في الواجهةمقالات قانونية

القوة الثبوتية للمحاضر الجمركية في التشريع المغربي

القوة الثبوتية للمحاضر الجمركية في التشريع المغربي

أنس بوزفور

باحث في سلك الدكتوراه بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ابن زهر تخصص قانون الأعمال

مقدمة

يقصد بالإثبات إقامة الدليل لدى السلطات المختصة على حقيقة معينة بالطرق التي حددها القانون ووفق القواعد التي تخضع لها، ويحتل الإثبات أهمية خاصة في المجال الجنائي ، لأنه يرمي إلى إثبات واقعة الجريمة التي تنتمي إلى الماضي عن طريق استعانة المحكمة بوسائل بعيدة أمامها صورة الجريمة حتى تتمكن من الفصل بالدعوى وتقرير المسؤولية الجنائية إذا توفرت عناصرها .

وللإثبات في الميدان الجمركي أهمية لا تقل عن تلك التي يحظى بها في المادة الجنائية بصفة عامة، فقد اعتنى به المشرع الجمركي عناية خاصة بشكل يوفر للإدارة الجمركية تحقيق هدفها بالشكل المطلوب وذلك في الوقوف على المخالفة الجمركية .

والمشرع لم يقيد الإثبات في هذا الميدان بل صرح في الفصل 247 من مدونة الجمارك انه يمكن إثبات المخالفة الجمركية بكل الطرق القانونية، حيث أن كافة وسائل الإثبات المعروفة في الميدان الجنائي تعتبر حجة في إثبات الجريمة الجمركية: كالمعاينة و الاعتراف و القرائن … إلا أنه إضافة إلى هذه الوسائل وضع المشرع فصولا تعطي لإثبات خصوصية معينة و متميزة، منها الفصل 234 من المدونة و التي تفيد بأن الخروقات للقوانين و الأنظمة الجمركية تثبت عن طريق الحجز و البحث[1].

وتعتبر المحاضر من أبرز هذه الطرق التي يوليها المشرع المغربي عناية فائقة، فقد عمل هذا الأخير على التنصيص بأن إثبات الجريمة  يتم عن طريق الحجز فيحرر محضر للحجز أو عن طريق البحث فتكون أمام محضر للبحث، ولم يكتف المشرع بذلك فقط، بل عين الأشخاص المكلفين بتحرير هذه المحاضر ووسع بعض الشيء من دائرة لهؤلاء الأشخاص، و حدد مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها المحضر الجمركي تحت طائلة بطلان المحضر الجمركي. وعلى هذا الأساس يمكن أن نتساءل حول مكانة المحاضر الجمركية في إثبات المخالفات في المادة الجمركية.

و بناء على ذلك سوف نحاول أن نقسم هذا البحث إلى مطلبين و فق التقسيم التالي:

 

المطلب الأول: شكليات تحرير المحضر الجمركي

المطلب الثاني: حجية المحاضر الجمركية و طرق الطعن فيها

 

 المطلب الأول: شكليات تحرير المحضر الجمركي

تخضع المحاضر الجمركية في إعدادها لشروط و شكليات قانونية عديدة و دقيقة، منها ما يتعلق بالأعوان القائمين بإعدادها، و منها ما يتعلق بالشروط و الشكليات القانونية التي أوجب القانون مراعاتها، و يترتب على عدم مراعاة هذه الشروط المنصوص عليها في مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة بطلان المحاضر الجمركية.

و تهدف هذه الشروط في مجملها إلى إضفاء المصداقية على المحاضر لتكون لها قوة ثبوتية تجعل القاضي ملزما بما ورد فيها، و بذلك يكون المشرع المغربي قد وفر وسيلة فعالة تسهل عملية الإثبات في الميدان الجمركي.

وعليه سوف نحاول أن نتطرق بداية إلى أشخاص المكلفين بتحرير المحضر الجمركي على أن نعرج بعد ذلك إلى أهم البيانات التي يجب أن يتضمنها هذا المحضر.

الفقرة الأولى: الأشخاص المكلفون بتحرير المحضر الجمركي

يتطلب أمر إثبات المخالفة الجمركية ضرورة احترام مجموعة من الشروط ألزم المشرع توفرها، كتحرير المحضر من طرف الأشخاص الذين خول لهم المشرع الصفة تحريره و حدد أنواع المحضر التي يمكن إنجازها مع تحديد أهم البيانات الأساسية التي يجب أن يتضمنها.

أولا: شروط محرري المحضر الجمركي

لكي يزاول أعوان إدارة الجمارك مهمة تحرير المحاضر الجمركية لابد لهم من التوفر على مجموعة من الشروط التي نصت عليها مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة و هي ضرورة الحصول على وكالة عمل تمنحها لهم إدارة الجمارك ثم أداء اليمين القانونية.

و الملاحظ من خلال الفصل 233 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة[2] أن المشرع الجمركي وسع من نطاق الأشخاص المؤهلون للقيام بمعاينة و إثبات الجنح و المخالفات الجمركية، فغرض المشرع من توسيعه لنطاق الأشخاص المؤهلون للقيام بتلك المهام هو حماية الاقتصاد الوطني من ظاهرتي الغش و التهريب بالدرجة الأولى، و زجر كل الأفعال المرتكبة و المخالفة للقوانين و الأنظمة الجمركية.

1: التوفر على وكالة عمل

لكي يكون المحضر صحيحا و مكتسبا لحجية قانونية، يجب أن يحرر من طرف أشخاص خول لهم المشرع المغربي صفة وكلاء عن إدارة الجمارك من خلال توفرهم على وكالة عمل والتي تعتبر بمثابة رخصة تمنح إلى عون إدارة الجمارك من أجل إثبات المخالفات الجمركية.

و الملاحظ أن المشرع المغربي لم يحدد المعايير التي على أساسها يتم منح وكالة عمل و كذلك البيانات التي تتضمنها هذه الوكالة، إلا أنه يمكن القول بأن العون الذي يريد أن يحرر المحضر الجمركي يجب عليه لزوما أن يتوفر على وكالة عمل إضافة إلى أداءه لليمين القانونية[3].

ونجد الأساس القانوني لهذه الوكالة يرجع إلى القواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات و العقود، و كذلك إلى اللوائح التنظيمية  و الأعراف الجمركية، ومن القواعد العامة المطبقة في هذا الميدان نجد أن الوكيل ( العون) عليه أن ينفذ بالضبط المهمة التي كلف بها، وعلى العون كذلك أن يدلي لمن يتعامل معه برسم وكالته، وعلى ضوء هذه القواعد العامة شرعت مقتضيات خاصة بمدونة الجمارك[4].

و على كل حال تتضمن هذه الوكالة إضافة إلى البيانات الشخصية، صورة شخصية للعون الجمركي، و رقم تأجيره و المحكمة الابتدائية التي أمامها تم أداء اليمين، و تحرر هذه الوكالة بالصيغة التالية:” يجب على السلطات المدنية و العسكرية و على أعوان القوة العمومية أن تقدم بمجرد ما يطلب منها يد المساعدة إلى أعوان إدارة القيام بمهامهم.” و تحمل هذه الوكالة أيضا توقيع رئيس كتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية التي تم أداء اليمين أمامها، و توقيع العون الجمركي.[5]

2- أداء اليمين القانونية

ألزم المشرع المغربي من خلال الفصل 332 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة أعوان إدارة الجمارك المكلفون بتحرير المحاضر من أجل إثبات الجنح و المخالفات الجمركية أداء اليمين القانونية وفق الشكليات و الشروط المنصوص عليها في التنظيم المتعلق بيمين الأعوان محرري المحاضر وهو إجراء أقره المشرع الجمركي من جهة لمنح المحاضر الجمركية التي ينجزونها نوعا من الحجية الثبوتية القانونية من جهة أخرى، وقد يفقد المحضر قوته في حالة ما إذا حرره عون أو أعوان الإدارة الذين لم يؤدوا اليمين القانونية.[6]

ثانيا: طرق إثبات الجريمة الجمركية

يمكن إثبات المخالفات المرتكبة عن طريق الحجز و يتم ذلك في حالة ما إذا وضعت إدارة الجمارك يدها على الشيء المحجوز، أو بواسطة محضر البحث في حالة ما إذا أجرت إدارة الجمارك أبحاثها.

1: محضر الحجز

يراد بمحضر الحجز، الوثيقة التي يتم بواسطتها إثبات الجريمة المتلبس بها[7] ، حيث تشتمل على الوقائع  مكنت إدارة الجمارك من وضع المتهم  في حالة تلبس و التي على أساسها تم حجز البضائع المهربة، وهي من هذه الزاوية تعد من أهم المحاضر التي يعتمد عيها في إثبات الجنح و المخالفات الجمركية[8]، خاصة جرائم التهريب، فموضوع محضر الحجز يتمثل إذن في معاينة المخالفات و الوقائع المادية المكونة لها[9] وحجز البضائع المهربة أو المرتكب الغش بشأنها[10]، وكل الوسائل و الأشياء القابلة للمصادرة.[11]

و يعمل أعوان إدارة الجمارك إضافة لأعوان محرري المحاضر التابعون للقوة العمومية، على حجز جميع الأشياء القابلة للمصادرة وفي كل مكان سواء بين يدي المتهم حين قيامه بمهام التخليص الجمركي، أو داخل بالمخازن المودع بها تلك الأشياء أو بمسكنه أو مسكن غيره، وهو حجز يقع على البضائع محل الغش و المواد المستعملة لإخفاء الغش و وسائل  النقل المستعملة في هذا الصدد، و كذا الوثائق و المستندات المتعلقة بتلك العملية أو التي  تم تزويرها أو تغيير و تحريف بياناتها[12].

و يعتبر  هذا الحجز بالنسبة للقضاء أكبر دليل في إثبات الجنح و المخالفات الجمركية  ولا يمكن مؤاخذة المتهم إذا لم تتمكن إدارة الجمارك بإثبات الفعل المجرم المنسوب إليه عن طريق الحجز، فعملية الحجز هي نواة المحضر و جوهر الدعوى[13]، وذلك فعندما لا يتم حجز البضائع لسبب أو لآخر فإن الإدارة كانت تجد نفسها مكتوفة الأيدي لأن دعواها كانت تدور وجودا و عدما مع الحجز[14].

وهذا الحجز للشيء محل المخالفة يتم تحقيقه سواء بالمكاتب الجمركية التي تتم بها عادة الإجراءات الجمركية، أو خارج تلك المكاتب حيث تفرض حراسة خاصة على طول الحدود البرية و البحرية المكونة للتراب الخاضع لمراقبة إدارة الجمارك،  فعلى طول هذه الحدود يمكن لأعوان إدارة الجمارك أن يعملوا على حجز جميع البضائع المشكلة لمخالفة جمركية، وحسب ما جرى به العمل في إطار الأعراف الجمركية و أمام سكوت مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، يعمل أعوان إدارة الجمارك على إعطاء وصل الحجز على البضائع في كل حالة لا يكون فيها إنجاز المحضر ضروريا أو يتأخر إنجازه لأسباب أخرى[15].

2- محضر البحث

ينص المشرع المغربي في مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، على أنه          ” تثبت الأفعال التي تكون خرقا للقوانين و الأنظمة الجمركية عن طريق الحجز أو البحث”.[16]

فإلى جانب إثبات الجنح و المخالفات الجمركية عن طرق محضر الحجز يمكن إثباتها أيضا بواسطة محضر البحث، أي أن هذا الأخير يتم اللجوء إليه في حالة انعدام التلبس.

و كما هو الشأن في البحث التمهيدي المنصوص عليه في قانون مسطرة جنائية، فإن المشرع الجمركي المغربي قد نص على إمكانية قيام أعوان إدارة الجمارك بالبحث التمهيدي عن الجنح و المخالفات الجمركية المرتكبة من طرف المسؤولون جنائيا عند ارتكاب إحدى المخالفات المعاقب عليها بمقتضى مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.

و يتجلى هذا البحث في التفتيش و المعاينة للمنازل و ذلك عند الشك في وجود غش أو مخالفات، كما يجوز لأعوان إدارة الجمارك المؤهلين لتحرير المحاضر القيام بإجراء تفتيش و معاينة مسكن من أجل البحث عن البضائع التي تم تخليصها و ارتكب الغش بشأنها، وعلى أعوان إدارة الجمارك أن يطلبوا من مالك البضاعة إيصالات تثبت دخول البضائع بصفة قانونية إلى التراب الخاضع[17].أما عن الأشخاص الذين يجوز لهم القيام بالأبحاث في المخالفات الجمركية، لاسيما في حالة الحصول على الوثائق و المستندات التي تساعد في إثبات هذه المخالفات، فقد حصرتهم مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة فكل من مفتش مساعد على الأقل و ضباط الجمرك و كذا الأعوان  الموكلين  لهذا الغرض من طرف الإدارة[18].

إذا كانت مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة قد فتحت الباب لأعوان إدارة الجمارك بالقيام بإجراءات البحث و التفتيش، إلا أنها ربطتها بمجموعة من الإجراءات يجب احترامها وفق ما نص عليه الفصل 41 من نفس المدونة :

1- موافقة الشخص الذي يشغل الأماكن قبل الشروع في أية عملية للتفتيش وتكون موافقته كتابة؛

2- يجب على أعوان الإدارة، إذا لم يقبل بكيفية صريحة الشخص الذي يشغل الأماكن إجراء التفتيش، أن يطلبوا مساعدة ضابط للشرطة القضائية؛

3- في حالة رفض فتح الأبواب يجوز لأعوان الإدارة العمل على فتحها بحضور ضابط للشرطة القضائية؛

4- في جميع الحالات التي يطلب فيها حضور ضابط للشرطة القضائية طبقا لأحكام هذه المدونة يلزم هذا الموظف بأن يحضر إذا ما توصل بطلب مكتوب من طرف أعوان الإدارة دون تمييز في درجتهم أو استثناء لأيام العطل، وإذا ما رفض الموظف المطلوب تقديم مساعدته تجاوز الأعوان هذا الرفض ونص على الحادث في المحضر بعد إشعار وكيل الملك؛

5- لا يمكن بدء تفتيش ومعاينة المساكن والمحلات المعدة للاستعمال المهني قبل الساعة السادسة صباحا وبعد الساعة التاسعة ليلا؛

6- غير أنه فيما يخص البحث عن البضائع الخاضعة لأنظمة الدائرة يمكن لأعوان الإدارة في حالة المطاردة عن كثب أن يقوموا بأبحاثهم في المنازل ومرافقها والمحلات المعدة للاستعمال المهني التي تقع فيما وراء الحد الداخلي لمنطقة الدائرة البرية حيث شاهد الأعوان دخول هذه البضائع إلى المنازل والمرافق المذكورة.

الفقرة الثانية: شروط المحضر الجمركي

حدد المشرع المغربي في الفصل 240 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها المحضر الجمركي، و هي بيانات مشتركة تضم محضر الحجز و محضر البحث، و بيانات خاصة تتعلق بمحضر الحجز.

أولا: شروط صحة المحضر الجمركي

من أجل صحة المحضر الجمركي لا بد على أعوان إدارة الجمارك المكلفون بإثبات الجنح و المخالفات الجمركية أن يضمنوا في المحضر مجموعة من البيانات التي حددها الفصل 240 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.

و بالرجوع إلى الفصل المذكور، نجده يشير إلى مجموعة من البيانات التي يجب تحديدها في المحضر تحت طائلة عدم صحته قانونا، و بالتالي بطلان إجراءات المتابعة التي تؤسس عليه[19]

وعليه يجب أن يتضمن المحضر الجمركي تاريخ تحرير المحضر و الذي يعتبر في الغالب، تاريخ بدء في القيام بإنجاز أعمال الحجز أو الأفعال المثبتة مع تعيين تاريخ اختتامه باليوم و الساعة، بالإضافة إلى الإشارة إلى مكان تحرير المحضر الجمركي.

و يحظى هذا البيان المتعلق بتحديد تاريخ تحرير المحضر بأهمية بالغة نظرا للآثار المترتبة في احتساب أجل التقادم، حيث إن الحرص على احترام هذا الإجراء لا يفتح المجال للمنازعة من طرف المخالفين في تقادم الوقائع الممنوحة إليهم[20]

بالإضافة إلى ذلك يجب أن يتضمن المحضر صفات أعوان إدارة الجمارك و أسمائهم الشخصية و العائلية، مع إدراج بيان يتعلق بمساكن أعوان إدارة الجمارك أو ضباط الشرطة القضائية أو الأعوان التابعين للقوة العمومية.

كما أوجب المشرع المغربي أن يتضمن المحضر الجمركي التصريحات التي أدلى بها المتهم و باقي مرتكبي المخالفة الجمركية إضافة إلى توقيعاتهم و توقيع الأعوان الذين عملوا على تحرير المحضر الجمركي. وعند الانتهاء من تحريره و التوقيع عليه فإنه يتم تسليم نسخ منه إلى مرتكب المخالفة الجمركية و باقي المشاركين و المساهمين في  المخالفات إن وجودوا.

ومن المسائل الملاحظة عن بيانات المحضر عدم ذكرها لبيان القيمة مع العلم أن هذا البيان مهم جدا ويجب أن يضمن في صلب المحضر على رغم غياب إلزام قانوني، لأن على أساس بيان القيمة يتم احتساب التعويضات والغرامات إذا اقتضى الأمر ذلك.[21]

ونضيف إلى ذلك أن المشرع نص على ذكر مساكن الأعوان محرري المحاضر بشكل عام دون تحديد ولا توضيح مما يثير عدة مشاكل على مستوى الواقع[22] ، بينما عمل المشرع الفرنسي على التأكيد على المساكن الإدارية في الفصل 334 من المدونة الجمارك الفرنسية .

ثانيا: بيانات محضر الحجز

بالإضافة إلى البيانات المشتركة التي يجب أن يتضمنها أي محضر جمركي، فالمشرع المغربي خص محضر الحجز بمجموعة من البيانات الخاصة بالنظر إلى خصوصية محضر الحجز.

ولعل من بين أبرز البيانات التي يجب أن يتضمنها محضر الحجز هو ذكر أسباب هذا الحجز و المخالفات أو الجنح التي استندت إليها إدارة الجمارك من أجل القيام بهذه العملية، سواء كانت هذه المخالفة جمركية أو لقانون الصرف[23] أو للقوانين العائد لإدارة الجمارك السهر على تطبيقها، سواء تعلق الأمر ببضاعة محظورة أو غير محظورة.

وفي نفس السياق ورد قرار عن المجلس الأعلى بأن ” الأسباب التي تؤدي إلى عملية الحجز، هي تلك المتعلقة بمخالفة القوانين و الأنظمة الجمركية أو بقواعد الصرف و التي عهد إلى إدارة الجمارك تنفيذها، و سواء تعلق الأمر ببضاعة محظورة أو غير محظورة”[24]، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يذكر في المحضر الجمركي كيفية معاينة و مشاهدة الأفعال المشكلة للمخالفة سواء عند الفحص أو التفتيش أو المعاينة أو المراقبة الآنية أو البعدية، وقد يترتب عدم ذكر هذه الأسباب بطلان المحضر الجمركي و افتقاده لمصداقيته.

بالإضافة إلى بيان أسباب الحجز يجب أن يتضمن المحضر وصف الأشياء المحجوزة وصفا دقيقا من خلال تحديد نوعها وجودتها و كميتها و صنفها و لونها و وزنها من أجل تفادي أي نزاع محتمل مع مالك هذه البضائع المحجوزة.

وتجدر الإشارة إلى بأن وصف الأشياء المحجوزة قد تتطلب أحيانا حضور مترجم، وهو إجراء لا يؤدي إلى إلغاء أو بطلان المحضر إلا أنه قد يؤثر على قوته الثبوتية أمام المحكمة، غير أنه في الأحوال العادية غالبا ما يرفض الظنين التوقيع على المحضر باعتباره يتضمن وصفا غير حقيقي لأشياء المحجوزة سواء في النوع أو الكمية أو الجودة، كما يترتب عنه قيام نزاع بين المالك لأشياء  المحجوزة و الإدارة حول صحة المحضر الجمركي[25].

ووفق ما نص عليه الفصل 240 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة فإنه يجب أن يتضمن المحضر تدابير ضمان الأشياء المحجوزة، وعليه فبعد حجز البضاعة من طرف الجمرك يقوم الأعوان بإيداع ما تم حجزه في المستودعات و المخازن أو الساحات الجمركية الخاضعة لمراقبة إدارة الجمارك و إذا تعذر على إدارة الجمارك القيام بهذا الإجراء يتم تعيين حارس يتكفل بحراستها مع تحديد هوية الحارس في المحضر و ذكر إسمه الشخصي و العائلي و رقم بطاقته الوطنية و عنوانه، وتكون إدارة الجمارك مسؤولية بشكل مباشر عن كل ضرر يقع للبضاعة، الشيء الذي يدفع الأعوان القيام بكل التدابير الكفيلة من أجل حمايتها و صونها.

كما يجب أن يتضمن المحضر الجمركي حضور أو غياب مرتكب المخالفة عند وصف الأشياء المحجوزة و الملاحظات التي يقدمها و إشعاره بالسماح له باستلام البضائع غير المحظورة و وسائل النقل غير المعدة للارتكاب الغش و ذلك مقابل كفالة أو وديعة تساوي قيمة الأشياء موضوع المخالفة، و عندما تقتضي ضرورة البحث التمهيدي إلقاء القبض على مرتكب المخالفة و باقي المشاركين لوضعهم تحت الحراسة النظرية فإن ذلك لا يتم إلا في حالة التلبس بالجنحة و لا يقوم به إلا مأمورو الإدارة الذين لا تقل درجتهم عن درجة مفتش إقليمي وكذا الآمرون بالصرف وذلك طبق شروط قانون مسطرة جنائية، ويلزم ذكر صفاتهم و درجتهم بالمحضر وذكر ساعة الوضع تحت الحراسة النظرية وساعة تقديم الأظناء للجهة المختصة[26].

ومما لا شك فيه أن إغفال أحد البيانات الإلزامية التي نص عليها المشرع في الفصل 240 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة يعرض المحضر الجمركي سواء كان محضرا للبحث أو محضرا للحجز إلى البطلان، و بالتالي فاكتساب المحضر للقوة الثبوتية يتحقق بتوافر جميع البيانات الأساسية، غير أنه من الملاحظ أن أعوان إدارة الجمارك غالبا ما يقومون بإدراج تكييف للأفعال المشكلة للجنح و المخالفات الجمركية في المحضر الجمركي وهو إجراء لم ينص عليه المشرع الجمركي.

وفي هذا الإطار نورد تكييفا لأحد المحاضر الجمركية التي جاء فيها: ” حيث إن الأفعال المبينة أعلاه تشكل على عاتق شركة… في شخص ممثلها القانوني المدعوا … بالشطط المتعمد في استعمال نظام القبول المؤقت، نتج عنه التجانف عن أداء ما مجموعه 9681 درهم من الرسوم و المكوس الجمركية المنصوص عليها و على عقوبتها في الفصلان 285/8 و 284 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة. و أيضا الشطط المتعمد في استعمال نظام القبول المؤقت لتحسين الصنع الفعال نتج عنه التجانف عن أداء ما مجموعه 1.238.973 درهم من الرسوم و المكوس الجمركية، وهي مخالفة جمركية من الطبقة الأولى منصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلان 285/8 و 284 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.

ولهذه الأسباب و لأسباب أخرى يمكن استخلاصها أو إضافتها تلقائيا المرجو من المحكمة طبقا للفصول المذكورة:

– …

– أن تصرح بإدانة الشركة المعنية في شخص ممثلها القانوني من أجل المنسوب إليها و الحكم عليها:

* بأداء غرامة مالية قدرها 3745962 درهم.

* مع تحميلها الصائر”

و الملاحظ أن أعوان إدارة الجمرك عملوا على تكييف هذه الأفعال المرتكبة بأنها مخالفة من الدرجة الأولى و أحالوا على الفصول المطبقة وهو الفصل 248/8 المتعلق بتحديد نوع المخالفة الجمركية و أيضا الفصل 247 المتعلق بالجزاء المترتب عن هذه المخالفة، كما أشار المحضر الجمركي أيضا على قيمة الغرامة المالية التي يجب أداءها.

ولعل الهدف من وراء تكييف المحضر الجمركي من طرف أعوان إدارة الجمارك، هو تسهيل و تبسيط الإجراءات الجمركية على القاضي، لأن القانون الجمركي قانون تقني[27]. وعلى كل حال يبقى ذلك التكييف مجرد معلومات يعتمد عليها القاضي من أجل الاستئناس فقط ولا يمنع القاضي من إعادة إرساء التكييف الصحيح على وقائع الدعوى[28].

المطلب الثاني: حجية المحاضر الجمركية و طرق الطعن فيها

يتسم المحضر الجمركي في إثبات الجنح و المخالفات الجمركية بخصوصية هامة تميزه عن باقي القوانين الأخرى، حيت اعتبر المحضر الذي يحرره عونين أو أكثر و متضمن لإثباتات مادية مكتسبا لقوة ثبوتية مطلقة لا يجوز الطعن فيها إلا بالزور، في حين اعتبر المشرع المغربي المحضر المحرر من طرف عون آخر أو الأعوان التابعين لإدارة أخرى يمتلك حجية نسبية و يعتمد بمضمون المحضر إلى حين إثابة ما يخالفه.

ولكي يكتسب المحضر الجمركي حجية سواء كانت نسبية أو مطلقة لابد أن يكون المحضر الجمركي متضمنا لجميع البيانات المنصوص عليها في الفصل 240 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة و إلا كان مصير المحضر هو البطلان.

و بناء على ما تقدم سوف نحاول تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين، نخصص الفقرة الأولى لتعرف على حجية المحضر الجمركي في إثبات المخالفات الجمركية، على أن نتطرق في الفقرة الثانية إلى طرق الطعن في المحاضر الجمركية.

الفقرة الأولى: حجية المحاضر الجمركية

يكتسب المحضر حجية قانونية بمجرد توفره على جميع البيانات التي حددها المشرع في مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة، إلا أن نسبة هذه الحجية تختلف حسب عدد الأعوان المحررين للمحضر الجمركي و أيضا حسب ما إذا ما كان المحضر متضمنا لإثباتات مادية من عدم توفرها.

و بالتالي يكتسب المحضر الجمركي حجية مطلقة في حالة تحريره من طرف عونين أو أكثر و متضمنا لإثباتات مادية، في حين يكون مكتسبا لحجية نسبية إذا تم تحريره من طرف عون واحد أو الأعوان التابعين لإدارات أخرى.

أولا: الحجية المطلقة للمحضر الجمركي

من أجل اكتساب المحضر الجمركي لحجية مطلقة لابد من يتوفر على مجموعة من الشروط أولها أن يتم تحريره من طرف عونين أو أكثر ثم أن يتعلق الأمر بمخالفة معاقب عليها بمقتضى القانون الجمركي إضافة إلى أن يكون موضوع المحضر متعلقا بإثباتات مادية.

1- تحريره من طرف عونين أو أكثر

أعطى المشرع المغربي أهمية خاصة للمحاضر التي ينجزها الموظفون و الأعوان المكلفون الذين أسندت إليهم بعض مهام الشرطة القضائية، كما هو حال المحاضر المحررة من طرف عونين أو أكثر من أعوان إدارة الجمارك حيث تتمتع بحجية مطلقة في ما يخص الإثباتات المادية ، ما لم يتم الطعن فيها بالزور[29].

وعليه فإذا استكمل المحضر الجمركي جميع الشروط الأساسية لصحته، كتضمينه للبيانات الأساسية و تحريره من طرف أعوان إدارة الجمارك المتوفرين على وكالة عمل و مؤدون لليمين القانونية، يكتسب بذلك المحضر الجمركي قوة ثبوتية مطلقة ولا يجوز الطعن فيها إلا بالزور وفق ما نص عليه الفصل 242 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة. و يستبعد كل إجراء قضائي غير الطعن بالزور كالخبرة أو غيرها و أن كل حكم أو قرار قضى بغير ذلك يعتبر مشوبا بالخرق الجوهري للفصل المذكور[30].

وهذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى في إحدى قرارته التي جاء فيها: ” الإثباتات المادية المنظمة في المحاضر المنجزة من طرف خمسة أعوان للجمارك بشأن المخالفات الجمركية تكتسي حجية مطلقة لا يمكن دحضها أو الطعن فيها إلا بالزور وفق الكيفيات المنصوص عليها في الفصل 244 من مدونة الجمارك، تستوي في ذلك الإثباتات المادية الفنية و غيرها من الإثباتات مادام النص المقرر بمقتضاه هذه الحجية جاء مطلقا وغير مقيدا بأن تكون تلك الإثباتات غير فنية أو تقنية.”[31]

2- ارتكاب جنح أو مخالفات جمركية

بالإضافة إلى أنه يجب أن يتم تحرير المحضر من طرف عونين أو أكثر، يجب أن يكون موضوع المحضر الجمركي أفعالا متعلقة بمخالفة  القوانين و الأنظمة الجمركية، أو تلك التي عهد لإدارة الجمارك السهر على تطبيقها.

أما إذا كان موضوع المحضر الجمركي لا يتعلق بجنح أو مخالفات جمركية، فإن المحاضر المتعلقة بها يعتمد بها إلى أن يثبت العكس.[32]

ومع اكتمال شرط تحرير المحضر الجمركي من طرف عونين أو أكثر و أن يكون موضوعه متعلقا بجنح و مخالفات جمركية يجب أن يكون هذا المحضر متعلقا بإثباتات مادية.

3- يجب أن يتعلق الأمر بإثباتات مادية

يقصد بالإثباتات المادية الوقائع الموضوعية للجريمة الجمركية دون الاستنتاجات الشخصية لأعوان المحررين للمحضر أو التفسير الصادر عنهم بمناسبة تكييف الوقائع و الأفعال و التي تظل خاصة بسلطة القاضي التقديرية، فالإثباتات المادية في هذا الصدد تنصب على ما يقع تحت حراسة أعوان محرري المحضر كمكان ضبط الجريمة أو طبيعة البضائع التي تم حجزها أو ظروف إلقاء القبض، وكل ما يمكن معاينته ماديا و شخصيا من رؤية و سماع من طرف هؤلاء الأعوان كتحديد عدد مرتكبي الغش أو التهريب الجمركي، أو السماع لتصريحاتهم أو شهادتهم و تضمينها بالمحاضر وفق الصلاحيات الممنوحة لهم قانونا.[33]

وعرفتها المحكمة العليا الجزائرية في قرار صدر في 12-05- 1997 بأنها “تلك الناتجة عن الملاحظات المباشرة التي يسجلها أعوان الجمارك اعتمادا على حواسهم والتي لا تتطلب مهارة خاصة”[34].

وعرفها بعض الفقه بأنها ما “يلاحظه الأعوان محرري المحضر كمكان ضبط الجريمة أو طبيعة البضاعة، وظروف إلقاء القبض”[35] وعرفها فقه آخر  بأن الإثباتات المادية تفيد الوقائع المادية التي يعاينها أعوان إدارة الجمارك أو رجال الدرك بأنفسهم وبحواسهم أي الوقائع المحددة  بالوصف الموضوعي  للشيء المبني على  الحواس دون ما عداها من الاستنتاجات”.[36]

يجب أن يتم تحرير المحضر من طرف عونين للإدارة أو أكثر وبالتالي تحريره من عون واحد أو أعوان متعددين تابعين لإدارات أخرى لا تكون له نفس القوة في الحجية. والفصل 242 من الفقرة الأولى من القانون الجمركي المغربي يقابله الفصل 235 من القانون الفرنسي الذي يعطي نفس القيمة للمحاضر المنجزة من أعوان إدارة أخرى[37] عكس المشرع المغربي الذي قصرها على أعوان الإدارة فقط. وبالتالي نسجل نقطة ايجابية في هذا النص الذي يعتبر متقدما ويترك الطعن بإثبات العكس في غير تحرير المحاضر من طرف أعوان الإدارة.

ومن الأمثلة على هذا النوع من المحاضر نجد الفصل 65 و 66 من قانون 10 أكتوبر 1917 بشأن مخالفات المياه والغابات والفصل 28 من ظهير 11 أبريل 1922 المتعلق بالصيد في المياه الداخلية.

ونظرا للقوة المطلقة للمحاضر الجمركية المنجزة من طرف عونين للإدارة فهي قد تكون ضد العدالة القانونية نظرا لعدم اشتغال هؤلاء الأعوان تحت إمرة النيابة العامة مما قد يتعسف في استعمال هذا الحق. كما أنه في هذه الحالة ليس للقاضي أن يحكم باعتقاده   الصميم، فهو فقط عليه أن يأخذ بما جاء في المحضر إذا كان صحيحا في الشكل[38]، في حين يرى فقه آخر أن الحجية لا تعطل السلطة التقديرية للمحكمة [39].

ويرى بأن العلة من إضفاء هذه الحجية القوية على هذا النوع من المحاضر ترجع إلى صعوبة الإثبات في الجرائم التي تتناولها، بحيث قد يتعذر الإثبات بالطرق العادية كالشهادة والاعتراف.ويمكن إرجاع الأسباب التي جعلت المشرع يضفي هذه الحجية القوية على هذا النوع من المحاضر إلى:

– صعوبة الإثبات في المواد الجمركية فالإثبات غالبا ما يتم في أماكن نائية ومعزولة حيث يصعب اكتشاف وإثبات الجرائم المرتكبة في هذه المناطق وحيث لا يوجد شهود للتدليل على ارتكابها باستثناء الأعوان القائمين بالرقابة في هذه المناطق الحدودية من جمارك ودرك وشرطة.[40]

– طول الحدود الجمركية وتشعبها وصعوبة المسالك والممرات تجعل من المستحيل توفير الإمكانيات المادية والبشرية الكافية لغرض الرقابة اللازمة على طول هذه الحدود. وضبط المتهمين وهم يعبرون الحدود ذهابا وإيابا بالبضائع محل الغش ، مما اقتضى ضرورة تدخل المشرع بوضع قرائن قانونية تسهل عملية إثبات جرائم التهريب وتمكن إدارة الجمارك والنيابة العامة من متابعة المتهمين ولو ضبطوا بعيدا عن الحدود الجمركية داخل النطاق الجمركي أو حتى خارجه في بعض الحالات وهم ينقلون أو يحوزون بطريقة غير قانونية بضائع محل الغش وهو ما يشكل ضمانة معتبرة لإفلات العديد المهربين من العقاب ومواجهة أساليبهم المتطورة في مجال التهريب[41].

– عدم اكتراث الجمهور بالمخاطر التي تهدد المصلحة العامة في الجريمة الجمركية فمن يغش ضد القانون الجمركي ويكتشف أمره، كثيرا ما يعتبر في نظر الجمهور كضحية أكثر من اعتباره مذنب بل ويعتبر أحيانا كبطل[42]، فلا توجد في تصور الجمهور أية مقارنة ممكنة بين القاتل والسارق ومضرم النيران من جهة ومن يتحدى القانون الجمركي من جهة  أخرى مما يجعل كرامة المتهم في  الجريمة الجمركية غير مهددة بإدانة محتملة ولا يفقد اعتباره بين الناس، وفي  ظل هذه الوقائع يبدو من الصعب جدا أن تتمكن إدارة الجمارك من جمع الأدلة الكافية لإثبات الجريمة الجمركية وبالخصوص جرائم التهريب، مما يقتضي بالتالي الإبقاء على القرائن القانونية والحجية الخاصة للمحاضر في مجال الإثبات  الجمركي[43].

وبخصوص اجتهادات القضاء المغربي ورغم صراحة النص قبل صدور القانون فهو لم يستقر على حال.

حيث جاء في احد قراراته الصادرة بتاريخ 11 نونبر 1971: “إن المحاضر التي تحرر من طرف شخصين على الأقل من رجال الجمارك في المسائل المالية يوثق بها إلى أن يدعى فيها بالزور و إلا يتعرض للنقض الحكم الذي اعتبر محضرا من هذا النوع باطلا استنادا إلى إثبات ما يخالفه عن طريق شهادة الشهود وعن طرائق القرائن”.[44]

وبخلاف هذا القرار نجد قرارا آخر يقبل بإثبات خلاف ما ضمن بالمحضر من اعترافات بشهادة الشهود[45]، وصدر قرار آخر يؤكد على الحجية المطلقة للمحاضر الجمركية حيث جاء فيه “الإثباتات المادية المضمنة في المحاضر المنجزة من طرف  خمسة أعوان للجمارك بشأن المخالفات الجمركية تكتسي حجية مطلقة لا يمكن دحضها إلا بالطعن بالزور وفق الكيفية والشروط المنصوص عليها في الفصول 244 من مدونة الجمارك تستوي في ذلك الإثباتات المادية الفنية وغيرها من الإثباتات مادام النص المقرر بمقتضى هذه الحجية جاء مطلقا وغير مقيد بأن تكون تلك الإثباتات غير فنية أو تقنية.”[46]

ثانيا: الحجية النسبية للمحاضر الجمركية

تعد المحاضر ذات الحجية النسبية و هي تلك التي يمكن إثبات ما يخالفها، هي المتضمنة لصدق الإقرارات و التصريحات، ثم المحاضر المحررة من طرف عون واحد لإدارة الجمارك أو الأعوان التابعين لإدارات أخرى.

1- المحاضر المتضمنة للإقرارات و التصريحات

لعل من أبرز ما جاءت به مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة هو تمتيع المحضر الجمركي المتضمن لإثباتات مادية و المحرر من طرف عونين أو أكثر قوة ثبوتية مطلقة لا يتم الطعن إلا بالزور ، إلا أن المشرع المغربي قد ميز بين البيانات المتضمنة للإثباتات المادية التي يعاينها أعوان إدارة الجمارك و يشهدون على صحتها وبين البيانات المتعلقة بالإقرارات و التصريحات  و التي يجوز إثبات عكس ما يتضمنه المحضر بشأنها وذلك وفق ما نص عليه الفصل 242 من ذات المدونة.

و الجدير بالذكر أن مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة لم توضح الكيفية التي بها يجب إثبات العكس[47]، وفي غياب نص صريح يبين كيفية إثبات العكس يمكننا الاحتكام للقواعد العامة.

فهكذا مثلا إذا تعلق الأمر باعتراف المتهم في محضر جمركي بارتكابه مخالفة جمركية ثم تراجع عن اعترافه المسجل في المحضر وقدم إثباتا لبراءته دليلا كتابيا كأن يقدم مثلا جواز سفره بأنه في تاريخ الوقائع كان مسافرا إلى الخارج أو يقدم شهود يؤكدون ذلك ففي هذه الحالة يجوز الحكم ببراءته.

و لعل المغزى من عدم تمتيع المحضر الجمركي المتضمن للإقرارات و التصريحات بقوة ثبوتية مطلقة من أجل  سماح للمحكمة بتقدير مدى صحة هذه التصريحات و قبول إثبات ما يخالفها بشهادة الشهود و القرائن و الخبرة. وفي هذا الصدد ورد قرار محكمة الاستئناف بالبيضاء جاء فيه: “حيث إن الضنين صرح خلال البحث التمهيدي بأنه أدلى بفاتورات لكن هذه مجرد أقوال يعوز الدليل. و حيث إن محاضر إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة تقوم حجة على ما ورد فيها إلى حين ثبوت خلافها وهو أمر لم يحصل.[48]

2- المحاضر المحررة من طرف عون واحد لإدارة الجمارك

تعتبر المحاضر المنجزة من طرف عون واحد من أعوان إدارة الجمارك صحيحة و يعتمد بمضمونها ما لم يثبت ما يخالفه، و إن كان هذا المحضر متضمنا لجميع البيانات الإلزامية المشار إليها في الفصل 240 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.

و لعل الهدف من إضفاء الحجية النسبية على هذه المحاضر،هو أن عونا واحدا من أعوان إدارة الجمارك قد لا يستطيع أن يلم بجميع مكونات الجنح أو المخالفات الجمركية المرتكبة أو قد ينتج سهو أو عدم تبصر أو تعسف، لذلك خول المشرع لمرتكب الجنح أو المخالفات الجمركية حق إثبات ما يخالف مضمون المحضر المحرر من طرف عون واحد من أعوان إدارة الجمارك.[49]

3- تحرير المحضر الجمركي من طرف الأعوان التابعين للإدارات الأخرى

ينص المشرع الجمركي على إمكانية إثبات الأفعال التي تشكل خرقا للقوانين و الأنظمة الجمركية، من طرف أعوان آخرين محرري المحاضر التابعين للإدارات الأخرى، ومن هؤلاء ضباط الشرطة القضائية، و الأعوان التابعين للقوة العمومية، كمهندسي المياه و الغابات، و رجال الدرك الملكي و الشرطة… و تكتسي المحاضر المنجزة من طرف هؤلاء حجية نسبية إلى أن يوثق بمضمونها مع إمكانية إثبات ما يخالفها.[50]

وفي هذا الإطار اعتبرت استئنافية تطوان أن المحاضر المحررة من طرف ضابط الشرطة القضائية في ميدان التثبت في المخالفات الجمركية يعتمد عليها ما لم يثبت ما يخالفها عملا بمقتضيات الفصل 242 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.[51]

الفقرة الثانية: الطعن في المحاضر الجمركية

خول المشرع المغربي مجموعة من الضمانات لمرتكب الجريمة بصفة عامة و لمرتكب المخالفة الجمركية بصفة خاصة، كما أن القواعد و الإجراءات القانونية  التي وضعها المشرع لإثبات الجريمة الجمركية راعى فيها التوفيق بين حماية المصالح الفردية و بين المصلحة العامة في الكشف عن الحقيقة و الوصول بالإثبات إلى غايته،  و نظرا لأن المشرع أعطى للمحاضر الجمركية قوة ثبوتية، لكنه للتلطيف أجاز الطعن في صحة هذه المحاضر[52]، وعلى هذا أساس سوف نتطرق في البداية إلى الطعن بالزور ثم ننتقل بعد ذلك إلى الطعن بالبطلان و إثبات عكس ما جاء في المحضر.

أولا: الطعن بالزور في المحاضر الجمركية

عرف الفصل 351 من القانون الجنائي تزوير الأوراق بأنه تغيير الحقيقة فيها بسوء نية، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا متى وقع في محرر بإحدى الوسائل المنصوص عليها في القانون.

أما مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة فلم تحدد تعريفا للتزوير، و بالتالي تكون المحاضر الجمركي عرضة للطعن بالزور إذا تضمنت تغييرا للحقيقة [53].

و المسطرة الواجب سلوكها للطعن بالزور في المحاضر الجمركية، ليست المنصوص عليها في المواد 575 إلى 587 من قانون مسطرة جنائية، و إنما المسطرة الخاصة للطعن بالزور المنصوص عليها في الفصول 244 و 245 و 246 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة.

وعليه فإن أراد المتهم أن يطعن بالزور في المحضر ما يجب عليه إلا أن يقدم تصريحا شخصيا أو بواسطة وكيل، بمقتضى وكالة خاصة، مصادق على توقيعها إلى كتابة الضبط لدى المحكمة المرفوعة إليها القضية، و يوقعه مرتكب المخالفة أو وكيله، و إذا صدر حكم غيابه في حقه و يتعرض عليه، فيجب أن يطعن بالزور قبل تاريخ الجلسة المعنية للنظر في التعرض.[54]

وفي يوم الجلسة تسجل المحكمة الطعن و تمنحه أجلا يتراوح بين ثلاثة و ثمانية أيام لإيداع الوثائق و المستندات التي على أساسها عمل المتهم على تقديم الطعن ضد المحضر المنجز، مع تقديم أسماء وصفات وعناوين كل من يريد أن تستمع لهم المحكمة، كما تجدر الإشارة إلى أن الطعن بالزور لا يمكن القيام به لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، كما يجب أن يثار يقبل كل دفع أو دفاع باعتباره دفعا شكليا جوهريا، و إلا كان غير مقبول.[55]

و بعد انصرام الأجل تنظر المحكمة في وسائل الطعن، و تبث في الدعوى، فإن أقرت المحكمة أن المحضر قد شابه التزوير، تصرح بذلك و تستبعده، أما إذا كان المحضر صحيحا فالشخص الطاعن في المحضر يؤدي غرامة مدنية لفائدة الخزينة العامة، و يتراوح قدرها بين 500-1500 درهم[56]، إلا أنه و لصعوبة إثبات الزور و احتراما لحقوق الدفاع كان من الأفضل أن يقرن المشرع أداء الغرامة المالية مع إثبات سوء نية الطاعن، لأنه قد يشكل إجحافا في حق الطاعنين بالزور في المحاضر الجمركية ذوي النية الحسنة.

و تجدر الإشارة إلى أن الطعن بالزور له أثر نسبي، بمعنى أنه يخص صاحبه فقط، فإذا كان هناك عدة متهمين أو متهم وعدة شركاء و قام أحدهم و طعن بالزور في المحضر الجمركي، فإنه يواصل الاعتماد على المحضر على باقي الأظناء الآخرين، إلا إذا كان الفعل الثابت بمقتضى المحضر المطعون فيه غير قابل للتجزئة و مشتركا بين الأظناء جميعا.[57]

ثانيا: الطعن ببطلان المحضر الجمركي

أجازت مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة الطعن ببطلان المحاضر الجمركية وفق أحكام المادة 243 وحالات البطلان هي:

– إغفال الإجراءات المنصوص عليها في الفصل 240 أعلاه.

– حجز بضائع غير محضورة عند الاستيراد أو التصدير تكون قد اجتازت مكتب[58] جمرك لم توضع في واجهته اللوحة المشار إليها في الفصل 30 أعلاه .

– وكذلك نضيف خرق قاعدة الاختصاص حيث يتم تحرير محضر من طرف أشخاص غير مختصين أو أعوان غير مؤهلين.

كما أن المدونة لم تعالج مجموعة من الإشكالات القانونية كحالة إغفال لأحد البيانات هل البطلان يلحق كل المحضر أو فقط في الجزء الذي تم إغفاله، كما أن هذه الإغفالات غالبا ما ترتكب من طرف أعوان وموظفي الإدارات المخول لهم قانونا تحرير المحاضر والذين لا ينتمون لإدارة الجمارك[59].. حيث يحررون محاضر بطريقة عادية فهل يطالهم البطلان.

ثالثا: إثبات خلاف ما جاء في المحضر الجمركي

إن المحاضر الجمركية ذات الحجية النسبية يتم الاعتماد عليها إلى أن يتم إثبات ما يخالفها، حيث يمكن للمتهم أو من له المصلحة في ذلك، أن يطعن في صحة المحضر بجميع الوسائل، من شهادة الشهود و الخبرة و القرائن و غيرها من وسائل الإثبات، و هذا ما أكده قرار صادر عن المجلس الأعلى و الذي صرح بإمكانية الأخذ خلاف ما يتضمنه المحضر  من اعترافات معتمدا في ذلك على شهادة الشهود[60].

وإثبات عكس ما ورد في المحضر الجمركي يقع على عاتق المتهم، وفي هذا الصدد قضت المحكمة العليا الجزائرية “بأن المحاضر الجمركية تثبت صحة ما جاء فيها من اعترافات و تصريحات، ما لم يثبت العكس، علما بأن إثبات العكس يقع على عاتق المتهم.”[61]

 

 

 

 

 

[1]  ميمون شوعا، منازعات الجمرك و الصرف و اجتهاد المجلس الأعلى، أشغال ندوة جهوية حول موضوع الجرائم المالية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، طبعة 2007، مطبعة الأمنية، الرباط، ص 293

[2]  ينص الفصل 233 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على ” يقوم بإثبات الأفعال المخالفة للقوانين والأنظمة الجمركية أعوان الإدارة الذين أدوا اليمين طبقا للشروط المحددة في الفصل 33-2 من هذه المدونة وضباط الشرطة القضائية وكذا كل الأعوان محررو المحاضر التابعون للقوة العمومية.”

[3]  ينص الفصل 33 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على ما يلي:

1- يحمل أعوان الإدارة المدعوون لتحرير المحاضر وكالة عمل ينبغي لهم أن يدلوا بها كلما طلبت منهم.

2- يجب عليهم أداء اليمين طبق الكيفيات والشروط المنصوص عليها في التنظيم المتعلق بيمين الأعوان محرري المحاضر.

[4]  بلال المويني، دور القضاء الجنائي في تطبيق نصوص مدونة الجمارك، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2011-2012، ص 40

[5] علي السملالي، قوة المحضر الجمركي في إثبات المخالفات الجمركية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة ابن زهر، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، أكادير، السنة الجامعية 2012-2013، ص 49

[6]  الجلالي القدومي، المنازعات الزجرية في القانون الجمركي المغربي. رسالة لنيل دبلوم السلك العالي، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية- الرباط- الفوج 20، ص 188

[7] Rozenn cren, poursuites et sanctions en droit pénal douaniér, thèse de doctorat en droit privé, spécialité droit pénal, université panthéon ASSAS, novembre 2011, France, p 137.

[8]  سعادنه تاعيد العايش، الإثبات في المادة الجمركية، بحث لنيل شهادة الدكتوراه في القانون، جامعة باتنة، كلية الحقوق و العلوم السياسية، قسم الحقوق، الجزائر، السنة الجامعية 2005-2006، ص 178 وما بعدها.

  [9] Moulay Larbi El Alaoui le droit douanier au maroc- génése et évolution, livre ibno sina – Rabat 1er édition 1996, p 266

[10]  ينص الفصل 325 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على ما يلي:

1 – يحق للأعوان محرري المحاضر أن يحجزوا في كل مكان البضائع ووسائل النقل القابلة للمصادرة وكذا جميع الوثائق المتعلقة بهذه الأشياء.

2 – إن البضائع ووسائل النقل المحجوزة يجب :

– إما أن تساق وتودع بمكتب أو مركز الجمرك الأقرب لمكان الحجز؛

– وإما أن يتعهد الظنين أو شخص آخر بحراستها في مكان الحجز أو في مكان آخر.

كما يجب على الحارس أن يتكفل بحراسة هذه البضائع ووسائل النقل وتقديمها عند أول طلب لأعوان الإدارة.

 [11]  علي السملالي، مرجع سابق، ص 43

[12]  حفيظي الشرقي،حول الطبيعة القانونية للمحاضر في القانون الجنائي الجمركي، أطروحة  لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، الرباط، السنة الجامعية 1990-1991، ص 111

[13]  قرار صادر عن محكمة الاستئناف بتطوان، عدد240/82، بتاريخ 1982 أورده فؤاد أنوار، التخليص الجمركي للبضائع في التشريع المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية عين الشق، السنة الجامعية 2006-2007،ص 447

[14]  وفي هذا الصدد اعتبرت ابتدائية الناضور في حكم صادر عنها على أنه إذا كان محضر الجمارك يصرح على أنه لم يتم حجز أية بضاعة مهربة بحوزة المتهم فإنه لا يمكنه إدانته بجريمة التهريب حتى ولو ثبت أن الظنين المذكور لم يمتثل لإشارة الوقوف التي أعطيت له من طرف أعوان إدارة الجمارك.

– حكم صادر تحت عدد 5471/1979، بتاريخ 27/12/1979،  مشار إليه لدى فؤاد أنوار التخليص الجمركي للبضائع في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 447

[15]  فؤاد أنوار، المعشر في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني- عين الشق، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية الدار البيضاء، السنة الجامعية 1998/1999، ص 236

[16]  الفقرة الأولى من الفصل 234 من نفس المدونة

[17]  فؤاد أنوار، المعشر في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 237

[18]  يراجع في هذا الصدد الفصل 42 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة

[19]  عبد اللطيف كرازي، الوجيز في القانون الجنائي الخاص المغربي، دراسة نظرية تطبيقية معززة باجتهادات قضائية، الطبعة الأولى 2016، مطبعة الرشاد، أكادير، ص 143

[20]  نجاة حاتم، القوة الثبوتية للمحاضر الجمركية في مواجهة السلطة التقديرية للقاضي، مقال منشور في مجلة القانون المغربي، عدد 24، طبعة شتنبر 2014، ص 92

[21]  Réglementation générale des Douanes et des Impôts Indirects partie contentieux «autres moyens de preuve de l’infraction douanière », p 1396

[22] Jean Pannier : Douanes et Change, Collection Jurisprudence françaises  P 267

[23]  كما في حالة حجز عملة أجنبية لدى أشخاص غير وسطاء مقبولين لدى مكتب الصرف بشكل يخالف مقتضيات الفصل 9 من ظهير 30/08/1949 المتعلق بزجر مخالفات نظام الصرف كما وقع تعديله وهو ما جاء في حيثيات قرار صادر عن المجلس الأعلى تحت عدد 3408/8 المؤرخ في 10/140/2003 قرار أورده فؤاد أنوار، التخليص الجمركي للبضائع في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 457

[24]  قرار عدد 3/2 بتاريخ 2 يناير 2002، منشور بمجلة المحامي، العدد 41 سنة 2002، ص 187

[25]  فؤاد أنوار، التخليص الجمركي للبضائع في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 158 و159

[26]  حافظ الظاهري و إنصاف عبد المطليب، المتابعة و التنفيذ في الميدان الجمركي، رسالة نهاية التمرين، المعهد الوطني للدراسات القضائية، 2001-2003، ص 86-87

[27]  علي السملالي، مرجع سابق، ص 64

[28]  عبد الرزاق أيوب، التكييف القانوني، الأسس النظرية و الجوانب العملية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، عين الشق. الدار البيضاء، السنة الجامعية 2003-2004 ،ص 63

[29]  حسن البكري، الطبيعة القانونية للغرامة الجمركية، مكتبة الرشاد، الطبعة الأولى 2008، السطات، ص 76

[30]  بلال المويني، حدود السلطة التقديرية للقاضي الجنائي في المنازعات الجمركية، مقال منشور في مجلة القانون المغربي، عدد 29، طبعة دجنبر 2015، ص 148

[31]  قرار عدد 216/02الصادر بتاريخ 2005/02/23 منشور بمجلة القضاء الأعلى عدد 67 ص 370

[32]  عبد الوهاب عافلاني، القانون الجنائي الجمركي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، عين الشق، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2000-2001 ص 175

[33] فؤاد أنوار، التخليص الجمركي للبضائع في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 467

[34]  قرار أورده : احسن بوسقيعة المنازعات الجمركية ، تصنيف الجرائم وحمايتها المتابعة والجزاء، دار هوية للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ، 2005 ص 195 -196 -197

[35] Berr –Tremean, op. cit n° 794, p : 431.

[36] محمد الأعرج، الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية في المنازعات الجمركية ، مجلة المعيار عدد 33 ، ص 93

 

[37] – Art 235 –  Les procès verbaux de douane rédigés par deux agents des douanes ou autre administration font foi jusqu’à inscription de faux des constations matérielles qu’à latent…. »

[38]  حميد الوالي ، مرجع سابق، ص 77.

[39] الحبيب بيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية الجدية، الجزء الأول ، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة ، الرباط، 2004 ، ص 301.

[40]  عبد اللطيف بوعلام، المنازعات الزجرية في القانون الجمركي المغربي، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، السويسي، الرباط، ص 34

[41] سعادنه تاعيد العايش، مرجع سابق ، ص 224.

[42]– Paul Beguet , l’infraction de contrebande, terrestre « étude de droit Pénal Douanier , thèse lille  1959, p 227..

[43] – Jean Claude Berreveille ; la particularisme de la preuve en Droit Pénal Douanier , thèse lille  1966, p 281..

[44]         باسم جلالة الملك

نظرا للطلب المرفوع من شركة التبغ بمقتضى تصريح أدلى به 13 يناير 1965 نائبها الأستاذ التبر أمام كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية العصرية السابقة بالبيضاء  من اجل نقض الحكم الصادر عن نفس المحكمة من بتاربخ 7 يناير  سنة 1965 القاضي بإلغاء حكم محكمة الصلح بالدار البيضاء الذي كان يقضي بمعاقبة كل ….. و ……. بغرامة قدرها 2000 درهم لكل واحد منهما وذلك من أجل النقل وحيازة التبغ من غير وجه مشروع والحكم من جديد ببراءتهما مما اتهما به.

أن المجلس بعد أن تلى السيد عبد السلام الدين رئيس غرفة بالمجلس الأعلى التقرير المكلف به في القضية وبعد الإنصات للسيد محمد عزيز الكردودي المحامي العام في طلباته.

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث إن طالبة النقد تأييد التصريحها بالطلب أودعت بتاريخ 2 فبراير 1965 بصندوق المحكمة بالوجيبة القضائية وحق المرافعة كما أنها قدمت في نفس التاريخ مذكرة بأسباب الطعن التي تستدل بواسطة محاميها الأستاذ … المقبول بالمجلس الأعلى.

وحيث كان الطلب علاوة على ذلك موافقا لما يقتضيه القانون فإنه مقبول شكلا وفي الموضوع : فيما يتعلق بالوسيلة الوحيدة المستدل بها والمتخذ اعتمادا على خرق مقتضيات الفصلين 5 من ظهير دجنبر  1918 والفصل  294 من قانون المسطرة وانعدام التعليل وعدم الارتكاز على أساس قانوني.

حيث أن المحضر المحرر بتاريخ 22  ابريل 1963 من طرف رجال الجمارك وهم يزاولون وظيفتهم أما باب الخروج من ميناء الدار البيضاء، اثبت بأن … و… عند استنطاقهما عن محتويات الكارتون الذي يحملانه عن متن سيارة التاكسي عند خروجهما من باب الميناء أجاب بأن كارتون عادي لكنه عند فتحه وجرد محتوياته وجد أنه يحتوي على ثلاثين كيسا من السجائر فتم حجزها حالا.

وحيث إن الحكم الاستئنافي المطعون فيه قرر بأن هذا المحضر يخضع لمقتضيات الفصل 292 من ق م الجنائية الذي يعتبر صحيحا إلا أن يثبت ما يخالفه).

وبما أن المحضر يخضع لمقتضيات الفصل 292 من ق م الجنائية الذي يعتبر صحيحا إلى أن يثبت ما يخالفه،  وبما أن المحضر المذكور خال من كل حجة وناقص إذ لم يشر أبدا إلى التاكسي الذي يحمل الكارتون المذكور ولا إثبات شخصيات سائقه وهما العنصران المهمان، هذا جهة ومن جهة أخرى فقد اقتصر على ذكر ما احتوته كسيا من السجائر دون أن يشير إلى نوعها أو وزنها فضلا عن التناقضات الموجودة بين اعترافهما وبين محتويات المحضر المذكور وأقوال رجال الجمارك.

وحيث أن رجال الجمارك وهم يؤدون وظيفتهم في منع التهرب من أداء الضريبة في المملكة ضد كل من يحاول التهرب منتها يخضعون في هذا الشأن لمقتضيات الفصل 5 من ظهير دجنبر 1918 وان المحاضر التي تحرر في المسائل المالية من طرف شخصين على الأقل من رجال الجمارك يوثق بها إلا أن يدعى فيها  الزور وان حيازة التبغ  أو نقلها تخضع للقانون المالي وفي مثل هذه الحالة فإن الفقرة الثانية من الفصل 59 من ظهير  12 نونبر  سنة  1932 تمنح الحق لرجال الجمارك في تحصيل الضرائب المختلفة ولذلك فإن المحاضر التي يحررها الجمارك ضد الحاملين للتبغ بصفة غير مشروعة تخضع للقوانين المالية وعلى هذا الأساس فإن المحاضر المحررة من اثنين على الأقل من رجال الجمارك تكون صحيحة إلا أن يدعى فيها الزور.

وحيث إن المحضر المحرر بتاريخ 22 ابريل 1965 رغم نقصانه ووجود مخالفة بين مضمونه وبين أقوال المتهمين وشهادة الشهود فإنه لا يعتبر باطلا مادام قد أثبت حصول نقل  30  كيسا من السجائر المهربة لأن الفصل 294 من قانون المسطرة الجنائية يعتبرها صحيحة مادام لم يطعن فيها بالزور”.

[45]        –  قرار  عدد 9648   بتاريخ 26/12/1991 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى تحت المادة الجنائية من  1981 – 1995العدد  المزدوج )

[46]        –  قرار  عدد 216 / 2  بتاريخ 23/02/2005 الملف الجنحي، عدد 15351 /04  منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 67  /2007 .

[47]  سعيد عبد المطلب، إشكالية إثبات الفعل الجرمي في الميدان الجمركي أي توجه، بحث نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء، فود 38 2011-2013، ص34

[48]– قرار  رقم 2854 / 00  بتاريخ 02/05/2000  صادر عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء غير منشور.

[49]  علي السملالي، مرجع سابق، ص 84

[50]  علي السملالي، مرجع سابق، ص 85

[51]  قرار عدد 162/81 صادر بتاريخ 1981/02/25 أورده فؤاد أنوار، التخليص الجمركي للبضائع في التشريع المغربي، مرجع سابق، ص 168.

[52]  رحماني حسيبة، البحث عن الجرائم الجمركية و إثباتها في ظل القانون الجزائري، مذكرة لنيل شهادة الماجستر في القانون، جامعة مولود معمري تيزي وزو، كلية الحقوق بوخالفة، بدون ذكر السنة الجامعية، ص 113

[53]  مسعود كروبوب، خصوصية القواعد الموضوعية و الإجرائية للجنح الجمركية المتعلقة بالمخدرات، بحث نهاية التدريب في المعهد العالي للقضاء، الفوج 25 ، سنة 2010، ص 57

[54]  ينص الفصل 245 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على ما يلي:

” – يلزم الظنين الذي يريد الطعن بالتزوير في محضر ما أن يقدم التصريح بذلك شخصيا أو بواسطة وكيل يتوفر على تفويض تشهد بصحته السلطة المحلية إلى كتابة الضبط لدى المحكمة  المرفوعة إليها القضية قبل الجلسة المعينة في الاستدعاء.

ويتلقى هذا التصريح كاتب الضبط ويوقعه الظنين أو وكيله وإذا كان لا يعرف أو لا يمكنه التوقيع نص على ذلك صراحة.

وفي اليوم المحدد للجلسة، تسجل المحكمة التصريح وتحدد أجلا لمدة ثلاثة أيام على الأقل وثمانية أيام على الأكثر يلزم الظنين خلاله بأن يودع لدى كتابة الضبط وسائل طعنه بالتزوير وأسماء وصفات ومساكن الشهود الذين يريد أن تستمع إليهم المحكمة.

وعند انصرام الأجل الذي لا يقبل أي تمديد ودون حاجة إلى توجيه استدعاء جديد، تعرض القضية أمام المحكمة التي تنظر فيما إذا كانت الوسائل وأقوال الشهود قادرة على دحض مفعول المحضر ويبت في التزوير طبقا للقانون.

وفي حالة العكس أو في حالة عدم استيفاء جميع الإجراءات المبينة أعلاه من طرف الظنين، تصرح المحكمة بعدم قبول وسائل الطعن في التزوير وتأمر بالعدول عن إصدار الحكم.

وكل ظنين رفض طعنه بالتزوير يحكم عليه بغرامة مدنية لفائدة الخزينة يتراوح قـدرها بين 500 و1.500 درهم.”

[55]  للمزيد من التوسع حول هذا الموضوع يراجع:

– نورة غزلان الشنيوي، التوجهات الأساسية للإصلاح الشامل و العميق لمنظومة العدالة المسطرة مدنية في ضوء مشروع قانون فرعي صيغة 12 يناير 2016، عقلنة الخريطة القضائية ودعم سياسة القرب، تكريس مبدأ حسن تدبير و ترشيد الزمن القضائي، عصرنة و تحديد الإدارة القضائية، تطوير المنظومة القانونية و القضائية، الطبعة الأولى سنة 2016، مطبعة الأمنية، الرباط، ص 167-171

[56]  الفقرة الأخيرة من الفصل

244 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة

[57]  ينص الفصل 246 من مدونة الجمارك و الضرائب غير المباشرة على ما يلي:

” عندما يحرر محضر ضد عدة أظناء ويطعن فيه بالتزوير أحدهم أو عدد منهم فقط يواصل الإعتماد على المحضر فيما يخص الآخرين ما عدا إذا كان الفعل المطعون فيه غير قابل للتجزئة ومشتركا بين الأظناء الآخرين.”

[58] ينص الفصل 30 من القانون الجمركي “أن الإدارة تضع على واجهة كل مكتب أو مركز في مكان بارز لوحة تحمل هذه العبارة” الجمارك” “مكتب…” أو “مركز…”

[59] للإشارة فقط فبعض العيوب التي تسجلها الإدارة المركزية على المحاضر هي :

– إشكال صور النقص في بعض البيانات الإلزامية بمحاضر – غياب توقيعات محرري المحضر، عدم وصف الأشياء المحجوزة – عدم إشعار النيابة العامة – عدم الإشارة إلى تسليم نسخة من المحضر إلى الجانح أو رفضه تسلمها – عدم الإشارة إلى رفض التوقيع أو الإسهام – وجود تشطيبات ، أو إحالات دون المصادقة عليها بتوقيع كل من محرري المحضر والمعني بالأمر.- اللجوء مباشرة إلى تحويل محاضر الإثبات دون استدعاء سابق للمثبتة – عدم إرفاق المحضر بنسختين مطابقتين للأصل إلى وكيل الملك.

[60]  قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 9648 بتاريخ 26/12/1991 غير منشور

[61]  قرار عدد 73553 صادر بتاريخ 12-60-1992 أورده أحسن بوسقيعة، مرجع سابق، ص 196

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى