التنظيم القانوني للشيكات الإلكترونية في التشريع الأردني الدكتورة أسماء مصطفى عبد القادر غنيمات جامعة البلقاء التطبيقية -الاردن
التنظيم القانوني للشيكات الإلكترونية في التشريع الأردني
Legal Regulation of Electronic Checks in Jordanian Legislation
?الدكتورة أسماء مصطفى عبد القادر غنيمات
جامعة البلقاء التطبيقية -الاردن
الملخص
أدى تطور التجارة العالمية والحاجة الى انجاز المعاملات عن بعد وعبر الانترنت. وظهرت وسائل عديدة للسداد، منها الشيكات الالكترونية، والتي ظهرت كبديل للشيكات الورقية، ويتضمن البيانات التي يتطلبها الشيك التقليدي. وتتميز الشيكات الالكترونية بانها تتم الكترونياً، ولكن المشرع الأردني اشترط لتفعيلها أن تتم عبر البنوك الالكترونية، والتي لم يتم انشاؤها لغاية الآن مما يعيق التعامل بالشيكات الالكترونية.
وخلصت الدراسة الى ضرورة تنظيم المشرع للشيكات الالكترونية بنصوص قانونية خاصة بها نظرا لخصوصيتها، إضافة الى الاسراع في التنظيم القانوني للبنوك الالكترونية، وأن يتم ذلك من خلال حماية للانظمة الالكترونية والتعامل الالكتروني من اي اعتداء عليها او اختراق لها.
Abstract
The development of global trade and the need to complete transactions remotely and via the Internet, Several methods of payment have emerged, including electronic checks, which have emerged as an alternative to paper checks, and include the data required by the traditional check. Electronic checks are distinguished by the fact that they are done electronically, but the Jordanian legislator stipulated that in order to activate them, they be made through electronic banks, which have not been established yet, which hinders dealing with electronic checks.
The study concluded that the legislator should regulate electronic checks with their own legal texts due to their privacy, in addition to speeding up the legal regulation of electronic banks, and that this is done through the protection of electronic systems and electronic dealing from any attack or penetration of them.
مقدمة
إن تطور التجارة الالكترونية بشكل ملحوظ بسبب تطور ووسائل الاتصال، مكّن البنوك من استخدام وسائل السداد الإلكترونية لتسوية معاملات الأطراف المالية، وكان من أبرز وسائل الوفاء الإلكتروني ما يسمى بالشيكات الإلكترونية، والتي أصبحت تستخدم على نطاق واسع لتسوية معاملات الأطراف المالية وإبرام الصفقات على اختلاف أنواعها عبر شبكة الانترنت، وقد يكون الشيك الإلكتروني أحد الحلول الفعالة للعديد من المنازعات والمخاطر التي تتعلق باستخدام شيكات ورقية والتي تعد أحد وسائل الوفاء غير الفعالة بسبب وجود إشكاليات عدة، ولعل أهمها عدم وجود تغطية لقيمة الشيك، أو عدم استيفائه لعنصر ما بحسب ما يتم النص عليه في القانون().
ويعتبر الشيك الإلكتروني البديل الرقمي للشيك الورقي، عبارة عن الالتزام القانوني بسداد مبلغ معين في تاريخ محدد لصالح أحد الأفراد أو الجهات المعنية، ويحتوي على نفس بيانات الشيك الورقي، كالمبلغ وتاريخ الصرف، والساحب المستفيد والمسحوب عليه، والاختلاف بينهما أن الشيك الإلكتروني يتم من خلال أداة الكترونية كالحاسب الآلي أو الهاتف النقال أو أي وسيلة أخرى ويتم تذييل الشيك بتوقيع إلكتروني، وله حجيته في الإثبات().
ونظم المشرع الأردني الشيك في الباب الثالث من قانون التجارة للعام 1966، كما نظم المعاملات الإلكترونية من خلال قانون المعاملات الإلكترونية لسنة 2015، كما اعترف بالعرف التجاري الدولي من خلال المادة (3/ب) منه كأحد مصادر القانون().
مشكلة الدراسة:
تتمحور مشكلة الدراسة في البحث في مدى التنظيم القانوني للشيك الإلكتروني في التشريع الأردني، وهل يعد بديلاً للشيك الورقي في الأردن؟ بحيث يمكن الاستغناء عن الشيكات الوورقية؟ هل يمكن منح الشيك الالكتروني حجية مطلقة في التعامل والاثبات؟
أهمية الدراسة:
تبرز أهمية الدراسة في ابراز الدور الذي تؤديه الشيكات الالكترونية كإحدى وسائل الدفع الالكتروني الحديثة، ومالها من دور في السرعة واختصار الوقت بالنسبة للمتعاملين بها، كما أنها تتم عبر الانترنت، مما يعني امكانية تعرضها لبعض المخاطر كالقرصنة، واختراق البيانات السرية.
المنهج العلمي المستخدم:
تم استخدام المنهج الوصفي و المنهج التحليلي، وذلك للتعرف على طبيعة الشيك الالكتروني، والى أي مدى يمكن اعتباره بديلاً عن الشيك الورقي. وكذلك البحث في النصوص القانونية في التشريع الأردني والتي نظمت موضوع الشيكات الالكترونية، ومقارنتها مع قواعد التجارة الالكترونية العالمية.
المبحث الأول
ماهية الشيك الإلكتروني
تعد أنظمة السداد الإلكترونية أقل تكلفة من طرق السداد العادية، وأكثر سرعة وأماناً، تستخدم طرق خمسة للسداد الإلكتروني وهي بطاقات الائتمان والمحافظ الإلكترونية والبطاقات الذكية والنقود الإلكترونية والشيكات الإلكترونية().
وتعد الشيكات الإلكترونية من الأساليب العملية في إتمام عملية السداد الإلكتروني بين الأطراف من خلال أحد الوسطاء، وهو في مضمونه كالشيك العادي من حيث المعلومات المتضمنة فيه، ولكنه يختلف عن الشيك العادي، في أن الشيك الإلكتروني يتم توليده وتبادله من خلال شبكة الانترنت، ودور الوسيط يتمثل في خصم المبلغ من حساب العميل، وإضافة هذا المبلغ لحساب التاجر().
يمكن القول أن أنظمة السداد الإلكتروني ما زالت في البدايات، كما يوجد نوع من الغموض يكتنف المقومات الاقتصادية والفنية لأنظمة السداد الإلكترونية، ومع ذلك وتستخدم طرق عدة لسداد قيمة المشتريات إما نقداً أو من خلال الشيكات أو عن طريق النقود الإلكترونية، كما تقوم شركة الخدمة المالية التقنية بإصدار بطاقة مؤمنة يمكن صاحبها من استخدامها على الحاسب الشخصي له الذي يقوم بتحويل أمر الدفع الموقع رقمياً للبنك الذي يحتفظ فيه العميل بحساب له، بما يمكن البنك من أن يحول المبلغ للتاجر بعد أن يتم الاتفاق بين الطرفين أو إلى أي دائن آخر، ويمكن للتاجر أن يقوم بشكل إلكتروني بتظهير الشيك وإرساله بشكل إلكتروني، وتتم تسوية المعاملة من خلال غرفة مقاصة مؤتمتة(). وسنتناول في هذا المبحث التعريف بالشيك الإلكتروني وأطرافه وتميزه عن الشيك التقليدي، وذلك في المطلب الأول، أما المطلب الثاني فسيتحدث عن إيجابيات ومخاطر التعامل بالشيك الإلكتروني.
المطلب الأول
التعريف بالشيك الإلكتروني
يعد الشيك الإلكتروني أحد أهم وسائل الدفع الالكترونية الحديثة، ولك نظراً لما يحققه من سرعة في انجاز المعاملات الالكترونية، وأيضاً الثقة بين المتعاملين، وبما يتفق مع قواعد التجارة الالكترونية العالمية. إذ يتم تداوله عبر الانترنت. وقبل تعريف الشيك الالكتروني ، لابد من بيان المقصود بالمعاملة الإلكترونية وذلك من خلال نص المادة (2) من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني، المعاملة الإلكترونية “المعاملات التي تنفذ بوسائل إلكترونية”().
أما فيما يتعلق بتعريف الشيك الالكتروني، فيمكن تعريفه بأنه: “المحرر الثلاثي الأطراف المعالج بشكل إلكتروني جزئياً أو كلياً يتضمن أمراً من الساحب إلى البنك المسحوب عليه بدفع مبلغ من النقود لأمر شخص ثالث يسمى المستفيد بحيث يتم إيداعه في حسابه”().
-
كما يعرّف بأنه: “أحد الالتزامات القانونية لسداد مبلغ من النقود في أحد التواريخ المحددة لصالح المستفيد ويتم تحريره بواسطة أوراق إلكترونية ويكون مذيلاً بالتوقيع الإلكتروني”، ويتمتع الشيك الالكتروني بقوة الشيك الورقي في الدول التي تعترف بصحة التوقيع الالكتروني().
أما الشيك الالكتروني في التشريع الأردني، فقد عرفته المادة (2/أ) من نظام الدفع والتحويل الالكتروني رقم (111/2017) والذي صدر بمقتضى المادتين (21) و (22)، من قانون المعاملات الالكترونية رقم (15) لسنة )2015) حيث عرفت الشيك الالكتروني: ” محرر رقمي معالج بالوسائل الالكترونية وفق شروطه المذكورة في قانون التجارة”. وبذلك فقد احال المشرع الشيكات الالكترونية، وأخضعها للأحكام العامة للشيك في قانون التجارة الأردني. وقد اعترف المشرع الأردني في المادة (21) من قانون المعاملات بالوسائل الالكترونية لدفع الأموال، ويتم تنظيم عمل واجراءات الدفع الالكتروني بنظام يصدره البنك المركزي الأردني، أما المادة (22) من ذلك القانون فأوجبت على شركات الدفع والتحويل الالكتروني الحصول على ترخيص من البنك المركزي، وتخضع لرقابته في ممارستها لأعمالها.
ولتنمية التجارة الالكترونية فقد اعترف القانون النموذجي بشأن التجارة الالكترونية الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي عام (1996) بحجية الوسائل الالكترونية المستخدمة في هذه التجارة، حيث نصت المادة (6) منه على: “عندما يشترط القانون أن تكون المعلومات مكتوبة، تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر الاطلاع على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع اليها لاحقاً”. أي أن الشيك الالكتروني باعتباره رسالة بيانات موثقة الكترونياً يمكننا الاعتماد عليها والاعتراف بها قانوناً بموجب قانون الاونسترال، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة (7) منه على: “عندما يشترط القانون وجود توقيع شخص يستوفى ذلك الشرط بالنسبة إلى رسالة البيانات إذا: أ-استخدمت طريقة لتعيين هوية ذلك الشخص والتدليل على موافقة ذلك الشخص على المعلومات الواردة في رسالة البيانات. ب-كانت تلك الطريقة جديرة بالتعويل عليها بالقدر المناسب للغرض الذي انشأت أو بلغت من أجله رسالة البيانات في ضوء كل الظروف بمافي ذلك أي اتفاق متصل بالأمر”.
وعلى ذلك فإن التوقيع الالكتروني الذي يتضمنه الشيك الالمتروني والذي من شأنه التدليل على هوية الموقع وعلى التزامه بما وقع عليه، يكتسب الشيك الالكتروني قوة ثبوتية قانونية.
أما أطراف الشيك الإلكتروني فهم
البنك والذي يقوم بتصدير الشيك لحساب المستفيد من خلال عملية المقايضة الإلكترونية()، والعميل والذي يوجد له حساب في البنك ويقوم بإعطاء أمر دفع إلكتروني لتحويل المبلغ للمستفيد. والمستفيد والذي قد يكون له حساب في نفس البنك أو في بنك آخر بحيث يحصل على المبلغ المطلوب().
وفيما يتعلق بتمييز الشيك الإلكتروني عن الشيك التقليدي، فإن الشيك التقليدي يتضمن أمراً مكتوباً وفق وضع شكلي معين، يصدر من الساحب إلى المسحوب عليه والذي يجب أن يكون البنك، وبموجبه يتم مبلغاً مالياً متفقاً عليه للمستفيد().
وبشكل عام فإن الشيك الإلكتروني يتضمن نفس البيانات الموجودة في الشيك التقليدي، وكذلك نفس الشروط والإجراءات، إلا أن الشيك التقليدي يتم كتابته على الورق وتوقيعه يدوياً، أما الشيك الإلكتروني، فيتم الكترونياً ويذيل بتوقيع الكتروني().
المطلب الثاني
إيجابيات ومخاطر التعامل بالشيك الإلكتروني
تعد الشيكات الإلكترونية من طرق السداد وتتم عبر الكترونياَ، حيث يقوم العميل بتعبئة الشيك الإلكتروني مضمناً إياه البيانات اللازمة، ثم ينتقل الشيك الإلكتروني عبر البنك الوسيط للمستفيد الذي يقوم باستلامه والتوقيع عليه().
فآلية العمل بالشيكات الالكترونية تبدأ بانشاء البنك قاعدة بيانات للعميل الذي يتعامل بالشيكات الالكترونية ومن ضمن البيانات توقيعه الالكتروني المعتمد، ويتمكن العميل بعدها برؤية نموذج الشيك الالكتروني عير الانترنت، ويقوم بتعبئة البيانات المطلوبة الكترونياَ، مع ملاحظة أنه لايمكن التعديل على الشيك الالكتروني بعد ارساله، وتحتوي هذه العملية على تقنية التوقيع الرقمي التي تعتمد على التشفير حيث يتم تحويل الكلمات الى رموز، ومن ثم تعاد الكلمات المقروءة من قبل الشخص مالك هذه الصلاحية، بعد ذلك يرسل الشيك الالكتروني الى المستفيد الكترونياً والذي بدوره يوقع الكترونياً عليه ويرسله للبنك الذي يتأكد من صحة التوقيع الالكتروني ليقيد المبلغ في حساب المستفيد().
ومن خلال ماسبق الحديث عنه حول الية عمل الشيكات الالكترونية، يمكن ملاحظة وجود إيجابيات و سلبيات أو مخاطر تحيط التعامل بالشيك الإلكتروني يمكن بيانها كما يلي:
أولاً: إيجابيات التعامل بالشيك الإلكتروني: توجد إيجابيات عدة لاستخدام الشيك الإلكتروني والتعامل به وتتمثل في أن الشيكات الالكترونية تستعمل للدفع عبر الانترنت ويعد ذلك أكثر أماناً وأقل تكلفة من الدفع عبر الشيكات الورقية التقليدية، كما يضع حداً لعمليات التزوير، ويعزز الثقة بين الأطراف. () كما تمتاز الشيكات الالكترونية بتقليل الاعباء الملقاة على عاتق الافراد، فلا يلزم الفرد البقاء متصلاً بشكل دائم مع البنك لمعرفة المعلومات المتعلقة بالشيكات().
ويتميز الشيك الالكتروني بالسرعة في اتمام العمليات، كما في حالة المقاصة، حيث تتم المقاصة في حالة تقديم الشيكات التقليدية للبنك وقتاً يمتد لأكثر من يوم، كما يستدعي التدخل والجهد البشري لانجاز العمل، ويتبع ذلك تكاليف واجور الموظفين. بينما في حالة الشيكات الالكترونية تتم العملية عبر الانترنت الذي من خلاله يتم الربط بين البنوك لاتمام المقاصة الالكترونية().
أما مايتعلق بمخاطر التعامل بالشيكات الإلكترونية، فيمكن الحديث عنها من حيث امكانية اختراق الشيكات الإلكترونية مما يعني امكانية الوصول للبيانات الأساسية للأطراف(). إضافة إلى أن العمل بالشيكات الالكترونية يتطلب توفير وترخيص بنوك الكترونية وتجهيزات حديثة قد يكون من الصعب على بعض الدول خاصة النامية توفيرها.
وبالرغم من المخاطر العديدة التي تحيط الشيكات الإلكترونية إلا أنها أصبحت من الوسائل الفعالة في الوفاء ويمكن استخدامها لإتمام مختلف المعاملات المالية ().
المبحث الثاني
مدى تنظيم المشرع الأردني للشيك الإلكتروني
يعد الشيك الإلكتروني من مظاهر التقدم التكنولوجي، وله دور كبير في تسهيل عمليات التجارة الإلكترونية، كما أنه ينسجم مع التجارة الإلكترونية العالمية() وسننتحدث في المطلبين التاليين عن حجية الشيك الإلكتروني و إثباته.
المطلب الأول
حجية الشيك الإلكتروني
فرضت التكنولوجيا المتطورة أنواعاً جديدة من التعاملات في العديد من المجالات، وكان من أهم التطبيقات الحديثة في مايتعلق بالتجارة الإلكترونية التي شهدت انتشاراً واسعاً، فظهرت أنواع متعددة من وسائل الدفع الإلكتروني والوفاء الإلكتروني، كما ظهرت الشيكات الإلكترونية.
وسيتم الحديث في هذا المطلب عن حجية الشيك الإلكتروني في قانون المعاملات الإلكترونية الأردني، وكذلك حجية الشيك الإلكتروني في قانون الأونسترال النموذجي.
الفرع الأول
حجية الشيك الإلكتروني في قانون المعاملات الإلكترونية الأردني.
ان ابرز التطورات في مجال التجارة الالكترونية مايتعلق بالطريقة التي تتم بها، حيث يتم التعاقد بوسائل الكترونية والتفاوض عن طريق الانترنت لإبرام عقد، بحيث يترتب التزامات متبادلة في ذمة كل طرف، وبالتالي ينشأ لدينا ما يسمى بالعقد الالكتروني كونه يتم بواسطة الوسائل الالكترونية، وقد عرف القانون المدني الأردني العقد في المادة ( 87 ) بأنه : “ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ,ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر”.
وقد أدى التطور الهائل في مجال العقود الإلكترونية إلى صدور قانون المعاملات الإلكترونية رقم 15 لسنة 20151، وما تضمنه من قواعد خاصة تحكم عملية التجارة الإلكترونية، حيث نصت المادة (2) على تعريف المعاملات بأنها (أي إجراء يقع بين طرف أو أكثر لإنشاء التزام على طرف واحد أو التزام تبادلي بين طرفين أو أكثر سواء كان يتعلق هذا الإجراء بعمل تجاري أو مدني أو يكون مع دائرة حكومية.)().
جاءت المواد الرابعة والخامسة والسادسة من قانون المعاملات الإلكترونية الأردني لتحدد نطاق تطبيق القانون، والذي ينطبق كقاعدة عامة على المعاملات والسجلات والتواقيع الإلكترونية، أو أي رسالة معلومات إلكترونية، بما في ذلك المعاملات الإلكترونية التي تعتمدها أي دائرة حكومية، أو مؤسسة رسمية بصورة كلية أو جزئية، سواء كانت ذات طابع مدني أو تجاري أو اداري، واحسن المشرع الأردني عندما توسع في نطاق هذا القانون ليتجاوز الأنشطة التجارية التي نص عليها قانون التجارة النموذجي، ويعد هذا التوسع متوافقاً مع توجه الأردن لتنفيذ الحكومة الإلكترونية.
إن قانون المعاملات الالكترونية يهدف إلى حث المتعاملين على استخدام الوسائل الإلكترونية لاجراء معاملاتهم، وقد نص المشرع في المادة السادسة من ذلك القانون على مجموعة من الاستثناءات فرض فيها أن تتم المعاملات كتابياً.
لقد نص المشرع الأردني في قانون المعاملات الإلكترونية على سبيل الحصر على الحالات التي تستثنى من الاعتراف بالمحررات والتوقيعات الإلكترونية فقد نصت المادة 6 من قانون المعاملات الإلكترونية على أنه: “مع مراعاة أحكام الفقرة (ب) من المادة (3) من هذا القانون، إذا استوجب أي تشريع تقديم أي قيد أو عقد أو مستند أو وثيقة بشكل خطي أو كتابي فيعتبر تقديم السجل الالكتروني الخاص بأي منها منتجاً للآثار القانونية ذاتها شريطة ما يلي:- أ- إمكانية الاطلاع على معلومات السجل الالكتروني .”
الفرع الثاني
حجية الشيك الإلكتروني في قانون الأونسترال النموذجي
أكد القانون النموذجي الأونسترال الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي على حجية الكتابة الإلكترونية من خلال نص المادة (6) التي نصت على أنه: “عندما يشترط القانون أن تكون المعلومات مكتوبة تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر الاطلاع على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليها لاحقاً”().
والشيك الإلكتروني هو رسالة بيانات موثقة إلكترونياً يمكن الاعتماد عليه والاعتراف به قانوناً بموجب هذا القانون().
وأكد ذلك القانون النموذجي للاونسترال للتجارة الالكترونية الدولية لعام 1996 على حجية التوقيع الإلكتروني من خلال نص المادة (7/1) حيث نصت على أنه: ” – عندما يشترط القانون وجود توقيع من شخص، يستوفى ذلك الشرط بالنسبة الى رسالة البيانات، اذا: أ-استخدمت طريقة لتعيين هوية ذلك الشخص والتدليل على موافقة ذلك الشخص على المعلومات الواردة في رسالة البيانات ب- كانت تلك الطريقة جديرة بالتعديل عليها بالقدر المناسب للغرض الذي أنشئت أو بلغت من أجله رسالة البيانات في ضوء كل الظروف، بما في ذلك أي اتفاق متصل بالأمر”(). وترى الباحثة أنه بما أن التوقيع الإلكتروني المذيل في الشيك الإلكتروني يظهر هوية الموقع ومدى التزامه بما قام بالتوقيع عليه فهذا يكسب الشيك القوة الثبوتية القانونية. المطلب الثاني
إثبات الشيك الإلكتروني
تكمن أهمية الإثبات في العمليات الإلكترونية كونها الأساس في تحديد المسؤولية، فالقاعدة العامة هي حرية الإثبات في العقود التجارية، حيث نصت المادة (51) من قانون التجارة الأردني رقم 12 لسنة 1966على أنه: “لا يخضع إثبات العقود التجار مبدئيا للقواعد الحصريه الموضوعة للعقود المدنية، فيجوز إثبات العقود المشار إليها بجميع طرق الإثبات مع الاحتفاظ بالاستثنئات الواردة في الأحكام القانونية الخاصة) .()
واعترف قانون البينات الأردني رقم 30 لسنة 1952 بحجية الأسناد الإلكترونية في الإثبات باعتبارها أسناد عادية، وفي الفقرة الثالثة من المادة (13) من قانون البينات اعتبر العديد من الوسائل الإلكترونية بيانات مقبولة في القانون الأردني حيث نصت هذه المادة على ما يلي : “أ- وتكون لرسائل الفاكس والتلكس والبريد الإلكتروني قوة الإسناد العادية في الإثبات ما لم يثبت من نسب إليه إرسالها انه لم يقم بذلك أو انه لم يكلف أحدا بإرسالها. ب- وتكون رسائل التلكس بالرقم السري المتفق عليه بين المرسل والمرسل إليه حجه على كل منهم. ج- وتكون لمخرجات الحاسوب المصدقة أو الموقعة قوة الإسناد العادية من حيث الإثبات ما لم يثبت من نسبت إليه أنه لم يستخرجها أو لم يكلف أحد باستخراجها”. ()
ومع صدور قانون المعاملات الالكترونية المؤقت رقم 15 لسنة 2015 والمنشور في الجريدة الرسمية العدد رقم ( 5292 ) الصادر بتاريخ 15/4/2015 حيث اجاز التعاقد بالوسائل الالكترونية واعترف بالأسناد الإلكترونية باعتبارها أسناد عادية .
وكذلك صدر قانون البنوك رقم 28 لسنة 2000 والذي أجاز في المادة (92/ب ) فيها الاثبات في القضايا المصرفية بكافة طرق الاثبات بما في ذلك البيانات الإلكترونية أو البيانات الصادرة عن أجهزة الحاسوب أو مراسلات أجهزة التلكس، كل ذلك جعل الإثبات بواسطة الإسناد الإلكترونية ومستخرجات الحاسوب والوسائل الإلكترونية الأخرى أمرا مفروغا منه بشكل قاطع، باعتبار أن الإسناد الإلكترونية تمتلك قوة الإسناد العادية في الإثبات،() وقد نصت الفقرة (ب) على أنه: “على الرغم مما ورد في أي تشريع أخر يجوز الاثبات في القضايا المصرفية بجميع طرق الإثبات بما في ذلك البيانات الالكترونيه أو البيانات الصادرة عن أجهزة الحاسوب أو مراسلات التلكس”.
والتوقيع الإلكتروني الذي يرد على الاسناد الالكترونية هو من المصطلحات الحديثة العهد و بذلت محاولات عديدة من جانب كبير من الفقه والقضاء للتوسع في تفسير النصوص القانونية الموجودة أصلا لتشمل المعاملات التي تتم الكترونياً، ومن تلك المحاولات اعتبار لجعله يشمل التوقيع الإلكتروني، اعتبار التوقيع هو الوسيلة للتعبير عن إرادة صاحبه، وبالتالي فلا يشترط أن يكون التوقيع بخط اليدين دائما أي مكتوباً.
ويجمع التوقيع العادي خمس وظائف هي: التعريف بصاحبه والتثبيت من هويته والتعبير عن رضاه والتصديق على محتوى السند ومنح السند صفة النسخة الاصلية. وقد عرف قانون المعاملات الالكترونية التوقيع الالكتروني بانه البيانات التي تتخذ هيئة حروف او ارقام او رموز او اشارات او غيرها وتكون مدرجة بشكل الكتروني او رقمي او ضوئي او أي وسيلة اخرى مماثلة في رسالة معلومات أو مضافة عليها او مرتبطة بها ولها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها عن غيره من اجل توقيعه وبغرض الموافقة على مضمونه.
ومن خلال التعريف السابق نجد انه يتضمن الوظائف للتوقيع الالكتروني وهي ذات وظائف التوقيع العادي.
كما اعتبر قانون المعاملات الإلكترونية التوقيع الالكتروني على السجل الإلكتروني كافيا لأي متطلب قانوني يستوجب التوقيع على المستندات بالطرق التقليدية حيث نصت المادة (15) من القانون على أنه: ” يعتبر التوقيع الالكتروني محمياً إذا توافرت فيه الشروط التالية مجتمعة:- أ- إذا انفرد به صاحب التوقيع ليميزه عن غيره. ب- إذا كان يحدد هوية صاحب التوقيع. ج- إذا كان المفتاح الخاص خاضعاً لسيطرة صاحب التوقيع وقت إجراء التوقيع. د- إذا ارتبط بالسجل الالكتروني بصورة لا تسمح بإجراء تعديل على ذلك السجل الالكتروني بعد توقيعه دون إحداث تغيير على ذلك التوقيع. ()”
ويتم التوقيع الإلكتروني بطرق متعددة منها التشفير والبطاقة الذكية والرمز السري والإمضاء البيومتري المتصل بجسد المتعامل كالبصمة وقزحه العين والإمضاء الإلكتروني الديناميكي واليدوي وغيرها .
وتضمنت المواد السابعة والثامنة والتاسعة من قانون المعاملات الالكترونية نصوص جوهرية تتضمن الاعتراف القانوني بالوسائل الإلكترونية وتقرر إنتاجية السجل الإلكتروني والعقد الإلكتروني والرسالة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني وهي الآثار القانونية ذاتها المترتبة على الوثائق والمستندات الخطية والتوقيع الخطي من حيث إلزامها وصلاحيتها في الإثبات كما أشارت المادة السابعة إلى عدم جواز إغفال الآثار القانونية لأي ما ورد أعلاه بناءا على كونها أجريت بوسائل إلكترونية إلا أن هذا الاعتراف القانوني العام بالوسائل الإلكترونية وهو أمر مقيد ببعض الشروط القانونية فالسجل الإلكتروني لا بد من أن تتوافر مجموعة من الشروط حتى يكتسب الآثار القانونية هي : (1) كون المعلومات الواردة فيه قابلة للاحتفاظ وتخزينها والرجوع اليها في أي وقت . (2) إمكانية الاحتفاظ بالسجل الالكتروني في الشكل الذي تم انشاؤه او ارساله او تسلمه به دون تغير. (3) أن تشير المعلومات الواردة في السجل الى منشئه او تسلمه وتاريخ ووقت ارساله او تسلمه.
أما فيما يتعلق بالنصوص الخاصة بالتواقيع الإلكترونية في قانون المعاملات الإلكترونية, فان المادة (10) من القانون تشير إلى الاعتراف القانوني بالتواقيع الإلكترونية على السجلات والرسائل الإلكترونية كبديل للتوقيع الخطي على السجلات والرسائل المكتوبة فقد نصت على أنه: “1- إذا استوجب تشريع نافذ توقيعا على ترتيب اثر على خلوه من التوقيع فان التوقيع الإلكتروني على السجل الإلكتروني يفي بمتطلبات ذلك التشريع. 2-يتم إثبات صحة التوقيع الإلكتروني ونسبته إلى صاحبه إذا توافرت طريقة لتحديد هويته والدلالة على موافقته على الموافقات الواردة في السجل الإلكتروني الذي يحمل توقيعه إذا كانت تلك الطريقة مما يعول عليها لهذه الغاية في ضوء الظروف المتعلقة بالمعاملة بما في ذلك اتفاق الأطراف على استخدام تلك الطريقة ” .
الخاتمة
تحدثنا في هذا البحث عن الشيك الالكتروني، وأنه يكافئ الشيك التقليدي، فهو يتضمن البيانات ذاتها، الا ان الشيك الالكتروني يتميز بأنه يتم الكترونيا عبر الانترنت، وبحثنا في ايجابياتها وسلبياتها والمخاطر التي قد تحيط بها، كما بحثنا في موقف المشرع الاردني من الشيكات الالكترونية وحجيتها في التشريع الأردني.
النتائج
- تعد الشيكات الالكترونية من وسائل السداد الالكتروني الحديثة، وهو مكافئ للشيك التقليدي الكتابي.
-
اعترف المشرع الاردني بالشيكات الالكترونية واشترط ان تصدر عن بنوك الكترونية مرخصة وتنظيم الية اصدارها وفق نظام يصدر عن البنك المركزي الأردني.
التوصيات
- لم يفرد المشرع الأردني احكاما قانونية خاصة بالشيكات الالكترونية، انما احالها الى الاحكام العامة في قانون التجارة، رغم انها تتميز بخصوصيتها التي تميزها عن الشيكات التقليدية.
- أن يتم وضع قواعد تنظم اختصاص المحاكم في حال نشوء النزاع بشأن الشيكات الالكترونية.
- تنظيم بيئة آمنة وسليمة للشبكات الالكترونية بحيث يمكن نقل المعلومات المالية والتواقيع الإلكترونية بسرية ودون تدخل من قبل المخترقين( الهاكرز ) .
-
يجب أن يتم وضع الحلول للحد من الاختراقات التي تعترض عمليات التعاقد عن بعد
المراجع والمصادر :
الزبيدي، وليد (2004) التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، الموقف القانوني، عمان: دار المناهج للنشر والتوزيع.
قايد، محمود (2001) الأوراق التجارية الإلكترونية، الكمبيالة والسند لأمر الإلكتروني، القاهرة: دار النهضة العربية.
الشمري، ناظم والعبداللات، عبد الفتاح (2008)، عمان: دار وائل للنشر.
غندور، غسان (2012) طرائق السداد الإلكترونية وأهميتها في تسوية المدفوعات بين الأطراف المتبادلة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، 28(1).
نور، بسام (2005) النقد الإلكتروني والبطاقات الذكية والنقد الرقمي: ماهي قصتهم، بيروت: دار الفكر.
العيسوي، إبراهيم (2003) التجارة الإلكترونية، القاهرة: المكتبة الأكاديمية.
لبقمي، عائض (2015) الشيكات الإلكترونية، بحث منشور على الانترنت.
طه مصطفى وبندق، وائل (2006) الأوراق التجارة الإلكترونية، القاهرة: دار النهضة العربية.
اسماعيل، محمد (2009) أساليب الحماية القانونية لمعاملات التجارة الإلكترونية، بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية.
عليوه، السيد (2002) التجارة الإلكترونية ومهارات التسويق العلمي، القاهرة: دار الأمين.
النجيدي، يعقوب (2002) التجارة الإلكترونية، بيروت: الدار العربية للعلوم.
عبد الوهاب، أكرم (2004) التجارة الإلكترونية، القاهرة: ابن سينا.
الشافعي، محمد (2005) الآثار المترتبة على استخدام النقود الإلكترونية، جامعة عين شمس، القاهرة.
المومني، عمر حسن (2003)التوقيع الالكتروني وقانون التجارة الالكترونية ، دار وائل للنشر.
العامري، موسى (2003) الشيك الذكي بحث مقدم إلى مؤتمر الأعمال المصرفية بين الشريعة والقانون، 1(1).
بقشبندي علاء، (2001) التوقيع الالكتروني خطوة الى الامام، صحيفة الاتحاد الإماراتية، العدد الصادر بتاريخ 21/8/2001.
قرطاسي المصنف، (2000) حجية الامضاء الالكتروني امام القضاء، التجارة الالكترونية والخدمات المصرفية والمالية عبر الانترنت، القاهرة،ص15.
القوانين
قانون التجارة الأردني
قانون المعاملات الالكترونية الاردني
قانون التجارة الدولية النموذجي الاونسترال