بحوث قانونية

القضاء الإستعجالي في المادة التجارية

التقديم:

 الأصل أن تقضي المحاكم في النزاعات المعروضة عليها  بشكل سريع، إلا أن هذه الغاية أصبحت مع مرور الزمن شبه مستحيلة أمام الإنغلاق المتزايد  للخصومات وأمام  التضخم  الذي أصاب  قوانين الشكل  على  الخصوص،  علاوة  على الممارسات السيئة لحق التقاضي من طرف البعض  مع عدم نسيان مساهمة الإجتهاد القضائي  في  ذلك  من  خلال  عدم استقراره على حال.

 

 فأصبح النزاع الواحد يتطلب لحله الكثير من الجهد ابتداء من  حصر  وقائعه  وتكييفها، والنظر في دفاع أطرافه والأدلة المقدمة، وإجراء البحوث اللازمة والإستماع إلى أهل الخبرة في  بعض  الأحيان – وما أكثرها-  وانتهاء بإصدار الحكم فيه.

[xyz-ihs snippet=”adsenseAkhbar”]

ولمواجهة هذا الواقع المفروض والمرفوض في الآن نفسه اتجه التفكير إلى استحداث نوع من القضاء تعطى له صلاحية اتخاذ كل الإجراءات الإسعافية السريعة – لحماية الحق والمحافظة عليه إلى أن يبث فيه بكيفية نهائية، في صميم الخصومة الدائرة حوله- : إنه القضاء المستعجل.

 

فقد رأى المشرع أن الإكتفاء بالإلتجاء إلى القضاء العادي و ضرورة اتباع إجراءاته قد يكون غير منتج في بعض الحالات التي يخشى عليها من فوات الوقت فأنشأ بجانب القضاء العادي، القضاء المستعجل لآتخاذ إجراءات وقتية سريعة، صيانة لمصالح الخصوم.

 

و قد أسند المشرع المغربي مهمة الفصل في القضايا المستعجلة لرئيس المحكمة الابتدائية، و الرئيس الأول  لمحكمة الاستئناف طبقا لما هو منصوص عليه في "الفصل 149 من ق . م .م"؛ و بإحداث المحاكم التجارية أسند المشرع هذه المهمة- مهمة الفصل في القضايا المستعجلة- لرئيسها، و إذا كان النزاع معروضا على محكمة الإستئناف التجارية مارس مهام قاضي المستعجلات رئيسها الأول.

 

و هكذا فقد أصبح القضاء الإستعجالي يلعب دورا هاما في شتى الميادين و لا سيما في الميدان التجاري وهذا ما سنحاول معالجته في موضوعنا و ذلك من خلال الإجابة على الإشكالية التالية:

 

v ما مدى مساهمة القضاء الإستعجالي في حماية مصالح الخصوم و أين تتجلى تمظهراته أمام المحاكم التجارية؟

 

 

و للإجابة على هذا التساؤل المطروح اعتمدنا التصميم الآتي:

 

 

المبحث الأول : النطاق العام للقضاء الإستعجالي .

 

          المطلب الأول :  مفهوم القضاء الإستعجالي و خصائصه.  

 

          المطلب الثاني :  مدى أهمية القضاء الإستعجالي في ضمان حقوق المتقاضين.

 

 

المبحث الثاني :  القضاء الإستعجالي في المادة التجارية .

 

          المطلب الأول :  إمتيازات رئيس المحكمة التجارية كقاضي المستعجلات.

 

          المطلب الثاني : القواعد المسطرية أمام المحاكم التجارية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول : النطاق العام للقضاء الإستعجالي:

 

          المطلب الأول :  مفهوم القضاء الإستعجالي و خصائصه:

 

أمام تجنب المشرع المغربي عن إعطاء تعريف للقضاء الإستعجالي، لم يبقى لنا سوى استحضار التعاريف المنبثقة من الفقه والقضاء, وهكذا تم تعريف القضاء الإستعجالي بكونه:

" إجراء مختصر واستثنائي، يسمح للقاضي باتخاذ قرار وقتي في المسائل المتنازع عليها والتي لا تحتمل التأخير في إصدار القرار بدون حصول ضرر".          

وجاء في منشور لوزارة العدل بأن القضاء الإستعجالي: " كلمة تطلق عادة على مسطرة مختصرة تمكن الأطراف في حالة الإستعجال من الحصول على قرار قضائي في الحين معجل التنفيذ في نوع من القضايا التي لا يسمح بالتأخير في البث فيها".

كما عرف أيضا بأنه " مسطرة استثنائية وسريعة تسمح للمدعي برفع دعوى استعجالية أمام قاضي مختص بالبث بصورة مؤقتة في كل نزاع يكتسي صبغة الاستعجالية.         

وانطلاقا من التعاريف السالفة الذكر يمكن القول بأن القضاء المستعجل، هو فرع من القضاء المدني متميز ومستقل عن العمل القضائي العادي , ذو مسطرة مختصرة واستثنائية، يختص بالبث- بصورة مؤقتة ودون المساس بالموضوع- في كل نزاع يكتسي صبغة الإستعجال من أجل استصدار أمر وقتي.

و يتميزالقضاء الإستعجالي بمجموعة من الخصائص نذكر منها:

أ- السرعة في إصدار الأوامر: فقد خول المشرع للقاضي إمكانية البث في أيام العطل وحتى قبل تقييد الملف سواء أكان متواجدا بمقر المحكمة أو ببيته، ودون أن يقوم باستدعاء الخصوم وذلك في حالة الإستعجال القصوى.

ب-إعتماد المسطرة الشفوية: وذلك راجع لبطئ المسطرة الكتابية والذي يتنافى وطبيعة القضاء الاستعجالي الذي يتطلب السرعة في إصدار الأوامر وهذا بطبيعة الحال لا يمنع الخصوم من الإدلاء بمرافعتهم في شكل مذكرات ومستنتجات وتأكيدها شفويا .

ج – مرونة شروط رفع الدعوى الاستعجالية: يتطلب رفع الدعوى أمام القضاء الاستعجالي توافر الشروط اللازمة لقبولها من صحة ومصلحة وأهلية.

د- اختصاص قاضي الأمور المستعجلة من النظام العام: إن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة يتمثل في البث في الطلبات التي حددت شروطها بمقتضى الفصلين 149  و 152 من ق .م . م، و بالتالي كلما خلت هذه الطلبات من احد الشروط يتعين الدفع بعدم الاختصاص.

ه – الأوامر الاستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون: لقد جعلها المشرع المغربي مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون ( الفصل 153 من ق . م . م ).

ت- الأوامر الاستعجالية لا تقبل الطعن بالتعرض: منع المشرع الطعن بالتعرض في الأوامر الاستعجالية وأجاز الطعن فيها بالاستئناف وقصر آجال الاستئناف في 15 يوما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك.

ث – لا يأمر قاضي الأمور المستعجلة بالإحالة على الجهة المختصة: عند اختلال النزاع للشروط اللازمة لاستصدار أمر استعجالي من قاضي الأمور المستعجلة، وجب هذا على الأخير التصريح بعدم اختصاصه للبث في الطلب، دون أن يحيل الملف إلى الجهة المختصة، لأنه لا يوجد نص قانوني يفيد السماح لقاضي المستعجلات مقتضيات الفصل 16 من ق . م . م، فلو أراد المشرع ذلك لأضاف نص أو فقرة تسمح لقاضي المستعجلات بتطبيق تلك المقتضيات.

  المطلب الثاني :  مدى أهمية القضاء الإستعجالي في ضمان حقوق المتقاضين:

 

في حياة الأفراد اليومية تتعدد مصالحهم وتتشعب وتتداخل في كثير من الحالات ويترتب عن ذلك نشوء نزاعات تستدعي اللجوء إلى القضاء، وبما أن اللجوء إلى القضاء من الحقوق الأساسية المكرسة للفرد  بموجب الدستور، والمتوخى منها طلب الحماية
الكافية لحقوقه ، فإن تحقيق الغاية من ذلك يتوقف على حسن سير القضاء، وحسن سير العدالة الذي يقتضي التروي والرزانة للتحقق من إدعاءات الخصوم وإصدار الأحكام
وكما نعلم تنقسم القضايا إلى قسمين :  أ) ـ قضايا عادية والتي تتميز بالسير العادي لإجراءات التقاضي وبطء مواعيد الفصل فيها .
 ب) ـ قضايا مستعجلة والتي لا تتحمل البطء خوفا من تلف وضياع معالمها ويخشـى  عليها من فوات الوقت، الشئ الذي يتطلب اللجوء إلى القضاء الإستعجالي .
فالقضاء الإستعجالي ظهر بسبب تطور النشاط الإقتصادي والتجاري والتطور المذهل في أنماط الحياة العصرية ، إذ أصبح القضاء العادي غير قادر على تحقيق مهمته في إدراك الأخطار التي تهدد حقوق و مصالح الأطراف ، مما دفع بالمشرع إلى إيجاد قواعد إجرائية إستثنائية تخرج عن نطاق القضاء العادي لمسايرة هذا التطور وللتلائم مع طبيعة هذه النزاعات والوصول إلى حماية الحقوق حماية مؤقتة وعاجلة ، لغاية الفصل في أصل النزاع المعروض أمام القضاء العادي.

لذا آرتأى المشرع المغربي إحداث قضاء إستعجالي إلى جانب القضاء العادي و ذلك لما لهذا الأخير من دور في حماية حقوق المتقاضين فهو يساهم في:

–  تمكين الخصوم من استصدار أحكام مؤقتة سريعة دون المساس بأصل الحق، أي مع بقاء أصل الحق يناضل فيه ذووه لدى محكمة الموضوع.

–  اختصار و اختزال الوقت و ا|لإجراءات و بذلك يكون المشرع قد استطاع التوفيق بين الأناة اللازمة لحسن سير القضاء و بين نتائج هذه الأناة التي قد تسبب ضرر لبعض الخصوم.

–       حماية حقوق المتقاضين و اتخاد الإجراءات اللازمة كلما كانت القضية تتطلب السرعة في البث فيها.

 

 

 

 

 

المبحث الثاني :  القضاء الإستعجالي في المادة التجارية:

 

المطلب الأول :  امتيازات رئيس المحكمة التجارية كقاضي المستعجلات:

 

يستخلص من النصوص المنظمة للمساطر الاستعجالية الأوامر المبنية على طلب والمعاينات  ثم المستعجلات، وكذا مسطرة الأمر بالأداء إن رؤساء المحاكم الابتدائية هو وحدهم المختصون  بهذه المساطر، كلمة وحدهم أو وحده واردة في الفصول : 148 149158 من ق م م مع ملاحظة أقدم القضاء في حالة المانع.

وان هذا القضاء يحده عنصر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق، بحيث لا يمكن تجاوز احد هذين الحدين دون الخروج عن مجال هذا القضاء.

نقرا في الفصل 148 : " ولا يضر بحقوق الأطراف ".

وفي الفصل 149 :" كلما توفر عنصر الاستعجال ".

وفي الفصل 152 : " لا تبت  الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس  بما يمكن أن يقضي به في الجوهر"[1].

إلا انه بالنسبة لرؤساء المحاكم التجارية وان كانت المادة 21 تسمح لهم بصفتهم  قضاة للأمور المستعجلة باتخاذ " كل التدابير التي لا تمس أية منازعة جدية"  فان نفس هذه المادة في فقرتها الأخيرة تسمح لهم بالرغم من وجود " المنازعة الجدية" باتخاذ كل التدابير التحفظية أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لدرء ضرر حال أو وضع حد للاضطراب ثبت جليا انه غير مشروع.

ونعتقد من جهة أخرى-  وهذا مجرد رأي قابل للنقاش أن قضاء الأمور المستعجلة في إطار المحاكم التجارية لا يختلف عن صنوه في إطار المحاكم الابتدائية " المدنية" بالرغم من أن المشرع لم يحل على الفصول التي  تنظم الاستعجال في هذه المحاكم أي المحاكم الابتدائية – ألا أن عبارة المادة 21  من ق. م. ت تؤكد على نفس ما تؤكد  عليه تلك الفصول من وجوب توافر الاستعجال وعدم المساس  بأصل الحق، وذلك من خلال استعمالها لعبارة " بصفته قاضيا للأمور المستعجلة"  ولعبارة  " يأمر بكل التدابير التي لا تمس أية منازعة  جدية". هذا مع التأكيد على ضرورة احترام  نطاق اختصاص كل من المحكمتين بحيث لا يمكن بالرغم من توافر حالة الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق لرئيس المحكمة الابتدائية، أن يبت في قضية يعود اختصاص النظر فيها موضوعيا للمحاكم الإدارية .

 كما لا يمكن لرئيس المحكمة التجارية أن يبت بالرغم من توافر الاستعجال وعدم المساس بأية منازعة جدية في قضية يعود اختصاص النظر فيها من حيث الموضوع  للمحاكم الابتدائية " المدنية".

جاء في المادة 21 من ق م ت، انه يمكن لرئيس المحكمة التجارية أن يأمر بكل التدابير في حدود  اختصاص المحكمة أي المحكمة التجارية.

ويظهر الاختلاف بين المحكمتين فيما يتعلق دائما بالقضاء  الاستعجالي في مجال  الإجراءات التحفظية، إذ يمكن لرؤساء المحاكم الابتدائية اتخاذ أي أجراء تحفظي كلما توفر عنصر الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق.

أما رؤساء المحاكم التجارية فيمكن لهم في نطاق ما تختص به محاكمهم – اتخاذ كل التدابير التحفظية، زيادة على إصدار أوامر بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ولو في حالة وجود المنازعة الجدية وذلك لدرء الضرر الحال أو لوضع  حد للاعتداء على حق إذا ثبت ذلك.

الفقرة الأولى : مسطرة الأمر بالأداء

فيما يخص تنظيم هذه المسطرة فقد أحال قانون المحاكم التجارية بمقتضى المادة[2] 22 على أحكام الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية، أي على الفصول من 155 إلى 156 من ق م م الواردة تحت عنوان : مسطرة الأمر بالأداء .

ويستخلص من كل ذلك أن رؤساء المحاكم التجارية هم المختصون بالنظر في مقالات الأمر بالأداء إذا كانت مبنية على الأوراق التجارية والسندات الرسمية، المادة 22 الفقرة الأولى.

وبغض النظر عن مجال اختصاص كل من المحكمة التجارية والمحكمة الابتدائية والذي يجب احترامه من طرف رؤساء  المحكمتين وبغض النظر كذلك عن طبيعة الأوراق التي تبنى عليها مقالات الأمر بالأداء، فان الأحكام المشار إليها في المواد من 155 إلى 160 ومن 163 إلى 165، هي التي تطبق على مسطرة الأمر بالأداء في المادة التجارية، المادة 22 من ق م ت في فقرة أولى.

ويستخلص من متابعة قراءة هذه المادة، المادة 22، إن اجل الاستئناف، والاستئناف نفسه ليس لهما اثر  موقف بالنسبة لتلك الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم التجارية وذلك خلافا لمقتضيات الفصلين 161 و162 من ق م م.

غير انه  يمكن لمحكمة الاستئناف التجارية أن تأمر بإيقاف تنفيذها جزئيا  أو كليا. بقرار معلل، هذا بالرغم من أن الأمر لا يتعلق بالتنفيذ المعجل القضائي الذي يمكن تقديم طلبات إيقافه إلى محكمة الاستئناف طبقا للفصل 147 من ق م م.

الفقرة الثانية : تنفيذ الأحكام والأوامر

ومن جديد القانون المحدث للمحاكم التجارية إشارته إلى القاضي المكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ، إذ جاء في المادة الثانية من ق م ت في الفقرة الأخيرة أن رئيس المحكمة التجارية يعين " باقتراح من الجمعية العمومية للمحكمة قاضيا مكلفا بمتابعة إجراءات التنفيذ".

نتساءل : هل هذه  بداية للتفكير الجدي في إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ، التي لها حسب المستحضر  من الفقه –  وكذا من بعض التشريعات الولاية العامة للبت في المنازعات التنفيذية بشكل  ولائي ووقتي، بل حتى موضوعي ؟[3]

إذ لا يكفي لميلاد مثل هذه المؤسسة تكليف احد القضاة  بمتابعة إجراءات التنفيذ ليس إلا.

أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تدبيرا إداريا للتخفيف من أعباء الرئاسة التي تبدو من خلال  المهام والاختصاص المشار إليها أعلاه ثقيلة وثقيلة جدا ؟

وفي إطار الملاحظة الثانية،  يمكن الإشارة إلى تنوع العبارات المستعملة من طرف المشرع في إسناد هذه الاختصاصات.

فتارة استعمل عبارة : بأمر  من رئيس المحكمة وتارة أخرى عبارة " رئيس  المحكمة بصفته قاضيا  للمستعجلات أو رئيس المحكمة بأمر استعجالي"، ثم عبارة، " رئيس المحكمة دون أية إضافة".

لا شك أن قراءة هذه العبارات ستختلف خاصة فيما  يتعلق بالمسطرة، هل الحصول على أمر يتعلق بأحد تلك الاختصاصات يقتضي سلوك المسطرة العادية للقضاء الاستعجالي، مقال، أداء، استدعاء، حضور كاتب الضبط، وهو ما يفهم من عبارة " رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة" أو حتى من عبارة " رئيس المحكمة بأمر  استعجالي " ؟

أم يكفي لذلك تقديم  طلب في إطار الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية الأوامر المبنية على طلب يبت فيه الرئيس في غيبة الأطراف ودون حضور كاتب الضبط،  كما يستخلص من العناوين " بأمر من رئيس المحكمة " و " … رئيس المحكمة…" دون إضافة؟

إن الإجابة عن هذا التساؤل تبدو الآن صعبة بعض الشيء نظرا لعدة أسباب منها جدة المادة وعدم دخولها إلى حيز التنفيذ.

إلا انه من المؤكد أن هذا التساؤل سيثير الكثير من الجدل الفقهي خاصة حول المسطرة وحول الإثبات وحول طرق الطعن

لكن تجدر الإشارة في الأخير إلى المادة 728 من مدونة التجارة التي تنص على أن الأوامر الصادرة في مادة مسطرة معالجة الصعوبات والتصفية القضائية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، عدا إذا تعلق الأمر بسقوط الأهلية وبالتفالس والجرائم الأخرى.

 

المطلب الثاني : القواعد المسطرية أمام المحاكم التجارية:

 

تطبق سائر الإجراءات المسطرية الجاري بها العمل لدى المحكمة التجارية وكما هي واردة في القانون المحدث للمحاكم التجارية في المواد 13 إلى المادة 17 إلى جانب القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك أو كانت هذه القواعد متعارضة مع القواعد المعمول بها في مادة الاستئناف التجارية المادة[4] 19.

 

وتسجل هاته القضايا في سجل خاص معد لهذا الغرض ويسلم كاتب الضبط للمدعي بطبيعة الحال وصلا يتثبت فيه اسمه وتاريخ إيداع المقال ورقمه بالسجل وعدد المستندات المرفقة به ونوعها ويودع كاتب الضبط نسخة من هذا الوصل بالملف، وبمجرد تسجيل الملف يحال على السيد الرئيس لتعيين قاض مقرر يحيل عليه الملف خلال 24 ساعة، يستدعي القاضي المقرر الأطراف لأقرب جلسة يحدد تاريخها يوجه الاستدعاء بواسطة عون قضائي وفقا لأحكام ظهير الأعوان القضائيين الصادر بتاريخ 25/12/1980، ما لم تقرر المحكمة توجيه الاستدعاء بالطرق المنصوص عليها بقانون المسطرة المدنية و المواد 37 و 38 و 39 من ق.م وبعد تبليغ المقال للطرف المدعى عليه وجوابه أو عدم جوابه رغم التوصل إذا كانت القضية جاهزة للحكم فيها تحجز للمداولة ويحدد تاريخ النطق بالحكم فيها بنفس الجلسة، إما إذا كانت غير جاهزة ارجع الملف للمقرر لإتمام إجراءات البحث فيه وإتمام المسطرة وعلى أن يكون ملزما بإحالته من جديد للجلسة داخل اجل لا يتعدى الثلاثة أشهر، وبعدها يرجع للقواعد السابقة حول كونها جاهزة أم لا، ولاينطق بالحكم إلا محررا تحريرا كاملا.

هاته القواعد هي المطبقة نفسها أمام محاكم الاستئناف التجارية مع فارق هو أن مقال الاستئناف يقدم إلى كتابة ضبط المحكمة التجارية المصدرة للحكم المطعون فيه داخل اجل الاستئناف، ويرفق مقال الاستئناف بالمستندات المرفقة به ويوجه من طرف كتابة الضبط إلى محكمة الاستئناف داخل اجل لا يتعدى 15 يوما من تاريخ تقديم المقال ألاستئنافي وبعدها يعين السيد الرئيس الأول المستشار المقرر في النازلة داخل اجل 24 ساعة وبعدها تطبق سائر القواعد المشار لها سابقا أمام المحاكم التجارية بما في ذلك حجزه للمداولة إذا كان جاهزا أو إعادته للمقرر لإتمام إجراءات البحث فيه  وضرورة إعادته للجلسة داخل اجل لا يتعدى الثلاثة أشهر.

 

الفقرة الأولى : آجال الاستئناف :

 

وكما هو معلوم ومنصوص عليه محدد أصلا في ثلاث آجال البعض منها لا يتعدى الثمانية أيام كما هو الأمر في استئناف الأوامر بالأداء الصادرة عن المحاكم العادية وعشرة أيام كما هو الأمر فيما يخص استئناف الأحكام المتعلقة بالاختصاص النوعي. وفيما يخص التعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد المقررات الصادرة بشان التسوية والتصفية القضائية وسقوط الأهلية التجارية، واستئناف المقررات المتعلقة بالطعن في المقررات المتعلقة بالتعرض وتعرض الغير الخارج عن الخصومة في عشرة أيام ابتداء من تاريخ تبليغ المقرر القضائي في مواجهة غير السنديك أما السنديك فيسري الأجل في مواجهته ابتداء من تاريخ النطق بالقرار.

كما إن أحكام المحاكم التجارية تستأنف خلال خمسة عشر يوما من تاريخ التبليغ وسوى المشرع في هذا الأجل بين الأحكام والأوامر الاستعجالية خلاف الأحكام الصادرة عن المحاكم العادية التي تستأنف خلال شهر من تاريخ التبليغ. كما أن مقررات القاضي المنتدب تقبل الطعن بالاستئناف من طرف الدائن والمدين والسنديك داخل اجل خمسة عشر يوما من تاريخ تبليغ الإشعار بالنسبة للدائن والمدين ومن تاريخ صدور المقرر بالنسبة للسنديك (697).

مع ملاحظة أن المشرع جعل اختلافا في بداية سريان هاته الآجال إذ حددها بالنسبة للاختصاص النوعي ابتداء من تاريخ التبليغ المادة 8 من قانون المحدث للمحاكم التجارية ، وبالنسبة لاستئناف المقررات الصادرة بشان التسوية والتصفية القضائية وسقوط الأهلية التجارية ابتداء من تاريخ النطق بالمقرر القضائي أو نشره بالجريدة الرسمية إذا كان من اللازم إجراء هذا النشر (المادة 729 من م.ت). مع ملاحظة قصر الآجالات المحددة للطعن لتتلاءم مع الحياة التجارية القائمة على الائتمان والسرعة.

 

الفقرة الثانية : طرق الطعن .

 

لم يتعرض قانون 95-53 لطرق أخرى من طرق الطعن العادية وغير العادية وبالتالي تبقى خاضعة للقواعد الواردة بقانون المسطرة المدنية شكلا وجوهرا تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 19 التي جاء فيها "تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية القواعد المقررة في قانون المسطرة ما لم ينص على خلاف ذلك".

المادة[5] 24 من قانون 95-53 أدخلت تعديلا جوهريا يواكب التطورات الجديدة القاضية بإحداث المحاكم التجارية وعلى الخصوص المادة 10 من قانون 24 جمادى الآخر 1394 الموافق 15/7/1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة بإضافة غرفة جديدة هي الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى.

يطعن بالنقض في سائر الأحكام الانتهائية الصادرة عن محاكم الاستئناف التجارية شانها في ذلك شان جميع أحكام محاكم المملكة، ما لم يرد نص صريح بخلاف ذلك والقرارات الاستئنافية التجارية في قضايا الاختصاص النوعي لا تقبل أي طعن سواء كان عاديا أو غير عادي.

الخاتمة:

إن القضاء الاستعجالي يبث في ظاهرة الحال و الهدف منه السرعة مع المحافظة على مراكز الأطراف القانونية وهو ذو طبيعة موضوعية لا شخصية وعلى القاضي الاستعجالي أن يقدر هل هناك حال الاستعجال أو لا مع تعليل حكمه الذي يكون له قوة الشيء المقضي به مادام يبث فقطة في إجراء وقتي.

 

 

 


1- مجلة الإشعاع، عدد 17، ص 23 مراكش في 16/7/1997.

 

 

 [2] نسخت وعدلت – الفقرة الأولى – بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.02.108 الصادر في فاتح ربيع الأخر 1423 (13 يونيو 2002) بتنفيذ القانون رقم 18.02)     

يختص رئيس المحكمة التجارية بالنظر في طلب الأمر بالأداء الذي تتجاوز قيمته 20.000 درهم والمبني على الأوراق التجارية و السندات الرسمية، تطبيقا لأحكام الباب الثالث من القسم الرابع من قانون المسطرة المدنية.

في هذه الحالة و خلافا لمقتضيات الفصلين 161 و162 من قانون المسطرة المدنية، لا يوقف أجل الاستئناف و الاستئناف نفسه تنفيذ الأمر بالأداء الصادر عن رئيس المحكمة.

غير انه يمكن لمحكمة الاستئناف التجارية أن توقف التنفيذ جزئيا أو كليا بقرار معلل.

 

[3]  مرجع سابق  ص  24 .

[4]    (تطبق أحكام المواد 13 و14 و15 و16 و17 من هذا القانون أمام محكمة الاستئناف التجارية.

كما تطبق أمام المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية ما لم ينص على خلاف ذلك.)

 

[5]  تغير وتتمم على النحو التالي أحكام الفقرة 3 من الفصل 10 من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.74.338 بتاريخ 24 من جمادى الآخرة 1394 (15 يوليوز 1974) المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة:

" الفصل 10.-………………….

" الفقرة 3. –يقسم إلى ست غرف: غرفة مدنية تسمى الغرفة الأولى.

" وغرفة للأحوال الشخصية و الميراث و غرفة تجارية و غرفة إدارية و غرفة اجتماعية و غرفة جنائية."

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى