الحق في الخصوصية الجينية في ظل استخدام البصمة الجينية – الباحث نورالدين المدكوري
الحق في الخصوصية الجينية في ظل استخدام البصمة الجينية
The right to genetic privacy in light of the use of genetic fingerprinting
الطالب الباحث نورالدين المدكوري
The student researcher Nour-eddine EL Madkoury
خريج ماستر السياسة الجنائية والعدالة الإجرائية
جامعة القاضي عياض
ملخص:
يعد الحق في الخصوصية الجينية من الحقوق اللصيقة بالأشخاص، حيث إن حماية هذا الحق يقع على عاتق المشرع الذي يتكفل بوضع نصوص قانونية من شأنها تأمين هذا الحق والمحافظة عليه، لأن أي ممارسة وتطبيق للهندسة الوراثية من استنساخ بشري، وتلاعب بالجينات، وانتهاكها، وتغيير في الصفات الوراثية له عواقب وخيمة على المجتمع، إذ يترتب عنه فقدان روابط الإنسانية بين أفراد المجتمع والأواصر الاجتماعية، ذلك أن التعدي على خصوصية الأفراد الجينية، وعدم وضعها تحت الحماية القانونية من خلال منع أي انتهاك يمس بها، يجعل المجتمع عرضة للخطر، الشيء الذي جعل جل الأنظمة التشريعية والمواثيق الدولية تنادي بضرورة حماية حقوق الأفراد، التي من أهمها الحق في الخصوصية الجينية، لأن المساس بهذا الحق يعني بالأساس المساس بالحياة الخاصة للفرد. فإعمال هذا ما هو الا تأكيد على أن الشخص حر في معلوماته الجينية، بمعنى أن المرء له الحق في أن يقرر بنفسه ما هي المعلومات الجينية التي يمكن للغير معرفتها.
Summary :
The right to genetic privacy is considered one of the inherent rights of individuals. Protecting this right is the responsibility of the legislator, who is responsible for establishing legal provisions that secure and preserve this right. Any practice or application of genetic engineering, such as human cloning, gene manipulation, violation, or alteration of genetic traits, has serious consequences for society. It leads to a loss of human connections and social bonds. Violating the genetic privacy of individuals and not providing legal protection against any violation exposes society to risks. This is why most legislative systems and international conventions emphasize the necessity of protecting individual rights, including the right to genetic privacy, as violating this right essentially means infringing upon an individual’s private life. Enforcing this right is simply a confirmation that individuals have the freedom over their genetic information. It means that individuals have the right to decide for themselves which genetic information can be known by others.
مقدمة
تعتبر البصمة الجينية أسلوبا متطورا في مجال التحري عن الجرائم التي يكتنفها الغموض، وقد فرضت نفسها بشكل كبير ضمن وسائل الإثبات في الميدان الجنائي حتى أصبحت حقيقة واقعية يرتكز عليها في كثير من الأحيان، فيلجأ إلى إعمالها في العديد من القضايا بحثا عن الحقيقة واليقين القضائيين[1]، ونظرا للأهمية التي أصبحت تحظى بها، عملت معظم الدول على إنشاء قاعدة للبيانات الجينية وذلك بهدف تجميع وتخزين المعلومات الجينية التي يتم الحصول عليها من التحاليل الجينية لأن المساس بها يعد مساسا بالحياة الخاصة للأفراد.
كما أن الحق في الخصوصية الجينية يعد من الحقوق اللصيقة بالأشخاص، حيث إن حماية هذا الحق يقع على عاتق المشرع الذي يتكفل بوضع نصوص قانونية من شأنها تأمين هذا الحق والمحافظة عليه، لأن أي ممارسة وتطبيق للهندسة الوراثية[2] من استنساخ بشري، وتلاعب بالجينات، وانتهاكها، وتغيير في الصفات الوراثية له عواقب وخيمة على المجتمع، إذ يترتب عنه فقدان روابط الإنسانية بين أفراد المجتمع والأواصر الاجتماعية، ذلك أن التعدي على خصوصية الأفراد الجينية، وعدم وضعها تحت الحماية القانونية من خلال منع أي انتهاك يمس بها، يجعل المجتمع عرضة للخطر، الشيء الذي جعل جل الأنظمة التشريعية والمواثيق الدولية تنادي بضرورة حماية حقوق الأفراد، التي من أهمها الحق في الخصوصية الجينية، لأن المساس بهذا الحق يعني بالأساس المساس بالحياة الخاصة للفرد[3].
والحق في الخصوصية الجينية له طبيعة موضوعية وشخصية في الوقت نفسه، وذلك على أساس أن المعلومات التي يتم الحصول عليها من فحص الجيني والتي يرغب الشخص في كتمانها تدخل في نطاق الحق في الخصوصية الجينية، وأساس ذلك يوجب أحقية الفرد في ألا يطلع أحد على معلوماته الجينية التي يتم الاحتفاظ بها لدى جهات لدى جهات مكلفة قانونيا بذلك ويتعلق الامر على مستوى الوطني بكل بمختبرين الأول تابع لمديرية الامن الوطني، وثاني تابع لدرك الملك.
فإعمال الحق في الخصوصية الجينية للفرد، ما هو الى تأكيد على أن الشخص حر في معلوماته الجينية، بمعنى أن المرء له الحق في أن يقرر بنفسه ما هي المعلومات الجينية التي يمكن للغير معرفتها، وحقه كذلك في تقرر ما هي المعلومات التي لا يمكن للغير معرفتها كل هذا في نطاق احترام تام للقانون، وعلى هذا الأساس فإن معظم النظم التشريعية تنص في قوانينها على حماية الحق في الحياة ، التي اعتبرت أن الحق في الخصوصية الجينية يدخل في خانة الحقوق الانسان التي ينص تنص عليها المواثيق الدولية من بينها الإعلان العالمي لحقوق الانسان، و المشرع المغربي بدوره قد نص على حماية هذا الحق في الفقرة الأولى من الفصل 24 من الدستور[4]؟، بناء على هذا كله يمكننا طرح الاشكال التالي:
مامصير الحق في الخصوصية الحينية في ظل استخدام البصمة الجينية؟
المحور الأول: الأحكام العامة للحق في الخصوصية الجينية
أدى التقدم العلمي السريع للجينات الوراثية وتطبيقاتها في الميدان الطبي إلى إثارة مسائل جديدة تتعلق بالقانون والأخلاق والسياسة، سواء بالنسبة للفرد أو المجتمع، بحيث أثار هذا التقدم التساؤل عن الحدود الفاصلة بين ما يدخل في نطاق الحياة الخاصة للفرد، التي يجب أن يقف عندها الغير وألا يتجاوزها، وبين ما يخرج عن هذا النطاق وهنا واجب حماية الحياة الخاصة للفرد، ومنع أي اعتداء عليها، بحيث قد ظهرت وسائل متطورة في المجال العلمي أدت إلى إحداث ثورة علمية، الأمر الذي استفاد منه المجال الجنائي في مسألة الاثبات، فأصبح الميدان الجنائي في الكثير من القضايا يعتمد على البصمة الجينية، وهنا كان من الواجب حماية الخصوصية الجينية وعدم إفشاء المعلومات الجينية عند إجراء تحاليل جينية.
الفقرة الأولى: مفهوم الحق في الخصوصية الجينية
تعتبر السلامة الجسدية من أهم الحقوق الجوهرية للإنسان إن لم تكن أسماها، وهو حق كرسته معظم التشريعات والدساتير على مدى الأحقاب والأزمنة، وذلك يقتضي عدم المساس بجسم الإنسان أو الاعتداء على كيانه الجسدي والمعنوي في ظرف من الظروف، وتحت أي مبرر كان، حتى وإن كان ذلك لمصلحة هذا الشخص، وسنتناول في هذه الفقرة تعريف الحق في الخصوصية الجينية (أولا) على أن نتطرق بعد ذلك إلى عناصر الحق في الخصوصية الجينية (ثانيا).
أولا: تعريف الحق في الخصوصية الجينية
سوف نتطرق إلى تعريف الحق في الخصوصية الجينية من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية
1. التعريف اللغوي
لم يرد في المعاجم اللغوية العربية أي تعريف لمصطلح الخصوصية الجينية، أو لأي لفظ مقابل أو مشابه لها، ويمكننا تعريف “الخصوصية” و”الجينية” كل على حدة، وذلك من أجل التوصل إلى وضع تعريف للخصوصية الجينية، فالخصوصية في اللغة مأخوذة من فعل خصص بالفتح الشديد، يقال خصه بالشيء يخصه خصوصاً، والخصوص خلاف العموم، وهي ما تخصه لنفسك، وخاصة الشيء هو ما يخص به دون غيره[5].
أما التعريف اللغوي لكلمة “جين” فهي عبارة عن مصطلح أجنبي مأخوذ من الكلمة اليونانية جينوس “genos” التي تعني الأصل أو النوع أو النسل، وتستعمل للدلالة على حملات الصفات الوراثية، وهناك من نسب كلمة جين” gene” إلى الأصول الأفريقية والمقصود بها، “الميلاد” ويقابل كلمة جين في اللغة العربية “مورثة” وجمعها مورثات، وهي مأخوذة من الفعل الثلاثي “ورث”[6]
وبناء على ما سبق يعني الحق في الخصوصية الجينية من الناحية اللغوية أن لكل إنسان الحق في الحفاظ والانفراد فيما يملك من معلومات وراثية، وتقتصر عليه دون غيره من الأشخاص.
2. التعريف الاصطلاحي
إن تحديد المعنى الاصطلاحي للحق في الخصوصية الجينية يطرح العديد من الإشكالات ويثير اختلافات في وجهات النظر الفقهية حول مدلول هذا الحق، فلا يوجد تعريف فقهي أو قانوني دقيق جامع ومانع له، والسبب في ذلك هو عدم الاستقرار على تعريف موحد لهذا الحق، وهذا راجع إلى حداثة جينات الوراثية بصفتها كعلم بيوطبي.
وبخصوص هذا الحق، فقد ذهب جانب من الفقه إلى اعتبار الجينات الوراثية عبارة عن شيء غير مادي، وإن تعلقت بالكائنات الحية، ومن خلال هذا الجانب من الفقه فإن الجينات الوراثية ماهي إلا عبارة عن معلومات وراثية تنتقل عبر الأجيال، فهي بذلك تمثل الهوية البيولوجية للشخصية.
وقد تعرض هذا الرأي لمجموعة من الانتقادات أهمها، أن جسد الإنسان هو الشخص ذاته وهو صاحب الحقوق مادام حيا وليس محلها، وعلى هذا الأساس فإنه لا يجب فصل الجسد ومكوناته عن الشخص، حتى في حالة الوفاة، لا يمكن القول بأن الجسد أصبح شيئا، على الرغم من انفصال الجسد عن الروح، وهذا راجع إلى ما يحمله الجسد من معاني لا بد من حمايتها[7].
ونظرا لهذه الانتقادات فإن جانب من الفقه اعتبر أن الجينات البشرية جزء من الجسد وجوهره، وتعتبر كذلك معلومات وراثية فهي لا تتجزأ عن الجسد، وبالتالي تدخل في طائفة الحقوق الفردية اللصيقة بالشخص[8].
وخلاصة القول، فإنه مهما كانت الطبيعة القانونية للجينات إلا أنها تعتبر ملكا للإنسان، وتعبر عن حقه في احترام خصوصية جيناته البشرية باعتبارها معلومات مخزنة أو باعتبارها جزء من التركيبة البيولوجية للشخص[9].
وبذلك يمكن تعريف الحق في الجينية بأنه “الحماية المقررة لسرية جميع المعلومات التي يرغب الشخص في كتمانها وتكون متحصلة من الفحص الجيني[10]“.
ثانيا: عناصر الحق في الخصوصية الجينية
من خلال التعريفات السابقة للحق في الخصوصية الجينية يتضح أنه يتضمن عنصرين هما:
1. العنصر الشخصي
يتأسس هذا العنصر على اتجاه إرادة الفرد إلى إطلاع الغير على معلوماتك الجينية بكل حرية وبرضا تام وصحيح صادر عن إدراك سليم منه، فإذا ما تم السماح بذلك فلا يجوز بعد منح الإذن بالاطلاع أن يتحجج بحقه في الخصوصية الجينية أو بتجريم واقعة إطلاع الغير على نتائج فحصه الجيني، حتى ولو كان هذا الغير هو سلطات الدولة ذاتها إلا في الحالات الاستثنائية التي يقررها التشريع الداخلي لكل دولة هذا من جهة.
ومن جهة أخرى يوجب أيضا العنصر الشخصي للحق في الخصوصية الجينية إطلاع الشخص على المعلومات الجينية التي يريد هو معرفتها عن نفسه[11].
2. العنصر الموضوعي
يتمثل العنصر الموضوعي للخصوصية الجينية في اعتبار المعلومات الجينية محل الحق تتصف بكونها جينية، وهو أمر موضوعي لا دخل لإرادة الفرد فيه ويرجع في تحديدها لعلم الهندسة الوراثية، حيث إن تطبيق عمليات الفحوص الجينية على العينات البيولوجية ينتهي في الأخير بظهور العديد من المعلومات الخاصة التي تعكس هوية أو رابطة النسب، وعلى الرغم من صعوبة وضع تعريف دقيق للمعلومات التي تعتبر بكونها جينية، إلا أن ذلك لم يمنع بعض الفقهاء من تعريفها، ولعل أبراز محاولة كانت للفقيه الفرنسي “loic cadier ” حيث عرفها بأنها “المعلومات ذات الطبيعة الجينية والفردية التي تخص الشخص بالمعنى الضيق، وتعتبر مصدره وأصله ، فهي تحدد صفاته وشخصياته وليست هي الشخص نفسه، إن ما هي رسالة تمنحه الوجود من خلال إمكانية النجاة من المخاطر[12]“.
الفقرة الثانية: الجرائم الماسة بالحق في الخصوصية الجينية
يعتبر المجال الطبي مجالا يمكن أن تصدر فيه أفعال من شأنها الاعتداء أو التعدي على حرمة الإنسان وكرامته، بحيث يمكن أن تشكل هذه الأفعال تطاولا على خصوصيته الجينية ومعلوماته الوراثية بالخصوص، وقد كرم الله سبحانه الإنسان وأبداع في تصويره، فلا يمكن لتدخل الإنسان من خلال العمل الطبي والتجارب الطبية الحديثة التعدي على الجين البشري، وذلك من خلال التلاعب به، بغية تحسين الصفات الوراثية وتحديد هوية
الأشخاص بواسطة البصمة الجينية، وكذلك اختراق الأسرار الخاصة بأصوله وفروعه، والكشف والتعرف على المعلومات الجينية، فإذا خرجت هذه الأفعال من دائرة الإباحة وتجاوزت المجال القانوني المحدد لها فهي تعد جرائم من حيث مساسها بالخصوصية الجينية.
وعلى هذا الأساس سوف نتناول كل من الجريمة
-افشاء المعلومات الجينية
– الحصول على المعلومات الجينية دون رضا المجني عليه
– إساءة استخدام المعلومات الجينية
أولا: جريمة إفشاء المعلومات الجينية
تعتبر النتائج والمعلومات وكذا المعطيات المتحصلة من تجارب الجينات البشرية مهمة، لذلك نصت معظم التشريعات الدولية على وجوب حماية هذه المعلومات، حيث شددت التوصيات الدولية على ضرورة معاملة هذه النتائج والمعلومات التي يتم الحصول عليها من تجارب الجينات البشرية، على السرية التامة وهذا ما نص عليه الإعلان العالمي للجين وحقوق الإنسان في المادة السابعة منه، كما قد أوصت اللجنة الوزارية الأوروبية بتخزين المعلومات الجينية التي يتم الحصول عليها من تجارب علمية للجينات البشرية بصورة سرية، مع توفير الحماية الكاملة لها، لأن إفشائها يعد مساسا بالحق في الخصوصية الجينية، وهذا ما تناوله التقرير الذي صدر عن اليونسكو في عام 2000 بشأن البيانات الجينية[13]. وقد أصدر محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي حكما بأن يشمل الحق في احترام الحياة الخاصة الحق في عدم إفشاء المعلومات المتعلقة بصحة الإنسان[14].
والمشرع الفرنسي هذا أخذ بهذا الموقف وطبق التوصيات الأوروبية والعالمية لسن تشريعات وطنية تجرم كل الأفعال التي تؤثر في سرية المعلومات الجينية، فقد أكدت المادة (226/13) من قانون العقوبات الفرنسي على مبدأ الحماية الجنائية لسر المهنة، وعاقب عليها بالحبس مدة سنة وغرامة مائة ألف يورو لكل من يكشف عن معلومة ذات طابع سري، وذلك بحكم مهنته أو وضعيته، كما نص المشرع الفرنسي على تجريم إفشاء الأسرار المعلوماتية، على الحماية الخاصة للمعلومات الطبية الموجودة في البطاقة الصحية، بوصفها ظرفا مشددا لجريمة إفشاء المعلومات الشخصية، أما المشرع الأمريكي فقد جرم إفشاء المعلومات الجينية لأغراض تأمينية في مجالي التأمين الصحي والعمل، إذ جاء هذا التجريم في قانون عدم التمييز الجيني الأمريكي الصادر سنة 2003[15].
ونشير إلى أن المشرع المغربي بدوره من خلال مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي[16]، جرم فعل إفشاء الأسرار المهنية، حيث عاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من 1200 إلى 20000 درهم كل من يكشف عن المعلومات ذات الطابع السري، بحكم مهنته أو وظيفته، ونص بدوره على حماية المعلومات الطبية التي يتوفر عليها الأطباء بحكم مهنتهم، ويدخل ضمن هذه المعلومات، المعلومات الجينية، كما أن المشرع المغربي من خلال مقتضيات المادة الثانية من قانون 131/13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب[17]، أكد على أن من واجب الطبيب أن يحترم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وأن يحافظ في ممارسته لمهنته على سلامة وكرامة وخصوصية المرضى الذين يعالجهم.
ومن خلال هذا كله نخلص إلى أن الجينات تمثل النقل الأساسي لجميع الاختبارات الطبية والعلمية فمن خلالها يجري الكشف عن معلومات ذات الطابع الوراثي، وقد لا يبالي الشخص الذي يخضع للفحص الجيني بهذه المعلومات، ومن هنا فإن إفشاء المعلومات الجينية قد يترتب عنه مخاطر كبيرة وأثار عديدة، ويعد إفشاء هذه المعلومات تجاوزا وتطاولا على الحياة الخاصة، والمستحيل على الآخرين العلم بها بطريقة مشروعة، فإفشاء المعلومات الجينية للشخص ومن دون رضاه يعد عملا غير مشروع.
حالات الإباحة في جريمة إفشاء السر الجيني
تتمثل حالات إباحة إفشاء السر الجيني في حالتين هما:
-حالة رضا المجني عليه
-حالة الضرورة
أ: حالة رضا المجني عليه
هذه الحالة تجعلنا نتساءل هل الرضا يعد سببا لإباحة الإفشاء؟ إذ يرى بعض الفقه[18] أن الجواب نعم، وتعليلهم بأن هذه الجريمة لا تقع إذا أجري الإفشاء بناء على رضا المجني عليه، وأن الحق في الخصوصية الجينية هو من الحقوق اللصيقة بصاحبها، ومن تم فإن رضاءه بأن يمس الغير بهذا الحق يعد سببا للإباحة لهذا المساس، ومن تم لا يتوفر الاعتداء على الحق في الحالة التي يقبل فيها الشخص طواعية الكشف عن معلوماته الجينية.
ب: حالة الضرورة
تعد الضرورة مانعا من موانع المسؤولية الجنائية، وذلك حسب مقتضيات الفصل 124من مجموعة القانون الجنائي المغربي. كما أن المشرع الفرنسي قد أخد بحالة الضرورة في أخلاقيات الطب البيولوجي، عندما أشار إلى ضرورة إخبار أعضاء الأسرة المهنية بنتيجة الفحوص الجينية، ويكون ذلك وفقا لشرطين هما:
-أن يسفر فحص الخصائص الوراثية عن مرض وراثي جسيم.
-أن تتاح اقتراح اتخاذ إجراءات وقائية أو العلاج لأعضاء الأسرة المحتمل أن يتأثروا بهذه المعلومات.
وقد اهتم المشرع الفرنسي بموضوع الاطلاع على المعلومات الجينية، عندما تكون هذه المعلومات ضرورية ولازمة لحماية السلامة الجسدية والصحية، سواء للشخص صاحب العينة أو غيره وهم الأقارب أو الأسرة التي ينتمي إليها[19].
أما في التشريع الأمريكي فإن قانون التأمين الصحي أجاز للجهة القائمة على مراقبة المعلومات الصحية أن تطلع على هذه المعلومات الخاصة بالمريض لهدف التأكد من كفالة نظام الرعاية الصحية لأهدافه.
كما أن المشرع المغربي من خلال القانون رقم 131/13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب أعطى الحق للمريض أو عند الاقتضاء نائبه الشرعي أو ممثله القانوني، في الحصول على المعلومة المتعلقة بتشخيص مرضه والعلاجات الممكنة، كما أعطى هذا القانون الحق للمريض أو نائبه الشرعي أو ممثله القانوني الحصول على نسخة من الملف الطبي للمريض.
ثانيا: جريمة الحصول على المعلومات الجينية دون رضا المجني عليه
على الرغم من أهمية الفحص الجيني، وما فيها من معلومات من شأنها المساس بالأشخاص وذلك عن طريق إفشاء أسرارهم، إذ أن مختلف التشريعات التي عالجت موضوع حماية الخصوصية لا تلائم مثل هذه الحالة، لأن حمايتها للمعلومات من خلال اعتبارها كيانا ماديا فقط وليس بوصفها مصدرا لهذه المعلومات -المادة الجينية- فتجريم مثل هذه الأفعال يقتضي بالأساس الأخذ في الحسبان كمية وقدر المعلومات التي يتم الحصول عليها من الحمض النووي، وكذلك المدة الزمنية التي يمكن أن تصلح فيها هذه العينة لإجراء الفحوص الجينية عليها، ومدى إمكانية تحليلها مرة أخرى، واكتشاف استعمالات جديدة لها[20]، إذ إن النصوص التي تجرم الاعتداء على المادة الجينية جد قليلة، والأفعال التي تقع عليها تختلف باختلاف الفعل، وتتنوع بتنوع صور الاعتداء الحاصل عليها[21]، إذ إن البنيان القانوني لجريمة الحصول على المعلومات الجينية بطريقة غير مشروعة يتطلب ثلاثة عناصر وهي كالآتي:
1-الركن المادي للجريمة.
2-العنصر المفترض في الجريمة.
3-الركن المعنوي لجريمة الحصول على المعلومة الجينية من دون رضا المجني عليه.
1. الركن المادي للجريمة
يعتبر الفحص الجيني للمادة الوراثية الممثل الركن المادي في الجريمة الحصول على المعلومة الجينية مع رضا المجني عليه، وذلك من خلال مقتضيات المادتين 226-25 و226-27 من قانون العقوبات الفرنسي، فالفحص الجيني يكون من خلال تحليل البصمة الجينية أو القيام بإجراء الأبحاث على هذه البصمة، وذلك بغض النظر عما إذا كانت الغاية مشروعة أو غير مشروعة، فالواجب هنا هو إجراء التحليل سواء كان ذلك التحليل برضا المجني عليه، أو بدون رضاه.
وقد حدد المشرع الفرنسي من خلال مقتضيات المادة 22-27 من قانون العقوبات الفرنسي دور التحليل الجيني في التحقيق من الهوية الجينية للشخص.
أما الضوابط والشروط التي أجاز من خلالها المشرع الفرنسي إجراء الفحوص الجينية، فأساسها القانون المدني الفرنسي وبالخصوص المادة (10/16) و(11/17) وقانون الصحة الفرنسي في مادته (1/1131). حيث أنه في حالة مخالفة هذه الضوابط والشروط يصبح الفحص الجيني غير مشروع.
فالغاية هنا ليست بمشروعية الحصول على العينة فقد يجوز للجاني أخذ عينة بطريقة مشروعة، لكن لا يجوز له إجراء أي تحليل عليها، إذ في هذه الحالة يجب موافقة المجني عليه بإجراء تحليل عن العينة، كما أنه إذا تطلب الأمر إجراء التحليل مرة أخرى من خلال
طريقة أخرى في الفحص، فيستلزم الأمر الحصول على موافقة المجني علية مرة أخرى، وليس العبرة بالموافقة الأولى. وهنا اشترط المشرِّع الفرنسي تحقيق نتيجة إجرامية معينة يقصدها الجاني من خلال قيامه بعملية التحليل الجيني[22].
2. العنصر المفترض في الجريمة
يتمثل العنصر المفترض في جريمة الحصول على المعلومة الجينية من دون رضا المجني عليه أساسا في المادة الجينية التي تكون أساس الفحص الجيني، ويتوقف الحصول على المادة الجينية على أمرين ،أولهما هو الحصول على العينة من جسم المجني عليه بطريقة مشروعة، وذلك من خلال الفحص الذي يقوم به بعد موافقة المجني عليه، وتكون هذه العينة محفوظة ضمن العينات تحفظ في بنوك ADN، قد قدمها المجني عليه من أجل أغراض طبية أو علمية، حيث إن استعمالها مرة ثانية من دون الرجوع إليه لأخد موافقته يعد جريمة يعاقب عنها القانون، وثانيهما أن يعمد الجاني إلى أخذ عينة من دون رضاه، إذ تكون المادة الجينية مصدرها الأساسي والوحيد للمعلومات التي يتحصل عليها من الجاني، فحماية الحق في الخصوصية ينصرف إلى حماية المعلومات الجينية التي يتم الحصول عليها، هذا ما دفع مختلف التشريعات إلى تجريم المساس بالمعلومات الجينية وصيانتها والحفاظ عليها، لأن الحصول على مثل هذه المعلومات يجري بسهولة ويسر من دون علم المجني عليه ورضاه، ويكون ذلك من خلال الحصول على أثر لعاب أو قطعة توجد عليها بقع دماء أو منديل يوجد به أثر لعاب أو أي مادة تخرج من جسم الإنسان تحتوي على خلاياه، فشعرة من الرأس أو اللحية تكون كفيلة بالكشف عن العديد من الأسرار الشخصية وفي هذا الصدد أشار الإعلان العالمي لحقوق الجينات البشرية وحقوق الإنسان في الفقرة الأولى من المادة السابعة إلى أن لكل إنسان الحق في الخصوصية الجينية، وينبغي أن تضمن وفقا لشروط التي حددها القانون وذلك من أجل حماية البيانات الوراثية الخاصة بشخص يمكن من خلالها تحديد هويته.
1. الركن المعنوي لجريمة الحصول على المعلومة الجينية من دون رضا المجني عليه
تعد جريمة الفحص الجيني من غير رضى المجني عليه من الجرائم العمدية، فالفعل المجرم هنا يتمثل بالأساس في إجراء عملية الفحص الجيني من غير رضا المجني عليه أو بعد سحب الرضا منه، باستعمال طرق غير قانونية يترتب عليها الحصول على رضا المجني كالتهديد أو الابتزاز أو التخويف…إلخ. وتستلزم عملية الفحص أن يرتكبها الجاني بقصد الوصول إلى نتيجة عدوانية، ونلاحظ من خلال التشريع الفرنسي أن المشرع لم يحصر البحوث العلمية أو الطبية أصلا، لأن البحوث الذي تجري على الجينات إذا كانت في المجال الطبي فيكون الهدف منها هو الكشف عن الأمراض الوراثية التي تصيب الأشخاص، أما إذا كانت في المجال العلمي فهي تبحث في جوهر الجينات البشرية.
وقد أشار إلى ذلك القانون المدني الفرنسي في الفقرة الأولى من المادة 16-10 عندما نص على الشروط الواجب اتباعها عند إجراء تحاليل جينية، وفي حالة مخالفة هذه الشروط تطبق على المخالف العقوبة الجزائية المنصوص عليها في المادة 226-25 من قانون العقوبات الفرنسي.
وتعد الغاية الطبية والعلمية المشروعة من أهم الشروط الواجب اتخاذها في إجراء الفحص الجيني.
وبالنسبة إلى التشريع المغربي فإن المشرع لم ينص بعبارة صريحة على مثل هذه الجريمة، الأمر الذي يدفعنا إلى طرح تساؤل حول ما مدى جواز تطبيق مقتضيات القانون 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع[23] الشخصي في حماية المعلومات الجينية؟
ويجوز في رأينا، تطبيق مقتضيات القانون 08.09 فمن خلال تعريف المشرع المغربي للمعطيات ذات الطابع الشخصي في المادة الأولى كان يقصد بالأساس حماية الأشخاص الذاتيين، أي حماية حياتهم الخاصة وحقهم في الخصوصية الذي يعتبر من الحقوق الواجب حمايتها، كما إن المعلومات الجينية بدورها تدخل ضمن الحقوق التي يتمتع بها الشخص، وبذلك فإن المشرع المغربي ضمنيا قام بحماية المعلومات الجينية من خلال تنصصه على حماية الحياة الخاصة للشخص.
ثالثا: جريمة إساءة استخدام المعلومات الجينية
نص الإعلان العالمي للجين البشري وحقوق الإنسان في المادة الثانية منه على حق كل فرد في احترام كرامته وهويته، كما أكدت المادة 11 من الإعلان العالمي لأخلاقيات البيولوجية وحقوق الإنسان على أنه لا يجوز ممارسة التمييز إزاء أي فرد أو جماعة لأي أسباب كانت، بوصف ذلك انتهاكا للكرامة الإنسانية ولحقوق الإنسان الأساسية.
ولعل المجالي الأوسع في استخدام المعلومات الجينية هما الاستخدام في مجال العمل والاستخدام في مجال التأمين.
1. استخدام المعلومات الجينية في مجال العمل
ينص التشريع الأمريكي على إجراء الفحص الجيني، وذلك بصورة إجبارية في بعض المهن، مثلا الطيران التجاري والحربي، حيث يلزم إجراء الفحص الجيني للتقصي عن مرض التشنج العصبي وهو المرض الذي يترتب عليه فقدان الذاكرة.
وفي فرنسا لا يحق لرب العمل أن يجعل استخدام الاختبارات الجينية ميزة أو دلالة لاتخاذ قرار التعيين أو طرد موظف وتوقفه عن العمل[24].وتتجلى خطورة الاعتماد على نتائج الفحص الجيني في مجال العمل في التمييز بين الأشخاص على أساس جيني[25]. وبذلك يمكن تبرير خطر التشخيص الجيني في علاقات الشغل بناء على هذا التميز.
2. استخدام المعلومات الجينية في مجال التأمين
ينتج عن الفحص الجيني للمعلومات الوراثية إلى الكشف عن حالة الشخص المرضية في المستقبل القادم، بحيث يتم استخدام هذه المعلومات في مجال التأمين، لكن استخدامها في هذا المجال يتعارض بين مصلحتين إثنين تتمثل الأولى في مصلحة الشخص المعني بالأمر ، وتتمثل الثانية في مصلحة شركة التأمين، باعتبار عقد التأمين من عقود الغرر أي أن الشخص لا يعلم مقدار ما سيدفعه وقت إبرام العقد، فهذا الامر متوقف على واقعة ليس مؤكدا حصولها (الحادث أو المرض)، أو أن وقوعها مؤكد غير أن وقت حدوثها على وجه التحديد غير معروف (الوفاة) وذلك في عقد التأمين على الحياة[26].
المحور الثاني: مظاهر حماية الحق في الخصوصية الجينية في المواثق الدولية والتشريعات المقارنة
تأذن النظم والتشريعات على المستوى الدولي باستخدام المعلومات الجينية، وفق لما يقتضه القانون بشكل لا يمس بالحق في الخصوصية، إذ إن ذلك يكون بشكل مشروع لا يترتب عنه ضرر للشخص الذي أخذت منه المادة الجينية، إذ في بعض الدول يتم إنشاء قاعدة خاصة بالبيانات الإحصائية، تسمح هذه القاعدة بالتحليل الإحصائي، وبتفسير ملامح الحمض النووي فيسمح باستخدامات معينة للمعلومات الجينية للجاني وتمنع الاستخدامات غير المسموح بها.
وتحدد مختلف التشريعات مجموعة من الضوابط الأخلاقية والتشريعية التي يجب اتباعها من أجل الحصول على الحمض النووي وتحليله على نحو لا يجوز معه لسلطات التحقيق من غير القضاء اتخاذه.
وتحضي المعلومات الجينية بأهمية كبيرة من خلال توفير الحماية لها، نظرا لمساسها بخصوصية الفرد، الشيء الذي يمس بحياته الخاصة عند استخدام هذه المعلومات دون إذن أو بكيفية يترتب عنها ضرر للشخص. وللتعمق أكثر في الموضوع سوف نقسم هذا المطلب إلى فقرتين نتناول في (الفقرة الأولى) الأساس القانوني لحماية الحق في الخصوصية الجينية في الصكوك الدولية، على أن نتطرق بعد ذلك إلى الحماية الموضوعية والإجرائية للحق في الخصوصية الجينية (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الأساس القانوني لحماية الحق في الخصوصية الجينية في الصكوك الدولية
تنص الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الحامية لحقوق الإنسان في ديباجتها على حماية الحقوق الأساسية للإنسان وحفظ كرامته وقدرته، مع التمتع بحريته المدينة والسياسية وتحرره من جميع مظاهر الخوف[27] ولعل من أهم الحقوق المدنية التي يتمتع بها الفرد حقه في خصوصيته بالنظر إلى الارتباط الوثيق بينه وبين حريته في آن واحد، فضلا عما يترتب عنه من صون لكرامته وإنسانيته[28] ولذلك فإن حماية المعلومات الجينية للفرد يجد أساسه في معظم النظم التشريعية، والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان.
ويستمد الحق في الخصوصية الجينية أساسه من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتي سعت إلى تطوير مفهومه ووضع أسس شرعية له، وهنا سوف نعرض لأهم الاتفاقيات التي نصت على وجوب توفير حماية قانونية للحق في المعلومات الجيني.
أولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والجينوم البشري
لقد اهتم هذا الإعلان بترسيخ حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومن أجل ذلك فقد عملت منظمة اليونسكو على دراسة مدى تأثير الأنشطة العلمية والتقنية في المجالين البيولوجي وعلم الوراثة على الفرد، حيث يرى الإعلان أن البحوث في مجال الجينوم البشري تفتح آفاقا عظيمة لتحسين صحة أفراد البشرية جمعاء[29].
كما نص الإعلان على مجموعة من المبادئ التي تكفل المساواة بين الأفراد وعدم التمييز بينهم على أساس سماتهم الجينية، حيث نصت المادة الثانية على أن «لكل إنسان الحق في أن تحترم كرامته وحقوقه أيا كانت سماته الوراثية». وقد جاء في مذكرة تفسيرية للإعلان أن مكافحة التمييز يجب النظر إليها من ناحيتين، ناحية تتعلق بطبيعة التميز العضوي والجنسي، وناحية تتعلق بمجال ممارسة التمييز، ونعني بالأساس مساس التمييز بحق من حقوق الفرد مثل الحق في العمل والرعاية الصحية[30].
وما يجب الإشارة إليه أن الإعلان العالمي للجين البشري قد نص على مجموعة من الشروط والإجراءات من أجل التعامل من البيانات الجينية محل الحماية، التي تهدف إلى ضمان الفرد تمتع بحق في خصوصيته الجينية، حيث خصص المادة الخامسة منه[31]، لبيان شروط إجراء تحليل جيني، واعتبرت رضا المجني عليه أهم شرط من أجل الأخذ بهذه المعلومات الجينية، في حين قد نصت المادتين الثامنة والتاسعة من هذا الإعلان على تجريم إفشاء البيانات الجينية، واعتبرت المادة الثامنة أن هذه الجريمة تستوجب تعويضا عما تخلفه من أضرار، حيث جاء فيها “لكل فرد الحق، وفقا لأحكام القانون الدولي أو الوطني في أن يتلقى تعويضا منصفا عن الضرر الذي يلحق به ويكون سببه المباشر والحاسم في عملية التدخل بمجنيه”
ثانيا: اتفاقية المجلس الأوربي الخاصة بحقوق الإنسان والطب الحيوي
لم تختلف هذه الاتفاقية في طرحها لموضوع الخصوصية الجينية عن الإعلان العالمي للجين البشري، فقد نصت المادة 11 من اتفاقية المجلس الأوروبي الخاصة بحقوق الإنسان والطب الجوي عن خطر كافة الأعمال التي تشكل تمييزا بين عناصر الفرد وصفاته الوراثية، كما أن المادة 12 قد منعت جميع الاختبارات الجينية التي من شأنها تحديد هوية الشخص حامل للجين المسبب للمرض[32].
وقاعدة سرية البيانات ليست مطلقة بل يرد عليها استثناء وارد في المادة 24 من الاتفاقية، وذلك في الحالة التي تتعلق فيها البيانات بالنظام العام والصحة العامة أو الوقاية من الجرائم الجنائية أو حماية حقوق وحريات الآخرين، وفي هذه الحالة لا يجوز للفرد التمسك بحقه في الخصوصية إذ في هذه الحالة تغلب المصلحة العامة عل المصلحة الخاصة.
ثالثا: توصيات رابطة العالم الإسلامي
كانت البصمة الجينية موضوع المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في عديد من دورات، ولعل أهم هذه الدورات، والتي حققت أكبر أثر في هذا الموضوع هي الدورة 16 والتي كان انعقادها في مكة المكرمة بتاريخ 2002/01/20، وقد أسفرت هذه الدورة عن مجموعة من التوصيات نذكر منها:
- تكوين لجنة خاصة من المختصين هدفها الإشراف على نتائج البصمة الوراثية واعتمادها.
- وضع آلية دقيقة لمنع الغش والانتحال والتأكد من مطابقة النتائج للواقع.
- منع إجراء فحص خاص بالبصمة الوراثية إلا بطلب من القضاء.
- منع الإجراء الفحوصات الجينية في بعض الأحيان، نظرا لما يترتب عن ذلك من مخاطر.
وفيما يتعلق بسرية البيانات الجينية فقد خلصت الدورة باقتراح وضع نصوص قانونية تضبط العمل بالبصمة الوراثية وكذا منع المتاجرة فيها وهذا راجع إلى مساس المتاجرة بالبصمة الوراثية بالخصوصية الجينية.
ورغم نص الرابطة على إرساء ضوابط العمل بالبصمة الوراثية وتقريرها لحماية سرية البيانات الناتجة عن فحصها، إلا أنها لم تقم بتعريف البصمة الجينية وضبط مفهومها. وهو الأمر نفسه الأمر الذي سار عليه التشريع المغربي بدوره حيث إن المشرع المغربي لم يقم بتعريف البصمة الجينية ولم يحدد أصلا ضوابط العمل بها، بخلاف التشريع الجزائري الذي عرفها بمقتضى قانون 03.16 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في الإجراءات القضائية والتعرف على الأشخاص.
رابعا: الإعلان الدولي بشأن البيانات الوراثية البشرية لعام 2003
يعتبر الإعلان أحد الآليات الكفيلة بحماية حقوق الإنسان الأساسية عند استخدام البصمة الجينية، ويشترط للحصول عليها توافق الغرض من استعمالها مع المبادئ القانونية والدولية لحقوق الإنسان.
وقد تناولت المادة 12 من هذا الإعلان شروط التعامل مع المعطيات والمعلومات الجينية على النحو الآتي:
- ينبغي أن تسعى الدول إلى حماية الحياة الشخصية وسرية البيانات الوراثية؛
- ينبغي عدم إفشاء البيانات الجينية البشرية؛
- ينبغي حماية حرمة الحياة الشخصية؛
- ينبغي عدم ابقاء المعلومات على الشكل الذي يسمح بمعرفة صاحبها لمدة تتجاوز الوقت اللازم لتحقيق الأغراض التي جمعت من أجلها؛
- ينبغي عدم المساس بحرية الحياة الشخصية؛
- يجب اعتبار المعلومات الجينية معلومات سرية يجب المحافظة عليها[33]؛
الفقرة الثانية: الحماية الموضوعية والإجرائية للحق في الخصوصية الجينية
يعد الفحص الجيني وسيلة علمية مزدوجة الاستخدام، إذ يمكن أن يساء استعمال الفحوصات الجينية إذا ما استغلت لأغراض غير مشروعة واطلع عليها الغير، في غير الحالات التي يجيز فيها القانون هذا الاطلاع، الشيء الذي يفرض حماية المعلومات الجينية بكيفية خاصة ومستقلة، وسنتطرق من خلال هذه الفقرة إلى حماية المعلومات الجينية في إطار التشريعات الوضعية.
اولا: الحماية في القانون الألماني
قيد المشرع الألماني فعل أخذ عينة جينية من جسم المتهم وتحليلها، بناء على أمر تصدره سلطات التحقيق والحكم ،وذلك من خلال المادة [34]81 من قانون الإجراءات الجنائية الألمانية، إذ فيلتزم المتهم، في هذه الحالة بالخضوع لأمر الصادر عن الجهة القضائية المختصة، وذلك بأخذ عينة منه وإجراء الفحص اللازم، الشيء الذي دفع المشرع الألماني إلى التنصيص على إنشاء قاعدة البيانات الجينية، التي يتم فيها حفظ تلك المعلومات الجينية، ويجب أن تكون هذه المعلومات تحت مراقبة طبيب مختص بذلك، وأن يلتزم هذا الأخير بالإجراءات الطبية المقررة للمحافظة على السر المهني، في بدل العناية من أجل المحافظة على هذه المعلومات.
وقد أثير الخلاف في الفقه الألماني عن مدى القيام بالتحليل الجيني استنادا إلى المادة 81 من قانون الإجراءات الجنائية قبل تعديلها، إذ كانت هذه المادة تجيز أخذ عينة من جسم المتهم وتحليله، لأن هذا الجانب من الفقه كان يرى أن في ذلك مساسا بالحق في الخصوصية الجينية، الشيء الذي سار عليه المشرع الألماني، من خلال تدخله بتعديل هذه المادة، وذلك من خلال إضافة جملة من النصوص القانونية التي تضمنت مجموعة من المقتضيات التي تنظم كيفية أخذ العينة الجينية من جسم الفرد وتحليلها و الاحتفاظ بها وتخزين نتائجها بكيفية صحيحة، الشيء الذي نتج عنه إنشاء قاعدة البيانات الجينية حفاظا على تلك المعلومات.
كما قام التشريع الألماني بإصدار قانون دخل حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر سنة 2005، عدل بمقتضاه بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية، على نحو أجاز به الاحتفاظ بنتائج الفحص الجيني في الجرائم ذات الخطورة والجرائم الماسة بالحرية الجنسية، وكذلك في حالة العود إلى ارتكاب الجرائم، حيث إن المشرع الألماني قد سمح بالحصول على العينة الجينية من غير المتهم كالشاهد مثلا ولو بدون رضاه، وذلك في الحالة التي يكون ذلك لازما لإظهار الحقيقة.
ثانيا: الحماية في القانون الإنجليزي
تناول القانون الانجليزي لسنة 1984 police and criminel Ad، مجموعة من الإجراءات المتعلقة بالتعامل من المهتمين وطريقة الحصول على البصمات الوراثية منهم، حيث قد نص قانون الشرطة والأدلة الجنائية الإنجليزي على مجموعة من الضوابط، التي يجب اتباع ها من أجل أخذ العينات الجينية، فمن ناحية صاحب العينة فإنه يكفي أن يكون مشتبها أو متهما في مساهمته في ارتكاب جريمة من الجرائم القابلة للتسجيل الجنائي، والجرائم القابلة للتسجيل الجنائي في القانون الإنجليزي هي الجرائم التي تمثل خطورة على المجتمع ومنها الجنايات عموما والجنح المعاقب عليها بعقوبة الحبس كالسرقة مثلا وغيرها، وهي أيضا تلك الجرائم التي يجب تسجيل البيانات الخاصة بأحكام الإدانة الصادرة فيها في أرشيف الحاسوب الآلي الوطني للشرطة، ويسري هذا النظام يسري على كل أراضي المملكة المتحدة.
ويتطلب أخذ العينة الجينية إصدار الإذن بفترة لا تقل عن سبعة أيام من ضابط برتبة مفتش[35]، كما يجب أن يستند هذا الإذن على أسباب معقولة تشير إلى مساهمة شخص في ارتكاب الجريمة كما ينص قانون الشرطة والأدلة الجنائية على وجوب توفر مجموعة من الشروط لكي يتم الأخذ بهذه العينات وتتمثل فيما يلي:
- أن تمنح الشخص فترة لا تقل على سبعة أيام لكي يحضر فيها إلى مركز الشرطة؛
- توجيهها للحضور في وقت محدد من اليوم؛
- عند تحديد فترة وأوقات الحضور على الضابط لاتخاذ المتطلبات اللازمة؛
ونص المشرع الإنجليزي من خلال قانون الجريمة والأمن لسنة 2010 نص على وجوب إعدام العينة الجينية فور استخلاص المعلومات منها، وفي جميع الأحوال يجب ألا تتجاوز مدة الإتلاف ستة أشهر من تاريخ أخذها، وهذا يؤكد أهمية هذه العينة والحماية التي يضمنها لها المشرع الإنجليزي.
ثالثا: الحماية في القانون القطري
لا شك أن وجود بنوك مركزية للمعلومات الجينية يساهم بقدر كبير في حماية المعلومات من التطفل والاختراق، لذلك نظم المشرع القطري من خلال قانون البصمة الوراثية، طريقة الحصول على هذه الأخيرة، حيث نص في المادة الثانية من القانون على أنه “تنشأ بوزارة الداخلية قاعدة بيانات البصمة الوراثية، تلحق بإدارة المختبر الجنائي”[36] ويتجلى دور هذه القاعدة في حفظ البصمات الوراثية الناتجة عما يلي:
- الأثر الحيوي الذي يضبط في محل الجريمة أو في مكان آخر؛
- العينة الحيوية التي تؤخذ من الأشخاص المشتبه في ارتكابهم أيا من الجرائم المنصوص عليها في المادة 5 من هذا القانون؛
- العينة الحيوية من الجثث المجهولة؛
- العينة الحيوية التي تؤخذ من ذوي المفقودين، أو من المفقودين أنفسهم بعد ظهورهم أو العثور عليهم بفرض إثبات هوياتهم؛
- العينة الحيوية التي تأخذ من المجرمين الذين يتم إجراء بحث دولي عنهم بناء على موافقة النائب العام؛
- العينة الحيوية التي تؤخذ من أشخاص بناء على قرار من المحكمة المختصة؛
كما أن القانون القطري أجاز أخذ عينات من المتهم، إذ يعتبر امتناع المتهم عن إعطاء العينة اللازمة، قرينة على ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه[37]، وقد نصت المادة 10 من القانون القطري على سرية المعلومات الجينية، إذ جاء فيها “…مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون أخر يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وغرامة لا تزيد عن 30.000 ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أحكام المادة 6 من هذا القانون”[38]
رابعا: الحماية القانونية للمعلومات الجينية في التشريع الكويتي
لقد أجاز التشريع الكويتي تبادل البيانات والمعلومات بشأن البصمات الوراثية مع الجهات القضائية الأجنبية والمنظمات الدولية وذلك حسب مقتضيات المادة السابعة من القانون رقم 78 المتعلق بالبصمة الوراثية[39]، التي تجرم فعل إفشاء الأسرار أو البيانات المتعلقة بالبصمة الوراثية، التي يكون الموظف قد اطلع عليها بحكم عمله، إذ ينص المشرع الكويتي في المادة 9 من نفس القانون أعلاه، خاص بالبصمة الوراثية على “… مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها في قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات كل من أفشى سرا من أسرار العمل أو بيانا من بيانات البصمة الوراثية يكون قد أطلع عليها بحكم عمله”، ومن المأخذ على هذا القانون أنه جعل أخذ العينة الجينية وحفظها وتسجيلها ،إجراء إداريا خارجا عن نطاق سلطة التحقيق والاتهام، كما يؤخذ هذا القانون أيضا أنه جعل الجهات المختصة بالتحقيق والمحاكمة ، في الحالة التي تريد الاستعانة بقاعدة بيانات البصمة الوراثية، محصورا في الأمور الآتية:
- تحديد ذاتية مرتكب الجريمة وعلاقته بها؛
- تحديد ذاتية المشتبه فيهم والتعرف عليهم؛
- تحديد أشخاص الجثث المجهولة[40]؛
خامسا: الحماية في القانون المغربي
بالرغم من الأهمية التي تحظى بها البصمة الجينية، فإن المشرع المغربي لم يحدد موقفه صراحة من مشروعية اللجوء إليها كوسيلة مهمة في الميدان الجنائي[41]، فبالرجوع إلى قانون المسطرة الجنائية يتضح أن المشرع لم ينظم هذه الوسيلة بأحكام واضحة، وإنما فقط ما يستفاد من بعض المواد التي تستند عليها هيئات التحقيق والحكم كلما تطلبت التحقيقات الجنائية ذلك[42].
والملاحظ أن هذا الفراغ التشريعي يجعل تنظيم البصمة الجينية في التشريع المغربي غير متوازن، وكذلك حماية المعلومات الجينية التي يتم الحصول عليها من التحليل الجيني، إذ أن المساس بهذه البيانات الجينية والمعلومات الجينية يعني بالأساس المساس بالخصوصية وبالحياة الخاصة بالأفراد. وقد نص المشرع المغربي من خلال الفقرة الأولى من الفصل 24 من الدستور نص على أن لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة، وبذلك تنصيص ضمنيا على حماية الحق في الخصوصية الجينية، باعتباره حقا من الحقوق المكفولة لجميع الأفراد.
خاتمة:
ختاما يمكننا القول ان التطور العلمي في الميدان الجينات البشرية ادى الى اسخدام البصمة الجينية في عمليات البحث والكشف الجرائم التي يكثنفها الغموض، وهذا التطور قد يؤدي في بعض الأحيان الى المساس بخصوصية الشخص الجينية، أثناء القيام بتحاليل الجينية، و الحق في الخصوصية الجينية باعتباره من الحقوق الخاصة بكل شخص فإن معظم التشريعات الدولية و المواثيق الدولية قد جرمت المساس بهذا الحق وعطت له حماية خاصة تكفله، بحيث تم تحديد مجموعة من الظوابط القانونية من أجل إجراء التحاليل الجينية ومن بينها حصول على ترخيص من طرف الجهات المكلفة ، وكذا نضر الى طبيعة الجريمة و نخص هنا الجرائم الخطيرة (القتل، السرقة، الاغتصاب)، و كل من أجل حماية خصوصيات الافراد الجينية، و لمشرع المغربي بدوره جعل حماية هذا الحق مسؤولية ملقت على عاتق الاشخاص الدين يقومون بالابحات الجينية، وذلك على اساس ان الحق في الخصوصية الجينية يعد من الحقوق الخاصة الاساسية المضمونة لكل الافرد، فقد نص في الفقرة الاولى من الفصل 24 من الدستور المغربي على أن لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة.
- لائحة المراجع
- أشرف توفيق شمس الدين، الجينات الوراثية والحماية الجنائية للحق في الخصوصية، مقال مقدمة إلى مؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون، المعتمد بدولة الإمارات العربية بتاريخ 5و6و7 ماي 2002، المجلد الثالث.
- سامية كمال، حماية الحق في الخصوصية الجينية في القانون رقم 03.16 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في المواثيق الدولية والقانون الفرنسي، المجلة النقدية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة تيزي وزو الجزائز، الجزائر2015.
- سليم جلاد، الحق في الخصوصية بين الضمانات والضوابط في التشريع الجزائري والفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، جامعة وهران الجزائر، السنة الجامعية 2013-2014.
- شمس الدين أشرف توفيق، الجينات الوراثية والحماية الجنائية للحق في الخصوصية، دراسة مقارنة، مقال منشور في الموقع التالي: http:/WWW.cogs.Ohg.ae/e25hamseddeen.PDF، تاريخ زيارة الموقع 2023/01/25على الساعة 20:20.
- صبرينة بن سعيد، حماية الحق في الخصوصية في عهد التكنولوجية، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، جامعة اتنه، الجزائر-السنة الجامعية-2014-2015.
- عبد الرحمان أحمد الرفاعي، البصمة الوراثية وأحكامها في الفقه الإسلامي والقانون المقارن، دراسة فقهية مقارنة، منشورات حلبي الحقوقية، جامعة الأزهر، لبنان، طبعة الأولى 2003.
- عماد الدين المحلاوي، الجينات الوراثية وأحكامها في الفقه الإسلامي، مكتبة حسب العصري، لبنان، الطبعة الأولى 2014.
- فوزية خربوش، البصمة الوراثية وحجيتها في الاثبات، أطروحة دكتوراه في القانون العام، جامعة الجزائر، السنة الدراسية 2019-2020.
- لحسن البيهي، اقتناع القاضي الجنائي بناء على الدليل العلمي، دار العلم، الطبعة الأولى 2010.
- محمد أحداف، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، مطبعة ورقية سجلماسة، الجزء الأول، الطبعة الثانية 2011-12
- محمد بن مكروم بن علي بن منظور، المعجم لسان العرب، مادة خصص، الجزء الثالث عشر، الطبعة الأولى، دار النشر صادر ببيروت، الطبعة الأولى 1999.
- محمود عبد الدايم البصمة الجينية ومدى حجيتها في الاثبات دراسة مقارنة بين الفقه الاسلامي والقانون الوضعي، دار الفكر الجامعي القاهرة، الطبعة الأولى 2007.
- المدني بوساق محمد الاستخدام الشرعي والقانوني للوسائل الحديثة في التحقيق الجنائي موقف التشريع الاسلامي والقوانين الوضعية من استخدام البصمة الوراثية في الاثبات الجنائي)، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، بدون طبعة، سنة 2007.
- الميمان ناصر الدين عبد الله، البصمة الوراثية وحكم استخدامها في مجال الطب الشرعي والنسب، بحيث مقدم المؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة، أيام 5و6و7 ماي 2002، الجزء الأول.
- نبيلة رزافي، “الحماية الجنائية للحق في الخصوصية الجينية”، مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والسياسة، المجلد 09، العدد 02، سنة 2015.
[1] محمد أحداف، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، مطبعة ورقية سجلماسة، الجزء الأول، الطبعة الثانية 2011-1220، ص30.
[2] الهندسة الوراثية هي إحدى الفروع الحديثة لعلوم الحياة والتي يمكن تعريفها بالوراثية التطبيقية التي تحاول تطبيق الأسس الوراثية لم يخدم البشرية في الوقت الحاضر، ويمكن تلخيص فكرتها بإمكانية استبدال جينات بأخرى ذات فائدة أو إزالة بعض الجينات غير المرغوب فيها من الكائن، أو إمكانية أخد جين من كائن ما وزراعته في كائن أخر من أجل اكتساب صفة مرغوب فيها. ينظر الى فتحي محمد أنور عزت، م س، ص456.
[3] سليم جلاد، الحق في الخصوصية بين ضمانات والضوابط في التشريع الجزائري والفقه الإسلامي، رسالة ماجستير في الشريعة والقانون، تخصص علوم الإنسان، بجامعة وهران كلية العلوم الإنسانية، سنة الدراسة 2013-2012، ص4.
[4] تنص الفقرة الأولى من الفصل 24 من الدستور الجديد للملكة المغربية صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 29 يوليوز 2011 مع القرار المجلس الدستوري رقم815.2011 بتاريخ 14 يوليو 2011 المعلن لنتائج استيفاء فاتح يوليو 2011 «لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة»
[5] محمد بن مكروم بن علي بن منظور، المعجم لسان العرب، مادة خصص، الجزء الثالث عشر، الطبعة الأولى، دار النشر صادر ببيروت، الطبعة الأولى 1999، ص198.
[6] عماد الدين المحلاوي، الجينات الوراثية وأحكامها في الفقه الإسلامي، مكتبة حسب العصري، لبنان، الطبعة الأولى 2014، ص58.
[7] صبرينة بن سعيد، حماية الحق في الخصوصية في عهد التكنولوجية، أطروحة دكتوراه في القانون الخاص، جامعة اتنه، الجزائر-السنة الجامعية-2014-2015، ص89.
[8] فوزية خربوش، البصمة الوراثية وحجيتها في الاثبات، أطروحة دكتوراه في القانون العام، جامعة الجزائر، السنة الدراسية 2019-2020، ص343.
[9] صبرينة بن سعيد، م س، ص92.
[10] شمس الدين أشرف توفيق، الجينات الوراثية والحماية الجنائية للحق في الخصوصية، دراسة مقارنة، مقال منشور في الموقع التالي: http:/WWW.cogs.Ohg.ae/e25hamseddeen.PDF، ص16، تاريخ زيارة الموقع 2023/01/25على الساعة 20:20.
[11] نبيلة رزافي، “الحماية الجنائية للحق في الخصوصية الجينية”، مقال منشور في مجلة العلوم القانونية والسياسة، المجلد 09، العدد 02، سنة 2015، ص 741.
[12] نبيلة رزافي، م .س، ص 741.
[13] الاعلان الدولي لمنظمة اليونسكو في يونيو 2000 بشأن البيانات الوراثية البشرية، تاريخ الدخول WWW.Unesco.ong/IBC تم الاطلاع بتاريخ 5 مارس 2023 على ساعة 00:23.
[14] صدر الحكم بتاريخ 05 أكتوبر 1994 الذي أخد بالحسبان مقتضيات المادة الثامنة من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان.
[15] صادر قانون عدم التمييز الجيني الأمريكي لسنة 2003، الذي وافق عليه مجلس الشيوخ بتاريخ 2005/02/18 وتطبيق هذا القانون يقتصر على التأمين والعمل.
[16] الفقرة الأولى من الفصل 446 من مجموعة القانون الجنائي “الأطباء والجراحون وملاحظو الصحة، وكذلك الصيادلة والمولدات وكل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار، بحكم مهنته أو وظيفته، الدائمة أو المؤقتة، إذا أفشى سرا أودع لديه، وذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون أو يوجب عليه فيها التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من ألف ومائتين إلى عشرين ألف درهم.”
[17] الفقرة الثانية من المادة الثانية من قانون 131/13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب “يجب على كل طبيب، كيفما كان القطاع الذي ينتمي إليه وشكل ممارسته للمهنة، أن يحترم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وأن يحترم في ممارسته المهنية المبادئ التالية:
– ….
– احترام سالمة وكرامة وخصوصية المرضى الذين يعالجهم؛”
[18] أحمد حسام طه تمام، م س، ص114.
[19] وقد أشارت واقعة في المضمون نفسه المتعلق بالخصوصية الجينية، حيث بعث مدير أحد المستشفيات بتقرير إلى سيدة شابة بخير ما فيه بأن عمها مصاب بمرض جيني، وأن من الملازم الالتحاق بالمستشفى لإجراء فحوص طبية لها للتعرف على حالتها الصحية، زعما إذا كان المرض يظهر لديها في وقت ما، وقد اعتبر هذا التعرف من مدير المستشفى إفشاء السر المهني الذي يجب أن يلتزم بعدم الإفشاء. عن جازية جبريل محمد، مرجع سابق، ص 289.
[20] عبد الرحمان أحمد الرفاعي، البصمة الوراثية وأحكامها في الفقه الإسلامي والقانون المقارن، دراسة فقهية مقارنة، منشورات حلبي الحقوقية، جامعة الأزهر، لبنان، ط ل 2003، ص 378.
[21] أشرف توفيق شمس الدين، الجينات الوراثية والحماية الجنائية للحق في الخصوصية، مقال مقدمة إلى مؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون، المعتمد بدولة الإمارات العربية بتاريخ 5و6و7 ماي 2002، المجلد الثالث، ص 119.
[22] وجرى بنص الفقه في نفس السياق أنه ليس شرط أن يصل الفحص بالفعل إلى تحديد هوية الشخص ذلك أن التشريع الفرنسي قد اكتفى بالنص على تجريم إجراء البحث للتعرف على شخصية صاحب البصمة الجينية، ومن تم فإن المشرع الفرنسي اعتبر أن الفحص الجيني من دون إذن المجني عليه يدخل في عداد جرائم الخطر، إذ من شأن إجرائه أن يفضي إلى تحديد شخصية صاحب البصمة الجينية ومن تم المساس بخصوصيته -أشرف توفيق شمس الدين، مرجع سابق، ص 115.
الهندسة الوراثية هي تقنية التي تتعامل مع الجينات البشرية منها والحيوانية بالإضافة إلى جينات الاحياء الدقيقة أو الوحدات الوراثية المتواجدة في الكروموزومات فصلا ووصلا وإذ خالا لأجزاء منها من كائن إلى أخر بفرض التمكن من معرفة وضعية الجينات استكمال نقص منه.
[23] حسب مقتضيات المادة الأولى من القانون 09.08 يمكن تعريف المعطيات ذات الطابع الشخصي بأنها كل معلومة كيف ما كان نوعها بغض النص عن دعامتها بجانب ذلك الصوت والصورة المتعلقة بشخص ذاتي معرف أو قابل للتعرف عليه، بصفة مباشرة أو غير مباشرة ولا سيما من خلا الرجوع إلى رقم تعريف أو عنصر أو مادة مميزة لهويته البدنية أو الفيزيولوجية أو الجينية التنمية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية -معطيات حساسة هي عبارة عن معطيات ذات طابع شخصي تبين الأصل العرفي أو الاثني أو الآراء السياسية أو القناعات الدينية أو الفلسفية أو الانتماء النقابي للشخص المعني أو تكوين متعلقة بصحته بما في ذلك المعطيات الجينية.
[24] أكدت لجنة الوزارية الأوروبي في توصيتها رقم 3-92 الصادر في 10 فبراير على تجريم الربط بين مزاولة بعض الأنشطة والفحوص الجينية، أو النتائج التي اسفرت عليها مثل هذه الفحوص، الصحيفة الدولية لآداب الطب الحيوي، العدد 3، الصادر سنة 1992، ص176.
[25] إن الفحوص الجنية لاتزال رهن الضوابط الخاصة بالصحة العامة، ولا عجب في حماية الحياة الخاصة للفرد، وحق هذا الأخير في أن تحفظ معلوماته الجينية في أماكن ملائمة لا تسمح الا للأشخاص مؤهلين بالاطلاع، وهنا نخص بدكر ضرورة إنشاء قاعدة خاصة بالبيانات الجينية.
[26] أحمد شرف الدين، م س، ص75.
[27] الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، المعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966.
[28] سليم جلاد، الحق في الخصوصية بين الضمانات والضوابط في التشريع الجزائري والفقه الإسلامي، رسالة ماجستير، كلية العلوم الإنسانية والحضارة الإسلامية، جامعة وهران الجزائر، السنة الجامعية 2013-2014، ص 09.
[29] إعلان عالمي بشأن الجين البشري وحقوق الإنسان، منظمة اليونسكو، الدورة 29، باريس 12 نوفمبر 1997، اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 152\53 بتاريخ 09 ديسمبر 1998، المجلد الأول من سجلات المؤتمر العام الصادر عن منظمة اليونسكو عام 1998، في ديباجته.
[30] عبد الرحمن أحمد الرفاعي، م س، ص 516.
[31] المادة الخامسة من الإعلان العالمي للجين البشري ” لا يجوز إجراء أي بحث أو القيام بأي معالجة أو تشخيص يتعلق لجين شخص ما، إلا بعد إجراء تقييم صادر ومسبق للأخطار والفوائد المحتملة المرتبطة بهذه الأنشطة مع الالتزام بأحكام التشريعات الوطنية في هذا الشأن، ينبغي غدفي كل الأحوال التماس القبول المسبق والحر والوعي من الشخص المعني، وفي هذه حالة عدم أصلية للإعلان عن هذا القبول، وجب الحصول على القبول او الإذن وفقا للقانون مع الحرص على المصلحة العليا للشخص المعني…”.
[32] عبد الرحمن أحمد الرفاعي، م س، ص 516.
[33] سامية كمال، حماية الحق في الخصوصية الجينية في القانون رقم 03.16 المتعلق باستعمال البصمة الوراثية في المواثيق الدولية والقانون الفرنسي، المجلة النقدية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة تيزي وزو الجزائز، الجزائر2015، ص40.
[34] المادة 81 من قانون الإجراءات الجنائية الألمانية “لا يجوز استخدام عينة الدم أو غيرها من خلايا الجسم المأخوذة من المتهم إلا في الأغراض التي أخذت من أجلها، أو لغيرها من الإجراءات التي تتصل بها، ويجب إعدامها بدون تأخير متى لم تعد لها ضرورة”
[35] أشرف شمس الدين، م س، ص 805.
[36] تنص المادة 9 من قانون البصمة الوراثية القطري لسنة 2013 “مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية التي تكون الدولة طرفا فيها، يتم تبادل البيانات والمعلومات بشأن البصمات الوراثية مع الجهات القضائية الأجنبية والمنظمات الدولية، وفقا لأحكام القوانين المعمول بها في الدولة، وبشرط المعاملة بالمثل”.
[37] المادة الثانية من قانون مكافحة المخدرات القطري رقم 2 لسنة 1987 لا يجوز استيراد وتصدير وإنتاج أو صنع أو زراعة أو تملك أو إحراز أو حيازة أو الإتجار أو شراء أو بيع أو نقل أو تسليم أو تسلم مواد أو نباتات مخدرة أو مؤثرات عقلية خطرة أو صرفها أو وصفها طبيا أو التبادل عليها أو النزول عنها، ويعتبر امتناع المتهم عن إعطاء العينة للتحليل قرينة على القاضي”
[38] المادة 6 من قانون البصمة الوراثية ” تكون البيانات المسجلة بقاعدة البيانات البصمة الوراثية سرية، ولا يجوز الاطلاع على هذه البيانات بغير إذن من الوزير أو النيابة العامة أو المحكمة المختصة ويحض استخدام العينات الحيوية التي تم أخذها في غير الأغراض المنصوص عليها في هذا القانون”
[39] لقد أصدر التشريع الكويتي القانون رقم 78 لسنة 2015 المتعلق بالبصمة الوراثية والذي ألزم بمقتضاه جميع المواطنين والمقيمين والزائرين وكل من دخل الأرضي الكويتية أن يقدمون عينة بصمتهم الوراثية متى طلب منهم ذلك، (المادتين 4 و11 من القانون)، وقد جرم التشريع الكويتي الامتناع العمدي دون عذر مقبول عن إعطاء العينة الحيوية الخاصة بالشخص الذي تطلب منه، وعاقب على الجريمة بعقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد عن 20000 دينار.
[40] المادة 5 من قانون 78 المتعلق بالبصمة الوراثية من قانون الكويتي.
[41] الميمان ناصر الدين عبد الله، البصمة الوراثية وحكم استخدامها في مجال الطب الشرعي والنسب، بحيث مقدم المؤتمر الهندسة الوراثية بين الشريعة والقانون بجامعة الإمارات العربية المتحدة، أيام 5و6و7 ماي 2002، الجزء الأول ص 595.
[42] نصت الفقرة الأولى من المادة 194 من قانون مسطرة الجنائية ” يمكن لكل هيئة من هيئات التحقيق أو الحكم كلما عرضت مسألة تقنية أن تأمر بإجراء خبرة غما تلقائيا وإما بطلب من النيابة العامة او من الأطراف”.