التعمير كآلية لإرساء العدالة العقارية
Urbanism as a lever for establishing real estate justice
الباحث : ريحان اليازغي،
باحث بسلك الدكتوراه، مختبر الدراسات القانونية والتحول الرقمي
كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
رابط dOI
https://doi.org/10.63585/SKGM5707
ملخص
إذا كان للعقار دور أساسي في مجال التعمير والتخطيط العمراني، فإن وثائق التعمير واليات التخطيط (ومسطرة الاستثناء أيضا)، ينبغي أن تستهدف المواطن. وهو ما يتطلب العمل على التهيئة الجيدة للفضاء العمراني، والحد من التفاوتات المجالية، وتكريس العدالة الاجتماعية، بدل أن تكون هذه الوثائق وسيلة للمضاربة، التي تتنافى مع مصالح المواطنين.
كما يتعين على التعمير أن يكون آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير.
Abstract
If real estate plays a fundamental role in urban development, then urban planning documents and mechanisms (including the exception procedure) should be aimed at the citizen. This requires ensuring proper spatial development, reducing spatial disparities, and promoting social justice, rather than having these documents serve as a tool for speculation, which contradicts the interests of citizens.
Moreover, urban planning should be a mechanism for establishing real estate justice in the distribution of burdens and easements imposed for the public good among landowners, and ensuring a fair distribution of the added value generated by urban planning documents.”
مقدمة:
إن الحديث عن التعمير في غياب الحديث عن العقار الذي يعتبر أساسه وقاعدته، هو حديث لن يفرز لنا سياسة فعالة وناجعة باعتبار أن العقار هو الذي يتحكم عمليا في التعمير لكونه يعتبر بمثابة مادته الأولية. وقد أظهرت التجارب المختلفة أن معالجة مشاكل التعمير لا يمكن أن تتم بمعزل عن معالجة المشاكل العقار، إذ لا يمكن التخطيط لتوسع عمراني رشيد في غياب التخطيط للتحكم في المسألة العقارية، كما لا يمكن أن تؤتي السياسة التعميرية أكلها إلا إذا كانت الدولة تتوفر على ما يكفي من الأراضي. فالسياسات العقارية ذات الوظيفة الاجتماعية تحتاج إلى تطوير في المفاهيم والتصورات بموازاة السياسة التعميرية، لأن هذه الأخيرة هي التي تعمل على وضع الإطار المناسب لتوزيع السكان، والتخطيط لتهيئ مجال نشاطهم الاقتصادي والاجتماعي.[1]
و بالرجوع إلى التقرير التركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب،[2] نجد أنه يشير إلى أن العقار في ارتباطه بالتعمير والتخطيط العمراني وإعداد التراب يعرف إكراهات ومشاكل[3] تكمن أساسا في تعقد المقتضيات القانونية وتعدد الأنظمة العقارية وضعف نسبة الأراضي المحفظة وعدم تحيين الخريطة العقارية، كما أن توقعات وثائق التعمير نادرا ما تأخذ واقع النظام العقاري والتقسيمات العقارية بعين الاعتبار، وهو ما نتج عنه غياب للعدالة العقارية في وثائق التعمير في مجال تخصيص الأراضي للتجهيزات والمرافق العمومية والطرق والمساحات الخضراء، وسوء توزيع القيمة المضافة الناجمة عن فتح العقارات للتعمير، كل هذا يضاف إلى ما خلفه عدم ضبط مسطرة منح الاستثناءات في مجال التعمير من تأثيرات على العدالة العقارية.
وقبل التفصيل أكثر في مظاهر الإخلال بالعدالة العقارية من خلال وثائق التعمير وجبت الإشارة أولا إلى أن الدولة فطنت لضرورة تطبيق مبدأ العدالة العقارية في وثائق التعمير، في دورية الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير رقم 6690 بتاريخ 2 مايو 2003 موجهة إلى السيدات والسادة مديري الوكالات الحضرية والمكلفين بالخلايا الإدارية الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية حول اعتماد المرونة والعدالة العقارية في وثائق التعمير، بحيث جاء فيها ما يلي: ” في إطار تفعيل مفهوم التضامن الاجتماعي والعدالة العقارية ومن أجل مساهمة جميع الملاكين عند اقتراح هذه التجهيزات الأساسية والمرافق العمومية، أطلب منكم الحرص، عند إعداد خيارات التهيئة، على الأخذ بعين الاعتبار الأنظمة وخرائط التقسيمات العقارية، وذلك حتى لا تتعدى المساهمة 30% من مجموع الملكية سواء بالنسبة للملكيات الخاصة أو التابعة للدولة أو الأحباس أو للجماعات المحلية.” [4]
وفي نفس السياق صدرت توجيهات ملكية سامية تدعوا إلى اعتماد العدالة العقارية كمفهوم جديد للتخطيط الحضري يضع المواطن في صلب انشغالاته، بحيث جاء في الرسالة الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية للسياسة العقارية ما يلي: ” إذا كان للعقار دور أساسي في مجال التعمير والتخطيط العمراني، فإن وثائق التعمير واليات التخطيط، ينبغي أن تستهدف المواطن. وهو ما يتطلب العمل على التهيئة الجيدة للفضاء العمراني، والحد من التفاوتات المجالية، وتكريس العدالة الاجتماعية، بدل أن تكون هذه الوثائق وسيلة للمضاربة، التي تتنافى مع مصالح المواطنين. كما يتعين على التعمير أن يكون آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير.”[5]
وهذا يعني أنه يتعين على السلطات سواء كانت عمومية أو منتخبة أن توزع التحملات والموانع المقررة في وثائق التعمير بالتساوي بين المواطنين بعيدا عن المجاملة والمحاباة، غايتها تحقيق المصلحة العامة لا البحث عن الاغتناء غير المشروع أو تحقيق مأرب سياسية.[6]
ومما تجدر الإشارة إليه أيضا أن موضوع العدالة العقارية كان محل تداول داخل قبة البرلمان في سؤال كتابي تم التقدم به من طرف أحد النواب بخصوص تطبيق مبدأ العدالة العقارية على مستوى تصميم تهيئة مدينة طنجة، وجاء رد الحكومة كما يلي: ” بخصوص مشروع تصميم تهيئة مدينة طنجة، يتعين الإشارة إلى أن إعداد هذه الوثيقة قد أخد بعين الاعتبار مبدأ العدالة العقارية قصد المستطاع، دون المساس بالخيارات الجوهرية للتهيئة، بالنظر للوضعية العقارية الناتجة عن التقسيمات المتتالية التي لا تمكن من إنتاج نسيج حضري مندمج ومنتج ومستدام في مستوى تطلعات هذا الفضاء المتروبولي الهام، إذ أن أزيد من 50 % من التعرضات المدونة بسجل البحث العلني هي ذات مساحة صغيرة. وبهذا الخصوص تعمل الوزارة على تفعيل مضامين البرنامج الحكومي المتعلق بمجال تدخلها، إذ تعمل على أسس سياسة حضرية متجددة، قوامها فيما يتعلق بوثائق التعمير وآليات التخطيط العمراني التهيئة الجيدة والمستدامة للفضاء العمراني والحد من التفاوتات المجالية وتكريس العدالة الاجتماعية، بجعل التعمير آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة عن وثائق التعمير.
كما تعمل الوزارة على إعداد دراسة استراتيجية حول تدبير العقار سيتم تعميم خلاصاتها في غضون الأسابيع القادمة مما سيمكن لا محالة من مباشرة بعض الأوراش الإصلاحية الكبرى وخاصة تلك المرتبطة بمجال تدخلها من قبيل اقتراح آليات عملياتية لاسترجاع زائد القيمة الناتج عن التعمير لتمويل الاقتناءات العقارية وأشغال إنجاز البنيات والتجهيزات التحتية الضرورية كما هو معمول به في العديد من الدول فضلا عن وضعها دليل جديد لبرمجة المرافق العمومية والمرافق الخاصة ذات النفع العام بهدف ترشيد استغلال العقار وخفض الكلفة الإجمالية للاقتناءات دون المساس بجودة الفضاءات العمومية.”[7]
وعليه فإن كانت الدولة بمختلف مكوناتها واعية بأهمية هذا المبدأ، فإن إشكالية الموضوع تتمثل في إلى أي حد استطاعت سياسة التعمير في تحقيق مبدأ العدالة العقارية من خلال وثائق التعمير ومسطرة الاستثناء؟
تتفرع عن هذه الاشكالية مجموعة من الأسئلة:
- ما مظاهر الإخلال بالعدالة العقارية من خلال وثائق التعمير؟
- ما أسباب تراجع دور التعمير في إرساء العدالة العقارية؟
- ما هي تداعيات مسطرة الاستثناء على العدالة العقارية؟
- ما التدابير الكفيلة بجعل التعمير كآلية لإرساء العدالة العقارية؟
إن الاجابة عن إشكالية الموضوع تقتضي إبراز مظاهر تراجع التعمير في إرساء العدالة العقارية وذلك عبر دراسة انعكاسات وثائق التعمير على العدالة العقارية (المطلب الأول)، ثم التأثيرات المترتبة في مجال التعمير على العدالة العقارية. (المطلب الثاني)
المطلب الأول: انعكاسات وثائق التعمير على العدالة العقارية:
من الطبيعي أن يكون لسياسة التعمير تأثير على الملكية العقارية، لكن من غير الطبيعي أن يكون لهذه السياسة تأثير على العدالة العقارية وعلى التوزيع العادل للأعباء والارتفاقات ولفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير، لكن على ما يبدو فبالرغم من وعي الحكومة بأهمية هذا المبدأ إلا أنها لازالت غير قادرة على تجسيده من خلال وثائق التعمير، ويكفي للتدليل على ذلك اعتماد تصميم التهيئة كنموذج لإبراز مظاهر الإخلال بالعدالة العقارية (الفقرة الأولى)، وهذا راجع لمجموعة من الأسباب المتداخلة التي سنعمل على توضيحها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: وثائق التعمير تحفز الفوارق الطبقية والتفاوتات المجالية (تصميم التهيئة نموذجا)
تعتمد الدولة في تدبير المجال الترابي وتوطين حكامة تسييره على جملة من وثائق التعمير لعل من أهمها تصميم التهيئة، وتعود المبادرة في إعداد تصميم التهيئة إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير بمساهمة الجماعات الترابية وبتشاور مع المصالح الخارجية للوزارات وكذا الوكالات الحضرية، وارتباطا بالعقار فإن تصميم التهيئة حسب المادة 19 من القانون المتعلق بالتعمير يحدد ضوابط استعمال العقارات والأراضي بما فيها تلك المفتوحة للتوسع العمراني أو تلك التي تتطلب إعادة الهيكلة، هذا إلى جانب وضع مجموعة من الارتفاقات التي تقتضيها المنفعة العامة والتي تتمثل فيما يلي:
- الارتفاق بعدم البناء ويهدف إلى منع البناء فوق الأراضي الواقعة على الطرق والساحات العامة المرتقب إحداثها، كما أن ارتفاق عدم البناء قد يشمل العقارات التي تقع داخل المناطق المخصصة للحدائق وميادين اللعب وكذا المساحات الحرة والمساحات المشجرة.
- عدم تغيير حالة الأراضي والهدف من هذا الارتفاق الحفاظ على حالة الأراضي من حيث شكلها وطبيعتها التي كانت عليها وقت تطبيق تصميم التهيئة، وهو لا يطبق إلا على العقارات الواقعة على الطرقات العامة والساحات الحرة والمواقع المخصصة.
- عدم القيام بإصلاحات غير إصلاحات الصيانة بالنسبة للمباني القائمة شريطة الحصول على إذن من رئيس المجلس الجماعي وفق الشروط والإجراءات المتعلقة بمنح رخص البناء.
وبذلك يمكن القول أن تصميم التهيئة يعتبر الأداة المرجعية الضرورية التي تستند عليها الجماعة في دراسة طلبات رخص إحداث التجزئات ورخص البناء ورخص التقسيم، وفي برمجة العمليات الخاصة بالتجهيزات المزمع تحقيقها، واقتناء الأراضي وبناء الطرقات والمرافق العمومية، وبذلك تكتسي هذه الوثيقة التنظيمية مكانة متميزة في التخطيط الحضري. [8]
لكن التساؤل المطروح على هذا المستوى هو هل فعلا يتم اعتماد هذه الوثيقة من أجل ضبط المجال وتنظيمه بما يتلاءم وجمالية المدينة وحسن تدبير العمران في أفق تحقيق العدالة العقارية؟ سؤال له راهنيته ومبرراته في ظل ما نلحظ من حيف يطال بعض المرتفقين من جراء انعكاسات وثائق التعمير على ممتلكاتهم العقارية، مما يمكن معه القول أنه في بعض الأحيان قد تستعمل وثائق التعمير ولاسيما تصاميم التهيئة، كوسيلة للربح السهل والإغناء الفاحش للبعض دون البعض الأخر.[9]
فبالرجوع إلى الواقع العملي نجد أن هنالك حالات فعلا قد يساهم فيها تصميم التهيئة في تكريس الفوارق الاجتماعية والتفاوتات المجالية، فإذا كان تقسيم المجال ترابي يتم عن طريق تخصيص بعض القطع الأرضية للتجهيزات العمومية، وأخرى مناطق لمختلف الأنشطة الصناعية والسكنية أو غيرها، فإن هذا يجعل القيمة المالية للقطع الأولى زهيدة إن لم نقل تافهة مقارنة مع القيمة المالية لهذه الأخيرة التي تكون مرتفعة الثمن، وفي هذا الإطار لا بد من التذكير على أنه تنص الفقرة الثانية من المادة 28 من قانون التعمير على أن أثار هذا التخصيص يستمر لمدة 10 سنوات تبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة في الجريدة الرسمية. وهذا يعني أنه في الوقت التي تعقل فيه عقارات بعض المواطنين ل 10 سنوات من جراء التخصيص المقرر بموجب الفقرة الثانية من المادة 28 من قانون التعمير لفائدة المصلحة العامة مما يجعلهم تحت رحمة الإدارة التي قد تشيد المرفق العمومي وقد تتقاعس تحت غطاء مبررات مالية أو تقنية و أحيانا تعسفية، نجد أن الأشخاص الذين خصصت ممتلكاتهم للسكن أو مناطق صناعية أو تجارية من خلال نفس التصميم قد باشروا بناء عقاراتهم واستفادوا من التجهيزات العمومية وباعوها مما حقق لهم ريعا ماليا سريعا، وضع كهذا لا شك أن يجعل البعض يجني أرباحا عقارية فورية، على حساب البعض الأخر الذي خصصت عقاراته من أجل لتجهيزات العمومية والذين لا يجنون سوى ما يسد الرمق بعد اقتطاع الضريبة على الأرباح العقارية. وبعبارة أخرى فإن وثائق التعمير في هذه الحالة تكون وسيلة إما للغنى أو التفقير وذلك حسب المآل المخصص للملكية العقارية، وهنا تكون العدالة العقارية موضوع امتحان.[10]
ولقد سبق لمثل هذه الحالة أن تحققت على أرض الواقع، بحيث ورد في شكاية قدمت إلى مؤسسة الوسيط أن شخصا يتظلم من تخصيص عقاره للمرة الثالثة بتصميم التهيئة لمدينة خريبكة لأجل إحداث منطقة سياحية بعد حرمانه من استغلال العقار المذكور لمدة 30 سنة، موضحا بأن الملاك المجاورين والذين لهم نفس الوضعية العقارية، قاموا ببيع عقاراتهم للخواص من أجل إحداث إقامات وتجزئات سكنية والحال أن هذه العقارات قد سبق وأن شملها تصميم التهيئة. ونظرا لوجاهة التظلم أصدرت المؤسسة توصية إلى السيد مدير الوكالة الحضرية بالسطات، صادرة بتاريخ 01 مارس 2018 في الملف عدد 16/9890 ورد فيها ما يلي : ” يتعين على الوكالة الحضرية أن تجسد ما يتوق إليه الكل من عدالة عقارية من خلال الموازنة بين الصالح العام وحقوق الخواص، وأن تسعى إلى أن تكون مساهمة هؤلاء الأفراد تتجلى فيها المساواة، وتكافؤ الفرص، وأن تبلور التضامن بشكل عادل يساهم فيه الكل، على ألا تبقي عقار المشتكي في وضعية عقل وغل يد صاحبه في التصرف.
وإذا كان عقار المشتكي في منطقة محورية ومركزية تعتبر أساسية في المنظور العمراني، مواتية لاحتواء مرافق عمومية، فإن العدل والإنصاف والتفعيل الحقيقي للدستور الذي يبرز أهمية الملكية كلها أمور تقتضي استملاك العقار عن طريق التراضي أو من خلال نزع الملكية مقابل تعويض كامل ومنصف.
على الوكالة الحضرية، وبعدما تحرر العقار من التخصيص الذي طاله في التصميم المنتهية صلاحيته وهي بصدد إعداد تصميم جديد، أن تأخذ بعين الاعتبار طلب المشتكي، وأن تحرص على التقيد بالقانون وبمبادئ الإنصاف لتطبع تصميمها بالعدالة العقارية.”[11]
إن الحديث عن العدالة العقارية من منظور قانون التعمير يستدعي ربما إعادة النظر في مشروعية التصاميم المقرة للارتفاقات العقارية خاصة المتعلقة بالمنع من الاستعمال والاستغلال خاصة وأن مدتها تصل إلى 10 سنوات، و أيضا إعادة النظر في المفهوم المبتذل للمنفعة العامة والذي يحصرها في النظرة المادية ويربطها بالمأرب السياسية والمحاباة والاغتناء غير المشروع خاصة، وذلك عن طريق بسط رقابة على المشروعية القيود التي يفرضها تصميم التهيئة على الملكية العقارية، على غرار الرقابة المفروضة على مشروعية قرارات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، فهل من العدالة العقارية أن يتم الاختيار بعناية من يخضع لهذا القانون ومن يعفى منها بحكم القرابة والزبونية؟ وهل يعتبر المسبح العمومي منفعة عامة متى وجد في منطقة تعرف ندرة المياه في الصيف؟ [12] وهل من العدالة العقارية نزع عقار من مواطن كان يشغله كسكن رئيسي من أجل تخصيصه كمرأب لسيارات المجلس الجماعي؟ بحيث ورد في القرار الصادر عن المجلس الأعلى سابقا عدد 217 بتاريخ 01/10/1987 وذلك في الملف 84/7252 ما يلي: “حيث يعيب الطاعن عن القرار المطعون فيه: “حيث يعيب الطاعن عن القرار المطعون فيه إساءة استعمال السلطة وانعدام سبب نزع الملكية والذي هو المنفعة العامة، لكن حيث أنه بإنشاء مراب في العقار المنزوعة ملكيته لاستعماله كمستودع لناقلات الجماعة تكون المنفعة العامة التي يتطلبها القانون لتبرير نزع الملكية متوفرة، ولهذا فإن القرار المرغوب إلغاؤه لا يشوبه أي شطط.”[13]
ولقد سبق لهذه الأسئلة أن طرحت على القضاء في إطار نظرية الموازنة وجاء الرد في القرار الصادر بتاريخ 7 ماي 1997 عن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا كما يلي: ” إن الاتجاه الحديث للقضاء الإداري لا يكتفي بالنظر للمنفعة العامة المتوخاة من نزع الملكية نظرة مجردة، بل يتجاوز ذلك إلى النظر فيما يعود به القرار من فائدة، تحقق أكبر قدر من المصلحة العامة.”[14] وإن كانت هذه الأسئلة تتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة، فإن هذا لا يمنع إعمالها على وثائق التعمير نظرا لكونها تهدف لنفس الغرض وتخضع لنفس المنطق وهو تحقيق المنفعة العامة، بالتالي فإن هذا يعني بالتبعية أنه ليس هنالك ما يمنع المتضرر التقدم بتظلم لرفع الضرر الذي تحدثه القيود التي تفرضها وثائق التعمير، وهو تؤكده مؤسسة الوسيط في مقرر أصدرته في الملف 12/2866 الذي ورد فيه: “بدخول تصميم التهيئة حيز التنفيذ، لا يمكن طيلة 10 سنوات المحددة في القانون لصلاحية التصميم المذكور، المنازعة في مرسوم تمت المصادقة عليه إلا في نطاق ما رسمه القانون، وأمام الجهة القضائية الإدارية المختصة، إذ في إطاره يمكن مناقشة مدى احترام التصميم للمشروعية”.[15]
والأكيد كذلك وفق ما جاء في مقرر مؤسسة الوسيط[16] في الملف عدد 12/1705 فإن مرور 10 سنوات على تاريخ نشر تصميم التهيئة، يجعل عقار المشتكين محررا من التخصيص الذي تضمنه التصميم المذكور، وذلك بقوة القانون وبصورة آلية ودونما حاجة إلى إشهاد أو ترخيص إداري ويكون المالكون بذلك محقين في التصرف فيه، في حل عما سبق تخصيصه كمرفق عمومي لم يتم إنجازه داخل الأجل المحدد، غير أنه من الناحية الواقعية فإن المالك لا يجد الأذان الصاغية لطلبه وتطالبه مصالح الجماعة الترابية المختصة بشهادة رفع اليد من إدارة أملاك الدولة أو الوزارة المعنية بالمشروع.[17] بالتالي فهذه عينة من مظاهر الإخلال بالعدالة العقارية التي يجسدها تصميم التهيئة والتي يرجع السبب فيها لعدة عوامل سنحاول التفصيل فيها في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: أسباب تراجع وثائق التعمير في إرساء العدالة العقارية
هنالك عدة عراقيل وإكراهات تواجه وثائق التعمير والتي تتفاوت في أهميتها ودرجة تأثيرها، لكن ما يهمنا هنا تلك التي لها تأثير مباشر على العدالة العقارية، فعلى مستوى الإطار القانوني المنظم للتخطيط الحضري نسجل هيمنة الطابع المركزي على مسطرة إعداد وثائق التعمير، وإن كان اللاتمركز قد خفف نوعا ما ذلك النزوع المركزي، فإن الدولة لازالت الفاعل الأول في مساطر اتخاذ قرار التخطيط، وهو ما يتجلى بوضوح في المادة 23 من القانون المتعلق بالتعمير التي نصت على مفهوم “مساهمة” الجماعات المعنية تارة والمجموعة الحضرية في حالة وجودها تارة أخرى دون تحديد أشكال هذه ولا صيغها، وهو ما يطرح نوعا من الغموض حول الكيفية والشكل الذي ستتم به هذه المساهمة. هذا مع العلم أن مسألة التخطيط العمراني فهي من اختصاص الجماعات الترابية في اسبانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا وتونس.[18]
بالتالي فيمكن القول أن المرجعية القانونية المؤطرة لمجال التخطيط تعرف تقادما يمكن تفسير أسبابه في كون القانون الحالي للتعمير يستمد روحه ومبادئه من التوجهات التي سادت في فترة الاستعمارية، فوعيا من السلطات بكون التعمير أداة هيمنة، عمدت إلى اعتماد نظام تشريعي يستهدف التحكم في التنظيم العمراني وإعادة توجيهه حتى تتمكن من بسط سيطرتها لتشمل المجال والمجتمع.[19]
ومن مظاهر المحدودية التي تطبع النص الحالي غياب الانسجام بين توجهات وثائق التعمير ووثائق إعداد التراب، عدم كفاية الآليات الكفيلة بتدارك تنافر السياسات العمومية، عدم مواكبة قانون التعمير لمسلسل اللامركزية الترابية واللامركزية المرفقية واللاتركيز الإداري، تنظيم مساطر عبر دوريات التي لا تفلح في تنظيم القطاع.[20]
أما على مستوى إعداد وثائق التعمير فأهم ميزة هنا هي المسار الطويل الذي تقطعه هذه الوثائق عند الإعداد، إذ نلاحظ أن المسطرة المتبعة بإعداد ودراسة هذه الوثائق تتم بكثير من البطء الشيء الذي يجعل معه التصاميم المنجزة متجاوزة قبل المصادقة عليها في أغلب الأحيان،[21] فمثلا قد يبلغ متوسط أجل إنتاجها 7 سنوات، حيث تتراوح الفترة الممتدة ما بين مرحلة الدراسة وانعقاد اللجنة التقنية المحلية سنتين إلى ثماني سنوات، وتلك المتعلقة بالموافقة من سنة إلى ثلاث سنوات، كما تمتاز مرحلة المصادقة التي تتراوح بين سنة وسنتين بطول أجالها، لكون مسطرة المصادقة تقتضي مرور الوثائق عبر العديد من المصالح التابعة للقطاع الوزارية المكلف بالتعمير، وينتج عن هذه الوضعية حدوث فراغ قانوني أثناء مرحلة المشاورات وكذا تقادم التوقعات خلال مرحلة المصادقة وعدم مطابقتها مع الواقع المجالي الذي يفترض تأطيره، وبما أن هذه الوثائق لا يتم وقتئذ تحيينها، يصبح مضمونها جامدا ومتجاوزا بمجرد المصادقة عليها، بالتالي تبقى أجال إعداد التصاميم مشروطة بمدى وثيرة عمل الإدارة المكلفة بالتعمير وإدارات أخرى كالعمالات والأقاليم والمصالح الخارجية والجماعات المعنية.[22]
ويساهم قانون التعمير بدوره في هذا البطء والتأخير الذي يعرفه مسلسل إنتاج تصميم التهيئة بفعل عدم تحديد المشرع لتاريخ بدء وانتهاء كل مرحلة من المراحل التي تقطعها عملية الإعداد، حيث يبقى خارج أي ضبط زمني لاستلام مواقف وأراء مختلف المصالح والهيئات الإدارية المعنية بالمشروع، الأمر الذي يجعل الكثير منها يحتفظ بالمشروع مدة طويلة ترهن معها مستقبل التهيئة العمرانية والاستجابة للحاجيات المتجددة للواقع الاقتصادي والاجتماعي مما يؤثر سلبا على مراحل أخرى.[23]
ومن الملاحظات المسجلة في هذا الصدد الكيفية التي يتم بها اختيار مكاتب الدراسات، فرغم كون المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية ينص على اختيار أحسن عرض وليس بالضرورة أقل عرض، فإن الممارسة تثبت لأن الإدارة المكلفة بإبرام الصفقة غالبا ما ترجح كفة الفريق الذي يكون عرضه المالي أقل. وهو ما يفيد تغييب معيار الجودة في معادلة وثيقة التعمير. إلى جانب ذلك، فإن جل مكاتب الدراسات لا تحترم المواصفات التي تقدمها عن فريقها من حيث الطاقم البشري ووسائل العمل التقنية، بحيث تهيمن نظرة التقني وتغيب في الغالب مساهمات عالم الاجتماع وعالم الجغرافيا وعالم الاقتصاد… والذي لا يشارك على الإطلاق في هذه الدراسة الأمر الذي يؤثر لا محالة على جودة وثيقة التعمير.[24]
وهذا ما أدى إلى كون الدراسات والتشخيصات التي تستند عليها مخططات التعمير تفتقد إلى مقاربات علمية وموضوعية في التحليل، ولا تلتزم الحياد تجاه صراعات المصالح وتضاربها الملازمة لمجال التهيئة، كما أنها لا تعكس الإشكاليات الحقيقية للمجال وأفاق نموه وإكراهاته الديموغرافية والطبيعية ومعطياته البيئية، فالطابع الكمي والوصفي لهذه الدراسات لا يمكن من إبراز تعقيد الرهانات التي يعرفها المجال الترابي، الشيء الذي يجعلها لا تفرز عناصر للرسم والتهيئة المستقبلية. هذا ما يجعل وثائق التخطيط لا تعكس صورة واضحة المعالم للمدينة المستقبلية بل يتعلق الأمر بإحداث تجزئات عقارية ومساكن اقتصادية فقط، وقد أبانت دراسة الوثائق المتعلقة ب 21 تصميم تهيئة بالجهة الشرقية، أنه لا يتم القيام بالتحاليل المطلوبة وفق ما تنص عليه المقتضيات المرجعية خصوصا فيما يتعلق بالموقع والعقار والتجهيزات الأساسية. صحيح أنه لا توجد منهجية موحدة دنيا تخضع لها جميع الدراسات وإن كان هذا الأمر في الواقع ضروريا لفهم واستيعاب إشكالية النمو الحضري ووضع تصور للتنمية المستقبلية.[25]
ويتفاقم المشكل أكثر مع تعدد المتدخلين في مختلف مراحل الإعداد وتضارب المصالح ووجهات النظر والمواقف الإدارية بخصوص اختيارات التهيئة في ظل هشاشة قنوات التنسيق بين الجهات المتدخلة والزخم المسطري وإجرائي مبالغ فيه وغير مبرر أحيانا لتعارضه مع متطلبات السرعة ومكانة الوقت، علما أن التخطيط العمراني الحديث أصبح يقاس ليس بالمجال فقط، وإنما بالربط المحكم بين البعدين المجالي والزمني في توقع الصورة المستقبلية للتجمعات العمرانية.[26]
فمن منظور قوانين التعمير تتحقق العدالة العقارية بتوزيع القيمة المضافة لعمليات التهيئة والتجهيز العمومي بين جميع المواطنين بشكل يحد من الفوارق المجالية، كما تتحقق كذلك بالتساوي في توزيع عبء التكاليف و الارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وهو ما يستدعي إيجاد صيغ قانونية مستحدثة لتعبئة الرصيد العقاري لهذه العمليات تواكب المفاهيم الجديدة للوظيفة الاجتماعية للعقار تعتمد مقاربة تشاركية تجعل من الملكية العقارية ملكية مواطنة، عوض الاستمرار في الصيغ المعتمدة حاليا مثل نزع الملكية أو الاعتداء المادي و التي أضرت بحقوق المواطنين و استنزفت خزينة الدولة عبر الإشكاليات التي تطرحها خاصة المتعلقة بالتعويض و الذي غالبا ما لا يتناسب مع حجم الضرر أو مع قيمة العقار المنزوع ملكيته.
هذا على مستوى التنزيل، أما بالرجوع خطوة إلى الوراء ونقصد بذلك مستوى التخطيط لوثائق التعمير باعتبار أن الأمر يتعلق بسلسلة متكاملة إذا اختل أحد عناصرها كان له تأثير على المراحل الموالية، فبما أن الهدف من هذه الوثائق هو وضع نظام للتهيئة يحدد بدقة ضوابط استعمال العقارات والارتفاقات المفروضة عليها بهدف الوصول إلى تهيئة مجالية متناسقة توطن الحكامة في تدبير المجال الترابي، فإن اعتماد قوانين التعمير و أعمال التجهيز و التهيئة كآلية لإرساء العدالة العقارية وفق ما جاء في الرسالة الملكية، يتطلب تحديد الاحتياجات الفعلية للأراضي المخصصة بشكل دقيق واستغلال الأملاك التابعة للدولة بقدر الإمكان لخفض تكلفة الإنتاج، وعليه فإن برمجة سياسات عقارية تحقق الغايات المنشودة، يحتاج إلى بنك للمعلومات يوفر معطيات عن وضعية العقارات المادية والقانونية، وهو ما يوفره نظام التحفيظ،، لكن ما يعاب على وثائق التعمير هو غياب نص قانوني يلزمها بإعداد دراسات عقارية كأساس للتخطيط العمراني، وهذا ما أفرز عبر الممارسة تناقضا بين مقتضيات التعمير والطبيعة القانونية لبعض الأنظمة العقارية التي لا تسمح بفتح الأراضي في وجه التعمير، فبالرغم من الدور المهم للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية في تقديم الدراسات والاستشارات ذات الصلة بالعقار حسب المادة الثانية من القانون المحدث لها، إلا أن دورها يضل محدودا في توفير المعلومة العقارية بشكل شمولي، وهذا راجع لكونها وبدورها لازالت تعاني من عدة إكراهات وصعوبات تعيقها من القيام بهذه المهام وترجع بالأساس لعدم تعميم التحفيظ العقاري.
إذ تكمن أهمية هذا التعميم في كونه يمكن من التعرف على الخريطة العقارية للمنطقة المشمولة بوثائق التعمير، وبالتالي معرفة الواقع العقاري وهياكله وبالتبعية معرفة الإكراهات الطبيعية والقانونية والهندسية التي تواجهنا في التعامل معه، ففي ظل غياب معلومات عن الوضعية العقارية فمن الطبيعي أن يحصل إجحاف بحقوق بعض المواطنين العقارية بشكل تتنافي معه المساواة في تحمل أعباء التخطيط بين مختلف الملاك، ومن الطبيعي أيضا أن يصطدم إعداد وتنفيذ هذه الوثائق بعراقيل عدة، ولذلك فإن وضع سياسة تجعل مفهوم العدالة العقارية في صلب انشغالاتها ينبغي أن يقوم على معطيات مؤكدة وليس على واقع يتأرجح بين التعقيد وعدم الاستقرار أو على توقعات وافتراضات محتملة فقط.[27]
وهنا يرى أحد الباحثين أن تعميم نظام التحفيظ العقاري أصبح ضرورة ملحة، وذلك لتمكين المخططين من التعرف المسبق على المالكين وحجج ممتلكاتهم، وبالتالي يأخذونها بعين الاعتبار عند قيامهم بإسقاط المرافق والتجهيزات العمومية بما يتبعها من أعباء وفائض قيمة مراعين في ذلك التوزيع العادل، وبالتالي إقرار عدالة عقارية بين الملاك الأمر الذي يدفع بهم إلى المساهمة الفعالة بتنفيذ مضامين الوثيقة بدل نصب عراقيل أمامها.[28]
وفي نفس الموضوع يرى أحد الباحثين ضرورة إقران عمليات الإنجاز في التعمير بمدد أقصر وإلزام منجزي هذه المشاريع باحترام الآجال المقررة لإنجاز المشاريع والتي ينبغي أن تكون أقصر من مدة سريان وثائق التعمير، خاصة وأن الدورية 005 تنص علي ما يلي: ” وتنقص مدة 10 سنوات إلى سنتين عندما يكون تصميم التهيئة بمثابة قرار تعين فيه الأراضي المراد نزع ملكيتها، ويكون الأمر كذلك عندما ينص فيه على العقارات المراد نزع ملكيتها مع بيان مشمولاتها ومساحتها وأسماء من يحتمل أن يكونوا مالكين لها طبقا لمقتضيات القانون 07.81 المتعلق بنزع الملكية.”[29]
كما يرى بعض الباحثين أيضا أنه انطلاقا من كون الجماعات الترابية قلما تتوفر على الاعتمادات الكفيلة بتمكينها من حيازة هذه الأراضي، يقترح أن تسن لفائدتها موارد جديدة بفرض مساهمة إجبارية بنسبة مئوية على القيمة المضافة لباقي الأراضي التي يتم فتحها بموجب قوانين التعمير للتجزيء والبناء. ومن شأن هذا الإجراء أن يكرس التكافل التضامن بصفة ضمنية دون إثراء بلا سبب لبعض على حساب الإجحاف بحقوق الأخرين، وبهذا تضمن الوثائق نوعا من العدالة الاجتماعية تغني عن المضاربات النفعية التي غالبا ما تواكب مراحل إعدادها. [30]
وتجدر الإشارة في الأخير إلى ما تضمنه تقرير المجلس الاجتماعي و الاقتصادي و البيئي لسنة 2014 في موضوع الاختلالات التي يعرفها المجال كتسرب المعلومات عن التوجه العمراني ولو على مستوى تصميم التنطيق و التي تأثر على المنافسة في السوق العقارية المغربية، هذا بالإضافة إلى التجاوزات التي يشهدها منح الرخص الاستثنائية و الذي أثر بشكل سلبي في العدالة العقارية.[31] وهذا يجرنا إلى الفقرة الموالية.
المطلب الثاني : التداعيات المترتبة عن استثناءات التعمير على العدالة العقارية
أدى افتقار وثائق التعمير للمرونة واتسامها بالتصلب والصرامة في سياق اقتصادي واجتماعي دائم الحركة والتطور وعجزها عن إدماج الحاجيات الآنية للسكان، إلى جعلها أداة تعرقل في بعض الأحيان الجهود المبذولة على مستوى التخطيط والتدبير الحضري، وهو ما دفع بعض الفاعلين إلى البحث في سبل لتجاوز هذه العراقيل وذلك من خلال اللجوء إلى مسطرة الاستثناء، وتعتبر عموما هذه المسطرة أداة لإضفاء المرونة في عملية التخطيط، لكن اللجوء إليها في الحقيقة يعبر عن خلل يشوب التخطيط الحضري بوجه خاص، وعن قصور في تطبيق قانون التعمير ومحدودية نطاقه بوجه عام، ذلك أن اللجوء إليها يؤدي للمساس بالتوجهات الكبرى لوثائق التعمير وبمقتضياتها مما يفقدها قوتها القانونية ليختزلها في وثيقة مرجعية للاستئناس فقط، هذا بالإضافة إلى ما يشوب المسطرة من تجاوزات وخروقات يتم من خلالها التحايل على القانون من طرف المنعشين العقاريين والمواطنين دون أن يفلح جهاز المراقبة في التصدي إليها.[32]
وعليه سنتطرق في مرحلة أولى إلى مفهوم الاستثناءات، (الفقرة الأولى ) ثم الحديث عن تأثيرها على العدالة العقارية من خلال دراسة مشروع برج فاس نموذجا
الفقرة الأولى: تحديد مفهوم الاستثناءات في مجال التعمير
يقصد بالاستثناءات في مجال التعمير الرخص الممنوحة لمشاريع غير منصوص عليها في وثائق التعمير الخاصة بمنطقة معينة، ويعود العمل بالاستثناءات في مجال التعمير إلى السبعينات ولكنه لم يقنن إلا في فبراير 1999 بصدور الدوية 254 عن وزارة إعداد التراب الوطني والبيئة والسكنى، والدورية رقم 622 الصادرة في ماي 2001، وقد أعقبتهما دوريتان وزاريتان مشركتان، وهما على التوالي الدورية رقم 27/3020 في مارس 2003، والدورية رقم 31/ 10098 في يوليو 2010.[33] استهدفت كل هذه المذكرات إضفاء مرونة وشفافية أكبر على دراسة طلبات رخص المشاريع الاستثمارية المقدمة لمصالح التعمير، في محاولة لتجاوز طابع الصرامة التي تتسم بها وثائق التعمير وبطء مسطرة تعديلها ومراجعتها والتعقيدات التي تكتنفها، وكان الهدف من هذا المسعى الذي اعتمدته السلطة العمومية كحل مؤقت، بث دينامية جديدة في قطاع يعد حجر الزاوية في كل المشاريع الاستثمارية الاقتصادية والاجتماعية.[34]
وتستوحي هذه الممارسة فلسفتها من البند الأخير من الفصل 19 الذي جاء فيه ما يلي: ” ينص تصميم التهيئة ان اقتضى الحال ذلك على التغييرات التي يجوز إدخالها على الأحكام الواردة فيه تطبيقا للبنود 1 و 9 و 11 من هذه المادة بمناسبة لطلب إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية ويحدد شروط القيام بهذه التغييرات.” وهو ما يستشف من دورية الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير رقم 6690 بتاريخ 2 مايو 2003 موجهة إلى السيدات والسادة مديري الوكالات الحضرية والمكلفين بالخلايا الإدارية الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية حول اعتماد المرونة والعدالة العقارية في وثائق التعمير، والتي ورد فيها :
” تطبيقا لمبدأ المرونة في وثائق التعمير، فإن الوزارة عملت على إصدار الدورية المشتركة عدد 3020 الصادرة بتاريخ 4 مارس 2003 بخصوص الحالات التي تمنح فيها الاستثناءات في مجال التعمير، ولتحقيق الأهداف المتوخاة منها والرفع من مستوى معالجة ملفات المشاريع العمرانية والاستجابة لها، أطلب منكم العمل على اعتماد الاقتراحات التالية وذلك تفعيلا للبند الأخير من الفصل 19 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير:
- التنصيص على إلزامية تفعيل البند المذكور الذي يمكن إعطاء المقتضيات المجالية والتنظيمية المبرمجة في هذه الوثائق مزيدا من المرونة لملائمة البرامج الاستثمارية والعمرانية، عند إعداد المقتضيات المرجعية المتعلقة بالدراسات الجديدة والمبرمجة.
- إغناء التصميم وضابط التهيئة المرفقة به، والمتعلق بالدراسات التي توجد في طور الإنجاز، بمقتضيات مجالية وتنظيمية تمكن من اعتماد المرونة للاستجابة لهذه المشاريع الاستثمارية.
- استدراك هذه الإمكانية فيما يخص التصاميم التي بلغت مراجل متقدمة من مسطرة المصادقة، وذلك عند دراستها من طرف اللجن المركزية.”[35]
ومما تجدر الإشارة إليه أنه قد منح مؤخرا القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكـــز الجهويـــة للاستثمار وبإحـــداث اللجـــان الجهوية الموحـــدة للاستثمار، هذه الأخيرة صلاحية منح اســـتثناءات في مجال التعمير لفائدة مشـــاريع الاستثمار المنتجة والمحدثة لمناصب الشـــغل.[36] كما أن الأصل في مسطرة الاستثناء أنها إمكانية يرخص بها لطالبها ما لم تتعارض مع الثوابت والخيارات الأساسية لتصميم التهيئة، فهي ليست حق وإنما إمكانية يسمح بها في حدود جد ضيقة واستثنائية كلما كانت الوظيفة العقارية المراد الترخيص لها تتنافى مع التخصيصات الواردة في تصميم التهيئة.[37]
وإن كانت لهذه الممارسة (مسطرة الاستثناء) بعض التأثيرات الإيجابية التي سمحت بتجاوز بعض العوائق التي تمنع إنجاز عدة مشاريع استثمارية، فإن لهذه الممارسة تأثيرات سلبية على المستوى الاجتماعي واقتصادي وخيمة، سنكتشفها في الفقرة الموالية.
الفقرة الثانية: تأثير مسطرة الاستثناء في مجال التعمير على العدالة العقارية
لا شـــك أن اللجـــوء إلـــى الاستثناء فـــي مجـــال التعمير بالمغـــرب قد مكـــن جزئيا مـــن تجاوز صرامـــة وثائق التعميـــر والنهوض بالاستثمار والســـكن الاجتماعي، غيـــر أن حصيلته تثير العديد من التساؤلات بالنظر لما يطبـــع المســـطرة من بـــطء وتعقيد، وكذا لبعض التجـــاوزات التي اعتـــرت تطبيقها. وتجدر الإشارة إلى أنه جـــرى منذ ســـنتين تعليق اللجوء إلى مســـطرة الاستثناء في مجـــال التعمير حسب ما جاء في جلسة إنصات لرئيس جهة الدار البيضاء سطات بتاريخ 12 يناير 2022، ففـي سـياق عـام، تتحكـم فيـه أكثـر فأكثـر مجموعـة مـن الرهانـات السياسـية والاقتصادية، تـم إعمـال مسـطرة الاستثناء فـي كثيـر مـن الأحيان ضـد المصلحـة العامـة. وقـد يكـون هـذا الأمر مـن بيـن الأسباب التـي اسـتوجبت إصـدار الدوريـة الجـاري بهـا العمـل التـي تنـص صراحـة علـى مجموعـة مـن التدابيـر الكفيلـة بتقييـد مسـألة منـح رخصـة الاستثناء فـي مجـال التعميـر، وإن ظلـت مـع ذلـك عاجـزة عـن إحاطـة التدبيـر الإداري للاستثناء بمجموعـة مـن الضمانـات التـي تحـول دون حـدوث بعـض التجـاوزات.[38]
وقد انتقد البعض هذه الممارسة الإدارية التي برزت في بداية الألفية الثالثة، بذريعة تشجيع الاستثمار العقاري بعدم استنادها إلى أي قانون، لكونها تجد أساسها في اجتهاد السلطة العمومية، كما انتقدت بنزوعها نحو تكريس العمل بنهج الاستثناء في مجال التعمير، كتقنية جديدة يراد منها الخروج عن القانون، بإعطاء قيم مالية مضافة للملكية العقارية تمزج بين وظيفتها الاجتماعية والاقتصادية، أو تنتقل بهذه الوظيفة من طابعها الاجتماعي الصرف إلى طابع اخر يهيمن عليه البعد الاقتصادي. ذلك أن استفادة مشاريع الاستثمار العقاري من استثناءات في مجال التعمير، جعل السوق العقارية على درجة عالية من التباين والاختلاف رغم تماثل وتشابه الأوضاع العقارية لمراكز الإنتاج.[39] وهذا راجع لكون الإدارة لم تحرص على توحيد مناهج تدبير الاستثناء في مختلف مناطق البلاد، بحيث توجد مقاربات مختلفة ومتعددة في طريقة تطبيق هذه المسطرة، وهو ما أشار إليه التقرير الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2014 والمتعلق بدراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير والذي أقر وجود تباين في تطبيق مسطرة الاستثناءات بحيث تخضع فـي جوانـب عديـدة إلـى الظـروف المحليـة، كما تلعـب كاريزميـة كل عضـو مـن أعضـاء اللجنـة ووزنـه السياسـي والفكـري دورا كبيـرا فـي هـذا الصـدد، لتصبـح المقاربـات والممارسـة الإدارية مرتهنـة بـوزن الفاعليـن والوضعيـات المحليـة، وخاصـة كاريزميـة العمـال والولاة ورؤسـاء الجماعـات ومديـري الوكالات الحضريـة ومديـري المراكـز الجهويـة للاستثمار، يعنــي ذلــك أن إعــادة انتشـار مراكز القوة قـد تؤثـر فـي سـير المسـطرة. وبالتالـي، تصبـح منظومـة مـن هـذا القبيـل أقـرب مـا تكـون إلـى نـوع مـن الممارسـة الخاضعـة لإرادة أشـخاص، تتغيـر بتغيـر الأحوال، وليسـت جـزءا مـن سياسـة يحكمهـا إطـار تنظيمـي ومؤسسـاتي تحكمـه مجموعـة مـن الضوابـط.[40]
لقد أشار المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في الرأي الذي أعطاه في الموضوع إلى التأثيرات السلبية لهذه الممارسة وذلك على عدة مستويات،[41] لكن ما يهنا منها في هذا المقام ما يتعلق بالمستوى الاجتماعي والاقتصادي، بحيث ينتج عن إعمال مسطرة الاستثناء بعض الحيف الاجتماعي، على اعتبار أن الجميع يجد نفسه ملزما بتحمل تكلفة إضافية بينما البعض فقط هو الذي يجني أرباحها، فمن خلال تتبع المشروع الاستثماري المسمى “برج فاس” وجدنا أنه نتيجة لرخصة استثنائية منحت لمستثمر بالرغم من كون الموقع الذي أنشأ فيه المشروع يقع في منطقة كانت تعتبر فيما سبق مجرى وادي بالتالي فهي مهددة بالفيضانات مما يجعلها مثقلة بارتفاق يمنع البناء فيها وهذا ما يفسر امتناع مصالح الوقاية المدينة من المصادقة على منح التسليم النهائي للأشغال، لكن ما يهمنا هو أن منح رخصة حصرية لإنشاء هذا المشروع الاستثماري الضخم في موقع استراتيجي وسط المدينة شئنا أم أبينا فقد كان له تأثير على الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي كانت سائدة وسط المدينة قبل هذا المشروع، بحيث قل الرواج الذي كانت تشهده المحلات التي لها واجهات على الشارع لفائدة هذا المشروع مما أثر بالتبعية على الوضعية الاجتماعية للساكنة، وهنا تكون مسطرة الاستثناء أداة للإخلال بالعدالة العقارية.
كما نتج عن إعمال المسطرة أيضا إزالة المواقع المخصصة للساحات العمومية والمساحات الخضراء، بحيث تدل المؤشرات المعززة بأرقام أن مساحة 900 هكتار، كانت مخصصة أصلا لمنشآت ذات منفعة عامة، ومنها 420 هكتار كانت مخصصة للمساحات الخضراء، حولت فيما بعد إلى عمارات ومبان فوتت للخواص.[42] إن وضع كهذا في نظرنا ما يجب السكوت عنه لأنه يمس بمصداقية الإدارة ويخل بالعدالة العقارية، لأن تحويل مساحات عقارية كانت مخصصة لمساحات خضراء ومرافق عمومية إلى عمارات ومبان فوتت للخواص، إلى جانب الظروف والملابسات التي تحيط به والتي وصفها البعض بتقنية تستعمل لإلحاق المغبون بركاب المغتنين،[43] سوف يحيد عن الغايات الأصلية للوثيقة التعميرية وبالتالي نجد أحياء بكاملها تتنامى من دون مناطق خضراء ولا ساحات ولا طرق ولا تجهيزات عمومية. [44]
وبالتالي يتضح جليا أن من شأن إعمال هذه المسطرة تكريس وضعيات امتيازية قد لا تخلو من سلوكيات وتصرفات زبونية وسياسية تنبني على المحسوبية وتفتقد للمشروعية، وتخل بمبدأ المساواة والشفافية التي هي عماد المنافسة في السوق العقارية، لا سيما وأن الطريقة التي تفعل بها الإدارة مسطرة الاستثناء، تؤدي إلى منح بعض الامتيازات في مجال التعمير لبعض الفاعلين على حساب اخرين، مما يمس بالتنافسية الاقتصادية بين مختلف المستثمرين،[45] و يؤدي إلى اختلال في السوق العقارية نظرا لكونه يشكل مدخلا للربح السريع وتراكم الثروة وهو ما أكده التقرير المشار إليه بحيث أقر بأن العديـد مـن طلبـات الاستثناء هـي فـي الحقيقـة مضاربـات عقاريـة تسـتهدف جنـي أربــاح أكبــر مــن الأوعية العقاريــة بالرفــع مــن قيمتهــا العمرانيــة أو بتحريرهــا مــن الارتفاقات المفروضــة ضمـن وثائـق التعميـر. وتُسـتغل الموافقـة المبدئيـة علـى منـح الاستثناء كوسـيلة للرفـع مـن ثمـن بيـع الأراضي خلال المعاملات العقاريــة. وهــذا هــو الســبب الــذي جعــل الدوريــة الأخيرة تتصــدى لظاهــرة المضاربــة العقاريـة هـذه، حيـث نصـت علـى أن الاستثناء يخـص شـخصا ّ معينـا ولا يجـوز نقـل الاستفادة منـه للغيـر، وإلا اعتبـر باطلا. وكل القيـود المفروضـة علـى منـح الاستثناء، المعتمـدة منـذ 2010 بـدءا مـن اسـتيفاء شـروط تقديــم الملــف، وانتهــاء بإجــراءات المحافظــة علــى الأمكنة المخصصــة للمرافــق العموميــة، والمســاحات الخضـراء، وغيرهـا، تؤكـد مـا تمـت ملاحظته مـن تفشـي ظاهـرة المضاربـات العقاريـة.[46]
لا شــك أن ظواهــر التأثيــر علــى البيئــة، والمضاربــات العقاريــة، وغيــاب الشــفافية، وعــدم التحكــم فــي التوســع العمرانــي وفــي إعــادة التشــكيل المجالــي، الناتجــة عــن تدبيــر عمرانــي يعتمــد مســطرة الاستثناء، وتغيــب عنــه الرؤيـة الشـمولية، ويقتصـر علـى دراسـة كل ملـف بطريقـة منعزلـة، قـد يـؤدي إلـى خلـق نمـط إنتـاج عمرانـي منحصـر ومعـزول، تغيـب عنـه الرؤيـة الشـمولية، ممـا قـد يـؤدي إلـى خلـق التمايـز المجالـي وعـدم الانسجام السوسـيو-اقتصادي والمعمـاري والبيئـي،[47] أثاره السلبية تتجلى في المظاهر الآتية:
- تعميــم العمــل بمســطرة الاستثناء يــؤدي إلــى المســاس بالتوجهــات الكبــرى لوثائــق التعميــر وبمقتضياتهــا. هكــذا تفقــد هــذه الوثائــق قوتهــا القانونيــة، لتُختــزل إلــى مجــرد وثائــق مرجعيــة للاستئناس؛
- مسـطرة الاستثناء تحـول دون إدراج التهيئـة العمرانيـة فـي منظـور تنمـوي مجالـي مسـتدام، نظـرا لكونهـا تغيـر جذريـا َّ التوجهـات المتضمنـة فـي وثائـق التعمير؛
- يعبــر هــذا النظــام عــن مقاربــة تجزيئيــة للتنميــة المجاليــة، ويؤثــر ســلبا فــي التخطيــط العمرانــي، ويغيــر جوهريـا قـرارات التهيئـة التـي جـاءت بهـا وثائـق التعميـر، كمـا أنـه يخلخـل الأولويات والتراتبيـات، فـي مجـال تتداخـل فيـه قضايـا إعـداد التـراب والتعميـر والسـكن. لا يسـمح بـإدراج المشـاريع ضمـن منظـور التنميـة الترابيـة المسـتدامة؛
- تسـاهم مسـطرة الاستثناء فـي خلـق نمـط إنتـاج عمرانـي مغـرق فـي المحليـة تغيـب عنـه الرؤيـة الشـمولية، ممـا قـد يـؤدي إلـى خلـق التنافـر وعـدم الانسجام المجالـي. ومـن المعلـوم أنـه دون رؤيـة شـمولية موجهـة، يسـتحيل التحكـم فـي تحولات المجـال ومآلـه؛
- احتمـال الاستغلال المفـرط للتجهيـزات والتقليـص مـن المسـاحات العموميـة، عبـر الاقتطاع مـن الفضـاءات َّ المخصصـة للمرافـق العموميـة، بـل إلغائهـا أحيانـا، لصالـح المشـاريع السـكنية، دون تعويضهـا بأخـرى، ممـا قــد يــؤدي إلــى عــدم تلبيــة الحاجيــات الأساسية للســاكنة. وقــد تتفاقــم هــذه الوضعيــة بالكثافــة الســكانية الشـديدة فـي بعـض المناطـق؛
- مـع توالـي الاستثناءات وتراكمهـا، يطـرح مشـكل إدمـاج المشـاريع المسـتفيدة مـن هـذه المسـطرة فـي وثائـق التعميـر؛
- تشكل المشاريع المستفيدة من الاستثناء في أغلب الحالات مسا بجودة المدن وبيئتها؛
- تُقدم طلبات الاستثناء، في أغلب الأحيان، دون استحضار قواعد النظافة وجمالية المجال؛
- ينتـج عـن إعمـال مسـطرة الاستثناء بعـض الحيـف الاجتماعي، علـى اعتبـار أن الجميـع يجـد نفسـه ملزمـا بتحمـل الكلفـة الإضافية الناتجـة عـن تفعيلهـا، بينمـا البعـض فقـط هـو الـذي يجنـي أرباحهـا؛
- إزالة المواقع المخصصة للساحات العمومية والمساحات الخضراء يؤثر في جودة حياة الساكنة؛ –
- إغـراق الأنسجة الحضريـة القائمـة بكثافـة سـكانية مفرطـة، دون توفيـر مرافـق عموميـة تسـتجيب لحاجيـات السـاكنة، ممـا قـد يـؤدي إلـى المسـاس بجماليـة بعـض الأنسجة
- إنجــاز المشــاريع التــي حظيــت بالموافقــة المبدئيــة غيــر مؤكــد. هكــذا تظــل الآثار الاقتصادية الحقيقــة لمســطرة الاستثناء دون الأهداف المعلنة فــي الدوريــات؛
- اعتمــاد معاييــر دنيــا فــي إنجــاز المرافــق السوســيو-جماعية، فمثلا المســاحات المخصصــة للمنشــآت التعليميــة غالبــا مــا تكــون غيــر كافيــة؛
- الطريقــة التــي تفعــل بهــا الإدارة مســطرة الاستثناء تــؤدي إلــى منــح بعــض الامتيازات فــي مجــال التعميــر لبعــض الفاعليــن علــى حســاب آخريــن، ممــا يمــس بالتنافســية الاقتصادية بيــن مختلــف المســتثمرين؛
- نظام الاستثناء يحرم الدولة من وسائل مالية في إطار قانوني، من خلال اللجوء إلى حلول مالية ترقيعية؛
- التدبير العمراني القائم على الدوريات يؤخر الإصلاح التشريعي والتنظيمي الضروري؛
- تدبيـر المشـاريع وفـق مقاربـة تجزيئيـة دون رؤيـة مشـتركة بيـن كل الفاعليـن يؤثـر سـلبا فـي نمـط الحكامـة المحليـة؛
خاتمة
لقد أكدت المناظرة الوطنية للسياسة العقارية للدولة أن الدولة لا تتوفر على سياسة عقارية فكل ما هنالك هو تعدد في وثائق التعمير، وقد تبين بالملموس من الواقع العملي بأن إعداد وثائق التعمير كثيرا ما يفتقر إلى مفهوم العدالة العقارية، التي تعتبر وسيلة ناجعة لتنمية الثروة من خلال الخلل في توزيع الأعباء والارتفاقات. وعلى هذا الأساس يجب أن يكون الإنسان في صلب السياسة العقارية وليس العقار ذاته، وذلك بضمان تحصين الملكية العقارية وتعزيز الأمن العقاري، ومشاركته في توزيع عائدات العقار بكل شفافية وبعيدا عن الزبونية والمحسوبية.[48]
و في نفس السياق يبـدو أن مسـطرة الاستثناء تكـرس تنظيمـا عمرانيـا علـى هامـش القانـون، مـن المؤكـد أنـه لا يـؤدي إلـى خدمـة الصالـح العـام وإلـى التحكـم فـي التطـور العمرانـي،[49] خاصة وأن هذه المسطرة والتي تعتبر بمثابة مساعدة تقدمها الدولة أضحت مدخلا أساسيا للريع غير المستحق، لأن ظهور هذه الفئة من المنعشين العقاريين، ساهم في تأسيس أوضاع عقارية غير مقبولة، وخلق نوعا من النفور لدى باقي المستثمرين بالمناطق الجغرافية المعنية، فهم يعتبرون بأن الاستفادة من هذا الاستثناء هي تجسيد للامتياز والتفاوت بين مراكز الإنتاج في السوق العقارية، مما ينعكس على المنافسة العقارية، ويضيق من نطاقها، وهو ما ليس في مصلحة المستهلكين ولا في مصلحة المتنافسين، خاصة وأن الدافع من وراء الحصول على الاستثناء قد يتعلق بتمرير المضاربات العقارية تحت غطاء مشاريع استثمارية،
وعليه أصبح من الضروري التفكير في اتجاه جعل التعمير مدخلا للعدالة العقارية لإذكاء الشعور بالتساوي وتقليص الهوة بين شرائح المجتمع، ذلك أن إقرار العدالة الاجتماعية والانصاف من خلال التعمير يعتبر ممكنا إذا ما تم إعماله وفق الشكل المطلوب.[50] وهو ما دعا إليه جلالة الملك من خلال الرسالة الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية للسياسة العقارية والتي جاء فيها ما يلي : ” إذا كان للعقار دور أساسي في مجال التعمير والتخطيط العمراني، فإن وثائق التعمير واليات التخطيط، ينبغي أن تستهدف المواطن. وهو ما يتطلب العمل على التهيئة الجيدة للفضاء العمراني، والحد من التفاوتات المجالية، وتكريس العدالة الاجتماعية، بدل أن تكون هذه الوثائق وسيلة للمضاربة، التي تتنافى مع مصالح المواطنين. كما يتعين على التعمير أن يكون آلية لإرساء العدالة العقارية في توزيع الأعباء والارتفاقات المقررة للمصلحة العامة بين ملاك الأراضي، وضمان توزيع عادل لفائض القيمة الناجم عن وثائق التعمير.”[51]
لائحة المراجع المعتمدة:
المؤلفات:
- الحاج شكرة، توجهات وثائق التعمير في مجال العقار، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 124 شتنبر – أكتوبر 2015.
- الهادي مقداد، “السياسة العقارية في ميدان التعمير و السكنى”، مطبعة النجاح الجديدة–الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2000/1421.
- عمر مبروك، المنافسة في السوق العقارية، منشورات المعهد الوطني للتهيئة التعمير.
الأطروحات:
- نبيل لبيب، انعكاس إجبارية التحفيظ العقاري على السياسة العقارية بالمغرب – دراسة تقييمية – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية فاس، السنة الجامعة 2019/2020، المقالات والمجلات:
- أحمد المالكي، مخططات التهيئة والبعد الزمني بالمغرب، التعمير والحكامة المجالية وفق اخر المستجدات التشريعية والقضائية، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد الخاص رقم 11.
- عثمان حجة، وثائق التخطيط الحضري: مكامن الخلل ومداخل الإصلاح، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 146 ماي – يونيو 2019.
- العربي مياد، العدالة العقارية على ضوء التوجيهات الملكية ومقررات مجلس الوسيط، مقال منشور على موقع العلوم القانونية:marocdroit.com 16/09/2002 على الساعة 22 :42 .
- العربي مياد، أهمية العقار في البرنامج الحكومي، الموقع الالكتروني: hespres.com السبت 13 ماي 2017 ، على الساعة 19:52.
- مجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية، العدد الثالث عشر – أبريل 2018.
- مجلة مؤسسة وسيط المملكة العدد 2 غشت 2014.
التقارير الرسمية
- رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014 ص: 12منشور في الموقع الالكتروني: cese.ma
- رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “أي دينامية عمرانية من أجل تهيئة مستدامة للساحل؟” إحالة ذاتية رقم 61/2022، ص: 21 منشور في الموقع الالكتروني: cese.ma .
- تقرير تركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب أهم عناصر التشخيص، المناظرة الوطنية للسياسة العقارية، دجنبر 2015.
- التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2022.
- تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2010
- عبد اللطيف برحو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب تحت إشراف السيد رئيس مجلس النواب، السؤال الكتابي رقم 3102 بتاريخ نونبر 2017، بخصوص تطبيق مبدأ العدالة العقارية على مستوى إعداد تصاميم تهيئة بمدينة طنجة، 29 مارس 2018.
الرسائل والخطب الملكية السامية:
– الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة المنعقدة بالصخيرات 8 و 9 دجنبر 2015.
الدوريات:
- دورية الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير رقم 6690 بتاريخ 2 مايو 2003 موجهة إلى السيدات والسادة مديري الوكالات الحضرية والمكلفين بالخلايا الإدارية الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية حول اعتماد المرونة والعدالة العقارية في وثائق التعمير.
- الدورية رقم 254 بتاريخ 12 فبراير 1999 الصادرة عن وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان والبيئة، المتعلقة بالمساطر المتبعة في دراسة مشاريع الاستثمار.
- الدورية الوزارية رقم 622 بتاريخ 08 ماي 2001 المغيرة للدورية 254.
- الدورية الوزارية المشتركة رقم 3020/27 المتعلقة بالشروط التي تستفيد بموجبها مشاريع الاستثمار من الاستثناءات في مجال التعمير بتاريخ 04 مارس 2003.
- الدورية الوزارية المشتركة رقم 10098/31 المتعلقة بالشروط التي تستفيد بموجبها مشاريع الاستثمار من الاستثناءات في مجال التعمير بتاريخ 06 يوليوز 2010.
- دورية الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير رقم 6690 بتاريخ 2 مايو 2003 موجهة إلى السيدات والسادة مديري الوكالات الحضرية والمكلفين بالخلايا الإدارية الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية حول اعتماد المرونة والعدالة العقارية في وثائق التعمير، أحمد توفيق احجيرة، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير، منشور في دليل الجماعات المحلية – الشرطة الإدارية.
[1]– الحاج شكرة، توجهات وثائق التعمير في مجال العقار، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 124 شتنبر – أكتوبر 2015، ص: 168.
[2]– تقرير تركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب أهم عناصر التشخيص، المناظرة الوطنية للسياسة العقارية، دجنبر 2015.
[3]– من أهم الإكراهات المسجلة في مجال التخطيط العقاري والتهيئة العمرانية:
– تعدد النصوص القانونية المؤطرة لمجال التعمير والتخطيط العمراني، وعدم ملائمة البعض منها للمعطيات الاقتصادية والاجتماعية الجديدة.
– تعدد الفاعلين المؤسساتيين في مجال التعمير والتخطيط العمراني وتداخل اختصاصاتهم أحيانا في غياب التنسيق والالتقائية، وعدم وجود رؤية شمولية واستراتيجية في مجال التخطيط العمراني وإعداد التراب.
– استنزاف للعقار العمومي لتلبية المشاريع التنموية في غياب تجديد للاحتياطي العقاري للدولة.
– بطء مسطرة إنجاز واعتماد وثائق التعمير.
– عجز وثائق التعمير عن تدبير التهيئة المجالية وعن مواكبة الدينامية الحضرية، واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
ضعف ومحدودية تنزيل مقتضيات وثائق التعمير على أرض الواقع، بما في ذلك إنجاز البنيات التحتية والتجهيزات والمرافق العمومية ذات الطابع الإداري والاقتصادي والاجتماعي.
– ضعف تفعيل إجراء تخصيص مناطق للاحتياط العقاري..
– ضعف فعالية تدخل الدولة في مجال ضبط السوق العقارية وعدم نجاعة النظام الضريبي في المضاربة العقارية.
– صعوبة تدبير حالة الشياع بين الملاك..
– تجميد الأراضي بسبب المضاربة العقارية.
– تقرير تركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب أهم عناصر التشخيص، المناظرة الوطنية للسياسة العقارية، دجنبر 2015، ص: 12
[4]– دورية الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير رقم 6690 بتاريخ 2 مايو 2003 موجهة إلى السيدات والسادة مديري الوكالات الحضرية والمكلفين بالخلايا الإدارية الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية حول اعتماد المرونة والعدالة العقارية في وثائق التعمير.
[5]– الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية المنعقدة بالصخيرات 8 و 9 دجنبر 2015.
[6]– العربي مياد، العدالة العقارية على ضوء التوجيهات الملكية ومقررات مجلس الوسيط، مقال منشور على موقع العلوم القانونية : www.marocdroit.com 16/09/2002 على الساعة 22 :42 .
[7]– عبد اللطيف برحو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب تحت إشراف السيد رئيس مجلس النواب، السؤال الكتابي رقم 3102 بتاريخ نونبر 2017، بخصوص تطبيق مبدأ العدالة العقارية على مستوى إعداد تصاميم تهيئة بمدينة طنجة، 29 مارس 2018.
[8]– الحاج شكرة، توجهات وثائق التعمير في مجال العقار، ص: 189.
[9]– العربي مياد، العدالة العقارية على ضوء التوجيهات الملكية ومقررات مجلس الوسيط، مقال منشور على موقع العلوم القانونية:www.marocdroit.com 16/09/2002 على الساعة 22 :42 .
[10]– العربي مياد، العدالة العقارية على ضوء التوجيهات الملكية ومقررات مجلس الوسيط، مرجع سابق.
[11]– منشور بمجلة مؤسسة وسيط المملكة المغربية، العدد الثالث عشر – أبريل 2018، ص:70.
[12]– العربي مياد، العدالة العقارية على ضوء التوجيهات الملكية ومقررات مجلس الوسيط، مرجع سابق.
[13]– منشور بمجلة المحاكم الإدارية، مرجع سابق، ص: 175
[14]– قرار رقم 500 في الملف الإداري عدد 95/63 منشور بمجلة المجلس الأعلى ضمن أهم القرارات الصادرة في المادة الإدارية 1958 – 1977 ص: 473.
[15]-منشور بمجلة مؤسسة وسيط المملكة العدد 2 غشت 2014، ص: 63.
[16]– منشور بمجلة مؤسسة وسيط المملكة العدد 2 غشت 2014 ص: 66
[17]– العربي مياد، العدالة العقارية على ضوء التوجيهات الملكية ومقررات مجلس الوسيط، مرجع سابق.
[18]– عثمان حجة، وثائق التخطيط الحضري: مكامن الخلل ومداخل الإصلاح، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 146 ماي – يونيو 2019، ص: 354 .
[19]– تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول “دراسة التأثيرات المترتبة على الاستثناءات في مجال التعمير”
[20]– عثمان ججة، مرجع سابق، ص : 355.
[21]– الحاج شكرة، مرجع سابق، ص:191.
[22]– عثمان ججة، مرجع سابق، ص : 357 و 358.
[23]– أحمد المالكي، مخططات التهيئة والبعد الزمني بالمغرب، التعمير والحكامة المجالية وفق اخر المستجدات التشريعية والقضائية، منشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، العدد الخاص رقم 11، ص: 102.
[24]– أحمد المالكي، مرجع سابق ، ص: 101
[25]– عثمان ججة، مرجع سابق، ص : 357
[26]– أحمد المالكي، مخططات التهيئة والبعد الزمني بالمغرب، مرجع سابق، ص: 103
[27]– عبد الهادي مقداد، مرجع سابق، ص: 290
[28]– نبيل لبيب، انعكاس إجبارية التحفيظ العقاري على السياسة العقارية بالمغرب – دراسة تقييمية – أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاجتماعية والاقتصادية فاس، السنة الجامعة 2019/2020، ص: 87 و88.
[29]– عمر مبروك، اقتراحات عملية تخص وثائق التعمير في ظل القوانين الجاري بها العمل، ص: 3.
[30]– عمر مبروك، المنافسة في السوق العقارية، منشورات المعهد الوطتي للتهيئة والتعمير.
[31]– رأي المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي : “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014.
[32]– عثمان حجة، وثائق التخطيط الحضري: مكامن الخلل ومداخل الإصلاح، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 146 ماي – يونيو 2019، ص: 354 و 355.
[33]– الدورية رقم 254 بتاريخ 12 فبراير 1999 الصادرة عن وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان والبيئة، المتعلقة بالمساطر المتبعة في دراسة مشاريع الاستثمار.
– الدورية الوزارية رقم 622 بتاريخ 08 ماي 2001 المغيرة للدورية 254.
– الدورية الوزارية المشتركة رقم 3020/27 المتعلقة بالشروط التي تستفيد بموجبها مشاريع الاستثمار من الاستثناءات في مجال التعمير بتاريخ 04 مارس 2003.
– الدورية الوزارية المشتركة رقم 10098/31 المتعلقة بالشروط التي تستفيد بموجبها مشاريع الاستثمار من الاستثناءات في مجال التعمير بتاريخ 06 يوليوز 2010.
تجدر الإشارة إلى أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2010 انتقد مسألة الموافقة على استثناء قوانين التعمير على أساس دوريات باعتبار أنه يشكل خرقا لمبدأ توازي الأشكال المقرر في القانون بحيث أن الدورية ليست لها قيمة تنظيمية إثباتية إلا لأعضاء لجنة الاستثناءات الذين ينتمون للوزارات المعنية، ولهذا فهي لا تشكل سوى تعليمات داخلية لا يمكن فرضها مبدئيا على الأغيار، وهو ما تم تجاوزه بصدور القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكـــز الجهويـــة للاستثمار وبإحـــداث اللجـــان الجهوية الموحـــدة للاستثمار.
[34]– – رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير، إحالة ذاتية رقم 11/2014، ص: 6.
[35]– دورية الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير رقم 6690 بتاريخ 2 مايو 2003 موجهة إلى السيدات والسادة مديري الوكالات الحضرية والمكلفين بالخلايا الإدارية الجهوية للتعمير والهندسة المعمارية حول اعتماد المرونة والعدالة العقارية في وثائق التعمير، أحمد توفيق احجيرة، الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلف بالإسكان والتعمير، منشور في دليل الجماعات المحلية – الشرطة الإدارية.، ص: 273
[36]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “أي دينامية عمرانية من أجل تهيئة مستدامة للساحل؟” إحالة ذاتية رقم 61/2022، ص: 21 منشور في الموقع الالكتروني: www.cese.ma
[37]– توصية وسيط المملكة في الملف عدد 19/19950، التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2022، ص: 112
– توصية وسيط المملكة في الملف عدد21/29451 التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2022، ص: 138
[38]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014 ص: 12منشور في الموقع الالكتروني: www.cese.ma
[39]– عمر مبروك، مرجع سابق، ص: 243
[40]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014 ص: 60 منشور في الموقع الالكتروني: www.cese.ma
[41]– تعميم العمل بمسطرة الاستثناء يؤدي إلى المساس بالتوجهات الكبرى لوثائق التعمير وبمقتضياتها، وهكذا تفقد هذه الوثائق قوتها القانونية لتختزل إلى مجرد وثائق استشارية.- مسطرة الاستثناء تحول دون إدراج سياسات إعداد التراب في منظور تنموي مجالي مستدام، نظرا لكونها تغير جذريا توجهات إعداد التراب المتضمنة في وثائق التعمير.
[42]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير، إحالة ذاتية رقم 11/2014، ص: 14 و 16.
[43]– العربي مياد، العدالة العقارية على ضوء التوجيهات الملكية و مقررات وسيط المملكة، ص: 4.
[44]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014 ص: 16منشور في الموقع الالكتروني: www.cese.ma
[45]– عمر مبروك، مرجع سابق، ص: 245
[46]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014 ص: 59منشور في الموقع الالكتروني: www.cese.ma
[47]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014 ص: 17، منشور في الموقع الالكتروني: www.cese.ma
[48]– العربي مياد، أهمية العقار في البرنامج الحكومي، الموقع الالكتروني: www.hespres.com السبت 13 ماي 2017 ، على الساعة 19:52.
[49]– رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “دراسة التأثيرات المترتبة عن الاستثناءات في مجال التعمير”، إحالة رقم 11/2014، ص: 80. منشور في الموقع الالكتروني: www.cese.ma
[50]– عمر مبروك، مرجع سابق، ص: 248 و249
[51]– الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية المنعقدة بالصخيرات 8 و 9 دجنبر 2015.