في الواجهةمقالات قانونية

الشروط الخمسة لإعفاء التعاونيات السكنية من الضريبة بقلم : المختار السريدي

الشروط الخمسة لإعفاء التعاونيات السكنية من الضريبة
بقلم : المختار السريدي
باحث جبائي
أمام الأزمة الكبيرة التي كان يعرفها قطاع السكن والتهافت الشديد للناس فرادى وجماعات على اقتناء الأراضي المعدة للبناء أو المساكن الجاهزة ، طفحت إلى الوجود فكرة إحداث التعاونيات والجمعيات والوداديات ذات الغرض السكني والإجتماعي ، وكانت نية الجميع هي التوفر على مساكن تؤويهم من حرِّ الإيجار والكراء وضمان الإستقرار والطمأنينة في بيوت خاصة مع أسرهم وذويهم ، دون الجنوح إلى الربح أو المتاجرة في هذا أو ذاك ، ولذلك فقد صدرت قوانين تنظم هذا القطاع وتشجع على دخوله وترسم حدوده وتقلص من جشع أصحابه ، ومن بينها القوانين الضريبية التي لم تكن تنظر للقطاع نظرة المساهمة في الأعباء الضريبية بل ساهمت من جهتها في الدفع به إلى الأمام بل و اشترطت عليه شروطا مسبقة إن هو حافظ على أهدافه المتمثلة في إعداد سكن لائق ولا شيء غير ذلك .
وعليه فقد تباينت المواقف و الآراء بخصوص التعاونيات والجمعيات السكنية وهل هي خاضعة للضريبة أو معفاة منها ، ففريق يقول بأنها معفاة من جميع الضرائب والرسوم بشكل دائم و فريق يقول بأنها خاضعة وفق شروط معينة ، خصوصا وأن القانون المحدث للتعاونيات تحدث عن الجانب القانوني وترك الجانب الجبائي للقوانين الخاصة المتعلقة بالضرائب والرسوم ( المدونة العامة للضرائب ومدونة جبايات الجماعات المحلية )، وهو ما خلف لغواً و لَغطا وقفت له الإدارة الضريبية بالمرصاد بعدما تبين لها بأن بعض التعاونيات والجمعيات السكنية التي كانت تختفي وراء شعارات ويافطات حددتها سلفا لم يعد لها من هَم سوى مراكمة الثروات والأرباح السريعة بشتى الطرق والأساليب و الكيفيات ، والإحتيال على القوانين الجاري بها العمل بهدف التهرب من الضريبة تصريحا وأداء .
وحتى يكون الجميع على علم وبيّْنة من الأمر ، فإننا سنحاول تحري الدقة في الإحاطة بكل ما يتعلق بالتعاونيات عموما إن على المستوى القانوني أو على المستوى الجبائي وذلك من خلال نقطتين اثنتين :
-أولا : النظام القانوني الخاص بالتعاونيات ككل .
-ثانيا : النظام الجبائي المتعلق بالتعاونيات السكنية .
أولا : النظام القانوني الخاص بالتعاونيات ككل :
إن التعاونية حسب القانون رقم 112.12 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.189 بتاريخ 21 نونبر 2014 ، كما وقع تعديله بالقانون رقم 74.16 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.25 بتاريخ 10 غشت 2017 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6597 بتاريخ 21 غشت 2014 الصفحة 4569 ، هي عبارة عن مجموعة تتألف من أشخاص ذاتيين أو اعتباريين أو هما معا ، انضم بعضهم إلى بعض قصد إنشاء مقاولة تتيح لهم تلبية حاجياتهم الإقتصادية و الإجتماعية ، وتُدار وفق القيم والشروط والمبادئ الأساسية للتعاون المتعارف عليها .
وتنقسم التعاونيات إلى أصناف ثلاثة :
-تعاونيات يزودها أعضاؤها بمنتجات قصد بيعها للأغيار بعد تحويلها ، أو بخدمات قصد تقديمها إليهم .
-تعاونيات إنتاج المواد أو تقديم الخدمات لفائدة أعضائها .
-تعاونيات تقدم عملا مأجورا لفائدة أعضائها .
ويمكن للتعاونية الواحدة أن تجمع في نشاطها المزاول بين صنفين أو ثلاثة من الأصناف المذكورة في آن واحد حسب ما جاء في المادة الأولى من قانون التعاونيات المذكور، وهي شخصية اعتبارية تتمتع بالأهلية القانونية الكاملة وبالإستقلال المالي ، ويتضمن نظامها الأساسي وجوبا الغرض من تأسيسها ومبلغ رأس المال وعدد الحصص التي يتكون منها بالإضافة إلى باقي المكونات الأخرى المنصوص عليها في المادة 5 من هذا القانون .
ولا يمكن تأسيس تعاونية إلا بعد مصادقة ” مكتب تنمية التعاون ” على تسمية التعاونية وتسجيلها في سجل عمومي يدعى ” سجل التعاونيات ” الذي يتكون من سجل مركزي يمسكه مكتب تنمية التعاون وسجلات محلية تمسكها كتابة ضبط المحكمة الإبتدائية المتواجد مقر التعاونية بدائرة نفوذها .
وكل تعاونية لم تشرع فعليا في مزاولة نشاطها بعد مضي سنتين إثنتين (2) من تسجيلها في سجل التعاونيات أو توقفت عن مزاولة هذا النشاط منذ أكثر من سنتين (2) أو بعد انصرام أجل ثلاثة سنوات (3) على حلها أو لم تتقيد بالشروط الواردة بالمادة 13 من قانون التعاونيات ، يتم التشطيب عليها بأمر من رئيس المحكمة الإبتدائية المختصة ، دون الحديث عن التشطيب الذي يتم بناء على حالات مشابهة أو بناء على طلب .
ولا يجوز لأي شخص أن يَنظم إلى تعاونية ما لم يثبت أنه يمارس نشاطا يدخل في مجال عملها ، كما لا يجوز لأي شخص أن ينظم إلى تعاونيات موجودة في نفس الدائرة الترابية كانت تمارس نفس النشاط .
وقد تأخذ التعاونية إما شكل تعاونية واحدة ، أو شكل ” اتحاد تعاونيات ” إذا كان لها نفس الغرض أو غرض متكامل وكان عددها يساوي أو يزيد على ثلاث تعاونيات ، ويمكن لهذا الإتحاد أن ينخرط في الجامعة الوطنية للتعاونيات كما هو مبين في المادتين 85 و 94 من قانون التعاونيات .
أما من الناحية المحاسبية فإن مجلس الإدارة أو المسير أو المسيرون إن تعددوا ، يقومون في ختام كل سنة محاسبية بإعداد جرد لجميع عناصر أصول وخصوم التعاونية وإعداد الحسابات السنوية .
هذا التنظيم المحاسبي الدقيق والمنظم هو الذي قد يساعد بعض الإدارات ومنها الإدارة الجبائية في الوقوف عن كتب على الوضعية الحسابية و الجبائية الحقيقية لكل تعاونية أو جمعية تم تأسيسها في البداية لأهداف اقتصادية واجتماعية صرفة لفائدة منخرطيها وأعضائها لتتحول بين عشية وضحاها إلى مؤسسة أو مقاولة أو شركة تستفيد من امتيازات وإعفاءات ضريبية و تقوم بأنشطة موازية ربحية غير تلك المشار إليها في نظامها الأساسي أو في القانون المنظم للتعاونيات .
ثانيا : النظام الجبائي المتعلق بالتعاونيات السكنية :
ويقصد به مختلف المقتضيات الجبائية التي تتحدث عن هذا النوع من التعاونيات الذي تأسس في البداية تلبية لحاجات اقتصادية واجتماعية لمنخرطيه ، وبالتالي فإنه إعفاءه كليا وبصفة دائمة من الضريبة على الشركات حسب ما جاء في المادتين 6 و 7 من المدونة العامة للضرائب ، يتوقف على تحقق الشروط الخمسة التالية :
-الشرط الأول : يجب على الأعضاء المتعاونين أو المنخرطين ألا يكونوا خاضعين للضريبة على الدخل برسم الدخول العقارية ، أو لرسم الخدمات الجماعية أو لرسم السكن بالنسبة للعقارات الخاضعة لرسم السكن ، ويهدف هذا الشرط إلى سد الباب أمام المالكين الذين يتوفرون على عقار معد للسكن مهما كان تخصيصه من أجل الإنخراط في تعاونيات سكنية جديدة .
-الشرط الثاني : يجب على التعاونية أو الجمعية السكنية المعنية بالإعفاء وابتداء من فاتح يناير 2018 ، أن تضم متعاونين أو منخرطين لم يسبق لهم أن انظموا أكثر من مرة إلى تعاونية أو جمعية سكنية أخرى .
-الشرط الثالث : في حالة انسحاب عضو متعاون أو منخرط ، يجب على مسيري التعاونية أو الجمعية أن يرسلوا إلى إدارة الضرائب التابع لها مقر التعاونية أو الجمعية قائمة محيَّنة ببقية الأعضاء وفق نموذج تعده الإدارة ، داخل أجل 15 يوما من تاريخ المصادقة على هذه القائمة الجديدة ، مرفقة بنسخة من تقرير الجمعية العامة حول أسباب ومبررات انسحاب العضو المذكور من التعاونية أو الجمعية السكنية .
-الشرط الرابع : يجب أن يخصص المتعاون أو المنخرط السكن الذي من أجله انخرط في الجمعية أو التعاونية للسكنى الرئيسية لمدة أربع (4) سنوات على الأقل ابتداء من تاريخ إبرام عقد الإقتناء النهائي .
-الشرط الخامس : يجب ألا تتعدى المساحة المبنية المغطاة 300 متر مربع لكل وحدة سكنية فردية .
وإذا لم تتحقق هذه الشروط كما هي مفصلة أعلاه – خصوصا وأن إدارة الضرائب سوف تستعين بقاعدة معلومات إدارات أخرى من أجل كشف مدى احترام التعاونيات السكنية لهذه الشروط – ، فإن هذه التعاونيات والجمعيات السكنية قد تصبح في حكم الشركات وفق ما هو منصوص عليه في الفقرة I – 3من المادة الثانية من المدونة العامة للضرائب ، وتطبق عليها نفس المقتضيات المتعلقة بالضريبة على الشركات .
و بالإضافة إلى ذلك يجوز لإدارة الضرائب كي تتمكن من الحصول على جميع المعلومات التي من شأنها أن تفيدها في ربط وتأسيس الضرائب والواجبات والرسوم المستحقة على التعاونيات والجمعيات السكنية ، أن تطلب وفق ما هو مبين في المادة 214 من المدونة العامة للضرائب ، الإطلاع على الوضعية المتعلقة بهذه التعاونيات والحصول على جميع الوثائق والأوراق والأصول الورقية والمعلوماتية الموجودة في حوزة الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية وكل الهيئات والمؤسسات التابعة للدولة دون إمكانية الإعتراض على ذلك بحجة كتمان السر المهني ، و يجب أن تقدم هذه المعلومات إلى إدارة الضرائب خلال أجل أقصاه ثلاثون (30) يوما من تاريخ التوصل بطلب المعلومات، وتطبق غرامة تهديدية يومية قدرها خمسمائة (500) درهم في حدود خمسين ألف (50.000) درهم ، على الأشخاص الذين لا يدلون بالمعلومات المطلوبة داخل هذا الأجل تطبيقا للمقتضيات المنصوص عليها في المادة 185 من المدونة العامة للضرائب .
انتهى

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى