلها للإدانة من أجل جناية محاولة الاغتصاب ملزمة بإبراز عناصر المحاولة وإلا كان حكمها ناقص التعليل، وفي هذا الصدد قضى المجلس الأعلى() بأن غرفة الجنايات في حالة الحكم بالإدانة في جناية محاولة الاغتصاب ملزمة بإبراز عناصر المحاولة في وقائع وأحداث القضية، وأن اكتفاءها بالقول بأن الضحية ذهبت مع العارض إلى
الغابة تحت التهديد دون إبراز قصد المحكوم عليه من التوجه بالضحية إلى الغابة يجعل قرارها ناقص التعليل.
كما قضى ذات المجلس() بأن مؤاخذة المحكمة متهمين بجريمة محاولة الاغتصاب من غير أن تبين الأفعال المرتكبة من طرفهما وظروف اقترافها حتى يتمكن المجلس الأعلى أن يتحقق من أن تلڪ الأفعال اجتمعت فيها عناصر محاولة الاغتصاب المنصوص عليها في الفصلين 486 و114 من مجموعة القانون الجنائي بما في ذلڪ الشروع في تنفيذها وعدم توقفها أو عدم حصول الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبها يجعل حكمها ناقص التعليل.
كما قضت محكمة الاستئناف بالرباط() بأن إرغام المتهم الضحية بمرافقته لا يشكل محاولة اغتصاب.
وإذا كان الأمر في العدول الاضطراري يتعلق بالجريمة الموقوفة، فإن محاولة الاغتصاب تقوم بالنسبة لمحاولة هذه الجريمة في صورتها الخائبة وذلڪ إذا ما استنفذ الجاني كل نشاطه الإجرامي بادلا كل ما في وسعه لتحقيق هدفه منه ولكن مسعاه خاب لأسباب لا دخل لإرادته فيها كما لو كانت المجني عليها صغيرة في أعضائها التناسلية مما حال بين الجاني وبين إيلاج قضيبه().
وتعاقب محاولة الاغتصاب بنفس عقوبة جناية الاغتصاب أي من خمس إلى عشر سنوات()، أو من عشر إلى عشرين سنة().() أو من عشرين إلى ثلاثين سنة().
و ختاما ، نشيد بموقف المشرع الجنائي في تعديله لمقتضيات الفصل475 من القانون الجنائي الذي كان يعفي المغتصب حال زواجه من الضحية من العقوبة في اتجاه إقرار العقاب رغم عرض الزواج ، كما ندعو المشرع إلى تجريم فعل وقاع الزوجة رغما عنها و دون رضاها بنص صريح ، و إن كانت مقتضيات الفصل 486 من القانون الجنائي تسعف ضمنيا في القول بهذا التجريم عند تعريف المشرع للاغتصاب حين أقر بأن هذا الأخير هو مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها ولم يشترط في هذه الأنثى أن تكون غير الزوجة،و هو ما عليه الوضع بالنسبة لمجموعة من التشريعات العربية في هذا الإطار كالقانون المصري ( المادة267 من قانون العقوبات ) و القانون الإماراتي ( المادة 670 من التشريع الجنائي الإماراتي ) و القانون الجزائري ( المادة 236 مكرر )، إذ أن هذه التشريعات ـ هي الأخرى ـ رغم عدم نصها صراحة على هذا التجريم ، إلا أنها لم تستثن الزوجة من الحماية ، بل نصت على أن كل اتصال جنسي بأنثى بغير رضاها هو فعل معاقب قانونا ، فتكون بطريقة ضمنية قد أقرت حماية للزوجة .
المراجع والمصادر
باللغة العربية
المراجع العامة
- ـ أحمد أمين : شرح قانون العقوبات الأهلي : القسم الخاص .
- ـ أحمد فتحي سرور : الوسيط في قانون العقوبات : القسم الخاص .
- حسين عبيد جرائم الاعتداء على الأشخاص .
- ـ عمر السعيد رمضان : شرح قانون العقوبات .
- عمر ازوكار : قضاء محكمة النقض في المادة الجنائية .
- محمود مصطفى : شرح قانون العقوبات القسم الخاص ، الطبعة الثانية 1984 .
-
ـ محمود نجيب حسين : شرح قانون العقوبات .
المراجع الخاصة
- ابراهيم أحمد الطنطاوي :جرائم العرض و الحياء العام 1998 .
- عزت عبد القادر : جرائم العرض و إفساد الأخلاق ، دار محمود للنشر و التوزيع 1991 .
- محمد الشحات الجندي : جرائم اغتصاب الإناث في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي ، دار النهضة العربية للطبع و النشر .
-
محمد الطاهر محمد عبد العزيز : جرائم الاعتداء على العرض ، دراسة مقارنة بين الشريعة الإسلامية و القانون الوضعي ، المكتبة العالمية بالمنصورة 1990 .
الأطروحات
محمد فائق الجوهري : المسؤولية الطبية في قانون العقوبات ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة القاهرة .
باللغة الفرنسية
-
Francisque Goyet : Droit pénal spécial 5e éd mis a jour par Rosslot et Palain .
-
René Garraud :Traité théorique et pratique du droit pénal français 3e éd