بحوث قانونيةفي الواجهةمقالات قانونية

التقييدات المؤقتة الواردة على العقار المحفظ في التشريع المغربي – الباحث : محمد المهدي دربال

 


التقييدات المؤقتة الواردة على العقار المحفظ في التشريع المغربي

Temporary restrictions on reserved property in Moroccan legislation

الباحث : محمد المهدي دربال

طالب باحث بسلك الدكتوراه إطار بالمحافظة العقارية

لتحميل المجلة كاملة

مجلة القانون والأعمال الدولية : الاصدار رقم 49 لشهري دجنبر 2023 / يناير 2024

ملخص

ان التقييدات المؤقتة الواردة على العقار المحفظ ، وإن كانت لا تنتج أي أثر قانوني إلا بإشهارها عن طريق التقييد، فإنها ترمي إلى ضمان استيفاء حق شخصي أحيانا كالحجوز والإنذارات العقارية، أو تشكل وسيلة للمحافظة على حق عيني عقاري أحيانا أخرى، كالتقييد الاحتياطي والرهن المؤجل، فان تحول بعضها إلى تقييدات نهائية للحق المتنازع بشأنه بأثر رجعي، يترتب عنه انتقال ملكية الحق بصفة نهائية إلى صاحب التقييد المؤقت، فتتغير نتيجة لذلك المراكز القانونية لأصحاب التقييدات اللاحقة له، إذ يمكن أن تضيع حقوقهم ويتعذر استيفاؤها بسبب تغير المالك الذي تمت في مواجهته . فيكون مآل المراكز القانونية موضوع هذه التقييدات طبعا هو الضياع. هذا فضلا عن أن تحقق الحفاظ المؤقت على المراكز القانونية بالرسم العقارييتوقف على رتبة التقييد المؤقت المتعلق بها ضمن باقي التقييدات الأخرى التي قد يكون العقار محل النزاع مثقلا بها.

Abstract :

The provisional limitations on the reserved property, although they produce no legal effect other than by making them known through the restriction. They aim to ensure that a personal right, such as real estate warnings or constitute a means of preserving a real-estate right in some cases, such as a reserve restriction and a deferred mortgage, some of which have become final restrictions of the disputed right retroactively . As a result, ownership of the right shall be transferred definitively to the holder of the temporary restriction, as a result of which the legal status of the holders of the subsequent restrictions shall be changed . Their rights could be lost and could not be fulfilled because of the owner’s change. The fate of legal centres is, of course, the subject of these restrictions. Furthermore, the provisional preservation of legal centres by real estate charge depends on the level of temporary restriction to which it relates among other restrictions that the property in dispute may be overloaded .

مقدمة

تعتبر البنية العقارية إحدى الدعائم الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مختلف الدول من بينها المغرب، فهي تعد أفضل وسيلة للإنتاج، وعليها يتوقف جلب الاستثمار؛ لذلك فقد انصب البحث عن أنجع السبل الكفيلة للحفاظ على قيمتها من جهة وصيانة حقوق الملاك وأصحاب الحقوق من جهة أخرى.

غير أن اضطلاع العقار بهذه المهمة، يتوقف على وجود إطار قانوني يوضح بدقة معالمه ومساحته وحدوده ومالكه وتحملاته، ويمكن الجميع من التعامل فيه بكل ثقة واطمئنان، وهو ما تنبه إليه المشرع بحيث ما فتئ يتدخل من حين لآخر من أجل ضبطه، وذلك بوضع قوانين جديدة أو تعديل أو تغيير أو تتميم القوانين القديمة.

ولا شك أن نظام التحفيظ العقاري في المغرب يحكمه نظام الشهر العيني، الذي تفرد فيه للعقار صفحة خاصة به تقيد فيها التصرفات القانونية المتعاقبة التي ترد عليه، ويعتبر هذا النظام من أفضل ما أفرزته الصياغة التشريعية كنظام يكفل حماية قانونية في مواجهة الأطراف المتعاملين بشأنه، وكذا في مواجهة الأغيار، على اعتبار أنه يحقق الاطمئنان إلى البيانات الواردة بالرسوم العقارية، ويساهم في دعم الائتمان بفضل إشهار التصرفات العقارية وافتراض العلم بها من طرف الكافة استنادا إلى قرينة التسجيل.

وإذا كانت القاعدة في التشريع العقاري المغربي أن للتقييد في الرسم العقاري أثرا إنشائيا للحق بين الطراف والغير فهو يتمتع بالقوة الثبوتية عملا بمقتضيات الفصول 65-66-67 من ظهير التحفيظ العقاري والمادة 2 من مدونة الحقوق العينية، فإن هناك تقييدات مؤقتة وإن كانت لا تنتج أي أثر قانوني إلا بإشهارها عن طريق التقييد، فإنها ترمي إلى ضمان استيفاء حق شخصي أحيانا كالحجوز والإنذارات العقارية، أو تشكل وسيلة للمحافظة على حق عيني عقاري أحيانا أخرى، كالتقييد الاحتياطي والرهن المؤجل، وبالتالي فإن التقييدات المؤقتة تتنوع وتختلف تبعا للأهداف المتوخاة من كل تقييد مؤقت على حدة.

ونظرا للطابع الوقتي لهذه التقييدات فهي لا تبقى على سبيل التأبيد، فالعقار لا يبقى مثقلا بها وإنما لابد أن تنقضي إما بقوة القانون أو بحكم قضائي أو باتفاق الأطراف، الشيء الذي قد يؤثر إما سلبا أو إيجابا على المراكز القانونية لأصحاب الحقوق محل التقييدات المؤقتة.

انطلاقا من الموضوع الذي سنحاول دراسته والمتعلق بالتقييدات المؤقتة الواردة على العقار المحفظ في التشريع المغربي، يمكن طرح الإشكالية الجوهرية لهذا الموضوع على الشكل الآتي: إلى أي حد استطاع المشرع المغربي من خلال سنه للتقييدات المؤقتة توفير الحماية للمتعاملين بشأن العقارات المحفظة؟ إن الإجابة عن هذه الإشكالية يستدعي منا تناول الموضوع من خلال طرح أسئلة أخرى من الأهمية بمكان وهي: ما المقصود بالتقييدات المؤقتة؟ ماهي شروط إجرائها ؟ ما هي الحقوق التي يمكن أن تكون موضوعا للتقييدات المؤقتة؟ ما هي الآثار المترتبة عنها ؟

المطلب الأول: ماهية التقييدات المؤقتة

لم يبادر المشرع المغربي إلى إعطاء تعريف محدد للتقيدات المؤقتة؛ لأن أحكامها وردت في نصوص قانونية متفرقة، الشيء الذي دفع الفقهاء إلى استنباط عدة تعاريف فقهية تنسجم مع الغاية التي شرعت من أجلها. وتختلف بحسب طبيعة الحق الذي ترمي إلى ضمانه والحفاظ عليه؛ وذلك نظرا للطابع الوقتي لهذه التقييدات وهو الحماية المؤقتة للحقوق موضوع التقييدات المؤقتة بالرسم العقاري، وبالتالي فإن التقييدات المؤقتة تمكن أصحابها من الحفاظ على مراكزهم القانونية وإجبار المدينين بالوفاء بالتزاماتهم اتجاه الدائنين وذلك حفاظا على مبدأ استقرار المعاملات. (الفقرة الأولى )

    ويقتضي إجراء التقييدات المؤقتة بالرسم العقاري توافر مجموعة من الشروط لضمان المحافظة على الحقوق، سواء فيما يخص طبيعة العقار موضوع التقييد المؤقت، أو ضرورة تعلق الحق المتنازع عليه برسم عقاري . (الفقرة الثانية )

الفقرة الأولى : مفهوم التقييدات المؤقتة وتمييزها عن التقييدات النهائية

ذهب بعض الفقه إلى اعتبار التقييدات المؤقتة هي التي تهدف مؤقتا إلى الحفاظ على حق وراد على عقار محفظ تعذر تقييده في انتظار استكمال شروطه القانونية، والمشرع أوجد هذه التقييدات بهدف الحد أو التخفيف من اطلاقية مبدأ القوة الثبوتية المطلقة لقيود السجل العقاري، هذا المبدأ الصارم الذي يأخذ به النظام العقاري حماية لحقوق الغير المقيد عن حسن نية.

أما البعض الآخر، فقد ذهب إلى القول أن التقييدات المؤقتة هي تلك الإجراءات المسطرية التي يتم سلوكها من قبل الدائنين، ومباشرة تقييدها بالرسم العقاري لإشهار المراكز القانونية المتعلقة به في مواجهة الأغيار، وذلك لضمان استيفاء حق شخصي أو عيني على الرسم المذكور، وهذه الإجراءات يتعين ممارستها أمام القضاء الاستعجالي والموضوعي أحيانا، أو مباشرة أمام المحافظ العقاري أحيانا أخرى.

ويرى جانب آخر من الفقه، أن التقييدات المؤقتة هي التي تدون في الرسم العقاري بشكل غير نهائي، إضافة إلى أنها عارضة ومؤقتة تنتهي بانتهاء مدة محدودة سلفا، أو بتحقق واقعة وتصبح بعدها لاغية لا قيمة لها وحتى ولو لم يشطب عليها، وكذلك احتياطية؛ الغرض منها الإشهار للعموم بأن الحق الذي تنسحب عليه مهدد بالانتقال أو بالزوال أو بالتعديل أو بإعادة تقييد ما سبق تشطيبه.

ونحن نعتقد، أن التقييدات المؤقتة هي التي يتم إشهارها بالرسم العقاري مؤقتا حفاظا على المراكز القانونية لأصحابها من جهة وإعلام الغير الذي سيقدم على التعامل بالعقار المثقل بهذا النوع من التقييدات من جهة ثانية، فتنبيه الأغيار بأن العقار المراد التعامل بشأن مثقل بتقييد مؤقت يهدم قرينة حسن النية المفترضة فيهم من طرف المشرع وتصبح تصرفاتهم القانونية الواردة على العقار المثقل بتقييدات مؤقتة غير محصنة من الطعن عملا بمفهوم المخالفة للفصل 66 من ظ ت ع والمادة 2 من ح ع، وهذا ما أكدته محكمة النقض في قرار صادر بغرفتين؛ حيث اعتبرت من خلاله “عنصر العلم بالبيع السابق يعد واقعا ثابتا ينفي حسن نية المشتري الثاني، والمحكمة استخلصت عنصر سوء نية هذا الأخير من كونه عندما أقدم على التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري المبيع والحال أن هذا الأخير مثقل بتقييد احتياطي قبله، وبالتالي فإن دعوى التشطيب على عقد بيع المشتري الثاني المقدمة في إطار الفصل 66 من ظهير 12 عشت 1913 لا تقتضي استصدار حكم سابق بإبطال التصرف.”

وبالتالي فإن التقييدات المؤقتة تهدف إلى تنبيه الأغيار المتعاملين بشأن الرسوم العقارية أن هناك حقوق لفائدة أصحاب تلك التقيدات، يتعين استيفاؤها ضد المالك المدين أو ضد الملتزم بحق عيني أو تعديله أو إسقاطه أو إنهائه.

وتجدر الإشارة أن المجال الخصب للتقييدات المؤقتة نجدها في الحالات التي لا يوفي فيها المدينين بديونهم في الأجل المتفق عليه، أو في الحالة التي يشوب العقد المبرم بين الطرفين خلل شكلي يحول دون تقييده، أو عندما يمتنع البائع من إتمام إجراءات البيع مع المشتري فيضطر الدائن – نتيجة لذلك- إلى ممارسة مجموعة من المساطر القضائية وإجراء تقييدها مؤقتا؛ قصد الحفاظ على حقه.

وكما لا يخفى على أحد أن التقييدات التي ترد على الرسم العقاري تنقسم إلى نوعين أولها: تقييدات نهائية للحق، وثانيها تقييدات مؤقتة، الشيء الذي يستدعي منا التمييز بينهما على مستويين: يتعلق الأول بالحجية، أما الثاني فيتعلق في الأثر القانوني.

ففيما يخص المستوى الأول، تجدر الإشارة أن التقيدات النهائية تتمتع بالأثر الإنشائي للحق وبالقوة الثبوتية والحجية في مواجهة المتعاقدين والغير منذ تاريخ التقييد ما لم تقع أسباب قانونية يترتب عنها إلغاء هذه الحقوق أو انقضائها أو صدور حكم نهائي بعدم الاعتراف بالحق المقيد بالرسم العقاري، حينئذ يتم التشطيب على التقييد المنجز من قبل المحافظ على الأملاك العقارية، في حين أن التقييدات المؤقتة لا تنشئ الحق وإنما تنبئ باحتمال وجوده وإمكانية استكمال شروطه القانونية مستقبلا فقد يتحقق ذلك أو لا يتحقق.

وبعبارة أخرى إن التقييدات النهائية لها حجة قانونية بالنسبة لأشخاص الذين اكتسبوا حقوقا عليه أنهم هم المالكون الحقيقيين لها دون غيرهم، أي أنها تعتبر قرينة تشريعية قاطعة على أن المقيد في الرسم العقاري هو المالك بالنسبة للغير. فصاحب الحق المقيد في السجل العقاري بمنأى من أن ينازعه أحد في حقه؛ لأن التقييد يضمن ثبات واستقرار حقه. والحجية المطلقة التي تتمتع بها التقييدات النهائية لا تسري فقط في مواجهة الكافة بل كذلك في مواجهة تقييد السلف. إذ أن المستفيد من التقييد النهائي وفق بيانات الرسم العقاري يكون في حل من أي تأثير على مراكزه القانونية في حالة إبطال تقييد سلفه لأي سبب من الأسباب من طرف القضاء، ولا يمكن تنفيذه في مواجهة الغير مقيد عن حسن نية باعتباره خلفا لسلفه. وقد كرس القضاء المغربي نفس الاتجاه معتبرا ما يلي: “إذا تصرف المشتري في الحقوق التي اشتراها بالصدقة وسجلت هذه الصدقة في الرسم العقاري الذي لم يكن مثقلا بأي تقييد أو تحمل، فإن هذا التقييد يعتبر قد تم بحسن نية، وأن الحكم الصادر على المتصدق باستحقاق ما اشتراه بالشفعة لايمكن تنفيذه في مواجهة المتصدق عليه المسجل بحسن نية، والذي لم يكن طرفا في ذلك الحكم لو كان المتصدق عليه ابنا للمتصدق.”

أما حجية التقييدات المؤقتة فهي نسبية ومؤقتة بين المتعاقدين لكون الحق المتعلق بالعقار المحفظ لازال محل نزاع بين المتعاقدين، وأن مجرد تقييد المقال الافتتاحي للدعوى مؤقتا بالرسم العقاري لا يخوله الوجود القانوني النهائي، وإنما تظل حجية التقييدات المؤقتة تدور وجودا وعدما مع اعتراف القضاء لصاحب التقييد المؤقت بالحق نهائيا من عدمه، فإذا كان الحكم النهائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به إيجابيا بالنسبة إليه، فإن حجية التقييد النهائي لهذا الحكم يسري مفعوله بأثر رجعي من تاريخ التقييد المؤقت، أما في حالة العكس يلزم التشطيب عليه من طرف المحافظ بناء على طلب من له مصلحة دون الحاجة إلى صدور الحكم بالتشطيب بناء على مقتضيات الفصل 91 من ظ ت ع.

وفيما يتعلق بالمستوى الثاني، أي الأثر القانوني؛ فإذا كانت التقييدات المؤقتة تتشابه مع التقييدات النهائية في وجوب إشهارها عن طريق التقييد في الرسم العقاري فإن أثرهما مختلف، ذلك أن التقييدات النهائية لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا بالتقييد. فالمشرع المغربي قرر قاعدة في غاية الأهمية تفيد بأن التسجيل أو التقييد في الرسم العقاري له أثر منشئ للحق، ويعني أن تصرفات الأفراد المتعلقة بالحقوق العينة العقارية لا تنشأ إلا بمقتضى واقعة التقييد في الرسم العقاري ودون اعتبار أية وسيلة أخرى.

ذلك أن التصرف الذي يتم تقييده يصبح الحق بمقتضاها موجودا وثابتا، في حين أن صاحب الحق الذي لم يتم تقييده لا يتوفر على أية فائدة قانونية مهما كانت السندات التي يعتمدها عليها لإثبات حقه، ويترتب على الأثر التأسيسي للتقييدات النهائية نتيجتين:

النتيجة الأولى: إيجابية تتمثل فيالاعتراف القانوني بالحقوق المقيدة فيما بين الأطراف وفي مواجهة الأغيار، فلكي يقيد الحق يجب أن يكون مأخوذا عند صاحب الحق السابق مما يعني أنه في حالة ما إذا كان الحق العيني موضوع عدة انتقالات أو اتفاقيات متتالية، فإنه لا يمكن تقييد آخر انتقال إلا بعد تقييد الاتفاقيات السابقة.

أما النتيجة السلبية: حيث ينتج عن عدم التقييد عدم الاعتراف بالوجود القانوني للحقوق، وهذا في نظرنا قد يؤدي إلى إهدار حقوق العديد من الأفراد ذوي النية الحسنة، خصوصا الأشخاص الذين يعذرون على جهلهم بالقواعد القانونية.

وفيما يخص الأثر القانوني للتقييدات المؤقتة، فإن إنشاء المراكز القانونية للحفاظ على الحقوق المتعلقة بعقار محفظ لا يتحقق إلا بمبادرة من له المصلحة إلى إجراء تقييد مؤقت بالرسم العقاري حتى يتأتى بمقتضاه لصاحب التقييد المذكور الاستفادة من تحويله إلى تقييد نهائي للحق بأثر رجعي في حالة وقوعه داخل الأجل القانوني المحدد لصلاحية التقييد المؤقت أو حصوله على حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يعترف بالحق موضوع التقييد المؤقت بالرسم العقاري، وتقييد هذا الحكم النهائي يكون بأثر رجعي منذ تاريخ التقييد المؤقت ولا يحق بذلك للغير الذي اكتسب حقا على نفس العقار المحفظ موضوع التقييدات الاحتجاج بحسن نيته في مواجهة صاحب التقييد المؤقت لأنه قبل التعامل بشأن الرسم العقاري رغم كونه مثقلا بتقييد مؤقت.

هذا وتجدر الإشارة أن المشرع استثنى بعض التقييدات المؤقتة من الإشهار بواسطة التقييد في الرسم العقاري، ورتب لها نفس الأثر القانوني الذي تتمتع به باقي التقييدات المؤقتة، ويتعلق الأمر بالرهن المؤجل؛ بحيث ينتج أثره القانوني في مواجهة المتعاقدين والأغيار بالرغم من عدم تقييده في نظير الرسم العقاري. أما الحجز العقاري كتقييد مؤقت بالرسم العقاري فإن الأثر القانوني للمركز القانوني في مباشرة إجراءات البيع الجبري لعقار المدين يكون من تاريخ إجراء تقييد الأمر الرسمي بالحجز وفقا لمقتضيات الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري، ويمتد هذا الأثر إلى منع المحافظ من إجراء أي تقييد جديد من تاريخ التقييد بالرسم العقاري حسب الفصل 87 من ظ ت ع، وفي هذا الصدد قصت محكمة النقض في أحد قراراتها: “…حيث صح مانعته الوسيلة ذلك أنه بمقتضى الفصل87 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، لا يمكن أن يباشر على الرسم العقاري أي تقييد جديد لحق عيني بعد إجراء الحجز العقاري وتسجيله بالرسم العقاري خلال مدة وجود الحجز، وإذ يكون بينا من أوراق الملف أن العقار موضوع النزاع محل حجز تحفظي مقيد بتاريخ 27-06-2000، وحجز تنفيذي مسجل بتاريخ 29-04- 2003، فإن محكمة لما قضت بالإذن للمحافظ بتسجيل الحكم في الصك العقاري عدد36542/س بالرغم من وجود حجز مضروب عليه تكون قد خرقت القانون وعرضت قرارها للنقض.”

أما بالنسبة للإنذار العقاري كتقييد مؤقت، فإن أثره يقتصر من جهة أولى على إعلام الكافة بممارسة الدائن المرتهن لإجراءات تحقيق رهنه؛ وذلك بطرح العقار المرهون للبيع بالمزاد العلني قصد استيفاء مبلغ الدين المضمون بالرهن من منتوج البيع، ومن جهة ثانية فهو يمنع المحافظ من إجراء أي تقييد جديد خلال جريان مسطرة بيع العقار بالمزاد العلني. وفيما يتعلق بالتقييد الاحتياطي كتقييد مؤقت كذلك فإن الآثار المترتبة عنه تتمثل في تجميد العقار وحرمان مالكه من التصرف فيه بالبيع أو الرهن، كما أنه يعين رتبة التقييد فيما بعد ابتداء من تاريخ إجرائه.

الفقرة الثانية: خصائص التقييدات المؤقتة

إن البحث في الخصائص التي تمتاز بها التقييدات المؤقتة يقتضي منا أولا، أن نقف عند طبيعتها القانونية التي اختلف فيها الفقه.

فلا يخفى على أحد، أن الطبيعة القانونية للتقييدات المؤقتة تختلف باختلاف الحق الذي ترمي إليه حمايته، فقد تتخذ طابع تحفظيا لغل يد المدين من التصرف في عقاره المحفظ ومنعه من تفويته للتأثير على الضمان العام المقرر للدائنين؛ وذلك عن طريق إجراء حجز تحفظي وتحويله إلى حجز تنفيذي يؤدي إلى بيع العقار بالمزاد العلني واستيفاء الدين من منتوج البيع، وقد يكون هذا الإجراء وقتيا في البداية ثم يتحول إلى تقييد نهائي ناقل للحق العيني على الرسم العقاري؛ وذلك عن طريق سلوك مسطرة التقيد الاحتياطي الذي رتب عليه المشرع سريان مفعوله بأثر رجعي منذ تاريخ إجرائه.

أما جانب آخر من الفقه، فيرى أن موضوع التقييد المؤقت يمكن أن يكتسي طابعا مختلطا كما هو الشأن مثلا بالنسبة للوعد بالبيع المبرم بين الطرفين، فقد يتسلم بمقتضاه البائع جزء من ثمن البيع كتسبيق ثم يمتنع عن إنجاز العقد النهائي، ففي هذه الحالة يمكن للمشتري إجراء تقييدين مؤقتين على الرسم العقاري المعني بالنزاع للحفاظ على حقوقه، الأول يتمثل في إجراء حجز تحفظي لضمان الحق الشخصي باستيفائه لجزء الثمن المسلم للبائع والثاني يتعلق بإجراء تقييد احتياطي لضمان نقل الحق العيني المتمثل في حق الملكية موضوع البيع.

ونحن نعتقد أن الطبيعة القانونية لهذه التقييدات المؤقتة تحفظية بالدرجة الأولى، لأن من شأنها منع المدين من تهريب أمواله عن طريق التفويت وعدم نفاد أي تصرف يجريه المدين، كما أن وجودها بالرسم العقاري من شأنه تنبيه الكافة بوجود حق لازال متنازع بشأنه وتعذر تقييده بطريقة عادية؛ الشيء الذي يحقق الحماية للمستفيد من التقييد المؤقت.

فيما يتعلق بالخصائص التي تمتاز بها هذه المؤسسة القانونية؛ تتجلى الخاصية الأولى في الطابع الوقتي بحيث تحفظ هذه التقييدات الحقوق غير القابلة للتقييد النهائي في الرسم العقاري حماية للمراكز القانونية، إذ تعتبر في حد ذاتها إجراء تحفيظيا يمارس من طرف من له مصلحة للحفاظ مؤقتا لضمان استحقاق واستيفاء الحق محل النزاع، وهذا التحفظ الذي يقع على العقار المتنازع بشأنه لا يكون على سبيل التأبيد، وإنما بشكل مؤقت ومحدود بمدة زمنية أو متوقف على مآل الدعوى موضوع التقييد المؤقت؛ فمثلا إذا تعلق الأمر بحق شخصي فهو متوقف على الأداء الاختياري للدين في ذمة المدين لفائدة الدائن، أو بيع العقار الجاري بشأنه التقييد المؤقت بالمزاد العلني واستيفاء دينه من ثمنه، أما إذا تعلق بضمان حق عيني فهو محدد من حيث زمن سريان مفعوله الذي يمكن أن يكون في حدود 10 أيام و 90 يوما أو ثلاثة أشهر، وبعبارة أخرى أن المراكز القانونية التي تنشئها التقييدات المؤقتة تدور وجودا وعدما مع التقييد المؤقت المتعلق بها، فأما أن يستوفي الدائن حقه من المدين بطريقة ودية وينقضي التقييد المؤقت، أو أن يتم بطريقة جبرية فينقضي التقييد المؤقت لزوما بتسجيل محضر إرساء المزاد العلني بالرسم العقاري الذي يطهر هذا الأخير من جميع الرهون والتكاليف الأخرى.

أما الخاصية الثانية، فتتمثل في الأثر الرجعي في ضمان الحقوق؛ ذلك أن المراكز القانونية الناشئة عن إشهار التقييدات المؤقتة تسري بأثر رجعي منذ تاريخ إجراء التقييد المؤقت بالرسم العقاري، غير أن هذا الأثر الرجعي ليس له طابع مطلق، بل نسبي؛ على اعتبار أن التقييدات المؤقتة الرامية إلى استيفاء دين في مواجهة المدين عن طريق سلوك مسطرة الحجز العقاري لا يمكن الحديث بشأنها عن هذا الأثر الرجعي. أما بالنسبة للتقيدات المؤقتة الهادفة إلى ضمان حق عيني على عقار محفظ فإن سريان مفعولها بأثر رجعي يتجلى في تمكين صاحب التقييد المؤقت من إنجاز التقييد النهائي داخل الأجل القانوني لصلاحية التقييد من جهة، أو حصول صاحب التقييد المؤقت على حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، اعترف له بالحق ومبادرته إلى تقييد هذا الحكم بالرسم العقاري، ليسري مفعوله بأثر رجعي من تاريخ التقييد المؤقت من جهة أخرى.

ويتبين من خلال خاصيتي الطابع الوقتي والأثر الرجعي التي تمتاز بهما التقيدات المؤقتة أهميتها القانونية؛ بحيث تقوم بحماية الحقوق العينية التي يمكن أن تصبح مهددة بالضياع، وذلك عن طريق إشهارها والكشف عنها في انتظار حصولها على القوة الثبوتية اللازمة لتقييدها نهائيا، كما أن الإعلان عنها من شأنه التنبيه بكون حق موجود لازال متنازعا بشأنه.

الفقرة الثانية : شروط اجراء التقييدات المؤقتة

إن إشهار الحقوق في ظل نظام التحفيظ العقاري لا يكون إلا بتقييدها في الرسم العقاري؛ ذلك أن المشرع المغربي أقر مبدأ الأثر الإنشائي للتقيد بالرسم العقاري وأعطى لكافة البيانات الواردة به قوة ثبوتية في مواجهة كل من يرغب الاحتجاج بحق غير مقيد، وذلك لإشاعة الثقة في مصداقية هذه الوثيقة التي ما فتئت أغلب النصوص التشريعية تسعى إلى تحيينها.

وكما هو معلوم أن هذه التقييد له معنيان: معنى واسع يشمل كل ما يمكن أن يتلقاه الرسم العقاري، من تقييدات بصرف النظر عن الآثار التي يمكن أن تترتب على هذا التقييد، فتشمل بذلك التقييدات النهائية والمؤقتة، أما التقييد بمعناه الضيق: فهو العملية الكتابية التي تنشئ حق عقاريا، أو تنقله أو تعدله أو تقضي عليه نهائيا.

وبما أن التقييدات المؤقتة، تدخل في إطار التقييد بمعناه الواسع في الرسم العقاري، فإنه وحتى يتم تدوينها في الرسوم العقارية لا بد لها من توفر شروط معينة بعضها يتعلق بالعقار الذي ينسحب عليه التقييد، والبعض الآخر يتعلق بالحقوق المراد تقييدها مؤقتا، وهذه الشروط هي:

قصر إجراء التقييدات المؤقتة على عقار المحفظ

    يشكل العقار المحفظ ضمانة هامة للمتعاملين في الحقل العقاري، باعتباره يخضع للتقييد بمعنييه الواسع والضيق الذي تتحقق بمقتضاه قرينة العلم المفترضة تشريعيا في الكافة، وتحصن الرسم من الطعن في التقييد الذي أجراه الغير بحسن نية؛ أي أن حقه يصبح في منأى من أي تأثير بالمنازعات السابقة لتقييده.

و العقارالمحفظ هو الذي يتوفر على رسم عقاري قار يعطيه قوة، لأنه يؤدي إلى تثبيت وضعه ماديا كما يحميه من الترامي عليه بخلاف العقار الغير المحفظ.

وباعتبار التقييد الاحتياطي تقييدا مؤقتا فهو لا يرد إلا على العقارات المحفظة؛ أي أن العقار في طور التحفيظ وغير المحفظ يستحيل قانونا أن يكونا محلا للتقييد الاحتياطي، على اعتبار أن المشرع أوجب على مدعي الحق سلوك مسطرة التعرض على مطلب التحفيظ أو مسطرة الإيداع بسجل التعرضات وفق الفصلين24 و84 من ظهير التحفيظ العقاري.

ومع ذلك فقد أصدر أمرعن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء قضى بإجراء تقييد احتياطي على مجرد مطلب للتحفظ ضمانا لديون بنكية مستندا في ذلك على مقتضيات الفصلين 20 من قانون إحداث المحاكم التجارية، و148 من قانون المسطرة المدنية، مخالفا بذلك مقتضيات الفصلين 85 و86 من ظهير التحفيظ العقاري التي تحدد نطاق ممارسة هذه المسطرة على العقارات المحفظة دون تلك التي في طور التحفيظ، وهو الأمر الذي دفع المحافظ إلى رفض تنفيذ الأمر المذكور مبررا قراره بوجود صعوبة قانونية.

ويرى بعض الفقه، أن هذا الأمر قد جانب الصواب، فالتقييد الاحتياطي لا يرد إلا على العقارات المحفظة ليس إلا، أما من يدعي حقا عينيا على عقار في طور التحفيظ فله أن يتعرض على مطلب التحفيظ، كما أنه جاء مخالفا للفصل 85 من ظهير التحفيظ العقاري الذي يشترط أن يكون العقار محفظا لإجراء أي تقيد احتياطي عليه، ومخالف كذلك للفصل 86 من الظهير المذكور الذي يحدد مدة التقيد الاحتياطي المبني على أمر في ثلاثة أشهر.

ولعل ما يسترعي الانتباه، أنه لا يمكن إجراء تقييد احتياطي لحماية حق عيني عقاري كان ناشئا قبل تأسيس الرسم العقاري، ولم يقيد بالرسم المذكور بعد إنجازه من قبل المحافظ بدليل أن الرسم العقاري يطهر العقار من جميع الحقوق السابقة ويكون غير قابل للطعن فيه جزئيا أو كليا، ولا يمكن إقامة أي دعوى في شأنه طبقا للفصول1 و62 و64 من ظهير التحفيظ العقاري.

وفي هذا الصدد صدر قرار عن محكمة الاستئناف بالرباط يقضي:” بأنه لا يمكن حماية حق نشأ قبل التحفيظ أو خلاله، ولو لم تتم المطالبة به خلال هذه المرحلة، وعلى قاضي الأمور المستعجلة أن يحمي المالك المقيد اسمه على الرسم القاري من كل ادعاء حتى لو قام صاحبه بالحصول على تقييد احتياطي لفائدته.”

ومن هنا يمكن القول أنه لا يمكن إجراء تقييد احتياطي بشأن حق سابق على التحفيظ، لأن من شأن ذلك الطعن في نهائية الرسم العقاري والسماح بقبول الادعاء بحقوق سابقة للتحفيظ خلافا لمقتضيات الفصلين1 و62 من ظ ت ع التي تخول فقط لأصحاب هذه الحقوق رفع دعوى شخصية للمطالبة بالتعويض المنصوص عليه في الفصل 64 شريطة إثبات التدليس.

أما فيما يتعلق بالرهن المؤجل والإنذار العقاري كتقييدين مؤقتين كذلك، فإنهما لا يتم إيقاعهما إلا على العقارات المحفظة وحدها، بدليل أن المشرع تحدث للرهن المؤجل في المواد184 و185 و186 من م ح ع، على أن إشهار رهن مؤجل أو تقييده احتياطيا بالرسم العقاري يمكن في حالة الرهون قصيرة الأجل أن يؤجل مدة من الزمن لا تتعدى تسعين يوما، دون أن يكون الدائن معرضا لفقد الرتبة التي تبقى مكتسبة له. ثم تحدث بالنسبة للإنذار العقاري في الماد ة214 على وجوب تنصيص الإنذار على اسم العقار أو العقارات المحفظة التي سيجري بيعها في حالة الأداء ورقم رسمها ومكانها.

– لكن الإشكال يطرح عندما يتحول الرهن المؤجل إلى رهن رضائي بعد انقضاء تسعين يوما؛ بناء على رغبة الدائن المرتهن، فهل يمكن تصور إجراء رهن رسمي على عقار في طور التحفيظ؟

    بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 165، فإنها توحي صراحة بإمكانية نشوء عقد الرهن الرسمي على عقار في طور التحفيظ، ويخول بالتالي للدائن المرتهن حقا عينيا تبعيا كما أن مقتضيات الفصل 84 تسمح أيضا بإمكانية تقييد رهن رسمي على عقار في طور التحفيظ، الأمر الذي دفع بعض الفقه إلى القول أن عقد الرهن الذي نشأ قبل تأسيس الرسم العقاري، وبالرغم من إيداعه بالمحافظة العقارية لا يمكن اعتبار العقار معه مرهونا رهنا رسميا، بل لا يعدوا أن يكون مجرد وعد بالرهن لا أقل ولا أكثر؛ بحيث أن تقييده يبقى معلقا على النتيجة التي سيؤول إليها مطلب التحفيظ وليس بالتالي الحق للمحافظ تسليم شهادة خصوصية للرهن.

وإذا كانت جميع مؤسسات القرض تحرص على وجوب كون العقار المرهون محفظا دون غيره من العقارات فإن هناك مؤسستين عموميتين هما القرض العقاري والفندقي والصندوق الوطني للقرض الفلاحي تسمح نصوص القانون المحدث لهما بمنح القروض مقابل إيقاع رهن رسمي على عقارات في طور التحفيظ.

أن يكون الحق مكتمل الوجود بتاريخ التقييد الاحتياطي

وقد انقسم الفقه بخصوص هذا الشرط إلى اتجاهين، يذهب أولهما إلى أنه ليس من الضروري أن يكون الحق المدعى به في العقار، والمراد الاحتفاظ به مؤقتا عن طريق تقييده بالرسم العقاري مستكملا وجوده بتاريخ التقييد، بل يكفي أن يكون في طور التكوين. أما الاتجاه الثاني، فيرى أن موقف سابقه يتنافى مع مفهوم التقييدات المؤقتة خصوصا الفصلين 85 و86 من ظ ت ع المتعلقين بالتقييد الاحتياطي وحالاته لاعتبارات منها:

– إن التقييد الاحتياطي يكون لمصلحة من يدعي حقا، فإذا كان الحق في طور التكوين ولم يوجد بعد، فكيف يمكن الادعاء به سلفا، فلا يمكن مثلا إجراء تقييد احتياطي لبيع لم يبرم عقده بعد.

– إن تاريخ التقييد هو الذي يعتبر لتعين رتبة التقييد اللاحق للحق، فإذا كان الحق المدعى به في طور التكوين بتاريخ التقييد فلا يمكن إعطاؤه أي مرتبة إلا بعد اكتمال وجوده، فكيف يمكن للتقيد اللاحق له أن يعين رتبته في تاريخ لم يكن له وجود فيه.

– إن الإيجاب الذي لم يقترن بقبول بعد، وبالتالي لا يمكن أن يكون مدار تقييد احتياطي.

وفي اعتقادنا تقتضي المحافظة على الحق عن طريق التقييدات المؤقتة أن يكون نشوء هذا الحق المتعلق بالرسم العقاري كاملا، وقت إجراء التقييد المؤقت بالرسم العقاري، أما إذا كان محتمل الوجود فلا مجال لإجراء التقييد المؤقت بشأنه حتى لا يشكل أي عرقلة لوضعية الرسم العقاري؛ فمثلا إن إيقاع الحجز التحفظي على عقار محفظ يتم لضمان دين محقق. وهو الأمر الذي أكدته محكمة النقض في قرارها كما يلي: ” إن المحكمة حين رفضت طلب المحجوز عليه برفع الحجز الواقع على عقارهم؛ معللة ذلك أن شبهة المديونية تحوم بالقضية، وأن طالبة الحجز تعتبر نفسها مغبونة وأعطت أكثر مما أخذت، وأن مهمة القانون الحرص على إقامة تكافئ بين المتعاقدين، في حين أن الحجز يفترض وجود دين له ما يرجح جديته وتحققه، بينما الحجز المطلوب رفعه، إنما اتخذ لضمان ما قد تحكم به المحكمة الموضوع من تعويض مترتب عن حقوق مازالت موضوع منازعة أمام المحكمة، مما يفيد أن الدين المراد المحافظة على الوفاء به بالحجز مازال مجرد ادعاء، ولم يقم عليه ما يثبت صحته أو حقيقته، وبالتالي تكون المحكمة قد خرقت مقتضيات الفصل 452 وعرضت قضاءها للنقض.”

المطلب الثاني : القوة الثبوتية للتقييدات المؤقتة

يفهم من حجية الحقوق المقيدة، تلك القيمة التي يمكن إعطاؤها لتلك التقييدات؛ بحيث يعتد بها كوسيلة لإثبات ملكية الحقوق العينية العقارية وكذا القيود التي تترتب عنها.

نظرا لذلك فلا يتم شهر التصرفات في الرسم المعد لها إلا بعد التحري عن صحتها والتتبث من خلوها من كل ما يمنع تقييدها، ونتيجة هذا التشدد يعطي لكل تصرف ثم تقييده قوة ثبوتية اتجاه الجميع.

ومبدأ القوة الثبوتية للتقييدات اعتبره أحد الفقه المغربي بأنه حجز الزاوية بالنسبة للنظام العقاري ككل، لأن الحقوق المقيدة في الرسم العقاري هي التي تستفيد وحدها من قرينة الشرعية والصلاحية سواء في مواجهة الغير وكذا الأطراف. وهنا لابد من التمييز بين القوة الثبوتية للتقييدات الملازمة والمصاحبة لتأسيس الرسم العقاري، إذ تتصف بكونها نهائية وغير قابلة للطعن؛ أي تكون لها قوة ثبوتية مطلقة، وبين القوة الثبوتية للتقييدات اللاحقة لتأسيس الرسم العقاري التي تمنح لها قوة إثباتية نسبية فقط بحيث تتأثر بصحة السند الذي بنيت عليه.

وكما هو معلوم أن حجية التقييدات الواردة بالرسم العقاري لا تسري فقط على الأطراف المباشرة في العلاقة التعاقدية، بل تسري كذلك على خلفائهم العامين أو الخاصين الذي يجوز لهم التمسك بها كلما اقتضت مصلحتهم ذلك من أجل الحفاظ والدفاع عن حقوق التركة أو حقوق وواجبات السلف، لذلك فإن معالجة هذه النقط يقتضي بنا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين كالتالي:

الفقرة الأولى: حجية التقييدات اتجاه الأطراف المباشرين

إن السؤال الذي يطرح نفسه هو مدى حجية التقييد المؤقت الواقع على العقار من طرف صاحب المصلحة في مواجهة مالك العقار.

هنا نقول أن تحديد المركز القانوني الناتج عن التقييدات المؤقتة بالنسبة للمستفيد منها يفرض علينا بيان مدى الحجية التي يكتسيها الحق المراد المحافظة عليه بالرسم العقاري.

فبالنسبة للتقييد الاحتياطي أيا كان نوعه، فإن نتيجته المباشرة تتجلى في الاستفادة من مزية الأثر الرجعي في حفظ الحق من تاريخ إجرائه في حالة الاعتراف القضائي بالحق أو عند التقييد النهائي؛ وذلك دون اعتبار لأية حجية للتقييدات اللاحقة له طالما أن المفعول القانوني لهذه الأخيرة يتوقف على مآل التقييد الاحتياطي السابق لها، ذلك أن التقييد الاحتياطي يزلزل مبدأ القوة الثبوتية لذلك الحق ويبطل اكتسابه بالنية الحسنة طيلة المدة المقررة له، أما حالة العكس فإن التقييد الاحتياطي لن تكون له إلا القيمة القانونية للتصرف المستند عليه؛ فمثلا إذا ثبت زورية الوعد بالبيع موضوع دعوى إتمام إجراءات البيع المقيد احتياطيا في الرسم العقاري فإنه حجيته تزول طبعا في مواجهة المتعاقد المنسوب إليه البيع بصدور حكم يقضي برفض الطلب. ففي هذا الصدد اعتبرت محكمة النقض أن ثبوت زورية الوعد بالبيع المدلى به من طرف الموعود له بالبيع يجعل المحكمة في غنى عن البحث في التدليس والغش الذي يدعيه هذا الأخير، حيث جاء في هذا القرار: “بما أن المحكمة ثبت لها أن العقد المدلى به من طرف الطاعن مزور، فإنها لم تكن في حاجة إلى البحث في التدليس والغش الذي يدعيه هذا الأخير، ولذلك فإن القرار حين علل أنه بناء على الطعن بالزور الفرعي فقد تأكد أن التوقيع المنسوب لمالك العقار ليس بتوقيعه، وذلك باعتماد الخبير على وثائق المقارنة والتي يوجد بها توقيع هذا المالك إبان حياته، مما مما يتبين أن العقد أو الوعد بالبيع المدلى به ليس صحيحا يكون قد جاء معللا تعليلا كافيا ومرتكزا على أساس قانوني وغير خارق للفصول المستدل بها.”

وتجدر الإشارة أن حجية التقييد الاحتياطي تسري بالنسبة للمستفيد منه في مواجهة من تلقى الحق منه دون غيره على اعتبار أن المشتري لعقار محفظ لا يستطيع تقييده بالرسم العقاري إذا كان البائع له غير مسجل لعقد شرائه، فالشخص المستفيد من التقييد الاحتياطي لا بد أن يكون آخذا حقه من المالك المقيد بالرسم العقاري صاحب التقييد السابق مباشرة عملا بمقتضيات الفصل 28 من القرار الوزاري المؤرخ في 3 يونيو 1915 بشأن تفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري، فمثلا إذا كان مشتري قد أخذ حقه من شخص لم يقم هو نفسه بتقييد حقه أو يتعذر عليه تقييد حقه فإنه لا يحق لهذا المشتري الثالث أن يتخذ تقييدا احتياطيا وإنما يجب أن تتصل سلسلة الحقوق حتما بالمالك المقيد صاحب التقييد السابق مباشرة.

أما بالنسبة للحجز العقاري، فكما أشرنا سابقا في الفصل الأول فإنه بمجرد تبيلغ محضر الحجز للمحافظ على الملكية العقارية يمنع هذا الأخير من اتخاذ أي تقييد نهائي بشأن العقار المحجوز وهذا ما نص عليه الفصل 87 من ظ.ت.ع، لكن الحجية القانونية للحجز العقاري الذي يتم بناء على مسطرة تحقيق الرهن تتوقف على عدم المنازعة فيه من طرف المدين الراهن، أما إذا تنازع هذا الأخير في الإنذار العقاري وطلب بطلانه والتشطيب عليه، فإن الحجز يفقد الحجية التي يتميز بها.

وتجدر الإشارة أن حجية الإنذار العقاري وتحقيق الأثر المتوخى منه مرتبط على بقاء المدين الراهن في وضعية قانونية سليمة، أما إذا صدر بشأنه حكم بالتسوية القضائية فإن المحكمة التجارية لها صلاحية إبطال كل تأسيس لضمان أو كفالة بعد تاريخ التوقف عند الدفع .

الفقرة الثانية: حجية التقييد اتجاه الخلف

إن حجية التقييدات الواردة بالرسم العقاري سواء كانت نهائية أومؤقتة لا تسري في مواجهة طرفي العلاقة التعاقدية فحسب، وإنما في مواجهة خلفائهم العامين والخاصين كذلك، وذلك حسب الأحوال المحددة في القانون، وسنحاول من خلال هذه الفقرة أن نبين مظاهر هذه الحجية ومدى اختلافها بين الخلف العام والخلف الخاص وبيان أهمية الحماية القانونية لأصحاب الحقوق في مواجهة هؤلاء الخلفاء معتمدين على بعض المواقف القضائية.

أولا: الخلف العام

يقصد بالخلف العام من يخلف سلفه الذي توفي في كل ذمته المالية أو في جزء منه، مثل الوارث والموصى له بجزء من التركة كالثلث مع مراعاة قاعدة لا تركة إلا بعد سداد الديون، والخلف العام لا ينتقل إليه إلا ما تبقى من التركة وفي حدود نصيبه.

فالقاعدة المقررة في ق.ل.ع هي أن الحق لا ينتج أثره بين المتعاقدين فحسب، بل في مواجهة الخلف العام كذلك دون المساس بالقواعد المتعلقة بالميراث، ومفاد ذلك أن الحقوق التي ينشئها العقد تنتقل إلى الوارث بعد موت الموروث المتعاقد، أما الالتزامات فتبقى في التركة ولا تنتقل هذه الأخيرة في ذمة الوارث حتى ينقض الالتزام وتكون التركة طاهرة.

وبما أن الخلف العام ملتزم بتنفيذ التزامات موروثه كما سبقت الإشارة، فإن تقييد الإراثة أو الوصية من قبل الورثة أو الموصى له لا يخول لهم الحق في التمسك بحسن النية في اكتساب الحقوق اتجاه ورثة آخرين غير المذكورين بالإراثة؛ بحيث يمكنهم أن يبادروا إلى تسجيل دعوى انتسابهم إلى الهالك والمطالبة بمنابهم الشرعي، وإجراء تقييد احتياطي لمقال هذه الدعوى قصد ضمان حقهم بأثر رجعي، بل يمكنهم الاعتماد على حكم أو قرار قضائي بثبوت نسبهم للهالك للمطالبة قضائيا بالحظ الإرثي وإجراء تقييد احتياطي لمقال الدعوى إلى حين البث نهائيا في دعوى النسب.

والأمر لا يقتصر فقط على الورثة، بل يمتد كذلك إلى الحاجز أو الدائن المرتهن رهنا مؤجلا أو المشتري من الهالك غير المسجل لشرائه مادام هذا الأخير سبق له أنه رفع دعوى ضد البائع قيد حيات أو ضد ورثته بعد وفاته ترمي إلى تطهير العقار من الحجز إتمام إجراءات البيع.

وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض ما يلي: “…لئن كان عقد البيع غير مسجل في الرسم العقاري لا ينقل الملكية، فإنه يرتب على البائع التزامات شخصية وأهمها ضمان حوز المبيع والتصرف فيه، ونقل ملكيته إلى المشتري، ولما كان الوارث خلفا للموروث يحل محله في كل مال فتؤول جميع الحقوق التي كانت لموروثه، وتلزمه جميع تعهداته في حدود التركة وليس له أن يدعي على المشتري أي حق على العقار المبيع له من المورث ولا أن يتمسك ضده بعدم تسجيل العقد الصادر له من الموروث في الصك العقاري، والمحكمة لما صرحت بأن المطلوبة أثبتت شراء الأرض موضوع الرسم العقاري من موروث الطالبين وحصلت على حكم نهائي يلزم الطالبين برفع التقييدات على الرسم العقاري المذكور واعتبرت تواجدها فيه مبررا وأنها غير محتلة له فإنها لم تخرق الفصل 489 المستدل به وعللت قرارها تعليلا كافيا.”

وفيما يتعلق بالموصي له، فهو يعتبر هو الآخر خلفا عاما وتبقى هذه الصفة لصيقة به وتجعله ملزما بتنفيذ التزامات موروثه فهو يحل محله في الوفاء بالالتزام ومن ثم فلا يمكن اعتباره غير لكي يتمسك بالتقييد بحسن نية في مواجهة المشتري، وفي هذا الصدد جاء في قرار لمحكمة النقض: “…ولما كان كذلك السيد لافو جيرار خلفا عاما لبائع المطلوب، باعتباره المالك الوحيد لتركته كموصى له فإن المشتري محق في توجيه الدعوى ضده مادام أن الوصايا تأتي في الرتبة بعد الديون والحقوق المستحقة للغير ومن جهة رابعة فإن السيد لافو جيرار لا يمكنه التمسك بقاعدة التقييد بالرسم العقاري بحسن نية باعتباره خلفا عاما للبائع، كما أن تسجيل التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري بمبادرة من المشتري يحول بدوره دون تمسك الطاعن بنفس القاعدة المذكورة…”

وبخصوص الحجز العقاري الجاري على عقار الهالك من طرف الدائن وإن كان لا يحول دون تقييد الورثة لإراثتهم بالرسم العقاري المثقل بالحجز المذكور، فإن الخلف العام يكون ملزما اتجاه المشتري بتطهير العقار حتى يتأتى له تقييد شرائه ونقل الملكية إليه، فالخلف العام لا يعد من الغير حتى يمكنه التحلل من التزام الهالك بعلة إيقاع حجز على عقار هذا الأخير من طرف الدائن، لأن هذه الإمكانية مخولة فقط للغير الذي يتضرر من التصرفات التي يجريها مدينه من أجل إضعاف الضمان العام للدائنين.

وفي هذا الصدد اعتبرت محكمة النقض ما يلي: “لكن حيث أن التصرفات التي يجريها المحجوز عليه والضارة بالغير هي وحدها التي تكون باطلة، أما إذا لم يتضرر أحد من الغير من تصرف المحجوز عليه فيبقى التصرف صحيحا وينتج مفعوله بين الطرفين، وبما أن الطالبين هم خلفاء للهالك في العقار محل النزاع فلا يحق لهم التمسك بالحجز كسبب لإبطال العقد لأنهم ليسوا من الغير وحلوا محل الهالك كطرف في العقد، ولا يمكنهم التحلل من التزامات موروثهم بدعوى الحجز على العقار المبيع.

ثانيا: الخلف الخاص

يقصد بالخلف الخاص كل من يخلف سلفه في حق عيني أو حق شخصي كان سلفه دائنا به من قبل، فمثلا المشتري يعتبر خلفا خاصا للبائع، ومن المبادئ العامة أن الحق ينتقل من السلف إلى الخلف الخاص بالحالة التي كان عليها في الذمة المالية للسف، فلو كان البائع قد رتب على العقار قبل بيعه رهنا رسميا مثلا وقيده بالرسم، فإن المشتري يتلقى العقار المبيع وهو مثقل بهذا الرهن ، ولكن وفق ضوابط معينة؛ وهي أن يكون تاريخ العقد الذي أبرمه السلف سابقا على تاريخ العقد الذي انتقل بموجبه الحق إلى الخلف الخاص، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن تكون الحقوق والالتزامات الناشئة عن الحق مكملة له؛ أي وثيقة الصلة بالشيء أو الحق الذي انتقل إلى الخلف الخاص، وسنقتصر الحديث هنا عن مشتري عقار باعتباره خلفا خاصا وهو مثقل بالكراء.

فإذا كان المشرع قد أجاز في الفصل 67 من ظ ت ع عدم الإضرار بحقوق الغير الأطراف بعضهم على بعض، وإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب التزاماتهم العقدية، فإن الإشكال الذي يطرح في هذا الصدد يتعلق بصفة المشتري لملكية عقار محفظ، ومدى اعتباره غيرا أو خلفا خاصا يحل محل سلفه في التحمل بالحقوق العقارية التي يكون العقار مثقلا بها ولو كانت غير مقيدة.

هنا نجد بعض العمل القضائي قد اعتبر أن المشتري لعقار محفظ خلفا خاصا للبائع، وتنتقل إليه جميع الحقوق والواجبات ويحل محل المالك السابق في النزاع القائم بينه وبين المكتري، رغم جهل المالك الجديد للنزاع المذكور وتحوزه بالملك المبيع فارغا وإكرائه للغير وتأسيس هذا الأخير أصلا تجاريا عليه.

وبالتالي فإن عقد الكراء يظل ساريا في مواجهة المالك الجديد الذي يحل محل سلفه في كل حقوقه والتزاماته الناتجة من الكراء القائم.

أما بالنسبة لاكتسابه لصفة الغير في مواجهة المكتري، فإن المشرع نص على وجوب إشهار عقود الأكرية التي تتجاوز مدتها ثلاث سنوات تحت طائلة عدم التمسك بها في مواجهة الغير وهو المالك الجديد باعتباره طرفا في العلاقة التعاقدية وتعامل بحسن نية على ضوء البيانات الواردة في الرسم العقاري التي لا تتضمن أي إشارة إلى عقد الكراء، ذلك أن المشرع أعطى ضمانات قانونية مهمة لمكتري هذه العقارات، إذ تجاوزت مدة الكراء ثلاث سنوات حيث ارتقى بالحق من مجرد حق شخصي إلى حق عيني، يخول صاحبه الاحتجاج به ضد المكري والأغيار مهما كانت صفتهم ودرجتهم، شريطة تقييد هذا الحق في الرسم العقاري.

وبالتالي فإذا لم يقدم المكتري فى تسجيل عقد شرائه بالرسم العقاري فإن أثر عقد الكراء يقتصر على الطرفين فيما بينهما، ولا يمكن أن يمتد إلى المالك الجديد طالما أن المكتري في حد ذاته قد أهمل القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لإشهار حقه الشخصي، أما إذا كان الكراء يقل عن ثلاث سنوات حيث أن المالك الجديد يكون ملزما بالتحمل بكافة الالتزامات في مواجهة المكتري السابق على التفويت ولو كانت العلاقة الكرائية الرابطة بين البائع والمكتري غير واردة في محرر مكتوب.

ومن ثم فإن نطاق الحلول الملزم به المالك الجديد في مواجهة المكتري يكتسب طابعا نسبيا وليس مطلقا؛ إذ أن الحماية المقررة قانونا للمكتري تتوقف من جهة على مدة عقد الكراء، ومن جهة أخرى على الطرف الذي أبرمه ومدته.

و لا تفوتنا الإشارة الى أن التقييدات المؤقتة لها كذلك آثار في مواجهة الغير، بحيث أن شأنها شأن باقي التقييدات النهائية، لا يكون لها أثر بين الأطراف أو الأغيار إلا من تاريخ إجرائها بالرسم العقاري، غير أن المشرع قد عمل إلى التطليق من القوة الثبوتية المطلقة للتقييدات الواردة في الرسم العقاري وجعلها نسبية في مواجهة الغير سيئ النية، ومنع هذا الأخير من التمسك بحجية التقييد الذي تم وفق قرينة حسن النية .

خاتمة

حاولنا تسليط الضوء على ماهية التقييدات المؤقتة؛ بحيث وقفنا في البداية عند تعريفها الذي اختلف فيه الفقهاء من حيث الأسلوب فقط، ذلك أن مختلف هذه التعاريف تتمحور حول الوظيفة الاحتياطية، والحمائية التي تقوم بها هذا النوع من التقييدات فهي عرضة ومؤقتة، تنتهي بانتهاء مدة محددة سلفا، أو بتحقق واقعة تصبح بعدها لاغية، لا قيمة لها، وبالتالي فهي تقييدات مهددة بالزوال.

بعد ذلك انتقلنا للحديث عن طبيعتها القانونية والخصائص التي تمتاز بها وتجعلها تختلف عن التقييدات النهائية، فهي تتسم بالطابع الوقتي وبالأثر الرجعي. كذلك، وقفنا عند شروط إجراء هذه التقييدات؛ فهي ترد فقط على العقارات المحفظة دون غيرها، كما يجب أن يكون الحق موضوع التقييد المؤقت مكتمل الوجود، لا في طور التكوين.

هذا، وقد خصصنا حيزا لآثار التقييدات المؤقتة، بحيث أن هذه الأخيرة تكتسي حجية فيما بين الأطراف المباشرة في العلاقة التعاقدية، وتسري هذه الحجية كذلك على خلفائهم العامين أو الخاصين الذين يجوز لهم التمسك بها كلما اقتضت مصلحتهم ذلك، من أجل الحفاظ والدفاع عن حقوق التركة، وكذلك في مواجهة الغير الذي يحق له التمسك بالعقد المقيد أو بالتقييد الوارد بالرسم العقاري.

تلكم كانت أهم المحطات التي استوقفنا ونحن نخوض غمار رحلة البحث، وقد قادتنا إلى إبداء مجموعة من الاقتراحات تتعلق بالتقييدات المؤقتة.

    أولا: تعديل الفصل 87 من ظهير التحفيظ العقاري، وذلك بالتنصيص صراحة على أن الحجز العقاري أو الإنذار العقاري، يمنع المحافظ من إجراء أي تقييد نهائي فقط، ولا يحول بالتالي دون إجراء التقييدات المؤقتة بما فيها الحجوز العقارية اللاحقة له أو التقييدات الاحتياطية.

    ثانيا: ضرورة حصر نطاق الحجز التحفظي كتقييد مؤقت على الحقوق الشخصية دون الحقوق العينية، لأن توسيعه ليشمل الحقوق العينية على حساب التقييد الاحتياطي تحويلا لمؤسسة التقييد الاحتياطي وتنحيتها عن وظيفتها القانونية، كما أن ذلك يعتبر مساسا بحقوق كافة أطراف العلاقة القانونية، وتقليلا للضمانات التي يخولها إياهم التقييد الاحتياطي.

    ثالثا: ضرورة توحيد المصطلحات المستعملة في المادة العقارية سواء في النصوص التشريعية، أو في أحكام المحاكم وقراراتها، فكيف يعقل مثلا أن نجد نصوصا قانونية تسمى التقييد الاحتياطي تقييدا أوليا كقانون نزع الملكية لأجل المصلحة العامة وآخر تسميه تقييد احتياطيا..

خامسا: إضافة إلى نص لا يحدد الوضعية القانونية للمدين المحجوز عليه واعتباره بائعا حتى تنطبق عليه التزامات البائع طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون الالتزامات والعقود.

سادسا: ضرورة تدخل المشرع للحسم في ماهية الحقوق للشيء يمكن أن تكون موضوعا للتقييدات المؤقتة، وذلك للحد من الخلاف الفقهي والقضائي.

لائحة المراجع :

الكتب :

  • حسن فتوخ، الوسيط في شرح القانون المغربي؛ القواعد الموضوعية للتقييد الاحتياطي والحجوز والإنذارات العقارية، الجزء الأول، طبعة 2016، مطبعة الأمنية الرباط .
  • محمد مهدي الجم، التحفيظ العقاري في المغرب، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، ط3، 1986 .
  • إدريس الفاخوري ، دنيا مباركة، نظام التحفيظ العقاري وفق القانون رقم 07.14، مطبعة الجسور بوجدة طبعة 2014 .
  • محمد بن الحاج السالمي، سياسة التحفيظ العقاري في المغرب بين الإشهار العقاري والتخطيط الاجتماعي والاقتصادي، منشورات عكاض، الرباط، طبعة 2011 .
  • طيب برادة، التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق، شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط 1993 .
  • أحمد حسن البرعي، نظرية الالتزام في القانون المغربي، مطبعة دار الثقافة الدار البيضاء، دون ذكر الطبعة .

    الرسائل :

  • عبد الرحمان حموش، التقييدات المؤقتة على العقار في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون الخاص، نوقشت بكلية الحقوق مراكش 2002.
  • شرف عبد الباسط ” أحكام التقييد الاحتياطي و الحجز التحفظي في مجال العقار المحفظ في القانون الخاص، رسالة لنيل دبلوم الماستر، نوقشت بكلية الحقوق بمراكش 2010 .
  • يونس بن الزاوية، العقار المحفظ بين الرهن الرسمي والحجز العقاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، نوقشت بكلية الحقوق مراكش 2001 .

    القرارات القضائية

    قرار عدد 383/ 2 بتاريخ 02/07/2013، ملف مدني عدد 3329/ 1/ 2012، منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 2013

    قرار لمحكمة النقض عدد17 5 مؤرخ في 23 نونبر 2005، ملف شرعي عدد 144- 2 – 1 – 2004، مجلة قضاء محكمة النقض عدد64- 65

    مراجع باللغة الفرنسية

    MOHAMED EL MERNRSSI, essai sur la notion de publicité foncier, thèse pour l’obtention de doctorat, université d’économie et de séances sociales de Paris, l’année 1973, p142


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى